علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]

علل الشرائع والأحكام والأسباب - ج ١

المؤلف:

أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-610-3
ISBN الدورة:
978-964-319-609-7

الصفحات: ٤٠٠

سبق (١) ماء المرأة ماء الرجل يشبه الرجل اُمّه وخاله» (٢) .

[ ١٦٢ / ٣ ] حدّثنا أبو العباس محمّد (٣) بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يوسف الخلال (٤) ، قال : حدّثنا أبو جعفر محمّد بن الخليل المخرمي (٥) ، قال : حدّثنا عبدالله بن بكر السهمي (٦) ، قال : حدّثنا حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : سمع عبدالله بن سلام بقدوم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو في أرض يحترث (٧) فأتى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : إنّي سائلك (٨) عن ثلاث لا يعلمهنّ إلاّ نَبيّ ووصي نَبيّ ، ما أوّل أشراط الساعة؟ وما أوّل طعام أهل الجنّة؟ وما ينزع (٩) الولد إلى أبيه أوإلى أمّه ؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «أخبرني بهنّ جبرئيل عليه‌السلام آنفاً».

قال : هل أخبرك (١٠) جبرئيل؟

قال : «نعم».

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد بالسبق أيضاً الغلبة. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٠ : ٣٣٩ / ١٧.

(٣) في «ش ، ح ، ن ، س ، ج» : العباس بن محمّد ، والصحيح ما في المتن ؛ لأنّه من مشايخ الشيخ الصدوق.

(٤) في النسخ والبحار : حلال ، ولم نعثر على ترجمة له.

(٥) في النسخ : المحرمي ، والصواب ما في المتن ، وهو الموافق للمصادر ، اُنظر تقريب التهذيب ٢ : ١٦٩ / ٦٥٧٩.

(٦) في «ش» وحاشية «ن ، ع» السهيمي ، وفي «ج ، ح ، س ، ع ، ل» : السمعي ، والصواب ما في المتن ، وهو الموافق للمصادر ، انظر التاريخ الكبير ٥ : ٥٢ / ١١٤ ، والجرح والتعديل للرازي ٥ : ١٦ / ٧٢.

(٧) في هامش «ج» : يزرع.

(٨) في «ج ، ع ، ح» : أسألك.

(٩) ورد في حاشية «ج» : نزع الولد إلى أبيه ونحوه أشبهه.

(١٠) في «ع» : أخبرك به.

١٨١

قال : ذلك عدوّ اليهود من الملائكة.

قال : ثمّ قرأ هذه الآية : ( قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَىٰ قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) (١) «أمّا أوّل أشراط الساعة : فنار تحشر (٢) الناس من المشرق إلى المغرب ، وأمّا أوّل طعام يأكله أهل الجنّة فزيادة كبد الحوت ، وإذاسبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد إليه».

قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّك رسول الله ، إنّ اليهود قوم بهت (٣) وأنّهم إن علموا بإسلامي قبل أن تسألهم عنّي بهتوني ، فجاءت اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : أيُّ رجل عبدالله بن سلام (٤) ؟

قالوا : خيّرنا وابن خيّرنا ، وسيّدنا وابن سيّدنا.

قال : أرأيتم إن أسلم عبدالله ، قالوا : أعاذه الله من ذلك ، فخرج عبدالله وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قالوا : شرّنا وابن شرّنا وأنفضوا (٥) ، قال : فقال : هذا الذي كنت أخاف منه (٦) ، يارسول الله (٧) .

__________________

(١) سورة البقرة ٢ : ٩٧.

(٢) ورد في حاشية «ج» : الحشر الجمع ، ويقال للجمع مع سوق.

(٣) ورد في حاشية «ج» : بهت بهتاً من باب نفع قذفها بالباطل وافترى عليه الكذب ، والاسم البهتان .

(٤) ورد في حاشية «ج» : ومنه حديث ابن سلام أنّهم قوم بُهت ، جمع بُهوت من بناء المبالغة ، كصبور وصبّر ، ثمّ يسكن تخفيفاً. النهاية في غريب الحديث ١ : ١٦٥ / بهت.بهته : أي افتريت عليه. مجمع البيان ٢ : ١٦٧.

(٥) في «ن» : وحاشية «ش» : انقطعوا.

(٦) كلمة «منه» لم ترد في «س ، ش ، ن».

(٧) أورده أحمد بن حنبل في مسنده ٣ : ٥٤٨ / ١١٦٤٦ ، وابن حبّان في صحيحه ١٦ : ١١٧ / ٧١٦١ ، والنسائي في سننه الكبرى ٥ : ٣٣٨ / ٩٠٧٤ ، والثعلبي في الكشف

١٨٢

[ ١٦٣ / ٤ ] حدّثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسعود ، عن أبيه ، قال : حدّثنا علي بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن عبدالله بن زرارة ، عن علي بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «تعتلج (١) النّطفتان في الرحم فأيّتهما كانت أكثر جاءت تشبهها ؛ فإن كانت نُطفة المرأة أكثر جاءت تشبه (٢) أخواله ، وإن كانت نُطفة الرّجل أكثر جاءت تشبه أعمامه ، وقال : تحوّل النُّطفة في الرحم أربعين يوماً فمن أراد أن يدعو الله عزوجل ففي تلك الأربعين قبل أن تخلق ، ثمّ يبعث الله عزوجل ملك الأرحام فيأخذها فيصعد بها إلى الله عزوجل فيقف منه حيث يشاء الله (٣) ، فيقول : يا إلهي أذكر أم أُنثى؟ فيوحي الله عزوجل مايشاء ، ويكتب الملك ، ثمّ يقول : يا إلهي ، أشقيّ أم سعيد؟ فيوحي الله عزوجل من ذلك ما يشاء ويكتب الملك ، فيقول : اللّهم (٤) ، كم رزقه وما أجله؟ ثمّ يكتبه ويكتب كلّ شيء (٥) يصيبه في الدنيا بين عينيه ، ثمّ يرجع به فيردّه في الرحم ، فذلك قول الله عزوجل : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ) (٦) » (٧) .

__________________

والبيان ٩ : ٩ ، والبغوي في معالم التنزيل ٥ : ٨٣٤ ، وابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق ١٦ : ٤٣٩ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٩ : ٣٠٣ / ٧.

(١) ورد في حاشية «ج» : اعتلجوا : اتّخذوا صراعاً وقتالاً. القاموس المحيط ١ : ٢٧٣.

(٢) في «ن ، ح» : يشبهه.

(٣) في «ح ، ع» ، وحاشية «ج» بدل حيث يشاء الله : ما شاء.

(٤) في المطبوع : الهي.

(٥) في «ح ، ش ، ع» : شيء ما.

(٦) سورة الحديد ٥٧ : ٢٢.

(٧) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٥ : ١٥٤ / ٦ ، و٦٠ : ٣٤٠ / ٢٠.

١٨٣

[ ١٦٤ / ٥ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي ، قال : حدّثنا علي بن الحسين بن الجنيد البزّاز ، قال : حدّثنا إبراهيم بن موسى الفرّاء ، قال : حدّثنا محمّد بن ثور ، عن معمّر ، عن يحيى ابن أبي كثير (١) ، عن عبدالله بن مرّة ، عن ثوبان : أنّ يهوديّاً جاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقال له : يا محمّد ، أسألك فتخبرني! فركزه (٢) ثوبان برجله وقال له : قل : يا رسول الله ، فقال : لا أدعوه إلاّ بما سمّاه أهله ، فقال : أرأيت قوله عزوجل : ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ ) (٣) أين الناس يومئذ؟

قال : «في الظّلمة دون المحشر» (٤) .

قال : فما أوّل ما يأكل أهل الجنّة إذا دخلوها؟ قال : «كبد الحوت».

قال : فما شرابهم على أثر ذلك؟

قال : «السلسبيل».

قال : صدقت ، أفلا أسألك عن شيء لا يعلمه إلاّ نبيّ؟

قال : «وما هو؟».

قال : شبه الولد أباه واُمّه. قال : «ماء الرجل أبيض غليظ ، وماء المرأة

__________________

(١) في «ش ، ن ، س» : معمر بن يحيى بن أبي كثير ، وفي «ع ، ح» : جعفر بن يحيى بن أبي كثير ، وفي حاشية «ع» : معمر بن يحيى بن أبي بكير ، وفي «ج ، ل» : معمر بن يحيى عن يحيى بن أبي كثير ، وهو الموافق للمصادر الرجاليّة والمتن ، اُنظر : تهذيب التهذيب ٩ : ٧٦ / ١١٤ ، وتهذيب الكمال ٢٤ : ٥٦١ / ٥١٠٨ ، وسير أعلام النبلاء ٦ : ٢٧ / ٩.

(٢) في «ش ، ع ، س» : فركضه.

(٣) سورة إبراهيم ١٤ : ٤٨.

(٤) في حاشية «ل» : أي قبل الوصول إلى المحشر ، أو عنده ، والأخير أظهر. (م ق ر رحمه‌الله ).

١٨٤

أصفر رقيق ، فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة كان الولد ذكراً بإذن الله عزوجل ، ومن قِبَل ذلك يكون الشبه ، وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل خرج الولد أُنثى بإذن الله عزوجل ، ومن قِبَل ذلك يكون الشّبه».

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : «والّذي نفسي بيده ، ما كان عندي فيه شيء ممّا سألتني عنه حتّى أنبأنيه الله عزوجل في مجلسي هذا» (١) .

[ ١٦٥ / ٦ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن خالد البرقي (٢) ، عن أبي هاشم داوُد بن القاسم الجعفري ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : «أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعه الحسن بن علي عليه‌السلام وهو متّكئ على يد سلمان ، فدخل المسجد الحرام فجلس عليه‌السلام إذأقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلّم على أمير المؤمنين عليه‌السلام فردّ عليه السلامَ فجلس ، ثمّ قال : يا أمير المؤمنين ، أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهنّ علمت أنّ القوم ركبوا من أمرك ما أقضى (٣) عليهم ، أنّهم ليسوا بمأمونين في دنياهم ولا في آخرتهم ، وإن تكن الاُخرى علمت أنّك وهُم شرع سواء ، فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : سلني عمّا بدا لك.

قال : أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟ وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟ وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟

__________________

(١) أورده الطبرسي في الاحتجاج ١ : ١١٤ / ٣٠ ، والصنعاني في المصنّف ١١ : ٤١٩ / ٢٠٨٨٤ ، والطبراني في المعجم الكبير ٢ : ٩٣ / ١٤١٤ ، ومسلم في صحيحه ١ : ٢٥٢ / ٣١٥ ، وابن حبّان في صحيحه ١٦ : ٤٤٠ / ٧٤٢٢ ، والنسائي في سُننه الكبرى ٥ : ٣٣٧ / ٩٠٧٣ ، والحاكم في المستدرك ٤ : ٦٠٨ / ٦٠٩٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٩ : ٢٩٣ / ذيل الحديث ٤.

(٢) في «ج» : أحمد بن محمّد بن خالد البرقي.

(٣) ورد في حاشية «ج» : أي أحكم حكيم.

١٨٥

فالتفت أميرالمؤمنين عليه‌السلام إلى الحسن بن علي عليه‌السلام فقال : يا أبا محمّد ، أجبه ، فقال الحسن عليه‌السلام : أمّا ما سألت عنه من أمر الرجل إذا نام أين تذهب روحه ؟ فإنّ روحه معلّقة (١) بالريح ، والريح معلّقة بالهواء إلى وقت ما يتحرّك صاحبها لليقظة ، فإذا أذن الله عزوجل بردّ تلك الروح على صاحبها جذبت الروح الريح وجذبت الريح الهواء فأُسكنت الروح (٢) في بدن صاحبها ، وإذا لم يأذن الله بردّ تلك الروح على صاحبها جذب الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترد على صاحبها إلى وقت ما يبعث.

وأمّا ما سألت عنه من أمر الذّكر والنّسيان ، فإنّ قلب الرجل في حقّ وعلى الحقّ طبق ، فإن هو صلّى على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة تامّة انكشف ذلك الطّبق عن ذلك الحقّ ، فذكر الرجل ما كان نسي.

وأمّا ما ذكرت من أمر الرجل يشبه (٣) أعمامه وأخواله ، فإنّ الرجل إذا أتى أهله بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب استكنت تلك النُطفة في تلك الرحم فخرج الرجل (٤) يشبه أباه واُمّه ، وإن هو أتاها بقلب غير ساكن وعُروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت تلك النُّطفة في جوف تلك الرحم فوقعت على عرق (٥) من العروق ، فإن وقعت على عرق

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون المراد بالروح : الروح الحيواني ، وبالريح : النفس ، وبالهواء : الهواء الخارج المنجذب بالتّنفّس ، والتعلّق والانجذاب غير مخفي على المتأمّل . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في «ع ، ح ، ش» : الريح.

(٣) في المطبوع زيادة : ولده.

(٤) في المطبوع : الولد.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلَّ المراد أنّه إذا لم تضطرب النطفة تحصل المشابهة التّامّة ؛ لأنّ المني يخرج من جميع البدن ، فيقع كلّ جزء موقعه ، وإذا اضطربت

١٨٦

من (١) عروق الأعمام أشبه الولد أعمامه ، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه الولد أخواله.

فقال الرجل : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنّ محمّداً رسول الله ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنّك وصيّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والقائم بحجّته بعده ، وأشار إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، ولم أزل أشهد بذلك ، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته (٢) ، وأشار إلى الحسن ، وأشهد أنّ الحسين وَصيّ أبيه والقائم بحجّته بعدك ، وأشهد على علي بن الحسين أنّه القائم بأمر الحسين بعده ، وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر علي ابن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن علي ، وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد ، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمّد بن علي أنّه القائم بأمر علي بن موسى ، وأشهد على علي بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن علي ، وأشهد على الحسن بن علي أنّه القائم بأمر علي بن محمّد ، وأشهد على رجل من ولد الحسين لا يكنّى ولا يسمّى حتّى يظهر أمره فيملأها عدلاًكماملئت جوراً (٣) ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.

__________________

حصلت المشابهة الناقصة فتشبه الأعمام إن كان الأغلب مني الأب ؛ لأنّهم أيضاً يشبهون للأب مشابهة ناقصة ، وإن كان الأغلب مني الاُمّ شبه الأخوال ، ويمكن أن يكون بعض العروق في البدن منسوباً إلى الأعمام كما أنّ في الاُمِّ منسوب إلى الأخوال ، ففي الاضطراب يعلو المنيّ الخارج من ذلك العرق ، فالمراد من العرق مني العرق. (م ق ر رحمه‌الله ).

(١) قوله : «العروق فإن وقعت على عرق من» لم يرد في «ش ، ن ، ح».

(٢) في «ج ، ل ، ع» : زيادة بعدك.

(٣) في «ج ، ع ، ح» زيادة : وظلماً.

١٨٧

ثمّ قام فمضى فقال أمير المؤمنين للحسن عليهما‌السلام : يا أبامحمّد ، اتبعه فانظر أين يقصد ، فخرج الحسن بن علي عليه‌السلام فقال : ما كان إلاّ أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت (١) أين أخذ من أرض الله عزوجل ، فرجعت إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام فأعلمته ، فقال : يا أبا محمّد ، أتعرفه؟ قلت : الله و رسوله وأمير المؤمنين أعلم ، فقال : هو الخضر عليه‌السلام » (٢) .

ـ ٨٦ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار

العقل واحداً في كثير من النّاس

[ ١٦٦ / ١ ] حدّثنا أحمد بن ( محمّد بن ) (٣) عيسى بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب ، قال : حدّثنا أبو عبدالله محمّد بن إبراهيم بن أسباط ، قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن زياد القطّان (٤) ، قال : حدّثنا أبوالطيِّب أحمد بن محمّد بن عبد الله ، قال : حدّثنا عيسى بن جعفر بن محمّد بن عبدالله بن محمّد بن عُمر بن علي بن أبي طالب ، عن آبائه ، عن عُمر بن علي ، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه‌السلام «أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله سُئل ممّا خلق

__________________

(١) في حاشية «ج» : علمت.

(٢) ذكره المصنّف في عيون الأخبار ١ : ٨٧ / ٣٥ ، الباب ٦ ، وكمال الدين : ٣١٣ / ١ ، وأورده البرقي في المحاسن ٢ : ٥٩ / ١١٧ ، عن الإمام الصادق عليه‌السلام ، والكليني في الكافي ١ : ٤٤١ / ١ ، والنعماني في الغيبة : ٦٦ / ٢ ، والقمّي في التفسير ٢ : ٢٤٤ ، والطبرسي في الاحتجاج ٢ : ٩ / ١٤٨ ، والطبرسي في إعلام الورى ٢ : ١٩١ ، والطبري في دلائل الإمامة : ١٧٤ / ٩٥ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦١ : ٣٦ / ٨.

(٣) ما بين القوسين لم يرد في «ح ، س ، ج ، ش» ، والصحيح ما في المتن ؛ لأنّه من مشايخ الشيخ الصدوق.

(٤) في حاشية «ن» : العطّار.

١٨٨

الله عزوجل العقل؟قال : خلقه ملك له رؤوس بعدد الخلائق ، مَنْ خُلِق ومَنْ يُخْلَق إلى يوم القيامة ، ولكلّ رأس وجه ولكلّ آدمي رأس من رؤوس العقل ، واسم ذلك الإنسان على وجه ذلك الرأس مكتوب ، وعلى كلّوجه ستر ملقى ، لا يكشف ذلك الستر من ذلك الوجه حتّى يولد هذا المولود ويبلغ حدّ الرجال أو حدّ النساء ، فإذا بلغ كشف ذلك الستر فيقع في قلب هذاالإنسان نور فيفهم الفريضة والسُّنَّة والجيّد والرديء ، ألا ومَثَل العقل في القلب كمَثَل السراج في وسط البيت» (١) .

ـ ٨٧ ـ

باب علل ما خلق في الإنسان من الأعضاء والجوارح

[ ١٦٧ / ١ ] حدّثنا أبو العبّاس محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا أبو سعيد الحسن بن علي العدوي ، قال : حدّثنا عبّاد بن صُهيب ابن عبّاد بن صُهيب ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن الربيع صاحب المنصور ، قال حضر أبو عبدالله عليه‌السلام مجلس المنصور يوماً وعنده رجل من الهند يقرأ كتب الطبّ فجعل أبو عبدالله عليه‌السلام ينصت لقراءته ، فلمّا فرغ الهنديّ قال له : يا أبا عبدالله ، أتريد ممّا معي شيئاً ، قال : «لا؛ فإنّ معي ما هو خير ممّا معك».

قال : وما هو؟

قال : «أُداوي الحارّ بالبارد والبارد بالحارّ ، والرطب باليابس واليابس بالرطب ، وأردّ الأمر كلّه إلى الله عزوجل وأستعمل ما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

(١) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١ : ٩٩ / ١٤.

١٨٩

وأعلم أنّ المعدة (١) بيت الداء ، وأنّ الحمية (٢) هي الدواء ، وأعود البدن ما اعتاد».

فقال الهندي : وهل الطبّ إلاّ هذا؟ فقال الصادق عليه‌السلام : «أفتراني من كتب الطبّ أخذت؟» قال : نعم.

قال : «لا والله ، ما أخذت إلاّ عن الله سبحانه ، فأخبرني أنا أعلم بالطبّ أم أنت» ؟ قال الهندي : لا ، بل أنا.

قال الصادق عليه‌السلام : «فأسألك شيئاً» ، قال : سل.

قال : «أخبرني يا هندي ، لِمَ (٣) كان في الرأس شؤون (٤) ؟».

قال : لاأعلم.

قال : «فلِمَ جعل الشعر عليه من فوق؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ خلت الجبهة من الشعر؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كان لها تخطيط وأسارير (٥) ؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كان الحاجبان من فوق العينين؟» قال : لا أعلم.

__________________

(١) ورد في حاشية «ج» : المعدة ككلمة ، وبالكسر موضع الطعام. القاموس المحيط ١ : ٤٦٩.

(٢) ورد في حاشية «ج» : الإمساك من الطعام.

(٣) في «س ، ش ، ع ، ح ، ج» وحاشية «ل» : كم.

(٤) في «ج ، ح ، س ، ن ، ل» وحاشية «ل» : شرون.

وورد في حاشية «ج ، ل» : الشأن واحد الشؤون ، وهي مواصل قبائل الرأس وملتقاها ومنها تجيء الدموع ، الصحاح ٦ : ٣ / شأن.

قال ابن سينا في التّشريح : أمّا الجمجمة فهي مركّبة من سبعة أعظم ، أربعة كالجدران ، و واحد كالقاعدة ، والباقيات تتألّف منها العجف وبعضها مشقوب إلى بعض بدروز معرب يقال لها : الشؤون. انتهى.

(٥) ورد في حاشية «ج ، ل» : السرر أيضاً واحد أسرار الكفّ والجبهة ، وهي خطوطها ، وجمع الجمع أسارير من الصحاح ٢ : ٣٥٨ / سرر.

١٩٠

قال : «فلِمَ جعل العينان كاللوزتين (١) ؟» فقال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ جعل الأنف فيما بينهما؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كان ثقب الأنف في أسفله؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ جعلت الشفة والشارب من فوق الفم؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ احتد السنّ وعرض الضرس وطال الناب؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ جعلت اللحية للرجال؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ خلت الكفّان من الشعر؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ خلا الظفر والشعر من الحياة؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كان القلب كحبّ الصنوبرة؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كانت الرئة قطعتين وجعل حركتها في موضعها؟» قال : لاأعلم.

قال : «فلِمَ كانت الكبد حدباء (٢) ؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ كانت الكلية كحبّ اللوبياء؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ جعل طي الركبة إلى الخلف؟» قال : لا أعلم.

قال : «فلِمَ تخصّرت (٣) القدم؟» قال : لا أعلم.

فقال الصادق عليه‌السلام : «لكنّي أعلم» قال : فأجب.

فقال الصادق عليه‌السلام : «كان في الرأس شؤون (٤) ؛ لأنّ المجوّف إذا كان

__________________

(١) في «ج ، ل ، ع ، وحاشية س» : كالموزتين.

(٢) ورد في حاشية «ج ، ل» : حدب الإنسان من باب تعب : إذا خرج ظهره وارتفع عن الاستواء ، والرجل والمرأة حدباء ، المصباح المنير : ٦٨ / حدب.

(٣) في «ج» وحاشية «ل» : انخصرت.

وورد في حاشية «ج ، ل» : رجل مُخَصَّر القدمين : إذا كانت قدمه تمسّ الأرض من مقدمها وعقبها ويخوي أخمصها مع دقّة فيه. الصحاح ٢ : ٣٠٦ / خصر.

(٤) في «س» : شرون.

١٩١

بلا فصل أسرع إليه الصداع ، فإذا جعل ذا فصول كان الصداع منه أبعد ، وجعل الشعر في فوقه ليوصل بوصوله (١) الأدهان إلى الدماغ ويخرج بأطرافه البخار منه ويردّ عنه الحرّ والبرد الواردين عليه ، وخلت الجبهة من الشعر؛ لأنّها مصبّ النور إلى العينين ، وجعل فيها التخطيط والأسارير؛ ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه (٢) الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه ، وجعل الحاجبان من فوق العينين؛ ليوردا عليهما من النور قدر الكفاية ، ألا ترى يا هندي إنّ من غلبه النور جعل يده على (٣) عينيه ليردّ عليهما قدر كفايتهما منه ، وجعل الأنف فيما بينهما؛ ليقسّم النور قسمين إلى كلّ عين سواء ، وكانت العين كاللوزة؛ ليجري فيها الميل بالدواء ، ويخرج منها الداء ، ولو كانت مربعة أو مدوّرة ما جرى فيها الميل وما وصل إليها دواء ولا خرج من داء ، وجعل ثقب الأنف في أسفله؛ لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ وتصعد فيه الروائح إلى المشام ، ولو كان في أعلاه لما أنزل داء ولا وجد رائحة ، وجعل الشارب والشفة فوق الفم؛ ليحبس ما ينزل من الدماغ عن الفم؛ لئلاّ يتنغّص على الإنسان طعامه وشرابه فيميطه عن نفسه ، وجعلت اللحية للرجال؛ ليستغني بها عن الكشف (٤) في المنظر ، ويعلم بها الذكر من الأُنثى ، وجعل السنّ

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : بسبب وصول الشعر إلى الدماغ تصل إليه الأدهان ، ويمكن أن يكون بدل بوصوله : بأصوله بمقابلة أطرافه فلا تغفل. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في المطبوع : يمتطيه ، وفي «ج ، ش ، ح ، ع ، ن ، س» : يليطه ، وفي «ل» : يمشطه ، وما أثبتناه من حاشية «ل ، ج ، س» والبحار. ويميط : أي ينحيه ويبعده. اُنظر تاج العروس ١٠ : ٤٢٣ .

(٣) في نسخة «ح ، س ، ن ، ش ، ج ، ع» وحاشية «ل» : بين ، بدل : على.

(٤) ورد في حاشية «ج ، ل» : أي كشف العورة ؛ لاستعلام كونه ذكراً أم أُنثى ، ويكون من المنظر متعلّقاً بـ «يستغني» لا بالكشف ، ويتأمّل.(م ق ر).

١٩٢

حادّاً؛ لأنّ به يقع العضّ ، وجعل الضرس عريضاً؛ لأنّ به يقع الطحن والمضغ ، وكان الناب طويلاً (١) ؛ ليشتدّ الأضراس والأسنان كالاُسطوانة في البناء ، وخلا الكفّان من الشعر؛ لأنّ بهما يقع اللمس ، فلو كان بهما شعر مادرى الإنسان ما يقابله ويلمسه ، وخلا الشعر والظفر من الحياة؛ لأنّ طولهما وسخ يقبح ، وقصّهما حسن ، فلو كان فيهما حياة لألم الإنسان لقصّهما ، وكان القلب كحبّ الصنوبر؛ لأنّه منكس ، فجعل رأسه دقيقاً ليدخل في الرئة فيتروّح عنه ببردها؛ لئلاّ يشيط الدماغ بحرّه ، وجعلت الرئة قطعتين؛ ليدخل بين (٢) مضاغطها فتروّح عنه بحركتها ، وكانت الكبد حدباء؛ لتثقل المعدة وتقع جميعها عليها فتعصرها فيخرج ما فيها من البخار ، وجعلت الكلية كحبّ اللوبياء؛ لأنّ عليها مصبّ المنيّ نقطة بعد نقطة ، فلو كانت مربّعة أو مدوّرة لاحتبست النقطة الاُولى الثانية فلا يلتذّ بخروجها الحيّ إذ المنيّ ينزل من فقار الظَّهر إلى الكُلية فهي كالدّودة تنقبض وتنبسط ، ترميه أوّلاً فأوّلاً إلى المثانة كالبندقة من القوس ، وجعل طيّ الركبة إلى خلف؛ لأنّ الإنسان يمشي إلى ما بين يديه فتعتدل الحركات ، ولولا ذلك لسقط في المشي ، وجعلت القدم متخصّرة؛ لأنّ الشيء إذا وقع على الأرض جميعه ثقل ثقل حجر الرحى ، وإذا كان على حرفه (٣) دفعه الصبي ، وإذا وقع على وجهه صعب نقله (٤) على الرجل».

فقال الهندي : من أين لك هذا العلم؟

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : يمكن أن يكون بكونه طويلاً يمنع من وقوع الإنسان بعضها على بعض الأحوال ، كما أنّ الأُسطوانة تمنع سقوط السقف ، والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في المطبوع : في ، بدل : بين.

(٣) في المطبوع : طرفه ، بدل : حرفه.

(٤) في «ح ، س ، ن ، ش» : ثقله.

١٩٣

فقال عليه‌السلام : «أخذته عن آبائي عليه‌السلام ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن جبرئيل عليه‌السلام عن ربِّ العالمين جلّ جلاله الذي خلق الأجساد والأرواح».

فقال الهندي : صدقت ، وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمّداً رسول الله وعبده ، وأنّك أعلم أهل زمانك (١) .

ـ ٨٨ ـ

باب العلّة التي من أجلها صار أبغض

الأشياء إلى الله عزوجل الأحمق

[ ١٦٨ / ١ ] حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكّل رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا علي ابن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عمّن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «ما خلق الله عزوجل شيئاً أبغض إليه من الأحمق؛ لأنّه سلبه أحبّ الأشياء إليه وهو العقل» (٢) .

[ ١٦٩ / ٢ ] حدّثنا أبي رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فضّال ، عن الحسن (٣) بن الجهم ، قال : سمعت الرضا عليه‌السلام يقول : «صديق كلّ امرئ عقله ، وعدوّه جهله» (٤) .

__________________

(١) ذكره المصنّف في الخصال : ٥١١ / ١٣ ، وأورده ابن شهر آشوب في مناقبه ٤ : ٢٨١ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٠ : ٢٠٥ / ٩.

(٢) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١ : ٨٩ / ١٦.

(٣) في «ش» : الفضل ، وفي حاشيتها عن نسخة : الحسن.

(٤) ذكره المصنّف وباختلاف السند في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ٤٧ / ١ ، الباب ٣١ ، وأورده الكليني في الكافي ١ : ٨ / ٤ ، والبرقي في المحاسن ١ : ٣٠٩ / ٦١٠ ، والطبرسي في مشكاة الأنوار ٢ : ١٦١ / ١٤٨٥ مرسلاً ، وكذلك في تحف العقول : ٤٤٣.

١٩٤

ـ ٨٩ ـ

باب العلّة التي من أجلها لا ينبت

الشّعر في بطن الرّاحة وينبت في ظاهرها

[ ١٧٠ / ١ ] حدّثنا علي بن أحمد بن محمّد رضي‌الله‌عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي ، عن علي بن العباس ، عن عمر بن عبدالعزيز ، قال : حدّثنا هشام بن الحكم ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام فقلت : ما العلّة في بطن (١) الراحة لا ينبت فيها الشعر وينبت في ظاهرها ؟

فقال : «لعلّتين :

أمّا إحداهما : فلأنّ الناس يعلمون (٢) الأرض التي (٣) تداس (٤) ويكثر عليها المشي لا تنبت شيئاً.

والعلّة الاُخرى : لأنّها جعلت من الأبواب التي (٥) تلاقي الأشياء ، فتركت لا ينبت عليها الشعر؛ لتجد (٦) مسّ الليّن والخشن ، ولا يحجبها

__________________

(١) ورد في حاشية «ل» : لعلّه عدم نبات الشعر بعد الكبر لا ابتداءً. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) في المطبوع : يعملون ، وما أثبتناه من «ج ، ح ، ش ، ع ، ل» والبحار ، وفي «س» وحاشية«ن ، ع» : يفلحون.

(٣) في النسخ : الذي ، وما أثبتناه أنسب بالسياق.

(٤) ورد في حاشية «ج» : داس الأرض داساً : إذا شدّد وطأه عليها بقدمه. المصباح المنير : ١٠٧ .

(٥) في النسخ : الذي ، وما أثبتناه أنسب بالسياق.

(٦) ورد في حاشية «ج» : وجد مطلوبه تجده وجوداً. الصحاح ٢ : ١٦٦.

١٩٥

الشعر عن وجود الأشياء ولا يكون بقاء الخلق إلاّ على ذلك» (١) .

ـ ٩٠ ـ

باب العلّة التي من أجلها صارت التحيّة بين الناس :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[ ١٧١ / ١ ] أخبرنا أبو عبدالله محمّد بن شاذان ، عن أحمد بن عثمان البرواذي ، قال : حدّثنا أبو علي محمّد بن محمّد بن الحارث بن سفيان الحافظ السمرقندي ، قال : حدّثنا صالح بن سعيد الترمذي ، قال : حدّثنا عبد المنعم بن إدريس ، عن أبيه ، عن وهب اليماني ، قال : لمّا أسجد الله عزوجل الملائكة لآدم عليه‌السلام وأبى إبليس أن يسجد ، قال له ربّه عزوجل : ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَىٰ يَوْمِ الدِّينِ ) (٢) ، ثمّ قال عزوجل لآدم : «يا آدم ، انطلق إلى هؤلاء الملأ من الملائكة فقل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فسلّم عليهم ، فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. فلمّا رجع إلى ربّه عزوجل ، قال له ربّه تبارك وتعالى : هذه تحيّتك ، وتحيّة ذرّيّتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة» (٣) .

__________________

(١) أورده ابن شهرآشوب في مناقبه ٤ : ٢٩٣ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحارالأنوار ٦١ : ٣١٤ / ١٩.

(٢) سورة ص٣٨ : ٧٧ و٧٨.

(٣) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ١٤٢ / ١١.

١٩٦

ـ ٩١ ـ

باب علّة سُرعة الفهم وإبطائه

[ ١٧٢ / ١ ] أبي (١) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن إسحاق بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : الرجل آتيه اُكلّمه ببعض كلامي فيعرف كلّه ، ومنهم من آتيه فاُكلّمه بالكلام فيستوفي كلامي كلّه ثمّ يردّه (٢) عليَّ كما كلّمته ، ومنهم من آتيه فاُكلّمه فيقول : أعد عليَّ؟

فقال : «يا إسحاق ، أو ما تدري لِمَ هذا؟».

قلت : لا.

قال : «الذي تكلّمه ببعض كلامك فيعرف كلّه فذاك من عجنت نطفته بعقله (٣) ، وأمّا الذي تكلّمه فيستوفي كلامك ثمّ يجيبك على كلامك فذاك الذي ركّب عقله في بطن اُمّه ، وأمّا الذي تكلّمه بالكلام فيقول : أعد عليَّ ، فذاك الذي ركَّب عقله فيه بعد ما كبر فهو يقول : أعد عليّ» (٤) .

__________________

(١) في «س» : حدّثنا أبي.

(٢) ورد في حاشية «ج» : أي أصل الكلام كما سمعه ، أو يجيب على وفق ما كلّمته ، والأوّل أظهر . (م ق ر رحمه‌الله ).

(٣) ورد في حاشية «ج» : إعلم أنّه يحتمل أن يكون الكلام جارياً على وجه المجاز لبيان اختلاف الأنفس في الاستعدادات الذاتيّة ، أي كأنّه عجنت نطفته بعقله مثلاً ، ويكون المرادأنّ بعض الناس يستكمل نفسه الناطقة بالعقل واستعداد فهم الأشياء وإدراك الخيروالشرّ عند كونها نطفة ، وبعضها عند كونها في بطنه ، وبعضها بعد كبر الشخص واستعمال الحواسّ وحصول البديهيّات وتجربة الاُمور ، وأن يكون المراد الإشارة إلى أنّ اختلاف المواد البدنيّة له مدخل في اختلاف العقل. والله يعلم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٤) أورده الكليني في الكافي ١ : ٢٠ / ٢٧ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١ : ٩٧ / ١٠.

١٩٧

[ ١٧٣ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسن بن محبوب ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «دعامة (١) الإنسان العقل ، ومن العقل الفطنة والفهم والحفظ والعلم ، فإذا كان تأييد عقله من النور كان عالماً حافظاً ذكيّاً فطناً فهماً ، وبالعقل يكمل ، وهو دليله ومُبْصِرُه (٢) ومفتاح أمره» (٣) .

ـ ٩٢ ـ

باب علّة حُسن الخلق وسوء الخلق

[ ١٧٤ / ١ ] أخبرني علي بن حاتم قال : حدّثنا أبو عبدالله بن ثابت ، قال : حدّثنا عبدالله بن أحمد ، عن القاسم بن عروة ، عن بَريد (٤) بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «إن الله عزوجل أنزل حوراء من الجنّة إلى آدم عليه‌السلام فزوّجها أحد ابنيه ، وتزوّج الآخر إلى الجنّ فولدتا جميعاً ، فما كان من النّاس من جمال وحسن خلق فهو من الحوراء ، وما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجانّ ، وأنكر أن يكون زوج بنيه من بناته» (٥) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج» : الدّعامة بالكسر : ما سنّد به الحائط إذا مال يمنعه السقوط.

(٢) في «ج» وحاشية «ع» : وبصره.

(٣) أورده الكليني في الكافي ١ : ١٩ / ٢٣ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١ : ٩٠ / ١٧.

(٤) في «ح ، ن» : يزيد ، والصحيح ما في المتن ، وهو الموافق للمصادر ، اُنظر رجال النجاشي : ١١٢ / ٢٨٧ ، ومعجم رجال الحديث ٤ : ١٩١ / ١٦٧٣.

(٥) ذكره المصنّف في التوحيد : ٣٠٦ ، ونحوه في الفقيه ٣ : ٤٨٢ / ٤٣٣٨ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١١ : ٢٣٦ / ١٨.

١٩٨

ـ ٩٣ ـ

باب العلّة التي من أجلها لا يجوز أن يقول

الرجل لولده : هذا لا يشبهني ولا يشبه آبائي

[ ١٧٥ / ١ ] أبي رحمه‌الله (١) ، قال : حدّثنا أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، عن جعفر بن بشير ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد أن يخلق خلقاً جمع كلّ صورة بينه وبين أبيه إلى آدم ، ثمّ خلقه على صورة أحدهم فلا يقولنّ أحد : هذا لايشبهني ، ولا يشبه شيئاً من آبائي» (٢) .

ـ ٩٤ ـ

باب العلّة التي من أجلها تجد الآباء

بالأبناء ما لا تجد الأبناء بالآباء

[ ١٧٦ / ١ ] حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه‌الله ، قال : حدّثنا الحسين ابن محمّد بن عامر ، عن عمّه عبدالله بن عامر ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن هشام بن سالم ، قال : قلت للصادق عليه‌السلام : ما بالنا نجد (٣) بأولادنا ما لايجدون بنا ؟

__________________

(١) في «ح» : أبي رضي‌الله‌عنه .

(٢) ذكره المصنّف في الفقيه ٣ : ٤٨٤ / ٤٧٠٩ ، وأورده الطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٤٧٥ / ٣٦٣٦ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٦٠ : ٣٤٠ / ١٩.

(٣) ورد في حاشية «ج» : ووجد في الحزن وجداً بالفتح. الصحاح ٢ : ١٦٦ / وجد.

١٩٩

قال : «لأنّهم منكم (١) ولستم منهم» (٢) .

ـ ٩٥ ـ

باب علّة الشيب وابتدائه

[ ١٧٧ / ١ ] أبي (٣) رحمه‌الله ، قال : حدّثنا سعد بن عبدالله قال : حدّثنا أيوّب ابن نوح ، عن محمّد بن أبي عُمير ، عن حفص بن البخْتَري ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : «كان النّاس لا يشيبون ، فأبصر إبراهيم عليه‌السلام شيباً في لحيته ، فقال : يا ربّ ، ماهذا ؟ فقال : هذا وقار ، فقال : ربِّ زِدني وِقاراً» (٤) .

[ ١٧٨ / ٢ ] حدّثنا محمّد بن الحسن (٥) ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن العبّاس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن عمّار ، عن نُعيم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : «أصبح إبراهيم عليه‌السلام فرأى في لحيته شيباً شعرة بيضاء ، فقال : الحمد لله ربِّ العالمين ، الذي بلغني هذا المبلغ ، ولم أعص الله طرفة عين» (٦) .

__________________

(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : لعلّ المراد أنّكم ربّيتموهم وتحمّلتم المشاقّ في تربيتهم وآنستم بهم في صغرهم وكبرهم ، فلذا تحزنون على موتهم ومفارقتهم أشدّ منهم عليكم. (م ق ر رحمه‌الله ).

(٢) ذكره المصنّف في الفقيه ٣ : ٤٩٤ / ٤٧٤٩ مرسلاً عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكذلك في الأمالي : ٥٨٨ / ٨١٢ ، وأورده الفتّال في روضة الواعظين ٢ : ٣٧٦ / ١٣٧١ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ٨٢ : ٧٢ / ٢.

(٣) في «س» : حدّثنا أبي.

(٤) أورده الكليني في الكافي ٦ : ٤٩٢ / ٥ ، والطوسي في الأمالي : ٦٩٩ / ١٤٩٢ ، والطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ١٥٩ / ٤٤٠ ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٨ / ٩.

(٥) في «ح ، ش» : الحسين ، وفي حاشيتهما : الحسن.

(٦) أورده الكليني في الكافي ٨ : ٣٩١ / ٥٨٨ ، والطبرسي في مكارم الأخلاق ١ : ٥٩ / ٤٣٩ مرسلاً ، ونقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٢ : ٨ / ٢٠.

٢٠٠