معجم مقاييس اللغة - ج ٤

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٤

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٥

باب الفاء والزاء وما يثلثهما

فزع الفاء والزاء والعين أصلانِ صحيحان ، أحدهما الذُّعر ، والآخَر الإغاثة.

فأمَّا الأوَّل فالفَزَع ، يقال فَزِع يَفْزَع فَزَعاً ، إذا ذُعِر. وأفزَعْتُه أنا. وهذا مَفْزَعُ القوم ، إذا فَزِعوا إليه فيما يَدهَمُهم. فأمّا فَزَّعت [عنه] فمعناه كَشَّفت عنه الفَزَع. قال الله تعالى : (حَتَّى إِذا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ). والمَفْزَعة : المكان يلتجئ إليه الفَزِع. قال :

طويلٌ طامحُ الطَّرف

إلى مَفْزَعة الكلبِ (١)

والأصل الآخر الفَزَع : الإغاثة (٢). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار: «إنَّكم لَتَكْثُرون عند الفَزَع ، وتَقِلُّون عند الطَّمَع». يقولون : أفزَعْتُه إذا رَعَبتَه ، وأفْزعتُه ، إذا أغثتَه. وفَزِعتُ إليه فأفزَعَنى ، أى لجَأتُ إليه فَزِعاً فأغاثَنى. وقال الشَّاعر (٣) فى الإغاثة :

فقلتُ لكأسٍ ألجِمِيها فإنَّما

نزَلنا الكثيبَ من زَرُودَ لنَفْزَعا (٤)

__________________

(١) لأبى دواد الإيادى ، أو هو لعقبة بن سابق الهزانى ، وقد سبق التحقيق فى حواشى (طمح).

(٢) الظاهر أن معناه فى الحديث الاستغاثة. وفى اللسان : «وقد يكون التقدير أيضاً عند فزع الناس إليكم لتغيثوهم».

(٣) هو الكلحبة العرنى اليربوعى. المفضليات (١ : ٣٠) واللسان (فزع).

(٤) كأس : اسم بنته. فى اللسان : «حللت الكثيب» و «لأفزعا».

٥٠١

وقال آخر (١) :

كُنَّا إذا ما أتانا صارخٌ فَزِعٌ

كان الصُّراخَ له قَرْعُ الظَّنابيبِ

فزر الفاء والزاء والراء أُصَيلٌ يدلُّ على انفراجٍ وانصداع. من ذلك الطَّريق الفازِرُ : وهو المُنْفرِج الواسع. والفِزْر : القطيع من الغَنَم. يقال فَزرْت الشَّىء : صدَعتُه. والأفْزرُ : الذى يتطامَنُ ظهرُه ؛ والقياسُ واحد ، كأنَّه يَنْفرِقُ لحمتا ظهره. والله أعلم.

باب الفاء والسين وما يثلثهما

فسط الفاء والسين والطاء كلمتانِ متباينتان. فالفَسِيط : ثُفْرُوق التَّمرة ، ويقال قُلامة الظُّفر. والفُسطاط : الجماعة. وفى الحديث : «إنَّ يدَ الله تعالى عَلَى الفُسطاط». وبذلك سمِّى الفُسطاط فُسطاطاً.

فسق الفاء والسين والقاف كلمة واحدة ، وهى الفِسْق ، وهو الخُروج عن الطَّاعة. تقول العرب : فَسقَتِ الرُّطَبَةُ عن قِشْرها : إذا خرجَتْ ، حكاه الفَرَّاء. ويقولون : إنّ الفأرة فُوَيْسِقة ، وجاء هذا فى الحديث. قال ابنُ الأعرابىِّ : لم يُسْمع قَطُّ فى كلامِ الجاهليَّة فى شعرٍ* ولا كلامٍ : فاسق. قال : وهذا عجبٌ ، هو كلامٌ عربىٌّ ولم يأتِ فى شعرٍ جاهلىٍ (٢).

__________________

(١) هو سلامة بن جندل. ديوانه ١١ والمفضليات (١ : ١٢٢) واللسان (فزع ، ظنب) ، وقد سبق فى (ظنب).

(٢) انظر اللسان (فسق) والحيوان (١ : ٣٣ / ٥ : ٢٨٠).

٥٠٢

فسل الفاء والسين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على ضَعف وقِلَّة. من ذلك : الرّجُل الفَسْل ، وهو الردىُّ من الرِّجال. ومنه الفَسِيل : صِغار النَّخْل. وفُسَالة الحديد : سُحَالته.

فسأ الفاء والسين والهمزة. يقال فيه : تفسَّأ الثَّوبُ ، إذا بَلِىَ. وفَسَأْته أنا : مدَدْتُه حتى تفزَّر. ويقولون : فَسَأه بالعصا : ضربه. ويقولون فى غير المهموز : تفاسَى الرَّجُل تفاسِياً ، إذا أخْرَجَ عَجِيزتَه.

فسج الفاء والسين والجيم ، كلمة واحدة. يقولون : قَلوصٌ فاسجة (١) ، إذا أعجَلَها الفحلُ فضَرَبها قَبْلَ وقتِ المضْرِب. ويقال بل هى الحائل السَّمينة.

فسح الفاء والسين والحاء كلمةٌ واحدة تدلُّ على سَعَةٍ واتِّساع. من ذلك الفَسيح : الواسع. وتَفَسَّحت فى المجلِس ، وفَسَّحت المجلس.

فسخ الفاء والسين والخاء كلمةٌ تدلُّ على نَقْضِ شىء. يقال : نَفَسَّخَ الشّىءُ : انتقَضَ. ويقولون : أَفْسَخْتُ الشىء : نَسِيتُه. ويقولون : الفَسِيخ : الرجلُ لا يَظفَر بحاجته.

فسد الفاء والسين والدال كلمةٌ واحدة ، فَسَدَ الشَّىء يَفْسُد فساداً وفُسوداً ، وهو فاسِدٌ وفَسِيد.

__________________

(١) فى المجمل : «فاسج» ، وكلاهما يقال.

٥٠٣

فسر الفاء والسين والراء كلمة واحدة تدلُّ على بيانِ شىء وإيضاحِه. من ذلك الفَسْرُ ، يقال : فَسَرْتُ الشَّىء وفسَّرتُه. والفَسْر والتَّفسِرَة : نظَر الطَّبيب إلى الماء وحُكمهُ فيه. والله أعلم بالصَّواب.

باب الفاء والشين وما يثلثهما

فشج الفاء والشين والجيم. يقولون : فَشَجت النّاقةُ : تفاجَّتْ لتَبُول. كذلك فى كتاب الخليل. وقال ابن دريد : فَشَحت ، بالحاء ، وأنشد :

إنَّكِ لو صاحَبْتِنا مَذِحْتِ

وحَكَّكِ الحِنْوانِ فانفشَحْتِ (١)

فشخ الفاء والشين والخاء ، فيه طَريفَةُ ابن دُريد (٢). قال : الفَشْخُ : ضربُ الرأسِ باليد.

فشل الفاء والشين واللام. يقولون : تفَشَّل الماء : سالَ. والفَشْل : شىءٌ من أدَاة الهَوْدَج.

فشا الفاء والشين والحرف المعتلّ كلمةٌ واحدة ، وهى ظهورُ الشَّىء ، يقال : فَشَا الشَّىء : ظَهَر.

وحكى ابنُ دريد (٣) : فَشَأَ المرضُ فيهم فشُوءًا ، وتفشَّأَ تفشُّؤًا.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٥٩) واللسان (مذح ، فشح) ، والبيان (٣ : ٣١٨).

(٢) الجمهرة (٢ : ٢٢٤).

(٣) فى الجمهرة (٣ : ٢٨٧).

٥٠٤

فشغ الفاء والشين والغين أصلٌ يدلُّ على الانتشار. يقال انفشغ الشَّىء وتفشَّغ ، إذا انتشَر. ويقولون : الفَشْغة : القُطنة فى جوف القَصَبة. والفُشاغ (١) : نبات يتفشَّغُ على الشَّجر ويلتوِى. والناصية الفَشْغاء : المُنتشِرة. وتفَشَّغَ فيه الشَّيب : ظَهَر. وتفشَّغَ به الدَّم. ويقولون : أفْشَغَهُ سوطاً : ضَربَه.

فشق الفاء والشين والقاف ، ليس هو عندى أصلاً ، ولكنَّهم يقولون : الفَشَق : المُباغَتة. فَاشَقَ : باغَتَ. وفَشَقَ بنو فلانٍ الدُّنيا (٢) ، إذا كثُرَت عليهم فلَعِبوا بها. والله أعلم بالصَّواب.

باب الفاء والصاد وما يثلثهما

فصل الفاء والصاد واللام كلمةٌ صحيحةٌ تدلُّ على تمييز الشَّىء من الشَّىء وإبانته عنه. يقال : فَصَلْتُ الشَّيءَ فَصْلاً. والفَيْصل : الحاكم. والفَصِيل : ولدُ النَّاقةِ إذا افتُصِلَ عن أُمِّه. والمِفْصَل : اللِّسان ، لأنَّ به تُفصَل. الأمور وتميَّز. قال الأخطل :

وقد ماتت عِظامٌ وَمِفْصَلُ (٣)

والمفاصل : مَفاصِل العِظام. والمَفْصِل : ما بين الجبلَيْن ، والجمع مَفاصل. قال أبو ذُؤيب :

__________________

(١) هو كغراب ورمان ، كما فى القاموس واللسان.

(٢) هذا مما ورد فى القاموس ولم يرد فى اللسان.

(٣) البيت بتمامه كما فى ديوان الأخطل ص ٢ :

سريع مدام يرفع الضرب رأسه

ليحيا وقد ماتت عظامومفصل

٥٠٥

مَطَافيلَ أبكارٍ حديثٍ نِتاجُها

يُشابُ بماءٍ مثلِ ماءِ المفاصلِ (١)

والفَصِيل : حائطٌ دونَ سُور المدينة. وفى بعض الحديث : «مَن أنفَقَ نفقةً فاصلةً فله من الأجر كذا». وتفسيره فى الحديث أنَّها التى فَصَلَت بين إيمانه وكُفره.

فصم الفاء والصاد والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على انصداعِ شىءٍ من غير بَيْنُونة. من ذلك الفَصْم ، وهو أن ينصَدِع الشَّىءُ من غير أن يَبين. وكلُّ منحنٍ من خَشَبَةٍ وغيرها فهو مفصوم. قال :

كأنَّه دُمْلُجٌ من فِضّةٍ نَبَهٌ

فى مَلْعبٍ من عَذَارى الحىِ مفصومُ (٢)

فصى الفاء والصاد والياء أصلٌ صحيح يدلُّ على تنحِّى الشَّىء عن الشَّيء. يقال تفَصَّى اللَّحمُ عن العَظْم ، وتفَصَّى الإنسانُ من البِليَّة : تَخَلَّص. والاسم الفَصْية. وفى حديث : قَيْلة : «الفَصْية والله ، لا يزالُ كعبُكِ عاليا». وأفْصَى : رجلٌ (٣).

فصح الفاء والصاد والحاء أصلٌ يدلُّ على خُلوصٍ فى شىء ونقاء من الشَّوب. من ذلك : اللِّسان الفصيح : الطَّليق. والكلام الفصيح : العربىّ. والأصلُ أفْصَحَ اللَّبَنُ : سكنت رَغوتُه. وأفْصَحَ الرّجل : تكلَّم بالعربيَّة. وفَصُح :

__________________

(١) ديوان الهذليين (١ : ١٤١) واللسان (فصل) والحبوان (٢ : ٣٥١) وأمالى المرتضى (١ : ١٨٧) وثمار القلوب ٤٤٦ والمخصص (١ : ٢٣ / ٥ : ٦٥ / ١٦ : ١٦١).

(٢) لذى الرمة فى ديوانه ٥٧٢ واللسان (نبه ، فصم). وسيأتى فى (نبه).

(٣) ومنه أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة ، وأفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جديلة.

٥٠٦

جادت لغتُه حتَّى لا يلحَنُ. فى كتاب ابن دريد (١) : «أفصح العربىُ إفصاحاً ، وفَصُح العجمىُ فَصاحةً ، إذا تكلَّم بالعربية». وأراه غلطاً ، والقول هو الأوّل. وحكَى : فَصُحَ اللبنُ فهو فصيح ، إذا أُخذت عنه الرِّغوة. قال :

وتحتَ الرُّغوةِ اللَّبنُ الفصيح (٢)

ويقولون : أفصَحَ الصُّبح ، إذا بدا ضوؤه. قالوا : وكلُّ واضحٍ مُفْصِحٌ. ويقال إنَّ الأعجم : ما لا ينطق ، والفصيحَ : ما ينطق.

ومما ليس من هذا الباب الفِصْح (٣) : عيدُ النصارى ، يقال : أفصحوا : جاء فِصحُهم.

فصد الفاء والصاد والدال كلمة صحيحة ، وهى الفَصْد ، وهو قطع العِرقِ حتَّى يسيل. والفَصيد : دمٌ كان يُجعَل فى مِعًى من فَصد عروق الإبل ، ويُشوَى ويُؤكل ، وذلك فى الشدّة تُصيب. قال الأعشى :

ولا تأخُذ السَّهمَ الحديدَ لتفصِدا (٤)

ويقولون : [تفصَّد (٥)] الشىء : سال.

فصع الفاء والصاد والعين يدلُّ على خروجِ شىء عن شىء. يقال : فَصَع الرُّطَبة ، إذا قَشَرَها. ويقولون : الفُصْعة : غُلْفة الصبىّ إذا اتَّسعت حتَّى تبدوَ حَشَفتُه.

__________________

(١) الجمهرة (٢ : ١٦٣).

(٢) البيت لنضلة السلمى ، كما فى اللسان (فصح). وصدره كما فى اللسان ومجالس ثعلب ٩ والبيان والتبيين (٣ : ٣٣٨) :

طلم بخشوا مصالته عليهم

(٣) كذا تذهب معجمات اللغة جميعها. والحق أن الكلمة كما ظهر لى معربة من العبرانية «پِيسَحْ» ، وقد حققت ذلك التأصيل بإسهاب لأول مرة فى حواشى الحيوان (٤ : ٥٣٤).

(٤) صدره كما فى ديوان الأعشى ١٠٣ :

إياك والميتات لأتا كلنها

(٥) التكملة من المجمل.

٥٠٧

باب الفاء والضاد وما يثلثهما

فضل الفاء والضاد واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على زيادةٍ فى شىء. من ذلك الفَضْل : الزِّيادة ، والخير. والإفضال : الإحسان. ورجل مُفْضِل. ويقال : فَضَل الشّىءُ يَفْضُل ، وربما قالوا فَضِلَ يَفْضُل ، وهى نادرة. وأمَّا المتفضِّل فالمدَّعى للفَضْل على أضرابِه وأقرانه. قال الله تعالى فى ذِكر مَن قال : (ما هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ). ويقال المتفضِّل : المتوشَّح بثَوبه. ويقولون : الفُضُل : الذى عليه قميصٌ ورداءٌ ، وليس عليه إزارٌ ولا سراويل. و [منه] قول امرئِ القَيس :

وتُضْحِى فَتيتُ المِسْكِ فوقَ فراشها

نَؤومُ الضُّحَى لم تنتطِق عن تفضُّلِ (١)

فضى الفاء والضاد والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على انفساحٍ فى شىء واتِّساع. من ذلك الفَضاء : المكان الواسِع. ويقولون : أفضَى الرّجُل إلى امرأته : باشَرَها. والمعنى فيه عندنا أنّه شُبّه مقدَّمُ جسمه بفَضاء ، ومقدَّمُ جسمها بفضاء ، فكأنه لاقَى فضاءَها بفضائه. وليس هذا ببعيدٍ فى القياس الذى ذكرناه.

ومن هذا على طريق التشبيه : أفضَى إلى فلانٍ بسرِّه إفضاءً ، وأفضى بيده إلى الأرض ، إذا مَسَّها بباطِنِ راحته فى سُجوده وهو من الذى ذكرناه فى قياس

__________________

(١) البيت من معلقته المشهورة. ويروى : «ويضحى فتيت المسك».

٥٠٨

الفَضَاء. ويقولون : الفَضَا ، مقصور : تمر وزبيبٌ يُخلَطان. وقال بعضهم : الفَضَا مقصور : الشَّيئان يكونان فى وعاءٍ مختلطَين لا يُصَرُّ كلُّ واحدٍ منهما على حِدَة. قال :

فقلت لها يا عَمَّتَا لك ناقتِى

وتمرٌ فضاً فى عَيْبتى وزَبيبُ (١)

وقال :

طعامُهمُ فَوضى فَضاً فى رحالهمْ (٢)

فضح الفاء والضاد والحاء كلمتان متقاربتان تدلُّ إحداهما على انكشافِ شىء ، ولا يكاد يُقال إلّا فى قبيح ، والأخرى على لونٍ غير حسنٍ أيضاً. فالأوَّل قولهم : أفْضَح الصُّبح وفَضَّح ، إذا بدا. ثم يقولون فى التَّهتُّك : الفُضوح. قالوا : وافْتَضَح الرّجُل* ، إذا انكشفتْ مساوِيه.

وأمَّا اللَّون فيقولون : إنّ الفَضَح : غُبْرَةٌ فى طُحْلة ؛ وهو لَوْنٌ قبيح (٣). وأفْضحَ البُسر ، إذا بدَتْ منه حمرةٌ. ويقولون : الأفْضَح : الأسَد ، وكذلك البعير ، وذلك من فَضَحِ اللَّون.

فضخ الفاء والضاد والخاء فيه كلمةٌ تدلُّ على الشَّدخ. يقال : فَضَخْت الرُّطَبة : شَدَخْتُها. والفَضِيخ : رُطَبٌ يُشْدَخ ويُنْبَذ.

__________________

(١) فى المجمل : «يا عمتى». وفى اللسان (فضا): «يا خالتى» ، ونبه على رواية المجمل.

(٢) البيت للمعذل البكرى ، كما فى اللسان (فضا). وعجزه :

ولا يحسنون الشر إلا تناديا

(٣) فى الأصل : «ويقولون قبيح» ، صوابه فى المجمل.

٥٠٩

باب الفاء والطاء وما يثلثهما

فطم الفاء والطاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على قَطْع شىء عن شىء. يقال : فَطَمَت الأمُّ ولَدَها ، وفَطَمتُ الرّجُلَ عن عادته. قال أبو نصرٍ صاحبُ الأصمعىّ : يقال فَطَمْتُ الحَبْلَ ، إذا قطعتَه. قال : ومنه فِطام الأمِّ ولَدَها.

فطن الفاء والطاء والنون كلمةٌ واحدةٌ تدل على ذكاء وعلم بشىء. يقال : رجلٌ فَطِنٌ وفَطُنٌ ، وهى الفِطْنَة والفَطَانة (١).

فطأ الفاء والطاء والهمزة كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على تطامُنٍ. يقال للرَّجُل الأفطس : الأفْطَأ. ويقولون : فَطِئَ البعيرُ ، إذا تطامَنَ ظهره خِلْقةً.

فطح الفاء والطاء والحاء كلمة واحدة. يقولون : فَطَّحْتُ العُود وغيرَه ، إذا عرَّضْتَه. وهو مُفَطَّح. ورأسٌ مفطَّح : عريض.

فطر الفاء والطاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فَتْح شىء وإبرازِه من ذلك الفِطْرُ من الصَّوم. يقال : أَفْطَرَ إفطاراً. وقومٌ فِطْرٌ (٢) أى مُفْطِرُون. ومنه الفَطْر ، بفتح الفاء ، وهو مصدرُ فطَرْتُ الشاةَ فَطراً ، إذا حلَبْتَها. ويقولون : الفَطْر يكون الحلبَ بإصبَعين. والفِطْرَة : [الخِلْقة (٣)].

__________________

(١) فى الأصل : «والفطنة». ومن أخوات هذه المصادر الفطن مثلثة ، وبالتحريك ، وبضمتين ومنها الفطونة والفطانية.

(٢) يقال للواحد والجميع.

(٣) التكملة من المجمل.

٥١٠

فطس الفاء والطاء والسين. فيه الفَطَس فى الأنف : انفِراشُه. وفِطِّيسَةُ الخنزير : أنْفُه. والفِطِّيس : المِطْرَقة ، ولعلَّها سمِّيت بذلك لأنَّها يُكسَرُ بها الشىء ، ويتطَامَن (١). ويقولون : فَطَسَ : مات. ويقولون : الفَطْسَة : خَرَزَة يُؤَخَّذ بها.

باب الفاء والظاء وما يثلثهما

فظع الفاء والظاء والعين كلمةٌ واحدة. أفْظَع الأمرُ وفَظُع : اشتدَّ. وهو مُفْظِعٌ وفظيع. والله أعلم.

باب الفاء والعين وما يثلثهما

فعل الفاء والعين واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على إحداث شىء من عملٍ وغيره. من ذلك : فَعَلْتُ كذا أفعلُه فَعْلا. وكانت مِن فُلانٍ فَعْلةٌ حَسَنَةٌ أو قبيحة : والفِعَال جمع فِعْل. والفَعَال ، بفتح الفاء : الكَرَم وما يُفْعَل من حَسَن.

وبقيت كلمةٌ ما أدرى كيف صحّتها. يقولون : الفِعَال : خَشَبة الفأس.

فعم الفاء والعين والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على اتِّساعٍ وامتلاء. فالفَعْم : الملآن. فَعُم يَفْعُم فَعامةً وفُعُومة. وامرأةٌ فَعْمة السَّاقَين ، إذا امتلأت ساقُها لحماً. وأفعمْتُ الشَّىءَ : ملأته.

__________________

(١) فى الأصل : «وتطامن».

٥١١

فعى الفاء والعين والحرف المعتلّ كلمة واحدة ، وهى الأفعَى : حيَّة [وحَكى ناسٌ : تفعَّى الرّجل ، إذا ساءَ (١)] خُلقُه ، مشتقٌّ من الأفعى. والله أعلم.

باب الفاء والغين وما يثلثهما

فغم الفاء والغين والميم كلمتان ، إحداهما تدلُّ على فَتْح شىءٍ أو تفتُّحه ، ولا يكون إلّا طيّباً. والأخرى تدلُّ على الوَلُوع بالشَّىء. فالأولى : فَغَمَ الوردُ : تفتَّح. والرِّيح الطيِّبةُ تَفْغَم ، أى تصير فى الأنف تَفتح السُّدَّة. وأفْغَمَ المِسكُ المكانَ : ملأه برائحته.

الكلمة الأخرى : فَغِم بكذا : أُولِعَ به وحَرَصَ عليه : قال الأعشى :

[تؤمُّ ديارَ بنِى عامرٍ

وأنتَ بآل عَقيل فَغِمْ (٢)]

فغى الفاء والغين والحرف المعتلُّ كلمةٌ واحدة. يقولون : الفاغِيَة : نَوْر الحِنَّاء. يقال : أَفْغى ، إذا أخْرَجَ فاغِيَتَه. ويقولون : الفَغَا : فَسَادٌ فى البُرِّ.

فغر الفاء والغين والراء أصلٌ صحيح يدلّ على فتْح وانفتاح. من ذلك فغَر الرجلُ فاه: فتَحَه. وفَغر فوهُ ، إذا انفتح. وانفغَر النَّوْرُ : تفتَّح. والفاغرة : ضربٌ من الطيِّب. ويقال: إنّ المَفغَرة : الأرضُ الواسعة.

__________________

(١) التكملة من المجمل.

(٢) البيت ساقط من الأصل ، وإثباته من الديوان ٣٠ واللسان (فقم). وأنشد عجزه فى المجمل بدون نسبة.

٥١٢

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله فاء

من ذلك (الفَرْزدقة) : القِطعة من العجين. وهذه كلمةٌ منحوتة من كلمتين (١) ، من فَرَزَ ومن دَقَّ ، لأنَّه دقيقٌ عُجِنَ (٢) ثم أُفرِزَت منه قطعة ، فهى من الفَرْز والدَّقّ.

ومن ذلك (الفَرقَعة) : تنقيضُ الأصابع. وهذا ممَّا زيدت فيه الراء ، وأصله فَقَع ، وقد ذكر.

ومن ذلك قولهم (افْرَنقَعوا) ، إذا تنحَّوا. وهى كلمةٌ منحوتة من فَرَقَ وفقَع ، لأنَّهم يتفرَّقون فيكونُ لهم عند ذلك فَقْعةٌ وحَرَكة.

ومن ذلك قولهم (الفِرْشِطُ) و (الفِرشاط (٣)) : الواسع. وهذا مما زيدت فيه الطاء ، والأصل فَرَش ؛ ويكون ذلك من فرشت الشَّىء. ومن هذا الباب (فَرْشَط) البعير ، لأنه ينفرِش ويَنْبَسِط.

ومن ذلك (الفَلْقَم) : الواسع. وهذا من كلمتين : من فَلَق ولَقِم ، كأنّه من سَعته يَلْقَم الأشياء. والفَلْق : الفتح.

__________________

(١) كذا. والحق أن الكلمة معربة من الفارسية «پرازده». انظر اللسان ومعجم استينجاس ٢٣٩ ، إذا فسرها بقوله : «Lump of dough» أى كتلة أو قطعة أو قرص من العجين.

(٢) فى الأصل : «عجين».

(٣) الكلمة وسابقتها لم تردا فى اللسان. وفى القاموس : «فرشط : قعد ففتح ما بين رجليه ، وهو فرشط كزبرِج وقرطاس».

٥١٣

وقد ذكروا من ذلك (الفَلْحَس) الرَّجل الحريص والكلب الفَلْحَس (١) وهذا مما زيدت فيه الفاء ، والأصل لَحِسَ كأنَّه من حرصه يَلْحَس الأشياء لحسا. والفلْحَس : المرأة الرسحاء ، كأنَّ اللحم منها قد لُحِس حتَّى ذهب.

ومن ذلك (الفُرهُد) : الحادر الغليظ. وهذه منحوتةٌ من كلمتين : من فَرِه ورَهَد. فالفَرَه : كثرة اللحم ، والرَّهَد : (٢) استرخاؤُه.

ومن ذلك (الفَرْشَحة) ، وهو أن يفرِّج الإنسانُ بين رجلَيه ويُباعدَ إحداهما من الأخرى ، وهو المنهىُّ عنه فى الصلاة. وهذا من كلمتين : من فَرَشَ وفَسَح ، وقد مرَّ تفسيرُهما.

ومن ذلك قولُهم : لقيت منه (الفُتَكْرِينَ) ، وهى الشَّدائد. وهذا من الفتك ، وسائره زائد.

ومن ذلك (الفَدْغَم) : الرجل العظيم الخَلْق ، والميم فيه زائدة ، وكأنَّه يَفْدَغ بخَلْقِه الأشياء فَدْغاً.

ومما وُضِع وضعاً ولعلَّ له قياساً لا نعلمُه (الفَرْقد) : ولد البَقَرة. و (الفَرقدانِ) : نجمان. و (فَقْعَسٌ) : حىٌّ من الأسَد (٣). و (الفِطَحْل) : زمنٌ لم يُخلَق الناس [فيه (٤)] بَعد. و (الفَلَنْقَس) : الذى أُمُّه عربيّةٌ وأبوه عجَمىّ. و (الفِرصاد) :

__________________

(١) الذى فى المجمل : «ويقال للكلب فلحس».

(٢) هذا المصدر مما لم يرد فى المعاجم المتداولة.

(٣) يقال أسد ، والأسد. انظر اللسان. وفى المجمل : «حى من أسد».

(٤) التكملة من اللسان.

٥١٤

التُّوت. و (الفِرنِب) الفأرة (١). ويقولون : (الفُرْطُوم) : منقار الخُفّ. يقال خَفٌ مُفَرْطَم. وأمّا قوله :

عَكْفَ النَّبيط يَلعبونَ الفَنْزَجا (٢)

فيقال إنّه فارسىٌ (٣) وإنَّه الدَّسْتَبَنْد (٤). و (الفُرْعُل) : ولد الضَّبُع على ما قالُوا ، من كلام العرب. والله أعلم

تم كتاب الفاء والله أعلم بالصَّواب

تم الجزء الرابع من مقاييس اللغة بتقسيم محققه

ويليه الجزء الخامس وأوله كتاب القاف

__________________

(١) أنشد شاهداً له فى اللسان :

يدب بالليل إلى جاره

كفسيون دب إلى فرنب

(٢) للعجاج فى ديوانه ٨ واللسان (فنزج) والمعرب للجواليقى ٢٣٧ وأدب الكاتب ٣٧٧.

(٣) قالوا : هو معرب «پنجكان».

(٤) فى الألفاظ الفارسية المعربة لأدى شير ٦٣ : «الدستبند لعبة المجوس يدورون وقد أمسك بعضهم يد بعض كالرقص ، مركب من دست ، أى يد ، ومن بند ، أى رباط».

٥١٥