تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

وانهم ممن قال الله : «الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ».

٢٤٦ ـ عن سليمان بن هارون قال : قال الله : لو ان أهل السماء والأرض اجتمعوا على ان يحولوا هذا الأمر من موضعه الذي وضعه الله فيه ما استطاعوا ، ولو ان الناس كفروا جميعا حتى لا يبقى أحد لجاء الله لهذا الأمر بأهل يكونون هم من أهله ، ثم قال اما تسمع الله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) قال الموالي (١).

٢٤٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) قال : هو مخاطبة لأصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين غصبوا آل محمد حقهم وارتدوا عن دين الله (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) نزلت في القائم وأصحابه الذين (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ).

٢٤٨ ـ في مجمع البيان وروى عن على عليه‌السلام انه قال يوم البصرة ، والله ما قوتل أهل هذه الاية حتى اليوم وتلا هذه الاية ، وروى ابو السحق الثعلبي في تفسيره بالإسناد عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يرد على يوم القيامة رهط من أصحابى فيجعلون عن الحوض (٢) فأقول : يا رب أصحابى [أصحابي] ، فيقال : انك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، انهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى

٢٤٩ ـ واختلف فيمن وصف بهذه الأوصاف منهم قال عياض بن غنم الأشعري : لما نزلت هذه الاية أومى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أبى موسى الأشعري فقال : هم قوم هذا

٢٥٠ ـ وروى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سئل عن هذه الاية فضرب بيده على عاتق سلمان

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر في حديث بعده : «المولى» مفردا ، والظاهر وقوع السقط من النساخ فراجع تفسير العياشي ج ١ : ٣٢٦.

(٢) اى ينفون ويطردون عنه.

٦٤١

فقال هذا وذووه ، ثم قال : لو كان الدين معلقا بالثريا لناله رحال من أبناء فارس ، وقيل : هم أمير المؤمنين عليه‌السلام وأصحابه حين قاتل من قاتله من الناكثين والقاسطين والمارقين وروى ذلك عن عمار وحذيفة وابن عباس ، وهو المروي عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام ، ويؤيده هذا القول ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصفه بهذه الصفات المذكورة في الاية فقال فيه وقد ندبه لفتح خيبر بعد ان رد عنها حامل الراية اليه مرة بعد اخرى وهو يجبن الناس ويجبنونه : لأعطين الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرارا غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله على يده ثم أعطاها إياه.

٢٥١ ـ في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق أحوال الرجال وفرق حجر بن عدى الكندي الكوفي قال الفضل بن شاذان ومن التابعين الكبار ورؤسائهم وزهادهم حجر بن عدى وروى كتاب عن الحسين عليه‌السلام الى معاوية فيه : الست القاتل حجر بن عدى أخا كندى والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم ويستعظمون البدع ولا يخافون في الله لومة لائم.

٢٥٢ ـ في كتاب الاحتجاج قال على عليه‌السلام في خطبة له : ان الله ذا الجلال والإكرام لما خلق الخلق واختار خيرة من خلقه واصطفى صفوة من عباده ، وأرسل رسولا منهم ، وأنزل عليه كتابه وشرع له دينه وفرض فرائضه ، فكانت الجملة قول الله جل ذكره حيث أمر فقال : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فهو لنا أهل البيت خاصة دون غيرنا فانقلبتم على أعقابكم وارددتم ونقصتم الأمر ونكثتم العهد ولم يضروا الله شيئا وقد أمركم الله ان تردوا الأمر الى الله والى الرسول والى اولى الأمر المستنبطين للعلم فأقررتم ثم جحدتم.

٢٥٣ ـ وباسناده الى أبى جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقول ـ وقد ذكر عليا عليه‌السلام ـ : فهو الذي يهدى الى الحق ويعمل به ويزهق الباطل وينهى عنه ولا تأخذه في الله لومة لائم.

٢٥٤ ـ في كتاب الخصال عن أبى بريدة عن أبيه ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ان الله عزوجل أمرنى بحب أربعة : فقلنا : يا رسول الله من هم سمهم لنا؟ فقال : على منهم

٦٤٢

وسلمان وأبو ذر والمقداد وأمرنى بحبهم وأخبرنى انه يحبهم.

٢٥٥ ـ وعن أبى بريدة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أمرنى بحب أربعة من أصحابى وأخبرنى انه يحبهم ، فقلنا : يا رسول الله من هم فكلنا يحب أن يكون منهم؟ فقال : الا ان عليا منهم ثم سكت ثم قال : الا ان عليا منهم وأبو ذر وسلمان الفارسي والمقداد بن الأسود الكندي.

٢٥٦ ـ عن عبد الله بن الصلت عن أبى ذر (ره) قال : أوصانى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسبع : أوصانى ان لا أخاف في الله لومة لائم «الحديث».

٢٥٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن أحمد بن محمد عن الحسين بن محمد الهاشمي عن أبيه عن احمد بن عيسى عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) قال : انما يعنى أولى بكم اى أحق بكم وبأموركم من أنفسكم وأموالكم الله ورسوله والذين آمنوا يعنى عليا وأولاده الائمة عليهم‌السلام الى يوم القيامة ، ثم وصفهم الله عزوجل فقال : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وكان أمير المؤمنين في صلوة الظهر وقد صلى ركعتين وهو راكع وعليه حلة قيمتها ألف دينار ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاه إياها وكان النجاشي أهداها له ، فجاء سائل فقال : السلام عليك يا ولى الله واولى بالمؤمنين من أنفسهم ، تصدق على كل مسكين ، فطرح الحلة اليه وأومى بيده اليه ان احملها ، فأنزل الله عزوجل فيه هذه الاية ، وصيره نعمة أولاده بنعمته وكل من بلغ من أولاده مبلغ الامامة يكون بهذه النعمة مثله ، فيتصدقون وهم راكعون ، والسائل الذي سأل أمير المؤمنين من الملئكة ، والذين يسألون الائمة من أولاده يكونون من الملئكة.

٢٥٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه فقال المنافقون : هل بقي لربك علينا بعد الذي فرض علينا شيء آخر يفترضه فتذكره ولتسكن أنفسنا الى انه لم يبق غيره؟ فأنزل الله في ذلك : (قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ) يعنى الولاية فأنزل الله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وليس بين الامة خلاف انه لم يؤت الزكاة يومئذ أحد

٦٤٣

منهم وهو راكع غير واحد ، ولو ذكر اسمه في الكتاب لا سقط ما أسقط.

٢٥٩ ـ وباسناده الى محمد بن على الباقر عليهما‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث طويل : وقد انزل الله تبارك وتعالى بذلك آية من كتابه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وعلى بن أبى طالب عليه‌السلام اقام الصلوة وآتى الزكاة وهو راكع ، يريد الله عزوجل في كل حال.

٢٦٠ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن احمد بن محمد عن الحسن بن محمد الهاشمي قال : حدثني أبى عن احمد بن عيسى قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عليهم‌السلام في قوله عزوجل : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) قال : لما نزلت (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) اجتمع نفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجد المدينة فقال بعضهم لبعض : ما تقولون في هذه الاية؟ فقال بعضهم : ان كفرنا بهذه الاية نكفر بسايرها وان آمنا فان هذا ذل حين يسلط علينا ابن ابى طالب ، فقالوا : قد علمنا ان محمدا صادق فيما يقول ولكنا نتولاه ولا نطيع عليا فيما أمرنا ، قال : فنزلت هذه الاية : (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها) يعرفون ولاية على ، وأكثرهم الكافرون بالولاية.

٢٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في المسجد أيام خلافة عثمان : فأنشدكم الله عزوجل أتعلمون حيث نزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وحيث نزلت : (وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً) قال الناس : يا رسول الله هذه خاصة في بعض المؤمنين أم عامة لجميعهم؟ فأمر الله عزوجل نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يعلمهم ولاة أمرهم وأن يفسر لهم من الولاية ما فسر لهم من صلوتهم وزكوتهم وصومهم وحجهم فنصبني للناس بغدير خم ثم خطب فقال : ايها الناس ان الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري وظننت ان الناس : يفتتنون بها فأوعدنى لأبلغنها أو ليعذبني ، ثم أمر فنودي الصلوة جامعة ثم خطب الناس فقال : ايها الناس أتعلمون ان الله عزوجل مولاي وانا مولى المؤمنين وانا اولى بهم من

٦٤٤

أنفسهم؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : قم يا على فقمت فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، فقام سلمان فقال : يا رسول الله ولاء كما ذا؟ فقال عليه‌السلام ولاء كولائى من كنت اولى به من نفسه فعلى اولى به من نفسه ، فانزل الله تبارك وتعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) وكبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال الله أكبر تمام نبوتي وتمام ديني دين الله (١) عزوجل وولاية على بعدي ، فقام ابو بكر وعمر فقالا : يا رسول الله هذه الآيات خاصة في على؟ فقال عليه‌السلام بلى خاصة فيه وفي أوصيائي الى يوم القيامة ، قالا : يا رسول الله بينهم لنا قال على أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولى كل مؤمن بعدي ثم إبني الحسن ثم إبني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد القرآن معهم وهم مع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا على حوضي؟ قالوا : اللهم نعم قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء وقال بعضهم : قد حفظنا جل ما قلت ولم نحفظه كله ، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا وأفاضلنا ، فقال على عليه‌السلام صدقتم ليس كل الناس يتساوون في الحفظ.

٢٦٢ ـ في كتاب الخصال في احتجاج على عليه‌السلام على أبى بكر قال فأنشدك بالله الى الولاية من الله مع ولاية رسوله في انه زكوة الخاتم أم لك؟ قال : بل لك

٢٦٣ ـ وفيه في مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال عليه‌السلام : واما الخامسة والستون فانى كنت أصلي في المسجد فجاء سائل فسأل وانا راكع فناولته خاتمي من إصبعي فانزل الله تعالى في (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)

٢٦٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فانه حدثني ابى عن صفوان عن أبان بن عثمان عن أبى حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس وعنده قوم من اليهود وفيهم عبد الله بن سلام إذ نزلت عليه هذه الاية فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى

__________________

(١) وفي المصدر : «الله أكبر بتمام النعمة تمام نبوتي وكمال ديني. اه».

٦٤٥

المسجد فاستقبله سائل فقال : هل أعطاك أحد شيئا؟ فقال نعم ذاك المصلى ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاذا هو أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

٢٦٤ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وأبى الجارود جميعا عن أبى جعفر عليه‌السلام قال أمر الله عزوجل رسوله بولاية على وانزل عليه ، (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) فرض الله ولاية اولى الأمر فلم يدروا ما هي ، فأمر الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلوة والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتخوف عن أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه فضاق صدره وراجع ربه عزوجل ، فأوحى الله اليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فصدع بأمر الله تعالى ذكره ، فقام بولاية على عليه‌السلام يوم غدير خم فنادى الصلوة جامعة ، وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغايب. قال عمر بن أذينة ، قالوا جميعا غير أبى الجارود قال أبو جعفر عليه‌السلام ، وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى ، وكانت الولاية آخر الفرايض ، فانزل الله عزوجل ، (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) قال ابو جعفر عليه السلام يقول الله عزوجل لا انزل عليكم بعد هذه فريضة قد أكملت لكم دينكم الفرايض.

٢٦٥ ـ بعض أصحابنا عن محمد بن ابى عبد الله عن عبد الوهاب بن بشير عن موسى بن قادم عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام قال سألته عن قول الله عزوجل («وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) قال : ان الله أعظم وأعز وأجل وامنع من ان يظلم ولكن خلطنا بنفسه فجعل ظلمنا ظلمه وولايتنا ولايته ، حيث يقول : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) يعنى الائمة منا ، ثم قال في موضع آخر : (وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ثم ذكر مثله.

٢٦٦ ـ احمد بن محمد عن على بن الحكم عن الحسين بن ابى العلا قال : ذكرت لابي عبد الله عليه‌السلام قولنا في الأوصياء ان اطاعتهم مفترضة؟ قال فقال : نعم هم الذين قال الله

٦٤٦

عزوجل (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم الذين قال الله عزوجل (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا).

٢٦٧ ـ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد البرقي عن محمد بن القاسم الجوهري عن الحسين بن أبى العلا قال : قلت لابي عبد الله عليه‌السلام :

الأوصياء طاعتهم مفترضة؟ قال : نعم هم الذين قال الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وهم الذين قال الله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ).

٢٦٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة له عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام في شأن ذي القربى. فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم وكذلك الفيء ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى كما أجراهم في الغنيمة ، فبدأ بنفسه جل جلاله ثم برسوله ثم بهم ، وقرن سهمهم بسهمه وسهم رسوله ، وكذلك في الطاعة فقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فبدأ بنفسه ثم برسوله ثم بأهل بيته ، وكذلك آية الولاية ، (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفيء ، فتبارك وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت.

٢٦٩ ـ في أمالي الصدوق (ره) باسناده الى أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) الآية قال. ان رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله ابن سلام وأسد وثعلبة وابن يامين وابن صوريا ، فأتوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا. يا نبي الله ان موسى عليه‌السلام أوصى الى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله ومن ولينا بعدك؟ فنزلت هذه الآية ، (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قوموا فقاموا فأتوا المسجد فاذا سائل خارج فقال : يا سائل أما أعطاك أحد شيئا؟ قال. نعم هذا الخاتم ، فقال. من أعطاكه؟ قال ، أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلى ، قال. على أى حال أعطاك. قال.

٦٤٧

كان راكعا فكبر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وكبر أهل المسجد ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله على بن أبي طالب عليه‌السلام وليكم بعدي ، قالوا ، رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ، وبعلى بن أبي طالب وليا فأنزل الله عزوجل ، (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) فروى عن عمر بن الخطاب انه قال ، والله لقد تصدقت بأربعين خاتما وأنا راكع لينزل في ما نزل في على بن أبي طالب فما نزل.

٢٧٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه. والهداية هي الولاية كما قال الله عزوجل. (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) و (الَّذِينَ آمَنُوا) في هذا الموضع هم المؤتمنون على الخلايق من الحجج والأوصياء في عصر بعد عصر.

٢٧١ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى عمار ابى اليقظان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال يجيء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة آخذا بحجزة (١) ربه ونحن آخذون بحجزة نبينا وشيعتنا آخذون بحجزتنا. فنحن وشيعتنا حزب الله وحزب الله هم الغالبون ، والله ما يزعم انها حجزة الإزار ولكنها أعظم من ذلك : يجيء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله آخذا بدين الله ونجيء نحن آخذين بدين نبينا ، وتجيء شيعتنا آخذين بديننا.

٢٧٢ ـ في تفسير العياشي عن صفوان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام لقد حضر الغدير اثنا عشر ألف رجل يشهدون لعلى بن أبي طالب عليه‌السلام فما قدر على أخذ حقه ، وان أحدكم يكون له المال وله شاهدان فيأخذ حقه (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ) في على عليه‌السلام.

٢٧٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا) قال نزلت في عبد الله بن أبى لما أظهر الإسلام و (قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ) قال : وخرجوا به من الايمان.

٢٧٤ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبى نجران عن عاصم بن حميد عن أبى حمزة عن يحيى بن عقيل عن حسن قال : خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه فحمد الله واثنى عليه وقال. اما بعد فانه انما هلك من كان

__________________

(١) الحجرة : معقد الإزار.

٦٤٨

قبلكم حيث ما عملوا من المعاصي ولم ينههم الربانيون والأحبار عن ذلك ، وانهم لما تمادوا في المعاصي (١) ولم ينههم (الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ ، عَنْ) ذلك نزلت بهم العقوبات ، فأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٧٥ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد وعلى بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن احمد بن محمد بن أبى نصر عن أبان عن أبى بصير عن عمرو بن رياح عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قلت له : بلغني انك تقول من طلق لغير السنة انك لا ترى طلاقه شيئا؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام ما أقوله بل الله يقوله والله ولو كنا نفتيكم بالجور لكنا شرا منكم ، لان الله عزوجل يقول : (لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ) الى آخر الآية

٢٧٦ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام في خطبة له وهي من خطب الملاحم : أين تذهب بكم المذاهب ويستر بكم الغياهب (٢) وتخدعكم الكواذب ومن أين تؤتون وانى تؤفكون ولكل أجل كتاب ، ولكل غيبة إياب فاستمعوا من ربانيكم واحضروه قلوبكم واستيقظوا أن يهتف بكم.

٢٧٧ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع سليمان المروزي بعد كلام طويل له عليه‌السلام في إثبات البدا وقد كان سليمان ينكر ثم التفت الى سليمان فقال : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب ، قال : أعوذ بالله من ذلك وما قالت اليهود؟ قال : (قالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) يعنون ان الله قد فرغ من الأمر فليس يحدث شيئا فقال عزوجل : (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا).

٢٧٨ ـ في كتاب التوحيد باسناده الى اسحق بن عمار عمن سمعه عن أبي عبد الله عليه‌السلام انه قال : في قول الله عزوجل : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) لم يعنوا انه هكذا ولكنهم قالوا قد فرغ من الأمر فلا يزيد ولا ينقص وقال الله جل جلاله تكذيبا لقولهم :

__________________

(١) تمادى في غيه : دام على فعله ولج.

(٢) الغياهب جمع الغيهب : الظلمة.

٦٤٩

(غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) الم تسمع الله عزوجل يقول : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ).

٢٧٩ ـ وباسناده الى عبد الله بن قيس عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعته يقول (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) فقلت : له يدان هكذا ـ وأشرت بيدي الى يديه ـ؟ فقال : لا لو كان هكذا كان مخلوقا.

٢٨٠ ـ وباسناده الى حنان بن سدير عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وقوم وصفوه بالرجلين فقالوا وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى الى السماء ووصفوه بالأنامل فقالوا : ان محمدا قال : انى وجدت برد أنامله على قلبي فلمثل هذه الصفات قال : (رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) يقول : رب المثل الأعلى عما به مثلوه (وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى) الذي لا يشبه شيء ولا يوصف ولا يتوهم فذلك المثل الأعلى.

٢٨١ ـ وباسناده الى ابى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : انا يد الله المبسوطة على عباده بالمرحمة والمغفرة والحديث طويل أخذنا منه وموضع الحاجة.

٢٨٢ ـ وباسناده الى مروان بن صباح قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان الله عزوجل خلقنا فأحسن خلقنا وصورنا فأحسن صورنا ، وجعلنا عينه في عباده ولسانه الناطق في خلقه ويده المبسوطة على عباده بالرأفة والرحمة والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨٣ ـ في تفسير العياشي عن حماد عنه في قول الله : (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) يعنون انه قد فرغ مما هو كائن (لُعِنُوا بِما قالُوا) قال الله عزوجل : (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ).

٢٨٤ ـ عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) كلما أراد جبار من الجبابرة هلكة آل محمد عليهم‌السلام قصمه الله.

٢٨٥ ـ عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) قال الولاية.

٢٨٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله ، (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا

٦٥٠

اللهُ) قال : كلما أراد جبار من الجبابرة هلاك آل محمد قصمه الله ، قوله : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) يعنى اليهود والنصارى (لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) قال : من فوقهم المطر ومن تحت أرجلهم النبات.

٢٨٧ ـ في أصول الكافي محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن حماد ابن عيسى عن ربعي ابن عبد الله عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) قال : الولاية.

٢٨٨ ـ في تفسير العياشي عن زيد بن أسلم عن انس بن مالك قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : تفرقت امة موسى على احدى وسبعين ملة ، سبعون منها في النار وواحدة في الجنة ، وتفرقت امة عيسى على اثنتين وسبعين فرقة احدى وسبعون فرقة في النار وواحدة في الجنة ، وتعلو أمتي على الفرقتين جميعا بملة ، واحدة في الجنة وثنتان وسبعون في النار ، قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : الجماعات الجماعات. قال يعقوب بن يزيد : كان على بن ابى طالب عليه‌السلام إذا حدث هذا الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلا فيه قرآنا : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) الى قوله : (ساءَ ما يَعْمَلُونَ) وتلا أيضا : (وَمِمَّنْ خَلَقْنا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ) يعنى امة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ) قال : قوم من اليهود دخلوا في الإسلام فسماهم الله مقتصدة.

٢٩٠ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين جميعا عن محمد بن اسمعيل بن بزيع عن منصور بن يونس عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال ، سمعت أبا جعفر عليه‌السلام وذكر حديثا طويلا وفيه يقول عليه‌السلام : ثم نزلت الولاية وانما أتاه ذلك في يوم الجمعة بعرفة نزل الله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) وكان كمال الدين بولاية على بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال عند ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمتي حديثو عهد الى الجاهلية ومتى أخبرتهم بهذا في ابن عمى يقول قائل ويقول قائل؟ فقلت في نفسي من غير أن ينطق به لساني فأتتنى

٦٥١

عزيمة من الله بتلة (١) أوعدني ان لم أبلغ أن يعذبني ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد على عليه‌السلام فقال : يا ايها الناس انه لم يكن نبي من الأنبياء ممن كان قبلي الا وقد عمره الله ثم دعاه فأجابه فأوشك ان أدعى فأجيب وانا مسئول وأنتم مسئولون فما ذا أنتم قائلون؟ فقالوا نشهد انك قد بلغت ونصحت وأديت ما عليك فجزاك الله أفضل جزاء المرسلين فقال : اللهم اشهد ثلاث مرات ، ثم قال : يا معشر المسلمين هذا وليكم من بعدي فليبلغ الشاهد منكم الغائب قال ابو جعفر عليه‌السلام كان والله أمين الله على خلقه وغيبه ودينه الذي ارتضاه لنفسه.

٢٩١ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة والفضيل بن يسار وبكير بن أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية وابى الجارود جميعا عن أبى جعفر عليه‌السلام قال امر الله عزوجل رسوله بولاية على وانزل عليه : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) وفرض ولاية اولى الأمر فلم يدروا ما هي ، فامر الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلوة والزكاة والصوم والحج ، فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتخوف ان يرتدوا عن دينهم وان يكذبوه ، فضاق صدره وراجع ربه عزوجل فأوحى الله عزوجل اليه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) وصدع بأمر الله تعالى ذكره فقام بولاية على عليه‌السلام يوم غدير خم فنادى. الصلوة جامعة وامر الناس ان يبلغ الشاهد الغايب. قال عمر بن أذينة قال جميعا غير ابى الجارود قال ابو جعفر عليه‌السلام. وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الاخرى وكانت الولاية آخر الفرائض فأنزل الله عزوجل : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) قال ابو جعفر : يقول الله عزوجل : لا انزل عليكم بعدها فريضة قد أكملت لكم الفرايض.

٢٩٢ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد

__________________

(١) البتلة من التبتل بمعنى الانقطاع والتقطع وذكر البتلة بعد العزيمة للتأكيد.

٦٥٢

ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن اسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمر وعن عبد الحميد ابن ابى الديلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام فلما رجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع نزل عليه جبرئيل عليه‌السلام فقال : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فنادى الناس فاجتمعوا وامر بسمرات فقم شوكهن (١) ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا ايها الناس من وليكم وأولى بكم من أنفسكم؟ فقالوا : الله ورسوله فقال : من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ثلث مرات ، فوقعت حسكة النفاق (٢) في قلوب القوم وقالوا : وما انزل الله جل ذكره هذا على محمد قط وما يريد الا أن يرفع بضبع ابن عمه. (٣)

٢٩٣ ـ في عيون الاخبار حدثنا الحكم ابو على الحسين بن احمد البيهقي قال حدثني محمد بن يحيى الصولي قال. حدثني سهل بن القاسم النوشجاني قال. قال رجل للرضا يا ابن رسول الله (ع) انه يروى عن عروة بن الزبير انه قال توفى النبي (ص) وهو في تقية فقال اما بعد قوله تعالى. (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فانه أزال كل تقية بضمان الله عزوجل : وبين امر الله ولكن قريش فعلت ما اشتهت بعده واما قبل نزول هذه الاية فلعلة.

٢٩٤ ـ في مجمع البيان (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) روى ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزلت هذه الاية قال لحراس من أصحابه يحرسونه سعد وحذيفة. ألحقوا بملاحقكم فان الله تعالى عصمنى من الناس.

٢٩٥ ـ في تهذيب الأحكام في الدعاء بعد صلوة الغدير المسند الى الصادق عليه‌السلام ربنا اننا سمعنا بالمنادي وصدقنا المنادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نادى بنداء عنك بالذي أمرته به أن يبلغ ما أنزلت اليه من ولاية ولى أمرك فحذرته وأنذرته ان لم يبلغ ان تسخط عليه وانه ان بلغ رسالاتك عصمته من الناس فنادى مبلغا وحيك ورسالاتك الا من كنت مولاه

__________________

(١) السمرة : شجر ذو شوك. وقم البيت : كنسه.

(٢) الحسكة : العداوة والحقد.

(٣) الضبع : العضد.

٦٥٣

فعلى مولاه ومن كنت وليه فعلى وليله ومن كنت نبيه فعلى أميره.

٢٩٦ ـ في أمالي الصدوق (ره) وباسناده الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يقول فيه لعلى عليه‌السلام. ولقد انزل الله عزوجل الى (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) يعنى في ولايتك يا على (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) ولو لم أبلغ ما أمرت به من ولايتك لحبط عملي.

٢٩٧ ـ وباسناده الى ابن عباس حديث طويل وفيه فأنزل الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ : بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تهديد وبعد وبعيد لأمضين أمر الله فان يتهموني ويكذبوني فهو أهون على من ان يعاقبني العقوبة الموجعة في الدنيا والاخرة ، قال : وسلم جبرئيل على على بامرة المؤمنين فقال على عليه‌السلام ، يا رسول الله أسمع الكلام ولا أحس الرؤية فقال : يا على هذا جبرئيل أتانى من قبل ربي بتصديق ما وعدتم ثم امر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجلا فرجلا من أصحابه حتى سلموا عليه بامرة المؤمنين ثم قال : يا بلال ناد في الناس ان لا يبقى غدا أحد الا عليك الا خرج الى غدير خم ، فلما كان من الغد خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بجماعة أصحابه فحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا ايها الناس ان الله تبارك وتعالى أرسلنى إليكم برسالة وانى ضقت به ذرعا مخافة أن يتهموني ويكذبوني حتى أنزل الله على وعيدا بعد وعيد ، فكان تكذيبكم إياي أيسر على من عقوبة الله إياي «الحديث».

٢٩٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى محمد بن على الباقر عليهما‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : فلما بلغ غدير خم قبل الجحفة بثلثة أميال أتاه جبرئيل عليه‌السلام على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهاء والعصمة من الناس ، فقال؟ يا محمد ان الله عزوجل يقرئك السلام ويقول : «يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في على وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ» وكان اوائلهم قريبا من الجحفة ، فأمره ان يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليا للناس ويبلغهم ما انزل الله في على عليه‌السلام ، وأخبره بان الله

٦٥٤

عزوجل قد عصمه من الناس فامر رسوله عند ما جاءت العصمة مناديا ينادى في الناس : الصلوة جامعة الى قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأؤدي ما أوحى الى حذرا من ان لا افعل فتحل لي منه قارعة (١) لا يدفعها عنى أحد وان عظمت حيلة لا اله الا هو لأنه قد أعلمني انى لم أبلغ ما انزل الى فما بلغت رسالته ، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة ، وهو الله الكافي الكريم ، فأوحى الله : بسم الله الرحمن الرحيم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) يعنى في الخلافة لعلى بن ابى طالب عليه‌السلام (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).

٢٩٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) قال : نزلت هذه الآية في على (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) قال نزلت هذه الآية في منصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حجة الوداع ، وحج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدم المدينة ، وكان من قوله بمنى ان حمد الله واثنى عليه ثم قال : ايها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عنى فانى لا أدري لعلى ألقاكم بعد عامي هذا. ثم قال : هل تعلمون أى يوم أعظم حرمة؟ قال الناس : هذا اليوم ، قال ، فأى شهر؟ قال الناس ، هذا. قال : واى بلد أعظم حرمة؟ قالوا : بلدنا هذا ، فان دماءكم وأموالكم واعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الى يوم تلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم ، الأهل بلغت ايها الناس؟ قالوا نعم ، قال : اللهم اشهد ، ثم قال ، ألا وكل مأثرة (٢) أو بدع كانت في الجاهلية أو دم أو مال فهو تحت قدمي هاتين ليس أحد أكرم من أحد الا بالتقوى ، الأهل بلغت؟ قالوا ، نعم ، قال ، اللهم اشهد ، ثم قال ، الا وكل ربا في الجاهلية فهو موضوع ، وأول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب ألا وكل دم كانت في الجاهلية فهو موضوع وأول موضوع منه دم ربيعة الأهل بلغت؟ قالوا : نعم. قال : اللهم اشهد ، ثم قال ، الا وان الشيطان قد يئس ان يعبد بأرضكم هذه ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ، الا وانه إذا أطيع فقد عبد ، الا ايها الناس ان المسلم أخ المسلم حقا ولا يحل لامرء مسلم دم امرئ مسلم

__________________

(١) القارعة : الداهية الشديدة.

(٢) المأثرة : المكرمة المتوارثة.

٦٥٥

وما له الا ما أعطاه بطيبة نفس منه ، وانى أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله ، فاذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله ، الأهل بلغت ايها الناس؟ قالوا ، نعم قال اللهم اشهد ، ثم قال ، ايها الناس احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي وافهموه تنتعشوا الا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ، فان أنتم فعلتم ذلك ولتفعلن لتجدوني في كتبية بين جبرئيل وميكائيل اضرب وجوهكم بالسيف ، ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة ثم قال. إنشاء الله أو على بن أبي طالب ، ثم قال : الا وانى قد تركت فيكم أمرين ان أخذتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانه قد نبأني اللطيف الخيبر انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، الا فمن اعتصم بهما فقد نجى ومن خالفهما فقد هلك الأهل بلغت؟ قالوا ، نعم ، قال اللهم اشهد ، ثم قال. الا وانه سيرد على الحوض منكم رجال فيدفعون عنى فأقول رب أصحابى ، فيقال. يا محمد انهم قد أحدثوا بعدك وغيروا سنتك فأقول. سحقا سحقا ، فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله. (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. نعيت الى نفسي ثم نادى. الصلوة جامعة في مسجد الخيف ، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال. نصر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه ، ثلث لا يغل عليهن قلب امرء مسلم إخلاص العمل لله ، والنصيحة لائمة المسلمين ولزوم جماعتهم ، فان دعوته محيطة من ورائهم المؤمنون اخوة تتكافى دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم. ايها الناس انى تارك فيكم الثقلين قالوا. يا رسول الله وما الثقلان؟ فقال. كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فانه قد نبأني اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض كإصبعي هاتين وجمع بين سبابتيه. ولا أقول كهاتين سبابته والوسطى فتفضل هذه على هذه ، فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا : يريد محمد ان يجعل الامامة في أهل بيته ، فخرج منهم اربعة نفر الى مكة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتابا ان أمات الله محمدا أو قتله ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا ، فانزل الله على نبيه في ذلك («أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ

٦٥٦

أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) فخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلا يقال له غدير خم ، نزل وقد علم الناس مناسكهم وأو عز إليهم وصية ، إذ نزل عليه هذه الاية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تهدد ووعيد ، فحمد الله واثنى عليه ثم قال ايها الناس هل تعلمون من وليكم؟ فقالوا : نعم الله ورسوله ، ثم قال ألستم تعلمون انى اولى بكم منكم من أنفسكم ، فقالوا بلى ، قال : اللهم اشهد فأعاد ذلك عليهم ثلثا كل ذلك يقول مثل قوله الاول ، ويقول الناس كذلك ، ويقول : اللهم اشهد ثم أخذ بيد أمير المؤمنين عليه‌السلام فرفعها حتى بدا للناس بياض إبطيهما ثم قال : الا من كنت مولاه فهذا على مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله ، وأحب من أحبه ثم رفع رأسه الى السماء فقال اللهم اشهد عليهم وانا من الشاهدين ، فاستفهمه عمر من بين أصحابه فقال : يا رسول الله هذا من الله ومن رسوله؟ فقال نعم من الله ومن رسوله انه أمير المؤمنين وامام المتقين وقائد الغر المحجلين ، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعدائه النار فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده قد قال محمد في مسجد الخيف ما قال ، وقال هاهنا ما قال ، وان رجع الى المدينة يأخذنا بالبيعة ، فاجتمع أربعة عشر نفرا وتؤامروا على قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقعدوا له في العقبة وهي عقبة حرشي بين الجحفة والأبواء ، فقعدوا سبعة عن يمين العقبة وسبعة عن يسارها لينفروا ناقة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما جن الليل تقدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تلك الليلة العسكر فأقبل ينعس على ناقته فلما دنا من العقبة ناداه جبرئيل يا محمد ان فلانا وفلانا وفلانا قد قعدوا لك ، فنظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال ، من هذا خلفي؟ فقال حذيفة بن اليمان انا حذيفة بن اليمان يا رسول الله ، قال سمعت ما سمعت قال بلى ، قال فاكتم ، ثم دنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله منهم فناداهم بأسمائهم فلما سمعوا نداء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مروا ودخلوا في غمار الناس (١) وقد كانوا عقلوا رواحلهم ، فتركوها ولحق الناس برسول ، الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وطلبوهم وانتهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى رواحلهم فعرفها

__________________

(١) غمار الناس : جماعتهم.

٦٥٧

فلما نزل قال ما بال أقوام تحالفوا في الكعبة ان أمات الله محمدا أو قتله ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيته أبدا ، فجاؤا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحلفوا انهم لم يقولوا من ذلك شيئا ولم يردوه ولم يهموا بشيء في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأنزل الله (يَحْلِفُونَ بِاللهِ ما قالُوا) ان لا يردوا هذا الأمر في أهل بيت رسول الله (وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا) من قتل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (وَما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى المدينة وبقي بها المحرم ونصف من صفر لا يشتكي شيئا ثم ابتدأ به الوجع الذي توفى فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

٣٠٠ ـ فحدثني أبى عن مسلم بن خالد عن محمد بن جابر عن أبى مسعود قال قال لي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما رجع من حجة الوداع : يا ابن مسعود قد قرب الأجل ونعيت الى نفسي ، فمن لك بعدي؟ فأقبلت أعد عليه رجلا رجلا فبكى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال ثكلتك الثواكل فأين أنت عن على بن أبي طالب لم تقدمه على الخلق أجمعين؟ يا ابن مسعود انه إذا كان يوم القيامة رفعت لهذه الامة أعلام فأول الاعلام لواء الأعظم مع على بن أبي طالب والناس جميعا تحت لوائى ينادى مناد هذا الفضل يا ابن أبي طالب.

٣٠١ ـ حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال لما امر الله نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله أن ينصب أمير المؤمنين عليه‌السلام في قوله (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) في على بغدير خم فقال من كنت مولاه فعلى مولاه فجاءت الأبالسة الى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤسهم فقال إبليس ما لكم؟ فقالوا ان هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شيء الى يوم القيامة ، فقال لهم إبليس كلا ان الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني ، فأنزل الله على نبيه. (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) الاية. ال عز من قائل (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ).

٣٠٢ ـ في مجمع البيان قال ابن عباس جاء جماعة من اليهود الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا ألست تقربان التوراة من عند الله؟ قال بلى قالوا فانا نؤمن بها ولا نؤمن بما عداها فنزلت الاية.

٦٥٨

٣٠٣ ـ في تفسير العياشي عن حمران بن أعين عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله «يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ الى «طُغْياناً وَكُفْراً»» قال هو ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٣٠٤ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن محمد بن الحصين عن خالد بن يزيد القمى عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) قال حيث كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بين أظهرهم (فَعَمُوا وَصَمُّوا) حيث قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (ثُمَّ تابَ اللهُ عَلَيْهِمْ) حيث قام أمير المؤمنين عليه‌السلام قال (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا) الى الساعة.

٣٠٥ ـ في تفسير العياشي عن زرارة قال كتبت الى أبي عبد الله عليه‌السلام مع بعض أصحابنا فيما يروى الناس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه من أشرك بالله فقد وجبت له النار ، وان لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة ، قال : اما من أشرك بالله فهذا الشرك البين وهو قول الله : (مَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ) واما قوله : ومن لم يشرك بالله فقد وجبت له الجنة قال ابو عبد الله عليه‌السلام هاهنا النظر هو من لم يعص الله.

٣٠٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم وفي رواية أبى الجارود عن أبي جعفر عليه‌السلام في قوله :

(اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ) اما المسيح فعصوه وعظموه في أنفسهم حتى زعموا انه اله وانه ابن الله وطائفة منهم قالوا : ثالث ثلثة ، وطائفة منهم قالوا : هو الله ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٠٧ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وجه دلائل الائمة عليهم‌السلام والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام : وقال تعالى (مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ).

٣٠٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل يقول عليه‌السلام : واما هفوات الأنبياء عليهم‌السلام وما بينه الله في كتابه فان ذلك من أدل الدلائل على حكمة الله عزوجل الباهرة ، وقدرته القاهرة ، وعزته الظاهرة ، لأنه علم ان براهين

٦٥٩

الأنبياء عليهم‌السلام تكبير في صدور أممهم ، وان منهم من يتخذ بعضهم إلها كالذي كان من النصارى في ابن مريم ، فذكر دلالة على تخلفهم عن الكمال الذي انفرد به عزوجل ، الم تسمع الى قوله في صفة عيسى حيث قال فيه وفي امه : (كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ) يعنى من أكل الطعام كان له ثقل ومن كان له ثقل فهو بعيد مما ادعته النصارى لابن مريم.

٣٠٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى قال : حدثني هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة قال : سأل رجل أبا عبد الله عليه‌السلام عن قوم من الشيعة يدخلون في اعمال السلطان ويعملون لهم ويحبون لهم ويوالونهم؟ قال : ليس هم من الشيعة ، ولكنهم من أولئك ثم قرأ ابو عبد الله عليه‌السلام هذه الآية : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) الى قوله (وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ) قال : الخنازير على لسان داود والقردة على لسان عيسى.

٣١٠ ـ حدثني الحسين بن عبد الله السكيني عن ابى سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لما بلغ أمير المؤمنين عليه‌السلام امر معاوية وانه في مائة الف قال : من اى القوم؟ قالوا : من أهل الشام قال عليه‌السلام لا تقولوا من أهل الشام ولكن قولوا من أهل الشوم ، هم من أبناء مصر لعنوا على لسان داود ، فجعل الله منهم القردة والخنازير ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣١١ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن ابى عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ) قال : الخنازير على لسان داود ، والقردة على لسان عيسى بن مريم عليهما‌السلام.

٣١٢ ـ في كتاب ثواب الأعمال باسناده قال : قال على عليه‌السلام : لما وقع التقصير في بنى إسرائيل جعل الرجل منهم يرى أخاه على الذنب فينهاه فلا ينتهى فلا يمنعه من ذلك أن يكون أكيله وجليسه وشريبه ، حتى ضرب الله عزوجل قلوب بعضهم ببعض ، ونزل فيهم القرآن حيث يقول عزوجل : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ

٦٦٠