نهاية الأفكار - ج ٤ - ٣

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي

نهاية الأفكار - ج ٤ - ٣

المؤلف:

الشيخ محمد تقي البروجردي النجفي


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٢٥٥

تقرير ابحاث آية الله الشيخ آغا ضياء العراقي قدس سره

١

رسالة نخبة

الافكار في حرمان الزوجة

من الأراضي والعقار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه واشرف بريته محمد (ص) وآله الطاهرين المعصومين الغر الميامين ، ولعنة الله على اعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين ( وبعد ) فأعلم انه لا خلاف معتد به بين اصحابنا الاماميه رضوان الله تعالى عليهم فى حرمان الزوجة في الجملة من بعض تركة زوجها ، بل في الانتصار انه مما انفردت به الامامية حرمان الزوجة من رباع الارض ، وفي الخلاف والسرائر الاجماع على حرمان الزوجة من الرباع والدور والارضين ( مضافا الى ما يأتي من النصوص المتواترة المصرحة بحرمانها في الجملة من تركة زوجها ( ومخالفة الاسكافي في المسئلة غير ضائرة ، اذ يكفي في رده سبقه ولحوقه بالاجماع فقوله حينئذ بعدم حرمانها من التركة متروك ، كما عن كاشف الرموز التصريح به ، وفي المحكي عن غاية المراد بعد حكاية اجماع اهل البيت على حرمان الزوجة من شيء ما من تركة زوجها ، انه لم يخالف فيه الا ابن الجنيد وقد سبقه الاجماع وتأخر عنه ( مع انه ) لاصراحة لكلام الاسكافي في المخالفة في اصل المسئلة ، فانه قال اذا دخل الروج او الزوجة على الولد والابوين كان للزوج

٢

الربع وللزوجة الثمن من جميع التركة عقارا واثاثا وصامتا ورقيقا انتهى ، فيمكن ان يكون خلافه في بعض فروع المسئلة اعني حرمان ذات الولد بان كان مقصوده بقرينة ذكر الولد ان الزوجة اذا كانت ذات ولد من الزوج ترثه من جميع تركته ، لا ان المقصود هو الخلاف في اصل المسئلة ( وعلى فرض ) ظهور كلامه في المخالفة في اصل المسئلة قد عرفت ضعفه بسبقه ولحوقه بالاجماع ( وأما ) خلو جملة من كتب الاصحاب من ذلك على ما قيل كالمقنع والمراسم والايجاز ونحوها ، فغير مؤيد لهذا القول ، فان الظاهر أن عدم تعرضهم للمسئلة لمكان وضوحها عندهم من كون حرمانها من بعض التركة مذهب اهل البيت عليهم‌السلام ( مع ) ان المتبع في المسئلة هو الدليل ، ويكفي فيه بعد الاجماع وتسالم الفتاوى النصوص الاتية التي هي فوق مرتبة التواتر ( حيث ) يخصص بها عمومات الكتاب والسنة المقتضيه لارثها من جميع تركة زوجها ( فلا يبقى ) حينئذ مستند للاسكافي الا بعض الاخبار ، كرواية ابن ابي يعفور وابان والفضل بن عبدالملك عن ابي عبدالله (ع) قال سئلته عن الرجل هل يرث من دار امرأته او أرضها من التربة شيئا او يكون ذلك بمنزلة المرئة فلا يرث من ذلك شيئا قال (ع) يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت ، وموثقة عبيدة بن زرارة والبقباق عن ابي عبدالله (ع) قلنا ما تقول في رجل تزوج امراة ثم مات عنها وقد فرض لها الصداق فقال (ع) لها نصف الصداق وترثه من كل شيء ( ولكنهما ) محمولان على التقية فلا يصلحان للمقاومة مع النصوص المتواترة الصريحة في حرمان الزوجة من بعض تركة زوجها ، كما يؤيده بل يشهد له ظهور الرواية الاولى في مفروغية حرمانها من الارض والدار عند الراوى من حيث جعل محط سؤاله عن الرجل في انه كالزوجة في الحرمان من الارض والدار على ما هو المسلم عند الشيعة فاجابه الامام (ع) بجواب متكفل للتقية بالنسبة الى حكم الزوجه لعدم تمكنه من الاقتصار على بيان حكم الزوج فقط لمكان وجود من

٣

يتقيه الامام (ع) في المجلس ( لأن ) سكوته عن حكم الزوجة مع كونه غير مسؤول عنه يكون تقريراً للسائل على معتقده بنظر من في المجلس ممن يتقيه الامام (ع) ، مع امكان حملها على ذات الولد من الزوج ، او الالتزام فيها بالتخصيص بمقتضي الاجماع والنصوص الاتية ( ولكن ) الالتزام بالتخصيص بعيد جدا في الرواية الاولى فيتعين حملها على التقية ، او على ذات الولد من الزوج ( وكيفكان ) فلا اشكال في اصل المسئلة بين الامامية فتوى ونصا ( وانما ) الكلام والاشكال في مقامين ( الاول ) في الذي تحرم منه الزوجة عينا وقيمة او عينا لاقيمة ( الثاني ) في ان الحرمان مخصوص بغير ذات الولد من الزوج ، او انه عام يشمل ذات الولد من الزوج ايضا ( فنقول ) وبالله التوفيق.

( اما المقام الاول )

فقد اختلف فيه كلماتهم تبعا لاختلاف الاخبار على الاقوال ( احدها ) وهو المنسوب الى الشهور حرمانها من مطلق الارض عينا وقيمة خاليه كانت الارض او مشغولة ببناء او زرع ، وحرمانها عينا لاقيمة من الابنيه والاشجار ( وثانيها ) حرمانها عينا وقيمة من خصوص ارض الرباع وهي الدور والمسا كن لا من مطلق الارض كالضياع والبساتين وحرمانها عينا لاقيمة من البناء والالات والاخشاب المستدخلة فيها تقليلا للتخصيص في عمومات الكتاب والسنة المقتضية لارثها من جميع التركة وهذا القول منسوب الى المفيد في المقنعة وابن ادريس في السرائر وكاشف الرموز ، ( ونسب ) الى بعض الاجلة من المحققين من اعاظم العصر اختيار هذا القول ( وثالثها ) ما ارتضاه المرتضى قدس‌سره فيما حكى عنه من تخصيص حرمانها بخصوص اعيان الرباع ارضا وعمارة لا من قيمتها وحاصله توريثها من جميع تركة زوجها عدا الرباع فتحرم من خصوص اعيانها لا من قيمتها ( ورابعها ) حرمانها من عين الارض مطلقا لا من قيمتها

٤

جمعا بين ادلة الارث وادلة الحرمان بجعل الحرمان المذكور في الاخبار الحرمان من اعيان الاراضي لا من قيمتها ، وقد نسبها في الجواهر هذا القول الى المرتضى ( قده ) لا القول المتقدم ، ولم يحضرني كلامه في الحال حتي اتامل فيه ( وخامسها ) ما نسب الى الشيخ ( قده ) واتباعه ، وهو التفصيل فيما تحرم منه عينا لا قيمة بين الابنية وبين النخيل والاشجار بتوريثها من اعيان النخيل والاشجار ( ولعل ) منشأ هذه النسبة اليهم من جهه تخصيصهم الحرمان في الذكر بالارض واقتصارهم فيما تحرم منه عينا لاقيمة على ذكر الابنية والالات المعلوم عدم شمولها للاشجار ، والا فلم اجد من صرح منهم بارثها من اعيان النخيل والاشجار.

( وعلى كل حال ) فهذه اقوال خمسة في المسئلة ، ومنشئها كما قلنا اختلاف السنة اخبار الباب مع اختلاف انظارهم في فهم المراد منها من حيث اقتصار ( بعضها ) فيما تحرم منه الزوجة عينا على عنوان الرباع وهي الدور والمساكن والمنزل كصحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبدالله (ع) ترث المرئة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا ( وفي بعضها ) على الارض والتربة دارا او عقارا او ضيعة ( وفي ثالث ) على عنوان العقار تارة وباضافة الدور اليها اخرى ، والعقار ثالثة ( ولكن ) المختار ما هو المشهور وهو حرمانها عينا وقيمة من مطلق الارض والتربة ، من غير فرق بين الدور والمساكن وغيرهما ، وعينا لاقيمة من كل ما هو ثابت في الارض من الابنية والنخيل والاشجار « لنا على ذلك » الاخبار الكثيرة التي فيها الصحيح والموثق البالغة في الكثرة حد التواتر على اختلاف اساليبها من حيث اشتمال بعضها على عنوان الدور والعقار ، وبعضها على عنوان العقار ، وبعضها على عنوان الضيعة وبعضها على عنوان الارض والتربة.

( فمنها ) صحيحة محمد بن مسلم عن ابي عبدالله (ع) ترث المرئة الطوب ولا ترث من الرباع شيئا قال قلت كيف ترث من الفرع ولا ترث من الفرع ولا ترث من الرباع شيئاً ...

٥

فقال (ع) ليس لها منه نسب ترثه به وانما هي دخيل عليهم فترت من الفرع ولا ترث من الاصل ولا يدخل عليهم داخل بسببها.

( ومنها ) ما رواه الفضلاء الخمسة وهم زرارة ، وبكير وفضيل ، ويريد ، ومحمد ابن مسلم منهم عن ابي جعفر (ع) وابي عبدالله (ع) ، ومنهم عن ابي عبدالله (ع) ومنهم عن ابي جعفر (ع) ، ومنهم عن احدها : ان المرئة لاترث من تركة زوجها من تربة دار او ارض الا ان يقوم الطوب والخشب قيمة فتعطي ربعها او ثمنها ان كان له ولد من قيمة الطوب والخشب.

( ومنها ) صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) النساء لايرثن من الارض ولا من العقار شيئا.

( ومنها ) رواية ميسرة بياع الزطي عن ابي عبدالله (ع) قال سئلته عن النساء ما لهن من لليراث. فقال (ع) قيمة الطوب والخشب والقصب ، فاما الارض والعقار فلا ميراث لهن فيه : قلت فالبنات قال (ع) البنات لهن نصيبهن قال قلت كيف صار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع مسمى قال (ع) لان المرئة ليس لها نسب ترث به وانما هي دخيل عليهم وانما صار هكذا لئلا يتزوج المرئة فيجيء زوجها او ولدها من قوم اخرين فيزاحم قوما في عقارهم.

( ومنها ) صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن ابي جعفر (ع) ان النساء لايرثن من الدور ولا من الضياع شيئا ، الا ان يكون قد احدث بناء فيرثن ذلك البناء.

( ومنها ) رواية يزيد الصائغ عن ابي عبدالله (ع) قال سئلته عن النساء هل يرثن الارض ... فقال (ع) لا ولكن يرثن قيمة البناء قال قلت ان الناس لا يرضون بهذا فقال (ع) اذا وليناهم ضربناهم بالسوط فان لم يستقيموا ضربناهم بالسيف.

( ومنها ) صحيحة زرارة عن ابي جعفر (ع) ان المرأة لا ترث مما ترك زوجها

٦

من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع البيت مما ترك ويقوم النقض والجذوع والقصب فتعطى حقها منه.

( ومنها ) صحيح الاحول لايرثن النساء من عقار شيئا ولهن من قيمة البناء والشجر والنخل يعني من البناء والدور وانما عني من النساء الزوجة.

( ومنها ) صحيحة زرارة عن ابي جعفر (ع) ، ومحمد بن مسلم عنه (ع) قال لاترث النساء من عقار الارض.

( ومنها ) رواية حماد بن عثمان عن ابي عبدالله (ع) قال انما جعل للمرأة قيمة الخشب والطوب لئلا يتزوجن فيدخل عليهم من يفسد مواريثهم.

( ومنها ) رواية حماد بن عثمان عن زرارة ومحمد بن مسلم عن ابي عبدالله (ع) قال لا ترث النساء من عقار الدور شيئا ولكن يقوم البناء والطوب وتعطي ثمنها او ربعها قال (ع) وانما ذلك لئلا يتزوجن فيفسدن على اهل المواريث مواريثهم.

( ومنها ) المروي في بصائر الدرجات عن عبدالملك بن اعين قان دعي ابوجعفر (ع) بكتاب علي فجاء به جعفر (ع) مثل فخد الرجل مطويا ، فاذا فيه ان النساء ليس لهن من عقار الرجل اذا توفى عنهن شيء فقال ابوجعفر (ع) هذا والله خط علي واملاء رسول الله (ص).

( ومنها ) رواية بن سنان فيما كتب اليه الرضا (ع) في جواب مسائله : علة ان المرأة لا ترث من العقار شيئا الا قيمة الطوب والنقض لان العقار لايمكن تغييره وقلبه والمرئة قد يجوز ان ينقطع ما بينها وبينهم من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها وليس الولد والوالد كذلك ، لانه لايمكن التفصى منها والمرئة يمكن الاستبدال بها فما يجوز ان يجيء ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره اذا شبيها وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام.

٧

( ومنها ) رواية عبدالملك بن اعين عن احدهما (ع) قال ليس للنساء من الدور والعقار شيئا ولهن من قيمة البناء والشجر والنخل.

( ومنها ) رواية طربال بن رجاء عن ابي جعفر (ع) ان المرئة لاترث فيما ترك زوجها من القرى والدور والسلاح والدواب شيئا وترث من المال والرقيق والثياب ومتاع البيت مما ترك ويقوم النقض والجذوع والقصب فتعطي حقها منه.

( ومنها ) رواية موسى بن بكير الواسطي قال قلت لزرارة ان بكيرا حدثني عن ابي جعفر (ع) ان النساء لاترث مما ترك زوجها من تربة دار ولا ارض الا ان يقوم البناء والجذوع والخشب فتعطى نصيبها من قيمة البناء واما التربة فلا تعطى شيئا من الارض ولا تربة دار قال زرارة هذا مما لا شك فيه « الى غير ذلك » من الاخبار الصريحة على اختلاف السنتها في حرمان الزوجة مطلقا من مطلق الارض والتربة عينما وقيمة فارغة كانت الارض او مشغولة ببناء او زرع او غرس ، وعينا لاقيمة من كل ما هو ثابت في الارض من البناء والالات والاشجار بعد حمل مطلقاتها على مقيداتها ( فيخصص ) بها حينئذ عموم ما دل من الكتاب والسنة على توريث الزوجة ربعا او ثمنا من تركة زوجها بما عدا الارض والتربة دورا كانت ام ضياعا « كما » انه بالنسبة الى ما يكون ثابتا في الارض كالبناء والاشجار والنخيل يقيد ايضا كيفية ارثها منها بكونه من قيمتها لا من اعيانها كل ذلك بمقتضي صنلعة الاطلاق والتقييد « ولا ينافي » ذلك ما في بعض تلك الاخبار من الاقتضار في حرمان الزوجة على عنوان الرباع وعقار الدور « لوضوح » ان حرمانها منها لا ينافي حرمانها من مطلق الارض والتربة ، اذ هو من قبيل قولك لاتضرب الرجال ولاتضرب زيدا في اتفاقهما في النفي بنحو العموم تارة والخصوص اخرى « فليس » لتلك النصوص المقتصرة على الحرمان من الرباع ورباع الارض وعقار الدور مفهوم يقتضي توريثها مما عدا الرباع

٨

وعقار الدور كي تصلح للمعارضة مع النصوص الاخر الدالة بالصراحة على حرمانها من مطلق الارض والتربة من الضياع وغيره ( وانما غايته سكوتها عن حرمانها مما عدا الرباع المعروف كونه بين اللغويين عبارة عن المنزل والدار والمسكن ( فتبقى ) النصوص النافيه لارثها من العقار والارض والتربة والضيعة على حالها سليمة عما يصلح للمعارضة معها ( فيخصص ) بها حينئذ عمومات الارث كتابا وسنة ، كتخصيصها بما دل على حرمانها من الرباع والدار ( وعلى ) فرض دلالتها على ارثها مما عدا الرباع فغايته كونها بالاطلاق ، فيقيد بالنصوص المصرحة بحرمانها من مطلق الارض والتربة بمثل قوله المرئة لاترث من تربة دار ولا ارض او لايرثن النساء من الارض ولا من العقار شيئا ، كما يخصص بها عمومات الارث.

( واما المناقشة ) فيها من جهة ضعف السند ، فمندفعة جدا ( اذ مضافا ) الى كون اكثرها من المعتبرة والصحاح كانت منجبرة بالشهرة وفتوى الاصحاب ( كاندفاع ) المناقشته فيها ايضا ، تارة بعموم النساء فيها الشامل للزوجة وغيرها ، واخرى بعدم صراحتها بل ولا ظهورها في المنع عن مطلق الارض والتربة ، لاحتمال كون المراد من العقار والارض والتربة في النصوص هو عقر الدار وارضها ، وثالثة باشتمالها على ما لايقول به احد وهو حرمانها من السلاح والدواب ، ورابعة غير ذلك من المناقشات.

( اذ فيه ) اما المناقشة من جهة عموم النساء فيها وشمولها للبنات ( فلا وجه ) لتوهم العموم فيها بعد تبين المراد منها من كونه خصوص الزوجة ، كما وقع التصريح به في رواية الميسره المتقدمة في قوله قلت فالبنات قال « ع » البنات لهن نصيبهن ، وفي رواية الاحول من قول الراوي انما عنى بالنساء الزوجة ، وفي التعليل الوارد في رواية ابن سنان بقوله « ع » لان العقار لايمكن تغييره وقلبه والمرأة قد يجوز ان ينقطع ما بينها

٩

وبينهم من العصمة الى قوله وليس الولد والوالد كذلك الى قوله فما يجوز ان يجيء ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره اذا شبيها وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام ( واما المناقشة ) في دلالتها على عموم المنع عن ارثها من مطلق الارض والتربة فواهية جدا « اذ كيف » يمكن المناقشة في دلالة قوله (ع) النساء لايرثن من الارض ولا من العقار شيئا كما في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم ، وقوله « ع » في صحيحة الفضلاء لاترث المرئة من تربة دار او ارض ، وقوله « ع » في صحيحة اخرى لزرارة ومحمد بن مسلم لايرثن من الدور ولا من الضياع شيئا ، وقوله « ع » في رواية عبدالملك بن اعين ليس للنساء من الدور والعقار شيء ، وقوله « ع » لاتعطى من الارض شيئا. « مع وضوح » كون المراد من العقار بالفتح في غير مورد اضافته الى الدور هو الضيعة كما اعترف به في كشف اللثام وجعله الاشهر في معناه وفسره في مجمع البحرين بكل ملك ثابت له اصل كالدار والارض والنخل والضياع وفي لسان العرب العقار بالفتح المنزل والضيعة يقال ما له دار ولا عقار وفي الحديث من باع دارا او عقارا « وعلى كل حال » فلا ريب في ان المراد منه في غير مورد اضافته الى الدور هو الضيعه وارض الغلة « واما » ما اشتمل منها على ما لا يقول به الاصحاب ، فليس الا روايتا زرارة وطربال بن رجاء الكوفي من حيث تضمنها لعدم ارثها من السلاح والدواب ( ولكن ) نقول ان مجرد ذلك لايضر بصحة الاستدل بها فيما عدا السلاح والدواب ، لما قرر في محله من ان اشتمل الرواية على ما لايكون حجة لايخرجها بالمرة عن الحجية حتى بالنسبة الى غيره فهي من هذه الجهة من قبيل العام المخصص في كونه حجة في الباقي هذا ( مع امكان ) حملها على اعيان الحيوة كما قيل باراده السيف من السلاح والراحلة من لدواب كما ورد ذلك في بعض اخبار الحبوة وان كنا لانقول بكون الزاحلة من الحبوة ( مع ان ) في بقية النصوص

١٠

الدالة على حرمان الزوجة من مطلق الارض غنى وكفاية في تخصيص عمومات الارث بها.

( وبذلك ) كله يظهر لك ضعف سائر الاقوال في المسئله ( اما قول ) المفيد ومن تبعه من تخصيص المنع بالدور والمساكن فظاهر ، اذ لا وجه له الا الاقتصار في تخصيص عمومات الارث بما هو المتقين من المجمع علية والمتواتر به الاخبار والرجوع فيما عداه الى العمومات لكون الشك فيها في اصل التخصيص ( ولكنك ) عرفت ضعفه من انه مع وجود هذه الاخبار الصحيحة الصريحة في حرمان الزوجة من مطلق الارض والتربة وعمل الشهور بها لا شك في تخصيص عمومات الارث بها ( نعم ) ما افاده من تخصيص الحرمان بالدور والمساكن والرباع انما يتم على القول بعدم تخصيص الكتاب بالخبر الواحد ، اذ حينئذ مع اختلاف اساليب تلك الاخبار لابد من الاقتصار في التخصيص على ما هو المجمع عليه والمتواتر به الاخبار ولا يكون ذلك الا الرباع المفسر بالدور والمساكن ( ولكن ) الشأن في اصل المبنى لما حقق في محله من جواز التخصيص الكتاب بالخبر الواحد كتخصيصه بالمتواتر.

( واما قول السيد قده ) بانها تحرم من عين الارض دون قيمتها ، فمع تفرده به وعدم موافق له من الاصحاب لايكاد يتصور له وجه الا كونه جمعا بين أدلة الارث وأدلة الحرمان كما عن المختلف وكونه ايضا هو المتقين من الاجماع وما تواتر عليه الاخبار ( وهو ) كما ترى ، اما الاجماع فمن جهة تصريحهم بحرمانها من الارض في الجملة عينا وقيمة وان اختلفوا في ما تحرم منه من انه مطلق الارض والتربة او خصوص الدور والمساكن ( واما الاخبار ) فلما عرفت من صراحتها بقرينة المقابلة بين البناء والارض في حرمانها من الارض عينا وقيمة ( واما الجمع ) المزبور بين أدلة الارث وأدلة الحرمان ، فمع انه لاشاهد عليه ، يكون طرحاً للاخبار حقيقة ، لمنافاة بالضرورة لما هو

١١

المصرح به في تلك النصوص المتواترة من حرمانها من نفس الارض عيناً وقيمة خصوصاً بملاحظة المقابلة في تلك الاخبار بين الارض والبناء والالات بالتصريح باعطاء القيمة من البناء والخشب والقصب ونحوها دون الارض ( مضافاً ) الى ان اندراج العين والقيمة في العمومات ليس من قبيل اندراج المصاديق في مفهوم العام ليكون حمل كل منها على بعض أفراده عملا بهما في الجملة فتأمل.

( وأما ما نسب ) الى الشيخ ( قده ) واتباعه من القول بتوريثها من أعيان النخيل والاشجار تقليلا للتخصيص ، فيدفعه رواية الاحول المتقدمة القاضية بالصراحة بالمساوات بين الابنية وبين النخيل والاشجار في كون توريثها من قيمتها لا من اعيانها ( واما المناقشة ) فيها بضعف السند فضعيفة بكونها من الصحيح لان طريق الصدوق ( قده ) الى الحسن بن محبوب صحيح فكانت الرواية صحيحة ( ويمكن ) الاستدلال لذلك ايضا بالنصوص النافية لارثهن من العقار والضياع ، نظراً الى دخول الاشجار فيها كدخول الحائط والبناء ، غاية الامر بالنسبة الى الابنية والاشجار يخصص بما دل على تقويمها واعطاء القيامة اليها ربعاً او ثمناً فتأمل ( فالتحقيق ) حينئذ وفاقا للمعظم بل المشهور القول الاول وهو حرمانها من مطلق الارض عينا وقيمة داراً كانت او غيرها مشغولة بغرس أو زرع أو خالية ، وعيناً لاقيمة من مطلق ما هو ثابت في الارض كالبناء والاشجار ( هذا كله ) في المقام الاول.

واما المقام الثاني

في أن الحرمان يعم مطلق الزوجة ، او يختص بغير ذات الولد منها ( فنقول ) ان في المسئلة قولان متكافئان ( احدهما ) اختصاص الحرمان بغير ذات الولد من الزوج الميت ، وهو منسوب الى جماعة من اعاظم الفقهاء رضوان الله عليهم ، كالصدوق في الفقيه والشيخ في النهاية والمبسوط ، والسبزواري في الوسيلة ، والشهيد في الدروس

١٢

واللمعة ، والمحقق في الشرايع ، والعلامة في القواعد ، وشرحها مفتاح الكرامة ( بل قيل ) انه المشهور بين المتأخرين كما في المسالك والروضة ، بل ادعى عليه الاجماع ( وثانيهما ) عموم الحرمان لمطلق الزوجة ولو كانت ذات ولد ( وهو على ما في الجواهر ) خيرة اكثر الاصحاب ، كالكليني ( قده ) ، والمفيد والمرتضى والشيخ في الاستبصار والحلبي وابن زهرة والحلي ، بل هو المشهور بين بين المتأخرين شهرة كادت تكون اجماعا ، بل هو ظاهر كل من أطلق حرمانها من الارض ، بل في محكي السرائر الاجماع عليه وفي المحكي عن المفيد في الرسالة التي رد فيها على رجل ناصي اجماع الشيعة على ذلك ( ولكن التحقيق ) هو الثاني ، اذ لم نقف للاول على دليل معتد به يقضى التفصيل المزبور ، بل ظاهر النصوص المتقدمة خلافه خصوصاً المشتمل منها على التعليل بقوله (ع) لئلا يتزوجن فيدخل عليهم يعني أهل المواريث من يفسد مواريثهم ( فان ) مقتضاها عدم الفرق في الحرمان بين ذات الولد وغيرها ، وكذا المشتمل منها على اعطاء الربع والثمن من قيمة البناء والطوب والخشب كصحيحة الفضلاء من قوله (ع) الا ان يقوم الخشب فتعطى ربعها او ثمنها انكان له الولد الشامل باطلاقه لكون الولد من الزوجة التي يعطي اليها ثمنها او من غيرها.

( واما ) ما استدل به للقول الاول من روايتي عبيد بن زرارة وابن ابي يعفور المتقدمين من قوله (ع) يرثها وترثه من كل شيء ترك وتركت بعد حملها على ذات الولد ففيه انه لا شاهد لهذا الحمل ( نعم ) في مقطوع ابن اذنية الذي رواه الصدوق قده في الفقيه عن ابي عمير النساء اذا كان لهن ولد اعطين من الرباع ( ولكنه غير صالح ) للاستدلال به وتقيد ما دل على حرمان الزوجة من الرباع والعقار والارأضي والضياع بغير ذات الولد ( لان ) ذلك فرع احرار كونه رواية عن الامام « ع » ، وهي مشكوكة لاحتمال كونها رايا من الراوي لا رواية عن الامام (ع) « ورواية » اجلاء الرواة كابن ابن ابي عمير للحديث عنه لايدفع الاحتمال المزبور ، فان غايته كونه

١٣

مفيدا للظن بكونه رواية عن الامام (ع) « ولكن » ذلك لايقتضى حجيته ما لم يقطع بكونه رواية عن الامام « ع » ( وبذلك ) ظهر وضوح الفرق بينه وبين الرسل المجبور ضعفه بالشهرة وفتوى الاصحاب ( فان ) الشهرة انما تجبر بها الخير اذا اسند الى الامام (ع) دون ما لايكون كذلك مما شك في كونه رواية عن الامام (ع) فلا مجال حينئذ لمقايسته المقام بالمرسل المنجبر ضعفه بالشهرة بمحض رواية الاجلاء للحديث عنه بارسالهم له على نسق الرواية وتدوين مشايخ الحديث له في اصولهم المعمولة لتدوين الروايات فيها وتكرره في الجوامع الثالثه الفقيه والاستبصار والتهذيب ( فكيف ) يمكن حينئذ رفع اليد بمثله عن تلك المطلقات الكثيرة النافية لارثهن من الدور والعقار والاراضي والضياع مع ما فيها من التعليلات والتأكيدات وورودها في مقام البيان وعدم تعرض شيء منها على كثرتها واختلاف اساليبها وتفاوت أزمنة صدورها للتفصيل المزبور ( ودعوى ) كون التفصيل بين ذات الولد وغيرها جمعا بين أدلة حرمانها من جميع ما ترك من الاراضي وأدلة ارثها من الجميع وتقليلا للتخصيص فى عمومات الارث مما لا شاهد لها وكثرة افراد المخصص مما لا ضير فيه بعد قيام الدليل المعتبر عليه.

( وأما الاستدلال ) للتفصيل المزبور بأنه قضية صناعة الاطلاق والتقييد في الاخبار المتعارضة ( بتقريب ) ان النسبة بين عمومات الارث كتابا وسنة والمطلقات النافية لارثهن من الأراضي والدور والعقار والضياع وان كانت هي العموم المطلق ( ولكن ) بعد تخصيص العمومات بالاجماع على حرمان غير ذات الولد تنقلب النسبة بينها وبين المطلقات المانعة بعكس الاول ، حيث انه تصير عمومات الارث بعد التخصيص بالاجماع اخص مطلقا من المطلقات المانعة من الارث فتخصص تلك المطلقات بها ونتيجة ذلك هي التفصيل المزبور بين ذات الولد وغيرها ولو مع قطع النظر عن المقطوعة المزبورة ( ففيه ) ما لايخفى ( أما أولا ) فبأن المسلم من فرض انقلاب

١٤

النسبة انما هو في التخصيص بالمتصل الموجب لقلب ظهور العام ، لا في التخصيص بالمنفصل الذي لايوجب الا قصر حجية ظهوره ببعض مدلوله لاسلب أصل ظهوره ( فان ) في مثله لا موقع لدعوى إنقلاب النسبة بين الدليلين بمحض تخصيص احدها بدليل منفصل كما في مفروض البحث المدعى فيه تخصيص عمومات الارث بالاجماع الذي هو دليل منفصل ( وتوهم ) ان النسبة في المتعارضين من الادلة انما تلاحظ بين الحجتين لا بين ظهورين بما هما مع قطع النظر عن حجيتها ، فلا بد في مقام لحاظ النسبة بين المتعارضين من ان يكون كل واحد منها في ذاته مع قطع النظر عن التعارض حجة فعلية يصح الركون اليه في استفادة الحكم الشرعي والافتاء بمضمونه ، ولا ريب في ان العام المخصص بالمتصل او المنفصل لايكون كذلك اذ هو بعد التخصيص ( ولازم ) ذلك هو لزوم لحاظ النسبة بينه وبين العام الاخر في خصوص المقدار الذي يكون حجة فعلية لولا المعارض ، ولا نعني من انقلاب النسبة بين الدليلين بعد تخصيص أحدهما بالخاص الوارد عليه الا هذا ( فمدفوع ) بان التعارض بين الادلة وان كان بين الحجتين للزوم ان يكون المتعارضين كل منها لولا التعارض حجة في نفسه يصح الركون اليه ( ولكن ) الكلام في الظهور الذي هو موضوع الحجية ( فان ) تعارض الأدلة في باب الألفاظ بعد أن يكون باعتبار كشفها النوعي عن المراد الواقعي الحاصل من القاء الظاهر في مقام الافادة والاستفادة ، لا باعتبار كشفها الفعلي المنافي مع الظن الفعلي بالخلاف ، ويكون تقديم الخاص المنفصل على العام بمناط تقديم اقوى الحجتين على الاخرى ، لا من باب تعبد مخصوص اقتضى تقديم الأخص مضمونا على الاعم ، ولا من جهة اقتضائه لقلب ظهور العام الى ظهور آخر في المقدار الباقي بعد التخصيص لا يكون الا فيما عدا عنوان الخاص وهو مقدار الباقي بعد التخصيص( فلا محالة ) يكون ظهور العام بعد التخصيص في ما عدا عنوان المخصص بعين ظهوره النوعي الثابت

١٥

له قبل التخصيص لا بظهور آخر غيره ( فاذا فرضنا ) ان ظهور العام في مقدار حجيته بعد التخصيص بعين ظهوره النوعي ودلالته على تمام مدلوله قوة وضعفا لابظهور اخر غيره وكان هذا الظهور مساوياً او اضعف من ظهور غيره ( فكيف ) يمكن تقديم ظهوره في مقدار حجيته على ما كان مساويا او أقوى ظهورا منه بصرف اخصيته في مقدار حجيته ( نعم ) لهذا الكلام مجال لو كان المناط في تقديم الخاص في المنفصلات من باب التعبد بصرف اخصية مضمونه ( وليس ) كذلك وانما هو من باب تقديم اقوى الظهورين والحجتين ، ولذا قد يقدم العام على الخاص فيما كان ظهوره في العموم اقوى من ظهور الخاص المنفصل في الخصوص ( ولعمري ) ان المنشأ لهذا التوهم انما هو تخيل كون الخاص المنفصل كالمتصل منه موجبا لقلب ظهور العام الى ظهور اخر فيما عدا عنوان الخاص ، والا فعلى فرض عدم اقتضائه الاقصر حجيته في المقدار الباقي لامجال لدعوى انقلاب النسبة بين الظهورين بمجرد ورود مخصص لاحد العامين ، هذا.

( وثانيا ) لو بنينا على انقلاب النسبة في المخصصات المنفصلة ، نقول انه لايكاد جريانه في مثل المقام ( فانه لم يقم ) اجماع بالخصوص على حرمان غير ذات الولد بعنوانه المخصوص كي ينتهى الامر الى الدعوى الانقلاب المزبور ( ومجرد ) كونه هو القدر المتيقن من الاجماع على حرمان الزوجة لايجدى في اخذ النتيجة المزبورة لعدم اقتضاء هذا المقدار للكشف عن كونه بالخصوص رأي المعصوم ( ع ) ( لان ) من المحتمل كون رايه ( ع ) على حرمان مطلق الزوجة ذات الولد وغيرها ( ومع ) هذا الاحتمال اين يبقى المجال لدعوى كون مفاد الاجماع المستكشف منه رأي الامام اخص مطلقا من تلك الاخبار لا مبائنا معها ( فالتحقيق ) حينئذ هو عموم الحرمان لمطلق الزوجة ذات الولد وغيرهما ( ولكن ) مع ذلك فالاحوط هو التصالح في المقام حذرا من مخالفة هؤلاء الاعلام الذين هم من ائمة الفقه ، وان كان الأقوى ما عرفت

١٦

من عموم الحرمان لمطلق الزوجة.

التنبيه على امور

( الامر الاول ) الظاهر أنه لا فرق في حرمان الزوجة من الأراضي عيناً وقيمة ومن البناء والاشجار عيناً لا قيمة بين أن يكون معها وارث غير الامام من الطبقات السابقة ، وبين ان لايكون معها وارث غير الامام ( فانه ) بناء على ما هو المشهور بين الاصحاب من عدم الرد عليها لايكاد يفرق بين الصورتين ، فتحرم مع الامام ايضا كما تحرم مع وجود وارث اخر غير الامام ( اذ لا وجه ) لتخصيص حرمانها بصورة كون الوارث غير الامام ، عدا توهم انصراف الاخبار المتقدمة الى صورة وجود وارث اخر معها غير الامام مؤيدا بما في بعضها من التعليل بقوله ( ع ) لئلا يتزوج المرأة فيجيء ، زوجها او ولدا فيزاحم قوما اخرين في عقارهم ( وهو ) توهم فاسد لمنع الانصراف اولا وكونه على فرض تسليمه بدوياً يزول بأدنى تأمل فيها ( والتعليل ) المزبور مع كونه حكمة لتشريع الحكم لا علة غير مجد بعد اقتضاء التدرج في طبقات الارث قيام كل لاحقه مقام سابقتها ( فان ) لازمه هو حرمانها مع الامام كحرمانها مع غيره من الطبقات السابقة كما هو ظاهر واضح.

( الامر الثاني )

( قد عرفت ) ان ما تحرم منه الزوجة عينا وقيمة من تركة زوجها انما هو عين مطلق الارض دورا كانت او غيرها من الضياع والعقار ( واما ) بالنسبة الى الأبنية والآلات فلا تحرم منها الا من اعيانها لا من قيمتها ، بل تقوم البناء والآلات فتعطي حصتها من القيمة ربعا او ثمنا ( من غير فرق ) بين الرباع المفسر بالدور والمساكن وبين غيره كالدكاكين والخانات والحمامات ( فان الدار ) في ذلك على ما نص عليه بعض اخبار الباب انما هو على عنوان البناء والآلات فتحرم عينا لا قيمة من مطلق

١٧

الأبنية داراً كانت أو غيرها كالخانات والحمامات والدكاكين والارحية ، بل وبيوت الدواب والغم ومحارز الغلة وعلف الدواب ، وبالجملة تحرم الزوجة من اعيان كل أبنية اعدت لأي مصلحة وتعطى حصتها من قيمتها ، ويدخل فيها ايضا حيطان البساطين لصدق اسم البناء عليها ( وان ) قيل بارثها من اعيان الأشجار ( اذ لا تلازم ) بين ارثها من اعيان الاشجار وارثها من عين الحيطان بها ( فان ) كل من المحيط والمحاط يتبع دليله ، فاذا صدق البناء على الحائط المحيط بالاشجار يلزمه حرمانها منه عينا ، قلنا بارثها من الاشجار او لم نقل بذلك.

( واما الالات ) التي تعطى حصتها من قيمتها فالمراد بها كل ما يعد كونه جزءا للبناء ، فيدخل فيها الاخشاب والآجر والابواب والاعتاب والشبابيك ولو كانت من حديد وغيرهما مما هو مستدخل في البناء ويدخل فيها الاعمدة المنصوبة في الارض المعمولة للطوارم في عصرنا ولو كانت من حديد ، وكذا السلم المنصوب للصعود والنزول اذا كان ثابتا على نحو يعد كونه جزء البناء ، دون المنفصل الذي ينقل من مكان الى مكان ( وكذا ) يدخل المرآئي والزجاجات المنصوبة في سقف البيت وجدرانه للزينة كل هذه لصدق كونها جزء البناء ( من غير فرق ) بين اشراف البناء على الخراب وعدمه فما دام البناء باقيا بحاله يترتب عليه وعلى ما يتبعه من الآلات والادوات المستدخلة او المنصوبة فيه الحكم المزبور « نعم » لا يدخل فيها الآلات المنفصلة عن البناء كالاّجر والاخشاب والأعمدة والشبابيك وغيرها ، لعدم كونها جزء البناء مع فرض انفصالها عنه « من غير فرق » بين طر والانفصال عليها بهدم ونحوه وبين كونه معدة للبناء وبعد لم تبن « لأن » العبرة في الحرمان من تلك الآلات على فعلية ثباتها في البناء وكونها جزء فعليا للبناء ، لا على مجرد قابليتها لان تكون جزء البناء فلاتحرم الزوجة من اعيانها « نعم » قد يشك في الاعمدة في الارض لاجل وضع البناء والطوارم

١٨

عليها بعد ذلك بلا كونها مشغولة ببناء فعلى عليها « وكذا » في الجذوع والاخشاب الموضوعة على جدران البيت لاجل التسقيف بلا وضع بنيان عليها ولا نصب للاخشاب المزبورة بمسامير ونحوها ( وبالجملة ) مورد الشك في صورة مجرد وضع الاعمدة والاخشاب على الهيئة التي يبنى عليها الطوارم والسقف مع عدم وضع شيء عليها من بناء ونحوه ، حيث ان فيها اشكالا من صدق كونها جزء البناء بهذا المقدار من الوضع على الهيئة الخاصة ، ومن عدم وضع بناء بعد عليها « ويحتمل » الفرق بين الاعمدة المنصوبة في الأرض لاجل وضع البناء والطوارم عليها ، وبين الجذوع والأخشاب الموضوعة على جدران البيت لأجل التسقيف بلا نصبها ببناء او مسمار ، بالقول بحرمان الزوجة منها عينا في الاول لكفاية مجرد نصبها في الارض على الهيئة الخاصة في صدق كونها جزءا فعليا للبناء ، دون الثاني لعدم الصدق فيها « ومثله » في الاشكال القدور المنصوبة في بعض الدكاكين لطبخ الهريسة والرؤوس ، وكذا الظروف المنصوبة في محال صنع الحلوى ، والظروف الكبيرة والأنجانات المنصوبة في محال صبغ اللباس ( وان كان ) الأظهر عدم حرمان الزوجة منها ( لان ) مناط التقويم في الادوات والآلات انما هو بكونها جزءا للبناء ، لا انه بصرف ثباتها في الارض كي يقال باقتضائه التعدي الى كل ثابت في الارض ولو لم يصدق عليه كونه جزءا للبناء ( وحينئذ ) فاذا لم يصدق عليها كونها جزءا للبناء فلا جرم ترث منها الزوجة كسائر الا متعه ( ولا اقل ) من الشك في ذلك فالمرجع هو عمومات الارث ( وما في بعض ) الكلمات من التعبير بالآلات المثبتة وغير مثبتة تارة ، وبالمنقولة وغيرها اخرى ، فليس المراد منه مجرد ثبات الشيء في الارض ، بل المراد منه ما يكون جزء البناء لاجل ثباته في الارض ، ولذلك لم يلتزم أحد بحرمان الزوجة من الزرع ونحوه مما هو ثابت في الارض ، كما ان قولهم بحرمانها من الاشجار انما هو لأجل النص وهو صحيح الاحول ، لا أنه من جهة ثباتها في

١٩

الأرض ( اذ لا أثر ) لمثل هذا العنوان في موضوع هذا الحكم ( وبالجملة ) أن الخارج من عمومات الارث بمقتضى الاجماع والنصوص المتقدمة فيما تحرم منه الزوجة عينا لا قيمة انما هو عنوان الاشجار وعنوان البناء والطوب والخشب والقصب المستدخل في البناء ، ففي ما عدا عنوان الاشجار من سائر الامور التي لها نحو ثبات يدور حرمان الزوجة منها مدار صدق عنوان البناء عليها او جزئيتها له دورا كانت ام حانوتا او غير ذلك ، فمتى لم يصدق عليها عنوان البناء ولا جزئيتها له ، او شك في الصدق المزبور كالأمثلة المزبورة في نحو القدور والأنجانات المنصوبة في الدكاكين المعدة لطبخ الرؤس والهريسة ومصانع صبغ الألبسة ونحوها يحكم عليها بارثها من اعيانها ، لعمومات الارث ( نعم ) في مثل صفرية الحمام واحجار الرحى في الارحية ومعصرة الزيت والسمسم ، فالظاهر دخولها في آلات البناء للصدق العرفي ( كما ان الظاهر ) دخول اعيان النواعير المنصوبة في البساتين لسقي الأراضي على اشكال في دولابها ( واما البيوت ) المتخذة من البواري وسعاف النخل ونحوهما مما هو المتعارف عند اهل القرى والمعدان في عصرنا هذا فلا يبعدان يقال بحرمان الزوجة منها لكونها من قبيل البيوت المتخذة من الاخشاب والالواح ، لا من قبيل الخيم والفسطاط.

( واما ) العيون والآبار فلا ينبغي الاشكال في الحرمان منها عينا وقيمة كالأراضي بل هي هي عيناً ( نعم ) الظاهر هو ارثها من عين المياه المجتمعة في الآبار الموجودة حال موت المورث ( وتوهم ) المنع عن ارثها منها ايضا لكونها تابعة لنفس الآبار ( مدفوع ) بمنع تبعيتها حتى من حيث الحكم بالحرمان وانما هي مملوكة بملكية مستقلة في قبال الارض والعيون والآبار ( ولا أقل ) من الشك فيحكم عليها بالارث بمقتضى العمومات ( واما المياه ) المتجددة بعد الموت فلا اشكال في عدم ارثها منها لكونها ملكاً للورثة محضاً.

٢٠