تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

رفعت الى زوجها مالا من مالها ليعمل به وقالت له حين دفعت اليه : أنفق منه فان حدث بك حدث فما أنفقت منه حلالا طيبا فأن حدث بى حدث فما أنفقت منه فهو حلال طيب ، فقال : أعد على يا ـ سعيد المسئلة ، فلما ذهبت أعيد المسئلة اعترض فيها صاحبها وكان معى حاضرا فأعاد عليه مثل ذلك ، فلما فرغ أشار بإصبعه الى صاحب المسئلة فقال : يا هذا ان كنت تعلم انها قد أفضت بذلك إليك فيما بينك وبينها وبين الله فحلال طيب ـ ثلاث مرات ـ ثم قال : يقول الله عزوجل في كتابه (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً).

٤٥ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد واحمد بن محمد عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لا يرجع الرجل فيما يهب لامراته ولا المراة فيما تهب لزوجها حيز أو لم يحز أليس الله تبارك وتعالى يقول : (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) وقال : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) وهذا يدخل في الصداق والهبة.

٤٦ ـ في تفسير العياشي عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) قال : يعنى بذلك أموالهن التي في أيديهن مما ملكن.

٤٧ ـ في مجمع البيان وفي كتاب العياشي مرفوعا الى أمير المؤمنين عليه‌السلام انه جاء رجل فقال : يا أمير المؤمنين انى يوجع بطني فقال : ألك زوجة؟ قال نعم قال : استوهب منها شيئا طيبة به نفسها من مالها ، ثم اشتر به عسلا ثم اسكب (١) عليه من السماء ثم اشربه فانى سمعت الله سبحانه يقول في كتابه : «وأنزلناه من السماء ماء مباركا» وقال (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) وقال : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) فاذا اجتمعت البركة والشفا والنهىء والمريء شفيت إنشاء الله تعالى ، قال : ففعل ذلك فشفى ،

٤٨ ـ في تفسير العياشي عن يونس بن يعقوب قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام في

__________________

(١) سبك الماء ونحوه : صبه.

٤٤١

قول الله (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) قال من لا تثق به.

٤٩ ـ عن إبراهيم بن عبد الحميد قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الاية (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) قال : كل من يشرب المسكر فهو سفيه.

٥٠ ـ عن على بن ابى حمزة عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) قال : هم اليتامى ولا تعطوهم أموالهم حتى تعرفوا منهم الرشد ، قلت : فكيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال : إذا كانت أنت الوارث لهم.

٥١ ـ في قرب الاسناد للحميري هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة بن زياد قال سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول لأبيه يا أبه ان فلانا يريد اليمن أفلا أزوده بضاعة يشترى بها عصب اليمن؟ (١) فقال ، له يا بنى لا تفعل قال ولم قال فانها إذا ذهبت لم توجر عليها ولم يخلف عليك لان الله تبارك وتعالى يقول : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) فأي سفيه أسفه بعد النساء من شارب الخمر.

٥٢ ـ في من لا يحضره الفقيه روى السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه (ع) قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : المرأة لا يوصى إليها ، لان الله عزوجل يقول : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ).

٥٣ ـ وفي خبر آخر سئل أبو جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) قال : لا تؤتوها شراب الخمر ولا النساء ، ثم قال : واى سفيه أسفه من شارب الخمر.

٥٤ ـ في مجمع البيان اختلف في المعنى بالسفهاء على أقوال ـ أحدها ـ انهم النساء والصبيان رواه ابو الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام ـ وثالثها ـ انه عام في كل سفيه من صبي أو مجنون أو محجور عليه للتبذير وقريب منه ما روى عن ابى عبد الله (ع) انه قال : ان السفيه شارب الخمر ، ومن جرى مجراه. وقيل : عنى بقوله أموالكم أموالهم. وقد روى انه سئل الصادق (ع) عن هذا فقيل : كيف يكون أموالهم أموالنا؟ فقال : إذا كنت أنت الوارث له.

٥٥ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن حماد

__________________

(١) العصب : ضرب من البرود.

٤٤٢

عن عبد الله بن سنان عن ابى الجارود قال : قال : ابو جعفر (ع): إذا حدثتكم بشيء فاسألونى من كتاب الله ، ثم قال في بعض حديثه : ان الله نهى عن القيل والقال ، وفساد المال ، وكثرة السؤال فقيل له : يا ابن رسول الله اين هذا من كتاب الله؟ قال : ان الله عزوجل يقول : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) وقال : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) وقال : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ).

في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن محمد بن عيسى عن يونس ، وعدة من أصحابنا عن احمد بن ابى عبد الله عن أبيه جميعا عن يونس عن عبد الله بن سنان وابن مسكان عن ابى الجارود قال : قال ابو جعفر عليه‌السلام إذا حدثتكم بشيء فاسئلونى عن كتاب الله وذكر كما في أصول الكافي سواء.

٥٦ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن حماد بن عيسى عن حريز عن ابى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام ولا تأتمن شارب الخمر ؛ فان الله عزوجل يقول في كتابه (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟.

٥٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث. ولا تزوجوه إذا خطب ، ولا تعودوه إذا مرض ، ولا تحضروه إذا مات ، ولا تأتمنوه على امانة ، فمن ائتمنه على امانة فاستهلكوها فليس له على الله ان يخلف عليه ولا ان يأجره عليها لان الله تعالى يقول (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) واى سفيه أسفه من شارب الخمر؟.

٥٨ ـ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان بن عثمان عن حماد بن بشير عن أبي عبد الله (ع) قال انى أردت ان أستبضع بضاعة الى اليمن فأتيت أبا جعفر (ع) فقلت له انى أريد ان أستبضع فلانا فقال : اما علمت انه يشرب؟ الى ان قال (ع) انك ان استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله عزوجل ان يأجرك ولا يخلف عليك فاستبضعته فضيعها فدعوت الله عزوجل ان يأجرنى ، فقال : يا بنى مه ليس لك على الله ان يأجرك ولا يخلف عليك ، قال : قلت له ولم؟ فقال لي ان الله عزوجل يقول (وَلا تُؤْتُوا

٤٤٣

السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِياماً) فهل تعرف سفيها أسفه من شارب الخمر؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة (١)

٥٩ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) فالسفهاء النساء والولد ، إذا علم الرجل ان امرأته سفيهة مفسدة وولده سفيه مفسد لم ينبغ له ان يسلط واحدا منهما على ماله الذي جعل الله له «قياما» يقول معاشا ، قال : (وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) والمعروف العدة. قوله : (وَابْتَلُوا الْيَتامى) الاية قال من كان في يده مال بعض اليتامى فلا يجوز له ان يعطيه حتى يبلغ النكاح ويحتلم ، فاذا احتلم وجب عليه الحدود واقامة الفرايض ولا يكون مضيعا ولا شارب خمر ولا زانيا ، فاذا آنس منه الرشد دفع اليه المال. واشهد عليه ، وان كانوا لا يعلمون انه قد بلغ فانه يمتحن بريح إبطه ونبت عانته فاذا كان ذلك فقد بلغ فيدفع اليه ماله إذا كان رشيدا ، ولا يجوز له أن يحبس عنه ماله ويعتل عليه انه لم يكبر بعد.

٦٠ ـ في من لا يحضره الفقيه وقد روى عن الصادق عليه‌السلام انه سئل عن قول الله : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) قال إيناس الرشد حفظ المال.

٦١ ـ وفي رواية احمد بن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الله بن المغيرة عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه قال في تفسير هذه الاية إذا رأيتموهم يحبون آل محمد فارفعوهم درجة.

٦٢ ـ في مجمع البيان واختلف في معنى قوله «رشدا» الى قوله ان يحمل على ان المراد به العقل وإصلاح المال وهو المروي عن الباقر عليه‌السلام (وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً) اى بغير ماء أباحه الله لكم وقيل : معناه لا تأكلوا من مال اليتيم فوق ما تحتاجون اليه فان لولى اليتيم ان يتناول من ماله قدر القوت إذا كان محتاجا على وجه الاجرة على عمله في مال اليتيم ، وقيل : ان كل شيء أكل من مال اليتيم فهو الاكل على وجه الإسراف والاول أليق بمذهبنا ، فقد روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : سألته

__________________

(١) وهو من أحاديث الكافي (ج ٦ صفحة ٣٩٧ ط طهران الحديثة) ولم أظفر عليه في تفسير على بن إبراهيم وكأنه سقط لناسخ لفظ «الكافي» من أول حديث.

٤٤٤

رجل بيده ما شية لابن أخ له يتيم في حجره أيخلط أمرها بأمر ماشيته؟ قال ان كان يليط حياضها ويقوم على مهنتها ويرد نادتها فليشرب من ألبانها غير منهك للحلاب (١) ولا مضر بالولد ، (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) معناه من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض ، ثم يرد عليه ما أخذ إذا وجد ، عن سعيد ابن جبير وهو المروي عن الباقر عليه‌السلام.

٦٣ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال : ذلك إذا حبس نفسه من أموالهم فلا يحترث لنفسه (٢) فليأكل بالمعروف من مالهم.

٦٤ ـ عن اسحق بن عمار عن أبى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله : (وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) فقال : هذا رجل يحبس نفسه لليتيم على حرث أو ماشية ويشغل فيها نفسه فليأكل منه بالمعروف ، وليس ذلك له في الدنانير والدراهم التي عنده موضوعة.

٦٥ ـ عن رفاعة عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قوله : (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال : كان أبى يقول انها منسوخة.

٦٦ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال ، من كان يلي شيئا لليتامى وهو محتاج ليس له ما يقيمه فهو يتقاضى أموالهم (٣) ويقوم في ضيعتهم فليأكل بقدر ولا يسرف فان كان ضيعتهم لا تشغله عما يعالج نفسه فلا يرزأن (٤)

__________________

(١) قوله يليط حياضها اى يطينها ويصلحها وأصلها من الإلصاق. والمهنة : الخدمة. والنادة : النافر الشاردة. وغير منهك للحلاب اى غير مبالغ فيها.

(٢) احترث المال : كسبه.

(٣) التقاضي بالدين مطالبته ، والمردان القيم يطالب بديونهم التي في ذمة الناس من أموالهم.

(٤) رز أماله : نقصه.

٤٤٥

من أموالهم شيئا.

٦٧ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد واحمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن عبد الله بن سنان عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) قال : المعروف هو القوت ، وانما عنى الوصي أو القيم في أموالهم وما يصلحهم.

٦٨ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن محمد بن اسمعيل عن حنان بن سدير قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، سألنى عيسى بن موسى عن القيم للأيتام في الإبل ، وما يحل له منها؟ فقلت ، إذا لاط حوضها وطلب ضالتها وهنأ جرباها (١) فله ان يصيب من لبنها في غير نهك لضرع ولا فساد لنسل.

٦٩ ـ أحمد بن محمد عن محمد بن الفضيل عن أبى الصباح الكناني عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل ، (وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ) فقال ذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة فلا بأس أن يأكل بالمعروف إذا كان يصلح لهم أموالهم ، فان كان المال قليلا فلا يأكل منه شيئا ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٧٠ ـ في مجمع البيان و (إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) اختلف الناس في هذه الاية على قولين ، أحدهما انها محكمة غير منسوخة وهو المروي عن الباقر عليه‌السلام.

٧١ ـ في تفسير العياشي عن أبى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن قول الله ، (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) قال نسختها آية الفرايض.

٧٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتب به الرضا عليه‌السلام الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وحرم أكل مال اليتيم ظلما لعلل كثيرة من وجوه الفساد ، أول ذلك انه إذا أكل الإنسان مال اليتيم ظلما فقد أعان على قتله ، إذا اليتيم غير مستغن ولا محتمل لنفسه ولا عليم لشأنه ، ولا له من يقوم عليه ويكفيه كقيام والديه ، فاذا أكل ماله فكأنه قد قتله وصيره ، الى الفقر والفاقة ، مع ما خوف الله تعالى وجعل من العقوبة في قول تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ)

__________________

(١) اى طلاها بالهناء وهو القطران وقد مر معنى لوط الحوض والنهك قريبا.

٤٤٦

ولقول ابى جعفر عليه‌السلام : ان الله تعالى وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين : عقوبة في الدنيا ، وعقوبة في الاخرة ففي تحريم مال اليتيم (١) استغناء اليتيم واستقلاله بنفسه ، والسلامة للعقب ان يصيبه ما أصابه ، لما وعد الله تعالى فيه من العقوبة ، مع ما في ذلك من طلب اليتيم بثأره إذا أدرك ، ووقوع الشحناء (٢) والعداوة والبغضاء حتى يتفانوا.

٧٣ ـ في كتاب ثواب الأعمال أبى (ره) قال : حدثني سعد بن عبد الله عن احمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة بن محمد الحضرمي عن سماعة ابن مهران قال : سمعته يقول ان الله عزوجل وعد في أكل مال اليتيم عقوبتين اما أحدهما فعقوبة الآخرة بالنار ، واما عقوبة الدنيا فهو قوله عزوجل (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) يعنى بذلك ليخش ان أخلفه في ذريته كما صنع هو بهؤلاء اليتامى.

٧٤ ـ حدثني محمد بن الحسن قال : حدثني محمد بن الحسن الصفار عن احمد ابن محمد بن عيسى عن عبد الرحمن بن ابى نجران عن عاصم بن حكيم عن المعلى بن خنيس عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال دخلنا عليه فابتدأ فقال من أكل مال اليتيم سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه ، فان الله عزوجل يقول «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً

٧٥ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن ابن ابى نجران عن عمار بن حكيم عن عبد الأعلى مولى آل سام قال قال ابو عبد الله عليه‌السلام مبتدءا من ظلم يتيما سلط الله عليه من يظلمه أو على عقبه أو على عقب عقبه ، قال قلت هو يظلم فيسلط الله على عقبه أو على عقب عقبه؟ فقال : ان الله عزوجل يقول (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً).

٧٦ ـ في كتاب ثواب الأعمال ابى (ره) قال حدثني عبد الله بن جعفر الحميري عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن الحلبي عن أبى عبد الله

__________________

(١) وفي المصدر «استبقاء اليتيم».

(٢) الشحناء : عداوة امتلأت منها النفس.

٤٤٧

عليه‌السلام قال : ان في كتاب على عليه‌السلام ان آكل مال اليتيم سيدركه وبال ذلك في من بعده في الدنيا ، ويلحقه وبال ذلك في الاخرة اما في الدنيا فان الله عزوجل يقول (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) واما في الآخرة فان الله عزوجل يقول (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً).

٧٧ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وقال الصادق عليه‌السلام ان آكل مال اليتيم سيلحقه وبال ذلك في الدنيا والاخرة ، اما في الدنيا فان الله عزوجل يقول : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ) واما في الاخرة فان الله عزوجل يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً).

٧٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن صفوان عن عبد الله بن مسكان عن أبى عبد الله عليه‌السلام انه لما نزلت : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) اخرج كل من كان عنده يتيم ، وسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في إخراجهم فأنزل الله تبارك وتعالى (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ).

٧٩ ـ حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن هشام بن سالم عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لما اسرى بى الى السماء رأيت قوما تقذف في أجوافهم النار وتخرج من ادبارهم ، فقلت : من هؤلاء يا جبرئيل؟ فقال : هؤلاء الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما.

٨٠ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال قلت في كم يجب لآكل مال اليتيم النار؟ قال في درهمين.

٨١ ـ عن سماعة عن ابى عبد الله أو ابى الحسن عليهما‌السلام قال سألته عن رجل أكل مال اليتيم هل له توبة؟ قال ، يرد به الى اهله ، قال : ذلك بان الله يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى) الاية.

٤٤٨

٨٢ ـ عن عبيد بن زرارة عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال سألته عن الكبائر ، فقال منها أكل مال اليتيم ظلما ، وليس في هذا بين أصحابنا اختلاف والحمد لله.

٨٣ ـ عن ابى بصير قال قلت لأبي جعفر عليه‌السلام أصلحك الله ما أيسر ما يدخل به العبد النار قال من أكل من مال اليتيم درهما ونحن اليتيم.

٨٤ ـ عن أبى إبراهيم قال سألته عن الرجل يكون للرجل عنده المال اما ببيع أو بقرض فيموت ولم يقضه إياه (١) فيترك أيتاما صغارا فيبقى لهم عليه فلا يقضيهم أيكون ممن يأكل مال اليتيم ظلما قال إذا كان ينوى أن يؤدى إليهم فلا.

٨٥ ـ في مجمع البيان وسئل الرضا عليه‌السلام كم أدنى ما يدخل به آكل مال اليتيم تحت الوعيد في هذه الآية؟ فقال : قليله وكثيره واحد ، إذا كان من نيته ان لا يرده إليهم.

٨٦ ـ وروى عن الباقر عليه‌السلام انه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سيبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا ، فقيل له : يا رسول الله من هؤلاء فقرأ هذه الآية

٨٧ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن ابى جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام وانزل في مال اليتيم من أكله ظلما (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) وذلك ان آكل مال اليتيم يجيء يوم القيامة والنار تلتهب في بطنه حتى يخرج لهب النار من فيه ، يعرفه أهل الجمع انه آكل مال اليتيم.

٨٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن على الوشاء عن ابى حمزة عن ابى بصير قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : من أكل مال أخيه ظلما ولم يرده اليه أكل جذوة (٢) من النار يوم القيامة.

٨٩ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن هشام بن

__________________

(١) وفي بعض النسخ : «ولم يقضياه».

(٢) الجذوة : الجمرة الملتهية.

٤٤٩

سالم عن عجلان بن صالح قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أكل مال اليتيم فقال : هو كما قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) ثم قال من غير ان أساله ، من عال يتيما حتى ينقطع يتمه أو يستغنى بنفسه أوجب الله عزوجل له الجنة كما أوجب النار لمن أكل مال اليتيم.

٩٠ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام عن الرجل يكون في يده مال لأيتام فيحتاج اليه ، فيمد يده فيأخذه وينوى ان يرده؟ فقال : لا ينبغي له أن يأكل الا القصد ، لا يسرف وان كان من نيته ان لا يرده عليهم فهو بالمنزل الذي قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً).

٩١ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ذبيان بن الحكم الأودي عن على بن المغيرة قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : ان لي ابنة أخ يتيمة فربما أهدى لها الشيء فآكل منه ثم أطمعها بعد ذلك الشيء من مالي فأقول يا رب هذا بذا فقال : لا بأس.

٩٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) باسناده الى الامام محمد بن على الباقر عليهما‌السلام عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل وفيه خطبة الغدير وفيها قال صلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ان ذكر عليا وأولاده عليهم‌السلام : الا ان أعداءهم الذين يصلون سعيرا.

٩٣ ـ وروى عبد الله بن الحسن باسناده عن آبائه عليهم‌السلام انه لما أجمع أبو بكر على منع فاطمة فدك وبلغها ذلك جاءت اليه وقالت له : يا ابن ابى قحافة أفي كتاب الله ان ترث أباك ولا أرث ابى؟ لقد جئت شيئا فريا نكرا وافتراء على الله ورسوله ، أفعلى عمد تركتم كتاب الله نبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٩٤ ـ في تفسير العياشي عن ابى جميلة عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما‌السلام قال : ان فاطمة صلوات الله عليها انطلقت فطلبت ميراثها من نبي الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ان نبي الله لا يورث ، فقالت : أكفرت بالله وكذبت بكتابه قال الله : (يُوصِيكُمُ ـ

٤٥٠

اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ»).

٩٥ ـ في الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن اسمعيل بن مرار عن يونس بن عبد الرحمن عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام قال : قلت : جعلت فداك كيف صار الرجل إذا مات وولده من القرابة سواء ترث النساء نصف ميراث الرجال وهن أضعف من الرجال وأقل حيلة؟ فقال : لان الله تبارك وتعالى فضل الرجال على النساء بدرجة ، ولان النساء يرجعن عيالا على الرجال.

٩٦ ـ على بن محمد ومحمد بن ابى عبد الله عن اسحق بن محمد النخعي قال : سأل الفهفكي أبا محمد عليه‌السلام : ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهما واحدا ويأخذ الرجل سهمين؟ فقال ابو محمد عليه‌السلام : ان المراة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا عليها معقلة ، انما ذلك على الرجال ، فقلت في نفسي : قد كان قيل لي ان ابن ابى العوجاء سال أبا عبد الله عليه‌السلام عن هذه المسئلة فأجابه بهذا الجواب ، فاقبل على ابو ـ محمد عليه‌السلام فقال : نعم هذه المسئلة مسئلة ابن ابى العوجاء والجواب منا واحد ، إذا كان معنى المسئلة واحد اجرى لاخرنا ما اجرى لأولنا ، وأولنا وآخرنا في العلم سواء. ولرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأمير المؤمنين عليه‌السلام فضلهما.

٩٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى ابن ابى عمير عن هشام ان ابن ابى العوجاء قال لمحمد ابن النعمان الأحول : ما بال المرأة الضعيفة لها سهم واحد وللرجل القوى الموسر سهمان؟ قال : فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال ، ان المراة ليس لها عاقلة وليس عليها نفقة ولا جهاد ، وعدد أشياء غير هذا. وهذا على الرجل ، فجعل له سهمان ولها سهم.

٩٨ ـ وروى محمد بن ابى عبد الله الكوفي عن موسى بن عمران النخعي عن عمه الحسين ابن يزيد عن على بن سالم عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام فقلت له كيف صار الميراث (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)؟ قال لان الحبات التي أكلها آدم وحوا في الجنة كانت ثماني عشرة حبة أكل آدم منها اثنتى عشرة حبة ، وأكلت حواستا فلذلك صار الميراث (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).

٤٥١

٩٩ ـ وفي رواية أحمد بن الحسين عن الحسين بن الوليد عن ابن بكير عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام لأي علة صار الميراث (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)؟ فقال لما جعل الله لها من الصداق.

١٠٠ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام من خبر الشامي وما سأل عنه أمير المؤمنين عليه‌السلام في جامع الكوفة حديث طويل وفيه : وسأله : لم صار الميراث (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)؟ فقال : من قبل السنبلة كان عليها ثلث حبات ، فبادرت إليها حوا فأكلت منها حبة ، وأطعمت آدم حبتين.

١٠١ ـ في كتاب علل الشرائع قال المفضل : وروى عبد الله بن الوليد العبدي صاحب سفيان قال : حدثني أبو القاسم الكوفي صاحب أبى يوسف عن أبى يوسف قال : حدثنا ليث بن أبى سليم عن أبى عمر العبدي عن على بن أبي طالب عليه‌السلام انه كان يقول الفرايض من ستة أسهم : الثلثان اربعة أسهم والنصف ثلثة أسهم والثلث سهمان والربع سهم ونصف ، والثمن ثلثة أرباع سهم ، ولا يرث مع الولد الا الأبوان والزوج والمرأة ، ولا يحجب الام من الثلث الا الولد والاخوة ، ولا يزاد الزوج على النصف ولا ينقص من الربع ، ولا تزاد المرأة على الربع ولا تنقص من الثمن ، فان كن أربعا أو دون ذلك فهو فيه سواء ، ولا تزاد الاخوة من الام على الثلث ولا ينقصون من السدس وهم فيه سواء الذكر والأنثى ، ولا يحجبهم عن الثلث الا الولد والوالد ، والدية تقسم على من أحرز الميراث.

١٠٢ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتبه الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام وشرايع الدين والفرايض على ما انزل الله تعالى في كتابه ولا عول فيها ، ولا يرث مع الولد والوالدين أحد الا الزوج والمرأة وذو السهم أحق ممن لا سهم له وليست العصبة من دين الله.

١٠٣ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن عبد الله بحر عن حريز عن زرارة قال : قال لي ابو عبد الله عليه‌السلام : يا زرارة ما تقول في رجل ترك أبويه من امه وأخويه؟ قال : قلت السدس لامه وما بقي فللأب

٤٥٢

فقال : من اين هذا؟ قلت سمعت الله عزوجل يقول في كتابه : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) فقال : لي ويحك يا زرارة أولئك الاخوة من الأب ، فاذا كان اخوة من الام لم يحجبوا الام عن الثلث.

١٠٤ ـ ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن صفوان بن يحيى عن ابى أيوب الخزاز عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال لا يحجب الام عن الثلث إذا لم يكن ولد الاخوان أو اربع أخوات.

١٠٥ ـ في تفسير العياشي عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام في قول الله (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) يعنى اخوة لأب وأم واخوة لأب.

١٠٦ ـ عن ابى العباس قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لا يحجب عن الثلث الأخ والاخت حتى يكونا أخوين أو أخ أو أختين ، فان الله تعالى يقول (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ).

١٠٧ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى محمد بن ابى عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم قال اقرأنى ابو جعفر عليه‌السلام صحيفة الفرائض التي هي إملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وخط على بن أبي طالب (ع) بيده ، فقرأت فيها : امرأة ماتت وتركت زوجها وأبويها فللزوج النصف ثلثة أسهم ، وللام الثلث سهمان ، وللأب السدس سهم.

١٠٨ ـ في مجمع البيان (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ) وقد روى عن أمير ـ المؤمنين (ع) انه قال انكم تقرأون في هذه الاية الوصية قبل الدين ، وان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى بالدين قبل الوصية.

١٠٩ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد الله (ع) قال : جرت في البراء بن معرور الأنصاري ثلثة من السنن الى قوله (ع) فأمر ان يحول وجهه الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واوصى بالثلث من ماله ، فنزل الكتاب بالقبلة وجرت السنة بالثلث.

١١٠ ـ في تفسير العياشي عن محمد بن قيس قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول في الدين والوصية فقال ان الدين قبل الوصية ثم الوصية على اثر الدين ثم الميراث ولا وصية لوارث.

٤٥٣

١١١ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن اسمعيل ابن بزيع عن إبراهيم بن مهزم عن إبراهيم الكرخي عن ثقة حدثه من أصحابنا قال : تزوجت بالمدينة فقال ابو عبد الله (ع) : كيف رأيت؟ فقلت ما راى رجل من خير في امرأة الا وقد رايته فيها ، ولكن خانتني فقال وما هو؟ قلت ولدت جارية! فقال لعلك كرهتها ان الله جل ثناؤه يقول (آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً). قال عز من قائل : (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ) الاية.

١١٢ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه قال : قال أمير ـ المؤمنين (ع): تحل الفروج بثلثة وجوه : نكاح بميراث ، ونكاح بلا ميراث ، ونكاح بملك اليمين.

١١٣ ـ في عيون الاخبار في باب ما كتب به الرضا (ع) الى محمد بن سنان في جواب مسائله في العلل : وعلة المرأة انها لا ترث من العقار شيئا الا قيمة الطوب والنقض لان العقار لا يمكن تغييره وقلبه والمرأة يجوز ان ينقطع ما بينها وبينه من العصمة ويجوز تغييرها وتبديلها ، وليس الولد والوالد كذلك لأنه لا يمكن النقض منهما والمراة يمكن الاستبدال بها فما يجوز ان يجيء ويذهب كان ميراثه فيما يجوز تبديله وتغييره إذا شبهه وكان الثابت المقيم حاله كمن كان مثله في الثبات والقيام.

١١٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه روى الحسن بن محبوب عن ابى ولاد الحناط قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل تزوج في مرضه فقال : إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته ، وان لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل.

١١٥ ـ وروى ابن أبى عمير عن جميل بن دراج عن أبى العباس عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : إذا طلق الرجل امرأته في مرضه ورثته ما دام في مرضه ذلك ، وان انقضت عدتها الا ان يصح منه قلت : فان طال به المرض؟ فقال : ترثه ما بينه وبين سنة.

١١٦ ـ وروى حماد عن الحلبي عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال سئل عن رجل يحضره الموت فيطلق امرأته هل يجوز طلاقه؟ قال نعم وهي ترثه ، وان ماتت لم يرثها.

١١٧ ـ في كتاب معاني الاخبار حدثنا ابى (ره) قال حدثنا سعد بن عبد الله عن

٤٥٤

يعقوب بن يزيد عن محمد بن ابى عمير عن بعض أصحابه عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال الكلالة ما لم يكن والد ولا ولد.

١١٨ ـ في الكافي حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن على بن رباط عن حمزة بن حمران قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الكلالة؟ فقال ما لم يكن ولد ولا والد.

١١٩ ـ على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابى عمير عن عبد الرحمن بن الحجاج عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال الكلالة ما لم يكن ولد ولا والد.

١٢٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير ومحمد بن عيسى عن يونس جميعا عن عمر بن أذينة عن بكير بن أعين قال قلت لأبي عبد الله (ع) امرأة تركت زوجها وإخوتها لأمها وإخوتها لأبيها؟ فقال للزوج النصف ثلثة أسهم ، وللاخوة والأخوات من الام الثلث الذكر والأنثى فيه سواء ، وبقي سهم فهو للاخوة والأخوات من الأب (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) ، لان السهام لا تعول ولا ينقص الزوج من النصف ولا الاخوة من الام من ثلثهم ، لان الله عزوجل يقول (فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ) والذي عنى الله في قوله و (إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ) انما عنى بذلك الاخوة والأخوات من الام خاصة. عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد ومحمد بن يحيى عن احمد بن محمد جميعا عن ابن محبوب عن العلا بن رزين وابى أيوب وعبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه‌السلام مثله من غير تغير مغير للمعنى والحديثان طويلان أخذنا منهما موضع الحاجة. قال مؤلف هذا الكتاب : للفرايض فروع كثيرة ولآياتها تخصيصات وتقييدات بحسب اختلاف الانظار والاخبار ، وقد بينها الاصحاب رضوان الله عليهم مفصلة بأدلتها وبين كل ما هو الحق عنده فلتطلب من هناك.

١٢١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن اسحق عن عبد الرزاق ابن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن ابى جعفر عليه‌السلام حديث

٤٥٥

طويل يقول فيه (ع): وسورة النور أنزلت بعد سورة النساء ، وتصديق ذلك ان الله عزوجل انزل عليه في سورة النساء : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) والسبيل الذي قال الله عزوجل : (سُورَةٌ أَنْزَلْناها وَفَرَضْناها وَأَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ* الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

١٢٢ ـ في عوالي اللئالى وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خذوا عنى : قد جعل الله لهن السبيل البكر بالبكر جلد مأة وتغريب عام ، والثيب بالثيب جلد مأة والرجم.

١٢٣ ـ في مجمع البيان وحكم هذه الاية منسوخ عند جمهور المفسرين وهو المروي عن ابى جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام.

١٢٤ ـ في تفسير العياشي عن ابى بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن هذه الاية : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ) الى «سبيلا» قال : هذه منسوخة ، قال : قلت : كيف كانت قال : كانت المرأة إذا فجرت فقام عليها اربعة شهود ادخلت بيتا ولم تحدث ولم تكلم ولم تجالس ، وأوتيت فيه بطعامها وشرابها حتى تموت ، قلت فقوله : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) قال جعل السبيل الجلد والرجم والإمساك في البيوت قال قوله : واللذان يأتيانها منكم قال : يعنى البكر إذا أتت الفاحشة التي أتتها هذه الثيب فآذوهما قال : تحبس (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).

١٢٥ ـ عن زرارة عن ابى جعفر عليه‌السلام (ع) قال : إذا بلغت النفس هذه ـ وأهوى بيده الى حنجرته لم يكن للعالم توبة وكانت للجاهل توبة.

١٢٦ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه ومحمد بن اسمعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن ابن ابى عمير عن جميل بن دراج قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول إذا بلغت النفس هاهنا ـ وأشار بيده الى حلقه ـ لم يكن للعالم توبة. ثم قرأ (إِنَّمَا

٤٥٦

التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ).

١٢٧ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام من اعطى التوبة لم يحرم القبول قال («إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).

١٢٨ ـ في مجمع البيان واختلف في معنى قوله «بجهالة» على وجوه أحدها

ان كل معصية يفعلها العبد جهالة وان كانت على سبيل العمد ، لأنه يدعو إليها الجهل ويزينها للعبد وهو المروي عن أبى عبد الله عليه‌السلام ، فانه قال : كل ذنب عمله العبد وان كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه. فقد حكى الله سبحانه وتعالى قول يوسف لإخوته : (هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) فنسبهم الى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله.

١٢٩ ـ وروى عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قيل فان عاد وتاب مرارا؟ قال : يغفر الله له قيل الى متى؟ قال حتى يكون الشيطان هو المحسور.

١٣٠ ـ فيمن لا يحضره الفقيه قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في آخر خطبة خطبها : من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ، ثم قال وان السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه ، ثم قال : وان الشهر لكثير من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ، ثم قال : ان يوما لكثير من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ثم قال وان الساعة لكثيرة من تاب وقد بلغت نفسه هذه ـ وأهوى بيده الى حلقه ـ تاب الله عليه. وروى الثعلبي باسناده الى عبادة بن الصامت عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هذا الخبر بعينه الا انه قال في آخره وان الساعة لكثيرة من تاب قبل ان يغرغر بها (١) تاب الله عليه.

١٣١ ـ وروى أيضا باسناده عن الحسن قال وعزتك وعظمتك لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده ، فقال الله سبحانه : وعزتي وعظمتي لا احجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر بها.

١٣٢ ـ في تفسير العياشي عن الحلبي عن أبى عبد الله عليه‌السلام في قول الله

__________________

(١) غرغر زيد : جاد بنفسه عند الموت.

٤٥٧

(وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) قال هو الفرار تاب حين لم ينفعه التوبة ولم يقبل منه.

١٣٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) فانه حدثني ابى عن ابن فضال عن على بن عقبة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : نزلت في القرآن ان زعلون (١) تاب حيث لم تنفعه التوبة ولم تقبل منه.

١٣٤ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وسئل الصادق عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ) قال ذلك إذا عاين أمر الاخرة ،

١٣٥ ـ في نهج البلاغة قال عليه‌السلام فاعملوا وأنتم في نفس البقاء (٢) والصحف منشورة ، والتوبة مبسوطة والمدبر يدعى ، والمسيء يرجى ، قبل أن يجمد العمل (٣) وينقطع المهل وتنقضي المدة ويسد باب التوبة ويصعد الملئكة.

١٣٦ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) قال : لا يحل للرجل إذا نكح امرأة ولم يردها وكرهها أن لا يطلقها إذا لم تجز عليه ، ويعضلها اى يحبسها ويقول لها حتى تردى ما أخذت منى ، فنهى الله عن ذلك (إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ)

١٣٧ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً) فانه كان في الجاهلية في أول ما أسلموا في قبايل العرب إذا مات حميم الرجل وله امرأة القى الرجل ثوبه عليها فورث نكاحها صداق

__________________

(١) الظاهر انه كناية عن أحد الثلاثة ووجه التعبير غير بين.

(٢) في نفس البقاء اى في سعته يقال فلان في نفس امره اى في سعة.

(٣) قال ابن ابى الحديد : هذا استعارة لطبقة لان الميت بحمد عمله ويقف ويروى «يخمد» بالخاء من خمدت النار والاول أحسن.

٤٥٨

حميمه الذي كان أصدقها يرث نكاحها كما يرث ماله ، فلما مات ابو قبيس بن الاسلت القى محصن بن ابى قبيس ثوبه على امرأة أبيه وهي كبيشة بنت معمر بن معبد فورث نكاحها ثم تركها لا يدخل بها ولا ينفق عليها ، فاتت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقالت : يا رسول الله مات ابو ـ قبيس بن الاسلت فورث ابنه محصن نكاحي ، فلا يدخل على ولا ينفق على ولا يخلى سبيلي فألحق بأهلى؟ فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ارجعي الى بيتك فان يحدث الله في شأنك شيئا أعلمتكه ، فنزل : (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً) فلحقت بأهلها وكان نسوة في المدينة : قد ورث نكاحهن كما ورث نكاح كبيشة غير انه ورثهن عن الأبناء ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً).

١٣٨ ـ في تفسير العياشي عن إبراهيم بن ميمون عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله : («لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَ) ، قال : الرجل يكون في حجره اليتيمة فيمنعها من التزويج يضر بها تكون قريبة له ، قلت : (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ) قال : الرجل يكون له المرأة فيضربها حتى تفتدى منه فنهى الله عن ذلك.

١٣٩ ـ في مجمع البيان وقيل : نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده لا حاجة له إليها وينتظر موتها حتى يرثها روى ذلك عن أبى جعفر عليه‌السلام ، واختلف في المعنى بهذا النهى على اربعة أقوال : أحدها : انه الزوج امره الله سبحانه بتخلية سبيلها إذا لم يكن له فيها حاجة ، وان لا يمسكها إضرارا بها حتى تفتدى ببعض ما لها وهو المروي عن ابى عبد الله عليه‌السلام(إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) اى ظاهرة وقيل فيه قولان : أحدهما انه يعنى الا ان يزنين ، والاخر : ان الفاحشة النشوز ، والاولى حمل الاية على كل معصية وهو المروي عن ابى جعفر عليه‌السلام ، واختلف في مقدار القنطار قيل : هو ملاء مسك ثور ذهبا وهو المروي عن ابى جعفر وابى عبد الله عليهما‌السلام.

١٤٠ ـ في عوالي اللئالى وروى المفضل بن عمر قال ، دخلت على ابى عبد الله عليه‌السلام فقلت : أخبرني عن مهر المراة الذي لا يجوز للمؤمن ان يجوزه؟ فقال : مهر

٤٥٩

السنة المحمدية خمسمائة درهم ، فما زاد على ذلك رد الى السنة ، ولا شيء عليه أكثر من الخمسمائة ورواه الصدوق أيضا في من لا يحضره الفقيه.

١٤١ ـ في مجمع البيان (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) قيل فيه أقوال : أحدها :

ان الميثاق الغليظ هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وهو المروي عن ابى جعفر عليه‌السلام.

١٤٢ ـ في الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابى أيوب عن بريد قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) فقال ، الميثاق هي الكلمة التي عقد بها النكاح ، واما قوله : «غليظا» فهو ماء الرجل يفضيه إليها.

١٤٣ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام انه قال ، لو لم يحرم على الناس أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقول الله عزوجل : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) حر من على الحسن والحسين بقول الله عزوجل ، (وَلا ـ تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ) ولا يصلح للرجال أن ينكح امرأة جده.

١٤٤ ـ في تفسير العياشي عن الحسين بن سدير قال ، سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ، ان الله حرم علينا نساء النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقول الله ، (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ).

١٤٥ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انا ابن الذبيحين حديث طويل يقول فيه (ع) ؛ وكانت لعبد المطلب خمس من السنن أجراها الله تعالى في الإسلام ، حرم نساء الاباء على الأبناء.

١٤٦ ـ في كتاب الخصال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن أبى طالب عليهم‌السلام انه قال في وصية له : يا على ان عبد المطلب سن في الجاهلية خمس سنن أجراها الله له في الإسلام ، حرم نساء الاباء على الأبناء فأنزل الله تعالى ، (وَلا تَنْكِحُوا

٤٦٠