تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

٥٠ ـ عن على بن الحسين عليهما‌السلام انه قال : لا عبادة الا بتفقه.

٥١ ـ وفيما اوصى به النبي عليا عليهما‌السلام : يا على من أتى بما افترض الله عليه فهو من اعبد الناس.

٥٢ ـ في عيون الاخبار حدثنا محمد بن القاسم المفسر قال : حدثني يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن موسى الرضا عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عليهم‌السلام في قول الله عزوجل (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ) بناء قال : جعلها ملائمة بطبائعكم موافقة لأجسادكم ولم يجعلها شديدة الحماء والحرارة فتحرقكم ، ولا شديدة البرودة فتجمدكم ولا شديد طيب الريح فتصدع هاماتكم ولا شديد النتن فتعطبكم ، ولا شديدة اللين كالماء فتغرقكم ، ولا شديدة الصلابة فتمتنع عليكم في دوركم وأبنيتكم وقبور موتاكم ، ولكنه عزوجل جعل فيها من المتانة ما تنتفعون به ، وتتماسكون وتتماسك عليها أبدانكم وبنيانكم ، وجعل فيها ما تنقاد به لدوركم وقبوركم وكثير من منافعكم ، فلذلك جعل الأرض فراشا لكم ، ثم قال عزوجل ، (وَالسَّماءَ بِناءً) سقفا من فوقكم محفوظا يدير فيها شمسها وقمرها ونجومها لمنافعكم ، ثم قال عزوجل : (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) يعنى المطر ينزله من أعلى ليبلغ قلل جبالكم وتلالكم وهضابكم وأوهادكم (١) ثم فرقه رذاذا ووابلا وهطلا (٢) لتنشفه أرضوكم ، ولم يجعل ذلك المطر نازلا عليكم قطعة واحدة فيفسد أرضيكم وأشجاركم وزروعكم وثماركم ، ثم قال عزوجل : (فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً) يعنى مما يخرجه من الأرض رزقا لكم (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) اى أشباها وأمثالا من الأصنام التي لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر ولا تقدر على

__________________

(١) هضاب جمع الهضبة : المرتفع من الأرض كالتل والجبل الصغير والأوهاد جمع الوهدة : الأرض المنخفضة.

(٢) الرذاذ : المطر الضعيف الصغار القطر كالغبار الوابل : المطر الشديد الضخم القطر. والهطل : المطر الضعيف الدائم.

٤١

شيء ، وأنتم تعلمون انها لا تقدر على شيء من هذه النعم الجليلة التي أنعمها عليكم ربكم تبارك وتعالى.

٥٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى مسعدة بن صدقة عن جعفر بن محمد عن أبيه عليه‌السلام قال كان على عليه‌السلام يقوم في المطر أول مطر يمطر حتى يبتل رأسه ولحيته وثيابه ، فيقال له : يا أمير المؤمنين الكن الكن (١) فيقول : ان هذا ماء قريب العهد بالعرش ثم إنشاء يحدث فقال : ان تحت العرش بحرا فيه ما ينبت به أرزاق الحيوانات ، فاذا أراد الله عزوجل ان ينبت ما يشاء لهم رحمة منه اوحى الله عزوجل فمطر منه ما شاء من سماء الى سماء ، حتى يصير الى سماء الدنيا ، فيلقيه الى السحاب ، والسحاب بمنزلة الغربال ، ثم يوحى الله عزوجل الى السحاب اطحنيه وأذيبه ذوبان الملح في الماء ، ثم انطلقي به الى موضع كذا عباب أو غير عباب (٢) فتقطر عليهم على النحو الذي يأمره الله فليس من قطرة تقطر الا ومعها ملك يضعها موضعها ، ولم تنزل من السماء قطرة من مطر الا بقدر معدود ووزن معلوم ، الا ما كان يوم الطوفان على عهد ، نوح فانه نزل منها منهمر (٣) بلا عدد ولا وزن

٥٤ ـ في نهج البلاغة فسبحان من أمسكها بعد موجان مياهها ، وأجمدها بعد رطوبة أكنافها ، فجعلها لخلقه مهادا ، وبسطها لهم فراشا فوق بحر لجي (٤) راكد لا يجرى ، وقائم لا يسرى. تكر كره الرياح العواصف (٥) وتمخضه الغمام الذوارف (٦) (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشى).

__________________

(١) كن الشيء كنا وكنونا ستره في كنه وغطاه وصانه من الشمس.پ

(٢) قال الطريحي : العباب ـ بالضم ـ : معظم الماء وكثرته وارتفاعه ، وماء عباب : يسيل سيلا لكثرته.

(٣) ماء منهمر ، كثير سريع الانصباب.

(٤) اى كثير الماء منسوب الى اللجة وهي معظم الماء.

(٥) الكر كرة : تصريف الريح السحاب إذا جمعته بعد تفريق وأصله يكرر من التكرير فأعادوا الكاف ، يقال كر كرت الفارس عنى اى دفعته ورددته ، والرياح العواصف : الشديدة الهبوب.

(٦) مخضت اللبن : إذا حركته لتأخذ زبده. والذوارف من ذرفت عينه اى دمعت.

٤٢

٥٥ ـ في أصول الكافي باسناده الى جابر قال نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الاية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا : وان كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا في على (ع) فاتوا بسورة من مثله.

٥٦ ـ في مصباح الشريعة قال الصادق عليه‌السلام وحروف العبد ثلثة العين ، والباء ، والدال ، فالعين علمه بالله تعالى ، والباء بونه عما سواه ، والدال دنوه من الله بلا كيف ولا حجاب.

٥٧ ـ في عيون الاخبار حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال. حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر قال حدثنا ابو عبد الله السياري عن ابى يعقوب البغدادي قال قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام. لماذا بعث الله تعالى موسى بن عمران بيده البيضاء والعصا (١) وآلة السحر ـ وبعث عيسى بالطب وبعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكلام والخطب؟ فقال له أبو الحسن عليه‌السلام ان الله تعالى لما بعث موسى عليه‌السلام كان الأغلب على أهل عصره السحر فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن [من] عند القوم وفي وسعهم مثله ، وبما أبطل به سحرهم واثبت به الحجة عليهم ، وان الله تعالى بعث عيسى عليه‌السلام في وقت ظهرت فيه الزمانات (٢) واحتاج الناس الى الطب فأتاهم من عند الله بما لم يكن عندهم مثله ، وبما أحيى لهم الموتى وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله ، واثبت به الحجة عليهم ، وان الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنه قال والشعر فأتاهم من كتاب الله عزوجل ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم ، واثبت به الحجة عليهم فقال ابن السكيت : تا الله ما رأيت مثلك اليوم؟ قط فما الحجة على الخلق اليوم فقال عليه‌السلام العقل تعرف به الصادق على الله فتصدقه ، والكاذب على الله فتكذبه فقال له ابن السكيت وهذا والله الجواب.

٥٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وروى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ولقد مررنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) وفي المصدر «بالعصا ويده البيضاء».

(٢) الزمانة : الآفة : تعطيل القوى.

٤٣

بجبل وإذا الدموع تخرج من بعضه ، فقال له ما يبكيك يا جبل؟ فقال يا رسول الله كان المسيح مر بى وهو يخوف الناس بنار وقودها الناس والحجارة ، فأنا أخاف ان أكون من تلك الحجارة ، قال : لا تخف تلك الحجارة الكبريت فقر الجبل وسكن وهدأ وأجاب. (١)

٥٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً) قال : يؤتون من فاكهة واحدة على ألوان متشابهة.

٦٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى يزيد بن عبد الله بن سلام عن أبيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل وفيه قال : فلم سميت الجنة جنة؟ قال. لأنها جنينة (٢) خيرة نقية ، وعند الله تعالى ذكره مرضية قال عز من قائل. (وَهُمْ فِيها خالِدُونَ).

٦١ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن احمد بن يونس عن أبى هاشم قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام. انما خلد أهل النار في النار لان نياتهم كانت في الدنيا ان لو خلدوا فيها أن يعصوا الله أبدا وانما خلد أهل الجنة في الجنة لان نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها ان يطيعوا الله ، أبدا فبالنيات خلد هؤلاء وهؤلاء ، ثم تلا قوله تعالى (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) (٣) قال. على نيته.

٦٢ ـ تفسير على بن إبراهيم حديث طويل عند قوله تعالى ، (يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً) (٤) يذكر عليه‌السلام فيه أحوال المتقين بعد دخولهم الجنة وفيه ثم يرجعون الى عين اخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها فهي عين الحيوة فلا يموتون أبدا ،

٦٣ ـ وفيه واما قوله ، (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ

__________________

(١) هدء بمعنى سكن أيضا.

(٢) الجنينة : المستورة.

(٣) الإسراء : ٨٤.

(٤) مريم : ٨٥. والحديث مروي عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه سئل النبي (ص) عن تفسير هذه الآية.

٤٤

ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) فانه قال الصادق عليه‌السلام ان هذا القول من الله رد على من زعم ان الله تبارك وتعالى يضل العباد ثم يعذبهم على ضلالتهم فقال الله عزوجل : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها).

٦٤ ـ قال : وحدثني أبى عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن المعلى بن خنيس عن أبى عبد الله عليه‌السلام. ان هذا المثل ضربه الله لأمير المؤمنين على بن أبى طالب عليه‌السلام فالبعوضة أمير المؤمنين عليه‌السلام وما فوقها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والدليل على ذلك قوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) يعنى أمير المؤمنين عليه‌السلام كما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الميثاق عليهم له (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) فرد الله عليهم فقال : («وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ) في على (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) يعنى من صله أمير المؤمنين والائمة عليهم‌السلام (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ).

٦٥ ـ في مجمع البيان روى عن الصادق عليه‌السلام انه قال ، انما ضرب الله المثل بالبعوضة لان البعوضة على صغر حجمها خلق الله فيها جميع ما خلق في الفيل مع كبره وزيادة عضوين آخرين فأراد الله سبحانه ان ينبه بذلك المؤمنين على لطف خلقه وعجيب صنعه.

٦٦ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عمرو بن عثمان عن محمد بن عذافر عن بعض أصحابه عن محمد بن مسلم أو أبى حمزة عن أبى عبد الله عن أبيه عليه‌السلام قال : قال لي على بن الحسين عليه‌السلام ، يا بنى إياك ومصاحبة القاطع لرحمه فانى وجدته ملعونا في كتاب الله عزوجل في ثلث مواضع قال في البقرة : (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٧ ـ في عيون الاخبار حدثنا أبو الحسن محمد بن القاسم المفسر رضى الله عنه قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن بن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه على بن الحسين عن أبيه الحسين

٤٥

ابن على عليهم‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) قال : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) لتعتبروا به ولتوصلوا به الى رضوانه ، ولتتوقوا به من عذاب نيرانه ، (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) أخذ في خلقها وإتقانها (فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) ولعلمه بكل شيء علم المصالح فخلق لكم كلما في الأرض لمصالحكم يا بنى آدم.

٦٨ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن يعقوب عن على بن محمد باسناده رفعه قال : قال على عليه‌السلام لبعض اليهود : وقد سأله عن مسائل وسميت السماء سماء لأنها وسم الماء يعنى معدن الماء والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٦٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم حديث طويل عن الحسين بن على بن ابى طالب عليهما‌السلام وفيه يقول عليه‌السلام وقد ذكر صخرة بيت المقدس ومنها استوى ربنا الى السماء اى استولى على السماء والملئكة.

٧٠ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام : ثم انشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها ، وأدام مربها ، وأعصف مجريها وأبعد منشاها ، فأمرها بتصفيق الماء الزخار ، واثارة موج البحار ، فمخضته مخض السقاء وعصفت به عصفها بالفضاء ترد أوله على آخره. وساجيه على مائره ، حتى عب عبابه ورمى بالزبد ركامه فرفعه في هواء منفتق ، وجو منفهق فسوى منه سبع سموات جعل سفلاهن موجا مكفوفا ، وعلياهن سقفا محفوظا وسمكا مرفوعا (١)

__________________

(١) أقول : قوله عليه‌السلام : اعتقم مهبها اى جعل هبوبها عقيما قال ابن أبى الحديد والريح العقيم التي لا تلقح سحابا ولا شجرا وكذلك كانت تلك الرياح المشار اليه لأنه سبحانه انما خلقها لتمويج الماء فقط وقيل ان المعنى : صار مهبها ضيقا لان الاعتقام هو أن تحفر البئر ، فاذا قربت من الماء احتفرت بئرا صغيرا بقدر ما تجد طعم الماء ، فان كان عذبا حفرت بقيتها ، فاستعير هنا من حيث ضيق المهب كما يحتفر البئر الصغير. قوله عليه‌السلام : «وادام مربها» اى ملازمتها لتحريك الماء من أرب بالمكان مثل ألب به اى لازمه.

٤٦

٧١ ـ في عيون الاخبار حدثنا أبو الحسن محمد بن عمرو بن على بن عبد الله البصري بإيلاق قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي قال : حدثنا أبى قال : حدثنا على بن موسى الرضا عليه‌السلام قال : حدثني أبى موسى بن جعفر قال : حدثنا أبى جعفر بن محمد قال : حدثنا أبى على بن الحسين قال : حدثنا ابى الحسين بن على عليهم‌السلام قال : كان على بن أبي طالب عليه‌السلام بالكوفة في مجسد الجامع إذ قام اليه رجل من أهل الشام فقال يا أمير المؤمنين انى أسئلك عن أشياء فقال سل تفقها ولا تسئل تعنتا (١) فأحدق

__________________

قوله عليه‌السلام : وأعصف مجراها» اى جريانها أو أسند الى المحل مجازا من قبيل سال الميزاب ، وأبعد منشأها ، اى جعل مبدئها بعيدا لا يعرف ثم سلطها على ذلك الماء.

قوله عليه‌السلام «فأمرها بتصفيق الماء الزخار التصفيق من صفقة إذا قلبه أو بمعنى الضرب الذي له صوت أو من صفق الشراب إذا حوله ممزوجا عن إناء الى آخر ليصفوا. وزخر البحر : اى مد وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه. والزخار : فعال للمبالغة والاثارة : الهيجان.

قوله عليه‌السلام : «فمخضته مخض السقاء ...» المخض : التحريك يقال مخضت اللبن إذا حركته لاستخراج ما فيه من الزبد ، والسقاء ككساء : ما يوضع فيه الماء واللبن ونحوهما من جلد الغنم ونحوه ليخرج زبده وهو قريب من القربة ، والتشبيه للاشارة الى شدة التحريك. ومعنى قوله (ع) «وعصفت به عصفها بالفضاء» معنى لطيف : يقول ان الريح إذا عصفت بالغضاء الذي لا أجسام فيه كان عصفها شديدا لعدم المانع وهذه الريح عصفت بذلك الماء العظيم عصفا شديدا كأنها تصعف لا ممانع لها فيه من الأجسام.

«وساجيه على مائره» الساجي : الساكن ، والمائر : المتحرك.

قوله عليه‌السلام : «حتى عب عبابه ...» عب الماء : ارتفع. وعباب كغراب : معظم الماء وكثرته وطغيانه ، والمعنى : حتى ارتفع معظمه وأعلاه ، والركام : المتراكم. قوله عليه‌السلام : «فرفعه في هواء ...» اى رفع الله ذلك الزبد ، في هواء مفتوق اى مفتوح. والجو المنفهق : المفتوح الواسع و «المكفوف» الممنوع من السقوط والسيلان ، و «السمك» : البناء.

(١) قال الطريحي : التعنت : طلب العنت وهو الأمر الشاق اى لا تسئلا لغير الوجه الذي ينبغي طلب العلم له كالمغالبة والمجادلة.

٤٧

الناس بأبصارهم فقال : أخبرنى عن أول ما خلق الله تبارك وتعالى؟ فقال : خلق النور ، قال : فمم خلقت السموات قال من بخار الماء ، قال : فمم خلقت الأرض؟ قال : من زبد الماء ، قال : فمم خلقت الجبال؟ قال : من الأمواج ، قال : فلم سميت مكة أم القرى؟ قال لان الأرض دحيت من تحتها ، وسأله عن السماء الدنيا مما هي؟ قال من موج مكفوف وسأله عن طول الشمس والقمر وعرضهما؟ قال تسعمائة فرسخ في تسعمائة فرسخ ، وسأله كم طول الكوكب وعرضه؟ قال اثنا عشر فرسخا في اثنا عشر فرسخا ، وسأله عن ألوان السماوات السبع وأسمائها؟ فقال له : اسم سماء الدنيا رفيع وهي من ماء ودخان ، واسم سماء الثانية قيدوم وهي على لون النحاس ، والسماء الثالثة اسمها الماروم وهي على لون الشبه ، والسماء الرابعة اسمها أرفلون وهي على لون الفضة ، والسماء الخامسة اسمها هيعون وهي على لون الذهب ، والسماء السادسة اسمها عروس وهي من ياقوتة خضراء ، والسماء السابعة اسمها عجماء وهي درة بيضاء ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٢ ـ في نهج البلاغة فلما أمهد أرضه وأنفذ أمره اختار آدم عليه‌السلام خيرة من خلقه وجعله أول جبلة.

٧٣ ـ في عيون الاخبار حدثنا أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن اسحق رضى الله عنه قال حدثنا أبو سعيد النسوي قال حدثني إبراهيم بن محمد بن هارون قال حدثنا أحمد بن الفضل البلخي قال حدثني خالي يحيى بن سعيد البلخي عن على بن موسى الرضا عن أبيه عن آبائه عن على عليه‌السلام قال : بينما أنا امشى مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض طرقات المدينة إذ لقينا شيخ طوال كث اللحية بعيد ما بين المنكبين ، فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورحب به ثم التفت الى فقال : السلام عليك يا رابع الخلفاء ورحمة الله وبركاته ، أليس كذلك هو يا رسول الله؟ فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بلى ثم مضى فقلت : يا رسول الله ما هذا الذي قال لي هذا الشيخ وتصديقك له؟ قال : أنت كذلك والحمد لله ، ان الله عزوجل قال في كتابه : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) والخليفة المجعول فيها آدم عليه‌السلام ، وقال عزوجل : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ) فهو الثاني ، وقال عزوجل حكاية عن موسى حين قال لهارون عليه‌السلام : (اخْلُفْنِي

٤٨

فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ) فهو هارون إذا استخلفه موسى عليه‌السلام في قومه وهو الثالث ، وقال عزوجل (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) وكنت أنت المبلغ عن الله عزوجل وعن رسوله ، وأنت وصيي ووزيري وقاضى ديني والمؤدى عنى ، وأنت منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي ، فأنت رابع الخلفاء كما سلم عليك الشيخ ، أولا تدري من هو؟ قلت : لا قال : ذاك أخوك الخضر عليه‌السلام فاعلم.

٧٤ ـ وفيه في باب ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة الطواف بالبيت ان الله عزوجل قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فردوا على الله عزوجل هذا الجواب فندموا ، فلاذوا بالعرش فاستغفروا ، فأحب الله عزوجل ان يتعبد بمثل ذلك العباد ، فوضع في السماء الرابعة بيتا بحذاء العرش يسمى الضراح ، ثم وضع في السماء الدنيا بيتا يسمى المعمور بحذاء الضراح ، ثم وضع هذا البيت بحذاء البيت المعمور ، ثم أمر آدم عليه‌السلام فطاف به ، فتاب الله عزوجل عليه فجرى ذلك في ولده الى يوم القيامة.

٧٥ ـ في كتاب الخصال عن أبى لبابة بن عبد المنذر قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يوم الجمعة سيد الأيام وأعظم عند الله تعالى من يوم الأضحى ويوم الفطر ، فيه خمس خصال : خلق الله فيه آدم عليه‌السلام ، وأهبط الله فيه آدم الى الأرض. وفيه توفى الله آدم عليه‌السلام

٧٦ ـ في أصول الكافي باسناده الى محمد بن اسحق بن عمار قال : قلت لأبي الحسن الاول عليه‌السلام : ألا تدلني على من آخذ عنه ديني؟ فقال : هذا على ان أبى أخذ بيدي فأدخلنى الى قبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا بنى ان الله عز وجل قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) وان الله عزوجل إذا قال قولا وفي به.

٧٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن محمد بن سنان عن أبى عباد عمران ابن عطية عن أبى عبد الله عليه‌السلام» قال : بينا أبى عليه‌السلام وانا في الطواف إذ أقبل رجل شرجب من الرجال فقلت : وما الشرجب أصلحك الله قال : الطويل ، فقال : السلام

٤٩

عليكم وأدخل رأسه بيني وبين أبى قال : فالتفت اليه أبى وانا فرددنا عليه‌السلام ثم قال : أسئلك رحمك الله فقال له ابى نقضي طوافنا ثم تسئلنى فلما قضى ابى الطواف دخلنا الحجر فصلينا الركعات ثم التفت فقال ، أين الرجل يا بنى؟ فاذا هو وراه قد صلى ، فقال : ممن الرجل؟ قال : من أهل الشام قال ومن اى أهل الشام؟ فقال : ممن يسكن بيت المقدس ، فقال : قرأت الكتابين (١) قال : نعم قال سل عما بدا لك فقال : أسئلك عن بدو هذا البيت؟ وعن قوله : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) وعن قوله : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٢) فقال : يا أخا أهل الشام اسمع حديثنا ولا تكذب علينا فان من كذب علينا في شيء فقد كذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومن كذب على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله عذابه الله عزوجل. أما بد وهذا البيت فان الله تبارك وتعالى قال للملائكة. (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فردت الملئكة على الله تعالى ، فقالت : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فأعرض عنها فرأت ان ذلك من سخطه فلاذت بعرشه ، فأمر الله ملكا من الملئكة أن يجعل له بيتا في السماء السادسة يسمى الضراح ، بإزاء عرشه ، فصيره لأهل السماء [يطوفون به] يطوف به سبعون ألف ملك في كل يوم لا يعودون ويستغفرون فلما ان هبط آدم الى السماء الدنيا أمره بمرمة هذا البيت وهو بإزاء ذلك ، فصيره لآدم وذريته كما صير ذلك لأهل السماء ، قال : صدقت يا ابن رسول الله.

٧٨ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن احمد بن محمد ابن أبى نصر وابن محبوب جميعا عن المفضل بن صالح عن محمد بن مروان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول كنت مع أبى في الحجر فبينما هو قائم يصلى إذ أتاه رجل فجلس اليه فلما انصرف سلم عليه ثم قال : انى أسئلك عن ثلثة أشياء لا يعلمها الا أنت ورجل آخر ، قال ما هي قال : أخبرنى أى شيء كان سبب الطواف بهذا البيت؟ فقال. ان الله تعالى لما أمر الملئكة ان يسجدوا لادم فردوا عليه فقالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) قال الله عزوجل : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فغضب عليهم ثم سألوه التوبة فأمرهم ان يطوفوا

__________________

(١) قال الفيض (ره) في الوافي : اى التوراة والقرآن.

(٢) المعارج : ٢٥ و ٢٦.

٥٠

بالضراح وهو البيت المعمور ومكثوا يطوفون به سبع سنين ويستغفرون الله تعالى مما قالوا ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضى عنهم. فهذا كان أصل الطواف ثم جعل الله البيت الحرام حذو الضراح توبة لمن أذنب من بنى آدم وطهورا لهم ، فقال صدقت.

٧٩ ـ في بصائر الدرجات أحمد بن محمد عن احمد بن محمد بن أبى نصر عن الحسين بن موسى (١) عن زرارة قال : دخلت على أبى جعفر عليه‌السلام فسألني ما عندك من أحاديث الشيعة؟ قلت : ان عندي منها شيئا كثيرا قد هممت ان أوقد لها نارا ثم أحرقها ، قال ولم؟ هات ما أنكرت منها فخطر على بالي الادمون فقال لي ما كان علم الملائكة حيث قالت. (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ).

٨٠ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا محمد بن الحسن قال ، حدثنا محمد بن الحسن الصفار عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن ابى المقدام عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام ان الله تبارك وتعالى لما أحب أن يخلق خلقا بيده وذلك بعد مضى الجن والنسناس في الأرض سبعة آلاف سنة ، قال ، ولما كان من شأنه أن يخلق آدم عليه‌السلام للذي أراد من التدبير والتقدير لما هو مكونه في السموات والأرض وعلمه لما أراد من ذلك كله كشط عن أطباق السموات (٢) ثم قال للملائكة : انظروا الى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس ، فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق عظم ذلك عليهم ، وغضبوا لله واسفرا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم ان قالوا يا رب أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن ، وهذا خلقك الضعيف الذليل في أرضك يتقلبون في قبضتك ، ويعيشون برزقك ويستمتعون بعافيتك ، وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام لا تأسف ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى ، وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه فيك ، فلما سمع الله ذلك من الملئكة قال انى جاعل في الأرض خليفة لي عليهم فيكون حجة لي عليهم في ارضى على خلقي ، فقالت الملئكة سبحانك (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) قالوا : فاجعله منا فإنا لا نفسد في الأرض ولا نسفك الدماء ، قال الله جل

__________________

(١) وفي المصدر : «الحسن بن موسى» مكبرا ولكن الظاهر هو المختار.

(٢) كشط الغطاء عن الشيء : كشفه عنه.

٥١

جلاله : يا ملائكتي انى اعلم ما لا تعلمون انى أريد أن أخلق خلقا بيدي اجعل ذريته أنبياء مرسلين وعبادا صالحين. وأئمة مهتدين اجعلهم خلفائي على خلقي في ارضى ينهونهم عن المعاصي وينذرونهم عذابي ، ويهدونهم الى طاعتي ، ويسلكون بهم الى طريق سبيلي واجعلهم حجة لي عذرا أو نذرا وأبين النسناس (١) من ارضى فاطهرها منهم وانقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي وأسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض الا يجأرون نسل خلقي : واجعل بين الجن وبين خلقي حجابا ، ولا يرى نسل خلقي الجن ولا يؤانسوهم ولا يخالطونهم ولا يجالسونهم فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم لنفسي أسكنتهم مساكن العصاة وأوردتهم مواردهم ولا أبالي ، فقالت الملئكة : يا ربنا افعل ما شئت (لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) وتمام الحديث متصلا بهذا مذكور في الحجر عند قوله تعالى : (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ)

٨١ ـ وباسناده الى يحيى بن ابى العلا الرازي عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وقد سأله رجل فقال : وأخبرني عن هذا البيت كيف صار فريضة على الخلق أن يأتوه قال : فالتفت أبو عبد الله (ع) اليه وقال : ما سألني عن مسئلتك قط أحد قبلك ، ان الله عزوجل لما قال للملائكة (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ضجت الملئكة من ذلك وقالوا يا رب ان كنت لا بد جاعلا في أرضك خليفة فاجعله منا من يعمل في خلقك بطاعتك فرد ، عليهم (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فظنت الملئكة ان ذلك سخط من الله عزوجل عليهم. فلاذوا بالعرش يطوفون به ، فأمر الله عزوجل لهم ببيت من مرمر سقفه ياقوتة حمراء وأساطينه الزبرجد يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يدخلونه بعد ذلك الى يوم الوقت المعلوم.

٨٢ ـ وباسناده الى على بن حديد عن ابن أبى عمير عن بعض أصحابنا عن أحدهما عليه‌السلام انه سئل عن ابتداء الطواف؟ فقال : ان الله تبارك وتعالى لما أراد خلق آدم عليه‌السلام قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فقال ملكان من الملائكة : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) فوقعت الحجب فيما بينهما وبين الله عزوجل ، وكان تبارك

__________________

(١) اى أخرجهم.

٥٢

وتعالى نوره ظاهر للملائكة ، فلما وقعت الحجب بينه وبينهما علما. أنه قد سخط قولهما ، فقالا للملائكة : ما حيلتنا وما وجه توبتنا؟ فقالوا : ما نعرف لكما من التوبة الا أن تلوذا بالعرش ، قال : فلاذا بالعرش حتى أنزل الله عزوجل توبتهما ، ورفعت الحجب فيما بينه وبينهما ، وأحب الله تبارك وتعالى أن يعبد بتلك العبادة ، فخلق الله تعالى البيت في الأرض وجعل على العباد الطواف حوله ، وخلق البيت المعمور في السماء يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون اليه الى يوم القيامة.

٨٣ ـ وباسناده الى أبى حمزة الثمالي عن على قال : قلت لأبي عبد الله (١) لم صار الطواف سبعة أشواط؟ قال : لان الله تبارك وتعالى قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) فردوا على الله تبارك وتعالى ، و (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) قال الله : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) وكان لا يحجبهم عن نوره ، فحجبهم عن نوره سبعة آلاف عام ، فلاذوا بالعرش سبعة آلاف سنة فرحمهم وتاب عليهم وجعل لهم البيت المعمور الذي في السماء الرابعة ، وجعله مثابة ووضع البيت الحرام تحت البيت المعمور ، فجعله مثابة للناس وأمنا ، فصار الطواف سبعة أشواط واجبا على العباد لكل ألف سنة شوطا واحدا.

٨٤ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الحسين بن بشار عن أبى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سألته أيعلم الله الشيء الذي لم يكن أن لو كان كيف كان يكون؟ فقال : ان الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، قال عزوجل : (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢) وقال لأهل النار : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٣) فقد علم عزوجل انه

__________________

(١) كذا في النسخ لكن في المصدر هكذا : «عن أبى حمزة الثمالي عن على بن الحسين (ع) قال : قلت : لم صار الطواف ، إلخ» وتوافقه نسخة الوسائل وهو الصحيح ونقل في هامشه عن بعض النسخ زيادة كلمة «لأبي» بعد لفظة «قلت» وأما ما تراه في المتن فهو خلاف الظاهر لكن النسخ متوافقة عليه فتركناه على حاله.

(٢) الجاثية : ٢٩.

(٣) الانعام : ٢٨.

٥٣

لو ردهم لعادوا لما نهوا عنه ، وقال للملائكة لما قالت : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فلم يزل الله عزوجل علمه سابقا للأشياء قديما قبل أن يخلقها فتبارك الله ربنا وتعالى علوا كبيرا خلق الأشياء كما شاء وعلمه بها سابق لها كما شاء ، كذلك ربنا لم يزل [ربنا] عالما سميعا بصيرا.

٨٥ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى أبى خديجة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال سأل ابى عليه‌السلام رجل وقال : حدثني عن الملئكة حين ردوا على الرب حيث غضب عليهم وكيف رضى عنهم؟ فقال : ان الملئكة طافوا بالعرش سبع سنين يدعونه ويستغفرونه ويسألونه ان يرضى عنهم فرضي عنهم بعد سبع سنين فقال صدقت ومضى فقال ابى عليه‌السلام : هذا جبرئيل عليه‌السلام ، أتاكم يعلمكم معالم دينكم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٨٦ ـ في مجمع البيان روى عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان الملئكة سألت الله تعالى ان يجعل الخليفة منهم وقالوا نحن نقدسك ونطيعك ولا نعصيك كغيرنا ، قال : فلما أجيبوا بما ذكر في القرآن علموا انهم تجاوزوا ما لهم فلاذوا بالعرش استغفارا ، فامر الله تعالى آدم بعد هبوطه ان يبنى له في الأرض بيتا يلوذ به المخطئون كما لاذ بالعرش الملئكة المقربون ، فقال الله تعالى للملائكة : انى اعرف بالمصلحة منكم وهو معنى قوله : (أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ).

٨٧ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن زياد عن أيمن بن محرز عن الصادق جعفر بن محمد عليه‌السلام ان الله تبارك وتعالى علم آدم عليه‌السلام أسماء حجج الله كلها ثم عرضهم ـ وهم أرواح ـ على الملئكة فقال : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) بأنكم أحق بالخلافة في الأرض لتسبيحكم وتقديسكم من آدم ، (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) قال الله تبارك وتعالى : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ) بها وقفوا على عظيم منزلتهم عند الله تعالى ذكره فعلموا انهم أحق بان يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته ، ثم غيبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبتهم ، وقال لهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) حدثنا بذلك احمد بن الحسين القطان عن الحسن

٥٤

ابن على السكوني عن محمد بن زكريا الجوهري قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام.

٨٨ ـ في مجمع البيان وقد روى عن الصادق عليه‌السلام انه سئل عن هذه الاية فقال : الأرضين والجبال والشعاب والاودية ، ثم نظر الى بساط تحته فقال : وهذا البساط مما علمه.

٨٩ ـ في بصائر الدرجات احمد بن محمد ويعقوب بن يزيد عن الحسن بن على بن فضال عن ابى جميلة عن محمد الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان الله مثل لي أمتي في الطين وعلمني اسمائهم كما علم آدم الأسماء كلها.

٩٠ ـ محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : أهدى الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دالجوح (١) فيه حب مختلط ، فجعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يلقى الى على حبة حبة ويسأله أى شيء هذا؟ وجعل على يخبر؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اما ان جبرئيل أخبرنى ان الله علمك اسم كل شيء كما علم آدم الأسماء كلها.

٩١ ـ في كتاب التوحيد خطبة لعلى عليه‌السلام ويقول فيها : الذي عجزت الملئكة على قربهم من كرسي كرامته وطول ولهم اليه ، وتعظيم جلال عزه وقربهم من غيب ملكوته أن يعلموا من أمره الا ما أعلمهم ، وهم من ملكوت القدس بحيث هم ، ومن معرفته على ما فطرهم عليه أن (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) ، فما ظنك ايها السائل ممن هو كذا.

٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) قال : أسماء الجبال والبحار والاودية والنبات ، والحيوان ، ثم قال الله عزوجل للملائكة : (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فقالوا كما حكى الله (سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) فقال الله : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فاقبل آدم عليه‌السلام يخبرهم فقال الله : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) فجعل آدم عليه‌السلام حجة عليهم.

٩٣ ـ حدثني ابى عن ابن أبى عمير عن جميل عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سئل

__________________

(١) كذا.

٥٥

عما ندب الله الخلق اليه أدخل فيه الضلال؟ قال : نعم والكافرون دخلوا فيه ، لان الله تبارك وتعالى أمر الملئكة بالسجود لآدم ، فدخل في أمره الملئكة وإبليس ، فان إبليس كان مع الملئكة في السماء يعبد الله وكانت الملئكة تظن انه منهم ولم يكن منهم ، فلما أمر الله الملئكة بالسجود لآدم اخرج ما كان في قلب إبليس من الحسد ، فعلمت الملئكة عند ذلك ان إبليس لم يكن منهم فقيل له عليه‌السلام : فكيف وقع الأمر على إبليس وانما أمر الله الملئكة بالسجود لآدم؟ فقال : كان إبليس مبهم بالولاء ولم يكن من جنس الملئكة ، وذلك ان الله خلق خلقا قبل آدم وكان إبليس منهم حاكما في الأرض ، فعتوا وأفسدوا وسفكوا الدماء ، فبعث الله الملئكة فقتلوهم وأسروا إبليس ورفعوه الى السماء ، فكان مع الملئكة يعبد الله الى ان خلق الله تبارك وتعالى آدم.

٩٤ ـ وفيه حديث طويل عن العالم عليه‌السلام وفيه : فخلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا ، وكان يمر به إبليس اللعين فيقول : لأمر ما خلقت؟ فقال العالم عليه‌السلام : فقال إبليس : لان أمرنى الله بالسجود لهذا لعصيته : قال ثم نفخ فيه فلما بلغت فيه الروح الى دماغه عطس عطسة فقال : الحمد لله ، فقال الله له : يرحمك الله ، قال الصادق عليه‌السلام فسبقت له من الله الرحمة ، ثم قال الله تبارك وتعالى للملائكة (اسْجُدُوا لِآدَمَ ، فَسَجَدُوا) له فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى أن يسجد.

٩٥ ـ في روضة الكافي أبو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن على بن حديد عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن إبليس أكان من الملئكة أم كان يلي شيئا من امر السماء؟ فقال : لم يكن من الملئكة ولم يكن يلي شيئا من امر السماء ولا كرامة ، فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكره وقال : كيف لا يكون من الملئكة والله عزوجل يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) ودخل عليه الطيار وسأله وانا عنده فقال له : جعلت فداك أرأيت قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في غير مكان من مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذا المنافقون؟ قال : نعم يدخل في هذا المنافقون والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة.

٩٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبى عمير عن جميل

٥٦

قال : كان الطيار يقول لي إبليس ليس من الملئكة ، وانما أمرت الملئكة بالسجود لآدم فقال إبليس : لا اسجد فما لإبليس يعصى حين لم يسجد ، وليس هو من الملئكة ، قال : فدخلت أنا وهو على أبي عبد الله عليه‌السلام قال : فأحسن والله في المسئلة ، فقال : جعلت فداك أرأيت ما ندب الله عزوجل اليه المؤمنين من قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) ادخل في ذلك المنافقون معهم؟ قال : نعم والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة وكان إبليس ممن أقر بالدعوة الظاهرة معهم.

٩٧ ـ وباسناده الى أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان الملئكة كانوا يحسبون ان إبليس منهم وكان في علم الله انه ليس منهم فاستخرج ما في نفسه بالحمية والغضب ، فقال : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ).

٩٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عمن أخبره عن على بن جعفر قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : لما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله تيما وعديا وبنى امية يركبون منبره أفظعه (١) فانزل الله تبارك وتعالى وقرآنا يتأسى به : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى) ثم أوحى اليه يا محمد انى أمرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيتك.

٩٩ ـ وباسناده الى موسى بن بكر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الكفر والشرك أيهما أقدم؟ قال : فقال لي : ما عهدي بك تخاصم الناس (٢) قلت : أمرنى هشام بن سالم أن أسألك عن ذلك ، فقال لي : الكفر أقدم وهو الجحود ، قال الله عزوجل : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) ،

١٠٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) روى عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن على عليه‌السلام قال : ان يهوديا من يهود الشام وأحبارهم قال لعلى عليه‌السلام في كلام طويل. هذا آدم أسجد الله له ملائكته فهل فعل بمحمد شيئا من هذا؟

__________________

(١) فظع فلان بالأمر : هاله وغلبه فلم يثق بأن يطيقه.

(٢) اى ما كنت أظن انك تخاصم الناس أو لم يكن قبل هذا ممن يخاصم المخالفين قاله المجلسي (ره)

٥٧

فقال له على عليه‌السلام. لقد كان كذلك ولئن أسجد الله لآدم ملائكته فان سجودهم لم يكن سجود طاعة ، انهم عبدوا آدم من دون الله عزوجل ولكن اعترافا لآدم بالفضيلة ، ورحمة من الله له ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اعطى ما هو أفضل من هذا ، ان الله عزوجل صلى في جبروته والملئكة بأجمعها ، وتعبد المؤمنون بالصلوة عليه ، فهذه زيادة له يا يهودي.

١٠١ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه. ان الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملئكة بالسجود له تعظيما لنا وإكراما ، وكان سجودهم لله تعالى عبودية ، ولآدم إكراما وطاعة لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملئكة وقد سجدوا لآدم كلهم أجمعون.

١٠٢ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبى حمزة الثمالي عن ابى جعفر محمد بن على الباقر عليه‌السلام حديث طويل وفيه يقول عليه‌السلام بعد ان ذكر وفاة آدم عليه‌السلام وهبة الله حتى إذا بلغ الصلوة عليه ، قال هبة الله يا جبرئيل تقدم فصل على آدم ، فقال له جبرئيل عليه‌السلام. يا هبة الله ان الله أمرنا ان نسجد لأبيك في الجنة ، فليس لنا ان نؤم أحدا من ولده.

١٠٣ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى هشام بن سالم عن ابى عبد الله قال لما اسرى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. وحضرت الصلوة اذن جبرئيل واقام الصلوة ، فقال : يا محمد تقدم ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. تقدم يا جبرئيل فقال له. انا لا نتقدم على الآدميين منذ أمرنا بالسجود لآدم.

١٠٤ ـ وباسناده الى محمد الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : انما سمى آدم آدم لأنه خلق من أديم الأرض. (١)

١٠٥ ـ وباسناده الى عبد الله بن يزيد بن سلام انه سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : أخبرني عن آدم لم سمى آدم؟ قال لأنه من طين الأرض وأديمها.

١٠٦ ـ في عيون الاخبار عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل وفيه. وسأله لم سمى آدم آدم؟ قال : لأنه خلق من أديم الأرض ، وسأله عن اسم إبليس ما كان في

__________________

(١) أديم الأرض : وجهها.

٥٨

السماء؟ فقال : كان اسمه الحارث ، وسأله عن أول من كفر وانشأ الكفر؟ فقال : إبليس لعنه الله

١٠٧ ـ في كتاب التوحيد عن ابى جعفر (ع) حديث طويل يقول في آخره لعلك ترى ان الله انما خلق هذا العالم الواحد؟ أو ترى ان الله لم يخلق بشرا غيركم؟ بلى والله لقد خلق الف الف عالم ، والف الف آدم ، أنت في آخر تلك العوالم وأولئك الادمين وقد سبق في الفاتحة.

١٠٨ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى العباس بن هلال عن ابى الحسن الرضا (ع) انه ذكر ان اسم إبليس الحارث ، وانما قول الله عزوجل : يا إبليس يا عاصي ، وسمى إبليس لأنه أبلس من رحمة الله عزوجل.

١٠٩ ـ في كتاب الخصال عن ابى عبد الله (ع) قال : الآباء ثلثة : آدم ولد مؤمنا ، والجان ولد مؤمنا وكافرا ، وإبليس ولد كافرا وليس فيهم نتاج ، انما يبيض ويفرخ ، وولده ذكر وليس فيهم إناث.

١١٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى على بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون وعنده الرضا عليه‌السلام فقال له المأمون. يا ابن رسول الله أليس من قولك ان الأنبياء معصومون؟ قال ، بلى ، قال ، فما معنى قول الله عزوجل (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى) فقال عليه‌السلام ان الله تبارك وتعالى قال لآدم عليه‌السلام ، (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) وأشار لهما الى شجرة الحنطة (فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) ولم يقل لهما ولا تأكلا من هذه الشجرة ولا مما كان من جنسها ، فلم يقربا تلك الشجرة وانما أكلا من غيرها لما أن وسوس الشيطان إليهما (وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ) وانما نهاكما أن تقربا غيرها ولم ينهكما عن الاكل منها (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا فدليهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله وكان ذلك من آدم قبل النبوة ولم يكن ذلك بذنب كبير استحق به دخول النار ، وانما كان من الصغائر الموهوبة التي تجوز على الأنبياء قبل نزول الوحي عليهم ، فلما اجتباه الله تعالى وجعله نبيا كان معصوما لا يذنب صغيرة ولا كبيرة ، قال الله تبارك و

٥٩

تعالى ، (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) وقال عزوجل (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ)

١١١ ـ في أصول الكافي باسناده الى محمد بن سلم بن شهاب قال ، سئل على بن الحسين عليه‌السلام اى الأعمال أفضل عند الله عزوجل؟ فقال : ما من عمل بعد معرفة الله عزوجل ومعرفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من بغض الدنيا وان لذلك لشعبا كثيرة وللمعاصي شعبا فأول ما عصى الله به الكبر وهي معصية إبليس حين ابى واستكبر وكان من الكافرين ، ثم الحرص هي معصية آدم وحوا حين قال الله عزوجل لهما : (كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) فأخذا ما لا حاجة بهما اليه ، فدخل ذلك على ذريتهما الى يوم القيامة ، وذلك ان أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به اليه.

١١٢ ـ في عيون الاخبار باسناده الى عبد السلام بن صالح الهروي قال : قلت للرضا عليه‌السلام : يا ابن رسول الله أخبرنى عن الشجرة التي أكل منها آدم وحوا ما كانت؟ فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروى انها الحنطة ، ومنهم من يروى انها العنب ، ومنهم من يروى انها شجرة الحسد؟ فقال : كل ذلك حق ، قلت : فما معنى هذه الوجوه على اختلافها؟ فقال : يا أبا الصلت ان شجرة الجنة تحمل أنواعا ، وكانت شجرة الحنطة وفيها عنب وليست كشجرة الدنيا ، وان آدم لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته له وبإدخال الجنة ، قال في نفسه ، هل خلق الله بشرا أفضل منى؟ فعلم الله عزوجل ما وقع في نفسه ، فناداه ارفع رأسك يا آدم وانظر الى ساق عرشي ، فرفع آدم رأسه فنظر الى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا اله الا الله محمد رسول الله على بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، فقال آدم عليه‌السلام : يا رب من هؤلاء؟ فقال عزوجل : هؤلاء من ذريتك وهم خير منك ومن جميع خلقي ، ولولاهم ما خلقتك ولا خلقت الجنة والنار ، ولا السماء ولا الأرض ، فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد وتمنى منزلتهم ، فتسلط عليه الشيطان حتى أكل من الشجرة التي نهى عنها ، وتسلط على حوا لنظرها الى فاطمة بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل آدم ، فأخرجهما الله تعالى من جنته وأهبطهما عن جواره الى الأرض.

١١٣ ـ في مجمع البيان : (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ) اى لا تأكلا منها ، وهو المروي

٦٠