كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤٦١
الجزء ١ الجزء ٢

الشّاعر : (١)

يا هال ذات المنطق التّمتام

وكفّك المخضّب البنام

فأبدل (٢) من نون البنان ميما ، وجاء أيضا : طامه الله على الخير ، والأصل : طانه الله على الخير أي جبله فأبدل من النون المتحركة ميما.

ذكر إبدال الميم من الباء الموحّدة (٣)

فمنه قولهم : بنات مخر وهي سحائب بيض تأتي قبل الصّيف ، والأصل بنات بخر من البخار ، فأبدلوا من باء بخر ميما ، ومنه : ما زلت راتما على هذا الأمر أي راتبا ورأيته من كثم (٤) من كثب وهو القرب ، ومنه : قوله (٥)

فبادرت شاتها عجلى مثابرة

حتّى استقت دون محنى جيدها نغما

أراد نغبا وهو جمع نغبة وهي الجرعة ، فأبدل الميم من الباء في ذلك كلّه.

القول على إبدال النون من غيرها (٦)

وهي تبدل من حرفين من الواو واللام ، أمّا إبدال النون من الواو فمنه : قولهم : صنعانيّ وبهرانيّ ، والأصل : صنعاويّ وبهراويّ فأبدلوا النون من الواو وأمّا إبدال النون من الّلام ففي : لعنّ والأصل لعلّ (٧).

__________________

(١) الرجز لرؤبة بن العجاج ورد في ديوانه ، ٣ / ١٤٤ وورد منسوبا له في شرح المفصل ، ١٠ / ٣٥ وشرح الشافية ، ٣ / ٢١٦ وشرح الشواهد ، ٤ / ٣١٩ وشرح التصريح ، ٢ / ١٧٦ والممتع ، ١ / ٣٩٢ وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٤٥٥ وورد من غير نسبة في المقرب ، ٢ / ١٧٦ والممتع ، ١ / ٣٩٢ وشرح الأشموني ، ٤ / ٣١٩.

(٢) في الأصل فأبدلت.

(٣) المفصل ، ٣٦٧.

(٤) غير واضحة في الأصل.

(٥) البيت لم يعرف قائله ورد في شرح المفصل ، ١٠ / ٣٥ والمقرب ، ٢ / ١٧٧ والممتع ،. ١ / ٣٩٣ ولسان العرب ، نغب ، وشرح الأشموني ، ٤ / ٣٤٠.

(٦) المفصل ، ٣٦٧.

(٧) وقيل هما أصلان لأنّ الحرف قليل التصرف. انظر شرح الشافية ، ٣ / ٢١٩ وشرح الشافية ، للجاربردي ١ / ٣٢٠.

٢٤١

القول على إبدال التاء من غيرها

وهي تبدل من خمسة أحرف من الواو والياء والسين والصّاد والباء الموحّدة ، وزاد السّخاوي على ما في المفصّل إبدالها من الطّاء والدال فصارت سبعة.

ذكر إبدال التّاء من الواو (١)

وهي تبدل من الواو فاء ولاما ، أمّا إبدالها من الواو فاء :

فمنه : إبدال مطّرد واجب ، وهو إبدال التاء من كلّ واو وقعت فاء في افتعل وما تصرّف منه ، نحو : اتّعد واتّزن ، ويتّعد ويتّزن ومتّعد ومتّزن والأصل ، اوتزن ويوتزن وموتزن وكذا اوتعد إلى آخرها فقلبوا الواو تاء وأدغموها في تاء الافتعال (٢).

ومنه : إبدال التاء من الواو بدلا غير مطرّد ، وقد جاء منه أشياء : منها : التاء في أتلجه بمعنى أولجه (٣) ، قال امرؤ القيس : (٤)

ربّ رام من بني ثعل

متلج كفيّه في قتره

الشاهد فيه : متلج بمعنى مولج فأبدل فيه التاء من الواو ، والقترة بالضمّ بيت الصّائد الذي يكمن فيه لئلا ينفر الوحش منه. ومنها : التاء في تجاه وتراث وهي بدل من الواو لأنّ ذلك من واجه وورث ، وإنما كان غير مطّرد ، لأنّه لا يقال في وقوف : تقّوف ولا في ورود : تروّد (٥) ، ومنها : التاء في تخمة وتهمة وتقيّة وتترى وتوراة وتولج : وهو كناس الوحش ، وتلاد ، وهو المال الأصلي ، فإنّ التاء في ذلك كله ، بدل من الواو ، لأنّه من الوخم ، ومن الوهم ومن الوقاية ، ومن المواترة ، ومن وري الزّند ، إذا ظهر نوره ، ومن الولوج في / الكناس ، ومن الولاد (٦) ، ومنها : التاء في

__________________

(١) المفصل ، ٣٦٧.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٣٣٤ وشرح المفصل ، ١٠ / ٣٦.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ـ وهو الدخول ، اللسان ، ولج.

(٤) ورد في ديوانه ، ٢٦٤ وورد منسوبا له في شرح المفصل ، ١٠ / ٣٧ وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٤٦٦ ورواه الرضى في شرح الشافية ، من غير نسبه انظر ، ٣ / ٢١٩.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٣٣٢.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ والمنصف ، ١ / ٣٨ ـ ٦٣ وشرح المفصل ، ١٠ / ٣٩.

٢٤٢

تيقور وهو فيعول من الوقار فهي بدل من الواو لأنّ الأصل : ويقور ، وكذلك التاء في تكلان لأنّه من وكلت الأمر ، وفي «تكلة» والأصل : وكلة ، وهو العاجز الذي يكل أمره إلى غيره ، فالتاء في ذلك كلّه بدل من الواو فاء (١).

وأمّا إبدال التّاء من الواو لاما (٢) فمنه : التاء في أخت وبنت وفي هنت وفي كلتا ، لأنّ الأصل أخوة وبنوة وهنو وكلوي فأبدلت التاء من الواو في ذلك كلّه ، ولذلك لم تكن التاء في بنت وأخت للتأنيث ، وإنما هي بدل من الواو التي هي لام الكلمة (٣).

ذكر إبدال التّاء ـ المثنّاة من فوق ـ من الياء آخر الحروف (٤)

فمنه مطّرد ، وهو أن تبدل التاء من كلّ ياء وقعت فاء افتعل نحو : اتّسر والأصل ايتسر لأنّه من اليسر فأبدلوا من ياء ايتسر تاء وأدغمت التاء في التاء كما أبدلت التاء من الواو في نحو : اتّزن حسبما تقدّم.

ومنه : إبدال التاء من الياء لاما في أسنتنا (٥) والأصل أسنينا لأنّ الثلاثي وهو سنوة إذا زيد فيه رجعت واوه ياء ، مثل أغزينا ثم أبدلوا من الياء في أسنينا تاء ليتميّز أسنتنا ـ وهو القحط ـ من أسنينا إذا دخلنا في السّنة (٦) ، وكذا التاء في قولك : ثنتان وكيت وذيت ، والأصل ثنيان فأبدلوا من الياء التي هي لام الكلمة تاء صار ثنتان ولذلك كانت تاء ثنتين ليست للتأنيث مثل تاء بنتين تثنية بنت بخلاف قولك اثنتان فإنها للتأنيث كما أنها في قولك ابنتان للتأنيث حسبما سبق ذلك. وأما كيت وذيت فالأصل كيّة وذيّة فحذفوا تاء التأنيث وأبدلوا منها ياء ثم أبدلوا من الياء الأخيرة تاء فصار : كيت وذيت (٧).

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٣٣٤.

(٢) المفصل ، ٣٦٨.

(٣) الكتاب ، ٣ / ٣٦٣ ـ ٣٦٤ ـ ٤ / ٣١٧ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٠ ، وهي عند السيرافي للتأنيث.

(٤) المفصل ، ٣٦٨.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٢٣٩ قال : وذلك قليل.

(٦) وثمة آراء أخرى حولها انظرها في شرح المفصل ، ١٠ / ٤٠ وتسهيل الفوائد ، ٣١٦.

(٧) الكتاب ، ٣ / ٣٦٣ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٠ والممتع ، ١ / ٣٨٨.

٢٤٣

ذكر إبدال التاء من السين (١)

فمنه : إبدالها في نحو : طست وستّ لأنّ أصل طست : طسّ بسين مشدّدة فأبدل من السين الأخيرة التاء صار : طست وأصل ستّ : سدس أبدل من السين الأخيرة تاء فصار : سدت ثم أبدل من الدال تاء أخرى ، وأدغمت التاء في التاء صار : ستّ (٢) ومما أبدلت فيه التاء من السين قول الشاعر : (٣)

عمرو بن يربوع شرار النّات

أي الناس.

ذكر إبدال التاء من الصّاد (٤)

فمنه : لصت قال الشّاعر : (٥)

 ...

 ... كاللّصوت المرّد

والأصل : لصّ فأبدل من الصّاد الثانية تاء.

ذكر إبدال التاء من الباء (٦)

فمنه : الذعالت بالتاء المثنّاة من فوقها ، والأصل : الذعالب بالباء الموّحدة ، وهي جمع ذعلوب ، وهو الخلق من الثياب (٧) ، وأمّا إبدال التاء من الطّاء والدّال وهو

__________________

(١) المفصل ، ٣٦٨.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢٣٩ ـ ٤٨١ وشرح الشافية ، للجاربردي ١ / ٢٢١ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٠.

(٣) الرجز لعلباء بن أرقم ورد منسوبا له في النوادر ، ١٠٤ ولسان العرب ، نوت وسين وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٤٦٩. وورد من غير نسبة في الخصائص ، ٢ / ٥٣ والإنصاف ، ١ / ١١٩ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤١ والممتع ، ١ / ٣٨٩ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢١ ومناهج الكافية ، ٢ / ٢٥٦.

(٤) المفصل ، ٣٦٨.

(٥) هذه القطعة من بيت رواه البغدادي ، ٤ / ٤٧٥ ونسبه إلى عبد الأسود بن عامر بن جوين الطائي ، وتمامه :

فتركن نهدا عيّلا أبناؤها

بني كنانة كالّلصوت المرّد

وقد ورد البيت من غير نسبة في شرح المفصل ، ١٠ / ٤١ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٢ نهد : أبو قبيلة من اليمن ، وعيل جمع عائل من العويل بمعنى البكاء ، ومرّد : جمع ما رد من مرد يمرد إذا عتا وخبث.

(٦) المفصل ، ٣٦٨.

(٧) وقيل : هو طرف الثوب ، أو ما انقطع من الثوب فتعلّق ، اللسان ، ذعلب.

٢٤٤

ما ذكره السّخاوي زائدا على المفصّل فنحو قولهم : فستاط والأصل : فسطاط (١) ونحو قولهم : ناقة تربوت والأصل : دربوت لأنّه من الدّربة (٢).

القول على إبدال الهاء من غيرها

وهي تبدل من أربعة أحرف من الهمزة والألف والياء والتاء.

ذكر إبدال الهاء من الهمزة (٣)

وهو مسموع لا يقاس عليه ، ومع ذلك فقد أبدلت من الهمزة الزائدة والأصلية أمّا إبدالها من الهمزة الزائدة /.

فمنه : هرقت الماء أي أرقته ، وهرحت الدّابة أي أرحتها ، وهنرت الثوب أي أنزته (٤) وهردت الشيء أي أردته. وأمّا إبدال الهاء من الهمزة الأصلية :

فمنه : هيّاك أي إيّاك ولهنّك أي لأنّك ، وهما والله لقد كان كذا أي أما والله ، وهن فعلت فعلت أي إن فعلت فعلت في لغة طيء (٥) ، ومنه قول الشّاعر : (٦)

وأتى صواحبها فقلن هذا الذي

منح المودّة غيرنا وجفانا

الشاهد فيه هذا الذي بمعنى أذا الذي ، فأبدل الهاء من همزة أذا.

ذكر إبدال الهاء من الألف (٧)

فمنه : قول الشّاعر : (٨)

__________________

(١) الممتع ، ١ / ٣٩٠.

(٢) يقال : جمل تربوت أي ذلول ، اللسان ، ترب.

(٣) المفصل ، ٣٦٩.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٢٣٨ ، يقال : نرت الثوب وأنرته ونيرّته إذا جعلت له علما اللسان ، نير.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٢٣٨ والممتع ، ١ / ٣٩٧.

(٦) نسب ابن منظور هذا البيت في مادة «ذا» إلى جميل بن معمر وهو غير موجود في ديوانه ، وقال البغدادي ، ٤ / ١٧٧ إنّ قائله مجهول ويشبه أن يكون من شعر عمر بن ربيعة وهو غير موجود في ديوانه أيضا وورد البيت من غير نسبة في شرح المفصل ، ١٠ / ٤٢ والممتع ، ١ / ٤٠٠ وشرح الشافية ، للجاربردي ، ١ / ٣٢٢ وشرح الشافية ، ١ / ٢٢٤ ومناهج الكافية ، ٢ / ٢٢٦ والدرر ، للرومي ، ١ / ٣٢٢.

(٧) المفصل ، ٣٦٩.

(٨) الرجز لم يعرف قائله. ورد في المنصف ، ٢ / ١٥٦ والمحتسب ، ١ / ٢٧٧ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٣.

٢٤٥

قد وردت من أمكنه

من هاهنا ومن هنه

إن لم تروّها فمه

أي من هاهنا ومن هنا ، وإن لم أروّها فما أصنع ، فأبدل الهاء من الألف في هنا وفي ما.

ومنه : إبدالها من ألف أنا في قولك : أنه (١) ، مع جواز أن لا تكون بدلا من الألف بل هاء للسكت كما تقدّم في الوقف.

ومنه : حيّهله والأصل حيّهلا فأبدلت الهاء الأخيرة من الألف (٢).

ومنه : يا هناه في قوله : (٣)

وقد رابني قولها يا هنا

ه ...

وهي لفظة ذمّ ، وهي مبدلة من الألف المنقلبة عن الواو في هنوات ، لأنّ الأصل : هناو ، فقلبت الواو ألفا فالتقى ألفان فقلبت الأخيرة هاء فصار : هناه.

ذكر إبدال الهاء من الياء (٤)

فمنه قولهم : هذه أمة الله ، فالهاء الثانية في هذه بدل من الياء لأنّ الأصل : هذي أمة الله (٥).

__________________

والممتع ، ١ / ٤٠٠ وشرح الشافية ، للجاربردي ، ١ / ٣٢٢ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٤ ولسان العرب ، مادة هنا وهمع الهوامع ، ١ / ٧٨ ـ ٢ / ١٥٧ وشرح شواهد الشافية ، ٤٧٩ وشرح الأشموني ، ٤ / ٣٣٤.

(١) الكتاب ، ٤ / ١٦٤ ـ ٢٣٨.

(٢) الكتاب ، ٤ / ١٦٣ ـ ٢٣٨.

(٣) هذا صدر بيت لامرىء القيس وعجزه :

ويحك ألحقت شرّا بشر

ورد في ديوانه ، ٣٠٨ ورد منسوبا له في الحلل ، ٢١٨ وامالي ابن الشجري ، ٢ / ١٠١ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٣ وحاشية ياسين على شرح التصريح ، ٢ / ٣٦٨ والدرر الكامنة ، ١ / ٣٢٣ وورد من غير نسبة في المنصف ، ٣ / ١٣٩ وشرح الأشموني ، ٤ / ٣٣٤.

(٤) المفصل ، ٣٧٠.

(٥) في الكتاب ، ٤ / ٢٣٨ وذلك في كلامهم قليل ، وفي إيضاح المفصل ، ٢ / ٤١١ ولو قيل : إنهما جميعا أصل لم يكن بعيدا ، وانظر شرح المفصل ، ١٠ / ٤٥.

٢٤٦

ذكر إبدال الهاء من التاء (١)

وهو يأتي في الوقف على نحو : طلحة حسبما تقدم في الوقف قالوا : وحكى قطرب (٢) في لغة طيء : كيف البنون والبناة وكيف الأخوة والأخواة (٣) فأبدل الهاء من تاء البنات وتاء الأخوات.

القول على إبدال الّلام من غيرها

وهي تبدل من حرفين من النون والضاد ، أمّا إبدال الّلام من النون ، فمنه : قول الشّاعر : (٤)

وقفت فيها أصيلالا أسائلها

أعيت جوابا وما بالرّبع من أحد

والأصل ، أصيلان تصغير أصيل على غير قياس فأبدل لام أصيلال من نون أصيلان (٥) ، وأمّا إبدال اللام من الضّاد فمنه قول الشّاعر : (٦)

مال إلى أرطاة حقف فالطجع

بمعنى اضطجع ، فأبدل الّلام من ضاد اضطجع.

__________________

(١) المفصل ، ٣٧٠.

(٢) هو أبو على محمد بن المستنير أخذ عن سيبويه وعيسى بن عمرو عن جماعة من علماء البصرة له من المصنفات كتاب معاني القرآن وكتاب إعراب القرآن وكتاب النوادر توفي سنة ٢٠٦ ه‍ انظر ترجمته في الفهرست ، ٧٨ ونزهة الألباء ، ٩١ والبغية ، ١ / ٢٤٢.

(٣) في إيضاح المفصل ، ٢ / ٤١١ : وأما إبدالها عن تاء الجمع في نحو : الأخواه والبناه فقليل ضعيف ، وانظر الممتع ، ١ / ٤٠١.

(٤) البيت للنابغة الذبياني ، ورد في ديوانه ، ١٤ برواية أصيلانا مكان أصيلالا وعيت مكان أعيت ، وورد منسوبا له في الكتاب ، ٢ / ٣٢٠ ـ ٣٢١ والمقتضب ، ٤ / ٤١٤ والإنصاف ، ١ / ١٧٠ ـ ٢٦٩ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٦ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٦٧ وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٤٨١.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٢٤٠ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٦.

(٦) الرجز لمنظور بن حية الأسدي وقبله :

لما رأى أن لا دعه ولا شبع

ورد منسوبا له في شرح الشواهد ، ٤ / ٢٨٠ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٦٧ وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٣٧٤ وورد من غير نسبة في الخصائص ، ١ / ٦٣ ـ ٢ / ٣٥٠ ـ ٣ / ١٦٣ والمنصف ، ٢ / ٣٢٩ وشرح الشافية ، للجار بردي ، ١ / ٣٢٤ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٦.

٢٤٧

القول على إبدال الطّاء من غيرها (١)

وهي تبدل من التاء : فمنه : واجب مطّرد ، وهو إبدال الطّاء من تاء افتعل وما تصرّف منه ، متى كانت فاء افتعل أحد حروف الأطباق المستعلية وهي أربعة : الصّاد والضّاد والطّاء والظّاء ، لأنّ التاء حرف مهموس غير مستعل وحروف الأطباق مستعلية وهي تضادّ التاء فأبدلت الطاء منها ليتجانس (٢) الصوت ويكون العمل من جهة واحدة وسيأتي في الإدغام مشروحا / فمثال فاء افتعل صادا : اصطبر وضادا : اضطرب وطاء : اطّرد ، وظاء : اظطلم والأصل اصتبر واضترب واطترد واظتلم ، فأبدلت الطاء من التاء في ذلك (٣).

ومنه : بدل غير واجب نحو قولهم : فحصط برجلي (٤) والأصل : فحصت فوقع لام الفعل صادا وبعده تاء فعلت فأبدلت الطّاء من التاء وهو في لغة بني تميم فقالوا : فحصط ، للتناسب وليس بلغة شائعة (٥).

القول على إبدال الدّال من غيرها (٦)

وهي تبدل من تاء افتعل أيضا متى كانت فاء افتعل زايا أو ذالا أو جيما في بعض اللّغات ، وهو شاذ ، لأنّ الزاي حرف مجهور والتاء مهموسة فيتضادان ، فأبدلت التاء دالا لتناسب الزاي وكذلك الكلام في الذال والجيم فمثال فاء افتعل زايا : ازدهى وازدجر وازدان وازدلف والأصل : ازتهى وازتجر وازتان وازتلف ، فأبدلت الدّال من التاء في ذلك للتناسب (٧) ومثال فاء افتعل دالا : ازدكر غير مدغم والأصل : اذتكر ومثالها جيما على بعض اللغات : اجدمعوا والأصل : اجتمعوا ومنه : اجدزّ بمعنى

__________________

(١) المفصل ، ٣٧٠.

(٢) غير واضحة في الأصل.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٢٣٩ وشرح المفصل ، ١٠ / ٤٦.

(٤) أصلها فحصت أي عبثت ، اللسان ، فحص.

(٥) في الكتاب ، ٤ / ٢٤٠ : وهي لغة لتميم قالوا : فحصط برجلك وحصط ، يريدون حصت وفحصت ، وانظر شرح المفصل ، ١٠ / ٤٨.

(٦) المفصل ، ٣٧١.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٢٣٩.

٢٤٨

اجتزّ قال الشّاعر : (١)

فقلت لصاحبي لا تحبسانا

بنزع أصوله واجدزّ شيحا

أي اجتزّ شيحا ، وقد أبدلوا الذال أيضا من التّاء في تولج وهو كناس الوحش فقالوا : دولج ، وأصل تائه بدل من الواو.

القول على إبدال الجيم من غيرها (٢)

وقد أبدلت من التاء المشدّدة في الوقف وهو قليل شاذ لا ينطق به إلّا بعض العرب كما حكي أنه سئل بعضهم ممن أنت؟ فقال : فقيمج أي فقيميّ (٣) وقد أجري الوصل مجرى الوقف من قال : (٤)

خالي عويف وأبو علجّ

المطعمان اللّحم بالعشجّ

يعني أبو علي والعشي ، فنوى الوقف على الياء وأبدلها جيما ، لأنّ الياء إنّما أبدلت جيما لخفائها بالسكون في الوقف وإلّا فالياء المتحركة لا تبدل جيما لقوتها وزوال خفائها بالحركة.

القول على إبدال السين

قد تقدّم في صدر الفصل أن السين ليست من حروف البدل لكنها مبدل منها

__________________

(١) البيت اختلف حول قائله فقد نسبه العيني في أحد قوليه ، ٤ / ٣٣٢ ليزيد بن الطثرية ونسبه في القول الآخر إلى مضرس بن ربعي الأسدي وكذلك نسبه البغدادي في شرح شواهد الشافية ، ٤ / ٤٨٠. وورد البيت من غير نسبة في شرح المفصل ، ١٠ / ٤٩ والممتع ، ١ / ٣٥٧ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٢٨ وشرح الشافية ، للجار بردي ، ١ / ٣٢٤ وشرح الأشموني ، ٤ / ٣٣٢.

(٢) المفصل ، ٣٧١.

(٣) في الكتاب ، ٤ / ١٨٢ هم «ناس من بني سعد» وفي الجار بردي ، ١ / ٣٥٤ قال أبو عمرو : قلت لرجل من بني حنظلة ممن أنت؟ فقال : فقيمج ، فقلت : من أيهم؟ فقال : مرج. أي مري وانظر الدرر الكامنة ، ١ / ٣٢٤ وشرح المفصل ، ١٠ / ٥٠.

(٤) هذا الرجز قاله أعرابي من البادية من بني حنظلة ورد في الكتاب ، ٤ / ١٨٢ والمحتسب ، ١ / ٧٥ والمنصف ، ٢ / ١٧٨ ـ ٣ / ٧٩ وشرح المفصل ، ٩ / ٧٤ ـ ١٠ / ٥٠ والممتع ، ١ / ٣٥٣ والمقرب ، ٢ / ١٦٤ وشرح الشواهد ، ٤ / ٢٨١ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٦٧ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢٨١.

٢٤٩

فإيرادها في حروف البدل ليس بسديد (١) ، ويبدل منها حرفان : الصّاد والزاي.

القول على إبدال الصّاد من السّين (٢)

فمنه : أنّه يجوز إبدال الصّاد من السين متى وقع بعد السين غين أو خاء أو قاف أو طاء (٣) ، لأنّ هذه الحروف مستعلية والسين مهموسة مستفلة ، ولمّا كانت الصاد مستعلية وهي مع ذلك مهموسة وافقت هذه الأحرف في الاستعلاء ووافقت السين في الهمس والصفير والمخرج ، فلذلك أبدلت منها ، فمثال السين التي بعدها الغين سالغ وهو من البقر كالبازل من الإبل ، يقال : عجل ثمّ تبيع ثمّ جذع ثمّ رباع ثمّ سديس ثم سالغ (٤) ، ويجوز صالغ بإبدال الصّاد من السّين ، ومثال السين التي بعدها خاء سخر وسلخ فتقول : صخر وصلخ بالصّاد / أيضا (٥) ومثال السين التي بعدها قاف : سويق وسبقت ، فيجوز : صويق وصبقت بالصّاد أيضا (٦) ومثال السين التي بعدها طاء : سراط وساطع ، فيجوز صراط وصاطع بالصّاد أيضا (٧) فإن تأخرت السين عن هذه الحروف لم يجز فيها ذلك ، فلا يقال في قست : قصت ولا في خسرت : خصرت ، ويجوز في صاد نحو : الصراط ، المضارعة ، وهي إشراب الصّاد صوت الزاي (٨).

القول على إبدال الزاي من غيرها (٩).

وهي تبدل من السّين والصّاد :

__________________

(١) ومن قبل نصّ ابن الحاجب في الإيضاح ، ٢ / ٤١٣ على ذلك.

(٢) المفصل ، ٣٧٣.

(٣) الممتع ، ١ / ٤١٠ ـ ٤١١.

(٤) سلغت الشاة والبقرة تسلغ سلوغا وهي سالغ تمّ سنّها وما حكى من قولهم : صالغ فعلى المضارعة وقيل هي عنبرية على أن الأصمعي قال هي بالصاد .. ولد البقرة أول سنة عجل ثم تبيع ثم جذع ثم ثني ثم رباع ثم سديس ثم سالغ ثم سالغ سنة وسالغ سنتين إلى ما زاد. انظر اللسان ، سلغ.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٤٨٠ والممتع ، ١ / ٤١١.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٤٧٨ ـ ٤٧٩.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٤٨٠.

(٨) شرح المفصل ، ١٠ / ٥٢ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٣٢٥.

(٩) المفصل ، ٣٧٣.

٢٥٠

أمّا إبدالها من السّين ، فتبدل الزاي مطردا جائزا من كلّ سين ساكنة بعدها دال نحو : يسدر فيجوز فيه يزدر ، وفي يسدل ثوبه ؛ يزدل ثوبه (١) وكلب وهم بطن من قضاعة يبدلون الزاي من السين إذا وقع بعد السين قاف فيقولون في سقر : زقر (٢).

وأمّا إبدال الزاي من الصّاد (٣) فتبدل أيضا مطّردا جائزا من كلّ صاد ساكنة بعدها دال نحو : فصدي فيجوز فيه : فزدي بالزاي ويجوز إبقاء الصّاد بحالها وهو أكثر (٤) ، ويجوز أن يضارع بها الزاي (٥) ولا تقع المضارعة إلّا حيث يتجاور حرفان بينهما منافرة فيؤتى بحرف يصلح للتوسّط بينهما ليزيل المنافرة ، وذلك كما ينحى بالصّاد نحو الزاي إذا تقدمت الصّاد على الدّال فتأتي بحرف مخرجه بين مخرج الصّاد ومخرج الزاي ، وليس كذلك السين في يسدر فلا يجوز فيها المضارعة فإن تحركت الصّاد ، امتنع إبدال الزاي منها لكن يجوز فيها المضارعة فتقول في نحو صدر عن كذا بالصّاد ، وبمضارعة الصّاد الزاي دون إبدال الصّاد زايا ، فالحروف المذكورة حينئذ على ثلاثة أوجه :

فمنها : ما يجوز فيه الإبدال والمضارعة نحو الصاد مع الزاي في نحو : فصدي.

ومنها : ما يجوز فيه الإبدال دون المضارعة وهو السين الساكنة إذا كان بعدها دال نحو : يسدر ، ومنها : ما يجوز فيه المضارعة دون الإبدال وهو ما فيه شين معجمة مع دال أو جيم مع دال نحو : أشدق وأجدر ، فتشرب الجيم صوت الشين وتشرب الشين صوت الجيم (٦) وهي لغة قليلة رديئة لعسر النطق بذلك ، ولذلك لم تأت في القرآن الكريم ولا في كلام فصيح (٧).

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٤٧١ ـ ٤٧٩.

(٢) شرح المفصل ، ١٠ / ٥٢ وشرح الشافية ، ٣ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.

(٣) المفصل ، ٣٧٣.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٤٧٧ ـ ٤٧٩.

(٥) بعدها في الأصل مشطوب عليه «ومعنى المضارعة أن يشرب الصاد شيئا من صوت الزاي» وقد أثبتها قبل ، وانظر تسهيل الفوائد ، ٣١٧ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٣٢٥ ، وفي حاشية ابن جماعة ، ١ / ٣٢٥ ما نصه : الزاي لعذرة وبني القيس ، والمضارعة لقيس ، والصاد لقريش.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٤٧٩.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٤٣٢ وبعدها في إيضاح المفصل ، ٢ / ٤١٥ بخلاف إشراب الصاد بصوت الزاي فإنه ورد في

٢٥١

الفصل الثامن في الإعلال (١)

وهو تغيير حرف العلّة للتخفيف ويجمعه : القلب والحذف والإسكان ، وحروف الإعلال ثلاثة : الألف والواو والياء وسميت حروف العلّة لكثرة تغيّرها ، وثلاثتها تقع في الأضرب الثلاثة كقولك : مال وناب (٢) وسوط وبيض ، وقال وحاول وبائع ، ولا ولو وكي.

القول على الألف (٣)

وهي لا تكون أصلا في الأسماء المتمكنة ولا في الأفعال بل إمّا زائدة كألف كتاب أو منقلبة عن واو أو ياء كألف مال ورحى (٤) / وإنّما حكموا بعدم أصالتها في الأسماء والأفعال لحصول الاشتقاق والتصريف في الأسماء والأفعال المستدلّ بهما على الزيادة والانقلاب كفقد ألف ضارب في المشتقّ منه ، وهو الضّرب (٥) بخلاف الحروف ، فإنّ الألف فيهن أصل ليس إلّا ، لأنّ الحروف جوامد غير متصرفة ولا مشتقة ، فلا يعرف لها أصل غير ما هي عليه فلا يقال في ألف ما ولا وحتى إنها زائدة أو بدل لعدم الاشتقاق وعدم التصرف (٦) لأنّ البدل ضرب من التصرف ، ويجري مجرى الحروف في أصالة الألف ، الأسماء المبنية المتوغلة في شبه الحروف نحو : متى ، والأسماء الأعجمية نحو ، ماه (٧) ، لأنا إنّما قضينا بعدم زيادة الألف في الحروف لعدم الاشتقاق وهذا موجود في هذه الأسماء.

القول على مواقع الواو والياء الأصليتين (٨)

وهما يتفقان في مواقعهما من الكلمة ويختلفان :

__________________

القرآن وفي الكلام الفصيح.

(١) المفصل ، ٣٤٧.

(٢) في الأصل كتاب وهي في المفصل : كقولك : مال وناب وسوط وبيض.

(٣) المفصل ، ٣٧٤.

(٤) في الأصل ورجا.

(٥) بعدها مشطوب عليه «وكعود ألف قرطاس إلى أصلها في الجمع كقراطيس».

(٦) المنصف ، ١ / ٧ ـ ٨ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٦٨.

(٧) بلدة بفارس ، معجم البلدان ٥ / ٤٨ ـ ٤٩.

(٨) المفصل ، ٣٧٤ ـ ٣٧٥.

٢٥٢

أمّا اتفاقهما افيتفقان في وقوعهما فاء كوعد ويسر ، وعينا كقول وبيع ، ولاما كغزو ورمي ، ويتفقان أيضا في وقوعهما عينا ولاما معا فمثال الواو عينا ولاما : قوة ، ومثال الياء عينا ولاما : حيّة ويتفقان في وقوعهما مجتمعتين في أول الكلمة وتقدّم كلّ منهما على الأخرى نحو : ويح ويوم ولكنّ تقديم الواو أكثر فباب ويح أكثر من باب (١) يوم. وأمّا اختلافهما :

فمنه : أنّ الواو تقدّمت فاء على الياء لاما نحو : وفيت ، وأنّها تقدمت أيضا عينا على الياء لاما نحو : طويت دون العكس أي دون أن تتقدّم الياء على الواو ، وكذلك فإن قيل : فالحيوان قد تقدمت فيه الياء عينا على الواو لاما فالجواب : أن الأصل في حيوان عند الخليل وسيبويه حييان (٢) ، لأنّه من حييت ، والحيّة من ذلك ، وإنّما قالوا : حيوان لأنّ اختلاف الحرفين أخفّ من اتفاقهما.

ومنه : أنّ الياء وقعت مضاعفة فاء وعينا معا ، ولم يأت ذلك إلّا في كلمة واحدة وهي «يين» اسم مكان (٣) ولا تقع لواو كذلك ، والمراد بالتضعيف أن يتجاور المثلان (٤).

ومنه : أنّ الياء وقعت فاء ولاما معا نحو قولهم : يديت إليه يدا (٥). ومنه : أنّ الياء وقعت فاء وعينا ولاما في قولهم : يييت ياء حسنة إذا كتبتها ، ولم تقع الواو فاء ولاما إلا في قولهم واو ، وكذلك لم تقع الواو فاء وعينا ولاما إلّا في الواو على قول الأخفش إن ألفها منقلبة عن واو فهي على قوله موافقة للياء في يييت ، وقال الفارسيّ : إنّ ألف واو منقلبة عن ياء (٦) فهي على قوله موافقة لها في يديت وهو أولى من قول الأخفش فإنّه لم يسمع كلمة كلّها من حرف واحد إلّا يييت وهو شاذ ، ولكون العربيّة ليس فيها كلمة فاؤها / ولامها واو ، جعلوا كون الفاء واوا ، دليلا على أنّ اللّام ياء

__________________

(١) شرح المفصل ، ١٠ / ٥٥ والنقل منه مع تصرف يسير.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٤٠٩ والمقتضب ، ١ / ١٨٦ والمنصف ، ٢ / ٢٨٤.

(٣) معجم البلدان ، ٥ / ٤٥٤.

(٤) شرح المفصل ، ١٠ / ٥٥.

(٥) المرجع السابق ، ١٠ / ٥٥.

(٦) المرجع السابق ، ١٠ / ٥٨ والممتع ، ٢ / ٥٦٠.

٢٥٣

واتفقوا على أنّ كلّ كلمة فاؤها واو إنّما تكتب لامها ياء فلذلك كتبوا الوغى بالياء (١).

القول على الواو والياء فاءين

ذكر الواو فاء (٢)

وهي تثبت صحيحة وتسقط وتقلب ، أمّا ثباتها على الصحّة فنحو : وعد وولد فعلين والوعد والولد اسمين لا مصدرين لأنّ مصدر مثل ذلك تسقط منه الواو فيقال : عدة ولدة كما سنذكره الآن في سقوط الواو ، وأمّا سقوط الواو فاء ، ففي مضارع فعل أو فعل إذا كان مضارعهما مكسور العين لفظا أو تقديرا لوقوع الواو حينئذ بين ياء وكسرة.

أمّا العين المكسورة لفظا : فنحو : يوعد ويومق سقطت الواو لوقوعها بين ياء وكسرة بقي يعد ويمق ، ثم طردوا الحذف مع باقي حروف المضارعة فقالوا : أعد وتعد ونعد ، وإن لم تقع الواو بين ياء وكسرة ليأتي المضارع على وجه واحد طردا للباب (٣).

وأمّا العين المكسورة تقديرا : فنحو : يوضع ويوسع فإنّ العين فيهما مكسورة بحسب الأصل فهي مكسورة تقديرا ولكن فتحت من أجل حرف الحلق ، فالفتحة عارضة والعارض لا اعتداد به لأنّه كالمعدوم (٤) فلذلك سقطت الواو فيهما فقالوا : يضع ويسع فأمّا إذا انفتحت العين ولم تكن مكسورة تقديرا ، فإنّ الواو تثبت كما في قوله تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ)(٥) فحذفت الواو من «يلد» لانكسار ما بعدها وثبتت في «يولد» لانفتاح ما بعدها ، وإنّما حذفت الواو إذا وقعت بين ياء وكسرة طلبا للخفة لأنّ الواو ثقيلة وقد اكتنفها ثقيلان الياء والكسرة ، والفعل أثقل من الاسم ، فحذفت

__________________

(١) المزهر ، ٢ / ٧٨.

(٢) المفصل ، ٣٧٥.

(٣) الإنصاف ، ٢ / ٧٨٢.

(٤) شرح المفصل ، ١٠ / ٥٩ ـ ٦١.

(٥) الآية ٣ من سورة الإخلاص.

٢٥٤

الواو فيه لاجتماع هذا الثقل ، وكذلك تحذف الواو من المصدر الذي حذفت من فعله نحو : العدة والمقة والأصل : الوعدة والومقة وإنّما حذفت لأمرين أحدهما : كون الواو مكسورة وهو مستثقل ، وثانيهما : كون الفعل أعلّ أعني يعد ويمق ، لأنّ المصدر يعتلّ باعتلال فعله ، وأمّا قلب الواو ، ففي ما مرّ من الإبدال في نحو : تخمة وميزان.

ذكر الياء فاء (١)

وهي مثل الواو فيما ذكر إلّا في السقوط إذا وقعت بين ياء وكسرة فإنّ الياء تثبت ولا تحذف لأنّهما من جنسهما فثبتت في نحو : ينع الثّمر يينع ، ويسر ييسر وهو قمار العرب بالأزلام والاسم الميسر وقد حكى سيبويه على سبيل الشذوذ أنّ بعضهم يجري الياء مجرى الواو في الحذف في يئس ييئس فيقول : يئس يئس (٢) كومق يمق من أجل مجيء الهمزة مستثقلة معها ، فلذلك تحذف في ييئس لأجل الهمزة ولا تحذف عند فقدها ، فلا يقال : يسر يسر بالحذف بل يسر ييسر لفقد الهمزة ، وأمّا قلب الياء فقد سبق في الإبدال وهي تقلب مثلما تقلب الواو فيقال في ايتسر : اتّسر / كما يقال في اوتعد : اتّعد (٣).

ذكر التنبيه على موضع ثبوت الواو وموضع حذفها (٤)

اعلم أنّ الفرق بين وجل يوجل ووجع يوجع حيث ثبتت الواو فيهما ، وبين وضع يضع ووسع يسع ، حيث حذفت الواو فيهما وكلّ من القبيلين فيه حرف الحلق ، أن فتحة يوجل ويوجع أصلية ، لأنه من باب فعل يفعل مثل علم يعلم وشرب يشرب وفتحة يضع ويسع عارضة ومثله من المعتلّ ورم يرم وورث يرث فالكسرة مرادة وإنما فتح لحرف الحلق فحذفت الواو في يضع ويسع للكسرة المرادة وقد شبّهت الفتحة

__________________

(١) المفصل ، ٣٧٥.

(٢) قال في الكتاب ، ٤ / ٥٤ : وأما ما كان من الياء فإنه لا يحذف منه ، وذلك قولك : يئس ييئس ويسر ييسر ... وزعموا أن بعض العرب يقول : يئس يئس ، فاعلم فحذفوا الياء من يفعل ، وانظره في ٤ / ٣٣٩.

(٣) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٣.

(٤) المفصل ، ٣٧٥.

٢٥٥

العارضة في يضع ويسع بكسرة التجاري وهو مصدر تجارى ، وقياسه الضّمّ مثل التّحاسد والتكاثر ، وإنّما كسرت الراء فيه لتصحّ الياء وشبّهت الفتحة الأصلية في يوجل ويوجع بكسرة التجارب جمع تجربة فكسرة التجاري عارضة كفتحة يضع ويسع وكسرة راء التجارب أصلية كفتحة يوجل ويوجع (١).

ذكر ما جاء في مضارع أفعال تذكر (٢)

اعلم أنه قد جاء عن العرب قلب الواو والياء في مضارع افتعل ألفا فيقولون : يا تعد ويا تسر (٣) وجاء في مضارع يئس لغتان : ييأس بفتح العين وهو الأصل ، وييئس بالكسر على خلاف الأصل ، وجاء أيضا فيهما إبدال الألف من الياء فقالوا في ييأس بالفتح : ياءس وفي ييئس بالكسر : يائس.

وجاء في مضارع فعل يفعل مثل وجل يوجل أربع لغات : وجل يوجل بإثبات الواو لأنها لم تقع بين ياء وكسرة وهي أجودها ، وياجل بقلب الواو ألفا على حدّ قلبها في يا تعد ويا تزن ، وييجل بقلب الواو ياء ، وييجل بكسر المضارعة لتكون وسيلة إلى قلب الواو ياء لسكون الواو حينئذ وانكسار ما قبلها ، وليس كسر هذه الياء من لغة من يقول تعلم بكسر حرف المضارعة (٤) وهو التاء المثناة الفوقية (٥) بل لأجل أن تنقلب الواو ياء كما ذكرنا ، لأنّ من يقول : تعلم بكسر التاء الفوقية لا يقول يعلم بكسر الياء التحتية فهي لغة أخرى. واعلم أنّهم يستثقلون الابتداء بالياء المكسورة ، ولذلك لا يوجد اسم أوله ياء مكسورة غير يسار لليد فاعرفه (٦).

__________________

(١) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٢ والنقل منه مع تصرف يسير.

(٢) المفصل ، ٣٧٥.

(٣) في الكتاب ، ٤ / ٣٣٤ وأما ناس من العرب» وفي المقتضب ، ١ / ٩٠ : هم قوم من أهل الحجاز وفي حاشية ابن جماعة ، ١ / ٢٧٣ وبهذه اللغة كان يتكلم الإمام الشافعي.

(٤) جعلها سيبويه في ٤ / ١١٠ لغة لجميع العرب إلا أهل الحجاز ، وفي حاشية ابن جماعة ، ١ / ٢٧٣ هي لغة بني أسد وتيم وتميم.

(٥) في الأصل من الفوقية.

(٦) شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٧٣ وشرح الشافية ، ٣ / ٩٢.

٢٥٦

ذكر بناء افتعل من أفعال تذكر (١)

وهو أنك إذا بنيت افتعل من نحو : أكل وأمر جعلت همزة أكل ياء وأتيت بتاء افتعل بعدها فقلت : ايتكل وايتمر والأصل : ائتكل بهمزتين الأولى : همزة الوصل وهي مكسورة ، والثانية : فاء الفعل وهي ساكنة ، فقلبت الثانية ياء لسكونها وانكسار ما قبلها على حدّ قلبها في ذئب وبئر ، ولا يجوز أن يقال في ايتكل وايتمر : اتّكل واتّمر بادغام هذه الياء المنقلبة عن الهمزة في تاء افتعل كما قيل في ايتسر اتّسر ، لأنّ الياء في ايتكل ليست لازمة لعودها إلى أصلها عند زوال / همزة الوصل في نحو المضارع نحو : يأتكل ويأتمر ، فتعود الياء همزة لزوال الموجب لقلبها وهو همزة الوصل ، ومعنى ايتكل أخذ أموال الرّشا (٢) ويقال : ايتكلت أسنانه من الكبر ، ومعنى ايتمر قبل الأمر (٣) وكذلك تقول : ايتزر بالإزار لما قلنا من أن ياء ايتزر غير لازمة ، ولا يجوز فيه اتّزر لأنّ اتّزر وهو ركوب الوزر (٤).

القول على الواو والياء عينين (٥)

إذا كانت عين الكلمة واوا أو ياء فإمّا أن تعلّ أو تحذف أو تسلم فذلك ثلاثة أقسام :

القسم الأول

في إعلال الواو والياء عينين

اعلم أنّ إعلالهما قد وقع في عدد من الأفعال والأسماء مما تحركت فيها الواو والياء عينا وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا طلبا للخفة لثقل الحركة على حرف العلّة (٦) ، أمّا الأفعال المعتلّة فنحو : قال وخاف وباع وهاب ، لأنّ أصلها قول وخوف وبيع

__________________

(١) المفصل ، ٣٧٥.

(٢) الرّشا جمع رشوة ، المخصص لابن سيده ، ١٤ / ١٦٢ ـ ١٥ / ١٣٨.

(٣) الصحاح ، أكل ، أمر.

(٤) في إيضاح المفصل ، ٢ / ٤٢٤ وقول من قال اتزر ، وهم ، وانظر شرح المفصل ، ١٠ / ٦٣ ـ ٦٤.

(٥) المفصل ، ٣٧٦.

(٦) شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٧٥.

٢٥٧

وهيب فتحركت الواو والياء فيهنّ وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا ثم أعلّوا المضارع كما أعلوا الماضي ، وإن لم تقم فيه علّة الإعلال ليكون المضارع والماضي على سنن واحدة ، فقالوا : يقول ويخاف ويبيع ويهاب والأصل : يقول ويخوف ويبيع ويهيب بتحريك حرف العلّة وسكون ما قبله فنقلت ضمّة واو يقول إلى القاف بقي : يقول ، وتقلب فتحة واو يخوف إلى الخاء فانفتح ما قبل الواو فقلبت ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بقي : يخاف ، ونقلت كسرة ياء يبيع إلى الياء بقي : يبيع (١) ونقلت فتحة ياء يهيب إلى الهاء فانفتح ما قبل الياء فقلبت ألفا لتحركها بحسب الأصل وانفتاح ما قبلها بقي : يهاب. وأمّا الأسماء المعتلّة (٢) فنحو : باب وناب ورجل مال ولاع ، إذ أصل باب وناب : بوب ونيب لجمعهما على أبواب وأنياب ، والاسم إذا ساوى الفعل في الزنة ووقوع حرف العلة منه موقعه من الفعل حيث أعلّ حكم عليه بحكم الفعل فلذلك قلبت الواو والياء في بوب ونيب ألفا لتحركهما وانفتاح ما قبلهما ، وأصل رجل مال : مول يقال : مول مول مثل حذر فهو حذر ، واللّاع الجبان وأصله لوع فتحركت الواو في مول ولوع وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا بقي رجل مال ولاع وكذلك ما هو من ذلك مما تحركتا فيه وانفتح ما قبلهما ومن ذلك أسماء فاعلي الأفعال المذكور ومفعوليها نحو : قائل وخائف وبائع وهائب ومقول ومخوف (٣) ومبيع ومهيب مما أعلّت لاعتلال أفعالها (٤) على ما سيذكر في أثناء هذا الفصل.

ومن الأسماء المعتلّة مفعل وإخوته (٥) : اعلم أنه قد جاء من هذه الأفعال المعلولة مفعل ومفعلة بفتح العين ومفعل ومفعلة بكسرها ومفعلة / بضمّها ، أمّا مفعل بالفتح ، فنحو : معاذ أصله معوذ فنقلت فتحة الواو إلى العين فقلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها بقي : معاذ ، وأما مفعلة بالفتح فنحو : مقالة أصلها مقولة

__________________

(١) المنصف ، ١ / ٢٤٥ وشرح المفصل ، ١٠ / ٦٤.

(٢) أتى الطمس على بعض حروفها.

(٣) غير واضحة في الأصل.

(٤) المنصف ، ١ / ٢٨٠ وشرح المفصل ، ١٠ / ٦٤.

(٥) في المفصل ، ٣٧٦.

٢٥٨

فنقلت فتحة الواو إلى القاف ، وقلبت الواو ألفا كما قيل في معاذ بقيت مقالة ، وأما مفعل بالكسر فنحو : مسير ، أصله مسير على وزن مفعل فنقلت كسرة الياء إلى السين بقي مسير ، وأما مفعلة بالكسر فنحو : معيشة أصلها معيشة نقلوا كسرة الياء إلى العين بقيت معيشة (١) وأما مفعلة بالضمّ فنحو : مشورة أصلها مشورة فنقلت ضمّة الواو إلى الشين فسكنت الواو وانضمّ ما قبلها ، واستقرّت وبقيت مشورة مثل : مثوبة ومعونة (٢).

ذكر الأفعال المعتلّة التي لحقتها الزيادة (٣)

وهي تعتلّ كما أعلّت الأفعال التي لم تلحقها الزيادة لكن إذا لم يكن ما قبل حرف العلّة ألفا أو واوا أو ياء كما سنذكر ، فالتي أعلّت نحو : أقام واستقام واختار وانقاد ، فأقام أصله : أقوم فقلبت فيه الواو ألفا ، وإن لم ينفتح ما قبلها ، لأنّ هذه الواو هي التي أعلّت قبل الزيادة في قام فأجري حرف العلّة مع الزيادة مجراه قبل الزيادة فنقلت فتحة واو أقوم إلى القاف وقلبت ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها بقي : أقام ، وكذلك استقام أصله استقوم فقلبت واوه ألفا لما قلنا في أقام بعينه ، وكذلك اختار أصله : اختير على وزن افتعل ، وانقاد أصله : انقود على وزن انفعل تحركت الياء والواو فيهما وانفتح ما قبلهما فقلبتا ألفا بقي اختار وانقاد ، واعلم أنّ جميع ما أعلّ ولم تستكمل فيه علّة الإعلال ، فإنّما أعلّ اتباعا للفعل الذي قامت العلّة في إعلاله قال في المفصّل (٤) : لكونها منها ولضربها بعرق فيها. ومعناه أنّ علّة اعتلالها اعتلال الأفعال التي علّتها كاملة ، لأنّها جارية عليها أي ضرب فيها عرق الإعلال (٥).

ذكر الأفعال التي لا تعلّ لكون ما قبل حرف العلّة ألفا أو واوا أو ياء (٦)

أما الألف قبل الواو والياء فنحو : قاول وتقاولوا وزايل وتزايلوا ، فلم تعلّ الواو

__________________

(١) المقتضب ، ١ / ١٠١ والمنصف ، ١ / ٢٩٦.

(٢) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٧.

(٣) المفصل ، ٣٧٦.

(٤) المفصل ، ٣٧٦.

(٥) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٧.

(٦) المفصل ، ٣٧٦.

٢٥٩

والياء فيهما لأنّ نقل حركتهما إلى ما قبلهما غير ممكن لكون ما قبلهما ألفا وهي لا تقبل الحركة ، وأمّا الواو والياء قبل الواو فنحو : عوّذ وتعوّذ وزيّن وتزيّن بالإدغام فلم يقلب حرف العلّة المدغم فيه ، لأنّه لو نقلت حركته إلى ما قبله وقلب ألفا لبطل الإدغام وزال البناء عمّا وضع له (١).

القسم الثاني : في حذف الواو والياء عينين

وهما تحذفان على ثلاثة أضرب للالتقاء الساكنين ، أو للتخفيف ، أو لضرورة الإعلال.

ذكر الحذف لالتقاء السّاكنين (٢)

/ وهما هاهنا عين الفعل ولامه إذا كان عين الكلمة حرف علّة.

فمنه : أن تسكّن اللّام في الفعل المجرّد ، إمّا للأمر نحو : قل وبع أو للجزم نحو : لم يقل ولم يبع ، أو لاتصال ضمير الفاعل نحو : قلت وقلن ، فيلتقي ساكنان حرف العلّة المسكن واللّام المسكنة (٣) لأحد هذه الأمور الثلاثة أعني للأمر أو للجزم أو لاتصال ضمير الفاعل ، فيحذف حرف العلّة للالتقاء الساكنين.

واعلم أنّ ضمير الفاعل الي تسكّن له لام الفعل ، إنّما هو البارز المتحرك للمذكّر والمؤنّث للمتكلّم والمخاطب نحو : قلت وبعت وقلت وبعت ، والأصل : قولت وبيعت بضم الواو وكسر الياء فنقلت الحركة عنهما إلى ما قبلهما أعني إلى فاء الفعل بعد حذف حركتها فالتقى ساكنان حرف العلّة ولام الفعل فحذف حرف العلّة ، وأمّا ضمير المؤنث فإذا كان للمخاطب نحو : قلت وكذلك ضمير جماعة المؤنث أيضا في الماضي والأمر والمضارع نحو : قلن وبعن ، ويا هندات قلن وبعن ، وهنّ يقلن ويبعن والأصل في الماضي والأمر : قولن بضمّ الواو وبيعن بكسر الياء فنقلت حركتهما إلى ما قبلهما وحذفتا كما تقدّم في قلت وبعت بقي : قلن وبعن وأمّا في

__________________

(١) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٧.

(٢) المفصل ، ٣٧٦.

(٣) شرح المفصل ، ١٠ / ٦٨.

٢٦٠