تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

عيسى تزعمون انه أحيى الموتى بإذن الله؟ فقال له عليه‌السلام لقد كان ذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سحت في يده تسع حصيات يسمع نغماتها في جمودها ، ولا روح فيها لتمام حجة نبوته ، ولقد كلمه الموتى من بعد موتهم واستغاثوه

مما خافوا تبعته ، ولقد صلى بأصحابه ذات يوم فقال : ما هاهنا من بنى النجار أحد وصاحبهم محتبس على باب الجنة بثلثة دراهم لفلان اليهودي وكان شهيدا ، ولئن زعمت ان عيسى كلم الموتى فلقد كان لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما هو أعجب من هذا ، ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل بالطائف وحاصر أهلها بعثوا اليه بشاة مسلوخة مطلية بسم ، فنطق الذراع منها ، فقالت : يا رسول الله لا تأكلنى فانى مسموم ، فلو كلمته البهيمة وهي حية لكانت من أعظم حجج الله عن ذكره على المنكرين لنبوته ، فكيف وقد كلمته من بعد ذبح وسلخ وشوى ، ولقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يدعو بالشجرة فتجيبه ، وتكلمه البهيمة وتكلم السباع وتشهدهم له بالنبوة ، وتحذرهم عصيانه فهذا أكثر مما اعطى عيسى ، قال له اليهودي : ان عيسى تزعمون انه انبأ قومه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم؟ قال له على عليه‌السلام : لقد كان كذلك ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فعل ما هو أكبر من هذا ، ان عيسى انبأ قومه بما كان من وراء الحائط ، ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله انبأ قومه عن موتة وهو عنها غائب ، ووصف حربهم ، ومن استشهد منهم وبينه وبينهم مسيرة شهور كان يأتيه الرجل يريد ان يسأله عن شيء فيقول صلى‌الله‌عليه‌وآله : تقول أو أقول! فيقول بل قل يا رسول الله ، فيقول : جئتني في كذا وكذا حتى يفرغ من حاجته ، ولقد كان صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبر أهل مكة بأسرارهم بمكة حتى لا يترك من اسرارهم شيئا ، منها ما كان بين صفوان بن امية وبين عمير بن وهب ، فقال : جئت في فكاك إبني فقال له : كذبت ، بل قلت : لصفوان وقد أجمعتم في الحطيم وذكرتم قتلى بدر ، وقلتم : والله الموت أهون علينا من البقاء مع ما صنع محمد بنا ، وهل حيوة بعد أهل القليب؟

فقلت أنت : لولا عيالي ودين على لأرحتك من محمد فقال صفوان : على ان اقضى دينك وان اجعل بناتك مع بناتي يصيبهن ما يصيبهن من خير أو شر فقلت أنت : فاكتمها على وجهزني حتى اذهب فأقتله ، فجئت لتقتلني ، فقال : صدقت يا رسول الله ، فانا

٣٤١

اشهد ان لا اله الا الله ، وانك رسول الله وأشباه هذا مما لا يحصى.

١٤٣ ـ في أصول الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن مثنى الحناط عن ابى بصير قال دخلت على ابى جعفر عليه‌السلام فقلت له أنتم ورثة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال نعم قلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وارث الأنبياء علم كلما علموا؟ قال نعم قلت فأنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى وتبرأوا الأكمه والأبرص قال لي نعم بإذن الله ثم قال لي ادن منى يا با محمد فدنوت منه فمسح على وجهي وعلى عيني فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت وكل شيء في البلد ثم قال لي : أتحب ان تكون هكذا ولك ما للناس وعليك ما عليهم يوم القيامة أو تعود كما كنت ولك الجنة خالصا؟ قلت : أعود كما كنت فمسح على عيني فعدت كما كنت فحدثت ابن ابى عمير بهذا ، فقال : اشهد ان هذا حق كما ان النهار حق :

١٤٤ ـ في الكافي على بن محمد عن بعض أصحابنا عن على بن الحكم عن ربيع بن محمد عن عبد الله بن سليم العامري عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان عيسى بن مريم جاء الى قبر يحيى بن زكريا عليهما‌السلام وكان سأل ربه ان يحييه له فدعاه فأجابه وخرج اليه من القبر فقال له : ما تريد منى؟ فقال له : أريد ان تونسني كما كنت في الدنيا ، فقال له : يا عيسى ما سكنت عنى حرارة الموت وأنت تريد ان تعيدني الى الدنيا وتعود على حرارة الموت ، فتركه فعاد الى قبره.

١٤٥ ـ في عيون الاخبار باسناده الى أبى يعقوب البغدادي قال : قال ابن السكيت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : لماذا بعث الله موسى بن عمران بيده البيضاء والعصا وآلة السحر ، وبعث عيسى بالطلب ، وبعث محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكلام والخطب؟ فقال له أبو الحسن عليه‌السلام. ان الله تعالى لما بعث موسى ـ الى أن قال ـ : وان الله تعالى بعث عيسى عليه‌السلام في وقت ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس الى الطب ، فأتاهم من عند الله تعالى بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيى لهم الموتى وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى ، واثبت به الحجة عليهم.

٣٤٢

١٤٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن الفضل عن أبى حمزة الثمالي عن ابى جعفر محمد بن على الباقر عليهما‌السلام حديث طويل يقول فيه : ثم ان الله عزوجل أرسل عيسى عليه‌السلام الى بنى إسرائيل خاصة ، فكانت نبوته ببيت المقدس.

١٤٧ ـ في كتاب الخصال عن الحسين ابن على عليهما‌السلام قال : كان على بن أبي طالب عليه‌السلام بالكوفة في الجامع ، إذ قام اليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل. فكان فيما سأله : أخبرني عن ستة لم يركضوا في رحم؟ فقال : آدم ، وحوا ، وكبش اسمعيل وعصى موسى ، وناقة صالح والخفاش الذي عمله عيسى بن مريم فطار بإذن الله تعالى.

١٤٨ ـ في كتاب التوحيد في باب مجلس الرضا عليه‌السلام مع أهل الأديان وأصحاب المقالات قال الرضا عليه‌السلام : لقد اجتمعت قريش على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسألوه أن يحيى لهم موتاهم فوجه معهم على بن أبي طالب عليه‌السلام : فقال له ، اذهب الى الجبانة (١) فناد بأسماء هؤلاء الرهط الذين يسألون عنهم بأعلى صوتك : يا فلان ويا فلان ويا فلان ، يقول لكم محمد رسول الله : قوموا بإذن الله عزوجل ، فقاموا ينفضون التراب عن رؤسهم. وأقبلت قريش تسألهم عن أمورهم ثم أخبروهم ان محمدا قد بعث نبيا ، وقالوا اوددنا (٢) انا أدركناه فنؤمن به ، ولقد أبرء الأكمه والأبرص والمجانين ، وكلمه البهائم والطير والجن والشياطين ولم نتخذه ربا من دون الله عزوجل.

١٤٩ ـ في روضة الكافي محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن ابى جميلة عن أبان بن تغلب وغيره عن ابى عبد الله عليه‌السلام انه سئل هل كان عيسى بن مريم أحيى أحدا بعد موته حتى كان له أكل رزق ومدة وولد؟ فقال : نعم ، انه كان له صديق مواخ له في الله تبارك وتعالى ، وكان عيسى صلى الله عليه يمر به وينزل عليه ، وان عيسى صلى الله عليه غاب عنه حينا ثم مر به ليسلم عليه. فخرجت اليه امه فسألها عنه ، فقالت : مات يا رسول الله فقال : أفتحبين ان تراه؟ فقالت : نعم

__________________

(١) الجبانة : المقابر.

(٢) كذا في النسخ والظهر «لوددنا» وفي رواية العيون «ورددنا».

٣٤٣

فقال لها ، فاذا كان غدا فآتيك حتى أحييه لك بإذن الله تبارك وتعالى ، فلما كان من الغد أتاها فقال لها : انطلقي معى الى قبره ، فانطلقا حتى أتيا قبره فوقف عليه عيسى صلى الله عليه ثم دعا الله عزوجل فانفرج القبر وخرج ابنها حيا فلما رأته امه ورآها بكيا فرحمهما عيسى صلى الله عليه فقال له عيسى : أتحب ان تبقى مع أمك في الدنيا؟ فقال له : يا نبي الله بأكل ورزق ومدة أم بغير أكل ولا رزق ولا مدة؟ فقال له عيسى صلى الله عليه : يأكل ورزق ومدة ، تعمر عشرين سنة وتزوج ويولد لك قال ، نعم إذا قال ، فدفعه عيسى الى امه فعاش عشرين سنة وولد له.

١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثنا احمد بن محمد الهمداني قال : حدثني جعفر بن عبد الله قال ، حدثنا كثير بن عياش عن زياد بن المنذر ابى الجارود عن ابى جعفر محمد بن على عليهما‌السلام في قوله ، (وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ) فان عيسى عليه‌السلام كان يقول لبني إسرائيل ، (إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ) و (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ) الأكمه هو الأعمى. قالوا : ما نرى الذي تصنع الا سحرا فأرنا آية نعلم انك صادق ، قال ، أرأيتكم ان أخبرتكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم؟ ـ يقول ، ما أكلتم في بيوتكم قبل ان تخرجوا وما ادخرتم الى الليل ـ تعلمون انى صادق؟ قالوا ، نعم ، فكان يقول للرجل أكلت كذا وكذا ، وشربت كذا وكذا ، ورفعت كذا وكذا ، فمنهم من يقبل منه فيؤمن ، ومنهم من يكفر وكان لهم في ذلك آية (إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ). قال عز من قائل (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) الاية.

١٥١ ـ في تفسير العياشي عن محمد الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : كان بين داود وعيسى ابن مريم عليهما‌السلام اربعماة سنة ، وكان شريعة عيسى انه بعث بالتوحيد والإخلاص وبما اوصى به نوح وإبراهيم وموسى ، وانزل عليه الإنجيل ، وأخذ عليه الميثاق الذي أخذ على النبيين ، وشرع له في الكتاب اقام الصلوة مع الدين والأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، وتحريم الحرام وتحليل الحلال ، وانزل عليه في الإنجيل مواعظ وأمثال وحدود ليس فيها قصاص ، ولا احكام حدود ولا فرض مواريث ، وانزل عليه تخفيف ما كان نزل على موسى في التوراة ، وهو قول الله في الذي قال عيسى

٣٤٤

ابن مريم لبني إسرائيل ، ولا حل لكم بعض الذي حرم عليكم وامر عيسى من معه ممن اتبعه المؤمنين ان يؤمنوا بشريعة التوراة والإنجيل.

١٥٢ ـ وروى عن ابن ابى عمير عن رجل عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى مِنْهُمُ الْكُفْرَ) اى لما سمع وراى انهم يكفرون.

١٥٣ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل وفيه وقال ، وسألته عن قول الله عزوجل ، (سَخِرَ اللهُ مِنْهُمْ) وعن قوله. (يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) وعن قوله تعالى. (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) وعن قوله عزوجل ، (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) فقال عليه‌السلام ، ان الله عزوجل لا يسخر ولا يستهزئ ولا يمكر ولا يخادع ولكنه عزوجل يجازيهم جزاء السخرية وجزاء استهزاء وجزاء المكر والخديعة (١) تعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

١٥٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن جميل بن صالح عن حمران بن أعين عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : ان عيسى عليه‌السلام وعد أصحابه ليلة رفعه الله اليه فاجتمعوا اليه عند المساء وهم اثنا عشر رجلا : فأدخلهم بيتا ثم خرج عليهم من عين في زاوية البيت وهو ينفض رأسه من الماء : فقال ان الله اوحى الى انه رافعي اليه الساعة ومطهري من اليهود فأيكم يلقى عليه شبحي فيقتل ويصلب ويكون معى في درجتي؟ فقال شاب منهم : انا يا روح الله فقال : فأنت هو ذا فقال لهم عيسى : اما ان منكم لمن يكفر بى قبل ان يصبح اثنى عشر كفرة فقال له رجل منهم : انا هو يا نبي الله فقال عيسى : أتحس بذلك في نفسك فلتكن هو ثم قال لهم عيسى : اما انكم ستفترقون بعدي على ثلث فرق فرقتين مفتريتين على الله في النار وفرقة تتبع شمعون صادقة على الله في الجنة ثم رفع الله عيسى اليه من زاوية البيت وهم ينظرون اليه قال : ان اليهود جاءت في طلب عيسى من ليلتهم فأخذوا

__________________

(١) والعرب تسمى الجزاء على الفعل باسمه كما قال عمرو بن كلثوم : «الا لا يجهلن أحد علينا ـ فنجهل فوق جهل الجاهلينا» قال الطبرسي (ره) وانما أضاف الله المكر الى نفسه على مزاوجة الكلام كما قال : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) والثاني ليس باعتداء وانما هو جزاء ، وهذا أحد وجوه البلاغة كالمجانسة والمطابقة والمقابلة.

٣٤٥

الرجل الذي قال له عيسى ان منكم لمن يكفر بى قبل ان يصبح اثنى عشر كفرة وأخذوا الشاب الذي القى عليه شبح عيسى عليه‌السلام فقتل وصلب وكفر الذي قال له عيسى «تكفر قبل ان تصبح اثنتى عشرة كفرة».

١٥٥ ـ في كتاب الخصال عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر عليه‌السلام قال في حديث طويل يذكر فيه الأغسال في شهر رمضان : وليلة احدى وعشرين وهي الليلة التي مات فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم عليه‌السلام.

١٥٦ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده الى محمد بن اسمعيل القرشي عمن حدثه عن اسمعيل بن ابى رافع عن أبيه قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ان جبرئيل عليه‌السلام نزل على بكتاب فيه خبر الملوك ملوك الأرض وخبر من بعث من قبلي من الأنبياء والرسل

وهو حديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة قال : لما ملك أشج بن أشجان وكان يسمى الكيس وكان قد ملك مأتى وستا وستين سنة ، ففي سنة احدى وخمسين من ملكه بعث الله عزوجل عيسى بن مريم عليه‌السلام واستودعه النور والعلم والحكمة وجميع علوم الأنبياء قبله ، وزاده الإنجيل ، وبعثه الى بيت المقدس الى بنى إسرائيل يدعوهم الى كتابه وحكمته والى الايمان بالله وبرسوله ، فأبى أكثرهم الا طغيانا وكفرا ، فلما لم يؤمنوا به دعا ربه وعزم عليه ، فمسخ منهم شياطين ليريهم آية فيعتبروا فلم يزدهم ذلك الا طغيانا وكفرا فأتى بيت المقدس فمكث يدعوهم ويرغبهم فيما عند الله ثلثا وثلثين سنة حتى طلبته اليهود وادعت انها عذبته ودفنته في الأرض حيا ، وادعى بعضهم انهم قتلوه وصلبوه ، وما كان الله ليجعل لهم عليه سلطانا وانما شبه لهم ، وما قدروا على عذابه ودفنه ، ولا على قتله وصلبه قوله عزوجل : (إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) فلم يقدروا على قتله وصلبه ، لأنهم لو قدروا على ذلك كان تكذيبا لقوله ، ولكن رفعه الله بعد أن توفاه عليه‌السلام ، فلما أراد الله أن يرفعه اوحى اليه ان يستودع نور الله وحكمته ، وعلم كتابه شمعون ابن حمون الصفا خليفته على المؤمنين ففعل ذلك. قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه : قد كتبنا لهذا الكلام تتمة عند قوله (وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) مخالفة لإحياء عيسى يحيى بن زكريا عليه‌السلام فتأمل فيهما.

٣٤٦

١٥٧ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن النضر بن سويد عن ابن سنان عن ابى عبد الله عليه‌السلام ان نصارى نجران لما وفدوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان سيدهم الأهتم والعاقب والسيد ، وحضرت صلوتهم فاقبلوا يضربون بالناقوس وصلوا ، فقال أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله هذا في مسجدك؟ فقال : دعوهم ، فلما فرغوا دنوا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : الى ما تدعونا؟ فقال الى شهادة ان لا اله الا الله وانى رسول الله وان عيسى عبد مخلوق يأكل ويشرب ويحدث ، قالوا : فمن أبوه؟ فنزل الوحي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : قل لهم : ما تقولون في آدم أكان عبدا مخلوقا يأكل ويشرب ويحدث وينكح؟ فسألهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا : نعم ، فقال : فمن أبوه؟ فبهتوا ، فأنزل الله : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) الاية واما قوله : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) الى قوله (فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : فباهلوني فان كنت صادقا أنزلت اللعنة عليكم ، وان كنت كاذبا أنزلت على فقالوا : أنصفت ، فتواعدوا للمباهلة ، فلما رجعوا الى منازلهم قال رؤساؤهم السيد والعاقب والأهتم : ان باهلنا بقومه باهلناه فانه ليس بنبي وان باهلنا بأهل بيته خاصة فلا نباهله ، فانه لا يقدم على أهل بيته الا وهو صادق ، فلما أصبحوا جاؤا الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ومعه أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله عليهم ، فقال النصارى : من هؤلاء؟ فقيل لهم : ان هذا ابن عمه ووصيه وختنه على بن ابى طالب ، وهذه ابنته فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين عليهم‌السلام ففرقوا (١) وقالوا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعطيك الرضا فاعفنا عن المباهلة ، فصالحهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الجزية وانصرفوا.

١٥٨ ـ في تفسير العياشي عن حريز عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ان أمير المؤمنين عليه‌السلام سئل عن فضائله فذكر بعضها ثم قالوا له : زدنا ، فقال ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه حبران من أحبار اليهود من أهل نجران فتكلما في امر عيسى فأنزل الله هذه الاية : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ) الى آخر الاية فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخذ بيد على والحسن

__________________

(١) اى خافوا وفزعوا.

٣٤٧

والحسين وفاطمة ، ثم خرج ورفع كفه الى السماء ، وفرج بين أصابعه ودعاهم الى المباهلة قال وقال ابو جعفر عليه‌السلام : وكذلك المباهلة يشبك يده في يده ثم يرفعها الى السماء فلما رآه الحبران قال أحدهما لصاحبه : والله ان كان نبيا لتهلكن وان كان غير نبي كفانا قومه ، فكفا وانصرفا.

١٥٩ ـ عن ابى جعفر الا حول قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : ما تقول قريش في الخمس؟ قال : قلت يزعم أنه لها ، قال : ما أنصفونا والله لو كان مباهلة ليباهلن بنا ، ولئن كان مبارزة ليبارزن ثم نكون وهم على سواء؟

١٦٠ ـ في روضة الكافي عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن الحسن بن طريف عن عبد الصمد بن بشير عن ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام قال قال ابو جعفر عليه‌السلام يا أبا الجارود ما يقولون لكم في الحسن والحسين عليهما‌السلام؟ قلت ينكرون علينا أنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فبأى شيء احتججتم عليهم؟ قلت احتججنا عليهم بقول الله تعالى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٦١ ـ في مجمع البيان وقال عليه‌السلام : ان كل بنى بنت ينسبون الى أبيهم الا أولاد فاطمة فانى انا أبوهم.

١٦٢ ـ في عيون الاخبار في باب جمل من أخبار موسى بن جعفر عليه‌السلام مع هارون الرشيد لما قال له : كيف تكونون ذرية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأنتم أولاد ابنته. حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام لهارون أزيدك يا أمير المؤمنين؟ قال : هات ، قلت قول الله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولم يدع أحد انه أدخل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله تحت الكساء عند المباهلة للنصارى الا على ابن ابى طالب وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فكان تأويل قوله عزوجل؟ «أبناءنا» الحسن والحسين «ونساءنا» فاطمة «وأنفسنا» على بن ابى طالب عليه‌السلام ، على ان العلماء قد اجتمعوا على ان جبرئيل قال يوم أحد يا محمد ان هذه لهي المواساة من على قال لأنه منى وأنا منه.

٣٤٨

١٦٣ ـ وفيه في باب ذكر مجلس الرضا عليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب فقال الرضا عليه‌السلام فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا ، فأول ذلك قوله عزوجل الى أن قال واما الثالثة حين ميز الله الطاهرين من خلقه ، فأمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمباهلة بهم في آية الابتهال ، فقال عزوجل : يا محمد (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) فأبرز النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عليا والحسن والحسين وفاطمة صلوات الله عليهم ، وقرن أنفسهم بنفسه فهل تدرون ما معنى قوله : (وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) قالت العلماء عنى به نفسه قال ابو الحسن عليه‌السلام غلطتم انما عنى به على بن ابى طالب عليه‌السلام ومما يدل على ذلك قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قال لينتهين بنو وليعة اولا بعثن إليهم رجلا كنفسي يعنى على بن ابى طالب عليه‌السلام ، وعنى بالأبناء الحسن والحسين ؛ وعنى بالنساء فاطمة عليها‌السلام فهذه خصوصية لا يتقدمهم فيها أحد ، وفضل لا يلحقهم فيه بشر ، وشرف لا يسبقهم اليه خلق ، إذ جعل نفس على كنفسه.

١٦٤ ـ وفيه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل يقول فيه يا على من قتلك فقد قتلني ومن أبغضك فقد ابغضنى ، ومن سبك فقد سبني ، لأنك منى كنفسي ؛ روحك من روحي وطينتك من طينتي.

١٦٥ ـ في كتاب الخصال في احتجاج على عليه‌السلام على ابى بكر قال : فأنشدك بالله ابى برز رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبأهلى وولدي في مباهلة المشركين من النصارى ، أم بك وبأهلك وولدك؟ قال بكم.

١٦٦ ـ وفيه أيضا مناقب أمير المؤمنين عليه‌السلام وتعدادها قال عليه‌السلام ـ واما الرابعة والثلاثون ـ فان النصارى ادعوا امرا فأنزل عزوجل فيه : (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ) فكانت نفسي نفس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والنساء فاطمة ، والأبناء الحسن والحسين ، ثم ندم القوم فسألوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإعفاء فعفا عنهم وقال والذي انزل التوراة على موسى والفرقان على محمد

٣٤٩

لو باهلونا لمسخهم الله قردة وخنازير.

١٦٧ ـ في كتاب علل الشرائع عن أبى جعفر الثاني عليه‌السلام حديث طويل ذكرته بتمامه في سورة يونس عند قوله تعالى ، (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ) الآية وفيه : ان المخاطب بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يكن في شك مما أنزل الله عزوجل ، ولكن قالت الجهلة ، كيف لا يبعث الله إلينا نبيا من الملئكة انه لم يفرق بينه وبين غيره في الاستغناء عن المأكل والمشرب والمشي في الأسواق ، فأوحى الله عزوجل الى نبيه عليه‌السلام ، «فاسئل الذين يقرءون الكتاب من قبلك بمحضر من الجهلة هل بعث الله عزوجل رسولا قبلك الا وهو يأكل الطعام ويمشى في الأسواق ولك بهم أسوة ، وانما قال : وان كنت في شك ولم يكن ولكن ليتفهم كما قال له عليه‌السلام ، فقل ، (تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ) ولو قال. تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيئون للمباهلة ، وقد عرف ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسمل مؤدى عنه رسالته ، وما هو من الكاذبين ، وكذلك عرف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه صادق فيما يقول ، ولكن أحب ان ينصف من نفسه.

١٦٨ ـ في كتاب معاني الاخبار باسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما‌السلام قال ، التبتل ان تقلب كفيك في الدعاء إذا دعوت. والابتهال ان تبسطهما فتقدمهما.

١٦٩ ـ في أصول الكافي باسناده الى ابى اسحق عن ابى عبد الله عليه‌السلام قال. والابتهال رفع اليدين وتمدهما وذلك عند الدمعة.

١٧٠ ـ وباسناده الى مروك بياع اللؤلؤ عمن ذكره عن أبى عبد الله عليه‌السلام عليه‌السلام قال : وهكذا الابتهال ومد يده تلقاء وجهه الى القبلة ، ولا يبتهل حتى تجري الدمعة.

١٧١ ـ عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن فضالة عن العلاء عن محمد بن مسلم قال : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : والابتهال تبسط يدك وذراعك (١) الى السماء ، والابتهال حين ترى أسباب البكاء.

__________________

(١) وفي المصدر : «يديك وذراعيك».

٣٥٠

١٧٢ ـ وباسناده الى أبى بصير عن ابى عبد الله عليه‌السلام : واما الابتهال فرفع يديك تجاوز بهما رأسك.

١٧٣ ـ وباسناده الى محمد بن مسلم وزرارة قالا : قال ابو عبد الله عليه‌السلام : والابتهال ان تمد يديك جميعا ، وهذه الأحاديث أحاديث أصول الكافي طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

١٧٤ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن محمد بن حكيم عن ابى مسترق (١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت ، انا نكلم الناس فنحتج عليهم بقول الله عزوجل : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) فيقولون : نزلت في أمراء السرايا : فنحتج عليهم بقوله عزوجل (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ) الى آخر الاية فيقولون ، نزلت في المؤمنين ونحتج عليهم بقول الله عزوجل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) فيقولون : نزلت في قربى المسلمين ، قال : فلم ادع شيئا مما حضرني ذكره من هذا وشبهه الا ذكرته ، فقال لي : إذا كان كذلك فادعهم الى المباهلة ، قلت : وكيف اصنع؟ قال ، أصلح نفسك ثلاثا ـ وأظنه قال : وصم واغتسل ـ وابرز أنت وهو الى الجبان (٢) فشبك أصابعك من يدك اليمنى في أصابعه ، ثم أنصفه وابدأ بنفسك وقل : اللهم رب السموات السبع ورب الأرضين السبع عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم ان كان ابو مسترق جحد حقا وادعى باطلا فأنزل عليه حسبانا (٣) من السماء وعذابا أليما ثم رد الدعوة عليه ، فقل وان كان فلان جحد حقا وادعى باطلا فانزل عليه (حُسْباناً مِنَ السَّماءِ) أو عذابا أليما ثم قال لي ، فانك لا تلبث ان ترى ذلك فيه ، فو الله ما وجدت خلقا يجيبني اليه.

١٧٥ ـ محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن أبى ـ

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في الأصل «ابو مسروق».

(٢) الجبان : الصحراء.

(٣) الحسبان : العذاب والبلاء.

٣٥١

العباس عن أبى عبد الله عليه‌السلام في المباهلة قال تشبك أصابعك في أصابعه ، ثم تقول ، اللهم ان كان فلان جحد حقا وأقر بباطل فأصبه بحسبان من السماء أو بعذاب من عندك وتلا عنه سبعين مرة.

١٧٦ ـ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن اسمعيل بن مهران عن مخلد أبى الشكر عن ابى حمزة الثمالي عن ابى جعفر عليه‌السلام قال. الساعة التي تباهل فيها ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس. عدة من أصحابنا عن احمد بن محمد بن خالد عن محمد بن اسمعيل عن مخلد ابى الشكر عن ابى حمزة عن ابى جعفر عليه‌السلام مثله.

١٧٧ ـ في مجمع البيان : (وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) وقد روى انه لما نزلت هذه الاية قال عدى بن حاتم : ما كنا نعبدهم يا رسول الله. فقال عليه‌السلام : اما كانوا يحلون لكم ويحرمون فتأخذون بقولهم؟ فقال : نعم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو ذاك.

١٧٨ ـ في روضة الكافي على بن محمد عن على بن العباس عن على بن حماد عن عمرو بن شمر عن جابر عن ابى جعفر عليه‌السلام قال ، (لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) يقول : لستم بيهود فتصلوا قبل المغرب ، ولا نصارى فتصلوا قبل المشرق ، وأنتم على ملة إبراهيم صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد قال عزوجل : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ).

١٧٩ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله بن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (حَنِيفاً مُسْلِماً) قال خالصا مخلصا ليس فيه شيء من عبادة الأوثان.

١٠ ـ في تفسير العياشي عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا) لا يهوديا يصلى الى المغرب ، ولا نصرانيا يصلى الى المشرق ، (وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) يقول : (كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً) على دين محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٨١ ـ عن على بن النعمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قوله : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ

٣٥٢

بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) قال هم الائمة واتباعهم.

١٨٢ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن مثنى عن عبد الله بن عجلان عن أبى جعفر عليه‌السلام في قوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا) قال : هم الائمة عليهم‌السلام ومن اتبعهم.

١٨٣ ـ في مجمع البيان قال أمير المؤمنين على عليه‌السلام : ان اولى الناس بالأنبياء أعملهم بما جاؤا به ، ثم تلا هذه الاية ، وقال : ان ولى محمد من أطاع الله وان بعدت لحمته ، وان عدو محمد من عصى الله وان قربت قرابته.

١٨٤ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن منصور ابن يونس عن عمر بن زيد قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : أنتم والله من آل محمد فقلت : من أنفسهم جعلت فداك؟ قال : نعم والله من أنفسهم ـ ثلاثا ـ ، ثم نظر الى ونظرت اليه فقال يا عمران الله يقول في كتابه : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).

١٨٥ ـ وفيه حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيه يقول : ثم صعدنا الى السماء السابعة ، فما مررت بملك من الملئكة الا قالوا : يا محمد احتجم وأمر أمتك بالحجامة وإذا فيها رجل أشمط الرأس واللحية (١) جالس على كرسي ، فقلت : يا جبرئيل من هذا الذي في السماء السابعة على باب البيت المعمور في جوار الله؟ فقال : هذا يا محمد أبوك إبراهيم ، وهذا محلك ومحل من اتقى من أمتك ، ثم قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ).

١٨٦ ـ حدثني أبى عن ابن أبى عمير عن منصور بن يونس عن أبى خالد الكابلي قال؟ قال أبو جعفر عليه‌السلام والله لكأنى انظر الى القائم عليه‌السلام وقد أسند ظهره الى الحجر ثم ينشد الله حقه ، ثم يقول : يا ايها الناس من يحاجني في الله فانا أولى بالله ، ايها الناس من يحاجني بآدم فانا أولى بآدم ، ايها الناس من يحاجني في نوح فانا أولى

__________________

(١) الأشمط : من خالط بياض رأسه سواد.

٣٥٣

بنوح ايها الناس من يحاجني في إبراهيم فأنا اولى بإبراهيم والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

١٨٧ ـ في نهج البلاغة من كتاب له عليه‌السلام الى معاوية جوابا ، وكتاب الله يجمع لنا ما شد عنا ، وهو قوله سبحانه («وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) وقوله تعالى : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فنحن مرة اولى بالقرابة. وتارة اولى بالطاعة.

١٨٨ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) خطبة لعلى عليه‌السلام وفيها قال الله عزوجل (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ) وقال عزوجل (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) فنحن اولى الناس بإبراهيم ونحن ورثناه ونحن أولوا الأرحام الذين ورثنا الكعبة ، ونحن آل إبراهيم.

١٨٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ) قال نزلت في قوم من اليهود قالوا آمنا بالذي جاء به محمد بالغداة ، وكفروا به بالعشي.

١٩٠ ـ وفي رواية ابى الجارود عن ابى جعفر عليه‌السلام في قوله (وَقالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قدم المدينة وهو يصلى نحو بيت المقدس أعجب من ذلك اليهود فلما صرفه الله عن بيت المقدس الى بيت الله الحرام وجدت اليهود من ذلك وكان صرف القبلة صلوة الظهر ، فقالوا صلى محمد الغداة واستقبل قبلتنا فآمنوا بالذي انزل على محمد وجه النهار واكفروا آخره يعنون القبلة حين استقبل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله المسجد الحرام (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الى قبلتنا.

١٩١ ـ في مجمع البيان في قوله : و (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ) الى قوله (يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) قال آخر الشرح وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله انه لما قرأ هذه الاية قال كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية الا وهو تحت قدمي الا الامانة ، فانها مؤداة الى البر والفاجر.

١٩٢ ـ في تفسير على بن إبراهيم وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَ

٣٥٤

أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) قال : يتقربون الى الناس بأنهم مسلمون ، فيأخذون منهم ويخونونهم ، وما هم بمسلمين على الحقيقة.

١٩٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى أبى وائل عن ابى عبد الله عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال من حلف على يمين يقتطع بها مال أخيه لقى الله عزوجل وهو عليه غضبان ، فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) قال : فبرز الأشعث بن قيس فقال في نزلت ، خاصمت الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقضى على باليمين.

١٩٤ ـ وباسناده الى علقمة بن وائل عن أبيه قال : اختصم رجل من حضرموت امرء القيس الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله في ارض فقال : ان هذا ابتز (١) على ارضى في الجاهلية ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألك بينة؟ فقال : لا قال فيمنه قال : يذهب والله بأرضى ، فقال : ان ذهب بأرضك كان ممن لا ينظر الله اليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب اليم.

١٩٥ ـ في عيون الاخبار عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل في تعداد الكبائر وبيانها من كتاب الله وفيه يقول الصادق عليه‌السلام : واليمين الغموس (٢) لان الله تعالى يقول : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ).

١٩٦ ـ وفيه عن الرضا عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي ، وعلى من قاتلهم ، وعلى المعين وعلى من سبهم ، (أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

١٩٧ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن أمير المؤمنين عليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات : واما قوله : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) يخبر انه لا يصيبهم بخير ، وقد تقول العرب والله ما ينظر إلينا فلان ، وانما يعنون بذلك انه لا يصيبنا منه بخير ، فذلك النظر هاهنا من الله تبارك وتعالى الى خلقه فنظره إليهم رحمة لهم.

__________________

(١) ابتزه : استلبه.

(٢) اليمين الغموس : الكاذبة التي يتعمدها صاحبها عالما بان الأمر بخلافه.

٣٥٥

١٩٨ ـ في أصول الكافي الى ابن ابى يعفور قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : ثلثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : من ادعى إمامة من الله ليست له ، ومن جحد إماما من الله ومن زعم ان لهما في الإسلام نصيبا.

١٩٩ ـ على بن محمد عن بعض أصحابه عن آدم بن إسحاق عن عبد الرزاق بن مهران عن الحسين بن ميمون عن محمد بن سالم عن ابى جعفر عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : وانزل في العهد : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) والخلايق : النصيب ، فمن لم يكن له نصيب في الاخرة فبأى شيء يدخل الجنة؟

٢٠٠ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن عبد الحميد عن عاصم بن حميد عن أبى حمزة عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم : شيخ زان ، وملك جبار ، ومقل مختال (١)

٢٠١ ـ في الكافي باسناده الى محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ، ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم الشيخ الزاني ، والديوث ، والمرأة توطي فراش زوجها.

٢٠٢ ـ وباسناده الى محمد بن مسلم عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ثلثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم منهم المرأة توطي فراش زوجها.

٢٠٣ ـ في من لا يحضره الفقيه وروى محمد بن ابى عمير عن اسحق بن هلال عن أبي عبد الله عليه‌السلام ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال الا أخبركم بأكبر الزنا؟ قالوا بلى قال هي امرأة توطي فراش زوجها ، فتأتى بولد من غيره فتلزمه زوجها ، فتلك التي لا يكلمها الله ولا ينظر إليها يوم القيامة ولا يزكيها ولها عذاب اليم.

٢٠٤ ـ في مجمع البيان وفي تفسير الكلبي عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول من حلف على يمين كاذبة ليقطع بها مال أخيه المسلم لقى الله وهو عليه غضبان وتلا هذه الاية.

__________________

(١) المقل : الذي قلت جدته اى ماله وافتقر والمختال المتكبر.

٣٥٦

٢٠٥ ـ في كتاب الخصال عن أبى بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. الناتف شيبة ، والناكح نفسه ، والمنكوح في دبره.

٢٠٦ ـ عن الحسن بن على عليهما‌السلام قال الناس أربعة فمنهم من له خلق ولا خلاق له ، ومنهم من له خلاق ولا خلق له ، ومنهم من لا خلق ولا خلاق له ، وذلك من شر الناس ، ومنهم من له خلق وخلاق فذلك خير الناس.

٢٠٧ ـ عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة قال قال رسول الله (ص) ثلثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم رجل بايع إماما لا يبايعه الا للدنيا ان أعطاه منها ما يريد وفي له والا لم يف ، ورجل بايع رجلا بسلعته بعد العصر فحلف بالله لقد أعطى بها كذا وكذا ، فصدقه فأخذها ولم يعط فيها ما قال ، ورجل على فضل ماء بالفلاة (١) يمنعه ابن السبيل.

٢٠٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله : (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ) قال : كان اليهود يقرؤن شيئا ليس في التوراة ويقولون ، هو في التوراة فكذبهم الله.

٢٠٩ ـ في عيون الاخبار في باب ما جاء عن الرضا عليه‌السلام في وجه دلائل الائمة عليهم‌السلام والرد على الغلاة والمفوضة لعنهم الله حديث طويل وفيه فقال المأمون : يا أبا الحسن بلغني ان قوما يغلون فيكم ويتجاوزون فيكم الحد؟ فقال الرضا عليه‌السلام : حدثني أبى موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن على ، عن أبيه على بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن على ، عن أبيه على بن أبى طالب عليهم‌السلام قال قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ترفعوني فوق حقي ، فان الله تعالى اتخذني عبدا قبل أن يتخذني نبيا ، قال الله تعالى (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ

__________________

(١) الفلاة : المفازة لا ماء فيها.

٣٥٧

تَدْرُسُونَ وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وقال على عليه‌السلام يهلك في اثنان ولا ذنب لي محب مفرط ومبغض مفرط ، وانا لنبرأ الى الله تعالى ممن يغلو فينا فرفعنا فوق حدنا ، كبراءة عيسى بن مريم عليه‌السلام من النصارى.

٢١٠ ـ في تفسير على بن إبراهيم قوله (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) قال كان قوم يعبدون الملئكة ، وقوم من النصارى زعموا ان عيسى رب ، واليهود قالوا عزير ابن الله فقال الله (لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً).

٢١١ ـ حدثني أبى عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن ابن سنان قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام أول من سبق الى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن قال ثم أخذ بعد ذلك ميثاق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الأنبياء له بالأمان على أن ينصروا أمير المؤمنين ، فقال : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ) يعنى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعنى أمير المؤمنين صلوات الله عليه تخبروا أممكم بخبره وخبر وليه من الائمة.

٢١٢ ـ في تفسير العياشي عن حبيب السجستاني قال سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) فكيف يؤمن موسى بعيسى وينصره ولم يدركه؟ وكيف يؤمن عيسى بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينصره ولم يدركه؟ فقال يا حبيب ان القرآن قد طرح منه آي كثيرة ، ولم يزد فيه إلا حروف أخطأت بها الكتبة ، وتوهمتها الرجال وهذا وهم فاقرأها : «وإذ أخذ الله ميثاق أمم النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه» هكذا أنزلها الله يا حبيب ، فوالله ما وفت امة من الأمم التي كانت قبل موسى بما اخذه الله عليها من الميثاق لكل نبي بعثه الله بعد نبيها وذكر عليه‌السلام كلاما طويلا في تكذيب الأمم انبيائها تركناه خوف الاطالة ،

٢١٣ ـ عن فيض بن ابى شيبة قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : وتلا هذه الاية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) الى آخر الاية قال

٣٥٨

لتؤمنن برسول الله ولتنصرن أمير المؤمنين ، قلت : ولتنصرن أمير المؤمنين؟ قال : نعم من آدم فهلم جرا ، ولا يبعث الله نبيا ولا رسولا الا رد الى الدنيا حتى يقاتل بين يدي أمير المؤمنين.

٢١٤ ـ عن سلام بن المستنير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : قال لقد تسموا باسم ما سمى الله به أحدا الا على بن أبي طالب. وما جاء تأويله ، قلت جعلت فداك متى يجيء تأويله؟ قال إذا جاءت جمع الله إمامة النبيين والمؤمنين حتى ينصروه ، وهو قول الله (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ) الى قوله (وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) فيومئذ يدفع راية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اللواء الى على بن أبي طالب عليه‌السلام فيكون أمير الخلايق كلهم أجمعين ، يكون الخلايق كلهم تحت لوائه ، ويكون هو أميرهم فهذا تأويله.

٢١٥ ـ في مجمع البيان وروى عن على عليه‌السلام ان الله تعالى أخذ الميثاق على الأنبياء قبل نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان يخبروا أممهم بمبعثه ونعته ، ويبشرونهم به ، ويأمروهم بتصديقه.

٢١٦ ـ وقال الصادق عليه‌السلام تقديره وإذ أخذ الله ميثاق أمم النبيين بتصديق نبيها والعمل بما جاءهم به وانهم خالفوهم فيما بعد.

٢١٧ ـ وقد روى عن على عليه‌السلام انه قال : لم يبعث الله نبيا آدم ومن بعده الا أخذ عليه العهد لئن بعث الله محمدا وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه وامره ان يأخذ العهد بذلك على قومه.

٢١٨ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن ابى عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ما بعث الله نبيا من لدن آدم فهلم جرا الا ويرجع الى الدنيا وينصر أمير المؤمنين ، وهو قوله (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ) يعنى برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، (وَلَتَنْصُرُنَّهُ) يعنى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ثم قال لهم في. (أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) اى عهدي (قالُوا أَقْرَرْنا) قال الله للملائكة (فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).

٣٥٩

٢١٩ ـ في تفسير على بن إبراهيم ثم قال عزوجل ، (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) قال : أغير هذا الدين قلت لكم ان تقروا بمحمد ووصيه.

٢٢٠ ـ في كتاب التوحيد ابى (ره) قال : حدثنا سعد بن عبد الله عن إبراهيم بن هاشم ويعقوب بن يزيد جميعا عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سمعته وهو يقول في قوله عزوجل (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) قال هو توحيدهم لله عزوجل.

٢٢١ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن جعفر عن السياري عن محمد بن بكر عن أبى الجارود عن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انه قام اليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين؟ ان دابتي استصعبت على وأنا منها على وجل ، فقال : اقرأ في اذنها اليمنى ، (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) فقرأها فذلت له دابته ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٢٢ ـ في الكافي أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن ابن رئاب عن أبى عبيدة عن أحدهما عليه‌السلام قال : أيما دابة استصعبت على صاحبها من لجام ونفار ، فليقرأ في اذنها أو عليها (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ).

٢٢٣ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده الى الصادق عليه‌السلام ، انه قال له أشجع السلمي انى كثير الاسفار ، واحصل في المواضع المفزعة ، فعلمني ما آمن به على نفسي ، فقال : فاذا خفت أمرا فاترك بيمينك على أم رأسك ، واقرأ برفيع صوتك : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) قال أشجع : فحصلت في واد تعبث فيه الجن ، فسمعت قائلا يقول : خذوه ، فقراتها فقال قائل ، كيف نأخذه وقد احتجب بآية طيبة؟

٢٢٤ ـ في من لا يحضره الفقيه في وصية النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعلى عليه‌السلام : يا على من استصعب عليه دابته فليقرأ في اذنها الأيمن (١) : («وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ

__________________

(١) وفي المصدر (المطبوع بالغري ج ٤ : ٢٦٨» «اذنها اليمنى» وهو الظاهر.

٣٦٠