موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

الدكتور سميح دغيم

موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

المؤلف:

الدكتور سميح دغيم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

ـ بيّنا في باب الصفات أنّ حقيقة الصفة لا يجوز أن تختلف في الشاهد والغائب ، وكشفنا القول فيه ؛ فيجب أن تكون حقيقة المتكلّم أنّه فعل الكلام في القديم والمحدث جميعا ، وهذا يبطل وصفهم له بأنّه متكلّم فيما لم يزل. ويجب أن يوصف بذلك عند فعله الكلام (ق ، غ ٧ ، ٥٣ ، ١٤)

ـ إنّ الصفة إنّما يقال إنّ الفعل يحصل عليها بالفاعل ، متى ثبتت للفعل وعقل كونه عليها. لأنّ تعليل الصفة بالفاعل وتعليقها به ، كتعليل الصفة بالمعنى ، والعلّة في أنّه فرع على كونها معقولة. وليس للمعدوم ، بكونه معدوما ، حالة ؛ حتى يقال : إنّها بالفاعل. وإنّما صحّ في الحدوث أن يقال : إنّه بالفاعل لمّا عقل له حال ؛ ولو لم يعقل ذلك له ، لم يصحّ أن يقال : إنّه بالفاعل (ق ، غ ٨ ، ٧٤ ، ٤)

ـ الصفة إذا وجبت استغنت عن العلّة (ن ، د ، ٢١ ، ١١)

ـ كما أنّه يستحيل خروج الذات عن كونها ذاتا ، فكذلك يستحيل خروجها عن صفتها الذاتية ، كما أنّ الصفة الصادرة عن العلّة لمّا كانت مقصورة على العلّة يستحيل خروجها ما دامت العلّة (ن ، د ، ١٩٢ ، ٧)

ـ إنّ الصفة إذا لم تكن لعلّة تتجدّد ، ولا كانت مستندة إلى فاعل مختار في حال دون حال ولا إلى شرط يحصل في وقت دون وقت ، وجب حصولها أبدا (ن ، د ، ١٩٣ ، ٥)

ـ اعلم أنّه لما كان طريق العلم بالقديم تعالى فعله ، فكذلك طريق العلم بأوصافه يجب أن يكون فعله ، إمّا بنفسه وإمّا بواسطة ؛ فكل صفة لا يدلّ عليها فعله لا بنفسه ولا بواسطة ولا بواسطتين وجب نفيها ، وكل صفة يدلّ عليها فعله إمّا بنفسه وإمّا بواسطتين وجب إثباتها (ن ، د ، ٤٥٧ ، ٧)

ـ قال مشايخنا إنّ الصفة الصادرة عن النفس كالصفة الصادرة عن العلّة ، والنفس لا تؤثّر في الصفة إلّا وهي موجودة ، كما أنّ العلّة لا تؤثّر في الصفة للغير إلّا وهي موجودة. فلما وجب الوجود في أحدهما وجب في الآخر (ن ، د ، ٤٩٧ ، ٣)

ـ الصحيح أن القديم تعالى حاصل على مثل صفة الواحد منها في كونه معتقدا ، وإن لم يوصف بذلك ، ولا يجب أن يكون حاصلا على مثل هذا الحكم الذي هو سكون النفس ، لأن هذا الحكم إنما يثبت في الشاهد تبعا للعلم. فالقديم تعالى لمّا لم يكن عالما بعلم لم يجب له هذا الحكم. هذا إن قلنا إنّه لا يحصل له هذا الحكم ، فإن قلنا إنّه يحصل له مثل هذا الحكم لما لزم أن يكون المؤثر فيه ما هو عليه في ذاته. بل لا يمتنع أن يقال إنّه استند إلى مثل صفة أحدنا في كونه معتقدا ، ثم لا يجب في كل معتقد أن يكون كذلك ، لأنّ هذه الصفة في القديم تعالى ليست بمعنوية ، بل هي واجبة لما عليه القديم تعالى في ذاته ـ والصفة فينا معنوية فافترقنا (ن ، د ، ٤٩٨ ، ٢)

ـ قد ثبت أنّ أحدنا حيّ ، وثبت أنّ كونه قادرا تعلّق بكونه حيّا ؛ والصفة متى تعلّقت بأخرى على طريقة الصحة فإنها لا تتعلّق إلّا بها ، شاهدا كان أو غائب (ن ، د ، ٥٥٤ ، ٩)

ـ هو الله أحد خبر عن الله تعالى بما هو الحق ، فنحن نقول فيها هي صفة الرحمن لمعنى أنّها خبر عنه تعالى حق (ح ، ف ٢ ، ١٢٢ ، ٢)

ـ أمّا الصفة التي يطلقون هم (المعتزلة والرافضة) فإنّما هي في اللغة واقعة على عرض في جوهر ،

٧٠١

لا على غير ذلك أصلا وقد قال تعالى : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الصافات : ١٨٠) فأنكر تعالى إطلاق الصفات جملة ، فبطل تمويه من موّه بالحديث المذكور ليستحلّ بذلك ما لا يحلّ من إطلاق لفظة الصفات حيث لم يأت بإطلاقها فيه نص ولا إجماع أصلا ولا أثر عن السلف ، والعجب من اقتصارهم على لفظة الصفات ومنعهم من القول بأنّها نعوت وسمات ، ولا فرق بين هذه الألفاظ لا في لغة ولا في معنى ولا في نص ولا في إجماع (ح ، ف ٢ ، ١٢٢ ، ٧)

ـ أمّا لفظ الصفة في اللغة العربية وفي جميع اللغات فإنّما هو عبارة عن معنى محمول في الموصوف بها ، لا معنى للصفة غير هذا البتّة ، وهذا أمر لا يجوز إضافته إلى الله تعالى البتّة إلّا أن يأتي نص بشيء أخبر الله تعالى به عن نفسه فنؤمن به وندري حينئذ أنّه اسم علم لا مشتقّ من صفة أصلا ، وأنّه خبر عنه تعالى لا يراد به غيره عزوجل لا يرجع منه إلى سواه البتّة (ح ، ف ٢ ، ١٥٩ ، ١٦)

ـ لا تعقل الصفة والصفات في اللغة التي بها نزل القرآن وفي سائر اللغات وفي وجود العقل وفي ضرورة الحسّ إلّا أعراضا محمولة في الموصوفين ، فإذا جوّزوها غير أعراض بخلاف المعهود فقد تحكّموا بلا دليل ، إذ إنّما يصار إلى مثل هذا فيما ورد به نص ، ولم يرد قط نص بلفظ الصفات ولا بلفظ الصفة ، فمن المحال أن يؤتي بلفظ لا نصّ فيه يعبّر به عن خلاف المعهود (ح ، ف ٢ ، ١٧٣ ، ١٢)

ـ الصفة الواحدة لا يصحّ أن تستحقّ لمعنيين مختلفين (أ ، ت ، ١٦٦ ، ٦)

ـ ذهبت المعتزلة إلى أنّ الصفة هي نفس الوصف ، والوصف هو خبر الخبير عمّن أخبر عنه بأمر ما ، كقوله : إنّه عالم أو قادر أو أبيض أو أسود ونحوه ، وأنّه لا مدلول للصفة والوصف إلّا هذا (م ، غ ، ١٤٤ ، ٣)

ـ أمّا معتقد أهل الحق : فالصفة هي ما وقع الوصف مشتقّا منها ، وهو دالّ عليها وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه ، فالمعنيّ بالصفة ليس إلّا هذا المعنى ، والمعنيّ بالوصف ليس إلّا ما هو دالّ على هذا المعنى بطريق الاشتقاق ، ولا يخفى ما بينهما من التغاير في الحقيقة ، والتنافر في الماهيّة ، فالخلاف إن وقع فليس إلّا في تسمية هذا المعنى صفة ، وحاصل النزاع في ذلك مما لا مطمع فيه باليقين ، وإنّما هو مستند إلى الظنّ والتخمين (م ، غ ، ١٤٤ ، ١٣)

ـ شهادة كل صفة أنّها غير الموصوف بكلام عجيب ، وأنا أحكي ألفاظه لتعلم. قال معنى هذا التعليل أنّ الفعل في الشاهد لا يشابه الفاعل ، والفاعل غير الفعل ، لأنّ ما يوصف به الغير إنّما هو الفعل أو معنى الفعل كالضارب ، والفهم فإنّ الفهم والضرب كلاهما فعل والموصوف بهما فاعل ، والدليل لا يختلف شاهدا وغائبا. فإذا كان تعالى قديما وهذه الأجسام محدثة كانت معدومة ثم وجدت ، يدلّ على أنّها غير الموصوف بأنّه خالقها ومدبّرها (أ ، ش ١ ، ٢٥ ، ١٣)

ـ إنّهم (أبو هاشم وأتباعه من المعتزلة) يعنون بالذّات والشيء كلّ ما يعلم أو يخبر عنه بالاستقلال ، وبالصّفة كلّ ما لا يعلم إلّا بتبعيّة الغير. فكلّ ذات إمّا موجودة أو معدومة ، والمعدوم يقال على كلّ ذات ليس له صفة الوجود ، ويجوز أن يكون له غير تلك الصّفة ، كصفات الأجناس ، عند من يثبتها للمعدومات

٧٠٢

(ط ، م ، ٨٥ ، ١٦)

ـ الصفة ما لا يعقل إلّا مع غيره (ط ، م ، ١٧٩ ، ١٠)

ـ الصفة : هي الاسم الدالّ على بعض أحوال الذات وذلك نحو طويل وقصير وعاقل وأحمق وغيرها (ج ، ت ، ١٧٣ ، ١٨)

ـ الاسم والصفة عبارة عن قول الواصف. وعن بعضهم : بل الصفة لمعنى في الموصوف. لنا : إجماع أهل اللغة على أنّ الوصف والصفة واحد ، كالوعد والعدّة. والوصف قول اتّفاقا ، فكذا الصفة. ولو أفادت المعنى لزم فيمن قام أن يوصف بأنّه واصف له (م ، ق ، ٨٧ ، ١١)

ـ كل اسم أو صفة هو حقيقة في معنى يجوز إطلاقه على الله إن صحّ عليه ذلك المعنى. قلت : ما لم يوهم الخطأ. البلخيّ : لا ، إلّا بإذن سمعيّ. فأمّا المجاز فلا إلّا بإذن اتّفاقا. لنا : لا دليل على منع الحقيقة ، وإلّا لاحتاج في تركه إلى إذن (م ، ق ، ٨٧ ، ١٩)

صفة أزلية

ـ كل ما كان من أسمائه مشتقّا من معنى قائم به فذلك المعنى صفة له أزليّة ، كالحي والقادر والقدير والمقتدر والعالم والعلّام والسامع والسميع والبصير والمريد والمتكلّم والآمر والناهي والمخبر. لأنّ هذه الأسماء دالّة على حياته وقدرته وعلمه وإرادته وكلامه وسمعه وبصره وهذه صفات له أزليّة (ب ، أ ، ١٢٣ ، ١٣)

صفة الاقتضاء

ـ قال السمناني ... لأنّه لو وجب وجود ما وجد في الوقت الذي وجد فيه لأجل قول الله تعالى كن ، لوجب أن يوجد لأجل قول غيره له كن ، لأنّ صفة الاقتضاء لا تختلف في ذلك بين القديم والمحدث (ح ، ف ٤ ، ٢١٣ ، ٦)

صفة أهل الآخرة

ـ قد يجوز منه تعالى أن يجعل عاقلا ولا يكلّفه المعرفة ، بأن يضطرّه إلى العلم به ، فيما يختصّ ذاته وفعله ، وإلى شكره على نعمه ، ويلجئه إلى ألّا يفعل القبيح ، بأن يعلمه أنّه لو رامه لمنع منه ، وحيل بينه وبينه ، فلا يجوز فيمن هذا حاله ، أن يكلّف المعرفة والشكر ، لكونه مضطرّا إليهما ، ولا يجوز أن يكلّف الامتناع من القبيح ، لأنّه ملجأ إلى ألّا يفعله ، وهذه صفة أهل الآخرة ، التي لأجلها نقول : إنه سبحانه لا يكلّفهم ، فإذا جعل تعالى العقلاء من ابتداء الخلق كذلك ، لم يحسن أن يكلّفهم (ق ، غ ١٤ ، ١٢٦ ، ٨)

صفة الجنس

ـ الدليل على أنّ صفة الجنس لا تتعلّق بالفاعل ما قد ثبت أنّ كونه سوادا لو كان بالفاعل لصحّ من الفاعل أن يوجده ولا يجعله سوادا. ولو كان كذلك لصحّ من الفاعل أن يوجده ويجعله حلاوة بدلا من كونه سوادا ، ولصحّ أن يجعله سوادا حلاوة ، لأن كلتي الصفتين تتعلّقان بالفاعل ، وليس بينهما تناف ولا ما يجري مجرى التنافي. ولو كان كذلك لوجب في الحموضة إذا طرأت أن تنفيه من وجه ولا تنفيه من وجه ، فيؤدّي إلى أن تكون هذه الذات موجودة معدومة في حالة واحدة ـ وقد علمنا استحالة ذلك (ن ، د ، ٢٠١ ، ١٦)

ـ إنّ صفة الجنس غير صفة الوجود (أ ، ت ، ٧٧ ، ٢)

٧٠٣

صفة الذات

ـ قال (الكعبي) : ما احتمل إختلاف الحال والشّخص فهو صفة الفعل نحو القول : " يرزق فلانا" ، " ويرحم في حال ولا يرحم في حال" ، وكذلك الكلام ، ومثله في الأشخاص ، ومثله في القدرة والعلم والحياة لا يحتمل ، فهو صفة الذات. وقال : كل ما يقع عليه القدرة فهو صفة الفعل ، نحو الرحمة والكلام ، وما لا يقع عليه فهو صفة الذات ، نحو أن لا يقال أيقدر أن يعلم أو لا؟ ثم يسأل عن صفة الذات : أنّه لم لا يجب الوصف بضدّه؟ قال : لأنّه يرجع إلى ذاته ، وذاته غير مختلف ، وذلك يوجب الاختلاف. ثم قال : وإذا كان ذاته غير مختلف لم يجز الاختلاف ما بقيت نفسه ، كالشيء الذي يجب لعلّة يدوم بدوامها (م ، ح ، ٥٠ ، ٣)

ـ إنّ صفة الذات ترجع إلى الآحاد والأفراد دون الجمل (ق ، ش ، ٩٩ ، ٨)

ـ إنّ صفة الذات مع الذات تجري مجرى صفة العلّة مع العلّة ، فكما أنّ صفة العلّة تجب ما دامت العلّة ، فكذلك صفة الذات تجب ما دامت الذات (ق ، ش ، ١٠٨ ، ١٢)

ـ إنّ الضدّين يصحّ أن يكونا مرادين لمريدين بل لمريد واحد إذا اعتقد ارتفاع التضادّ بينهما ، لأنّ إرادة الشيء تابع لصحّة حدوثه ، وصحّة الحدوث ثابتة في كل واحد من الضدّين ، فصحّ أن يعلم الله تعالى ذلك من حال كل واحد منهما ، وإذا صحّ ذلك صحّ أن يريدهما ، وإذا صحّ وجب ، لأنّ صفة الذات إذا صحّت وجبت ، فيجب حصولها (ق ، ش ، ٤٤٣ ، ١٧)

ـ صفة الذات لا تدخلها طريقة الاختيار (ق ، ت ١ ، ٢٧٦ ، ١٣)

ـ صفة الذات إنّما يجب منها ما يصحّ دون ما يستحيل ، كما أنّ صفة العلّة إنّما يثبت منها ويجب ما يصحّ دون ما يتعذّر ويستحيل. فإذا صحّ أن نعلم كل معلوم وكانت الصفة للذات وجب أن نعلمه ، وإذا لم يصحّ في كل مقدور أن يقدر عليه لم يجب وصفه بذلك ، وليس يمكننا أن نقول : فإمّا أن يقدر عليه أحدنا لصحّة حدوثه ، وهذا لا يختصّ ، فتجب صحّة أن يقدر تعالى عليه. وإذا صحّ وجب. وذلك لأنّه إنّما صحّ حدوثه لكونه قادرا لا أنّه كان قادرا لصحّة حدوثه فقد عكسوا القضية ، ألا ترى أنّه لو لم يتصوّر وجود قادر من القادرين لما صحّ وصف شيء من الأشياء بصحّة حدوثه؟ وبهذا يفارق المعلوم لأنّه إنّما يصحّ أن يعلم لما هو عليه حتى لو لم يكن في الدنيا عالم لم يخرج عن الصفة التي يصحّ أن يعلم عليها (ق ، ت ١ ، ٣٨١ ، ٣)

ـ إنّ الذات إذا حصلت على صفة ولم يكن هناك مزيل لها ولم يمكن الإشارة إليه ، وجب حصولها عليها. وقد علمنا أنّ المزيل لشيء من الأشياء إنّما هو الضدّ أو ما يجري مجراه وهو فقد ما يحتاج في الوجود إليه. والضدّ إنّما يكون تأثيره في إزالة صفة الوجود ، فلا يتصوّر تأثيره في صفة الذات التي تثبت في حالة العدم ، وما يجري مجرى الضدّ لا يتأتى أيضا في صفة الذات ، فيجب أن يقال بدوامها أبدا (ن ، د ، ١٩٤ ، ٨)

ـ إنّ صفة الذات لو لم يصحّ عليها حكمها الذي هو المقتضى ولا ما الحكم مشروط به ، وهو الوجود ، فإنّها لا تثبت. فإنّا لا نريد بذلك طريقة التعليل ، وإنّما نريد بذلك طريقة الاستدلال والكشف : وهو أنّا نستدلّ بحكم

٧٠٤

الصفة على الصفة ، لأنّ الصفة إذا لم تكن مدركة ولا موجودة من النفس فإنّه يتوصّل إليها بحكمها (ن ، د ، ٢٨٧ ، ١٣)

ـ إنّ صفة الذات لو لم يصحّ عليها حكمها ، وهو المقتضى ، ولا ما الحكم مشروط به ، وهو الوجود ، لم نكن معلّلين لصفة الذات بذلك (ن ، د ، ٢٨٨ ، ٥)

ـ إذا علمنا أولا الحكم ، وهو يرجع إلى الجملة أو المحل ، قضينا في الصفة بمثل ذلك. إذ لو لم تكن الصفة كذلك لما وجب في الحكم ذلك ، وعلى هذا قلنا في المقتضى والمقتضي ، وإن كانا صفتين لما كان أحدهما حكما للآخر أنه يجب أن يرجع أحدهما إلى ما يرجع إليه الآخر ، حتى إذا كان المقتضى يرجع إلى الآحاد والأفراد وجب مثله في المقتضي ، كما نقول في التحيّز وكون الجوهر جوهرا. وإن كان المقتضي يرجع إلى الجملة وجب في المقتضى أن يكون كذلك ، كما نقول في كون الذات مدركا مع كونه حيّا. وليس كذلك الصفة التي صدرت عن العلّة ، فإنّها صفة ثانية ، والصفة يجوز أن تكون لا عن شيء كصفة الذات ؛ ويجوز أن تكون عن صفة ، كما نقول في المقتضي ، ويجوز أن تكون لعلّة ، ويجوز أن تكون لفاعل ، كالوجود ، فيعتبر في ذلك الدلالة. وقد ثبت بالدلالة على أنّ هذه الصفات التي نقول إنّها صفات صادرة عن العلل ، فالمؤثّر فيها أمر يرجع إلى غير الموصوف ، وهو العلل (ن ، د ، ٤٨٩ ، ١٣)

ـ إنّ صفة الذات لا ترجع إلى الجمل بل ترجع إلى الآحاد والأجزاء (أ ، ت ، ٤٣٨ ، ٥)

ـ حكى الكعبيّ عنه (بشر) أنّه قال : إرادة الله تعالى فعل من أفعاله ، وهي على وجهين : صفة ذات ، وصفة فعل. فأمّا صفة الذات فهي أنّ الله تعالى لم يزل مريدا لجميع أفعاله ، ولجميع الطاعات من عباده فإنّه حكيم ولا يجوز أن يعلم الحكيم صلاحا وخيرا ولا يريده (ش ، م ١ ، ٦٤ ، ١٥)

صفة ذات

ـ يوصف بأنّه مالك ، أي قادر ، فهو صفة ذات. البلخيّ : بل صفة فعل. لنا : مالك يوم الدين ، وهو معدوم. والربّ صفة ذات ، أي مالك (م ، ق ، ٨٩ ، ١٦)

صفة ذاتية

ـ إذا جرى في كلام الشيوخ أنّ صفاته جلّ وعزّ إمّا أن تكون من صفات الذات أو من صفات الفعل ، وأريد به أن في صفاته ما يتبع وجود فعل من جهته فهو صحيح بعد أن لا نرجع بقولنا إنّه مريد أو كاره إلى أنّه فعل الإرادة. والأولى أن يقال : إنّ صفاته إمّا أن تكون للذات أو لمعنى أو لا للذات أو لا لمعنى. فكونه قادرا وعالما وحيّا وقديما هو لنفسه عند" أبي علي" وغيره من شيوخنا. وعند" أبي هاشم" إنّ الصفة الذاتيّة هي للنفس ، وإنّ هذه الصفات هي لما هو عليه في نفسه. وكونه مدركا عند الشيخ" أبي علي" والشيخ" أبي عبد الله" للنفس وعند" أبي هاشم" لما هو عليه في نفسه من كونه حيّا عند وجود المدرك وهو الأولى. وأمّا كونه مريدا وكارها وما يتبع من الأسماء والأوصاف من نحو كونه ساخطا راضيا فهو لمعنى ، كما أنّ كونه عزيزا وعظيما ومقتدرا وجبّارا وغيرها راجع إلى كونه قادرا (ق ، ت ١ ، ١٠٠ ، ١٩)

ـ إنّ كل ذات لا بدّ أن تختص بصفة ذاتيّة يقع بها

٧٠٥

التمييز بينه وبين غيره. وكانت تلك المسألة لا تتمّ إلّا بأن نبيّن أن صفات الأجناس لا تكون بالفاعل (ن ، د ، ٢٢٣ ، ٣)

ـ اعلم أنّ على التحقيق في الصفة الذاتيّة للقديم تعالى إنّما هي صفة واحدة ، وبها تقع المخالفة والموافقة إن كان له موافق ، وهكذا كل ذات صفتها الذاتية إنّما هي صفة واحدة ، وما عداها فمقتضى أو موجب عن معنى ؛ أمّا كونه موجودا حيّا عالما قادرا فإنّما هو مقتضى عن تلك الصفة ، وأما كونه مدركا فمقتضى عن كونه حيّا وأما كونه مريدا وكارها فموجبان عن معنيين ، وهما إرادة وكراهة (ن ، د ، ٤٥٩ ، ١٥)

ـ اختلف في مسألتين ، الأولى : مالك وربّ. المهدي ، عليه‌السلام ، وغيره : وهما صفة ذاتيّة إذ هما بمعنى قادر. البلخيّ : بل هما صفة فعل لأنّ الملك لا يكون إلّا بعد وجود المملوك ، والربّ من التربية ، ولا يكون إلّا بعد وجود المربّى. لنا : والحق أنّهما صفتا ذات بمعنى قادر ، إذ لا يدلّان على معنى قادر مطابقة بل التزاما كعالم ، ولا قائل إنّ عالما بمعنى قادر ، وليستا بصفتي فعل لثبوتهما لغة لمن يفعل ما وضعها لأجله حيث يقال فلان ربّ هذه الدار وإن لم يصنعها أو يزد فيها أو ينقص. وفلان مالك ما خلّف أبوه وإن لم يحدث فعلا ، فهما صفتا ذات له تعالى باعتبار كون المملوك له فقط ، وهما حقيقتان قبل وجود المملوك ، لا مجاز ، لما سيأتي إن شاء الله تعالى. والثانية : حليم وغفور. أبو علي : وهما من صفات الفعل أي فاعل للعصاة ضدّ الانتقام من أسبال النعم والتمهيل وقبول توبة التائب. أبو هاشم : بل صفة نفي ، أي تارك الانتقام. قلت : وهو الحق لأنّه بمعناه لغة (ق ، س ، ٩٨ ، ١٧)

صفة زائدة على الحدوث

ـ إنّ كل صفة زائدة على الحدوث يحصل عليها الفعل بالفاعل فعلا منه ، إنّه يجوز منه أن يفعله عليها وأن لا يفعله على البدل ، أو أن يجعله على خلافها ، نحو كون الفعل محكما ، أنّه يصحّ أن يجعله عليه وعلى خلافه ، ويجوز كونه أمرا وجبرا. وذلك يستحيل فيما سألت عنه من الأوصاف ، لوجوب كون الفعل عليها عند حدوثه على كل حال ، فيجب إبطال القول بأنّه صار عليها بالفاعل ، ومتى قيل فيه ذلك ، لم يكن له معنى. ولهذه الجملة قلنا : إنّ الجهل لا يكون قبيحا بالفاعل ، لوجوب كونه كذلك عند حدوثه ، وكذلك إرادة الجهل. وفصلنا بينه وبين الكذب ، لمّا كان بعينه يجوز أن يقع صدقا ، بأن يصرفه بقصده إلى مخبر هو على ما تناوله. وكذلك العلم ، جوّزنا أن يكون فيه ما يكون بالفاعل ، لما كان قد يجوز أن يوجد ولا يكون علما ، بل يكون تبخيتا. ولهذا قلنا : إنّ السواد وسائر الأجناس لا تكون على ما هي عليه في الجنس بالفاعل (ق ، غ ٨ ، ٦٦ ، ١٠)

صفة الشيء

ـ قال أكثر أصحابنا أنّ صفة الشيء ما قامت به كالسواد صفة للأسود لقيامه به ، ووصف الشيء خبر عنه ، وقول القائل زيد عالم صفة للقائل لقيامه به ، ووصف لزيد لأنّه خبر عنه. والعلوم والقدر والألوان والأكوان وكل عرض سوى الخبر عن الشيء صفات وليست بأوصاف (ب ، أ ، ١٢٨ ، ١٦)

صفة العلة

ـ صفة الذات إنّما يجب منها ما يصحّ دون ما يستحيل ، كما أنّ صفة العلّة إنّما يثبت منها

٧٠٦

ويجب ما يصحّ دون ما يتعذّر ويستحيل. فإذا صحّ أن نعلم كل معلوم وكانت الصفة للذات وجب أن نعلمه ، وإذا لم يصحّ في كل مقدور أن يقدر عليه لم يجب وصفه بذلك ، وليس يمكننا أن نقول : فإمّا أن يقدر عليه أحدنا لصحّة حدوثه ، وهذا لا يختصّ ، فتجب صحّة أن يقدر تعالى عليه. وإذا صحّ وجب. وذلك لأنّه إنّما صحّ حدوثه لكونه قادرا لا أنّه كان قادرا لصحّة حدوثه فقد عكسوا القضية ، ألا ترى أنّه لو لم يتصوّر وجود قادر من القادرين لما صحّ وصف شيء من الأشياء بصحّة حدوثه؟ وبهذا يفارق المعلوم لأنّه إنّما يصحّ أن يعلم لما هو عليه حتى لو لم يكن في الدنيا عالم لم يخرج عن الصفة التي يصحّ أن يعلم عليها (ق ، ت ١ ، ٣٨١ ، ٤)

ـ إذا علمنا أولا الحكم ، وهو يرجع إلى الجملة أو المحل ، قضينا في الصفة بمثل ذلك. إذ لو لم تكن الصفة كذلك لما وجب في الحكم ذلك ، وعلى هذا قلنا في المقتضى والمقتضي ، وإن كانا صفتين لما كان أحدهما حكما للآخر أنه يجب أن يرجع أحدهما إلى ما يرجع إليه الآخر ، حتى إذا كان المقتضى يرجع إلى الآحاد والأفراد وجب مثله في المقتضي ، كما نقول في التحيّز وكون الجوهر جوهرا. وإن كان المقتضي يرجع إلى الجملة وجب في المقتضى أن يكون كذلك ، كما نقول في كون الذات مدركا مع كونه حيّا. وليس كذلك الصفة التي صدرت عن العلّة ، فإنّها صفة ثانية ، والصفة يجوز أن تكون لا عن شيء كصفة الذات ؛ ويجوز أن تكون عن صفة ، كما نقول في المقتضي ، ويجوز أن تكون لعلّة ، ويجوز أن تكون لفاعل ، كالوجود ، فيعتبر في ذلك الدلالة. وقد ثبت بالدلالة على أنّ هذه الصفات التي نقول إنّها صفات صادرة عن العلل ، فالمؤثّر فيها أمر يرجع إلى غير الموصوف ، وهو العلل (ن ، د ، ٤٨٩ ، ١٢)

صفة فعل

ـ قال (الكعبي) : ما احتمل إختلاف الحال والشّخص فهو صفة الفعل نحو القول : " يرزق فلانا" ، " ويرحم في حال ولا يرحم في حال" ، وكذلك الكلام ، ومثله في الأشخاص ، ومثله في القدرة والعلم والحياة لا يحتمل ، فهو صفة الذات. وقال : كل ما يقع عليه القدرة فهو صفة الفعل ، نحو الرحمة والكلام ، وما لا يقع عليه فهو صفة الذات ، نحو أن لا يقال أيقدر أن يعلم أو لا؟ ثم يسأل عن صفة الذات : أنّه لم لا يجب الوصف بضدّه؟ قال : لأنّه يرجع إلى ذاته ، وذاته غير مختلف ، وذلك يوجب الاختلاف. ثم قال : وإذا كان ذاته غير مختلف لم يجز الاختلاف ما بقيت نفسه ، كالشيء الذي يجب لعلّة يدوم بدوامها (م ، ح ، ٥٠ ، ١)

ـ حكى الكعبيّ عنه (بشر) أنّه قال : إرادة الله تعالى فعل من أفعاله ، وهي على وجهين : صفة ذات ، وصفة فعل .... وأمّا صفة الفعل فإن أراد بها فعل نفسه في حال إحداثه فهي خلقه له ، وهي قبل الخلق لأنّ ما به يكون الشيء لا يجوز أن يكون معه. وإن أراد بها فعل عباده فهي الأمر به (ش ، م ١ ، ٦٤ ، ١٧)

ـ يوصف بأنّه مالك ، أي قادر ، فهو صفة ذات. البلخيّ : بل صفة فعل. لنا : مالك يوم الدين ، وهو معدوم. والرب صفة ذات ، أي مالك (م ، ق ، ٨٩ ، ١٧)

٧٠٧

ـ اختلف في مسألتين ، الأولى : مالك وربّ. المهدي ، عليه‌السلام ، وغيره : وهما صفة ذاتيّة إذ هما بمعنى قادر. البلخيّ : بل هما صفة فعل لأنّ الملك لا يكون إلّا بعد وجود المملوك ، والربّ من التربية ، ولا يكون إلّا بعد وجود المربّى. لنا : والحق أنّهما صفتا ذات بمعنى قادر ، إذ لا يدلّان على معنى قادر مطابقة بل التزاما كعالم ، ولا قائل إنّ عالما بمعنى قادر ، وليستا بصفتي فعل لثبوتهما لغة لمن يفعل ما وضعها لأجله حيث يقال فلان ربّ هذه الدار وإن لم يصنعها أو يزد فيها أو ينقص. وفلان مالك ما خلّف أبوه وإن لم يحدث فعلا ، فهما صفتا ذات له تعالى باعتبار كون المملوك له فقط ، وهما حقيقتان قبل وجود المملوك ، لا مجاز ، لما سيأتي إن شاء الله تعالى. والثانية : حليم وغفور. أبو علي : وهما من صفات الفعل أي فاعل للعصاة ضدّ الانتقام من أسبال النعم والتمهيل وقبول توبة التائب. أبو هاشم : بل صفة نفي ، أي تارك الانتقام. قلت : وهو الحق لأنّه بمعناه لغة (ق ، س ، ٩٩ ، ١)

صفة قديمة

ـ قالت المعتزلة الصفة القديمة إذا تعلّقت بمتعلّقاتها وجب عموم تعلّقها ، إذ لا اختصاص للقديم بشيء ، فلو كانت الإرادة قديمة لتعلّقت بكل مراد من أفعال نفسه ومن أفعال العباد ، ومن أفعال العباد أن يريد زيد حركة ويريد عمرو سكونا ، فوجب أن يكون القديم مريدا لإرادتيهما ومراديهما ، وما هو مراد يجب وقوعه ، فيؤدّي إلى اجتماع الضدّين في حالة واحدة (ش ، ن ، ٢٤٩ ، ١)

ـ قالت الأشعريّة الصفة القديمة يجب تعلّقها بكل متعلّق على الإطلاق ، أم يجب عموم تعلّقها بما يصحّ أن يكون متعلّقا بها ، فإن كان الأوّل فهو غير مستمرّ في الصفات ، فإنّ العلم يتعلّق بالواجب والجائز والمستحيل ، والقدرة لا تتعلّق إلّا بالممكن من الأقسام ، والإرادة لا تتعلّق إلّا بالمتجدّد من الممكنات ، والعلم أعمّ تعلّقا ، والقدرة أخصّ من العلم ، والإرادة أخصّ من القدرة ... بل الإرادة هي المخصّصة بالوجود المتعلّقة بحال متجدّد (ش ، ن ، ٢٤٩ ، ٧)

صفة للنفس

ـ أنّا إذا قلنا بأنّ صفات الأجناس تكون للذات أمكننا أن نقول إنّ الذات الواحدة يستحيل حصولها على صفتين مختلفتين للنفس ، لأنّ الصفة التي يقع بها الخلاف والوفاق إذا كانت للنفس فلا يجوز حصول الذات على كونه سوادا وحلاوة ، لأنّ ذلك يؤدّي إلى كون الذات الواحدة على صفتين مختلفتين للنفس وأن يكون الشيء مخالفا لنفسه ، وليس لحصول الذات على صفة للنفس مدخل للاختيار أصلا. فيجب أن تحصل كل ذات على ما يصحّ دون ما يستحيل (ن ، د ، ٢٠٩ ، ١١)

صفة لنفس الشيء

ـ قد يوصف الشيء بصفة لنفسه كقولنا سواد وبياض وقد يوصف لعلّة كقولنا متحرّك ساكن وقد يوصف لا لنفسه ولا لعلّة كقولنا محدث (ش ، ق ، ٣٥٧ ، ١٢)

صفة مقصورة على الذات

ـ إنّ الصفة المقصورة على الذات تحلّ محلّ الصفة المقصورة على العلّة. فإذا أثبت أنّ

٧٠٨

الصفة ما دامت العلّة ثابتة لكونها مقصورة عليها ، فكذلك صفة الذات. وإذا صحّ أنّ الجوهر يستحقّ هذه الصفة في حالتي العدم والوجود ، وصحّ أن تحيّزه لا يثبت إلّا عند الوجود ، بطل قول من زعم أنّ كونه جوهرا ومتحيّزا صفة واحدة ، على ما دلّ عليه كلام الشيخ أبي عبد الله. ويبطل قول الشيخ أبي إسحاق إذا لم يثبت إلّا كونه متحيّزا ، لأنّ الإدراك يتناوله (أ ، ت ، ٧٣ ، ٧)

صفة المكلّف

ـ إنّه تعالى إذا علم أنّه سيكلّفه من بعد فإنّه يخلقه لينفعه تفضّلا وعلى جهة التكليف ، وإن كان متى جعله بصفة المكلّف فلا بدّ من أن يريد منه فعل ما يصل به إلى الثواب ، وتكون هذه الإرادة الثانية منه بنفسها تكليفا ؛ لأنّها تقوم مقام الأمر والإلزام ، مع تقدّم كون المكلّف عاقلا ممكّنا ، والإرادة الأوّلة هي إرادة لأن ينفعه بالتكليف ، وإذا كانت إحداهما غير الأخرى لم يمتنع حصول إحداهما عند الاختراع والثانية عند جعل المكلّف بالصفات المخصوصة التي معها يحسن تكليفه (ق ، غ ١١ ، ١٣٥ ، ١٩)

ـ اعلم أنّه ـ تعالى ـ لمّا اختصّ بكونه قادرا على خلق الإنسان وخلق ما يصير به حيّا قادرا متمكّنا من فعل ما كلّف ، واختصّ مع ذلك بأنه قادر على أن يجازيه على فعل ما كلّف بما يستحقّه ، حسن منه لأجل ذلك أن يكلّفه. وهذه الصفة يختصّ بها القديم ـ تعالى ـ دون غيره ؛ لأنّ غيره لا يصحّ منه التمكين ولا التعريف ولا المجازاة على الحدّ الذي يستحقّ بالتكليف. فلذلك صار ـ سبحانه ـ مختصّا بأنّ له أن يكلّف دون غيره. ولو صحّ في غيره أن يختصّ بهذه الأوصاف لحسن منه أن يكلّف (ق ، غ ١١ ، ٤١٥ ، ١٧)

ـ اعلم أنّ صفة المكلّف التي معها يمكن الاستدلال على الأحكام ، هي كونه عالما بقبح القبيح ، وبوجوب الواجب ، وبأنّه عالم غني عن فعل القبيح وعن الإخلال بالواجب. فمتى علم المستدلّ ذلك ، علم أنّه لا يجوز أن لا يعرّفنا البارئ عزوجل مصالحنا ومفاسدنا. لأنّ تعريف الألطاف واجب ، والحكيم لا يخلّ بواجب. ويعلم أيضا أنّه لا يجوز أن يدلّنا ويخاطبنا بما يفيد في المواضعة شيئا ما ، إلّا وهو عالم بأنّ ما يفيده الخطاب على ما يفيده إمّا أن يفيده بمجرّده أو بقرينة. لأنّه لو لم يعلم ذلك ، لكان قد لبّس علينا ودلّنا على خلاف الحق. وذلك قبيح (ب ، م ، ٩٠٨ ، ٩)

صفة النفس

ـ إن قيل : لم قلتم إنّ القديم لا يجوز عليه العدم والبطلان؟ قيل له : لأنّ القديم قديم لنفسه ، والموصوف بصفة النفس يستحيل خروجه عنها في حال من الأحوال (ن ، د ، ١٩١ ، ٢)

ـ الذي يدلّ على أنّ الموصوف بصفة النفس لا يجوز خروجه عنها فهو أنّ الذات وإن صحّ خروجها عن كل صفة تحصل عليها فإنّها لا تخرج من أنّه يصحّ العلم بها ، ولا يصحّ العلم بها إلّا على صفة تتميّز بها عن غيرها ، لأنّه لو لم يتعلّق العلم بها على صفة تتميّز بها عن غيرها لم يكن العلم المتعلّق بها علم تفصيل بل كان ذلك علم جملة. ثم لا علم يتعلّق بالذات على سبيل الجملة إلّا وله تفصيل. يبيّن ذلك أنّ العلم إنّما يتعلّق بالشيء على سبيل الجملة إذا

٧٠٩

كان هناك اشتباه ، وما من اشتباه إلا ويجوز زواله فيحصل العلم به مفصّلا. وبعد فإنّه لو لم يكن لعلمنا بأنّ أبا زيد في القافلة على سبيل الجملة تفصيل لما صحّ أن يحصل لها هذا العلم على سبيل الجملة. فثبت بهذه الجملة أن كل ذات لا تخرج من أن يصحّ العلم بها على سبيل التفصيل ، ولا يصحّ العلم بها على سبيل التفصيل إلّا على صفة يتميّز بها عن غيره وثبت له في حالتي العدم والوجود. ولا يجوز أن يتميّز عن غيره ، لأجل صفة منتظرة كالوجود ونحوه. فثبت بهذه الوجوه أنّ كل ذات لا يجوز خروجها عن صفة النفس (ن ، د ، ١٩١ ، ٩)

صفة نفسية

ـ الأصل فيما يستحقّ تعالى من الصفة النفسيّة أنّها إنّما تجب إذا صحّت ، لأنّ القول بوجوب ما يستحيل يتناقض ، فلذلك تضمن وجوبها القول بصحّتها. فكل ما ثبت أنّه يصحّ عليه ، وجب أن يستحقّه ، وكل ما ثبت استحالته عليه ، لم يكن له في هذا الباب مدخل. فلذلك قلنا : إنّ كونه تعالى غير موصوف بالقدرة على مقدور غيره ، لا يناقض وصفنا له بأنّه قادر لنفسه في المعنى. ووصفنا له بأنّه غير مريد لبعض المرادات ، ينقض وصفنا له بأنّه مريد لنفسه في المعنى ، من حيث صحّ كونه مريدا لجميعه. فوجب كونه تعالى مريدا له ، كما نقوله في المعلوم (ق ، غ ٦ / ٢ ، ١٢٢ ، ١٦)

صفة الوجود

ـ من حق العلّة أن تكون الصفة الصادرة عنها مقصورة عليها ، وتعلّق الصفة بالفاعل ، مع أنّها موجبة عن العلّة ، يخرجها من أن تكون مقصورة عليها ـ وقد علمنا أنّ صفة الوجود تتعلّق بالفاعل تعلّق احتياج ، من حيث أنها شاركت تصرفنا في باب الحدوث ، وتصرفنا إنّما يحتاج إلينا في باب الحدوث ، فكذلك حدوث الجوهر ، وحيث يكون تعلّقه بالقديم تعلّق احتياج فذلك يمنع من كونه موجبا عن علّة ، كما أنّ كونه موجبا عن علّة يمنع من تعلقه بالقادر ، لأنّ الجمع بين هذه يؤدّي إلى أن تكون الصفة حاصلة غير حاصلة (ن ، د ، ٥٣ ، ١٤)

ـ صفة الوجود إلى ما ذا تشيرون بها؟ فإنّا نقول له : نشير به إلى ما تعقله من وجود نفسك ووجود غيرك مما تشاهده من الأجسام ، وليس من حيث أنّه تتعذّر العبارة عنه ما يمنع من كونها معقولة ، هذا كما أنّا نعلم كوننا مدركين ونعقل هذه الصفة من أنفسنا وإن تعذّر علينا العبارة عنها سوى أن نحيل السائل إلى نفسه ، فإنّها لا تخرج من أن تكون معقولة فكذلك هاهنا (ن ، د ، ٢٩٤ ، ٩)

ـ إنّ المعلومات تنقسم إلى وجود ، وصفة وجود لا تتّصف بالوجود والعدم (ج ، ش ، ٩٣ ، ١٥)

صفة وجودية

ـ نعني بالصفة الوجودية أن يخصّص الوجود مثلا بأنّه جوهر أو عرض ، والعرض بأنّه كون أو لون ، فهذه الاعتبارات مما تؤثّر (ش ، ن ، ٣٦٥ ، ٩)

صلاة

ـ قلنا : الصلاة ، لغة ، الدعاء ، وقد صارت للعبادة المخصوصة. قالوا : إنّما صارت كذلك بعرف أهل الشرع لا بنقل الشارع لأنّه إنّما

٧١٠

أطلق ذلك عليها مجازا فقط ، فهي حينئذ عرفيّة خاصة لا شرعيّة. قلنا : أطلقه عليها وخصّها به ولم يعهد لها اسم قبله خاص ، وذلك حقيقة وضع الحقائق لا التجوّز وإلّا لكان كلما وضع من الأسماء لمعنى عند ابتداء الوضع مجازا ولا قائل به ، ومن جزئيّاتها الدينيّة وهي ما نقله الشارع إلى أصول الدين نحو" مؤمن" (ق ، س ، ٨٩ ، ١٨)

صلاح

ـ لم يفعل الله عزوجل عند إبراهيم فعلا إلّا وهو قادر على تركه وفعل غيره بدلا منه إلّا أنّ ذلك الفعل وتركه صلاح لخلقه ونفع لهم (خ ، ن ، ٢٦ ، ٣)

ـ إنّ قاسما كان يزعم أنّ الفساد في الحقيقة هي المعاصي ، فأمّا ما يفعله الله من القحط والجدب وهلاك الزرع ، فإنّما ذلك فساد وشر على المجاز لا في التحقيق بل هو في الحقيقة صلاح وخير ، إذ كان الله جلّ ذكره إنّما يفعله بخلقه نظرا لهم ليصبروا على ما نالهم من ذلك فيستحقون الخلود في الجنّة ، وليذكرهم بما ينالهم من شدة ذلك شدائد القيامة وأليم عذابها فيزدجروا عن المعاصي فيسلموا من عذاب ذلك اليوم ، وليس يكون ما نجّى من العذاب بالنار وأورث الخلود في الجنان فسادا ولا شرا ، بل هو نفع وخير وصلاح في الحقيقة (خ ، ن ، ٦٥ ، ١٥)

ـ قال" أبو الهذيل" : لما يقدر الله من الصلاح والخير كلّ وجميع ، وكذلك سائر مقدوراته لها كلّ ، ولا صلاح أصلح مما فعل (ش ، ق ، ٢٤٩ ، ١٤)

ـ لا غاية لما يقدر الله عليه من الصلاح ولا كلّ لذلك ، وقالوا أنّ الله يقدر على صلاح لم يفعله إلّا أنّه مثل ما فعله (ش ، ق ، ٢٥٠ ، ١)

ـ إنّ الصلاح والأصلح والمصلحة إنّما يرجع فيها إلى النفع والأنفع والمنفعة ، وإلى اللذّة والألذّ وإلى ما يؤدّي إلى ذلك. وكذلك يضاف الصلاح والأصلح المصلحة بلفظها إلى ما يجوز أن ينتفع به دون ما لا يجوز أن ينتفع به ، كامتناع إضافة ذلك إلى الله تعالى وإلى الأعراض وإلى الجماد لمّا لم يصحّ الانتفاع والنفع فيها (أ ، م ، ١٢٦ ، ١٩)

ـ اعلم أنّ وصفه (اللطف) بأنّه صلاح بعيد أن يقع ؛ لأنّ الصلاح هو النفع ، و (هو) إمّا أن يكون لذّة وسرورا أو يؤدّي إلى ذلك ، لأنّ الضرر المؤدّي إلى ما ذكرناه لا يعدّ إلّا نفعا. فلمّا كان اللطف ينفع من جهة الدّين ، من حيث يختار عنده ما يستحقّ به الثواب ، قيل فيه : إنّه صلاح. وعلى هذا الوجه يوصف بأنّه مصلحة (ق ، غ ١٣ ، ٢٠ ، ٤)

ـ قد يقيّد (اللطف) فيقال : هو صلاح في الدين ومصلحة فيه ، ويراد به أنّ الوجه الذي عليه يقع هو في الدين لا في الدنيا ؛ ليتبيّن اختصاصه بذلك. ولهذه الجملة لا يقال ذلك فيمن ليس بمكلّف ، ولا في المكلّف فيما يعود النفع عليه في الدنيا (ق ، غ ١٣ ، ٢٠ ، ٩)

ـ إنّه قد ثبت أنه تعالى بعث الرسل لتعريف المصالح التي لا تعرف إلّا من قبلهم. فبعثتهم مصلحة ، من حيث لا تصحّ مصالح الأمة إلا بهم. وقد ثبت ، فيما هو صلاح ، أنه تعالى يجب أن يفعله على أقوى الوجوه في كونه صلاحا ، لمثل ما لو ثبت أنه لا بدّ في التكليف ، من أن يفعل اللطف والمصلحة. لأن العلّة في ذلك أنه أقرب إلى أداء ما كلّف. فإذا

٧١١

كان الصلاح يقع على وجهين : على أحدهما يكون أقرب إلى القبول ، وعلى الآخر لا يكون أقرب ، فلا بدّ من أن يفعل ما هو الأقرب إلى القبول. وإذا صحّ ذلك ، وكان المتعالم ، فيمن تجوز عليه الكبائر ، أنّ النفوس لا تسكن إلى القبول منه سكونها إلى من كان منزّها عن ذلك ، فيجب ألّا يجوز في الأنبياء ، عليهم‌السلام ، إلّا ما نقوله ، من أنّهم منزّهون عمّا يوجب العقاب ، والاستخفاف ، والخروج من ولاية الله تعالى إلى عداوته (ق ، غ ١٥ ، ٣٠٢ ، ٨)

ـ الذي ينتحله البصريون أنّ الله تعالى متفضّل بإكمال العقل ابتداء ، ولا يتحتّم عليه إثبات أسباب التكليف ، فإذا كلّف عبدا فيجب بعد تكليفه تمكينه وإقداره ، واللطف به بأقصى الصلاح ؛ فهذا معنى قول الأئمة في نقل مذهبهم (ج ، ش ، ٢٤٨ ، ١٠)

ـ كل ما عريّ عن الفساد يسمّى صلاحا ، وهو الفعل المتوجّه إلى الخير من قوام العالم وبقاء النوع عاجلا ، والمؤدّي إلى السعادة السرمديّة آجلا ، والأصلح هو إذا صلاحان وخيران ، فكان أحدهما أقرب إلى الخير المطلق فهو الأصلح (ش ، ن ، ٤٠٦ ، ٢)

صلاح الخلق

ـ إنّ صلاح الخلق ونفعهم معلّق بأوقات تكون فيها وكما ............ (الله) عزوجل فعلم أنّ إرسال الرسل (وإر) سال كل نبيّ في الوقت الذي أرسله فيه صلاح للخلق فأرسله في (ذاك) الوقت الذي علمه دون غيره من الأوقات. وكذلك ما أمر به من الشرائع وإنّما علم أنّ الأمر به صلاح في وقت كذا دون وقت كذا. ألا ترى أنّه أمر موسى عليه‌السلام بشرائع ثم نسخها على لسان عيسى وأمر بغيرها ثم نسخ أيضا شريعة عيسى عليه‌السلام على لسان محمد صلى الله عليه (وعليهم) أجمعين وأمر بغيرها ، ففعل من ذلك في كل وقت وزمان ما يعلم أنّه صلاح لخلقه ونفع لعباده سبحانه وتعالى (خ ، ن ، ٢٦ ، ٢٤)

صلاح في الدين

ـ وبعد ، فإنّا نصف الله تعالى بأنّه أصلح في الدين من لم يختر الصلاح على بعض الوجوه ، لأنّ الصلاح في الدين من الله تعالى لا يوجب أن يكون العبد صالحا (إلّا) إذا أقبل واختار ، كما أنّ النفع في الدين لا يوجب انتفاعه إلّا على هذا الحدّ ، فلا يمتنع أن يفعل الصلاح في الدين وإن كان العبد يصلح عند اختياره لكنّه إذا قبل العبد يوصف بأنّه أصلحه ، وإذا لم يقبل يقال : استصلحه ؛ لأنّ إطلاق القول بأنّه أصلحه يوهم أنّه قد صلح. فأمّا إذا قيل بما يزيل الإيهام ، فذلك سائغ. وهذا بيّن فيما تأولنا عليه (ق ، م ٢ ، ٥٠٤ ، ٦)

صلاح وأصلح

ـ قالت المعتزلة نحن على طريقين في وجوب رعاية الصلاح والأصلح ، فشيوخنا من بغداد حكموا بأنّ الواجب في الحكمة لخلق العالم وخلق من يكون قابلا للتكليف ، ثم استصلاح حاله بأقصى ما يقدر من إكمال العقل والإقدار على النظر والفعل ، وإظهار الآيات وإزاحة العلل ، وكل ما ينال العبد في الحال والمال من البأساء والضراء والفقر والغنى والمرض والصحّة والحياة والموت والثواب والعقاب ، فهو صلاح له حتى تخليد أهل النّار في النّار

٧١٢

صلاح لهم وأصلح ، فإنّهم لو أخرجوا منها لعادوا لما نهوا عنه وصاروا إلى شرّ من الأول. وشيوخنا من البصرة صاروا إلى أنّ ابتداء الخلق تفضّل وأنعام من الله تعالى من غير إيجاب عليه ، لكنّه إذا خلق العقلاء وكلّفهم وجب عليه إزاحة عللهم من كل وجه ورعاية الصلاح والأصلح في حقّهم بأتمّ وجه وأبلغ غاية (ش ، ن ، ٤٠٤ ، ١٩)

ـ مقدورات الله ـ تعالى ـ في الأصلح غير متناهية ، ورعاية ما لا سبيل إلى الوقوف فيه على حد وضابط ممتنع. ثم ولو وجب في حقّه رعاية الصلاح والإصلاح للزم أن تكون الهبات والنوافل بالنسبة إلى أفعالنا واجبة لما فيها من صلاحنا ؛ إذ الربّ ـ تعالى ـ لا يندب إلى ما لا صلاح لنا فيه ، ولا معنى للفرق في ذلك بين الغائب والشاهد أصلا. كيف وأنّ أصل الخصم فيما يرجع إلى وجوب رعاية الصلاح والأصلح في حق الباري ـ تعالى ـ ليس إلّا بالنظر إلى الشاهد ، وهو ممتنع لما حقّقناه في غير موضع (م ، غ ، ٢٢٨ ، ١٥)

صلاحية

ـ إنّ الفعل كان مقدورا للباري سبحانه وتعالى قبل تعلّق القدرة الحادثة ، أي هي على حقيقة الإمكان صلاحية ، والقدرة على حقيقة الإيجاد صلاحية ، ونفس تعلّق القدرة الحادثة لم تخرج الصلاحيتين عن حقيقتهما ، فيجب أن تبقى على ما كانت عليه من قبل ، ثم يضاف إلى كل واحد من المتعلّقين ما هو لائق (ش ، ن ، ٨٢ ، ٦)

صلب

ـ زعمت النسطوريّة أنّ الصلب وقع على المسيح من جهة ناسوته لا من جهة لاهوته (ق ، غ ٥ ، ٨٤ ، ٧)

ـ زعم أكثر الملكانيّة أنّ الصلب وقع على المسيح بكماله ، والمسيح هو اللاهوت والناسوت (ق ، غ ٥ ، ٨٤ ، ٨)

ـ زعم أكثر اليعقوبية أنّ الصلب والقتل وقعا في الجوهر الواحد الكائن من الجوهرين اللذين هما الإله والإنسان ، وهو المسيح على الحقيقة ، وهو الإله ، وبه حلّت الآلام حتى زعمت الملكانيّة واليعقوبيّة أن الذي ولدته مريم هو الإله في الحقيقة (ق ، غ ٥ ، ٨٤ ، ٩)

صمد

ـ إنّ الصمد : هو السيد في اللغة ، وقد روى عن ابن عباس : أنّه استشهد بقول الشاعر : بعمرو بن مسعود وبالسيّد الصمد وروي عن الحسن رحمه‌الله ، أنّ معناه أنّه يقصد إليه في الحوائج ، فمن حيث صمد بذلك إليه استحقّ أن يسمّى صمدا (ق ، م ٢ ، ٧٠٦ ، ٤)

ـ (الصمد) فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده وهو السيّد المصمود إليه في الحوائج. والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنّه خالق السموات والأرض وخالقكم ، وهو واحد متوحّد بالإلهيّة لا يشارك فيها ، وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق لا يستغنون عنه وهو الغنيّ عنهم (ز ، ك ٤ ، ٢٩٨ ، ١٧)

ـ إنّ الصمد فعل بمعنى مفعول من صمد إليه ، أي قصد ، والمعنى أنّه المصمود إليه في الحوائج ... والذي يدلّ على صحّة هذا الوجه ما روى ابن عباس رضي الله عنه أنّه لمّا نزلت هذه الآية قالوا ما الصمد. فقال عليه‌السلام السيّد الذي يصمد إليه في الحوائج. قال أبو الليث صمدت

٧١٣

صمد هذا الأمر أي قصدت قصده (ف ، س ، ١١٧ ، ٦)

ـ إنّ الصمد في أصل اللغة المصمت الذي لا يدخل فيه شيء غيره ، إلّا أنّا نقول قد دللنا على أنّه لا يمكن ثبوت هذا المعنى في حق الله تعالى ، فوجب حمل هذا اللفظ على مجازه ، وذلك لأنّ الجسم الذي يكون هذا شأنه يكون مبرّأ عن الانفصال والتباين والتأثّر عن الغير ، وهو سبحانه وتعالى واجب الوجود لذاته ، وذلك يقتضي أن يكون تعالى غير قابل للزيادة والنقصان ، وكان المراد من الصمد في حقّه تعالى هذا المعنى (ف ، س ، ١١٨ ، ٢)

صنائع

ـ لا يجوز أن تحدث الصنائع إلّا من قادر حيّ ، لأنّه لو جاز حدوثها ممّن ليس بقادر ولا حيّ لم ندر لعلّ سائر ما يظهر من الناس يظهر منهم وهم عجزة موتى ، فلمّا استحال ذلك دلّت الصنائع على أنّ الله تعالى حيّ قادر (ش ، ل ، ١٠ ، ٢٠)

صنائع حكمية

ـ لمّا رأينا الإنسان على ما فيه من اتّساق الحكمة كالحياة التي ركّبها الله فيه والسمع والبصر ومجاري الطعام والشراب وانقسامه فيه وما هو عليه من كماله وتمامه والفلك وما فيه من شمسه وقمره وكواكبه ومجاريها ، دلّ ذلك على أنّ الذي صنع ما ذكرناه لم يكن يصنعه إلّا وهو عالم بكيفيّته وكنهه. ولو جاز أن تحدث الصنائع الحكمية لا من عالم لم ندر لعلّ جميع ما يحدث من حكم الحيوان وتدابيرهم وصنائعهم يحدث منهم وهم غير عالمين ، فلمّا استحال ذلك دلّ على أنّ الصنائع المحكمة لا تحدث إلّا من عالم (ش ، ل ، ١٠ ، ١٧)

صنع

ـ كذلك نقول إنّ الإنسان يصنع ، لأنّ النص قد جاء بذلك ، ولو لا النصّ ما أطلقنا شيئا من هذا (ح ، ف ٣ ، ٢٥ ، ٢)

صنع الله

ـ ثم قال : (صُنْعَ اللهِ) (النمل : ٨٨) يريد به الإنابة والمعاقبة ، وجعل هذا الصنع من جملة الأشياء التي أتقنها وأتى بها على الحكمة والصواب حيث قال (صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ) (النمل : ٨٨) يعني أنّ مقابلته الحسنة بالثواب والسيئة بالعقاب من جملة إحكامه للأشياء وإتقانه لها وإجرائه لها على قضايا الحكمة ، أنّه عالم بما يفعل العباد وبما يستوجبون عليه فيكافئهم على حسب ذلك (ز ، ك ٣ ، ١٦٢ ، ٩)

صواب

ـ أمّا وصف الفعل بأنّه صواب وحكمة فقد يكون على معنى موافقة الأمر وعلى معنى إصابة المراد ، والحكمة يكون بمعنى العلم وبمعنى أنّه فعل محكم وبمعنى أنّه فعل حسن صواب (أ ، م ، ٩٧ ، ٣)

صوت

ـ كلام الإنسان ليس بصوت وهو عرض وكذلك الصوت عرض ولا يوجب إلّا باللسان (ش ، ق ، ٤٢٥ ، ٧)

٧١٤

ـ الصوت جسم لطيف وكلام الإنسان هو تقطيع الصوت وهو عرض ، وهذا قول" النظّام" (ش ، ق ، ٤٢٥ ، ٨)

ـ إنّ الصوت ليس بجسم خلافا لما ذهب إليه النظّام ، فإنّه يقول إنّه جسم لطيف مستكنّ في الكثيف ، فيظهر عند الاصطكاك والاعتماد كالنار المستكنّ في الحجر والحديد ، فإنّه يظهر بالضرب والقدح (ن ، د ، ٤٠ ، ١٣)

ـ مهما ثبت أنّ أحدنا يستحقّ الذمّ على الكذب العاري من اجتلاب نفع أو دفع ضرر علم أنّه يتعلّق به وأنّه من فعله. وفي ذلك دلالة على ما قلنا من أنّ الصوت ليس بجسم ، وأنّه عرض مقدور لنا (ن ، د ، ٤٣ ، ٧)

ـ إنّ الصوت لا يجوز أن يكون جسما ولا صفة للجسم. فإذا ثبت هذا ثبت أنّه عرض مقدور لنا (ن ، د ، ٤٤ ، ٣)

ـ قد بيّنا أنّ الصوت محدث وأنّه من قبلنا ، وكل ما يكون من قبلنا يجب أن يكون حادثا وأن يكون تعلّقه بنا على وجه الحدوث (ن ، د ، ٥١ ، ١٠)

ـ إنّ الصوت وجوده مشروط بالمصاكّة ، وهي عبارة عن تأليف واقع بين جسمين صلبين عقيب حركات متواليات أو حركات تقلّ فيها السكنات (ن ، د ، ١٦٤ ، ٨)

ـ حكى عن إبراهيم النظّام أنّه جعل الصوت جسما يتقطّع بالحركة فنسمعه بانتقاله إلى الأذن ، وأنّ الكلام هو بحركة اللسان (أ ، ت ، ٣٣١ ، ٧)

ـ الصوت من الأجناس المقدورة لنا وإن كنّا لا نفعله إلّا بسبب هو الاعتماد كما قلنا في الآلام والتأليف أنّا لا نقدر على فعلهما إلّا بسبب.

ولا بدّ من أن يصحّ من القديم تعالى أن يفعل ذلك كله مبتدأ لمّا تقدّم القول فيه. وإنّما نعلم كونه مقدورا لنا بوجوب حصوله على حسب قصدنا وداعينا ، ووجوب انتفائه بحسب كراهتنا وصارفنا مع السلامة ، فلا بدّ من حاجته إلينا.

ولا وجه لأجله يحتاج إلينا إلّا الحدوث (أ ، ت ، ٣٣٤ ، ٣)

ـ إذا اصطكّ جسم بجسم وحصلت في كل واحد منهما مصاكّة ، فالصوت يوجد في كل منهما بلا شبهة ، وهكذا يجب إذا صاكّ أحدهما الآخر لا على هذا الوجه ، بل تكون المصاكّة في أحدهما ، فإنّ الصوت يوجد منهما جميعا ، فعلى هذا نجد الخشبة متى ضربناها على حديد ، فالمسموع من الصوت مخالف لما يسمع لو ضرب على حجر وحال الخشبة في الكل واحدة ، فلا بدّ من حصوله في المضروب عليه والمضروب به (أ ، ت ، ٣٦٠ ، ٣)

صورة

ـ قال صاحب الكتاب (ابن الروندي) : وأمّا ما نسبه إليهم (للرافضة) من القول بالصورة فإنّه (زعم) لم يفهمه ولم يقف عليه. (ثم قال) ولم يكن فيهم من يقول بالصورة إلّا رجل واحد ، ولم يكن أيضا يقول : إنّ الله صورة ، وأنّ له صورة قائمة في نفسه ؛ وإنّما كان يذهب إلى أنّ الله يخاطب الخلق من صورة كما أنّه كلّم موسى عليه‌السلام من شجرة (خ ، ن ، ١٠٤ ، ٢٠)

ـ قال صاحب الكتاب (ابن الروندي) : ولكن قد قال إخوانه (يريد الجاحظ) من الأموية : أنّ الله خلق آدم على صورته ، وزعموا أنّه يضحك حتى تبدو نواجذه. فإن كان عار هذا لاحقا بكل الأموية فعار ذلك القول لاحق بكل الشيعة. يقال له : إنّ عداوة المعتزلة لمن قال

٧١٥

بما حكيت عنه كعداوتها للرافضة أو أكثر. فإن استجاز صاحب الكتاب أن يضيف إلى المعتزلة قول النابتة في التشبيه فليضف إليها قول النابتة أيضا في الإجبار والإرجاء ، وليضف إليها قول الخوارج وقول كل من خالف الرافضة (خ ، ن ، ١٠٥ ، ١١)

ـ ممّا تتمسّك به الحشوية ، ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : " إنّ الله خلق آدم على صورته" ، وهذا الحديث غير مدوّن في الصحّاح ، وإن صحّ فقد نقل له سبب أغفله الحشوية ، وهو ما روى أنّ رجلا كان يلطم عبدا له حسن الوجه ، فنهاه صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذلك ، وقال : " إنّ الله تعالى خلق آدم على صورته" ، والهاء راجعة على العبد المنهى عن ضربه. ويمكن صرف الهاء إلى آدم نفسه ، ومعنى الحديث على ذلك أنّ الله تعالى خلق آدم بشرا سويا من غير والد ووالدة (ج ، ش ، ١٥٣ ، ٣)

ـ إذا سمع الصورة من قوله عليه‌السلام : " إنّ الله خلق آدم على صورته" ، " وإنّي رأيت ربي في أحسن صورة" ، فينبغي أن يعلم أنّ الصورة اسم مشترك قد يطلق ويراد به الهيئة الحاصلة في أجسام مؤلّفة مولّدة مرتّبة ترتيبا مخصوصا ، مثل الأنف والعين والفم والخد ، والتي هي أجسام ، وهي لحوم وعظام. وقد يطلق ويراد به ما ليس بجسم ولا هيئة في جسم ، ولا هو ترتيب في أجسام ، كقولك عرفت صورة هذه المسألة وصورة هذه الواقعة ، وأنّ وزارة فلان وولايته منتظمة في أحسن صورة وما يجري مجراه ، فليتحقّق كل مؤمن أنّ الصورة في حق الله لم تطلق لإرادة المعنى الأوّل الذي هو جسم لحميّ وعظميّ مركّب من أنف وفم وخد وعين ، فإنّ جميع ذلك أجسام وهيئات في أجسام ، وخالق الأجسام كلّها منزّه عن مشابهتها وصفاتها. وإذا علم هذا يقينا فهو مؤمن ، فإن خطر له أنّه إن لم يرد هذا المعنى ، فما المعنى الذي أراده ، فينبغي أن يعلم أنّ ذلك لم يؤمر به بل أمر بأن لا يخوض فيه ، فإنّه ليس على قدر طاقته ، لكن ينبغي أن يعتقد أنّه أريد به معنى يليق بجلال الله وعظمته ممّا ليس بجسم ولا عرض (غ ، أ ، ٤٨ ، ٥)

ـ الجوهر إمّا أن يكون في المحلّ وهو الصورة أو يكون محلّا وهو الهيولى أو مركّبا من الصورة والهيولى وهو الجسم (ف ، م ، ٧٠ ، ٤)

ـ الفصل الأول في إثبات الصورة ، اعلم أنّ هذه اللفظة ما وردت في القرآن لكنّها واردة في الأخبار. والخبر الأول ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : " إنّ الله تعالى خلق آدم على صورته" ، وروى ابن خزيمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : " لا يقولنّ أحدكم لعبده قبّح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك ، فإنّ الله خلق آدم على صورته" (ف ، س ، ١٠٣ ، ٦)

ـ قوله عليه‌السلام إنّ الله تعالى خلق آدم على صورته ، معناه خلق آدم على هذه الصورة التي هي الآن باقية من غير وقوع التبدّل فيها (ف ، س ، ١٠٥ ، ٩)

ـ قد تذكر الصورة ويراد بها الصفة ، يقال شرحت له صورة هذه الواقعة ، وذكرت له صورة هذه المسألة ، والمراد من الصورة في كل هذه المواضع الصفة ، فقوله عليه‌السلام إنّ الله خلق آدم على صورته أي على جملة صفاته وأحواله (ف ، س ، ١٠٦ ، ١٢)

ـ قال الشيخ الغزالي رحمه‌الله ليس الإنسان

٧١٦

عبارة عن هذه البنية ، بل هو موجود ليس بجسم ولا بجسمانيّ ، ولا تعلّق له بهذا البدن إلّا على سبيل التدبير أو التصرّف ، فقوله عليه‌السلام إنّ الله خلق آدم على صورته أي ، إنّ نسبة ذات آدم عليه‌السلام إلى هذا البدن كنسبة الباري تعالى إلى العالم ، من حيث أنّ كل واحد منهما غير حال في هذا الجسم وإن كان مؤثّرا فيه بالتصرّف والتدبير (ف ، س ، ١٠٨ ، ١١)

صيامية

ـ قول الصيامية : أضافهم قوم إلى الصابئين وقوم إلى الثنوية. وزعموا أنّهم أهل زهد وورع وتقلّل وصوم إمساك عن النكاح والذبائح يتديّنون بذلك ويذهبون مذهب أهل الدهر والاثنين في سائر ما حكيناه (ق ، غ ٥ ، ١٨ ، ٨)

٧١٧

ض

ضال

ـ كيف ما كان فلا ينبغي أن يكفّر كل فريق خصمه ، بأن يراه غالطا في البرهان ، نعم يجوز أن يسمّيه ضالّا ومبتدعا. أمّا ضالا فمن حيث أنّه ضلّ عن الطريق عنده ، وأمّا مبتدعا فمن حيث أنّه أبدع قولا لم يعهد من السلف التصريح به (غ ، ف ، ٦٧ ، ١٤)

ضد

ـ الضدّ هو الممانع المفاسد لغيره مثل الحلاوة والمرارة والحرّ والبرد والخلاف مثل الحلاوة والبرودة والحموضة والبرد (ش ، ق ، ٣٢٧ ، ٦)

ـ إنّ الضدّ هو الترك ، وإنّ ضدّ الشيء هو تركه (ش ، ق ، ٣٧٧ ، ٣)

ـ الله واحد لا شبيه له ، دائم قائم لا ضدّ له ولا ند ، وهذا تأويل قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) (الشورى : ١١). وأصل ذلك أنّ كل ذي مثل واقع تحت العدد فيكون أقلّه اثنين ، وكل ذي ضدّ تحت الفناء إذ يهلك ضدّه ، وعلى ذلك كل شيء سواه له ضدّ يفني به ، وشكل يعدّ له ويصير به زوجا ، فحاصل تأويل قوله : واحد أي في العظمة والكبرياء ، وفي القدرة والسلطان ، وواحد بالتوحّد عن الأشباه والأضداد ؛ ولذلك بطل القول فيه بالجسم والعرض إذ هما تأويلا الأشياء (م ، ح ، ٢٣ ، ١٥)

ـ كان (الأشعري) يقول إنّ الترك ممّا يوصف به الحيّ القادر ، ولذلك لا يقال للجماد إنّه تارك لأنّه لم يفعل أحد الضدّين ، وإنّما يكون تاركا إذا فعل أحد الضدّين فيكون بما فعل من الترك فاعلا لضدّ ما ترك. وكان يقول إنّ سبيل الضدّ والترك سبيل واحد وإنّ معنى قولنا" ضد" و" ترك" سواء وإنّ كل ترك فضدّ وكل ضدّ ترك ، وإنّ المعدوم لا يكون تركا بل يكون الموجود تركا للمعدوم والمعدوم متروكا به كما أنّه منتف به (أ ، م ، ٢٣٥ ، ٢٣)

ـ أمّا الممنوع ، فهو القادر إذا عرض ما لا يتأتّى منه الفعل ، فلا يصحّ كونه ممنوعا إلّا وهو قادر على نفس ما منع منه. وكذلك القول في الحيلولة والضدّ (ق ، غ ٨ ، ١٦٨ ، ٣)

ـ إنّ الذات إذا حصلت على صفة ولم يكن هناك مزيل لها ولم يمكن الإشارة إليه ، وجب حصولها عليها. وقد علمنا أنّ المزيل لشيء من الأشياء إنّما هو الضدّ أو ما يجري مجراه وهو فقد ما يحتاج في الوجود إليه. والضدّ إنّما يكون تأثيره في إزالة صفة الوجود ، فلا يتصوّر تأثيره في صفة الذات التي تثبت في حالة العدم ، وما يجري مجرى الضدّ لا يتأتى أيضا في صفة الذات ، فيجب أن يقال بدوامها أبدا (ن ، د ، ١٩٤ ، ٧)

ـ كما نقول في الحركة والسكون والعلم والجهل إنّ أحدهما يكون منعا لما كان ضدّا له (ن ، د ، ٤٠٩ ، ١٤)

ـ إنّ الضدّ إنّما يعتبر في منافاته لضدّه وجوده وتكامل شروطه (ن ، د ، ٤١٢ ، ١٦)

ـ إنّ الضدّ هو ما حمل حمل التضادّ ، والتضادّ هو اقتسام الشيئين طرفي البعد تحت جنس واحد ، فإذا وقع أحد الضدّين ارتفع الآخر (ح ،

٧١٨

ف ١ ، ١٢ ، ١٦)

ـ العلّة لا توجب الصفة وما يضادّها ، والضدّ ينفي الشيء وما يضادّه ، فكيف يكون الضدّ علّة (أ ، ت ، ٢٦٥ ، ٨)

ضد في الحقيقة

ـ إن قيل : هلّا قلتم إنّ العقل يدلّ على جواز فناء الجواهر ؛ لأنّ القادر على الشيء يجب كونه قادرا على ضدّه؟ قيل له : ليس الأمر كما قدّر ؛ لأنّ في الحوادث ما لا ضدّ له. وإنّما يجب ذلك متى ثبت أنّ له ضدّا مقدورا ، فيجب أن يكون القادر عليه قادرا على جنس ضدّه. ولا دليل في العقل على أنّ للجواهر ضدّا ، فلا يصحّ ما ذكرته. فإن قال : هلّا قلتم : إنّ في العقل دلالة على ذلك ، وهو أنّ كل مقدور يصحّ البقاء عليه فلا بدّ من أن يكون له ضدّ. يدلّ على ذلك أنّا اعتبرنا ما هذا حاله ، فوجدناه على اختلافه واختلاف وجوه اختلافه قد يشترك في أنّ له ضدّا. قيل له : إنّ الوجود لا يدلّ على الأحكام. وقد بيّنا ذلك فيما سلف ، فيجب أن يظهر ما له وجب في هذه المقدورات الباقية أنّ لها أضدادا ، ويبيّن أنّ ذلك إنّما وجب فيها لكونها مقدورة باقية ليتمّ ما ذكرته. فإن قال : إذا رأيت فيما لا يبقى ما لا ضدّ له ، ورأيت ما يبقى له ضدّ علمت بأنّ العلّة فيه صحّة بقائه ؛ قيل له : ليس الأمر كما ظننته ؛ لأنّ فيما لا يبقى ما له ضدّ ، وفيه ما لا ضدّ له. وإنّما كان لما أوردته شبهته لو اشترك الكل في أنّه لا ضدّ له. وبعد ، فإنّ فيما يبقى ما لا ضدّ له أيضا ، وهو الاعتماد والتأليف والحياة ؛ على ما حصّله شيخنا أبو هاشم ـ رحمه‌الله ـ آخرا ، فما ادّعيت استمرار الوجود فيه فباطل. فإن قال : إنّه وإن كان لا ضدّ له فلما يحتاج إليه ضدّ ، ويجري ذلك في أنّه يقتضي كون القادر عليه قادرا على ما ينافيه مجرى نفس الضدّ ؛ قيل له : إذا صحّ أنّ في المقدورات الباقية ما لا ضدّ له أصلا فما الذي يمنع من أن يكون فيها ما لا ضدّ لما يحتاج إليه بألّا يحتاج في وجوده إلى غيره. وقد ثبت في الجوهر أنّه لا يحتاج في وجوده إلى غيره كحاجة التأليف. وبعد ، فإن ما ذكره السائل إنّما يصحّ في ضدّ الشيء بالحقيقة ، فأمّا ضدّ ما يحتاج إليه فلا يجب أن يكون القادر على الشيء قادرا عليه ؛ ألا ترى أنّ الواحد منّا يقدر على القتل ولا يقدر على الحياة لمّا كان ضدّا لما يحتاج إليه. ومتى قدر على الإرادة قدر على الكراهة ؛ لأنّها ضدّ في الحقيقة (ق ، غ ١١ ، ٤٣٤ ، ١٩)

ضد ما يحتاج إليه

ـ إن قيل : هلّا قلتم إنّ العقل يدلّ على جواز فناء الجواهر ؛ لأنّ القادر على الشيء يجب كونه قادرا على ضدّه؟ قيل له : ليس الأمر كما قدّر ؛ لأنّ في الحوادث ما لا ضدّ له. وإنّما يجب ذلك متى ثبت أنّ له ضدّا مقدورا ، فيجب أن يكون القادر عليه قادرا على جنس ضدّه. ولا دليل في العقل على أنّ للجواهر ضدّا ، فلا يصحّ ما ذكرته. فإن قال : هلّا قلتم : إنّ في العقل دلالة على ذلك ، وهو أنّ كل مقدور يصحّ البقاء عليه فلا بدّ من أن يكون له ضدّ. يدلّ على ذلك أنّا اعتبرنا ما هذا حاله ، فوجدناه على اختلافه واختلاف وجوه اختلافه قد يشترك في أنّ له ضدّا. قيل له : إنّ الوجود لا يدلّ على الأحكام. وقد بيّنا ذلك فيما سلف ، فيجب أن يظهر ما له وجب في هذه المقدورات الباقية أنّ لها أضدادا ، ويبيّن أنّ ذلك إنّما وجب فيها لكونها مقدورة باقية ليتمّ ما ذكرته. فإن قال :

٧١٩

إذا رأيت فيما لا يبقى ما لا ضدّ له ، ورأيت ما يبقى له ضدّ علمت بأنّ العلّة فيه صحّة بقائه ؛ قيل له : ليس الأمر كما ظننته ؛ لأنّ فيما لا يبقى ما له ضدّ ، وفيه ما لا ضدّ له. وإنّما كان لما أوردته شبهته لو اشترك الكل في أنّه لا ضدّ له. وبعد ، فإنّ فيما يبقى ما لا ضدّ له أيضا ، وهو الاعتماد والتأليف والحياة ؛ على ما حصّله شيخنا أبو هاشم ـ رحمه‌الله ـ آخرا ، فما ادّعيت استمرار الوجود فيه فباطل. فإن قال : إنّه وإن كان لا ضدّ له فلما يحتاج إليه ضدّ ، ويجري ذلك في أنّه يقتضي كون القادر عليه قادرا على ما ينافيه مجرى نفس الضدّ ؛ قيل له : إذا صحّ أنّ في المقدورات الباقية ما لا ضدّ له أصلا فما الذي يمنع من أن يكون فيها ما لا ضدّ لما يحتاج إليه بألّا يحتاج في وجوده إلى غيره. وقد ثبت في الجوهر أنّه لا يحتاج في وجوده إلى غيره كحاجة التأليف. وبعد ، فإن ما ذكره السائل إنّما يصحّ في ضدّ الشيء بالحقيقة ، فأمّا ضدّ ما يحتاج إليه فلا يجب أن يكون القادر على الشيء قادرا عليه ؛ ألا ترى أنّ الواحد منّا يقدر على القتل ولا يقدر على الحياة لمّا كان ضدّا لما يحتاج إليه. ومتى قدر على الإرادة قدر على الكراهة ؛ لأنّها ضدّ في الحقيقة (ق ، غ ١١ ، ٤٣٤ ، ١٦)

ضدان

ـ قال إبراهيم (النظّام) : وجدت الحرّ مضادا للبرد ووجدت الضدين لا يجتمعان في موضع واحد من ذات أنفسهما ، فعلمت بوجودي لهما مجتمعين أنّ لهما جامعا جمعهما وقاهرا قهرهما على خلاف شأنهما. وما جرى عليه القهر والمنع فضعيف ، وضعفه ونفوذ تدبير قاهره فيه دليل على حدثه وعلى أنّ محدثا أحدثه ومخترعا اخترعه لا يشبهه ، لأنّ حكم ما أشبهه حكمه في دلالته على الحدث ، وهو الله رب العالمين (خ ، ن ، ٤٠ ، ٢١)

ـ الضدّان هما المتنافيان اللذان ينفي أحدهما الآخر ، وأنكر" أبو الهذيل" هذا القول لأنّ الحرفين يتنافيان ولا يتضادّان (ش ، ق ، ٣٧٦ ، ٤)

ـ الضدّان هما اللذان لا يجتمعان ، فمعنى أنّ الشيئين ضدّان أنّهما لا يجتمعان ، وهذا قول" عبّاد بن سليمان" (ش ، ق ، ٣٧٦ ، ١٠)

ـ إنّ الضدّين لا يجتمعان في محلّ واحد ، ولا في جهة واحدة ، ولا في الموجود في المحلّ ، ولكنّه يصحّ وجودهما في محلّين على سبيل المجاورة (ش ، ل ، ٩١ ، ٧)

ـ إنّ كل عرضين لا يصحّ أن يحدثا معا ولا أن يحدث كل واحد منهما مع جنس صاحبه فهما ضدّان (أ ، م ، ٢٥٧ ، ٢١)

ـ إنّ الضدّين يصحّ أن يكونا مرادين لمريدين بل لمريد واحد إذا اعتقد ارتفاع التضادّ بينهما ، لأنّ إرادة الشيء تابع لصحّة حدوثه ، وصحّة الحدوث ثابتة في كل واحد من الضدّين ، فصحّ أن يعلم الله تعالى ذلك من حال كل واحد منهما ، وإذا صحّ ذلك صحّ أن يريدهما ، وإذا صحّ وجب ، لأنّ صفة الذات إذا صحّت وجبت ، فيجب حصولها (ق ، ش ، ٤٤٣ ، ١٣)

ـ والكلام في أنّ لا ضدّ للقديم ظاهر ، وذلك لأن من حقيقة الضدّين أن يصحّ وجود أحدهما بدلا من الآخر. إمّا على طريقة التحقيق أو على طريقة من التقدير ليثبت التضادّ فيهما (ق ، ت ١ ، ١٤١ ، ٦)

ـ مما يدلّ على أنّ القديم لا ضدّ له ما قد تقرّر أنّ من حق كل ضدّين أن تكون صفة أحدهما

٧٢٠