موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

الدكتور سميح دغيم

موسوعة مصطلحات علم الكلام الإسلامي - ج ١

المؤلف:

الدكتور سميح دغيم


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مكتبة لبنان ناشرون
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٢٦
الجزء ١ الجزء ٢

وقع التحكيم عليه ، فكذلك القول فيما فعله الحكمان من خلع أمير المؤمنين ، وهذا بيّن (ق ، غ ٢٠ / ٢ ، ١٠٤ ، ١٧)

تحيّز

ـ إنّ التحيّز لا يجوز خلوّ الجوهر عنه مع وجوده ، لأنّه مقتضى عن صفة الذات بشرط الوجود وأنّه لا يشرط في تحيّزه سوى الوجود (ن ، د ، ٦٥ ، ١)

ـ لو كان المؤثر في التحيّز هو الوجود لوجب في كل موجود أن يكون متحيّزا ـ وقد علمنا خلاف ذلك (ن ، د ، ٦٦ ، ١٥)

ـ أمّا التحيّز فثبوته للجوهر هو في حال وجوده ، وإن كان مقتضى عنه صفة الذات ، لكن الشرط فيه للوجود. ولسنا نجوّز وجوده غير متحيّز ثم يتحيّز على ما يقوله أصحاب الهيولى. وإنّما منعنا من ثبوت هذه الصفة في العدم لأنّها لو ثبتت لوجب أن نرى الجواهر المعدومة لحصولها على الصفة التي يتناولها الإدراك ، فإنّها لا تدرك لتحيّزها (أ ، ت ، ٧٧ ، ٦)

ـ إنّ التحيّز يختصّ بحال الوجود (أ ، ت ، ٧٩ ، ٥)

ـ إنّ التحيّز صفة منفصلة عن صفة الوجود (أ ، ت ، ٨٢ ، ٥)

ـ لا يعدّ الوجود من الصفات ، فإنّ الوجود نفس الذات ، وليس بمثابة التحيّز للجوهر ، فإنّ التحيّز صفة زائدة على ذات الجوهر ، ووجود الجوهر عندنا نفسه من غير تقدير مزيد (ج ، ش ، ٥٢ ، ٧)

ـ القائلون بالصفات زعموا أنّ صفات الجواهر إمّا أن تكون عائدة إلى الجملة وهي الحياة وكل ما كان مشروطا بها أو إلى الأفراد ، وهي إمّا في الجواهر أو في الأعراض. أمّا الجواهر فقد أثبتوا لها صفات أربعة ، أحدها الصفة الحاصلة حالتي العدم والوجود وهي الجوهريّة ، والثانية الوجود وهو الصفة الحاصلة بالفاعل ، والثالثة التحيّز وهو الصفة التابعة للحدوث والصادرة عن صفة الجوهريّة بشرط الوجود ، والرابعة الحصول في الحيّز وهو الصفة المعلّلة بالمعنى (ف ، م ، ٥١ ، ٢٦)

ـ التحيّز هي الصّفة المختصّة بالجواهر الّتي لأجلها تحتاج إلى حيّز وتقتضيها الجوهريّة ، وهي مشروطة بالوجود (ط ، م ، ٨٤ ، ١٦)

تحيّز في الجوهر

ـ إن شئت استدللت بدلالة تدلّ على أنّ التحيّز في الجوهر يقتضي صفة الذات فتكون دلالة في أصل المسألة ، وتختصّ هذا الموضع وهو أن تحيّزه لا يصحّ كونه مستحقّا لأجل معنى ، وهي أن نقول : قد صحّ في الجوهر أنّه يختصّ في حال عدمه بصفة ، وأنّها لا تظهر بالتحيّز ، فيجب كونه مقتضى عن الصفة الذاتيّة وإلّا لم تصر طريقا إليها. ومع أنّها مستحقّة لما عليه في ذاته ، محال أن تستحقّ لمعنى لأنّ فيه ضربا من التنافي. فإنّه إذا كان مستحقّا لما عليه في ذاته وجب حصوله لا محالة. وإذا كان مستحقّا لمعنى ، جاز حصوله وجاز لا يحصل ، وذلك متناف (أ ، ت ، ٨١ ، ١)

تخصيص

ـ لا أحد يكون بفعل ما لا يجوز له الترك منعما على أحد ، فثبت أن كان ثمّ منه معنى زائد خصّهم به ، وأن ليس التخصيص محاباة كما زعمت المعتزلة ، ولا ترك الإنعام بخل كما قالوا (م ، ت ، ١٤٦ ، ٩)

٣٠١

ـ أثبتنا وجوها واعتبارات عقليّة للفعل الواحد ، وأضفنا كل وجه إلى صفة أثّرت فيه ، مثل الوقوع فإنّه من آثار القدرة ، والتخصيص ببعض الجائزات فإنّه من آثار الإرادة ، والإحكام فإنّه من دلائل العلم (ش ، ن ، ٧٤ ، ٧)

ـ المعلوم يتخصّص مرادا ، والمراد يتخصّص وجودا هو بعينه جوهر ، إلّا أنّه في ذاته يكون شيئا فيخصّصه الوجود بعد الشيء ، حتى تتخصّص الشيئية الخارجة جوهرا ، وتتخصّص الجوهريّة العامة الخارجة بهذا الجوهر (ش ، ن ، ١٦١ ، ٤)

تخلية

ـ ما ذكر من الإطلاق والتخلية فهو كلام يتوجه أوجها ثلاثة : رفع العسر والمنع أو الأمر به أو الإباحة ، وذلك كلّه في الخير مطلق وفي الشرّ لا إلّا مقيّدا ، إنه لم يعسر ولم يجبر (م ، ح ، ٢٨٣ ، ٢٣)

ـ إنّ التخلية والإطلاق والفعل هو نفس القدرة على الفعل (أ ، م ، ١١٦ ، ٢١)

ـ إنّ الإطلاق والتخلية إنّما يوصف به القادر إذا لم يكن ممنوعا ، ألا ترى أنّه لا يقال في الزمن أنّه مطلق مخلّى بينه وبين المشي ، وكذلك لا يقال في المقصوص الجناح أنّه مطلق مخلّى بينه وبين الطيران ، والكافر غير قادر على الإيمان فكيف يوصف بالإطلاق والتخلية (ق ، ش ، ٤٠٤ ، ١٥)

ـ اعلم أنّه لا بدّ في المكلّف أن يخلّى بينه وبين ما كلّف ، وبين تركه ، لكي يكون ذلك الفعل على صفة من قبله. ومن لم يكن مخلّى بينه وبينه وحصل هناك منع أو إلجاء ، لم يجز أن يكون ذلك الفعل من قبله على كل وجه ، ولذلك قلنا : إنّ الواحد منّا لو ألجأ غيره إلى أن يضرّ برجل ، لكان العوض على الملجئ ، لأنّه في الحكم كان الفعل من قبله. ومتى فعله وهو مخلّى يلزمه بنفسه العوض ، لأنّ الإضرار من قبله. وقد علمنا أنّ المكلّف لا يجوز أن يستحقّ الثواب إلّا وحاله ما قدّمناه ، لأنّه لو كان ما يفعله في حكم المفعول فيه لصار كأنّه مفعول فيه في أنّه لا يستحقّ المدح والثواب ، فكان في ذلك إبطال العوض بالتكليف ، فلذلك يطلب في المكلّف أن يكون قادرا ، لأنّ التخلية لا تصحّ إلّا في القادر. وشرطنا ارتفاع الإلجاء عنه ، لأنّ مع وجوده تزول التخلية ، على ما بيّناه. وشرطنا ألّا يكون ممنوعا ، لأنّ الممنوع من الفعل محال أن يكون مخلّى بينه وبينه. وشرطنا أن يكون سائرها يحتاج إليه في الفعل ، إمّا حاصلا أو ممكنا من تحصيله ، لأنّ ما به يفعل الفعل ويتمكّن لأجله ، متى عدم ، زال التمكّن ، فضلا عن أن يكون مخلّى بينه وبين الفعل ، فلا بدّ لأجل هذه الجملة من أن يكون المكلّف على هذه الصفات التي ذكرناها ، ليصحّ ثبوت التخلية فيه (ق ، م ٢ ، ٧١٥ ، ١٤)

ـ التخلية يرجع بها إلى زوال الموانع ، وذلك أيضا لا بدّ من أن يحصل عند ما يصحّ وجود الفعل. فلأجل ذلك وجب في المنع والتخلية أن يوجدا في حال الفعل. وليس كذلك حال القدرة والعجز ، لأنّا قد بيّنا أنّ التعذّر والتأتّي لا يثبتان إلّا متقدّمين (ق ، ت ٢ ، ١٣٥ ، ١٥)

ـ أمّا الذمّ فإنّه يستحقّ به إذا كان قبيحا ، وفاعله يعلمه كذلك ، أو يتمكّن من كونه عالما به. وأن يكون مخلّى بينه وبينه ، فمتى فعله والحال هذه استحقّ الذمّ. وإنّما شرطنا كونه قبيحا ، لأنّ العقل يشهد بأنّ الفعل إذا لم يكن كذلك ، لم

٣٠٢

يحسن ذمّ فاعله عليه ، بل يقبح ذلك ، فلا بدّ من اعتبار قبحه. وإنّما شرطنا في الفاعل ما ذكرناه ، لأنّه قد علم بالعقل أنّ المجنون والصبيّ لا يحسن ذمّهما على القبيح ، الذي يحسن منعهما منه والدوام عليه ، وإنّما قلنا إنّ التمكّن من العلم بقبحه ، يحلّ محلّ العلم بقبحه ، لأنّ عنده يمكنه التحرّز بأن يعلم ، فيتجنّب ، فصار بمنزلة من يجب عليه الفعل ، إذا أمكنه أن يفعل المقدّمة التي يصل بها إلى فعله ، ولذلك يقبح من البرهميّ تكذيب الأنبياء ، ومن اليهودي مجانبة شريعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وقد بيّنا ذلك في باب المعرفة. وإنّما شرطنا التخلية ، لأنّه قد ثبت في العقل أنّ المحمول على الفعل يتعلّق الذمّ فيه بالحامل دونه (ق ، غ ١٤ ، ١٧٤ ، ٧)

ـ إنّ ما عنده يختار المكلّف الواجب ، ولولاه كان يختاره ، يجب كوجوبه ، وأنّه في حكم التمكين والتخلية. فإذا كان تعالى ، متى كلّف الفعل ، فلا بدّ من أن يمكّن ، ويزيل الموانع ، ويكون ذلك واجبا ؛ فكذلك لا بدّ من أن يفعل ما يختار ، عنده ، المكلّف الفعل ، على وجه لولاه لكان لا يختاره (ق ، غ ١٥ ، ٣٦ ، ١٧)

تخليد

ـ إنّ المعرفة وشكر المنعم ومعرفة الحسن والقبح واجبات عقليّة ، وأثبتا شريعة عقلية وردّا الشريعة النبويّة إلى مقدرات الأحكام ومؤقتات الطاعات التي لا يتطرّق إليها عقل ، ولا يهتدي إليها فكر ، وبمقتضى العقل والحكمة يجب على الحكيم ثواب المطيع وعقاب العاصي ، إلّا أنّ التأقيت والتخليد فيه يعرف بالسمع (ش ، م ١ ، ٨١ ، ١٢)

تخليق

ـ الأصل في القضاء والقدر والتخليق والإرادة أن لا عذر لأحد بذلك لأوجه ثلاثة : أحدهما أنّ الله تعالى قضى وخلق ، وما ذكر لمّا علم ، إنّ ذلك يختار ويؤثّر ، وبما أراد وخلق وقضى يصلون إليه ويبلغون ما أثروه ، فلم يكن لهم الاحتجاج بما هو آثر الأشياء عندهم وأخيرها ، على ما لم يكن لهم ذلك بالعلم والكتاب والإخبار إذ كانت بالتي يكون منهم مختارين مؤثرين ، وبالله نستعين. والثاني إنّ جميع ما كان لم / يحملهم على ما هو فعلوه ، لم يدفعهم إليه ، ولا اضطرّهم بل هم على ما هم عليه ، لو لم يكن شيء من ذلك ، ويتوهم كونهم بلا ما ذكرت ، وقد مكّنوا أيضا من مضادات ما عملوا ، فما ذلك إذ لم يضطرّهم ولم يحوّل عنهم حقيقة بما علم كل منهم إنّه مختار مؤثر فاعل ممكّن من التّرك ، لا كخلق سائر الجواهر والأعراض والأوقات والأمكنة التي فيها تقع الأفعال ، وإن لم يحتمل كون شيء من ذلك عذرا لهم أو حجة لم يكن ما نحن فيه حجة أو عذرا ، والله الموفق. والثالث إنه لم يخطر شيء من ذلك ببالهم ولا كانوا عند أنفسهم وقت الفعل إنّهم يفعلون لشيء من ذلك ، فالاحتجاج لما ليس لذلك الفعل عند المحتج باطل ، وكذلك العذر بما لم يكن عند نفسه بالذي يفعل لكان ذلك باطل مضمحل (م ، ح ، ٣٠٩ ، ١)

ـ قالوا (المعتزلة) ... إنّ الصانع حكيم ، والحكيم لا يفعل فعلا يتوجّه عليه سؤال ويلزم حجّة ، بل يزيح العلل كلها ، فلا يكلّف نفسا إلّا وسعها ، ولا يتحقّق الوسع إلّا بإكمال العقل والإقدار على الفعل ، ولا يتمّ الغرض من الفعل إلّا بإثبات الجزاء ، ولتجزى كلّ نفس بما

٣٠٣

كسبت ، فأصل التخليق والتكليف صلاح ، والجزاء صلاح ، وأبلغ ما يمكن في كل صلاح هو الأصلح ، وزيادات الدواعي والصوارف والبواعث والزواجر في الشرع ، وتقدير الطاف بعضها خفيّ وبعضها جليّ ، فأفعال الله تعالى اليوم لا تخلو من صلاح وأصلح ولطف ، وافعال الله تعالى غدا على سبيل الجزاء إمّا ثواب أو عوض أو تفضّل (ش ، ن ، ٤٠٥ ، ١٦)

تخليق باليدين

ـ إنّ التخليق باليدين عبارة عن التخليق المخصوص بمزيد الكرامات والتشريف ، وهذا المجموع ما كان حاصلا في غير آدم (ف ، س ، ١٥٧ ، ١٥)

تخيّر

ـ ألا ترى كيف يخبر عن تمكينه لعباده وتخييره لهم وعن تخيّره لهم وعن الاستطاعة والقدرة التي مكّنهم بها من العمل للطاعة والمعصية ، فقال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (المائدة : ٦٥) ، ثم قال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) (المائدة : ٦٦) ، ثم قال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف : ٩٦) (ي ، ر ، ٥٢ ، ١٠)

ـ تخيّر الشيء واختاره : أخذ خيره ، ونحوه تنخله وانتخله إذا أخذ منخوله (ز ، ك ٤ ، ١٤٦ ، ١٠)

تخيير

ـ ألا ترى كيف يخبر عن تمكينه لعباده وتخييره لهم وعن تخيّره لهم وعن الاستطاعة والقدرة التي مكّنهم بها من العمل للطاعة والمعصية ، فقال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (المائدة : ٦٥) ، ثم قال : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) (المائدة : ٦٦) ، ثم قال : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (الأعراف : ٩٦) (ي ، ر ، ٥٢ ، ١٠)

تداخل

ـ التداخل : عبارة عن دخول شيء في شيء آخر بلا زيادة حجم ومقدار (ج ، ت ، ٨١ ، ٦)

تدبّر

ـ إنّ التدبّر في الحقيقة هو الفكر إذا لم يرد به التأمّل الذي يرجع إلى النظر والروية. وقد علم أنّه لم يأمر بتدبّر القرآن على طريقة الإدراك لغوامضه فليس إلّا ما ذكرناه من الفكر والنظر فيه ، لكي تعلم أحواله (ق ، م ١ ، ١٩٤ ، ١٧)

تدبير

ـ اعلم أنّ التدبير هو فعل مخصوص ، لأنّ ما يقع من الساهي والمستحبّ لا يوصف بذلك ، ولا يوصف به السهو من الفعل ، فلا بدّ أن يكون واقعا من العالم ، ويصير طريقة له في فعله ، فيوصف عند ذلك بأنّه تدبير ، ويضاف غيره إليه مما يتخلّله ، فيقال : أفسد تدبيره أو أصلحه ، فأما على طريق التقييد ، فقد يستعمل في كل فعل يروّيه ويقدّره ، لأنهم كانوا يقولون : قدّر

٣٠٤

فلان بناء داره ، ويقولون دبّر بناءها ، فأمّا إذا أطلق فالمراد به ما قدّمناه (ق ، غ ١٤ ، ٤٢ ، ١٣)

تذكّر

ـ إنّ التذكر هو علم في الحقيقة ؛ ولو ولّد ذلك العلم بالمدلول ، لوجب في الابتداء إذا علم الدلالة ، أن يولّد ذلك ، وكان يجب أن يستغني عن فساد ذلك ظاهرا (ق ، غ ١٢ ، ٢٥٤ ، ١٧)

تذكّر النظر

ـ أمّا تذكّر النظر وإن لم يكن سببا لما يفعله من العلوم فهو بمنزلة الدواعي. وقد بيّنا أن المكلّف لا بدّ من حصول الدواعي له (ق ، غ ١١ ، ٤٠١ ، ١٣)

ترادف

ـ الترادف : يطلق على معنيين : أحدهما الاتّحاد في الصدق ، والثاني الاتّحاد في المفهوم ، ومن نظر إلى الأول فرّق بينهما ، ومن نظر إلى الثاني لم يفرّق بينهما (ج ، ت ، ٨٣ ، ١٨)

تردّد

ـ التردّد ... يحصل من الدواعي المختلفة المنبعثة عن الآراء العقليّة وعن الشهوات والنفرات المتخالفة. فإن لم يوجد ترجيح لطرف حصل التحيّر ، وإن وجد حصل العزم (ط ، م ، ١٦٩ ، ٧)

تردّد الدواعي

ـ يدخل تحت تردّد الدواعي زوال الإلجاء والاستغناء بالحسن عن القبيح (ق ، ت ١ ، ٤ ، ٦)

ـ دخل تحت تردّد الدواعي زوال الإلجاء وزوال الاستغناء بالحسن عن القبيح (ق ، ت ٢ ، ٣٢٤ ، ١)

ترغيب

ـ أمّا الوعد فلا بدّ من أن يتضمّن الترغيب في الفعل الذي علّق الوعد به ، فيحلّ من هذا الوجه محل الأمر ؛ وأمّا الترغيب فيدلّ على إرادة ذلك الفعل ، وكذلك القول في الوعيد ودلالته على كراهة ما علّق به ، لأنّه لا بدّ من كونه زجرا عن الفعل ، ولا يكون زجرا إلّا مع الكراهة ، ولهذه الجملة ، اعتمدنا في عمومها على الزجر والترغيب (ق ، غ ١٧ ، ٢٤ ، ٦)

ترك

ـ قد يوصف البارئ عزوجل بالترك ، وفعله للحركة في الجسم تركه لفعل السكون فيه ، وقال قائلون : لا يجوز أن يوصف البارئ بالترك على وجه من الوجوه (ش ، ق ، ٣٧٧ ، ٥)

ـ قال قائلون بإثبات الترك وأنّه معنى غير التارك ، وأنّه كفّ النفس عن الشيء (ش ، ق ، ٣٧٨ ، ١٥)

ـ قال قائلون بنفي الترك وأنّه ليس بشيء إلّا التارك ، وليس له ترك (ش ، ق ، ٣٧٨ ، ١٧)

ـ ترك الإنسان للشيء معنى لا هو الإنسان ولا هو غيره (ش ، ق ، ٣٧٩ ، ١)

ـ قال" عبّاد بن سليمان" : أقول إنّ ترك الإنسان غير الإنسان ، ولا أقول الترك غير التارك ، لأنّي إذا قلت : الإنسان تارك فقد أخبرت عنه وعن ترك (ش ، ق ، ٣٧٩ ، ٢)

ـ ترك كل شيء غير أخذ ضدّه ، وترك السكون هو

٣٠٥

الإقدام على الحركة ، وقال قائلون : ترك الشيء هو أخذ ضدّه (ش ، ق ، ٣٧٩ ، ٧)

ـ لا يجوز على الأفعال المتولّدة الترك ، وهذا قول" عبّاد" و" الجبّائي". وقال قائلون : قد يجوز أن تترك الأفعال المتولّدة ، وأنّ الإنسان قد يترك الكثير من الأفعال في غيره بتركه لسببه (ش ، ق ، ٣٨٠ ، ٤)

ـ قال بعضهم : من الإقدام ما يحتاج إلى خاطر وهو المباشر وكثير من المتولّدات ، وأكثر المتولّدات يستغني عن الخاطر ، ولكن قد أترك لا لخاطر يدعو إلى الترك ، وزعموا أيضا أنّهم يتركون ما لا يعرفونه قط ولم يذكروه (ش ، ق ، ٣٨٠ ، ١٥)

ـ لا أحد يكون بفعل ما لا يجوز له الترك منعما على أحد ، فثبت أن كان ثمّ منه معنى زائد خصّهم به ، وأن ليس التخصيص محاباة كما زعمت المعتزلة ، ولا ترك الإنعام بخل كما قالوا (م ، ت ، ١٤٦ ، ٨)

ـ إنّ معنى الترك هو فعل أحد الضدّين ، وإنّ فعل الشيء هو ترك ضدّه كفعل الإيمان هو ترك الكفر (أ ، م ، ٢٣٠ ، ٣)

ـ ليس معنى الترك التعرّي من الأفعال بل هو أن يفعل ضدّ المتروك (أ ، م ، ٢٣١ ، ١٢)

ـ كان (الأشعري) يقول إنّ الترك ممّا يوصف به الحيّ القادر ، ولذلك لا يقال للجماد إنّه تارك لأنّه لم يفعل أحد الضدّين وإنّما يكون تاركا إذا فعل أحد الضدّين فيكون بما فعل من الترك فاعلا لضدّ ما ترك. وكان يقول إنّ سبيل الضدّ والترك سبيل واحد ، وإنّ معنى قولنا" ضد" و" ترك" سواء ، وإنّ كل ترك فضدّ وكل ضدّ ترك ، وإنّ المعدوم لا يكون تركا بل يكون الموجود تركا للمعدوم والمعدوم متروكا به كما أنّه منتف به (أ ، م ، ٢٣٥ ، ٢٠)

ـ إنّ من حكم الفاعل أن يصحّ أن يفعل وأن يصحّ أن لا يفعل ، ولكن في كلى الجانبين لا بدّ من أن تعتبر طريقة مخصوصة. فيقال : قد يصحّ أن يفعل بلا واسطة وبواسطة. وكذلك في أن لا يفعل يصحّ أن لا يفعل بلا واسطة ، ويصحّ أن لا يفعل بواسطة. فإن كان مبتدأ صحّ منه فعله وأن لا يفعله لا بأن تكون هناك واسطة توجد أو لا توجد ، وإن كان متولّدا يصحّ منه فعله بأن يفعل له واسطة ، وأن لا يفعله بأن لا يفعل الواسطة التي هي السبب. وبهذا يتميّز الفاعل من غيره. فلا يجب أن يجري الجميع مجرى واحدا ، وحلّ ذلك محلّ الآلات في الأفعال لأن هذه الأفعال فيها ما يصحّ منّا فعله بلا آلة ، وفيها ما لا يصحّ أن نفعله إلّا بآلة. ثم كانا سواء في إضافتهما إلينا وتعلّقهما بنا. وكذلك الحال في الأفعال على اختلاف أحوالها ، ولسنا نقول إنّ من حقّه أن يصحّ أن نفعله وأن نفعل ضدّه بدلا منه ، لأنّه قد يكون في مقدورات العباد ما لا ضدّ له ولا نقول : كان يصحّ أن نتركه بدلا من أن نفعله ، لأنّ الترك هو الضدّ وأمر زائد عليه. فما لا ضدّ له فلا ترك له (ق ، ت ١ ، ٤٠٣ ، ٨)

ـ اعلم ، أنّ الصحيح فيمن لزمته المعرفة أن يقبح منه الجهل ؛ وكما يستحقّ بفعلها الثواب ، فكذا يستحقّ بفعل الجهل العقاب ؛ وكما يتناولها التكليف في باب الإقدام ، فكذا يتناوله التكليف في باب الامتناع منه. وإن كان المكلّف مأمورا بها ، فهو منهيّ عن الجهل. والأمر في هذا الباب أجمع ، على ما ذكره السائل. لكنّه ظنّ أنّه إذا لم يمكنه أن يعرف الجهل جهلا قبل وقوعه ، لم يصحّ أن يلزمه تركه بفعل المعرفة.

٣٠٦

وليس الأمر كما قدّر ، لأنّه إذا عرف طريق المعرفة وهو النظر المخصوص الذي من بيانه أن يولّدها ، صحّ منه إيجادها بإيجاده. وإيجادها على هذا الوجه ، هو ترك للجهل ، لأنّ من حقّه أن يضادّها ، وترك الشيء هو ضدّه على بعض الوجوه. فقد ثبت إذن أنّه يصحّ منه أن يترك الجهل بالمعرفة. فإن قيل : فيجب أن يصحّ منه ترك المعرفة بالجهل أيضا ، ليصحّ أن يكلّف المعرفة. قيل له : وذلك أيضا صحيح منه ، لأنّه يصحّ منه أن يبتدئ فعل الاعتقاد والذي هو جهل ، فيكون بفعله تاركا للاعتقاد الذي هو من جنس المعرفة. ولا يقال : إنّه ترك به المعرفة ، لأنّ من حقّها أن تقع متولّدة. والمباشر لا يكون تركا للمتولّد ، من حيث يجب وجوده بوجوب سببه. ومن حق الترك والمتروك أن يصحّ من القادر ، في كل واحد منهما ، أن يبتدئه وأن يبتدئ ضدّه. لكنّا وإن لم نطلق هذا القول ، فمن جهة المعنى لا نمتنع من أن نقول بأنّه قد ترك بها الجهل ما يضادّه من المعرفة (ق ، غ ١٢ ، ٢٨٠ ، ١٤)

ـ بيان حقيقة الترك وما يتّصل بذلك. الذي ذكره شيخنا أبو هاشم رحمه‌الله : أنّه يجب أن يكون جامعا لشروط أربعة : أن يكون القادر على الترك والمتروك واحدا. والوقت الذي يصحّ وجودهما فيه واحدا. وأن يكون بينهما تضادّ. وأن يحلّا في محلّ القدرة عليهما ، فلا يحصل فيهما التعدّي من محل القدرة إلى غير محلّها ، ولا في أحدهما. ولا يكون هذا حالهما إلّا وهما مباشران ، غير متولّدين (ق ، غ ١٤ ، ١٩٧ ، ١٤)

ـ إنّ الترك على الله تعالى لا يجوز ؛ لاستحالة كونه قادرا بقدرة حالّة في محل ولغير ذلك. ولم يذكر رحمه‌الله أنّ كون المحل واحدا هو شرط في الترك والمتروك ، من قوله : إنّ هذه الشروط معتبرة في الترك والمتروك من أفعال الجوارح دون أفعال القلوب ، بل أطلقه إطلاقا ، والغالب على طريقة الاصطلاح ، لا على طريقة اللغة (ق ، غ ١٤ ، ١٩٨ ، ٦)

ـ كان شيخنا أبو إسحاق رحمه‌الله ، يزعم أنّ لفظة الترك في اللغة لا تفيد ما ذكرناه في الاصطلاح ، وإنّما يستعملونها فيمن لا يفعل ما يجوز أن يفعله ، فيقولون فيمن هذا حاله : إنّه تارك لمّا لم يفعل (ق ، غ ١٤ ، ١٩٩ ، ٣)

ـ إنّ في المتكلّمين من قال : إن من لم يفعل القيام وهو واجب عليه ، فلا بدّ من قعود يستحقّ الذمّ به ، وصرف الذمّ الذي يعلمه العقلاء من حال من وجب عليه الشيء فلم يفعله ، إلى ضدّ له قد فعله في جسمه. وفيهم من قال : إنّ الذمّ لا يجب أن ينصرف إلى ذلك ، فعبّر عن ذلك الفعل بأنّه ترك الواجب ليفرّق بينه وبين ما عداه من الأفعال التي لا يتوجّه الذمّ إليه ، إذا هو لم يفعل ما وجب عليه (ق ، غ ١٤ ، ٢٠٢ ، ١٠)

ـ إنّ الترك من المخلوق للفعل فعل ، (برهان ذلك) أنّ ترك المخلوق للفعل لا يكون إلّا بفعل آخر منه ضرورة ، كتارك الحركة لا يكون إلّا بفعل السكون ، وتارك الأكل لا يكون إلّا باستعمال آلات الأكل في مقاربة بعضها بعضا أو في مباعدة بعضها بعضا ، وبتعويض الهواء وغيره من الشيء المأكول ، وكتارك القيام لا يكون إلّا باشتغاله بفعل آخر من قعود أو غيره ، فصحّ أنّ فعل الباري تعالى بخلاف فعل خلقه ، وأنّ تركه للفعل ليس فعلا أصلا (ح ، ف ١ ، ١٤ ، ٩)

٣٠٧

ـ إنّ ترك الإنسان للفعل كما بيّنا عرض موجود فيه ، وهو حامل له ، ولو كان لترك الله تعالى للفعل معنى ، لكان قائما به تعالى ، ومعاذ الله من هذا من أن يكون عزوجل حاملا لعرض (ح ، ف ٥ ، ٥٦ ، ٢٤)

ـ إنّ الترك عدميّ لأنّه لا فرق بينه وبين" لم يفعل" فليس بمقدور. ولا يقال : فعل الضدّ ، لأنّا نقول : فلم يخل عن ضدّ العالم (خ ، ل ، ٩٧ ، ٦)

ترك الفعل

ـ اعلم أنّ المقصد بترك الفعل ، حال المتروك ، لا حال الترك ، لأنّ تارك الفعل إنّما يتركه لعلّة في المتروك ، لا حال الترك ، لأنّ تارك الفعل إنما يتركه لعلّة في المتروك ، على ما قدّمناه ، ولذلك قلنا متى أمكنه أن يخرج عن فعله بلا ترك ، فلا بدّ من أن يؤثر الترك لداع زائد. فإذا صحّ ذلك ، فيجب أن يكون حكم الترك حكم ألا يفعل ، في الوجوه التي ذكرناها. فيجب إذا ترك الفعل لعلّة من العلل ، أن يكون تاركا في الوقت لكل ما شاركه في تلك العلّة (ق ، غ ١٤ ، ٣٨٦ ، ٧)

ترك للشيء

ـ لمّا لم يكن العجز مضادّا للفعل وإنّما يضادّ القدرة ، وكان الترك للشيء فعل ضدّه ، فكان الباري تعالى لم يزل غير فاعل لشيء على وجه من الوجوه لم يجب بنفي الفعل عنه في أزله عجز ولا ترك (ش ، ل ، ٢٠ ، ٢)

تركيب

ـ التركيب إنّما يصحّ في الجواهر والأجسام. والأعراض لا يصحّ فيها تركيب ولا مماسّة ولا انتقال من مكان إلى مكان (ب ، أ ، ٣٨ ، ٤)

تروك

ـ إنّ التروك كلّها من أفعال القلوب ، وزعم بعضهم في الإقدام مثل ذلك ، وزعم سائرهم أنّ الترك والإقدام يكونان بغير القلب كما يكونان بالقلب (ش ، ق ، ٣٨١ ، ٣)

ـ اعلم أنّ الأفعال والتروك إنّما يجب أن يترتّب بعضها على بعض ، ويترتّب بعضها ببعض ، إذا كانت متعلّقة بالمنافع والمضارّ. ألا ترى أن أحدنا إذا ترك سلوك طريق لأنّ فيه سبعا وجب أن يترك سلوك كل طريق حاله مثل هذا الطريق ، وإلّا لم يكن يترك سلوك الأوّل لأنّ فيه سبعا. وكذلك إذا ترك شرب شيء من الأدوية ، لأنّه يضرّه في عضو من أعضائه ، وجب أن يترك كل ما ساواه في ذلك الوجه من المطعوم والمشروب ، وإلا لم يكن يترك ما ترك لهذا الوجه. وأمّا إذا لم يتعلّق بمنافعه ودفع مضارّه ، لم يجب الترتيب والارتباط ، لا في التروك ولا في الأفعال. ألا ترى أن أحدنا إذا ترك ضرب أحد عبديه وعفا عنه ، لأنّ الاحتمال حسن ، لا يجب أن يترك ضرب الآخر ، وإن كان هذا الوجه حاصلا في ترك ضربه أيضا؟ وكذلك إذا ترك التقاضي لأحد غريميه ترفيها به ، لا يجب أن يترك التقاضي للآخر أيضا ، وإن كان هذا الوجه حاصلا في ترك تقاضيه (ن ، د ، ٢٨٩ ، ٥)

تزايد الصفة

ـ إنّما نحكم بتزايد الصفة إذا وجدت قوّتها من النفس ككوننا مشتهين ونافرين ، أو يحصل لنا

٣٠٨

العلم بالمعاني الكثيرة فيقضي بتزايد الصفات. وإن لم يبيّن تزايدها من النفس كما نقوله في كوننا مريدين أو معتقدين وما أشبهها ، أو نثبت هناك حكم بتزايد ، فنتوصّل بتزايده إلى تزايد للصفة كما نقوله في كونه حيّا ، إنّ قوة الإدراك تكشف عن كثرة أجزاء الحياة وعن تزايد حالنا في كوننا أحياء لأنّه ، كما يصحّ أن يتوصّل بكثرة أجزاء الحياة إلى تزايد الصفة الصادرة عنها. فهذا الحكم الذي ذكرناه ينبي عن ذلك أيضا. فإذا ثبت ما قلناه ولم يكن الحدوث مما يستحقّ لمعنى بتزايد ولا كانت قوة موجودة من النفس ولا بالإدراك ، ولا كان هناك حكم يصحّ لأجل تزايده تزايد الحدوث والوجود ، لأنّ حكمه إنّما هو ظهور صفة النفس ، وهذا مما لا نتصوّر تزايده ، فيجب أن نمنع من تزايد هذه الصفة أصلا ، وهذا القدر كاف هاهنا وإن كانت فيه وجوه أخر (ق ، ت ١ ، ٣٧٣ ، ٢٤)

تزكية

ـ إنّ التزكية تفيد المدح والإخبار عن الأحوال الحسنة للمزكّى ، ولا تدلّ على أفعاله ، فهو تعالى يزكّي ، بمعنى أنّه يخبر عن أحوالهم ، وما اختصّوا به من الفضائل ، ولا يدلّ ذلك على أنّه الخالق لأفعالهم (ق ، م ١ ، ١٨٩ ، ١١)

تساو

ـ نحن إنّما اعتبرنا تساوي الجملتين في سائر صفاتهما لنعلم أنّ صحّة الفعل لا تستند إلّا إلى كون من صحّ من قادرا دون صفة أخرى. فإذا علمنا أنّ صحّة الفعل مستندة إلى هذه الصفة وأنّها إنّما ثبتت لأجل تلك الصفة ، حتى لولاهما لما ثبتت ، قلنا بعد ذلك في كل موضع وجد هذا الحكم وجب أن يكون هناك مثل تلك الصفة ، لأنّ طريق الاستدلال بالدلالة لا يختلف. ولو أمكننا أن نعلم هذا الحكم من دون اعتبار التساوي لما اعتبرنا التساوي ، ويمكن أن أحدنا يعلم ضرورة التفرقة بين الجماد وبين الحي ، فيجوز أن يعلم من حال جملتين أنّهما حيّان ، على معنى أنّهما مفارقان للجماد وإن لم يعلم اختصاصهما بحال من الأحوال ؛ فإذا علم أنّهما حيّان على سبيل الجملة فإنّه يمكن أن يعلم أيضا ضرورة افتراقهما في هذا الحكم وهو صحّة الفعل ، ويعلم أنّ ذلك الحكم الذي وقعت به المفارقة لا يجب أن يرجع به إلى ما علم من حالهما جملة وهو ما وقعت به المفارقة بينهما وبين الجماد ، فلا بدّ من أن يرجع به إلى أمر زائد على ذلك. قال الشيخ أبو رشيد : ويمكن أن يقال إنّ هذا الحكم الذي هو صحّة الفعل معلّل ، وإنّه لا يكون معلّلا إلّا بكون الذات قادرا ، بأن قال : قد علمنا أنّ أحدنا محدث لتصرّفه ، وأنّ تصرّفه يحتاج إليه ، وإنّما يحتاج إليه في باب الحدوث. فكما وجب أن يكون احتياجه إليه في صفة من صفاته ، فكذلك وجب أن يكون الاحتياج إلى الواحد منا لكونه ذاتا ، لأنّ كونه ذاتا يبقى بعد كونه ميتا ترابا رميما ، ومع ذلك لا يحتاج الفعل إليه ـ فلا بدّ إذن من أن يكون احتياج الفعل إلى الواحد منا لصفة من صفاته ، ثم نقول إن تلك الصفة ليست إلّا كونه قادرا ، فإذا ذكرت هذه الدلالة على هذا الوجه لم تحتج إلى أن تتبيّن بأن هذه الجملة التي قد صحّ منها الفعل تساويها جملة أخرى في سائر الصفات إلّا في هذا الحكم (ن ، د ، ٤٧١ ، ١٠)

٣٠٩

تسبيح

ـ والتسبيح هو التنزيه ، ويدلّ على أنّه تعالى منزّه عمّا لا يليق بذاته وفعله ، على ما نقوله من أنّه لا يفعل القبيح (ق ، م ٢ ، ٧٠٤ ، ١١)

ـ إنّ التسبيح في اللغة التي بها نزل القرآن وبها خاطبنا الله عزوجل هو تنزيه الشيء عن السوء ، وبلا شكّ إنّ الله تعالى أمرنا أن ننزّه اسمه الذي هو كلمة مجموعة من حروف الهجاء عن كل سوء حيث كان من كتاب أو منطوقا به (ح ، ف ٥ ، ٢٨ ، ١٢)

تجسّد

ـ أمّا من قال منهم" تجسّد" فلا تصحّ هذه العبارة على موضوع قولهم ، لأنّهم لا يثبتون اللاهوت جسدا عند الاتّحاد ، إلّا اليعقوبية إذا قالت إنّهما صارا شيئا واحد ، ومتى قالوا ذلك لم يمكنهم إثباته متّحدا ، لأنّ جسد المسيح بعد ما ادّعوه من الاتّحاد كما كان من قبل ، فلا فرق بين أن يقولوا" تجسّد" وبين أن يقولوا في سائر الأقانيم ، إن يقولوا ، إنّه تجسّد بسائر الأجسام. وما أدّى إلى ذلك وجب فساده (ق ، غ ٥ ، ١٤٢ ، ٨)

تسديد

ـ قال قائلون : التوفيق هو الحكم من الله أنّ الإنسان موفّق وكذلك التسديد (ش ، ق ، ٢٦٢ ، ١٤)

ـ قال" جعفر بن حرب" : التوفيق والتسديد لطفان من ألطاف الله سبحانه لا يوجبان الطاعة في العبد ولا يضطرّانه إليها ، فإذا أتى الإنسان بالطاعة كان موفّقا مسدّدا (ش ، ق ، ٢٦٢ ، ١٥)

ـ يقال لهم (المعتزلة) : أليست استطاعة الإيمان نعمة من الله عزوجل وفضلا وإحسانا؟ فإذا قالوا : نعم. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون توفيقا وتسديدا فلا بدّ من الإجابة إلى ذلك. ويقال لهم : فإذا كان الكافرون قادرين على الإيمان فما أنكرتم أن يكونوا موفّقين للإيمان ، ولو كانوا موفّقين مسدّدين لكانوا ممدوحين ، وإذا لم يجز ذلك لم يجز أن يكونوا على الإيمان قادرين ، ووجب أن يكون الله عزوجل اختصّ بالقدرة على الإيمان المؤمنين (ش ، ب ، ١٣٦ ، ٨)

تسمية

ـ إنّ الوصف هو الصفة وإنّ التسمية هي الاسم (ش ، ق ، ٥٢٩ ، ١٤)

ـ قد تسمّى الأشياء باسم أسبابها ، والأسباب باسم الأشياء. وذلك ظاهر معروف في اللغة ، غير ممتنع تسمية الشيء باسم سببه ، والله أعلم (م ، ت ، ١٢٥ ، ١٠)

ـ يراد بالتسمية التعريف وإفهام المراد ، فأيّ شيء يعمل ذلك كفى ، ولا يعرف الاسم بالعقل والقياس (م ، ح ، ١٦ ، ١٦)

ـ أمّا المعروف من مذهبه (الأشعري) في معنى الاسم والذي نصّ عليه في كثير من كتبه منها النقض على الجبّائي والبلخي أنّ الاسم ليس هو المسمّى ، على خلاف ما ذهب إليه المتقدّمون من أصحاب الصفات. فمن ذلك ما قال في كتاب نقص أصول الجبّائي إنّ أسماء الله تعالى صفاته ، ولا يقال لصفاته هي هو ولا غيره. وليس هذا المذهب من مذهب المعتزلة القائلين بأنّ الاسم هو التسمية فقط في شيء ، لأنّ التسمية عنده اسم للمسمّى وما عداها أيضا

٣١٠

اسم له ، كنحو ما ذكر من العلم والقدرة. ونقض في كتاب التفسير على الجبّائي إنكاره على من ذهب من قدماء أصحاب الصفات إلى أنّ الاسم هو المسمّى ، وقال في عقب ذلك : " إنّي لم أنكر عليه ذلك لأجل أنّي أذهب إلى أنّ الاسم هو المسمّى ، وإنّما أنكرت ذلك لأنّه قصد أن يفسد ذلك بما لا يصحّ على مذهبه ولا يطّرد على قواعده". فعلى هذا الأصل تحقيق مذهبه أنّ كل تسمية اسم وليس كل اسم تسمية (أ ، م ، ٣٨ ، ٢١)

ـ التسمية ترجع عند أهل الحق إلى لفظ المسمّى الدّال على الاسم ، والاسم لا يرجع إلى لفظه ، بل هو مدلول التسمية (ج ، ش ، ١٣٥ ، ٣)

ـ ذهبت المعتزلة إلى التسوية بين الاسم والتسمية ، والوصف والصفة ، والتزموا على ذلك بدعة شنعاء ، فقالوا : لو لم تكن للباري في الأزل صفة ولا اسم ، فإنّ الاسم والصفة أقوال المسمّين والواصفين (ج ، ش ، ١٣٥ ، ١٠)

تشابه

ـ التشابه هو الواقع تحت قدر من جوهر أو صفة أو حدّ (م ، ح ، ١٢٦ ، ٢١)

ـ التشابه والاختلاف أبدا تقع في الأغيار ، وجملة ذلك أنّا نجد فعل العبد من الوجه الذي عليه أمر العالم لله ، فثبت أنّ خالق العالم كلّه واحد ، وإنّما يجعل للعبد لا من ذلك الوجه (م ، ح ، ٢٥٠ ، ٦)

ـ حقيقة التماثل والتشابه هو أنّ كل جسمين اشتبها فإنّما يشتبهان بصفة محمولة فيهما أو بصفات فيهما ، وكل عرضين فإنّما يشتبهان بوقوعهما تحت نوع واحد كالحمرة والحمرة أو الحمرة والخضرة ، وهذا أمر يدرك بالعيان ، وأوّل الحسّ والعقل (ح ، ف ٢ ، ١٥٣ ، ١١)

ـ إنّ الاشتراك في الأسماء لا يقع من أجله التشابه ، ألا ترى أنّك تقول الله الحيّ والإنسان حيّ والإنسان حليم كريم عليم والله تعالى حليم كريم عليم ، فليس هذا يوجب اشتباها بلا خلاف ، وإنّما يقع الاشتباه بالصفات الموجودة في الموصوفين ، والفرق بين الفعل الواقع من الله عزوجل والفعل الواقع منّا هو ، إنّ الله تعالى اخترعه وجعله جسما أو عرضا أو حركة أو سكونا أو معرفة أو إرادة أو كراهية ، وفعل عزوجل كل ذلك فينا بغير معاناة منه ، وفعل تعالى لغير علّة ، وأمّا نحن فإنّما كان فعلا لنا لأنّه عزوجل خلقه فينا ، وخلق اختيارنا له ، وأظهره عزوجل فينا محمولا لاكتساب منفعة أو لدفع مضرّة ، ولم نخترعه نحن (ح ، ف ٣ ، ٢٥ ، ١٣)

تشبيه

ـ بيّنا من قبل إبطال قول من قال إنّ إجراء الأسماء والأوصاف على القديم تعالى يوجب تشبيه بخلقه ، ودللنا على أنّ التشبيه لا يقع بما هذه حاله ، وإنّما يقع بالاشتراك في صفات النفس ، وإنّما يحصل المشبّه مشبّها له تعالى متى اعتقد فيه أنّه بمنزلة الجوهر أو بعض الأعراض فيما يرجع إلى ذواتهما. وبيّنا أن هذا القائل لا يمكنه أن يعتمد في قوله على هذه العلّة ، لأنّه يجوز أن يسمّى تعالى بأسماء يستحقّها ويختصّ بها من غير إذن ، نحو الوصف له بأنّه قديم أو منشئ مقدّر محيي إلى ما شاكله ؛ فالتعلّق بذلك لا يصحّ (ق ، غ ٥ ، ١٧٩ ، ١٢)

ـ لا يجب ، إذا وصفناه بأنّه قادر (الله) والواحد منّا بذلك ، التشبيه ؛ لأنّه يستحقّ هذه الصفة

٣١١

لنفسه والواحد منّا لعلّة. وإنّما يجب التشبيه بين الشيئين إذا اشتركا في صفة واحدة من صفات النفس. فأمّا وجوب التشبيه بالصفتين المختلفتين للنفس أو بمثلين ، لعلّة أو لا لعلّة ، ولا للنفس أو للنفس ، في أحدهما دون الآخر ، فلا يجب. هذا هو الذي نعتمده (ق ، غ ٥ ، ٢٠٥ ، ٧)

ـ قال شيخنا أبو علي ، رحمه‌الله : إنّما لم يجب بذلك التشبيه لأنّ المثبت بوصفنا لله تعالى بأنّه قادر ذاته ، والمثبت بوصفنا لزيد بأنّه قادر القدرة ؛ فلما اختلف المثبت بالوصفين لم يجب به تشبيه. وقد بيّنا في باب الصفات أن حقائق الأوصاف لا تتغيّر ولا تختلف في الشاهد والغائب ، وأن وصف القادر بأنّه قادر يفيد فيه وفينا الحال التي بها يبيّن القادر من غيره (ق ، غ ٥ ، ٢٠٥ ، ١١)

ـ إنّ التشبيه إنّما يكون بالمعنى الموجود في كلا المشتبهين لا بالأسماء ، وهذه التسمية إنّما هي اشتراك في العبارة فقط لأنّ الفاعل من متحرّك باختيار أو باضطرار أو عارف أو شاك أو مريد أو كان باختيار أو ضمير أو اضطرار ، كذلك فكل فاعل منّا فمتحرّك وذو ضمير ، وكل متحرّك فذو حركة تحرّكه ، وأعراض الضمائر انفعالات ، فكل متحرّك فهو منفعل ، وكل منفعل فلفاعل ضرورة ، وأمّا الباري تعالى ففاعل باختيار واختراع لا بحركة ولا بضمير ، فهذا اختلاف لا اشتباه وبالله تعالى التوفيق (ح ، ف ٢ ، ١٢٠ ، ٣)

تشكيك

ـ التشكيك تردّد بين معتقدين ، والنظر بغية للحقّ. فهو إذا مضادّ للعلم وجملة أضداده (ج ، ش ، ٢٧ ، ٨)

تصديق

ـ إنّ محل التصديق القلب ، وهو : أن يصدق القلب بأنّ الله إله واحد ، وأنّ الرسول حق ، وأن جميع ما جاء به الرسول حق ، وما يوجد من اللسان وهو الإقرار ، وما يوجد من الجوارح وهو العمل ، فإنّما ذلك عبارة عمّا في القلب ، ودليل عليه (ب ، ن ، ٥٥ ، ١٥)

ـ إنّ التصديق ، إذا تجرّد عن قرينة ودلالة ، فالواجب حمله على ما وضع له ، (حتى لا يجوز ، والحال هذه ، خلافه. وإنّما يجوز ، في ظاهر الكلام ، أن يراد به المجاز والاستعارة إذا قارنته) الدلالة. فأمّا إذا تجرّد فلا يجوز عندنا فيه ذلك ؛ لأنّا لو جوّزنا خلافه لم يصح أن نفهم بخطابه ، جلّ وعزّ ، شيئا ، ولا أوجب ذلك كون خطابه تعالى قبيحا. فإذا صحّ ذلك في التصديق فالواجب مثله في المعجز ؛ بل المعجز في بابه أقوى من التصديق ؛ لأنّ طريقة المواضعة فيه كطريقة الحقيقة ، ولا يدخله المجاز. فيجب أن يكون مشبّها بالكلام ، لو لم يصحّ دخول المجاز فيه (ق ، غ ١٥ ، ١٧٢ ، ١٩)

ـ أمّا التصديق فإنّما يتعلّق بالخبر ، لا بالمخبر. فلا يجوز أن يكون طريقا للعلم بالمخبر عنه. وإذا صحّ ذلك فلا فرق بين أن يضامّه التصديق أو لا يضامه ، كما أنّ العلم المكتسب ، لمّا وقع عن النظر في الدليل ، لم يكن بتصديق الغير به اعتبار ؛ لأنّ الدليل له تعلّق بالمدلول ، دون التصديق (ق ، غ ١٥ ، ٤٠٢ ، ١٢)

ـ التصديق بالشيء أي شيء كان لا يمكن البتّة أن يقع فيه زيادة ولا نقص ، وكذلك التصديق بالتوحيد والنبوّة لا يمكن البتّة أن يكون فيه زيادة ولا نقص (ح ، ف ٣ ، ١٩٣ ، ١٢)

٣١٢

ـ إنّ معنى التصديق إنّما هو أن يقطع ويوقن بصحّة وجود ما صدّق به ، ولا سبيل إلى التفاضل في هذه الصفة ، فإن لم يقطع ولا أيقن بصحّة فقد شكّ فيه فليس مصدّقا به ، وإذا لم يكن مصدّقا به فليس مؤمنا به ، فصحّ أنّ الزيادة التي ذكر الله عزوجل في الإيمان ليست في التصديق أصلا ، ولا في الاعتقاد البتّة ، فهي ضرورة في غير التصديق ، وليس هاهنا إلّا الأعمال فقط (ح ، ف ٣ ، ١٩٣ ، ٢١)

ـ الإيمان والتصديق ، وهو أن يعلم قطعا أنّ هذه الألفاظ أريد بها معاني تليق بجلال الله تعالى ، وأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم صادق في وصف الله تعالى به ، فليؤمن بذلك ، وليوقن بأنّ ما قاله صدق وما أخبر عنه حقّ لا ريب فيه وليقل : آمنّا وصدّقنا. وإنّ ما وصف الله تعالى به نفسه أو وصفه به رسوله فهو كما وصفه ، فهو حق بالمعنى الذي أراده ، وعلى الوجه الذي قاله وإن كنت لا أقف على حقيقته ، فإن قلت : التصديق إنّما يكون بعد التصوّر ، والإيمان إنّما يكون بعد التفهّم ، فهذا الألفاظ إذا لم يفهم العبد معانيها كيف يعتقد صدق قائلها فيها؟

فجوابك أنّ التصديق بالأمور الجملية ليس بمحال ، وكل عاقل يعلم أنّه أريد بهذه الألفاظ معان ، وأن كل اسم فله مسمّى ، إذا نطق به من أراد مخاطبة قوم ، قصد ذلك المسمّى ، فيمكنه أن يعتقد كونه كاذبا مخبرا عنه على ما هو عليه ، فهذا معقول على سبيل الإجمال ، بل يمكن أن يفهم من هذه الألفاظ أمور جملية غير مفصّلة ، ويمكن التصديق بها كما لو قال قائل : في البيت حيوان أمكن أن يصدّق دون أن يعرف أنّه إنسان أو فرس أو غيره ، بل لو قال : فيه شيء أمكن تصديقه وإن لم يعرف ذلك الشيء. فكذلك من سمع الاستواء على العرش ، فهم على الجملة أنّه أريد بذلك نسبة خاصة للعرش ، فيمكنه التصديق قبل أن يعرف أنّ تلك النسبة هي نسبة الاستقرار عليه ، أو الإقبال على خلقه وإيجاده ، أو الاستيلاء ، أو معنى آخر من معاني النسبة ، فأمكن التصديق به (غ ، أ ، ٥١ ، ٢)

ـ التصديق إنّما يتطرّق إلى الخبر ، وحقيقته الاعتراف بوجود ما أخبر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن وجوده (غ ، ف ، ٥٧ ، ١٢)

ـ اختلف جواب أبي الحسن رحمه‌الله في معنى التصديق ، فقال مرّة هو المعرفة بوجود الصانع وإلاهيته وقدمه وصفاته ، وقال مرّة التصديق قول في النفس يتضمّن المعرفة ثم يعبّر عن ذلك باللسان ، فيسمّي الإقرار باللسان أيضا تصديقا ، والعمل على الأركان أيضا من باب التصديق بحكم الدلالة ، أعني دلالة الحال ، كما أنّ الإقرار تصديق بحكم الدلالة ، أعني دلالة المقال ، فكان المعنى القائم بالقلب هو الأصل المدلول ، والإقرار والعمل دليلان (ش ، ن ، ٤٧٢ ، ٢)

ـ إذا أدركنا حقيقة فإمّا أن نعتبرها من حيث هي هي من غير حكم عليها لا بالنفي ولا بالإثبات وهو التصوّر ، أو نحكم عليها بنفي أو إثبات وهو التصديق (ف ، م ، ٢٥ ، ٦)

ـ التصوّر هو إدراك الماهيّة من غير أن تحكم عليها بنفي أو إثبات ، كقولك الإنسان فإنّك تفهم أولا معناه ، ثم تحكم عليه إمّا بالثبوت وإمّا بالانتفاء. فذلك الفهم السابق هو التصوّر ، والتصديق هو أن تحكم عليه بالنفي أو الإثبات (ف ، أ ، ١٩ ، ٦)

ـ عندهم (الحكماء) أنّ التّصديق هو الحكم

٣١٣

وحده ، من غير أن يدخل التّصوّر في مفهومه ، دخول الجزء في الكلّ. والتّصوّر هو الإدراك السّاذج. فكأنّهم قسّموا المعاني إلى نفس الإدراك وإلى ما يلحقه ، وقسّموا ما يلحقه إلى ما يجعله محتملا للتّصديق والتّكذيب ، وإلى ما لا يجعله كذلك. كالهيئات اللاحقة به في الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمنّي ، وغير ذلك. وسمّوا القسمين الأوّلين بالعلم (ط ، م ، ٦ ، ٧)

ـ قيل : نجد النفس طالبة لتصوّر الملك والروح.

ـ قلنا : تفسير اللفظ ، أو طلب البرهان على وجودهما ، وهو تصديق (خ ، ل ، ٣٤ ، ٥)

ـ الإدراك : تمثيل حقيقة الشيء وحده من غير حكم عليه بنفي أو إثبات ويسمّى تصوّرا ومع الحكم بأحدهما يسمّى تصديقا (ج ، ت ، ٣٦ ، ٤)

ـ التصديق : هو أن تنسب باختيارك الصدق إلى المخبر (ج ، ت ، ٨٧ ، ١٥)

ـ التصديق جازم وغير جازم : فالجازم مع المطابقة وسكون الخاطر علم ، ومع عدمهما أو الأوّل اعتقاد فاسد وجهل مركّب ، ومع عدم الثاني اعتقاد صحيح. وغير الجازم إن كان راجحا فظنّ ، وإن كان مرجوحا فوهم ، وإن استوى الحال فشكّ. والأول إن طابق فصحيح ، وإلّا ففاسد (ق ، س ، ٥٣ ، ١٧)

ـ الإدراك به (العقل) إن عري عن حكم فتصوّر ، وإن لم يعرّ فتصديق (ق ، س ، ٥٣ ، ١٧)

تصديق بأدلة خطابية

ـ التصديق بالأدلّة الخطابية ، أعني القدرة التي جرت العادة باستعمالها في المحاورات والمخاطبات الجارية في العادات. وذلك يفيد في حق الأكثرين تصديقا ببادئ الرأي وسابق الفهم ، إن لم يكن الباطن مشحونا بالتعصّب وبرسوخ اعتقاد على خلاف مقتضى الدليل ، ولم يكن المستمع مشغوفا بتكلّف المماراة والتشكّك ، ومنتجعا بتحديق المجادلين في العقائد ، وأكثر أدلّة القرآن من هذا الجنس (غ ، أ ، ١٠٨ ، ١٠)

تصديق بمجرد السماع

ـ التصديق بمجرّد السماع ممّن حسن فيه الاعتقاد بسبب كثرة ثناء الخلق عليه ، فإنّ من حسن اعتقاده في أبيه وأستاذه ، أو في رجل من الأفاضل المشهورين قد يخبره عن شيء كموت شخص أو قدوم غائب أو غيره ، فيسبق إليه اعتقاد جازم وتصديق بما أخبر عنه ، بحيث لا يبقى لغيره مجال في قلبه. ومستنده حسن اعتقاده فيه (غ ، أ ، ١٠٩ ، ٣)

تصديقات

ـ أمّا التصديقات فإن كانت أوليّة فالجمع بين تصوّري طرفيها مكتسب ... وما يحصل بتوسيط اكتساب فتحصيله مكتسب وإن كان بعد الحصول ضروريّا (ط ، م ، ٥٥ ، ٣)

ـ إنّ التصوّرات يمكن أن تكون كسبيّة ، والتصديقات الموقوفة عليها ضروريّة (ط ، م ، ١٦١ ، ٣)

ـ أمّا التصديقات فليس هكذا كلّها بديهيّا ، وهو بديهيّ ، ولا نظريّا ، وإلّا لدار أو تسلسل ، والبديهيّ منها إمّا وجدانيّات ، وليست مشتركة ، فنفعها قليل ، أو بديهيّات ، أو حسّيّات ؛ وقد اختلف فيها (خ ، ل ، ٣٤ ، ٢٠)

٣١٤

تصديقات بديهية

ـ التصديقات البديهية كقولنا النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان (ف ، أ ، ١٩ ، ١٠)

تصديقات كسبية

ـ التصديقات الكسبيّة كقولنا الإله واحد والعالم محدث (ف ، أ ، ١٩ ، ١١)

تصرّف

ـ إنّا نريد بقولنا : يجب وقوعه (تصرفنا) عند قصدنا وداعينا ، أنّه يستمرّ لمكان الداعي (ن ، د ، ٢٩٧ ، ١٠)

ـ إنّ تصرّفنا يحصل على أحكام ، وتلك الأحكام لا تحصل له إلّا عند أحوالنا من كوننا مريدين له أو كارهين له ، وعالمين ، فيجب أن يحتاج إلى أحوالنا ، فإذا احتاج إلى أحوالنا فقد احتاج إلينا (ن ، د ، ٣٠٠ ، ٥)

ـ إنّ العلم بكون التصرّف فعلا لفاعله مرتبتان : إحداهما : احتياجه إليه ، والثاني : وجه الحاجة. أمّا الأولى فإنّ العلم بها معلوم ضرورة أو جار مجرى الضرورة ، وذلك لأنّ أحدنا إذا شاهد المتصرّف وعلم قصده وداعيه وعلم أنّه يقع بحسب قصده وداعيه على وجه لولاه ولو لا قصده وداعيه لما وقع ، حصل له العلم باحتياجه إليه (ن ، د ، ٣٢٩ ، ١)

ـ اعلم أنّ للعلم بكون التصرّف فعلا لفاعله مرتبتين : إحداهما : أن نعلم حاجة التصرّف إلى المتصرّف في الأصل ، والثانية : أن نعلم وجه الحاجة (ن ، د ، ٣٤٠ ، ١)

ـ إنّ التصرّف يثبت احتياجه إليه : إمّا ضرورة وإمّا استدلالا ؛ ومعنى الاحتياج هو ثبوت التأثير فيه على معنى أنّه لولاه لم يثبت. ومعلوم أن هذا التأثير لا يجوز أن يرجع به إلى ذواتنا ، بل لا بدّ أن يرجع به إلى أحوالنا (ن ، د ، ٤٨٣ ، ١١)

تصرّف الساهي والنائم

ـ في أنّ تصرّف الساهي والنائم كتصرّف العالم في أنّه حادث من جهته ، الذي يدلّ على ذلك أنّه يقع منه على الحدّ الذي يقع منه في حال يقظته ، ولو لم يكن فعلا لم يجب ذلك فيه. كما لا يجب في تصرّف غيره أن يقع بحسب ما كان يقع منه في حال يقظته ، في القدر. وكما لا يجوز أن يقال : إنّ وقوع تصرّف العالم بحسب قصده على طريقة واحدة إنّما هو ، لعادة ، من فعل غيره ؛ فكذلك لا يجوز أن يقال : إنّ للعادة صار تصرّفه في حال نومه كتصرّفه في حال يقظته ، لأنّ ذلك مستمرّ على طريقة واحدة (ق ، غ ٨ ، ٤٨ ، ٢)

تصرّف النائم

ـ إنّ تصرّف النائم فعله. فمما يدلّ عليه أيضا ، أنّ المعلوم من حاله أنّه لو كان منتبها وبتصرّفه عالما ، لوجب وقوعه بحسب قصده. ولا يجب ذلك في تصرّف غيره لو كان عالما ، فيجب أن يكون لتصرّفه معه من الحكم ما ليس لتصرّف غيره ، فيجب كونه فعلا له وحادثا من جهته (ق ، غ ٨ ، ٥٦ ، ٨)

تصرّفات

ـ الذي يدلّ على أنّ هذه التصرّفات يجب وقوعها بحسب قصدنا ودواعينا هو ، أنّ أحدنا إذا دعاه الداعي إلى القيام ، حصل منه القيام على طريقة واحدة ووتيرة مستمرّة ، بحيث لا يختلف الحال فيه. وكذلك فلو دعاه الداعي إلى الأكل بأن

٣١٥

يكون جائعا وبين يديه ما يشتهيه ، فإنّه يقع منه الأكل على كل وجه ، ولا يختلف الحال في ذلك. وهذه أمارة كونه موقوفا على دواعينا ويقع بحسبها. وكما أنّها تقع بحسب دواعينا وتقف عليها ، فقد تقف على قصودنا أيضا ، وعلى آلاتنا ، وعلى الأسباب الموجودة من قبلنا ، ألا ترى أنّ قوله : محمد رسول الله ، لا تنصرف إلى محمد بن عبد الله دون غيره من المحمدين ولا يكون خبرا عنه إلّا بقصده ، وكذلك الكتابة لا تحصل منه إلّا إذا علمها ، ولا يكفي ذلك حتى يكون مستكملا للآلات التي تحتاج الكتابة إليها نحو القلم وغيره ، وأيضا فإنّ الألم يقع بحسب الضرب الموجود من جهته ، يقلّ بقلّته ويكثر بكثرته ، فصحّ حاجة هذه التصرّفات إلينا وتعلّقها بنا على الحدّ الذي ادعيناه (ق ، ش ، ٣٣٨ ، ٤)

ـ إنّ تصرفاتنا تحتاج إلينا فلأنّها تقع بحسب قصدنا ودواعينا وتنتفي بحسب كراهتنا وصارفنا ، مع سلامة الأحوال إما محقّقا وإمّا مقدّرا ، فيجب أن تحتاج إلينا ، وإلّا لما وجبت فيها هذه القضية. ألا ترى أنّ تصرّف الغير لمّا لم يحتج إلينا لم تجب فيه هذه القضية ، لأنّا ربما نريد من الغير أن يقوم ، فلا يقوم ، بل يقعد ، وربما نريد منه القعود ، فيقوم (ن ، د ، ٢٩٦ ، ١٠)

تصميد

ـ صار التصميد في الاصطلاح العرفيّ عبارة عن التنزيه ، والذي قال عليه‌السلام حق لأنّ من أشار إليه أي أثبته في جهة كما تقوله الكراميّة ، فإنّه ما صمّده لأنّه ما نزّهه عن الجهات بل حكم عليه بما هو من خواص الأجسام ، وكذلك من توهّمه سبحانه أي من خيّل له في نفسه صورة أو هيئة أو شكلا فإنّه لم ينزّهه عمّا يجب تنزيهه عنه (أ ، ش ٣ ، ٢٠٤ ، ٧)

تصوّر

ـ إنّ التصوّر والتوهّم يرجع بهما إلى الظنّ (ق ، ت ٢ ، ٨٠ ، ٣)

ـ إنّ التصوّر إذا أريد به التخيّل والظنّ ، فكأنّك قلت : إنّه لا يصحّ أن يلزمه معرفة ما لا يظنّه. وقد علمنا أنّ تقدّم ظنّه ، وأن لا يتقدّم ، بمنزلة واحدة في أنّه لا يؤثّر في صحّة إيجاد المعرفة منه ، لأنّه ليس من شرط صحّة وجودها تقدّم ظنّ يخالفها ؛ ولا فرق بين من قال ذلك ، وبين من يقول : إنّ من شرط صحّتها تقدّم جهل يخالفها. وإن أردت بالتصوّر أن يعلم أمثال ذلك المعلوم ، فهذا أيضا مما لا يجب ؛ لأنّه يعلم أن ما يلزمه أن يعرفه قد يكون مما له مثل ، وقد يكون مما لا مثل له ؛ فلا يصحّ إذن ثبوت هذه الشريطة فيه. وإن أردت به أنّه يجب أن يعلم نفس المعلوم حتى يصحّ أن يكلّف المعرفة به ، فهذا متناقض ؛ لأنّه إذا علمه فقد استغنى عن المعرفة (ق ، غ ١٢ ، ٢٤٦ ، ١١)

ـ وبعد ، فإنّ التصوّر اعتقاد مخصوص ، فإذا صحّ أن يفعل ذلك وإن لم يتقدّم منه تصوّر آخر ؛ فهلا صحّ أن يبتدئ بالمعرفة من دون أن يتقدّم منه التصوّر؟ وهذا واضح البطلان. على أنّ العاقل لا يلزمه النظر إلّا وقد تصوّر الاعتقادات كيف تكون ، ومفارقتها في الجملة لسائر أفعال القلوب وأفعال الجوارح. وإنّما يجب فيمن لزمه الشيء أن يتصوّر ما لزمه ، ويفصل بينه وبين غيره. فأمّا تصوّر سائر ما يتعلّق به ، فغير واجب ذلك فيه. وهذا الذي ذكرناه الآن ، مما

٣١٦

يمكن أن يقوّي به أصل الكلام في تكليف المعارف. وذلك أنّ سائر ما يكلّف العبد ، لا يجب أن يعرفه بعينه ، ويفصل بين أجناسه وأحواله الراجعة إلى آحاده. وإنّما ينتفي أن يعرفه بصفة يميّزه بها عن غيره ، لأنّ العلم بحقائق ما يلزمه من الصلاة والصيام والإرادات والكراهات مما يختصّ به أهل الكلام دون غيرهم فلا يجوز أن يتعلّق تكليف العقلاء بذلك ، وإنّما يجب أن يعرفوا حمل هذه الأمور ومفارقتها بالصفات لغيرها ، لأنّ عند ذلك يتمكّنون من أداء ما لزمهم على الحدّ الذي وجب. فكذلك القول فيمن تلزمه المعرفة أنّه يجب في الجملة أن يكون قد عرف المعارف وفصل بينها وبين خلافها من الاعتقادات التي لا تسكن نفسه إليها ولا تفارق حاله بها لحال الظانّ والمبخّت الشاكّ. فإذا علم ذلك في الجملة ، وعلم أنّ كل اعتقاد يقع على طريقة المعرفة فمن حقّه أن يكون حسنا ، وعلم أنّ ما يقع من خلافه كالجهل فمن حقّه أن يكون قبيحا ؛ فإذا لزمه النظر وعلم في الجملة أنّ النظر إنّما يلزم ليوصل به إلى الكشف لا لنفسه ، وعلم أنّه لا يؤدّي إلّا إلى المعرفة أو إلى ما يجري مجراها ؛ فقد حصل هذا المكلّف متصوّرا ، للفرق بين ما يلزمه وبين ما يقبح فعله منه على الجملة (ق ، غ ١٢ ، ٢٤٧ ، ٦)

ـ إذا أدركنا حقيقة فإمّا أن نعتبرها من حيث هي هي من غير حكم عليها لا بالنفي ولا بالإثبات وهو التصوّر ، أو نحكم عليها بنفي أو إثبات وهو التصديق (ف ، م ، ٢٥ ، ٦)

ـ التصوّر هو إدراك الماهيّة من غير أن تحكم عليها بنفي أو إثبات ، كقولك الإنسان فإنّك تفهم أولا معناه ، ثم تحكم عليه إمّا بالثبوت وإمّا بالانتفاء. فذلك الفهم السابق هو التصوّر ، والتصديق هو أن تحكم عليه بالنفي أو الإثبات (ف ، أ ، ١٩ ، ٤)

ـ عندهم (الحكماء) أنّ التّصديق هو الحكم وحده ، من غير أن يدخل التّصوّر في مفهومه ، دخول الجزء في الكلّ. والتّصوّر هو الإدراك السّاذج. فكأنّهم قسّموا المعاني إلى نفس الإدراك وإلى ما يلحقه ، وقسّموا ما يلحقه إلى ما يجعله محتملا للتّصديق والتّكذيب ، وإلى ما لا يجعله كذلك. كالهيئات اللاحقة به في الأمر ، والنهي ، والاستفهام ، والتمنّي ، وغير ذلك. وسمّوا القسمين الأوّلين بالعلم (ط ، م ، ٦ ، ٨)

ـ قد بان أنّ التصوّر إمّا بديهيّ ، أو حسّيّ ، أو وجدانيّ ، أو ما يركّبه العقل ، أو الخيال منها ، والاستقراء يحقّقه (خ ، ل ، ٣٤ ، ٦)

ـ الإدراك : تمثيل حقيقة الشيء وحده من غير حكم عليه بنفي أو إثبات ويسمّى تصوّرا ومع الحكم بأحدهما يسمّى تصديقا (ج ، ت ، ٣٦ ، ٤)

ـ التصوّر : هو إدراك الماهيّة من غير أن يحكم عليها بنفي أو إثبات (ج ، ت ، ٨٧ ، ١٤)

ـ الإدراك به (العقل) إن عري عن حكم فتصوّر ، وإن لم يعرّ فتصديق (ق ، س ، ٥٣ ، ١٧)

تصوّر مكتسب

ـ ما يركّبه الخيال ، كتصوّر جبل من ياقوت أو إنسان يطير. وما يركّبه العقل ، كالحيوان النّاطق ، أو الموجود الواحد. وما يركّبانه معا ، كالسّواد الواحد ، والحرارة الكلّية. والحدود ممّا يركّبه العقل. واعترف هاهنا بتصوّر المركّب الّذي يركّبه العقل ، ولا يراد

٣١٧

بالتّصوّر المكتسب غير نوع من ذلك (ط ، م ، ١٠ ، ٥)

تصوّرات

ـ إنّ التصوّرات يكمن أن تكون كسبيّة ، والتصديقات الموقوفة عليها ضروريّة (ط ، م ، ١٦١ ، ٢)

ـ لا شيء من التصوّرات بمكتسب لوجهين : أ : إنّ المطلوب إن كان مشعورا به ، امتنع طلبه لحصوله ، وإلّا الذهول عنه ، وإن كان من وجه دون وجه ، امتنع لحصول أحدهما الذهول عن الآخر. ولقائل أن يقول : ليس المطلوب الوجه. ب : تعريف الماهيّة ليس بنفسها ، وإلّا تقدّم العلم بها على العلم بها ، لأنّ المعرّف قبل المعرّف ؛ ولا بالخارج لجواز اشتراك المختلفات في لازم ، فيتوقّف على معرفة اختصاصه بها دون غيرها فيلزم تصوّرها وهو دور ، وتصوّر غيرها ، ولا يتناهى (خ ، ل ، ٣٣ ، ٤)

تصوّرات بديهية

ـ التصوّرات البديهيّة مثل تصوّرنا لمعنى الحرارة والبرودة (ف ، أ ، ١٩ ، ٩)

تصوّرات كسبية

ـ التصوّرات الكسبيّة مثل تصوّرنا لمعنى الملك والجنّ (ف ، أ ، ١٩ ، ٩)

تضاد

ـ قال" النظّام" : الأعراض لا تتضادّ والتضادّ إنّما هو بين الأجسام كالحرارة والبرودة والسواد والبياض والحلاوة والحموضة وهذه كلها أجسام متفاسدة يفسد بعضها بعضا ، وكذلك كل جسمين متفاسدين فهما متضادّان (ش ، ق ، ٣٧٦ ، ٦)

ـ معنى التضادّ استحالة اجتماع المعنيين في محلّ من جهة الحدوث فقط لا معنى آخر (أ ، م ، ١١١ ، ٨)

ـ إنّ معنى التضادّ هو التنافي ، وذلك يرجع في الحقيقة إلى ما ذكرنا من استحالة اجتماعهما من جهة الحدوث في محلّ. وليس يريد بالتنافي أنّ أحد العرضين ناف لصاحبه ، لأنّ عنده (الأشعري) أنّ شيئا من الأعراض لا يصحّ عليه البقاء ، وإنّ ما يعدم منه وينتفي فإنّما يعدم وينتفي لا بضدّ ، بل حكمه أن يعدم في الثاني لا محالة ، ويستحيل أن يوجد حالين ووقتين متّصلين. وإنّما يريد بالتنافي استحالة اجتماعهما في حدوثهما معا في محلّ واحد على كل حال (أ ، م ، ٢٥٨ ، ١)

ـ إنّ التضادّ إذا منع من الاجتماع منع من تجويز الاجتماع ، لمّا قد عرفنا أن حكم الضدّين أن لا يجتمعا وأن لا يصحّ وصفهما بجواز الاجتماع (ق ، ت ٢ ، ٧٥ ، ١٠)

ـ إذا كان أحد الفعلين موجودا نحو القعود أو القيام لم يصحّ أن يوصف عند وجوده بوجود الآخر معه ، لأنّ ذلك يزيل التضادّ بينهما. فأمّا إذا كانا معدومين فلا تضادّ ، فيصحّ منه أن يؤثّر أحدهما على الآخر ولا يكون القيام بأولى من القعود. ولا يصحّ منه الجمع بينهما من بعد. ولا يمكن القول باستحالة وجود كل واحد منهما ، لأنّ ذلك يقدح في كون القادر قادرا على الضدّين. فليس إلّا أن يصح منه أن يفعل أحدهما بدلا من الآخر ، وذلك يؤذن بطريقة الاستقبال (ق ، ت ٢ ، ٧٩ ، ٧)

٣١٨

ـ إنّه لا يمتنع أن يضادّ الشيء غيره بأن يوجدا جميعا لا في محلّ ، فمتى حصل لأحدهما مجرّد الوجود من غير تعلّق بالغير تنافي ما حاله كحاله في الوجود ، فإذا لم يتعدّ ذلك وجب التوقّف فيه على الدلالة (ق ، غ ١١ ، ٤٣٦ ، ١٢)

ـ إذا ثبت أنّ الجواهر لا تنتفي لهذه الأمور لم يبق إلّا أنّه إنّما تنتفي بضدّ ، وأنّه ـ تعالى ـ هو المختصّ بالقدرة على ذلك الضدّ. ولذلك اختصّ بأن صار هو النافي للجواهر والمفنى لها ، وأنّه في مضادّة الجوهر ومنافاته بمنزلة منافاة السواد البياض. وقد بيّنا من قبل أنّه لا يجب ألّا ينافي الشيء غيره ويضادّه إلّا متى تعلّقا بالشيء الواحد من محلّ أو حيّ ، وأنّه لا يمتنع أن يضادّ الشيء غيره على خلاف هذا الوجه إذا دلّ الدليل عليه ؛ كما لم يمتنع مضادّة الإرادة للكراهة لا في محلّ لمّا ثبت ذلك بالدليل (ق ، غ ١١ ، ٤٤٤ ، ٨)

ـ إنّ الضدّ هو ما حمل حمل التضادّ ، والتضادّ هو اقتسام الشيئين طرفي البعد تحت جنس واحد ، فإذا وقع أحد الضدّين ارتفع الآخر (ح ، ف ١ ، ١٢ ، ١٦)

ـ إنّما التضادّ كالخضرة والبياض اللذين يجمعهما اللون ، أو الفضيلة والرذيلة اللتين يجمعهما الكيفيّة والخلق ، ولا يكون الضدّان إلّا عرضين تحت جنس واحد (ح ، ف ١ ، ١٢ ، ١٨)

ـ التضادّ والضدّ : يطلقان على معنيين : إحداهما عند الجمهور الضدّ يقال : عند الجمهور على موجود في الخارج مساو بالقوة لموجود في الآخر في الموضوع معاقب له. أي إذا قام أحدهما بالموضوع لم يقم الآخر به (ج ، ت ، ٨٨ ، ١٥)

تضاد الأشياء

ـ إنّ تضادّ الأشياء مختلف الأحكام. فمنه ما يتضادّ على المحلّ ، ومنه ما يتضادّ على الواحد منّا بأن يوجد في بعضه. ومنه ما يتضادّ على الحيّ لا في محلّ كإرادة القديم ـ تعالى ـ وكراهته. فإذا اختلفت أحكامه لم يمتنع أن يكون للجوهر ضدّ وإن خالف حالها حال سائر المتضادّات (ق ، غ ١١ ، ٤٣٦ ، ٦)

تضاد الصفات

ـ إنّ الصفتين متى تضادّتا على موصوف تضادّتا على كل موصوف ، لأنّ تضادّهما يكون لأمر يرجع إليهما بدلالة أنّ عند العلم بهما تعلم استحالة اجتماعهما. وبهذا تفارق الصفات المختلفة فإنّ اختلافها يكون تارة لما يرجع إليها فتختلف على كل موصوف ، كما نقوله في مخالفة كونه عالما لكونه قادرا ، وقد يكون اختلافها معتبرا بما يوجبها حتى إذا لم نعلم الموجب لن نعلم اختلاف الموجب ، كما نقوله في كونه عالما بمعلومين على وجه التفصيل. فإنّا ما لم نعلم أنّه عالم بعلم وأنّ العلم الواحد لا يجوز أن يتعلّق بأزيد من معلوم واحد على وجه التفصيل ، لا نعلم اختلاف صفتي أحدنا بكونه عالما بالمعلوم. فلهذا جاز أن يكون تعالى عالما بجميع المعلومات كلّها لصفة واحدة لمّا كانت غير مستحقّة لمعنى. فأمّا تضادّ الصفات فإنّها تجري مجرى واحدا فأشبهت المعاني المتضادّة ، فكما أنّها لا يصحّ اجتماعها فكذلك هذه الصفات. وجرى الحال في ذلك مجرى استحالة كونه تعالى عالما وكونه جاهلا لأنّ هاتين الصفتين لمّا تضادّتا فينا تضادّتا في كل موصوف ، ولم تفترق

٣١٩

الحال بين أن تكون هذه الصفة فينا لمعنى وفيه تعالى للذات. وكذلك الحال في كونه قادرا وعاجزا (ق ، ت ٢ ، ٥٢ ، ٢)

تضاد الضدين

ـ وبعد فتضادّ الضدّين المتعلّقين موقوف على أن يكون المتعلّق واحدا ، فعلى هذا لا يكون العلم بالشيء والجهل بغيره ضدّين في الحقيقة ، ومتى كانا متعلّقين بشيء واحد فهما ضدّان في الحقيقة ، فهاتان الإرادتان كيف يتضادّان واحداهما متعلّقة بشيء والأخرى متعلّقة بغيره. ومتى كان متعلّقهما واحدا اقتضى تماثلها ، فهو من الباب الذي يقول إنّ القول بتضادّه يقود إلى القول بتماثله (ق ، ت ١ ، ٢٧٧ ، ١١)

تضاد مع غيره

ـ إنّ ما يضادّ غيره إنّما يضادّه من حيث يستحيل اجتماعهما في الوجود ، فمتى جوّز ذلك فيهما في بعض الأوقات بطلت المضادّة. ولذلك وجب في كلّ ما لا يتضادّ في أوّل الوقت ألّا يتضادّ فيما بعده ، وفي كلّ ما يتضادّ في حال أن يتضادّ في سائر الأحوال ، ولو جوّزنا خلاف هذا لم نأمن من أن نئول بالحموضة إلى أن تنافي البياض في وقت ما ، وإن كانت الآن لا تنافيه في بعض الأوقات ، وفي هذا إبطال القول بأنّ التنافي يرجع إلى ذات الشيء ، ويقتضي كونه موقوفا على علّة وعلى اختيار محلّه. وبطلان ذلك يكشف عن فساد ما سأله عنه ، وإنّما يجوز أن يفارق حال الشيء في حال بقائه لحكمه في حال حدوثه إذا لم يؤدّ ذلك إلى قلب الأجناس أو انتقاض الأدلّة ، فأمّا إذا أدّى إلى ذلك فيجب القول بفساد التفرقة بينهما (ق ، غ ١١ ، ٤٤٦ ، ١٠)

ـ إنّ الذي ثبت في الشاهد أنّ الشيء إنّما يضادّ غيره بأن يشتركا في الحلول في محلّ واحد أو في بعض الجملة ، ولم يثبت أنّ الشيء يضادّ غيره بأن يحلّ فيه ؛ لأنّ ذلك يؤذن باختلافهما في وجه الوجود لاشتراكهما فيه (ق ، غ ١١ ، ٤٤٧ ، ٣)

تضاد الموجب

ـ إنّ كونه تعالى قادرا على الضدّين لا يتضادّ فيه تعالى ، وإذا لم يتضادّ فيه لم يتضادّ فينا. ولا يصحّ إلّا مع القول بأنّ القدرة على الضدّين لا تتضادّ لأنّ تضادّ الموجب يقتضي تضادّ الموجب (ق ، ت ٢ ، ٥٢ ، ١٠)

تضايف

ـ التضايف : كون الشيئين بحيث يكون تعلّق كل واحد منهما سببا لتعلّق الآخر به كالأبوّة والنبوّة (ج ، ت ، ٨٩ ، ٥)

ـ التضايف : هو كون تصوّر كل واحد من الأمرين موقوفا على تصوّر الآخر (ج ، ت ، ٨٩ ، ٧)

تضمّن

ـ إن قالوا : إذا كان النظر لا يولّد العلم ، ولا يوجبه إيجاب العلّة معلولها ، فما معنى تضمّنه له؟ قلنا : المراد بذلك أنّ النظر الصحيح إذا استبق ، وانتفت الآفاق بعده ، فيتيقّن عقلا ثبوت العلم بالمنظور فيه ؛ فثبوتهما كذلك حتم من غير أن يوجب أحدهما أو يوجده أو يولّده ، فسبيلهما كسبيل الإرادة لشيء مع العلم به ، إذ

٣٢٠