من الشىء إذا انفَضَ. والفاضَّة. الدَّاهية ، والجمع فَوَاضُّ ، كأنَّهَا تَفُضُ ، أى تُفَرَّق.
ومن الذى يجوز أن يُقاسَ على هذا : الفَضْفَضَة : سَعَةُ الثَّوب. وثوبٌ فَضفاضٌ ودرعٌ فضفاضةٌ ، لأنَّها إذا اتسَعتْ تباعَدَتْ أطرافُها. وأمَّا الفضِيض فالماء العَذْب ، سمِّى لفَضاضتِه وسُهولةِ مَرَّة فى الحَلْقِ.
فظ الفاء والظاء كلمةٌ تدلُّ على كراهةٍ وتكرُّه. من ذلك الفَظ : ماء الكَرِش. وافتُظَّ الكرِش ، إذا اعتُصِر. قال الشاعر (١) :
فكانوا كأنْفِ اللَّيث لا شَمَّ مَرْغَماً |
|
وما نال فَظَّ الصَّيد حَتَّى يُعفِّرا (٢) |
قال بعضُ أهل اللُّغة : إنَ الفَظاظةَ من هذا. يقال رجلٌ فظٌّ : كريه الخُلُق. وهو من فَظِّ الكَرِش ، لأنه لا يُتناول إلَّا ضرورةً على كراهة. ويقولون : الفَظِيظ : ماء الفَحْل.
فغ (٣) الفاء والغين ليس فيه كلامٌ أَصيل ، وهو شِبْهُ حكايةٍ لصوت. يقولون : الفَغْفَغَة: الصَّوت بالغَنَم. ويقولون : الفغْفغانى (٤) : القصَّاب أو الرَّاعى ؛ وكذلك الفَغْفغىّ. ويقولون : الفَغْفَغان : الرّجلُ الخفيفُ. وتفغفغَ فى أمره : أسرَعَ. وكلُّ هذا قريبٌ بعضه من بعض. والله أعلم بالصَّواب.
__________________
(١) هو جساس بن نشبة ، كما فى اللسان وتاج العروس (فظظ). وفى الحماسة ٣٣٩ بشرح المرزوقى أنه حسان بن نشبة.
(٢) فى اللسان : «فكونوا». وفى الأصل : «حتى تعفرا» ، صوابه فى اللسان.
(٣) هذه المادة ليست فى اللسان. والذى فى القاموس : «الفغة : تضوع الرائحة. وقد فغتنى الرائحة». فسائر المادة هنا مما انفردت به المقاييس والمجمل.
(٤) فى الأصل : «الفغفغان» ، وأثبت ما فى المجمل.
باب الفاء والقاف وما يثلثهما
فقم الفاء والقاف والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اعوجاج وقلّة استقامة. من ذلك الأمْرُ الأفْقَمُ ، هو الأعوج. والفَقَم : أن تتقدَّمَ الثَّنايا السُّفلى فلا تقَعَ عليها العُليا. وهذا هو أصل الباب : وزعم أبو بكر (١) : أنَ الفَقَم الامتلاء. يقال : أصاب من الماء حَتَّى فَقِمَ ، هو أصل الباب. فإن كان هذا صحيحاً فهو أيضاً من قياسه.
فقه الفاء والقاف والهاء أصلٌ واحد صحيح ، يدلُّ على إدراكِ الشَّىء والعِلْمِ به. تقول : فَقِهْتُ الحديث أفْقَهُه. وكلُّ عِلْمٍ بشىءٍ فهو فِقْه. يقولون : لا يَفْقَه ولا يَنْقَه. ثم اختُصَّ بذلك علمُ الشَّريعة ، فقيل لكلِّ عالم بالحلال والحرام : فقيه. وأَفْقَهْتُك الشَّىء ، إذا بَيّنْتُه لك.
فقأ الفاء والقاف والهمزة يدلُّ على فَتْح الشىء وتفتُّحه. يقال : تففَّأت السَّحابةُ عن مائها ، إذا أرسلَتْه ، كأنَّها نفتحت عنه.
ومن ذلك : الفَقْء (٢) ، وهى السَّابِياءُ الذى ينفرج عن رأس المولود. ومنه فَقأْتُ عينَه أفقؤها. فأما الفُقَى مليّنٌ فجمع فُوقٍ ؛ وهو مقلوبٌ وليس من هذا الباب. قال :
__________________
(١) النص التالى ليس فى الجمهرة ، فلعله فى كتاب آخر لابن دريد.
(٢) فى الأصل : «الفقوء» ، صوابه فى المجمل واللسان. وأما الفقوء بالضم فهو جمع الفقء.
ونَبْلِى وفُقاهَا ك |
|
عَراقيبِ قَطاً طُحْلِ (١) |
فقح الفاء والقاف والحاء يدلُّ على مِثلِ ما ذكرناه قبلَه من التفتُّح. من ذلك الفُقَّاحُ : نور الإِذْخِر ، سمِّى بذلك لتفتُّحه ، ويقال بل نور الشّجرِ كُلِّه فُقَّاح. ويقال : فَقَّح الجَروُ : فتَّح عينَيه. قال الشَّاعر :
وأكحُلْكَ بالصَّابِ أو بالجَلَا |
|
فَفَقِّحْ لذلك أو غمِّضِ (٢) |
فقد الفاء والقاف والدال أصيل يدلُّ على ذَهاب شىء وضَياعِه. من ذلك قولهم. فَقَدت الشَّىء فَقْداً. والفاقد : المرأة تَفْقِد ولدَها أو بعلها ، والجمع فَواقِد. فأمَّا قولُك : تفقَّدْتُ الشَّىءَ ، إذا تطلّبتَه ، فهو من هذا أيضاً ، لأنَّك تطلبه عند فقدك إيَّاه. قال الله تعالى : (وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ).
فقر الفاء والقاف والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على انفراجٍ فى شىء ، من عضوٍ أو غير ذلك. من ذلك : الفَقَار للظَّهر ، الواحدة فَقَارةٌ ، سمِّيت للحُزُوز والفُصول التى بينها (٣). والفقير : المكسور فَقَارِ الظَّهر. وقال أهل اللُّغة : منه اشتُقَّ اسمُ الفقير ، وكأنه مكسورُ فَقَار الظَّهر ، من ذِلَّتِهِ ومَسْكَنتِه. ومن ذلك :
__________________
(١) البيت للفند الزمانى ، أو لامرئ القيس بن عابس الكندى ، كما فى اللسان (فوق ، دفنس) وأخبار النحويين البصريين لأبى سعيد السيرافى ٢٩. وانظر قصيدة البيت عند السيرافى ، وابن قتيبة فى مقدمة الشعر والشعراء ، واللسان (دفنس).
(٢) نسب البيت للمتنخل الهذلى ، كما فى اللسان (جلا). وقال ابن برى : الصواب أنه لأبى المثلم الهذلى. وأنشده ابن سيده فى المخصص (١٥ : ١٢٢) بدون نسبة ، برواية : «ففقح لكحلك».
(٣) فى الأصل : «بينها وبين» ، وكلمة «وبين» مقحمة.
فقْرَتْهم الفاقرة ، وهى الدَّاهية ، كأنها كاسرةٌ لفَقار الظهر. وبعضُ أهلِ العلم يقولون : الفَقير : الذى له بُلْغَةٌ من عَيْشٍ* ويحتجُّ بقوله :
أَمَّا الفَقير الذى كانت حَلُوبَتُه |
|
وَفْقَ العِيال فلم يُترَك له سَبَدُ (١) |
قال : فجعل له حَلوبةً ، وجعَلَها وَفْقاً لعياله ، أى قوتاً لا فَضْلَ فيه. وأمَّا الفقير فإنّه مَخرَج الماءِ من القناة ، وقياسُه صحيح ، لأنّه هُزِم فى الأرض وكُسِر. وأمّا قولهم : أفْقَرَكَ الصَّيدُ ، فمعناه أنَّه أمكَنَك من فَقَارِه حتَّى ترمِيَه. ويقال : فَقَرْتُ البعيرَ ، إذا حَزَزتَ خَطمَه ثم جعلتَ على موضع الحزِّ الجَرِيرَ لتُذِلَّه وتَرُوضَه. وأفْقَرتُكَ ناقِتى : أعَرْتُك فَقَارَها لتركبَها. وقول القائل :
مَا ليلةُ الفَقير إلَّا شَيطانْ (٢)
فالفقير هاهنا : رَكىُّ معروف (٣). ويقال : فَقَرت للفَسِيل ، إذا حفَرتَ له حينَ تغرسه ، وفَقَرت الخَرَزَ ، إذا ثقبتَه. وسَدَّ اللهُ مَفاقِره ، أى أغناه وسَدَّ وجوهَ فقره (٤). قال :
وإنَّ الذى ساقَ الغنَى لابنِ عامرٍ |
|
لَرَبِّى الذى أرجو لسدِّ مَفاقرِى (٥) |
فقس الفاء والقاف والسين. يقولون : فَقسَ : مات (٦).
__________________
(١) البيت للراعى ، كما فى إصلاح المنطق ٣٦٠ واللسان (فقر ، وفق) والمخصص (١٢ : ٢٨٥ ، ٢٨٦). وأنشده فى المجمل بدون نسبة.
(٢) بعده فى اللسان (فقر) ومعجم البلدان (الفقير) مع تحريف فى المعجم :
محنونة تودى بروح الإنسان
(٣) وكذا فى المجمل ومعجم البلدان. وفى اللسان : «ركية بعينها».
(٤) فى الأصل : «وجو فقر».
(٥) أنشده كذلك فى المحمل.
(٦) زاد فى اللسان : «وقيل مات فجأة».
فقص الفاء والقاف والصاد ليس بشىء ، إلا أنَّهم يقولون : فُقِصَت البيضةُ عن الفَرْخ.
فقع الفاء والقاف والعين. اعلمْ أنَّ هذا البابَ وكلِمَهُ غيرُ موضوعٍ على قياس ، وهى كلماتٌ متبايِنة.
من ذلك الفَقْع : ضَربٌ من الكَمْأَة ، وبه يشبَّه الرّجلُ الذَّليل فيقال : «هُوَ أذَلُّ من فَقْعٍ بقاع (١)». والفَقْع : الحُصَاص (٢). وهذا من قولهم : فَقَّع بأصابعه : صَوَّت.
وممَّا (٣) لا يشبه الذى قبلَه صفةُ الأصفر ، يقال أصفرُ فافع. ويقولون : الإفقاع : سُوء الحال ، يقال منه : أفْقَعَ. وفَواقع الدَّهر : بَوائِقُه فأمَّا الفُقَّاع فيقال إنّه عربىّ. قال الخليل : سمِّى فُقّاعاً لما يرتفع فى رأسه من الزَّبد. قال : والفَقافيع كالقوارير فوقَ الماء.
باب الفاء والكاف وما يثلثهما
فكل الفاء والكاف واللام كلمةٌ واحدة ، وهى الأفْكَل : الرِّعدة. ويقولون : لا يُبنَى منه فعل
__________________
(١) ويقال أيضا : «بقرقر» و «بقردد». اللسان (فقع).
(٢) وفسره بهذا اللفظ أيضا فى المجمل. وهو الضراط.
(٣) فى الأصل : «وما».
فكن الفاء والكاف والنون كلمةٌ واحدة ، وهى التندّم ، يقال تندَّم وتفكَّنَ بمعنًى.
فكه الفاء والكاف والهاء أصلٌ صحيح يدلُّ على طِيب واستطابةٍ. من ذلك الرّجُل الفَكِه : الطيِّب النَّفس.
ومن الباب : الفاكهة ، لأنَّها تُستَطابُ وتُستطرَف.
ومن الباب : المُفاكَهة ، وهى المُزاحة وما يُستحلَى من كلام.
ومن الباب : أفكَهَتِ النّاقةُ والشّاةُ ، إذا دَرَّتا عند أكل الرَّبيع وكانَ فى اللبن أدنَى خُثُورة ؛ وهو أطيَبُ اللَّبن.
فأمَّا التَّفَكُّه فى قوله تعالى : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) فليس من هذا ، وهو من باب الإبدال (١) ، والأصل تَفَكَّنون ، وهو من التندُّم ، وقد مضى ذِكرُه.
فكر الفاء والكاف والراء تردُّدُ القَلْب فى الشَّىء يقال تفكّرَ إذا ردَّدَ قلبه معتبِرا. ورجلٌ فِكِّير : كثير الفِكر (٢).
باب الفاء واللام وما يثلثهما
فلم الفاء واللام والميم كلمةٌ. يقولون الفَيْلم : العظيم من الرَّجال. وفى ذكر الدَّجَّال : «رأيتُه فَيْلَمَانِيَّا». وقال الشَّاعر (٣) :
ويَحمِى المُضافَ إذا ما دَعا |
|
إذا فرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ |
__________________
(١) هو لغة لعكل ، أو لأزد شنوءه ، كما فى اللسان (فكه).
(٢) ويقال أيضا «فيكر» بفتح الفاء وسكون الياء ، هذه عن كراع.
(٣) هو البريق الهذلى ، كما سبق فى حواشى (ضيف).
ويقولون : الفَيْلَم : المُشْط (١). وليس بشىء.
فلن الفاء واللام والنون كناية عن كلِّ أحد. ورخَّمه أبو النجمِ فقال :
فى لَجَّةٍ أَمْسِكْ فُلاناً عَنْ فُلِ (٢)
هذا فى الناس ، فإنْ كان فى غيرهم قيل : ركبتُ الفلانةَ والفرس الفلان (٣).
فلو الفاء واللام والحرف المعتلّ كلمةٌ صحيحة فيها ثلاث كلمات : التَّربية ، والتفتيش ، والأرض الخالية.
فالتّربِيَة : فَلَوتُ المُهْرَ ، إذا ربَّيْته. يقال : فلاهُ يَفلوه. ويسمَّى فَلُوًّا : قال الحُطيئة :
سعيدٌ وما يفعلْ سعيد فإنَّه |
|
نَجيبٌ فَلَاه فى الرِّباط نَجيبُ (٤) |
وقولهم : فلَوتُه عن أمِّه ، أى قطعته عن الفطام (٥) ، فمعناه ما ذكرناه. وفَلَوْتُ المُهر وافتليتُه. قال :
__________________
(١) وينشدون فى ذلك : كما فرق اللمة الفيلم.
(٢) المجمل واللسان (فلن) والخزانة (١ : ٤٠١). وانظر أرجوزته المنشورة بمجلة المجمع العلمى العربى (٨ : ٤٧٢ ـ ٤٧٩) ، وهى أرجوزة طويلة عدة أشطارها ١٩١ شطراً وكان رؤبة يسميها «أم الرجز».
(٣) فى الأصل : «وفى الفردس الفلان». وفى المجمل : «قيل الفلانة والفلان».
(٤) ديوان الحطيئة ٤٢ واللسان والمجمل (فلا). وسعيد هذا ، هو سعيد بن العاصى الجواد الخطيب ، كما فى اللسان والبيان (٣ : ١١٦) بتحقيقنا. وكلمة «فإنه» ساقطة من المجمل ، وإثباتها من الديوان ، واللسان ، والمجمل.
(٥) وكذا فى المجمل ، أى بعد الفطام. وفى اللسان : «عزله عن الرضاع وفصله».
وليس يَهْلِك منا سيّدٌ أبداً |
|
إلّا افتلينا غُلاماً سيِّداً فينا (١) |
والكلمة الأخرى : فَلَيْتَ الرَّأس أفْليه. ثم يستعار فيقال : فلَيْتَ رأسَه بالسَّيف أفليه.
والكلمة الثالثة : الفلاة ، وهى المَفَازة ، والجمع فلواتٌ وفَلاً.
فلت الفاء واللام والتاء كلمةٌ صحيحة تدلُّ على تخلُّصٍ فى سرعة. يقال : أفْلَتَ يُفْلِتُ. وكان ذلك الأمر فَلْتَةً ، إذا لم يكُنْ عن تدبُّر ولا رأىٍ ولا تردُّد (٢). ويقال : تفلَّتَ إلى هذا الأمر ، كأنَّه نازَعَ إليه. وفرسٌ فَلَتَانٌ : نشيطٌ حديدُ الفؤاد. وثَوبٌ فَلُوتٌ : لا ينضمُّ طرفاهُ على لابِسِه من صِغَره ، كأنَّ معناه أنَّه يُفْلِت من اليد (٣).
ومن الباب : افتُلِتَ الإنسان ، إذا ماتَ فجأة. وفى الحديث : «أُمِّى افْتُلِتَتْ نَفْسُها». والفَلْتة : آخِرُ يوم من جمادَى الآخرة.
فلج الفاء واللام والجيم أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدهما على فوزٍ وغَلَبة ، والآخر على فُرْجَةٍ بين الشَّيئين المتساويين.
فالأول : قولُهم ، فُلِجَ الرَّجُل على خَصْمِه ، إذا فازَ : والسَّهم الفالِج : الفائز. والرَّجل [الفالج] : الفائز. والاسم الفُلْج. ومن أمثال العرب : «أنَا من هذا الأمر فالجُ بن خَلَاوةَ» قالوا : معناه أنا منه برىءٌ. وتفسير هذا أنَّه إذا خلا منه
__________________
(١) لبشامة بن حزن النهشلى ، كما فى اللسان (فلا) وأنشده فى المجمل بدون نسبة ومقطوعة البيت فى الحماسة (١ : ٢٥) منسوبة لبعض بنى قيس بن ثعلبة.
(٢) وكذا فى المجمل. ولعل صوابها «ترو». وفى اللسان : «والفلتة : كل شىء فعل من غير رؤية».
(٣) فى الأصل : «إلى البد» ، صوابه من اللسان.
فقد فازَ ، أى نجا منه. وخَلَاوة ، مِن خلا يخلو. وقال علىٌّ عليه السلام : «إنَّ المرءَ المسلم إذا لم يَغْشَ دناءَةً يَخْشَعُ إذا ذُكِرَتْ له ، وتُغْرِى به لئامَ النَّاس ، كالياسر الفالج ، ينتِظر فَوزةً من قِداحِه».
والأصل الآخر : الفَلَج فى الأسنان (١) : تَباعُدُ ما بين الثَّنايا والرَّبَاعِيَات. وقال أبو بكر : «رجلٌ أفْلج الأسنانِ ، وامرأةٌ فلجَاء الأسنان ، لا بدَّ من ذِكْر الأسنان (٢)». فأمَّا الفَلَج فى اليَدينِ فقال أبو عُبيد : الأفلج : الذى اعوجاجُه فى يديه ، فإنْ كان فى رجليه فهو فَحَجٌ. وهذا هو القياسُ الأوَّل ؛ لأنَّ اليدَ إذا اعوجَّت فلا بدَّ أن تتجافَى وتتباعد.
ومن الباب : الفالِج : الجَمَل (٣) ذو السَّنامَين ، وسمِّى للفُرجة بينهما. وفرسٌ أفلَجُ : متباعِدُ ما بين الحَرْقَفَتين. وكلُّ شىءٍ شققتَه فقد فَلَجْتَه فَلْجين. أى نِصفَين.
قال ابن دُريد : «وإنَّما قيل فُلِجَ الرّجُل لأنَّه ذهب نِصفُه (٤)». ويقال لِشُقَّة الثَّوب: فَلِيجة. والفَلَج : النَّهر ، وسمِّى بذلك لأنّه فُلجَ ، أى كأنَّ الماء شقَّه شَقَّا فصار فُرْجَة. فأمَّا الفَلُّوجة فالأرض المُصْلَحة للزَّرع ، والجمع فَلَاليج. وأمَّا الحديث : «أنَّهما فَلَجا الجزْية». فإنّه يريد قَسَماها ، وسمِّى ذلك فَلْجاً لأنّه تفريق.
__________________
(١) فى الأصل : «الإنسان». صوابه من المجمل ومما تقتضيه المقابلة باليدين فيما يأتى.
(٢) الجمهرة (٢ : ١٠٧).
(٣) فى الأصل : «الرجل» ، وهو من طريف التصحيف.
(٤) الجمهرة (٢ : ١٠٧).
فلح الفاء واللام والحاء أصلان صحيحان ، أحدُهما يدلُّ على شَقٍّ ، والآخر على فَوْزٍ وبَقاء.
فالأوَّل : فَلَحتُ الأرضَ : شَقَقتُها. والعرب تقول : «الحديد بالحديد يُفْلَح». ولذلك سمِّى الأكّار فَلَّاحا. ويقال للمشقوق الشَّفةِ السُّفلى : أفْلَحُ ، وهو بيِّن الفَلَحَة. وكان عنترةُ العبسىُّ يلقَّب «الفَلْحاء» لَفلَحةٍ كانت به. قال :
وعَغْترةُ الفَلحاءُ جاء مُلَأَّماً |
|
كأنَّك فنِدٌ من عَمَايةَ أسودُ (١) |
والأصل الثّانى الفَلَاح : البقاء والفَوْز. وقولُ الرّجُل لامرأته : «استَفلِحِى بأمرِك» ، معناه فُوزِى بأمرك. والفَلَاح : السَّحُور. قالوا : سمِّى فَلَاحاً لأنَّ الإنسانَ تبقى معه قُوّتُه على الصَّوم. وفى الحديث : «صلّينا مع رسول الله صلّى الله عليه وآله حتَّى خنْنا أنْ يَفوتَنا الفَلَاح». قال الشَّاعر :
لكلِّ همٍّ من الهُمومِ سَعَهْ |
|
والمُسْى والصُّبْحُ لا فَلَاح مَعَهْ (٢) |
فلذ الفاء واللام والذال أُصَيلٌ يدلُّ على قَطْع شىءٍ من شىء. من ذلك الفِلْذة : القِطْعة من الكَبِد ، والجمع فِلْذ. قال :
تكفيه حُزَّةُ فِلْذٍ إنْ أَلَمّ بها |
|
من الشِّواء ويُروى شربَه الغُمَرُ (٣) |
__________________
(١) البيت لشريح بن بجير بن أسعد التغلبى ، كما فى اللسان (فلح). وقد أنشد بن فارس قطعة من البيت فى (عنق). وفى الأصل : «جد ملأما» و «من عمامة» ، كلاهما محرف.
(٢) للأضبط بن قريع من أبيات فى الأمالى (١ : ١٠٧) والمعمرين ٨ والخزانة (٤ : ٥٨٩) والأغانى (١٦ : ١٥٤) وحماسة ابن الشجرى ١٣٧ والبيان والتبيين (٣ : ٣٤١) ومجالس ثعلب ٤٨٠ والمثل السائر (١ : ٢٦٠).
(٣) لأعشى باهلة يرثى أخاه المنتشر بن وهب الباهلى ، كما سبق فى حواشى (غمر).
فالقِطْعة من المال فِلْذةٌ أيضاً. يقال فَلَذْتُ له من مالى ، أى قطعت له فِلْدةً منه.
فلز الفاء واللام والزاء ليس فيه شىء إلّا أنّهم يقولون : الفِلِزُّ : خَبَث الحديد يَنْفِيه الكِير.
فلس الفاء واللام والسين كلمة واحدة ، وهى الفَلْس ، معروف ، والجمع فُلوس. ويقولون : أفْلَسَ الرّجل ، قالوا : معناه صار ذا فُلوسٍ بعد أن كان ذا دراهم.
فلص الفاء واللام والصاد ليس فيه شىءٌ ، لكنَّهم يقولون : الانفلاص : التفلُّت (١). وفلَّصت الشَّىء من الشى : خَلّصته. وهذا إنْ صحَّ فإنَّما هو من الإبدال ، والأصل الميم ، يقال مَلَّصَ. وممكنٌ أن يكون الأصل الخاء : خَلَّص.
فلط الفاء واللام والطاء ليس بأصل ، لأنَّه من باب الإبدال ، والأصل الراء. ويقولون: أفْلَطَه الأمرُ : فاجَأَه. وتكلَّمَ فلانٌ فِلاطاً ، إذا فاجَأَ (٢) بقولِهِ. والأصل الراء فرط ، وقد ذُكِر فى بابه.
فلع الفاء واللام والعين كلمةٌ واحدةٌ تدلُّ على شَقِّ الشَّىء. تقول : فَلَعَت الشَّىءَ : شقَقْتُه. وتَفلَّعت البَيضةُ وانْفَلَعَتْ.
__________________
(١) فى الأصل والمجمل : «التلفت» ، صوابه من اللسان.
(٢) فى الأصل : «إذا جاء» ، صوابه من المجمل واللسان.
فلق الفاء واللام والقاف أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فُرْجةٍ ويَيْنُونةٍ فى الشىء ، وعلى تعظيمِ شىء. من ذلك : فَلَقْتُ الشىءَ أُفْلِقُه فَلْقاً. والفَلَق : الصُّبح ؛ لأنَّ الظَّلام يَنْفلِقُ عنه. والفَلَق : مطمئنٌّ من الأرض كأنَّه انفلَقَ ، وجمعه فِلْقانٌ. والفَلق : الخَلْق كلُّه ، كأنَّه شىءٌ فُلِق عنه شىء حَتَّى أُبرِزَ وأظْهِر. ويقال : انفَلَقَ الحَجَر وغيرُه وكلَّمَنى فلانٌ من فَلْق فيه. وهو ذاك القياس. والفَالِق : فضاءٌ بين شَقِيقَتىْ رملٍ. وقَوسٌ فِلْقٌ ، إذا كانت مشقوقةً ولم تكُ قَضيباً. والفَلِيق كالهَزْمة فى جِران البَعير. قال :
فَلِيقُها أجردُ كالرُّمحِ الضَّلِعْ (١)
والأصل الآخَر الفليقة ، وهى الدَّاهية العظيمة. والعرب تقول : يا لَلْفليقة. والأمر العَجَبُ العظيم. وأفْلَقَ فلانٌ : أتى بالفِلْق. وكذلك يقال شاعرٌ مُفلِق. وقال سُويد (٢) :
إذا عَرَضَت داوِيَّةٌ مُدْلِهمَّة |
|
وغَرَّدَ حاديها عَمِلْنَ بِها فِلْقا (٣) |
والفيلق : العجبُ أيضاً.
فلك الفاء واللام والكاف أصلٌ صحيح يدلُّ على استدارةٍ فى شىء. من ذلك فَلْكة المِغزل بفتح الفاء (٤) ، سمِّيت لاستدارتها ؛ ولذلك قيل : فَلّك ثَدْىُ المرأة ، إذا استدار.
__________________
(١) الرجز لأبى محمد الفقعسى ، كما فى اللسان (فلق ، ضلع) ، وقد سبق فى (ضلع). وصواب إنشاده : «فليقه» كما سبق. وقبله :
بكل شعشاع كجذع المزدرع
(٢) سويد بن كراع العكلى ، كما فى اللسان (فلق) وإصلاح المنطق ٢٢ ، ٢٦٤.
(٣) يروى : «عرد» بالعين المهملة ، و «فرين بها».
(٤) ويقال بكسرها أيضا.
ومن هذا القياس فَلَكَ السماء. وفَلكْتُ الجَدْىَ بقضيبٍ أو هُلْبٍ : أدرتُه على لسانه لئلّا يرتضع. والفَلَك : قِطَعٌ من الأرض مستديرةٌ مرتفِعة عمَّا حولَها. ويقال إنَ فَلْكة اللِّسان : ما صَلُب من أصله. وأمَّا السفينة فتسمَّى فُلْكا. ويقال إنَّ الواحد والجمعَ فى هذا الاسم سواء ، ولعلَّها تسمَّى فَلْكاً لأنَّها تدار فى الماء.
باب الفاء والنون وما يثلثهما
فنى الفاء والنون والحرف المعتلّ. هذا بابٌ لا تنقاس كلِمُهُ ، ولم يُبْنَ على قياسٍ معلوم ، وقد ذكرنا ما جاء فيه. قالوا : فَنِىَ يَفْنَى فَناءً ، والله تعالى أفناهُ ، وذلك إذا انقطع. والله تعالى قَطَعه ، أى ذهب به. والفَنَا مَقصورٌ : عِنَب الثّعلب. والفِناء : ما امتدَّ مع الدَّار من جوانبها ، والجمع أفنية. ويقولون : هو من أفناء العرب ، إذا لم يُدْرَ ممن هو. والمُفانَاة : المداراة. قال :
أقيمه تارةً وأُقْعِدُه |
|
كما يُفانِى الشَّمُوسَ قائدُها (١) |
والأَفانِى : نبت ، الواحدة أفانِيَة. والفَنَاة : البَقرة ، والجمع فَنَوات. وشجرةٌ فَنْواء ، إذا ذهبت أفنانُها فى كلِّ شىء ، والقياس فَنَّاءُ ، لأنّه من الفَنَن.
فند الفاء والنون والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على ثِقَل وشدة ،
__________________
(١) للكميت ، كما فى اللسان (فنى) برواية : «تقيمه تارة وتقعده». ورواية المجمل تطابق رواية المقاييس.
ويقال بعضه على بعض (١). من ذلك الفِنْد : الشِّمراخ من الجبل ، وقال قوم : هو الجبَلُ العظيم ، وبه سمِّى الرجل فِنْداً.
وممَّا يقاس عليه التفنيد ، و [هو] اللوم ، لأنّه كلام يثقل على سامعه ويشتدّ. والفَنَد : الهَرَم ، وهو ذاك القياس ، ولا يكون هَرَماً إلّا ومعه إنكارُ عقل. يقال أفْنَدَ الرّجُل فهو مُفْنِدٌ ، إذا أُهْتِر. ولا يقال عجوزٌ مُفْنِدة ، لأنَّها لم تكُ فى شبيبَتها ذاتَ رأى.
ويقولون : الفَنَد : الكذب. وممكنٌ أن يكون سمِّى كذا لأنّ صاحِبَه يفنَّد ، أى يلام. وممكنٌ أن يسمّى كذا لأنَّه شديد الإثم ، شديدٌ وِزْرُه.
فنع الفاء والنون والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على طِيبٍ وكثرةٍ وكَرَم فالفَنَع : الكَرَم. ويقال إنَّ نَشْر المسكِ فَنَع. ويقال نَشْر الثناء الحَسن. ويقال : مالٌ ذو فَنَع ، أى كَثْرة. قال:
وقد أجودُ وما مالى بذى فَنَعٍ |
|
على الصَّديق وما خيرى بممنونِ (٢) |
فنق الفاء والنون والقاف أُصَيْلٌ يدلُّ على كَرَم ونَعْمة. من ذلك الفَنِيق : الفَحْل المكْرَم لا يُؤذَى لكرامته. ويقال الفُنَقُ : الجارية المنعَّمة. والمفنّق : * المنعّم.
__________________
(١) كذا وردت هذه العبارة.
(٢) أرى البيت ملفقاً من بيتين ، أحدهما لأبى محجن الثقفى فى ديوانه ٧ واللسان (فنع ، فجر) ، وهو :
وقد أجود ما مافي بذى فتح |
|
وقد أكر وراء الهجر البرق |
ويروى : «بذى فجر». والآخر لذى الإصبع العدوانى فى المفضليات (١ : ١٥٨) وهو :
أنى لعمرك مابابي بذى غلق |
|
عن الصديق ولا خيرى بمعنون |
فنك الفاء والنون والكاف كلمتان. قالوا : الفَنْك : اللَّجَاج : ويقال اللزوم. يقال : فَنَكَ : أقام.
والكلمة الأُخرى : الفَنِيك : طرف اللَّحْيين عند العَنْفقة. قال بعضُهم : سألت أبا عمرٍو الشيبانىَّ عن الفَنِيك فقال : أمَّا الأعلى فمجتمَع اللَّحيين عند الذَّقَن ، وأمَّا الأسفل فمجتمع الورِكَين حيثُ يلتقيان.
فنح الفاء والنون والحاء كلمة واحدة. يقولون : فَنَحَ الفرسُ من الماء ، إذا شرب دونَ الرِّىّ. قال :
والأخْذ بالغَبوق والصَّبُوح |
|
مُبرِّداً لمِقْأبٍ فَنُوحِ (١) |
المِقأب : الكثير الشّرب للماء واللَّبَن. ورواها آخرون : «لمِصْأَبٍ» ، وهو الذى يشرب دونَ الرّىّ. والله أعلم بالصَّواب.
باب الفاء والهاء وما يثلثهما
فهج الفاء والهاء والجيم كلمة. يقال إنَ الفَيْهَج : الخَمْر. وأنشَدوا :
ألا يا اصْبَحينا فَيْهَجاً جدرية |
|
بماءِ سحابٍ يسبق الحقَّ باطلى (٢) |
فهد الفاء والهاء والدال يدلُّ على جِنْس من الحيوان ، ثم يُستعار. فالفهد معروف ، والجمع فُهود. ويقال فَهِدَ الرَّجُل : غَفَل عن الأمور ، شُبِّه بالفَهد.
__________________
(١) الرجز فى اللسان (فنح).
(٢) وكذا سبقت روايته فى (جدر). وفى المجمل (جدر): «ألا يا اصبحينا فيهجا جيدرية» ، وقد سبق التنبيه على صواب روايته ، وعلى نسبته إلى معبد بن سعنة.
وفى حديث أمِّ زَرع (١) : «إنْ دخَل فَهِدَ ، وإنْ خرجَ أَسِدَ». ويقولون هذا لأنَ الفَهد نَؤُوم.
والمستعار الفَهْدتان : لحمتا زَور الفَرس. ويقولون : الفهد : مِسمارٌ فى واسطة الرَّحْل.
فهر الفاء والهاء والراء ليس فيه من اللُّغة الأصلية شىءٌ [إلّا] كلمةٌ واحدة ، وهى الفِهر ، مؤنَّثة ، وهى الحجر من الحجارة. ويقولون : إنّ الفَهْر : أنْ يُجامِع الرّجلُ المرأةَ ويُفرِغَ فى غيرها. وقد جاء فيه. ويقال تفَهَّرَ فى المال : اتَّسعَ فيه. يقولون : ناقةٌ فَيْهَرَةٌ : شديدة. وكلُّ هذا قريبٌ بعضُه فى الضعف (٢) مِن بَعض.
فهق الفاء والهاء والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على سَعَةٍ وامتلاء. من ذلك الفَهْق : الامتلاء. يقال : أفهَقْت الكأسَ ، إذا ملأتَها. وفى الحديث : «إن أبغضَكم إلىَّ الثّرثارُون المتفيهِقُون». واحدهم مُتفيهِق. وفى الذى يفهق كلامه ويَملأُ به فمَه قال الأعشى :
تَروحُ على آلِ المُحلِّق جَفنةٌ |
|
كجابيةِ الشَّيخ العراقىِ تَفهقُ (٣) |
__________________
(١) انظره كاملا فى المزهر (٢ : ٥٣٢) ، ورواه البخارى ومسلم ، والترمذى فى شمائله ، والطبرانى وغيرهم. والكلمة التالية من كلام المرأة الخامسة.
(٢) لعلها «فى المعنى».
(٣) ديوان الأعشى ١٥٠ برواية : «نفى الذم عن آل المحلق». وأنشده فى اللسان (حلق ، فهق ، جنى) ، وسبق إنشاده فى (جنى).
قال الخليل : الفَيْهق : الواسعُ من كلِّ شىء ، حتى يقالُ مفازةٌ فيهق قال : ومُنفَهق الوادى : متَّسَعه.
ومما شذَّ عن هذا الأصل : الفَهْقَة : عظمٌ عند فائق الرَّأس (١) مشرفٌ على اللهاة.
فهم الفاء والهاء والميم عِلْم الشىء ، كذا يقولون أهلُ اللغة (٢) وفَهمٌ : قبيلة.
باب الفاء والواو وما يثلثهما
فوت الفاء والواو والتاء أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على خلافِ إدراكِ الشَّىءِ والوصولِ إليه. يقال : فاته الشَّىءُ فوتاً. وتفاوَتَ الشَّيئانِ : تباعَدَ ما بينهما ، أى لم يُدرِك هذا ذاك. والافتيات : افتعالٌ من الفَوت ، وهو السَّبق إلى الشَّىء دون الائتمار (٣) يقال : فلانٌ لا يُفْتاتُ عليه ، أى لا يُعْمَل شىءٌ دون أمرِه.
ومن الباب : الفَوْت : الفُرْجة بين الشَّيئين ، كالفُرجة بين الإصبَعَين. والجمع أفوات. يقال : ماتَ موتَ الفَوات ، إذا فَوجئَ ، كأنَّه فاته ما أرادَ من وصيَّةٍ وشِبْهها. ويقال : هو منِّى فَوْتَ الرُّمح. وشَتَم رجلٌ آخرَ فقال : «جعل الله تعالى رزقَه فوتَ فيه» ، أى حيث يراه ولا يصلُ إليه.
__________________
(١) وكذا فى المجمل. والفائق : موصل العنق فى الرأس. وفى اللسان : عند مركب العنق ، وهو أول الفقار».
(٢) كذا وردت العبارة ، وهى لغة معروفة لبنى الحارث بن كعب. وانظر حواشى ٤٦٢.
(٣) الائتمار : الاستشارة. وفى المجمل : «دون ائتمار من يؤتمر».
فوج الفاء والواو والجيم كلمةٌ تدلُّ على تجمُّع. من ذلك الفَوْج : الجماعة من النَّاس ، والجمع أفواج ، وجمع الجمعِ أفاوِج وأفاويج. وأمَّا أفاجَ الرَّجُل ، إذا أسرَعَ ، فهو من ذوات الياء ، والنَيْج منه.
فوح الفاء والواو والحاء كلمةٌ تدلُّ على ثَوْرٍ وغَليان. يقال : فاحت الرِّيح تَفوح فَوْحاً. وحكى ناسٌ : فاحت القِدرُ : غلَتْ. وأفحتُها أنا.
فود الفاء والواو والدال كلمةٌ واحدة ، ثمَّ تستعار. فالفَوْد : مُعظَم شعرِ اللِّمَّة ممَّا يلى الأذُنين ثم يقولون استعارةً لجناحَىِ العُقّاب : فَوْدان.
وممَّا ليس منه قولُهم : فاد يفود ، إذا مات ، والأصل فى هذا الياء ، وقد ذكر.
فور الفاء والواو والراء كلمةٌ تدلُّ على غَلَيان ، ثم يقاس عليها. فالفَوْر : الغَلَيان. يقال: فارت القدرُ تَفورُ فَوراً. قال :
تَفور علينا قِدرُهم فنُدِيمُها |
|
ونَفْثَؤُها عنَّا إذا حَمْيُها غلا (١) |
وفار غضبُه ، إذا جاشَ.
وممَّا قِيس على هذا قولُهم : فَعَله من فَوْره ، أى فى بدء أمرِه ، قبل أنْ يسكُن.
__________________
(١) للنابغة الجعدى ، كما سبق فى (دوم). والبيت بنسبته فى اللسان (دوم) ، وبدون نسبة فى (فثأ).
فوز الفاء والواو والزاء كلمتانِ متضادّتان. فالأولى النَّجَاة والأُخرى الهَلكة.
فالأولى قولهم : فازَ يفوز ، إذا نجا ، وهو فائز. وفاز بالأمر ، إذا ذهب به وخَلَص. وكان الرجلُ يقول لامرأته إذا طلّقها : فُوزِى بأمرك (١) ، كما يقال : أمرُكِ بيدك. ويقال لمن ظَفِر بخيرٍ وذهب به. قال الله تعالى : (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ) فازَ.
والكلمة الأخرى قولهم : فَوِّزَ الرَّجُل ، إذا مات. قال الكُميت :
فما ضرَّها أنَّ كعباً ثَوَى |
|
وفوّز مِن بعدِه جَدْوَلُ (٢) |
ثم اختُلِف فى المَفَازَة ، فقال قومٌ : سمِّيَتْ بذلك تفاؤلاً لراكبها بالسَّلامة والنَّجاة. والمَفَازَة : المَنْجَاة. قال الله عزّ وعلا : (بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ). وقال آخرون : هى من الكلمة الثَّانية ، فَوَّزَ ، إذا هلَكَ. ثم يقال : فوَّز الرَّجُل ، إذا ركب المَفَازَة. قال :
فوّزَ من قُرَاقِرٍ إلى سُوَى (٣)
__________________
(١) هذه العبارة مما لم يرد فى المعاجم المتداولة. وانظر ما سبق فى (فلح).
(٢) اللسان (فوز) برواية : «توى» بالتاء المثناة. وروى بالثاء المثلثة ، كما هنا ، فى اللسان (ثوى). وكلاهما بمعنى واحد ، أى هلك.
(٣) الرجز لشاعر من المسلمين بقوله فى رافع بن عميرة الطائى ، وكان رافع دليل خالد بن الوليد فى السير من قراقر ، وهو ماء لكلب ، إلى سوى ، وهو ماء لبهراء وبينهما خمس ليال. انظر الطبرى (٤ : ٤٥) فى حوادث سنة ١٣ ومعجم البلدان (قراقر ، سوى). وأنشده فى اللسان (فوز).
فوص الفاء والواو والصاد كلمةٌ تدلُّ على خُلوصٍ أو خَلَاصٍ من شىء. يقال : قَبَضت على ذَنَبِ الضّبِّ فأفاصَ من يدى ، أى خلَّصَ ذنبَه. والمَفَاوَصَة فى الحديث : الإبانة. وما يُفِيص بها لسانُه ، أى يُبين.
فوض الفاء والواو والضاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اتّكال فى الأمر على آخَر وردِّه عليه ، ثم يفرَّع فيردّ إليه ما يُشبهه. من ذلك فوَّضَ إليه أمرَه ، إذا ردَّه. قال الله تعالى فى قصّةِ من قال : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ).
ومن ذلك قولُهم : باتوا فَوْضَى (١) ، أى مختلطين ، ومعناه أنّ كلًّا فوَّض أمرَه إلى الآخَر. قال :
طعامُهم فوضَى فَضاً فى رحالِهِمْ |
|
ولا يُحْسِنون السِّرَّ إلا تنادِيا (٢) |
ويقال : مالُهم فوضَى بينهم ، إذا لم يخالِفْ أحدُهم الآخَر. وتفاوَضَ الشَّريكان فى المال ، إذا اشتركا ففوَّض كلٌّ أمرَه إلى صاحبه (٣) ، هذا راضٍ بما صنع ذاك وذاك راضٍ بما صنع هذا ، ممَّا أجازته الشَّريعة.
فوع الفاء والواو والعين يدلُّ على ثَوْرٍ فى شىء. يقال لخِمْرة الطَّيب وما ثار من ريحه: فَوْعة. ويقال لارتفاع النهار : فَوعة.
فوغ الفاء والواو والغين كلمةٌ إن صحَّت. يقولون : إن الفَوغ (٤) : الضَّخم. يقال : امرأة فَوغاء.
__________________
(١) فى الأصل : «ماتوا فوضى» ، تحريف. وفى المجمل : «وبات الناس فوضى».
(٢) فى اللسان (فوض): «ولا يحسبون السوء».
(٣) فى الأصل : «ففوس أمر كله إلى صاحبه».
(٤) ورد «الفوغ» و «الفوغاء» أيضاً فى المجمل ، وم يردا فى المعاجم المتداولة.