علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

قدرتك وسلطانك ، فأصبح القوم وقد يبس شجرهم كلّها ، فهالهم (١) ذلك ، وقطع بهم ، وصاروا فريقين : فرقة قالت : يبّس شجر (٢) آلهتكم هذاالرجل ، الذي يزعم أنّه رسول ربّ السماء والأرض إليكم؛ ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، وفرقة قالت : لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها ، فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه ، فاجتمع رأيهم على قتله ، فاتّخذوا أنابيب طوالاً من رصاص واسعة الأفواه ، ثمّ أرسلوها في قرارالعين إلى أعلى الماء واحدة فوق الاُخرى مثل البرابخ (٣) ، ونزحوا ما فيهامن الماء ، ثمّ حفروا في قرارها من الأرض بئراً عميقة ضيقة المدخل ، وأرسلوا فيها نبيّهم وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا : نرجو الآن أن ترضى عنّا آلهتنا إذا رأت إنّا قد قتلنا من كان يوقع (٤) فيها ، ويصدّ عن عبادتها ، ودفنّاه تحت كبيرها؛ ليشتفي منه فيعودلنا نورها ونضرتها كما كان ، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيّهم عليه‌السلام وهو يقول : سيّدي ، قد ترى ضيق مكاني ، وشدّة كربتي ، فارحم ضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، وعجّل بقبض روحي ، ولا تؤخّر إجابة دعائي حتّى مات عليه‌السلام ، فقال الله تبارك وتعالى لجبرئيل عليه‌السلام : يا جبرئيل ، اُنظرإلى (٥) عبادي هؤلاء الذين غرّهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ، وقتلوا رسلي ، أن يقوموا

__________________

(١) في «ن ، ش» : فهابهم.

(٢) في المطبوع : سحر ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) البربخ : منفذ الماء ، ومجراه ، وهو الإردبَّة والبالولة. القاموس المحيط ١ : ٣٥٤.

(٤) في «ج» والبحار والعيون : «يقع».

(٥) في المطبوع والبحار : أيظن ، بدل : اُنظر إلى ، وما أثبتناه من النسخ والعيون وتفسيرالثعلبي .

٨١

لغضبي ، أو يخرجوا من سلطاني ، كيف وأنا المنتقم ممّن عصاني ، ولم يخش عقابي ، وإنّي حلفت بعزّتي لأجعلنَّهم عبرة ونكالاً للعالمين ، فلم يدعهم وفي عيدهم ذلك إلاّ بريح عاصف شديدالحمرة فتحيّروا فيها وذعروا منها ، وتضام بعضهم إلى بعض ، ثمّ صارت الأرض من تحتهم حجر (١) كبريت يتوقّد ، وأظلّتهم سحابة سوداء مظلمة ، فانكبّت عليهم كالقبة جمرة تتلهب فذابت أبدانهم كما يذوب الرّصاص في النّار ، فنعوذ بالله من غضبه ونزول نقمته» (٢).

ـ ٣٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي يعقوب يعقوباً ،

والعلّة التي من أجلها سُمّي إسرائيل عليه‌السلام

[ ٦٨ / ١ ] حدّثنا أحمد بن الحسن (٣) القطّان قال : حدّثنا الحسن بن علي السكري (٤) ، قال : حدّثنا محمّد بن زكريّا الجوهري ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان يعقوب وعيص توأمين ، فولد عيص ثمّ ولد يعقوب ، فسُمّي يعقوب؛ لأنّه خرج بعقب أخيه عيص ، ويعقوب هو إسرائيل ، ومعنى إسرائيل : عبدالله ؛

__________________

(١) في «ع ، ح» والعيون : كحجر.

(٢) ذكره المصنّف في العيون ١ : ٢٦٧ / ١ ، الباب ١٦ ، وأورده الثعلبي في التفسير ٧ : ١٣٥ ، ونقله المجلسي عن العيون والعلل في بحار الأنوار ٥٩ : ١٠٩ / ٧.

(٣) في المطبوع : الحسين ، وما أثبتناه من النسخ ، وهو الموافق للمصادر الرجاليّة.

(٤) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : العسكري ، وما أثبتناه من «ج» وهو الموافق للمصادر الرجاليّة.

٨٢

لأنّ إسرا : هوعبد ، وإيل : هو الله عزوجل» (١) .

[ ٦٩ / ٢ ] وروي في خبر آخر : «إنّ إسرا : هو القوّة ، وإيل : هو الله عزوجل، فمعنى إسرائيل : قوّة الله عزوجل» (٢) .

[ ٧٠ / ٣ ] حدّثنا أبو محمّد عبدالله بن حامد قال : أخبرنا أبو صالح خلف بن محمّد بن إسماعيل الخيام البخاري ببخارا فيما قرأت عليه فأقرّ به ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن علي بن حمزة الأنصاري قال : حدّثنا (٣) عبدالرحمن بن إبراهيم الدمشقي دحيم (٤) قال : حدّثنا بشر بن بكير النفيسي (٥) ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن سعيد بن عمرو الأنصاري ، عن أبيه ، عن كعب الأحبار في حديث طويل يقول فيه : إنّما سُمّي إسرائيل إسرائيل الله ؛ لأنّ يعقوب كان يخدم بيت المَقدس ، وكان أوّل من يدخل وآخرمن يخرج ، وكان يسرج القناديل ، وكان إذا كان بالغداة رآها مطفأة ، قال : فبات ليلة في مسجد بيت المَقدس فإذا بجنّي يطفؤها ، فأخذه فأسره إلى سارية في المسجد فلمّا أصبحوا رأوه أسيراً ، وكان اسم الجنّي : إبل ،

__________________

(١) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٤٩ ضمن الحديث رقم ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٦٥ / ٣٠.

(٢) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٤٩ ضمن الحديث رقم ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٦٥ ذيل الحديث رقم ٣٠.

(٣) في «س» : حدّثني.

(٤) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع ، ج» : دحلم ، والصحيح ما في المتن ، وهو الموافق للمصادرالرجاليّة ، اُنظر تاريخ الثقات للعجلي ٢ : ٢٨٧ / ٩٢٨ ، الجرح والتعديل للرازي ٥ : ٢١١ / ٩٩٩ .

(٥) كذا في «ع ، س ، ن» وفي «ح» : بشر بن بكر الغبسي ، وفي حاشيتها : التفليسي ، وفي «ع» : بشير بن بكر النفيسي ، وفي «ج» : بشير بن أبي بكر النفيسي.

٨٣

فسُمّي إسرائيل لذلك» (١) .

والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة وقد أخرجته بتمامه بطوله في كتاب النبوّة.

ـ ٤٠ ـ

باب العلّة التي من أجلها يبتلى النبيّون والمؤمنون

[ ٧١ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسن بن محبوب ، عن سماعة بن مهران ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ في كتاب عليّ عليه‌السلام أنّ أشدّ النّاس بلاءً النبيّون ، ثمّ الوصيّون ، ثمّ الأمثل فالأمثل؛ وإنّما يبتلى المؤمن على قدر أعماله الحسنة ، فمن صحَّ دينه وصحّ عمله اشتدَّ بلاؤه؛ وذلك أنّ الله عزوجل لم يجعل الدنيا ثواباً لمؤمن ، ولا عقوبة لكافر ، ومن سخف دينه وضعف عمله قلَّ بلاؤه ، والبلاء أسرع إلى المؤمن المتّقي من المطر إلى قرار الأرض» (٢) .

[ ٧٢ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبدالله ابن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبي عبدالله الجاموراني ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة (٣) ، عن أبيه ، عن

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٦٥ / ٣١.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٢ : ٢٠٠ / ٢٩ ، وأورده بسند آخر عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله البيهقي في السنن الكبرى ٣ : ٥٢١ / ٦٥٣٤ ، والحاكم في المستدرك ١ : ٤١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٧ : ٢٢٢ / ٢٩.

(٣) في المطبوع : الحسن بن أبي حمزة ، وما أثبتناه من النسخ والبحار ، وهو الموافق للمصادر الرجاليّة . اُنظر معجم رجال الحديث ٦ : ١٧ / ٢٩٣٧.

٨٤

أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لو أنّ مؤمناً كان في قلّة جبل لبعث الله عزوجل إليه من يؤذيه؛ ليأجره على ذلك» (١) .

[ ٧٣ / ٣ ] حدّثنا حمزة بن محمّد بن أحمد العلوي رضي‌الله‌عنه قال : أخبرنا أحمدبن محمّد الكوفي قال : حدّثنا عبيدالله بن حمدون قال : حدّثنا الحسين بن نصير (٢) قال : حدّثنا خالد ، عن حصين (٣) ، عن يحيى بن عبدالله بن الحسن ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين ، عن أبيه عليهما‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما زلت أنا ومن كان قبلي من النبيّين والمؤمنين مبتلين بمن يؤذينا ، ولو كان المؤمن على رأس جبل لقيّض الله عزوجل له من يؤذيه؛ ليأجره على ذلك».

وأميرالمؤمنين عليه‌السلام : «ما زلت مظلوماً منذ ولدتني اُمّي حتّى أن كان عقيل ليصيبه رمد فيقول : لا تذروني حتّى تذروا عليّاً ، فيذروني وما بي من رمد» (٤) .

ـ ٤١ ـ

باب العلّة التي من أجلها امتحن الله عزوجل

يعقوب وابتلاه بالرّؤيا التي رآها يوسف حتّى

جرى من أمره ما جرى

[ ٧٤ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبدالله

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٧ : ٢٢٨ / ٣٧.

(٢) في «ش» : نصر.

(٣) في حاشية «ج» والبحار : خالد بن حصين.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٢٠٨ / ٤ و٦٧ : ٢٢٨ / ٣٨.

٨٥

ابن جعفر الحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن الثمالي قال : صلّيت مع علي بن الحسين عليه‌السلام الفجر بالمدينة يوم الجمعة فلمّا فرغ من صلاته وسبحته ، نهض إلى منزله وأنا معه ، فدعا مولاة له تسمّى : سكينة فقال لها : «لا يعبر على بابي سائل إلاّ أطعمتموه ، فإنّ اليوم يوم الجمعة».

قلت له : ليس كلّ من يسأل مستحقّاً؟

فقال : «يا ثابت ، أخاف أن يكون بعض من يسألنا محقّاً فلا نطعمه ونردّه فينزل بنا أهل البيت ما نزل بيعقوب وآله ، أطعموهم أطعموهم ، إنّ يعقوب كان يذبح كلّ يوم كبشاً ، فيتصدّق منه ويأكل هو وعياله منه ، وإنّ سائلاًمؤمناً ، صوّاماً ، محقّاً (١) له عند الله منزلة ، وكان مجتازاً ، غريباً اعترّ (٢) على باب يعقوب عشيّة جمعة عند أوان إفطاره يهتف على بابه : أطعموا السائل ، المجتاز ، الغريب ، الجائع من فضل طعامكم. يهتف بذلك على بابه مراراً وهُم يسمعونه وقد جهلوا حقّه ولم يصدّقوا قوله ، فلمّا يئس أن يطعموه ، وغشيه الليل استرجع واستعبر وشكا جوعه إلى الله عزوجل ، وبات طاوياً ، وأصبح صائماً جائعاً ، صابراً ، حامداً لله تعالى ، وبات يعقوب وآل يعقوب شباعاً ، بطاناً ، وأصبحوا وعندهم فضلة من طعامهم.

قال : فأوحى الله عزوجل إلى يعقوب في صبيحة تلك الليلة : لقد أذللت يا يعقوب عبدي ذلّة استجررت (٣) بها غضبي ، واستوجبت بها أدبي ، ونزول عقوبتي ، وبلواي عليك وعلى ولدك.

__________________

(١) في «ج» : مستحقّاً.

(٢) اعترَّ : إذا أتاه معترضاً. النهاية في غريب الحديث ٣ : ١٨٥.

(٣) في «ح» : استحدثت.

٨٦

يا يعقوب ، إنّ أحبّ أنبيائي إليَّ ، وأكرمهم عليَّ من رحم مساكين عبادي ، وقرَّبهم إليه وأطعمهم ، وكان لهم مأوى وملجأً.

يا يعقوب ، أما رحمت ذميال عبدي المجتهد في عبادته (١) ، القانع باليسير من ظاهر الدنيا ، عشاء أمس لمّا اعترّ ببابك عند أوان إفطاره ، وهتف بكم أطعموا السائل الغريب ، المجتاز القانع ، فلم تطعموه شيئاً ، فاسترجع واستعبر وشكا ما به إليّ ، وبات طاوياً ، حامداً لي ، وأصبح لي صائماً ، وأنت يا يعقوب و ولدك شباع ، وأصبحت وعندكم فضلة من طعامكم ، أوما علمت يا يعقوب إنّ العقوبة والبلوى إلى أوليائي أسرع منها إلى أعدائي؛ وذلك حسن النظر منّي لأوليائي واستدراج منّي لأعدائي ، أما وعزّتي لأُنزل بك (٢) بلواي ، ولأجعلنّك وولدك عرضاً (٣) لمصائبي ، ولآذينك بعقوبتي (٤) ، فاستعدّوا لبلواي ، وارضوا بقضائي ، واصبروا للمصائب» ، فقلت لعلي بن الحسين عليه‌السلام : جعلت فداك ، متى رأى يوسف الرؤيا؟

فقال : «في تلك الليلة التي بات فيها يعقوب وآل يعقوب شباعاً ، وبات فيها ذميال طاوياً جائعاً.

فلمّا رأى يوسف الرؤيا ، وأصبح يقصّها على أبيه يعقوب ، فاغتمّ يعقوب لمّا سمع من يوسف مع ما أوحى (٥) الله عزوجل إليه أن استعدّ للبلاء ، فقال يعقوب ليوسف : لا تقصص رؤياك هذه على إخوتك؛ فإنّي

__________________

(١) في المطبوع : عبادتي ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.

(٢) في المطبوع : عليك ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.

(٣) في «ج ، ح ، ن ، ش» والبحار : غرضاً.

(٤) في «ح» : بعقوبتك.

(٥) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع ، ج» : مغتمّاً ، فأوحى ، بدل : مع ما أوحى.

٨٧

أخاف أن يكيدوا لك كيداً ، فلم يكتم يوسف رؤياه وقصّها على إخوته».

قال علي بن الحسين عليه‌السلام : «وكانت أوّل بلوى نزلت بيعقوب وآل يعقوب الحسد ليوسف لمّا سمعوا منه الرؤيا».

قال : «فاشتدّت رقّة يعقوب على يوسف وخاف أن يكون ما أوحى الله عزوجل إليه من الاستعداد للبلاء هو في يوسف خاصّة ، فاشتدّت رقّته عليه من بين ولده ، فلمّا رأى اُخوة يوسف ما يصنع يعقوب بيوسف وتكرمته إيّاه وإيثاره إيّاه عليهم ، اشتدّ ذلك عليهم وبدأ البلاء فيهم فتآمروا فيما بينهم ، وقالوا : ( إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ) (١) أي : تتوبون فعند ذلك قالوا : ( قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَىٰ يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * رْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ ) (٢) الآيـة. فقال يعقوب : ( إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ ) (٣) ، فانتزعه حذراً عليه منه أن تكون البلوى من الله عزوجل على يعقوب في يوسف خاصّة لموقعه من قلبه وحبّه له ، قال : فغلبت قدرة الله وقضاؤه ، ونافذ أمره في يعقوب ويوسف واُخوته ، فلم يقدر يعقوب على دفع البلاء عن نفسه ولا عن يوسف وولده ، فدفعه إليهم وهو لذلك كاره متوقّع للبلوى من الله في يوسف ، فلمّا خرجوا من منزلهم لحقهم مُسرعاً ، فانتزعه من أيديهم فضمّه إليه واعتنقه وبكى ودفعه إليهم فانطلقوا بـه مسرعين؛ مخافة أن يأخـذه منهم

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٨ و٩.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ١١ و١٢.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ١٣.

٨٨

ولايدفعه (١) إليهم ، فلمّا أيقنوا (٢) به أتوا به غيضة (٣) أشجار ، فقالوا : نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة ، فيأكله الذئب الليلة ، فقال كبيرهم : ( اتَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ ) لكن ( أَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) (٤) ، فانطلقوا به إلى الجُبّ فألقوه فيه وهُم يظنّون أنّه يغرق فيه ، فلمّاصار في قعر الجبّ وناداهم : يا ولدَ رومين ، اقرؤوا يعقوب السلام منّي ، فلمّا سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض : لا تزالوا من هاهنا حتّى تعلموا أنه قد مات ، فلم يزالوا بحضرته حتّى أيسوا (٥) ورجعوا إلى أبيهم عشاءًيبكون ، قالوا : ( يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ) (٦) ، فلمّا سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله عزوجل إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلاء وقال لهم : ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ) (٧) وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل أن أرى (٨) تأويل رؤياه الصادقة».

قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث علي بن الحسين عليه‌السلام عند هذا ، فلمّا كان من الغد غدوت عليه ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّك حدّثتني أمس بحديث ليعقوب (٩) وولده ، ثمّ قطعته ما كان من قصّة إخوة يوسف وقصّة

__________________

(١) في حاشية «ج» : يعيده.

(٢) في المطبوع : أمعنوا ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) الغيضة : مجتمع الشجر. الصحاح ٢ : ٥١٨.

(٤) سورة يوسف ١٢ : ١٠.

(٥) في المطبوع : أمسوا ، وما أثبتناه من النسخ.

(٦) سورة يوسف ١٢ : ١٧.

(٧) سورة يوسف ١٢ : ١٨.

(٨) في المطبوع : رأى ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.

(٩) في المطبوع : يعقوب ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.

٨٩

يوسف بعد ذلك.

فقال : «إنّهم لمّا أصبحوا قالوا : انطلقوا بنا حتّى ننظر ما حال يوسف أمات أم هو حيّ؟ فلمّا انتهوا إلى الجبّ وجدوا بحضرة الجبّ سيّارة ، وقد أرسلوا واردهم فأدلى دلوه ، فلمّا جذب دلوه ، إذا هو بغلام متعلّق بدلوه ، فقال لأصحابه : يا بشرى هذا غلام ، فلمّا أخرجوه أقبلوا إليهم إخوة يوسف فقالوا : هذا عبدنا سقط منّا أمس في هذا الجبّ ، وجئنا اليوم لنخرجه ، فانتزعوه من أيديهم وتنحّوا به ناحية فقالوا : إمّا أن تقرّ لنا أنّك عبد لنا فنبيعك على بعض هذه السيّارة ، أو نقتلك؟ فقال لهم يوسف : لا تقتلوني واصنعوا ما شئتم ، فأقبلوا به إلى السيّارة.

فقالوا : أمنكم من يشتري منّا هذا العبد؟ فاشتراه رجل منهم بعشرين درهماً ، وكان إخوته فيه من الزاهدين ، وسار به الذي اشتراه من البدوحتّى أدخله مصر فباعه الذي اشتراه من البدو من ملك مصر ، وذلك قول الله عزوجل : ( وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ) (١) ».

قال أبو حمزة : فقلت لعليّ بن الحسين عليه‌السلام : ابن كمْ كان يوسف يوم ألقوه في الجبّ؟ فقال : «كان ابن تسع سنين».

فقلت : كم كان بين منزل يعقوب يومئذ وبين مصر؟

فقال : «مسيرة اثني عشرة يوماً» ، قال : «وكان يوسف من أجمل أهل زمانه فلمّا راهق يوسف راودته امرأة الملك عن نفسه فقال لها : معاذ الله ، أنا من أهل بيت لا يزنون ، فغلّقت الأبواب عليها وعليه ، وقالت : لا تخف ، وألقت نفسها عليه فأفلت منها هارباً إلى الباب ففتحه فلحقته فجذبت

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٢١.

٩٠

قميصه من خلفه ، فأخرجته منه ، فأفلت يوسف منها في ثيابه (١) ، وألقيا سيّدهالدى الباب ( قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٢) ، قال : فهمَّ الملك بيوسف؛ ليعذّبه ، فقال له يوسف : وإله يعقوب ، ما أردت بأهلك سوءاً ، بل هي راودتني عن نفسي ، فسل هذا الصبيّ أيّنا راود صاحبه عن نفسه؟ قال : وكان عندها من أهلها صبيّ زائر لها ، فأنطق الله الصبي؛ لفصل القضاء ، فقال : أيّها الملك ، اُنظر إلى قميص يوسف فإن كان مقدوداً من قدّامه فهو الذي راودها ، وإن كان مقدوداً من خلفه فهي التي راودته ، فلمّا سمع الملك كلام الصبيّ وما اقتصّ أفزعه ذلك فزعاً شديداً ، فجيء بالقميص فنظر إليه ، فلمّا رأوه مقدوداً من خلفه ، قال لها : ( إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ ) (٣) ، وقال ليوسف : اعرض عن هذا ولايسمعـه منك أحد واكتمه ، قال : فلم يكتمه يوسف. وأذاعه (٤) في المدينة ، حتّى قلن نسوة منهنّ : ( امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ ) (٥) فبلغها ذلك فأرسلت إليهنّ وهيّئت لهنَّ طعاماً ومجلساً ، ثمّ أتتهنَّ بأترج ( وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا ) ثمّ ( قَالَتِ ) ليوسف : ( اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ ) (٦) ما قلن ، فقالت لهنَّ : هذا ( الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ ) (٧) يعني في حبّه ، وخرجن النّسوة من عندها ، فأرسلت كلّ

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» : أي : في بقية ثيابه ، أو يكون مكان أخرجته خرقته وهزم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) سورة يوسف ١٢ : ٢٥.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٢٨.

(٤) في «ش ، ع ، ح ، ن» : أذعنه.

(٥) سورة يوسف ١٢ : ٣٠.

(٦) سورة يوسف ١٢ : ٣١.

(٧) سورة يوسف ١٢ : ٣٢.

٩١

واحدة مِنهنَّ إلى يوسف سرّاً من صاحبتها تسأله الزيارة فأبى عليهنّ ، وقال : ( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ) (١) ، فصرف الله عنه كيدهنَّ ، فلمّا شاع أمريوسف وأمر امرأة العزيز والنسوة في مصر ، بدا للملك بعد ما سمع قول الصبيّ : ليسجننَّ يوسف ، فسجنه في السجن ودخل السجن مع يوسف فتيان ، وكان من قصّتهما وقصّة يوسف ما قصّه الله في الكتاب».

قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث علي بن الحسين صلوات الله عليه (٢) .

[ ٧٥ / ٢ ] وسمعت محمّد بن عبدالله بن محمّد بن طيفور يقول في قول يوسف عليه‌السلام : ( رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ ) (٣) : إنّ يوسف رجع إلى اختيار نفسه فاختار السجن فوكل إلى اختياره ، والتجأ نبيّ الله محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الخيار فتبرّأ من الاختيار ، ودعا دعاء الافتقار ، فقال على رؤية الاضطرار : «يا مقلّب القلوب والأبصار ، ثبّت قلبي على طاعتك» ، فعوفي من العلّة وعصم (٤) ، فاستجاب الله له ، وأحسن إجابته ، وهو أنّ الله عصمه ظاهراً وباطناً.

وسمعته يقول في قول يعقوب : ( هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ ) (٥) : إنّ هذا مثل قول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يلسع المؤمن من

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٣٣.

(٢) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٦٧ / ٥ ، والراوندي في قصص الأنبياء : ١٢٦ / ١٢٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧١ / ٤٨.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٣٣.

(٤) في «ن ، ح ، ش» : وعظم.

(٥) سورة يوسف ١٢ : ٦٤.

٩٢

جُحْرمرّتين» (١) ، فهذا معناه؛ وذلك أنّه سلّم يوسف إليهم فغشوه حين اعتمد على حفظهم له ، وانقطع في رعايته إليهم فألقوه في غيابة الجبّ وباعوه ، فلمّا انقطع إلى الله عزوجل في الابن الثاني وسلّمه واعتمد في حفظه عليه ، وقال : ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ) (٢) ، أقعده على سرير المملكة وردّ يوسف إليه ، وخرج القوم من المحنة واستقامت أسبابهم.

وسمعته يقول في قول يعقوب : ( يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ ) (٣) : إنّه عرض في التأسّف بيوسف وقد رأى في مفارقته فراقاً آخر ، وفي قطيعته قطيعة اُخرى ، فتلهّف عليها وتأسّف من أجلها كقول الصادق عليه‌السلام في معنى قوله عزوجل : ( وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ ) (٤) : «إنّ هذا فراق الأحبّة في دار الدنيا؛ ليستدلّوا به على فراق المولى ، فلذلك يعقوب تأسّف على يوسف من خوف فراق غيره ، فذكريوسف لذلك» (٥) .

ـ ٤٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها قال اُخوة يوسف ليوسف :

( إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ) (٦)

[ ٧٦ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا

__________________

(١) ذكره المصنّف في من لا يحضره الفقيه ٤ : ٣٧٨ / ٥٧٨٥.

(٢) سورة يوسف ١٢ : ٦٤.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٨٤.

(٤) سورة السجدة ٣٢ : ٢١.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٧ / ٤٩.

(٦) سورة يوسف ١٢ : ٧٧.

٩٣

جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا أحمد بن عبيد الله العلوي قال : حدّثني علي بن محمّد العلوي العمري قال : حدّثني إسماعيل ابن همّام قال : قال الرضا عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ۚ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ) (١) قال : «كانت لإسحاق النبيّ عليه‌السلام مِنطقة يتوارثها الأنبياء الأكابر ، وكانت عند عمّة يوسف ، وكان يوسف عندها وكانت تحبّه ، فبعث إليها أبوه إبعثيه إليّ وأردّه إليك ، فبعثت إليه : دعه عندي الليلة أشمّه ، ثمّ أرسله إليك غدوة ، قال : فلمّاأصبحت أخذت المِنطقة فربطتها في حقوه ، وألبسته قميصاً وبعثت به إليهوقالت : سُرقت المِنطقة فوجدت عليه ، وكان إذا سرق واحد في ذلك الزمان دفع إلى صاحب السرقة فكان عبده» (٢) .

[ ٧٧ / ٢ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن عبدالله بن محمّد بن خالد قال : حدّثني الحسن بن علي الوشّاء قال : سمعت علي بن موسى الرضا عليه‌السلام يقول : «كانت الحكومة في بني إسرائيل إذا سرق أحد شيئاً استرقّ به ، وكان يوسف عليه‌السلام عند عمّته وهو صغير ، وكانت تحبّه وكان لإسحاق عليه‌السلام مِنطقة ألبسها إيّاه (٣) يعقوب عليه‌السلام وكانت عند ابنته ، وإنّ يعقوب طلب يوسف يأخذه من عمّته ، فأغتمّت لذلك وقالت له : دعه حتّى أرسله إليك ، فأرسلته

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٧٧.

(٢) ذكره المصنّف في العيون ٢ : ١٦٧ / ٥ ، الباب ٣٢ ، وأورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٨٥ / ٥٣ ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٦٢ / ١٤.

(٣) في المطبوع و«ن» والعيون : أباه ، وكلاهما لم يردا في البحار وتفسير العيّاشي وتفسيرالقمّي ، وما أثبتناه من نسخة «ح ، س ، ش ، ج».

٩٤

وأخذت المِنطقة فشدّتها في وسطه تحت الثياب ، فلمّا أتى يوسف أباه جاءتوقالت : سرقت المنطقة ، ففتّشته فوجدتها في وسطه ، فلذلك قال إخوة يوسف ، حيث جعل الصاع في وعاء أخيه : ( إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ) فقال لهم يوسف : ما جزاء من وجدناه في رحله؟ قالوا : هو جزاؤه كما جرت السنّة التي تجري فيهم ، فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ، ثمّ استخرجها من وعاء أخيه ، ولذلك قال إخوة يوسف : ( إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ ) يعنون المِنطقة ، ( فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ ) (١) » (٢).

ـ ٤٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها أذّن مؤذّن العير (٣) التي فيها

إخوة يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) (٤)

[ ٧٨ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا إبراهيم بن علي قال : حدّثنا إبراهيم بن إسحاق ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «لا خير فيمن

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٧٧.

(٢) ذكره المصنّف في العيون ٢ : ١٦٨ / ٦ ، الباب ٣٢ ، وأورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٨٦ / ٥٤ ، والقمّي في التفسير ١ : ٣٥٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٤٩ / ١٥ .

(٣) العير بالكسر ـ : الإبل تحمل الميرة ، ثمّ غلب إلى كلّ قافلة. المصباح المنير : ٢٢٧.

(٤) سورة يوسف ١٢ : ٧٠.

٩٥

لاتقيّة له ، ولقد قال يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) وماسرقوا» (١) .

[ ٧٩ / ٢ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا (٢) جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه قال : حدّثنا محمّد بن أبي نصرقال : حدّثني أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين (٣) بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي بصير ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : «التقيّة دين الله عزوجل ».

قلت : من دين الله؟

قال : فقال : «إي والله ، من دين الله ، لقد قال يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) ، والله ما كانوا سرقوا شيئاً» (٤) .

[ ٨٠ / ٣ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) ، قال : «ما سرقوا وما كذب» (٥) .

__________________

(١) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٨٤ / ٤٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢ : ١٨٤ / ٤٨ .

(٢) في «س» : حدّثني.

(٣) في حاشية «ش» : الحسن.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٢ : ١٧٢ / ٣ ، والعيّاشي في التفسير ٢ : ١٨٤ / ٤٨ ، والطبرسي في مشكاة الأنوار ١ : ٩٣ / ١٨٩ ، والبرقي في المحاسن ١ : ٤٠٢ / ٩٠٧ ، والسبزواري في جامع الأخبار : ٢٥٥ / ٦٧٢ ، وفي الجميع بزيادة : «ولقد قال إبراهيم عليه‌السلام : ( إنّى سَقيم ) والله ، ما كان سقيماً» ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٨ / ٥١.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٩ / ٥٤.

٩٦

[ ٨١ / ٤ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن محمّد بن أحمد ، عن إبراهيم ابن إسحاق النهاوندي ، عن صالح بن سعيد ، عن رجل من أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل في يوسف : ( أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ ) قال : «إنّهم سرقوا يوسف من أبيه ، ألا ترى أنّه قال لهم حين قالوا : ( مَّاذَا تَفْقِدُونَ * قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ ) (١) ولم يقولوا : سرقتم صواع الملك ، وإنّما عنى أنّكم سرقتم يوسف من أبيه» (٢) .

ـ ٤٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها قال يعقوب لبنيه :

( يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) (٣)

[ ٨٢ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا محمّد بن نصير (٤) ، عن

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٧١ و٧٢.

(٢) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٢١٠ / ضمن حديث رقم ١ ، وأورده القمّي في التفسير١ : ٣٤٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٨ / ٥٣.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٨٧.

(٤) في المطبوع و«ح» : محمّد بن أبي نصر ، وفي «س ، ش ، ع ، ن ، ل» : محمّد بن نصر ، وما أثبتناه من «ج» والبحار ، وهو الموافق للمصادر ؛ لأن محمّد بن نصير يعدّ من مشايخ الشيخ أبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي ، وروى عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري .

٩٧

أحمدبن محمّد ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حنان بن سُدير ، عن أبيه ، قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أخبرني عن يعقوب حين قال لولدِه : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) ، أكان عَلِمَ أنّه حيّ وقد فارقه منذ عشرين سنة ، وذهبـت عيناه مـن الحـزن؟ قال : «نعـم عَلِمَ أنّـه حيّ». قلت : وكيف عَلِمَ؟

قال : «إنّه دعا في السحر أن يهبط عليه ملك الموت ، فهبط عليه تريال ، فهو ملك الموت ، فقال له تريال : ما حاجتك يا يعقوب؟ قال : أخبرني عن الأرواح تقبضها (١) مجتمعة أو متفرّقة؟ فقال : بل متفرّقة روحاً روحاً ، قال : فمرَّبِك روح يوسف؟ قال : لا ، قال : فعند ذلك عَلِمَ أنّه حيّ ، فقال لولده : ( اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ ) » (٢) .

ـ ٤٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها وجد يعقوب

__________________

وللمزيد اُنظر : كمال الدين : ٣٩٤ / ٤ ، معاني الأخبار : ٣٣٩ / ٧ و٣٦٩ / ١ ، من لايحضره الفقيه ٢ : ١٨٢ / ٢٠٨٢ ، اختيار معرفة الرجال : ٩١٩ ، معجم رجال الحديث ١٨ : ٣١٦ / ١١٩٣٠ ، و٢٤٤ / ١١٨٠٠ ، و٣ : ٨٥ / ٩٠٢.

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : السؤال لأنّه لو كان مقبضها مجتمعة لا يعلم من عدم قبضه عدم موته عليه‌السلام ؛ لأنّه يمكن أن يكون قبضتها الملائكة القابضون ، ولم يصل إليه بعد. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٨٩ / ٦٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٧ / ٥٠ .

٩٨

ريح يوسف من مسيرة عشرة أيّام

[ ٨٣ / ١ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثناجعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي نصر ، قال : حدّثناأحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين (١) بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان القميص الذي أُنزل به على إبراهيم من الجنّة في قصبة من فضّة ، وكان إذا لبس كان واسعاً كبيراً ، فلمّا فصلوا ويعقوب بالرّملة ، ويوسف بمصر ، قال يعقوب : إنّي لأجد ريح يوسف ، عنى ريح الجنّة حين فصلوا بالقَميص؛ لأنّه كان من الجنّة» (٢) .

[ ٨٤ / ٢ ] وبهذا الإسناد عن علي بن مهزيار ، عن محمّد بن إسماعيل السرّاج ، عن بشر (٣) بن جعفر ، عن مفضّل الجعفي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : «أتدري ما كان قميص يوسف؟».

قال : قلت : لا.

قال : «إنّ إبراهيم لمّا اُوقدت له النّار أتاه جبرئيل عليه‌السلام بثوب من ثياب الجنّة وألبسه إيّاه ، فلم يضرّه معه ريح ولابرد ولاحرّ ، فلمّا حضر إبراهيم الموت جعله في تميمة (٤) وعلّقه على إسحاق ، وعلّقه إسحاق على يعقوب ،

__________________

(١) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» والبحار : حسن.

(٢) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٩٤ / ٧٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٩ / ٥٦ .

(٣) في «ع» : بشير.

(٤) التّميمة : عوذة تعلّق على الإنسان ، ويقال هي : خرزة. الصحاح ٥ : ١٩٠ / تمم.

٩٩

فلمّا ولد ليعقوب يوسف علّقه عليه ، فكان في عضده حتّى كان من أمره ماكان ، فلمّاأخرج يوسف القميص من التميمة وجد يعقوب ريحه ، وهو قوله تعالى : ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ ) (١) فهو ذلك القميص الذي اُنزل به من الجنّة».

قلت : جُعلت فداك ، فإلى من صار هذا القميص؟

قال : «إلى أهله ، ثمّ قال : كلّ نبيّ ورث علماً أو غيره فقد انتهى إلى محمّدوآله» (٢).

[ ٨٥ / ٣ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا (٣) علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن حفص أخي مرازم (٤) ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام : في قول الله عزوجل : ( وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ ) قال أبوهم : ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ ) (٥) قال : «وجد يعقوب ريح قميص إبراهيم حين فصلت العير منْ مصر ، وهو بفلسطين» (٦) .

__________________

(١) سورة يوسف ١٢ : ٩٤.

(٢) ذكره المصنّف في كمال الدين : ١٤٢ / ١٠ ، وأورده الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٣٧٨ / ٧١٥ ، والكليني في الكافي ١ : ١٨١ / ٥ ، والقمّي في التفسير ١ : ٣٥٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٧ : ١٤٣ / ٣٠.

(٣) في «ع» : حدّثني.

(٤) في «س ، ش ، ن ، ح ، ج» : ورّام ، والصحيح ما في المتن ، وهو الموافق لنسخة «ع»والمصادر . اُنظر : رجال البرقي : ٣٧ ، رجال الشيخ الطوسي : ١٧٩ / ٢٤٧٩ ، معجم رجال الحديث ٧ : ١٣٨ / ٣٧٧١.

(٥) سورة يوسف ١٢ : ٩٤.

(٦) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ١٩٢ / ٧٠ ، والقمّي في التفسير ٥ : ٥٠٩ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٧٩ / ٥٥.

١٠٠