كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤٦١
الجزء ١ الجزء ٢

فقمت للزّور مرتاعا وأرّقني

فقلت أهي سرت أم عادني حلم

فإذا ابتدىء بهما ردّتا إلى أصلهما كقولك مبتدئا : هو ، بضمّ الأول وهي ، بكسر الأول ، ولام الأمر أصلها الكسر نحو : ليقم زيد بالكسر لا غير ، فإذا اتصل بها الواو والفاء جاز إسكانها تخفيفا نحو : (وَلْيُوفُوا)(١) ونحو : (فَلْيَنْظُرْ)(٢) وكذلك يجوز إسكانها أيضا مع ثمّ كقوله تعالى : (ثُمَّ لْيَقْطَعْ)(٣) وكقوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا)(٤) بإسكان اللّام فيهما لأنه جعل الميم الثانية من ثمّ بمنزلة الفاء في قولك : فليقضوا ، وإنما أورد (٥) تسكين الهاء في هو وهي ولام الأمر في باب ما وضع أوله على السكون وإن لم يكن منه ، خوفا من أن يتوهّم متوهم أنه منه ، فبيّن أنّ سكون ذلك عارض لضرب من التخفيف فلا يعتدّ به وأنت بالخيار في تسكين ذلك وتحريكه.

الفصل السادس

في زيادة الحروف (٦)

ويشترك فيها الاسم الفعل (٧) ، والزيادة تكون لأحد سبعة أمور :

١ ـ أن تكون للدلالة على معنى كزيادة حروف المضارعة وحروف التثنية والجمع وما أشبهها (٨).

٢ ـ أن تكون للإلحاق حسبما تقدم في أبنية الأسماء والأفعال كزيادة الواو في جوهر إلحاقا بجعفر.

__________________

(١) من الآية ٢٩ من سورة الحج. ونصها (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).

(٢) من الآية ١٥ من سورة الحج.

(٣) من الآية ١٥ من سورة الحج. ونصها (ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ).

(٤) من الآية ٢٩ من سورة الحج.

(٥) الزمخشري في المفصل ، ٣٥٦ وانظر إيضاح المفصل ، ٢ / ٣٧٠.

(٦) المفصل ، ٣٥٧.

(٧) بعدها في الأصل مشطوب عليه «ومعنى كونها زوائد أن كل حرف وقع زائدا في كلمة فإنه منها لا أنها تقع أبدا زوائد» وهي من نص المفصل ، ٣٥٧ وبإزائها كتب بلغ مقابلة بين يدي مؤلفة أدام الله أيامه.

(٨) المنصف ، ١ / ١٥.

٢٠١

٣ ـ أن تكون لتليين اللفظ (١) وإزالة قلق اللّسان بسبب توالي الحركات ولا تكون الزيادة لهذا المعنى إلا من حروف المدّ كألف عماية وياء صحيفة وواو عجوز.

٤ ـ أن تكون للعوض عمّا حذف كتاء إقامة (٢).

٥ ـ أن تكون للتكثير كميم زرقم وستهم (٣).

٦ ـ أن تكون للإمكان كألف الوصل وهاء السكت في قه في الوقف لأنه لا يمكن أن يبتدأ (٤) بحرف ، ويوقف عليه.

٧ ـ أن تكون للبيان كزيادة هاء السكت أيضا في نحو : (مالِيَهْ)(٥) لبيان الحركة وفي نحو : يا زيداه لبيان الألف (٦).

وحروف الزيادة عشرة يجمعها قوله : اليوم تنساه ، ومعنى كونها حروف زيادة أنه إذا وقع في الكلمة حرف زائد لغير الإلحاق ولغير التضعيف فلا يكون إلّا منها ، وليس المراد أنها لا تقع إلا زائدة فإنها قد تقع أصولا نحو : هول ، ويعرف الزائد من الأصلي بواحدة من ثلاث وهي : الاشتقاق وعدم النظير وكثرة وقوع الحرف زائدا ، والمقدّم في ذلك الاشتقاق وهو اشتراك اللفظين في المعنى / الأصلي ، والحروف الأصول ، كضارب ومضروب من الضرب ، ولذلك حكم بزيادة النون في عنسل (٧) وهو الناقة السريعة لأنّه موافق في الحروف الأصول وفي المعنى الأصلي لعسل إذا أسرع ومنه عسلان الذئب (٨) ، والحرف الزائد هو الذي يسقط في تصاريف الكلمة

__________________

(١) سماها ابن جني ، الزيادة للمد ، المنصف ، ١ / ١٤.

(٢) هي عوض عن الألف المحذوفة.

(٣) وسماها بعضهم لتفخيم المعنى ، شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ١٩٤ ومناهج الكافية ، ٢ / ١٣٧.

(٤) في الأصل يبتدىء.

(٥) الآية ٢٨ من سورة الحاقة.

(٦) أدرجها ابن جني تحت زيادة المعنى ، المنصف ، ١ / ١٥.

(٧) قال في الشافية ، ٥٢٤ «فلذلك حكم بثلاثية عنسل» وفي الجاربردي ، ١ / ٢٠٠ «وقيل إنه من العنس وهي الناقة الصلبة ، فالنون أصلية واللام زائدة والأول أصح لقوة المعنى ولأن زيادة النون ثانية أكثر من زيادة اللام آخرا كما في عنصل» بتصرف.

(٨) إذا اضطرب في عدوه وهز رأسه ، القاموس المحيط ، عسل.

٢٠٢

تحقيقا وتقديرا (١) وقد تقدّم في قسمي الاسم والفعل عند ذكر الأبنية المزيد فيها نبذ من القول في زيادة هذه الحروف ، وأمّا المذكور هنا فهو ما يميّز به بين مواقع أصالتها ومواقع زيادتها (٢) وابتدأنا بذكر زيادة الهمزة ثمّ الألف ثمّ الياء ثم الواو ثم الميم ثم النون ثم التاء ثم الهاء ثم السين ثم اللام.

ذكر زيادة الهمزة (٣)

وهي إمّا أن تقع أولا أو غير أول ، أمّا التي تقع أولا ، فإن وقع بعدها ثلاثة أحرف أصول قضي بزيادتها (٤) كأرنب وأكرم إلّا أن يقوم دليل على أصالتها كإمّعة (٥) وإمّرة (٦) أو على جواز الأمرين كأولق (٧) أما زيادة الهمزة في أرنب فلكثرة زيادتها في هذا الموضع فيما عرف اشتقاقه ، وأما أكرم فللاشتقاق لأنّ كرم ليس فيه همزة وكذلك ما يأتي من هذا الباب مثل أحمد وأسود وما أشبههما لعدم الهمزة في حمد وسود ، وأمّا أصالتها في إمّعة فلما صرفنا عن زيادتها وهو أنّ إمّعة صفة للذي يكون تبعا لغيره لضعف رأيه ، فلو كانت الهمزة فيها زائدة لكان وزنها إفعلة لكن ليس في الصفات إفعلة فلذلك حكم بأصالتها فيكون وزنها فعّلة (٨) وأمّا جواز الأصالة والزيادة في همزة أولق وهو ضرب من الجنون ، فبعضهم ـ وهم الأكثر ـ يقولون : إنّ همزته أصلية والواو زائدة فيكون وزن أولق على هذا فوعل ، لأنّه من ألق فكما أنّ الهمزة في

__________________

(١) ترك أبو الفداء تعريف وتوضيح عدم النظير ، وكثرة وقوع الحرف زائدا في موضع ما ، مع أنه ذكرهما من الطرق الدالة على الزائد ، ومعنى عدم النظير أنك لو حكمت بأصالة الحرف أو زيادته ثم لزم بناء لم يوجد في كلامهم كنون قرنفل فإنك تحكم بزيادتها إذ ليس في الكلام فعلل مثل سفرجل بضم الجيم ، أما كثرة زيادة حرف ما في موضع ما ، فمثل الهمزة إذا وقعت أولا وبعدها ثلاثة أصول نحو : أحمر ، فهي زائدة ... انظر شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ١٩٩ وشرح الشافية ، لنقره كار ، ٢ / ١٣٩.

(٢) المفصل ، ٣٥٧ والنقل منه بتمامه.

(٣) المفصل ، ٣٥٧.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٢٣٥ والمنصف ، ١ / ١٠١ والممتع ، ١ / ٢٢٧.

(٥) الإمّعة والإمّع بكسر الهمزة وتشديد الميم الذي لا رأي له ولا عزم فهو يتابع كلّ أحد على رأيه ولا يثبت على شيء والهاء فيه للمبالغة. اللسان ، أمع.

(٦) يقال رجل إمّر وإمّرة أي أحمق ضعيف لا رأي له. فصل المقال ، للبكري ، ١٦١ واللسان ، أمر.

(٧) الأولق : الجنون ، القاموس ، ألق. وانظر الكتاب ، ٤ / ٣٠٨.

(٨) شرح المفصل ، ٩ / ١٤٥ والممتع ، ١ / ٢٤٣.

٢٠٣

ألق فاء الفعل ، فكذلك هي في أولق ، وبعضهم يقول : هو من ولق إذا أسرع فوزنه على هذا أفعل (١) ، لأنّ الواو أصلية فهي فاء الفعل والهمزة زائدة كما رأيت من أصالة الواو في الفعل الذي هو ولق (٢) ، وإن وقعت الهمزة أولا ووقع بعدها حرفان أصليان أو أربعة أصول قضي بأصالتها كإتب وإزار وإصطبل وإصطخر (٣) أمّا أصالة همزة إتب وهو ثوب بلا كمّ ولا جيب ، فلئلا ينقص الاسم عن مثال الأصول فيبقى على حرفين لو جعلنا همزته زائدة ، وإزار كذلك لأنّ الألف زائدة ، وأمّا أصالتها في إصطبل وإصطخرو ما أشبههما فلأنّ الأربعة مستثقلة والهمزة حرف ثقيل وما كانوا ليزيدوا الثقيل ثقلا ، فيحكم بأصالتها حتى يقوم دليل على الزيادة (٤) وأمّا الهمزة التي تقع غير أول فكذلك يقضى (٥) بأصالتها ، لأنّ الحشو لا يكاد يزاد فيه إلّا أن يأتي ما يصرف عن ذلك ويوجب زيادتها كهمزة شمأل ، ونئدل وهو الكابوس ، وجرائض وهو العظيم البطن ، وضهيأة وهي التي لا تحيض ، كأنها ضاهت الرجال ، أما زيادة همزة شمأل ، فلأنّه من شملت الريح (٦) ، وأمّا نئدل فلأنه من النّدل ، ولقولهم : نيدلان بغير همز ولو لا / سقوطها في النّدل وفي التثنية لقضي بأصالتها (٧) وأما جرائض فلقولهم : جرواض وجرياض بغير همز ، وأما ضهيأة فلقولهم فيها أيضا : ضهيأ بغير هاء فتكون الهمزة زائدة ووزنها فعلاء ، لأنك لو جعلت الهمزة لام الفعل لكان وزنها فعيل بالفتح وهو غير موجود في كلامهم (٨).

ذكر زيادة الألف (٩)

وهي إذا كانت في الأسماء والأفعال ومعها ثلاثة أصول فصاعدا قضي بزيادتها ، فألف غزا ورمى ليست زائدة ، لأنّها مع أقل من ثلاثة أصول ، ولا تزاد الألف أولا

__________________

(١) نسب هذا الرأي للزجاج ، الخصائص ، ١ / ٩.

(٢) الممتع ، ١ / ٢٣٥.

(٣) بلدة بفارس ، معجم البلدان ، ١ / ٢١١.

(٤) شرح المفصل ، ٩ / ١٤٥ والممتع ، ١ / ٢٣١.

(٥) غير واضحة في الأصل.

(٦) ولقولهم : غدير شمول تضربه ريح الشمال حتى يبرد ، وشرح الجاربردي ، ١ / ٢٠١.

(٧) الممتع ، ١ / ٢٢٧.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٢٤٨ ـ ٣٢٥ والمنصف ، ١ / ١١١ والممتع ، ١ / ٢٠٨.

(٩) المفصل ، ٣٥٨.

٢٠٤

لامتناع الابتداء بالسّاكن ، لكن تزاد ثانية كضارب وخاتم (١) ، وثالثة كحمار وكتاب. ورابعة كحبلى وجلباب وسرداح وهي الناقة الكثيرة اللحم ، وخامسة نحو : حلبلاب وهو نبات يتعلّق بالشجر (٢) ولا تزاد الألف في حشو الاسم للإلحاق لكن في آخره كألف معزى ، فإنّها للإلحاق بدرهم لا للتأنيث ، أمّا زيادتها فلقولهم : معز ومعز (٣) وأمّا كونها ليست للتأنيث فلتنوين معزى ، والمعزى أعجمي أجرته العرب مجرى رجل وفرس فدخله الإلحاق بزيادة الألف كما دخل في الأسماء العربيّة. وأمّا إذا وقعت الألف آخرا فهي على أحد ثلاثة أوجه : إمّا للإلحاق كما قلنا في ألف معزى ، وإمّا للتأنيث كألف حبلى ، وإمّا لغيرهما كألف قبعثرى وهو العظيم الخلق فإنّ ألفه كألف كتاب لا للتأنيث ولا للإلحاق ، أما كونها لغير التأنيث فلتنوين قبعثرى ، وأمّا كونها لغير الإلحاق فللزيادة على الغاية ، لأنّ غاية الأصول خمسة وليس لهم أصل سداسيّ ليلحق به (٤).

ذكر زيادة الياء (٥)

وهي إن كانت مع ثلاثة أصول فهي زائدة أينما وقعت سواء كانت أولى (٦) كيلمع وهو السّراب ، ويهير وهو الحجر الصلب ، ويضرب ، أو ثانية (٧) كبيطر أو ثالثة (٨) كعثير وهو الغبار ، أو رابعة (٩) كزبنية (١٠) ، أمّا زيادتها في يلمع فلقولهم : لمع وأمّا في يهيرّ والزائدة (١١) هي الأولى ، فلأننا لو جعلنا الثانية هي الزائدة لزم

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٢٤٩.

(٢) وهو اللبلاب ، القاموس المحيط ، حلب.

(٣) قال ابن جماعة ، ١ / ٢٠٤ : وهما لغتان جاء بهما التنزيل ، وبالإسكان قرأ الأكثر ، وانظر الكتاب ، ٤ / ٣٠٨.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٣٠٣ والمنصف ، ١ / ٥١ والممتع ، ١ / ٢٠٦.

(٥) المفصل ، ٣٥٨.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦ ـ ٣١٣.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٢٦٧.

(٩) الكتاب ، ٤ / ٢٦٨.

(١٠) الزبنية كهبرية متمرد الجنّ والإنس والشديد ، جمعها زبانية أو واحدها زبني ، القاموس ، زبن.

(١١) في الأصل والزائد.

٢٠٥

وجود فعيل وهو غير موجود في كلامهم فوزنه يفعل (١) ، وأمّا بيطر فلأنّه من بطر إذا شقّ وأمّا في عثير وزبنية وهو واحد الزبانية ، فلأنها لا تكون في مثلها فيما عرف اشتقاقه إلا زائدة فوجب القضاء بزيادتها فيما لم يعرف اشتقاقه حملا على ما عرف اشتقاقه إلى أن يقوم دليل على خلافه كالياء في يأجج وهو واد بقرب مكّة (٢) ، وفي مريم ومدين ، وفي صيصية وهي شوكة يسوّي بها الحائك السّداة (٣) واللّحمة ، وفي قوقيت ، أمّا الدليل على أصالتها في يأجج فزيادة الجيم الأخيرة ، لأنّها زائدة للإلحاق بجعفر ولأجل الإلحاق لم تدغم فيها الجيم الأولى وإذا كانت الجيم زائدة لزم أصالة الياء لئلا تنقص الكلمة عن مثال الأصول فوزن يأجج فعلل لا يفعل (٤) / وأمّا الياء في مريم ومدين فلعدم فعيل بفتح الفاء فوزنهما فعلل ، وكان القياس أن يقال : مريم ومدين بكسر أولهما ، ليصيرا على وزن عثير ، وأما أصالتهما في صيصية فلأنّهم لو جعلوا الياءين زائدتين نقصت الكلمة عن مثال الأصول ، ولا وجه للقضاء بزيادة إحداهما دون الأخرى ، فلما امتنع أن تكونا زائدتين لزم أصالتهما (٥) وأمّا قوقيت فياؤه مبدلة من واو كان الأصل قوقوت ، فقلبوا الواو الثانية ياء لوقوعها رابعة كما قلبت في ادعيت والكلام في أصالتها كالكلام في صيصية (٦). وأمّا إذا كانت الياء مع أربعة أصول ، فإن كانت الياء أولا كيستعور وهو اسم مكان بالحجاز (٧) فهي أصل لأنّ بنات الأربعة إذا لم تكن جارية على الفعل فلا تلحقها الزوائد من أولها ، لأن بنات الأربعة أقل تصرفا من بنات الثلاثة ، وقد ضعفت الزيادة في أوائل بنات الثلاثة ولم تتمكن كتمكنها في الوسط والآخر ، لأنّه قد يجتمع فيهما زيادتان ولم يقع ذلك في أوائلها ، وإذا كان كذلك لم تجز في أوائل بنات الأربعة ، بخلاف الجارية على الفعل فتلحقها خاصة الزيادة من أوائلها نحو : منطلق ومدحرج ، وأمّا إذا لم تكن الياء

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٣١٣.

(٢) معجم البلدان ، ٥ / ٤٢٤.

(٣) في الأصل السّدا.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٣١٣.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٣٠٣ والمنصف ، ١ / ١٤٥ ، وشرح الشافية ، ٢ / ٣٧٥.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٣١٤ وشرح المفصل ، ٩ / ١٤٩ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٢٣.

(٧) في معجم البلدان ، ٥ / ٤٣٦ موضع قبل حرة المدينة فيه عضاه وسمر وطلح.

٢٠٦

أولا على الوجه المذكور فهي زائدة كما في سلحفية لجمعها على سلاحف ، لأنّ الزيادة في غير الأوائل لا تمتنع في بنات الأربعة (١).

ذكر زيادة الواو (٢)

وهي لا تزاد أولا لكن في غير الأوائل ، فمثالها زائدة ثانية (٣) عوسج لأنّه من عسج إذا مدّ عنقه (٤) ، وثالثة (٥) قسور لأنّه من القسر (٦) ، ورابعة (٧) عنفوان وهو أول الشباب لأنّه من العنف ضد الرفق ، وخامسة (٨) قلنسوة لأنّها من قلنس ، فالواو في مثل هذا كله زائدة ، إلّا أن يعترض ما يقضي بأصالتها نحو واو عزويت وهو اسم موضع (٩) لأنّه لو قضي بزيادتها لكان وزنه فعويل فيدخل في الكلام ما ليس منه ، لأنّه ليس في كلامهم فعويل ، وإذا انتفى فعويل كان وزنه فعليت مثل عفريت ، فتكون الياء والتاء زائدتين ، والواو لام الكلمة ، وأمّا في أوائل الكلم فلا تقع الواو زائدة لأنّهم قد يبدلون الواو الأصلية إذا وقعت أولا استثقالا لها كما أبدلت تاء في تراث وهمزة في أقتّتت فلئلا (١٠) تزاد أولا بطريق الأولى ، وأمّا واو ورنتل وهو الداهية ، فأصلية وليست زائدة وإنما الزائد النون للإلحاق بسفرجل كزيادتها في جحنفل وهو الجيش العظيم ووزنه فعنلل ، فإن قيل : إنّ الواو (١١) لا تكون أصلا في بنات الأربعة إلّا مع التضعيف ولا تضعيف في ورنتل فليست الواو فيه أصلا ، فالجواب : أنّ جعل الواو أصلا في ورنتل أقرب وأولى من جعلها زائدة ، لأنّها ثبتت أصلا في بنات الأربعة مع

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦ ـ ٢٩٣ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٢٥.

(٢) المفصل ، ٣٥٨

(٣) الكتاب ، ٤ / ٢٧٤ والمقتضب ، ١ / ٥٧.

(٤) في المشي ، اللسان ، عسج.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٢٧٤ وشرح المفصل ، ٩ / ١٥٠.

(٦) وهو القهر على كره ، اللسان ، قسر.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٢٧٥ ـ ٣١٥ والمقتضب ، ١ / ٥٧.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٢٩٢ والمقتضب ، ١ / ٥٧.

(٩) معجم البلدان ٤ / ١١٩.

(١٠) غير واضحة في الأصل.

(١١) في الأصل الواو والياء ، وانظر السؤال والجواب في شرح المفصل ، ٩ / ١٥٠.

٢٠٧

التضعيف ولم تكن قط زائدة في بنات / الأربعة لا مع التضعيف ولا مع غيره.

ذكر زيادة الميم (١)

وهي إمّا أن تقع أولا أو غير أول ، أمّا التي تقع أولا فإن وقع بعدها ثلاثة أحرف أصول ، فحكمها حكم الهمزة في القضاء بزيادتها ، وهي إنما تزاد أولا في الأسماء فتزاد في مفعول من الفعل الثلاثي كمضروب ، وفي اسم الزمان والمكان كمقتل ، وفي اسم الفاعل من بنات الأربعة وما وافقه كمكرم ومدحرج ، وفي مفعال للمبالغة كمقياس ومفتاح (٢). وزيادة الميم أولا أكثر من زيادة الهمزة أولا ، والذي يدلّ على زيادتها في جميع ما ذكرناه الاشتقاق ألا ترى أنّ مضروبا ومقتلا ومحبسا من الضرب والقتل والحبس ومدحرج من دحرج ومكرم من أكرم ومقياس من قاس ، ومفتاح من فتح ، فإن أبهم ما يأتي فيه الميم أولا حمل على ما علم إلى أنّ يقوم دليل على أصالتها كميم معدّ ، ومعزى ، ومأجج اسم مكان (٣) ومهدد اسم امرأة ومنجنون وهو الدولاب (٤) ، ومنجنيق ، فإنّ الميم في جميع ذلك أصلية أمّا معدّ فلقولهم : تمعددوا ، أي كونوا على ما كان عليه معدّ من خلقه وطريقته ، فميم معد هي ميم تمعددوا ، وهي في تمعددوا أصل لأنّ الميم لا تزاد في الأفعال فهي في معدّ أصل ، ووزنه فعل بتشديد اللّام (٥) وأمّا معزى فلقيام الدليل على زيادة الألف للإلحاق بدرهم فلو لم تكن الميم أصلا لنقص الاسم عن مثال الأصول (٦) وأمّا مهدد ومأجج فإنما كانت الميم أصلية فيهما ، لأنّهما من مهد يمهد ، ومؤج يمؤج الماء إذا صار أجاجا ، وحملهما على ذلك أولى من جعل الميم زائدة حملا على هدد وأجج ، لأنّ عدم تغيير العلم أولى من المصير إلى تغييره ، فوزن مأجج ومهدد فعلل واللّام الثانية زائدة للإلحاق بجعفر ، ولذلك لم تدغم لأنّه لو أدغم لفات الغرض الذي له زيدت اللام ،

__________________

(١) المفصل ، ٣٥٨.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢٣٧ ـ ٢٧٢ والمقتضب ، ١ / ٥٨ والمنصف ، ١ / ١٢٩ وشرح المفصل ، ٩ / ١٥١.

(٣) معجم البلدان ، ٥ / ٣٢.

(٤) وهي الدولاب التي يستقي عليها ، اللسان ، منجنون ، وانظر الكتاب ، ٤ / ٣٠٩.

(٥) المنصف ، ١ / ١٢٩.

(٦) شرح المفصل ، ٩ / ١٥١ ـ ١٥٢.

٢٠٨

وهو الإلحاق (١) ولو قلنا بزيادة الميم واللام معا لنقص الاسم عن مثال الأصول ، فلزم أن تكون الميم أصلا ، وأمّا منجنون فميمه أصلية وقد تكررت فيه النون عينا ولاما للإلحاق بعضر فوط فوزنه فعللول إذ ليس في العربية منفعول ، ومن الدليل على أصالة النون أيضا جمعه على مناجين ، وإذا ثبتت أصالة النون فيه ثبتت أصالة الميم ، وإلّا لكان وزنه مفعلول ، وهو معدوم في كلامهم (٢) وأيضا فاجتماع زيادتين في أول الكلمة لا يكون إلّا فيما كان جاريا على الفعل نحو : منطلق ومستخرج (٣) وأمّا منجنيق ففي أصالة الميم خلاف ومذهب الأكثر (٤) أنّها أصل ، والنون زائدة لقولهم : مجانيق فسقوطها في الجمع دليل على زيادتها وإذا ثبتت زيادة النون ، قضي بأصالة الميم ، لأنّه لا يجتمع زيادتان في أوّل الاسم ، إلّا أن يكون جاريا على فعله في نحو : منطلق ومستخرج ، وإذا كانت الميم أصلا فيه / كان وزنه فنعليل ، وأمّا إذا وقعت أولا خامسة فهي أصل كمرزنجوش (٥) لما سبق من أنّ زيادة الهمزة مستثقلة في ذوات الأربعة لطولها فلم يكونوا ليزيدوا الثقيل ثقلا ، وإذا كانت لا تزاد أولا في ذوات الأربعة فذوات الخمسة بذلك أولى ، فيحكم بأصالتها ما لم يقم دليل على الزيادة. وأمّا الميم التي تقع غير أول (٦) فهي أصل لأنّه ليس بموضع زيادتها إلّا أن يدلّ دليل على الزيادة كميم دلامص (٧) وقمارص وهرماس وزرقم ، أمّا دلامص وهو البرّاق فلقولهم : دلاص (٨) وأمّا قمارص وهو الحامض ، فلقولهم : لبن قارص لكونه يقرص اللسان (٩) وأمّا

__________________

(١) الممتع ، ١ / ٢٤٩.

(٢) الإيضاح ، ٢ / ٣٨٤ والممتع ، ١ / ٢٥٦.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٢٩٢ والمنصف ، ١ / ١٤٥.

(٤) كسيبويه والمازني وابن جني ، الكتاب ، ٤ / ٢٩٣ والمنصف ، ١ / ١٤٦ وشرح المفصل ، ٩ / ١٥٣.

والممتع ، ١ / ١٥٣.

(٥) المزرجوش : نبت وزنه فعللول بوزن عصرفوط ، والمرزنجوش لغة فيه ، اللسان ، مزرجش ، وقال ابن جماعة ، ١ / ٢٢١ هو المردقوش وكلاهما معرب.

(٦) بعدها مشطوب عليه (أي تقع حشوا).

(٧) في الأصل دلامص بفتح الدال ، وهي بضمها في الكتاب ، ٤ / ٣٢٥ ـ ٣٧٤ والمقتضب ، ١ / ٥٩ واللسان دلص.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٢٧٤ ـ ٣٢٥ والمقتضب ، ١ / ٥٩ والمنصف ، ١ / ١٥١.

(٩) من شدة حموضته ، اللسان ، قرص.

٢٠٩

هرماس وهو الأسد فلأنّه من الهرس ، وأمّا زرقم ونحوه ستهم فلأنه بمعنى الأزرق والأسته ، فقد دلّ على زيادة الميم حشوا في ذلك كلّه ، الاشتقاق ، لسقوط الميم فيما ذكر من دلاص وقارص ، والهرس والأزرق والأسته (١) ، والميم من زيادات الأسماء ، ولا حظّ للفعل فيها ، ولذلك قضي بأصالة ميم معدّ ، لكونها أصلا في تمعددوا ، وأما قولهم : تمسكن وتمدرع وتمندل فشاذ (٢).

ذكر زيادة النون (٣)

ولها في ذلك موضعان : أحدهما : موضع تكثر زيادتها فيه فمتى وجدت في ذلك الموضع قضي بزيادتها فيه إلّا أن يقوم دليل على أصالتها ، وثانيهما : موضع يقلّ زيادتها فيه ، فمتى وجدت في ذلك الموضع قضي بأصالتها إلّا أن يقوم دليل على زيادتها.

أمّا الموضع الذي تكثر زيادتها فيه فله عدّة صور :

منها : أن تقع النون أخيرا بعد ألف زائدة قبلها ثلاث أحرف أصول (٤) فإذا وقعت كذلك فاحكم بزيادتها إلّا أن يقوم دليل على أصالتها كما سيأتي ، فإذا وقعت النون على هذه الصفة فالأصل أن تلحق الصفات مما مؤنثه فعلى نحو : سكران لأنّ الصفات بالزيادة أولى ، لشبهها بالأفعال ، وأمّا الأعلام من نحو : مروان وقحطان وعثمان ، فمحمولة على الصفات في ذلك ، وأمّا نحو : عنان وسنان ، فنونهما أصل لعدم تقدّم ثلاثة أصول على الألف (٥) وأمّا دهقان (٦) وشيطان ، فإنه وإن كان قبل الألف ثلاثة أصول ولكنّ النون فيهما أصل لقيام الدليل على أصالتها ، لأنّ دهقان من تدهقن ، وشيطان من تشيطن ، وكذلك حسّان وحمار قبّان (٧) وفينان وهو الرجل

__________________

(١) الإيضاح ، ٢ / ٣٨٣ والممتع ، ١ / ٢٤٢.

(٢) الشافية ، ٥٢٤ ، وفي الممتع ، ١ / ٢٥١ والأحسن تسكّن وتدرّع ، وفي شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٠٢ هو من قبيل الغلط على توهم الميم أصلا.

(٣) المفصل ، ٣٥٨ ـ ٣٥٩.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦.

(٥) شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٢٧ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢٦٥.

(٦) الدهقان : بالكسر والضم ، القوي على التصرف مع حدة ، القاموس ، دهق.

(٧) دويبة ، اللسان ، قبن.

٢١٠

الكثير الشعر فيمن صرفها (١) ، لأنّها من حسن وقبن وفنن إذا أبعد في الأرض (٢) فنون جميع ذلك غير زائدة ، ولذلك صرفت ، ومنهم من جعل النون في حسّان وحمار قبّان زائدة ومنعهما الصرف حملا على الأكثر وهو القياس ، فيكون حسّان من الحسن وحمار قبّان من القب (٣) ، والقاعدة في ذلك أنّ ما آخره ألف ونون بعد ثلاثة أصول إن كان مشتقا مما ليس فيه نون ، فنونه زائدة وهو غير منصرف كسكران لأنه من السكر فنونه زائدة وهو غير منصرف ، وإن كان مشتقا مما فيه النون فنونه غير زائدة ، وهو منصرف كندمان ، لأنّه من الندامة فنونه غير زائدة وهو منصرف ، وأمّا دهقان وشيطان فإن كانا / من تدهقن وتشيطن فنوناهما غير زائدتين وهما منصرفان وإن كانا من دهق وشيط كانت النون فيهما زائدة وهما غير منصرفين لزيادتها.

ومنها : زيادتها في أول الفعل المضارع ، والفعل المطاوع نحو : نفعل وانفعل.

ومنها : زيادتها في آخر الجمع نحو : غربان ، وفي المصدر نحو : غليان.

ومنها : زيادتها سادسة في نحو : زعفران وسابعة في نحو : عبيثران لأنها لو جعلت أصلية فيهما لخرجا عن وزن أبنية الأصول.

ومنها : أن تزاد ثالثة ساكنة نحو : جحنفل (٤) ، وشرنبث وهو الغليظ الكفين وعصنصر وهو اسم جبل (٥) وغضنفر (٦) وعرندد (٧) فالنون زائدة في ذلك كلّه ، لأنّ الألف والواو والياء تكثر زيادتها إذا وقعت هذا الموقع في بنات الأربعة كالألف. في نحو : مساجد ، والواو في نحو : فدوكس وهو الأسد ، والياء في نحو : دريهم ،

__________________

(١) ووزنهما فعّال ، وقبان حينئذ من قبن ، وفينان من فنن ، كما ذكر أبو الفداء ، وفي إيضاح المفصل ، ٢ / ٣٨٤ أن معناه ذو فنون فثبت أن الياء زائدة ، والنون أصلية.

(٢) هذا المعنى لقبن ، وفينان قد تقدم ذكره.

(٣) ووزنهما فعلان ، فوجدت العلمية والزيادة ، الإيضاح ، ٢ / ٣٨٥ ، يقال : قبّ القوم قبا صخبوا في خصومة ، وقبّ الأسد والفحل ، إذا سمعت قعقعة أنيابه ، والقبّ رئيس القوم وسيدهم ، والقبّ ضرب من اللجم أصعبها وأنظمها اللسان ، والقاموس : قبب.

(٤) الجحنفل : الغليظ الشفتين ، اللسان ، جحفل.

(٥) وقيل : هو ماء لبعض العرب ، معجم البلدان ، ٤ / ١٢٨.

(٦) الأسد : وقيل هو الغليظ ، اللسان ، غضنفر.

(٧) العرندد والعرند بالضم : الصلب الشديد ، القاموس ، عرد.

٢١١

فكذلك النون إذا وقعت هذا الموقع لأنّها من حروف الزيادة ، وقد وقعت في موقع كثر فيه زيادة الحروف المذكورة فوزن ما ذكر من جحنفل إلى غضنفر فعنلل (١) وأمّا الموضع الذي تقلّ زيادة النون فيه ، فهو أن تقع غير ثالثة سواء كانت أولى كنهشل وهو الذئب وهو فعلل مثل جعفر فلذلك لم يمكن الحكم بزيادة نونه ، أو كانت ثانية كحنزقر وهو القصير ، وإنّما كانت نونه أصليّة لأنها في مقابلة الأصول إذ هي بإزاء الرّاء من قرطعب (٢) قال سيبويه (٣) : إذا كانت النون ساكنة ثانية لا تجعل زائدة إلّا بدليل ، وأمّا إذا قام دليل على الزيادة فهو مقدّم فيحكم بزيادتها حينئذ كما في نرجس وعنبس وهو الأسد ، وعنسل (٤) وعفرنى وهو من أسماء الأسد ، وبلهنية ، وخنفقيق (٥) أمّا نرجس فلعدم النظير لو قلنا بأصالة نونه ، لأنّه ليس في الكلام مثل جعفر بكسر ما قبل آخره فوزنه نفعل ، وأمّا عنبس وعنسل فمن العبس والعسل وهو الإسراع ، وعسلان الذئب شدّة عدوه (٦) ، وأمّا عفرنى فالنون والألف فيه للإلحاق وهو من قولهم : جاء في عفرّة الحرّ بضم العين والفاء أي في شدّة الحرّ (٧) وأمّا بلهنيّة وخنفقيق فالنون زائدة فيهما لقولهم : عيش أبله (٨) وخفق الريح يخفق أي أسرع (٩).

ذكر زيادة التاء (١٠)

وهي تزاد في الأوائل وفي الأواخر ، فهي تزاد حيث لا تزاد الواو ، وقد اطّردت

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٣٢٢.

(٢) يقال : ما عليه قرطعبة ، أي قطعة خرقة ، وما له قرطعبة (بضم القاف) أي ما له شيء ، اللسان ، قرطعب.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

(٤) بعدها مشطوب عليه «وهي الناقة السريعة» وقد شرحها بعد.

(٥) الخنفقيق : السريعة جدا من النوق والظلمان ، القاموس ، خفق.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٣٢٠.

(٧) في اللسان ، عفر يقال جاءنا فلان في عفرّة الحرّ بضم العين والفاء ، لغة في أفرة الحر ، وعفرة الحر أي شدته» وانظر الكتاب ، ٤ / ٣٢٠.

(٨) أي واسع قليل الغموم ، اللسان ، بله ، وانظر الكتاب ، ٤ / ٣٢٠.

(٩) في الكتاب ، ٤ / ٣٢٠ : ومما جعلته زائدا بثبت ... ونون خنفقيق لأن الخنفقيق الخفيفة من النساء الجريئة ، وإنما جعلتها من خفق يخفق كما تخفق الريح ، يقال : داهية خنفقيق ، فإما أن تكون من خفق إليهم أي أسرع إليهم وإما أن تكون من الخفق أي يعلوهم ويهلكهم.

(١٠) المفصل ، ٣٥٩.

٢١٢

زيادة التاء في التفعيل (١) كالتقطيع ، لأنّه من قطّع فكانت التاء في التقطيع عوضا من تشديد الطاء ، وفي التّفعال كالتسال والتكرار ، وفي التّفعّل كالتكلم وفي التفاعل كالتخاصم وفي فعليهما نحو : تكلّم وتخاصم ، وزيدت ثانية في نحو : الاقتطاع وفي فعله نحو : اقتطع وافتقر ، وزيدت في أوائل الفعل المضارع نحو : تقوم وزيدت / في الآخر للتأنيث (٢) نحو : قامت ومسلمة صالحة ، وزيدت في جمع المؤنث السّالم (٣) نحو : مسلمات ، وفي رغبوت (٤) وهو عظيم الرغبة ، وفي جبروت وعنكبوت لورود العنكب بمعناه (٥) ثمّ التاء فيما سوى هذه المواضع أصل إلا في نحو : ترتب (٦) وهو الأمر الراتب الثابت ، والتاء الأولى فيه زائدة ، لأنّه ليس في الكلام فعلل بضمّ اللّام الأولى ، فهو تفعل (٧) ، وإلّا في نحو : تولج وهو كناس الوحش ، والتاء فيه بدل من الواو لأنّه من الولوج فوزن تولج تفعل ، وقيل : إنّ تفعل قليل ، وفوعل كثير فهو فوعل ، فتكون التاء أصلا على هذا القول الآخر (٨) وإلّا في سنبتة وهي قطعة من الدّهر ، وتاؤها زائدة لقولهم : مضى سنب من الدّهر ، وسنبتة فسقوط التاء دليل على زيادتها (٩).

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٣١٧ ـ ٣١٨ وشرح الشافية ، ٢ / ٣٧٨.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦ والمقتضب ، ١ / ٦٠.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦ والمقتضب ، ١ / ٦٠.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٢٣٧ ـ ٢٧٢ والمقتضب ، ١ / ٦٠.

(٥) الكتاب ، ٤ / ٣١٦ والممتع ، ١ / ٢٧٧ واللسان ، عنكب.

(٦) كذا في الأصل بفتح التاء الأولى وضم الثانية ، وهي في الكتاب ، ٤ / ٣١٥ ترتب بضم الأولى وفتح الثانية وحكى في اللسان ، الترتب بضم التاءين ، والترتب بضم الأولى وفتح الثانية ، وفي حاشية ابن جماعة ، ١ / ٢١٩ ما نصه : «في كل منهم» أي في تتفل وترتب ثلاث لغات حكاها الموصلي وغيره ، فتح الأولى وضم الثالث والعكس وضمهما» ولعل مما يؤكد أن أبا الفداء يريدها على نحو ما ضبطت أن فعلل في قوله بعد ذلك : وليس في الكلام فعلل قد ضبط بفتح الفاء وضم اللام الأولى ومثله تفعل ، أما الضبط الوارد في الكتاب ، ٤ / ٣١٥ فهو محمول على ترتب بفتح التاء الأولى قال الجاربردي ، ١ / ٢١٨ وترتب بضم الأول فإنه يحكم بزيادتها وإن كان فعلل موجودا في كلامهم كبرثن ، لما ثبت زيادتها في تنفل وترتب بفتح الأول فيهما ، لأن اللفظ والمعنى متفقان فكيف يكون في أحدهما أصلا وفي الآخر زائدا».

(٧) قال عنها الخليل : إنها فوعل لأنك لا تجد في الكلام تفعلا اسما ، وفوعل كثير ، الكتاب ، ٤ / ٣٣٣.

وما ذهب إليه الزمخشري من كونها على وزن تفعل ، هو رأي البغداديين ، شرح المفصل ، ٩ / ١٥٨.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٣٣٣ والمنصف ، ١ / ٢٢٦.

(٩) الكتاب ، ٤ / ٣١٦ والممتع ، ١ / ٢٧٦.

٢١٣

ذكر زيادة الهاء (١)

وهي قد زيدت آخرا زيادة مطردة للوقف وذلك لبيان الحركة أو حروف المدّ (٢) أمّا زيادتها لبيان الحركة فإنّما تلحق بالحركة الغير الإعرابيّة وغير المشبهة بها نحو (حِسابِيَهْ)(٣) وثمّة ، ولا تدخل على حركة بناء تشبه الإعراب فلا تدخل على الفعل الماضي نحو : قامه وضربه ولا على المنادى نحو : يا زيده لأنّهما يشبهان المعرب ، وإذا لم تدخل على ما يشبه المعرب فلئلا تدخل على المعرب بطريق الأولى ، وأمّا زيادتها لبيان حروف المدّ التي هي : الألف والواو والياء فنحو وا زيداه. وا غلامهوه (٤) ونحو : (حِسابِيَهْ)(٥) وزيدت الهاء أيضا زيادة غير مطردة مما سمع ولا يقاس عليه في جمع أمّ كقولك : أمّهات ، وقالوا : أمّات بغير هاء لكنّ أمّهات بالهاء يكثر في الأناسي ، وأمّات بغير هاء يكثر في البهائم (٦) وقد جمع اللغتين من قال (٧) :

إذا الأمّهات قبحن الوجوه

فرجت الظّلام بأمّاتكا

وزيدت الهاء أيضا في الواحد ، فقالوا : أمّهتي قال الشاعر : (٨)

أمّهتي خندف والياس أبي

__________________

(١) المفصل ، ٣٥٩.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢٣٦ وشرح المفصل ، ١ / ٢.

(٣) من الآية ٢٠ من سورة الحاقة.

(٤) الكتاب ٤ / ٢٣٦ وشرح المفصل ، ١٠ / ٢.

(٥) من الاية ٢٠ من سورة الحاقة.

(٦) المقتضب ، ٣ / ١٦٩ وشرح الشافية للجاربردي ١ / ٢٣٠ وشرح الشافية ، ٢ / ٣٨٣ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢٦٩.

(٧) البيت لمروان بن الحكم ورد منسوبا له في شرح شواهد الشافية ، للبغدادي ، ٤ / ٣٠٨ وورد من غير نسبة في شرح المفصل ، ١٠ / ٣ ـ ٤ وشرح الشافية ، ٢ / ٣٨٣ وحاشية ابن جماعة ١ / ٢٣٠ ولسان العرب ، مادة أمم وشرح التصريح ، ٢ / ٣٦٢ وهمع الهوامع ، ١ / ٢٣.

(٨) الرجز لقصي بن كلاب وقبله :

معتزم الصّولة عالي النّسب

ورد الرجز منسوبا له في شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٣٠ وحاشية ابن جماعة ، ١ / ٢٣٠ ولسان العرب ، أمم ، وسلل ، ومناهج الكافية ، ٢ / ١٥٨ وشرح شواهد الشافية ، ٤ / ٣٠١ ـ ٣٠٧ وورد من غير نسبة في المحتسب ، ٢ / ٢٢٤ وشرح المفصل ، ١٠ / ٣ ـ ٤ والهمع ، ١ / ٤٣. خندف : امرأة إلياس بن مضر ، والخندفة في اللغة : سرعة في مشي.

٢١٤

ووزن أمّ فعل فالهمزة فاء ، والميم الأولى عين ، والميم الثانية لام (١) وزيدت أيضا في أهراق إهراقة وذلك أنّه ورد هراق وأهراق فمن قال : هراق ، فالهاء بدل من همزة أراق كما قالوا : هردت أن أفعل في أردت (٢) ومن قال : أهراق فالهاء عنده زائدة كالعوض من حركة العين (٣) لأنّ من قال أهراق سكّن الهاء وجمع بينها وبين الهمزة ، فالهاء حينئذ عنده عوض لا من حرف بل من فتحة عين الكلمة لأنّ الأصل أروق أو أريق ، فنقلت الفتحة إلى الراء التي قبلها فانقلبت الواو ألفا ثم جعلت الهاء في أهراق عوضا عن نقل فتحة عين الفعل عن العين إلى الفاء ، وأصل يريق يؤريق فأبدلوا من الهمزة هاء بقي يهريق ، وزيدت أيضا في هركولة وهي الجسيمة (٤) ووزنها هفعولة ، لأنّها من الرّكل وهو الرفس ، وزيدت أيضا في هجرع وهو الطويل ووزنه هفعل ، لأنّه من الجرع وهو المكان السّهل (٥) وزيدت أيضا في هلقامة عند الأخفش وهو من أسماء الأسد ، لأنّه من اللّقم ، ويجوز أن تكون مزيدة في سلهب / لقولهم سلب ومعناهما الطويل (٦).

ذكر زيادة السين (٧)

وزيادتها قليلة ولكن اطردت زيادتها في استفعل (٨) وما تصرّف منه نحو : استخرج يستخرج استخراجا وهو مستخرج ، والغالب عليه الطلب في قولك : استفهم

__________________

(١) شرح المفصل ، ١٠ / ٣ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٣٠ ـ ٢٣١.

(٢) في الكتاب ، ٤ / ٢٣٨ : وقد أبدلت ـ أي الهاء ـ من الهمزة في : هرقت وهمرت وهرحت الفرس : تريد أرحت.

(٣) قال سيبويه ، ٤ / ٢٨٥ : وأما الذين قالوا : أهرقت فإنما جعلوها عوضا من حذفهم العين وإسكانهم إياها ..

وجعلوا الهاء العوض لأن الهاء تزاد».

(٤) شرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٣١ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢٧٠ ولسان العرب ، هركل وركل.

(٥) في الكتاب ، ٤ / ٢٨٩ على وزن «فعلل» وذهب الأخفش إلى زيادة الهاء وهو ما ذكره أبو الفداء ، قال ابن منظور ، هجرع : وقيل إن الهاء زائدة وليس بشيء» وفي شرح الشافية لنقره كار ٢ / ١٥٩ وقال أبو الحسن : هجرع للطويل من الجرع للمكان السهل ، فحكم بزيادة الهاء ، وفيه بعد لعدم المناسبة بين الطويل والمكان السهل فلا يصير لذلك دليلا على زيادتها.

(٦) وهو الطويل عامة وقيل : من الرجال ، وقيل : من الخيل ، اللسان والقاموس ، سلب.

(٧) المفصل ، ٣٦٠.

(٨) الكتاب ، ٤ / ٢٣٧ والمقتضب ، ١ / ٦٠.

٢١٥

واستعلم ، إذا طلب الفهم والعلم (١) وزيدت غير مطردة في نحو : أسطاع يستطيع والمراد أطاع يطيع فزيدت السين عوضا من سكون عين الفعل ، لأنّ أصل أطاع أطوع فنقلت فتحة الواو إلى الطاء ، وانقلبت الواو ألفا لتحركها في الأصل وانفتاح ما قبلها وعوّض السين عن نقل حركة عين الفعل عن العين إلى الفاء كما تقدّم في أهراق (٢) ، وزيدت السين أيضا مع كاف الضمير في خطاب المؤنّث وهي لغة بعض العرب (٣) فيتبعون كاف خطاب المؤنّث سينا في الوقف تبيينا لكسرة الكاف ويقولون : مررت بكس وأخذت منكس ورأيتكس.

ذكر زيادة اللّام (٤)

وهي أبعد حروف الزيادة شبها بحروف المدّ واللين ولذلك قلّت زيادتها ولكن زيدت في أسماء الإشارة (٥) كقولك : ذلك وهنالك وألا لك ، لأنّ الأصل ذاك وهناك وألاك ، قال (٦) :

 ...

وهل يعظ الضّلّيل إلّا ألالكا

وكسرت هذه اللّام لئلا تلتبس بلام الملك في قولك : ذالك (٧) وزيدت أيضا في

__________________

(١) شرح المفصل ، ١٠ / ٥ ـ ٦ والمصنف ينقل منه.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢٨٥.

(٣) قال عنها سيبويه ، ٤ / ١٩٩ : واعلم أن ناسا من العرب» وفي الجاربردي وابن جماعة ، ١ / ٢٢٨ هم بنو بكر بن وائل بن قاسط.

(٤) المفصل ، ٣٦٠.

(٥) المقتضب ، ١ / ٦٠ والمنصف ، ١ / ١٦٥ وشرح المفصل ، ١٠ / ٦ ـ ٧.

(٦) هذا عجز بيت وصدره :

أولئك قومي لم يكونوا أشابة

وقد اختلف حول قائله فقد رواه أبو زيد في النوادر ١٥٤ منسوبا لأخي الكلحبة وصدره :

ألم تك قد جرّبت ما الفقر والغنى

ورواه ابن يعيش منسوبا للأعشى ١٠ / ٦ وصدره كما أثبتاه ، وورد البيت من غير نسبة وصدره يتفق مع رواية ابن يعيش في المنصف ، ١ / ١٦٦ وورد من غير نسبة وصدره : ألا لك قومي في شرح التصريح ١ / ١٢٩ وهمع الهوامع ، ١ / ٧٦.

(٧) أي هذا لك.

٢١٦

قولهم : عبدل بمعنى عبد ، وزيدل بمعنى زيد (١) وفحجل بمعنى الأفحج ، وهو وسيع الخطوة ، وأمّا قولهم : هيقل وفيشلة فيحتمل أن تكون اللّام زائدة لقولهم لذكر النّعام : هيق بمعنى هيقل (٢) ولقولهم فيشة بمعنى فيشلة ، ويحتمل أن تكون اللّام أصلا ، وتكون الياء زائدة لأنّ زيادة الياء ثانية كثير ، وزيادة الياء أيضا أكثر من زيادة اللّام.

الفصل السابع

في إبدال الحروف (٣)

وهو جعل حرف مكان حرف من حروف الإبدال التي ستذكر ، والإبدال يقع في الأضرب الثلاثة كقولك في وجوه : أجوه ، وفي أراق : هراق وفي هلّا فعلت ألا فعلت ، فالذي أثبت هو البدل والزائل هو المبدل منه ، وكذلك العوض والمعوض منه ، وربما فرّقوا بين البدل والعوض بأنّ البدل يختصّ بجعل الحرف في موضع المبدل منه ، نحو : تاء تخمة لأنّها موضع الواو المبدل منها ، والعوض يختصّ بجعل الحرف في غير موضع المعوّض منه نحو همزة اسم فإنها عوض من لامه المحذوفة فلمّا أقيمت الهمزة في غير موضع المحذوف وهو الواو سمّي ذلك عوضا ، ولا يقال له بدل إلا تجوّزا مع قلّته (٤) والبدل يأتي لتسهيل اللفظ بمشاكلة الحروف وهو على ضربين : بدل هو إقامة حرف مقام آخر نحو : إقامة تاء تخمة مقام الواو ، وبدل هو قلب الحرف نفسه إلى لفظ غيره ، والقلب إنّما يكون في حروف العلّة وفي الهمزة كقام فإنّ أصله قوم ، فالألف واو في الأصل ، وكراس فألفه همزة في الأصل. ولا نريد بالبدل هنا البدل الحادث / مع الإدغام بل الذي بدون الإدغام (٥) وأمّا حروف الإبدال فقال في المفصّل : وحروفه حروف الزيادة والطاء والدّال والجيم ويجمعها قولك : استنجده يوم طال (٦) ، وقال السّخاوي ما معناه : إنه غلط في جعله السين من حروف

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٢٣٧ والمقتضب ، ١ / ٦٠.

(٢) الهيقل : ذكر النعام ، اللسان ، هقل.

(٣) المفصل ، ٣٦٠.

(٤) شرح المفصل ، ١٠ / ٧ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٣١٣.

(٥) شرح المفصل ، ١٠ / ٧ والمصنف ينقل عنه.

(٦) في المفصل ٣٦٠ واستنجده يوم صال زط ، وفي الشافية لابن الحاجب ٥٤١ ، «وحروفه : أنصت يوم جدّ

٢١٧

البدل ، وقال ابن الحاجب : (١) إنّ ما ذكر من حروف البدل غير جامع لها ولا مانع لغيرها وبيان أنّها غير مانعة أنّ حرف البدل إنّما يعني به الحرف المبدل لا المبدل منه ، بدليل أنّ العين يبدل منها وليست معدودة في حروف الإبدال باتفاق ، فإذا كان كذلك فعدّه السين من حروف البدل خطأ ، لأنّها لا تبدل وإنما يبدل منها قال : فقد ثبت بما ذكر أنّ الحروف المذكورة غير مانعة لأنه أدخل غيرها فيها ، وبيان أنّها غير جامعة هو أنّ الصّاد والزاي يبدلان من السين ولم يعدهما هاهنا من حروف البدل وقد ذكر ذلك في المفصّل (٢) انتهى كلام المذكور. وقد ذكرنا حروف الإبدال على ما رتّبها في المفصّل ونبّهنا على السين والصّاد والزاي في موضعها كما ستقف عليه. وعدّتها في المفصّل ثلاثة عشر حرفا وأولها الهمزة ثمّ الألف ثمّ الواو ثم الياء ثمّ الميم ثم النون ثم التاء ثم الهاء ثم اللام ثم الطاء ثم الدال ثم الجيم ثم السين.

القول على إبدال الهمزة من غيرها (٣)

وهي تبدل من خمسة أحرف من حروف اللين الثلاثة ، ومن الهاء والعين.

ذكر إبدال الهمزة من حروف اللّين

وهو يأتي على ثلاثة أقسام :

أحدها : إبدال واجب مطّرد.

ثانيها : إبدال جائز مطّردّ.

ثالثها : إبدال غير مطّرد ، والمراد : بالمطّرد جري الباب قياسا من غير حاجة إلى سماع في كلّ فرد فرد منه ، والمراد بالواجب ما لا يجوز غيره ، والمراد بغير المطّرد ما يتوقّف كلّ فرد فرد منه على السّماع ، والمراد بالجائز ما يجوز فيه الإبدال وتركه.

__________________

طاه زلّ» وقول بعضهم : استنجده يوم طال. وهم في نقص الصاد والزاي لثبوت صراط وزقر ، وفي زيادة السين».

(١) إيضاح المفصل «المطبوع» ٢ / ٣٩٢ ، والمخطوط ، الورقة ، ٥٢١ ظ.

(٢) في الأصل في التفصيل ، ولعل مراده : الإيضاح في شرح المفصل لأن النص بحروفه فيه انظر ٢ / ٣٩٢.

(٣) المفصل ، ٣٦٠.

٢١٨

أمّا القسم الأول وهو إبدال الهمزة من حروف اللين

إبدالا واجبا مطردا (١) ، فله عدة صور

منها : وجوب إبدالها من ألف التأنيث في نحو : حمراء ، وصحراء وعشراء وما أشبهها ، وإنما وجب إبدال الهمزة من الألف المذكورة لأنّ الأصل كان حمرى وصحرى وعشرى بألف واحدة مقصورة مثل : حبلى وسكرى فزادوا قبلها ألفا أخرى تكثيرا لأبنية التأنيث ليصير له بناءان ممدود وهو باب حمراء ، ومقصور وهو باب حبلى ، فالتقى في آخر الكلمة ساكنان الألف الأولى المزيدة للمدّ والألف الثانية التي للتأنيث ، ولم يجز حذف إحداهما لأنهم لو حذفوا الأولى لبطل المدّ الذي بنيت الكلمة عليه ، ولو حذفوا الثانية زالت علامة التأنيث فلم يبق إلّا التحريك فلو حركت الأولى لبطل المد المقصود ، لانقلابها همزة ، لأنّ الألف لا تقبل التحريك وكانت الكلمة تؤول إلى القصر ، فحرّكت الثانية فانقلبت همزة فصارت صحراء (٢) فهمزة صحراء وما أشبهها بدل من ألف التأنيث / ولذلك جمعت على صحاري بانقلاب الهمزة ياء ولو كانت أصلية لثبتت الهمزة في الجمع وكان يجب أن يقال : صحارىء بالهمز.

ومنها : وجوب إبدال الهمزة من الواو أو من الياء إذا كانتا لامين كهمزة كساء ورداء لأنّ أصل كساء كساو ، بواو هي لام الفعل. لأنّه من الكسوة وأصل رداء رداي بياء هي لام الفعل لأنّه من قولهم : فلان حسن الرديّة ، فوقعت الواو والياء طرفا بعد ألف زائدة وكان ينبغي أن يصحّا لسكون ما قبلهما كما صحّتا في دلو وظبي ، لكنهم أعلوهما لضعفهما بالتطرف (٣) ووقوعهما بعد ألف زائدة فقلبتا ألفا إمّا لعدم الاعتداد بالألف حاجزا حتّى صار حرف العلة كأنه قد ولي الفتحة التي قبل الألف وإمّا لكون الألف منزّلة منزلة الفتحة لأنّها من جوهرها فقلبوا حرف العلّة بعدها ألفا فالتقى ساكنان الألف الأولى والألف الثانية المنقلبة عن حرف العلّة ، ولم يمكن حذف إحداهما لئلا ينقلب الممدود مقصورا ، فحركت الأخيرة لما تقدّم في صحراء فانقلبت

__________________

(١) المفصل ، ٣٦٠.

(٢) الكتاب ، ٤ / ٢١٤ والمقتضب ، ٣ / ٨٤.

(٣) الكتاب ، ٤ / ٣٨١.

٢١٩

همزة ، فالهمزة في الحقيقة في كساء ورداء إنما هي بدل من الألف التي هي بدل من الواو والياء (١).

ومنها : وجوب إبدال الهمزة من الياء في نحو : علباء وهو عصب العنق ، لأنّ الأصل علباي ، لقولهم : علب البعير إذا أخذه داء في جانبي عنقه وبعير معلب موسوم في علبائه (٢) ، ومثله حرباء (٣) وإنما وجب إبدالها من الياء المذكورة لوقوع الياء طرفا بعد ألف زائدة للمدّ ، فقلبت الياء ألفا ثمّ قلبت الألف همزة كما قيل في كساء (٤).

ومنها : وجوب إبدال الهمزة من الواو والياء إذا كانتا عين الفعل كما في نحو : قائل وبائع (٥) لأنّهم لمّا أرادوا بناء اسم الفاعل من قال وباع زادوا قبل ألف قال وباع ألفا لبناء اسم الفاعل ، كما زيدت في ضارب فاجتمع ساكنان ألف اسم الفاعل ، وألف باع وقال ، ولم يمكن الحذف لأنّه يزيل صيغة اسم الفاعل ويصيّره إلى لفظ الفعل ، ولم يجز ردّه إلى الأصل فيقال : قاول وبايع ، للزوم إعلال اسم الفاعل لاعتلال الفعل ، فقلبت الألف الثانية فيهما همزة ، وكسرت كما كسرت عين فاعل فهذه الهمزة بدل من ألف قال وباع ، والألف بدل من الواو في قال ، ومن الياء في باع كما قيل في كساء ورداء.

ومنها : وجوب إبدال الهمزة من الواو إذا كانت الواو فاء الكلمة ومعها واو أخرى لازمة نحو : أو اصل وأواقي جمع واصلة وواقية (٦) وهي ما تقيك وتحفظك ، كان الأصل وواصل ووواقي فلما اجتمع الواوان وجب قلب الأولى همزة لثقل ذلك ، ولأنّها كانت تبقى معرضة لدخول واو العطف وواو القسم عليها فيجتمع ثلاث واوات وذلك مستثقل ، فلذلك وجب أن يبدل من الواو الأولى همزة فقيل أواصل وأواقي ،

__________________

(١) الكتاب ، ٣ / ٢١٤ والمنصف ، ٢ / ١٣٧ وشرح المفصل ، ١٠ / ٩ والمصنف ينقل فيه.

(٢) اللسان ، علب.

(٣) الحرباء : دويّبة نحو العظاية تستقبل الشمس برأسها ، القاموس المحيط ، حرب.

(٤) الكتاب ، ٣ / ٢١٤.

(٥) المفصل ، ٣٦٠.

(٦) المفصل ، ٣٦٠ ـ ٣٦١ : وفيه : ومن كل واو وقعت أولا شفعت بأخرى لازمة في نحو : أواصل وأواق جمعي واصلة وواقية.

٢٢٠