قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

تأويلات أهل السنّة تفسير الماتريدي [ ج ٩ ]

22/639
*

عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢) يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٣) وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ)(٣٥)

وقوله ـ عزوجل ـ : (رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ).

هذا يحتمل وجهين :

أحدهما : من آل فرعون في الظاهر ، وإلا لم يكن في الحقيقة من آله ، وإنما هو من آل موسى وأتباعه ؛ حيث آمن به وترك اتباع فرعون ، والله أعلم.

والثاني : من آله ، أي : من نسبه ؛ لأنه ذكر أنه كان ابن عمه ، والله أعلم.

وقوله : (يَكْتُمُ إِيمانَهُ).

إشفاقا على نفسه ، ولا يظهر الموافقة لهم على ما هم فيه ؛ إذ قدر على الكتمان دون إظهار الموافقة لهم ، وعلى ذلك المكره على إظهار الكفر إذا قدر على ألا يظهر ما أريد منه من كلمة الكفر ولا يقتل بالامتناع لا يسع له إظهار ذلك لهم ، فإن لم يقدر فحينئذ يسع ؛ فعلى ذلك ما ذكرنا ، والله أعلم.

وقوله ـ عزوجل ـ : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ).

فيه إخبار أنه كان يكتم إيمانه ؛ إشفاقا على نفسه ، فلما خاف إهلاك رسول الله موسى ـ عليه‌السلام ـ فعند ذلك أظهر ما كان يكتمه وإن كان في إظهار ذلك إهلاك نفسه بعد أن يرجو نجاة نبي من الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ وهكذا يجب ألا يسع كتمان ما كان يكتمه وإن كان نفسه تهلك إذا أظهر إذا كان في إظهار ذلك نجاة رسول من رسل الله تعالى ـ عليهم‌السلام ـ بحجج يدفع الهلاك بها عن نفس ذلك الرسول (١) ؛ وكذلك ذكر عن أبي بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ أن أهل مكة لما هموا قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وإهلاكه ، ألقى أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ نفسه عليه ، وقال ما قال ذلك الرجل الذي كان يكتم إيمانه حيث قال : (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) فعند ذلك نزلت هذه الآية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولم تكن نزلت قبل ذلك (٢) ، والله أعلم.

__________________

(١) ثبت في حاشية أ : في بذل النفس ؛ لنجاة رسول من رسل الله تعالى. م.

(٢) أخرجه البخاري (٤٨١٥) بنحوه.