التقية في حكم العقل والفطرة
من ضرورة العقول وبديهيّاتها الحكم بحفظ النفس عن المهالك ، والتحذّر عن المخاطر.
ولا شك بحكم العقل بحسنه بل لزومه كرامةً للانسان ، وتكريماً لنبي آدم ، واحتراماً لذي النفس المحترمة.
بل إن فطرة الإنسان ، وغريزة طبيعته مجبولة على حفظ النفس والدفاع عنها ، وصيانتها عمّا يضرّها ويُهلكها.
وهذا ما يدركه جميع الناس بجميع فئاتهم وطبقاتهم ، وبجميع أديانهم ومذاهبهم.
ولذلك قال النووي : لا مبالات باثبات التقية وجوازها وإنّما تكره عامّة الناس لفظها لكونها من معتقدات الشيعة وإلّا فالعالم مجبول على استعمالها ، وبعضهم يسمّيها (مداراة) وبعضهم يسمّيها (مصانعة) وبعضهم يسمّيها (عقلاً معاشيّاً) ، ودلّ عليها الشرع (١).
نعم قد يهون بذل النفس ، بل يحسّن العقل الفداء والتضحية إذا كان بذل النفس في سبيل الشرف ، وصيانة الحق ، وحفظ الدين ، واستقامة الاسلام ، واستئصال الجور والباطل ، كما يدركه العقل ويلمسه جميع ذوي العقول في تضحية شهداء كربلاء وسيّدهم الامام الحسين عليه السلام الذي ضحّى بنفسه ليستنقذ عباد الله من الجهالة وحيرة الضلالة ، وليُحيي كتاب الله ودين رسول الله صلى الله عليه وآله ، وليأمر بالمعروف وينهي عن المنكر ،
__________________
١. شرح الأربعين النووية : ص ٣٦.