معجم مقاييس اللغة - ج ٢

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا

معجم مقاييس اللغة - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسين أحمد بن فارس بن زكريّا


المحقق: عبد السلام محمّد هارون
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥١٢

ومما شذّ عن الباب الحَجَلْ ، هذا الطائر. ومن الباب قول الأصمعىّ : حجَّلت العينُ: غارت.

حجم الحاء والجيم والميم أصلٌ واحد ، وهو ضربٌ من المنْع والصَّدْف (١). يقال أحجَمْتُ عن الشىء ، إذا نكَصْتَ عنه. وحُجِمَ البعيرُ ، إذا شُدَّ فمُه بأدَمٍ ولِيف.

ومما شذَّ عن الباب الحَوْجَمَة : الوردة الحمراء ، والجمع حَوْجَم. والحَجْم : فِعل الحاجم.

حجن الحاء والجيمِ والنون أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَيَل. فالحَجَن اعوجاجُ الخشبةِ وغيرها. والمِحْجَن : خشبة أو عصاً معَقَّفة الرأس. واحتجَنْتُ بها الشىءَ : أخَذْتُه. ويقال للمخاليب المقفة حَجِنات. قال العجّاج :

* بحَجِناتٍ يتثَقَّبْن البُهَرْ (٢) *

وهى الأوساط. وأَحْجَنَ الثُّمام : خرجت خُوصَتُه ؛ ولعلَّها تكونُ حَجْناء. واحتجَنْتُ الشىءَ لنفسى ، وذلك إمالتك إيّاه إلى نَفْسك. ويقولون : احتجن عليه حَجْنة ، كما يقال حَجَرَ عليه.

ومن الباب قولهم غَزْوةٌ حَجُونٌ ، وذلك إذا أظهرْتَ غَيْرَها ثم مِلْتَ إليها (٣). ويقال غزاهم غَزْواً حَجُوناً.

حجا الحاء والجيم والحرف المعتل أصلان متقاربان ، أحدهما إطافةُ الشىء بالشىء وملازمتُه ، والآخر القصد والتعمَّد.

__________________

(١) يقال صدف عن الشئ يصدف صدفا وصدوفا.

(٢) ديوان العجاج ١٧.

(٣) فى اللسان : «الغزوة الحجون : التى تظهر غيرها ثم تحالف إلى غير ذلك الموضع وتقصد إليها».

١٤١

فأما الأول فالحَجْوَةُ وهى الحَدَقة ، لأنها مِن أَحْدَقَ بالشىء. ويقال لنواحى البلاد وأطرافِها المحيطةِ بها أَحْجاءٌ قال ابنُ مُقْبِل :

لا يحْرِز المرءَ أَحْجاءُ البلادِ ولا

يُبنَى له فى السَّمواتِ السّلاليمُ (١)

ومحتملٌ أن يكون من هذا الباب الحَجَاة ، وهى النُّفَّاخة تكون على الماء من قَطْر المطر ، لأنها مستديرة.

والأصل الثانى قولهم : تحجَّيت الشىءَ ، إِذا تحرَّيْتَه وتعمّدتَه. قال ذو الرمة :

* فجاءَتْ بأغْباشٍ تَحَجَّى شَرِيعةً (٢) *

ويقولون حَجِيتُ بالمكان وتحجَّيت به. قال :

* حيث تَحَجّى مُطرِقٌ بالفالِقِ (٣) *

والحَجْوَ بالشىء : الضَّنُّ به ؛ يقال حَجِئتُ به أى ضَنِنْت. وبه سمِّى الرجل حَجْوة. وحَجَأت به : فرحت. وقد قلنا إنّ البابين متقاربان ، والقياس فيهما لمن نَظَرَ قياسٌ واحد.

فأمّا الأُحجِيَّة والحُجَيَّا ، وهى الأُغلُوطة يتعاطاها الناس بينهم ، يقول أحدهم : أُحاجيك ما كذا ؛ فقد يجوز أن يكون شاذًّا عن هذين الأصلين ، ويمكن أن يُحمَل عليهما ، فيقال أحاجيك ، أى اقصُدْ وانظُرْ وتعمَّد لِعِلم ما أسألك عنه.

ومنه أنتَ حَجٍ أن تفعل كذا ، كما تقول حرِىٌّ.

__________________

(١) البيت فى المجمل واللسان (حجا).

(٢) فى الديوان ٥٣٦ : «تحرى شريعة». وعجزه كما فى الديوان واللسان (حجا) :

تلادا عليها رديها واحتبالها

(٣) الفالق : اسم موضع. والبيت لعمارة بن أيمن الربانى ، كما فى اللسان (حجا ١٨١). وقد أنشده فى نهاية مادة (فلق) بدون نسبة.

١٤٢

حجب الحاء والجيم والباء أصل واحد ، وهو المنع. يقال حجبته عن كذا ، أى منَعتُه. وحِجابُ الجَوْف : ما يَحْجُبُ بين الفُؤَاد وسائر الجَوْف. والحاجبان العظمان فوق العينين بالشّعَرْ والّلحم. وهذا على التشبيه ، كأنّهما تحجبان شيئاً يصل إلى العينين. وكذلك حاجبُ الشّمس ، إنما هو مشبَّهُ بحاجب الإنسان. وكذلك الحَجَبة : رأس الوَرِك ، تشبيهٌ أيضاً لإشرافِهِ.

باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف

وقد مضى فيما تقدم من هذا الكتاب أنّ الرباعىَّ وما زاد يكون منحوتاً ، [و] موضوعاً كذا وضعاً من غير تحت.

فمن المنحوت من هذا الباب (الحُرْقُوف) : الدابة المهزول ، فهذا من حرف وحقف. أمّا الحَرْف فالضَّامر مِن كلِّ شىء ، وقد مرَّ تفسيره. وأما حقف فمنه المُحْقَوْقِف ، وهو المنحنِى ، وذلك أنَّه إذا هُزِلَ احدَوْدَب ، كما يقال فى الناقة إذا كانت تلك حالَها حَدْباءُ حِدْبار.

ومنه (الحُلْقُوم) وليس ذلك منحوتاً ولكنّه مما زيدت فيه الميم ، والأصْل الحلْق ، وقد مرَّ. والحَلْقَمة : قطع الحُلْقُوم.

ومنه (المُحَلْقِنُ) من البُسْر ، وذلك أنْ يبلُغ الإرطاب ثلُثَيْه. وهذا ممّا زِيدت فيه النون، وإنما هو من الحَلْق ، كأنّ الإِرْطاب إذا بلغ ذلك الموضعَ منه فقد بَلَغَ إلى حَلْقِه. ويقال له الحُلْقَان ، الواحدة حُلْقَانة.

ومنه (حَرْزَقْتُ) (١) الرّجلَ : حبستُه ، وهذا منحوتٌ من حَزَقَ وحَرَزَ ، من

__________________

(١) يقال حرزق ، بتقديم الراء ، وحزرق بتقديم الزاى ، وهما بمعنى.

١٤٣

قولهم أحرزت الشىء فهو حريز. والحَزْقُ فيه ضربٌ من التشديد ، كما يقال حَزَقْت الوَتَرَ وغيرَه. قال الأعشي :

* بِساباطَ حتَّى ماتَ وهو مُحَرْزَقُ (١) *

ومنه (الحبجر (٢)) ، وهو الوتر الغليظ ، ويقال فى غير الوتر أيضاً ، والحاء فيه زائدة، وإنما الأصل الباء والجيم والراء. وكلُّ شديد عظيمٍ بَجْرٌ وبُجْر. وقد مَرَّ.

ومنه (الحِسْكل) : الصّغار مِن كلِّ شىء. وهذا ممّا زِيدت فيه الكاف ، وإنما الأصل الحِسل. يقال لولد الضبِّ حسْل

ومنه (الحَقَلّد (٣)) ، وهو البخيلى الشديد ، واللام فيه زائدة. وهو من أحقد القومُ ، إذا لم يصِيبوا من المَعْدِن شيئاً. ويقال الحَقَلّدُ الآثِم (٤). فإن كان كذا فاللام أيضاً زائدة ، وفيه قياسٌ من الحِقْد ، والله أعلم.

ومنه (الحَذْلَقة) ، وأظنُّها ليست عربيَّةً أصلية ، وإنما هى مولَّدة واللام فيها زائدة. وإنما أصله الحِذْق. والحَذْلقة : ادّعاء الإنسان أكثَرَ مما عنده ، يريد إظهار حِذْق بالشّىء.

ومن ذلك (احرَنْجَمَت) الإبل ، إذا ارتدَّ بعضُها على بعض. واحرنجم القومُ ، إذا اجتمعوا. وهذه فيها نون وميم ، وإنما الأصل الحَرَجْ ، وهو الشجر المجتمع الملتف ، وقد مرّ اشتقاقُهُ وقياسُه.

__________________

(١) ديوان الأعشى ١٤٧ واللسان (حزرق) ، وقد نص فيه على رواية «محرزق». وصدره :

فذاك وما؟ من؟ ربه

(٢) يقال على وزان قمطر ودرهم.

(٣) الحقلد ، كعملس وفى الأصل : «الحلقد» وليس مرادا ، إذ الحلقد كزبرج : السئ الخلق الثقيل الروح ، ومثله الحقلد بوزن زبرج.

(٤) فى الأصل : «الحلقد» ، وانظر التنبيه السابق. وفى قول زهير :

تقى تقى لم يكتر ضيمة

بكهة ذى قربى ولا يحقلد

١٤٤

ومن ذلك رجل (مُحَصْرَمٌ) : قليلُ الخَيْر. والأصل أنّ الميم زائدة ، وإنما هو من الحَصُور والحِصر.

ومن هذا الباب (الحِصْرِم). ومنه (الحِثْرِمَة) وهى الدائرة التى تحت الأنْف وَسَطَ الشفةِ العلْيا. وهذه منحوتةٌ من حَثَم وثرم. فحثم من الجمع ؛ وثَرَم من أن ينثرم الشىء.

ومن ذلك (الحِنْزَقْرَة) ، وهو القَصير. وهذا من الحزق والحَقْر ، مع زيادة النون. فالحَقْر من الحَقارة والصِّغر ، والحزق كأن خَلْقَه حُزِق بعضُه إلى بعض.

ومن ذلك (الحَلْبَس) ، وهو الشُّجاع. وهذا منحوتٌ من حَلَسَ وحَبَسَ. فالحِلْس : اللازم للشىء لا يفارقه ، والحَبْس معروف ، فكأنه حَبَس نَفْسه على قِرْنه وحَلِسَ به لا يفارقُه. ومثله : (الحُلابِس). قال الكميت :

فلما دنَتْ للكاذَتَيْن وأحْرَجَت

به حَلْبَساً عند اللِّقاء حُلابِسا (١)

ومن ذلك (تَحْتَرَشَ) القومُ : حَشَدُوا ، والتاء فيه زائدة ، وإنما الأصل الحرش والتحريش ، وقد مرَّ. وفيه أيضاً أن يكون من حَتَر ، وأصله حَتَار الخَيمة وما أطاف بها من أذيالها ، فكذلك هؤلاء تجمَّعُوا وأطافَ بعضُهم ببعض ، فقد صارت الكلمة إذاً من باب النحت.

ومن ذلك (الحوْأَبُ) : الوادى الواسع العُرض ، والحاء فيه زائدة ، وإنما الأصل الوأْب ، والوأْبُ الواسع المقعَّر من كلَّ شىء.

__________________

(١) البيت فى اللسان (كوز ، حلبس). ولكاذتان : ما نتأ من اللحم أعالى لفخذ. وأخرجت بالحاء المهملة ، وفى الأصل : «أخرجت» ، تحريف.

١٤٥

ومن ذلك (الحُمَارِس) ، وهو الرّجُل الشّديد. وهذه منحوتةٌ من كلمتين ، من حَمَس ومَرَس. فالمَرِسُ المتمرِّس بالشىء ، والحِمَسُ الشديد. وقد مضى شرْحُه.

ومن ذلك (المُحدْرَج) ، وهو المفتول حتَّى يتداخَلَ بعضُه فى بعض فَيَمْلَاسَّ. وهى منحوتةٌ من كلمتين ، من حدر ودرج. فحدر فَتَل ، ودَرَج من أدرجت

ومن ذلك (حَضْرَمَ) فى كلامه حَضْرَمَةً ، فقد قيل كذا بالصّاد. فإنْ كانت صحيحةً فالميم زائدة ، كأنه تَشَبَّهَ بالحاضرة الذين لا يُقيمونَ إعرابَ الكلام. والحَضْرَمة : مخالفة الإعراب واللَّحنُ.

ومن ذلك (المُحَمْلَج) ، وهو الحَبْلُ الشَّديد الفتْل. وهذا عندِى من حمج ، فاللام زائدة. فحمج جنسٌ من التشَّديد ، نحو حَمّج الرّجلُ عينَيه إذا حَدَّق وأحَدَّ (١) النّظَر. وقد مضى ذكره. وعلى هذا يحمل (الحِمْلاج) ، وهو مِنْفاخُ الصَّائغ. والحملاج : قَرْنُ الثَّور. قال رؤبة فى المحَمْلَج :

* مُحَمْلَجٌ أُدْرِجَ إدراجَ الطَّلَقْ (٢) *

وهذا ما أمكَنَ استخراجُ قياسِه من هذا الباب. أمّا الذى هو عندنا موضوعٌ وضعاً فقد يجوز أن يكون له قياسٌ خَفِىَ علينا موضعُه. والله أعلم بذلك.

فمن ذلك (الحِنْدِيرَة ، والحُنْدُورة) : الحَدَقة ، والحَنْدِيرة أجود ؛ كذا قال أبو عبيد.

والحَرْقَفَةُ : عَظْم الْحَجَبَة ، وهو رأس الورِك.

__________________

(١) فى الأصل : «وأشد».

(٢) ديوان رؤبة ١٠٤ واللسان (حملح).

١٤٦

ومنه (الحِمْلاق) وهو ما غطّتْه الجفونُ من بياض المُقْلة. ويقال حَمْلَقَ ، إذَا فَتَح عينَه ونَظَر نَظَرًا شديداً.

و (الحُرْقُوص) دويْبَّة. و (الحَبَلَّقُ) : جماعة الغنَم. و (الحَبَرْكَى) : الطويل الظَّهر القصير الرِّجْلين. و (الحُرْجُل) : الطويل. و (الحَرْجَفُ) : الرِّيح الباردة. و (الحَشْرَجَة) : تردُّد صوت النَّفَس. و (الحَشْرَجَة) : حُفَيْرة تحُفَر كالحِسْىِ. و (الحَشْرَجُ) : كوزٌ صغير. و (حَرْشَفُ) السِّلاحِ : ما زُيِّن به.

و (الحَفَلَّج) : الرَّجُل الأفْحَج. و (الحيفس (١)) : القصير. وكذلك (الحَفَيْسَاء).

و (الحَزَوَّر) : الغلام اليافع. و (الحَزْوَرَةُ) : تلٌّ صغير.

و (الحَنَاتِم) : سحائب سُودٌ. وكلُّ أسودَ حَنْتمٌ. وكذلك الخُضْرُ عِند العرب سُودٌ ، ومنها سمّيت الجِرَار حَناتِمَ ، وكانت الجِرارُ فى الجاهليَّة خُضْراً ، فسمَّتْها العربُ حَنَاتم.

و (حَبَوْكَرْ (٢)) : الدَّاهية.

ويقال (احْبَنْطَى) ، إذا افتفَخَ كالمُتَغضِّب. وهذه الكلمة قد مرَّ قياسُها فى الحَبَط.

__________________

(١) فى الأصل : «الحفيس». وصوابه الحيفس ، بفتح الحاء والفاء ، وكهزبر.

(٢) يقال للداهية حبوكر ، وأم حبوكر ، وحبوكرى ، وأم حبوكرى ، وأم حبوكران ، والحبوكرى.

١٤٧

ويقال ما لِى من هذا الأمر (حُنْتَالٌ (١)) ، أى بُدٌّ.

و (الحنْظَب) : الذَّكر من الجَرَاد. و (الحُرْبُث (٢)) : نبتٌ. و (حَضاجِرُ) : الضَّبع. و (الْحَزَنْبَلُ) و (الحَبْرَكَل) : القصير.

والأصل فى هذه الأبواب أنَّ كلَّ ما لم يصحَّ وجهُه من الاشتقاق الذى نذكره فمنظورٌ فيه ، إلّا [ما] رواه الأكابر الثقات. والله أعلم.

تم كتاب الحاء

__________________

(١) يقال حنتآل وحنتال ، بالهمز وبدونه.

(٢) فى الأصل : «الحرتب» ، وفى المجمل : «الحربت» ، والوجه ما أثبت.

١٤٨

كتاب الخَاء

باب ما جاء من كلام العرب أوله خاء فى المضاعف والمطابق والاصم (١)

خد الخاء والدال أصلٌ واحدٌ ، وهو تأسُّلُ الشَّىءِ وامتدادُه إلى السُّفل. فمن ذلك الخَدّ خدّ الإنسان ، وبه سُمِّيت المِخَدّة. والخَدُّ : الشّقّ. والأخاديد : الشَّقوق فى الأرض. والتخدُّد : تخدُّد اللَّحم من الهُزال. وامرأة متخدِّدة : مهزولة. والخِدَادُ : مِيسمٌ من المياسِم ، ولعلَّه يكون فى الخدّ ؛ يقال منه بعيرٌ مخدود.

خر الخاء والراء أصلٌ واحدٌ ، وهو اضطرابٌ وسُقوطٌ مع صوتٍ. فالخَريرُ : صوتُ الماء. وعينٌ خَرّارة. وقد خَرَّتْ تُخِرّ. ويقال للرّجُل إذا اضطرَبَ بطنُه قد تخَرْخَر. وخَرَّ ، إذا سقَطَ. قال أبو خراش ، يصفُ سيفا :

بِهِ أدَعُ الكَمِىَّ على يدَيْهِ

يُخِرُّ تخالُه نَسْراً قَشِيبا (٢)

قشيبٌ : قد خَلِط له السّمُّ بِطُعْم ؛ يقال قَشَب له ، إذا خَلَطَ له السّمّ. وإنَّما يُفْعَل ذلك ليُصادَ به ، ومثله لطفيل :

__________________

(١) فى الأصل : «والمطابق أولا». وانظر ما سبق فى كتاب الثاء.

(٢) من قصيدة فى القسم الثانى من مجموعة أشعار الهذليين ٥٧ ، ونسخة الشنقيطى ٧٠. والبيت فى اللسان (قشب). ويروى : «به ندع».

١٤٩

كساهَا رَطيبَ الرِّيشٍ مِن كَلِّ ناهضٍ

إلى وَكْرِه وكلِّ جَوْنٍ مُقَشَّبِ (١)

المَقَشَّب : نَسْرٌ قد جُعِل له القِشْبُ فى الجِيَف ليُصادَ. ناهِضٌ : حديثُ السّنّ. والنَّسر إذا كَبِرَ اسوَدّ. وتقول : خرّ الماء الأرضَ : شَقّها. والأخِرَّةُ ، واحدها ، خَرير ، وهى أماكنُ مطمئنَّةٌ بين الرَّبْوَين تنقاد. وقال الأحمر : سمِعت [بعض] العرب ينشد بيتَ لبيدٍ :

* بأخِرَّة الثَّلَبُوتِ (٢) *

والخُرُّ من الرَّحى : الموضع الذى تُلقَى فيه الحنطة. وهو قياس الباب ؛ لأنَّ الحبَ يَخِرُّ فيه. وخُرُّ الأذُن : ثَقْبُها ، مشبَّهٌ بذلك.

خز الخاء والزاء أصلان : أحدهما أنْ يُرَزَّ شىء فى آخر ، والآخر جنسٌ من الحيوان

فالأوّل الخزُّ خَزُّ الحائط ، وهو أن يشوَّك. ويقال حَزَّهُ بسهمٍ ، إذا رماه به وأثبَتَه فيه. وطعَنَهُ بالرُّمح فاختَزَّهُ (٣). قال ابن أحمر :

* حتَّى اخْتزَزْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ (٤) *

فأمّا قولُهم بعيرٌ خُزَخِزٌ ، أى شديد ، فهو من الباب ؛ لأنّ أعضاءه كأنّها خُزَّت خَزًّا ، أى أثبِتَتْ إثباتاً.

__________________

(١) ديوان طفيل ١٣ برواية : «كسين ظهار الريش».

(٢) من بيت فى معلقة لبيد. ويروى : «بأحزة». والبيت بتمامه :

بأخرة الثلبوت يريا فوقها

قفر المرائب خوفها آرامها

(٣) فى الأصل : «فاخنز» ، تحريف ، صوابه فى المجمل واللسان.

(٤) فى المجمل واللسان : «لما اختززت». وصدره فى الاشتقاق ٣١٨ :

نبذ الجوار وضل هدية روقه

١٥٠

والأصل الثانى : الخُزَز : الذّكَر من الأرانب ، والجمع خِزّانٌ. قال :

وبنو نُويجِيَةَ اللَّذُونَ كأنهم

مُعْطٌ مُخَدَّمَةٌ من الخِزَّانِ (١)

خس الخاء والسين أصلان : أحدهما حقارة الشىء ، والآخر تداوُلُ الشىء.

فالأوّل : الخسيس : الحقير ؛ يقال خَسَ الرجُل نفسُه وأخَسَ ، إذا أتَى بفعلٍ خسيس. ومن هذا الباب جاوَزَتِ النّاقةُ خَسِيسَتَها ، إذا جاوَزَتْ سِنّ الحِقّة والجَذَعةِ والثَّنِيَّةِ ولحِقَت بالبُزُول. وهو القياس ؛ لأنّ كلَّ هذه الأسنانِ دونَ البُزُول.

والأصل الثانى قول العرب : تَخَاسَ القَوْمُ الأمرَ ، إذا تداوَلُوه وتسابَقُوه ، أيُّهم يأخذُه(٢). ويقال : هذه الأمورُ خِساس بينهم ، أى دُوَل. قال ابن الزّبعرى :

والعطيّات خِساسٌ بينهم

وبناتُ الدّهرِ يلعَبْنَ بكُلّ (٣)

خش الخاء والشين أصلٌ واحد ، وهو الوُلوج والدُّخول. يقال : خَشَ الرّجُلُ فى الشّرّ: دخل. ورجل [مِخَشٌ : ماضٍ (٤)] جَرِىءٌ على اللَّيل. والخَشَّاء : موضِعُ الدَّبْرِ ؛ لأنّه ينخشُّ فيه. قال ذو الإصبع :

__________________

(١) المخدمة : التى فى ساقها عند موضع الرسغ بياض. والبيت فى المجمل.

(٢) فى الأصل : «إياهم يأخذوه». والكلمة ذكرت فى القاموس ولم ترد فى اللسان.

(٣) الحق أن البيت ملفق من بيتين ، وهما كما فى السيرة ٦١٦ حوتنجن :

والعطبات خساس بينهم

وسواء قب متر ومقل

كل عيش وميم زائل

وبنات الدهر يلعبن بكل

(٤) التكملة من اللسان.

١٥١

إمَّا تَرَى نَبْلَهُ فخَشْرَمُ خَشَّ

اءَ إذا مُسّ دَبْرُه لَكَعا (١)

ومن الباب الخَشْخاش : الجماعة ؛ لأنَّهم قومٌ يجتمعون ويتداخَلون. قال الكميت :

* وهَيْضَلُها الخشخاشُ إذْ نزلوا (٢) *

والخشُ : أن بجعل الخِشاش فى أنْف البعير. يقال خَشَشْتُه فهو مخشوشٌ ، ويكون مِن خَشَب. وخَشاش الأرض (٣) : دوابُّها. فأمّا الرجُل الخَشاشُ الصغيرُ الرأسِ فيقال بالفتح والكسر. وهو القياس ، لأنّه ينْخَشُّ فى الأمر بحقه.

قال طرفة :

أنا الرَّجُلُ الضّربُ الذى تعرفوننى

خِشَاش كرأسِ الحَيّة المُتَوَقّدِ (٤)

ومن الباب ، وهو فى الظاهر يبعُد من القياس ، الخُشَشَاوانِ : عظمانِ نانيان خلْفَ الأذُنين. ويقال للواحد خُشَّاء (٥) أيضاً. ولم يجىءُ فى كلام العرب فُعْلاء مضمومه الفاء ساكنة العين إلّا هذه وقُوباء ، والأصل فيها التحريك.

خص الخاء والصاد أصلٌ مطّرد منقاس ، وهو يدلُّ على الفُرْجة والثّلمة. فالخَصَاص الفُرَج بين الأثافىّ. ويقال للقمر : بدا من خَصَاصة السّحاب.

قال ذو الرُّمّة :

__________________

(١) البيت فى المحمل واللسان (خشش ، لكم) ، وسيصيده فى (لكع).

(٢) قطعة من بيت فى اللسان (خشش ، فلق). وهو بتمامه :

في حومة مبلغ أجأوا إدركت

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

وقد استشهد بهذه القطعة بدون نسبة فى اللسان (هضل).

(٣) ظاهر قوله أنه يعنى ضبط هذا الخشاش ، بالفتح. وفى المجمل : «وخشاش الأرض بالفتح : دوابها».

(٤) البيت من معلقة طرفة.

(٥) يقال خشاء ، وخششاء.

١٥٢

أصَابَ خَصَاصَهُ فبَدَا كليلاً

كَلَا وانغلَّ سائِرُه انغِلالا (١)

والخَصَاصة : الإملاق. والثُّلْمة فى الحال.

ومن الباب خَصَصْت فلاناً بشىءٍ خَصُوصِيَّةً ، بفتح الخاء (٢) ، وهو القياس لأنّه* إذا أُفرِد واحدٌ فقد أوقَع فُرْجَةً بينه وبين غيره ، والعموم بخلاف ذلك والخِصِّيصى : الخَصوصية.

خض الخاء والضاد أصلان : أحدهما قِلَّة الشىء وسَخافته ، والآخر الاضطراب فى الشَّىءِ مع رطوبةٍ.

فالأول الخَضَض : [الخرز (٣)] الأبيض يَلْبَسُه الإِماء. والرّجُل الأحمق خَضَاض. ويقال للسَّقَط من الكلام خَضَصٌ. ويقال : ما على الجارية خَضَاضٌ ، أى ليس عليها شىءٌ من حَلْىٍ. والمعنى أنّه ليس عليها شىءٌ حَتَّى الخَضَض الذى بدأنا بذكره.

قال الشاعر :

ولو بَرَزَتْ من كُفَّةِ السّتْرِ عاطلاً

لقُلتَ غَزالٌ ما عليه خَضَاضَ (٤)

وأمّا الأصل الآخَر فتَخَضْخض الماء. والخَضْخاض : ضربٌ من القَطِران. ويقال نبت خُضَخِضٌ ، أى كثير الماء. تقول : كأنّه يتخضخضُ من رِيِّه.

وقد شذّ عن الباب حرفٌ واحدٌ إن كان صحيحاً ، قالوا : خاضَضْتُ فلاناً إذا بايعتَه مُعارَضة (٥). وهو بعيدٌ من القياس الذى ذكرناه

__________________

(١) ديوان ذى الرمة ٤٣٤. كلا ، أى كسرعة قولك : «لا».

(٢) وقال بضمها أيضا ، كما فى اللسان والقاموس.

(٣) التكملة من المجمل واللسان.

(٤) أنشده أيضاً فى المجمل. وجاء فى اللسان برواية : «ولو أشرفت».

(٥) وكذا فى تصحيحات القاموس. وفى بعض نسخه : «معاوضة». واللفظ وتفسيره لم يرد وفى اللسان.

١٥٣

خط الخاء والطاء أصلٌ واحد ؛ وهو أثَرٌ يمتدُّ امتداداً. فمن ذلك الخطُّ الذى يخطُّه الكاتب. ومنه الخطّ الذى يخطُّه الزَّاجر. قال الله تعالى : (أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ) قالوا : هو الخَطُّ. ويُروَى : «إنّ نبيًّا من الأنبياء كان يَخُطّ فمن خَطَّ مِثلَ خَطِّه عَلِمَ مثلَ عِلْمه». ومن الباب الخِطَّة الأرض يختطُّها المرءُ لنفسه ؛ لأنّه يكون هناك أثرٌ ممدود. ومنه خَطُّ اليمامة ، وإليه تُنسَب الرِّماحُ الخَطِّيَّة. ومن الباب الخُطَّة ، وهى الحال ؛ ويقال هو بخُطَّةٍ سَوْء ، وذلك أنّه أمْرٌ قد خُطَّ له وعليه. فأمّا الأرضُ الخطيطة ، وهى التى لم تُمْطَر بينَ أرضينِ ممطورَتَين ، فليس من الباب ، والطاء الثانية زائدة ، لأنَّها مِن أخطأ ، كأنَّ المطر أخْطَأَها. والدّليل على ذلك قولُ ابن عبّاس : «خَطَّأَ اللهُ نَوْءَها». أى إذا مُطِر غيرُها أخْطَأَ هذه المطرُ فلا يُصيبُها.

وأمّا قولهم : «فى رأس فلانٍ خُطْيَةٌ (١)» فقال قوم : إنَّما هو خُطَّة. فإِن كان كذا فكأنّه أمرٌ يُخَطّ ويؤَثَّر ، على ما ذكرناه.

خف الخاء والفاء أصلٌ واحد ، وهو شىءٌ يخالف الثِّقَل والرَّزانة. يقال خَفَ الشّىءُ يَخِفُ خِفَّةً ، وهو خفيف وخُفَافٌ. ويقال أَخَفَ الرّجَل ، إذا خَفّت حالُه. وأخَفَ ، إذا كانت دابّتُه خفيفةً. وخَفَ القومُ : ارتحلوا. فأمّا الخُفُ فمن الباب لأنّ الماشىَ يَخِفُ وهو لابِسُه. وخُفُ البَعير منه أيضاً. وأمّا الخُفُ فى الأرض وهو أطول من النَّعل (٢) فإنّه تشبيه. [وَ] الخِفُ : الخَفِيف. قال :

__________________

(١) روى فى اللسان (خطط): «خطبة» بالباء ، ثم قال : «والعامة تقول : فى رأسه خطبة. وكلام العرب هو الأول».

(٢) فى اللسان : «والخف فى الأرض أغلظ من النعل».

١٥٤

يزِلُّ الغُلامُ الخِف عنْ صَهَواتِهِ

ويُلْوِى بأثواب العَنيفِ لمُثقَّلِ (١)

فأمّا أصوات الكلاب (٢) فيقال لها الخَفْخفة ، فهو قريبٌ من الباب.

خق الخاء والقاف أصلٌ واحد ، وهو الهَزْم فى الشَّىء والخَرْق. فمن ذلك الأُخْقُوق ، ويقال الإِخْقِيق ، وهو هَزْم فى الأرض ، والجمع الأخاقيق. وجاء فى الحديث : «فى أخاقِيقِ جُرْذانٍ». والإخْقاق : اتِّساع خَرْق البَكَرة. ومن هذا قولُهم : أتانٌ خَقُوقٌ ، إذا صوَّت حياؤُها. ويقال للغَديرِ إذا نَضَبَ وجَفَّ ماؤُه وتَقَلَفَعَ (٣) : خُقٌ (٤). قال :

* كأَنَّما يَمْشِين فى خَقُ يَبَسْ (٥) *

خل الخاء واللام أصلٌ واحد يتقاربْ فروعُه ، ومرجعُ ذلك إمَّا إلى دِقَّةٍ أو فُرْجة. والبابُ فى جميعِها متقاربٌ. فالخِلال واحد الأخِلَّة. ويقال فلانٌ يأكل خِلَلَه وخُلالته ، أى ما يُخْرِجُه الخِلالُ من أسنانه. والخَلُ خَلُّكَ الكِساءَ على نفسك بالخِلال. فأمّا الخليلُ الذى يُخَالُّك ، فمِن هذا أيضاً ، كأنَّكما قد تخالَلتُما ، كالكِساء الذى يُخَلُ.

ومن الباب الرجل الخَلُ ، وهو النَّحيفْ الجِسم. قال :

__________________

(١) لامرئ القيس فى معلقته المشهورة.

(٢) فى المجمل : «وخفخفة الكلاب أصواتها عند الأكل».

(٣) ذكروا أن «القلفع» ، كزبرجَ ودرهم : ما يتفلق من الطين ويتشقق. ولم يذكر هذا الفعل فى اللسان والقاموس فى مادة (قلفع) وذكر فى اللسان فى مادة (خقق) عند تفسيره «الخق».

(٤) ضبط فى اللسان والقاموس بالفتح. وضبط فى الأصل والمجمل بالضم. وزاد فى المجمل : «ويقال خق أيضا» ، يعنى بفتح الخاء.

(٥) البيت فى المجمل واللسان (خقق).

١٥٥

* إمّا تَرَىْ جسْمِىَ خَلَّا قد رَهَنْ (١) *

وقال الآخر :

فاسقنِيها يا سوادَ بن عمرٍو

إنَّ جِسمى بَعْدَ خالى لَخَلُ (٢)

ويقال لابن المَخَاض خَلٌ ، لأنه دقيق الجسم. والخَلُ : الطَّريق فى الرَّمل لأنّه يكون مُستَدِقًّا. ومنه الخَلَال ، وهو البَلَح.

فأمَّا الفُرجة فالخَلَل بينَ الشّيئين. ويقال خَلَّل الشىءَ ، إذا لم يَعُمّ. ومنه الخَلَّة الفَقْر ؛ لأنه فُرْجة فى حالِه. والخليل : الفقير ، فى قوله :

وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مَسْغَبَةٍ

يقولُ لا غائبٌ مالى ولا حَرِمُ (٣)

والخِلّة : جَفن السَّيف ، والجمعُ خِلَلٌ. فأما الخِلَل وهى السُّيور التى تُلْبَسُ ظُهورَ السِّيَتَيْنِ (٤) فذلك لدِقَّتها ، كأنَّ كلّ واحدةٍ منها خِلّة (٥). والخَلّ : عِرْقٌ فى العُنُق مُتَّصلٌ بالرأس. والخَلْخَال من الباب أيضاً ، لدقّتِه.

خم الخاء والميم أصلان : أحدهما تغيُّر رائحةٍ ، والآخر تنقية شىءِ. فالأول : قولُهم خَمَ اللّحمُ ، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه. والثانى : قولُهم خُمّ البيتُ إِذا كُنِسَ. وخُمَامة البئرِ : ما يُخَمُ من تُرابها إِذا نُقِّيت. وبيتٌ مخمومٌ : مكنوس. ويقال هو مخموم القلبِ ، إذا كان نقىَّ القَلْب من كل غِشّ ودَخَلْ.

__________________

(١) البيت فى اللسان (رهن). والراهن ، بالراء : المهزول.

(٢) البيت ينسب إلى تأبط شراً ، أو ابن أخته الشنفرى ، أو خلف الأحمر. انظر حماسة أبى تمام (١ : ٣٤٢) واللسان (خلل).

(٣) البيت لزهير فى ديوانه (١٥٣) واللسان (خلل ، حرم).

(٤) السيتان : مشى سية ، وهى ما عطف من طرف القوس. وفى الأصل : «الستين».

(٥) فى الأصل : «خلالة».

١٥٦

خن الخاء والنون أصلٌ واحد ، وهو حكايةُ شىءِ من الأصوات بضعف. وأصله خَنَ، إذا بكى ، خنينا. والخَنْخَنَةُ : أن لا يُبِين الكلامَ. ويقال الخنان فى الإبل كالزُّكام فى الناس. والخُنّة كالغُنّة. ويقال الخنين : الضَّحك الخفىّ. ويقولون إنّ المَخَنّة الأنف. فإنْ كان كذا فلأنه موضع الخُنّة ، وهى الغُنّة. ويقال وطئ مَخَنَّتَه ، أى أذلَّه (١) ، كأنه وضع رجلَيه على أنفه.

خأ الخاء والهمزة الممدودة ليست أصلاً ينقاس ، بل ذُكِر فيه حرفٌ واحد لا يُعرَف صحته. قالوا : خاء بك علينا ، أى اعجَل. وأنشدُوا للكميت :

* بِخاء بك الحَقْ يَهْتِفُون وحَىَّ هَلْ (٢) *

خب الخاء والباء أصلان : الأول [أن] يمتدّ [الشىء] طولاً ، والثانى جنسٌ من الخِداع.

فالأول الخَبِيبة والخبّةُ : الطريقة تمتدُّ فى الرَّمل. ثم يشبّه بها الخِرْقَة التى تُخْرَقُ طُولاً. ويُحمَل على ذلك الخَبِيبة من اللَّحم ، وهى الشَّرِيحة منه.

وأما الآخَر فالخِبُّ الخداع ، والخِبُ الخَدَّاع. وهذا مشتقٌّ من خَبَ البَحْرُ اضطَرَبَ. وقد أصابهم الخِبُ.

ومن هذا الخَبَبُ : ضربٌ من العَدْو. ويقال جاء مُخِبًّا. ومنه خَبَ النّبتُ ،

__________________

(١) فى اللسان : «ووطئ مخنتهم مخنتهم أى حريمهم».

(٢) صدره كما فى اللسان (٢٠ : ٣٣٤) :

إذا كا شخص؟؟

وانظر أمالى ثعلب ٥٥٤.

١٥٧

إذا يَبِس وتقلَّع (١) ، كأنه يَخُبّ ، توهَّم أنه يمشى. قال رؤبة :

* وخَبَ أطرافُ السَّفَا على القِيَقْ (٢) *

والخَبخَبة : رخاوةُ الشىءِ واضطرابُه. وكل ذلك راجعٌ إلى ما ذكرناه ؛ لأنَّ الخَدَّاع مضطربٌ غيرُ ثابت العَقْدِ على شىء صحيح. فأما ما حكاه الفرّاء : [لى (٣)] من فلانٍ خَوَابُ ، وهى القَرابات ، واحدها خابٌ ، فهو عندى من الباب الأول ؛ لأنه سَبَبٌ يمتدُّ ويتّصل. فأما قولهم «خبْخِبوا عنكم من الظهيرة» أى أَبرِدُوا فليس من هذا ، وهو من المقلوب ، وقد مرَّ.

خت الخاء والتاء ليس أصلاً ؛ لأنّ تاءه مبدلةٌ من سين. يقال خَتِيتٌ : أى خسيس. وأَخَتّ الله حَظَّه ، أى أخَسَّه. وهذا فى لغة مَنْ يقول : مررت بالنَّات ، يريد بالناس. وذكروا أنَّهم يقولون : أخَتَ فلانٌ : استَحْيا. فإن كان صحيحاً فمعناه أنه أتَى بشىء ختيتٍ يستحيِى منه. وأنشدوا :

فمَنْ يكُ مِنْ أوائلِهِ مُخِتًّا

فإنّكَ يا وليدُ بهم فخورُ (٤)

أى لا تأتى أنت من أوائِلك بخَتيت.

خث الخاء والثاء ليس أصلَا ولا فرعاً صحيحاً يُعَرَّج عليه ، ولكنّا نذكُر ما يذكرونه. يقولون : الخُثّ ما أُوخِفَ من أخْثاء البقر وطلِى به شىء ، وليس هذا بشىء ، ويقال الخُثَ : غُثَاء السَّيل إذا تركَه السيلُ فيبِس واسوَدَّ.

__________________

(١) فى المجمل واللسان والقاموس : خب النبت ، إذا طال وارتفع.

(٢) ديوان رؤبة ١٠٥ والمجمل. وفى الديوان : واسأعراف؟.

(٣) التكملة من المجمل واللسان.

(٤) البيت للأخطل فى ديوانه ٢٠٦ واللسان (ختت).

١٥٨

خج الخاء والجيم أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ وخقّةٍ فى غير استواء. فيقال ريحٌ* خَجُوجٌ ، وهى التى تلتَوِى فى هُبوبها. وكان الأصمعىُّ يقول : الخَجُوج الشديدة المَرِّ. ويقال إنّ الخجخجة الإنقِباض والاستحياء. وقالوا : خَجْخَجَ الرّجُل ، إذا لم يُبدِ ما فى نفسه. ويقال اختَجَ الجملُ فى سَيره ، إذا لم يستقِمْ. ورجل خَجَّاجَة (١) : أحمق. والبابُ كلُّه واحد.

باب الخاء والدال وما يثلثهما

خدرالخاء والدال والراء أصلان : الظُّلْمة والسَّتر ، والبطء والإقامة.

فالأولُ الخُدَارِىّ الليلُ المُظلِم. والخُدَاريَّة : العُقابُ ، لِلونها. قال :

خُدَارِيَّةٍ فَتْخاءَ ألْثَقَ ريشَها

سَحابةُ يومٍ ذى أهاضيبَ مَاطِرِ (٢)

ويقال اليومُ خَدِرٌ. والليلة الخَدِرة : المظلِمة الماطرة وقد أخْدَرْنا ، إذا أظَلَّنا المطر. قال :

فيهِنَّ بَهْكَنَةٌ كأنّ جَبِينَها

شَمْسُ النَّهار ألاحَها الإخْدارُ (٣)

وقال :

* ويَسْتُرُونَ النَّار من غير خَدَرْ (٤) *

__________________

(١) يقال للأحمق خجاجة وخجخاحة أيضاً.

(٢) البيت لسلمة بن الخرشب الأنمارى ، من قصيدة فى المفضليات (١ : ٣٥ ـ ٣٦).

(٣) البيت لعمارة ، كما فى اللسان (خدر ٣١٤). وفيه «أكلها الإخدار» ، أى أبرزها. وقد روى عجزه فى اللسان (خدر ٣١٣) برواية «ألاحها الإخدار» كما هنا.

(٤) فى الأصل : «ويشترون» ، صوابه فى المجمل واللسان (خدر).

١٥٩

ومثله أو قريبٌ منه قول طرفة :

* كالمَخَاض الجُرْبِ فى اليَومِ الخَدِرْ (١) *

ومن الباب الخِدْرُ خِدر المرأة. وأسَدٌ خادر ، لأنَّ الأجمةَ له خِدْرٌ.

والأصل الثانى : أخْدَرَ فلانٌ فى أهلِه : أقام فيهم. قال :

كأنَّ تحتِى بازِياً رَكَّاضا

أَخْدَرَ خَمْسَا لم يَذُقْ عَضَاضا (٢)

ومن الباب خَدَرَ الظَّبْىُ : تخلَّف عن السِّرب (٣). ويقال الخادر المتحِّير.

ومن الباب خَدِرت رِجْلُه. وخَدِر الرّجُل ، وذلك مِن أمْذِلالٍ يعتريه (٤).

قال طرفة :

جازَتِ اللَّيلَ إلى أرحُلِنا

آخِرَ اللَّيل بيَعْفُورٍ خَدِرْ (٥)

يقول : كأنَّه ناعِسٌ. ويقال للحُمُر بَنَاتُ أخدَرَ ، وهى منسوبةٌ إليه ، ولهذا تسمَّى الأخدريّة.

خدش الخاء والدال والشين أصلٌ واحد ، وهو خَدْشُ الشىءِ للشىء. يقال خَدَشْتُ الشىءَ خدشاً ؛ وجمع الخَدْش خُدُوش. ويقال لأطراف السَّفَا الخادشَة ؛ لأنّها تَخْدِش. ويقال لكاهل البعير [مِخْدَش (٦)] ؛ لقلّة لحمِه ، وتخديشِه فَمَ مُتَعرَقِه.

__________________

(١) البيت فى ديوانه ٦٦ واللسان (خدر ، عضض).

(٢) الرجز فى المجمل واللسان (خدر).

(٣) فى الأصل : «الترب».

(٤) الامذلال : الفترة والحدر.

(٥) ديوان طرفة ٦٣ واللسان (خدر). وسيعيده فى ص ٣٧٢.

(٦) التكملة من اللسان.

١٦٠