معجم مقاييس اللغة - ج ٤

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٤

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٥

غوج الغين والواو والجيم كلمةٌ واحدة ، وهى الفَرَس الغَوْج ، إذا كان عريضَ الصَّدر. وربَّما سمَّوا كلَّ ليِّنٍ غَوْجاً.

غور الغين والواو والراء أصلانِ صحيحان : أحدهما خُفوضٌ فى الشَّىء وانحطاطٌ وتطامن ، والأصل الآخر إقدامٌ على أخذِ مالٍ قَهْراً أو حَرَباً.

فالأوّل قولهم لقَعْر الشىء : غَوره. ويقال : غَارَ الماء غَوْراً ، وغارت عينُه غُؤوراً (١). قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً). ويقال : غَارَت الشَّمْسُ غِياراً : غابت. قال الهُذَلِىّ (٢) :

هل الدّهْرُ إلَّا ليلةٌ ونَهَارُها

وإلّا طُلوع الشَّمس ثمَ غِيَارُها

والغَوْر : تِهَامَةُ وما يلى اليَمن ، سمِّيت بذلك لأنَّها خِلافُ النَّجْد. والنَّجْد : مرتَفِعٌ من الأرض. يقال : غَارَ الرّجُل ، إذا أتَى الغَوْر ، وأغار. قال :

نبىُّ يرَى ما لا تَرَوْنَ وذكرُه

أغارَ لَعَمْرى فى البلادِ وأنْجَدَا (٣)

وغَوّر الرّجُل ، إذا نزَلَ للقائلة ، كأنَّه [نزل] مكاناً هابطاً. ولا يكادون يفعلون إلّا كذا. وغَوْرُ القُرْحَةِ من هذا أيضاً.

والأصل الآخَر الإغارة. يقال : أغارَ بنو فلانٍ على بنى فلان إغارةً وغَارة. وإغارة الثَّعلب : عَدْوَه. وهو* من هذا أيضاً.

__________________

(١) فى الأصل : «غورا» ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٢) هو أبو ذؤيب الهذلى. ديوان الهذليين (١ : ٢١) واللسان (غور).

(٣) ديوان الأعشى ١٠٣ واللسان (غور).

٤٠١

غوص الغين والواو والصاد أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على هجومٍ على أمرٍ متسفِّلٍ من ذلك الغَوْص : الدُّخول تحتَ الماء. [والهاجم (١)] على الشىء غائص. وغاصَ على العلمِ الغامِضِ حتى استنبطه.

غوط الغين والواو والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على اطمئنانٍ وغَور من ذلك الغَائط : المطمئِنُّ من الأرض ، والجمع غِيطان وأغواط. وغُوطَة دِمَشْقَ يقالُ إنها مِن هذا ، كأنها أرضٌ منخفضة. وربما قالوا : انغاطَ العُودُ (٢) ، إذا تثَنَّى ، وإذا تثنى فقد انخفَضَ ، وقياسُه صحيح.

غول الغين والواو واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على خَتْل وأَخْذٍ من حيثُ لا يدرى. يقال : غالَهُ يَغُوله : أخَذَهُ من حيث لم يدرِ. قالوا : والغَوْل : بُعْدُ المَفَازَة ، لأنَّهُ يغتالُ من مَرَّ به. قال :

به تمَطَّتْ غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ (٣)

والغُول من السَّعالى سمِّيت لأنها تغتال. والغِيلة : الاغتيال ، والياء واوٌ فى الأصل. والمِغْوَل : سيفٌ دقيق له قَفاً ؛ وأظنه سمِّى مِغْوَلاً لأنَّهُ يُسْتَرُ بقرابٍ حتى لا يُدرى ما فيه. والله أعلم.

غود الغين والواو والدال (٤) أُصَيلٌ يدلُّ على لينِ شىء وتثنٍّ. فالأغْيَد الوَسنانُ المائل العُنُق ، والجمع غِيدٌ. والغَيْداء : الفتاةُ النَّاعمة ، كأنَّها تتثنَّى. والمصدر الغَيَد.

__________________

(١) هذه التكملة من المجمل واللسان (غوص).

(٢) وردت فى القاموس ، ولم ترد فى اللسان.

(٣) لرؤبة فى ديوانه ١٦٧ واللسان (مطا ، غول ، وله).

(٤) أجمعت المعاجم على أنها (غيد) ، ولكن كذا وردت.

٤٠٢

باب الغين والياء وما يثلثهما

غيب الغين والياء والباء أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّر الشىء عن العُيون ، ثم يقاس. من ذلك الغَيْب : ما غَابَ (١) ، ممّا لا يعلمه إلا الله. ويقال : غابت الشَّمس تَغِيب غَيْبَةً وغُيُوباً وغَيْباً. وغابَ الرَّجل عن بلده. وأغابَتِ المرأةُ فهى مُغِيبةٌ ، إذا غابَ بعلُها. ووقَعْنا فى غَيْبَةٍ وغَيَابة ، أى هَبْطة من الأرض يُغابُ فيها. قال الله تعالى فى قصة يُوسُفَ عليه السَّلام : (وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِ). والغابة : الأجَمة ، والجمع غاباتٌ وغابٌ. وسمِّيت لأنّه يُغاب فيها. والغِيبة : الوَقيعة فى النّاس من هذا ، لأنَّها لا تقال إلّا فى غَيْبَة.

غيث الغين والياء والثاء أصلٌ صحيح ، وهو الحَيَا النّازِلُ من السَّماء. يقال : جادَنا غيثٌ (٢) ، وهذه أرضٌ مَغِيثَةٌ ومغيوثة. وغِثْنا ، أى أصابنَا الغَيْث (٣). قال ذو الرُّمَّة : «ما رأيتُ أفصَحَ مِن أَمَةِ آل فلان ، قلتُ لها : كيف كان المطر عندكم؟ قالت : غِثْنا ما شِينَا».

غير الغين والياء والراء أصلانِ صحيحان ، يدلُّ أحدُهما على صلاحٍ وإصلاحٍ ومنفعة ، والآخر على اختلافِ شيئين.

__________________

(١) فى الأصل : «وأغاب». وفى المجمل. «الغيب كل ما غاب عنك».

(٢) فى الأصل : «جاءنا غيث».

(٣) فى الأصل : «أصبنا الغيث» ، صوابه فى المجمل واللسان ومجالس ثعلب ٣٤٩. وانظر الخبر التالى فى البيان (٢ : ٧١) وصفة السحاب ٣٩ والمخصص (٩ : ١٢٠) والمزهر (١ : ١٥٣).

٤٠٣

فالأوَّل الغِيرَة ، وهى الميرَة بها صلاحُ العِيال. يقال : غِرْتُ أهلى غِيرَةً وغِياراً ، أى مِرْتُهُم. وغَارَهم الله تعالى بالغيث يَغِيرهم ويَغُورهم ، أى أصلَح شأنَهم ونَفعَهم. ويقال : ما يَغِيرك كذا ، أى ما ينفعُك. قال :

ماذا يَغِيرُ ابنتَىْ رِبْعٍ عَويُلهُمَا

لا تَرقُدانِ ولا بُؤْسَى لمَنْ رَقدا (١)

ومن هذا الباب الغَيْرة : غَيرةُ الرَّجُل على أهله. تقول : غِرْتُ على أهلى غَيْرَةً. وهذا عندنا من الباب ؛ لأنّها صلاح ومنفعة.

والأصل الآخر : قولُنا : هذا الشَّىءُ غيرُ ذاك ، أى هو سِواه وخلافُه. ومن الباب : الاستثناء بغَير ، تقول : عَشرة غير واحدٍ ، ليس هو من العَشَرة. ومنه قولُه تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

فأمَّا الدِّيَة فإنّها تسمَّى الغِيرَ. قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجلٍ طلَبَ القَوَدَ بولىٍّ له قُتِلَ : «ألَا الغِيرَ (٢)». يريد : ألَا تَقبلُ الغِير. فهذا محتملٌ أنْ يكون من الأوّل ، لأنَّ فى الدِّيةِ صلاحاً للقاتل وبقاءً له ولِدَمِه. ويحتمل أنْ يكون من الأصل الثَّانى ، لأنَّه قَوَد فَغيِّر إلى الدِّية ، أى أُخِذَ غيرُ القَوَد ، أى سِواه. قال فى الغِيَر :

__________________

(١) لعبد مناف بن ربعى الهذلى. ديوان الهذليين (٣ : ٣٨) واللسان (غير) وإصلاح المنطق ١٥٢.

(٢) وكذا ورد نصه فى المجمل على الإيجاز. وفى اللسان : «ألا تقبل الغير».

٤٠٤

لَنَجْدَعَنَّ بأيدينا أُنوفَكُم

بَنِى أُمَيْمَةَ إن لم تَقبلُوا الغِيَرا (١)

غيس الغين والياء والسين ، يقولون : إنَ غَيْسانَ الشّبَابِ : حِدَّتُه وعُنفوانُه.

غيض الغين والياء والضاد أُصَيلٌ يدلُّ على نُقصانٍ فى شىء ، وغموضٍ وقِلّة. يقال غاضَ الماءُ يَغِيض : خلافُ فاضَ. وغِيضَ ، إذا نَقَصَهُ غيرُه. قال الله تعالى : (وَغِيضَ الْماءُ).

وأمَّا الغُموضُ فالغَيْضَة : الأجَمة ، سمِّيت لغُموضِها ، ولأنَّ السَّائرَ فيها لا يكاد يُرَى.

غيظ الغين والياء والظاء أُصَيلٌ فيه كلمةٌ واحدة ، يدلُّ على كَرْب يلحقُ الإنسانَ مِن غيره يقال : غاظنى يَغِيظَنى. وقد غِظْتَنى يا هذا. ورجلٌ غائظ وغَيَّاظ. قال :

سُمِّيتَ غيَّاظاً ولستَ بغائظٍ

عَدُوًّا ولكنَّ الصَّديقَ تَغيظُ (٢)

غيف الغين والياء والفاء أُصَيلٌ صحيحٌ يدلُّ على مَيْل ومَيَل وعُدُولٍ عن الشَّىء. من ذلك تَغَيَّفَ ، إذا تَمَيَّل. وتغَيَّفت الشّجرةُ بأغصانِها يميناً وشمالا. ومن الباب : غَيَّفَ الرَّجلُ ، إذا جبُن فمالَ عن نَهْج القِتال. قال القُطَامىّ :

__________________

(١) أنشده فى المجمل ، ونسبه فى اللسان (غتى) إلى بعض بنى عذرة.

(٢) البيت من أبيات خمسة لحضين بن المنذر ، يهجو بها ولده غياظ بن الحضِين. انظر اللسان (غيظ).

٤٠٥

فيُغيِّفون ونَرْجِعُ السَّرَعانا (١)

غيق الغين والياء والقاف كلمةٌ واحدة. يقولون : غَيَّق فى رأيه تغييقاً : اختلط فيه.

غيل الغين والياء واللام أصلانِ صحيحان ، أحدهما يدلُّ على اجتماعٍ ، والآخَر نوع من الإرضاع.

فالأوَّل الغِيل : الشجر المجتمِع الملتفّ. وما يبعُد أن يكون أصلُ هذا الواو ويعودَ إلى غالَه يَغُوله ، والغيْل : السَّاعد الرَّيَّان الممتِلئ. قال :

بيضاء ذاتُ ساعدَيْنِ غَيلَيْن (٢)

ومن الباب : الغَيْل : الماء الجارِى :

والأصل الآخَر : أَنْ يُجامِعَ الرَّجُل امرأتَه وهى مُرْضِع ، وهى الغِيلَة. وفى الحديث : «لقد هممتُ أن أَنْهى عن الغِيلة». قال :

فمِثْلُكِ حُبلَى قد طرَفْتُ ومرضِعٍ

فألهيتُها عن ذى تَمائم مُغْيِلِ (٣)

غيم الغين والياء والميم كلمةٌ تدلُّ على سَتْر شىءٍ لشىء. من ذلك :

__________________

(١) ديوان القطامى ١٨. وصدره كما فى الديوان ومجالس ثعلب ٥٢٥ واللسان (غيف ، سرع) :

وحسبتنا نزع الكنهبة فدوة

وفى الديوان : فيفيقون ونوزع

(٢) الرجز فى اللسان (غيل) وإصلاح المنطق ١١ والمخصص (١ : ١٦٨).

(٣) لامرئ القيس فى معلقته. وأنشده ابن هشام فى المغنى (فصل الفاء) شاهداً للجر بعد فاء (رب).

٤٠٦

الغيم ، وهو معروف. يقال : غامَت السَّماء ، وتغيَّمت ، وأغامَت.

ومن الباب : الغَيْم ، وهو العَطَش وحرارةُ الجَوْف ، لأنّه شىءٌ يَغْشَى القَلْبَ.

غين الغين والياء والنون قريبٌ من الذى قبلَه (١). فالغَيْن : الغَيْم. قال :

كأنِّى بين خافِيَتَىْ عُقابٍ

أصابَ حمامةً فى يوم غَيْنِ (٢)

والغَيْن : العَطَش. ويقال : غِينَ على قلْبه ، كأنَّ شيئاً غشِيَه. وفى الحديث : «إنَّهُ ليُغانُ على قلبى (٣)». ومن الباب : شجرةٌ غَيْناء ، وهى الكثيرة الورَق الملتفَّةُ الأغصان ، والجمع غِينٌ. ويقال : إنَ الغَيْنة : الرَّوضة. والقياس فى ذلك كلِّه واحد. والله أعلم.

باب الغين والألف وما يثلثهما

غار الغين والألف والراء. والألف فى هذا الباب لا تكون إلا مبدلةً. فالغار : نباتٌ طيِّب. قال :

رُبَّ نارٍ بتُّ أرمُقُها

تَقْضَمُ الهِندىَّ والغارا (٤)

__________________

(١) فى الأصل : «من الواو قبله».

(٢) من أبيات لرجل تغلبى يصف فرساً أنشدها فى اللسان (غين). وأنشده فى المجمل والمخصص (٨ : ١٣٠).

(٣) تمامه فى اللسان : «حتى أستغفر الله فى اليوم سبعين مرة».

(٤) لعدى بن زيد ، كما فى اللسان (غور).

٤٠٧

والغَار : لغةٌ فى الغَيْرة ، وقد مرَّ تفسيرُها. قال :

لهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشِيل كأنَّها

ضَرائرُ حِرْمىٍّ تفاحَشَ غارُها (١)

والغارُ : الجيش العظيم. ومن ذلك حديثُ علىٍّ عليه السلام : «ما ظنك. بامرئ جمَعَ بين هذين الغارَيْن». والغار : غار الفَمِ. والغار : أصلُ الرَّجُل. وقبيلتُه. والغار : الكهْفُ. وقد مضى قياسُ ذلك كلِّه. والله أعلم.

باب الغين والباء وما يثلثهما

غبر الغين والباء والراء أصلانِ صحيحان ، أحدُهما يدل على البقاء ، والآخرُ على لونٍ من الألوان.

فالأوَّل غَبَر ، إذا بَقِىَ. قال الله تعالى (إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) ويقال بالناقة غُبْر ، أى بقيَّة. وبِهِ غُبَّرٌ من مرض ، أى بقِيَّة. قال ابن مُقبِلٍ أو غيرُه :

فإن سألَتْ عنِّى سُليمَى فقلْ لها

به غُبَّرٌ من دائه وهو صالحُ

ومن الباب : عِرْقٌ غَبِر ، أى لا يزال ينتقض ، كأنَّ به أبداً غُبَّراً. وتغيَّرَت المرأةُ الشَّيْخَ: أخذَتْ بقيَّةَ مائه.

__________________

(١) لأبى ذؤيب الهذلى ، فى ديوان الهذليين (١ : ٢٧) واللسان (غور ، حرم) ، والمجمل (غور).

٤٠٨

والأصل الآخر* الغُبار سمِّى لغُبْرته. وهى لونُه. والأغْبر : كل لونٍ لونُ غُبار. وقول طرفة :

رأيتُ بنِى غَبْراءَ لا يُنكِروننى

ولا أهلُ هذاكَ الطِّرافِ الممدَّدِ (١)

فبَنِى غَبراءَ هم المَحَاوِيجُ الفُقَراء ، وذلك أنَّهم مغبَّرةٌ ألوانُهم ، وهم أهلُ المَتْرَبَة. والغَبْراء: الأرض. والغُبَيراء (٢) : نبيذ الذُّرَة ، ولعلَّ فى لونه غُبْرة.

فأمّا داهيةُ الغَبَر ، فهو عندى من هذا الباب ، ويراد أنَّها غبراء ، أى مُظْلِمة مشبِّهة لا يُرَى وَجْهُ المأتى لها.

ومما شذَّ عن هذين الأصلين ما حكاهُ ابن السكيت : أغْبَرْتُ فى طلَب الحاجة : جَدَدْتُ.

غبس الغين والباء والسين كلمةٌ تدلُّ على لونٍ من الألوان. قالوا : الغُبْسَة : لونٌ كلون الرَّماد. ويقال فرسٌ أَغْبَسُ. قال بعضهم : هو الذى يقال له : «سَمَنْد (٣)». فأمّا قولُهم : «لا أفْعَله ما غَبَا غُبَيْسٌ» فهو الدَّهر. قال ابنُ الأعرابىّ : ما أدرِى ما أصْلُه.

غبش الغين والباء والشين كلمةٌ تدلُّ على ظلْمةٍ وإظلام. من ذلك الغَبَش : شدَّة الظُّلمة. وأَغْباشُ اللَّيل ظلَمه. قال ذو الرُّمَّة :

__________________

(١) البيت من معلقته المشهورة.

(٢) فى الأصل : «والغبراء» صوابه فى المجمل واللسان والغبيراء يقال لها : «السُّكُرْكَة» ، يتخذها الحبش.

(٣) فسره استينجاس فى معجمه ٦٩٧ بقوله : «Dunorcream» أى أشهب ، أو ذو لون يشبه لون القشدة.

٤٠٩

أغْبَاشَ ليلِ تَمَامٍ كانَ طارَقَه

تَطَخْطُخُ الغَيمِ حتَّى مالَه جُوَب (١)

قال أبو عبيد : الغَبَش : البقيّة من اللَّيْل ، وجمعه أغباش.

غبطالغين والباء والطاء أصلٌ صحيحٌ له ثلاثة وجوه : أحدها دوامُ الشىءِ ولزومُه ، [والآخَر الجَسُ] ، والآخِر نوعٌ من الحَسَد.

فالأوّل قولهم : أَغْبَطَتْ عليه الحُمَّى ، أى دامَت. وأغبَطْتُ الرَّحْلَ على ظَهر البَعِيرِ ، إذا أدمْتَه عليه ولم تَحُطَّه عنه. ولذلك سُمِّى الرَّحْل غَبيطا ، والجمع غُبُط. قال الحارثُ بن وَعْلة(٢) :

أم هل تركتَ نساء الحىّ ضاحيَةً

فى قاعة الدَّارِ يستوقدن بالغُبُطِ (٣)

ومن هذا الغَبْطة : حُسْن الحالِ ودوامُ المَسَرَّة والخَيْر.

والأصل الآخر الغَبْط ، يقال : غبَطْتُ الشَّاةَ ، إذا جسستَها (٤) بيدك تنظر بها سِمَنٌ. قال :

إنِّى وأَتْيِى بُجَيْراً حينَ أسألُه

كالغابِطِ الكلبَ يرجو الطِّرْق فى الذَّنَبِ (٥)

ومن هذا الباب : الغَبِيط : أرضٌ مطمئنّة ، كأنّها غُبِطَتْ حتى اطمأَنَّت

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ٢٢ واللسان (غيش ، طرق). وقبله :

حتى إذا ما جلا عن وجهه فلق

عاجيه في أخريات الليل منتصب

(٢) فى اللسان (غبط) أنه وعلة الجرمى.

(٣) روايته فى اللسان : «فى ساحة الدار».

(٤) فى الأصل : «حبستها» تحريف.

(٥) وكذا وردت روايته فى المجمل. وفى اللسان (غبط) وبعض نسخ إصلاح المنطق ٢٦٦ : «وأتى ابن غلاق» ؛ وفى بعضها الآخر : «وأتى ابن علاق».

٤١٠

والثالث الغَبْط ، وهو حَسَدٌ يقال إنّه غيرُ مذموم ، لأنَّه يَتمنَّى ولا يُريد زوالَ النِّعمة عن غيره ، والحَسَدُ بخلاف هذا. وفى الدعاء : «اللهمَ غَبْطاً لا هَبْطاً». ومعناه اللهمَّ [نَسْأَلُك أن] نُغبَط ولا نهْبَطَ ، أى لا نُحَطّ.

غبق الغين والباء والقاف كلمةٌ واحدة ، وهى الغَبُوق : شُرب العشىّ. يقال : غَبَقْتُ القوْمَ غَبْقاً ، واغْتَبَق اغتباقاً.

غبن الغين والباء والنون كلمةٌ تدُلُّ على ضَعفٍ واهتضام. يقال غبِنَ الرّجُل فى بَيعه ، فهو يُغْبَنُ غَبْناً ، وذلك إذا اهتُضم فيه. وغَبنَ فى رأيه ، وذلك إذا ضَعُف رأيُه. والقياسُ فى الكلمتين واحد. والغَبِينة من الغَبْن كالشَّتيمة من الشَّتم. والمَغَابِن : الأرفاغ ، سمِّيَتْ بذلك للينها وضَعْفها عن قوّةِ غيرها.

غبى الغين والباء والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على تستُّرِ شىء حتى لا يُهتدَى له. من ذلك الغَبْية (١) وهى الزُّبْية ، وسمِّيت لأنَّ المَصِيدَ جهِلَها حتى وقَعَ فيها. ومنه : غَبِىَ فلانٌ غَباوةً ، إذا كان قليلَ الفِطْنَةِ ، وهو غَبِىّ. وغَبِيتُ عن الخَبَر ، إذا جهلتَه. ويقال : جاءت غبية من مَطَر ، وذلك إذا جاءت بظُلْمَةٍ واشتدادٍ وتكاثُفٍ (٢).

غبث الغين والباء والثاء ليس بشىء. وذكروا عن الفَرّاء أنَّه قال : غَبَثَت الأقط مثل عَبَثْته.

__________________

(١) وردت هذه الكلمة أيضاً فى المجمل ، ولم ترد فى المعاجم المتداولة.

(٢) فى الأصل : «وتكاسف».

٤١١

باب الغين والتاء وما يثلثهما

غتم الغين والتاء والميم أصلٌ يدلُّ على انفلاقٍ فى الشىء وانسداد. من ذلك الغُتْمة ، وهى العُجْمة فى المَنْطِق. ويقال للأخْذ بالنَّفْس : الغَتْم. ويقال للرَّجُل إذا مات : «ورَدَ حِياضَ غُتَيْم» ، وهو ذلك القياسُ لأنَّه يأتى بيتاً مسدودا.

باب الغين والثاء وما يثلثهما

غثر الغين والثاء والراء أصيلٌ يدلُّ على تجمُّع من ناسٍ غير كرام. يقولون : الغَثْرَاء : سَفِلَة النّاس ، وجماعتُهمْ غَيْثَرة ؛ وأصله من الأغثَر ، وهو الطُّحْلُبَ المجتمع. والأغْثَر من الأكسية : ما كثُر صُوفُه.

غثم الغين والثاء والميم كلمتانِ متباينتانِ. فالأغثم من الشَّعْرَ : ما غَلبَ بياضُه سوادَه. قال :

إمّا تَرَى دهراً عَلَانى أغْثَمُهْ (١)

والكلمة الأخرى : غَثَمْتُ له من مالى : أعطيتُه.

غثى الغين والثاء والحرف المعتل كلمةٌ تدلُّ على ارتفاعِ شىء دَنِىٍ

__________________

(١) الرجز لرجل من فزارة كما فى اللسان (غثم ، لهزم) ونوادر أبى زيد ٥٢. وانظر شروح. سقط الزند ٢٩٣.

٤١٢

فوق شىء. من ذلك الغُثَاء : غُثَاء السَّيْل. يقال : غثا الوادِى (١) يغثو ، وأغثى يُغْثِى أيضاً. قال :

كأنَّ طَمِيَّةَ المُجَيْمِرِ غُدْوَةً

من السَّيْل والإغْثَاءِ فَلْكَةُ مِغْزَلِ (٢)

ويروى : «والغُثَّاء». ويقال لسَفِلة الناس : الغُثَاء ، تشبيهاً بالذى ذكرناه ومن الباب : غَثَتْ نَفسُه تَغْثِى ، كأنَّهَا جاشت بشىء مؤذٍ.

باب الغين والدال وما يثلثهما

غدر الغين والدال والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على تَرك الشىء. من ذلك الغَدْر : نَقْضُ العَهْد وتَرْك الوفاءِ به. يقال غَدَر يَغْدِرُ غَدْراً. ويقولون فى الذَّمِّ : يا غُدَرُ ، وفى الجمع : يالَ غُدَرَ (٣). ويقال : ليلةٌ غَدِرَةٌ : بيِّنَة الغَدَر ، أى مُظْلمة. وقيل لها ذلك لأنّها تُغَادِرُ النَّاسَ فى بيوتهم فلا يَخْرُجُون من شدَّة ظُلْمتها. والغَدير : مُستنقَع ماء المطر ، وسمِّى بذلك لأنّ السَّيل غادَرَه ، أى ترَكَه. ومن الباب : غَدِرَتِ الشَّاة ، إذا تخلَّفَتْ عن الغَنم. فإنْ تَرَكها الرَّاعى فهى غَدِيرة. والغَدَر : الموضِع الظَّلِفُ الكثير الحِجارة. وسمِّى بذلك لأنَّه لا يكاد يُسْلَك ، فهو قد غودر (٤) ، أى تُرِك. ويقال : رجل ثَبْتُ الغَدَر ، أى ثابتٌ فى كلامٍ وقتال. وهذا مشتقٌّ من الكلمة التى قبله ، أى إنّه لا يبالى أن يسلُكَ الموضعَ الصَّعبَ الذى

__________________

(١) الفعل واوى يائى.

(٢) البيت لامرئ القيس. والرواية المشهورة فيه : «كأن ذرى رأس المجيمر». وروايتنا هذه أنشدها فى اللسان (طما) ، وقال : «وطمية : جبل».

(٣) فى الأصل : «غدور» فى هذا الموضع وسابقه ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى الأصل : «فهى فقد غودر».

٤١٣

غَادَرَهُ الناسُ من صُعوبته. والغَدائر : عقائصُ الشَّعر ، لأنَّها تُعْقَص وتُغْدَر ، أى تُتْرَك كذلك زماناً. قال :

غدائرُهُ مستَشْزِرَاتٌ إلى العُلى

تَضِلُّ العِقَاصُ فى مُثَنًّى وَمُرْسَلِ (١)

غدن الغين والدال والنون أُصَيْلٌ صحيح يدلُّ على لِينٍ واسترسال وفَتْرَة. من ذلك المُغْدَوْدِن : الشَّعْرَ الطَّويل الناعم المسترسل قال حسان :

وقامت تُرائيكَ مُغْدَوْدناً

إذا ما تنوءُ به آدَها (٢)

والشَّبابُ الغُدَانىُ : الغَضُّ. قال :

بعد غُدَانىِ الشَّبَاب الأبْلَهِ (٣)

وأصلُ ذلك كله من الغَدَن ، وهو الاسترخاء والفَتْرَة.

غدف الغين والدال والفاء أصلٌ صحيح يدلُّ على سَتْرٍ وتغطية. يقال : أغدَفَتِ المرأة قِناعَها : أرسلَتْه. قال :

إن تُغْدِفى دونى القِناعَ فإنَّنى

طبٌّ بأَخْذِ الفارسِ المستلئِمِ (٤)

وأغْدَف اللَّيْلُ : أرْخَى سُدولَه. وأمَّا الغُراب الضَّخم فإنَّه يُسمَّى غُدافاً ، وهذا تشبيه بإغداف اللَّيل : إظْلامِه (٥).

__________________

(١) البيت لامرئ القيس فى معلقته.

(٢) ديوان حسان ١٣٨ واللسان (غدن).

(٣) لرؤبة فى ديوانه ١٦٥ واللسان (غدن).

(٤) البيت لعنترة فى معلقته المشهورة.

(٥) فى الأصل : «ظلامه».

٤١٤

غدق الغين والدال والقاف أصلٌ صحيح يدلُّ على غُزْر وكثرةٍ ونَعْمَة. من ذلك الغَدَق ، وهو الغَزير الكثير. قال الله تعالى : (لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً). والغَدَق (١) والغَيْدَاق : النَّاعم من كلِّ شىء. ويقال غَدِقت عين الماء تَغْدَق غَدَقاً. والغَيْداق : الرَّجلُ الكريم الخُلُق. وزعَم ناسٌ أنَّ الضبَّ يسمَّى غَيداقاً ، ولعلّ ذلك لا يكون إلّا لسِمَن ونَعْمةٍ فيه.

غدو الغين والدال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على زمانٍ. من ذلك الغُدُوّ ، يقال غدا يغدو. والغُدْوة والغَدَاة ، وجمع الغُدوة غُدّى ، وجمع الغَداة غَدَوات. والغادية : سحابةٌ تنشَأ صَباحا. وأفعلُ ذلك غداً. والأصل غَدْواً. قال :

بها حيث حَلُّوها وغَدْواً بَلاقِعُ (٢)

والغَدَاء : الطّعام بعينه ، سمِّى بذلك لأنّه يُؤكَل فى ذلك الزمان.

باب الغين والذال وما يثلثهما

غذم الغين والذال والميم أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جنسٍ من الأكل والشُّرب. من ذلك: الغَذْم : الأكل بجفاء وشِدّة. ويقال : اغتَذَم الفصيل ما فى ضَرْع أُمِّه ، [إذا شرِبَه (٣)] كُلَّه.

__________________

(١) وكذا ورد فى المجمل. والمعروف فى سائر المعاجم : «الغيدق».

(٢) للبيد فى ديوانه ٢٢ واللسان (غدا). وصدره :

وما الناس إلا كالديار وأهلها

(٣) التكملة من المجمل.

٤١٥

غذى الغين والذال والحرف المعتلّ أصلٌ صحيح يدلُّ على شىء من المأكل ، وعلى جنسٍ من الحركة.

فأمَّا المأكل فالغِذَاء ، وهو الطَّعام والشَّراب. وغَذِىُ المالِ وغَذَوِبُّه : صِغاره ، كالسِّخال ونحوها. وسمِّي غَذَوِياًّ لأنه يُغْذَى.

وأمَّا الآخر فالغَذَوانُ : النَّشيط من الخَيل ، سمِّى لشبابه وحركته. ويقال غَذَّى البَعيرُ ببوله يُغَذِّى ، إذا رَمَى به متقطِّعا. وغَذَا العِرْق يغذو ، أى يَسيل دماً. قال :

وطَعنٍ كفم الزّقِ

غَذَا والزِّقُّ ملآنُ (١)

باب الغين والراء وما يثلثهما

غرز الغين والراء والزاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على رَزِّ الشَّىء فى الشىء. من ذلك غَرَزْتُ الشَّىءَ أغرِزُه غَرْزاً. وغَرَزْتُ رِجله فى الغَرْز. وغَرَزَت الجرادةُ بذَنَبِها فى الأرض ، مثل رَزّت. والطَّبيعة غريزة ، كأنَّها شىء غُرِز فى الإنسان. فأمَّا قولهم : اغترَزْت الشَّىءَ ، واغترَزْت السَّيرَ اغترازاً ، إذا دَنَا سيرك فمعناه تقريبُ السَّير ، أى كأنِّى الآنَ وضعتُ رِجلى فى غَرْز الرَّحْل. وأمَّا قولهم : غَرَزَت النّاقةُ ، إذا قلَّ لبنُها فمعناه من هذا أيضاً ، كأنَّ لبَنَها غُرِزَ فى جسمها فلم يَخْرُجْ.

__________________

(١) للفند الزمانى ، من مقطوعة فى حماسة أبى تمام (١ : ٥ ـ ٧).

٤١٦

غرس الغين والراء والسين أصلٌ صحيحٌ قريبٌ من الذى قبله. يقال : غَرَسْتُ الشَّجرَ غَرْساً ، وهذا زَمَنُ الغِراس. ويقال إنَ الغَرِيسة : النَّخْلةُ أوّلَ ما تَنبت.

ومما شذَّ عن هذا الغِرْس : جِلدةٌ رقيقة تخرجُ على رأس الوَلَد. قال :

كُلَّ جنينٍ مُشْعَرٍ فى غِرْسِ (١)

غرض الغين والراء والضاد من الأبواب التى لم تُوضَع على قياس واحد ، وكَلِمُه متباينةُ الأصول ، وستَرَى بُعْد ما بينهما.

فالغَرْض والغُرْضَة : البِطانُ ، وهو حزام الرَّحْل. والمَغْرِض من البعير كالمَحْزِم من الدابَّة. والإغريض : البَرَد ، ويقال بل هو الطَّلع. ولحمٌ عَريض : طرىٌّ. وماءٌ مغروضٌ مثلُه. والغَرَض : المَلَالة ، يقال غَرِضْت به ومنه. والغَرَض : الشَّوق. قال :

مَن ذا رسولٌ ناصحٌ فمبِّلغٌ

عنِّى عُلَيَّةَ غيرَ قِيل الكاذبِ (٢)

أنِّى غرِضْتُ إلى تَنَاصُفِ وجهِها

غَرَضَ المحبِّ إلى الحبيب الغائبِ

__________________

(١) لمنظور بن مرثد الأسدى فى اللسان (أبس). وأنشده فى (غرس) بدون نسبة.

وقبله :

يتركن في كل مناخ أبس

(٢) وكذا أنشدهما فى المجمل. والشعر لابن هرمة كما فى اللسان (نصف ، غرض). وفى الأصل : «قتل الكاذب» ، وصوابه ما أثبت. والقيل : القول. على أن هذه الكلمة المحرفة ساقطة من المجمل.

٤١٧

ويقال : غَرَضت المرأة سِقاءها : مَخَضته. وغَرَضْنا السَّخْلَ نَغرِضهُ ، إذا فَطَمْناه قبل إناه. والغَرْض : النُّقصان عن المِلْء. يقال : غَرِّضْ فى سقائك ، أى لا تملأْه. ويقال : وَرَدَ الماء غارِضاً ، أى مبكّراً. والمَغَارض : جوانب البطن أسفَلَ الأضلاع ، الواحد مَغْرِض.

غرف الغين والراء والفاء أصلٌ صحيحٌ ، إلَّا أنَّ كَلِمهُ لا تنقاس ، بل تتباين. فالغَرْف : مصدر غَرَفْت الماءَ وغيرَه أَغرِفُه غَرْفاً. والغُرْفة : اسمٌ ما يُغْرَف. والغَرِيف : الأجَمَة ، والجمع غُرُف. قال :

كما رَزَمَ العَيّار فى الغُرُفِ (١)

والغُرْفة : العِلِّيَّة. ويقال : غَرَفَ ناصيةَ فرسِهِ ، إذا استأصلها جَزاًّ.

غرق الغين والراء والقاف أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على انتهاء فى شىء يبلغ أقصاه. من ذلك الغَرَق فى الماء. والغَرِقة : أرضٌ (٢) تكون فى غاية الرِّىّ. واغْرَوْرَقت العينُ والأرض من ذلك أيضاً ، كأنها قد غَرِقت فى دمعها.

ومن الباب : أغرَقْتُ فى القَوس : [مدَدتُها] غايةَ المدّ. واغْتَرَق الفرسُ فى الخيل ، إذا خالَطَها ثم سَبَقَها.

ومما شذَّ عن هذا الباب الغُرْقة من اللَّبن : قدر ثُلث الإناء ، والجمع غُرَق. قال :

__________________

(١) البيت بتمامه كما فى اللسان (عير) :

لما رأيت أبا عمرو رزمت له

منى كما وزم العيار بالغرف

(٢) فى الأصل : «أيضا» ، صوابه فى المجمل.

٤١٨

تُضْحِى وقد ضَمِنت ضَرَّاتها غُرَقاً

من طيِّب الطَّعم حلوٍ غير مجهودٍ (١)

غرل الغين والراء واللام كلمةٌ واحدة ، وهى الغُرْلة ، وهى القُلْفة. والأغرل : الأقلَف. ويقولون : إنّ الغَرِل : المسترخِى الخَلْق.

غرم الغين والراء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على ملازَمة ومُلازَّة. من ذلك الغَريم ، سمِّى غريماً للُزومه وإلحاحه. والغَرَام : العذاب اللازم ، فى قوله تعالى : (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً). قال الأعشى :

إنْ يعاقِبْ يكنْ غَراماً وإن يُعْ

طِ جزيلاً فإنَّه لا يُبالِى (٢)

وغُرْم المالِ من هذا أيضاً ، سمِّى لأنَّه مالُ الغَرِيم.

غرن الغين والراء والنون كلمةٌ واحدة ، يقولون إنَ الغَرِين (٣) : ما يَبقى فى الحوض من مائه* وطينِه.

غرو الغين والراء والحرف المعتل أصلٌ صحيح ، وهو يدلُّ على الإعجاب والعَجَبِ لحُسْن الشَّىء. من ذلك الغَرِىُ ، وهو الحَسَن. يقال منه رجلٌ غَرٍ. ثمَّ سمِّى العَجَبُ غَرْواً. ومنه : أغريتُه بالشَّىء الذى تُلصَق به الأشياء. ويقال : غَارَت العينُ بالدَّمع غِراءً ، إذا لجَّت فى البكاء. وغَرِيَت بالدَّمع. وقال الشَّاعر (٤) :

__________________

(١) البيت للشماخ ، وقد سبق فى (جهد ، عرق).

(٢) ديوان الأعشى ١٠ واللسان (غرم).

(٣) بفتح فكسر ، وبكسر العين وسكون الراء وفتح الياء ، لغتان ذكرهما فى القاموس.

(٤) هو كثير ، كما فى المجمل واللسان (غرا) والمخصص (١٢ : ٦٧).

٤١٩

إذا قلتُ أسلُو غارَتِ العينُ بالبُكا

غِراءً ومَدَّتْها مدامعُ حُفَّلُ (١)

غرب الغين والراء والباء أصلٌ صحيح ، وكَلمُهُ غير منقاسةٍ لكنَّها متجانسة ، فلذلك كتَبْناه على جهته من غير طلبٍ لقياسه.

فالغَرْب : حَدُّ الشَّىء. يقال : هذا غَرْبُ السَّيْف. ويقولون : كفَفْتُ من غَرْبه ، أى أكْلَلْتُ حَدَّه وقولهم : استَغْرَب الرّجُل (٢) ، إذا بالَغَ فى الضَّحِك ، ممكنٌ أن يكون من هذا ، كأنَّهُ بلغ آخِرَ حدِّ الضَّحِك. والغَرْب : الدَّلو العظيمة. والغَرْبانِ من العين : مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها. وغُروب الأسنان : ماؤُها. فأمَّا الغُروب فَمَجارِى العَين. قال :

مالَكَ لا تذكُرُ أُمَّ عمرو

إلّا لعينَيْك غَروبٌ تَجْرِى (٣)

والغَرْب أيضاً بسكون الراء (٤) ، فى قولهم : أتاهُ سَهْمٌ غَرْب ، إذا لم يُدْرَ مَن رماه به.

وأمّا الغَرَب بفتح الراء ، فيقال إنَ الغَرَبَ (٥) : الرَّاوية. والغَرَب : ما انصبَّ من الماء عند البئر فتغيَّرَتْ رائحتُه. قال ذو الرُّمة :

واسْتُنْشِئَ الغَرَبُ (٦)

__________________

(١) كلمة «غراء» ساقطة من الأصل ، وإثباتها من المراجع المتقدمة.

(٢) يقال أيضاً «استغرب» بالبناء للمجهول ، بل هو أكثر.

(٣) الرجز فى اللسان (غرب).

(٤) فى اللسان : «بفتح الراء وسكونها ، بالإضافة وغير الإضافة». وضبط فى المجمل بسكون الراء مع الإضافة.

(٥) يقال للراوية أيضاً بسكون الراء.

(٦) قطعة من بيت لذى الرمة فى ديوانه ١١ واللسان (غرب). وهو بتمامه :

وأدرك المتبقى من؟

ومن ثمائلها واستنشى الشرب

٤٢٠