تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

وعنق العير وهما ميتان ، فأمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فضربت خيمة فغسل فيها ثم دخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فكفنه فسمعوا للنبي حركة ، فخرج وجبينه يرشح عرقا. وقال : ان هذا الأعرابي مات وهو جائع ، وهو ممن امن ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ، فابتدره الحور العين بثمان من الجنة يخشون بها شدقه (١) وهذه تقول يا رسول الله اجعلني في أزواجه.

١٦٣ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضيل عن أبى حمزة الثمالي عن الباقر عليه‌السلام حديث طويل ذكره في باب اتصال الوصية من لدن آدم عليه‌السلام يقول فيه : وقال الله عزوجل (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ) وقوله : (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا) لنجعلها في أهل بيته (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ) لنجعلها في أهل بيته فامر العقب من ذرية الأنبياء من كان قبل إبراهيم لإبراهيم عليه‌السلام وكان بين هود وإبراهيم من الأنبياء عشرة أنبياء. وقال فيه أيضا وقد ذكر الله تعالى في كتابه (وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ وَمِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ وَاجْتَبَيْناهُمْ وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) فانه من وكل بالفضل من أهل بيته من الأنبياء والاخوان والذرية وهو قول الله عزوجل في كتابه : فان يكفر بها أمتك فقد وكلنا أهل بيتك بالايمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون بها أبدا ولا أضيع الايمان الذي أرسلتك به ، وجعلت أهل بيتك بعدك علما على أمتك وولاة من بعدك وأهل استنباط علمي الذي ليس فيه كذب ولا اثم ولا زور ولا بطر ولا رياء.

في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن محمد بن الفضيل عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام مثل ما في كتاب كمال الدين وتمام النعمة سواء.

١٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال وكان بين موسى وبين داود خمسمائة سنة

__________________

(١) كذا ولعله مصحف «بثمار من الجنة يخشون بها ..» ـ م.

٧٤١

وبين داود وعيسى النبي سنة.!

١٦٥ ـ وحدثني أبى عن ظريف بن ناصح عن عبد الصمد بن بشير عن أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال لي أبو جعفر : يا أبا الجارود ما يقولون في الحسن والحسين قلت : ينكرون علينا انهما ابنا رسول الله قال : فبأى شيء احتججتم عليهم؟ قلت بقول الله عزوجل : في عيسى بن مريم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) الى قوله : (وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ) فجعل عيسى بن مريم من ذرية إبراهيم قال : فأى شيء قالوا لكم؟ قال : قلت قالوا : قد يكون ولد الابنة من الولد ولا يكون من الصلب قال : فبأى شيء احتججتم؟ عليهم؟ قال قلت احتججنا عليهم بقول الله : (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ) الآية قال : فأى شيء قالوا لكم؟ قلت : قالوا : قد يكون في كلام العرب إبني رجل واحد فيقول : أبناؤنا ، وانما هما ابن واحد ، قال : فقال ابو جعفر عليه‌السلام والله يا أبا الجارود لأعطينكها من كتاب الله مسمى بصلب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يردها الا كافر ؛ قال قلت جعلت فداك وأين؟ قال : من حيث قال الله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) الى قوله : (وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ) فسلهم يا أبا الجارود هل حل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نكاح حليلتيهما؟ فان قالوا : نعم. فكذبوا والله وفجروا ، وان قالوا : لا ، فهما والله ابناه لصلبه وما حرمتا عليه الا للصلب.

١٦٦ ـ في تفسير العياشي عن بشير الدهان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : والله لقد نسب الله عيسى بن مريم في القرآن الى إبراهيم عليه‌السلام من قبل النساء ثم تلا : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ) الى آخر الآيتين وذكر عيسى عليه‌السلام.

١٦٧ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن ظريف عن عبد الصمد بن بشير عن أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام قال قال لي ابو جعفر عليه‌السلام : يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليهما‌السلام؟ قلت : ينكرون علينا انهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : فبأى شيء احتججتم عليهم؟ قلت : احتججنا عليهم بقول الله عزوجل في عيسى بن مريم عليه‌السلام : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى

٧٤٢

وَعِيسى) فجعل عيسى بن مريم من ذرية نوح والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦٨ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من اخبار موسى بن جعفر عليه‌السلام مع هارون الرشيد ومع موسى بن المهدي حديث طويل بينه وبين هارون وفيه ثم قال : كيف قلتم انا ذرية النبي والنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يعقب وانما العقب للذكر لا للأنثى وأنتم ولد لابنته ولا يكون لها عقب؟ فقلت : اسألك بحق القرابة والقبر ومن فيه الا ما اعفتنى من هذه المسئلة فقال : لا أو تخبرني بحجتكم فيه يا ولد على وأنت يا موسى يعسوبهم وامام زمانهم كذا انهى الى ولست أعفيك في كل ما أسئلك عنه حتى تأتيني فيه بحجة من كتاب الله وأنتم تدعون معشر ولد على انه لا يسقط عنكم منه شيء لا الف ولا وأو الا تأويله عندكم ، واحتججتم بقوله عزوجل : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) واستغنيتم عن رأى العلماء وقياسهم ، فقلت تأذن لي في الجواب؟ قال : هات ، فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم : (وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى) من أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟ قال : ليس لعيسى أب ، فقلت : انما ألحقنا بذراري الأنبياء عليهم‌السلام من طريق مريم عليها‌السلام ، وكذلك ألحقنا بذراري النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قبل أمنا فاطمة عليها‌السلام.

١٦٩ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن حمران قال كنت عند أبى عبد الله عليه‌السلام فجاءه رجل وقال : يا أبا عبد الله ما نتعجب من عيسى بن زيد بن على يزعم أنه ما يتولى عليا عليه‌السلام الا على الظاهر ، وما ندري لعله كان يعبد سبعين إلها من دون الله؟ قال فقال : وما اصنع؟ قال الله : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) وأومأ بيده إلينا فقلت : نعقلها والله. (١)

١٧٠ ـ في محاسن البرقي عنه عن أبيه عن محمد بن سنان عن ابى عيينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان قوما وسع الله عليهم في أرزاقهم حتى طغوا فاستخشنوا الحجارة فعمدوا

__________________

(١) وفي بعض النسخ «نفعلها والله» وللمجلسي (ره كلام في شرح الحديث ذكرناه في ذيل تفسير العياشي فراجع ج ١ : ٣٦٨.

٧٤٣

الى النقي فصنعوا منه كهيئة الأفهار (١) فجعله في مذاهبهم فأخذهم الله بالسنين فعمدوا الى أطعمتهم فجعلوها في الخزائن فبعث الله على ما في الخزائن ما أفسده حتى احتاجوا الى ما كانوا يستطيبون به في مذاهبهم فجعلوا يغسلونه ويأكلونه ثم قال ابو عبد الله عليه‌السلام ولقد دخلت على ابى العباس وقد أخذ القوم المجلس فمد يده الى والسفرة بين يديه موضوعة فأخذ بيدي فذهبت لا خطو اليه فوقعت رجلي على طرف السفرة فدخلني من ذلك ما شاء الله ان يدخلني ان الله تعالى يقول : (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) قوما والله يقيمون الصلوة ويؤتون الزكاة ويذكرون الله كثيرا ، قال ابن سنان وفي حديث ابى بصير قال نزلت فيهم هذه الآية (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً) الى آخر الآية.

١٧١ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام : ولا طريق للأكياس من المؤمنين أسلم من الاقتداء ، لأنه المنهج الأوضح والمقصد الأصح ، قال الله تعالى لا عز خلقه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله أولئك الذي هدى الله فبهديهم اقتده فلو كان لدين الله مسلك أقوم من الاقتداء لندب أولياءه وأنبياءه اليه.

١٧٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم خطبة له صلى‌الله‌عليه‌وآله وفيها وأحسن الهدى هدى الأنبياء

١٧٣ ـ في تفسير العياشي عن العباس بن هلال عن الرضا عليه‌السلام ان رجلا أتى عبد الله بن الحسن فسأله عن الحج؟ فقال له هذاك جعفر بن محمد قد نصب نفسه لهذا فاسئله فأقبل الرجل الى جعفر عليه‌السلام فسأله فقال له ؛ قد رأيتك واقفا على عبد الله بن الحسن فما قال لك؟ قال سألته فأمرني ان آتيك ، وقال هذاك جعفر بن محمد قد نصب نفسه لهذا ، فقال جعفر عليه‌السلام نعم انا من الذين قال الله في كتاب (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) سل عما شئت فسأله الرجل فأنبأه عن جميع مسائله.

١٧٤ ـ في نهج البلاغة : فاقتدوا بهدى نبيكم فانه أفضل الهدى.

١٧٥ ـ في أصول الكافي محمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد ابن عيسى عن ربعي بن عبد الله عن الفضيل بن يسار قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول

__________________

(١) النفي : الخبز المعمول من لباب الدقيق ، والفهر : الحجر قدر ما يدق به الجوز أو يملأ به الكف.

٧٤٤

ان الله لا يوصف وكيف يوصف وقد قال في كتابه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) فلا يوصف بقدر الا كان أعظم من ذلك.

١٧٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد عن ربعي عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سمعته يقول : ان الله عزوجل : لا يوصف وكيف وقد قال : في كتابه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) فلا يوصف بقدر الا كان أعظم من ذلك ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة

١٧٧ ـ الحسين بن محمد عن أحمد بن اسحق عن بكر بن (١) عن اسحق بن عمار قال : قال : أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل : لا يقدر أحدا قدره ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) قال : لم يبلغوا من عظمة الله أن يصفوه بصفة ، (إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ) وهم قريش واليهود فرد الله عليهم واحتج وقال : قل لهم يا محمد (مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها) يعنى تقرؤن بعضها وتخفون كثيرا يعنى من أخبار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) يعنى فيما خاضوا فيه من التكذيب.

ي أصول الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن ابن مسكان عن ابى بصير عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل :

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ) قال : نزلت في ابن ابى سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر ، وهو ممن كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم فتح مكة هدر دمه وكان يكتب لرسول الله فاذا انزل الله عزوجل («أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) كتب (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فيقول له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : دعها فان الله عليم حكيم وكان ابن ابى سرح يقول للمنافقين : انى لا قول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغير على فانزل الله تبارك وتعالى فيه الذي انزل.

١٨٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ

__________________

(١) كذا في النسخ ولم أظفر عليه في مظانه في المصدر.

٧٤٥

أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ») فانها نزلت في عبد الله بن سعد بن ابى سرح وكان أخا عثمان من الرضاعة.

١٨١ ـ حدثني ابى عن صفوان عن ابن مسكان عن ابى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ان عبد الله بن سعد بن ابى سرح كان أخا عثمان من الرضاعة أسلم وقدم المدينة وكان له خط حسن ، وكان إذا نزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فكتب ما يمليه عليه رسول الله (ص) فكان إذا قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله «سميع بصير» يكتب «سميع عليم» وإذا قال (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) يكتب «بصير» ويفرق بين التاء والياء وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : هو واحد فارتد كافرا ورجع الى مكة ، وقال لقريش : والله ما يدرى محمد ما يقول ، انا أقول مثل ما يقول ، فلا ينكر على ذلك ، فانا انزل مثل ما ينزل ، فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) فلما فتح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة امر بقتله ، فجاء به عثمان قد أخذ بيده ورسول الله في المسجد فقال : يا رسول الله اعف عنه ، فسكت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم أعاد فسكت ثم أعاد فقال : هو لك ، فلما مر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه. الم أقل من رآه فليقتله؟ فقال رجل ، كان عيني إليك يا رسول الله ان تشير الى فأقتله ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان الأنبياء لا يقتلون بالاشارة فكان من الطلقاء.

١٨٢ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) قال : من ادعى الامامة دون الامام.

١٨٣ ـ عن سلام عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) قال : العطش يوم القيمة.

١٨٤ ـ عن الفضيل قال ، سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قوله ، (أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) قال ، العطش.

١٨٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم حكى عزوجل ما يلقى أعداء آل محمد

٧٤٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ) آل محمد حقهم (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) قال : العطش (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) قال ، ما أنزل الله في آل محمد يجحدون ، ثم قال ، (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) والشركاء أئمتهم (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) يعنى المودة «وضل عنكم» اى بطل «ما كنتم تزعمون».

١٨٦ ـ حدثنا على عن أبيه عن بعض أصحابه عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال ، نزلت هذه الاية في معاوية وبنى امية وشركائهم وأئمتهم : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) يعنى المودة.

١٨٧ ـ في مجمع البيان (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) وقيل ، معناه ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال ، تحشرون حفاة عراة غرلا والغرل هم القلف. وروى ان عائشة قالت ، يا رسول الله ـ حين سمعت ذلك ـ وا سوأتاه أينظر بعضهم الى سوء بعض (مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ)؟ فقال عليه‌السلام ، (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) ويشغل بعضهم عن بعض.

١٨٨ ـ في الخرائج والجرائح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يذكر فيه فاطمة بنت أسد رضى الله عنهما وفيه قرأت عليها يوما : (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) (١) فقالت ، وا سوأتاه بالله فسألت الله أن لا يبدي عوراتها ، ثم سألتنى عن منكر ونكير فأخبرتها بحالهما ، قالت ، وا غوثاه بالله ، فسألت الله ان لا يريهما إياها وان يفسح لها في قبرها ، وان يحشرها في أكفانها.

١٨٩ ـ في أصول الكافي على بن محمد بن عبد الله عن السياري عن محمد بن جمهور عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يحكى فيه ما صنع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفاطمة أم أمير المؤمنين عليهما‌السلام لما توفيت يقول فيه عليه‌السلام قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وانى ذكرت القيامة وان الناس يحشرون عراة كما ولدوا ، فقالت : وا سوأتاه فضمنت لها أن يبعثها الله كاسية ، وذكرت ضغظة القبر فقالت : وا ضعفاه فضمنت لها ان يكفيها الله ذلك

__________________

(١) كذا في النسخ وقد سقط من هذا الموضع شيء يظهر من الحديث الآتي.

٧٤٧

فكفنتها بقميصي واضطجعت في قبرها لذلك.

١٩٠ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبى هاشم عن أبى خديجة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : تتقوا في الأكفان فانكم تبعثون بها.

١٩١ ـ في من لا يحضره الفقيه وقال عليه‌السلام : جيدوا أكفان موتاكم فانها زينتهم

١٩٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل : أخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة؟ قال : بل يحشرون في أكفانهم ، قال : انى لهم بالأكفان وقد بليت؟ قال : ان الذي أحيى أبدانهم جدد أكفانهم قال : فمن مات بلا كفن قال : ستر الله عورته بما يشاء من عنده ، قال : أفيعرضون صفوفا قال : نعم هم يومئذ عشرون ومائة ألف صف في عرض الأرض.

١٩٣ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن صالح بن أبى حماد عن الحسين بن زيد عن الحسن بن على بن أبى حمزة عن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الله عزوجل : لما أراد ان يخلق آدم عليه‌السلام بعث جبرئيل عليه‌السلام في أول ساعة من يوم الجمعة فقبض بيمينه قبضة بلغت قبضته من السماء السابعة الى السماء الدنيا وأخذ من كل سماء تربة وقبض قبضة اخرى من الأرض السابعة العليا الى الأرض السابعة القصوى فأمر الله عزوجل : كلمته فأمسك القبضة الاولى بيمينه والقبضة الاخرى بشماله ففلق الطين فلقتين ، فذرا من الأرض ذروا ومن السموات ذروا فقال للذي بيمينه : منك الرسل والأنبياء والأوصياء والصديقون والمؤمنون والسعداء ومن أريد كرامته فوجب لهم ما قال كما قال. وقال للذي بشماله : منك الجبارون والمشركون والكافرون والطواغيت ومن أريد هو انه وشقوته فوجب لهم ما قال كما قال ثم ان الطينتين خلطتا جميعا وذلك قول الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) فالحب طينة المؤمنين التي القى الله عليها محبته ، والنوى طينة الكافرين الذين نأوا عن كل خير وانما سمى النوى من أجل انه نأى عن كل خير وتباعد منه وقال الله عزوجل (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) فالحي المؤمن الذي تخرج طينته من طينة الكافر والميت الذي يخرج من الحي هو الكافر الذي يخرج من طينة المؤمن فالحي المؤمن والميت الكافر

٧٤٨

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٩٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) قال : الحب ما أحبه والنوى ما نأى عن الحق ، وقال أيضا في قوله : (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) قال : الحب ان يفلق العلم من الائمة والنوى ما بعد عنه (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ) قال : المؤمن من الكافر ، والكافر من المؤمن.

١٩٥ ـ في تفسير العياشي عن المفضل قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوله : (فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) قال : الحب المؤمن ، وذلك قوله : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) والنوى : الكافر الذي نأى عن الحق فلم يقبله.

١٩٦ ـ عن عبد الله بن الفضل النوفلي رفعه الى ابى جعفر عليه‌السلام قال : إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها بالنهار ، فان الله جعل الحياء في العينين ، فاذا تزوجتم فتزوجوا بالليل فان الله جعل الليل سكنا.

١٩٧ ـ عن على بن عقبة عن أبيه عن أبي عبد الله قال : تزوجوا بالليل فان الله جعله سكنا ولا تطلبوا الحوائج بالليل فانه مظلم. قال عز من قائل (فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً).

١٩٨ ـ في كتاب الاهليلجة للطبرسي (ره) قال الصادق عليه‌السلام بعد ان ذكر الليل والنهار : ولو جعل أحدهما سرمدا ما قام لهم معاش أبدا ، فجعل مدبر هذه الأشياء وخالقها النهار مبصرا والليل سكنا.

١٩٩ ـ في تهذيب الأحكام باسناده الى أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان على بن الحسين عليهما‌السلام يأمر غلمانه ان لا يذبحوا حتى يطلع الفجر ، ويقول : ان الله تعالى جعل الليل سكنا لكل شيء ، قال : قلت : جعلت فداك فان خفنا؟ قال : ان كنت تخاف الموت فاذبح.

٢٠٠ ـ في الكافي الحسين بن محمد عن على بن محمد عن الحسن بن على الوشاء عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول : في التزويج قال : من السنة التزويج بالليل لان الله جعل الليل سكنا ، والنساء انما هن سكن.

٧٤٩

٢٠١ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن احمد بن محمد عن الحسن بن على بن فضال عن على بن عقبة عن أبيه ميسرة بن عبد العزيز عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال : يا ميسرة تزوج بالليل فان الله جعله سكنا.

٢٠٢ ـ في نهج البلاغة ولا تسر أول الليل فان الله جعله سكنا ، وقدره مقاما لا ظعنا فأرح فيه بدنك وروح ظهرك.

٢٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) قال النجوم آل محمد صلوات الله عليهم قوله (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) قال : من آدم ، (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) قال : المستقر الايمان الذي يثبت في قلب الرجل الى أن يموت ، والمستودع هو المسلوب منه الايمان.

٢٠٤ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلوة الغدير المسند الى الصادق عليه‌السلام : اللهم انى أسئلك بالحق الذي جعلته عندهم وبالذي فضلتهم على العالمين جميعا ان تبارك لنا في يومنا هذا الذي أكرمتنا فيه ، وان يتم علينا نعمتك وتجعله عندنا مستقرا ولا تسلبنا أبدا ، ولا تجعله مستودعا فانك قلت : (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) فاجعله مستقرا ولا تجعله مستودعا.

٢٠٥ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قلت. (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) قال : ما يقول أهل بلدك الذي أنت فيه؟ قال. قلت. يقولون مستقر في الرحم ، ومستودع في الصلب ، فقال. كذبوا ، المستقر ما استقر الايمان في قلبه فلا ينزع منه أبدا ، والمستودع الذي يستودع الايمان زمانا ثم يسلبه وقد كان الزبير منهم.

٢٠٦ ـ عن سعد بن أبى الأصبغ (١) قال. سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام وهو سئل عن مستقر ومستودع. قال. مستقر في الرحم ومستودع في الصلب. وقد يكون مستودع

__________________

(١) وفي المصدر «سعيد» بدل «سعد» :

٧٥٠

الايمان ثم ينزع منه ولقد مشى الزبير في ضوء الايمان ونوره حين قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى مشى بالسيف وهو يقول لا نبايع الا عليا.

٢٠٧ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبى الحسن عليه‌السلام. (هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) قال ما كان من الايمان المستقر فمستقر الى يوم القيامة أو أبدا (١) وما كان مستودعا سلبه الله قبل الممات.

٢٠٨ ـ عن صفوان قال. سألنى أبو الحسن عليه‌السلام ومحمد بن خلف جالس فقال لي مات يحيى بن القاسم الحذاء؟ فقلت له. نعم ، ومات زرعة ، فقال. كان جعفر عليه‌السلام يقول فمستقر ومستودع فالمستقر قوم يعطون الايمان ويستقر في قلوبهم والمستودع قوم يعطون الايمان ثم يسلبون.

٢٠٩ ـ عن أبى الحسن الاول عليه‌السلام قال. سألته عن قول الله. (فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) قال. المستقر الايمان الثابت ، والمستودع المعار عن أبى عبد الله عليه‌السلام مثله.

٢١٠ ـ في مجمع البيان (وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ) قرأ ابو بكر عن عاصم برواية أبى يوسف الأعشى والبرجمي «وجنات» بالرفع وهو قراءة أمير المؤمنين على بن ابى طالب عليه‌السلام ، بديع السموات والأرض اى مبدعهما ومنشئهما بعلمه ابتداء لا من شيء ، ولا على مثال سبق وهو المروي عن أبى جعفر عليه‌السلام. قال عز من قائل. (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) الاية.

٢١١ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام انه قال : اعلم علمك الله الخير ان الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفة دلت العاقل على انه لا شيء قبله ، ولا شيء مع الله في بقائه. وبطل قول من زعم انه كان قبلة أو كان ، فقد بان بإقرار العامة مع معجزة الصفة انه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه. وبطل قول من زعم انه كان قبلة أو كان معه شيء ، وذلك انه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز ان يكون خالقا له ، لأنه لم يزل معه ، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه ، ولو كان قبله شيء كان الاول ذلك الشيء لا هذا ، وكان الاول أولى بان يكون خالقا للثاني. في أصول الكافي

__________________

(١) الترديد من الراوي.

٧٥١

على بن محمد مرسلا عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام سواء.

٢١٢ ـ في عيون الاخبار على بن محمد مرسلا في باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين. وان افعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، والله خلق كل شيء ولا نقول بالجبر والتفويض.

٢١٣ ـ وباسناده الى حمدان بن سليمان قال : كتبت الى الرضا عليه‌السلام اسأله عن افعال العباد أمخلوقة هي أم غير مخلوقة؟ فكتب عليه‌السلام ، افعال العباد مقدرة في علم الله تعالى قبل خلق العباد بألفى عام.

٢١٤ ـ في كتاب الخصال عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام انه قال في حديث طويل : وافعال العباد مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين ، والله خالق كل شيء ولا نقول بالجبر والتفويض.

٢١٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى صفوان بن يحيى قال : سألنى ابو قرة المحدث ان ادخله الى ابى الحسن الرضا عليه‌السلام فاستأذنته في ذلك فاذن لي فدخل عليه فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله التوحيد فقال ابو قرة : انا روينا ان الله عزوجل قسم الرؤية والكلام بين اثنين (١) قسم لموسى عليه‌السلام الكلام ، ولمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الرؤية ، فقال ابو الحسن عليه‌السلام : فمن المبلغ عن الله عزوجل الى الثقلين الجن والانس : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) و (لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) و (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) أليس محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال : بلى ، (قال ظ) : كيف يجيء رجل الى الخلق جميعا فيخبرهم انه جاء من عند الله وانه يدعوهم الى الله بأمر الله ويقول : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) و (لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً) وليس كمثله شيء ثم يقول : انا رأيته بعيني وأحطت به علما وهو على صورة البشر؟ اما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة ان ترميه بهذا ان يكون يأتى عن الله بشيء ثم يأتى بخلافه من وجه آخر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢١٦ ـ وباسناده الى عبد الله بن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام في قوله عزوجل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ)

__________________

(١) وفي الكافي «بين نبيين».

٧٥٢

قال ما أحاطه الوهم الا ترى الى قوله : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) ليس يعنى بصر العيون (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) ليس يعنى من البصر بعينه (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) لم يعن عمى العيون انما عنى احاطة الوهم ، كما يقال : فلان بصير بالشعر ، وفلان بصير بالفقه ، وفلان بصير بالدراهم ، وفلان بصير بالثياب. الله أعظم من ان يرى بالعين.

٢١٧ ـ وباسناده الى أبى هاشم الجعفري عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته عن الله عزوجل هل يوصف؟ فقال : أما تقرأ القرآن؟ قلت : بلى ، قال : اما تقرأ قوله عزوجل (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)؟ قلت. بلى قال. فتعرفون الأبصار قلت. بلى قال ، وما هي؟ قلت ، أبصار العيون. فقال ، ان أوهام القلوب أكبر من أبصار العيون ، فهو لا تدركه الأوهام وهو يدرك الأوهام.

٢١٨ ـ وباسناده الى أبى هاشم (١) أوهام القلوب أدق من أبصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند والبلدان التي لم تدخلها ، ولم تدركها ببصرك ، فأوهام القلوب لا تدركه فكيف أبصار العيون؟ في أصول الكافي هذه الأحاديث الاربعة اسنادا ومتنا سواء :

٢١٩ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى محمد بن اسمعيل بن بزيع قال قال ابو الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) قال. لا تدركه أوهام القلوب فكيف تدركه ابصار العيون.

٢٢٠ ـ باسناده الى اسمعيل بن الفضل قال. سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما‌السلام عن الله تبارك وتعالى هل يرى في المعاد؟ فقال : سبحان الله وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، يا ابن الفضل ان الأبصار لا تدرك الا ماله لون وكيفية ، والله تعالى خالق الألوان والكيفية.

٢٢١ ـ وباسناده الى ابى عبد الله عليه‌السلام قال : إياكم والتفكر في الله. لا يزيد الا تيها ان الله عزوجل لا تدركه الأبصار ولا يوصف بمقدار.

٢٢٢ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه‌السلام يقول فيها ولم تدركه الأبصار

__________________

(١) مسندا الى ابى جعفر (ع)

٧٥٣

فيكون بعد انتقالها حائلا.

٢٢٣ ـ وخطبة اخرى له عليه‌السلام وفيها : وانحسرت الأبصار عن أن تناله فيكون بالعيان موصوفا وبالذات التي لا يعلمها الا هو عند خلقه معروفا.

٢٢٤ ـ وفيه حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيه ـ وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات واما قوله («لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ» وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) فهو كما قال (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) ولا تحيط به الأوهام (وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) يعنى يحيط بها.

٢٢٥ ـ في مجمع البيان روى العياشي باسناده المتصل ان المفضل بن سهل ذا الرياستين سأل أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام فقال : أخبرني عما اختلف فيه الناس من الرؤية؟ فقال : من وصف الله سبحانه بخلاف ما وصف به نفسه فقد أعظم الفرية على الله ، لا تدركه الأبصار وهذه الأبصار ليست هذه الأعين ، انما هي الأبصار التي في القلوب ولا يقع عليه الأوهام لا يدرك كيف هو.

٢٢٦ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار في التوحيد حديث طويل عنه عليه‌السلام وفيه قال : قال السائل. رحمك الله فأوجدنى كيف هو وأين هو؟ قال. ويلك ، ان الذي ذهبت اليه غلط ، وهو أين الأين وكان ولا أين ، وهو كيف الكيف وكان ولا كيف ، فلا يعرف بكيفوفية ولا باينونية ، ولا بحاسة ولا يقاس بشيء ، قال الرجل. فاذا انه لا شيء إذا لم يدرك بحاسة من الحواس؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام. ويلك لما عجزت حواسك عن إدراكه أنكرت ربوبيته. ونحن إذا عجزت حواسنا عن إدراكه أيقنا انه ربنا ، وانه شيء بخلاف الأشياء ، وفيه بعد سطور قال الرجل. فلم احتجب؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام. ان الحجاب عن الخلق لكثرة ذنوبهم ، فاما هو فلا تخفى عليه خافية في آناء الليل والنهار ، قال ، فلم لا تدركه حاسة البصر ، قال ، للفرق بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسة الأبصار منهم ومن غيرهم ، ثم هو أجل من أن يدركه بصر أو يحيط به وهم.

٢٢٧ ـ في أصول الكافي احمد بن إدريس عن أحمد بن محمد بن عيسى عن على بن سيف عن محمد بن عبيد قال كتبت الى أبى الحسن الرضا عليه‌السلام أسأله عن الرؤية

٧٥٤

وما ترويه العامة والخاصة وسألته أن يشرح لي ، ذلك ، فكتب بخطه اتفق الجميع لا تمانع بينهم ان المعرفة من جهة الرؤية ضرورة فاذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة ثم لم تخل تلك المعرفة من ان تكون ايمانا أو ليس بإيمان ، فان كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية ايمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان لأنها ضده فلا يكون في الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عز ذكره ، وان لم يكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية ايمانا لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب ان تزول ولا تزول في المعاد ، فهذا دليل على ان الله عز ذكره لا يرى بالعين إذ العين تؤدى الى ما وصفناه.

٢٢٨ ـ على بن إبراهيم عن المختار بن محمد بن المختار الهمداني ومحمد ابن الحسن عن عبد الله بن الحسن العلوي جميعا عن الفتح بن يزيد الجرجاني عن أبى الحسن عليه‌السلام حديث طويل وفيه : فقولك. اللطيف الخبير فسره لي كما فسرت الواحد ، فانى اعلم ان لطفه على خلاف لطف خلقه للفصل ، غير انى أحب ان تشرح لي ذلك فقال : يا فتح انما قلنا : اللطيف للخلق اللطيف لعلمه بالشيء اللطيف أو لا ترى ـ وفقك الله وثبتك ـ الى أثر صنعه في النبات اللطيف وغير اللطيف ، ومن الخلق اللطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس (١) وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الأنثى والحدث المولود من القديم فلما رأينا صغر ذلك في لطفه واهتدائه للفساد والهرب من الموت ، والجمع لما يصلحه وما في لجج البحار ، وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها ، وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثم تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وانه ما لا نكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها (٢) لا تراه عيوننا ، ولا تلمسه أيدينا علمنا ان خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سميناه بلا علاج ولا اداة ولا آلة وان كل صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء.

٢٢٩ ـ على بن محمد مرسلا عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه : واما

__________________

(١) الجرجس : البعوض الصغار.

(٢) الدميم : الحقير يقال رجل دميم وبه دمامة إذا كان قصير الجثة حقير الجثمان.

٧٥٥

اللطيف فليس على قلة وقضافة (١) وصغر ولكن ذلك على النفاذ في الأشياء والامتناع من أن يدرك كقولك للرجل : لطف عنى هذا الأمر ولطف فلان في مذهبه ، وقوله يخبرك انه غمض فيه العقل وفات الطلب وعاد متعمقا متلطفا لا يدركه الوهم فكذلك لطف الله تبارك وتعالى عن ان يدرك بحد أو يحد بوصف واللطافة منا الصغر والقلة ، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٢٣٠ ـ محمد بن أبى عبد الله رفعه الى ابى الهاشم الجعفري عن أبى جعفر الثاني عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال عليه‌السلام : وكذلك سميناه لطيفا لعلمه بالشيء اللطيف مثل البعوضة ، وأخفى من ذلك وموضع النشو منها والعقل والشهوة للسفاد والحدب على نسلها (٢) واقام بعضها على بعض ونقلها الطعام والشراب الى أولادها في الجبال والمفاوز والاودية والقفار فعلمنا ان خالقها لطيف بلا كيف وانما الكيفية للمخلوق المكيف.

٢٣١ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام انما سميناه لطيفا للخلق اللطيف ولعلمه بالشيء اللطيف مما خلق من البعوض والذرة وما أصغر منها.

٢٣٢ ـ في أصول الكافي على بن محمد مرسلا عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه. واما الخبير فالذي لا يعزب عنه شيء ولا يفوته ليس للتجربة ولا للاعتبار بالأشياء فعند التجربة والاعتبار علمان ولولا هما ما علم لان من كان كذلك كان جاهلا والله لم يزل خبيرا بما يخلق ، والخبير من الناس المستخبر عن جهل المتعلم وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٢٣٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) قال كانت قريش تقول لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ان الذي تخبرنا به من الاخبار تتعلمه من علماء اليهود وتدرسه.

٢٣٤ ـ في مجمع البيان (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكُوا) وفي تفسير أهل البيت عليهم‌السلام

__________________

(١) قضف قضافة ـ مجف ودق.

(٢) السفاد : نزو الذكر على الأنثى ، والحدب : العطف والشفقة.

٧٥٦

لو شاء الله أن يجعلهم كلهم مؤمنين معصومين حتى كان لا يعصيه أحد لما كان يحتاج الى جنة ولا الى نار ولكنه أمرهم ونهاهم وامتحنهم وأعطاهم ماله عليهم به الحجة من الآلة والاستطاعة ليستحق الثواب والعقاب.

٢٣٥ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن على بن محمد بن سعيد عن محمد ابن مسلم عن اسحق بن موسى قال : حدثني أخى وعمى عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ثلثة مجالس يمقتها الله ويرسل نقمته على أهلها فلا تقاعدوهم ولا تجالسوهم : مجلسا فيه من يصف لسانه كذبا في فتياه ومجلسا ذكر أعدائنا فيه جديد وذكرنا فيه رث ومجلسا فيه من يصد عنا وأنت تعلم قال. ثم تلا أبو عبد الله عليه‌السلام ثلث آيات من كتاب الله كأنما كن في فيه ـ أو قال كفه ـ (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ)(وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).

٢٣٦ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن حبيب السجستاني عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : في التوراة مكتوب فيما ناجى الله جل وعز به موسى بن عمران عليه‌السلام : يا موسى اكتم مكتوم سرى في سريرتك وأظهر في علانيتك المداراة عنى بعدوي وعدوك من خلقي ، ولا تستسب (١) لي عندهم بإظهار مكتوم سرى فتشرك وعدوك عدوى في سبى.

٢٣٧ ـ في تفسير العياشي عن عمر الطيالسي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن قول الله (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ) قال : فقال يا عمر هل رأيت أحدا يسب الله؟ قال : فقلت : جعلني الله فداك فكيف قال من سب ولى الله فقد سب الله.

٢٣٨ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وإياكم وسب أعداء الله حيث يسمعونكم فيسبوا الله عدوا بغير علم.

٢٣٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) اى لا تطلب سبى.

٧٥٧

قال : سئل عن قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الشرك أخفى من دبيب النمل على صفاة (١) سوداء في ليلة ظلماء. فقال : كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله فكان المشركون يسبون ما يعبد المؤمنون ، فنهى الله المؤمنين عن سب آلهتهم لكيلا يسب الكفار اله المؤمنين فيكون المؤمنون قد أشركوا بالله من حيث لا يعلمون ، فقال (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).

٢٤٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من الاخبار المتفرقة حديث طويل وفي آخره قال عليه‌السلام : ان مخالفينا وضعوا اخبارا في فضائلنا وجعلوها على أقسام ثلثة : أحدها الغلو ، وثانيها التقصير في أمرنا ، وثالثها التصريح بمثالب أعدائنا فاذا سمع الناس الغلو كفروا شيعتنا ونسبوهم الى القول بربوبيتنا ، وإذا سمعوا التقصير اعتقدوه فينا ، وإذا سمعوا مثالب أعدائنا بأسمائهم سبونا بأسمائنا ، وقد قال الله تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ).

٢٤١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : ونقلب أفئدتهم وأبصارهم يقول ننكس قلوبهم فيكون أسفل قلوبهم أعلاها ونعمى أبصارهم فلا يبصرون الهدى.

٢٤٢ ـ وقال على بن ابى طالب ان أول ما يقلبون عليه من الجهاد الجهاد بايدكم ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم؟ فمن لم يعرف قلبه معروفا ولم ينكر منكرا نكس قلبه فجعل أسفله أعلاه ثم لا يقبل خيرا أبدا (كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) يعنى في الذر والميثاق (وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) اى يضلون.

٢٤٣ ـ في مجمع البيان (ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ) ان يجبرهم على الايمان عن الحسن وهو المروي عن أهل البيت عليهم‌السلام. قال عز من قائل : (وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِ) الاية

٢٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى ابى عن الحسين بن سعيد عن على بن ابى حمزة عن بعض رجاله عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ما بعث الله نبيا الا وفي أمته شيطانان يوذيانه

__________________

(١) الصفاة : الصخرة.

٧٥٨

ويضلان الناس بعده ، فاما صاحبا نوح فقنطيفوس (١) وحزام ، واما صاحبا إبراهيم فمكثل وزرام ، واما صاحبا موسى فالسامري ومر عقيبا ، واما صاحبا عيسى فبولس ومرتيون ، واما صاحبا محمد فحبتر وزريق.

٢٤٥ ـ في أصول الكافي وباسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : فان من لم يجعله الله من أهل صفة الحق فأولئك هم شياطين الانس والجن.

٢٤٦ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال الانس على ثلثة أجزاء فجزء تحت ظل العرش يوم لا ظل الا ظله ، وجزء عليهم الحساب والعذاب وجزء وجوههم وجوه الآدميين وقلوبهم قلوب الشياطين.

٢٤٧ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى الباقر عليه‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها ألا ان أعداء على هم أهل الشقاق هم العادون واخوان الشياطين الذين يوحى بعضهم الى بعض زخرف القول غرورا.

٢٤٨ ـ في مجمع البيان وروى عن ابى جعفر عليه‌السلام انه قال ان الشياطين يلقى بعضهم بعضا فيلقى اليه ما يغوى به الخلق حتى يتعلم بعضهم من بعض. قال عز من قائل : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ) الاية.

٢٤٩ ـ في كتاب الخصال مرفوع الى على عليه‌السلام قال الأعمال على ثلثة أحوال ، فرائض وفضائل ، ومعاصي ، الى قوله عليه‌السلام ، واما المعاصي فليست بأمر الله ولكن بقضاء الله وبقدره وبمشيته وعلمه ثم يعاقب عليها. قال مصنف هذا الكتاب (ره) : المعاصي بقضاء الله معناه بنهي الله لان حكم الله تعالى فيها على عباده الانتهاء عنها ، ومعنى قوله بقدر الله اى يعلم الله بمبلغها وتقديرها مقدارها ، ومعنى قوله : وبمشيته فانه عزوجل شاء الا يمنع العاصي من المعاصي الا بالزجر والقول والنهى ، دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدرة انتهى كلامه أعلى الله مقامه.

__________________

(١) وفي المصدر «فغنطيغوص» بالغين.

٧٥٩

٢٥٠ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن عبد الله بن اسحق العلوي عن محمد بن زيد الرزامي عن محمد بن سليمان الديلمي عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه مواليد الائمة ومبدء النطفة التي يكونون منها وأحوالهم وفيه يقول عليه‌السلام : وان نطفة الامام مما أخبرتك ، وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وأنشئ فيها الروح بعث الله تبارك وتعالى ملكا يقال له حيوان فكتب على عضده الأيمن (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

٢٥١ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن عبد الله بن القاسم عن الحسن بن راشد قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله تبارك وتعالى إذا أحب أن يخلق الامام أمر ملكا فأخذ شربة من ماء تحت العرش فيسقيها إياه ، فمن ذلك يخلق الامام فيمكث أربعين يوما وليلة في بطن امه لا يسمع الصوت ، ثم يسمع بعد ذلك الكلام ، فاذا ولد بعث ذلك الملك فيكتب بين عينيه : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) فاذا مضى الامام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به الى أعمال الخلايق ، فبهذا يحتج الله على خلقه.

٢٥٢ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن على بن حديد عن منصور بن يونس عن يونس بن ظبيان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الله عزوجل إذا أراد أن يخلق الامام من الامام بعث ملكا فأخذ شربة من تحت العرش ثم أوقفها أو دفعها الى الامام فشربها ، فتمكث في الرحم أربعين يوما لا يسمع الكلام ثم يسمع الكلام بعد ذلك ، فاذا وضعته امه بعث اليه ذلك الملك الذي أخذ الشربة فكتب على عضده الأيمن : (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) فاذا قام بهذا الأمر رفع الله له في كل بلدة منارا ينظر به الى أعمال العباد.

٢٥٣ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن الربيع بن محمد المسلي عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ان الامام ليسمع في بطن امه فاذا ولد خط بين كتفيه : («وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ

٧٦٠