معجم مقاييس اللغة - ج ٤

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٤

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٥

ألا أنْعِمْ صباحا أيُّها الطَّلَلُ البالى

وهل يَنْعِمَنْ مَن كان فى العُصُر الخالى (١)

قال الخليل : والعَصْران : اللَّيل والنهار. قال :

ولَن يلبث العَصْرانِ يومٌ وليلة

إذا اختلفا أن يُدرِكا ما تَيَمَّما (٢)

قالوا : وبه سمِّيت صَلاةُ العصر ، لأنَّها تُعْصَر ، أى تؤخَّر عن الظُّهر. والغداة والعشىُّ يسمَّيان العصرين. قال :

المطعمو النّاسِ اختلافَ العَصْرَيْن

ابن الأعرابىّ : أعْصَر القومُ وأقْصَرُوا ، من العَصْر والقَصْر. ويقال : عَصّروا واحتبسوا إلى العصر. وروى حديث أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم قال لرجلٍ : «حافِظْ على العَصْرَين». قال الرَّجل : وما كانت من لغتنا ، فقلت : وما العصران؟ قال : «صلاةٌ قبلَ طُلوع الشَّمس ، وصلاةٌ قبل غروبها». يريد صلاة الصُّبح وصلاةَ العصر.

فأمّا الجارية المُعصِر فقد قاسه ناسٌ هذا القياس ، وليس الذى قالوه فيه ببعيد.

قال الخليل وغيره : الجارية إذا رأت فى نفسها زيادةَ الشَّباب فقد أعْصَرَتْ ، وهى مُعْصِرٌ بلغت عَصْرَ شبابِها وإدراكها. قال أبو ليلى : إذا بلغت الجاريةُ وقَرُبت من حَيْضها فهى مُعْصِر. وأنشد :

__________________

(١) ديوان امرئ القيس ٤٩ برواية : «ألا عم صباحا» و «وهل يعمن» من (وعم). ورواه سيبويه فى كتابه (٢ : ٢٢٧) مطابقا لرواية المقاييس ، جعله شاهداً على أن «نعم» مكسور العين فى المستقبل وفى الماضى كذلك.

(٢) البيت لحميد بن ثور ، كما فى اللسان (عصر) وإصلاح المنطق ٧ وجنى الجنتين للمحبى ٧٩. وهو فى ديوانه ص ٨ طبع دار الكتب. ويروى : «اطلبا».

٣٤١

جاريةٌ بسَفَوان دارُها

قد أعصَرَتْ أو قَدْ دنا إعصارُها (١)

قال قومٌ. سمِّيت معصراً لأنَّها تغيَّرَت عن عَصْرها. وقال آخرونَ فيه غيرَ هذا ، وقد ذكرناه فى موضعه.

والأصل الثَّانى العُصارة : ما تحَلَّبَ من شىء تَعصِره. قال :

عصارة الخُبز الذى تَحَلَّبا (٢)

وهو العصير. وقال فى العُصَارة :

العودُ يُعصَر ماؤُه

ولكلِّ عِيدانٍ عُصَارهْ (٣)

وقال ابن السِّكِّيت : تقول العربُ : «لا أفعله مادامَ الزيتُ يُعْصَر». قال أوس :

فلا بُرْء من ضَبَّاء والزيتُ يُعْصَر

والعرب تجعل العُصارة والمُعْتَصَر مثلاً للخير والعطاء ، إنّه لكريم العُصارة وكريم المعتصر. وعَصَرت العنب ، إذا وَلِيتَه بنَفْسك. واعتصرته ، إذا عُصِر لك خَاصّةً. والمِعْصار : شىءٌ كالمِخْلاة يُجعل فيه العِنَبُ ويُعصَر.

ومن الباب : المُعْصِرات : سحائبُ تجىء بمطَر. قال الله سبحانه : (وَأَنْزَلْنا

__________________

(١) الرجز لمنظور بن مرثد الأسدى ، كما فى اللسان (عصر). وأنشده فى المخصص (١ : ٤٧ / ١٦ : ١٣٠) بدون نسبة. وبين البيتين فى المخصص :

تمعى الهوينى مائلا خسارها

ينحل من ظلمتها إزارها

(٢) الخبز يعنى به العرب الخلة ، بالضم : ما لم يكن فيه ملح ولا حموضة من العشب. وفى اللسان (خلل): «والعرب تقول : الخلة خبز الإبل ، والحمض لحمها أوفاكهتها أو خبيصها» ، وفى الأصل : «الجرو» تحريف ، صوابه فى اللسان (عصر). وأنشد أيضاً :

وصار ما في الخبز من عصيره

إلى سرار الأرض أو قعوره

(٣) البيت للأعشى فى ديوانه ١١٥ والمخصص (١٠ : ٢١٥).

٣٤٢

مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً). وأُعْصِرَ القومُ ، إذا أتاهم المطر. وقرئت : فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وفيه يُعصَرُون (١) ، أى يأتيهم المطر. وذلك مشتقٌّ من عَصْر العنب وغيرِه. فأمَّا الرِّياح وتسميتُهم إيَّاها المُعْصِرات فليس يبعُد أنْ يُحمَل على هذا الباب من جهة المجاورَة ، لأنَّها لمّا أثارت السَّحابَ المعصرات سمِّيت معصِرات وإعصاراً. قال فى المُعصِرات :

وكأنَّ سهْكَ المُعْصِرَات كَسَوْنها

تُرْبَ الفَدَافِدِ والبقاعِ بِمُنْخُلِ (٢)

والإعصار : الغبار الذى يسطع مستدِيراً* ؛ والجمع الأعاصير. قال :

وبينما المرء فى الأحياءِ مغتبطاً

إذ صار فى الرَّمْسِ تَعفوه الأعاصيرُ (٣)

ويقال فى غُبار العَجاجة أيضاً : إعصار. قال الله تعالى : (فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ). ويقال : مرَّ فلانٌ ولثيابِه عَصَرَةٌ ، أى فَوْحُ طِيبٍ وهَيْجُه. وهو مأخوذ من الإعصار. وفى الحديث : «مرَّت امرأة متطيِّبة لذَيْلها عَصَرة».

__________________

(١) هذه قراءة جعفر بن محمد والأعرج وعيسى. وعن عيسى أيضاً : «تعصرون» بالخطاب والبناء للمفعول. انظر تفسير أبى حيان (٥ : ٣١٦). وقال الأزهرى : «ما علمت أحداً من القراء المشهورين قرأ يعصرون ، ولا أدرى من أين جاء به الليث». كذا ورد فى اللسان. على أنه قرئ أيضاً : (يَعْصِرُونَ) و «تعصرون» بالبناء للفاعل فيهما. وقراءة الخطاب لحمزة والكسائى وخلف ، ووافقهم الأعمش ، وقراءة الغيبة لسائر الأربعة عشر. إتحاف فضلاء البشر ٢٦٥.

(٢) أنشده فى اللسان (نقع) بهذه الرواية. وفى المخصص (٩ : ٩٦): «ترب القعاقع والنقاع».

(٣) انظر البيت وقصته فى مجالس ثعلب ٢٦٥ وعيون الأخبار (٢ : ٣٠٥) ودرة الغواص للحريرى ٣٣ ، والمعمرين ٤٠ والعقد (١ : ٣٨٠) طبع بولاق ، ونزهة الألبا ٣٤ وشرح شواهد المغنى ٨٦ ، وأسد الغابة (٣ : ٣٥١). وأنشده فى اللسان (عصر).

٣٤٣

ومن الباب العَصْر والاعتصار. قال الخليل : الاعتصار : أن يَخْرُج من إنسانٍ مالٌ بغُرْمٍ (١) أو بوجه من الوُجوه.

قال ابنُ الأعرابىّ : يقال : بنو فلانٍ يعتصرون العطاء. قال الأصمعىّ : المعْتَصِر : الذى يأخذ من الشَّىء يُصيب منه. قال ابن أحمر :

وإنَّما العَيشُ برُبَّانِهِ

وأنت من أفنانِهِ مُعْتَصِرْ (٢)

ويقال للغَلّة عُصارة. وفسِّر قولُه تعالى : (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ، قال : يستغلُّون بأرَضِيهِم. وهذا من القياس ، لأنّه شىءٌ كأنّه اعْتُصر كما يُعتَصر العِنَبُ وغيرُه. قال الخليل : العَصْر : العطاء. قال طرَفة :

لو كان فى أملاكنا أحدٌ

يَعصِرُ فينا كالذى تَعْصِرْ (٣)

أى تُعطِى.

والأصل الثالث : العَصَر : الملجأ ، يقال اعتَصَر بالمكان ، إذا التجأ إليه. قال أبو دُواد :

مِسَحٍّ لا يُوارى العَي

رَ منه عَصَرُ اللهْبِ (٤)

ويقال : ليس لك من هذا الأمر عُصْرة ، على فُعلة (٥) ، وعَصَر على تقدير [فَعَلٍ ، أى (٦)] ملجأ. وقال فى العُصْرَة :

__________________

(١) فى الأصل : «بعزم».

(٢) سبق إنشاد البيت وتخريجه فى (بن).

(٣) ديوان طرفة ١٠ واللسان (عصر). وقافية البيت مقيدة ساكنة ، لا مطلقة بالضم كما ورد خطأ فى اللسان.

(٤) أنشده فى الأزمنة والأمكنة (٢ : ٣٣٣) مع قصيدته. وهذه القصيدة أنشدها أبو عبيدة فى كتاب الخيل ١٥٧ منسوبة إلى عقبة بن سابق الجرمى.

(٥) فى الأصل : «ظلمة».

(٦) بمثل هذه التكملة يلتئم الكلام.

٣٤٤

ولقد كان عُصْرةَ المنجودِ (١)

ويقال فى قول القائل :

أعْشَى رأيتَ الرُّمْحَ أو هو مبصرٌ

لأستاهكمْ إذ تطرحون المَعَاصِرا

إنّ المعاصر : العمائم. وقالوا : هى ثيابٌ سُود. والصحيح من ذلك أنَ المعاصر الدّروع ، مأخوذ من العَصْر ، لأنه يُعْصَرُ بها. والله أعلم.

باب العين والضاد وما يثلثهما

عضل العين والضاد واللام أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على شِدّةٍ والتواء فى الأمر. من ذلك العَضَل ، قال الأصمعىّ : كلُّ لحمةٍ صُلْبَةٍ فى عَصَبَةٍ فهى عَضَلة. يقال : عَضِل الرّجلُ يَعْضَل عَضَلا. ومن الباب : هو عُضْلَةٌ من العُضَل ، أى مُنكَر داهية. وهو من القياس ، كأنَّه وصف بالشِّدَّة. والعضل (٢) من الرِّجال : القوىّ. ومن الباب : الدّاء العُضَال ، الأمر المُعْضِل ، وهو الشَّديد الذى يُعيى إصلاحُه وتدارُكُه. ويقال منه أعْضَلَ. ويقال إنَّ ذا الإصبع تزوّجَ امرأةً ، فأتى قومَه يسألهمْ مَهرَها فلم يُعطُوه فقال :

واحدةً أعْضَلَكم أمرُها

فكيف لو دُرْتُ على أرْبَعِ (٣)

__________________

(١) لأبى زبيد الطائى ، كما فى اللسان (عصر ، نجد) والمخصص (٩ : ٩٦) وإصلاح المنطق ٥٦. وسيأتى فى (نجد). وصدره :

صاديا يتغيث غير مغاث

(٢) فى الأصل : «العضلى» تحريف. وإنما يقال «عضل» بفتح فكسر ، وبضمتين وفى آخره لام مشدة.

(٣) أنشده فى اللسان (عضل) برواية : «أعضلنى داؤها فكيف لو قمت».

٣٤٥

يقول : عَجَزتم عن مَهْرِ واحدةِ فكيف لو تزوَّجتُ بأربع. يقال : أعضلَه الأمرُ وأعْضَلَ به. وقال عمر : «أعْضَلَ بى أهلُ الكوفة ما يرضَوْن بأمير ، ولا يَرضاهم أمير». أى أعيانى أمرُهم. والمُعْضِلات : الشدائد. ويقال : عضَّلتُ عليه ، أى ضَيَّقتُ فى أمره. وعَضَلْتُ المرأةَ عَضْلاً ، وعَضَّلْتُها تعضيلاً ، إذا منعتَها من التزوُّج ظُلما. قال الله تعالى : (فَلا تَعْضُلُوهُنَ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَ) ، أى تحِيسُوهنّ. ويقال عَضَّلَتِ المرأة ، إذا نَشِب الولدُ فى رَحِمِها فلم يَسْهُل مَخرجُه.

وشاةٌ معضِّلة وغنم مَعَاضيل. [و] عضَّلت الأرضُ بأهلها ، أى غصَّت بهم وضاقت لكثرتهم. قال أوس :

ترى الأرضَ منّا بالفَضاء مريضةً

مُعضِّلة مِنَّا بجمعٍ عَرَمْرَمِ (١)

ويقال سنة عِضْل : عسيرة. قال :

فيا لَلنَّاسِ للسَّنة العِضْلِ

قال الفرّاء : ما يأتينا خيرُ فلانٍ إلّا مُعْضِلا ، أى فِى التواء ونكَد. وعَضَل : قبيلةٌ ، وهو من هذا.

عضم العين والضاد والميم قد ذكرت فيه كلماتٌ عن الخليلِ وغيره وأراها غلطاً من الرُّواة عنه. فأمَّا الخليل فأعلى رتبةً من أنْ يصحِّح مثلَ هذا. قال : العَضم : مَقْبِض القَوْس. وأنشدوا :

رُبَ عَضْمٍ رأيتُ فى جوف ضَهْرِ (٢)

__________________

(١) ديوان أوس ٢٧ واللسان (عضل) والمخصص (٦ : ٢٠٠).

(٢) وكذا أنشده فى اللسان (عضم). وأنشده فى (ضهر): «رب عصم». والعصم : جمع أعصم وعصماء، وهو الوعل فى ذراعيه أو فى أحدهما بياض ، وسائره أسود أو أحمر. وفى الموضعين من اللسان : «فى وسط ضهر».

٣٤٦

قالوا : والضَّهْر : موضعٌ فى الجَبَل. وهذا كله كلام. والعِضَام : عَسيب البعير. والعضمُ : خشبةٌ ذاتُ أصابعَ يُذْرَى بها الطّعام*. وعَضْمُ الفدّان : لوحُه العريض. والعَيْضُوم(١) ، قالوا : الأكول.

وذكرنا هذا كله تعريفا أنَّه لا أصلَ له ، ولو لا ذاك ما كان لذِكرِه وجه.

عضو العين والضاد والحرف المعتل أصلٌ واحدٌ يدلُّ على تجزئةِ الشَّىء. من ذلك العِضْو والعُضْو. والتَّعضية : أن يُعَضِّىَ الذّبيحة أعضاء. والعِضَةُ : القِطعة من الشىء ، تقول : عَضّيْتُ الشىء أى وزَّعته. قال رؤبة :

وليس دينُ الله بالمُعَضَّى (٢)

أى بالمفرَّق. قال الخليل : وقوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) أى عِضَة عِضة ، ففرَّقوه ، آمنوا ببعضه وكَفَرُوا ببعضه. والاسم منه التَّعضية. ومنه الحديث : «لا تَعْضِيَةَ فى ميراث».أى لا تَقسِموا ما [لا] يحتمل القَسْم كالسَّيف والدِّرَّة وما أَشبَهَ ذلك.

عضب العين والضاد والباء أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على قَطْعٍ أو كسر. قال الخليل : العَضْب : السَّيف القاطع. والعَضْب : القطعُ نَفْسُه. تقول عَضَبَه يَعْضِبه ، أى قطعه. ومنه رَجُلٌ عضْب اللِّسان ، وقد عَضُبَ لسانُه عُضُوباً وعَضُوبةً. وهذا إنما هو تشبيهٌ بالسَّيف العَضْب. قال ابنُ دُريد : «عَضَبْتُ الرَّجُل

__________________

(١) قال أبو منصور فيه : «هذا تصحيف قبيح ، والصواب العيصوم بالصاد». وقال : «وإنما قيل لها ـ أى للمرأة ـ عصوم وعيصوم لأن كثرة أكلها يعصمها من الهزال ويقويها».

(٢) ديوان رؤبة ٨١. وهو فى اللسان (عضا) بدون نسبة.

٣٤٧

بلسانى ، إذا [تناولتَه به] ، شتمتَه ، ورجلٌ عَضَّابٌ ، إذا كان شَتّاماً (١)». وعَضَبَنى الوَعْك (٢) أى نَهَكَنى.

ومن الباب : الشَّاة العَضْباء : المكسورة القَرْن. ويقال إنَ العَضَبَ يكون فى أحد القَرنين. وذكر ابنُ الأعرابى أن العَضَب فى الأُذن : أَن يذهب نِصفُها أو ثلثَها ، وفى القرن ، إذا ذهب من مُشَاشِهِ شىء.

وحُكِى : رجلٌ أعْضَبُ ، أى قصير اليد. ويقال إنَ الأعضب من الرِّجال : الذى لا إخوةَ له ولا ناصِرَ ولا أحد له.

عضر العين والضاد والراء لا أصلَ له فى كلام العرب ، وإنْ ذُكر فيه شىءٌ فغير صحيح.

عضد العين والضاد والدال أصلٌ صحيح يدلُّ على عضوٍ من الأعضاء ؛ يُستعار فى موضع القوّة والمُعين. فالعضد (٣) : ما بين المِرْفق إلى الكتف ، يقال عَضُدَ وعَضْدَ ، وهما عَضُدان ، والجمع أعضاد. وهى مؤنَّثة. ويقال : فلانٌ عضُدِى ، لمكان القُوّة التى فى العَضُد. ورجلٌ عضدىٌ وعِضَادىّ. قال : الخليل : والعَضْد : المعُونة (٤) ، يقال : عضَدْتُ فلاناً ، أى أعنْتُه. قال الله تعالى : (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً). قال ابنُ الأعرابىّ : عضُد الرجل : قَومُه وعشيرته ،

__________________

(١) إلى هنا ينتهى نص الجمهرة (٢ : ٣٠٢ ـ ٣٠٣) ، والتكملة السالفة منها.

(٢) الوعك : الحمى ، أو ألمها. وفى الأصل ، «الوعل» تحريف. وفى أساس البلاغة : «عضبه المرض : وقذه». وفى اللسان : «عضبته الزمانة تعضبه عضباً ، إذا أقعدته عن الحركة».

(٣) فى الأصل : «بالعضد».

(٤) فى الأصل : «المؤنة».

٣٤٨

ولذلك يقال : يَفُتُّ فى عَضُده. وقال أعرابىٌّ لرجلٍ استعانَة فلم يُعِنه : «أنت والله العَضد الثَّلْماء» ، نسبهُ إلى الضَّعف ، وإذا قَصُرَت العضُد أو دَقَّت فهى عضِدَة (١). وأمَّا العَضَد بفتح الضاد [فهو] داءٌ يأخذُ فى العضُد. قال النابغة :

شَكَّ الفريصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها

شَكَّ المبيطِر إذْ يَشْفِى من العَضَدِ (٢)

قال بعضُهم : لا يكونُ العَضَد إلّا فى الإبل خاصَّة. وناقَةٌ عضِدَةٌ ، اشتكَتْ عضُدَها. وإبلٌ مُعَضَّدة : موسومة فى أعضادها. ويقال للدُّمْلُج : المِعْضَد والمِعْضاد ، لأنّه فى العَضُد يُمْسَك. ويقال له العِضَاد أيضاً. ويقال ذلك للذى يُشَدّ على العَضُد للنفقة (٣).

قال الخليل : وأعضاد كلِّ شىءٍ : ما يُشَدُّ حوالَيْه من البِناء ، وذلك كأعضاد الحَوض ، وهى صفائح من حجارةٍ يُنْصَبْنَ حول شفيرهِ ، الواحد عَضُد. قال لبيد :

راسخُ الدِّمْنِ على أعضادِهِ

ثَلَمَتْهُ كلُّ ريحٍ وسَبَلْ (٤)

وعَضُد الرَّحْلِ : خشبتانِ لَزِيقَتَانِ بالواسطة. وعِضادة الباب : مِسَاكاهُ اللذان يُطبَق البابُ عليهما. والعَضِيد : النَّخْلة تنَاوَلُ ثمرَها بيدك. وممكنٌ أن يسمَّى بذلك لأجل أنَ العَضُد تُطَاوِلُها فتنالُها. والرَّجُلُ العُضادىُ : الممتلئ العَضدين لحماً. قال :

وأعجبَهَا ذُو شَمْلةٍ وهِرَاوَةٍ

غلامٌ عُضَادىٌ سمينُ البآدلِ

__________________

(١) فى الأصل : «عضيدة» ، تحريف.

(٢) سبق البيت وتخريجه فى (بطر).

(٣) كذا فى الأصل. وفى اللسان : «والعضاد والمعضد : ما شد فى العضد من الحرز».

(٤) ديوان لبيد ١٣ واللسان (عضد).

٣٤٩

قال : والعاضد : الذى يلزم جانبَ الإبل ، ولا بدَّ لها من عاضدَين ؛ لأن السّوَّاقَ خلْفَها والعاضِدَين من جانبَيها. وأنشد ابنُ الأعرابىّ :

يا ليت لى بصاحِبِىَّ صاحبا

إذا مَشَى لم يَعْضُد الرَّكائبا (١)

أى لم يأتِها من قِبَل أعضادها. والعاضد : السَّهمُ يأخذ ناحيةً من الغَرَضِ لا يصيبُه. وعَضَد الرَّجلُ عن الطَّريقِ : مالَ.

قال ابن السِّكِّيت : العاضد من الجِمال الذى يَعضُد النّاقةَ فيتنوَّخُها. قال :

صَوَّى لها ذا كُدنةٍ جُلاعِدَا (٢)

طَوْعَ السِّنانِ ذارعاً وعاضِدا

والأصل الآخَر القَطْع. قال الخليل : العَضْد : قَطْع الشّجرةِ بالمِعْضَد ، وهو سيفٌ ممتهَنٌ فى قَطْع الشَّجَر. والعاضد : القاطع. وفى الحديث فى مدينة الرسول : «لا يُعْضَدُ شَجرُها». وقال فى المِعْضد :

حسامٍ إذا ما قمتُ منتصراً به

كفَى العَوْدَ منه البَدء ليس بمِعْضَدِ (٣)

قال ابنُ الأعرابىّ : سيف مِعْضَدٌ ومِعْضادٌ وعَضَّادٌ ، أى قاطع. يقال عَضّدت الشجرة ، واسم ما يقطع منها العَضيد والعَضَد. قال الهذلىّ (٤) :

الطَّعْنُ شَغشغةٌ والضَّربُ هيقعةٌ

ضَرْبَ المعوِّل تحتَ الدِّيمة العَضَدا (٥)

__________________

(١) هذا البيت فى اللسان (عضد).

(٢) نسبه للفقعسى فى اللسان (جلعد). وأنشد بعده :

لم يرع بالأسياف إلا فارعا

ونظير هذا البيت ما أنشد فى اللسان (صوى) للفقعسى :

سوى لها ذا كبدنة جلديا

أخفيت كانت أمه صفيا

(٣) البيت لطرفة فى معلقته المشهورة.

(٤) هو عبد مناف بن ربع الهذلى ، كما فى اللسان (عضد ، شفغ).

(٥) سبق البيت فى (شغ).

٣٥٠

ومما شذَّ عن هذين الأصلين : الثَّوب المُعَضَّد ، وهو المخطَّط قال :

ولا ذَوَات الرَّيْط والمُعَضَّدِ

باب العين والطاء وما يثلثهما

عطف العين والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ صحيح يدلُّ على انثناء وعِياجٍ. يقال : عَطَفْتُ الشَّىء ، إذا أمَلْتَه. وانعَطَف ، إذا انعاج. ومصدر عطف العُطُوف. وتعطّفَ بالرَّحمة تعطُّفاً. وعَطَف الله تعالى فلاناً على فلانٍ عَطْفاً. والرَّجُل يَعْطِف الوِسادةَ : يثنيها ، عطفاً ، إذا ارتفَقَ بها. قال لبيد :

ومَجُودٍ من صُبابات الكَرَى

عاطِفِ النّمرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ (١)

ويقال للجانِبَين العِطفانِ ، سمِّيا بذلك لأنَّ الإنسان يَميل عليهما. ألَا ترى أنَّهم يقولون : ثنَى عِطفَه ، إذا أعْرضَ عنك وجَفَاك. ويقال : رجلٌ عَطوفٌ فى الحرب والخير ، وعَطَّافٌ. وظبيةٌ عاطِف ، إذا رَبَضت وعطفَتْ عُنقَها. وفلانٌ يَتَعَاطَفُ فى مِشيته ، إذا تمايَلَ. والإنسان يتعطَّف بثوبه ، وهو شبه التوشُّح. والرِّداء نفسُه عِطَافٌ ، لأنّه يُعْطَفُ. ثم يتَّسعون فى ذلك فيسمُّون السيفَ عِطافاً لأنّه يكونُ موضعَ الرداء.

عطل العين والطاء واللام أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على خلوٍّ وفَراغ. نقول : عُطِّلت الدارُ ، ودارٌ معَطَّلة. ومتى تُركت الإبلُ بلا راعٍ فقد عُطِّلَت ،

__________________

(١) ديوان لبيد ١٣ واللسان (عطف).

٣٥١

وكذلك البئر إذا لم تُورَدْ ولم يُستَقَ (١) [منها]. قال الله تبارك وتعالى : (وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ) وقال تعالى : (وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ). وكلُّ شىءٍ خلا من حافظٍ فقد عُطِّل. من ذلك تعطيلُ الثُّغورِ وما أشبَهَها. ومن هذا الباب : العَطَل وهو العُطُول ، يقال امرأةٌ عاطل ، إذا كانت لا حَلْىَ لها ، والجمع عواطلُ. قال :

يَرُضْن صِعاب الدُّرِّ فى كلِّ حِجَّة

وإنْ لم تكن أعناقُهنَّ عواطلا (٢)

وقوس عُطُلٌ : لا وَتَر عليها. وخيلٌ أعْطَالٌ : لا قلائد لها.

وشذّت عن هذا الأصل كلمةٌ ، وهى الناقة العَيْطَل ، وهى الطَّويلةُ فى حُسن. وربَّما وُصِفَتْ بذلك المرأةُ ، قال ذو الرُّمَّة فى النّاقة :

نَصَبَتْ له ظَهرِى على متن عِرمِسٍ

رُوَاع الفُؤادِ حُرَّةِ الوجه عَيْطلِ (٣)

عطن العين والطاء والنون أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على إقامةٍ وثبات. من ذلك العَطَن والمَعْطِن ، وهو مَبْرَك الإبل. ويقال إنّ إعطانها أن تحبَس عِندَ الماء بعدَ الوِرْد. قال لبيد :

عافَتَا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما

إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَل (٤)

ويقال : كلُّ منزلٍ يكون مَألَفاً للإبل [فهو عَطَنٌ (٥)] ، والمَعْطِن : ذلك الموضع. قال :

__________________

(١) فى الأصل : «ولم تسق».

(٢) البيت للبيد فى ديوانه ٢٢ طبع ١٨٨١ واللسان (حجج) ، وقد سبق فى (حج).

(٣) ديوان ذى الرمة ٥١٠ برواية : رفعت له رحلى على ظهر هرمس ورواية اللسان (روع) : رفعت لها رحلى على ظهر هرمس

(٤) ديوان لبيد ١٣ طبع ١٨٨١ واللسان (عطن). وانفرد اللسان برواية : «أصحاب العلل».

(٥) التكملة من اللسان (عطن).

٣٥٢

ولا تكلِّفُنى نَفسِى ولا هَلَعِى

حِرصاً أُقيم به فى مَعْطِن الهُونِ (١)

وقال آخرون : لا يكون أعطانُ الإبل إلّا على الماء ، فأمَّا مَبارِكها فى البرِّيَّة وعند الحىِّ فهو المأوَى ، وهو المُرَاح أيضاً. وهذا البيتُ الذى ذكرناه «فى مَعطِن الهُون» ، يدلُّ على أنَ المَعْطِن يكون حيث تُحبَس الإبل فى مباركها أين كانت. وبيتُ لَبيد يدلُّ على القول الآخَر ، والأمرُ* قريب.

ومن الباب عَطْنُ الجِلد ، وهو أن يوضَع فى الدِّباغ.

عطو العين والطاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على أخْذٍ ومُناوَلة ، لا يخرج البابُ عنهما. فالعَطْوُ : التَّناوُل باليد. قال امرؤ القيس :

وتعْطو برَخْصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّه

أساريعُ ظبىٍ أو مساويك إسَحِلِ (٢)

يصف المرأة أنها تَسُوك. والظَّبىُ يعطو ، وذلك إذا رَفَعَ يديه متطاوِلاً إلى الشَّجرةِ ليتناوَلَ الورَق. وقال :

تَخُلّ بقرنَيْها بَريرَ أراكَةٍ

وتَعطُو بظِلفيها إذا الغصنُ طالها

قال الخليل : ومنه اشتُقَ الإعطاء. والمعاطاة : المُناولة. ويقال : عاطَى الصبىُّ أهلَه ، إذا عَمِل لهم وناوَلَ ما أرادوا. والعَطاء : اسمٌ لما يُعطَى ، وهى العطيّة ، والجمع عطايا ، وجمع العطايا أعطِيَة. قال :

تعاطِيه أحياناً إذا جِيد جَوْدَةً

رُضاباً كطَعم الزَّنجبيل المعسَّلِ (٣)

__________________

(١) فى الأصل : «نفسى ولا تقلبى» ، صوابه فى اللسان (عطن).

(٢) البيت من معلقته المشهورة.

(٣) البيت لذى الرمة فى ديوانه ٥٠٨ واللسان (عطا). وأنشده فى اللسان (عسل) بدون نسبة :

إذا أخذت مسواكها منحت به

رضايا كطعم الزنجبيل المعسل

٣٥٣

ويقولون : إنَ التعاطى : تناوُلَ ما ليس له بحقٍّ ، يقال فلانٌ يتعاطَى ظُلْمَ فلان. وفى كتاب الله تعالى : (فَتَعاطىفَعَقَرَ). ومِن أمثالِ العرب : «عاطٍ بغَيْرِ أنْوَاط» ، أى إنّه يسمو إلى [الأمرِ] ولا آلةَ له عنده ، كالذى يتعلَّق ولا متعلَّق له.

عطب العين والطاء والباء كلمتانِ لا تتقاربان فى المعنى.

فالأولى : العَطَب ، وهو الهلاك ، يقال عَطِب ، وأعْطَبه غيرُه.

والكلمة الأخرى : العُطْب ، وهو القُطْن.

عطد العين والطاء والدال ذُكِرت فيه كلمةٌ والقياس لا يسوِّغها لكنَّهم يقولون : العَطوَّد : السَّير السَّريع الشاقّ. ويُنشدون :

إليك أشكو عَنَقاً عَطَوَّدَا (١)

عطر العين والطاء والراء أصلٌ واحدٌ لعلّه أنْ يكون صحيحاً ، وهو العِطْر للأشياء المعالَجة بالطِّيب (٢) ، وفاعله العَطَّار. وامرأةٌ عَطِرة ومِعطِيرٌ.

وقال :

يَتْبَعْنَ جَأباً كَمُدُقِ المِعْطيرْ (٣)

عطس العين والطاء والسين كلمةٌ واحدة ثم تستعار ، وهى العُطاس ، يقال : عَطَس يَعْطُسِ. ويقال للأنف مَعِطْسَ ، بالكسر والفتح فى الطاء

__________________

(١) أنشده فى اللسان (عطد) والمخصص (٣ : ١٠٧).

(٢) فى الأصل : «للطيب».

(٣) للعجاج فى ملحقات ديوانه ٧٧ واللسان (عطر ، دقق).

٣٥٤

ويستعار ذلك فيقال : عَطَسَ الصُّبح ، إذا انفَلَق. وقد قالوا إنَ العُطَاسَ : الصُّبح فى قوله :

وقد أغتدى قبل العطاسِ بهَيكلٍ (١)

عطش العين والطاء والشين أصلٌ واحد صحيح ، وهو العَطَش ، يقال منه : عَطِش يَعْطَش عَطَشاً. ويقال إنّ المَعاطِشَ : مَواقِيتُ الظَّمأ. قال ذو الرُّمَّة :

لا تشتكى سقطةً منها وقد رقصت

بها المعاطشُ حتى ظَهرُها حَدِبُ (٢)

باب العين والظاء وما يثلثهما

عظم العين والظاء والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على كِبَر وقُوّة. فالعِظَم : مصدر الشَّىء العظيم. تقول : عَظُمَ يَعْظُم عِظَماً ، وعظّمته أنا. فإذا عَظُم فى عينيك قلت : أعْظمتُه واستعظمْتُه. ومُعظَم الشىء : أكثرُه. وعَظْمةُ الذِّراع : مُستغلَظُها. وهى العظيمة: النازِلةُ المُلمّة الشّديدة. قال :

إن تنجُ منها تنجُ من ذِى عظيمةٍ

وإلّا فإنِّى لا إخالَك ناجيا (٣)

ومن الباب العَظْم ، معروف ، وهو سمِّى بذلك لقوّته وشِدّته.

__________________

(١) نسب إلى امرئ القيس فى حواشى الجمهرة (٣ : ٢٥). وأنشد هذا الصدر فى اللسان (عطس). وعجزه فى الجمهرة :

أثب كبخور الغلاة محنب

(٢) ديوان ذى الرمة ٩ برواية : وقد رفعت بها المفاوز.

(٣) البيت للأسود بن سريع القاص ، كما فى البيان (١ : ٣٦٧).

٣٥٥

عظب العين والظاء والباء. يقولون : عَظَب الطَّائر ، إذا حَرَّكَ زِمِكَّاهُ. وهو كلام. والعُنْظُب : الجراد الضَّخم ، النُّون زائدة.

عظل العين والظاء واللام أصيل صحيح. يقال : تعاظَلَ الكلابُ ، إذا تسافَدَت ، وهى تَعاظَلُ. وجَرادٌ عَظْلَى من ذلك وفلانٌ لا يُعاظِل فى شِعره بين القَوافى ، أى لا يجعل بعضها على بعض. ونرى أنّ ذلك إمّا أن يكون الذى يسمى الإيطاء ؛ أى لا يكرِّر القوافى ، أو أن يكون الذى يسمَّى التَّضمين ، وهو أن [يكون] تمامُ البيت فى البيت الذى بَعده.

٣٥٦

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوّله عين

قال الخليل : (المُعَلْهَج) : الرَّجل اللئيم. وأنشد :

فكيف تُسامِينى وأنتَ مُعَلْهَجٌ

هُذارِمَةٌ جعدُ الأنامل حَنْكَلُ (١)

وهذا إن كان صحيحاً فالهاء فيه زائدة ، لما قلناه ، إنّهم يزيدون (٢) فى الحروف من الكلمة تعظيماً للشىء أو تهويلاً وتقبيحاً. وإنَّما هو من العِلج ، وقد فسَّرناه.

(العَزَاهِيل) ، قالوا : هى الإبل المُهمَلة ، واحدها عُزْهُول. ينشدون : للشَّمَّاخ :

[حَتَّى استغاثَ بأحْوَى فوقه حُبُك

يدعُو هديلاً بِهِ العُزْفُ العَزَاهيلُ (٣)

وهذا أيضاً إن كان صحيحاً ، فالهاء زائدة ، كأنّها أُهملت فاعتزلت ومَرَّت حيث شاءت.

(العَيْهَرَة) : المرأة الفاجرة ، والزائدة فى ذلك الياء ، وإنّما هو من العَهْر.

(العَباهل) : جمع العَبْهَل ، وهى الإبل التى أُهملت تَرِد كيف شاءت ، ومتى شاءت. قال :

__________________

(١) البيت للأخطل كما فى اللسان (حنكل) وليس فى ديوانه. وأنشده فى (علهج) بدون نسبة.

(٢) فى الأصل : «يريدون».

(٣) موضع هذا البيت بياض فى الأصل ، وإثباته من اللسان (عزهل). وفى الديوان ٨٢ :

حتى استفاثت بجون فوقه حبك

تدعو هديلا به الورق المثاكيل

٣٥٧

عَبَاهلٍ عَبْهَلها الوُرّادُ (١)

وبه شُبِّهت الملوكُ الذين لا فَوقَ يدِهم يدٌ. هذا ممّا زيدت فيه الباء ، والأصْل العَيْهَل والعَيْهَلة : التى لا تستقرّ. وقد فسَّرناه.

(العُرَاهم) : النَّاعم التارُّ. وقصبٌ (عُرهُومٌ) ، وبعيرٌ عُرَاهم : طَويل. وهذا مما زيدت فيه الراء ، وإنَّما هى من العيْهامة والعيهمة ، وهى من [النّوق] : الطَّويلة. وقد مرّ

العُفاهم) : الجَلْد القوىُّ. وكلُّ قوىِ عُفاهِم. قال :

من عُنْفُوان جَريِهِ العُفاهِمِ (٢)

وهذا مما زيدت فيه الفاء ، وهو من العَيهمة أيضاً.

(العَبْهَر) : الضَّخم الخَلْقِ وكلُّ عظيمٍ عَبْهر. وامرأةٌ عبهرة. قال الأعشى :

عَبْهَرَة الخلق لُبَاخِيّة

تَزِينُه بالخُلُق الظَّاهرِ (٣)

وهذا ممَّا زيدت العينُ فى أوله ، وأصله من البَهْر ، أى إنّها تبهر بخَلْقها. وقد فسرنا البَهْر.

(العَلْهَب) : التَّيس الطّويلُ القرنين ، ويوصف به الثَّور. قال جرير :

إذا قَعِسَت ظهورُ بنى تميمٍ

تكشَّف عن عَلَاهِبَةِ الوُعولِ (٤)

__________________

(١) المخصص (٧ : ٨٤) واللسان (عبهل) بدون نسبه. وفى (عهل) بنسبته لأبى وجزة :

هياهيل هيلها الذواد

(٢) الرجز لغيلان ، كما أسلفت فى حواشى (عذم).

(٣) ديوان الأعشى ١٠٤. وأنشده فى اللسان (عبهر) بدون نسبة. وفى الديوان : «بلاخية» تحريف ، وفيه أيضاً : «الطاهر» بالطاء المهملة. ورواية اللسان تطابق رواية المقاييس.

(٤) ديوان جرير ٣٤٧ برواية : «رأوا قعس الظهور بنات تيم». وفى اللسان بدون نسبة :

إذا قست ظهور بنات تيم

والبيت من قصيدة له يهجو فيها التيم والفرزدق ، أولها :

أتنسى يوم حومل والدخول

وموقفنا على الطلل الخيل

٣٥٨

وهذا ممّا زيدت فيه الهاء ، وإنَّما هو من العُلَبِ. والعُلَب : النَّخل الطّوال. وقد مرّ.

(العَشنَّق) : الطَّويل الجِسم. وهذا مما زيدت فيه الشِّين ، وإنّما هو من العَنَق. وليس ببعيدٍ أن يكون العين زائدةً أيضاً. فإنْ كان كذا فالكلمة منحوتةٌ من كلمتين ، من العَنَق ، والشَّنَق. وقد فسَّرناهما. وقد قال الخليل : امرأة عَشَنَّقة : طويلة العُنُق ، ونعامةٌ عَشَنَّقة. فهذا يدلُّ على صحَّة ما قلناه.

(العَسْلَق (١)) : كلُّ سبُع جَرُؤ على الصَّيد ، والجمع عَسالِق. وهذه من ثلاث كلمات : من عَسِق به إذا لازمه ، ومن علِق ، ومن سلقَ. وكلُّ ذلك قد فسَّر.

(العُسْقُول) : قِطعة السَّراب. وهذا ممّا زيدت فيه اللام. والأصل العَسَق ، يقال إنّه الإطاقة بالشَّىء ، من اللزوم الذى ذكرناه.

(العَسَلَّق) : الظليم. ممكنٌ أن يكون من السُّرعة ويكون القاف زائدة ، ويكون من العَسَلان ؛ ويمكن أن يكون العين زائدة ، ويكون من السّلق والتسلُّق. وكلُّ ذلك جيّد.

(العُنقود) : معروف ، وهو من العَقْد ، كأنه شىءٌ عقِد بعضُه ببعض.

(العرقوب) : عَقَبٌ مُوَتَّرٌ خلْف الكعبين. وعَرقَبت الدّابة : قطعت عُرقوبها. وهذا مما زيدت فيه الراء ، وإنّما الأصل العِقب للإنسان وحده ،

__________________

(١) يقال أيضاً «عسلق» وزان عملس.

٣٥٩

ثمَّ جعل العُرقوب له ولغيره. ويستعار العرقوب فيقال لمنحنًى من الوادى فيه التواء شديدٌ : عرقوب. وقال :

ومَحُوفٍ من المناهل وحْشٍ

ذى عراقيبَ آجِنٍ مِدفانِ (١)

قال الخليل : وعراقيب الأمور : عَصاوِيدُها ، وذلك إدخال اللَّبس فيها. ويتمثَّل النَّاس فيقولون : «يوم أقصر من عُرقوب القطاة».

(العقرب) ، معروفة ، والباء فيه زائدة ، وإنَّما هو من العَقر ، ثم يستعار فيقال للذى يَقْرُص النّاس (٢) : إنَّه لتَدِبُّ عقاربُه. ودابّةٌ مُعقرَب الخَلْق ، أى ملزَّز مجتمعٌ شديد.

(العفلق (٣)) : الفَرْج رِخواً واسعاً. وهذا منحوتٌ من عفق والعُفاقة ، [و] من فلق.

(العُقْبول) : قالوا : بقيَّة المرض ، واللام زائدة ، إنّما هو مرضٌ يَعقُب المرضَ العظيم.

(العَضَنّكة (٤)) : المرأة اللَّفَّاء العجُز التى ضاق مُلتقَى فخِذَيها لكثرة اللَّحم. وهذا مما زيدت فيه العين ، وإنَّما هو من الضنك وهو الضيِّق. وقد مرَّ تفسير الضِّناك.

__________________

(١) أنشده فى اللسان (عرقب).

(٢) أى يقرصهم بلسانه. ومنه القارصة : الكلمة المؤذية.

(٣) وزان جعفر وعملس.

(٤) ويقال أيضا : «عضنك» بطرح الهاء.

٣٦٠