تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : فانزل الله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) وكان في هذه الاية رد على ثلثة أصناف منهم لما قال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) فكان رادا على الدهرية الذين قالوا : ان الأشياء لا بدء لها وهي دائمة ثم قال : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ) فكان ردا على الثنوية الذين قالوا : ان النور والظلمة هما المدبران ثم قال ، (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) فكان ردا على مشركي العرب الذين قالوا : ان أوثاننا الهة پ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦ ـ في تفسير العياشي جعفر بن أحمد عن العمركي بن على عن العبيدي عن يونس بن عبد الرحمن عن على بن جعفر عن أبى إبراهيم عليه‌السلام قال : لكل صلوة وقتان ووقت يوم الجمعة زوال الشمس ثم تلا هذه الاية : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) قال : يعدلون بين الظلمات والنور وبين الجور والعدل.

٧ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه‌السلام يقول فيها : فمن ساوى ربنا بشيء فقد عدل به ، والعادل به كافر بما تنزلت به محكمات آياته ، ونطقت به شواهد حجج بيناته ، لأنه الله الذي لم يتناهى في العقول ، فيكون في نهب فكرها مكيفا ، وفي حواصل رويات همم النفوس محدودا مصرفا ، المنشى أصناف الأشياء بلا روية احتاج إليها ، ولا قريحة غريزة اضمرها عليها ، ولا تجربة أفادها من موجودات الدهور ، ولا شريك أعانه على ابتداع عجائب الأمور.

٨ ـ وفيها أيضا كذب العادلون بالله إذ شبهوه بمثل أصنافهم ، وحلوه حلية المخلوقين بأوهامهم وجزوه بتقدير منتج خواطرهم ، وقدروه على الخلق المختلفة القوى بقرايح عقولهم.

٩ ـ في تهذيب الأحكام في الموثق عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : وإذا قرأتم (الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ) ان يقول : كذب العادلون بالله قلت لهم فان لم : يقل الرجل شيئا من هذا إذا قرأ؟ قال : ليس عليه شيء والحديث طويل أخذنا منه

٧٠١

موضع الحاجة. قال عز من قائل : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ).

١٠ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ربعي ابن عبد الله عن رجل عن على بن الحسين عليهما‌السلام قال : ان الله عزوجل خلق النبيين من طينة عليين قلوبهم وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطينة ، وجعل خلق أبدان المؤمنين من دون ذلك ، وخلق الكفار من طينة سجين قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين فمن هذا يلد المؤمن الكافر ، ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيئة ، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة ، فقلوب المؤمنين تحن الى ما خلقوا منه ، وقلوب الكفار تحن الى ما خلقوا منه.

١١ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن النضر بن شعيب عن عبد الغفار الجازي عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته يقول ، الطينات ثلث ، طينة الأنبياء والمؤمن من تلك الطينة ، الا ان الأنبياء من صفوتها هم الأصل ، ولهم فضلهم ، والمؤمنون الفرع من طين لازب كذلك لا يفرق لله عزوجل بينهم وبين شيعتهم وقال طينة الناصب من حمأ مسنون واما المستضعفون فمن تراب ، لا يتحول مؤمن عن ايمانه ، ولا ناصب عن نصبه ، ولله المشية فيهم.

١٢ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن صالح بن سهل قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك من اى شيء خلق الله عزوجل طينة المؤمن؟ فقال : من طينة الأنبياء فلن تنجس أبدا.

١٣ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وغير واحد عن الحسين بن الحسن جميعا عن محمد ابن اورمة عن محمد بن على عن اسمعيل بن يسار عن عثمان بن يوسف قال : أخبرني عبد الله بن كيسان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت له : جعلت فداك انا مولاك عبد الله بن كيسان قال : اما النسب فأعرفه ، واما أنت فلست أعرفك ، قال : قلت له : انى ولدت بالجبل ونشأت في أرض فارس ، واننى أخالط الناس في التجارات وغير ذلك ،

٧٠٢

فأخالط الرجل فأرى له حسن السمت (١) وحسن الخلق وكثرة امانة ثم افتشه فأتبينه عن عداوتكم وأخالط الرجل فأرى منه سوء الخلق وقلة امانة ودعارة (٢) ثم افتشه فأتبينه عن ولايتكم فكيف يكون ذلك؟ قال : فقال لي : أما علمت يا ابن كيسان ان الله عزوجل أخذ طينة من الجنة وطينة من النار ، فخلطهما جميعا ثم نزع هذه من هذه ، وهذه من هذه ، فما رأيت من أولئك من الامانة وحسن الخلق وحسن السمت فمما مستهم من طينة الجنة وهم يعودون الى ما خلقوا منه ، وما رأيت من هؤلاء من قلة الامانة وسوء الخلق والدعارة فمما مستهم من طينة النار وهم يعودون الى ما خلقوا منه.

١٤ ـ في تفسير العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : الأجل الذي غير مسمى موقوف يقدم منه ما شاء ويؤخر منه ما شاء ، واما الأجل المسمى فهو الذي ينزل مما يريد أن يكون من ليلة القدر الى مثلها من قابل ، فذلك قول الله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).

١٥ ـ عن حمران عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : المسمى ما سمى لملك الموت في تلك الليلة ، وهو الذي قال الله : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) وهو الذي سمى لملك الموت في ليلة القدر ، والاخر له فيه المشية ان شاء قدمه وان شاء أخره.

١٦ ـ وفي رواية حمران عنه : اما الأجل الذي غير مسمى عنده فهو أجل موقوف يقدم فيه ما يشاء ويؤخر فيه ما يشاء ، واما الأجل المسمى فهو الذي يسمى في ليلة القدر.

١٧ ـ عن حصين عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : ثم قال ابو عبد الله عليه‌السلام : الأجل الاول هو ما نبذه الى الملئكة والرسل والأنبياء ، والأجل المسمى عنده هو الذي ستره الله عن الخلايق.

__________________

(١) السمت : هيئة أهل الخير.

(٢) الدعارة : الفساد والفسوق.

٧٠٣

١٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن حمران عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : (قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قال : هما أجلان أجل محتوم وأجل موقوف.

١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن النضر بن سويد عن الحلبي عن عبد الله بن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : الأجل المقضي هو المحتوم.

٢٠ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى أبي جعفر قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) قال : كذلك هو في كل مكان ، قلت : بذاته؟ قال : ويحك ان الأماكن أقدار ، فاذا قلت في مكان بذاته لزمك أن تقول في أقدار وغير ذلك ، ولكن هو باين من خلقه ، محيط بما خلق علما وقدرة وسلطانا وملكا واحاطة.

٢١ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) قال : السر ما أسر في نفسه ، والجهر ما أظهره ، والكتمان ما عرضه بقلبه ثم نسيه.

٢٢ ـ في مجمع البيان (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ) قال الزجاج : والذي يقع عندي ان القرآن أهل كل مدة كان فيها نبي أو كان فيها طبقة من أهل العلم ، قلت السنون أو كثرت والدليل عليه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيركم قرني ثم الذين يلونهم.

٢٣ ـ في كتاب الاحتجاج وعن ابى محمد الحسن العسكري (ع) انه قال قلت لأبي على بن محمد عليهما‌السلام هل كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يناظر اليهود والمشركين إذا عاتبوه ويحاجهم إذا حاجوه؟ قال بلى مرارا كثيرة ، ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قاعدا ذات يوم بفناء الكعبة [إذ اجتمع جماعة من رؤساء قريش] إذ ابتدأ عبد الله بن ابى امية المخزومي فقال يا محمد لقد ادعيت دعوى عظيمة وقلت مقالا هائلا. زعمت انك رسول رب العالمين وما ينبغي لرب العالمين وخالق الخلق أجمعين ان يكون مثلك رسوله بشرا مثلنا ، ولو كانت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده بل لو أراد الله ان يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا ، ما أنت يا محمد الا رجلا مسحورا ولست بنبي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللهم

٧٠٤

أنت السامع لكل صوت والعاصم بكل شيء تعلم ما قاله عبادك. فأنزل الله عليه يا محمد : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) الى قوله : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ) ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واما قولك لي «ولو كنت نبيا لكان معك ملك يصدقك ونشاهده ، بل لو أراد ان يبعث إلينا نبيا لكان انما يبعث إلينا ملكا لا بشرا مثلنا» فالملك لا تشاهده حواسكم لأنه من جنس هذا الهواء لا عيان منه ولو شاهدتموه بان يزاد في قوى أبصاركم لقلتم ليس هذا ملكا بل هذا بشر لأنه انما كان يظهر لكم بصورة البشر الذي ألفتموه لتعرفوا عنه مقالته وتعرفوا خطابه ومراده ، فكيف كنتم تعلمون صدق الملك وان ما يقوله حق بل انما يبعث الله بشرا وأظهر على يده المعجزات التي ليست في طبائطبايع ع البشر الذين قد علمتم ضمائر قلوبهم فتعلمون بعجزكم عما جاء به انه معجزة ، وان ذلك شهادة من الله بالصدق له ، ولو ظهر لكم ملك وظهر على يده ما يعجز عنه البشر لم تكن في ذلك ما يد لكم ان ذلك ليس في طبائطبايع ع ساير أجناسه من الملئكة حتى يصير ذلك معجزا له ، ألا ترون ان الطيور التي تطير ليس ذلك منها بمعجز لان لها أجناسا يقع منها مثل طيرانها ، ولو ان آدميا طار كطيرانها كان ذلك معجزا ، فالله عزوجل سهل عليكم الأمر وجعله بحيث يقوم عليكم حجته وأنتم تقترحون على الصعب الذي لا حجة فيه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٤ ـ في روضة الكافي في رسالة أبى جعفر عليه‌السلام الى سعد الخير فكتب على نفسه الرحمة فسبقت قبل الغضب ، فتمت صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى.

٢٥ ـ في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) حتى نزلت سورة الفتح فلم يعد الى ذلك الكلام.

٢٦ ـ عن عبد الله بن يعقوب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لبسوا عليهم لبس الله عليهم فان الله يقول : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ).

٢٧ ـ في مجمع البيان (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ) يحتمل ان يكون

٧٠٥

معنى الآية انه لا يصرف العذاب عن أحد الا برحمة الله كما روى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال والذي نفسي بيده ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله ، قالوا. ولا أنت يا رسول الله؟ قال : ولا أنا الا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل ، ووضع يده على فوق رأسه وطول بها صوته رواه الحسن في تفسيره. قال عز من قائل : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ)

٢٨ ـ في كتاب التوحيد عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام واما القاهر فانه ليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر ، كما يقهر العباد بعضهم بعضا ، فالمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا ، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على ان جميع ما خلق ملتبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين ، غير انه (يَقُولُ لَهُ : كُنْ فَيَكُونُ) ، والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى.

٢٩ ـ وباسناده الى محمد بن عيسى بن عبيد قال : قال لي ابو الحسن عليه‌السلام ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عزوجل أشيء هو أم لا شيء؟ قال : فقلت له : قد اثبت الله عزوجل نفسه شيئا حيث يقول : (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) فأقول : انه شيء «لا كالأشياء ، إذ في نفى الشيئية عنه إبطاله ونفيه ، قال لي صدقت وأصبت.

٣٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) وذلك ان مشركي أهل مكة قالوا يا محمد ما وجد الله رسولا يرسله غيرك؟ ما نرى أحدا يصدقك بالذي تقول ، ـ وذلك في أول ما دعاهم ، وهو يومئذ بمكة ـ قالوا : ولقد سئلنا عنك اليهود والنصارى فزعموا انه ليس لك ذكر عندهم فأتنا من يشهد انك رسول الله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) الآية قال (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) يقول الله لمحمد : (فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) ، (قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).

٧٠٦

٣١ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن احمد بن عائذ عن ابن أذينة عن مالك الجهني قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام قوله عزوجل (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) قال من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما انذر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٢ ـ في مجمع البيان وفي تفسير العياشي قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما‌السلام : «ومن بلغ معناه من بلغ أن يكون إماما من آل محمد فهو ينذر بالقرآن كما انذر به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٣ ـ في كتاب علل الشرائع حدثني أحمد بن محمد بن يحيى العطار (ره) قال حدثنا سعد بن عبد الله قال حدثنا عبد الله بن عامر عن عبد الرحمن بن أبى نجران عن يحيى بن عمران الحلبي عن أبيه عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن قول الله عزوجل : (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) قال لكل إنسان. (١)

٣٤ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن خالد قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : لم يزل الله عزوجل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا فقلت له : يا ابن رسول الله ان قوما يقولون : لم يزل الله عالما بعلم وقادرا بقدرة وحيا بحيوة وقديما بقدم وسميعا بسمع وبصيرا ببصر؟ فقال عليه‌السلام : من قال ذلك ودان به فقد اتخذ مع الله آلهة اخرى ، وليس من ولايتنا على شيء ، ثم قال عليه‌السلام لم يزل عليما قادرا حيا قديما سميعا بصيرا لذاته ، تعالى عما يقول المشركون والمشبهون علوا كبيرا.

٣٥ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الفضل بن شاذان قال : سأل رجل من الثنوية أبا الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام وانا حاضر ، فقال : انى أقول ان صانع العالم اثنان فما الدليل على انه واحد؟ فقال : قولك انه اثنان دليل على انه واحد ، لأنك لم تدع الثاني الا بعد إثباتك الواحد ، فالواحد مجمع عليه والأكثر من واحد مختلف فيه.

٣٦ ـ في نهج البلاغة واعلم يا بنى انه لو كان لربك شريك لاتتك رسله ولرأيت

__________________

(١) وفي نسخة «بكل لسان».

٧٠٧

آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ، ولكنه اله واحد كما وصف نفسه لا يضاده في ملكه أحد ولا يزول أبدا.

٣٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن حماد عن حريز عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) يعنى رسول الله (ص) (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) لان الله عزوجل قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره ، وهو قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ) فهذه صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه فلما بعثه الله عزوجل عرفه أهل الكتاب كما قال جل جلاله ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).

٣٨ ـ في مجمع البيان (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ) اختلف في معنى الفتنة هنا على وجوه ، ثانيها : ان المراد لم يكن معذرتهم الا ان قالوا وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام.

٣٩ ـ في كتاب التوحيد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال أهل المحشر وفيه يقول عليه‌السلام : ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون :

(وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) فيختم الله تبارك وتعالى على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود ، فتشهد بكل معصية كانت منهم ، ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ).

٤٠ ـ في تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ان الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد حتى يقول أهل الشرك : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)

٤١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يذكر فيه أحوال أهل القيامة وفيه : ثم يجتمعون في مواطن أخر فيستنطقون فيه فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، وهؤلاء خاصة هم المقرون في دار الدنيا بالتوحيد ، فلم ينفعهم ايمانهم بالله تعالى لمخالفتهم رسله ، وشكهم فيما أتوا به عن ربهم ونقضهم عهودهم

٧٠٨

في أوصيائهم ، واستبدالهم الذي هو ادنى بالذي هو خير ، فكذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ).

٤٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم أخبرنا الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن على بن أسباط عن على بن ابى حمزة عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله ؛ (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) بولاية على.

٤٣ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن الحسين بن عبد الرحمن عن عاصم بن حميد عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله عزوجل : (رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) قال : يعنون بولاية على عليه‌السلام.

٤٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا أحمد بن محمد قال : حدثنا جعفر بن عبد الله قال حدثنا كثير بن عياش عن ابى الجارود عن ابى جعفر صلوات الله عليه في قوله (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ) يقول : صم عن الهدى وبكم لا يتكلمون بخير «في الظلمات» يعنى ظلمات الكفر («مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو رد على قدرية هذه الامة يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين والنصارى والمجوس فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يقول الله : (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ)

٤٥ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) قال : بنو هاشم كانوا ينصرون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ويمنعون قريشا عنه» وينأون عنه» اى يساعدونه ولا يؤمنون (١) به قوله (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) الاية قال نزلت في بنى امية ثم قال (بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ) قال : من عداوة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، و (لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).

٤٦ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن بشار عن ابى الحسن على بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف يكون؟ فقال : ان الله تعالى هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال عزوجل : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وقال لأهل النار : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) فقد علم

__________________

(١) وفي المصدر «وينأون عنه اى يباعدون عنه ولا يؤمنون».

٧٠٩

عزوجل انه لو رد هم لعادوا لما نهوا عنه.

٤٧ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى الفتح بن يزيد الجرجاني عن ابى الحسن عليه‌السلام حديث طويل وفي آخره قلت : جعلت فداك قد بقيت مسئلة قال : هات لله أبوك ، قلت : يعلم القديم الشيء الذي لم يكن ان لو كان كيف كان يكون؟ قال : ويحك ان مسائلك لصعبة ، أما سمعت الله يقول : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) وقوله : (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) وقال يحكى قول أهل النار : (أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) وقال : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ») فقد علم الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف يكون.

٤٨ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبة : فلما وقفوا عليها قالوا : (يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) الى قوله : (وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ).

٤٩ ـ عن عثمان بن عيسى عن بعض أصحابه عنه عليه‌السلام قال : ان الله قال لماء : كن عذبا فراتا أخلق منك جنتي وأهل طاعتي ، وقال لماء : كن ملحا أجاجا أخلق منك ناري وأهل معصيتي ، فأجرى المائين على الطين ، ثم قبض قبضة بهذه وهي يمين ، فخلقهم خلقا كالذر ، ثم أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم وعليكم طاعتي؟ قالوا بلى ، قال فقال للنار كوني نارا فاذا نار تأجج وقال لهم قعوا فيها فمنهم من أسرع ومنهم من أبطأ. في السعي ، ومنهم من لم يبرح مجلسه ، فلما وجدوا احرها رجعوا فلم يدخلها منهم أحد ، ثم قبض قبضة بهذه فخلقهم خلقا مثل الذر مثل أولئك ، ثم أشهدهم على أنفسهم مثل ما أشهد الآخرين ، ثم قال لهم : قعوا في هذه النار فمنهم من أبطأ ومنهم من أسرع ومنهم من مر بطرف العين فوقعوا فيها كلهم فقال : اخرجوا منها سالمين ، فخرجوا لم يصيبهم شيء وقال الآخرون : يا ربنا أقلنا نفعل كما فعلوا ، قال : قد أقلتكم فمنهم من أسرع في السعي ومنهم من أبطأ ومنهم من لم يبرح مجلسه مثل ما صنعوا في المرة الاولى ، فذلك قوله : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ)

٥٠ ـ عن خالد عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ولو ردوا لعادوا لما نهوا وانهم

٧١٠

ملعونون في الأصل.

٥١ ـ في مجمع البيان (يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها) قيل : ان الهاء تعود الى الجنة اى في طلبها والعمل لها عن السدي ويدل عليه ما رواه الأعمش عن أبى صالح عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الاية قال : ترى أهل النار منازلهم من الجنة فيقولون يا حسرتنا

٥٢ ـ (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ) قال الزجاج : جايز أن يكون جعل ما ينالهم من العذاب بمنزلة أثقل ما يحمل ، لان الثقل كما يستعمل في الوزن يستعمل في الحال أيضا ، كما تقول ثقل على خطاب فلان ومعناه كرهت خطابه كراهة اشتدت على ، فعلى هذا يكون المعنى انهم يقاسون عذاب آثامهم مقاساة تثقل عليهم ولا تزايلهم ، وانى هذا أشار أمير المؤمنين صلوات الله عليه في قوله : تخففوا تلحقوا فانما ينتظر بأولكم آخركم.

٥٣ ـ في أصول الكافي بعض أصحابنا رفعه عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليه‌السلام : يا هشام ان الله وعظ أهل العقل ورغبهم في الاخرة فقال :

(وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ.)

٥٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني جميعا عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن حفص قال : قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : يا حفص ان من صبر صبر قليلا وان من جزع جزع قليلا ، ثم قال لي : عليك بالصبر في جميع أمورك ، فان الله عزوجل بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمره بالصبر والرفق ، فصبر صلى‌الله‌عليه‌وآله حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره فأنزل الله عزوجل : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله عزوجل : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) فألزم النبي (ص) نفسه الصبر ،

٥٥ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى

٧١١

ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد بن أبى الديلم عن أبى عبد الله عليها‌السلام حديث طويل يقول فيه حاكيا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذكر من فضل وصيه ذكرا فوقع النفاق في قلوبهم فعلم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ذلك وما يقولون ، فقال الله جل ذكره : يا محمد «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ» لكنهم يجحدون بغير حجة لهم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتألفهم ويستعين ببعضهم على بعض ، ولا يزال يخرج لهم شيئا في فضل وصيه حتى نزلت هذه السورة ، فاحتج عليهم حين أعلم بموته ونعيت اليه نفسه.

٥٦ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن محمد بن أبى حمزة عن يعقوب بن شعيب عن عمران بن ميثم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قرأ رجل على أمير المؤمنين عليه‌السلام (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللهِ يَجْحَدُونَ) فقال : بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب ولكنها مخففة لا يكذبونك لا يأتون بباطل يكذبون به حقك

٥٧ ـ في تفسير العياشي عن الحسين بن منذر عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) قال : لا يستطيعون ابطال قولك.

٥٨ ـ في مجمع البيان (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) اختلف في معناه على وجوه : أحدها ان معناه لا يكذبونك بقلوبهم اعتقادا وهو قول أكثر المفسرين ويشهد لهذا الوجه ما روى سلام بن مسكين عن أبى يزيد المدني ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقى أبا جهل فصافحه ابو جهل فقيل له في ذلك؟ فقال والله انى لا علم انه لصادق ولكنا متى كنا تبعا لعبد مناف؟ فأنزل الله تعالى الآية.

٥٩ ـ في روضة الكافي حدثنا على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال في رسالة طويلة الى أصحابه : انه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم ، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم وحتى يستذلوكم ويبغضوكم وحتى تحملوا [عليكم] (١) الضيم فتحتملوه منهم تلتمسون بذلك وجه الله والدار

__________________

(١) يقال عرك الأذى بجنبه اى احتمله. والضيم : الظلم.

٧١٢

الاخرة ، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله جل وعز يجترمونه إليكم (١) وحتى يكذبوكم بالحق ويعاندوكم فيه ويبغضوكم عليه فتصبروا على ذلك منهم ، ومصداق ذلك كله في كتاب الله الذي أنزله جبرئيل على نبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمعتم قول الله عزوجل لنبيكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) ثم قال : («وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا) فقد كذب نبي الله والرسل من قبله «وأوذوا مع التكذيب بالحق.

٦٠ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال لعلقمة : ان رضا الناس لا يملك وألسنتهم لا تضبط وكيف يسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله عليهم‌السلام ألم ينسبوه الى الكذب في قوله : انه رسول من الله إليهم ، حتى انزل الله عزوجل عليه : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦١ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحب إسلام الحرث ابن عامر من نوفل بن عبد مناف دعاه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وجهد به أن يسلم ، فغلب عليه الشقاء فشق ذلك على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانزل الله : (وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ) الى قوله : (نَفَقاً فِي الْأَرْضِ) يقول سربا (٢)

٦٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال : واجده وقد بين فضل نبيه على ساير الأنبياء ثم خاطبه في أضعاف ما أثنى عليه في الكتاب من الإزراء عليه وانتقاص محله وغير ذلك من تهجينه وتأنيبه ما لم يخاطب به أحد من الأنبياء مثل قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ) والذي بدا في الكتاب من الإزراء على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من فرية الملحدين وهنا كلام طويل مفصل يطلب عند قوله تعالى :

__________________

(١) في القاموس : اجترم عليهم وإليهم جريمة : جنى جناية.

(٢) السرب : الطريق.

٧١٣

(إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا).

٦٣ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب باسناده الى سلمان الفارسي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : يا على ان الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الامة ، فلو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الامة ، ولا ينازع في شيء من أمره ، ولا يجحد المفضول الذي الفضل فضله

٦٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم قال ان الله قادر على ان ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون قال : لا يعلمون ان الاية إذا جاءت ولم يؤمنوا بها يهلكوا وفي رواية ابى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) وسيريك في آخر الزمان آيات منها دابة الأرض والدجال ونزول عيسى بن مريم وطلوع الشمس من مغربها ، قوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) يعنى خلق مثلكم وقال : كل شيء مما خلق مثلكم.

٦٥ ـ في نهج البلاغة في كلام له عليه‌السلام في ذم اختلاف العلماء في الفتيا أم أنزل الله دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا شركاء فلهم ان يقولوا وعليه أن يرضى ، أم انزل الله دينا تاما فقصر الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله عن تبليغه وادائه : والله سبحانه يقول : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) وفيه تبيان كل شيء.

٦٦ ـ في أصول الكافي باسناده الى أبى الجارود قال قال ابو جعفر عليه‌السلام إذا حدثتكم بشيء فاسئلونى من كتاب الله ثم قال في بعض حديثه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن القيل والقال وفساد المال وكثرة السؤال فقيل له : يا ابن رسول الله اين هذا من كتاب الله؟ قال : ان الله عزوجل يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقال : (لا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

٦٧ ـ في عيون الاخبار باسناده الى عبد العزيز بن مسلم عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن أديانهم ، ان الله تعالى لم يقبض نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أكمل له الدين وانزل عليه القرآن وفيه تفصيل كل شيء بين فيه الحلال

٧١٤

والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج اليه كملا. فقال عزوجل : (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ). قال عز من قائل : (ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ).

٦٨ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه‌السلام : أى بعير حج عليه ثلث سنين جعل من نعم الجنة ، وروى سبع سنين ، وروى السكوني باسناده ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أبصر نافة معقولة وعليها جهازها فقال اين صاحبها مروه فليستعد غدا للخصومة.

٦٩ ـ في مجمع البيان وعن أبى ذر قال بينا انا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا انتطحت عنزان (١) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتدرون فيما انتطحتا؟ فقالوا : لا ندري ، قال : ولكن الله يدرى وسيقضي بينهما.

٧٠ ـ في كتاب ثواب الأعمال عن الصادق عليه‌السلام قال ، قال على بن الحسين لابنه محمد حين حضرته الوفاة انى قد حججت على ناقتي هذه عشرين حجة فلم اقرعها بسوط قرعة فاذا توفت فادفنها لا تأكل لحمها السباع فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال ما من بعير يوقف [عليه] موقف عرفة سبع حجج الا جعله الله من نعم الجنة وبارك في نسله فلما توفت حفر لها أبو جعفر عليه‌السلام ودفنها.

٧١ ـ في كتاب الخصال عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه لن يركب يؤمئذ الا أربعة : أنا وعلى وفاطمة وصالح نبي الله ، فاما انا فعلى البراق ، واما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء فاما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت واما على فعلى ناقة من نور زمامها من ياقوت ، عليه حلتان خضراوان. الحديث.

٧٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن المعلى بن محمد عن محمد بن على قال : أخبرنى سماعة بن مهران قال : أخبرنى الكلبي النسابة قال : قلت لجعفر بن محمد عليه‌السلام : ما تقول في المسح على الخفين؟ فتبسم ثم قال : إذا كان يوم القيامة ورد الله كل شيء الى شيئه ورد الجلد الى الغنم فترى أصحاب المسح أين يذهب وضوءهم والحديث

__________________

(١) العنز : أنثى المعز ، ونطحه الثور وغيره : اصابه بقرنه وانتطح الكبشان ، نطح أحدهما الاخر.

٧١٥

طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن الحسن بن خالد عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام انه قد اعطى بلعم بن باعور الاسم الأعظم وكان يدعو به فيستجيب له فمال الى فرعون فلما مر فرعون في طلب موسى وأصحابه قال فرعون لبلعم : ادع الله على موسى وأصحابه ليحبسه علينا. فركب حمارته ليمر في طلب موسى فامتنعت عليه حمارته : فاقبل يضربها فأنطقها الله عزوجل فقالت : ويلك على ماذا تضربني أتريد ان أجيء معك لتدعو على نبي الله وقوم مؤمنين فلم يزل يضربها حتى قتلها وانسلخ الاسم من لسانه وهو قوله (فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) وهو مثل ضربه فقال الرضا عليه‌السلام : فلا يدخل الجنة من البهائم الا ثلث : حمارة بلعم وكلب أصحاب الكهف ، والذئب وكان سبب الذئب انه بعث ملك ظالم رجلا شرطيا ليحشر قوما من المؤمنين ويعذبهم ، وكان للشرطي ابن يحبه فجاء ذئب فأكل ابنه فحزن الشرطي عليه فادخل الله ذلك الذئب الجنة لما احزن الشرطي.

٧٤ ـ حدثنا احمد بن محمد قال : حدثنا جعفر بن عبد الله : قال حدثنا كثير بن عياش عن أبى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ) يقول : صم عن الهدى ، وبكم لا يتكلمون بخير في الظلمات يعنى ظلمات الكفر (مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وهو رد على قدرية هذه الامة يحشرهم الله يوم القيامة مع الصابئين والنصارى والمجوس فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يقول الله (انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الا ان لكل امة مجوسا ومجوس هذه الامة الذين يقولون : لا قدر ، ويزعمون ان المشية والقدرة ليست إليهم ولا لهم. (١)

٧٥ ـ حدثنا جعفر بن أحمد قال : حدثنا عبد الكريم قال : حدثنا محمد بن على قال : حدثنا محمد بن الفضيل عن أبى حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله :

__________________

(١) وفي نسخة «المشية إليهم والقدرة لهم» وفي المصدر : «المشية والقدرة إليهم ولهم».

٧١٦

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ) الى قوله (صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) فقال ابو جعفر عليه‌السلام نزلت في الذين كذبوا الأوصياء هم صم وبكم ، كما قال الله في الظلمات ، من كان من ولد إبليس فانه لا يصدق بالأوصياء ، ولا يؤمن بهم أبدا ، وهم الذين أضلهم الله ، ومن كان من ولد آدم آمن بالأوصياء وهم على صراط مستقيم. قال وسمعته يقول : (كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها) في بطن القرآن ان كذبوا بالأوصياء كلهم.

٧٦ ـ في كتاب التوحيد حدثنا محمد بن القاسم الجرجاني المفسر (ره) قال : حدثنا ابو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد وابو الحسن على بن محمد بن سيار وكانا من الشيعة الامامية عن أبويهما عن الحسن بن على عن على أمير المؤمنين عليهم‌السلام انه قال له رجل فما تفسير قوله الله؟ فقال هو الذي يتأله اليه عند الحوائج والشدائد كل مخلوق عند انقطاع الرجاء من جميع من دونه ، ونقطع الأسباب من كل من سواه ، وذلك ان كل مترأس في هذه الدنيا ومتعظم فيها وان عظم غناه وطغيانه وكثرت حوائج من دون اليه ، فإنهم سيحتاجون حوائج لا يقدر عليها ، هذا المتعاظم. وكذلك هذا المتعاظم يحتاج حوائج لا يقدر عليها فينقطع الى الله عند ضرورته وفاقته حتى إذا كفى همه عاد الى شركه اما تسمع الله عزوجل يقول : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم : ثم رد عليهم فقال : (بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ ما تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شاءَ وَتَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) قال : تدعون الله إذا أصابكم ضر ثم إذا كشف عنكم ذلك (تَنْسَوْنَ ما تُشْرِكُونَ) اى تتركون الأصنام. قال عز من قال : (فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ).

٧٨ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ولو ان الناس حين نزل بهم النقم وتزول عنهم النعم فزعوا الى ربهم بصدق من نبأهم ووله من قلوبهم لرد عليهم كل شارد وأصلح لهم كل فاسد.

٧٩ ـ في أصول الكافي باسناده الى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبى عبد الله

٧١٧

عليه‌السلام قال في حديث طويل وهكذا التضرع وحرك أصابعه يمينا وشمالا.

٨٠ ـ عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال في حديث طويل : ودعاء التضرع ان تحرك أصبعك السبابة مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة.

٨١ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبى أيوب عن محمد بن مسلم قال قال ابو جعفر عليه‌السلام. والتضرع رفع اليدين والتضرع بهما.

٨٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا جعفر بن احمد قال : حدثنا عبد الكريم ابن عبد الرحمن عن محمد بن على عن محمد بن الفضيل عن ابى حمزة قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) يعنى فلما تركوا ولاية على بن أبي طالب عليه‌السلام وقد أمروا (بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) يعنى دولتهم في الدنيا وما بسط لهم فيها ، واما قوله : (حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) يعنى بذلك قيام القائم عليه‌السلام حتى كأنهم لم يكن لهم سلطان قط فذلك قوله : «بغتة» فنزل آخر هذه الاية (١) على محمد.

٨٣ ـ حدثني ابى عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : كان في مناجاة الله لموسى عليه‌السلام : يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل : مرحبا بشعار الصالحين ، وإذا رأيت الغنا مقبلا فقل : ذنب عجلت عقوبته.

٨٤ ـ في مجمع البيان (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا) الاية وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : إذا رأيت الله يعطى على المعاصي فان ذلك استدراج منه ، ثم تلا هذه الاية ونحوه ما روى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال : يا ابن آدم إذا رأيت ربك يتابع عليك نعمه فاحذره.

٨٥ ـ في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال عن الكشي باسناده الى ابى الحسن صاحب العسكري عليه‌السلام ان قنبر مولى أمير المؤمنين عليه‌السلام أدخل على

__________________

(١) وفي المصدر «فنزل خبر هذه الاية على محمد» ولعل الصحيح «فنزل جبرئيل هذه الاية.».

٧١٨

الحجاج فقال : ما الذي كنت تلى على بن أبي طالب؟ قال : كنت أوضيه ، فقال له : ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟ فقال كان يتلو هذه الاية : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) فقال الحجاج ، أظنه كان يتأولها علينا؟ قال نعم. في تفسير العياشي مثله سواء.

٨٦ ـ وفي التفسير عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله ، (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) قال : لما تركوا ولاية على عليه‌السلام وقد أمروا بها (أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) قال : نزلت في ولد العباس.

٨٧ ـ عن منصور بن يونس عن رجل عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ) الى قوله : (فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ) قال ، يأخذ بنى امية بغتة ، ويؤخذ بنى العباس جهرة.

٨٨ ـ في كتاب معاني الاخبار أبى (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن القاسم بن محمد الاصبهانى عن سليمان بن داود المنقري عن فضيل بن عياض عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه قال : من أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن يعصى الله ، ان الله تبارك وتعالى حمد بنفسه بهلاك الظلمة ، فقال ، (فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه وعلى بن محمد القاساني عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن الفضيل بن عياض عن أبي عبد الله عليه‌السلام مثله.

٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ـ (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) من يرد ذلك عليكم الا الله وقوله : (ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) اى يكذبون.

٩٠ ـ وفي رواية أبى الجارود عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ) يقول : أخذ الله منكم الهدى (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ

٧١٩

يَأْتِيكُمْ بِهِ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ) يقول. يعرضون ، واما قوله : (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) فانها نزلت لما هاجر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة وأصاب أصحابه الجهد والعلل والمرض ، فشكوا ذلك الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فانزل الله : قل لهم يا محمد : (أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) اى انه لا يصيبكم الا الجهد والضر في الدنيا فاما العذاب الأليم الذي فيه الهلاك فلا يصيب الا القوم الظالمين.

٩١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى احمد بن الميثمي رضى الله عنه انه سأل الرضا عليه‌السلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه وقد كانوا يتنازعون في الحديثين المختلفين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الشيء الواحد ، فقال عليه‌السلام ان الله عزوجل حرم حراما وأحل حلالا وفرض فرائض فما جاء تحليل ما حرم أو تحريم ما أحل الله أو دفع فريضة في كتاب الله رسمها بين قائم بلا نسخ ذلك فذلك شيء لا يسع الأخذ به لان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن ليحرم ما أحل الله ولا ليحلل ما حرم الله عزوجل ، ولا ليغير فرائض الله وأحكامه ، وكان في ذلك كله متبعا مسلما موديا عن الله عزوجل وذلك قول الله عزوجل : (إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى) فكان عليه‌السلام متبعا لله مؤديا عن الله ما امر به من تبليغ الرسالة.

٩٢ ـ في مجمع البيان (وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ) الاية وقال الصادق عليه‌السلام : انذر بالقرآن من يرجون الوصول الى ربهم ترغبهم فيما عنده ، فان القرآن شافع مشفع

٩٣ ـ وروى الثعلبي باسناده عن عبد الله بن مسعود قال : مر الملاء من قريش على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعنده صهيب وخباب وبلال وعمار وغيرهم من ضعفاء المسلمين ، فقال :

يا محمد أرضيت بهؤلاء من قومك أفنحن نكون تبعا لهم؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم اطردهم عنك فلعلك ان طردتهم اتبعناك ، فأنزل الله : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ) الى آخره. وقال سلمان وخباب فينا نزلت هذه الاية ، جاء الأقرع بن حابس التيمي وعيينة بن الحصين الفزاري وذووهم من المؤلفة قلوبهم ، فوجدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قاعدا مع بلال وصهيب وعمار وخباب في ناس من ضعفاء المؤمنين فحقروهم ، فقال : يا رسول الله لو نحيت هؤلاء عنك حتى

٧٢٠