علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

جَف ، فسُمّي بـ : نجف ثمّ صار( النّاس ) (١) بعد ذلك يسمّونه : نَجَف؛ لأنّه كان أخفّ على ألسنتهم» (٢) .

ـ ٢٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها قال نوح عليه‌السلام : ( إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ

يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِرًا كَفَّارًا ) (٣)

[ ٤٦ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن حنّان بن سُدير ، عن أبيه قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت نوحاً عليه‌السلام حين دعا على قومه فقال : ( رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا ) (٤) قال عليه‌السلام : «علم أنّه لا ينجب من بينهم أحد».

قال : قلت : وكيـف علم ذلـك؟ قال : «أوحى الله إليه : ( نَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلَّا مَن قَدْ آمَنَ ) (٥) ، فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء» (٦) .

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في «ح».

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٢١ / ٢٩.

(٣) سورة نوح ٧١ : ٢٧.

(٤) سورة نوح ٧١ : ٢٦ و٢٧.

(٥) سورة هود ١١ : ٣٦.

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٢٢ / ٣١.

٦١

ـ ٢٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار في النّاس السودان ،

والترك ، والسقالبة ، ويأجوج ومأجوج

[ ٤٧ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي قال : حدّثنا سهل بن زياد الآدمي (١) قال : حدّثنا عبدالعظيم بن عبدالله الحسني (٢) قال : سمعت علي بن محمّد العسكري عليه‌السلام يقول : «عاش نوح عليه‌السلام ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوماً في السفينة نائماً ، فهبّت ريح فكشفت عورته فضحك حام ويافث ، فزجرهما سام عليه‌السلام ونهاهماعن الضحك ، وكان كلّما غطّى سام شيئاً تكشفه الريح كشفه حام ويافث ، فانتبه نوح عليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون فقال : ما هذا؟ فأخبره سام بماكان ، فرفع نوح عليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول : اللّهم غيّر ماء صُلب حام ، حتّى لا يولد له (٣) إلاّ السودان ، اللّهم غيّر ماء صُلب يافث فغيّر الله ماء صلبهما ، فجميع السودان حيث كانوا من حام ، وجميع التُّرك والسقالبة (٤) ويأجوج ومأجوج والصين (٥) من يافث حيث كانوا ،

__________________

(١) في «ح ، ن» : الآوي ، وفي حاشيتهما عن نسخة : الآدمي.

(٢) في «ن ، ح» : الحسيني ، وفي حاشيتهما عن نسخة : الحسني.

(٣) في «ع» : يولد له ولد.

(٤) في «ع ، ن ، س ، خ» : السقالب ، وفي البحار : الصقالبة .

قال في تاج العروس : السَّقْلَب : اسم وجيل من الناس ، وهو سَقْلَبِىٌّ جمع سَقَالِبَة ، والمشهور على الألسنة في الجيل بالصاد . تاج العروس ٢ : ٧٩ .

الصقالبة : جيل حمر الألوان ، صهب الشعور ، تتاخم بلادهم بلاد الخزر في أعالي جبال الروم . معجم البلدان ٣ : ٤٧٢ .

(٥) في «ع ، ح» : والبيض.

٦٢

وجميع البيض سواهم من سام ، وقال نوح عليه‌السلام لحام ويافث : جعل الله ذرّيّتكما خولاً (١) لذرّيّة سام إلى يوم القيامة؛ لأنّه بَرَّ بي (٢) وعققتماني ، فلازالت سمة عقوقكما لي في ذرّيّتكما ظاهرة وسمة البرّ بي في ذرّيّة سام ظاهرة ما بقيت الدنيا» (٣) .

ـ ٢٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها أحبّ الله عزوجل لأنبيائه عليه‌السلام

الحرث والرعي

[ ٤٨ / ١ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين (٤) بن أبي الخطّاب ، عن محمّد بن سنان ، عن محمّد بن عطية قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : «إنّ الله عزوجل أحبَّ لأنبيائه عليه‌السلام من الأعمال الحرث والرعي؛ لئلاّ يكرهوا شيئاً من قطر السماء» (٥) .

[ ٤٩ / ٢ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن

__________________

(١) الخول : الحشم ، وهو اسم يقع على العبد والأمة. الصحاح ٤ : ٤٩٩.

(٢) في «ع ، ح» : وبَرَّني.

(٣) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٨٥ / ٧٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٦٢ : ٦٠ / ٢ ، وفي ٦ : ٣١٤ / ٢٢ بدون ذيل الحديث.

(٤) في «ح» : الحسن ، والصحيح ما في المتن وهو الموافق للمصادر. اُنظر معجم رجال الحديث ١٦ : ٣٠٨ / ١٠٥٨١.

(٥) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٢٧٩ / ٣٤١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٦٤ / ٦.

٦٣

محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن فضّال ، عن مروان بن مسلم ، عن عقبة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «ما بعث الله نبيّاً قطّ حتّى يسترعيه الغنم ، يعلّمه بذلك رَعيّة الناس» (١) .

ـ ٣٠ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّيت الريح

التي أهلك الله بها عاداً : الريح العقيم ،

والعلّة التي من أجلها كثر الرمل في بلاد عاد ،

والعلّة التي من أجلها لا يرى في ذلك الرمل جبل ،

والعلّة التي من أجلها سُمّيت عاد : ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) (٢)

[ ٥٠ / ١ ] أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن شاذان بن أحمد بن عثمان البراوذي ، قال : حدّثنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي ، قال : حدّثنا صالح بن سعيد الترمذي ، عن عبد المنعم ابن إدريس (٣) ، عن أبيه ، عن وهب بن مُنبّه : إنّ الريح العقيم تحت هذه الأرض التي نحن عليها ، قد زمّت بسبعين ألف زمام من حديد ، قد وكّل

__________________

(١) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٢٧٨ / ٣٩٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٦٥ / ٧.

(٢) سورة الفجر ٨٩ : ٧.

(٣) في «ش ، ن ، ح» : عبد بن المنعم بن إدريس. وما في المتن هو الصحيح وهو الموافق للمصادر . انظر مستدركات علم الرجال للنمازي ٥ : ١٠٥ / ٨٩٤٥ ، ميزان الاعتدال٤ : ٤١٩ / ٥٢٧٩.

٦٤

بكلّ زمام سبعون ألف ملك ، فلمّا سلّطها الله عزوجل على عاد ، استأذنت خزنة الريح ربّها عزوجل أن يخرج منها في مثل منخري الثور ، ولو أذن الله عزوجل لها ما تركت شيئاً على ظهر الأرض إلاّ أحرقته ، فأوحى الله عزوجل إلى خزنة الريح : أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم فأُهلكوا بها ، وبها ينسف الله عزوجل الجبال نسفاً ، والتلال والآكام والمدائن والقصور يوم القيامة ، وذلك قوله عزوجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) (١) ـ والقاع : الذي لا نبات فيه ، والصفصف : الذي لا عوج فيه ، والأمت : المرتفع وإنّما سُمّيت العقيم ؛ لأنّها تلقَّحت بالعذاب وتعقّمت عن الرّحمة كتعقّم الرجل إذاكان عقيماً لا يولد له ، وطحنت تلك القصور ( والحصون ) (٢) والمدائن والمصانع ، حتّى عاد ذلك كلّه رملاً دقيقاً تسفيه الريح ، فذلك قوله عزوجل : ( مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) (٣) .

وإنّما كثر الرمل في تلك البلاد؛ لأنّ الريح طحنت تلك البلاد وعصفت عليهم ( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) (٤) والحسوم الدائمة ، ويقال المتتابعة : الدائمة وكانت ترفع الرجال والنساء فتهب بهم صعداً ، ثمّ ترمي بهم من الجوّ ، فيقعون على رؤوسهم منكّسين ، تقلع الرجال والنساء من تحت أرجلهم ، ثمّ ترفعهم ، فذلك قوله تعالى : ( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ

__________________

(١) سورة طه ٢٠ : ١٠٥ ـ ١٠٧.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في المطبوع ، وأثبتناه من النسخ والبحار.

(٣) سورة الذاريات ٥١ : ٤٢.

(٤) سورة الحاقّة ٦٩ : ٧.

٦٥

أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ) (١) والنزع : القلع وكانت الريح تعصف (٢) الجبل كما تعصف المساكن فتطحنها ، ثمّ تعود رملاً دقيقاً (٣) ، فمن هناك لايرى في الرمل جبل ، وإنّما سُمّيت عاد ( إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ ) (٤) من أجل أنّهم كانوا يسلخون العمد من الجبال فيجعلون طول العمد مثل طول الجبل الذي يسلخونه من أسفله إلى أعلاه ، ثمّ ينقلون تلك العمد فينصبونها ، ثمّ يبنون القصور عليها فسُمّيت ذات العماد لذلك (٥) .

ـ ٣١ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي إبراهيم عليه‌السلام إبراهيم

[ ٥١ / ١ ] سمعت بعض المشايخ من أهل العلم يقول : إنّه سُمّي إبراهيم إبراهيم ؛ لأنّه همّ فبرّ ، وقد قيل : إنّه همّ بالآخرة وبرئ من الدنيا (٦) .

ـ ٣٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها اتّخذ الله عزوجل إبراهيم خليلاً

[ ٥٢ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي ابن الحسين السعد آبادي ، عنأحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن

__________________

(١) سورة القمر ٥٤ : ٢٠.

(٢) في المطبوع : تتصف ، وما في المتن أثبتناه من النسخ والبحار.

(٣) في المطبوع : رقيقاً ، وما في المتن أثبتناه من النسخ والبحار.

(٤) سورة الفجر ٨٩ : ٧.

(٥) أورده القمّي في التفسير ١ : ٣٣٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٥٥ / ١٢.

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٤ / ٧.

٦٦

ابن أبي عُمير ، عمّن ذكره قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لِمَ اتّخذ الله عزوجل إبراهيم خليلاً؟

قال : «لكثرة سجوده على الأرض» (١) .

[ ٥٣ / ٢ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : سمعت أبي عليه‌السلام يحدّث عن أبيه عليه‌السلام أنّه قال : «اتّخذ الله عزوجل إبراهيم خليلاً؛ لأنّه لم يردّ أحداً ، ولم يسأل أحداً غيرالله عزوجل » (٢) .

[ ٥٤ / ٣ ] حدّثنا أحمد بن محمّد الشيباني (٣) رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد ابن أحمد الأسدي الكوفي ، عن سهل بن زياد الآدمي ، عن عبدالعظيم بن عبدالله الحسني (٤) قال : سمعت علي بن محمّد العسكري عليه‌السلام يقول : «إنّما اتّخذالله عزوجل إبراهيم خليلاً؛ لكثرة صلاته على محمّد وأهل بيته صلوات الله عليهم» (٥) .

[ ٥٥ / ٤ ] حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عمرو بن علي البصري ، قال : حدّثناأبو أحمد محمّد بن إبراهيم بن خارج الأصم البُستي (٦) بها في

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٤ / ٨.

(٢) ذكره المصنّف في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٦٧ / ٧١١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٦ : ١٥٠ / ٣.

(٣) في حاشية «ح» عن نسخة : السناني.

(٤) في «ن ، ح ، ع ، س» : الحافظ ، وما في المتن هو الصحيح ، وهو الموافق للمصادر. اُنظرمعجم رجال الحديث ١١ : ٥٠ / ٦٥٩١.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩٤ : ٥٤ / ٢٣.

(٦) في «ش ، ن» : السنن ، وفي «ع» : المستر.

والبُست : مدينة تقع بين سجستان وغزنين وهراة. معجم البلدان ١ : ٤٩٢.

٦٧

مسجدطيبة قال : حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن الجنيد ، قال : حدّثنا أبو بكر عمرو بن سعيد ، قال : حدّثنا علي بن زاهر ، قال : حدّثنا جرير ، عن الأعمش ، عن عطية العوفي ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : «ما اتّخذ الله إبراهيم خليلاً ، إلاّ لإطعامه الطعام ، وصلاته بالليل والنّاس نيام» (١) .

[ ٥٦ / ٥ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب ابن يزيد ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن مروان ، عمّن رواه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «لمّا اتّخذ الله إبراهيم خليلاً ، أتاه ببشارة الخلّة ملك الموت في صورة شاب أبيض ، عليه ثوبان أبيضان ، يقطررأسه ماءً ودهناً ، فدخل إبراهيم عليه‌السلام الدار فاستقبله خارجاً من الدار ، وكان إبراهيم عليه‌السلام رجلاً غيوراً ، وكان إذا خرج في حاجة أغلق بابه وأخذ مفتاحه ، فخرج ذات يوم في حاجة وأغلق بابه ، ثمّ رجع ففتح بابه فإذا هو برجل قائم كأحسن ما يكون من الرجال ، فأخذته الغيرة وقال له : ياعبدالله ، ما أدخلك داري ؟ فقال : ربّها أدخلنيها.

فقال إبراهيم : ربّها أحقّ بها منّي ، فمن أنت؟ قال : أنا ملك الموت!

قال : ففزع إبراهيم وقال جئتني لتسلبني روحي؟ فقال : لا ، ولكن اتّخذ الله عزوجل عبداً خليلاً فجئت ببشارته.

فقال إبراهيم : فمن ( هذا العبد ) (٢) لعلّي أخدمه حتّى أموت؟ قال :

__________________

(١) أورده السمرقندي في التفسير ١ : ٣٩٢ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٢ : ٤ / ١٠.

(٢) ما بين القوسين : لم يرد في «ع ، ش ، ن ، ح».

٦٨

أنت هو ، قال : فدخل على سارة فقال : إنّ الله اتّخذني خليلاً» (١) .

[ ٥٧ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار قال : حدّثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن اُورمة ، عن عبدالله بن محمّد ، عن داوُد بن أبي يزيد ، عن عبدالله بن هلال ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا جاء المرسلون إلى إبراهيم عليه‌السلام جاءهم بالعِجل ، فقال : كلوا.

فقالوا : لا نأكل حتّى تخبرنا ما ثمنه.

فقال : إذا أكلتم فقولوا : بسم الله ، وإذا فرغتم فقولوا : الحمد لله.

قال : فالتفت جبرئيل إلى أصحابه وكانوا أربعة وجبرئيل رئيسهم ، فقال : حقّ لله أن يتّخذ هذا خليلاً».

قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «لمّا اُلقي إبراهيم عليه‌السلام في النار تلقّاه جبرئيل عليه‌السلام في الهواء ، وهو يهوي ، فقال : يا إبراهيم ألك حاجة؟

فقال : أمّا إليك فلا» (٢) .

[ ٥٨ / ٧ ] وبهذا الإسناد عن محمّد بن اُورمة ، عن الحسن بن علي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لمّا اُلقي إبراهيم عليه‌السلام في النار أوحى الله عزوجل إليها : وعزّتي وجلالي لئن آذيتيه لأُعذّبنّك ، وقال : لمّا قال الله عزوجل : ( يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ) (٣) ما انتفع

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ٨ : ٣٩٢ / ٥٨٩ ، والعيّاشي في تفسيره ١ : ٢٧٧ / ٢٨٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٤ / ١١.

(٢) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ١٠٤ / ٩٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٢ : ٥ / ١٢.

(٣) سورة الأنبياء ٢١ : ٦٩.

٦٩

أحد بهاثلاثة أيّام وما سخّنت ماءهم» (١) .

[ ٥٩ / ٨ ] وسمعت محمّد بن عبدالله بن محمّد بن طيفور يقول في قول إبراهيم عليه‌السلام ( رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ) (٢) الآية : إنّ الله عزوجل أمرإبراهيم عليه‌السلام أنْ يزور عبداً من عباده الصالحين ، فزاره فلمّا كلّمه قال له : إنّلله تبارك وتعالى في الدنيا عبداً يقال له : إبراهيم ، اتّخذه خليلاً.

قال إبراهيم : وما علامة ذلك العبد؟

قال : يُحيي له الموتى ، فوقع لإبراهيم أنّه هو ، فسأله أن يُحيي له الموتى قال : ( أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ) (٣) يعني على الخلّة ، ويقال : إنّه أراد أن تكون له في ذلك معجزة كما كانت للرسل ، وأنّ إبراهيم سأل ربّه عزوجل أن يُحيي له الميّت (٤) ، فأمره الله عزوجل أن يميت لأجله الحيّ سواء بسواء ، وهو لمّا أمره بذبح ابنه إسماعيل ، وأنّ الله عزوجل أمر إبراهيم عليه‌السلام بذبح أربعة من الطير : طاووساً ونسراً وديكاً وبطّاً ، فالطاووس يريد به زينة الدنيا ، والنسر يريد به الأمل الطويل ، والبطّ يريد به الحرص ، والديك يريد به الشهوة ، يقول الله عزوجل : إن أحببت أن يُحيى قلبك ويطمئنّ معي فاخرج عن هذه الأشياء الأربعة ، فإذا كانت هذه الأشياء في قلب فإنّه لا يطمئنّ معي ، وسألته كيف قال : ( أَوَلَمْ تُؤْمِن ) ؟ مع علمه بسرّه وحاله ، فقال : إنّه لمّا قال : ( رَبِّ أَرِنِى كَيْفَ تُحْىِ الْمَوْتَى ) كان ظاهر هذه اللفظة توهم أنّه لم يكن بيقين ، فقرّره الله

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٣٨ / ٢٢.

(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.

(٣) في «ع ، ح» : الموتى.

٧٠

عزوجل بسؤاله عنه ، إسقاطاً للتهمة عنه وتنزيهاً له من الشكّ» (١) .

[ ٦٠ / ٩ ] حدّثنا علي بن أحمد رحمه‌الله قال : حدّثنا محمّد بن هارون (٢) الصوفي ، عن أبي بكر عبدالله بن موسى ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسين (٣) الخشّاب ، قال : حدّثنا محمّد بن مُحصن ، عن يونس بن ظبيان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : لمّا أراد الله عزوجل قبض روح إبراهيم عليه‌السلام هبط إليه ملك الموت ، فقال : السلام عليكم يا إبراهيم ، فقال : وعليك السلام ، يا ملك الموت ، أداع أم ناع (٤) ؟

قال : بل ناع (٥) يا إبراهيم ، فأجب.

فقال إبراهيم : هل رأيت خليلاً يميت خليله؟

قال : فرجع ملك الموت ، حتّى وقف بين يدي الله جلّ جلاله ، فقال : إلهي قد سمعت ما قال خليلك إبراهيم ، فقال الله عزّوجل : يا ملك الموت ، اذهب إليه فقل له : هل رأيت حبيباً يكره لقاء حبيبه ، إنّ الحبيب يحبّ لقاء حبيبه» (٦) .

__________________

(١) ذكره المصنّف في الخصال : ٢٦٥ / ضمن حديث ١٤٦ ، ونقله المجلسي عن الخصالوالعلل في بحار الأنوار ١٢ : ٦٢ / ٧.

(٢) في «ج» : إبراهيم .

(٣) في «ح» : الحسن .

(٤) في «ح ، س ، ن ، ش ، ج ، ع» : أداعي أم ناعي.

وفي حاشية «ج» : أي : تدعوني باختياري ، أو لابدّ لي من قبولها فتكون ناعياً ، ولو أجابه بالثاني لم يكن له الكلام. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) في «ح ، س ، ن ، ش ، ج ، ع» : ناعي.

(٦) ذكره المصنّف في الأمالي : ٢٦٤ / ٢٨١ ، وأورده الفتال في روضة الواعظين : ٤٨٨ ، والراوندي في قصص الأنبياء : ١١٤ / ١١٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٧٨ / ٧ .

٧١

ـ ٣٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها قال الله تعالى :

( وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّىٰ ) (١)

[ ٦١ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن حفص بن البَخْتري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله عزوجل: ( وَإِبْرَهِيمَ الَّذِى وَفَّى ) ، قال : «إنّه كان يقول إذا أصبح وأمسى : أصبحت وربّي محمود ، أصبحت لاأُشرك بالله شيئاً ، ولاأدعو مع الله إلهاً آخَر ، ولاأتّخذ من دونه وليّاً ، فسُمّي بذلك عبداً شكوراً» (٢) .

ـ ٣٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها دفن إسماعيل أُمّه في الحِجر

[ ٦٢ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسن بن سعيد ، عن علي بن النعمان ، عن سيف بن عُميرة ، عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : «إنّ إسماعيل دفن اُمّه في الحِجر ، وجعله عالياً (٣) ، وجعل عليها حائطاً؛ لئلاّ يوطأ قبرها» (٤) .

__________________

(١) سورة النجم ٥٣ : ٣٧.

(٢) أورده الكليني في الكافي ٢ : ٥٣٥ / ٣٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٧٠ / ١٣ .

(٣) (وجعله عالياً) ، لم ترد في : «س ، ش» ، وفي «ن ، ح» والبحار : وجعله عليّاً.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٢ : ٢١٠ / ١٣ ، والراوندي في قصص الأنبياء : ١١١ / ١٠٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢١٠ / ١٣.

٧٢

ـ ٣٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي الأفراس : جياد (١)

[ ٦٣ / ١ ] حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عمّن ذكره ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : كانت الخيل العراب وحوشاً بأرض العرب ، فلمّا رفع إبراهيم وإسماعيل القواعد من البيت ، قال : إنّي قد أعطيتك كنزاً لم أعطه أحداً كان قبلك ، قال : فخرج إبراهيم وإسماعيل حتّى صعـدا جياداً ، فقالا : ألا هلاّ ألا هلمّ ، فلم يبق في أرض العرب فرس إلاّ أتاه وتذلّل له وأعطت بنواصيها ، وإنّما سُمّيت جياداً لهذا ، فما زالت الخيل بعد تدعو الله أن يحبّبها إلى أربابها ، فلم تزل الخيل حتّى اتّخذها سليمان ، فلمّا ألهته أمر بها أن تمسح أعناقها (٢) ، وسوقها حتّى بقي أربعون فرساً» (٣) (٤) .

ـ ٣٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها تمنّى إبراهيم

__________________

(١) في «ن ، ح ، ش ، ج» : جياداً.

(٢) في «س ، ش ، ج ، ن» : رقابها.

(٣) من قوله : فلمّا ألهته ، حتّى نهاية الحديث لم يرد في «ع ، ح».

(٤) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ١١٣ / ١١٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ١٠٤ / ١٦.

٧٣

الموت بعد كراهته له

[ ٦٤ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر أو أبي عبدالله عليهما‌السلام قال : «إنّ إبراهيم لمّا قضى مناسكه رجع إلى الشام فهلك ، وكان سبب هلاكه أنّ ملك الموت أتاه ليقبضه ، فكره إبراهيم الموت فرجع ملك الموت إلى ربّه عزوجل فقال : إنّ إبراهيم كره الموت ، فقال : دع إبراهيم ، فإنّه يحبّ أن يعبدني ، قال : حتّى رأى إبراهيم شيخاً كبيراً (١) يأكل ويخرج منه ما يأكله فكره الحياة وأحبّ الموت ، فبلغنا أنّ إبراهيم أتى داره ، فإذا فيها أحسن صورة ما رآها قط ، قال : من أنت؟قال : أنا ملك الموت ، قال : سبحان الله من الذي يكره قربك وزيارتك وأنت بهذه الصورة؟

فقال : يا خليل الرحمن ، إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً بعثني إليه في هذه الصورة ، وإذا أراد بعبد شرّاً بعثني إليه في غير هذه الصورة ، فقُبض صلّى الله عليه بالشّام ، وتوفّي إسماعيل بعده وهو ابن ثلاثين ومائة سنة ، فدُفن في الحِجر مع اُمّه» (٢) .

[ ٦٥ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل قال : حدّثنا عبدالله بن جعفرالحميري ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن محمّد بن القاسم وغيره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ سارة قالت لإبراهيم : يا إبراهيم ، قد كبرت ، فلو دعوت الله عزوجل أن يرزقك ولداً

__________________

(١) (كبيراً) : لم ترد في «ش ، ن ، ح ، ع».

(٢) أورده الراوندي في قصص الأنبياء : ١١٣ / ١١٢ ـ ١١٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٧٩ / ٨.

٧٤

تقرّ أعيننابه ؛ فإنّ الله قد اتّخذك خليلاً وهو مجيب لدعوتك إن شاء ، قال : فسأل إبراهيم ربّه أن يرزقه غلاماً عليماً ، فأوحى الله عزوجل إليه : إنّي واهب لك غلاماً عليماً ، ثمّ أبلوك بالطاعة لي» (١) .

قال أبو عبدالله عليه‌السلام : «فمكث إبراهيم بعد البشارة ثلاث سنين ثمّ جاءته البشارة من الله عزوجل ، وإنّ سارة قد (٢) قالت لإبراهيم : إنّك قد كبرت وقرب أجلك ، فلو دعوت الله عزوجل أن ينسئ في أجلك ، وأن يمدّ لك في العمر فتعيش معنا وتقرّ أعيننا ، قال : فسأل إبراهيم ربّه ذلك ، قال : فأوحى الله عزوجل إليه : سل من زيادة العُمر ما أحببت تعطه ، قال : فأخبر إبراهيم سارة بذلك ، فقالت له : سل الله أن لا يميتك حتّى تكون أنت الذي تسأله الموت ، قال : فسأل إبراهيم ربّه ذلك ، فأوحى الله عزوجل إليه ذلك لك ، قال : فأخبر إبراهيم سارة بما أوحى الله عزوجل إليه في ذلك ، فقالت سارة لإبراهيم : اشكر الله واعمل طعاماً وادع عليه الفقراء وأهل الحاجة ، قال : ففعل ذلك إبراهيم ودعا إليه النّاس ، فكان فيمن أتى رجل كبير ضعيف مكفوف معه قائد له فأجلسه على مائدته ، قال : فمدّ الأعمى يده فتناول لقمة وأقبل بها نحو فيه ، فجعلت تذهب يميناً وشمالاً من ضعفه ثمّ أهوى بيده إلى جبهته فتناول قائده يده فجاء بها إلى فمه ، ثمّ تناول المكفوف لقمة فضرب بها عينه ، قال : وإبراهيم عليه‌السلام ينظر إلى المكفوف وإلى مايصنع ، قال : فتعجّب إبراهيم من ذلك وسأل قائده عن ذلك ، فقال

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : في الذبح كما هو ظاهر بعض الأخبار ، أو في أشياء اُخَر ، من شكر النعمة . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) كلمة «قد» لم ترد في «ح ، س ، ن ، ش ، ع».

٧٥

له القائد : هذا الذي ترى من الضعف (١) ، فقال إبراهيم في نفسه : أليس إذا كبرت أصير مثل هذا؟ ثمّ إنّ إبراهيم سأل الله عزوجلحيث رأى من الشيخ مارأى ، فقال : اللّهمّ توفّني في الأجل الذي كتبت لي ، فلا حاجة لي في الزيادة في العُمر بعد الذي رأيت» (٢) .

ـ ٣٧ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي ذو القرنين ذا القرنين

[ ٦٦ / ١ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثني (٣) محمّد بن يحيى العطّار (٤) ، عن الحسين بن الحسن بن أبان ، عن محمّد بن اُورمة قال : حدّثني القاسم بن عروة ، عن بَريد العِجْلي ، عن الأصبغ بن نباتة قال : قام ابن الكوّاء إلى علي عليه‌السلام وهو على المنبر فقال : يا أمير المؤمنين ، أخبرني عن ذي القرنين ، أنَبيّاًكان أم مَلِكاً ؟ وأخبرني عن قرنه أمِن ذهب كان أمْ من فضَّة؟

فقال له : «لم يكن نبيّاً ولا مَلِكاً ، ولم يكن قرناه من ذهب ولا من فضّة ، ولكنّه كان عبداً أحبّ الله فأحبّه الله ونصح لله فنصحه الله ، وإنّما سُمّي ذا القرنين ؛ لأنّه دعا قومه إلى الله عزوجل فضربوه على قرنه فغاب

__________________

(١) في «ع» زيادة : لكبر سنّه.

(٢) أورده العيّاشي في التفسير ٢ : ٢٤٢ / ٢٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٧٩ / ٩ .

(٣) في «ش ، ح ، ن» : حدّثنا.

(٤) في «ح ، ن ، ع» : محمّد بن يحيى بن عمر العطّار ، وفي «س» : محمّد بن يحيى ابن غريب العطّار ، والصحيح ما في المتن وهو الموافق للمصادر الرجاليّة. اُنظر معجم رجال الحديث ١٩ : ٣٣ / ١٢٠١٠.

٧٦

عنهم حيناً ثمّ عاد إليهم فضُرب على قرنه الآخَر ، وفيكم (١) مثله» (٢) .

ـ ٣٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي أصحاب الرسّ أصحاب

الرَّسِّ ، والعلّة التي من أجلها سُمّيت العجم شهورها

بـ : آبان ماه وآذر ماه ، وغيرها ، إلى آخرها

[ ٦٧ / ١ ] حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه قال : حدّثنا أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي قال : حدّثنا علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي عليه‌السلام قال : «أتى علي بن أبي طالب عليه‌السلام قبل مقتله بثلاثة أيّام رجل من أشراف بني تميم (٣) ، يقال له : عَمرو ، فقال : ياأمير المؤمنين ، أخبرني عن أصحاب الرَّسِّ في أيّ عصر كانوا ؟ وأين

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يعني عليه‌السلام نفسه المماثلة في الأمرين معاً في كونه عبداً صالحاًمقرّباً ليس بنبي ، وفي أنّه ضرب على قرنه مرّتين منه عمرو بن عبد ودّ وابن ملجم لعنهما الله أبد الآبدين ، وقيل : إنّما شبّه عليه‌السلام بذي القرنين ؛ لأنّه عاش قرناً في زمان الرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقرناً بعده كما قيل في ذي القرنين ، وهذا الخبر يحتمل ذلك. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) ذكره المصنّف في كمال الدين : ٣٩٣ ، وأورده العيّاشي في التفسير ٢ : ٣٣٩ / ٧١ ، والقاضي النعمان في شرح الأخبار ٣ : ١٢ ، والقمّي في التفسير ٢ : ٤١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ٣٩ / ١٢.

(٣) في «ر ، ع ، ش ، ن» والبحار : أشراف تميم.

٧٧

كانت منازلهم؟ ومن كان ملكهم؟ وهل بعث الله عزوجل إليهم رسولاً أم لا؟ وبماذا اُهلكوا؟ فإنّي أجد في كتاب الله عزوجل ذكرهم ولا أجد خبرهم؟

فقال له علي عليه‌السلام : لقد سألت عن حديث ما سألني عنه أحد قبلك ولا يحدّثك به أحد بعدي ، وما في كتاب الله عزوجل آية إلاّ وأنا أعرف تفسيرها ، وفي أيّ مكان نزلت من سهل أو جبل وفي أيّ وقت نزلت من ليل أونهار ، وأنّ هاهنا لَعِلماً جمّاً وأشار إلى صدره ولكن طلاّبه يسير ، وعن قليل يندمون لو قد يفقدوني.

وكان من قصّتهم يا أخا تميم ، إنّهم كانوا قوماً يعبدون شجرة صنوبر يقال لها : شاه درخت ، وكان يافث بن نوح غرسها على شفير عين يقال لها : روشاب (١) ، كانت أنبعت لنوح عليه‌السلام بعد الطوفان ، وإنّما سمّو أصحاب الرَّسّ؛ لأنّهم رسّوا نبيّهم في الأرض ، وذلك بعد سليمان بن داوُد عليه‌السلام ، وكانت لهم اثنتا عشرة قرية على شاطئ نهر يقال : الرَّس من بلادالمشرق ، وبهم سُمّي ذلك النهر ، ولم يكن يومئذ في الأرض نهر أغزر (٢) ولا أعذب منه ولا أقوى ، ولاقرى أكثر ولا أعمر منها ، تسمّى إحداهنّ : آبان ، والثانية : آذر ، والثالثة : دي ، والرابعة : بهمن ، والخامسة : اسفندار ، والسادسة : بروردين ، والسابعة : اُردي بهشت ، والثامنة : أرداد (٣) ، والتاسعة : مرداد ، والعاشرة : تير ، والحادية عشرة : مهر ، والثانية عشرة : شهريور.

وكانت أعظم مدائنهم : اسفندار (٤) ، وهي التي ينزلها ملكهم ، وكان

__________________

(١) في «ج» : روستاب.

(٢) الغزيرة من الآبار والينابيع ـ : الكثيرة الماء. القاموس المحيط ١ : ١٨٢.

(٣) في «ع ، س» : آزار ، وفي «ش ، ن» : ارذار ، وفي «ج» : خرداد.

(٤) في المطبوع : اسفنديار ، وما أثبتناه من النسخ والبحار والعيون.

٧٨

يسمّى تركوذ بن غابور بن يارش بن سازن بن نمرود بن كنعان فرعون إبراهيم عليه‌السلام وبها العين والصنوبرة ( وقد غرسوا في كلّ قرية منها حبّة من طلع تلك الصنوبرة ، فنبتت الحبّة وصارت شجرة عظيمة ) (١) وأجروا إليها نهراً من العين التي عند الصنوبرة ، فنبتت الصنوبرة وصارت شجرة عظيمة ، وحرّموا ماءالعين والأنهار ، فلا يشربون منها ولا أنعامهم ، ومن فعل ذلك قتلوه ، ويقولون : هو حياة آلهتنا ، فلا ينبغي لأحد أن ينقص من حياتها ، ويشربون هم وأنعامهم من نهر الرَّس الذي عليه قراهم ، وقد جعلوا في كلّ شهر من السنة في كلّ قرية عيداً يجتمع إليه أهلها ، فيضربون على الشجرة التي بها كلّة (٢) من حرير فيها من أنواع الصُّوَر ، ثمّ يأتون بشاة (٣) وبقر فيذبحونها قرباناً للشجرة ، ويشعلون فيها النيران بالحطب ، فإذا سطع دخان تلك الذبايح (٤) في الهواء وحال بينهم وبين النظر إلى السماء خرّوا للشجرة سجّداًمن دون الله عزوجل ، يبكون ويتضرّعون إليها أن ترضى عنهم ، فكان الشيطان يجيء ويحرّك أغصانها ويصيح من ساقها صياح الصّبي : إنّي قدرضيت عنكم عبادي ، فطيّبوا نفساً ، وقرّوا عيناً ، فيرفعون رؤوسهم عندذلك ، ويشربون الخمر ، ويضربون بالمعازف ، ويأخذون الدستبند ، فيكونون على ذلك يومهم وليلتهم ثمّ ينصرفون.

وإنّما سمّت العجم شهورها بـآبان ماه ، وآذر ماه وغيرها؛ اشتقاقاً من أسماء تلك القرى ، لقول أهلها بعضهم لبعض : هذا عيد قرية كذا (٥) حتّى

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في «ح ، س ، ن ، ش ، ع».

(٢) الكلّة : الستر الرقيق ، يخاط كالبيت يتوقّى فيه من البقَّ. الصحاح ٥ : ٩٦ / كلل.

(٣) كذا في النسخ والظاهر شياه ؛ لوحدة السياق.

(٤) في المطبوع زيادة : وقتارها.

(٥) في حاشية «ن ، ش» : شهر كذا وشهر كذا.

٧٩

إذا كان عيد قريتهم العُظمى اجتمع إليها صغيرهم وكبيرهم ، فضربوا عند الصنوبرة والعين سرداقاً من ديباج عليه أنواع الصُّوَر ، وجعلوا له اثني عشر باباًكلّ باب لأهل قرية منهم ، فيسجدون للصنوبرة خارجاً من السرادق ويقرّبون لها الذبايح أضعاف (١) ما قرّبوا للشجرة التي في قراهم ، فيجيء إبليس عند ذلك فيحرّك الصنوبرة تحريكاً شديداً ، ويتكلّم من جوفها كلاماًجهوريّاً (٢) ويعدهم ويمنّيهم بأكثر ممّا وعدتهم ومنّتهم الشياطين (٣) للبقاء (٤) ، فيرفعون رؤوسهم من السجود وبهم من الفرح والنشاط ما لايفيقون ولايتكلّمون من الشرب والعزف (٥) ، فيكونون على ذلك اثني عشر يوماً ولياليها بعدد أعيادهم سائر السنة ، ثمّ ينصرفون. فلمّا طال كفرهم بالله عزوجل وعبادتهم غيره بعث الله عزوجل إليهم نبيّاً من بني إسرائيل من ولد يهودا بن يعقوب ، فلبث فيهم زماناً طويلاً يدعوهم إلى عبادة الله عزوجل ومعرفة ربوبيّته فلا يتّبعونه ، فلمّا رأى شدّة تماديهم في الغيّ والضلال ، وتركهم قبول ما دعاهم إليه من الرشد والنجاح ، وحضر عيدقريتهم العظمى ، قال : يا ربِّ ، إنّ عبادك أبَوا إلاّ تكذيبي والكفر بك ، وغدوايعبدون شجرة لا تنفع ولا تضرّ ، فأيبس شجرهم أجمع ، وأرهم

__________________

(١) في المطبوع : أصناف.

(٢) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : جوهريّاً ، والصحيح ما في المتن وهو الموافق للبحار ، والعيون ، و«ج» وحاشية «س ، ش».

(٣) في المطبوع زيادة : في تلك الشجرات الاُخَر.

وورد في حاشية «ج ، ل» : في تلك الشجرات الاُخَر ، ويظهر أنّه كان إبليس يبعث اعراقه إلى تلك الشجرات الاُخَر. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) في «ش ، ح ، ل ، ن» والعيون والبحار : كلّهم للبقاء.

(٥) في «ج ، ح ، ر ، ع» : الفرق ، وفي «س ، ن» وحاشية «ج» : العرق ، وما في المتن هو الصحيح ، وهو الموافق لنسخة «ش» ، وحاشية «ع ، ل» والبحار والعيون.

٨٠