معجم مقاييس اللغة - ج ٦

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٦

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٣

ومنه التَّولِيه : أن يفرَّق بين المرأة وولدِها. وفى الحديث : «لا تولّه والدةٌ عن وَلَدها».

ولى الواو واللام والياء : أصلٌ صحيح يدلُّ على قرب. من ذلك الوَلْيُ : القرْب. يقال: تَبَاعَدَ بعد وَلْى ، أى قُرْبٍ. وجَلَسَ ممّا يَلِينى ، أى يُقارِبُنى. والوَلِىُ : المَطَر يجىءُ بعد الوَسْمىّ ، سمِّى بذلك لأنَّه يلى الوسمِىّ.

ومن الباب المَوْلَى : المُعْتِقُ والمُعْتَق ، والصَّاحب ، والحليف ، وابن العَمّ ، والنَّاصر ، والجار ؛ كلُّ هؤلاءِ من الوَلْىِ وهو القُرْب. وكلُّ مَن ولِىَ أمرَ آخرَ فهو وليُّه. وفلانٌ أولى بكذا ، [أى أحرى به وأجدر. فأمَّا قولهم فى الشتم : أولى لكَ فحدّثنى على بن عمر قال : سمعت ثعلباً (١)] يقول : أولى تهدُّد ووعيد. وأنشد :

فأَوْلَى ثمَ أولَى ثم أَوْلَى

وهل للدَّرِّ يُحْلَبُ مِن مَرَدِّ (٢)

وقال الأصمعىّ : معناه قارَبَه ما يُهلكُه ، أى نَزَل به. وأنشد :

فعَادَى بين هادِيتَينِ منها

وأولَى أن يزيدَ على الثَّلاثِ (٣)

أى قارب أن يزيد : قال ثعلب : ولم يقل أحدٌ [أحسَنَ (٤)] مما قاله الأصمعىُّ فى أولى. وقال غيره : أولى تحسيرٌ له على ما فاتَه. والوَلَاء : الموالون. يقال هَؤلاء وَلَاءُ فلانٍ. والوَلَاء أيضاً : ولاءُ المُعْتَق ، وهو أن يكون ولاؤه لمُعْتِقِه ، كأنَّه يكون أولى به فى الإرْث من غيره إذا لم يكن للمُعْتِق وارثُ نَسَب. وهو الذى جاء

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) أنشده فى المجمل واللسان (ولى).

(٣) أنشده فى المجمل واللسان (ولى).

(٤) التكملة من المجمل. ونصه : «ولم يقل أحد فى أولى أحسن مما قال الأصمعى».

١٤١

فى الحديث : «نَهَى عن بيع الوَلَاء وهِبَتِه». ووالَيْتُ بين الشَّيئين ، إذا عادَيْتَ بينهما وِلاءَ. وافعَلْ هذا على الوِلَاء أى مُرَتِّبا (١). والباب كلُّه راجعٌ إلى القُرْب.

ولب الواو واللام والباء. يقولون : إنَّ فيها بابين أحدهما يدلُّ على نَماءِ ، والآخَر على ذَهاب.

أمَّا الأوَّل فالوَالِبَة : الزَّرْعة تَنْبُتُ من عُروق الزَّرعة الأولى. ووالِبَةُ الإبلِ : نَسْلُها. ووَلَبَ الشَّىءَ : وَصَلَه (٢).

والآخر الوالب ، قال الشَّيبانى : هو الذَّاهب فى وجهه. يقال : ولَبَ فى ذلك الوَجْه. قال :

رأيت جُرَيًّا والباً فى ديارهمْ

وبئسَ الفتى إنْ نابَ أمْرٌ بمُعْظَمِ (٣)

ولث الواو واللام والثاء ، فيه كلمتان. يقال : بينهم وَلْثٌ (٤) ، أى عهد.

والأخرى وَلثَه بالعصا يَلِثُه وَلْثاً. ووَلَثَت المَطَرةُ الأرضَ ، إذا ضَرَبت.

ولج الواو واللام والجيم : كلمةٌ تدلُّ على دُخول شىء. يقال وَلَج فى مَنزِلِه ، ووَلَجَ البيتَ يَلِجُ وُلوجاً. والوَلِيجة : البِطانةُ والدُّخَلاء. [و] يقال رجلٌ خُرَجَةٌ وُلجَةٌ : كثيرُ الخروج والوُلوج. والوَلِجَة : وجَعٌ يَلجُ جَوفَ

__________________

(١) فى الأصل : «مراتبا».

(٢) فى اللسان : «ولب إليه الشىء يلب ولوبا : وصل إليه كائنا ما كان». وفى القاموس : «ولب يلب ولوبا : دخل وأسرع. والشىء وإليه : وصله كائنا ما كان».

(٣) البيت لعبيد القشيرى ، كما فى اللسان (ولب). والرواية الأولى فيه : «رأيت عميرا» ، ثم نبه على رواية «جريا». وفى المجمل واللسان : «إن ناب دهر».

(٤) لا تزال هذه الكلمة مستعملة فى العامية المصرية ، يقولونها بكسر الواو وإبدال الثاء سينا.

١٤٢

الإنسان (١). ويقولون : الوَلجَ : الطَّريق فى الرَّمْل (٢) ، وهو من القياس.

ولح الواو واللام والحاء. يقولون : الوَلِيح : الْجُوالِق ، الواحدة وليحة. قال :

* جُلِّلنَ فَوقَ الولايا الوَليحا (٣) *

ولخ الواو واللام والخاء. يدلُّ على اختلاط. يقال ائتَلَخَ العُشب ائتلاخاً ، إذا عَظَم وطال واختلَطَ بعضُه ببعض. ووقع القوم فى ائتلاخٍ ، أى اختلاط. وزعم ناسٌ أنّ هذا من باب الهمزة واللام والخاء ، وقد ذُكِر هنالك.

ولد الواو واللام والدال : أصلٌ صحيح ، وهو دليل النَّجْل والنسْل ، ثمَّ يقاس عليه غيرُه. من ذلك الوَلَد ، وهو* للواحد والجميع ، ويقال للواحد وُلْدٌ أيضاً (٤). والوَليدةُ الأنثى ، والجمع ولائد. وتَولَّدَ الشّىءُ عن الشّىء : حَصَل عنه. واللِّدَة نُقصانُه الواو (٥) لأنّ أصله وِلْدَة.

ولذ الواو واللام والذال. من غرائب ابن دريد (٦) : الوَلْذ : سرعةٌ فى المَشْىِ والحرَكة ، ووَلَذ يَلِذ.

__________________

(١) المجمل : «وجع يأخذ الإنسان شديد» ، ونحوه فى اللسان.

(٢) ورد هذا التفسير فى القاموس ولم يرد فى اللسان.

(٣) لأبى ذؤيب الهذلى فى ديوان الهذليين (١ : ١٣٠) واللسان (ولح). وهو بتمامه :

يضى ربابا كدهم؟

جللن فوق الولايا الوليحا

(٤) ابن سيده : الولد والولد بالضم : ما ولد أيا كان ، وهو يقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى. وذكر فى اللسان أن قيساً تجعل الولد بالضم جمعا ، والولد بالتحريك واحدا.

(٥) فى الأصل : «نقصانه ولو» ، صوابه فى المجمل.

(٦) فى الجمهرة (٢ : ٣١٨).

١٤٣

ولس الواو واللام والسين : كلمةٌ تدلُّ على ضَربٍ من السَّير. الوَلَسَان : العَنَق (١) فى السَّير.

ولع الواو واللام والعين : كلمتانِ تدُلُّ إحداهما على الَّلهَجِ بالشَّىء ، والأخرى على لَونٍ من الألوان.

فالأولى قولهم : أُولِعْتُ بالشَّيءِ وَلُوعاً. ورَجلٌ وُلَعَةٌ ، إذا لَهِجَ بالشَّىء. ويقاس على هذا فيقال وَلَع الظَّبىُ ، إذا أسْرَعَ (٢). ووَلَعَ الرّجُل : كَذَب.

والأخرى قولهم للمُلمَّع مُوَلَّع. والتَّوليع : استطالةُ البَلَق. قال :

* كأنَّه فى الْجِلْدِ توليعُ البَهَقْ (٣) *

والوَليع : الطَّلْع فى قِيقائِه.

ولغ الواو واللام والغين : كلمةٌ واحدة ، وهى قولُهم : وَلغَ الكَلْبُ فى الإناء يَلَغُ ، ويُولَغ إذا أَوْلَغَه صاحبُه. أنشدنا علىُّ بن إبراهيمَ القَطّانُ قال : أنشدنا ثعلب :

ما مَرَّ يومٌ إلَّا وعِندهُما

لَحمُ رجالٍ أو يُولَغَانِ دما (٤)

__________________

(١) فى الأصل : «العشق» ، صوابه فى المجمل.

(٢) فى الأصل : «إذا أسمع». وفى المجمل : «وولع الظبى : عدا ، ولعا».

(٣) لرؤبة فى ديوانه ١٠٤ واللسان (ولع). وقبله :

فيها خطوط من سواد وبلق

وهذه هى الرواية الصحيحة فى البيت. ورواية الأصمعى : «كأنها». وقال أبو عبيدة : قلت لرؤبة : إن كانت الخطوط فقل : «كأنها» ، وإن كان سواد وبياض فقل : «كأنهما». فقال : كأن ذا ـ ويلك ـ توليع البهق. انظر اللسان (ولع).

(٤) لابن هرمة ، أو أبى زبيد الطائى ، كما فى اللسان (ولع) والحق أنه لابن قيس الرقيات ، كما فى الحيوان (٧ : ١٥٤) من قصيدة له يمدح بها عبد العزيز بن مروان. انظر ديوانه ٢٥٣ ٢٦٠.

١٤٤

ورجلٌ مُستَولِغٌ : لا يبالى ذمّاً ولا عاراً.

ولق الواو واللام والقاف : كلمةٌ تدلُّ على إسراعٍ وخفّة. يقال جاءت الإبل نَلِقُ ، أى تُسرِع قال :

* جاءت به عَنْسٌ من الشَّام تَلِقْ (١) *

وعلى هذا قراءة من قرأ : إذ تلقونه بألسنتكم (٢). وناقَةٌ وَلَقَى : سريعة. والوَلْق : أخَفُّ الطَّعن ، وَلَقَهُ بالسَّيف وَلَقات. ووَلَق يَلِقُ : كَذَب ؛ كلُّ هذا قياسُه واحد.

ومن الباب الأَوْلَقُ الجُنون. يقال : أخَذَه الأَوْلَق. ورجُلٌ مُؤَوْلَق على مُعَوْلقٍ : به جُنون.

باب الواو والميم وما يثلثهما

ومأ الواو والميم والهمزة : كلمةٌ واحدة. يقال : وَمَأت إليه وَمْئاً ، وأومَأت إيماءً أُومئ ، إذا أَشرتَ. وإذا تركت الهمزة فالوامِيَة (٣) ، وهى الداهية.

__________________

(١) للقلاخ بن حزن المنقرى ، يهجو الجليد الكلابى. انظر اللسان (زلق). وفى (ولق) أنه الشماخ ، نحريف. وقبله.

ان الحسين زاق وزملق

كذئب العقرب شوال غلق

وبعده :

يدعى الجليد وهو فينا الزملق

لا آمن جلسه ولا آنق

 (٢) هذه قراءة عائشة وابن عباس وعيسى وابن يعمر وزبد بن على. وقرأ الجمهور : (تَلَقَّوْنَهُ) بفتح التاء واللام وتشديد القاف المفتوحة. وقرأ أبى : «تتلقونه». وقرأ ابن السميفع : «تلقونه» مضارع ألقى. وقرأ هو أيضا : «تلقونه» مضارع لقى. انظر تفسير أبى حيان (٦. ٤٣٨).

(٣) لم ترد مادتها فى القاموس. وأما فى اللسان فقد أورد مادة (ومى) ولم يذكر فيها هذا اللفظ. وأورداها جميعا فى مادة (ومأ) المهموزة.

١٤٥

ومد الواو والميم والدال : كلمتان. والوَمَد : شِدّة الْحَرّ. ويقال : وَمِدَ : غَضِب.

ومض الواو والميم والضاد : كلمةٌ تدلُّ على لَمَعانِ شىء. يقال : وَمَض البَرقُ وَمِيضاً ، وأوْمَضَ إيماضاً. وأوْمَضَ بعينِه من هذا.

ومق الواو والميم والقاف : كلمةٌ واحدة ، وهى الوَمَق : الحُبُّ. وَمِق يَمِق. والمِقَةُ الاسم أيضاً.

باب الواو النون وما يثلثهما

ونى الواو والنون والحرف المعتلّ. يدلُّ على ضَعْف. يقال : وَنَى يَنِى وَنْياً. والوانى : الضَّعيف (١). قال الله تعالى : (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي). والوَنَى : التَّعَب. يقال : أَوْنَيْتُه : أتْعَبتُه. وناقةٌ وانيةٌ. ولا يَنى يَفعلُ ، كما يقال لا يزال. وامرأةٌ وَناةٌ ، إذا كان فيها فُتورٌ عند القِيام.

ونم الواو والنون والميم. يقال : وَنَم الذُّبابُ يَنِمُ وَنْماً ووَنِيماً : ذَرَق.

باب الواو والهاء وما يثلثهما

وهى الواو والهاء والحرف المعتلُّ يدلُّ على استرخاءِ فى شىء. يقال وَهَتْ عَزَالِىُّ السَّحاب بمائِهِ. وكلُّ شىءٍ استرخَى رباطُه فهو واهٍ. والوهْىُ : الشَّقُّ فى الأديم وغيرِه.

__________________

(١) فى الأصل : «الصعف».

١٤٦

وهب الواو والهاء والباء : كلماتٌ لا ينقاس بعضُها على بعض تقول : وهَبْتُ الشَّىء أَهَبُهُ هِبَةً ومَوْهِباً. واتَّهَبْتُ الهبةَ : قَبِلتُها. والمَوْهِبَة (١) : قَلْتٌ يَسْتنقِعُ فيه الماء ؛ والجمع مَواهب. ويقال أَوْهَبَ إلىَّ من المال كذا ، أى ارتفع. وأصبح فَلانٌ مُوهَباً لكذا ، أى مُعَدًّا له.

وهت الواو والهاء والتاء. يقال : أَوهَتَ اللَّحمُ ، إذا أنْتَنَ ، يُوهِتُ إيهاتاً.

وهث الواو والهاء والثاء. يقولون : الوَهْثُ : الانهماك فى الشَّىء.

وهج الواو والهاء والجيم : كلمةٌ واحدة ، وهى الوَهَج : حَرُّ النَّار وتوَقُّدُها. ويُستعار ذلك فيقال : تَوهَّجَ * الجوهرُ : تلألأ. وتوهَّجَتْ رائحةُ الطِّيب ووَهَج الطِّيب : أرَجُه ورائحتُه. وسراجٌ وَهَّاجٌ : وَقّادٌ. وكذلك نَجْمٌ وَهَّاج.

وهد الواو والهاء والدال : كلمةٌ واحدة ، وهى الوَهْدة : المكان المطمئِنّ ، والجمع وِهاد.

وهز الواو والهاء والزاء. يقولون : الوَهْز : المُلَزَّز الخَلْق. ووَهَزْتُ : دفَعْت. والتَّوهُّز : التوثُّب.

وهس الواو والهاء والسين : كلمتان : إحداهما الشِّدة فى الأمور ، والثانية من السِّرَار.

فالأولى الوَهْس : شِدَّة السَّير. والوَهْس : شِدَّة الأَكْل. والوَهْس : شِدَّة الوَطْء. وقال حميد :

__________________

(١) بكسر الهاء وفتحها.

١٤٧

* بِتَنَقُّص الأعراضِ والوَهْسِ (١) *

فهذا من التَّوهُّس ، وهو التشدُّدُ والتَّطاوُل على العشيرة.

والكلمة الأخرى : الوَهْس السِّرار. والوَهْس : الميَّمة.

وهص الواو والهاء والصاد : كلماتٌ متقاربة ، وهى الوهص : شِدَّة الوطْءِ للشَّىء (٢) بالقَدَم. يقال : وَهَصَ يَهِصُ. ورجلٌ موهوصُ الخَلْق : تَداخَلَتْ عِظامُه. ووَهَصْتُ الشَّىءَ : كسَرتُه.

وهط الواو والهاء والطاء. يقال : أوهَطَه ، إذا ضَرَبَه ولم يأتِ عليه. ووَهَطَه : كَسَره. ووَهَطه : وَطِئه. وهى متقاربةٌ. والوَهْطُ : مكانٌ مطمئِنّ. والوَهْط : غَيْضَة العُرْفط. قال الراعى :

جواعلَ أرماماً يساراً وحارَةً

شِمالاً وقَطَّعن الوِهاطَ الدَّوافعا (٣)

وهف الواو والهاء والفاء : كلمتان. يقال : أَوْهَفَ من المالِ كذا : ارتَفَع. ووهف النَّباتُ : أَوْرَقَ واهْتَزَّ

وهق الواو والهاء والقاف : كلمتان. إحداهما الوَهَق ، وأظنُّه فارسيًّا معرَّباً.

__________________

(١) وكذا ورد هذا الشطر فى المجمل واللسان (وهس). ولم يرد فى ديوان حميد؟؟؟ ثور ص ٩٩ تكملة هذا الشطر.

(٢) فى الأصل : «الشىء».

(٣) وكذا ورد إنشاده فى المجمل. ومارة : اسم موضع. وأنشده ياقوت فى (أرمام) برواية «وصارة». وأنشد قبله :

تبصر خلل هل ترد من ظعائن

تجاوزان ملخوبا فقلن مقالعا

١٤٨

والأخرى عربيّة صحيحة ، وهى المُوَاهَقة : مَدُّ الأعناقِ فى السَّير. ويقال : تَوَاهَقَت الرِّكاب. أمّا قولهم تَوَهَّقَ الحَصَى ، إذا اشتدَّ حَرُّه ، فهو من باب الإبدال ، إنَّما هو تَوهَّج. وأنشد :

* حتَّى إذا حَامِى الحَصَى تَوهَّقا (١) *

وهل الواو والهاء واللام كلماتٌ لا تنقاس ، وهى الوَهَل : الفَزَع. يقال : وَهِلَ يَوْهَلُ. قال أبو زيد : وَهَلْتُ عن الشَّىءِ : نَسِيته. ووَهَلْتُ إليه : ذَهَب وَهْمِى إليه. ولقينُه أوَّلَ وَهْلَةٍ ، أى قبلَ كلِّ شَىء.

وهم الواو والهاء والميم : كلماتٌ لا تنقاس ، بل أفراد. منها الوَهْم ، وهو البَعير العَظيم. والوَهْم : الطَّريق. والوَهْم : وَهْمُ القَلْب. يقال : وَهَمْتُ أَهِمُ وَهْمًا ، إذا ذَهَبَ وهْمى إليه. ومنه قياس التُّهمَةِ. وأَوْهَمْتُ فى الحِساب ، إذا تركت منه شيئاً. ووَهِمْتُ : غَلِطْت ، أَوْهَم وَهَماً.

وهن الواو والهاء والنون : كلمتانِ تدلُّ إحداهما على ضَعف ، والأخرى على زمان.

فالأولى : وَهَنَ الشىءُ يَهِن وَهْناً : ضَعُف ، وأوْهَنْتُه أنا. ومن هذا الواهِنَةُ : القُصَيرَى من الأضلاع ، وهى أسفَلُها. قال أبو بكر (٢) : الواهِنة : داءٌ يصيب

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (وهق).

(٢) فى الجمهرة (٣ : ١٨٢).

١٤٩

الإنسان فى أخْدَعَيه (١). والوَهْنانة : المرأة القليلة الحركة ، الثقيلةُ القيامِ والقُعود.

والكلمة الثانية : الوَهْن والمَوْهِن : ساعةٌ تمضى من اللَّيل (٢). وأَوْهَن الرَّجُل : صار أو سار فى تلك السَّاعة (٣).

تم كتاب الواو والله أعلم بالصواب

__________________

(١) الجمهرة : «فى أخدعيه عند الكبر».

(٢) فى اللسان : «والوهن والموهن : نحو من نصف الليل ، وقيل هو بعد ساعة منه ، وقيل هو حين يدبر الليل. وقبل الوهن : ساعة تمضى من الليل».

(٣) أغفل ابن فارس أن يورد بعد هذا (باب ما جاء من كلام العرب على ثلاثة أحرف أوله هاء) وكذا صنع فى المجمل لم يورد هذا الباب ، مع ورود كلمات كثيرة فى هذا الباب ، نحو الهذربة ، والهذلبة ، والهرجاب ، والهرجب ، والهردية ، والهرشبة ، والهزربة ، والهلجاب. فهذا بعض ما عثرت عليه فى فصل الهاء من باب الياء من اللسان والقاموس.

١٥٠

كتاب الياءْ

باب الياء وما بعدها فى المضاعف والمطابق

يا الياء والألف : أداة ، وهى ياءٌ تصلحُ للنداء نحو يا زيد ، وقد يكون تعجُّباً وتلذُّذاً نحو قولهم : يا بَرْدَها على الفؤاد. ويكون تلهُّفاً كقول القائل : يا حَسْرَتَا على كذا

يب الياء والباء كلمة واحدة* وهى اليَبَابُ ، إتْباع للخراب ، وربَّما أفردُوها فقالوا :

أخْبَرَتْ عن فِعالهِ الأرضُ واسْتَنْ

طَقَ منها اليَبَابَ والمعمورا

يد الياء والدال : أصلُ بناء اليَدِ للإنسانِ وغيره ، ويستعار فى المِنَّة فيقال : له عليه يدٌ. ويجمع على الأيادى واليُدِىّ. قال :

* فإنَّ له عندى يُدِيًّا وأنْعُمَا (١) *

واليَدُ : القُوَّة ، ويجمع على الأيدى. وتصغير اليد يُدَيَّة. وجَمَع ناسٌ يدَ الإنسان على الأيادِى ، فقال :

ساءَهَا ما تأمَّلَتْ فى أيادي

نا وإشناقُها إلى الأعناق (٢)

__________________

(١) للأعشى فى اللسان (يدى). وصدره :

فلن أذكر النعمان إلا بصالح

قال : «ويروى يديا ـ أى بفتح الياء ـ وهى رواية أبى عبيدة ، فهو على هذه الرواية اسم للجمع ويروى: إلا بنعمة».

(٢) أنشده فى اللسان (شنق ، يدى).

١٥١

وحكى الشيبانىُّ امرأة يَدِيَّةٌ ، أى صَنَاع ، ورجلٌ يَدِىٌ. وما أَيْدَى فُلَانَةَ. ويَدِىَ مِنْ يَدِه يُدَعى عليه. ويَدَبْتُ على الرجُل : مَنَنْتُ عليه. قال :

يَدَيتُ على ابنِ حسحاسِ بن عمرٍو

بأسفَلِ ذى الْجَدَاةِ يَدَ الكريمِ (١)

ويَدَيْتُه : ضَربتُ يدَه.

ير الياء والراء. يقولون : الحجر الأَبَرُّ : الصُّلْب. والمصدر اليَرَر. ويقولون : حارٌّ يارٌّ ، إتباع.

يل الياء واللام كلمة واحدة ، هى اليَلَل : قصَر الأسنان. قال :

* يَكْلَحُ الأرْوَقُ منها والأيَلّ (٢) *

يم الياء والميم : كلمةٌ تدلُّ على قَصْدِ الشىءِ وتعمُّده وقصده (٣). ومنه قوله تعالى : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّبا). قال الخليل : يقال تَيمَّمْتُ فلاناً بسَهمِى ورُمْحى ، إذا قَصَدته دون مَنْ سِواه. وأنشد :

يَمَّمْته الرُّمْحَ شَزْراً ثم قلتُ له

هذى البَسَالةُ لا لِعْبُ الزّحاليقِ (٤)

__________________

(١) البيت لمعقل بن عامر الأسدى. انظر حواشى شرح المرزوقى على الحماسة (١ : ١٩٣) حيث نجد تحقيق «الجداة».

(٢) وفى المجمل : «يكلح الأروق فيها». والبيت للبيد فى ديوانه ٧٠ طبع ١٨٨١ واللسان (رقم ، نهض ، كلح ، روق ، يلل). ويروى : «تكلح الأروق منها» و «الأروق منهم».

وصدره :

رقيات عليها ناهض

(٣) كذا ورد فى الأصل بالنكرار.

(٤) لعامر بن مالك ملاعب الأسنة ، فى اللسان (زحلق ، أمم). وكذا وردت روايته فى المجمل لكن فى اللسان ، وفيما سبق فى مادة (أم): «هذى المروءة». والضمير فى «له» لضرار بن عمرو الضى.

١٥٢

قال الخليل : ومن قال فى هذا البيت أمَّمته فقد أخطأ ، لأنَّه قال «شَزْراً» ولا يكون الشَّزْرُ إلّا من ناحية ، وهو لم يقصد به أَمامَه فيقول أمَّمْته. وحكى الشَّيبانىُّ : رجلٌ مُيَمَّمٌ ، إذا كان يَظفَر بكلِّ ما طَلَب (١). وأنشد :

إنا وَجَدْنا أعصُرَ بن سَعْدِ

مُيَمَّمَ البيت رفيع الْجَدِّ (٢)

وهذا كأنّه يُقصَد بالخَير. فأمَّا البحر فليس من هذا القياس. وحكىَ الخليلُ : يُمَ الرّجُل فهو ميمومٌ ، إذا وَقَعَ فى اليَمِ فَغرِقَ. واليمام طائر ، يقال : إنَّه الطَّير الذى يُسْتَفْرَخ فى البُيوت.

يه الياء والهاء. يقولون : يَهْيَه بالإبلِ ، إذا قال : ياه ياه (٣).

[باب الياء وما بعدها مما جاء على ثلاثة أحرف.

وكتبت ذلك كلّه باباً واحداً لقلّته (٤)]

يأس الياء والهمزة والسين. كلمتان : إحداهما اليأس : قَطْعُ الرَّجاء. ويقال إنَّه ليست ياءٌ فى صَدرِ كلمةٍ بعدها همزة إلّا هذه. يقال منه : يَئِس يَيْأَس ويَيْئِس ، على يَفْعَل ويَفْعِل.

والكلمة الأخرى : ألم تَيْأَس ، أى ألم تَعْلَم. وقالوا فى قوله تعالى : (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) ، أى أفلم يَعلَمْ. وأنشدوا :

__________________

(١) فى المجمل : «يطلب».

(٢) فى الأصل : «الجسد» ، صوابه فى المجمل.

(٣) يقال بالكسر مع التنوين وعدمه.

(٤) ورد هذا الباب بدون عنوان خلافا لمألوف : وقد أثبت ما كتبه ابن فارس فى المجمل فى مثل هذا الموضع.

١٥٣

أقولُ لَهُم بالشِّعْبِ إذَ يأسِرُونَنى

ألم تَيأَسُوا أنِّى ابنُ فارِسِ زَهْدَمِ (١)

يبس الياء والباء والسين : أصلٌ صحيح يدلُّ على جفاف. يقال : يَبِس الشّىءُ يَيْبِس ويَيْبِس. واليَبْس : يابس النَّبت. قال ابن السِّكِّيت : هو جمع يابس. واليَبَس بفتح الباء : المكان يفارقه الهاء فيَيْبَس. ويقال يَبِسَتِ الأرضُ : ذَهَبَ ماؤها ونَداها ؛ وأيْبَسَتْ : كَثُر يَبْسها. وقال الشَّيبانىّ : امرأة يَبَسٌ ، إذا لم تَنَلْ خَيراً. قال :

* إلى عجوزٍ شَنَّة الوجهِ يَبَسْ (٢) *

ويَبِيس الماء : العَرَقُ إذا يَبِس. والأيْبَسانِ : مالا لحمَ عليه من السَّاق والكَعْب.

يتم الياء والتاء والميم. يقال : اليُتم فى النَّاس من قِبَل الأب ، وفى سائر الحيوان من جهة الأمّ. ويقولون لكلِّ منفردٍ يتيم ، حتَّى قالوا بَيْتٌ [من الشِّعر (٣)] يتيم وقال الشَّاعر يصف رامياً أصاب أتاناً وأيتم * أطفالَها :

فناط بها سهماً شِداداً غِرارُه

وأيْتَمتِ الأطفالَ منها وجوبُها

__________________

(١) لسحيم بن وثيل اليربوعى ، أو لولده جابر بن سحيم ، كما فى اللسان (يأس ، يسر ، زهدم). وزهدم : فرس سحيم ، وعلى ذلك فالوجه نسبة الشعر إلى جابر. ويروى :: «ابن قاتل زهدم» وزهدم فى هذه الرواية رجل من عبس ، فتصح إذن نسبة الشعر إلى سحيم. ويروى : «ابن فارس لازم» مع نسبته إلى جابر ، ولازم اسم فرس لسحيم انظر خيل ابن الكلى ١٧. ويروى «: إذ ييسرونتى».

(٢) أنشده فى المجمل واللسان (ببس).

(٣) التكملة من المجمل.

١٥٤

يتن الياء والتاء والنون : كلمةٌ واحدة ، وهى اليَتْنُ ، وهو الفصيل يَخرجُ رجلاهُ عند الولادة قَبْلَ رَأسِه. يقال : أيْتَنت النّافةُ والمرأةُ ، إذا وَلدَتْ يَتْناً.

يدع الياء والدال والعين : كلمتان متباينتان ، إحداهما الأيْدَع : صِبْغٌ أحمر. ويقال منه يَدَّعْتُ الشَّىء أُيَدِّعُه تَيدِيعا.

والأخرى يقولون : أيْدَعَ الحَجَّ على نَفْسِه : أَوْجَبَه. قال جرير :

[ورَبِّ الراقصاتِ إلى الثَّنايا

بشُعْثٍ أَيْدَعُوا حَجًّا تَماما (١)]

يزن الياء والزاء والنون. ليس فيه إلا ذو يَزَن ، من ملوك حِمْيَرَ ، ينسب إليه الرِّماح ، فيقال يَزَنيّة وأَزَنيَّة.

يسر الياء والسين والراء : أصلانِ يدلُّ أحدُهما على انفتاحِ شىءٍ وخِفّته ، والآخَرُ على عُضوٍ من الأعضاء.

فالأول : اليُسْر : ضِدُّ العُسْر. واليَسَرَات : القوائم الخِفاف. ويقال : فرسٌ حَسَنُ التَّيْسُور ، أى حَسَنُ نَقلِ القوائم. قال :

قد بَلَوْناهُ على عِلَّاتِهِ

وعَلَى التَّيْسورِ منه والضُّمُرْ (٢)

ومن الباب : يسَّرت الغنم ، إذا كثر لبنها ونسلها. قال :

هما سَيِّدانا يَزْعُمانِ وإنَّما

يَسُودَانِنا أَنْ يَسَّرَتْ غَنَمَاهُما (٣)

__________________

(١) التكملة من اللسان (يدع). والبيت لم يرو فى ديوان جرير.

(٢) للمرار بن منقذ ، فى المفضليات (١ : ٨٢) برواية : «وعلى التيسير» ، وأنشده فى المجمل واللسان (يسر) برواية المقاييس.

(٣) لأبى أسيدة الدبيرى فى اللسان (يسر). وانظر تهذيب الألفاظ ١٣٥ والحيوان (٦ : ٦٥ ـ ٦٦).

١٥٥

ويقال رجل يَسْرٌ ويَسَرٌ ، أى حَسَنُ الانقياد. واليَسَار : الغِتَى. وتَيسَّرَ الشَّىءُ واستَيْسَرَ. ويُسْرٌ (١) : مكان.

ومن الباب الأَيْسار : القوم يجتمعون على الميْسِر ، واحِدُهم يَسَر. قال :

وهُمُ أيسارُ لُقمانَ إذا

أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أبْداءَ الْجُزُرْ (٢)

والمَيْسِر : القِمَار. ومن الباب اليَسَرَةُ : أسرارُ الكَفِّ إذا كانت غيرَ ملتزِقة. والكلمة الأخرى : اليَسَارُ لليَدِ. يقال : تَيَاسَرُوا ، إذ أخذُوا ذاتَ اليَسار. ويقال يَاسَرُوا ، وهو أجْوَد.

يعر الياء والعين والراء. يقال : اليَعْر : الْجَدْى. قال :

* كما رُبِط اليَعْرُ (٣) *

[أى كما رُبِط (٤)] عند الزُّبْيَة للذِّئب. واليُعَار : صوت الشَّاء. يقال يَعَرَت تَيْعِرَ (٥) يُعَاراً.

__________________

(١) كذا ضبط فى المجمل والقاموس. قال فى القاموس : «جبل تحت ياسرة ، لماءة من مياه أبى بكر ابن كلاب». وضبط فى اللسان ومعجم البلدان بضمتين. قال فى معجم البلدان : «لقب تحت الأرض يكون فيه ماء لبنى يربوع بالدهناء». وفى اللسان : «دحل لبنى يربوع». وأنشدوا لطرفة :

أرق العين خيال لم يقر

طا والركب بصراء يسر

 (٢) لطرفة فى ديوانه ٧٣ واللسان (يسر ، بدأ).

(٣) للبريق الهذلى فى بقية أشعار الهذليين ٤٣ واللسان (يعر) ومعجم البلدان (الأملاح) قال ياقوت : «وقد تكرر ذكره فى شعر هذبل فلعله من بلادهم». والبيت بتمامه :

أسائل عنهم كلما جاء راكب

مقيما بأملاح كما ربط اليعر

ويروى أيضا لعامر بن سدوس الخناعى ، كما فى البقية.

(٤) بمثلها يلتئم الكلام.

(٥) بكسر العين ، وفتحها عن كراع.

١٥٦

يعط الياء والعين والطاء. يقولون للذِّئب إذا زَجَرُوه : يعاط (١). قال : ويقال أَيْعَطتُ به قال :

* يَهفو إذا قيل له يَعَاطِ (٢) *

يفن الياء والفاء والنون. يقولون : اليَفَنُ : الشَّيخ الكبير.

يفع الياء والفاء والعين : كلمةٌ تدلُّ على الارتفاع. فاليَفَاع : ما عَلَا من الأرض. ومنه يقال : أيْفَعَ الغُلامُ. إذا عَلَا شبابُه ، فهو يافعٌ ، ولا يقال مُوفِعٌ.

يقن الياء والقاف والنون : اليَقَن (٣) واليَقين : زَوال الشَّكِّ. يقال يَقِنْت ، واستَيْقَنْت ، وأيْقَنْت.

يقه الياء والقاف والهاء. سمعت علىَّ بن إبراهيمَ القَطَّانَ يقول : سمعت ثعلباً يقول : أيْقَه يُوقِهُ إيقاهاً ، إذا فَهِمَ. يقال أيْقِهْ لهذا ، أى افْهَمْه. ويقال بل ذلك من الطَّاعة. قال :

* واستيقَهوا للمُحَلِّمِ (٤) *

__________________

(١) فى الأصل : «يعط». ويعاط بتثليت الياء ، كما فى المجمل واللسان والقاموس. ونبه فى المجمل واللسان أن لغة الكسر فيحة. وفى اللسان : «قال الأزهرى وهو قبيح ، لأن كسر الياء زادها قبحا ، لأن الياء خلقت من الكسرة». وليس فى كلام العرب كلمة على فعال فى صدرها ياء مكسورة. وقال غيره يسار لغة فى اليسار.

(٢) قبله فى المجمل واللسان :

صب على شاه أبى رياط

ذوانة كلأقدح المراط

وفى اللسان : «إذا قيل لها ياعاط». وياعاط : لغة فى يعاط. والضمير فى «لها» راجع إلى لفظ «ذؤالة» ، وهو علم جنس للذئب.

(٣) كذا ضبط فى المجمل بالتحريك. ويقال بالفتح أيضاً.

(٤) للمخبل السعدى فى اللسان (يقه ، حلم). وهو بتمامه :

فردوا صدور الحيل حتى تنهنت

إلى ذى النهى واستيقموا للمحلم

ورواية اللسان (يقه): «واستيقهت». قال : «ويروى : واستيدهوا». وقد ورد بهذه الأخيرة فى اللسان (حلم).

١٥٧

يلب الياء واللام والباء : كلمةٌ واحدة قد اختُلِفَ فى معناها. وهى اليَلَبُ ، قال قومٌ : اليَلَب : البَيْضُ من جُلودِ الإبل. وقال قومٌ : اليَلَب : التُّرْس. وأنشدوا.

عَليْهمْ كلُّ سابغَةٍ دِلاصٍ

وفى أيديهم اليَلَبُ المُدَارُ (١)

وقال الخليل : اليَلَب : الفُولاذ. [قال] :

* ومِحْوَرٍ أُخْلِصَ مِن ماءِ اليَلَب (٢) *

يلق الياء واللام والقاف. يقولون : اليَلَقُ : الأبيضُ من كلِّ شىء. وأنشدوا :

وأتْركُ القِرْنَ فى الغُبار وفى

حِضْنَيْهِ زرقاءُ متنُها يَلَقُ (٣)

ويقال اليَلَقَة (٤) : العَنْز البيضاء.

يمن الياء والميم والنون : كلماتٌ من قياسٍ واحد. فاليَمين : يَمين اليَدِ. [و] يقال : اليَمِين : القُوَّة وقال الأصمعىُّ فى قول الشَّماخ :

إذا ما رايةٌ رُفِعَتْ لمَجْدٍ

تلقَّاها عَرَابةُ باليَمِين (٥)

أراد اليَدَ اليُمْنَى. واليُمْن : البَرَكة ، وهو ميمونٌ. واليمين : الْحَلِف ، وكلُّ ذلك من اليد اليُمْنى. وكذلك اليَمَنُ ، وهو بلدٌ. يقال : رجلٌ يَمانٍ ، وسيفٌ يَمانٍ.

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (يلب).

(٢) لرؤبة ، كما فى مجالس ثعلب ١٦٠. وأنشده فى اللسان (يلب) بدون نسبة. قال ثعلب : ظن رؤبة أنه من حديد ، وإنما هو جلود. وانظر أخطاء الشعراء فى المزهر (٢ : ٥٠٠ ـ ٥٠٤).

(٣) أنشده فى المجمل واللسان (يلق).

(٤) وكذا فى المجمل والقاموس. وفى اللسان وتاج العروس : «اليلق».

(٥) ديوان الشماخ ٩٧ واللسان (يمن).

١٥٨

وسمِّى الحَلِف يميناً لأنَّ المتحالِفَينِ كأنَّ أحدَهما يَصْفِقُ بيمينه على يمينِ صاحبه.

ينف * الياء والنون والفاء. يَنُوفُ فى شعر امرىء القيس (١) : هَضْبةٌ فى جبَلَىْ طَىّ.

ينم الياء والنون والميم. اليَنَمة : نَبْتٌ.

يهر الياء والهاء والراء. يقولون : اليَهْرُ (٢) : الَّلجاج. واستَيْهَرَ الرَّجُل : لَجّ.

يهم الياء والهاء والميم. اليهماء : المفازةُ لا عَلَمَ بها. ويقال الأيْهمانِ : السَّيل والحَريق. ويقال الأيْهَمُ من الرِّجال : الأصَمُّ. ويقال للشُّجاع أيْهَم ، وهو من الباب ، كأنَّه لا مَأتَى لأحدٍ إليه.

يوح الياء والواو والحاء : كلمةٌ واحدة ، وهى يُوح : اسمٌ من أسماء الشمس.

يوم (٣) الياء والواو والميم : كلمةٌ واحدة ، هى اليَوم : الواحدُ من الأيّام ، ثم يستعيرونه فى الأمر العظيم ويقولون (٤) نِعْمَ فلانٌ فى اليَوم إذا نَزَل. وأنشد :

__________________

(١) هو قوله فى ديوانه ١٣٠ واللسان (نوف) ومعجم البلدان (ينوف) :

كأن دثارا حلقت بلبونه

عقاب ينوف لا عقاب القواعل

ويروى : «ينوفى» بالقصر ، و «وتنوفى» ، و «تنوف».

(٢) وكذا فى المجمل والقاموس ، مع ضبطه فى المجمل بالتحريك وفى القاموس بالضبطين. لكن فى اللسان : «اليَهْيَرّ».

(٣) وردت هذه المادة فى الأصل بعد مادة (يدى) ، فرددتها إلى نصابها.

(٤) فى الأصل : «يوم» ، صوابه فى المجمل واللسان. ونص المجمل : «نعم الرجل فى اليوم» واللسان : «نعم الأخ فلان فى اليوم».

١٥٩

* نِعَمْ أخُو الهيجاءِ فى اليَومِ اليَمِى (١) *

وقال قوم : هو مقلوبٌ كان فى اليَوِم. والأصل فى أيَّامٍ أيْوَام ، لكنَّه أُدغِمَ.

* * *

فأما ما زاد على الثَّلاثة فى هذا الباب ، مثل (اليَرْبُوع) وهى دوَيْبَّة ، و (يَبْرِين) ، وهو موضعٌ ، و (يَمْؤُود) و (يَلَمْلَم) وهما موضعان ، و (اليَرَنْدَج) ، وهى جلودٌ سودٌ ، وما أشْبَهَ ذلك ـ فإنَّ سبيل الياء فى أوائلها سبيلُ الهمزة فى الرُّباعىِّ والخماسىّ ، فإنْهما زائدتان ، وإنَّما الاعتبارُ بما يجىء بعد الياء ، كما هو الاعتبار فى باب الهمزة بما يجىء بعدها وقد مضى ذلك فى أبواب الكتاب.

* * *

قال الشيخ الإمام الأجلُّ السعيد ، أبو الحسين أحمد بن فارس رحمَةُ الله عليه وأجْزَلَ له الثَّواب.

قد ذكرنا ما شَرَطْنا فى صدر الكتاب أن نَذكُرَه ، وهو صدرٌ من اللُّغةِ صالح. فأمَّا الإحاطةَ بجميع كلامِ العرب [فهو] مما لا يقدِرُ عليه إلَّا الله تعالى ، أو نبىٌّ من أنبيائه عليهم السَّلَامُ ، يوحْىِ الله تعالى وعَزّ. ذلك إليه ، والحمد لله أوّلاً وآخراً ، وباطِناً وظاهراً. والصَّلَاةُ والسَّلَامُ على رسوله محمدٍ وآله أجمعين ، الطيِّبين الطَّاهرين.

قد وقعت الفراغة من كتابة كتاب المقاييس اللغة (٢).

[بدأت تحقيق هذا الكتاب فى مساء متصف ذى القعدة سنة ١٣٦٥ وفرغت منه فى صبيحة اليوم الأول من ذى الحجة المبارك من سنة ١٣٧٠. و (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ)]

عبد السلام محمد هارون

__________________

(١) لأبى الأخزر الحمانى فى اللسان (يوم ، كرم).

(٢) كذا وردت عبارة ناسخ الأصل.

١٦٠