معجم مقاييس اللغة - ج ٢

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢

ومن ذلك (الدُّحْمُسَانُ (١)) : الأسود ، والحاء زائدة ، وهو من الدَّسَم ، وهو عندنا موضوعٌ وضعاً. وقد يكون عند سِوانا مشتقًّا. والله أعلم.

(دَنْقَشَ) الرَّجُل دَنْقَشَةً ، إذا نَظَر وكسر عينَه.

و (الدَّهْثَمُ) من الرجال : السَّهل الليِّن.

و (الدّرَفْسُ) و (الدِّرْفاس) : الضخم من الرِّجال.

و (الدَّرْمَك) : الدَّقيق الحُوَّارَى.

و (الدُّرْنُوك) : ضَرْبٌ من الثِّياب ذو خَمْلٍ ، وبه تُشبَّه فَروةُ البعير. قال :

* عَن ذِى دَرانِيكَ وهُلْبٍ أَهْدَبا (٢) *

و (الادْعِنْكارُ) : إقبال السَّيل. ومحتملٌ أن يكون هذه من باب دَعَكَ.

و (دمْخَقَ (٣)) الرّجُل فى مِشْيته : تثاقَلَ.

و (الدَّغْفَل) : ولَدُ الفيل. و (الدَّغْفَلىُ) : الزّمان الخِصْب. قال العجّاج :

* وإذْ زَمانُ النّاسِ دَغْفَلىُ (٤) *

ومحتملٌ أن تكون هذه من الذى زيد فيه الدال ، كأنّه من غفل ؛ وهم يصِفُون الزّمانَ الطيّبَ النّاعمَ بالغَفْلة. قال :

قُدَيْدِيمَةَ التَّجريبِ والحِلمِ إنَّنى

لَدَى غَفَلاتِ العَيش قبلَ التَّجاربِ (٥)

__________________

(١) ويقال أيضا «الدحسمان».

(٢) أنشده فى اللسان (هدب) برواية : «ولبد أهدبا» ، وفى (درنك): «ولبداً».

(٣) فى الأصل والمجمل : «دمحق» بالحاء المهملة ، صوابه بالخاء المعجمة.

(٤) ديوان العجاج ٦٧ واللسان (دغفل).

(٥) ديوان القطامى ٥٠. وفى الديوان واللسان : «أرى غفلات».

٣٤١

و (الدِّمَقْس) : القَزَّ : و (الدَّرْدَبِيس) : الدّاهِيَة ، والشيخ الهِمّ. و (دنْقَسْتُ) بين القوم : أفسدت. و (الدَّهاريس) : الدّواهى.

و (الدِّلْقِم) : النّاقة التى أَكِلَتْ أسنانُها من الكِبَر. ومحتمل أن تكون هذه منحوتةٌ من دَقَمْتُ فاه ، إذا كسرْتَه ، ومن دَلَق إذا خرج ، كأنّ لسانَها يندلِق.

و (الدَّلْعَكُ) و (الدَّلْعَس) : الضَّخمة. و (دَرْبَحَ) عَدَا (١). و (الدَّرْبَلَةُ) : ضربٌ من المشى. و (الدِّرَقْل) : ضربٌ من النِّياب. و (الدُّرْدَاقِسُ) : عظم يفصِلُ بين الرّأس والعُنق. وما أبعد هذه من الصحّة.

ويقال إنَّ (الدُّلَمِزُ) : القوىُّ الماضى. وكذلك (الدُّلامِزُ) ، والجمع دَلامِزُ.

قال الشاعر :

* يَغْبَى عَلَى الدَّلَامِز البَرَارِتِ (٢) *

والله أعْلَمُ بالصَّواب.

__________________

(١) هذا المعنى لم يذكر فى اللسان. وفى القاموس : «عدا من فزع».

(٢) البرارت : جمع بريت ، وهو الدليل الحاذق. وروى فى اللسان (خرت ، دلمز) «الخرارت» جمع خربت. وكلاهما بمعنى واحد.

٣٤٢

كتاب الذّال

باب الذال وما معهما فى الثنائى والمطابق

ذر الذال والراء المشددة أصلٌ واحد يدلُّ على لطافة وانتشار. ومن ذلك الذَّرُّ : صِغار النَّمل ، الواحدة ذَرّةٌ. وذَرَرْتُ المِلْحَ والدّواءَ. والذرِيرة معروفة ، وكلُّ ذلك قياسٌ واحد.

ومن الباب : ذرّت الشّمْسُ ذُروراً ، إذا طَلَعَتْ ، وهو ضوءٌ لطيفٌ منتشر. وذلك قولُهم : «لا أفعله ما ذَرَّ شارقٌ» ، وما ذَرّ قرنُ الشّمْس.* وحكى عن أبى زيد : ذَرّ البَقْلُ ، إذا طلَعَ من الأرض. وهو من الباب ؛ لأنّه يكون حينئذٍ صُغَاراً (١) منتشِرًا. فأمَّا قولُهم : ذَارَّتِ النّاقةُ وهى مُذَارٌّ ، إذا ساء خُلُقها ، فقد قيل إنَّه كذا مثّقل. فإن كان صحيحاً فهو شاذٌّ عن الأصل الذى أصَّلناه. إلا أن الحطيئة قال :

* ذَارَتْ بأَنْفها (٢) *

مخفَّفاً. وأراه الصحيح ، ويكون حينئذٍ من ذئِرت ، إذا تغضَّبت ، فيكون على تخفيف الهمزة. [إلّا] أنّ أبا زيدٍ قال : فى نفسِ فُلانٍ ذِرارٌ ، أى إعراضٌ

__________________

(١) الصغار ، بالضم : الصغير ، كقولك طوال بالضم ، بمعنى طويل ، وأراه أقوى فى القراءة هنا.

والصغار ، بالكسر : جمع صغير.

(٢) قطعة من بيت فى ديوان الحطيئة ١٠ واللسان (درر). وهو بتمامه :

وكنت كذات البعل ذارث يأنفها

فمن ذاك تبقى غيره أو تهاجره

٣٤٣

غَضَباً ، كذِرار النّاقة. وهذا يدلُّ على القول الأول. والله أعلم.

ذع الذال والعين فى المطابق أَصلٌ واحد يدلُّ على تفريق الشىء. يقال ذعْذعت الرِّيحُ [الشىءَ] إذا فرّقَتْه ، فتذعْذع ، أى تفرّق. قال النابغة :

* تُذَعْذِعُها مُذَعْذِعَةٌ حَنُونُ (١) *

ويقال إِنّ الذُّعَاع الفُرْجة بين النَّخْلة والنَّخلةِ ، فى شعر طَرَفَة ، على اختلافٍ فيه ؛ فقد قال بعضُهم إِنّه بالدّال ، وقد مضى ذِكْرُه (٢).

وحكى ابنُ دريدٍ (٣) : ذَعْذَع السِّرَّ : أذاعَه. والذعاع : الفِرَقُ من الناس ، الواحدةُ ذَعاعة.

ذف الذال والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على خِفّةٍ وسُرعة. فالذَّفِيف إتباعٌ للخفيف. ويقال الذَّفيف السَّريع. ومنه يقال ذفَّفْتُ على الجريح ، إذا أسرعتَ قَتْلَه. واشتقاق «ذُفافَة» منه. ويقال للماء القليل ذُفافٌ ، ومياهٌ أذِفَّةٌ

وحُكى عن الأعرابىّ : الذَّفُ : القتل. واستَذَفَ الأمر : استقامَ وتهيَّأَ. ويقال الذَّفَاف : الشّىء اليسير من كلِّ شىء. يقولون ما ذُقْتُ ذَفِافاً ، أى أدْنَى ما يؤكل. قال أبو ذُؤيب :

__________________

(١) عجز بيت له لم يرو فى ديوانه ، وقد سبق فى (حن ص ٢٥). وصدره كما فى اللسان (حنن ، ذعع) :

فشيت لها منازل مقفرات

(٢) لم يسبق فى مادة (دع) ذكر للدعاع ، ولم يستشهد بشعر طرفة. والذى يعنيه من شعر طرفة هو قوله :

وعذاربكم

في جعاع النخل تصطرمه

(٣) الجمهرة (١ : ١٤٣).

٣٤٤

يقولون لما حُشَّت البِئْرُ أُوْرِدُوا

وليسَ بها أدنَى ذَفِافٍ لواردِ (١)

يقول : ليس بها شىء.

ذل الذال واللام فى التضعيف والمطابقة أصلٌ واحد يدلُّ على الخُضوع ، والاستكانة ، واللِّين. فالذُّل : ضِدّ العِزّ. وهذه مقابلةٌ فى التضادِّ صحيحة ، تدلُّ على الحكمة التى خُصَّتْ بها العرب دون سائر الأمم ؛ لأنّ العزّ من العَزَازِ ، وهى الأرض الصُّلْبة الشديدة. والذِّلُ خلاف الصُّعوبة. وحُكى عن بعضهم (٢) أنَّه قال : «بعضُ الذِّلِ ـ بكسر الذال ـ أبْقَى للأهْلِ والمال».

يقال من هذا : دابّةٌ ذلولٌ ، بيِّن الذُّلِ. ومن الأوّل : رجلٌ ذليل بين الذُّلّ والمَذَلّة والذِّلّةِ. ويقال لما وُطِئَ من الطَّريق ذِلٌ. وذُلِّل القِطْفُ تذليلاً ، إذا لانَ وتَدَلّى. ويقال : أجْرِ الأمورَ على أذلالها ، أى استقامتها ، أى على الأمر الذى تَطُوع فيه وتَنْقاد.

ومن الباب ذَلاذِل القميص ، وهو ما يلى الأرض من أسافلِهِ ، الواحدة ذِلذِلٌ. ويقولون : اذْلَوْلَى الرّجُل إذلِيلَاءَ ، إذا أسرَعَ. وهو من الباب.

ذم الذال والميم فى المضاعف أصلٌ واحد يدلُّ كلُّه على خلافِ الحمد. يقال ذَمَمْتُ فلاناً أذُمُّه ، فهو ذميمٌ ومذموم ، إذا كان غير حميد. ومن هذا الباب الذّمَّة ، وهى البئر القليلةُ الماء. وفى الحديث : «أنّه أتى على بئرٍ ذَمَّةٍ». وجمع الذَّمَّة ذِمام. قال ذو الرُّمّة :

__________________

(١) ديوان أبى ذؤيب ١٢٣ ، واللسان (جشش ، ذفف) ، وقد سبق إنشاده فى (١ : ٤١٥) والكلمة الأولى من البيت ساقطة من الأصل.

(٢) هو حديث ابن الزبير ، كما فى اللسان (ذلل).

٣٤٥

على حِمَيرِيّاتٍ كأنَّ عيونَها

ذِمامُ الرَّكايا أنكَزَتْها المواتِحُ (١)

انكزَتْها : أذهبَتْ ماءَها. والمواتِح : المستَقِيَة.

فأمّا العَهْد فإنَّه يسمَّى ذِماماً لأن الإِنسان يُذَمُ على إضاعته منه. وهذه طريقة للعرب مستعملةٌ ، وذلك كقولهم : فلانٌ حامى الذِّمار ، أى يَحْمى الشَّىءَ الذى يُغضِب. وحامى الحقيقة ، أى يَحْمِى ما يحقّ عليه أن يمنَعَه.

وأهل الذِّمّة : أهلُ العَقْد. قال أبو عُبيد : الذمَّة الأمان ، فى قوله صلى الله عليه وآله وسلم : «ويَسعَى بذمَّتهم». ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْية فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم. ويقال فى الذِّمامْ مَذَمَّة وَمَذِمَّة ، بالفتح والكسر ، وفى الذَّمِ مَذَمّة بالفتْح. وجاء فى الحديث : «أنّ رجلاً سأل النبى صلى الله عليه وآله وسلم : ما يُذْهِب عنى مَذَمَّة الرَّضاع؟ فقال : غُرَّةٌ : عبدٌ أو أمَةٌ». يعنى بمذَمَّة الرَّضاع ذِمامَ المُرضِعة. وكان النّخَعىّ (٢) يقول فى تفسير هذا الحديث : إنّهم كانوا يستحبُّون أن يَرْضَخُوا عند فِصال الصبىّ للظّئْر بشىءٍ سِوى الأَجْر. فكأنّه سأله : ما يُسقط عنِّى حقَّ التى أرضعَتْنى حتّى أكونَ قد أدّيّتُ حقَّها كاملا (٣). حدّثنا بذلك القطَّان عن المفسِّر عن القُتَيبىّ والعرب تقول : أذْهِبْ مَذَمَّتَهم بشىءِ ؛ أى أعطِهِم شيئاً ؛ فإِنّ لهم عليك ذماماً. ويقال افْعلْ كذا وخَلَاك ذَمٌ ، أى ولا ذمَ عليك. ويقال أذَمَ فلانٌ بفلانٍ ، إذا تهاوَنَ به. وأذَمَ به بعيرُه ، إذا

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ١٠٣ والمجمل واللسان (ذمم).

(٢) هو إبراهيم بن يزيد النخعى ، كما صرح به ابن فارس فى المجمل. وهو فقيه كوفى ، توفى سنة ١٩٦. انظر تهذيب التهذيب.

(٣) فى المجمل : «قد أديته كاملا».

٣٤٦

أخَّرَ (١) وانقطَعَ عن سائر الإبل. وشىء مُذِمٌ ، أى مَعيب. ورجلٌ مُذِمٌ : لا حَرّاك به. وحكى ابنُ الأعرابىِّ. بئرٌ ذميمٌ ، وهى مِثْلُ الذَّمَّة. أنشدَنا أبو الحسن القَطَّان عن ثَعْلبٍ عن ابن الأعرابىّ (٢)

مُواشِكَةٌ تستعجِلُ الرَّكْضَ تبتَغِى

نَضَائِض طَرْقٍ ماؤُهنَ ذميم

يصف قطاةً. يقول (٣)

وبقى فى الباب ما يقربُ من قياسه إن كان صحيحاً. إنَ الذَّميم بَثْرٌ يخرُج على الأنف.

وحكى ابنُ قتيبة أنَ الذَّميم البَولُ الذى يَذِمُ ويَذِنُّ من قضيب التيس. قال أبو زُبيْدٍ(٤):

تَرَى لأَخْلافِها مِن خَلْفِها نَسَلاً

مثلَ الذَّميمِ على قُزْمِ اليَعَاميرِ

النَّسَلُ من اللَّبن : ما يخرُج منه. والقُزْم : الصِّغار. قال الشَّيبانىّ : لا أعرِف اليعامير. وسألتُ فلم أجِدْ عند أحدٍ بها علماً ، ويقال هى صِغار الضّأن.

ذن الذال والنون فى المضاعف أصلٌ يدلُّ على سَيَلان. فالذَّنين ما يَسِيل من المنخرَيْنِ. وقد ذَنّ ذَنَّا (٥) ، وهو أذَنُ. قال الشمّاخ :

__________________

(١) يقال أخر يؤخر تأخرا ، وأخرته أنا ، لازم متعد.

(٢) زاد فى المجمل : «للمرار» والبيت التالى للمرار ، كما فى اللسان (ذمم).

(٣) كذا وردت هذه الكلمة. وقد تكون مقحمة.

(٤) فى الأصل : «أبو دبر» ، صوابه فى المجمل واللسان (ذمم).

(٥) يقال ذن ، كفرح ذننا ، وكذلك ذن يذن بكسر الذال ، ذنينا.

٣٤٧

توائِلُ من مِصَكٍ أنْصَبَتْهُ

حوالِبُ أسْهَرَتْه بالذَّنينِ (١)

ويقال له الذُّنَان أيضاً. ويقال إنّ المرأةَ الذّنّاءِ التى يسيل حَيضُها ولا ينقطع ويقال الذَّنانة بَقيّةُ الشّىء الهالكِ الضعيف.

ومما يشذّ عن الباب ـ وقد قلتُ إنّ أكثر أمْرِ النَّبات على غير قياس ـ الذَّؤْنُون : نبتٌ. يقال خرَجَ النّاسُ يَتذأْنَنُون ، إذا أخَذُوا الذُّؤْنُون.

ذب الذال والباء فى المضاعف أصولٌ ثلاثة : أحدها طُوَيئرٌ ، ثم يُحمَل عليه ويشبَّه به غيرُه ، والآخَر الحَدُّ والحِدّة ، والثالث الاضطرابُ والحرَكة.

فالأوّل الذُّباب ، معروف ، وواحدته ذُبابة ، وجمع الجمع أذِبّة. وممّا يشبّه به ويُحمَل عليه ذُباب العَين : إِنسانُها. ويقال ذَبَبْتُ عنه ، إذا دفَعْتَ عنه ، كأنّك طردت عنه الذُّباب التى يتأذّى به. وقول النابغة :

* ضَرَّابَةٍ بالمِشْفَر الأَذِبَّهْ (٢) *

فهو جمع ذُبابٍ. والمذبوبُ من الإبل : الذى يدخل الذباب منحره. والمذبوب : الأحمق ، كأنّه شُبِّه بالجمل المذبوب.

وأمّا الحَدُّ فذُبَاب أسنانِ البعير : حَدُّها. قال الشاعر (٣) :

__________________

(١) ديوان الشماخ ٩٣. ورواية «أسهرته» هذه رواية أبى عبيد ، كما نص فى اللسان. ويروى : «أسهريه». والأسهران : عرقان يندران من الذكر عند الإنعاظ. وأنكر الأصمعى الأسهرين ، وقال : «وإنّما الرواية أسهرته ، أى لم تدعه ينام». انظر اللسان (سهر).

(٢) من رجز يقوله النابغة للنعمان بن المنذر ، كما فى الأغائى (٩ : ١٦٩). وقبله :

أصم أم يسمع رب القببه

يا أوهب الناس لعنس صلبه

(٣) هو المثقب العبدى. وقصيدته فى المفضليات (٢ : ٨٨ ـ ٩٢).

٣٤٨

وتَسْمَعُ للذُّباب إذا تَغَنَّى

كتَغريد الحمامِ على الغُصُونِ (١)

وذُباب السَّيف : حَدُّه.

والأصل الثالث : الذَّبذَبة : نَوْس الشَّىءِ المعلَّق فى الهواء. والرجل المذَبْذَب : المتردِّد بين أمرين. والذَّبْذَبُ : الذَّكَر ؛ لأنه يتذَبْذَب أى يتردَّد. والذَّباذِبُ : أشياءٌ تُعلَّق فى هَودَجٍ(٢) أو رأس بعيرٍ. والذَّبُ : الثَّور الوحشىّ ، ويسمَّى ذَبّ الرِّياد. قال ابنُ مقبل :

يُمشِّى بها ذَبُ الرِّيادِ كأنَّه

فَتًى فارسىٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامحُ (٣)

وقالوا : سُمِّىَ ذبَ الرِّياد لأنَّه يجىء ، ويذهب ، لا يثبُت فى موضعٍ واحد.

ومن هذا الأصل الثالث قولهُم ذَبَّت شفَتُه ، إذا ذَبُلَتْ من العطَش. وأنشد :

هُمُ سَقَوْنِى عَلَلاً بَعْدَ نَهَلْ

مِنْ بَعْدِ ما ذَبَ * اللِّسانُ وذَبُلْ (٤)

ويقال : ذَبَ النَّبْت ، إذا ذَوَى. وذَبّ جِسمُه ، أى هَزُل.

ومن الاضطراب والحركة قولهم : ذبَّبْنا ليلتَنا ، أى أتعبْنا فى السَّير. ولا ينالون الماءَ إلَّا بقَرَبٍ مذبِّبٍ ، أى مُسْرِع. قال :

مُذَبِّبَةً أضَرَّ بها بُكُورِى

وتَهْجيرِى إذا اليَعفورُ قالا (٥)

__________________

(١) أنشده فى المجمل واللسان (ذبب).

(٢) فى الأصل : «من هودج».

(٣) أنشد صدره فى المجمل. والبيت فى اللسان (رمح ، رود ، سرل) والخزانة (١ : ١١١) برواية : «فى سراويل رامح». وصدره فى اللسان (سرل) والخزانة :

أتى دونها ذب الرياد كأنه

(٤) البيتان فى المجمل واللسان (ذبب).

(٥) لذى الرمة فى ديوانه ٤٣٨ واللسان (ذبب).

٣٤٩

وقال :

يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إثْرِه

وأَمْكَنَه وَقْعُ مِرْدًى خَشِبْ (١)

والله أعلم بالصّواب.

ذرع الذال والراء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على امتدادٍ وتحرُّك إلى قُدُم ، ثم ترجع الفروعُ إلى هذا الأصل. فالذِّراع ذِراع الإنسان ، معروفة. والذَّرع : مصدر ذَرَعْتُ الثَّوبَ والحائطَ وغيرَه. ثمّ يقال : ضاق بهذا الأمر ذَرْعاً ، إذا تكلَّفَ أكثَرَ ممّا يطيق فَعَجَز. ويقال ذَرَعَهُ القَىء : سبقَه. ومَذَارِعُ الدَّابة : قوائمها ، والواحد مِذْراع. وتَذَرّعَتِ الإِبلُ الماءَ : خاضت بأذْرُعها (٢). ومَذَارع الأرض : نواحيها ، كأنَّ كلَّ ناحيةٍ منها كالذِّراع. ويقال ذَرَعْتُ البعير : وَطِئْتُ على ذِراعه ليركَبَ صاحبى. وتذَرَّعَتِ المرأةُ الخُوصَ ، إذا تنقَّتْه ، وذلك أنّها تُمِرّه مع ذراعها. قال :

* تذرُّعُ خِرصانٍ بأيدِى الشَّواطبِ (٣) *

والذَّريعة : ناقةٌ يتَسَيَّر بها الرّامِى يرمى الصَّيد. وذلك أنَّه يتذرّع معها ماشياً.

ومن الباب : تذرَّعَ الرّجُل فى كلامه. والإذْراع : كثرةُ الكلام. وفرس ذَريعٌ : واسع الخَطْو بَيِّن الذَّرَاعَة. وقوائِمُ ذَرِعاتٌ : خفيفات. والذِّراعان : بحمان ، يقال هما ذِراعا الأسد. ويقال للمرأة الخفيفة اليدِ بالغَزْل : ذِرَاع. قاله

__________________

(١) البيت لعنترة فى ديوانه ٢١ واللسان (ذبب) ، يقوله فى ورد بن حابس الأسدى.

(٢) فى المجمل : «خاضته بأذرعها».

(٣) صدر بيت لقيس بن الخطيم فى ديوانه ١٢ واللسان (ذرع ، خرص ، شطب). وصدره.

ترى قصد المران تهوى كأنها

٣٥٠

الكِسائىّ. ويقال ثورٌ مذرَّع ، إذا كان فى أذرَعِهِ لُمَعٌ سُودٌ. ومطرٌ مذرِّع ، وهو الذى إذا حُفِرَ عنه بلغ من الأرض قد ذِراع. والمذرَّع من الرّجال : الذى يكون أمُّه عربيّة وأبوه خسيساً غيرَ عربىّ. وإِنَّما سُمِّى مذرَّعاً بالرَّقْمتينِ فِى ذِراع البغل ، لأنّهما أتَتَا من قِبَل الحِمار. ويقال للرجل تَعِدهُ أمراً حاضراً : هو لَكَ مِنِّى على حَبْل الذِّراع. ويقال لصَدْر القناة : ذِراع العامل. والذِّراعان : [هَضَبَتَانِ (١)]. قال :

* إلى مَشْرَبٍ بينَ الذِّراعَين بارِدِ (٢) *

والمَذَارع : ما قرُب من الأمصار ، مثل القادسيّة من الكوفة. والمَذارع من النَّخل : القريبة من البيوت. وزقٌ مِذْرَاعٌ (٣) ، أى طويل ضَخْم. ويقال ذَرَّعَ لى فلانٌ شيئاً من خَبَرٍ ، أى خَبَّرَنى. ويقال ذرّع الرجل فى سَعْيِهِ ، إذا عدا فاستعانَ بيديه وحرَّكهما. ويقال للبَشير إذا أومَأَ بيده : قد ذَرّع البَشيرُ. وهو علامةُ البِشارة.

ذرف الذال والراء والفاء ثلاثُ كلماتٍ ، لا ينقاس. فالأولى ذَرَفَت العينُ دمْعَها. وذَرَفَ الدّمعُ يَذْرِف ذَرْفاً. وَمَذَارف العَينِ : مدامعها. والثانية ذَرَفَ يَذْرِفُ ذَرفانا ، وذلك إذا مشَى مَشْياً ضعيفاً. والثالثة ذرّف على المائة ، أى زادَ عليها.

ذرق الذال والراء والقاف ليس بشىء. أما الذى لِلطائر فأصله الزاء ، وقد ذكر فى بابه. والذَّرَق : نبْت ؛ يقال أذرقَتَ الأرضُ ، إِذا أنبَتَتَهُ.

__________________

(١) التكملة من المجمل ومعجم البلدان (٤ : ١٩٢) واللسان (ذرع ٤٥٣).

(٢) أنشد هذا الشطر فى اللسان (ذرع).

(٣) بدله فى اللسان «مذرع» على مفعل. ويقال أيضا «ذراع» وهو ما جاء فى المجمل.

٣٥١

ذرو الذال والراء والحرف المعتل أصلان : أحدهما الشَّىءُ يُشرِف على الشَّىء ويُظِلّه ، والآخر الشَّىء يتساقط متفرّقاً.

فالذِّروة : أعْلَى السَّنامِ وغيره ، والجمع ذُرًى. والذَّرَا : كلُّ شىءِ استترْتَ به. تقول : أنا فى ظِلِّ فُلانٍ ، أى ذَرَاه. والمِذْرَوَانِ : أطراف الأَلْيتَينِ ؛ لأنّهما يُشرفان على [ما] بينَهما.

وأما الآخر فيقول : ذَرَا نابُ الجَمَل ، إذا انكسَرَ حدُّه. قال أوسٌ :

إذا مُقْرَمٌ منَّا ذَرا حَدُّ نابِهِ

تخمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ (١)

ومن الباب ذَرَت الرِّيحُ الشَّئَ تَذْرُوه. والذَّرَا : اسمٌ لما ذَرَتْهُ الرِّيح. ويقال* أذْرَت العينُ دمْعَها تُذْريه. وأَذْرَيْتُ الرّجُلَ عن فرَسه : رميتُه. ويقال إنَ الذَّرَى اسمٌ لما صُبّ من الدّمع.

ومن الباب قولُهم : بلغَنِى عنه ذَرْوٌ مِن قولٍ ، وذلك ما يُساقِطُه من أطراف كلامه غيرَ متكامِل.

ذرأ الذال والراء والهمزة أصلان : أحدهما لونٌ إلى البياض ، والآخر كالشَّىء يُبذَرُ ويُزْرَع.

فالأوّل الذُّرْأة ، وهو البياضُ من شَيبٍ وغيرِه. ومنه ملح ذَرَآنِىٌ وذَرْآنىّ. والذُّرْأة : البياض. ورجل أذرَأُ : أشيب ، والمرأة ذَرْآء. وقال الشيبانىّ : شَعْرَةٌ ذَرْآءُ ، على وزن ذرعاء ، أى بيضاء. والفِعل منه ذَرِئَ يَذْرَأُ. ويقال إِنَ الذَّرْآءَ من الغنم : البَيضاء الأذُن.

__________________

(١) ديوان أوس ٢٧ واللسان (قرم ، ذرا ، خمط). وصدره فى المجمل.

٣٥٢

والأصل الآخر : قولهم ذَرَأْنا الأرضَ ، أى بذَرْناها. وزرعٌ ذرِئُ ، [على] فعيلٍ. وأنشد :

شقَقْت القلبَ ثم ذرَأْتِ فِيهِ

هَواكِ فِليمَ فالتَامَ الفُطُورُ (١)

ومن هذا الباب : ذرَأَ اللهُ الخَلْق يذرؤُهُم. قال الله تعالى : (يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ).

وممّا شذّ عن الباب قولهم أذْرَأْتُ فلاناً بكذا : أوْلَعْتُه به. وحُكِىَ عن ابن الأعرابىّ : ما بينى وبينه ذَرْءُ أى حائلٌ.

ذرب الذال والراء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الصَّلاح فى تصرَّفه ، مِن إقدامٍ وجرأةٍ على ما لا ينبغى. فالذَّرَبُ : فسادُ المَعدة. قال أبو زيد : فى لِسانِ فلان ذَرَبٌ (٢) ، وهو الفُحْش. وأنشد :

أرِحْنى واستَرِحْ مِنِّى فإنِّى

ثَقِيلٌ مَحْمِلى ذَرِبٌ لِسانِى (٣)

وحكى ابنُ الأعرابىّ : الذّرَبُ : الصدأ الذى يكون فى السَّيف. ويقال ذَرِبَ الجُرح ، إذا كان يزدادُ اتِّساعاً ولا يَقبل دواءً. قال :

أنت الطبيبُ لأدْواء القلوب إِذا

خِيفَ المُطَاوِلُ من أدوائِها الذّرِبُ

وبقيت فى الباب كلمةٌ ليس ببعيد قياسُها عن سائر ما ذكرناه ؛ لأَنَّها لا تدلُّ على صلاحٍ ، وهى الذَّرَبَيَّا ، وهى الدَّاهية. يقال : رماه بالذَّرَبَيَّا. قال الكميت :

__________________

(١) البيت لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، كما فى اللسان (ذرأ) وأملى ثعلب ٢٨٤.

(٢) فى الأصل : «فى إيمان فلان ذرب» تحريف. وفى المجمل : «فى لسانه ذرب».

(٣) أنشده فى اللسان (ذرب).

٣٥٣

رمانِىَ بالآفات من كلِّ جانبٍ

وبالذَّرَبَيَّا مُرْدَ فِهْرٍ وشِيبُها (١)

ذرح الذال والراء والحاء معظَمُ بابِهِ أصلٌ واحد ، وهو تفريق الشَّىء على الشىء يكسُوه صِبْغاً (٢). يقال ذَرَّحْتُ الزّعفرانَ فى الماء ، إذا جعلت فيه شيئاً منه يسيراً. ثم يقال أحْمَرُ ذَرِيحىٌ ، كأنَّ الحُمرَة ذُرِّحتْ عليه. والذَّرِيح : فحل ينسب إليه الإبل. وممكنٌ أن يكون ذلك للونه ، كما يقال أحمر (٣). قال :

* من الذَّرِيحيّاتِ ضَخْماً آرِكا (٤) *

والذرائح : الهِضاب ، واحدتها ذَريحة. وقد يمكن أن تُسمَّى بذلك للَوْنها. قال الله عزّ وجلَ (وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ).

ومن الباب أيضاً : الذَّرَارِيح ، واحدتها ذُرُّوحَةٌ وذُرَّاحَةٌ وذُرَحْرَحة (٥). يقال ذَرّحَ طعامَه ، إذا جعل فيه ذلك. وحكى ناسٌ عَسَلٌ مُذَرَّحٌ ، أُكثِر عليه الماء.

والله أعلم بالصّواب.

__________________

(١) البيت فى المحمل واللسان (ذرب) ، وقصيدته فى الهاشميات ٨٥.

(٢) فى الأصل : «صنيعا».

(٣) فى الأصل : «حمر». وفى اللسان : «وبعير أحمر لونه مثل لون الزعفران إذا أجسد به الثوب».

(٤) لبشر بن هذيل بن زافر الفزارى أحد بنى شمخ ، كما فى أمالى ثعلب ٤٥٢. وأنشده فى اللسان (ذرح ، لكك) بدون نسبة.

(٥) فيه اثنتا عشرة لغة ذكرها صاحب القاموس. وهى دويبة حمراء منقطة بسواد ، تطير ، أو هى من السموم.

٣٥٤

باب الذال والعين وما يثلثهما

ذعف الذال والعين والفاء كلمةٌ واحدة : الذُّعَاف : السمُّ القاتل. طعام مذعوف. وذُعِف الرَّجُل : سُقِي ذلك.

ذعق الذال والعين والقاف ، ليس أصلاً ولا فيه لغة ، لكنّ الخليلَ زعم أنَّ الذُّعاف لغة فى الذُّعاق ، ثم قال : ما أَدرِى أَلغة هى (١) أم لُثْغَةٌ. وكان ابنُ دريدٍ يقول : الذُّعاق كالزُّعاق ، وهو الصِّياح. يقال ذَعَق وزعَق ، إذا صاحَ ، بمعنًى.

ذعر الذال والعين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على فَزَع ، وهو الذُّعر. يقال ذُعِر الرّجُل فهو مذعور. والذَّعور من الإبل : التى إذا مُسَّت غارَّتْ (٢). وامرأةٌ ذَعورٌ : تُذْعَر من الرِّيبَة. قال :

تَنُولُ بمعروف الحَديث وإنْ تُرِدْ

سِوى ذَاكَ تُذْعَرْ منك وهى ذَعورُ (٣)

ذعن الذال والعين* والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الإصحاب والانقياد. يقال أذعَنَ الرّحلُ ، إذا انقاد ، يُذْعِن إذعاناً. وبناؤه ذَعَنَ ، إلا أنَّ استعماله أَذْعَنَ. ويقال ناقةٌ مِذعانٌ: سَلِسَة الرأس منقادة.

__________________

(١) فى الأصل : «بين».

(٢) فى المجمل : «إذا مس ضرعها غارت» وبتشديد راء «غارت» وهو أن يذهب لبنها لحدث أو علة.

(٣) تنول : تعطى نوالا. وفى الأصل : «تنور» ، صوابه إنشاده من اللسان (نول ، ذهر).

٣٥٥

ذعط الذال والعين والطاء كلمةٌ واحدة. يقال ذعطه ، إذا ذَبَحه. وذَعطَتْه المنِيّة : قتلَتْه. قال الشاعر (١) :

إذا بلغُوا مِصْرهم عُوجِلوا

من الموت بالهِمْيَعِ الذَّاعطِ

وقريب من هذا الذال والعين والتّاء ؛ فإنّهم يقولون ذَعَته يذَعَتُه ، إذا خنقَه.

باب الذال والفاء وما يثلثهما

ذفر الذال والفاء والراء كلمةٌ تدلُّ على رائحةٍ. يقولون : الذفَر : حِدَّة الرائحة الطيبة. ويقولون مِسْكٌ أذْفَرُ. ويقولون : روضةٌ ذَفِرةٌ : لها رائحةٌ طيِّبة. والذَّفْراء : بقلة. فأمّا الذِّفْرَى فهو الموضع الذى يَعرقُ من قَفَا البعير. ولا بدّ أن تكون لذلك المكانِ رائحةٌ. والذِّفرُّ : البعير القوىّ ذلك الموضعُ منه ، ثمَّ استُعِير ذلك فقيل له فى الإنسان أيضاً ذِفْرى. قال :

والقُرط فى حُرَّة الذِّفْرى مُعَلَّقُهُ

تباعَدَ الحبْلُ عنه فهو مضطربُ (٢)

ذفل الذال والفاء واللام ليس أصلاً. على أنهم يقولون إن الذِّفْل : القَطِرانُ. ويُنشِدون لابن مقبل :

تَمَشَّى به الظِّلْمانُ كالدُّهم قارَفَتْ

بزَيْت الرَّهاءِ الجَوْنِ والذَّفْلِ طاليَا (٣)

والله أعلم.

__________________

(١) هو أسامة بن حبيب الهذلى ، كما فى اللسان (همع ، ذعط). وقصيدة البيت فى الجزء الثانى من مجموعة أشعار الهذليين ١٠٣ ونسخة الشنقيطى من الهذليين ٨٤.

(٢) البيت لذى الرمة كما سبق فى حواشى (حر). وفى الأصل : «معلقة». وانظر تحقيق ذلك فيما مضى.

(٣) الرهاء : مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام. وقد أنشد فى المجمل الكلمتين الأخيرتين من البيت فقط.

٣٥٦

باب الذال والقاف وما يثلثهما

ذقن الذال والقاف والنون كلمةٌ واحدة إليها يرجع سائرُ ما يشتقّ من الباب. فالذَّقَنُ ذَقَن الإنسان وغيرِه (١) : مَجمَع لَحْيَيه. ويقال ناقةٌ ذَقُونٌ : تحرَّك رأسَها إِذا سارت. والذّاقنة : طرَف الحلقومِ الناتئُ. وهو فى حديث عائشة : «تُوفِّى رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم بين سَحْرِى ونَحْرى وحاقِنَتِى وذاقِنَتِى». وتقول : ذَقَنْتُ الرّجل أَذْقُنُه ، إذا دفَعْتَ بجُمْع كفِّك فى لِهْزمَتِه. ودَلْوٌ ذَقونٌ ، إذا لم تكُنْ مستويةً ، بل تكون ضخمةً مائلة.

باب الذال والكاف وما يثلثهما

ذكا الذال والكاف والحرف المعتلّ أصلٌ واحد مطّردٌ منقاس يدلُّ على حِدَّةٍ [فى] الشَّىء ونفاذٍ. يقال للشَّمس «ذُكَاءُ» لأنَّها تذكو كما تذكو النّار. والصُّبح : ابنُ ذُكاءَ ، لأنه من ضوئها.

ومن الباب ذكَّيتُ الذَّبيحة أُذكّيها ، وذكّيت النّار أذكّيها ، وذَكَوْتُها أذْكُوها. والفَرَس المُذكِّى : الذى يأتى عليه بعد القُروح سنة ؛ يقال ذكىّ بُذَكىِ. والعرب تقول : «جَرْىُ المذَكِّياتِ غِلابٌ» ، وغِلاءُ أيضاً. والذَّكاء : ذكاء القلب (٢). قال الشاعر (٣) :

__________________

(١) الذقن ، بالتحريك ، ويقال ذقن أيضا بالكسر.

(٢) فى المجمل : «والذكاء حدة لقلب».

(٣) هو زهير بن أبى سلمى ، كما فى اللسان (ذكا). وانظر ديوانه ٦٩ بتفسير ثعلب و ٧٠ بتفسير الشنتمرى.

٣٥٧

يفضْله إذا اجْتَهَدَا عَلَيْهِ

تمامُ السِّنِّ منه والذّكاءُ (١)

والذّكاء : سُرعة الفطنة ، والفعل منه ذَكِيَ يَذْكَى (٢). ويقال فى الحرب والنّار : أذكَيت أيضاً. والشَّىء الذى تُذْكَى به ذُكْوةٌ.

ذكر الذال والكاف والراء أصلان ، عنهما يتفرَّع كلِم الباب. فالمُذْكِر : التى وَلَدَتْ ذكراً. والمِذْكار : التى تَلِد الذُّكْرانَ عادةً. قال عدىّ :

لَقد عَدَّيْتُ دَوسَرَةً

كعَلَاةِ القَين مِذْكارَا (٣)

والمِذْكار : الأرض تُنْبِت ذُكور العُشْب. والمُذَكَّرة من النُّوق : التى خَلْقها وخُلُقها كخَلْق البعير أو خُلُقه. قال الفرّاء : يقال كَمِ الذِّكَرَةُ مِن ولدك؟ أى الذُّكور. وسيف مذكَّر : ذو ماءٍ. وذُو ذُكْرٍ (٤) ، أى صارم.

وذُكور البَقْل : ما غلُظ منه ، كالخُزامَى والأُقْحُوانِ. وأحرار البُقول (٥) : ما رَقَّ وكرُم. وكان الشَّيبانىّ يقول : الذُّكور إلى المرارَةِ ما هِىَ.

والأصل الآخر : دَكَرْتُ الشىء ، خلافُ نسِيتُه. ثم حمل عليه الذِّكْر باللِّسان. ويقولون : اجعلْه منك على ذُكْرٍ ، بضم الذال ، أى لا تَنْسَه. والذّكر :

__________________

(١) أى يفضل هذا الحمار على الأتان إذا اجتهد هو والأتان. والضمير فى «عليه» عائد إلى «الوعث» فى قوله من قبل :

وإن مالا لوعت خاذمته

بألواح مفاصلها ظاء

وفى اللسان : «إذا اجتهدوا» تحريف. ويروى : «إذا اجتهدت» بعود الضمير إلى الأتان.

(٢) ويقال أيضا ذكا يذكو ذكاء ، وذكو يذكو.

(٣) أنشده فى المجمل (ذكر) وفى اللسان (دسر).

(٤) كذا فى الأصل والمحمل مع هذا الضبط. وفى اللسان والقاموس : «ذكرة» بالتاء فى آخره.

(٥) بدله فى المجمل : «والعرارة» تحريف.

٣٥٨

العَلاء والشَّرَف. وهو قياس الأصل. ويقال رجلٌ ذَكُرٌ وذكيرٌ (١) ، أى جيِّد الذِّكْر شَهْمٌ.

باب الذال واللام وما يثلثهما

ذلف الذال واللام والفاء كلمةٌ واحدة لا يُقاس عليها ، وهى الذَّلَف : استواءٌ فى طرف الأنف ليس بِحَدّ غليظٍ ، وهو أحسن الأُنوف.

ذلق الذال واللام والقاف أصلٌ واحدة يدلُّ على حِدّة. فالذَّلْق : طرَف اللِّسان. والذَّلاقة : حِدَّة اللِّسان ، وكلُّ محدَّدٍ مذلَّق. وقرن الثور مذلَّق. ويُشتقُّ من ذلك أَذْلَقْتُ الضَّبَّ ، إذا صَببتَ الماء فى جُحره ليخرج. والإذْلاق : سرعة الرَّمْى.

باب الذال والميم وما يثلثهما

ذمى الذال والميم والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على حركةٍ. فالذَّماء : الحركة ؛ يقال ذَمى يَذْمِى ، إذا تحرَّك. والذَّمَيان : الإسراع. ويقال لِبَقيّة النَّفْس الذَّماء ، وذلك أنّها بقيَّة حركتِه. ومن الباب : خُذْ ما ذَمَى لك ، أى ما ارتفع ، وهو من الباب لأنه يَسْنَح. ويقال ذَمَتْنى رِيحُ كذا ، أى آذَتْنى.

ذمر الذال والميم والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على شِدّةٍ فى خَلْق

__________________

(١) كفطن ، وندس ، وكريم ، وسكير ، أربع لغات بمعنى.

٣٥٩

وخُلُق ، من غَضَب وما أشبهه. فالذِّمْرُ (١) : الرّجُل الشجاع. وكذلك الذَّمْر الحَضُّ. وإذا قيل فلانٌ يتذمَّر ، فكأنَّه يلوم نفسه (٢) ويتغضَّب. والذِّمار : كلُّ شىءِ لَزِمَك حِفْظُه والغضبُ له.

وأمّا الذى قُلْناه فى شِدَّة الخَلْق فالمُذَمَّر ، هو الكاهل والعُنُق وما حولَه إلى الذِّفْرَى ، وهو أصل العُنق. يقولون : ذَمَّرْتُ السّليلَ ، إذا مَسِسْتَ قفاه لتنظر أذكرٌ أم أنثى. قال أحيحة (٣) :

وما تَدْرِى إِذا ذَمّرْتَ سَقْباً

لِغيْرِكَ أو [يكون] لك الفصيلُ (٤)

ويقولون : إذا اشتدّ الأمر : بلغ المُذَمَّر. ويقولون رجلٌ ذَمِيرٌ وذَمِرٌ : مُنكَر. وتذامَرَ القومُ ، إذا حَثَّ بعضُهم بعضاً. ومن الباب : ذَمَرَ الأسد : إذا زأر ، يذَمُر ذَمِرَة (٥).

ذمل الذال والميم والهاء واللام كلمةٌ واحدةٌ فى ضربٍ من السَّير. وذلك الذَّميلُ ، كالعَدْوِ من الإِبل ؛ يقال ذَمَّلْتُ الجملَ ، إذا حَمَلْتَه على الذَّميل.

ذمه الذال والميم والهاء ليس أصلاً ، ولا منه ما يصحّ (٦) ؛ إلا أنَّهم يقولون ذَمِهَ ، إذا تحيَّرَ ؛ ويقال ذَمَهتْه الشَّمس : آلمت دِماغَه.

والله أعلم.

__________________

(١) يقال أيضا ذمر ، بفتح فكسر وذمر بكسرتين مع تشديد الراء ، وذمير ككريم.

(٢) فى المجمل : «يلوم نفسه على فائت».

(٣) فى المجمل : «وأنشدنى لأحيحة بن الجلاح».

(٤) التكملة من المجمل. وفيه «أم يكون لك». وانظر بعض أقران هذا البيت فى حماسة البحترى ١٨٦ ، ٣٦٢.

(٥) فى القاموس : «والذمرة ، كزنخة : الصوت».

(٦) فى الأصل : «والأميهة ما يصبح».

٣٦٠