علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

وعند الحبشة ، وعند أبيه ، وعند اُمّه ، وعند ظئره (١) ، وعند العرب ، ثمّ يفسّر كلّ اسم بمعناه ويقول في آخره : اختلف الناس من أهل المعرفة لِمَ سُمّي عليّ عليّاً ؟

فقالت طائفة : لم يسمّ أحد من ولد آدم قبله بهذا الاسم في العرب ولا في العجم إلاّ أن يكون الرجل من العرب يقول : ابني هذا عليّ يريد من العلوّ ، لاأنّه اسمه ، وإنّما سُمّي به الناس بعده وفي وقته.

وقالت طائفة : سُمّي عليّاً لعلوّه على كلّ من بارزه.

وقالت طائفة : سُمّي عليّاً؛ لأنّ داره في الجنان تعلو حتّى تحاذي منازل الأنبياء .

وقالت طائفة : سُمّي عليّاً؛ لأنّه علا على ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بقدميه طاعةً لله تعالى ولم يعل أحد على ظهر نبيّ غيره عند حطّ الأصنام من وسط الكعبة.

وقالت طائفة : إنّما سُمّي عليّاً؛ لأنّه زوّج في أعلى السموات ، ولم يزوّج أحد من خلق الله في ذلك الموضع غيره.

وقالت طائفة : إنّما سُمّي عليّاً؛ لأنّه أعلى الناس علماً بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

[ ٢٤٠ / ٥ ] حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، قال : حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي بن الحسين السكري ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن زكريّا بن دينار الغلابي ، قال : حدّثنا علي بن حكيم ، قال : حدّثنا الربيع بن

__________________

(١) في النسخ : ظهيره ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة : ظئيره ، وكذا في معاني الأخبار.

(٢) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٦١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٥ : ٤٩ / ١ .

٢٦١

عبدالله ، عن عبدالله بن الحسن ، عن محمّد بن علي ، عن أبيه عليهما‌السلام ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري.

قال الغلابي : وحدّثني شعيب بن واقد ، قال : حدّثني إسحاق بن جعفر بن محمّد ، عن الحسين بن عيسى بن (١) زيد بن علي ، عن أبيه عليه‌السلام ، عن جابربن عبدالله .

قال الغلابي : وحدّثنا العبّاس بن بكّار قال : حدّثنا حرب بن ميمون ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن زيد بن علي ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : «لمّا ولدت فاطمة ( صلّى الله عليها ) الحسن عليه‌السلام قالت لعليٍّ عليه‌السلام : سمّه.

فقال : ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فجاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخرج إليه في خرقة صفراء فقال : ألم أنهكم أن تلفّوه في (٢) خرقة صفراء ، ثمّ رمى بهاوأخذ خرقة بيضاء فلفّه فيها ، ثمّ قال لعلي عليه‌السلام : هل سمّيته؟

فقال : ما كنت لأسبقك باسمه.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : وما كنت لأسبق باسمه ربّي عزوجل .

فأوحى الله تبارك وتعالى إلى جبرئيل أنّه ولد لمحمّد ابنٌ فاهبط فاقرأه السلام وهنّئه وقل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون ، فهبط جبرئيل فهنّأه من الله تعالى ثمّ قال : إنّ الله جلّ جلاله يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون. قال : وما كان اسمه؟

قال : شبّر. قال : لساني عربيّ.

__________________

(١) في «ج ، ش ، ن ، ع» : ابني ، وفي «ل ، س ، ح» وحاشية «ن» عن نسخة : ابن.

(٢) في المطبوع زيادة : فرقة.

٢٦٢

قال : سمّه الحسن. فسمّاه الحسن.

فلمّا ولد الحسين عليه‌السلام أوحى الله تعالى إلى جبرئيل عليه‌السلام أنّه قد ولد لمحمّد ابنٌ فاهبط إليه فهنّئه وقل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى فسمّه باسم ابن هارون ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فهنّأه من الله تعالى ثمّ قال : إنّ الله عزوجل يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون ، فقال : وما كان اسمه؟ قال : شبيراً.

قال : لساني عربيّ ، قال : سمّه الحسين» (١) .

[ ٢٤١ / ٦ ] وبهذا الإسناد عن الغلابي ، قال : حدّثنا العبّاس بن بكّار ، قال : حدّثنا حرب بن ميمون ، عن محمّد بن علي بن عبدالله بن عبّاس ، عن أبيه ، عن جدّه عبدالله بن عبّاس ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا فاطمة ، اسم الحسن والحسين في ابنَي هارون (٢) : شبّر وشبير؛ لكرامتهما (٣) على الله عزوجل » (٤) .

[ ٢٤٢ / ٧ ] وبهذا الإسناد عن العبّاس بن بكّار ، قال : حدّثنا عبّاد بن كثير ، وأبوبكر الهذلي ، عن ابن الزبير ، عن جابر قال : لمّا حملت فاطمة بالحسن فولدت وقد كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أمرهم أن يلفّوه في خرقة بيضاء ، فلفّوه في صفراء ، وقالت فاطمة عليها‌السلام : «يا علي ، سمّه». فقال : «ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله » .

__________________

(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ١٩٧ / ٢٠٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٣٨ / ٣ .

(٢) في «ح ، س ، ن» : ابني موسى عليه‌السلام .

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي الحسنين صلوات الله عليهما ، أو ابني هارون ، فتدبّر. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٤١ / ١٠.

٢٦٣

فجاء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فأخذه وقبّله وأدخل لسانه في فيه فجعل الحسن عليه‌السلام يمصّه ، ثمّ قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ألم أتقدّم إليكم إلاّ تلفّوه في خرقة صفراء» ، فدعا بخرقة بيضاء فلفّه فيها ورمى الصفراء ، وأذّن في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى ، ثمّ قال لعليّ عليه‌السلام : «ما سمّيته؟».

قال : «ما كنت لأسبقك باسمه» ، فأوحى الله تعالى ذكره إلى جبرئيل عليه‌السلام : أنّه قد ولد لمحمّد ابنٌ ، فاهبط إليه فاقرأه السلام هنّئه منّي ومنك ، وقل له : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمّه باسم ابن هارون ، ( فهبط جبرئيل فهنّأه من الله تعالى ثمّ قال : إنّ الله جلّ جلاله يأمرك أن تسمّيه باسم ابن هارون ) (١) .

قال : ما كان اسمه؟ قال : شبّر (٢) .

قال : لساني عربي. قال : سمّه الحسن.

فسمّاه الحسن ، فلمّا ولد الحسين جاء إليهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ففعل به كما فعل بالحسن عليه‌السلام ، وهبط جبرئيل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّ الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك : إنّ عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى ، فسمّه باسم ابن هارون. قال : وما كان اسمه؟

قال شبيراً. قال : لساني عربي. قال : فسمّه الحسين. فسمّاه : الحسين» (٣) .

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في «ج ، ل ، س ، ن».

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : شبّر كبقم ، وشبير كعمير ، ومشبّر كمحدّث أبناء هارون عليه‌السلام ، وقيل : وبأسمائهم سمّى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الحسن والحسين والمحسن. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٧ / ٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٤٠ / ٨ .

٢٦٤

[ ٢٤٣ / ٨ ] وبهذا الإسناد ، عن الغلابي ، قال : حدّثنا الحكم بن أسلم ، قال : حدّثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سالم ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «إنّي سُمّيت ابنيَّ هذين باسم ابني هارون : شبّراً وشبيراً» (١) .

[ ٢٤٤ / ٩ ] حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي رحمه‌الله ، قال : حدّثني جدّي ، قال : حدّثني أحمد بن صالح التميمي ، قال : حدّثنا عبدالله بن عيسى ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : «أهدى جبرئيل إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اسم الحسن بن علي عليهما‌السلام ، وخرقة حرير من ثياب الجنّة ، واشتقّ اسم الحسين من اسم الحسن عليهما‌السلام» (٢) .

[ ٢٤٥ / ١٠ ] حدّثنا الحسن بن محمّد بن يحيى العلوي رحمه‌الله ، قال : حدّثني جدّي ، قال : حدّثنا داوُد بن القاسم ، قال : أخبرنا عيسى ، قال : أخبرنا يوسف (٣) بن يعقوب ، قال : حدّثنا ابن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قال : لمّا ولدت فاطمة عليها‌السلام الحسن جاءت به إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فسمّاه : حسناً ، فلمّا ولدت الحسين عليه‌السلام جاءت به إليه فقالت : «يارسول الله ، هذا أحسن من هذا ، فسمّاه : حسيناً» (٤) (٥) .

__________________

(١) أورده ابن أبي شيبة في المصنّف ١٧ : ١٦٦ / ٣٢٨٤٩ ، والطبراني في المعجم الكبير ٣ : ١٠١ / ٢٧٧٧ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٣ : ١٧١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٤١ / ٩.

(٢) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٨ / ٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٤١ / ١١ .

(٣) في حاشية «ش ، ن ، ع» عن نسخة : يونس.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : يدلّ على أنّ التصغير هنا ليس للتحقير ، بل للشفقة والمحبّة. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٧ / ٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٤٣ : ٢٤٢ / ١٢ .

٢٦٥

ـ ١١٧ عليه‌السلام ـ

باب العلّة التي من أجلها وجبت محبّة الله تبارك وتعالى ،

ومحبّة رسوله وأهل بيته صلوات الله عليهم على العباد

[ ٢٤٦ / ١ ] حدّثنا أبو سعيد محمّد بن الفضل بن (١) محمّد بن إسحاق المذكِّر النيسابوري ، قال : حدّثنا أحمد بن العبّاس بن حمزة ، قال : حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفي الكوفي ، قال : حدّثنا يحيى بن معين ، قال : حدّثنا هشام بن يوسف ، عن عبدالله بن سليمان النوفلي (٢) ، عن محمّد بن علي ابن عبدالله بن عبّاس ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أحبّوا الله لما يغدوكم به من نعمه ، وأحبّوني لحبّ الله ، وأحبّوا أهل بيتي لحبّي» (٣) .

[ ٢٤٧ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه‌الله ، قال : حدّثنا أبوأحمد القاسم بن بندار المعروف بأبي صالح الحذّاء ، قال : حدّثنا أبو حاتم محمّد بن إدريس الحنظلي ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن المثنّى بن عبدالله بن أنس بن مالك الأنصاري ، قال : حدّثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : جاء رجل من أهل البادية ، وكان يعجبنا أن يأتي

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : عن.

(٢) في النسخ : سليمان بن عبدالله النوفلي ، والصحيح ما في المتن ، انظر التاريخ الكبير ٥ : ١٠٨ ، تهذيب الكمال ١٥ : ٦٣ / ٣٣٢٠ ، الكاشف للذهبي ١ : ٥٦٠ / ٢٧٦٧.

(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ٤٤٦ / ٥٩٧ ، وأورده الطوسي في الأمالي : ٢٧٨ / ٥٣١ ، والطبري في بشارة المصطفى : ١٠٥ / ٢٤٣ ، وابن البطريق في العمدة : ٤٠٢ / ٨٢٣ ، والطبراني في المعجم الكبير ٣ : ٣٨ / ٢٦٣٩ ، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ٤ : ١٦٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٨٦ / ٣١.

٢٦٦

الرجل من أهل البادية (١) يسأل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله ، متى قيام الساعة؟ فحضرت الصلاة فلمّا قضى صلاته قال : «أين السائل عن الساعة؟».

قال : أنا يا رسول الله. قال : «فما أعددت لها؟».

قال : والله ، ما أعددت لها من كثير عمل صلاة (٢) ولا صوم إلاّ أنّي أُحبّ الله ورسوله.

فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «المرء مع من أحبّ».

قال أنس : فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء أشدّ من فرحهم بهذا (٣) .

[ ٢٤٨ / ٣ ] حدّثنا عبدالله بن محمّد بن عبد الوهّاب القرشي ، قال : حدّثنا أبونصر (٤) منصور بن عبدالله بن إبراهيم الأصبهاني ، قال : حدّثنا علي بن عبدالله ، قال : حدّثنا عثمان بن خرذاذ (٥) ، قال : حدّثنا محمّد بن عمران ، قال : حدّثنا سعيد بن عمرو (٦) ، عن ابن أبي ليلى (٧) ، عن أبيه أبي ليلى (٨) ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحبّ إليه من نفسه ،

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : لأنّه كان يوضح البيان لأفهامه فتفهمه الجميع. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في المطبوع : لا صلاة ، وما أثبتناه من النسخ.

(٣) أورده أحمد بن حنبل في مسنده ٣ : ٥٤٠ / ١١٦٠٢ ، ومسلم في صحيحه ٤ : ٤١٥ / ١٦٣ ، وأبو يعلى الموصلي في مسنده ٥ : ٣٧٢ / ٣٠٢٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٧ : ١٣ / ٢٦.

(٤) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : أبو بشير.

(٥) في «ش ، ع» : حوزداد ، وفي حاشيتهما عن نسخة : «خرداذ» ، وفي «ح» : جوذان ، وفي «ج ، ل» : خرذاد ، وفي حاشيتهما عن نسخة : «خرزاد».

(٦) في «س ، ح ، ج» وحاشية «ل» عن نسخة : سعد بن عمر.

(٧) في المطبوع : عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وما أثبتناه من النسخ.

(٨) في «ج ، ل ، ش» : الحكم بن أبي ليلى.

٢٦٧

وتكون عترتي إليه أحبّ (١) من عترته ، ويكون أهلي أحبّ إليه من أهله ، وتكون ذاتي (٢) أحبّ إليه من ذاته» (٣) .

ـ ١١٨ ـ

باب علّة عشق الباطل

[ ٢٤٩ / ١ ] حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن محمّد بن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، قال : سألت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام عن العشق؟

فقال : «قلوب خلت من ذكر الله فأذاقها الله حبّ غيره» (٤) .

ـ ١١٩ ـ

باب علّة وجوب الحبّ في الله عزوجل ،

والبغض فيه ، والموالاة

[ ٢٥٠ / ١ ] حدّثنا محمّد بن القاسم الأسترابادي ، قال : حدّثنا يوسف بن

__________________

(١) في المطبوع : أعزّ ، وما أثبتناه من النسخ.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي كلّ ما ينسب إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما يقال ذات يده. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ٤١٤ / ٥٤٢ ، وأورده ابن سليمان الكوفي في مناقب الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ٢ : ١٣٤ / ٦١٩ ، والفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٤ / ٦١١ ، والطبري في بشارة المصطفى : ٩٣ / ٢٦ ، والطبرسي في مشكاة الأنوار ١ : ١٧٩ / ٣٨٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٧ : ١٣ / ٢٧.

(٤) ذكره المصنّف في الأمالي : ٧٦٥ / ١٠٢٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٧٣ : ١٥٨ / ١ .

٢٦٨

محمّد بن زياد ، وعلي بن محمّد بن سيّار (١) ، عن أبويهما ، عن الحسن بن علي بن محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب ، عن أبيه ، عن آبائه عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض أصحابه ذات يوم : يا عبدالله ، أحبّ في الله ، وأبغض في الله ، ووال في الله ، وعادفي الله ، فإنّه لا تنال ولاية الله (٢) إلاّ بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك وقد صارت مواخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتواددون ، وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني (٣) عنهم من الله شيئاً.

فقال له : وكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله عزوجل ومَنوليّ الله تعالى حتّى أُواليه ، ومَن عدوّه حتّى أُعاديه ، فأشار له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عليٍّ عليه‌السلام فقال : أترى هذا؟ فقال : بلى.

قال : وليّ هذا وليّ الله فواله ، وعدوّ هذا عدوّ الله فعاده (٤) ، قال : وال وليّ هذا ولو أنّه قاتل أبيك وولدك ، وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك وولدك» (٥) .

__________________

(١) في «ح ، ش ، ن ، ع ، س» : بشّار.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي محبة الله له ، أو محبته لله. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : حكى الأزهري ما أغنى فلان شيئاً بالغين والعين أي لم ينفع في فهم ، ولم يكف مؤونته. المصباح المنير : ٢٣٦.

(٤) في المطبوع زيادة : ثمّ.

(٥) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٣٦ / ٩ ، وعيون الأخبار ١ : ٣٩٧ / ٤٠ ، الباب ٢٨ ، وصفات الشيعة : ١٢٥ / ٦٥ ، وأورده مرسلاً الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٥٠ / ١٢٩٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٥٤ / ٨.

٢٦٩

ـ ١٢٠ ـ

باب في أنّ علّة محبّة أهل البيت عليه‌السلام طيب الولادة ،

وإنّ علّة بغضهم خبث الولادة

[ ٢٥١ / ١ ] حدّثنا أبي ، ومحمّد بن الحسن رحمهما‌الله ، قالا : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، قال : حدّثنا أبو القاسم (١) عبدالرحمن الكوفي ، و أبو يوسف يعقوب بن يزيد الأنباري ، عن أبي محمّد عبدالله بن محمّد الغفاري (٢) ، عن الحسين بن زيد (٣) ، عن الصادق أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن آبائه عليه‌السلام قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّنا أهل البيت فليحمد الله على أوّل النعم ، قيل : وما أوّل النعم؟

قال : طيب الولادة ، ولا يحبّنا إلاّ مؤمن طابت ولادته» (٤) .

[ ٢٥٢ / ٢ ] حدّثنا علي بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، قال : حدّثنا أبي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن عيسى ، عن أبي محمّد الأنصاري ، عن غير واحد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «من

__________________

(١) في نسخة «س ، ح» : سعد بن أبي القاسم.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : وبنو غفار ككتاب رهط أبي ذر الغفاري. القاموس المحيط ٢ : ١٨٤ .

(٣) في «س» : يزيد.

(٤) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ١٦١ / ٣ ، والأمالي : ٥٦١ / ٧٥٤ ، وأورده الطوسي في الأمالي : ٤٥٥ / ١٠١٨ ، ومرسلاً الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٥ / ٦١٢ ، والقاضي المغربي في شرح الأخبار ٣ : ٨ ، والطبرسي في مشكاة الأنوار ١ : ١٧٨ / ٣٧٩ ، والبرقي في المحاسن ١ : ٢٣٢ / ٤١٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ١٤٥ / ٣.

٢٧٠

أصبح يجدبرد (١) حبّنا على قلبه فليحمد الله على بادئ النعم».

قيل : وما بادئ النعم؟ قال : «طيب المولد» (٢) .

[ ٢٥٣ / ٣ ] حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة (٣) رحمه‌الله قال : حدّثنا علي ابن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن أبي زياد النهدي ، عن عبيدالله بن صالح ، عن زيد بن علي ، عن أبيه علي ابن الحسين ، عن أبيه الحسين بن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «يا علي ، من أحبّني وأحبّك وأحبّ الأئمّة من ولدك فليحمد الله على طيب مولده؛ فإنّه لا يحبّنا إلاّ مؤمن طابت ولادته ، ولا يبغضنا إلاّ من خبثت ولادته» (٤) .

[ ٢٥٤ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد ابن يحيى العطّار قال : حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (٥) ، عن محمّد بن السندي ، عن علي بن الحكم ، عن فضيل بن عثمان ، عن أبي الزبير المكّي ، قال : رأيت جابراً متوكّئاً على عصاه وهو

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : وفي الحديث : الصوم في الشتاء ، الغنيمة الباردة ، أي : لاتعب فيه ولا مشقّة ، وكلّ محبوب عندهم بارد ، أو غنيمة ثابتة من برد لي عليه حقّ ، أي ثبت.النهاية في غريب الحديث ١ : ١١٤.

(٢) ذكره المصنّف في الأمالي : ٥٦٢ / ٧٥٥ ، ومعاني الأخبار : ١٦١ / ٢ ، وأورده الفتّال النيسابوري في روضة الواعظين ٢ : ٣٥ / ٦١٣ مرسلاً ، والطبري في بشارة المصطفى : ٢٧٢ / ٨٦ ، ومرسلاً في مشكاة الأنوار ١ : ٨٧٩ / ٣٨١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٢٧ : ١٤٦ / ٤.

(٣) في النسخ إلاّ «ج ، ل» : بابويه ، وفي حاشية «ش ، ل» كما في المتن.

(٤) ذكره المصنّف في الأمالي : ٥٦٢ / ٧٥٦ ، ومعاني الأخبار : ١٦٠ / ١ ، وأورده الطبري في بشارة المصطفى : ٢٣٩ / ١٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ١٤٦ / ٥.

(٥) في «ن» زيادة : رحمه‌الله .

٢٧١

يدور في سكك الأنصار ومجالسهم وهو يقول : علي خير البشر فمن أبى فقد كفر ، يا معشر الأنصار أدّبوا أولادكم على حبّ علي فمن أبى فانظروا في شأن اُمّه (١) .

[ ٢٥٥ / ٥ ] حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا ( عمّي محمّد بن أبي القاسم ) (٢) عن محمّد بن علي الكوفي القرشي ، عن محمّد ابن سنان ، عن المفضّل بن عمر ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال : «من وجد برد حبّنا على قلبه فليكثر الدعاء لاُمّه؛ فإنّها لم تخن أباه» (٣) .

[ ٢٥٦ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثني أحمد بن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر الجعفي ، عن إبراهيم القرشي قال : كنّا عند اُمّ سلمة « رضي‌الله‌عنه » فقالت : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعليّ عليه‌السلام : «لا يبغضكم إلاّ ثلاثة : ولد زنا ، ومنافق ، ومن حملت به اُمّه وهي حائض» (٤) .

[ ٢٥٧ / ٧ ] حدّثنا الحسن (٥) بن محمّد بن سعيد الهاشمي ، قال : حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي ، قال : حدّثنا محمّد بن علي بن

__________________

(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ١٣٥ / ١٢٣ ، ومرسلاً في من لا يحضره الفقيه ٣ : ٤٩٣ / ٧٤٤ ، وأورده ابن حمزة في الثاقب في المناقب : ١٢٤ / ١٢٣ ، وابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ٣ : ٨٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ٣٠٠ / ١٠٨ .

(٢) بدل ما بين القوسين في «ش ، ح ، ل ، ع» : عمر بن الهيثم.

(٣) ذكره المصنّف في الأمالي : ٧٠٧ / ٩٧٣ ، ومعاني الأخبار : ١٦١ / ٤ ، ومرسلاً في الفقيه ٣ : ٤٩٣ / ٤٧٤٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ١٤٧ / ٦.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ١٥٠ / ١٩.

(٥) في النسخ : حسين.

٢٧٢

معمّر (١) ، قال : حدّثنا أبو عبدالله أحمد بن علي بن محمّد (٢) الرملي ، قال : حدّثنا أحمد بن موسى ، قال : حدّثنا يعقوب بن إسحاق المروزي ، قال : حدّثنا عمرو بن منصور ، قال : حدّثنا إسماعيل بن أبان ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبيه ، عن أبي هارون العبدي ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال : كنّا بمنى مع رسول الله إذ بصرنا برجل ساجد وراكع ومتضرّع ، فقلنا : يارسول الله ، ما أحسن صلاته؟

فقال عليه‌السلام : «هو الذي أخرج أباكم من الجنّة» ، فمضى إليه علي عليه‌السلام غير مكترث فهزّه هزّة (٣) أدخل أضلاعه اليمنى في اليسرى ، واليسرى في اليمنى ، ثمّ قال : «لأقتلنّك إن شاء الله».

فقال : لن تقدر على ذلك إلى أجل معلوم من عند ربّي ، ما لك تريد قتلي؟ فوالله ما أبغضك أحد إلاّ سبقت نطفتي إلى رحم اُمّه قبل نطفة أبيه ، ولقد شاركت مبغضيك في الأموال والأولاد ، وهو قول الله عزوجل في محكم كتابه : ( وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ) (٤) .

قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : «صدق يا علي ، لا يبغضك من قريش إلاّ سفّاحي (٥) ، ولامن الأنصار إلاّ يهودي ، ولا من العرب إلاّ دعي (٦) ، ولا من

__________________

(١) في «ش ، ن ، ع ، ج ، ل» : معتمر ، وفي «ح ، س» : نعمان.

(٢) في «ع ، س ، ح ، ن» زيادة : بن.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : هززت الشيء ، هزّاً فاهتزّ ، أي : حرّكته فتحرّك ، الصحاح ٣ : ٥٦ / هزز. وكذلك : ما اكترث له ما أبالي به ، القاموس المحيط ١ : ١٧٣.

(٤) سورة الإسراء ١٧ : ٦٤.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي ولد زنا.

وكذلك ورد فيهما : السِفاح : الزنا. الصحاح ١ : ٥٥٣ / سفح.

(٦) ورد في حاشية «ج ، ل» : الدّعي : المتّهم في نسبه. القاموس المحيط ٤ : ٣٥٩.

٢٧٣

سائر الناس إلاّشقي ، ولا من النساء إلاّ سلقلقيّة» وهي التي تحيض من دبرها ثمّ أطرق مليّاً ثمّ رفع رأسه فقال : معاشر الأنصار ، أعرضوا أولادكم على محبّة عليّ» (١) .

قال جابر بن عبدالله : فكنّا نعرض حبّ عليّ عليه‌السلام على أولادنا فمن أحبّ عليّاً علمنا أنّه من أولادنا ، ومن أبغض عليّاً انتفينا منه (٢) .

[ ٢٥٨ / ٨ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، قال : حدّثني (٣) أبو عمرو حفص المقدسي (٤) ، قال : حدّثنا عيسى بن إبراهيم ، عن أحمد بن حسّان ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس أنّه قال : معاشر الناس ، اعلموا أنّ الله تبارك وتعالى خلق خلقاً ليس هم من ذرّيّة آدم يلعنون مبغضي أمير المؤمين عليه‌السلام .

فقيل له : ومن هذا الخلق؟

قال : القنابر تقول في السحر : اللّهم العن مبغضي علي ، اللّهم أبغض من أبغضه وأحبّ من أحبّه (٥) .

[ ٢٥٩ / ٩ ] حدّثنا أبو عبدالله الحسين بن أحمد بن محمّد بن علي بن عبدالله بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن موسى ، قال : حدّثنا أحمد بن علي ، قال : حدّثني أبو علي الحسن بن إبراهيم بن علي العبّاسي ،

__________________

(١) في المطبوع زيادة : فإن أجابوا فهم منكم ، وإن أبوا فليسوا منكم.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ١٥١ / ٢٠ ، و٦٣ : ٢٣٦ / ٢٣٨.

(٣) في «س» : حدّثنا ، وفي هامشها كما في المتن.

(٤) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : القدسي.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٢٦٢ / ٤ ، و٣٩ : ٣٠٠ / ١٠٩.

٢٧٤

قال : حدّثني أبو سعيد محمّد (١) بن مرداس الدولقي (٢) ، قال : حدّثني (٣) جعفر بن بشر (٤) المكّي ، قال : حدّثنا وكيع ، عن المسعودي ، رفعه إلى سلمان الفارسي رحمه‌الله : مرّ إبليس لعنه الله بنفر يتناولون أمير المؤمنين عليه‌السلام فوقف أمامهم ، فقال القوم : من الذي وقف أمامنا؟ فقال : أنا أبو مرّة.

فقالوا : يا أبا مرّة ، أما تسمع كلامنا ؟ فقال : سوأة (٥) لكم تسبّون مولاكم علي بن أبي طالب. فقالوا له : من أين علمت أنّه مولانا؟

قال : من قول نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله».

فقالوا له : فأنت من مواليه وشيعته؟ فقال : ما أنا من مواليه ولا من شيعته ولكنّي أُحبّه ، وما يبغضه أحد إلاّ شاركته في المال والولد.

فقالوا لـه : يا أبا مـرّة ، فتقول في عليٍّ شيئاً؟ فقال لهم : اسمعوا منّي (٦) معاشر الناكثين والقاسطين والمارقين ، عبدت الله عزوجل في الجانّ اثني عشر ألف سنة ، فلمّا أهلك الجانّ شكوت إلى الله عزوجل الوحدة فعرج بي إلى السماء الدنيا فعبدت الله في السماء الدنيا اثني عشر ألف سنة أُخرى في جملة الملائكة ، فبينا نحن كذلك نسبّح الله عزوجل ونقدّسه إذ مرّ بنا نور شعشعانيّ ، فخرّت الملائكة لذلك النور سجّداً ، فقالوا : سبّوح قدّوس ، هذا نور ملك مقرّب أو نبي مرسل ، فإذا بالنداء من قِبَل الله تعالى :

__________________

(١) في المطبوع : عمير.

(٢) في المطبوع : الدوانقي.

(٣) في «ن» زيادة : أبو علي الحسن بن إبراهيم بن علي بن العبّاس ، قال : حدّثني.

(٤) في المطبوع : بشير.

(٥) في «ش ، ل» وحاشية «ح» عن نسخة : شوّة ، وفي حاشية «ش ، ن» عن نسخة : سوأة.

(٦) في حاشية «ج ، ل» زيادة : كلامي .

٢٧٥

«ما هذا نور ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ، هذا نور طينة علي بن أبي طالب» (١) .

[ ٢٦٠ / ١٠ ] حدّثنا محمّد بن علي بن مهرويه ، قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن حسام (٢) بن معيدان الأصفهاني ، قال : حدّثنا أبو حاتم ، قال : حدّثنا أحمد بن عبدة ، قال : حدّثنا أبو الربيع الأعرج ، قال : حدّثنا عبدالله بن عمران ، عن علي بن زيد بن جدعان (٣) ، عن سعيد بن المسيّب ، عن زيد ابن ثابت ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحبّ عليّاً في حياتي وبعد موتي كتب الله له الأمن والإيمان ما طلعت الشمس أو غربت ، ومن أبغضه في حياتي وبعد موتي مات ميتة جاهلية وحوسب بما عمل» (٤) .

[ ٢٦١ / ١١ ] حدّثنا علي بن محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة (٥) ، قال : أخبرنا محمّد بن عبدالله بن عامر ، قال : حدّثنا عصام ابن يوسف ، قال : حدّثنا محمّد بن أيّوب الكلابي ، قال : حدّثنا عمرو (٦) بن سليمان ، عن عبدالله بن عمران ، عن علي بن زيد ، عن سعيدبن المسيّب ، عن زيد بن ثابت ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «من أحبّ عليّاًفي حياته وبعد موته كتب الله عزوجل له الأمن والإيمان ما طلعت شمس

__________________

(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ٤٢٧ / ٥٦٥ ، وأورده ابن شاذان في الفضائل : ٤٦١ / ١٩٧ ، والروضة : ١٥١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ١٦٢ / ١ ، و٦٣ : ٢٣٧ / ٨١.

(٢) في المطبوع : حسان.

(٣) في «ج ، ل» : جذعان.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٨٩ / ٤٠.

(٥) في «ن ، ح ، ش ، ج ، ل» : المغيرة.

(٦) في «ع ، س ، ش ، ج ، ل» : عمر.

٢٧٦

وغربت» (١) .

[ ٢٦٢ / ١٢ ] حدّثني محمّد بن المظفّر بن نفيس المصري رحمه‌الله ، قال : حدّثني أبو إسحاق إبراهيم بن محمّد بن أحمد بن أخي سيّاب (٢) العطّار الكوفي رضي‌الله‌عنه بالكوفة ، قال : حدّثنا أحمد بن الهذيل أبو العبّاس الهمداني ، قال : حدّثنا أبو نصر الفتح بن قرّة السمرقندي ، قال : حدّثنا محمّد بن خلف المروزي ، قال : حدّثنا يوسف (٣) بن إبراهيم ، قال : حدّثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : قال أبو أيّوب الأنصاري : أعرضوا حبّ عليٍّ على أولادكم ، فمن أحبّه فهو منكم ، ومن لم يحبّه فاسألوا اُمّه من أين جاءت به ، فإنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : «لا يحبّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق ، أو ولد زنية ، أو حملته اُمّه وهي طامث» (٤) .

ـ ١٢١ ـ

باب العلّة التي من أجلها ترك الناس عليّاً عليه‌السلام

وعدلوا عنه إلى غيره مع معرفتهم بفضله

[ ٢٦٣ / ١ ] حدّثنا أحمد بن يحيى المكتّب ، قال : حدّثنا أبو الطيّب أحمد ابن محمّد الورّاق ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي العماني ، قال : حدّثنا العبّاس بن الفرج الريّاشي ، قال : حدّثني أبو زيد النحوي

__________________

(١) ذكره المصنّف في الأمالي : ٦٧٩ / ٩٢٦ ، وأورده القاضي المغربي في شرح الأخبار ١ : ١١٣ / ٢٥ ، وفيه عن جابر ، والطبري في بشارة المصطفى : ٢٥٠ / ٤٣ ، وأبو يعلى الموصلي في المسند ١ : ٤٠٣ / ٢٨ ، وفيه عن ابن المغيرة ، والهيثمي في مجمع الزوائد ٩ : ١٢١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٧ : ٧٦ / ٧.

(٢) في «ج ، ع ، ش» : شباب ، وفي «ل ، ح ، س» : سباب.

(٣) في «ج ، ل ، ش» : يونس.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣٩ : ٣٠١ / ١١٠.

٢٧٧

الأنصاري ، قال : سألت الخليل (١) بن أحمد العروضي فقلت له : لِمَ هجر الناس عليّاً عليه‌السلام وقرّباه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قرّباه وموضعه من المسلمين موضعه وعناه في الإسلام عناه؟

فقال : بهر (٢) والله نوره أنوارهم وغلبهم على صفو (٣) كلّ منهل (٤) ، والناس إلى أشكالهم أميل ، أما سمعت قول الأوّل حيث (٥) يقول :

وكلّ شكل لشكله ألف

أما ترى الفيل يألف الفيلا

قال : وأنشدنا الريّاشي في معناه عن العبّاس بن الأحنف :

وقائلاً (٦) كيف تهاجرتما

فقلت قولا فيه إنصاف

لم يك من شكلي فهاجرته

والناس أشكال وآلاف (٧)

[ ٢٦٤ / ٢ ] حدّثنا أبو أحمد الحسن (٨) بن عبدالله بن سعيد بن الحسن ابن إسماعيل بن حكيم (٩) العسكري ، قال : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الزغل العشمي ، قال : حدّثنا ثبيت بن محمّد قال : حدّثني أبو الأحوص ، عمّن حدّثه ، عن آبائه ، عن أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما‌السلام قال : «بينما

__________________

(١) ورد في حاشية «ج» : قوله : أنا أبو النجم وشعري شعري ، أي هو المشهور بنفسه لابشيءآخر ، وتقول أنا منه. شرح الرضي على الكافية ١ : ٢٥٥ / ٧٠.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» بَهَرَه بهراً : غلبه وفضله. المصباح المنير : ٦٤.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : صفو الشيء : خالصه. المصباح المنير : ١٧٩.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : المنهل بفتح الميم والهاء ـ : المورد ، وهو عين ماء ترده الابل.المصباح المنير : ٣٢٣.

(٥) كلمة «حيث» لم ترد في المطبوع.

(٦) في المطبوع : وقائل.

(٧) ذكره المصنّف في الأمالي : ٣٠٠ / ٣٤١ ، وأورده الفتّال في روضة الواعظين : ١١٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٩ : ٤٧٩ / ١.

(٨) في النسخ : الحسين.

(٩) في «ح ، س» : الحكم.

٢٧٨

أمير المؤمنين عليه‌السلام في أصعب موقف بصفّين إذ أقبل عليه رجل من بني دودان (١) ، فقال له : لِمَ دفعكم قومكم عن هذا الأمر وكنتم أفضل الناس علماً بالكتاب والسنّة ؟

فقال : يا أخا بني دودان ، ولك حقّ المسألة وذمام الصهر (٢) ، فإنّك قلق الوضين (٣).

__________________

(١) في حاشية «ج ، ل» عن نسخة : بني أسد.

(٢) في «ح ، س» : وذمام الصبر ، وفي حاشيتهما كما في المتن.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : في حديث عليّ عليه‌السلام : «إنّك لقلق الوضين»، الوضين : بطان منسوج بعضه على بعض ، يشدّ به الرحل على البعير كالحزام للسرج ، أراد أنّه سريع الحركة ، يصفه بالخفّة وقلّة الثبات ، كالحزام إذا كان رِخْواً. النهاية في غريب الحديث ٥ : ١٧٣.

والوضين : بطان القتب وحزام السرج ، والقلق : الاضطراب ، والذمامة ـ بالكسر : الحرمة ، ويروى ماتة الصهر : أي وسيلته وهي المصاهرة ، والإثرة بالتحريك : الاستبداد والاستيثار ، والحجرة بفتح الحاء ـ : الناحية ، والجمع حجرات بفتح الجيم وسكونها. وهلمّ يستعمل بمعنى تعال ، فلا يتعدّى ، كقوله تعالى : (هَلُمَّ إِلَيْنَا) سورة الأحزاب ١٣ : ١٨ وقد يستعمل بمعنى هات كما هي هاهنا فتعدّى ، كما قال تعالى : (هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ) سورة الأنعام ٦ : ١٥٠ ولاغرو : أي لا عجيب ، فأمّا جوابه للأسدي فانّه يقال للرجل إذا لم يكن ذا ثبات في عقله واُموره بحيث يسأل عمّا لا يعنيه أويضع سؤاله في غير موضعه ويستعجل : إنّه قلق الوضين ، وأصله أنّ الوضين : إذا قلق اضطرب القتب فلم يثبت في حركاته فضرب مثلاً له ، وكذلك قوله : وترسل في غير سدد ، أي : تتكلّم في غير موضع الكلام لاعلى استقامة ، وهذا تأديب له ، وأمّا كونه صهراً فلأنّ زينب بنت جحش زوجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كانت أسديّة.

ونقل القطب الراوندي : إنّ عليّاً عليه‌السلام كان متزوّجاً في بني أسد ، وأنكره الشارح ابن أبي الحديد معتمداً على أنّه لم يبلغنا ذلك ، فأمّا البيت فانّه لامرئ القيس ، وأصله أنّه تنقّل في أحياء العرب بعد قتل أبيه فنزل على رجل من خذيلة طي يقال له : طريف ، فأحسن جواره فمدحه وأقام معه ، ثمّ إنّه خاف أن لا يكون له منعة فتحوّل

٢٧٩

ترسل في غير سدد (١) ، كانت إمرة شحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، ولنعم الحكم الله ، والزعيم محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله.

دع عنك نهبا (٢) صيح في حجراته

وهلمّ الخطب في ابن أبي سفيان

فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه

ولاَ غَرْوَ إلاّ جارتي وسؤالها

ألا هَلْ لَنا أَهْلٌ سئلت كذلك (٣)

بئس القوم من خفضني ، وحاولوا الأدهان في دين الله ، فإن ترفع (٤) عنّا محن البلوى أحملهم من الحقّ على محضه ، وإن تكن الاُخرى فلا تأس

__________________

عنه ونزل على خالد بن التيهان ، فأغارت بنو خذيلة عليه وهو في جوار خالد ، فذهبوابإبله ، فلمّا أتاه الخبر ذكر ذلك لخالد ، فقال له : أعطني رواحلك ألحق عليها فأردّ إليك ، ففعل فركب خالد في أثر القوم حتّى أدركهم ، فقال : يابني خذيلة ، أغرتم على إبل جاري ؟ فقالوا : وما هو لك بجار ، قال : بلى والله ، وهذه رواحله ، فرجعوا إليه فأنزلوه عنهنّ وذهبوا بهنّ وبالإبل ، فقال امرؤ القيس القصيدة التي أوّلها :

فدع عنك نهباً صيح في حجراته

ولكن حديث ما حديث الرواحل

شرح نهج البلاغة لابن ميثم البحراني ٣ : ٢٧٤.

(١) في «ن» : عن ذي نسب ، وفي «ج ، ل» : عن ذي مسد ، وفي حاشيتهما عن نسخة كما في المتن .

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : ومنه حديث عليّ عليه‌السلام : «الحكم لله».

دع عنك نهباً صيح في حجراته

.........

هذا مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ، ثمّ ذهب ما هو أجلّ منه ، وهو صدربيت لامرئ القيس :

فدع عنك نهباً صيح في حجراته

ولكن حديثاً ما حديث الرواحل أي دع النهب

الذي نهب من نواحيك ، وحدّثني حديث الرواحل وهي الإبل التي ذهبت بها ما فعلت. النهاية في غريب الحديث ١ : ٣٣٠.

(٣) ورد في حاشية «ج ، ل» : لم يكن لي أهل فيعاونوني ليمكنني معارضتهم ومقاتلتهم ، أي : هل كان لي أهل ومعاون فتسألين عن ذلك. (م ق ر رحمه‌الله ١٠٨٥).

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي فإن يجتمعوا عليّ ويرتفع بيني وبينهم ما ابتلينا به من هذه المحن والإحن أسلك بهم محض الحقّ وإن أبوا إلاّ البقاء على ما هم عليه فلا أسفو أقتبس الآية. شرح ابن ميثم ٣ : ٢٩٦.

٢٨٠