كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]

كتاب الكنّاش في فنّي النّحو والصّرف - ج ٢

المؤلف:

عماد الدين أبي الفداء إسماعيل بن الأفضل علي الأيّوبي [ صاحب الحماة ]


المحقق: الدكتور رياض بن حسن الخوّام
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: المكتبة العصريّة للطباعة والنشر
الطبعة: ٠
ISBN الدورة:
9953-34-369-1

الصفحات: ٤٦١
الجزء ١ الجزء ٢

أما ودماء لا تزال كأنّها

على قنّة العزّى وبالنّسر عند ما

فالألف واللام / في قوله : وبالنّسر زائدتان لأن نسرا مثل زيد وعمرو ، قال الله تعالى : (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً)(١) فاللام زائدة لأنّ نسرا مثل زيد ، وأما اللام في مثل : الحارث والحسين والحسن ، فقال الخليل : (٢) دخلت لتجعل الاسم لشيء بعينه ، لأنّ الأصل أن يقال : رجل حارث والمعرّف عند الخليل الألف واللّام (٣) مثل قد وهل ، وقال : وأصل همزتها القطع وإنما وصلت لكثرة الاستعمال ويدلّ على ذلك ثبوتها مع حرف الاستفهام (٤) وفي قولهم : يا ألله ، وقال سيبويه : اللّام وحدها حرف التعريف وإنما جيء بالهمزة ليتوصل بها إلى النطق بالساكن كما زيدت في ابن (٥) ، وقد مال أبو العلاء المعري (٦) إلى قول الخليل في قوله (٧) :

وخلّين مقرونين لمّا تعاونا

أزالا قصيّا في المحلّ بعيدا

وينفيهما إن أحدث الدّهر دولة

كما جعلاه في الديار طريدا

وسمّى التنوين قصيا لأنه يكون في آخر الاسم ، والألف واللّام في أوله أي أنهما يطردان التنوين فإذا زال التعريف عاد التنوين ونفاهما.

ثالثها : لام جواب القسم : ك : والله لأفعلنّ ، والله لزيد قائم ، وو الله لزيد أفضل من عمرو وقد تقدّم ذكرها (٨).

رابعها : اللام الموطئة للقسم : وهي ما تدخل على الشرط بعد تقدّم القسم

__________________

(١) من الآية ٢٣ من سورة نوح.

(٢) الكتاب ، ٢ / ١٠١.

(٣) الكتاب ، ٣ / ٣٢٥ وانظر المقتضب ١ / ٢٢١.

(٤) الكتاب ، ٤ / ١٤٨ ـ ١٥٠.

(٥) الكتاب ، ٣ / ١١٧ ـ ٣٥٤ ـ ٤ / ١٤٥ ـ ١٤٧ والمقتضب ، ١ / ٨٣ ـ ٢ / ١٢١ وشرح التصريح ، ١ / ١٤٨.

(٦) هو أحمد بن سليمان التنوخي قرأ على أبيه بالمعرّة وعلى محمد بن عبد الله سعيد النحوي بحلب كان عزيز العلم وافر الأدب ، روى عنه الخطيب التبريزي ، صنف تصانيف كثيرة وترك أشعارا جمّة من تصانيفه سقط الزند ، ولزوم ما لا يلزم توفي سنة ٤٤٩ ه‍ بالمعرّة. انظر ترجمته وأخباره في نزهة الألباء ، ٣٥٣ وإنباه الرواة ، ١ / ٤٦ ووفيات الأعيان ، ١ / ١١٣.

(٧) لم أعثر على البيتين في كتب أبي العلاء وقد وردا في الأشباه والنظائر ، ٣ / ١٢٦ من غير نسبة.

(٨) في ٢ / ٨٢.

١٤١

عليه ، إيذانا من أول الأمر بأنّ الجواب له لا للشّرط كقولك : والله لئن أكرمتني لأكرمنّك ، فاللّام في لأكرمنك هي جواب القسم ، وفي لئن هي الموطئة ، وهي زائدة ومؤكدة ومشعرة باستقبال اليمين ويجوز إسقاطها لأنها زائدة (١).

خامسها : لام جواب لو ولو لا (٢) : كقوله تعالى : (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا)(٣) وكقوله (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ)(٤) ودخولها لتأكيد ارتباط إحدى الجملتين بالأخرى ، ويجوز حذفها كقوله تعالى : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً)(٥) ويجوز حذف الجواب أصلا كقولك : لو كان لي مال ، وتسكت ، أي : لأنفقت وفعلت (٦).

سادسها : لام الأمر (٧) نحو : ليفعل زيد ، وهي مكسورة ويجوز تسكينها عند واو العطف وفائه كقوله تعالى : (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي)(٨) وهي تدخل على المأمور الغائب ، لأنك إذا خاطبت المأمور استغنيت عن اللّام بقولك : اذهب وقم ، وقد تدخل على المخاطب كما قرىء (٩) فبذلك فلتفرحوا (١٠) وقد جاء حذفها في ضرورة الشعر نحو (١١) :

__________________

(١) شرح المفصل ، ٩ / ٢٢.

(٢) المفصل ، ٣٢٧ والنقل منه.

(٣) من الآية ٢٢ من سورة الأنبياء.

(٤) من الآية ٨٣ من سورة النساء.

(٥) من الآية ٧٠ من سورة الواقعة.

(٦) فعلت في الأصل مكرر ، وفي المفصل ٣٢٧ غير مكرره.

(٧) المفصل ، ٣٢٧.

(٨) من الآية ١٨٦ من سورة البقرة.

(٩) سبق تخريج القراءة في ٢ / ٣٠.

(١٠) من الآية ٥٨ من سورة يونس.

(١١) نسبه ابن هشام في الشذور ٢١١ لأبي طالب ، ونسبه الرضي في شرح الكافية ، ٢ / ٢٦٨ إلى حسان ، وفي حاشية الإنصاف ، ٢ / ٥٣٠ قال الشيخ محمد محيي الدين ـ رحمه‌الله ـ «وهو غير موجود في ديوانه» ومن قبل نصّ الأستاذ عبد السّلام هارون ـ رحمه‌الله ـ في حاشية الكتاب ، ٣ / ٨ على أنه قد نسب إلى أبي طالب وحسان والأعشى وليس في ديوان واحد منهم» وانظر الخزانة «بولاق» ٣ / ٦٤٩ ـ ٦٦٦. وورد البيت من غير نسبة في الكتاب ، ٣ / ٨ والمقتضب ، ١٣٢ وأسرار العربية ، ٣٢١ وشرح المفصل ، ٧ / ٣٥ ـ ٦٠ ـ ٦٢ والمغني ، ١ / ٢٢٤ وشرح الشواهد ، ٤ / ٥ وشرح التصريح ، ٢ / ١٩٤ والهمع ، ٢ / ٥٥ وشرح

١٤٢

محمّد تفد نفسك كلّ نفس

إذا ما خفت من أمر تبالا

أي لتفد نفسك ، وقد منع بعضهم (١) من ذلك ولم يجوزه في ضرورة الشعر أيضا.

سابعها : لام الابتداء : (٢) وهي مفتوحة كقولك : (٣) لزيد منطلق ، وتدخل على الاسم والفعل المضارع كقوله تعالى : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً)(٤) ، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ)(٥) وتدخل على المقسم به كقولك : لعمرك لأقومنّ ، والخبر محذوف أي لعمرك قسمي ، وهذه اللّام تعلّق الفعل عن العمل وتؤكد مضمون الجملة وليست بلام القسم ، وإن شابهتها لأنّك إذا قلت : لزيد قائم فإنما قصدت تحقيق خبرك من غير يمين ، فأما إذا صحبتها إحدى النونين فهي لام القسم ، ذكر القسم قبلها أو لم يذكر كقولك : لأقومنّ ولتخرجنّ يا زيد (٦).

ثامنها : اللام الفارقة : (٧) وتسمّى أيضا لام الفصل ، ويسميها الكوفيون لام إلّا (٨) كقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ)(٩) ونحو : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(١٠) وإن هذه هي المخففة من الثقيلة وسميت الفارقة لأنها تفرق بين «إن» التي بمعنى «ما» نحو قوله تعالى : (إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا)(١١) وبين «إن»

__________________

الأشموني ، ٤ / ٥. والتبال : سوء العاقبة والهلاك.

(١) ومنهم المبرد إذ نصّ في المقتضب ، ٢ / ١٣٢ ـ ١٣٣ على أن هذا البيت ليس بمعروف ونقل ابن هشام في المغني ، ١ / ٢٢٥ ما ذكره المبرد ثم قال : وهذا الذي منعه المبرد في الشعر ، أجازه الكسائي في الكلام بشرط تقدم «قل».

(٢) المفصل ، ٣٢٨.

(٣) في الأصل لقولك وفي المفصل : هي اللام المفتوحة في قولك : لزيد منطلق.

(٤) من الآية ١٣ من سورة الحشر.

(٥) من الآية ١٢٤ من سورة النحل.

(٦) انظر الإنصاف ، ١ / ٣٩٩ وشرح المفصل ٩ / ٢٥ ورصف المباني ٢٤٠ والمغني ، ١ / ٢٢٨.

(٧) المفصل ، ٣٢٨.

(٨) المغني ، ١ / ٢٣٢.

(٩) من الآية ٣ من سورة يوسف.

(١٠) من الآية ٤ من سورة الطارق.

(١١) من الآية ٦٨ من سورة يونس.

١٤٣

المخففة من الثقيلة ، لأنك لو لم تأت باللّام الفارقة وقلت : إن زيد ذاهب ، وأردت المخففة من الثقيلة لم يكن بينها وبين قولك : إن زيد ذاهب وأنت تريد : ما زيد ذاهب فرق ، فإذا قلت : إن زيد لذاهب تعينت أنها المخففة ولم يحتمل أن تكون التي بمعنى «ما».

ذكر الواو

وهي ضروب : فمنها : واو العطف ، والاعتذار في إعادة ذكرها كما تقدّم في الّلام ، وواو العطف ضروب ، الواو التي للجمع كما تقدم في حروف العطف ، والواو التي بمعنى مع ولا تنصب (١) نحو : مزجت عسلا وماء ويحسن موضعها الباء ، والواو التي بمعنى مع وتنصب وقد تقدّم ذكرها (٢).

والواو الزائدة عند الكوفيين (٣) وقد قوّى ذلك ابن مالك (٤) نحو قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها)(٥) وكقول الشّاعر : (٦)

فلمّا رأى الرحمن أن ليس منهم

رشيد ولا ناه أخاه عن الغدر

وصبّ عليهم تغلب ابنة وائل

فكانوا عليهم مثل راغبة البكر (٧)

قوله : وصبّ الواو زائدة ، والواو المحذوفة كقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٨) «تصدّق رجل من

__________________

(١) في الأصل ولا ينصب.

(٢) في ٢ / ١٧.

(٣) الإنصاف ، ٢ / ٤٥٦ وشرح المفصل ، ٨ / ٩٣ ورصف المباني ، ٤٢٥ والهمع ، ٢ / ١٣٠.

(٤) قال في التسهيل ، ١٧٥ : وقد يحكم على الفاء وعلى الواو بالزيادة وفاقا للأخفش».

(٥) من الآية ٧٣ من سورة الزمر. قال ابن الأنباري في البيان ، ٢ / ٣٢٧ جواب إذا فيه ثلاثة أوجه الأول : أن يكون محذوفا وتقديره إذا جاؤوها فازوا ونعموا والثاني : أن يكون الجواب قوله تعالى : وفتحت أبوابها والواو زائدة وتقديره حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها والثالث : أن يكون الجواب وقال لهم خزنتها والواو زائدة وتقديره حتى إذا جاؤوها قال لهم خزنتها.

(٦) البيتان للأخطل ، وقد وردا في ديوانه ٤٣٠ برواية : أمال مكان وصبّ ، والشاهد هو قوله : وصبّ فقد عدّ الكوفيون ومعهم ابن مالك أنّ الواو زائدة في حين يرى البصريون أنها عاطفة والجواب محذوف.

(٧) في الأصل راعية.

(٨) انظره في سنن النسائي ، ٥ / ٧٦ ومختصر شرح الجامع الصغير ، ٢ / ٧٢ والهمع ، ٢ / ١٤٠ وشرح الأشموني ، ٣ / ١١٧.

١٤٤

ديناره من درهمه من صاع تمره» (١) ومنه سماع أبي زيد من العرب : أكلت خبزا لحما تمرا (٢) ومنه قول الشّاعر : (٣)

كيف أصبحت كيف أمسيت

مما يغرس الودّ في فؤاد الكريم

فإنّ واو العطف مقدرة في ذلك كله.

والواو التي بمعنى أو كقوله تعالى : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)(٤) أي مثنى أو ثلاث أو رباع (٥).

ومنها : واو الابتداء وهي المنقطعة عن العطف لأنّ ما بعدها مبدوء به مستقلّ بنفسه لا تعلّق له بما قبله نحو : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)(٦) ويقال لها أيضا واو الاستئناف (٧).

ومنها : واو الحال كقولك : مررت بزيد وعمرو جالس وقد تقدّم ذكرها في الحال.

ومنها : الواو التي بمعنى ربّ ، وهي تجرّ بنفسها عند الأخفش (٨) وقيل / تجرّ بإضمار ربّ بعدها.

ومنها واو القسم حسبما تقدّم ذكرها (٩) ومنها الواو التي ينصب بعدها الفعل

__________________

(١) في الأصل بتمره.

(٢) في الخصائص ، ١ / ٢٩٠ : حكاية من أبي عثمان المازني عن أبي زيد ونصه : أكلت لحما سمكا تمرا ، وانظره في المغني ، ٢ / ٦٣٥ والهمع ، ٢ / ١٤٠ وشرح الأشموني ، ٣ / ١١٧.

(٣) لم يعرف قائله ، ورد في الخصائص ، ١ / ٢٩٠ ـ ٢ / ٢٨٠ ورصف المباني ، ٤١٤ والهمع ، ٢ / ١٤٠ وشرح الأشموني ، ٣ / ١١٦.

(٤) من الآية ٣ من سورة النساء.

(٥) قال المزني في الحروف ١٤ بعد تقريره مجيء الواو بمعنى أو وسوقه للآية ما نصه «لأنه لو لا ذلك لحل تسع» وأنكرها المالقي ، ٤٢٦ بقوله : والصحيح أن الواو للعطف وابن هشام في المغني ، ٢ / ٣٥٨ إذ قال :

«والصواب أنها في ذلك على معناها الأصلي إذ الأنواع مجتمعة في الدخول تحت الجنس» وانظر أقوالا أخرى حولها في البحر المحيط ، ٣ / ١٦٣.

(٦) من الآية ٢٢٨ من سورة البقرة.

(٧) في الجنى ، ١٦٣ وإنما سميت واو الاستئناف لئلا يتوهم أن ما بعدها من المفردات معطوف على ما قبلها.

(٨) والكوفيين والمبرد ، الإنصاف ، ١ / ٣٧٦ ورصف المباني ، ٤١٧ والخبى ، ١٥٤ والمغني ، ١ / ٣٦١.

(٩) في ٢ / ٧٩.

١٤٥

المضارع بإضمار أن وقد تقدّم ذكرها (١) أيضا.

ومنها : واو الإضراب كقول بعضهم مخاطبا لعمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه : لا وأصلح الله الأمير (٢)(٣).

واعلم أنّ من هذه الواوات ثنتين ينجرّ ما بعدهما وهما : واو ربّ وواو القسم ، وثنتين ينصب ما بعدهما وهما واو مع ، وواو الجمع الناصبة للفعل بإضمار أن ، وثنتين يرتفع ما بعدهما وهما : واو الحال وواو الابتداء.

ذكر الفاء

ولها مواضع :

منها ما تقدّم في ربّ ، وكونها زائدة.

ومنها : أن يعطف بها ، وتدلّ على الترتيب والتعقيب مع اشتراك ما بعدها مع ما قبلها (٤) كقولك : ضربت زيدا فعمرا.

ومنها : أن يكون ما قبلها علة لما بعدها وتجري على العطف والتعقيب دون الإشتراك كقولك : ضربه فبكى وضربه فأوجعه ، إذا كان الضرب علة للبكاء والوجع (٥).

ومنها : أن تكون للابتداء ويقال لها فاء الجواب (٦) لمجيئها في جواب الشّرط كقولك : إن تزرني فأنت محسن ، وأما كونها للابتداء فلأنّ ما بعدها كلام مستأنف يعمل بعضه في بعض ، لأنّ قولك أنت مبتدأ ومحسن خبره ، وقد صارت الجملة

__________________

(١) في ٢ / ١٧.

(٢) هذه الواو هي المستعملة في حال الوصل لرفع الوهم ، قال السيوطي في شرح عقود الجمان ، ٦٣ : لا وأيدك الله وصلت وإن كان بينهما كمال الانقطاع ، لأن الأولى خبر ، والثانية إنشاء ، لئلا يتوهم أن لا داخلة على جملة وأيدك الله فتكون دعاء عليه». ولم أقف على ذكر لها عند النحويين وانظر الإيضاح للقزويني ، ٩٣.

(٣) بعدها في الأصل مشطوب عليه : ومنها الواو التي هي علامة الرفع في الأسماء الستة.

(٤) الكتاب ، ٣ / ٤١ ـ ٤٢ وشرح المفصل ، ٨ / ٩٥ ، والمغني ، ١ / ١٦١ ، والهمع ، ٢ / ١٣٠.

(٥) رصف المباني ، ٣٧٧.

(٦) المغني ، ١ / ١٦٣.

١٤٦

جوابا بالفاء وكذلك (١) حكمها إذا وقعت بعد الأمر ، والنهي ، والنفي ، والاستفهام ، والتمني ، والعرض ، إلّا أنّك تنصب ما بعد الفاء في هذه الأشياء الستة بإضمار أن حسبما تقدم (٢).

واعلم أنّ فاء الجواب إنما تأتي في غير الموجب أي في غير الخبر الثابت كالشرط والجزاء والأمور الستة المذكورة ، ولا تأتي هذه الفاء في الموجب أصلا فإنك لو أدخلتها في الموجب وقلت : تأتيني فأعطيك لم يجز لفوات معنى : إن تأتني (٣) أعطك ، وإذا قلت : إن تأتني فأعطيك كان المعنى : إن تأتني أعطك فيصحّ ، فلما كانت هذه الأشياء كلها غير موجبة وجاء الجواب عنها بالفاء على إضمار إن ، حصل معنى الشرط والجزاء ، وذلك أنّ هذه الأمور تناسب الشرط من قبل أنها غير موجبة كما أنّ الشرط غير موجب (٤).

ذكر حروف النفي (٥)

وهي ما ، ولا ، ولم ، ولما ، ولن ، وإن :

ف «ما» لنفي الحال ولنفي الماضي المقرّب من الحال أيضا في قولك : ما فعل ، فكأنها نفي لقول القائل : قد فعل (٦) ، وتدخل على الأسماء والأفعال ، كقولك : ما زيد قائما وقائم على اللّغتين ، وما قام زيد.

و «لا» لنفي المستقبل في قولك : لا تفعل وهي نفي لقولك : ستفعل (٧) ، وتدخل على النكرة ، فتنفيها نفيا عاما مستغرقا للجنس (٨) في قولك : لا رجل في الدار ، وهو إخبار في خلو الدار عن الجنس كله قليله وكثيره ، وتكون لنفي ليس بعام

__________________

(١) في الأصل ولذلك.

(٢) في ٢ / ١١.

(٣) في الأصل : تأتيني.

(٤) شرح الكافية للرضي ، ٢ / ٣٦٦.

(٥) المفصل ، ٣٠٦.

(٦) الكتاب ، ٤ / ٢٢١ ورصف المباني ، ٣١٠ والمغني ، ١ / ٣٠٣ والأشموني ، ٢ / ٢٤٧.

(٧) الكتاب ، ٤ / ٢٢٢ وشرح المفصل ، ٨ / ١٠٨.

(٨) المفصل ، ٣٠٦.

١٤٧

ولا مستغرق كقولك : لا رجل في الدار ولا امرأة ولا زيد في الدار ولا عمرو ، فيجوز أن يكون في الدار رجلان فصاعدا أو امرأتان فصاعدا وتكون نهيا (١) في قولك : لا تقم ، ولا يقم زيد بالجزم ولا يتصور النهي إلا في المستقبل / والدعاء كالنهي نحو : لا قطع الله يده ولا رعاه ولا يغفر له بالجزم ، وقد تنفي الماضي نحو : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى)(٢).

ولم ولمّا لقلب معنى المضارع (٣) إلى الماضي ، ونفيه فيصير الفعل المستقبل منفيا فيما مضى إلّا أنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ لم يفعل ، نفي فعل ، ولمّا يفعل ، نفي قد فعل (٤) وأصل لمّا ، لم زيدت عليها ما ، فأفادت طول المعنى كما طالت الكلمة ، فلذلك دلّت على نفي المتوقع ، فإذا قلت : ندم ولم ينفعه الندم ، أخبرت أن ندمه لم ينفعه لا غير ، وإذا قلت : لمّا ينفعه الندم ، أخبرت أنه إلى الآن على ذلك ، وتكون لمّا ظرفا منصوبا انتصاب الظروف (٥) كقولك : لمّا قام قمت ، ولا بدّ فيها من فعلين ، أحدهما جواب الآخر ، فكأنك جعلت قيامك كالجزاء لقيامه لأنّك علّقت وقوعه بوقوعه ، والعامل في لمّا هو الجواب ، وتكون بمعنى إلّا أيضا (٦).

ولن لتأكيد ما تعطيه لا ، من نفي المستقبل تقول : لا أبرح اليوم مكاني ، فإذا أكدت قلت : لن أبرح (٧) والصحيح أنّها حرف برأسها لا أنّها من لا أن (٨).

وإن المكسورة الخفيفة تكون نفيا وغير نفي (٩) ، فإذا كانت نفيا كانت بمنزلة ما في نفي الحال ، ودخلت حينئذ على الجملتين الفعليّة والاسميّة كما دخلت ما عليهما

__________________

(١) بعدها مشطوب عليه «للمخاطب».

(٢) من الآية ٣١ من سورة القيامة وفي الأصل : لا صدق ولا صلّى.

(٣) المفصل : ٣٠٦ ـ ٣٠٧.

(٤) الكتاب ، ٤ / ٢٢٠ ـ ٢٢٣ والمغني ـ ١ / ٢٧٨.

(٥) وإلى ذلك ذهب ابن السراج وتبعه الفارسي وابن جني وجماعة ، وهي عند سيبويه حرف ، الكتاب ، ٤ / ٢٣٤ والمغني ، ١ / ٢٨٠.

(٦) رصف المباني ، ٢٨٢ والمغني ، ١ / ٢٨١.

(٧) المفصل ، ٣٠٧ والتشابه تام. وانظر الكتاب ، ١ / ١٣٥ ـ ١٣٦.

(٨) هذا رأي سيبويه ، والتركيب رأي الخليل ، وذهب الفراء إلى أن نونها مبدلة من ألف لا. انظر الكتاب ، ٣ / ٥ ـ ٤ / ٢٢٠ وشرح المفصل ، ٨ / ١١١.

(٩) المفصل ، ٣٠٧.

١٤٨

كقولك : إن قام زيد ، وإن زيد قائم ، كما تقول : ما زيد قائم ، قال الله تعالى : (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ)(١) أي ما يتبعون إلّا الظنّ ، وقال تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ)(٢) أي ما الحكم إلّا لله ، ولا يجوز إعمالها عمل ليس عند سيبويه (٣) وأجازه المبرد (٤).

ذكر حروف الاستثناء (٥)

وهي : إلّا وحاشا وعدا وخلا في بعض اللغات (٦) وحاشا حرف جر (٧) وفيه معنى الاستثناء ، وهي فعل عند المبرّد وغيره (٨) وفيها لغات أخر ، حاش وحشا وحشى ، وعدا وخلا حرفا جرّ وفيهما أيضا معنى الاستثناء ، والأكثر أن يكونا فعلين وينصب الاسم بعدهما على أنه مفعول والفاعل مضمر فإذا قلت : جاء القوم عدا أو خلا زيدا كان معناه عدا بعضهم زيدا وخلا بعضهم زيدا (٩).

ذكر حروف الاستقبال (١٠)

وهي : سوف والسين وأن ولا ولن ، فإنّ هذه الحروف إذا دخلت على الفعل الذي يحتمل الحال والاستقبال أخلصته للاستقبال ، وإنّما لم تعمل السين وسوف ، وقد اختصّتا بالفعل لأنهما جعلا مع الفعل كأحد أجزائه وأحد الأجزاء لا يعمل في سائرها ، وبنيت سوف على الفتح ، وفي سوف زيادة تنفيس على السين ، ومنه سوّفته

__________________

(١) من الآية ١١٦ من سورة الأنعام.

(٢) من الآية ٥٧ من سورة الأنعام.

(٣) الكتاب ، ٢ / ٣٦٢.

(٤) المقتضب ، ١ / ٥٠ ، وانظر شرح المفصل ، ٨ / ١١٣.

(٥) المفصل ، ٣١١ وانظر الكتاب ، ٢ / ٣٠٩.

(٦) في إيضاح المفصل ، ٢ / ٢٢٤ قوله : في بعض اللغات راجع إلى عدا وخلا في الظاهر لأن جعلهما حرفين إنما هو في بعض اللغات ولا ينبغي أن تكون حاشا معهما في ذلك ، لأن كونها حرفا هو اللغة المعروفة فهي على العكس من عدا وخلا فلا ينبغي أن تشرك معهما في قوله : في بعض اللغات ، فيوهم التسوية وهو خلاف ما عليه أمرهما.

(٧) وهو رأي سيبويه ، الكتاب ، ٢ / ٣٤٩.

(٨) المقتضب ، ٢ / ٣٩١ ، وانظر الإنصاف ، ١ / ٢٧٨ ورصف المباني ، ١٧٨ والمغني ، ١ / ١٢٢.

(٩) الكتاب ، ٢ / ٣٤٩ ـ ٣٥٠ وشرح المفصل ، ٨ / ٤٩.

(١٠) المفصل ، ٣١٧.

١٤٩

إذا قلت له مرّة بعد مرة : سوف أفعل (١).

و «أن» تدخل على الماضي والمضارع فيكونان معها في تأويل المصدر وإذا دخلت على المضارع لا يكون إلّا مستقبلا كقولك : أريد أن تخرج ، ومما يدلّ على أنها للاستقبال أنها لا بدّ منها في خبر عسى (٢) ، لأنّ عسى لمّا كانت فعلا على لفظ الماضي ، غير متصرف ، وهي للترجي والترجي مخصوص بالاستقبال فلذلك اشترط في / خبرها «أن» لتخصّصها بالاستقبال الذي هو معنى الترجي ، ولذلك لم يجعل المصدر مكان «أن» والفعل لأنّ المصدر مبهم لا يعلم وقته.

ذكر الهمزة (٣)

وهي عند البصريين ضربان همزة وصل نحو : اخرج وهمزة قطع نحو : أكرم ، والمراد بهمزة القطع الهمزة التي بنيت الكلمة عليها لمعنى ، كالتعدية وغيرها ، وهمزة الوصل هي التي ليس لها معنى غير الوصلة إلى النطق بالساكن ، وعند الكوفيين الهمزات ستّ : همزة وصل ، وهمزة قطع كما ذكر والثالثة : همزة أصل نحو همزة إي وأي ، والرابعة : همزة الاستفهام نحو : (أَأَنْتَ قُلْتَ)(٤) والخامسة : همزة المتكلم نحو : أقوم والسادسة : همزة ما لم يسمّ فاعله نحو : استخرج المال وانطلق بزيد.

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ٢١٧ ـ ٢٣٣ والإنصاف ، ٢ / ٦٤٦ وشرح المفصل ، ٨ / ١٤٨ ورصف المباني ، ٣٩٨ ، والمغني ، ١ / ١٣٩.

(٢) المفصل ، ٣١٧.

(٣) الصاحبي ١٢٥ ـ ١٣٠ وجواهر الأدب ، للإربلي ، ١٢.

(٤) من الآية ١٦ ، من سورة المائدة.

١٥٠

القسم الرابع

في المشترك

وهو ما التقطناه من مشترك المفصل ، ويشتمل على فصول :

الفصل الأول

في الإمالة (١)

ويشترك فيها الاسم والفعل ، وهي أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة (٢) ليتجانس الصوت كما أشربت الصّاد صوت الزاي في نحو : المصدر ، لتحصل الموافقة بين الصاد والدال ، لأنّ جري اللسان في طريق واحد أخفّ من جريه في طرق مختلفة وليست الإمالة أمرا لا يخرج عنه ، فإنه قد يميل أحدهم ما ينصبه الآخر ، وعلى هذا جاء القرآن العزيز ، والإمالة هي لغة بني تميم ومن جاورهم (٣) وهي ضدّ التفخيم الذي هو لغة أهل الحجاز (٤) ، واعلم أنّ الألف اللينة صوت لا معتمد له في الفم فلا يكون إلّا تابعا للحركة التي قبله فإذا أردت إمالة الألف نحو الياء قرّبت الفتحة التي قبله من الكسرة فحينئذ تميل الألف.

وأسباب الإمالة سبعة : (٥)

__________________

(١) المفصل ، ٣٣٥ وفيه : وهي أن تنحو بالألف نحو الكسرة.

(٢) في إيضاح المفصل ، ٢ / ٢٩١ وقد عبر غيره بأن تنحو بالفتحة نحو الكسرة ، وقال قوم : بالألف نحو الياء ، وقال قوم : بالفتحة والألف نحو الكسرة والياء والجميع خير من عبارته.

(٣) كأسد وقيس ، شرح المفصل ، ٩ / ٥٤.

(٤) قال سيبويه بعد أن ذكر أسباب الإمالة ، ٤ / ١١٨ وجميع هذا لا يميله أهل الحجاز ، وفي مناهج الكافية للشيخ زكريا الأنصاري ، ٢ / ١٦٤ وليست الإمالة دأب جميع العرب فإن الحجازيين لا يميلون ، وأحرص الناس عليها بنو تميم».

(٥) المفصل ، ٣٣٥.

١٥١

أحدها : أن يقع بقرب الألف كسرة ككسرة عين عماد ولام عالم يستوي في ذلك التأخر والتقدّم ، وإنّما تؤثّر الكسرة قبل الألف إذا تقدمته ، إمّا بحرف ككسرة عين عماد ، أو بحرفين أولهما ساكن ككسرة شين شملال ، فإن تقدمت الكسرة الألف إما بحرفين متحركين نحو قولك : أكلت عنبا أو بثلاثة أحرف نحو : فتلت قنّبا لم تمنع الإمالة ، وأمّا قولهم : يريد أن ينزعها ويضربها وهؤلاء عندها ، وله درهمان بإمالة الألف لكسرة الزاي في ينزعها وراء يضربها وعين عندها ، ودال درهمان ، فشاذ ، والذي سوغه أنّ الهاء خفية فهي كالمعدومة فلم تعدّ حاجزا (١).

واعلم أنّ الألف تمال مع الفتحة في نحو : يريد أن يضربها ، ولا تمال مع الضمة في قولك : هو يضربها ، لأنّ الضمة من الواو ، والواو الساكنة لا إمالة معها ، والفتحة أقرب إلى الكسرة من الواو ، فلذلك أميلت مع الفتحة ولم تمل مع الضمة.

ثانيها : أن تقع بقرب الألف ياء وتقدمت الياء نحو : سيال وشيبان (٢) وأميلت فيهما الألف من أجل الياء ، لأنّ الألف تطلب فتح الفم والياء تطلب خلاف ذلك ، فأميلت الألف ليجري اللسان على / طريقة واحدة والسيال : ضرب من الشجر (٣).

ثالثها : أن تكون الألف منقلبة عن واو مكسورة نحو ألف : خاف فإنّها ممالة واختلف في سبب (٤) إمالتها ، والأولى أن يقال : إنّها للكسرة التي كانت في عين الفعل إذا أصل خاف خوف (٥).

رابعها : أن تكون الألف منقلبة عن ياء نحو : ألف هاب لأنّه من الهيبة وألف ناب لأن جمعه أنياب ، فالإمالة هنا لتدلّ على أنّ أصل الألف الياء وليست للمشاكلة كما تقدّم إذ لا ياء ها هنا في اللفظ ولا كسرة (٦).

__________________

(١) شرح المفصل ، ٩ / ٥٧ وانظر شرح الشافية للجاربردي مع حاشية ابن جماعة ، ١ / ٢٣٩.

(٢) الكتاب ، ٤ / ١٢٢.

(٣) له شوك ، اللسان ، سيل.

(٤) غير واضحة في الأصل.

(٥) الكتاب ، ٤ / ١٢٠ ـ ١٢١ وشرح المفصل ، ٩ / ٥٨ وشرح الشافية ، ٣ / ١٠ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢٢٤.

(٦) في حاشية ابن جماعة ، ١ / ٢٤١ والإمالة ـ فيهما ـ أي في نحو : خاف وهاب نقلت عن بعض أهل الحجاز وفاقا لبني تميم ، وعامتهم يفرقون بين ذوات الواو نحو : خاف فلا يميلون ، وذوات الياء نحو : طاب فيميلون.

١٥٢

خامسها : أن تكون الألف صائرة ياء في موضع نحو ألف دعا فإنّها تصير ياء في : دعي ونحو ألف : مغزى من الغزو فإنّها تصير ياء في التثنية ، لأنّ ما كان على أكثر من ثلاثة أحرف ، رجع إلى الياء وإن كان من الواو ، ونحو ألف حبلى وأخرى وموسى ، فإنّها وإن لم يكن لها أصل في الياء لكنّها تصير ياء في التثنية والجمع كقولك حبليان وحبليات فأشبهت الألف التي لها أصل فأميلت (١).

سادسها : الإمالة لأجل الإمالة وهو سبب ليس بقويّ (٢) نحو : رأيت عمادا في الوقف بإمالة الألف المبدلة من التنوين ، لأجل إمالة الألف التي قبل الدال الممالة لأجل كسرة العين.

سابعها : الإمالة للتشاكل كإمالة (ضُحاها)(٣) لتشاكل (جَلَّاها)(٤) وهو ليس بكثير الوقوع وإن كان قويا ، وقد أجروا في الإمالة الألف المنفصلة مجرى المتصلة (٥) والكسرة العارضة مجرى الأصليّة ، والمراد بالمنفصلة الألف المبدلة من التنوين ، وبالمتصلة ألف التأنيث ، والألف في نحو : عيلان (٦) فقالوا : رأيت زيدا كما قالوا : رأيت حبلى ، ومررت بغيلان بالإمالة ، لأنّ كلّ واحد من الألفين المذكورتين زيادة زيدت على الكلمة لمعنى ، وليست منقلبة عن واو ولا ياء ، والمراد بالكسرة العارضة كسرة نحو اللام في قولك : أخذت من ماله ، فهي عارضة لأنّها حركة إعراب تتغيّر ولا تلزم فأشبهت الأصلية في نحو : عالم وكافر.

واعلم أنّ الألف إذا وقعت آخر الكلمة (٧) فإن كانت في فعل أميلت نحو : غزا وإن كانت في اسم ولم يعرف انقلابها عن الياء لم تمل ثالثة وتمال رابعة فلا يمال ألف قفا وعصا ونحوهما لأنّ الأسماء لم تنتقل من حال إلى أخرى ، ولم تتصرف بخلاف

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ١٢٠ ـ ١٢٣.

(٢) إيضاح المفصل ، ٢ / ٢٩٦ وشرح المفصل ، ٩ / ٥٨ وشرح الشافية ، ٣ / ١٣ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٤٨.

(٣) الشمس ، الآية ١ ونصها : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها.)

(٤) الشمس ، الآية ٣ ونصها : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ،) وقد أمالها الكسائي ووافقه حمزة فيها ، الكشف ، ١ / ١٩٠ وإبراز المعاني ، ٢٢٦.

(٥) المفصل ، ٣٣٦.

(٦) في الكتاب ، ٤ / ١٢٢ وقالوا شيبان وقيس عيلان وغيلان فأمالوا للياء.

(٧) المفصل ، ٣٣٦.

١٥٣

الأفعال ، فإن ألفها من الواو ترجع إلى الياء في بعض الأحوال مثل اغزي وغزي ، فرجعت إلى الياء.

والألف المتوسطة أعني التي هي عين الفعل إن كانت منقلبة عن ياء أميلت سواء كانت في اسم كناب أو في فعل ك «باع» ، وإن كانت منقلبة عن واو فلا تمال إلّا إذا كانت في فعل وكان يقال فيه فعل بكسر العين نحو : خاف ، وقد خرج مما قلناه ما كان من الأسماء من ذوات الواو نحو : باب ، وخرج أيضا من الأفعال ما كان من ذوات الواو مما لا يقال فيه فعلت نحو : قال.

ويمنع الإمالة سبعة أحرف (١) إذا وليت الألف سواء كانت قبل الألف أو بعدها وهي : الصاد كصاعد وعاصم / والضاد كضامن وعاضد والطاء كطائف وعاطس والظاء كظالم وعاظل (٢) والغين كغائب وواغل والخاء كخامد وناخل والقاف كقاعد وناقف ، وهذه الحروف السبعة تسمّى المستعلية لأنّ اللسان يطلب العلوّ في النطق بها إلى الحنك الأعلى ، ولما كانت كذلك ، وكانت الألف أيضا تستعلي ، والإمالة انخفاض فيتنافيان ، فكره الجمع بين هذين الأمرين من الاستعلاء والانخفاض فامتنعت الإمالة ليكون العمل في وجه واحد ، لأنّه أخفّ فلم تمل (٣) واستثني باب رمى وباع ، فإن الحرف المستعلى لا يمنع الإمالة في هذين البابين وكذلك طاب وخاف ، فإنه يمال مع وجود حروف الاستعلاء لأنّ سبب الإمالة قوي ، لأنّ الالف نفسها ياء أو عليها كسرة بخلاف ما لا يمال ، فإنّ السبب إما قبل الألف أو بعدها ، وكما منعت هذه الحروف الإمالة إذا وليت الألف قبلها وبعدها فكذلك تمنع الإمالة إذا وقعت بعد الألف بحرف أو حرفين على الأكثر كناشص (٤) ومقاريض (٥) وعارض ومعاريض (٦) وناشط ومناشيط (٧)

__________________

(١) المفصل ، ٣٣٦ ، ٣٣٧.

(٢) الكتاب ، ٤ / ١٢٨.

(٣) شرح المفصل ، ٩ / ٥٩ ، ٦٠ ومناهج الكافية ، ٢ / ١٧٠.

(٤) المرتفع ، اللسان ، نشص.

(٥) جمع مقراض لما يقطع به ، اللسان ، قرض.

(٦) التورية بالشيء من الشيء اللسان ، عرض ، وشرح المفصل ، ٩ / ٥٩.

(٧) جمع منشوط من نشط العقدة إذا ربطها ربطا يسهل انحلالها ، ويجوز أن تكون جمع منشاط للرجل يكثر

١٥٤

باهظ ومواعيظ (١) وبالغ ومباليغ (٢) ونافخ ومنافيخ (٣) ونافق ومغاليق (٤) وأمّا إذا كانت هذه الحروف قبل الألف بحرف ، وهي مكسورة أو ساكنة بعد مكسور أو كانت قبل [الألف](٥) بحرفين أو أكثر لم يمنع عند الأكثر نحو : صعاب ومصباح وضعاف ومضحاك وطلاب ومطعام وظماء وإظلام وغلاب ومفتاح وخباث وإخباث وقفاف ومقلات (٦) ، وإنّما منعت متأخرّة لثقل الاستعلاء بعد الاستفال ولم تمنع متقدمة (٧) لأنّ الاستعلاء قبل الاستفال أخفّ من الاستعلاء بعد الاستفال ، وأمّا من سوّى بينهما وهو الذي ليس بالأكثر فلا إشكال عليه (٨).

وإذا كانت الراء مفتوحة أو مضمومة وجاورت الألف قبلها أو بعدها منعت الإمالة منع المستعلية (٩) كهذا راشد وحمارك ورأيت حمارك لأنّ الراء لما فيها من شبه المضاعفة تكون فتحتها كفتحتين وضمّتها كضمّتين فلا يقوى سبب الإمالة عليها ، فأمّا إن كانت الراء مكسورة كانت كسرتها ككسرتين فيقوى سبب الإمالة نحو : (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ)(١٠) ومررت بطارد فتميلها ، والراء المكسورة بعد الألف إذا وليت الألف تغلب الراء غير المكسورة كما غلبت الراء المكسورة المستعلية كقولك : من قرارك بالإمالة فإن تباعدت الراء المكسورة لم تؤثر أي لم توجب الإمالة عند أكثرهم

__________________

نشاطه. اللسان ، نشط وشرح المفصل ، ٩ / ٥٩.

(١) جمع موعوظ من الوعظ الذي هو النصح اللسان وعظ ، وشرح المفصل ، ٩ / ٦٠.

(٢) جمع مبلوغ من قولهم قد بلغت المكان إذا وصلت إليه اللسان ، بلغ وشرح المفصل ، ٩ / ٦٠.

(٣) جمع منفاخ ، وهو ما ننفخ به في النار وغيرها ، اللسان ، نفخ.

(٤) كذا في الأصل ، وفي المفصل ، ٣٣٦ ومعاليق ، وكذا في الكتاب ، ٤ / ١٣٠ وفي الهامش ذكر المحقق أنها في ب ومغاليق. ومعاليق جمع معلاق كما أن مغاليق جمع مغلاق قال في اللسان ، علق : وفرق ما بين المعلاق والمغلاق أن المغلاق يفتح بالمفتاح ، والمعلاق يعلّق به الباب ثم يدفع المعلاق من غير مفتاح.

(٥) زيادة يستقيم بها الكلام.

(٦) الكتاب ، ٤ / ١٣٠ ، وشرح المفصل ، ٩ / ٦٠.

(٧) غير واضحة في الأصل.

(٨) شرح المفصل ، ٩ / ٦٠ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٤٣.

(٩) المفصل ، ٣٣٧.

(١٠) من الآية ٢٥٩ من سورة البقرة ، في الأصل فانظر ، وقد قرأ بالإمالة فيها الكسائي وأبو عمرو انظر إبراز المعاني ، ٢٣٣ والإتحاف ، ٨٣.

١٥٥

فأمالوا : هذا كافر ولم يميلوا مررت بقادر ، لأنّ الراء لمّا تباعدت لم تغلب حرف الاستعلاء لكنّ بعضهم خالف ففخم نحو : كافر وأمال نحو : بقادر (١) ، وشذ إمالة الحجاج والناس ، لأنهما في حالة الرفع والنصب ليس فيهما كسرة ولا ياء ولا شيء من أسباب الإمالة (٢) وقد أميلت الفتحة قبل الرّاء المكسورة من أجلها لتشبه الفتحة الكسرة نحو / من الضّرر ومن الكبر والمحاذر (٣) بإمالة الذال دون الألف لأنّ كسرة الراء لم تقو على إمالة الألف مع الذال ، لأنّ الألف قبلها فتحة ، والحرف الذي بعدها وهو الذال مفتوح أيضا (٤) والحروف لا تمال نحو : حتّى وعلى وأمّا ، وإلّا (٥) ، إلّا إذا سمّي بها ، وقد أميلت «بلى» لشبهها بالاسم لكونها على ثلاثة أحرف ، وأميلت «لا» في «إمّا لا» لإغنائها عن الجمل لأنّها قد تقع جوابا ويكتفى بها وكذلك «يا» في النداء أميلت لأنّها نائبة عن الفعل ، والأسماء المبنيّة (٦) يمال منها ما يستقلّ بنفسه ، نحو : ذا ومتى ، وأنّى ، ولا يمال ما ليس بمستقلّ نحو «ما» الاستفهامية أو الموصوفة أو الشرطية ونحو : إذا ، وأمّا «عسى» فإمالتها جيّدة (٧).

الفصل الثاني

في الوقف (٨)

وهو قطع الكلمة عمّا بعدها لفظا أو تقديرا ، ويشترك فيه الاسم والفعل والحرف ، وفي الوقف على ما هو متحرك في الوصل لغات :

منها : الإسكان الصريح في كلّ حال كقولك : هذا بكر ورأيت بكر ومررت ببكر

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ١٣٨ وفي الشافية ، ٥٣٠ «وبعضهم يعكس وقيل هو الأكثر» وانظر مناهج الكافية ، ٢ / ١٧٠.

(٢) الكتاب ، ٤ / ١٢٧ ـ ١٢٨ والمقتضب ، ٣ / ٥١ وشرح المفصل ، ٩ / ٦٣.

(٣) المفصل ، ٣٣٧.

(٤) شرح المفصل ، ٩ / ٦٥.

(٥) في الكتاب ، ٤ / ١٣٥ «ومما لا يميلون ألفه حتّى وأمّا وإلّا» وانظر المفصل ، ٣٣٧ ـ ٣٣٨ وشرح الشافية للجاربردي ، ١ / ٢٤٧.

(٦) غير واضحة في الأصل.

(٧) في المقتضب ، ٣ / ٥٣ فأما عسى فإمالتها جيدة لأنها فعل وألفها منقلبة عن ياء تقول عسيت كما تقول رمى ، رميت» وفي المفصل ، ٣٣٨ قال المبرد : وإمالة عسى جيدة.

(٨) المفصل ، ٣٣٨ ، وشرح الشافية ، ٥٢٠.

١٥٦

لأنه لمّا وجب الابتداء بالمتحرك اختير الوقف بالسكون ليخالف الانتهاء الابتداء ، وإن اجتمع ساكنان فإنه يجوز في الوقف الجمع بين ساكنين لأنّ الوقف يوفّر على الحرف الموقوف عليه الصوت فيجري ذلك له مجرى تحريكه كما جرى المدّ مجرى الحركة ، وليس كذلك الوصل ألا ترى أنّك إذا قلت : بكر في حال الوقف وجدت في الراء من التكرير وزيادة الصوت ما لا تجده في حال الوصل (١).

ومنها : الإشمام وهو ضمّ الشفتين بعد الإسكان على صورتهما إذا لفظت بالضمّة ، فذلك (٢) هو الدلالة على الأشمام ، والغرض الفرق بين ما هو متحرك في الوصل ـ وإنّما سكّن في الوقف ـ وبين ما هو ساكن في كلّ حال ، ويختصّ الإشمام بالمرفوع والمضموم (٣) لأنّه هو الذي يمكن فيه أن يجعل العضو على صورة الضمّة ، دون المنصوب والمجرور.

ومنها : الرّوم وهو أن تروم التحريك (٤) والغرض به هو الغرض بالإشمام إلّا أنه أتمّ في البيان ، والقرّاء لا يرومون حركة المنصوب لخفّة النطق بها ، ولا المنصوب المنوّن للوقوف عليه بالألف ولكن يرومون ما سواهما (٥) وإذا رمت الحركة فهي موجودة فلم تحتج (٦) إلى دليل عليها.

ومنها : التضعيف ، وهو تشديد الحرف الذي تقف عليه نحو : يا فرجّ بتشديد الجيم والغرض به الإعلام بأنّ هذا الحرف متحرك في الوصل ، ويختصّ التضعيف بكلّ كلمة آخرها حرف صحيح قبله متحرك ، فإن كان قبله ساكن لم يصحّ التضعيف ، لاستلزامه الجمع بين ثلاثة سواكن ، وكذا إن كان آخره همزة لم يضعّف وكذا حرف العلّة لا يضعّف لثقلهما (٧) وكذا المنصوب المنوّن لا يضعّف للوقوف عليه بالألف ،

__________________

(١) شرح المفصل ، ٩ / ٧١ والنقل منه.

(٢) غير واضحة في الأصل.

(٣) الإتحاف ، ١٠١ وانظر شرح الجاربردي ، ١ / ١٧٠.

(٤) في شرح المفصل ، ٩ / ٦٧ وأما الروم فصوت ضعيف كأنك تروم الحركة ولا تتمها وتختلسها اختلاسا وذلك مما يدركه الأعمى والبصير ، لأن فيه صوتا يكاد الحرف يكون متحركا.

(٥) الإتحاف ، ١٠٠ ـ ١٠١ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٤١.

(٦) في الأصل يحتج.

(٧) شرح المفصل ، ٩ / ٦٧ وشرح الشافية للجاربردي ، ٢ / ١٨٢ وشرح التصريح ، ٢ / ٣٤٢.

١٥٧

فأمّا ما لا ينون فيضعّف نحو : رأيت أحمدّ ، فحينئذ قد اشترك في التضعيف المرفوع والمجرور والمنصوب غير المنون / وقد جعلوا لهذه الأربعة علامات فعلامة الإسكان الخاء ، والإشمام نقطة ، والروم خطّ بين يدي الحرف ، والتضعيف الشين (١).

ومنها : أن تقف على المنصوب المنوّن حال النصب بالألف وفي الرفع والجرّ بالإسكان.

ومنها : الوقف على المرفوع بالواو ، والمنصوب بالألف ، والمجرور بياء سواء فيه المنون وغيره تقول : رأيت أحمدا ومررت بأحمدي وجاءني أحمدو (٢).

ومنها : تحويل ضمّة الحرف الموقوف عليه وكسرته على السّاكن قبله دون الفتحة في غير الهمزة كما سيأتي حكمها ، فتقول : هذا بكر ومررت ببكر ورأيت بكرا ، فتبدل من التنوين في حال النصب ألفا ، ويشترط لهذه اللغة أن يكون ما قبل الآخر ساكنا صحيحا كسكون كاف بكر ، وأن لا تخرج الكلمة بالتحويل إلى ما لا نظير له فلا يقال : هذا عدل لعدم فعل بكسر فاء الفعل ، وضمّ عينه ولا مررت بقفل لعدم فعل أعني ضمّ الفاء وكسر العين ، وأجازه الأخفش متمسكا بدئل اسم قبيلة (٣) ، ويشترط أيضا أن لا يكون مثل : ثوب وزيد ، فلا يقال : ثوب وزيد لثقل الضمّ والكسر على الواو والياء ، ويشترط أيضا أن تكون الحركة حركة إعراب غالبا فلا يقال : من قبل ومن بعد ، لأنّ الحرص إنّما هو على معرفة حركة الإعراب لا على حركة البناء ، ويجري ذلك في المعرّف باللّام أيضا فتقول : هذا البكر ومررت بالبكر ، قال الشّاعر : (٤)

قد نصر الله وسعد في القصر

__________________

(١) قال في الكتاب ، ٤ / ١٦٩ ولهذا علامات ، فللإشمام نقطة ، وللذي أجري مجرى الجزم والإسكان الخاء ، ولروم الحركة خط بين يدي الحرف وللتضعيف الشين وانظر شرح المفصل ، ٩ / ٦٨ وشرح التصريح ، ٢ / ٢٤٠.

(٢) عند المازني أنها لغة قوم من أهل يمن وليسوا فصحاء. حاشية ابن جماعة. ١ / ١٧١.

(٣) شرح الأشموني ، ٤ / ٢٠٤.

(٤) لم أهتد إلى قائله.

١٥٨

وقال : (١)

أنا جرير كنيتي أبو عمر

أضرب بالسيف وسعد في القصر

أراد أبو عمرو : فحوّل كسرة الراء إلى الميم ، وكذلك حوّل كسرة راء القصر إلى الصاد ، وأما في حال النّصب فلا تحوّل ، لأنّ أصله أن يظهر إعرابه في الوقف إذا كان منونا ، ولكن لمّا زال التنوين للّام كان التنوين كأنّه موجود فيه فتقول على هذه اللغة : رأيت البكر بفتح الراء كأنك قلت : رأيت بكرا وقد حوّلت الحركة في نحو : لم أضربه وهند ضربته (٢) وكان ينبغي أن لا تحوّل لأنّ حركة الهاء فيها ليست بحركة إعراب ، ولكن لما سكنت الهاء خفيت وزادها خفاء الساكن قبلها ، فلذلك حولت حركتها إلى ما قبلها قال زياد الأعجم : (٣)

عجبت والدّهر كثير عجبه

من عنزيّ سبّني لم أضربه

كان لم أضربه (٤) فسكّن الهاء وحوّل حركتها إلى الساكن الذي قبلها وهو الباء صار : لم أضربه.

فأمّا ما آخره همزة (٥) إذا وقفت عليها في هذه اللغة فتحوّل حركاتها الثلاث الضمّة والكسرة والفتحة أيضا إلى ما قبلها وذلك لخفاء الهمزة والحرص على بيانها فتقول في الخبء بالهمز وسكون الباء : هذا الخبؤ ورأيت الخبأ ومررت بالخبىء بتسكين الهمزة وتحريك الباء بالضّمّ / والفتح والكسر ، وكذلك تقول في البطء بسكون الطاء : هذا البطؤ ورأيت البطأ ومررت بالبطىء فتسكن الهمزة وتحرك الطاء

__________________

(١) لم أهتد إلى قائله. ورد من غير نسبة في الإنصاف ، ٢ / ٧٣٣ وبعده :

أجبنا وغيرة خلف السّتر

(٢) المفصل ، ٣٣٨ وانظر الكتاب ، ٤ / ١٧٩.

(٣) هو زياد بن سليم العبدي كان رجلا هجّاء قليل المدح للملوك وكانت فيه لكنة فلذلك قيل له الأعجم. انظر أخباره في طبقات فحول الشعراء. ٢ / ٦٩١ ـ ٦٩٣ والشعر والشعراء ، ١ / ٣٤٣ وقد ورد البيت منسوبا له في الكتاب ، ٤ / ١٧٩ ـ ١٨٠ وشرح المفصل ، ٩ / ٧٠ ـ ٧١ ولسان العرب ، ابن منظور مادة لم ، برواية :

يا عجبا والدّهر جمّ عجبه

وورد من غير نسبة في شرح الشافية ، ٢ / ٣٢٢ وهمع الهوامع ، ٢ / ٢٠٨ وشرح الأشموني ، على الألفية ، ٤ / ٢١٠.

(٤) في الأصل : لم أضربهو.

(٥) المفصل : ٣٣٩.

١٥٩

بالضمّ والفتح والكسر ، وكذلك تقول : هذا الرّدؤ ورأيت الرّدأ ومررت بالرّدىء ، وجوّزوا الرّدؤ وشبهه على وزن فعل بكسر الفاء وضمّ العين ، وإن لم يكن في الكلام فعل ، كلّ ذلك لما قلنا من الحرص على بيان الهمزة لخفائها ، ومنهم من يقول : هذا الرّدىء فيكسرون الدّال اتباعا للكسرة التي قبلها (١) ويقول : من البطؤ فيضمون الطاء إتباعا للضمّة التي قبلها كراهة الانتقال من ضمّ إلى كسر وبالعكس.

ومن لغات الوقف على المهموز (٢) أن يبدلوا من الهمزة حرف لين سواء تحرك ما قبلها نحو : الكلأ أو سكن نحو : الخبء وسواء كان فاء الكلمة مفتوحا ، أو مضموما ، أو مكسورا ، فيقولون : هذا الكلو والخبو والبطو والرّدو ـ ورأيت الكلا والخبا والبطا والرّدا ، ومررت بالكلي والخبي والبطي والرّدي ، ومنهم من يقول : هذا الرّدي بالياء في الأحوال الثلاث وهذا البطو بالواو في الأحوال الثلاث على إتباع حركة ما قبل الهمزة حركة فاء الفعل ، وأهل الحجاز يقولون في الكلأ وأكمؤ وأهنىء مهموزة : الكلا بالألف وأكمو بالواو وأهني بالياء في الأحوال الثلاث (٣) ، لأنّ الهمزة سكّنت للوقف فقلبت على حسب ما قبلها ، فقلبت في كلأ ألفا كما قلبت في رأس ألفا ، وفي أكمؤ واوا كما قلبت في جؤنه ، وفي أهني ياء كما قلبت في ذئب (٤) وأكمؤ جمع قلّة لكمء (٥) أحد الكمأة التي تؤكل وجمع الكثرة كمأة ، وقد جاء الكمء للمفرد بغير هاء ، والكمأة بالهاء للجمع على خلاف القياس والهنيء العطاء يقال : هنأته أهنؤه هناء أي أعطيته (٦).

ذكر الوقف على المعتلّ (٧)

وإذا اعتلّ الآخر وما قبله ساكن كظبي ودلو فيجري في الوقف مجرى الصحيح فتقول : هذا ظبي ومررت بظبي ورأيت ظبيا ، وإن كان ما قبل حرف العلّة متحركا وهو

__________________

(١) الكتاب ، ٤ / ١٧٧ : وأما ناس من تميم فيقولون هو الرّديء ، كرهوا الضمة بعد الكسرة لأنه ليس في الكلام فعل فتنكبوا هذا اللفظ لاستنكار هذا في كلامهم. وانظر شرح المفصل ، ٩ / ٧٣.

(٢) المفصل ، ٣٣٩ ـ ٣٤٠.

(٣) الكتاب ، ٤ / ١٧٩.

(٤) الكتاب ، ٤ / ١٧٨ وشرح المفصل ، ٩ / ٧٣ وشرح الأشموني ، ٤ / ٢١٢.

(٥) في الأصل لكمي.

(٦) انظر اللسان ، كمأ وهنأ.

(٧) المفصل ، ٣٤٠.

١٦٠