تفسير نور الثقلين - ج ١

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي

تفسير نور الثقلين - ج ١

المؤلف:

الشيخ عبد علي بن جمعة العروسي الحويزي


المحقق: السيد هاشم الرسولي المحلاتي
الموضوع : القرآن وعلومه
الطبعة: ٢
الصفحات: ٨٠٤

تبعا (١) فغزاهم فتحصنوا منه ، فحاصرهم وكانوا يرقون لضعفاء أصحاب تبع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير ، فبلغ ذلك تبع ، فرق لهم وآمنهم. فنزلوا اليه فقال لهم : انى قد استطبت بلادكم ولا أرانى الا مقيما فيكم ، فقالوا له : انه ليس ذلك لك ، انها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك ، فقال لهم : فانى مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره ، فخلف حيين الأوس والخزرج ، فلما كثروا بها كانوا يتناولون اموال اليهود ، وكانت اليهود تقول لهم : اما لو قد بعث محمد لنخرجنكم (٢) من ديارنا وأموالنا ، فلما بعث الله محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود ، وهو قول الله عزوجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).

٢٨٠ ـ على بن إبراهيم عن أبيه عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار قال سالت أبا عبد الله عليه‌السلام في قول الله عزوجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) قال : كان قوم فيما بين محمد وعيسى صلوات الله عليهما ، وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقولون ليخرجن نبي فليكسرن أصنامكم وليفعلن بكم وليفعلن ، فلما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفروا به.

٢٨١ ـ في تفسير العياشي عن جابر قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن هذه الاية من قول الله ، (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ) قال ، تفسيرها في الباطن لما جاءهم ما عرفوا في على كفروا به ، فقال الله فيه يعنى بنى امية هم الكافرون في باطن القرآن.

٢٨٢ ـ قال ابو جعفر عليه‌السلام نزلت هذه الاية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا ، «بئسما اشتروا به أنفسهم ان يكفروا بما انزل الله في على بغيا» وقال الله في على ، (أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) يعنى عليا قال الله ،» (فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ) يعنى بنى امية «وللكافرين» يعنى بنى امية عذاب اليم.

__________________

(١) تبع : اسم كل ملك من ملوك حمير.

(٢) كذا في النسخة الأصل وفي المصدر وبعض النسخ «ليخرجنكم» بالياء.

١٠١

٢٨٣ ـ وقال جابر قال ابو جعفر عليه‌السلام ، نزلت هذه الاية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا والله ، «وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ في على» يعنى بنى امية (قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا) يعنى في قلوبهم بما انزل الله عليه (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) بما انزل الله في على (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ) يعنى عليا.

٢٨٤ ـ عن ابن ابى عمرو الزبيري عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال ، قال الله في كتابه يحكى قول اليهود ، (إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ) الاية وقال (فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِياءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) وانما نزل هذا في قوم من اليهود وكانوا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يقتلوا الأنبياء بأيديهم ، ولا كانوا في زمانهم ، وانما قتل أوائلهم الذين كانوا من قبلهم ، فجعلهم الله منهم وأضاف إليهم فعل أوائلهم بما تبعوهم وتولوهم.

٢٨٥ ـ عن ابى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام في قول الله ، و (أُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ) قال : فعمد موسى فبرد العجل (١) من أنفه الى طرف ذنبه ، ثم أحرقه بالنار فذره في اليم قال : وكان أحدهم ليقع في الماء وما به اليه من حاجته ، فيتعرض لذلك الرماد فيشربه ، وهو قول الله : (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ). قال مؤلف هذا الكتاب : وهذا الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٨٦ ـ في أصول الكافي باسناده عن منخل عن جابر عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : نزل جبرئيل عليه‌السلام بهذه الآية على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ) في على بغيا. قال عز من قائل : (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).

٢٨٧ ـ في كتاب الخصال عن أبى عبد الله عليه‌السلام قال : سمعت أبى يحدث عن أبيه عليه‌السلام ان رجلا قام الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : يا أمير المؤمنين بما عرفت ربك؟

قال : بفسخ العزائم «الى أن قال» فبما ذا أحببت لقاءه؟ قال : لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه علمت بان الذي أكرمنى بهذا ليس ينساني فأحببت لقاءه ،

__________________

(١) البرد : القطع بالمبرد وهو السوهان.

١٠٢

٢٨٨ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما‌السلام قال : أتى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل فقال له ما لي لا أحب الموت؟ فقال له : ألك مال؟ قال نعم ، قال فقدمته ، قال : لا قال فمن ثم لا تحب الموت.

٢٨٩ ـ في مجمع البيان قال أمير المؤمنين عليه‌السلام وهو يطوف بين الصفين بصفين في غلالة (١) لما قال له الحسن ابنه عليه‌السلام : ما هذا زي الحرب ، فقال : يا بنى ان أباك لا يبالي وقع على الموت أو وقع الموت عليه ، واما ما روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به ، ولكن ليقل اللهم أحيني ما دامت الحيوة خيرا لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي ، فانما نهى تمنى الموت لأنه يدل على الجزع ، والمأمور به الصبر وتفويض الأمور اليه ، ولأنا لا نأمن وقوع التقصير فيما أمرنا به ، ونرجو في البقاء التلافي.

٢٩٠ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وقال ابو محمد عليه‌السلام : قال جابر بن عبد الله سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله بن صور يا غلام أعور يهودي تزعم اليهود انه اعلم بكتاب الله وعلوم أنبيائه عن مسائل كثيرة تعنته فيها (٢) فأجابه عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما لم يجد الى انكار شيء منه سبيلا فقال له : يا محمد من يأتيك بهذه الاخبار عن رسول الله تعالى؟ قال : جبرئيل ، فقال : لو كان غيره يأتيك بها لامنت بك ، ولكن جبرئيل عدونا من بين الملئكة ، فلو كان ميكائيل أو غيره سوى جبرئيل يأتيك بها لامنت بك ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولم اتخذتم جبرئيل عدوا؟ قال : لأنه ينزل بالبلاء أو لشدة على بنى إسرائيل ، ودفع دانيال عن قتل بخت نصر حتى قوى امره وأهلك بنى إسرائيل وكذلك كل بأس وشدة لا ينزلها الا جبرئيل ، وميكائيل يأتينا بالرحمة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحك أجهلت امر الله وما ذنب جبرئيل ان أطاع الله فيما يريده بكم ، أرأيتم ملك الموت أهو عدوكم وقد وكله الله تعالى بقبض أرواح الخلق أرأيتم الآباء والأمهات إذا وجروا (٣) الأولاد

__________________

(١) الغلالة ـ بالكسر ـ شعار يلبس تحت الثوب الدرع.

(٢) تعنته : طلب زلته ومشقته.

(٣) «وجرة وجرا : جعل الوجور في فيه» الوجور : الدواء يوجر اى يصيب في الفم.

١٠٣

الدواء الكريه لمصالحتهم يجب ان يتخذهم أولادهم أعداء من أجل ذلك؟ لا ولكنكم بالله جاهلون ، وعن حكمته غافلون ، اشهد ان جبرئيل وميكائيل بأمر الله عاملان ، وله مطيعان وانه لا يعادى أحدهما الا من عادى الاخر ؛ وانه من زعم انه يحب أحدهما ويبغض الاخر فقد كذب ، وكذلك محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى اخوان كما ان جبرئيل وميكائيل اخوان ، فمن أحبهما فهو من أولياء الله ومن أبغضهما فهو من أعداء الله ، ومن أبغض أحدهما وزعم انه يحب الاخر فقد كذب وهما منه بريئان ، والله تعالى وملائكته وخيار خلقه منه برآء.

٢٩١ ـ وقال أبو محمد عليه‌السلام كان سبب نزول قوله تعالى (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) الآيتين ما كان من اليهود أعداء الله من قول سيئ في جبرئيل وميكائيل ، ومن كان من أعداء الله النصاب من قول أسوء منه في الله وفي جبرئيل وميكائيل وساير ملئكة الله اما ما كان من النصاب فهو ان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما كان لا يزال يقول في على عليه‌السلام الفضائل التي خصه الله عزوجل بها ، والشرف الذي اهله الله تعالى له ، وكان في كل ذلك يقول : أخبرني به جبرئيل عن الله ، ويقول في بعض ذلك جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، يفتخر جبرئيل على ميكائيل ، في انه عن يمين على عليه‌السلام الذي هو أفضل من اليسار ، كما يفتخر نديم ملك عظيم في الدنيا يجلسه الملك عن يمينه على النديم الاخر الذي يجلسه عن يساره ، ويفتخران على إسرافيل الذي خلقه بالخدمة ، وملك الموت الذي امامه بالخدمة. وان اليمين والشمال أشرف من ذلك كافتخار حاشية الملك على زيادة قرب محلهم من ملكهم وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول في بعض أحاديثه : ان الملئكة أشرفها عند الله أشدها لعلى بن ابى طالب عليه‌السلام حبا وانه قسم الملئكة فيما بينها والذي شرف عليا عليه‌السلام على جميع الورى بعد محمد المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول مرة : ان ملئكة السموات والحجب ليشتاقون الى رؤية على بن ابى طالب عليه‌السلام كما تشتاق الوالدة الشفيقة الى ولدها البار الشفيق ، آخر من بقي عليها بعد عشرة دفنهم ، فكان هؤلاء النصاب يقولون : الى متى يقول محمد جبرئيل وميكائيل والملئكة كل ذلك تفخيم لعلى بن أبي طالب وشأنه ويقول الله تعالى لعلى خاص من ساير الخلق برئنا من رب ومن ملئكة ومن جبرئيل وميكائيل هم لعلى

١٠٤

بعد محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مفضلون ، وبريئا من رسل الله الذين هم لعلى بعد محمد مفضلون واما ما قاله اليهود فهو ان اليهود أعداء الله لما قدم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الى المدينة أتوه بعبد الله ابن صوريا فسأله عن أشياء فأجابه الى أن قال : بقيت خصلة ان قلتها آمنت بك واتبعتك ، اى ملك يأتيك بما تقوله عن الله؟ قال : جبرئيل ، قال ابن صوريا : ذلك عدونا من بين الملئكة ينزل بالقتل والشدة والحرب ورسولنا ميكائيل يأتى بالسرور والرخاء ، فلو كان ميكائيل هو الذي يأتيك آمنا بك لان ميكائيل كان يشيد ملكنا ، وجبرئيل كان يهلك ملكنا ، فهو عدونا لذلك فقال سلمان الفارسي رضى الله عنه : فما بدو عداوته لكم؟ قال : نعم يا سلمان عادانا مرارا كثيرة ، وكان من أشد ذلك علينا ان الله انزل على أنبيائه ان بيت المقدس يخرب على يد رجل يقال له بخت نصر وفي زمانه ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، والله يحدث الأمر بعد الأمر فيمحو ما يشاء ويثبت فلما بلغنا ذلك الحين الذي يكون فيه هلاك بيت المقدس بعث اوائلنا رجلا من أقوياء بنى إسرائيل وأفاضلهم ، نبيا كان يعد من أنبيائهم يقال له دانيال في طلب بخت نصر ليقتله ، فحمل معه وقر مال لينفقه في ذلك ، فلما انطلق في طلبه لقيه ببابل غلاما ضعيفا مسكينا ليس له قوة ولا منعة فأخذه صاحبنا ليقتله فدفع عنه جبرئيل وقال لصاحبنا : ان كان ربكم هو الذي أمر بهلاككم فانه لا يسلطك عليه. وان لم يكن هذا فعلى أى شيء تقتله فصدقه صاحبنا وتركه ورجع إلينا ، فأخبرنا بذلك وقوى بخت نصر وملك وغزانا وخرب بيت المقدس فلهذا نتخذه عدوا وميكائيل عدو لجبرئيل ، فقال سلمان يا بن صوريا فبهذا العقل المسلوك به غير سبيله ضللتم أرأيتم أوائلكم كيف بعثوا من يقتل بخت نصر ، وقد أخبر الله تعالى في كتبه على السنة رسله انه يملك ويخرب بيت المقدس أرادوا بذلك تكذيب أنبياء الله في أخبارهم أو اتهموهم في أخبارهم أو صدوهم في الخبر عن الله ومع ذلك أرادوا مغالبة لله هل كان هؤلاء ومن وجهوه إلا كفارا بالله ، واى عداوة تجوز ان تعتقد لجبرئيل وهو يصد به عن مغالبة الله عزوجل ، وينهى عن تكذيب خبر الله تعالى فقال ابن صوريا : قد كان الله أخبر بذلك على السن أنبيائه ، ولكنه يمحو ما يشاء ويثبت قال سلمان : فاذا لا تتيقنوا بشيء مما في التوراة من الاخبار عما مضى وعما يستأنف ، فان الله يمحو ما يشاء ويثبت ، وإذا لعل الله قد كان عزل موسى وهارون عن النبوة وأبطلا في

١٠٥

دعواهما ، لان الله يمحو ما يشاء ويثبت ، ولعل كل ما أخبراكم انه يكون لا يكون وما أخبراكم انه لا يكون يكون ، وكذلك ما أخبراكم عما كان لعله لم يكن وما أخبراكم انه لم يكن لعله كان ولعل ما وعده من الثواب يمحوه ولعل ما توعد به من العقاب يمحوه فانه يمحو ما يشاء ويثبت انكم جهلتم معنى يمحو الله ما يشاء ويثبت فلذلك أنتم بالله كافرون ولاخباره عن الغيوب مكذبون ، وعن دين الله منسلخون ثم قال سلمان : فانى اشهد ان من كان عدوا لجبرئيل فانه عدو لميكائيل وانهما جميعا عدوان لمن عاداهما ، سلمان لمن سالمهما ، فانزل لله تعالى عند ذلك موافقا لقول سلمان (ره) (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ) في مظاهرته لأولياء الله على أعداء الله ونزوله بفضائل على ولى الله من عند الله «فانه نزله» فان جبرئيل نزل هذا القرآن (عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ) بامره مصدقا لما بين يديه من ساير كتب الله وهدى من الضلالة وبشرى للمؤمنين بنبوة محمد وولاية على ومن بعدهما من الائمة بأنهم أولياء الله حقا إذا ماتوا على موالاتهم لمحمد وعلى آلهما الطيبين. والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩٢ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى انس بن مالك عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حديث طويل قال فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعبد الله بن سلام وقد سأله عن مسائل؟ أخبرني بهن جبرئيل عليه‌السلام آنفا قال : هل أخبرك جبرئيل قال نعم ، قال : ذلك عدو اليهود من الملائكة ، قال : ثم قرأ هذه الاية (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ).

٢٩٣ ـ في روضة الكافي في رسالة ابى جعفر عليه‌السلام الى سعد الخير وكل امة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولاهم عدوهم حين تولوه وكان من نبذهم الكتاب ان أقاموا حروفه وحرفوا حدوده. فهم يروونه ولا يرعونه والجهال يعجبهم حفظهم للرواية والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية وكان من نبذهم الكتاب ان ولوه الذين لا يعلمون فأوردوهم الهوى وأصدروهم الى الردى وغيروا عرى الدين «الى ان قال عليه‌السلام :» ثم اعرف أشباههم من هذه الامة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده ، فهم مع السادة والكبرة فاذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دينا وذلك مبلغهم عن العلم لا يزالون كذلك في طبع وطمع ولا يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير. والحديث

١٠٦

ـ طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٢٩٤ ـ في عيون الاخبار حدثنا محمد بن القاسم المفسر المعروف بابى الحسن الجرجاني رضى الله عنه قال : حدثنا يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن سيار عن أبويهما عن الحسن ابن على عن أبيه على بن محمد عن أبيه محمد بن على عن أبيه الرضا على بن موسى عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه الصادق جعفر بن محمد عليهم‌السلام في قول الله تعالى (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) قال اتبعوا ما تتلو كفرة الشياطين من السحر والنيرنجات على ملك سليمان الذين يزعمون ان سليمان به ملك ونحن أيضا به نظهر العجايب حتى ينقاد لنا الناس وقالوا : كان سليمان كافرا ساحرا ماهرا بسحره ملك ما ملك ، وقدر على ما قدر ، فرد الله عزوجل عليهم ، فقال : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) ولا استعمل السحر كما قال هؤلاء الكافرون (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) الذي نسبوه الى سليمان والى (ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) وكان بعد نوح عليه‌السلام قد كثر السحرة والمموهون فبعث الله تعالى ملكين الى نبي ذلك الزمان بذكر ما يسحر به السحرة ، وذكر ما يبطل به سحرهم ، ويرد به كيدهم ، فتلقاه النبي عن الملكين واداه الى عباد الله بأمر الله عزوجل وأمرهم ان يقفوا به على السحرة ، وأن يبطلوه ، ونهاهم ان يسحروا به الناس ، وهذا كما يدل على السم ما هو وعلى ما يدفع به غايلة السم ، ثم قال عزوجل : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) يعنى ان ذلك النبي عليه‌السلام امر الملكين ان يظهرا للناس بصورة بشرين ويعلما هم ما علمهم الله من ذلك ، فقال الله عزوجل : (وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ) ذلك السحر وإبطاله «حتى يقولا» للمتعلم (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) وامتحان للبلاء ليطيعوا الله فيما يتعلمون من هذا ويبطلوا به كيد السحرة ، ولا يسحروهم «فلا تكفر» باستعمال هذا السحر وطلب الإضرار به ، ودعا الناس الى أن يعتقدوا انك به تحيى وتميت وتفعل ما لا يقدر عليه الا الله عزوجل ، فان ذلك كفر قال الله تعالى فيتعلمون يعنى طالبي السحر منهما يعنى مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات وما أنزل الى الملكين ببابل هاروت وماروت ، يتعلمون من هذين الصنفين (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ) هذا من يتعلم للإضرار بالناس يتعلمون التضريب بضروب

١٠٧

الحيل والتمائم والإيهام وانه قد دفن في موضع كذا وكذا وعمل كذا لتحبب المرأة الى الرجل والرجل الى المرأة أو يؤدى الى الفراق بينهما ثم قال عزوجل (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) اى ما المتعلمون لذلك (بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، يعنى بتخلية الله وعلمه وانه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر ثم قال : (وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) لأنهم إذا تعلموا ذلك السحر ليسحروا به ويضروا فقد تعلموا ما يضرهم في دينهم ولا ينفعهم فيه بل ينسلخون عن دين الله بذلك ولقد علم هؤلاء المتعلمون لمن اشتراه بدينه الذي ينسلخ عنه بتعلمه ما له في الاخرة من خلاق اى من نصيب في ثواب الجنة ثم قال تعالى : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) ورهنوها بالعذاب (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) انهم قد باعوا الاخرة وتركوا نصيبهم من الجنة لان المتعلمين لهذا السحر الذين يعتقدون ان لا رسول ولا اله ولا بعث ولا نشور ، فقال : («وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) لأنهم يعتقدون انها إذا لم يكن آخرة فلا خلاق لهم في دار بعد الدنيا وان كانت بعد الدنيا آخرة فهم مع كفرهم بها لا خلاق لهم فيها ، ثم قال : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ) إذ باعوا الاخرة بالدنيا ، ورهنوا بالعذاب الدائم أنفسهم لو كانوا يعلمون انهم قد باعوا أنفسهم بالعذاب ، ولكن لا يعلمون ذلك لكفرهم به ، فلما تركوا النظر في حجج الله حتى تعلموا عذبهم على اعتقادهم الباطل ، وجحدهم الحق.

قال يوسف بن محمد بن زياد وعلى بن محمد بن ساير عن أبويهما انهما قالا. فقلنا للحسن أبى القاسم عليه‌السلام فان قوما عندنا يزعمون ان هاروت وماروت ملكان اختارتهما الملئكة لما كثر عصيان بنى آدم ، وانزلهما مع ثالث لهما الى الدنيا ، وانهما افتتنا بالزهرة وأراد الزنا بها وشربا الخمر وقتلا النفس المحرمة ، وان الله عزوجل يعذبهما ببابل وان السحرة منهما يتعلمون السحر وان الله تعالى مسخ تلك المرأة هذا الكوكب الذي هو الزهرة ، فقال الامام عليه‌السلام : معاذ الله من ذلك ان الملئكة معصومون محفوظون من الكفر والقبايح بألطاف الله تعالى ، قال الله تعالى فيهم : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) وقال عزوجل ، (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ) يعنى من الملائكة (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) وقال الله تعالى في الملئكة أيضا. (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ

١٠٨

بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) ثم قال عليه‌السلام ، لو كان كما يقولون كان الله قد جعل هؤلاء الملئكة خلفاؤه على الأرض ، وكانوا كالأنبياء في الدنيا وكالائمة أفيكون من الأنبياء والائمة عليهم‌السلام قتل النفس والزنا؟ ثم قال عليه‌السلام : أو لست تعلم ان الله تعالى لم تخل الدنيا قط من نبي أو امام من البشر ، أو ليس الله يقول : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) يعنى الى الخلق الا رجالا نوحى إليهم من أهل القرى ، فأخبر أنه لم يبعث الملئكة الى الأرض. ليكونوا أئمة وحكاما ، وانما أرسلوا الى أنبياء الله ، قالا ، فقلنا له ؛ فعلى هذا لم يكن إبليس أيضا ملكا؟ فقال لا : بل كان من الجن أما تسمعان الله عزوجل يقول : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ) فأخبر الله عزوجل انه كان من الجن ، وهو الذي قال الله تبارك وتعالى ؛ (وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ).

٢٩٥ ـ قال الامام الحسن بن على عليه‌السلام حدثني أبى عن جدي عن الرضا عن آبائه عن على عليهم‌السلام قال. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان الله عزوجل اختارنا معاشر آل محمد واختار النبيين واختار الملئكة المقربين وما اختارهم الا على علم منه بهم انهم لا يوافقون ما يخرجون به عن ولايته. ومنقطعون به عن عصمته ، وينتهون به الى المستحقين لعذابه ونقمته ، قالا. فقلنا له : فقد روى لنا ان عليا عليه‌السلام لما نص عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالامامة عرض الله تعالى ولايته في السموات على فيام وفيام (١) من الملئكة فأبوها ، فمسخهم الله ضفادع فقال عليه‌السلام : معاذ الله هؤلاء المكذبون لنا المغترون (ظ المفترون) علينا الملئكة هم رسل الله فهم كسائر أنبيائه ورسله الى الخلق أفيكون منهم الكفر بالله ، قلت : لا ، قال : فكذلك الملئكة ان شأن الملئكة لعظيم ، وان خطبهم لجليل.

٢٩٦ ـ حدثنا تميم بن عبد الله بن تميم القرشي رضى الله عنه قال : حدثني أبى عن احمد بن على الأنصاري عن على بن محمد بن الهم قال : سمعت المأمون يسأل

__________________

(١) الفيام : الجماعة من الناس.

١٠٩

الرضا عليه‌السلام عما يرويه الناس من أمر الزهرة وانها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت ، وما يروونه من أمر سهيل. وانه كان عشارا باليمن ، فقال الرضا عليه‌السلام كذبوا في قلوبهم انهما كوكبان ، وانما كانتا دابتين من دواب البحر فغلط الناس وظنوا انهما كوكبان ، وما كان الله تعالى ليمسخ أعدائه أنوارا مضيئة ، ثم يبقيهما ما بقيت السموات والأرض ، وان المسوخ لم تبق أكثر من ثلثة أيام حتى ماتت ، وما يتناسل منها شيء ، وما على وجه الأرض اليوم مسخ وان التي وقع عليها المسوخية مثل القرد والخنازير والدب وأشباهها انما هي مثل ما مسخ الله تعالى على صورها قوما غضب الله عليهم ولعنهم بانكارهم توحيد الله وتكذيبهم رسل الله وأما هاروت وماروت فكانا ملكين علما الناس ليتحرزوا به من سحر السحرة ويبطلوا به كيدهم وما علما أحدا من ذلك شيئا الا قالا له : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ) فكفر قوم باستعمالهم لما أمروا بالاحتراز منه ، وجعلوا يفرقون بما يعلمون بين المرء وزوجه قال الله تعالى : (وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) يعنى بعلمه.

٢٩٧ ـ عن الرضا عليه‌السلام حديث طويل في تعداد الكبائر وبيانها من كتاب الله وفيه يقول الصادق عليه‌السلام : والسحر لأنه تعالى يقول : «وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الاخرة من خلاق».

٢٩٨ ـ في كتاب الخصال عن ابى عبد الله عليه‌السلام عن أبيه عن جده عليهم‌السلام قال ان المسوخ من بنى آدم ثلثة عشر الى ان قال : واما الزهرة فكانت امرأة فتنت هاروت وماروت فمسخها الله كوكبا.

٢٩٩ ـ عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن على بن ابى طالب عليه‌السلام قال سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن المسوخ؟ فقال : هي ثلثة عشر الى ان قال : واما الزهرة فكانت امرأة نصرانية وكانت لبعض ملوك بنى إسرائيل وهي التي فتن بها هاروت وماروت ، وكان اسمها ناهيد.

٣٠٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى محمد بن الحسن بن علان عن ابى الحسن عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : ومسخت الزهرة لأنها كانت امرأة فتن بها هاروت وماروت.

١١٠

٣٠١ ـ وباسناده الى على بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عن جعفر بن محمد عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام : واما الزهرة فانها كانت امرأة تسمى ناهيد وهي التي تقول الناس انه افتتن بها هاروت وماروت.

٣٠٢ ـ وباسناده الى على بن جعفر عن مغيرة عن أبى عبد الله عن أبيه عن جده عليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام ، واما الزهرة فكانت امرأة فتنت هاروت وماروت ، فمسخها الله عزوجل زهرة.

٣٠٣ ـ في تفسير على بن إبراهيم حدثني ابى عن ابن أبى عمير عن أبان بن عثمان عن أبى بصير عن أبى جعفر عليه‌السلام قال : ان سليمان بن داود عليه‌السلام أمر الجن فبنوا له بيتا من قوارير قال : فبينما هو متك على عصاه ينظر الى الشياطين كيف يعملون وينظرون اليه إذ حانت (١) منه التفاته فاذا هو برجل معه في القبة ففزع منه ، وقال من أنت؟ فقال : انا ، الذي لا أقبل الرشاء ، ولا أهاب الملوك ، انا ملك الموت فقبضه وهو متك على عصاه ، فمكثوا سنة يبنون وينظرون اليه ، ويدأبون له (٢) ويعملون حتى بعث الله الارضة ، فأكلت منسأته وهي العصا ، فلما خر تبينت الانس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا سنة في العذاب المهين فالجن تشكر الارضة بما عملت بعصا سليمان. فلا تكاد تراها في مكان الا وجد عندها ماء وطين ، فلما هلك سليمان وضع إبليس السحر وكتبه في كتاب ثم طواه وكتب على ظهره : هذا ما وضع آصف بن برخيا للملك سليمان ابن داود من زخائر كنوز العلم ، من أراد كذا وكذا فليفعل كذا وكذا ، ثم دفنه تحت سريره ثم استشاره (٣) لهم فقرأه فقال الكافرون ما كان سليمان يغلبنا الا بهذا. وقال المؤمنون : بل هو عبد الله ونبيه فقال الله جل ذكره (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ) الاية

__________________

(١) حافت اى قربت.

(٢) دأب في العمل : جد وتعب واستمر عليه.

(٣) كذا في النسخ والصحيح كما في تفسير البرهان : «ثم استثاره لهم» بالثاء ـ اى أظهره لهم :

١١١

٣٠٤ ـ حدثني أبى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن محمد بن قيس عن ابى جعفر عليه‌السلام قال : سأله عطا ونحن بمكة عن هاروت وماروت؟ فقال ابو جعفر ان الملئكة كانوا ينزلون من السماء الى الأرض في كل يوم وليلة يحفظون اعمال أوساط أهل الأرض من ولد آدم والجن ، فيكتبون أعمالهم ويعرجون بها الى السماء قال : فضج أهل السماء ، معاصي أهل أوساط الأرض فتوامروا فيما بينهم مما يسمعون ويرون من افترائهم الكذب على الله تبارك وتعالى ، وجرأتهم عليه ، ونزهوا الله مما يقول فيه خلقه ويصفون ، فقال طائفة من الملئكة : يا ربنا اما تغضب مما يعمل خلقك في أرضك ، ومما يصفون فيك الكذب ويقولون الزور ويرتكبون المعاصي وقد نهيتهم عنها؟ ثم أنت تحلم عنهم وهم في قبضتك وقدرتك وخلال عافيتك؟ قال ابو جعفر عليه‌السلام : فأحب الله ان يرى الملئكة القدرة ونفاذ امره في جميع خلقه ، ويعرف الملئكة ما من به عليهم مما عدله عنهم من صنع خلقه ، وما طبعهم عليه من الطاعة ، وعصمهم من الذنوب. قال : فأوحى الله الى الملئكة ان انتدبوا (١) منكم ملكين حتى أهبطهما الى الأرض ، ثم اجعل فيهما من طبائطبايع ع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلته في ولد آدم ، ثم اختبرهما في الطاعة لي ، قال : فندبوا لذلك هاروت وماروت وكانا من أشد الملئكة قولا في العيب لولد آدم واستيثار غضب الله عليهم ، قال : فأوحى الله إليهما ان أهبطا الى الأرض فقد جعلت فيكما من طبائطبايع ع المطعم والمشرب والشهوة والحرص والأمل مثل ما جعلت في ولد آدم قال : ثم أوحى الله إليهما انظرا أن لا تشركا بى شيئا ، ولا تقتلا النفس التي حرم الله ، ولا تزنيا ولا تشربا الخمر ، قال : ثم كشط (٢) عن السموات السبع ليريهما قدرته ، ثم أهبطهما. الى الأرض في صورة البشر ولباسهم : فهبطا ناحية بابل ، فرفع لهما بناء مشرف فأقبلا نحوه فاذا بحضرته امرأة جميلة حسناء متزينة عطرة مقبلة نحوهما ، قال : فلما نظرا إليها وناطقاها وتأملاها وقعت في قلوبهما موقعا شديدا موضع الشهوة التي جعلت فيهما ، فرجعا إليها رجوع فتنة وخذلان وراوداها عن نفسها ، فقالت

__________________

(١) انتدبه لأمر : دعاه له.

(٢) كشط الغطاء عن الشيء : نزعه وكشف عنه.

١١٢

لهما : ان لي دينا أدين به وليس أقدر في ديني على أن أجيبكما الى ما تريدان الا أن تدخلا في ديني الذي أدين به ، فقالا لها : وما دينك؟ قالت : لي اله من عبده وسجد له كان لي السبيل الى أن أجيبه الى كل ما سألنى ، فقالا لها : وما إلهك؟ قالت : الهى هذا الصنم قال : فنظر أحدهما الى صاحبه فقال : هاتان خصلتان مما نهينا عنها الشرك والزنا لأنا ان سجدنا لهذا الصنم عبدناه أشركنا بالله وانما نشرك بالله لنصل الى الزنا وهو ذا نحن نطلب الزنا فليس نحظا (١) الا بالشرك. قال فأتمرا (٢) بينهما فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما فقالا لها فانا نجيبك الى ما سألت فقالت : فدونكما فاشربا هذا الخمر فانه قربان لكما عنده وبه تصلان الى ما تريد ان فأتمرا بينهما فقالا هذه ثلث خصال مما نهانا عنها ربنا ، الشرك ، والزنا ، وشرب الخمر ، وانما ندخل في شرب الخمر والشرك حتى نصل الى الزنا فأتمرا بينهما فقالا ، ما أعظم بليتنا بك وقد أجبناك الى ما سألت ، قالت : فدونكما فاشربا من هذا الخمر واعبدا هذا الصنم واسجدا له ، فشربا الخمر وعبدا الصنم ، ثم راوداها عن نفسها فلما تهيأت لهما وتهيئا لها دخل عليهما سائل يسأل ، فلما ان رآهما ورأياه ذعرا منه (٣) فقال لهما : انكما لمريبان ذعران قد خلوتما بهذه المرئة العطرة الحسناء؟ أنكما لرجلا سوء وخرج عنهما فقالت لهما الا والهى لا تصلان الآن الى وقد اطلع هذا الرجل على حالكما وعرف مكانكما ، فيخرج الآن ويخبر بخبركما ولكن بادرا الى هذا الرجل فاقتلاه قبل أن يفضحكما ويفضحني ، ثم دونكما فاقضيا حاجتكما وأنتما مطمئنان آمنان ، قال : فقاما الى الرجل فأدركاه فقتلاه ، ثم رجعا إليها ، فلم يرياها وبدت لهما سوآتهما ، ونزع عنها رياشهما ، وأسقط في أيديهما ، فأوحى الله إليهما انما أهبطتكما الى الأرض مع خلقي ساعة من النهار فعصيتماني بأربع من معاصي ، كلها قد نهيتكما عنها. وتقدمت اليكما فيها فلم تراقباني ولم تستحيا منى ، وقد كنتما أشد من نقم على أهل الأرض بالمعاصي واستجراء أسفى وغضبى عليهم ، ولما جعلت فيكما من

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر «تحظينا» وفي نسخة البحار «فليس نعطى» وهو الظاهر وفي رواية العياشي في تفسيره «فليس نعطاه».

(٢) ائتمره في الأمر : شاوره.

(٣) ذعر ذعرا : خاف.

١١٣

طبع خلقي وعصمتي إياكما من المعاصي فكيف رأيتما موضع خذلاني فيكما. اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الاخرة ، فقال أحدهما لصاحبه نتمتع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها الى أن نصير الى عذاب الاخرة ، فقال الاخر : ان عذاب الدنيا له مدة وانقطاع وعذاب الاخرة قائم لا انقضاء له ، فلسنا نختار عذاب الاخرة الدائم الشديد على عذاب الدنيا المنقطع الفاني ، قال : فاختارا عذاب الدنيا وكانا يعلمان الناس السحر في أرض بابل ، ثم لما علما الناس السحر رفعا من الأرض الى الهواء فهما معذبان منكسان معلقان في الهواء الى يوم القيامة.

٣٠٥ ـ في روضة الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن على بن أسباط عن على بن أبى حمزة عن أبى بصير عن أبى عبد الله عليه‌السلام (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ) بولاية الشياطين على ملك سليمان.

٣٠٦ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أبى عبد الله عليه‌السلام حديث طويل وفيه قال السائل له : فمن أين علم الشياطين السحر؟ قال من حيث عرف الأطباء الطب بعضه تجربة وبعضه علاج : قال : فما تقول في الملكين هاروت وماروت؟ وما يقول الناس بأنهما يعلمان السحر؟ قال : انهما موضع ابتلاء وموقف فتنة بتشييحهما (١) اليوم لو كان فعل الإنسان كذا وكذا لكان كذا وكذا ولو يعالج بكذا وكذا لصار كذا أصناف السحر (٢) فيتعلمون منهما ما يخرج عنهما فيقولان لهم : (إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ) فلا تأخذوا عنا ما يضركم ولا ينفعكم قال : أفيقدر الساحر أن يجعل الإنسان بسحره في صورة الكلب أو الحمار أو غير ذلك؟ قال ، هو أعجز من ذلك وأضعف من ان يغير خلق الله ان من أبطل ما ركبه الله وصوره وغيره فهو شريك الله في خلقه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.

٣٠٧ ـ في أصول الكافي على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن ابى عمير عن جميل قال. كان الطائر يقول لي؟ إبليس ليس من الملئكة وانما أمرت الملئكة بالسجود لادم ، فقال

__________________

(١) شيحه : حذره وفي المصدر ونسخة البحار «بتسبيحهما» والظاهر هو المختار في المتن.

(٢) اى أن السحر على أصناف وقد ذكرها ابو عبد الله (ع) في صدر الحديث حيث قال (ع) ان السحر على وجوه شتى وجه منها بمنزلة الطب ... ونوع آخر خطفة وسرعة .. ونوع آخر ما يأخذ أولياء الشياطين عنهم .. اه.

١١٤

إبليس. لا اسجد فما لإبليس يعصى حين لم يسجد وليس هو من الملئكة؟ قال : فدخلت انا وهو على أبى عبد الله عليه‌السلام قال فأحسن والله في المسئلة فقال : جعلت فداك أرايت ما ندب الله (١) عزوجل اليه المؤمنين من قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) أدخل في ذلك المنافقون معهم؟ قال : نعم والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة معهم.

٣٠٨ ـ في روضة الكافي ابو على الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن على بن حديد عن جميل بن دراج قال : سأل الطيار أبا عبد الله عليه‌السلام وانا عنده فقال له : جعلت فداك أرأيت قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في غير مكان من مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذا المنافقون؟ قال ، نعم يدخل في هذا المنافقون والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة وقد تقدم هذان الحديثان.

قال عز من قائل (لا تَقُولُوا راعِنا).

٣٠٩ ـ في مجمع البيان وقال الباقر عليه‌السلام ، هذه الكلمة سب بالعبرانية ، اليه كانوا يذهبون.

قال عز من قائل (وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ).

٣١٠ ـ في مجمع البيان روى عن أمير المؤمنين وعن ابى جعفر الباقر عليهم‌السلام ان المراد برحمته هنا النبوة.

٣١١ ـ في أصول الكافي على بن محمد عن اسحق بن محمد عن شاهويه بن عبد الله الجلاب قال ، كتب الى أبو الحسن في كتاب أردت ان تسأل عن خلف بعد أبى جعفر وقلقت لذلك فلا تغتم فان الله عزوجل لا يضل (قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ) ، وصاحبكم بعدي ابو محمد إبني وعنده ما تحتاجون اليه يقدم ما يشاء الله ويؤخر ما يشاء ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها قد كتبت بما فيه بيان وقناع لذي عقل يقظان

٣١٢ ـ في تفسير العياشي عن عمر بن يزيد قال ، سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل ، (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) فقال ، كذبوا ما هكذا هي إذا كان [ينسى و] ينسخها [أ] ويأت بمثلها لم ينسخها ، قلت : هكذا قال الله قال : ليس هكذا

__________________

(١) ندبه الى الأمر : دعاه به.

١١٥

قال الله تبارك وتعالى قلت فكيف قال : قال ليس فيها الف ولا واو قال : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها) يقول ما نميت من امام أو ننسه ذكره نأت بخير منه من صلبه مثله.

٣١٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) حديث طويل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيه فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه : قولوا ، إياك نعبد واحدا لا نقول كما قالت الدهرية ان الأشياء لا بدؤ لها وهي دائمة ، ولا كما قال الثنوية الذين قالوا ان النور والظلمة هما المدبران ، ولا كما قال مشركو العرب ان أوثاننا آلهة ، فلا نشرك بك شيئا ولا ندعوا من دونك إلها كما يقول هؤلاء الكفار ، ولا نقول كما قالت اليهود والنصارى ان لك ولدا تعاليت عن ذلك علوا كبيرا ، قال : فذلك قوله ، (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) وقالت طائفة غيرهم من هؤلاء الكفار ما قالوا ، قال الله يا محمد تلك أمانيهم التي يمنونها بلا حجة قل هاتوا برهانكم وحجتكم على دعواكم ان كنتم صادقين كما أتى محمد ببراهينه التي سمعتموها ، ثم قال ، (بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ) يعنى كما فعل هؤلاء الذين آمنوا برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما سمعوا براهينه وحجته وهو محسن في عمله لله فله اجره ثوابه عند ربه يوم فصل القضاء (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) حين يخاف الكافرون بما يشاهدونه من العقاب ولا هم يحزنون عند الموت لان البشارة بالجنان يأتيهم.

٣١٤ ـ وفيه عن الصادق عليه‌السلام حديث طويل وفيه الجدال بالتي هي أحسن قد قرنه العلماء بالدين والجدال بغير التي هي أحسن محرم وحرمه الله على شيعتنا ، وكيف يحرم الجدال جملة وهو يقول ، (وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى) قال الله تعالى ، (تِلْكَ أَمانِيُّهُمْ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) فجعل علم الصدق والايمان بالبرهان ، وهل يؤتى بالبرهان الا في الجدال بالتي هي أحسن والتي ليست بأحسن

٣١٥ ـ في كتاب الخصال في احتجاج على عليه‌السلام على الناس يوم الشورى قال : نشدتكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما قال لي : أهل ولايتك يخرجون يوم القيامة من قبورهم على نوق بيض شراك نعالهم نور يتلألأ ، قد سهلت عليهم الموارد وفرجت عنهم الشدائد ، وأعطوا الامان ، وانقطعت عنهم الأحزان حتى ينطلق بهم الى ظل عرش الرحمن ، توضع بين أيديهم مائدة يأكلون منها حتى يفرغ من الحساب ، يخاف

١١٦

الناس ولا يخافون ، ويحزن الناس ولا يحزنون غيري؟ قالوا اللهم لا :

قال عز من قائل (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللهِ) «الاية»

٣١٦ ـ في مجمع البيان روى عن أبى عبد الله عليه‌السلام انهم قريش حين منعوا رسول الله دخول مكة والمسجد الحرام.

٣١٧ ـ وروى عن زيد بن على عن آبائه عن على عليه‌السلام انه أراد جميع الأرض لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا.

٣١٨ ـ في كتاب الخصال في سؤال بعض اليهود عليا عليه‌السلام عن الواحد الى المائة قال له اليهودي فأين وجه ربك؟ فقال على بن أبى طالب عليه‌السلام : يا ابن عباس ايتني بنار وحطب ، فأتيته بنار وحطب ، فأضرمها (١) ثم قال : يا يهودي أين يكون وجه هذه النار فقال : لا أقف لها على وجه ، قال : ربي عزوجل على هذا المثل (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) ...

٣١٩ ـ في كتاب الخصال باسناده الى سلمان الفارسي في حديث طويل يذكر فيه قدوم الجاثليق المدينة مع مأة من النصارى بعد وفات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وسؤاله أبا بكر عن مسائل لم يجبه عنها ، ثم أرشد الى أمير المؤمنين عليه‌السلام فسأله عنها فأجابه ، فكان فيما سأله أن قال له : أخبرنى عن وجه الرب تبارك وتعالى؟ فدعا عليه‌السلام بنار وحطب فأضرمه ، فلما اشتعلت قال على عليه‌السلام : اين وجه هذه النار؟ قال : هي وجه من جميع حدودها ، قال على عليه‌السلام : هذه النار مدبرة مصنوعة لا يعرف وجهها ، وخالقها لا يشبهها ، (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) لا يخفى على ربنا خافية.

٣٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رضى الله عنه قال : حدثنا الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد الله بن عامر عن محمد بن أبى عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن رجل يقرأ السجدة وهو على ظهر دابته ، قال : يسجد حيث توجهت به ، فان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلى على ناقته وهو مستقبل المدينة يقول الله عزوجل : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).

٣٢١ ـ فيمن لا يحضره الفقيه وسأله معاوية بن عمار عن الرجل يقوم في

__________________

(١) اضرم النار : أو قدها وأشعلها.

١١٧

الصلوة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا ، فقال له. قد مضت صلوته وما بين المشرق والمغرب قبلة ، ونزلت هذه الاية في قبلة المتحير (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).

٣٢٢ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) قال أبو محمد عليه‌السلام قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقوم من اليهود : أوليس قد ألزمكم في الشتاء ان تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة ، وألزمكم به في الصيف أن تحترزوا من الحر أفبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء؟ فقالوا : لا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكذلكم الله تبعدكم في وقت لصلاح يعلمه بشيء ، ثم تعبدكم (١) في وقت آخر لصلاح آخر يعلمه في شيء آخر ، فاذا أطعتم الله في الحالتين استحققتم ثوابه ، فانزل الله تعالى. (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ إِنَّ اللهَ واسِعٌ عَلِيمٌ) يعنى إذا توجهتم بأمره فثم الوجه الذي تقصدون من الله وتأملون ثوابه ، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢٣ ـ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حديث طويل فيه قال السائل : من هؤلاء الحجج؟

قال : هم رسول الله ومن حل محله من أصفياء الله الذين قال الله. (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) الذين قرنهم الله بنفسه وبرسوله ، وفرض على العباد من طاعتهم مثل الذي فرض عليهم منها لنفسه.

٣٢٤ ـ وفيه قال عليه‌السلام أيضا في الحجج. وهم وجه الله الذي قال : (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ).

٣٢٥ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو المضاء عن الرضا عليه‌السلام ، قوله تعالى. (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) قال : على عليه‌السلام.

٣٢٦ ـ في مجمع البيان وقيل. نزلت في صلوة التطوع على الراحلة تصليها حيثما توجهت إذا كنت في سفر ، واما الفرائض فقوله. (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) يعنى ان الفرائض لا يصليها الا الى القبلة. وهذا هو المروي عن أئمتنا عليهم‌السلام.

__________________

(١) هذا هو الظاهر الموافق للمصدر لكن في الأصل «ثم بعده».

١١٨

٣٢٧ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده الى سفيان بن عيينة عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : لم يخلق الله شجرة إلا ولها ثمرة تؤكل ، فلما قال الناس. اتخذ الله ولدا ذهب نصف ثمرها. فلما اتخذوا مع الله إلها شاك الشجر. (١)

٣٢٨ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد بن عيسى عن الحسن بن محبوب عن على بن رئاب عن سدير الصيرفي قال : سمعت حمران بن أعين يسأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل. (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فقال أبو جعفر عليه‌السلام ، ان الله عزوجل ابتدع الأشياء كلها بعلمه على غير مثال كان قبله ، فابتدع السموات والأرض ولم يكن قبلهن سموات ولا أرضون ، اما تسمع لقوله تعالى ، (وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٣٢٩ ـ في نهج البلاغة يقول لما أراد كونه كن فيكون ، لا بصوت يفزع ولا نداء يسمع ، وانما كلامه سبحانه فعل منه إنشاء ومثله لم يكن من قبل ذلك كائنا ولو كان قديما لكان إلها ثانيا.

٣٣٠ ـ وفيه يقول ولا يلفظ ، ويريد ولا يضمر.

٣٣١ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) وعن يعقوب بن جعفر عن أبى إبراهيم عليه‌السلام انه قال : ولا أحده بلفظ بشق فم ، ولكن كما قال الله عزوجل ، (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) بمشيته من غير تردد في نفس.

٣٣٢ ـ في كتاب الاهليلجة قال الصادق عليه‌السلام في كلام طويل ، فالارادة للفعل احداثه ، انما يقول له كن فيكون بلا تعب ولا كيف.

٣٣٣ ـ في عيون الاخبار باسناده الى صفوان بن يحيى عن أبى الحسن عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه ، فارادة الله هي الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ، ولا همة ولا تفكر ولا كيف لذلك ، كما انه بلا كيف.

٣٣٤ ـ وفيه حديث طويل عن الرضا عليه‌السلام أيضا يقول فيه ، وكن منه صنع وما يكون به المصنوع ،

__________________

(١) الشوك : ما يخرج من النبات شبيها بالإبر ويقال له بالفارسية «خار».

١١٩

٣٣٥ ـ في مجمع البيان قرأ نافع ولا تسأل بفتح التاء والجزم على النهى ، وروى ذلك عن أبى جعفر الباقر عليه‌السلام.

٣٣٦ ـ في أصول الكافي محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن أبى ولاد قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) قال هم الائمة عليهم‌السلام.

٣٣٧ ـ في مجمع البيان (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ) اختلف في معناه على وجوه الى قوله : وثالثها ما روى عن أبى عبد الله عليه‌السلام ان حق تلاوته هو الوقوف عند ذكر الجنة والنار ، يسأل في الاولى ، ويستعيذ من الاخرى.

٣٣٨ ـ في كتاب الخصال عن المفضل بن عمر عن الصادق جعفر بن محمد عليهم‌السلام قال : سألته عن قول الله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ) ما هذه الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه؟ وهو انه قال : «يا رب أسئلك بحق محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين الا تبت على فتاب الله عليه انه هو التواب الرحيم ، فقلت له : يا بن رسول الله فما يعنى عزوجل بقوله فأتمهن؟ قال : يعنى أتمهن الى القائم اثنا عشر إماما تسعة من ولد الحسين عليه‌السلام.

٣٣٩ ـ في مجمع البيان روى عن الصادق عليه‌السلام انه ما ابتلاه الله به في نومه من ذبح ولد اسمعيل أبى العرب ، فأتمها إبراهيم وعزم عليها وسلم لأمر الله ، فلما عزم قال الله تعالى ثوابا له لما صدق ، وعمل بما أمر الله (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ثم انزل الله عليه الحنيفية وهي الطهارة ، وهي عشرة أشياء ، خمسة في الرأس ، وخمسة في البدن ، فاما التي في الرأس : فأخذ الشارب وإعفاء اللحى ، وطم الشعر ، والسواك ، والخلاف ، فاما التي في البدن : فحلق الشعر من البدن ، والختان ، وتقليم الأظفار ، والغسل من الجنابة ، والطهور بالماء ، فهذه الحنيفية الطاهرة التي جاء بها إبراهيم عليه‌السلام ، فلم تنسخ ولا تنسخ الى يوم القيامة ، وهو قوله تعالى : (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ذكره على بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره «انتهى».

٣٤٠ ـ في عيون الاخبار باسناده الى الرضا عليه‌السلام حديث طويل يقول فيه عليه‌السلام :

١٢٠