علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

وضدّها الإذاعة ، والإنصاف وضدّه الحميّة ، والنظافة وضدّها القذر (١) ، والحياء وضدّه الخلع ، والقصد وضدّه العدوان ، والراحة وضدّها التعب ، والسهولة وضدّها الصعوبة (٢) ، والبركة وضدّها المحقّ ، والعافية وضدّها البلاء ، والقوام (٣) وضدّه المكاثرة ، والحكمة وضدّها النقاوة (٤) ، والوقاروضدّه الخفّة ، والسعادة وضدّها الشقاوة ، والتوبة وضدّها الإصرار ، والاستغفار وضدّه الاغترار ، والمحافظة وضدّها التهاون ، والدعاء وضدّه الاستنكاف ، والنشاط وضدّه الكسل ، والفرح وضدّه الحزن ، والأُلفة وضدّها الفرقة (٥) ، والسخاء وضدّها البُخل.

ولا تجتمع هذه الخصال كلّها من أجناد العَقل إلاّ في نَبيّ أو وَصيّ أو مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ، وأمّا سائر ذلك من موالينا فإنّ أحدهم لايخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتّى يستكمل ويتّقي من جنود الجهل ، فعند ذلك يكون في الدّرجة العُليا مع الأنبياء والأوصياء عليه‌السلام ، وإنّما يدرك الحقّ (٦) بمعرفة العقل وجنوده ومجانبة الجهل وجنوده ، وعصمنا (٧) الله وإيّاكم لطاعته (٨) ومرضاته» (٩) .

__________________

(١) في المطبوع : القذارة.

(٢) في النسخ : العقود ، وفي حاشية «ج ، ش» كما في المتن.

(٣) ورد في حاشية «ج» : القَوام ـ بالفتح ـ : العدل والاعتدال.

(٤) في حاشية «ج» : النفاق ، وفي الخصال : الهوى.

(٥) في النسخ : العصبيّة ، وفي حاشية «ج» كما في المتن.

(٦) ورد في حاشية «ج» : في الخصال : الفوز.

(٧) ورد في حاشية «ج» في الخصال : وفّقنا.

(٨) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : بطاعته.

(٩) ذكره المصنّف في الخصال : ٥٨٨ / ١٣ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٥ / ١٤ ،

٢٢١

[ ١٩٠ / ١١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، قال : حدّثنا إبراهيم بن هاشم ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن الهيثم الخفّاف ، عن رجل من أصحابنا ، عن عبد الملك بن هشام ، عن علي الأشعري رفعه ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ما عبدالله بمثل العقل ، وما تمّ عقل امرئ حتّى يكون فيه عشر خصال : الخير منه مأمول والشرّ منه مأمون ، يستقلّ كثير الخير من عنده ويستكثر قليل الخير من غيره ، ولا يتبرّم (١) بطلاّب الحوائج إليه ولا يسأم من طلب العلم طول عمره ، الفقر أحبّ إليه من الغنى ، والذلّ أحبّ إليه من العزّ ، نصيبه من الدّنيا القوت والمعاشرة (٢) ، وأمّا المعاشرة لا يرى أحداً إلاّ قال : هو خير منّي وأتقى ، إنّما النّاس رجلان : فرجل هو خير منه وأتّقى ، وآخر هو شرّ منه وأدنى ، فإذا التقى الذي هو خير منه واتّقى تواضع له؛ ليلحق به ، وإذا التقى الذي هو شرّ منه وأدنى قال : عسى أن يكون خير هذا باطناً وشرّه ظاهراً ، وعسى أن يختم له بخير ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده (٣) وساد أهل زمانه» (٤) .

__________________

والبرقي في المحاسن ١ : ١٩٦ / ٢٢ ، والحرّاني في تحف العقول : ١٥ ، مرسلاً ، وكذلك الطبرسي في مشكاة الأنوار ٢ : ١٦٤ / ١٤٩٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ١ : ١١١ / ذيل الحديث ٧.

(١) في «ج» : ينبرم ، وفي حاشيتها : برم الشيء برماً فهو بَرم ، مثل : ضَجَر ضَجراً ، وزناً ومعنى. المصباح المنير : ٢٩ / برم.

(٢) ورد في حاشية «ج» : المعاشرة هي الخصلة العاشرة ، وفسّره عليه‌السلام بما فسّره فلاتغفل.

(٣) ورد في حاشية «ج» : المجد العِزّ والشرف.

(٤) ذكره المصنّف بسند آخر في الخصال : ٤٣٣ / ١٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١ : ١٠٩ / ٦.

٢٢٢

[ ١٩١ / ١٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا علي ابن (١) الحسين السعد آبادي ، عن أحمد (٢) بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن أبي نهشل ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن أبيه ، عن أبي حمزة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «إنّ الله عزوجل خلقنا من أعلى علّيّين ، وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلقنا منه ، وخلق أبدانهم من دون ذلك فقلوبهم تهوى إلينا؛ لأنّها خلقت ممّا خلقنا منه ، ثمّ تلا هذه الآية : ( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) (٣) » (٤) (٥) .

[ ١٩٢ / ١٣ ] حدّثنا أحمد بن هارون ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله الحميري ، عن أبيه ، عن يعقوب بن يزيد ، عن حمّاد (٦) بن عيسى ، عن (٧) أبي نُعيم الهذلي ، عن رجل ، عن علي بن الحسين عليهما‌السلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى خلق النبيّين من طينة علّيّين قلوبهم وأبدانهم ، وخلق قلوب المؤمنين من تلك الطّينة ، وخلق أبدان المؤمنين من دون ذلك ، وخلق الكفّار من طينة سجّين قلوبهم وأبدانهم ، فخلط بين الطينتين ، فمن هذا يلد

__________________

(١) أثبتناها من النسخ .

(٢) في «ح» : أحمد بن محمّد بن.

(٣) سورة المطفّفين ٨٣ : ١٨ ـ ٢١.

(٤) ورد في حاشية «ج» : ذكر الآية إمّا لبيان أنّ الموضع المسمّى بعلّيين الذي اُخذ

من طيننا هو الذي فيه كتابنا ، أو المراد بالكتاب الطينة ؛ لأنّها محلّ العلوم والحقائق.(م ق ر رحمه‌الله ).

(٥) أورده البرقي في المحاسن ١ : ٢٢٤ / ٤٠٠ ، والصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٥١ / ٦٦ ، والمفيد في الاختصاص : ١٩٠ ، والقمّي في تفسيره ٢ : ٤١١ ، والكليني في الكافي ٢ : ٣ / ٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٣ / ٣٠.

(٦) في «ح» : عثمان ، وفي حاشيتها : حمّاد.

(٧) في «ح» : بن ، وفي حاشيتها : عن.

٢٢٣

المؤمن الكافر ، ويلد الكافر المؤمن ، ومن هاهنا يصيب المؤمن السيّئة ، ومن هاهنا يصيب الكافر الحسنة ، فقلوب المؤمنين تحنّ إلى ما خلقوا منه ، وقلوب الكافرين تحنّ إلى ما خلقوا منه» (١) .

[ ١٩٣ / ١٤ ] حدّثنا علي بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل رفعه إلى محمّد بن سنان ، عن زيد الشحّام ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى خلقنا من نور مبتدع من (٢) نور رسخ (٣) ذلك النور في طينة من أعلا علّيّين ، وخلق قلوب شيعتنا ممّا خلق منه (٤) أبداننا ، وخلق أبدانهم من طينة دون ذلك ، فقلوبهم تهوى إلينا؛ لأنّهاخلقت ممّا خلقنا منه ، ثمّ قرأ : ( كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ) (٥) وإنّ الله تبارك وتعالى خلق قلوب أعدائنا من طينة من سِجّين ، وخلق أبدانهم من طينة من دون ذلك ، وخلق قلوب شيعتهم ممّا خلق منه أبدانهم فقلوبهم تهوى إليهم ، ثمّ قرأ : ( إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَّرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ) (٦) » (٧) .

__________________

(١) أورده الصفّار في البصائر ١ : ٥٢ / ٦٨ ، والمفيد في الاختصاص : ٢٤ ، والكليني في الكافي٢ : ٢ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٣٩ / ١٩.

(٢) في «ن ، ش» : عن.

(٣) ورد في حاشية «ج» : رسخ : ثبت ، وكلّ راسخ ثابت «ح».

(٤) في «ج» : الله ، وفي حاشيتها : منه.

(٥) سورة المطفّفين ٨٣ : ١٨ ـ ٢١.

(٦) سورة المطفّفين ٨٣ : ٧  ـ ١٠.

(٧) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٣ / ٣٠.

٢٢٤

[ ١٩٤ / ١٥ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى ، عن أبي يحيى الواسطي رفعه ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : «إنّ الله عزوجل خلقنا من علّيّين وخلق أرواحنا من فوق ذلك ، وخلق أرواح شيعتنا من علّيّين ، وخلق أجسادهم من دون ذلك ، فمن أجل ذلك كانت القرابة بيننا وبينهم ، ومن ثمّ تحنّ قلوبهم إلينا» (١) .

[ ١٩٥ / ١٦ ] حدّثنا (٢) محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن أبيه ، عن ابن العرزمي (٣) ، عن أبيه عن جابر الجعفي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إذا أردت أن تعلم أنّ فيك خيراً فانظر إلى قلبك ، فإن كان يحبّ أهل طاعة الله عزوجل ويبغض أهل معصيته ففيك خير والله يحبّك ، وإن كان يبغض أهل طاعة الله ويحبّ أهل معصيته فليس فيك خير والله يبغضك والمرء مع من أحبّ» (٤) .

ـ ٩٧ ـ

باب علّة المعرفة والجحود

[ ١٩٦ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن

__________________

(١) أورده الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٦٠ / ٨٣ ، والكليني في الكافي ١ : ٢١٩ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٣ / ٣٠.

(٢) في «س» : حدّثني ، وفي الحاشية : حدّثنا.

(٣) في «ج» : أبي المغرا ، وفي الحاشية : ابن العرزمي.

(٤) ذكره المصنّف في مصادقة الإخوان : ١٥٦ / ٣ ، وأورده البرقي في المحاسن ١ : ٤١٠ / ٣٣١ ، والكليني في الكافي ٢ : ١٠٣ / ١١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٦٩ : ٢٤٧ ذيل الحديث ٢٢.

٢٢٥

عيسى ، عن الحسين بن علي بن فضّال ، عن ابن بكير ، عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ ) (١) ، قال : «ثبتت المعرفة ونسوا الموقت (٢) وسيذكرونه يوماً ، ولولا ذلك لم يدر أحدمن خالقه ولا من رازقه» (٣) .

[ ١٩٧ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل ، قال : حدّثنا عبدالله بن جعفرالحميري ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن عبد الرحمن بن كثير ، عن داوُد الرَّقّي ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «لَمّا أراد الله عزوجل أن يخلق الخلق خلقهم ونشرهم بين يديه ثمّ قال لهم : من ربّكم؟ فأوّل من نطق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأمير المؤمنين والأئمّة صلوات الله عليهم أجمعين فقالوا : أنت ربّنا ، فحمّلهم العلم والدين ، ثمّ قال للملائكة : هؤلاء حملة ديني وعلمي وأُمنائي في خلقي وهُم المسؤولون (٤) ، ثمّ قيل لبني آدم : أقرّوا لله بالربوبيّة ولهؤلاء النفر بالطّاعة والولاية ، فقالوا : نعم ربّنا أقررنا ، فقال الله جلّ جلاله للملائكة : اشهدوا ، فقالت الملائكة : شهدنا على أن لا يقولوا غداً إنّا كنّا عن هذا غافلين ، أو يقولوا : إنّما أشرك آباؤنا

__________________

(١) سورة الأعراف ٧ : ١٧٢.

(٢) في «ج ، س ، ش ، ع» : الوقت.

(٣) أورده البرقي في المحاسن : ٣٧٦ / ٨٢٦ ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، والعيّاشي في تفسيره ٢ : ١٧٤ / ١٦٥٥ ، والقمّي في تفسيره ١ : ٢٤٨ ، والأربلي في كشف الغمّة ٤ : ٨٨ عن الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٥ : ٢٤٣ / ٣٢.

(٤) ورد في حاشية «ج» : أي : هُم المسؤولون عن حبّهم وطاعتهم ، أي : يسأل الناس عمّا صنعوا في شأنهم ، أو يجب على الناس أن يسألوا ديني وعلمي عنهم أو أسأل عنهم كيف قاموا في خلقي وهو بعيد. (م ق ر رحمه‌الله ).

٢٢٦

من قبلُ وكنّا ذرّيّة من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون ، يا داوُد ، الأنبياء (١) مؤكّدة عليهم في الميثاق» (٢) .

[ ١٩٨ / ٣ ] أبي رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة (٣) ، عن عبدالله بن محمّد الجعفي وعُقبَة جميعاً عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إنّ الله عزوجل خلق الخلق فخلق من أحبّ ممّا أحبّ ، وكان ما أحبّ أن خلقه من طينة الجنّة ، وخلق من أبغض ممّا أبغض ، وكان ما (٤) أبغض أن خلقه من طينة النّار ، ثمّ بعثهم في الظلال».

فقلت : وأيّ شيء الظلال؟

فقال : «ألم تر إلى ظلّك في الشمس شيء وليس بشيء ، ثمّ بعث منهم النبيّين فدعوهم إلى الإقرار بالله ، وهو قوله عزوجل : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ) (٥) ، ثمّ دعوهم إلى الإقرار بالنبيّين فأنكر بعض وأقرّبعض ، ثمّ دعوهم إلى ولايتنا فأقرّ بها والله ، من أحبّ وأنكرها من أبغض ، وهو قوله عزوجل : ( فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِن قَبْلُ ) (٦) » ثمّ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «كان التكذيب ثَمّ» (٧) .

__________________

(١) في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» : والأنبياء.

(٢) ذكره المصنّف في التوحيد : ٣١٩ / ٣٢٠ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٠٣ / ٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٤ / ٣٣.

(٣) في «ج» : عتبة ، وفي حاشيتها : عقبة.

(٤) في النسخ : ممّا.

(٥) سورة الزخرف ٤٣ : ٨٧.

(٦) سورة الأعراف ٧ : ١٠١.

(٧) أورده الكليني في الكافي ٢ : ٨ / ٣ ، والصفّار في البصائر ١ : ١٧٥ / ٣٢٨ ،

٢٢٧

ـ ٩٨ ـ

باب علّة احتجاب الله عزوجل (١) عن خلقه

[ ١٩٩ / ١ ] حدّثنا الحسين بن أحمد رحمه‌الله ، عن أبيه ، قال : حدّثنا محمّد ابن بندار ، عن محمّد بن علي ، عن محمّد بن عبدالله الخراساني خادم الرضا عليه‌السلام ، قال : قال بعض الزنادقة لأبي الحسن عليه‌السلام : لِمَ احتجب الله؟

فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «إنّ الحجاب عن الخلق؛ لكثرة ذنوبهم ، فأمّا هو فلا يخفى عليه خافية في آناء الليل والنّهار» ، قال : فلِمَ لا تدركه حاسّة البصر؟

قال : «للفرق (٢) بينه وبين خلقه الذين تدركهم حاسّة الأبصار ، ثمّ هو أجلّ من أن تدركه الأبصار أو يحيط به وَهْمٌ أو يضبطه عقل».

قال : فحدّه لي؟

قال : «إنّه لا يحدّ».

قال : لِمَ؟ قال : «لأنّه كلّ محدود متناه إلى حدٍّ ، فإذا احتمل التحديد (٣) احتمل الزيادة ، وإذا احتمل الزيادة احتمل النقصان ، فهو غير

__________________

والعيّاشي في التفسير ٢ : ٢٨٣ / ١٩٧٢ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ٢٤٤ / ٣٤.

(١) في المطبوع : جلّ جلاله.

(٢) في حاشية «ل ، ج» : كأنّه علّة على سبيل التنزّل ، أو المراد أن تجرّده ، والفرق بينه وبين خلقه صار سبباً لذلك. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد التحديد الجسماني ، لمّا كان احتمال النقصان أظهر فساداً جرّ الكلام إليه ، ويمكن أن يشمل التحديد العقلي أيضاً ؛ لأنّه إذا صار أجزاء أمكن نقصان الأجزاء ، أي هو محتاج إلى أجزائه ، والأجزاء ممكنة ، فيلزم احتياجه إلى أمر ممكن ، فهو أولى بالإمكان. (م ق ر رحمه‌الله ).

٢٢٨

محدود ولا متزائد ولا متجزّئ ولا متوهَّم» (١) .

[ ٢٠٠ / ٢ ] أخبرني علي بن حاتم ، قال : حدّثنا القاسم بن محمّد ، قال : حدّثناحمدان (٢) بن الحسين ، عن الحسين بن الوليد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قلت لعلي بن الحسين عليهما‌السلام : لأيّ علّة حجب الله عزوجل الخلق عن نفسه؟

قال : «لأنّ الله تبارك وتعالى بناهم بنيّة على الجهل ، فلو أنّهم كانوا ينظرون (٣) إلى الله عزوجل لما كانوا بالذي يهابونه ولا يعظّمونه ، نظير ذلك : أحدكم إذا نظر إلى بيت الله الحرام أوّل مرّة عظّمه ، فإذا أتت عليه أيّام وهو يراه لا يكاد أن ينظر إليه إذا مرّ به ، ولا يعظّمه ذلك التعظيم» (٤) .

ـ ٩٩ ـ

باب علّة إثبات الأنبياء والرسل صلّى الله عليهم ،

وعلّة اختلاف دلائلهم

[ ٢٠١ / ١ ] حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن علي ، عن عمرو ابن أبي المقدام ، عن إسحاق بن غالب ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في كلام له

__________________

(١) ذكره المصنّف في التوحيد : ٢٥٢ / ٣ ، وعيون أخبار الرضا عليه‌السلام ١ : ١٧٢ / ٢٨ ، الباب ١١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣ : ١٥ / ١.

(٢) في النسخ : حملان ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة : «حمدان».

(٣) أي : بالبصر ، فيكون دليلاً آخر على سبيل التنزّل عن استحالته ، أو بالقلوب والعقول ، أي : لو كان تحصل المعرفة التي تتيسّر للعارفين بعد أنواع الرياضيّات والعبادات والتفكّرات لكلّ أحد ابتداءً لم يكونوا يهابونه والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٣ : ١٥ / ٢.

٢٢٩

يقول فيه : «الحمدُ لله المحتجب بالنور (١) دون خلقه في الاُفق الطامح ، والعزّ الشامخ ، والمُلك الباذخ ، فوق كلّ شيء علا (٢) ومن كلّ شيء دنا ، فتجلّى لخلقه من غير أن يكون يُرى ، وهو يَرى وهو بالمنظر الأعلى ، فأحبّ الاختصاص بالتوحيد إذا احتجب بنوره ، وسما في علوّه ، واستتر عن خلقه ؛ ليكون له الحجّة البالغة ، وابتعث فيهم النبيّين ، مبشّرين ومنذرين؛ ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة ، وليعقل العباد عن ربّهم ما جهلوا ، وعرفوه بربوبيّته بعد ما أنكروا ، ويوحّدوه بالإلهيّة بعد ماعندوا (٣) » (٤) .

[ ٢٠٢ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان قال : سئل أبو عبدالله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) (٥) فقال : «كانوا اُمّة واحدة فبعث الله النبيّين؛ ليتّخذ عليهم الحجّة» (٦) .

[ ٢٠٣ / ٣ ] حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي قال : أخبرني علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن العبّاس بن عمرو الفقيمي ، عن هشام بن الحكم ،

__________________

(١) في حاشية «ل» : أي بالحجب النورانيّة ، أو بنورانيّة تجرّده. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في حاشية «ل» : رتبةً لا مكاناً. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) في «ش ، س ، ح ، ن ، ج» وحاشية «ل» عن نسخة : عضدوا.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٧ / ٣٥.

(٥) سورة هود ١١ : ١١٨ و١١٩.

(٦) أورده الكليني في الكافي ٨ : ٣٧٩ / ٥٧٣ ، والعيّاشي في تفسيره ٢ : ٣٢٩ / ٢٠٦٩ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣١ / ٢٣.

٢٣٠

عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه قال للزنديق الذي سأله من أين أثبتَّ الرسل والأنبياء؟ فقال : «إنّالمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ويلا مسوه ، ويباشرهم ويباشروه ، ويحاجّهم ويحاجّوه ، ثبت أنّ له سفراء في خلقه يعبّرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلونهم على مصالحهم ومنافعهم ، ومابه بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه والمعبّرون عنه عزوجل وهم الأنبياء وصفوته من خلقه حكماء مؤدّبون بالحكمة مبعوثون بها غير مشاركين للناس في شيء من أحوالهم ، مؤيّدين من عند الحكيم العليم بالحكمة ، ثمّ ثبت ذلك في كلّ دهر و زمان ما أتت به الرّسل والأنبياء من الدلائل والبراهين؛ لكيلا تخلو أرض الله من حجّة يكون معه علم يدلّ على صدق مقالته وجواز عدالته» (١) .

[ ٢٠٤ / ٤ ] حدّثنا علي بن أحمد رحمه‌الله ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن موسى بن عمران ، عن عمّه الحسين بن يزيد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام أنّه سأله رجل فقال : لأيّ شيءبعث الله الأنبياء والرسل إلى الناس؟

فقال : «لئلاّ يكون للناس على الله حجّة من بعد الرسل ، ولئلاّ يقولوا : ماجاءنا من بشير ولا نذير ، ولتكون حجّة الله عليهم ، ألا تسمع الله

__________________

(١) ذكره المصنّف في التوحيد : ٢٤٩ / ١ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٢٨ / ١ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٢١٣ / ٢٢٣ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن التوحيد والعلل في بحار الأنوار ١١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، ح٢٠ وذيله.

٢٣١

عزوجل يقول حكايةً عن خزنة جهنّم واحتجاجهم على أهل النار بالأنبياء والرسل ـ : ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَىٰ قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ ) (١) » (٢) .

[ ٢٠٥ / ٥ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن غير واحد ، عن الحسين بن نُعيم الصحّاف ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : أيكون الرجل مؤمناً قد ثبت له الإيمان ثمّ ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر؟

قال : «إنّ الله هو العدل ، وإنّما بعث الرسل ليدعوا الناس إلى الإيمان بالله ولا يدعوا أحد إلى الكفر».

قلت : فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟

قال : «إنّ الله عزوجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها لا يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود ، ثمّ ابتعث (٣) الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله حجّة لله عليهم ، فمنهم من هداه الله ومنهم من لم يهده» (٤) .

[ ٢٠٦ / ٦ ] حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين ابن محمّد بن علي قال : حدّثنا أبو عبدالله السياري ، عن أبي يعقوب (٥)

__________________

(١) سورة الملك ٦٧ : ٨ و٩.

(٢) نقله المجلسي عن العيون في بحار الأنوار ١١ : ٣٩ / ٣٧.

(٣) في «ش ، ن ، ح ، ج ، ل» : انبعث ، وفي حاشية «ج ، ل» عن نسخة : ابتعث.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٢ : ٣٠٥ / ١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٩ / ٣٩ .

(٥) في «ج» : أبي أيّوب ، وفي حاشيتها عن نسخة كما في المتن.

٢٣٢

البغدادي ، قال : قال ابن السكّيت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : لماذا بعث الله عزوجل موسى بن عمران بيده العصا (١) وآلة السحر ، وبعث عيسى بالطبّ ، وبعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكلام والخطب؟

فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «إنّ الله تبارك وتعالى لمّا بعث موسى عليه‌السلام كان الأغلب على أهل عصره السحر (٢) فأتاهم من عند الله عزوجل بما لم يكن فيوسع القوم مثله وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم ، وإنّ الله تبارك وتعالى بعث عيسى عليه‌السلام في وقت ظهرت فيه الزمانات واحتاج الناس إلى الطبّ فأتاهم من عند الله عزوجل بما لم يكن عندهم مثله وبما أحيى لهم الموتى وأبرأ لهم الأكمه والأبرص بإذن الله عزوجل وأثبت به الحجّة عليهم ، وإنّ الله تبارك وتعالى بعث محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام وأظنّه قال : والشعر فأتاهم من كتاب الله عزوجل ومواعظه وأحكامه ما أبطل به قولهم ، وأثبت به الحجّة عليهم».

فقال ابن السكّيت : تالله ، ما رأيت مثلك اليوم قطّ ، فما الحجّة على الخلق اليوم؟

فقال عليه‌السلام : «العقل يعرف به الصادق على الله فيصدّقه ، والكاذب على الله فيكذّبه» .

فقال ابن السكّيت : هذا هو والله الجواب (٣) .

__________________

(١) في المطبوع : بالعصا ويده البيضاء ، وما أثبتناه من النسخ.

(٢) في «س» وحاشية «ش» عن نسخة : السحرة.

(٣) ذكره المصنّف في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٧٣ / ١٢ ، الباب ٣٢ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ١٨ / ٢٠ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٤٣٧ / ٣٠٩ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٧٠ / ١.

٢٣٣

ـ ١٠٠ ـ

باب علّة المعجزة

[ ٢٠٧ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله عن موسى بن عمران ، عن عمّه ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : لأيّ علّة أعطى الله عزوجل أنبياءه ورسله وأعطاكم المعجزة؟

فقال : «ليكون دليلاً على صدق من أتى به ، والمعجزة علامة لله لايعطيها إلاّ أنبياءه ورسله وحججه؛ ليعرف به صدق الصادق من كذب الكاذب» (١) .

ـ ١٠١ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي اُولو العزم اُولي العزم

[ ٢٠٨ / ١ ] أبي (٢) رحمه‌الله ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن المفضّل بن صالح ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام في قول الله عزوجل : ( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ) (٣) قال : «عهد إليه في محمّد والأئمّة من بعده

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٧١ / ٢.

(٢) في «س» : حدّثنا أبي.

(٣) سورة طه ٢٠ : ١١٥.

٢٣٤

فترك ولم يكن له عزم فيهم أنّهم هكذا ، وإنّما سُمّي اُولو العزم؛ لأنّهم عهد إليهم في محمّد والأوصياء من بعده ، والمهديّ وسيرته ، فأجمع عزمهم أنّ ذلك كذلك وإقرار به» (١) .

[ ٢٠٩ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدّثنا علي ابن الحسن بن فضّال ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام قال : «إنّما سُمّي اُولو العزم اُولي العزم؛ لأنّهم كانوا أصحاب العزائم والشرائع (٢) ، وذلك أنّ كلّ نبيّ كان بعد نوح عليه‌السلام كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمان إبراهيم عليه‌السلام ، وكلّ نبيّ كان في أيّام إبراهيم وبعده كان على شريعة إبراهيم ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن موسى عليه‌السلام ، وكلّ نبيّ كان في زمن موسى عليه‌السلام وبعده كان على شريعة موسى ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى أيّام عيسى عليه‌السلام ، وكلّ نبيّ كان في أيّام عيسى عليه‌السلام وبعده كان على منهاج عيسى عليه‌السلام وشريعته وتابعاً لكتابه إلى زمن نبيّنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهؤلاء الخمسة هم اُولو العزم ، وهم أفضل الأنبياء والرسل عليه‌السلام ، وشريعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لاتنسخ إلى يوم القيامة ولا نبيّ بعده إلى يوم القيامة ، فمن ادّعى بعد نبيّنا أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه» (٣) .

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ١ : ٣٤٤ / ٢٢ ، والصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٥٥ / ٢٨٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٥ / ٣١.

(٢) في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد الناسخة ليخرج آدم عليه‌السلام . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ٢ : ١٧٥ / ١٣ ، الباب ٣٢ ، وأورده الراوندي في قصص الأنبياء : ٢٧٧ / ٣٣٥ ، والبرقي في المحاسن ١ : ٤٢٠ / ٩٦٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٣٤ / ٢٨.

٢٣٥

ـ ١٠٢ ـ

باب العلّة التي من أجلها أمر الله تعالى بطاعة الرسل

والأئمّة صلوات الله عليهم

[ ٢١٠ / ١ ] حدّثنا محمّد بن عيسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي ابن الحسين السعدآبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن حمّاد ابن عيسى ، عن ابن اُذينة ، عن أبان بن أبي عيّاش ، عن سليم بن قيس ، قال : سمعت أميرالمؤمنين عليه‌السلام يقول : «إنّما الطاعة لله عزوجل ولرسوله ولولاة الأمر ، وإنّما أمر بطاعة اُولي الأمر؛ لأنّهم معصومون مطهّرون ، ولايأمرون بمعصية (١) » (٢) .

ـ ١٠٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها يحتاج إلى النبيّ والإمام عليهما‌السلام

[ ٢١١ / ١ ] حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا عبدالعزيز بن يحيى ، قال : حدّثنا المغيرة بن محمّد ، قال : حدّثنا رجاء بن سلمة ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد الجعفي ، قال : قلت لأبي جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما‌السلام : لأيّ شيء يحتاج إلى النبيّ والإمام؟

فقال : «لبقاء العالم على صلاحه ، وذلك أنّ الله عزوجل يرفع العذاب

__________________

(١) في المطبوع : بمعصيته.

(٢) ذكره المصنّف في الخصال : ١٣٩ / ١٥٨ ، وورد في كتاب سليم بن قيس ٢ : ٨٨٤ / ٥٤ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٢٥ : ٢٠٠ / ١١.

٢٣٦

عن أهل الأرض إذا كان فيها نبيّ أو إمام ، قال الله عزوجل : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ) (١) ، وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : النجوم أمان لأهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء مايكرهون (٢) وإذا ذهب (٣) أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون ، يعني أهل بيته الأئمّة الذين قرن الله عزوجل طاعتهم بطاعته فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (٤) وهُم المعصومون المطهّرون الذين لا يذنبون ولا يعصون ، وهُم المؤيّدون الموفّقون المسدّدون ، بهم يرزق الله عباده ، وبهم تعمّر بلاده ، وبهم ينزل القطر من السماء ، وبهم يخرج بركات الأرض ، وبهم يمهل أهل المعاصي ، ولا يعجّل عليهم بالعقوبة والعذاب ، لا يفارقهم روح القدس ولا يفارقونه ، ولا يفارقون القرآن ولا يفارقهم ، صلوات الله عليهم أجمعين» (٥) .

ـ ١٠٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله

أفضل الأنبياء عليه‌السلام

[ ٢١٢ / ١ ] حدّثنا الحسن بن علي بن أحمد الصائغ رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أحمدبن محمّد بن سعيد الكوفي ، قال : حدّثنا جعفر بن عبيدالله ، عن

__________________

(١) سورة الأنفال ٨ : ٣٣.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : من قيام الساعة ؛ لكونه مستلزماً لموتهم ، أو انتقالهم عن أمكنتهم ، ولا استبعاد في كونهم كارهين للموت. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) في النسخ إلاّ «ش» : ذهبت.

(٤) سورة النساء ٤ : ٥٩.

(٥) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار٢٣ : ١٩ / ١٤.

٢٣٧

الحسن بن محبوب ، عن صالح بن سهل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ بعض قريش قال لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : بأيّ شيء سبقت الأنبياء وفضّلت عليهم ، وأنت بعثت آخرهم وخاتمهم؟

قال : إنّي كنت أوّل من أقرّ بربّي جلّ جلاله ، وأوّل من أجاب حيث أخذ الله ميثاق النبيّين وأشهدهم على أنفسهم : ألست بربّكم؟ قالوا : بلى ، فكنت أوّل نبيّ قال : بلى ، فسبقتهم إلى الإقرار بالله عزوجل » (١) .

ـ ١٠٥ ـ

باب العلّة التي من أجلها سُمّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الاُمّي

[ ٢١٣ / ١ ] أبي رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ، عن أبي عبدالله محمّد بن خالد البرقي ، عن جعفر بن محمّد الصوفي ، قال : سألت أبا جعفر محمّد بن علي الرضا عليهما‌السلام فقلت : يابن رسول الله ، لِمَ سُمّي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الاُمّي؟ فقال : «ما يقول الناس؟».

قلت : يزعمون أنّه إنّما سُمّي الاُمّي؛ لأنّه لم يحسن أن يكتب؟

فقال عليه‌السلام : «كذبوا عليهم لعنة الله أنّى ذلك؟! والله يقول في محكم كتابه : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) (٢) ، فكيف كان يعلّمهم مالا يحسن ، والله لقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ ويكتب باثنتين وسبعين أو قال : بثلاثة وسبعين لساناً ، وإنّما سُمّي الاُمّي؛ لأنّه كان من أهل مكّة ،

__________________

(١) أورده الكليني في الكافي ١ : ٣٦٦ / ٦ ، والعيّاشي في تفسيره ٢ : ١٧٢ / ١٦٥٠ ، والصفّارفي بصائر الدرجات ١ : ١٨١ / ٣٤٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٥ : ١٥ / ٢١.

(٢) سورة الجمعة ٦٢ : ٢.

٢٣٨

ومكّة من اُمّهات القرى ، وذلك قول الله عزوجل : ( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) (١) » (٢).

[ ٢١٤ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثنا الحسن بن موسى الخشّاب ، عن علي بن حسّان ، وعلي بن أسباط وغيره رفعه عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قلت : إنّ الناس يزعمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكتب ولا يقرأ؟

فقال : «كذبوا لعنهم الله أنّى يكون ذلك وقد قال الله عزوجل : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ) (٣) ، فكيف (٤) يعلّمهم الكتاب والحكمة وليس يحسن أن يقرأ ويكتب».

قال : قلت : فلِمَ سُمّي النبيّ الاُمّي؟

قال (٥) نسب إلى مكّة ، وذلك قول الله عزوجل : ( وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا ) (٦) فاُمُّ القرى : مكّة ، فقيل : اُمّي لذلك» (٧) .

[ ٢١٥ / ٣ ] حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رحمه‌الله ، قال : حدّثنا

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ : ٩٢ ، سورة الشورى ٤٢ : ٧.

(٢) ذكره المصنّف في معاني الأخبار : ٥٣ / ٦ ، وأورده المفيد في الاختصاص : ٢٦٣ ، والصفّارفي بصائر الدرجات ١ : ٤٤٠ / ٨٢٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار١٦ : ١٣٢ / ٧٠.

(٣) سورة الجمعة ٦٢ : ٢.

(٤) في «ش ، س ، ع ، ن» : فيكون.

(٥) في المطبوع زيادة : لأنّه ، ولم ترد في النسخ.

(٦) سورة الأنعام ٦ : ٩٢ ، سورة الشورى ٤٢ : ٧.

(٧) أورده الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٤٤١ / ٨٣١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٣٣ / ٧١.

٢٣٩

سعد بن عبدالله قال : حدّثنا عبدالله بن عامر ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سئل عن قول الله عزوجل : ( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ) (١) قال : «بكلّ لسان» (٢) .

[ ٢١٦ / ٤ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رحمه‌الله قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن شريف بن سابق التفليسي ، عن الفضل بن أبي قرّة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول يوسف عليه‌السلام : ( قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ) (٣) ، قال : «حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكلّ لسان» (٤) .

[ ٢١٧ / ٥ ] أبي (٥) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، قال : حدّثني معاوية ابن حكيم ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان ممّا منّ الله عزوجل على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه كان يقرأولا يكتب ، فلمّا توجّه أبو سفيان إلى اُحد كتب العبّاس إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاءه الكتاب وهو في بعض حيطان المدينة فقرأه ولم يخبر أصحابه وأمرهم أن يدخلوا المدينة ، فلمّا دخلوا المدينة أخبرهم» (٦) .

[ ٢١٨ / ٦ ] حدّثنا محمّد بن الحسن رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ،

__________________

(١) سورة الأنعام ٦ : ١٩.

(٢) أورده الصفّار في بصائر الدرجات ١ : ٤٤٠ / ٨٢٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ١٦ : ١٣١ / ٦٥.

(٣) سورة يوسف ١٢ : ٥٥.

(٤) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٢٨٣ / ٦٣.

(٥) في «ج» : حدّثنا أبي.

(٦) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٦ : ١٣٣ / ٧٢.

٢٤٠