إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي

إعراب القراءات السبع وعللها - ج ١

المؤلف:

الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني النحوي الشافعي


المحقق: الدكتور عبدالرحمن بن سليمان العثيمين
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة الخانجي
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
977-5046-07-6

الصفحات: ٤٢٤
الجزء ١ الجزء ٢

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

وبه نستعين وعليه نتوكل

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)(١) لا إله إلا الله أكذب العادلون بالله وضلّوا ضلالا بعيدا ، وخسروا خسرانا مبينا أن : (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)(٢) بل هو الله الواحد الصّمد القهّار ، الفرد ، لا مثل له ولا عديل ، ولا ندّ ولا ضدّ ، خلق الأشياء قبل كونها ، وأحصى كلّ شىء عددا ، وأحاط به علما. ثم اختار الله من خلقه أجمعين ، نبيّا فضّله على كلّ الأنام وانتخبه لرسالته ، فصدع بأمره وجاهد فى الله حقّ جهاده وصبر حتى أتاه اليقين و : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(٣) فصلّى الله على محمد سيّد المرسلين (٤) ، أبى القاسم الطّهر الطّاهر البدر المنير والقمر الأزهر ، صلاة تامة زاكية تزلف لديه وترضيه.

هذا كتاب شرحت فيه إعراب قراءات أهل الأمصار مكّة والمدينة ، والبصرة ، والكوفة ، والشّام ، ولم أعد ذلك إلى ما يتصل بالإعراب من

__________________

(١) سورة الأنعام : آية : ١.

(٢) سورة الكهف : الآيتان : ٤ ، ٥.

(٣) سورة الأحزاب : آية : ٥٦.

(٤) فى الأصل : «المسلمين» وصححت على هامش الورقة.

٣

مشكل أو تفسير وغريب. والحروف بالقراءة الشّاذة ، إذ كنت قد أفردت لذلك كتابا جامعا وإنما اختصرته جهدى ليستعجل الانتفاع به المتعلم ، ويكون / تذكرة للعالم ، ويسهل حفظه على من أراد ذلك إن شاء الله ، وما توفيقى إلا بالله.

وأئمة هذه الأمصار :

ـ عبد الله بن كثير ، من أهل مكة ، ويكنى : أبا معبد (١).

ـ ونافع بن أبى نعيم ، من أهل المدينة ، ويكنى : أبا عبد الرّحمن (٢).

ـ وأبو عمرو بن العلاء ، واسمه زبّان بن العلاء (٣).

ـ ومن أهل الكوفة عاصم [بن بهدلة و] بهدلة ، أمّه ويكنى أبوه أبا النّجود ، ويكنى عاصم أبا عمرو. وقيل : أبا بكر (٤).

ـ وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزّيات (٥).

ـ وأبو الحسن على بن حمزة الكسائىّ (٦).

ـ وعبد الله بن عامر اليحصبيّ ، من أهل الشّام (٧).

__________________

(١) ترجمته فى معرفة القراء للذهبى : ١ / ٨٦ رقم (٣٤).

(٢) المصدر السابق : ١ / ١٠٧ رقم (٤١).

(٣) المصدر السابق : ١ / ١٠٠ رقم (٣٩).

(٤) المصدر السابق : ١ / ٨٨ رقم (٣٥).

(٥) المصدر السابق : ١ / ١١١ رقم (٤٣).

(٦) المصدر السابق : ١ / ١٢٠ رقم (٤٥).

(٧) المصدر السابق : ١ / ٨٢ رقم (٣٣). ومصادر تراجمهم مخرجة تخريجا حسنا فى هوامشه.

٤

وكان أبو عمرو والكسائى رضي الله عنهما نحويين. وكان عاصم أفصح بيانا. كان إذا تكلّم يكاد تدخله خيلاء (١). وكان مرض سنتين فلمّا نقه (٢) من علته قام فما أخطأ حرفا.

قال أبو عبد الله ـ رحمه‌الله ـ : وحدّثنى أبو بكر بن مجاهد ـ رحمه‌الله ـ قال : حدّثنا ابن شاكر ، قال : حدّثنى يحيى بن آدم ، عن أبى بكر بن عيّاش ، عن عاصم ، أنه كان يقرأ بالهمز والمدّ والقراءة الشّديدة ، وكان لا يرى الإمالة والإدغام ، وكانت قراءة حمزة بهما.

وذهب حمزة ـ كما حدّثنى به ابن مجاهد ـ قال : حدّثنا عبد الله بن محمد قال : حدّثنا منصور بن أبى مزاحم ، قال : حدّثنا سليمان بن أرقم عن الزّهري عن سالم عن أبيه قال : «نزل القرآن بالتّحقيق».

قال : حدّثنا البزّىّ قال : حدّثنا أبو حذيفة / عن شبل عن ابن أبى بحر عن مجاهد فى قوله (٣) : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً) قال : ترسّل فيه ترسّلا.

قال : وحدّثنا عبّاس الدّوريّ ، قال : حدّثنا إسحاق بن منصور قال :

__________________

(١) جاء فى معرفة القرّاء : ١ / ٩٠ «وقال يحيى بن آدم : حدّثنا حسن بن صالح ، قال : ما رأيت أحدا قط كان أفصح من عاصم بن أبى النجّود ، إذا تكلم كاد يدخله خيلاء».

(٢) نقه : شفي من مرضه ، جاء فى الصّحاح للجوهرى : ٦ / ٢٢٥٣ (نقه) «نقه من مرضه ـ بالكسر ـ نقها مثل تعب تعبا ، وكذلك نقه نقوها مثل كلح كلوحا فهو ناقة : إذا صحّ وهو عقب علته ، والجمع : نقّه ، وأنقهه الله ...».

(٣) سورة المزمّل : آية : ٤. ولم يرد تفسير هذه الآية فى تفسير مجاهد ، وينظر : تفسير الطبرى : ٢٩ / ١٢٧ ، وفضائل القرآن لأبى عبيد : ٨٨ (رسالة).

٥

حدّثنا جعفر الأحمر ، عن أبي حمزة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال (١) : «لا تهذّوا القرآن كهذ الشعر ، ولا تنثروه كنثر الدّقل ، وقفوا عند عجائبه ، وحرّكوا به القلوب ، ولا يكن همّ أحدكم من السّورة آخرها».

[قال :] وحدّثنا أبو عبيد : قال : حدّثنا يوسف القطّان : قال : حدثنا جعفر بن عوف العمرى ، قال : حدثنا مسعر بن كرام عن رجل قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : «كان كلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ترتيلا وترسيلا :

والباقون يقرءون قراءة سهلة ، والكسائي أيضا يقرأ كذلك قراءة متوسطة ، وذلك أن القرآن يقرأ بالتّرتيل والتّحقيق والحدر.

سمعت ابن مجاهد يقول ذلك ، وإنما ذهب من قرأ الحدر إلى أن تكثر حسناته ؛ إذ كان له فى كل حرف عشر حسنات. وقال : وحدّثنى موسى بن إسحاق قال : حدثنا عمر بن الحسن ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا محمد بن أبان عن عبد الأعلى التّيمىّ ، عن إبراهيم السّلمى عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال : «من تعلّم القرآن كان له بكلّ حرف مائة زوجة من الحور العين ، لا أقول (الم).

قال : وحدّثنا جعفر الصادق قال : حدّثنا عاصم بن علىّ قال : حدّثنا سلام بن مسكين قال : سمعت / ابن سيرين يذكر ، قال : قالت امرأة عثمان : «إن

__________________

(١) جاء في النّهاية للابن الأثير : ٢ / ١٢٧ فى حديث ابن مسعود «هذا كهذّ الشعر ونثرا كنثر الدّقل» قال ابن الأثير : هو ردىء التمر ويابسه ، وما ليس له اسم خاصّ فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثورا». أقول : وهكذا تسميه العامة فى نجد فى وقتنا هذا.

٦

يقتلوه أو يتركوه فإنّه كان يحيي اللّيل فى ركعة يجمع [فيها] القرآن (١)» وقال الشاعر يرثى عثمان رضي الله عنه (٢) :

ضحّوا بأشمط عنوان السّجود به

يقطّع الّليل تسبيحا وقرآنا

وقال آخر يرثيه (٣) :

تمنّى كتاب الله أول ليله

وآخره لاقى حمام المقادر

ويقال : إنّ عثمان قتل صبيحة يوم النّحر ، قال الشّاعر (٤) :

عثمان إذ قتلوه وانتهكوا

دمه صبيحة ليلة النّحر

__________________

(١) فى الأصل : «فيه».

وجاء فى كتب السّنة وفضائل القرآن (باب فى كم يقرأ القرآن) أحاديث من طرق مختلفة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن القرآن لا يقرأ بأقل من ثلاث. وكان عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قد سأل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فى كم أختم القرآن» قال له النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى أربعين فما زال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتدرج معه حتى أوصله إلى سبع وفى رواية إلى خمس. وروى عبد الله بن عمرو عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لم يفقه القرآن من قرأ القرآن فى أقل من ثلاث».

(٢) من قصيدة لحسان بن ثابت رضى الله عنه فى ديوانه : ١ / ٩٦ يرثى بها الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضى الله عنه أو لها :

من سره الموت صرفا لا مزاج له

فليأت مأسدة فى دار عثمانا

مستحقبى حلق الماذى قد شفعت

فوق المخاطم بيضا زان أبدانا

بل ليت شعرى وليت الطير تخبرنى

ما كان شأن على وابن عفانا

ضحوا بأشمط .....

 .... البيت

(٣) النهاية : ٤ / ٣٦٧ ، والبحر المحيط : ٦ / ٣٨٢. وينظر اللسان : (منى).

(٤) هو الفرزدق ، والبيت من القصيدة التى سينشد المؤلف منها أبياتا.

٧

وقال آخر (١) :

تمنّى كتاب الله أوّل ليلة

تمنّي داود الكتاب على رسل

التمنّى ـ هاهنا ـ : التّلاوة.

وقال الفرزدق يمدح أحد خلفاء بنى أميّة (٢) :

إنّا نؤمّل أن تقيم لنا

سنن الخلائف من بنى فهر

وعمادة الدّين الّتى اعتدلت

عمرا (٣) وصاحبه أبا بكر

رفقاء متّكئين فى غرف

فكهين فوق أسرّة خضر

فى ظلّ من عنت الوجوه له

ملك الملوك ومالك الغفر

__________________

(١) البحر المحيط : ٦ / ٣٨٢.

(٢) ديوان الفرزدق : ١ / ٢٦٥ ، ٢٦٦ ، من قصيدة يمدح بها سليمان بن عبد الملك أولها :

طرقت نوار ودون مطرقها

جذب البرى لنواحل صعر

ورواح معصفة وغدوتها

شهرا تواصله إلى شهر

أدنى منازلها لطالبها

خمس المؤوّب للقطا الكدر

الأبيات التى استشهد بها المؤلف غير متوالية فى القصيدة وتختلف بعض ألفاظها عن رواية المؤلف.

(٣) فى الأصل : «عمر وصاحبه أبو بكر».

٨

فأمّا قول الرّاعى (١) :

قتلوا ابن عفّان الخليفة محرما

ودعا فلم أر مثله مخذولا

أى : داخلا فى الشّهر الحرام (٢).

وحدّثنا الصّاغانىّ ، قال : حدّثنا روح ، قال : حدّثنا شعبة قال : «كان ثابت يقرأ القرآن فى يوم وليلة ، وكان يصوم الدّهر» وكان أبو يونس القوى بتلك الصفة؟

وحدّثنى محمد بن موسى النّهرتيرىّ (٣) قال : حدّثنا أبو هشام قال : حدّثنا بحر بن سلمان قال : / كان أبو يونس القوىّ صام حتّى جوي ، وبكى حتى عمي ، وصلى حتّى أقعد.

حدّثنى بهذا محمد الفقيه قال : حدّثنا محمد بن موسى ، وقد خبّر الله تعالى عن نبي من أنبيائه أنّه سهّل عليه القرآن وهو داود عليه‌السلام.

حدّثنى محمد بن حفص ، قال : حدّثنا محشاد بن محمد ، قال : حدثنا

__________________

(١) ديوان الراعى : ٢٣١ وتخريجه هنالك ، من قصيدته المشهورة التى أولها :

ما بال دفّك بالفراش مذيلا

أقذى بعينك أم أردت رحيلا

(٢) لقوله : «محرما» معنى آخر أشار إليه الزّجاجى فى مجالس العلماء : ٣٣٦ عن الأصمعىّ.

(٣) غير واضحة فى الأصل ، وصححتها من تاريخ بغداد : ٣ / ٢٤١ منسوب إلى نهرتيرى ، بكسر التاء المثناة من فوقها وياء ساكنة وراء مفتوحة ، مقصور. كذا قال ياقوت فى معجم البلدان : ٥ / ٣١٩ وقال : «بلد من نواحى الأهواز» وفيه يقول جرير : [ديوانه : ٤٤١] :

ما للفرزدق من عزّ يلوذ به

إلا بنى العم فى أيديهم الخشب

سيروا بنى العم فالأهواز موعدكم

أو نهرتيرى فلا تعرفكم العرب

قال ابن الأثير فى اللّباب : ٣ / ٣٣٦ «هذه النسبة إلى قرية يقال لها نهرتيرى بنواحى البصرة ... وذكر من المنسوبين إليها أبا عبد الله محمد بن موسى بن أبى موسى النهرتيرى. وهو المذكور هنا.

٩

أحمد بن حفص السّلمى ، قال : حدّثنى أبي عن إبراهيم بن طهمان عن موسى ابن عقبة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (١) : «خفّف الله على داود القرآن فكان يأمر بدابته أن تسرج ، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج ، وكان لا يأكل إلّا من عمل يده أفلا تراه صلى الله عليه قد عدّ ذلك نعمة عليه من الله» يعنى : سرعة القراءة.

وحدّثنى أيضا محمد ، قال : حدّثنا محمد بن سعد عن أبيه عن جدّه ، قال : قال عطيّة العوفىّ (٢) : «ما القرآن عليّ إلا كسورة واحدة».

وحدّثنى أحمد بن العبّاس ، قال : حدّثنى أبو غانم ، قال : حدّثنى إبراهيم ابن المنذر ، قال : حدّثنا ابن وهب عن أبي لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي ، قال : كان سليمان التّجيبىّ (٣) على عهد عمر بن الخطاب تزوج

__________________

(١) الحديث عن أبى هريرة رضى الله عنه فى صحيح البخارى : ٤ / ١٩٤ كتاب الأنبياء باب قوله تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) [النساء : ١٦٣]. وينظر : فتح البارى : ٦ / ٤٥٣ ، ومسند الإمام أحمد : ٢ / ٣١٤ ، عن أبي هريرة أيضا. قال الحافظ ابن حجر : «المراد بالقرآن : القراءة ، والأصل فى هذه اللفظة الجمع ، وكل شىء جمعته فقد قرأته. وقيل : المراد به الزبور ، وقيل : التوراة ، وإنما سمى قرآنا للإشارة إلى وقوع المعجزة».

(٢) هو عطية بن سعد بن جنادة العوفىّ (ت ١١١ ه‍). (تهذيب التهذيب : ٧ / ٢٢٤)

(٣) الخبر برواية أخرى وإسناد آخر فى فضائل القرآن لأبى عبيد : ١١٥ والتبيان للنووى : ١٦٤ ، وفضائل القرآن لابن كثير : ٨١. وفى مصادره : «سليم بن عتر التجيبيّ». وسليم هذا أثنى عليه ابن كثير ، وذكر طرفا من أخباره وينظر : التاريخ الكبير للبخارى : ٤ / ١٢٥ ، وتاريخ الطبرى : ٤ / ١٢٥ ، وسير أعلام النبلاء : ٤ / ١٣١ ، والشذرات : ١ / ٨٣. والخبر المذكور هنا موجود أيضا فى السير وغيره. ويجاب عن مثل هذه الأخبار بما ورد فى فضائل القرآن للنّسائى من أحاديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما التى أشرت إليها سابقا.

١٠

بامرأة فبنى عليها فلمّا أصبح قيل لامرأته : كيف وجدته؟ قالت : أرضى الله عزوجل وأرضى أهله ؛ جامع ثلاث مرات وختم مرّتين (١).

وحدّثنا الفضل بن الحسن ، قال : حدّثنا جعفر بن أبي حفص الخوارزمىّ قال : حدّثنا يحيى بن حمزة عن ثور بن يزيد / عن خالد بن معدان قال : من كثرت قراءته كثر جماعه.

وكان كرز بن وبرة (٢) الحارثىّ أحد الزّهاد ، وكان سأل الله تعالى باسمه الأعظم على أنه لا يسأل به شيئا من الدّنيا فأعطى ، فسأل الله تعالى أن يسهّل عليه تلاوة القرآن ، فكان يختم كلّ ليلة ثلاث ختمات.

قال : وسمعت محمّد بن عبيد الفقيه يقول : كان منصور بن زاذان (٣) يقرأ ختمة بين المغرب والعشاء.

(ذكر الأسانيد)

أمّا قراءة ابن كثير فإنّى قرأت بها غير مرة على ابن مجاهد (٤) ، وقرأ

__________________

(١) فى المصادر : «ثلاث مرات».

(٢) كرز بن وبرة الحارثي ؛ نزيل جرجان ، دخلها غازيا مع يزيد بن المهلّب وتوفى فيها. أخباره فى التاريخ الكبير : ٧ / ٢٣٨ ، والمعرفة والتاريخ : ٢ / ٧٠٩ ، والجرح والتعديل : ٧ / ١٧٠ ، والحلية : ٥ / ٧٩ وسير أعلام النبلاء : ٦ / ٨٤. وفى الحلية والسير : «قال ابن شبرمة : سأل كرز ربّه أن يعطيه الاسم الأعظم على أن لا يسأل به شيئا من الدّنيا ...» وفيه بعض الاختلاف ...

(٣) منصور بن زاذان الواسطىّ أخباره فى التاريخ الكبير : ٧ / ٣٤٦ ، والحلية : ٣ / ٥٧ ، وتهذيب التهذيب : ١٠ / ٣٠٦.

(٤) السبعة : ٩٢ ، وقد ذكر المؤلف ـ رحمه‌الله ـ رجال السّند بشكل مختصر ، فقد ورد فى السبعة مثلا : أخبرنى أنه قرأ على أحمد بن محمد بن عون النّبال القواس ... وذلك من غير أن يخل برجال السند وكثيرا ما يفعل ذلك.

١١

ابن مجاهد على أبي عمرو (قنبل) وقرأ قنبل على القوّاس ، وقرأ القوّاس على وهب ابن واضح أبي الإخريط ، وقرأ أبو الإخريط على إسماعيل بن عبد الله القسط ، وقرأ القسط على شبل بن عبّاد ومعروف بن مشكان ، وقرآه على ابن كثير.

وحدّثنى ابن مجاهد قال : حدّثنى علىّ ابن أخت ابراهيم بن راشد قال : حدّثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدّثنا محمد بن إدريس الشّافعيّ ، قال : قرأت على إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين ، وقرأ إسماعيل على شبل ، وقرأ شبل على ابن كثير ، وقرأ ابن كثير على مجاهد ، وقرأ مجاهد على ابن عبّاس ، وقرأ ابن عباس على أبيّ ، وقرأ أبيّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وحدّثنى محمّد بن عبيد الشّافعىّ ، قال : حدّثنا محمد بن عامر القطّان قال : حدّثنا عبد الله بن عبد الحكيم قال : أخبرنا الشافعى ، قال : حدّثنا إسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين ، قال : قرأت على شبل ، وأخبر شبل أنه قرأ / على عبد الله بن كثير ، وأخبر عبد الله أنه قرأ على مجاهد ، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عبّاس ، وأخبر ابن عبّاس أنه قرأ على أبىّ ، وقرأ أبيّ على النّبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وسمعت أبا طالب الهاشمىّ يقول : كان الشّافعىّ يختم كلّ يوم وليلة ختمة ، وقال لى غيره : فإذا جاء رجب ختم كلّ يوم وليلة ختمتين. وكان لا يصلى إلا من قيام.

وأمّا قراءة نافع فإنّى قرأتها على أبى القاسم بن المرزبان الصّيرفى ، وقرأ أبو القاسم على أبى الزّعراء ، عبد الرحمن بن عبدوس ، وقرأ أبو الزّعراء على أبى عمر الدّورى ، وقرأ أبو عمر على إسماعيل بن جعفر ، وقرأ اسماعيل على نافع.

وحدّثنى إبراهيم بن عرفة ، وأحمد بن موسى عن إسماعيل عن قالون عن نافع.

وحدّثنى غير واحد عن إدريس عن خلف عن المسيبى عن نافع. قال :

١٢

وقرأت لورش على أحمد بن أوس ، وكان أضبط من لقيت وأقرأهم بعد ابن مجاهد وأخذها عن الأفطسي.

وأخبرنى بحروف ورش أحمد بن العبّاس ، عن الحسين بن على بن مالك ، عن أحمد بن صالح ، عن ورش ، عن نافع.

وأمّا قراءة أبى عمرو فإنى قرأتها على أحمد بن عبدان وابن المرزبان ، وقرآ على أبي الزّعراء ، وقرأ أبو الزّعراء على أبي عمر وقرأ أبو عمر على أبي محمد اليزيديّ وقرأ أبو محمد على أبي عمرو وكان خادمه.

وأخبرنى بحروفه أبو عيسى السّمسار (١) ، قال حدّثنا أبو خلّاد عن اليزيدى عن أبى عمرو.

وحدّثنى ابن عبدان عن عليّ عن أبي عبيد عن شجاع عن أبي عمرو /.

وقرأت لحمزة والكسائى على ابن المرزبان ، وقرأ على أبي الزّعراء ، وقرأ أبو الزّعراء على أبي عمر ، وقرأ أبو عمر على الكسائىّ نفسه. وقرأ أبو عمر على سليم وقرأ سليم على حمزة.

وأخبرنى بقراءتهما أحمد عن عليّ عن أبي عبيد. قال : وقرأت حرف عاصم رواية أبي بكر بن عياش عن جده. وأخبرنا به ابن مجاهد عن إدريس عن خلف عن يحيى عن أبى بكر عنه.

وحدّثنا به عن ابن شاكر عن يحيى عن أبي بكر عنه.

وقرأت لحفص أبي عمر النّحوى. وكان هرل عاصم (٢). ويقال :

__________________

(١) فى الأصل : «السّمسان». وهو محمد بن أحمد بن قطن ، أبو عيسى السمسار (ت بعد ٣١٨ ه‍). قال ابن الجزرى : «شيخ مقرىء حاذق ضابط. روى القراءة عنه أبو بكر النقاش ... والحسين ابن خالويه» (غاية النهاية : ٢ / ٧٩). يراجع مبحث (شيوخ ابن خالويه).

(٢) جاء فى غاية النهاية : ١ / ٢٥٤ فى ترجمة حفص : «أخذ القراءة عرضا وتلقينا عن عاصم ، وكان ربيبه ابن زوجته» وهذا هو معنى هرله.

١٣

للهزل : الحرنبذ. وقال فى قوله (١) : (بَنِينَ وَحَفَدَةً) قيل : الأصهار (٢). وقيل : الخدم (٣). وقيل : الحرنبذين. وخالف أبا بكر خلافا شديدا ، فيرى ذاك أن عاصما كان يعرف القراءات فأقرأ أبا بكر بحرف وأقرأ حفصا بحرف ؛ لأنّ حفصا عندنا ثقة. وقد ذكر أنه ما خالف عاصما فى حرف من القرآن إلّا فى قوله : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ)(٤) فإنّه اختار لنفسه من ضُعف أعنى حفصا.

وذهب إلى الحديث الّذى حدّثنا به أحمد بن عبدان ، قال : حدّثنا علىّ ابن عبد العزيز ، قال : حدّثنا أبو عبيد ، قال : سمعت الكسائى يحدّث عن الفضيل بن مرزوق عن عطيّة العوفيّ ، قال : قرأت على ابن عمر : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) قال : إنى قرأتها على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم كما قرأتها عليّ ، فقال لى : من ضُعف.

والدّليل على ما قلت : أنّ عاصما كان يقرىء كلّا بحرف أنّ أبا عبيد / حدّثنى ، قال : حدّثنا ابن أبي خيثمة عن أبى سلمة المنقرىّ ، عن أبان ، عن قتادة. قال : سألت عاصما (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا)(٥) فقال : شقاوتنا ثم قال : (شِقْوَتُنا) ثم قال : أيّتهما شئت؟

__________________

(١) سورة النحل : آية : ٧٢.

(٢) جاء فى زاد المسير : ٤ / ٤٦٩ : «وفى الحفدة خمسة أقوال ، أحدها : أنهم الأصهار ، اختان الرجل على بناته قاله ابن مسعود وابن عباس فى رواية ، ومجاهد فى رواية ، وسعيد بن جبير والنخعى ، وأنشدوا على ذلك :

ولو أن نفسى طاوعتنى لأصبحت

لها حفد مما يعد كثير

ولكنها نفس علىّ أبيّة

عيوف لأصهار اللئام قذور

وينظر : المحرر الوجيز : ٨ / ٤٦٧ ، وتفسير القرطبى : ١٠ / ١٤٤.

(٣) قال ابن الجوزى أيضا : «رواه مجاهد عن ابن عباس وبه قال مجاهد فى رواية الحسن وطاووس وعكرمة فى رواية الضحاك ...».

(٤) سورة الروم : آية : ٥٤.

(٥) سورة المؤمنون : آية : ١٠٦.

١٤

والدّليل على صدق أبى بكر بن عيّاش أيضا : أنّ أبا الحسن الحافظ حدّثنى عن ابن أبى خيثمة عن أبي سلمة عن أبان عن عاصم (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) بفتح الضاد.

وقرأت حرف أبي عمر عن محمد بن عبد العزيز القارى قال : قرأت على أحمد بن سهل الأشنانىّ ، قال : قرأت على عبيد بن الصباح ، وقرأ عبيد على حفص ، وقرأ حفص على عاصم.

وحدّثنى ابن مجاهد ، قال (١) : حدّثنى أحمد بن على الخزّاز قال : حدّثنا أبو عمر هبيرة بن محمد ، عن حفص بن سليمان عن عاصم.

وأمّا قراءة ابن عامر فحدّثنا بها ابن مجاهد (٢) عن التّغلبي أحمد بن يوسف ، عن ابن ذكوان الدّمشقي ، عن أيوب بن تميم ، عن يحيى بن الحارث الذّمارى عن عبد الله بن عامر.

وقرأت حروف السّبعة واختلافهم حرفا حرفا من كتاب «السّبعة» على ابن مجاهد أربع مرات. وقرأت حروف الكسائى صنعته مرّتين عليه.

(ذكر الأئمة الذين أخذ عنهم هؤلاء السّبعة)

اعلم ـ وفّقك الله ـ أنّ قراءة هؤلاء السّبعة متصلة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكلّ من قرأ بحرف من هؤلاء السّبعة فقد قرأ قراءة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ؛ لأن ابن كثير قرأ على مجاهد بن جبير أبى الحجاج / وقرأ مجاهد على ابن عباس ، وقرأ ابن عباس على

__________________

(١) السبعة : ٩٥.

(٢) السبعة : ١٠١. وأحمد بن يوسف التغلبى فى غاية النهاية : ١ / ١٥٢ قال : «روى عنه القراءات ابن مجاهد ...».

١٥

أبيّ بن كعب ، وقرأ أبيّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقد قرأ النّبى عليه‌السلام على أبي ليأخذ أبيّ ألفاظ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقرأ نافع على سبعين من التابعين منهم أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وشيبة ابن نصاح (١) ، ويزيد (٢) بن رومان ، قال : فما اتّفق عليه اثنان أخذته ، وما شذّ واحد منهم تركته حتى ألّفت هذه القراءة. وكان أبو جعفر قرأ على عبد الله ابن عبّاس وعلى مولاه عبد الله بن عيّاش.

وأما أبو عمرو فقرأ على ابن كثير ولقي مجاهدا ، وقيل : إنه قرأ على مجاهد نفسه.

وأمّا عاصم فإنّه قال : ما قرأت على أحد من الناس إلا على أبي عبد الرّحمن السّلمى ، وكنت أرجع من عنده فأعرضه على زرّ بن حبيش (٣) ، فما كان من قراءة زرّ فهو عن عبد الله بن مسعود ، وما كان من قراءة أبى عبد الرّحمن فهو عن على بن أبي طالب رضى الله عنه ، وكان زرّ بن حبيش صاحب عربية ، وكان عبد الله يسأله عن العربيّة فقال له يوما : ما الحفدة؟ فقال الخدم ، قال : فقال عبد الله : لا ، ولكنّهم الأختان. وعاش زرّ مائة سنة وعشرين سنة ، فلما كبر سنّه أنشأ يقول :

إذا الرّجال ولّدت أولادها

وارتعشت من كبر أجسادها

__________________

(١) شيبة بن نصاح بالنون والصاد المهملة والحاء المهملة أيضا. معرفة القراء : ١ / ٧٩.

(٢) يزيد بن رومان بالرّاء المضمومة معرفة القراء : ١ / ٧٦.

(٣) قال الأمير الحافظ فى الإكمال : ٤ / ١٨٣ «أمّازرّ ـ بكسر الزاى ـ فهو زرّ بن حبيش ، أبو مريم الأسدىّ ...» وينظر : طبقات ابن سعد : ٦ / ١٠٤ ، والتاريخ الكبير : ٣ / رقم ١٤٩٥ ، وتهذيب الكمال : ٩ / ٣٣٥ ، ومصادر الترجمة هناك.

١٦

وجعلت أسقامها تعتادها

تلك زروع قد دنا حصادها (١)

وقرأ الكسائىّ على حمزة ، وقرأ حمزة على الأعمش ، وقرأ الأعمش / على يحيى بن وثّاب ، وقرأ يحيى بن وثّاب على عبيد بن نضيلة (٢) وقرأ عبيد على علقمة (٣) ، وقرأ علقمة على عبد الله.

وحدّثنى ابن مجاهد قال : قرأ حمزة على ثلاثة : الأعمش وابن أبي ليلى ، وحمران (٤) بن أعين ، فما كان من قراءة الأعمش فعن عبد الله ، وما كان من قراءة ابن أبى ليلى فعن عليّ رضى الله عنه ، وما كان من قراءة حمران فعن أبى الأسود الدّؤليّ.

وأمّا ابن عامر فإنه أخذ قراءته عن المغيرة بن أبي شهاب المخزوميّ ، وأخذها المغيرة عن عثمان.

وليس فى هؤلاء السبعة أحد أقدم من ابن عامر ؛ لأنّه قد قرأ أيضا على عثمان نفسه.

حدّثنى بذلك أحمد بن العباس ، قال : حدّثنا محمد بن بكر ، قال :

__________________

(١) الأبيات فى الحيوان : ٣ / ٨٩ ، ٦ / ٧٣ ، والعقد الفريد : ٢ / ٢٦٨.

(٢) هكذا جاء فى الأصل : «نضيلة» على التّصغير مضبوطا بالشكل وفى مصادر ترجمة (نضلة) مكبرا إلا أنه ورد فى بعضها على التّصغير. ترجمته وأخباره كثيرة ، واسمه كاملا عبيد بن نضيلة (نضلة) الخزاعيّ الأزدى ، أبو معاوية. قال العجلى : كوفى تابعى ثقة يراجع : مشاهير علماء الأمصار : ١٠٦ ، ورجال صحيح مسلم : ٢ / ٢٦ والجمع بين رجال الصحيحين : ١ / ٣٣١ ، وتهذيب التهذيب : ٧ / ٧٥ وغاية النهاية : ٤٩٧.

(٣) علقمة بن قيس ، أبو شبل النخعى ، خال إبراهيم النخعى (ت ٦٢ ه‍) (غاية النهاية : ١ / ٥١٦).

(٤) حمران ـ بضم الحاء ـ.

١٧

حدّثنا هشام بن عمّار أن الوليد بن مسلم حدّثه عن يحيى بن الحارث الذّمارى عن عبد الله بن عامر أنه قرأ على عثمان بن عفّان.

فإن سأل سائل فقال : أهذه الحروف نزلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بهذا الاختلاف والوجوه ، أم نزلت بحرف واحد ، قرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم باللّغات؟

فالجواب فى ذلك ـ وبالله التوفيق ـ :

أنّ طائفة قالت : إنه [كذا] نزلت على سبعة أحرف من سبعة أبواب فى العرضات التى كان جبريل عليه‌السلام ينزل بكلّ سنة فيعرض عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : وذلك أن القرآن نزل / جملة واحدة فى ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا كما قال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)(١) ثم نزل من السّماء الدّنيا على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى نحو من عشرين سنة ، وكانت تنزل العشر والخمس والآية والآيتان والسّورة بأسرها.

قال : حدّثنى أبو الحسن بن عبيد ، قال : حدّثنى بن أبي خيثمة ، عن أبى سلمة المنقريّ ، عن أبان ، عن قتادة ، قال : بين أول نزول القرآن (٢) وآخره عشرون سنة ليثبت الله به قلب محمد عليه‌السلام ، ألم تسمع فى قوله : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً)(٣) وقال (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ)(٤) كذلك قرأها أبيّ.

قال أبو عبد الله بن خالويه : حدّثنى أبو القاسم المروزىّ ، قال : حدّثنا

__________________

(١) سورة القدر : آية : ١.

(٢) ينظر : فضائل القرآن للنّسائى : ٥٦ أورد نحو ذلك عن ابن عباس رضى الله عنهما.

(٣) سورة الفرقان : آية : ٣٢.

(٤) سورة الإسراء : آية : ١٠٦. والقراءة فى البحر المحيط : ٦ / ٨٧.

١٨

الحسين بن أبي ربيع ، قال : حدّثنا عبد الرزّاق عن الثّوري عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير قال : وذكره السّدى والأعمش قالوا (١) : «نزل جبريل عليه‌السلام بالقرآن جملة واحدة ليلة القدر فجعل بموضع النّجوم من السّماء الدّنيا في بيت العزّة فجعل جبريل عليه‌السلام ينزل به على محمد عليه‌السلام». وروى قتادة عن ابن أبى المليخ عن واثلة أنّ النّبى عليه‌السلام قال : «نزل صحف ابراهيم صلى‌الله‌عليه‌وسلم أول ليلة من رمضان وأنزلت / التّوراة لستّ منها ، وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة منها ، وأنزل الزّبور لثمان عشرة منها ، والقرآن لأربع وعشرين منها».

وقال عبد الله بن دينار ـ وكان يقرأ الكتاب الأول ـ :

قال : «نزل الزّبور على داود بعد التّوراة بأربعماية عام ونيّف ، والإنجيل بعد الزّبور بألف عام ، والقرآن على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم بعد الإنجيل بثمانمائة عام».

وقال شيبان عن قتادة فى قوله : (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) قال : هو القرآن الذى أنزله الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم فأحل حلاله ، وحرّم حرامه ، وفرض فرائضه ، وحدّ حدوده وأمر بطاعته ، ونهى عن معصيته ، وشرع فيه شرائعه ، وبين فيه دينه وأول يوم نزل فيه جبريل بالرّسالة على النّبى عليه‌السلام لسبع وعشرين من رجب. واحتج أصحاب هذا القول بما حدّثنى به ابن مجاهد قال : حدّثنى موسى ابن اسحاق ، قال : حدّثنا هرون بن حاتم ، قال : حدّثنا عبد الرحمن عن عيسى الهمذانىّ ، عن المسيب بن عبد خير ، قال : قال عمر رضى الله عنه : «من علم فليعلّم ، ومن لم يعلم فليسأل العلماء ؛ لأن القرآن نزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف». وقال : حدّثنى محمد بن حفص ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هانىء ، قال : حدّثنا عثمان بن صالح ، قال : أخبرنى ابن وهب قال : أخبرنى

__________________

(١) مناهل العرفان : ١ / ٤٥.

١٩

سليمان بن بلال ، قال : حدّثنى محمد بن عجلان عن سعيد المقرىء عن / أبى هريرة أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف ، ولكن لا تختموا آية رحمة بعذاب ، ولا تختموا ذكر عذاب برحمة» (١).

حدّثنى أبو عبد الله الفقيه ، قال : حدثنا عن عبد الله بن شبيب ، قال : حدّثنا إسماعيل ، قال : حدّثنى أخى عن سليمان عن محمد بن عجلان ، عن أبى اسحق الهمذانىّ ، عن أبى الأحوص ، عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنزل القرآن على سبعة أحرف لكلّ آية ظهر وبطن».

وقال آخرون : بل نزل القرآن بلغة قريش ، وبحرف واحد نحو : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)(٢) بأسرها ، ثم أمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ تسهيلا على أمّته ـ أن يقرأ كلّ قوم بلغتهم ، وهى سبع لغات متفرقة فى القرآن.

وحدّثنى أبو حفص القطّان قراءة عليه ، قال : حدّثنا الحسّانىّ قال : حدّثنا وكيع عن رجل لم يسمه عن مجاهد قال : «نزل القرآن بلغة قريش». قال : وحدّثنا الحسّانىّ ، قال : حدّثنا وكيع ، قال حدّثنا ابن أبي ذيب عن الزّهرى قال : الماعون : المال بلسان قريش ، كذا قال : المال (٣).

وأخبرنى ابن دريد ـ رحمة الله عليه ـ عن أبى حاتم عن أبى عبيدة :

__________________

(١) الحديث بمعناه لا بلفطه عن أبى بكرة رضى الله عنه فى سنن أبى داود حديث أبيّ ، ٢ / ٧٦ حديث رقم (١٤٧٧) باب أنزل القرآن على سبعة أحرف كتاب (الصلاة) وينظر : مجمع الزوائد : ٧ / ١٥١.

(٢) سورة الفاتحة : آية : ٤.

(٣) وعن سعيد بن المسيب أيضا (زاد المسير : ٩ / ٢٤٦).

٢٠