إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٤٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

وفى (الكهف) قرأ حمزة والكسائى وحفص عن عاصم : (فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) [٨٨].

وفى (بنى إسراءيل) (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ) [٣٨] قرأ أهل الكوفة وأهل الشّام بغير تنوين.

وفيها (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) [٢٣] نونها نافع وحفص عن عاصم فى ثلاث مواضع فى القرآن (١).

وفى (طه) (طُوىً وَأَنَا اخْتَرْتُكَ) [١٢] ومثله فى (النّازعات) [١٦] نونها أهل الكوفة وأهل الشّام.

وفى (الأنبياء) وضياءَ وذكرا للمتّقين [٤٨] قرأ بغير تنوين يحيي ابن يعمر (٢).

وفى (قد أفلح) رسلنا تتراً [٤٤] نونها أبو عمرو وابن كثير.

وفى (الزّمر) حرفان ؛ كاشفاتٌ ضرّه [٣٨] وممسكاتٌ رحمته [٣٨] نونها أبو عمرو.

ومثله فى (المؤمن) على كلّ قلبٍ متكبّر جبّار [٣٥].

__________________

(١) هذه واحدة. وثانيتهما فى الأنبياء : ٦٧ (أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ) وثالثتهما فى الأحقاف : ١٧ (وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما ....)

(٢) هو أبو سليمان العدوانى البصرى. أحد تلاميذ أبى الأسود الدؤلى تابعى سمع ابن عباس وابن عمر وعائشة وأبا هريرة ... وأخذ عنه أبو عمرو وابن أبى إسحاق ... وغيرهم ولى قضاء خراسان لقتيبة بن مسلم. هو أول من نقط المصحف توفى قبل التسعين. أخباره فى طبقات ابن سعد : ٨ / ٣٦٨ ، وتاريخ البخارى : ٨ / ٣١١ ، والجرح والتّعديل : ٩ / ١٩٦ ، ومعرفة القراء : ١ / ٦٧ ، وغاية النهاية : ٢ / ٣٨١. ولم أجد القراءة المنسوبة إليه.

٢٤١

وفى (الأحزاب) قرأ ابن مسعود (١) : وكان عبدا لله وجيها [٦٩].

ومثله : ترهبون به عدواً لله (٢) [الأنفال : ٦٠].

وفى (الصفّ) : كونوا أنصاراً لله (٣) [١٤].

وفى (النّمل) : (مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ) [٨٩].

وفيها أيضا : (بِشِهابٍ قَبَسٍ) [٧] نونها أهل الكوفة.

وفيها : وما أنت بهادٍ العمي [٨١] نونّها ونصبها ابن عامر ، ولم ينونها عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير (٤).

وفى (قد أفلح) هيهاتٍ هيهاتٍ [٣٦] نونها أبو جعفر يزيد (٥) ،

__________________

(١) فى مختصر الشواذ للمؤلف : ١٢٠ عبدُالله وعبداً لله فى المحتسب : ٢ / ١٨٥ ، والبحر المحيط : ٧ / ٢٥٣.

(٢) هى قراءة أبى عبد الرحمن السّلمى فى معانى القرآن للفراء : ١ / ٤١٦ والبحر المحيط : ٤ / ٥١٢.

(٣) هى قراءة أبى عمرو وابن كثير ...

(٤) من أحفاد جرير الشاعر ، من أهل نجد وفد على البصرة وأخذ عنه النحاة وأهل اللّغة ، له وفادة على الملوك وشعر جيّد. له أخبار وأشعار وقراءات ونوادر. جمع شعره الأستاذ شاكر العاشور وطبع سنة ١٩٧٣ م ومن نوادره ما رواه الخطيب فى تاريخ بغداد : «قال عمارة كنت امرأ دميما داهيا فتزوجت امرأة حسناء رعناء ليكون أولادى فى جمالها ودهائى ، فجاءوا فى رعونتها وفى دمامتى». أخباره فى معجم الشعراء : ٢٤٧ ، وطبقات الشعراء لابن المعتز : ١٥٠ ، وتاريخ بغداد : ١٢ / ٢٨٢. وله ذكر فى الكامل للمبرد : ٤٣ ، ٥٠ ، ١٦٥ ، ٢١٠ ، ٢١٥ ، ٢١٨ ، ٢١٩ ... ولم أجد هذه القراءة منسوبة إليه. وقرأ بها أبو حيوة والمطوعى ويحيى بن الحارث فى إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٥٣٣ ، وتفسير القرطبى : ١٣ / ٢٣٣ ، والبحر المحيط : ٧ / ٩٦.

(٥) هو يزيد بن القعقاع المدنى ، تابعيّ ثقة أخذ عن أبى هريرة وابن عباس قراءتهم على أبّى بن كعب وصلّى بابن عمرو حدث عن أبى هريرة وابن عباس. رضى الله عنهم وهو أحد العشرة وروى عنه نافع ... وغيره توفى حوالى سنة ١٣١ على خلاف فى ذلك. ـ

٢٤٢

وفى (النّزعت) قرأ أبو جعفر : إنما أنت منذرٌ من يخشاها [٤٥] بالتّنوين (١).

وفى (الأنعام) أيضا قرأ الحسن فله عشرٌ أمثالها (٢) [١٦٠] وفى (سبأ) [١٥] و (النّمل) [٢٢] لقد كان لسبأَ غير مصروفين فى قراءة ابن كثير / وأبى عمرو.

وفى سورة (الرّحمن) حرفان أيضا ؛ قرأ عاصم الجحذرىّ : متّكئين على رفرفَ خضر وعبقرىَّ حسان [٧٦] غير منونين ، وقد روى التنوين عنه (٣).

وفى سورة (هل أتى على الإنسن) ثلاثة أحرف (سَلاسِلَ) [٤] لم ينونها ابن كثير ، و (قَوارِيرَا قَوارِيرَا) [١٥] نونّها بعضهم وترك التّنوين بعضهم ، وسنفسره إذا مررنا به إن شاء الله.

وفى (النّور) قرأ ابن كثير : سحابُ ظلمت [٤٠] غير منون.

__________________

ـ أخباره فى التاريخ الكبير : ٨ / ٣٣١ ، والجرح والتعديل : ٩ / ٢٦٠ ، ومشاهير علماء الأمصار : ١٣٥ ، ومعرفة القراء الكبار : ١ / ٧٦ ، وغاية النهاية : ١ / ٣٨١. والقراءة فى تفسير القرطبى : ١٢ / ١٢٢ ، والبحر المحيط : ٦ / ٤٠٤ منسوبة إلى أبى عمر وهارون وخالد بن إلياس. وهى تروى مثلّثة الحركة مع التنوين (هيهاتا وهيهات وهيهات) ولم أجد من رواها لأبى جعفر فى حركاتها الثلاث.

(١) ومثله قرأ أبو عمرو فهى من السّبعة.

(٢) القراءة فى معانى القرآن للفراء : ١ / ٣٦٧ ، وتفسير الطبرى : ١٢ / ٢٨١ ، إعراب القرآن للنحاس : ١ / ٥٩٥ ، وتفسير القرطبى : ٧ / ١٥١ ، والبحر المحيط : ٤ / ٢٦٠ ، والنشر : ٢ / ٢٦٦ ، ٢٦٧.

(٣) القراءة فى معانى القرآن للفراء : ٣ / ١٢٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٣١٦ ، ٣١٧ ، والمحتسب : ٢ / ٣٠٥ ، والبحر المحيط : ٨ / ١٩٩.

٢٤٣

وفى (إبراهيم) قرأ عكرمة : من قطرٍآنٍ [٥٠] وقرأ أيضا فى (النحل) حيناً تريحون وحيناً تسرحون (١) [٦] ولهما ثلاثة نظائر ؛ فى (الرّوم) حيناً تمسون وحيناً تصبحون وعشيّا وحيناً تظهرون (٢) [١٧].

وفى (المدّثّر) قرأ أنس بن مالك (٣) : عليها تسعةُ عشر [٣٠] وفى (براءة) قرأ نافع : قل أذنٌ خيرٌ لكم [٦١].

وفى (الحجر) قرأ ابن سيرين هذا صراطٌ عليُّ مستقيم [٤١] وقرأ أبو عمرو ونصر بن عاصم : قل هو الله أحدُ الله الصّمد [١ ، ٢] وقرأ يحيى بن يعمر وابن محيصن : وهو الذى فى السّماء اللهُ وفى الأرض اللهُ (٤) [الزخرف : ٨٤].

وفيها قرأ أبيّ (٥) : (أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ) [٥٣] بغير هاء وبغير تنوين.

وفى (هود) قرأ الزّهري (٦) : وإن كلًّا لمًّا ليوفينّهم [١١١].

وفى (لقمن) وأسبغ عليكم نعمةً ظاهرة وباطنة (٧) [٢٠].

وفى (الكهف) قرأ حمزة والكسائىّ ثلاثمائة سنين مضافا [٢٥].

__________________

(١) البحر المحيط : ٥ / ٤٧٦.

(٢) المحتسب : ٢ / ١٦٣ ، وتفسير القرطبى : ١٤ / ١٥ ، والبحر المحيط : ٧ / ١٦٦ ، ومغنى اللبيب : ٢ / ١٠٨.

(٣) المحتسب : ٢ / ٣٣٩ ، والبحر المحيط : ٨ / ٣٧٥.

(٤) معانى القرآن للفراء : ٢ / ٨٩ ، والمحتسب : ٢ / ٣ ، وتفسير القرطبى : ١٠ / ٢٨ ، والبحر المحيط : ٥ / ٤٥٤ ، والنشر : ٢ / ٣٠١.

(٥) تفسير القرطبى : ١٦ / ١٢١ ، والكشاف : ٣ / ٤٩٧ والبحر المحيط : ٨ / ٢٩.

(٦) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٩٥ وتفسير القرطبى : ١٦ / ١٠٠ والبحر المحيط : ٨ / ٢٣.

(٧) معانى القرآن للفرّاء : ٢ / ٣٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١١٤ والمحتسب : ١ / ٣٢٨ ، والبحر المحيط : ٥ / ٢٦٦.

٢٤٤

وفى (العنكبوت) قرأ نافع وعاصم فى رواية أبى بكر وابن عامر وأبو زيد عن أبي عمرو : إنّما اتّخذتم من دون الله / أوثنا مودةً بينكم [٢٥] وروى الأعمش عن عاصم مودةٌ بالرفع منونا.

وفى (الفجر) قرأ الحسن (١) : بعاد إرم ذات [٧].

وفى (اقتربت السّاعة) قرأ زهير الفرقبىّ : إلّاءال لوط نجّيناهم بسحرَ [٣٤] غير مصروف.

وفى (الأعراف) قرأ الحسن بعذاب بِئَيْس [١٦٥] غير منون (٢).

وفى (الصّفت) قرأ حمزة بزينةِ الكواكب [٦] وقرأ عاصم (بِزِينَةٍ) منونة أيضا ، ونصب يحيي الكواكبَ فأمّا قراءة الحسن (٣) فى (ق) ألقين فى جهنّم كلّ كفّار عنيد [٢٤] فهى نون خفيفة وليست تنوينا ، وإنما ذكرته لئلا يتوهّم أحد أن الفعل ينون ، وكذلك (من لدن) و (كأيّن) وإنما ذكرتهما لأبين علّتهما فى كتاب قد أفردته.

وفى (ص) قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع بخالصةِ ذكرى الدّار [٤٦] مضافا.

وفى (يوسف) قرأ ابن أبى إسحاق إن كان قميصه قدّ من قبلُ ... ومن دبرُ [٢٦] مبنيين على الضم (٤).

__________________

(١) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٦٦٥ ، وتفسير القرطبى : ٢٠ / ٤٤ والبحر المحيط : ٨ / ٤٦٩.

(٢) تدخل فى قراءة السبعة تراجع سورة الأعراف.

(٣) المحتسب : ٢ / ٢٨٤ ، والبحر المحيط : ٨ / ١٢٦.

(٤) إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ١٣٦ ، والمحتسب : ١ / ٣٣٨ وتفسير القرطبى : ٩ / ١٧٤ ، والبحر المحيط : ٥ / ٢٩٨.

٢٤٥

وفى (الأنبياء) قرأ ابن عباس (١) : ويحرم على قرية أهلكنها [٩٥].

وفى (النّساء) قرأ الحسن (٢) : إن يدعون من دونه إلّا أنثى [١١٧].

وفى (هود) (مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ) [٤٠] حفص عن عاصم ، وكذلك فى (المؤمنون) [٢٧].

فذلك مائة حرف وخمسون حرفا ، وإنما لم أذكر عللها لأنّى قد تقصيت ذلك فى كتاب أفردته لذلك ، وقد وجدت حرفا فى سورة (الجن) ، قرأ عكرمة (٣) : وأنّه تعالى جدّا ربّنا [٣] أى : حقّا ، من قولهم (٤) : «إنّ عذابك الجدّ بالكفّار ملحق».

٥ ـ وقوله تعالى : (يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا) [٣٠].

قرأ عاصم وحده / (يُضاهِؤُنَ) بالهمز.

وقرأ الباقون بغير همز ، وهما لغتان ؛ ضاهيت وضاهأت.

قال الشاعر :

وضاهانى الثّريد وكلّ حلو

من الفالوذ والعيش الرّقيق

__________________

(١) المحتسب : ٢ / ٦٥ وتفسير القرطبى : ١١ / ٣٤٠ ، والبحر المحيط : ٦ / ٣٣٨.

(٢) البحر المحيط : ٣ / ٣٥٢.

(٣) تفسير القرطبى : ١٩ / ٩ ، والبحر المحيط : ٨ / ٣٤٨.

(٤) هو من دعاء القنوت. ينظر : غريب أبى عبيد : ٣ / ٣٧٥ والزاهر لابن الأنبارى : ١ / ١٦٦ ، والنهاية : ١ / ٢٣٨.

٢٤٦

يقال : فالوذ (١) وفالوذق وفالوذج ، فأمّا العرب فتسميه السّرطراط واللمص والرعدد الأصفر.

٦ ـ وقوله تعالى : (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ) [٣٧].

روى عن ابن كثير ثلاثة أوجه. النّسيىء على فعيل مهموز ممدود ، وكذلك قرأ الباقون ، والأصل : منسوء مفعول ، فردّ إلى فعيل كما يقال : رجل جريح وصريع ، والأصل : مجروح ومصروع ، وكانت العرب تعظم أشهر الحرم فتدع فيها الغارة والقتال ، فإذا أحبوا ذلك أخّروا المحرم إلى صفر من قولك : نسأ الله فى أجلك. وروى عبيد بن عقيل (٢) عن شبل عن ابن كثير إنّما النّسيّ مشدّدة الياء ، ومثله خطيئة وخطية وهنيّا وهنيّا. وروى عنه أيضا : إنّما النّسء على وزن النّسع ، جعله مصدرا مثل الضّرب ، ضربت ضربا ونسأت نسأ. وروى عنه وجه رابع إنما النُّسى بالياء على وزن الدّمى (٣).

فمن قرأ النّسي جعل الهمز ياء ، والاختيار (النَّسِيءُ) ما عليه الناس. النّسىء : اللّبن المتغير (٤) قال جرير (٥) :

__________________

(١) الفالوذ : نوع من الحلوى. فارسىّ معرب.

(٢) هو أبو عمر عبيد بن عقيل بن صبيح الهلالى البصرى راو ضابط صدوق. روى عن أبى عمر. قال أبو حاتم الرازى : صدوق توفى سنة سبع ومائتين. أخباره فى الجرح والتعديل : ٥ / ٤١١ ، وغاية النّهاية : ١ / ٤٩٦.

(٣) فى البحر المحيط : ٥ / ٣٩ مثل النّدى. وينظر : إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس : ٢ / ١٦.

(٤) قال الأزهرىّ فى التهذيب : ١٣ / ٨٢ «وكذلك تقول للرجل : نسأ الله فى أجلك ؛ لأنّ الأجل مزيد فيه ، ولذلك قيل للبن النّسىء لزيادة الماء فيه».

(٥) ديوانه : ٩٥٣ ، والنقائض : ١٥٨ من قصيدة أولها :

عوجى علينا واربعى ربّة البغل

ولا تقتلينى لا يحل لكم قتلى

يهجو بها البعيث المجاشعى ويتعرّض للفرزدق وفيها :

وهل أنت إلا نخبة من مجاشع

ترى لحية من غير دين ولا عقل ـ

٢٤٧

بلغت نسيء العنبرىّ كأنّما

ترى بنسىء العنبرىّ جنى النّحل

فأمّا (النّسيء) بإسكان السّين فقيل : الخمر / فيمن همز (١) ، وقيل : هى ما ينسى العقل لمن لم يهمز.

٧ ـ وقوله تعالى : (يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا) [٣٧].

قرأ حمزة والكسائى نُضِلُّ. وحفص عن عاصم أيضا بضمّ الياء وفتح الضاد ، واحتجوا بقراءة ابن مسعود ، وهو قرأها كذلك ، وبقوله تعالى : (زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ) على ما لم يسم فاعله.

__________________

 ـ بنى مالك لا صدق عند مجاشع

ولكنّ حظا من فياش على دخل

وقد زعما أن الفرزدق حية

وما قتل الحيات من أحد قبلى

ومنها :

ولما دعوت العنبرى ببلدة

إلى غير ماء لا قريب ولا أهل

ظللت ظلال السامرى وقومه

دعاهم فظلّوا عاكفين على عجل

فلما رأى أن الصحارى دونه

ومعتلج الأنقاء من نبج الرمل

بلغت نسىء العنبرى

 .............................

(١) ذكر ذلك المؤلف ـ ابن خالويه ـ فى فصل ذكر فيه بعض أسماء الخمر فى شرحه لمقصورة ابن دريد : ٥٣٨. كما ذكره الإمام المحدث أبو الخطاب عمر بن دحبة فى كتابه تنبييه البصائر فى أسماء أم الكبائر : قال : «النّسىء وإنما سمى نسأ لتأخرها فى الدن حتى تطيب ، ومن هنا قيل للمرأة نسىء ، وهو من التأخير ...» وأنشد أبياتا لعروة بن الورد فى [ديوانه : ٥٥ ـ ٦٠] وفيها :

سقونى النّسىء ثم تكنّفونى

عداة الله من كذب وزور

قال : «ويروى : (سقونى الخمر) كأن الراوى فسر النسىء بالخمر ، وهكذا قرأته على الأستاذ النحوىّ أبى القاسم السّهيلىّ. وقرأت فى جمع الإمام اللّغوى أبى الحسين أحمد بن فارس على إصلاح ما ذكره الإمام أبو عبيد فى (الغريب المصنف) : وعلماؤنا يقولون هذا خطأ ، إنما هو النسى بغير همز ، أى ما أنسى العقل».

٢٤٨

وقرأ الباقون يَضِلُّ بفتح الياء وكسر الضاد جعل الفعل لهم وإن كان الله يضل ويهدى ؛ لأنّ الله تعالى أضلّهم عقوبة لما ضلّوا هم ، فاستوجبوا العقوبة بالعمل. وقيل : أضلهم سماهم ضالّين. وقيل : أضلهم صادفهم كذلك.

٨ ـ وقوله تعالى : (أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ) [٥٤].

قرأ حمزة والكسائىّ : أن يقبل بالياء.

وقرأ الباقون بالتاء. والأمر بينهما قريب ، لأن النفقات تأنيثها غير حقيقى ، ولأنّه جمع مشبه بجمع من يعقل فجاز تذكيره وتأنيثه ، وقد مرّ له نظائر فيما سلف ، فموضع «أن» الأولى نصب والثانية رفع ، والتقدير : وما منعهم من قبول نفقاتهم إلا كفرهم ، وكلّ نفقة كانت فى غير طاعة الله فغير مقبولة.

٩ ـ وقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ) [٥٨].

قرأ الناس كلّهم (يَلْمِزُكَ) بكسر الميم إلا ما روى حمّاد بن سلمة عن ابن كثير يُلامِزك.

وروى عن ابن كثير أيضا والحسن ويعقوب يلمُزك بضم الميم وهما لغتان يلمز ويلمز مثل عكف يعكف ويعكف.

يلا مزك كقولك : يقاتلك ويشاتمك ، ومعنى اللّمز فى اللّغة : العيب ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) فالهامز : المغتاب واللّامز : العائب ، قال زياد الأعجم (١) :

__________________

(١) أنشده المؤلف فى شرح الفصيح ، وإعراب ثلاثين سورة : ١٨٠. وهو فى مجاز القرآن : ٢ / ٣١١ ، ومعانى القرآن وإعرابه للزجاج : ٥ / ٣٦١ ، وتفسير الطبرى : ٣٠ / ١٦١ ، وتفسير القرطبى : ٣٠ / ١٨٢ ، واللسان والتاج (همز لمز) وزياد الأعجم هو زياد بن سلم وقيل : سليمان العبدى ، من عبد القيس مولاهم ، شاعر أموى أعجمى نشأ فى اصطخر سمّى الأعجم للكنة فيه. توفى فى أصبهان فى حدود المائة من الهجرة. ـ

٢٤٩

إذا لقيتك تبدى لى مكاشرة

فإن أغيب فأنت الهامز اللّمزه

يقال : امرأة همزة ورجل همزة ورجل فروقة وامرأة فروقة ، ورجل هلباجة : إذا كان أحمق أكولا ضخما ثقيل الرّوح.

١٠ ـ وقوله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) [٦١].

قرأ نافع وحده : قل أذْن خير لكم بإسكان الذال.

وقرأ الباقون بضمّ الذّال ، وهما لغتان أذن وآذان مثل أطم وآطام وأذن وآذان مثل قفل وأقفال.

والقراء كلّهم يضيفون إلا ما روى إسماعيل عن نافع أذن خير بالرّفع.

١١ ـ وقوله تعالى : (وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا)(١) [٦١].

قرأ حمزة وحده ورحمةٍ.

ويعقوب عن نافع بالخفض على معنى أذن خير ورحمة وصلاح ، لا أذن شرّ ، يقال : رجل أذن : إذا كان حسن الخلق يسمع من كل.

وقال المنافقون : إنا نذكر محمدا من وراء وراء فإذا بلغه اعتذرنا فإنه يقبل ؛ لأنّه رجل أذن ، فأنزل الله تعالى : (قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ) لا أذن شرّ (٢).

__________________

ـ أخباره فى طبقات فحول الشعراء : ٢ / ٦٨١ ، والشعر والشعراء : ١ / ٣٤٣ ، والأغانى : ١٥ / ٣٨٠ معجم الأدباء : ٤ / ٢٢١ وتهذيب الكمال : ٩ / ٤٧٦ تهذيب التهذيب ٣ / ٣١٩ والخزانة : ٤ / ١٩٢.

(١) فى الأصل : «للمؤمنين».

(٢) قال الإمام الواحدىّ فى أسباب النزول : ٢٤٨ : «نزلت فى جماعة من المنافقين كانوا يؤذون الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم ويقولون فيه ما لا ينبغى ، فقال بعضهم : لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون فيقع ـ

٢٥٠

١٢ ـ وقوله تعالى : (إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً) [٦٦].

قرأ عاصم وحده (نَعْفُ) / بالنّون (نُعَذِّبْ) مثله. الله تعالى يخبر عن نفسه.

وقرأ الباقون على ما لم يسم فاعله الأولى بالياء ، والثانية بالتاء ، والطائفة فى اللّغة : الجماعة ، وقد تكون الطائفة رجلا واحدا كقوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ) [١٢٢] أي : رجل واحد. أمّا قوله تعالى (١) : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) فعند الشافعى الطائفة ـ هاهنا ـ : أربعة فما فوقهم. وروى عن ابن عباس أنه قال الطائفة ـ هاهنا ـ : الرّجل الواحد.

حدّثنى بذلك ابن مجاهد عن السّمّرىّ عن الفرّاء ، قال (٢) : حدّثنى قيس ومندل عن ليث عن مجاهد قال : الطائفة : رجل واحد فما فوقه (٣). قال : وحدّثنى السّمّرىّ عن الفرّاء عن حيّان عن الكلبىّ عن أبى صالح عن ابن عباس الطّائفة فى قوله : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ) : الواحد فما فوق.

__________________

ـ بنا ، فقال الجلاس بن سويد : نقول ما شئنا ثم نأتيه فيصدقنا بما نقول ، فإنما محمد أذن سامعة فأنزل الله تعالى هذه الآية» وينظر ما بعدها. ويراجع : تفسير الطبرى : ١٤ / ٣٢٤ ، والبغوى : ٣ / ٩٤ والمحرر الوجيز : ٦ / ٥٤٦ ، وزاد المسير : ٣ / ٤٥٩ ، ٤٦٠ ، وتفسير القرطبى : ٨ / ٢٠٦ ، والدر المنثور : ٣ / ٢٥٣.

(١) سورة النور : آية ٢.

(٢) المعانى : ٢ / ٢٤٥.

(٣) فى تفسير الطبرى عن مجاهد ، وفى اللسان (طوف) «قال مجاهد : الطائفة : الرجل الواحد إلى الألف ، وقيل : الرجل الواحد فما فوقه».

٢٥١

١٣ ـ وقوله تعالى : (دائِرَةُ السَّوْءِ) [٩٨].

قرأ ابن كثير وأبو عمرو السُّوء بضم السين ، على معنى دائرة الشرّ.

وقرأ الباقون (السَّوْءِ) بفتح السين مثل : (ظَنَّ السَّوْءِ)(١) أي : السّيء ، وهو مصدر ، يقال : سؤت زيدا أسوؤه سوءا ومساءة ومساية.

١٤ ـ وقوله تعالى : تحتَها الأنهر [٧٢].

قرأ ابن كثير : (مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) فزاد «من».

وقرأ الباقون بغير «من».

١٥ ـ وقوله تعالى : (إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [١٠٣].

قرأ حمزة والكسائىّ وحفص عن عاصم بالتّوحيد ، وكذلك فى (هود) (٢) و (قد أفلح) (٣) إلّا حفصا.

وقرأ الباقون بالجمع. فأمّا التى فى (سأل سآئل) فلم يختلف القراء فيها ؛ لأنّها كتبت فى المصحف / على التّوحيد. فمن وحّد اجتزأ بالواحد عن الجمع ؛ لأنّ الصّلاة ـ هاهنا ـ بمعنى الدّعاء ، والتقدير فى قوله : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) أى : ادع لهم يا محمد إن دعاءك يسكن قلوبهم ، قال الشاعر (٤) :

__________________

(١) سورة الفتح : آية : ٦.

(٢) لعله يريد الآية : ٨٧ (قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا).

(٣) لعله يريد الآية : ٩ (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ).

(٤) هو الأعشى ، ديوانه (الصبح المنير) ٢٩ من قصيدة أولها :

أتهجر غانية أم تلم

أم الحبل واه بها منجذم

أم الصبر أجحى فإنّ امرءا

سينفعه علمه إن علم

٢٥٢

* وصلّى على دنّها وارتسم*

والصّلاة من الله : المغفرة والرّحمة ، ومن المخلوقين : الاستغفار كقوله تعالى (١) : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) والصّلاة : بيت النّصارى ، قال الشاعر (٢) :

اتّق الله والصّلاة فدعها

إنّ فى الصّوم والصّلاة فسادا

والصّلاة : مغرز عجب الذّنب ، ومنه يقال للفرس إذا جاء بعد السابق : المصلّى ؛ لأنّ رأسه عند صلا السّابق ، ومنه قول على رضى الله عنه (٣) : «سبق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصلّى أبو بكر رضى الله عنه» والصلاة : الصّلوات الخمس نحو قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ)(٤) المغرب والعشاء وقوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٥) أى : زوالها ، قال الرّاجز (٦) :

__________________

ـ ومنها :

وصهباء طاف يهودّ بها

وأبرزها وعليها ختم

وقاتلها الرّيح فى دنّها

وصلّى على دنّها وارتسم

تمززتها غير مستدبر

عن الشّرب أو منكر ما علم

وأبيض كالسيف يعطى الجزي

ل يجود ويغزو إذا ما عدم

تضيّفت يوما على ناره

من الجود فى ماله أحتكم

(١) سورة الأحزاب : آية ٥٦.

(٢) لم أقف عليه. وسيذكره المؤلف ثانية. يراجع : ٢ / ٧٨.

(٣) غريب الحديث لأبى عبيد : ٣ / ٤٥٨ ، ٤٥٩.

(٤) سورة هود : آية ١١٤.

(٥) سورة الإسراء : آية ٧٨.

(٦) هو رؤبة بن العجاج ، ديوانه : ١١٦ من أرجوزة فى مدح الحكم بن عبد الملك بن بشر بن مروان أو لها : ـ ـ

٢٥٣

واضحة الغرّة غرّاء الضّحك

تبلّج الزّهراء فى قرن الدّلك

فأمّا قوله تعالى (١) : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى) فقيل (٢) : العصر ، وقيل : الظهر ، وقيل : الغداة ، وقيل المغرب ، وقيل الصّلاة : كلّ الصلوات ، والاختيار أن تكون العصر لعشر حجج ذكرناها فى باب / على حدة.

١٦ ـ وقوله تعالى : (أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) [٩٩].

قرأ نافع وحده : قُرُبة لهم بضمتين مثل الرّعب والسّحب وأكثر ما تأتى الضمتان فيما لا هاء فيه نحو قول العرب والله لأوجعن قربتك (٣) يعنى : الخاصرتين ، ويقال لها : القرب والأطل والكشح والخاصرة بمعنى واحد ، والأيطل والخوشان والناطفة أيضا.

__________________

 ـ هاجك من أروى كمنهاض الفكك

همّ إذا لم يعده همّ فتك

كأنّه ذا عاد فينا وزحك

حمّى قطيف الخط أو حمّى فدك

وقد أرتنا حسنها ذات المسك

شادخة الغرة غرّاء الضحك

تبلج الزهراء فى جنح الدّلك

(١) سورة البقرة : آية ٢٣٢.

(٢) تنظر الأقوال مفصلة ومدللة بأحاديثها وآثارها وأقوال السلف الواردة فيها فى تفسير الطبرى : ٥ / ١٦٧ فما بعدها ، والمحرر الوجيز : ٢ / ٣٢٧ فما بعدها ، وزاد المسير : ١ / ٢٨٢ فما بعدها ، وتفسير القرطبى : ٣ / ٢٠٩ فما بعدها.

(٣) قال الأزهرىّ فى تهذيب اللّغة : ٩ / ١٢٤ «والقرب : من لدن الشاكلة إلى مراق البطن ، وكذلك من لدن الرفغ إلى الإبط قرب من كل جانب». وعنه فى اللسان : (قرب): «وقيل : القرب والقرب ؛ من لدن الشاكلة إلى مراق البطن مثل عسر وعسر».

٢٥٤

وقرأ الباقون (قُرْبَةٌ) خفيفة ، وهو الاختيار مثل غرفة وجرعة تقول العرب : قربت منك قربا وما قربتك قربانا وقربت الماء قربا.

١٧ ـ وقوله تعالى : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ) [١٠٦].

قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر بالهمز. والباقون بترك الهمز.

١٨ ـ وقوله تعالى : (جُرُفٍ هارٍ) [١٠٩].

قرأ حمزة وابن عامر وعاصم برواية أبى بكر : جرْف بإسكان الرّاء والباقون بالتّحريك.

١٩ ـ وقوله تعالى : (جُرُفٍ هارٍ) [١٠٩].

قرأ ابن كثير وحمزة وحفص عن عاصم (١) هارَ بالفتح. والباقون (هارٍ) من أجل كسرة الرّاء. والأصل فى هار : هاير ، وكذلك فى شاك : شايك ، قال الشّاعر (٢) :

فتعرّفونى إنّنى أنا ذاكم

شاك سلاحى فى الحوادث معلم

٢٠ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) [١١٠].

قرأ حمزة وحفص عن عاصم وابن عامر (تَقَطَّعَ) فعل مضارع ، والقلوب رفع بفعلها ، والأصل : إلا أن تتقطع ، فحذفوا إحدى التاءين.

وقرأ الباقون تُقَطِّع على ما لم يسم فاعله. ومعنى (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ

__________________

(١) من المعلوم أنّ رواية حفص عن عاصم هارٍ كقراءة الباقين وفى زاد المسير : ٣ / ٥٠٢ قال : «وعن عاصم كالقراءتين» فلعله هنا يريد : «وأبو بكر عن عاصم» فأخطأ هو أو الناسخ.

(٢) قال الأزهرى فى تهذيب اللغة : ٢ / ٤٢٠ : «ورجل معلم إذا عرف مكانه فى الحرب بعلامة أعلمها ، وأعلم حمزة يوم بدر ، ومنه قوله : ...» وأنشد البيت ، وعنه فى اللسان (علم) ولم ينسباه. والشاهد لطريف بن تميم العنبرى فى الأصمعيات : ١٢٨. وفى الأصل : «ذاكر».

٢٥٥

قُلُوبِهِمْ) إلا أن يموتوا. وقال آخرون : إلا أن يتوبوا ، فتقطع قلوبهم ندامة على ما فرّطوا.

٢١ ـ وقوله تعالى : (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) [١٠٩].

قرأ نافع وابن عامر أفمن أُسِّس بنيانه على ما لم يسمّ فاعله / أمّن أُسِّس بنيانه [١٠٩] مثله.

وقرأ الباقون (أَسَّسَ) بفتح الهمزة فيهما. والبنيان : نصب بوقوع الفعل عليه ، ومعناه : أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على الكفر ؛ وذلك أن المنافقين بنو مسجدا لينفضّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من مصلّاهم ويصيروا إلى ذلك المسجد.

وأجمع الناس على (تَقْوى) بترك التّنوين إلا عيسى بن عمر فإنّه نوّن.

٢٢ ـ وقوله تعالى : (فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ) [١١١].

قرأ حمزة والكسائى فيُقْتُلُون ويَقْتِلُون يبدآن بالمفعول قبل الفاعلين.

والباقون يبدؤن بالفاعلين قبل المفعولين.

فإن سأل سائل فى قراءة من بدأ بالمفعولين فقال : إذا قتلوا كيف يقتلون؟

فالجواب فى ذلك أنّ العرب تقول : قتل بنو تميم بنى أسد ، وإنما قتل بعضهم فقتل الباقون القاتلين.

٢٣ ـ وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً) [١٠٧].

قرأ نافع وابن عامر الّذين ... بغير واو.

وقرأ الباقون بالواو (وَالَّذِينَ ...) وكذلك فى مصاحفهم وضرارا وكفرا وتفريقا ينتصب بشيئين :

٢٥٦

على المصدر : لأنّ اتخاذهم مسجدا لما قدمت ذكره «ضرارا» فكأنّه فى التقدير : ضاروا ضرارا ، وكفروا كفرا وفرّقوا تفريقا.

والوجه الثانى : أن تجعلها مفعولات كأنّه فى التقدير : والذين اتخذوا مسجدا للضّرار / والكفر والتّفريق. وكلا الوجهين حسن.

٢٤ ـ قوله تعالى : (مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ) [١١٧].

فيه ثلاث قراءات :

قرأ حمزة وحفص عن عاصم (يَزِيغُ) بالياء ، والقلوب جمع على تذكير «كاد».

وقرأ الباقون بالتّاء على التقديم ، والتقدير : من بعد ما كاد قلوب فريق تزيغ.

وقرأ أبو عمرو كادْ تَّزيغ بإدغام الدّال فى التاء لقرب المخرجين ، يقال : زاغ قلبه وزاغ بصره وزاغ القوم وأزاغهم الله ، قال الله تعالى : (فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ)(١) ومن ذلك قوله : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا)(٢). قرأ عمرو ابن فايد (٣) ربّنا لا تزغ قلوبُنا جعل الفعل للقلوب. وهذا لا يلتفت إليه ؛ لأنّ الله قال فى موضع آخر (أَزاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ).

٢٥ ـ وقوله تعالى : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) [١٢٣].

قرأ عاصم وحده فى رواية المفضّل (٤) غَلظة بفتح الغين.

__________________

(١) سورة الصّف : آية ٥.

(٢) سورة آل عمران : آية ٨.

(٣) فى الأصل : «أبو عمرو» وهو عمرو بن فايد ـ بالفاء ـ أبو عليّ السوارىّ البصرىّ أخباره فى الجرح والتعديل : ٦ / ٢٥٢ ، غاية النّهاية : ١ / ٦٠٢. والقراءة فى المحتسب : ٢ / ٣٨٦ ، والبحر المحيط : ١ / ١٠٤.

(٤) هو الإمام المشهور المحدث اللّغوى الأديب المفضل بن محمد الضبى جامع (المفضليات) قال الحافظ الذّهبى : «كان من جلة أصحاب عاصم ... قلت : قد شذ عن عاصم بأحرف ...» توفى سنة ثمان وستين ومائة. ـ

٢٥٧

وقرأ الباقون بالكسر.

وقرأ أبان بن تغلب ـ ويكنى أبا سعد ـ (١) : «غُلظة» بالضم وهن لغات ثلاث غلظة وغلظة وغلظة بمعنى واحد (٢) مثل ركوة (٣) وربوة (٤).

٢٦ ـ وقوله تعالى : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ) [١٢٦].

قرأ حمزة وحده أولا ترون .... بالتاء ، أى : أنتم فقط ، جعل الرؤية لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه وعظة لهم. وقرأ الباقون : (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ) فيعتبروا ويقروا بالتوحيد. ومعنى الافتتان هاهنا : الاختيار / وقيل معنى (يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ) : يمرضون.

__________________

ـ أخباره فى مراتب النحويين : ٧١ ، وتاريخ بغداد : ١٣ / ١٢١ ، ومعجم الأدباء : ٧ / ١٧١ ، ومعرفة القراء : ١ / ١٣١ ، وغاية النهاية : ٢ / ٣٠٧. والقراءة فى : إعراب القرآن لأبى جعفر النحاس : ٢ / ٤٦ ، والبحر المحيط : ٥ / ١١٥.

(١) أبان بن تغلب الرّبعىّ الكوفىّ ، أبو سعد ويقال : أبو أميمة ، قرأ على عاصم وأبى عمرو الشيبانى وطلحة بن مصرف والأعمش ... توفى سنة إحدى وأربعين ومائة وقيل سنة ثلاث وخمسين. (غاية النهاية : ١ / ٤).

(٢) جاء فى معانى القرآن للزّجاج : ٢ / ٤٧٦ : «غلظة فيها ثلاث لغات ؛ غلظة وغلظة وغلظة». فالكسر لغة بنى أسد ، والفتح لغة أهل الحجاز ، والضمّ لغة تميم وينظر : إعراب القرآن للنحاس : ٢ / ٤٦ ، والكشاف : ٢ / ٢٢٢ والمحرر الوجيز : ٧ / ٨٢ ، والتبيان للعكبرى : ٢ / ٢٣ ، والبحر المحيط : ٥ / ١١٥ ، ويراجع تحفة الأقران : ١٣٥. وذكرت فى كتب المثلثات ؛ ينظر : مثلث ابن السيد : ٢ / ٣١١ ، والدرر المبثثة : ١٥٥ ، وهى فى تهذيب اللّغة : ٨ / ٤٨ ، وعنه فى اللسان (غلظ) عن ابن السكيت فى إصلاح المنطق : ١١٧.

(٣) الدرر المبثثة : ١٢٠ (زورق صغير).

(٤) سبق ذكرها.

٢٥٨

٢٧ ـ وقوله تعالى : (مَعِيَ أَبَداً ...) و (مَعِيَ عَدُوًّا) [٨٣].

فتح الياء فيهما كليهما حفص عن عاصم.

وأسكنها حمزة والكسائىّ وأبو بكر عن عاصم وابن عامر.

وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو (مَعِيَ أَبَداً) بالفتح ومعَىْ عدوّا ساكنا.

* * *

٢٥٩

ومن السورة التى يذكر فيها

(يونس «صلى‌الله‌عليه‌وسلم»)

١ ـ قوله تعالى : (الر ...) [١].

قرأ ابن كثير ونافع وحفص عن عاصم بفتح الرّاء.

وقرأ الباقون الرِ .... بكسر الرّاء.

وكلّهم يقصر (الر ...) فمن فتح فعلى الأصل. ومن كسر وأمال فتخفيفا ، وأهل الحجاز يقولون (يا) و (تا) ... وغيرهم يقولون (ياء) و (تاء) ... وأهل الحجاز يقولون (طا) و (حا) ... وغيرهم يقولون (طاء) و (حاء).

واعلم أنّ هذه الحروف ، أعنى حروف المعجم يجوز تذكيرها وتأنيثها وفتحها وكسرها ومدّها وقصرها ، كلّ ذلك صواب.

٢ ـ وقوله تعالى : (لَساحِرٌ مُبِينٌ) [٢].

قرأ ابن كثير وعاصم وحمزة والكسائىّ : (لَساحِرٌ) بألف.

وقرأ الباقون : لسِحْر.

فمن قرأ بألف أراد النّبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. ومن قرأ بغير ألف أراد : القرآن ، ومثله قوله : ساحران تظهرا (١) و (سِحْرانِ) ف ساحران أراد موسى ومحمدا عليهما‌السلام ، و (سِحْرانِ) أراد التّوراة والفرقان.

__________________

(١) سورة القصص : آية ٤٨. ذكر المؤلف ـ رحمه‌الله ـ القراءة فى موضعها.

٢٦٠