شمس الدين محمّد بن أحمد بن عثمان الذّهبي
المحقق: الدكتور عمر عبدالسلام تدمري
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتاب العربي ـ بيروت
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦٩
إنّي أوتر. ولما احتضر أوصى أن لا يؤذن بجنازته أحد (١) ، وكذلك أوصى علقمة.
إسرائيل ، عن أبي إسحاق قال : رأيت أبا جحيفة في جنازة أبي ميسرة آخذا بقائمة السرير حتى أخرج ، ثمّ جعل يقول : غفر الله لك أبا ميسرة (٢).
قال ابن سعد (٣) : توفّي في ولاية عبيد الله بن زياد بالكوفة.
٨٠ ـ عمرو (٤) بن عبسة م ٤
ابن عامر بن خالد ، أبو نجيح السلمي ، نزيل حمص ، وأخو أبي ذرّ لأمّه ، قدم على النّبي صلىاللهعليهوسلم مكة ، فكان رابع من أسلم ، ورجع ثم هاجر فيما بعد إلى المدينة ، له عدّة أحاديث.
روى عنه : جبير بن نفير ، وشدّاد أبو عمارة ، وشرحبيل بن السّمط وكثير بن مرّة ، ومعدان بن أبي طلحة ، والقاسم أبو عبد الرحمن ، وسليم بن عامر ، وحبيب بن عبيد ، وضمرة بن حبيب ، وأبو إدريس الخولانيّ ، وخلق.
__________________
(١) في الأصل «أحدا».
(٢) طبقات ابن سعد ٦ / ١٠٩.
(٣) طبقات ابن سعد ٦ / ١٠٩.
(٤) انظر عن (عمرو بن عبسة) في :
طبقات ابن سعد ٤ / ٢١٤ ، و ٧ / ٤٠٣ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٠٢ ، ٣٠٣ رقم ٢٤٧٤ ، وطبقات خليفة ٤٩ و ٣٠٢ ، والتاريخ لابن معين ٢ / ٢٤٩ ، والمحبّر ٢٣٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ٥١ رقم ٣٣٠ ، والمعارف ٢٩٠ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٣ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٣١ ، ٣٢ رقم ١٩ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٦٠٨ ، ومروج الذهب ١٤٦٥ ، والاستيعاب ٢ / ١٤٩٨ ـ ٥٠١ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٥٩ ـ ١٦٥ رقم ٤٠٩ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ٨٧ رقم ٨٦ ، والمستدرك ٣ / ٦١٦ ، ٦١٧ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١٠٤٠ ، ١٠٤١ وفيه «ابن عنبسة» وهو غلط ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٢٧ ، ٣٢٨ و ٢ / ٣٣٩ ، ٣٤٠ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٣١٥ و ٣١٧ و ٣ / ٣٩٧ و ٤ / ٦٧ ، والمعين في طبقات المحدّثين ٢٥ رقم ٩٨ ، والكاشف ٢ / ٢٨٩ رقم ٤٢٥٦ ، ومسند أحمد ٤ / ١١١ و ٣٨٤ و ٣٨٥ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٥٩ ، ٦٠ ، وأسد الغابة ٤ / ١٣٠ ، ١٣١ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٤١ رقم ١٣٣٩ ، والنكت الظراف ٨ / ١٦٤ ، ١٦٥ ، والإصابة ٣ / ٥ ، ٦ رقم ٥٩٠٣ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٦٩ رمق ١٠٧ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٧٤ رقم ٦٢٩ ، وخلاصة تذهيب التذهيب ٢٩١ ، والكنى والأسماء للدولابي ١ / ٩٠.
وقد روى عنه : ابن مسعود ـ مع جلالته ـ وسهل بن سعد ، وأبو أمامة الباهليّ.
ولا أعلم هل مات في خلافة معاوية أو في خلافة يزيد ، وكان أحد الأمراء يوم اليرموك.
روى إسماعيل بن عيّاش ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن أبي سلام الدمشقيّ ، وعمرو بن عبد الله ، سمعا أبا أمامة ، عن عمرو بن عبسة قال : رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية ، رأيت أنّها آلهة باطلة لا تضرّ ولا تنفع (١).
٨١ ـ عمرو (٢) بن سعيد (٣) م ت ن ق
ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أميّة الأمويّ ، أبو أميّة المعروف بالأشدق.
__________________
(١) طبقات ابن سعد ٤ / ٢١٧.
(٢) من حقّ هذه الترجمة أن تتقدّم على سابقتها حسب الترتيب الأبجدي.
(٣) انظر عن (عمرو بن سعيد الأشدق) في :
طبقات خليفة ١١ و ٢٩٨ ، والسير والمغازي لابن إسحاق ٢٢٧ ، والمحبّر ١٠٤ و ٣٠٤ و ٣٧٧ و ٣٧٨ ، والمغازي للواقدي ٨٤٥ و ٩٢٥ و ٩٣٢ ، ونسب قريش ١٧٥ ـ ١٨٠ و ٢٥١ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٧٦ و ١٣٣ و ٢٥٣ و ٢٥٥ ـ ٢٥٨ و ٢٦٤ و ٢٧٠ و ٢٧٤ ، والمعارف ١٤٥ و ٢٩٦ و ٦١٥ ، والمراسيل ١٤٣ رقم ٢٦٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ٢٠ رقم ٨١ ، وتاريخ خليفة ٩٧ و ١٢٠ و ١٣٠ و ٢٢٩ و ٢٣١ و ٢٣٣ و ٢٣٥ و ٤٥٤ و ٢٥٦ و ٢٦٦ ، وفتوح البلدان ٤٠ و ١٣٥ و ١٤٢ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣٣٨ رقم ٢٥٧٠ ، والتاريخ الصغير ٢٠ و ٨٢ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٣٦ رقم ١٣٠٨ ، وطبقات ابن سعد ٥ / ٢٣٧ ، ٢٣٨ ، والبرصان والعرجان ٢٧٤ ، ٢٧٥ ، وجمهرة أنساب العرب ٨١ ، وأنساب الأشراف ١ / ١٤٢ و ١٩٩ و ٣٦٨ و ٤٨٢ و ٣ / ٧٢ و ١١٢ وق ٤ ج ١ / ٦ و ٣٨ و ٩٤ و ٩٨ و ١٣١ و ١٣٤ و ١٣٥ و ١٤٨ و ١٥٣ و ١٥٤ و ١٥٩ و ٢٨٦ و ٢٩٩ و ٣٠١ و ٣٠٤ و ٣٠٧ و ٣٠٩ و ٣١١ ـ ٣١٤ و ٣١٦ و ٣١٨ و ٣٢٢ و ٤٢٩ و ٤٣١ ـ ٤٣٣ و ٤٣٥ ـ ٤٣٧ و ٤٤١ ـ ٤٥١ و ٤٥٤ و ٤٥٥ و ٤٦٣ و ٤٧٠ و ٥٧١ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٤١٤ و ٤١٨ و ٣ / ٥٠٨ و ٤ / ١٤ و ١٧ و ١٨ و ٣٩ و ٤٠ و ٤٣ و ٨٨٠ و ٨٩ و ١٤٨ ـ ١٥١ و ١٥٤ و ١٨٩ و ١٩٠ و ٢٥٢ و ٢٥٧ ـ ٣٠٤ و ٣٢٣ و ٣٢٩ و ٣٤٠ و ٥١٣ و ٥٢٢ و ٥ / ٢٢٠ و ٥٨٢ ، وتاريخ العظيمي ٨٩ و ١٠٤ و ١٨٥ و ١٨٧ و ١٨٨ ، والعقد الفريد ١ / ٧٩ و ٢ / ١٨٩ و ٤ / ٢٣ و ٤٦ و ١٣٢ و ١٦٨ و ٣٧٠ و ٣٧٦ و ٣٧٧ و ٣٩٤ و ٣٩٧ و ٤٠٧ ـ ٤٠٩ ، وثمار القلوب ٧٥ و ١٣٠ و ١٦٤ ، وتاريخ الطبري ٥ / ٤٧٤ ـ ٤٧٨ ، وجامع التحصيل ٢٩٨ رقم ٥٦٥ ، والأخبار الموفقيات ١٥٢ =
ولي المدينة ليزيد ، ثم سكن دمشق ، وكان أحد الأشراف من بني أميّة ، وقد رام الخلافة ، وغلب على دمشق ، وادّعى أنّ مروان جعله وليّ العهد بعد عبد الملك.
حدّث عن : عمر ، وعثمان.
روى عنه : بنوه موسى ، وأميّة ، وسعيد ، وخثيم (١) بن مروان.
وكان زوج أخت مروان أمّ البنين شقيقة مروان.
قال عبد الملك بن عمير ، عن أبيه قال : لما احتضر سعيد بن العاص رضياللهعنه جمع بنيه فقال : أيّكم يكفل ديني؟ فسكتوا ، فقال : ما لكم لا تكلّمون؟ فقال عمرو (٢) الأشدق ، وكان عظيم الشّدقين : وكم دينك يا أبت؟ قال : ثلاثون ألف دينار ، قال : فيم استدنتها؟ قال : في كريم سددت فاقته ولئيم فديت عرضي منه ، فقال : هي عليّ (٣).
وعن سعيد بن المسيّب ، وسئل عن خطباء قريش في الجاهليّة فقال : الأسود بن المطّلب بن أسد ، وسهيل بن عمرو ، وسئل عن خطبائهم في الإسلام فقال : معاوية ، وابنه ، وسعيد بن العاص ، وابنه ، وابن الزبير.
وفي «مسند أحمد» (٤) ، من حديث عليّ بن زيد بن جدعان قال :
__________________
= و ٥٦١ ، وسيرة ابن هشام ١ / ٢٩٢ و ٣ / ٣٠٨ ، والأخبار الطوال ٢٤٤ و ٢٨٦ ، ومروج الذهب ١٩٦٠ و ١٩٦٢ و ١٩٧٠ و ١٩٩٧ ـ ١٢٠١ و ٢١٩١ و ٢٤٢٨ و ٢٤٢٩ ، و ٣٦٣٤ ، والمعرفة والتاريخ ٣ / ٣٢٦ و ٣٣٠ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٧٢ و ٧٤ و ٢١٧ ، وعيون الأخبار ٢ / ١٧١ ، وتاريخ دمشق ١٣ / ٢٢٦ ب ، وتهذيب الكمال ١٠٣٥ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ رقم ٨٨ ، والكاشف ٢ / ٢٨٥ رقم ٤٢٢٦ ، ومختصر التاريخ ١١٠ ، ولباب الآداب ٣٥ و ٣٣٨ ، وتحفة الأشراف ٨ / ١٥١ ، ١٥٢ رقم ٤٠٦ ، والتذكرة الحمدونية ٣٨٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٧ ـ ٣٩ رقم ٦٠ ، وتقريب التهذيب ٢ / ٧٠ رقم ٥٨٩ ، والإصابة ٣ / ١٧٥ رقم ٦٨٤٨ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٢٨٩ ، والمنتخب من تاريخ المنبجي (بتحقيقنا) ٧٦ و ٧٧ ، وربيع الأبرار ٤ / ١٦٦ و ٢١٤ و ٢٣١ ، والكنى والأسماء ١ / ١١٣.
(١) في طبعة القدسي «خيثم» وهو تحريف.
(٢) في الأصل «عمر».
(٣) انظر نسب قريش ١٧٧.
(٤) ج ٢ / ٥٢٢.
اخبرني من سمع أبا هريرة يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «ليرعفنّ على منبري جبّار من جبابرة بني أميّة». قال عليّ فحدّثني من رأى عمرو بن سعيد رعف على منبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال الزبير بن بكّار : كان عمرو بن سعيد ولّاه معاوية المدينة ، ثمّ ولّاه يزيد ، فبعث عمرو بعثا لقتال ابن الزبير. وكان عمرو يدّعي أنّ مروان جعل إليه الأمر بعد عبد الملك ، ثم نقض ذلك وجعله إلى عبد العزيز بن مروان ، فلما شخص عبد الملك إلى حرب مصعب إلى العراق ، خالف عليه عمرو بن سعيد ، وغلّق أبواب دمشق ، فرجع عبد الملك وأحاط به ، ثم أعطاه أمانا ، ثمّ غدر به فقتله ، فقال في ذلك يحيى بن الحكم عمّ عبد الملك:
أعينيّ جودي بالدموع على عمرو |
|
عشيّة تبتزّ الخلافة بالغدر |
كأنّ بني مروان إذ يقتلونه |
|
بغاث من الطّير اجتمعن على صقر |
غدرتم بعمرو يا بني خيط باطل |
|
وأنتم ذوو قربائه وذوو صهر |
فرحنا وراح الشامتون عشيّة |
|
كأنّ على أكتافنا فلق الصّخر |
لحا الله دنيا يدخل النار أهلها |
|
وتهتك ما دون المحارم من ستر (١) |
وكان مروان يلقّب بخيط باطل (٢).
وروى ابن سعد (٣) بإسناد ، أنّ عبد الملك لما سار يؤمّ العراق ، جلس خالد بن يزيد بن معاوية ، وعمرو بن سعيد ، فتذاكرا من أمر عبد الملك ومسيرهما معه على خديعة منه لهما ، فرجع عمرو إلى دمشق فدخلها وسورها وثيق ، فدعا أهلها إلى نفسه ، فأسرعوا إليه ، وفقده عبد الملك ، فرجع بالناس
__________________
(١) الأبيات بتقديم وتأخير ، واختلاف بعض الألفاظ ، بعضها في : مروج الذهب ٦ / ٢١٨ ـ ٢١٩ (طبعة باريس) ، والأخبار الطوال ٢٩٥ ، والحيوان ٦ / ٣١٥ ، والحماسة للبحتري ، رقم ٧١٣ ، وأنساب الأشراف ٣ / ٧٢ و ٧٣ وق ٤ ج ١ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، وفي سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٥٠ وهي أكثر مما هنا ، وتاريخ دمشق ١٣ / ٢٢٩ ب ، وأخبار الدولة العباسية ١٤٤.
(٢) كان مروان بن الحكم يقال له خيط باطل لأنه كان طويلا مضطربا ، قال الشاعر :
لحا الله قوما أمّروا خيط باطل |
|
على الناس يعطي من يشاء ويمنع |
انظر : مروج الذهب ٣ / ٣٢ ، ولطائف المعارف للثعالبي ـ طبعة عيسى الحلبي ١٩٦٠ ـ ص ٣٦ ، وثمار القلوب ٧٦ رقم ١٠٣.
(٣) في الطبقات ٥ / ٢٣٨ وهو مختصر عمّا هنا.
إلى دمشق ، فنازلها ستّ عشرة ليلة حتى فتحها عمرو له وبايعه ، فصفح عنه عبد الملك ، ثم أجمع على قتله ، فأرسل إليه يوما يدعوه ، فوقع في نفسه أنّها رسالة شرّ ، فزلف إليه فيمن معه ، لبس درعا متكفّرا بها (١) ، ثم دخل إليه ، فتحدّثا ساعة ، وقد كان عهد إلى يحيى بن الحكم أن يضرب عنقه إذا خرج إلى الصلاة ، ثم أقبل عبد الملك عليه فقال : يا أبا أميّة ، ما هذه الغوائل والزّبى التي تحفر لنا! ثمّ ذكّره ما كان منه ، وخرج إلى الصلاة ، ولم يقدم عليه يحيى ، فشتمه عبد الملك ، ثم أقدم هو ومن معه عليه فقتله.
قال خليفة (٢) : وفي سنة سبعين خلع عمرو بن سعيد عبد الملك ، وأخرج عامله عبد الرحمن بن أمّ الحكم عن دمشق ، فسار إليه عبد الملك ، ثمّ اصطلحا على أن يكون الخليفة من بعد عبد الملك ، وعلى أنّ لعمرو مع كلّ عامل عاملا ، وفتح دمشق ، ودخل عبد الملك ، ثمّ غدر به فقتله ، فحدّثني أبو اليقظان قال : قال له عبد الملك : يا أبا أميّة ، لو أعلم أنّك تبقي وتصلح قرابتي لفديتك ولو بدم النواظر ، ولكنّه قلّما اجتمع فحلان في إبل إلّا أخرج أحدهما صاحبه.
وقال الليث : قتل سنة تسع وستّين.
٨٢ ـ عمرو البكالي (٣) أبو عثمان ، صحابيّ ، شهد اليرموك.
وروى عن : النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ثم عن ابن مسعود ، وأبي الأعور السلميّ ، وغيرهما.
__________________
(١) في «أساس البلاغة» : كفّر نفسه بالسلاح وتكفّر به. وفي تاريخ الطبري ٦ / ١٤٢ «لبس عمرو درعا حصينة بين قباء قوهيّ وقميص قوهي».
(٢) في تاريخه ٢٦٦ ، وانظر ربيع الأبرار ٤ / ٢١٤ (باختصار).
(٣) انظر عن (عمرو البكالي) في :
طبقات ابن سعد ٧ / ٤٢١ ، والتاريخ الكبير ٦ / ٣١٣ رقم ٢٤٩٨ ، والجرح والتعديل ٦ / ٢٧٠ رقم ١٤٩٥ ، والمراسيل ١٤١ رقم ٢٥٦ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٧٢ رقم ١٢٩٤ ، والثقات لابن حبّان ٣ / ٢٧٨ ، وجامع التحصيل ٣٠٣ رقم ٥٨٨ ، والاستيعاب ٢ / ٥٣٣ ، ٥٣٤ ، وطبقات خليفة ١٢٣ ، والمعجم الكبير ١٧ / ٤٣ ، ٤٤ ، ومقدّمة مسند بقيّ بن مخلد ١٣٨ رقم ٦٣٦ ، وتجريد أسماء الصحابة ١ / ٤٠١ ، وأسد الغابة ٤ / ٨٩ ، والإصابة ٣ / ٢٣ ، ٢٤ رقم ٥٩٩٠.
وعنه : معدان بن أبي طلحة ، وأبو تميمة الهجيمي طريف ، وأبو أسماء الرحبيّ ، وغيرهم.
وأمّ الناس بمسجد دمشق ، روى الجريريّ ، عن أبي تميمة : قدمت الشام ، فإذا بهم يطوفون برجل ، قلت : من هذا؟ فقيل : هذا أفقه من بقي من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، هذا عمرو البكاليّ ، ورأيت أصابعه مقطوعة ، فقيل : قطعت يوم اليرموك (١).
وقال أبو سعيد بن يونس : قدم عمرو البكالي مصر مع مروان ، فروى عنه عبد الله بن جبيرة. وقيل : هو أخو نوف البكالي.
وقال أحمد العجليّ (٢) : هو تابعيّ ثقة.
__________________
(١) الاستيعاب ٢ / ٥٣٣ و ٥٣٤.
(٢) في تاريخ الثقات ٣٧٢ رقم ١٢٩٤
[حرف القاف]
٨٣ ـ قباث بن أشيم (١) ت
اللّيثي ، صحابيّ ، شهد اليرموك أميرا ، وطال عمره.
روى عنه : عبد الرحمن بن زياد ، وأبو الحويرث.
قال ابن سعد (٢) : إنه شهد بدرا مشركا ، وشهد مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بعض المشاهد ، وكان على مجنّبة أبي عبيدة يوم اليرموك.
وقال دحيم : مات بالشام ، وأدركه عبد الملك بن مروان ، فسأله عن سنّه ، فقال : أنا أسنّ من رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وكذا قال عبد الرحمن بن سعيد وغيره.
__________________
(١) انظر عن (قباث بن أشيم) في :
طبقات خليفة ٣٠ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٩٢ ، ١٩٣ رقم ٨٥٦ ، وتاريخ خليفة ٥٢ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٤٣ رقم ٧٩٧ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٧٠ ، وطبقات ابن سعد ٧ / ٤١١ ، وتاريخ الطبري ٢ / ١٥٥ و ٣ / ٣٩٧ و ٤٠٤ و ٤٠٥ و ٤ / ٣٩٠ ، والمغازي للواقدي ٩٧ ، ٩٨ ، والمعجم الكبير ١٩ / ٣٥ ـ ٣٧ ، والكامل في التاريخ ٢ / ٤١٢ ، وأسد الغابة ٤ / ١٨٩ ، ١٩٠ ، والاستيعاب ٣ / ١٦٨ ـ ٢٧٠ ، وفتوح الشام للأزدي ١٨٩ ، وتحفة الأشراف ٨ / ٢٧٣ ، ٢٧٤ رقم ٤٤٣ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١١٨ ، والمستدرك ٣ / ٦٢٥ ، وتلخيص المستدرك ٣ / ٦٢٥ ، ٦٢٦ ، وتاريخ الإسلام (السيرة النبويّة) ٢٣ ، ٢٤ ، و (عهد الخلفاء الراشدين) ١٤٢ ، والكاشف ٢ / ٣٤٠ رقم ٤٦١١ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ رقم ٦٢٣ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٢ رقم ٦٩ ، والإصابة ٣ / ٢٢١ ، ٢٢٢ رقم ٧٠٥٦ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٤.
(٢) في الطبقات ٧ / ٤١١.
وقال إبراهيم بن المنذر : ثنا عبد العزيز بن أبي ثابت ، ثنا الزبير بن موسى ، عن أبي الحويرث : سمعت عبد الملك بن مروان يقول لقباث بن أشيم اللّيثي : يا قباث ، أنت أكبر أم رسول الله؟ قال : رسول الله صلىاللهعليهوسلم أكبر ، وأنا أسنّ منه ، ولد رسول الله صلىاللهعليهوسلم عام الفيل ووقفت بي أمّي على روث الفيل محيلا (١) أعقله (٢).
اسم أبي الحويرث عبد الملك بن معاوية.
وروى سفيان بن حسين الواسطي ، عن خالد بن دريك ، عن قباث قال : انهزمت يوم بدر ، فقلت في نفسي : لم ير مثل هذا اليوم قطّ ، فلما أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأستأمنه قال : قلت : لم أر مثل أمر الله قطّ فرّ منه إلّا النّساء (٣) ، فقلت : أشهد أنّك رسول الله ، ما ترمرمت به شفتاي ، وما كان إلّا شيء عرض لي في نفسي.
٨٤ ـ قبيصة بن جابر (٤) ن
ابن وهب بن مالك الأسدي الكوفي ، أبو العلاء ، من كبار التابعين.
__________________
(١) في أسد الغابة : أخضر محيلا. والمحيل : المتغيّر.
(٢) سبق تخريج هذا الحديث في الجزء الخاص بالسيرة النبويّة من هذا التاريخ. انظر ص ٢٣ ، ٢٤.
(٣) في أسد الغابة : أنت الّذي قلت : لو خرجت نساء قريش بأكمتها ردّت محمدا وأصحابه.
قال : والّذي بعثك بالحقّ ما تحرّك به لساني ولا ترمرمت به شفتاي ...
(٤) انظر عن (قبيصة بن جابر) في :
طبقات ابن سعد ٦ / ١٤٥ ، وتاريخ خليفة ٢٦٨ ، وطبقات خليفة ١٤١ و ١٥٢ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٧٥ ، ١٧٦ رقم ٧٨٥ ، وتاريخ أبي زرعة ١ / ٥٩٢ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤٥٧ ـ ٤٥٩ و ٣ / ٣١٣ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٢٥ رقم ٧١٢ ، وتاريخ الثقات للعجلي ٣٨٨ رقم ١٣٧٦ ، والثقات لابن حبّان ٥ / ٣١٨ ، وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٨٢ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٦ رقم ٨٠٠ ، وأنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ٤٢ و ١١٩ و ٢٧٩ و ٥٣٤ ، وتاريخ الطبري ٣ / ٥٧٩ و ٥٨٠ و ٥ / ٣٣٧ ، والمحبّر ٢٣٥ و ٣٧٩ ، وأسد الغابة ٤ / ١٩١ ، وتهذيب الأسماء واللغات ق ١ ج ٢ / ٥٥ ، ٥٦ رقم ٦٣ ، وعهد الخلفاء الراشدين (من تاريخ الإسلام) ١٢٩ و ١٣٤ و ٥٢٦ ، والكاشف ٢ / ٣٤٠ رقم ٤٦١٣ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١١٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٤ ، ٣٤٥ رقم ٦٢٦ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٢ رقم ٧٢ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٤ ، والكنى والأسماء للدولابي ٢ / ٤٩.
روى عن : عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وطلحة بن عبيد الله ، وعمرو بن العاص ، وجماعة.
روى عنه : الشعبيّ ، والعريان بن الهيثم ، وعبد الملك بن عمير.
وشهد خطبة عمر بالجابية ، وكان أخا معاوية من الرضاعة وقد وفد عليه ، وكان كاتب سعيد بن العاص بالكوفة ، وكان يعدّ من الفصحاء.
وقال ابن سعد (١) : كان ثقة له أحاديث.
وروى محمد بن عبّاد ، عن ابن عيينة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن قبيصة قال : ألا أخبركم عمّن صحبت؟ صحبت عمر رضياللهعنه ، فما رأيت أحدا أفقه في كتاب الله منه ، ولا أحسن مدارسة منه ، وصحبت طلحة بن عبيد الله ، فما رأيت أحدا أعطى لجزيل منه عن غير مسألة ، وصحبت عمرو بن العاص ، فما رأيت أحدا أنصع ظرفا منه ، وصحبت معاوية ، فما رأيت أحدا أكثر حلما ولا أبعد أناة منه ، وصحبت زيادا ، فما رأيت أكرم جليسا منه ، وصحبت المغيرة بن شعبة ، فلو أنّ مدينة لها أبواب لا يخرج من كلّ باب منها إلّا بالمكر لخرج من أبوابها كلّها (٢).
قال خليفة (٣) : مات قبيصة سنة تسع وستّين.
٨٥ ـ قيس بن ذريح (٤)
أبو يزيد اللّيثي الشاعر المشهور ، من بادية الحجاز ، وهو الّذي كان
__________________
(١) في الطبقات ٦ / ١٤٥.
(٢) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢١٥ ، وأنساب الأشراف ق ٤ ج ١ / ١٠٢ رقم ٣١٢ (وفيه : قبيصة بن ذؤيب) و ١١٩ رقم ٣٤٧ ، وتهذيب تاريخ دمشق ٥ / ٤١٣ ، والبداية والنهاية ٨ / ١٣٥ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٢١ و ٤٩ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٤٥ ، والنجوم الزاهرة ١ / ٦٤ و ٧٢ ، وسراج الملوك للطرطوشي ـ طبعة مصر ١٩٣٥ ـ ص ١٢٧ ، والبصائر والذخائر لأبي حيّان ٣ / ٣٣٧ ، ٣٣٨.
(٣) في طبقاته ١٤١ ، وفي تاريخه يذكر وفاته سنة ٧٢ ه.
(٤) انظر عن (قيس بن ذريح) في :
الشعر والشعراء ٤٧٥ وترجمته ٥٢٤ ، ٥٢٥ رقم ١١٦ ، وأمالي القالي ١ / ١٣٦ و ١٨٧ =
يشبّب بأمّ معمر لبني بنت الحباب الكعبيّة ، ثم إنّه تزوّج بها ، وقيل إنّه كان أخا الحسين رضياللهعنه من الرّضاعة.
قال ثعلب : ثنا عبد الله بن شبيب ، ثنا موسى بن عيسى الجعفري : أخبرني عيسى بن أبي جهمة الليثي ، وكان مسنّا ، قال : كان قيس بن ذريح رجلا منّا ، وكان ظريفا شاعرا ، وكان يكون بقديد بسرف وبوادي مكّة ، وخطب لبني من خزاعة ، ثمّ من بني كعب فتزوّجها وأعجب بها ، وبلغت عنده الغاية ، ثم وقع بين أمّه وبينها فأبغضتها ، وناشدت قيسا في طلاقها ، فأبى ، فكلّمت أباه ، فأمره بطلاقها ، فأبى عليه ، فقال : لا جمعني وإيّاك سقف أبدا حتى تطلّقها ، ثم خرج في يوم قيظ فقال : لا أستظلّ حتى تطلّقها ، فطلّقها وقال : أما إنه آخر عهدك بي ، ثم إنّه اشتدّ عليه فراقها وجهد وضمر ، ولما طلّقها أتاها رجالها يتحمّلونها ، فسأل : متى هم راحلون؟ قالوا : غدا نمضي ، فقال :
وقالوا غدا أو بعد ذاك ثلاثة |
|
فراق حبيب لم يبن وهو بائن |
فما كنت أخشى أن تكون منيّتي |
|
بكفّي إلّا أنّ ما حان حائن (١) |
ثم جعل يأتي منزلها ويبكي ، فلاموه ، فقال :
كيف السّلوّ ولا أزال أرى لها |
|
ربعا كحاشية اليماني المخلّق |
__________________
= و ٢ / ٧٥ و ٧٦ و ١٧٦ و ٢١٩ و ٣١٤ والذيل ٥٢ ، وأخبار القضاة ١ / ١٢٨ و ٣ / ١٠٥ ، ومروج الذهب ٣٠٤٩ ـ ٣٠٥٢ ، والأغاني ٩ / ١٨٠ ـ ٢٢٠ ، والمؤتلف والمختلف للآمدي ١٢٠ ، والموشّح للمرزباني ـ طبعة السلفية بمصر ٢٠٧ ، ووفيات الأعيان ٦ / ٣٧١ ، ٣٧٢ ، والمنازل والديار لابن منقذ ١ / ٣٥٣ و ٢ / ٦٨ و ١٢٨ و ١٥٧ و ٢٣٤ ، وسير أعلام النبلاء ٣ / ٥٣٤ ، ٥٣٥ رقم ١٤٠ ، وسمط اللآلي ٣٧٩ و ٧٠١ و ٧١٠ ، وتاريخ دمشق ١٤ / ٢٢١ أ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٤ ـ ٢٠٨ رقم ٤٠٠ ، والبداية والنهاية ٨ / ٣١٣ ، والنجوم الزاهرة ١ / ١٨٢ ، والتذكرة السعدية ٣٤٦ ـ ٣٤٨ و ٣٥١ و ٣٥٣ و ٣٦٨ ، والحماسة البصرية لابن أبي الفرج البصري (ت ٦٥٩ ه.) طبعة حيدرآباد ١٣٨٣ ه. ـ ١٩٦٤ م ـ ج ٢ / ١٩٨ ، وتزيين الأسواق ١ / ٥٣ و ٦٢ ، وعصر المأمون ٢ / ١٥٢ ، ورغبة الآمل ٥ / ٢٤٢ ، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٣٧ ، ٣٣٨ رقم ٨٦٩ ، وتاريخ الأدب العربيّ ١ / ١٩٤ و ٢٠٠ و ٢٠١ ، والمثلّث للبطليوسي ٢ / ٣٥.
(١) البيتان في الأغاني ٩ / ١٨٥ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٧.
ربعا لواضحة الجبين به في عزّة |
|
كالشمس إذ طلعت رخيم المنطق |
قد كنت أعهدها به في عزّة |
|
والعيش صاف والعدي لم تنطق |
حتى إذا هتفوا وأذّن فيهم |
|
داعي الشّتات برحلة وتفرّق |
خلت الدّيار فزرتها فكأنّني |
|
ذو حيّة من سمّها لم يفرق (١) |
وهو القائل :
وكلّ ملمّات الزّمان وجدتها |
|
سوى فرقة الأحباب هيّنة الخطب (٢) |
ومن شعره :
ولو أنّني أسطيع صبرا وسلوة |
|
تناسيت لبني غير ما مضمر حقدا |
ولكنّ قلبي قد تقسّمه الهوى |
|
شتاتا فما ألفى صبورا ولا جلدا |
سل اللّيل عنّي كيف أرعى نجومه |
|
وكيف أقاسي الهمّ مستخليا فردا |
كأنّ هبوب الرّيح من نحو أرضكم |
|
تثير قناة المسك والعنبر النّدا |
وعن أبي عمرو الشيبانيّ قال : خرج قيس بن ذريح إلى معاوية فامتدحه ، فأدناه وأمر له بخمسة آلاف درهم ومائتي وقال : كيف وجدك بلبني؟ قال : أشدّ وجد ، قال : فترضى زواجها؟ قال : ما لي في ذلك من حاجة قال : فما حاجتك؟ قال : تأذن لي في الإلمام بها ، وتكتب إلى عاملك ، فقد خشيت أن يفرّق الموت بيني وبين ذلك ، وأنشده :
أضوء سنا برق بدا لك لمعه |
|
بذي الأثل من أجراع بثنة ترقب |
نعم إنّني صبّ هناك موكل |
|
بمن ليس يدنّيني ولا يتقرّب |
مرضت فجاءوا بالمعالج والرّقى |
|
وقالوا : بصير بالدواء مجرّب |
فلم يغن عنّي ما يعقد طائلا |
|
ولا ما يمنّيني الطبيب المجرّب |
وقال أناس والظّنون كثيرة |
|
وأعلم شيء بالهوى من يجرّب |
ألا إنّ في اليأس المفرّق راحة |
|
سيسليك عمّن نفعه عنك يعزب |
فكلّ الّذي قالوا بلوت فلم أجد |
|
لذي الشجو أشفى من هوى حين يقرب |
__________________
(١) انظر الحكاية وأبياتا أخرى في : الأغاني ٩ / ١٨١ ـ ١٨٥.
(٢) البيت في : الأغاني ٩ / ١٨٩ ، ومجالس ثعلب ١ / ٢٣٧ ، وحماسة أبي تمّام بشرح التبريزي ٣ / ٢٢٢.
عليها سلام الله ما هبّت الصّبا |
|
وما لاح وهنا في دجى اللّيل كوكب |
فلست بمبتاع وصالا بوصلها |
|
ولست بمفش سرّها حين أغضب |
وقال :
يقولون لبني فتنة ، كنت قبلها |
|
بخير فلا تندم عليها وطلّق |
فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحيّ |
|
وأقررت عين الشامت المتخلّق (١) |
وددت وبيت الله أنّي عصيتهم |
|
وحملت في رضوانها كلّ موبق (٢). |
وكلّفت خوض البحر والبحر زاخر |
|
أبيت على أثباج موج مغرّق |
كأنّي أرى النّاس المحبّين بعدها |
|
عصارة ماء الحنظل المتفلّق |
فتنكر عيني بعدها كلّ منظر |
|
ويكره سمعي بعدها كلّ منطق (٣) |
فقال معاوية : هذا وأبيك الحبّ ، وأذن له في زيارتها ، فسار حتى نزل على امرأة بالمدينة يقال لها بريكة ، وأهدى لها وللبنى هدايا وألطافا ، وأخبرها بكتاب معاوية ، فقالت : يا بن عمّ ما تريد إلى الشهرة ، فأقام أياما ، فبلغ زوج لبني قدومه ، فمنع لبني بريكة ، وأيس قيس من لقائها ، فبقي متردّدا في كتاب معاوية ، فرآه ابن أبي عتيق يوما ، فقال : يا أعرابيّ ما لي أراك متحيّرا؟ قال : دعني بارك الله فيك ، قال : أخبرني بشأنك ، فإنّي على ما تريد ، وألحّ عليه ، فأخبره وقال : لا أراني إلّا في طلب مثلك ، وانطلق به ، فأقام عنده ليلة يحدّثه وينشده ، فلما أصبح ابن أبي عتيق ركب فأتى عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فقال : فداك أبي وأمّي ، اركب معي في حاجة ، فركب معه ، واستنهض ثلاثة أو أربعة من وجوه قريش ، ولا يدرون ما يريد ، حتى أتى بهم باب زوج لبني ، فخرج فإذا وجوه قريش ، فقال : جعلني الله فداكم ، ما جاء بكم؟ قالوا : حاجة لابن أبي عتيق استعان بنا عليك ، فقال : اشهدوا أنّ حكمه جائز عليّ ، فقال ابن أبي عتيق : اشهدوا أنّ امرأته لبني منه طالق ، فأخذ عبد الله بن جعفر برأسه ثم قال : لهذا جئت بنا! فقال : جعلت فداكم ، يطلّق هذا امرأته ويتزوّج
__________________
(١) المتخلّق : الّذي يتكلّف ما ليس في خلقه.
(٢) في طبعة القدسي ٦٢ «موثق».
(٣) الأبيات في : الأغاني ٩ / ١٨٥.
بغيرها خير من أن يموت رجل مسلم ، فقال عبد الله : أمّا إذ فعل ما فعل فله عليّ عشرة آلاف درهم ، فقال ابن أبي عتيق : والله لا أبرح حتى تنقل متاعها ، ففعلت ، وأقامت في أهلها ، حتى انقضت عدّتها وتزوّج بها قيس ، وبقيا دهرا بأرغد عيش ، فقال قيس :
جزى الرحمن أفضل ما يجازي |
|
على الإحسان خيرا من صديق |
فقد جرّبت إخواني جميعا |
|
فما ألفيت كابن أبي عتيق |
سعى في جمع شملي بعد صدع |
|
ورأي حدت (١) فيه عن الطريق |
وأطفأ لوعة كانت بقلبي |
|
أغصَّتني حرارتها بريقي (٢) |
هذه رواية.
وقال سليمان بن أبي شيخ : ثنا أيّوب بن عباية قال : خرج قيس بن ذريح إلى المدينة يبيع ناقة ، فاشتراها زوج لبني وهو لا يعرفه ، فقال لقيس : انطلق معي لتأخذ الثمن ، فمضى معه ، فلمّا فتح الباب إذا لبني استقبلت قيسا ، فلما رآها ولّى هاربا ، واتّبعه الرجل بالثمن ، فقال : لا تركب لي مطيّتين أبدا ، قال : وأنت قيس بن ذريح؟ قال : نعم ، قال : هذه لبني ، فقف حتى أخيّرها ، فإن اختارتك طلّقتها ، وظنّ الزوج أنّ له في قلبها موضعا ، فخيّرت فاختارت قيسا ، فطلّقها فماتت في العدّة (٣).
ولقد قيل لقيس : إنّ ممّا يسليك عنها ذكر معايبها ، فقال :
إذا عبتها شبّهتها البدر طالعا |
|
وحسبك من عيب بها شبه البدر |
لها كفل يرتجّ منها إذا مشت |
|
ومتن كغصن البان مضطمر الخصر (٤) |
ولقيس :
أريد سلوّا عن لبينى وذكرها |
|
فيأبى فؤادي المستهام المتيّم |
__________________
(١) في طبعة القدسي «جرت» ، وهو تحريف.
(٢) الأبيات في : الأغاني ٩ / ٢٢٠.
(٣) انظر : الأغاني ٩ / ٢٠٥.
(٤) البيتان في الأغاني ٩ / ٩٥ والأول منهما بلفظ :
إذا ما مشت شبرا من الأرض أرجفت |
|
من البهر حتى ما تزيد على شبر |
إذا قلت أسلوها تعرّض ذكرها |
|
وعاودني من ذاك ما الله أعلم |
صحا كلّ ذي ودّ علمت مكانه |
|
سواي فإنّي ذاهب العقل مغرم |
وله :
هل الحبّ إلّا عبرة بعد زفرة |
|
وحز على الأحشاء ليس له برد |
وفيض دموع تستهلّ إذا بدا |
|
لنا علم من أرضكم لم يكن يبدو (١) |
٨٦ ـ قيس بن السكن (٢) ـ م ن ـ الأسدي الكوفي.
سمع : عبد الله بن مسعود ، والأشعث بن قيس.
روى عنه : عمارة بن عمير ، وسعد بن عبيدة ، والمنهال بن عمرو ، وأبو إسحاق.
قال ابن معين : ثقة.
وقال أبو حاتم (٣) : توفّي في زمن مصعب.
٨٧ ـ قيس المجنون (٤)
ومن به يقاس المحبّون. هو قيس بن الملوّح بن مزاحم. وقيل :
__________________
(١) البيتان في الأغاني ٩ / ١٩٦.
(٢) انظر عن (قيس بن السكن) في :
طبقات ابن سعد ٦ / ١٧٦ ، وطبقات خليفة ٩٢ و ١٤٠ ، والتاريخ الكبير ٧ / ١٤٥ ، ١٤٦ رقم ٦٤٩ ، والجرح والتعديل ٧ / ٩٨ ، ٩٩ رقم ٥٥٧ ، ومشاهير علماء الأمصار ١٠٣ رقم ٧٦٧ ، والكاشف ٢ / ٣٤٨ رقم ٤٦٧٤ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٣٩٧ ، ٣٩٨ رقم ٧٠٣ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٢٩ رقم ١٤٥ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٧ ، وتهذيب الكمال ٢ / ١١٣٥.
(٣) في الجرح والتعديل ٧ / ٩٨.
(٤) انظر عن (قيس المجنون) في :
الشعر والشعراء ٢ / ٤٦٧ ـ ٤٧٧ رقم ١٠ ، والمؤتلف والمختلف ١٨٨ ، ومعجم الشعراء للمرزباني ٤٧٦ ، والأغاني ٢ / ١ ـ ٩٥ ، وسمط اللآلي ٣٥٠ ، وجمهرة أنساب العرب ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، والمنازل والديار ١ / ٥١ و ١٢٩ و ١٦٤ و ١٨١ و ٣٥٤ و ٧ / ٣ و ٢ / ١٦ و ٤٦ و ١٣٤ و ١٤٧ و ١٦٤ و ٢٣٢ و ٣٥٤ ، ولباب الآداب ٤١٠ و ٤١١ و ٤١٣ ـ ٤١٥ ، ونشوار المحاضرة ٥ / ١٠٢ ، وسرح العيون ١٩٥ ، وشرح الشواهد ٢٣٨ ، وفوات الوفيات ٣ / ٢٠٨ ـ ٢١٣ رقم ٤٠١ ، والتذكرة السعدية ٣٤٩ و ٣٥٥ و ٣٦٤ و ٣٦٥ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٥ ـ ٧ رقم ١ ، =
قيس بن معاذ ، وقيل : اسمه البحتريّ (١) بن الجعد ، وقيل غير ذلك ، وهو مجنون ليلى بنت مهدي أم مالك العامريّة ، وهو من بني عامر بن صعصعة ، وقيل : من بني كعب بن سعد.
سمعنا أخباره في جزء ألّفه ابن المرزبان ، وقد أنكر بعض الناس ليلى والمجنون ، وهذا دفع بالصّدر ، فليس من لا يعلم حجّة على من علم ، ولا المثبت كالنّافي ، فعن لقيط بن بكير المحاربي : أنّ المجنون علق ليلى علاقة الصّبا ، وذلك لأنّهما كانا صغيرين يرعيان أغناما لقومهما ، فعلق كلّ واحد منهما الآخر ، وكبرا على ذلك ، فلما كبرا حجبت عنه ، فزال عقله ، وفي ذلك يقول :
تعلّقت ليلى وهي ذات ذؤابة |
|
ولم يبد للأتراب من ثديها حجم |
صغيرين نرعى البهم يا ليت أنّنا |
|
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم (٢) |
وذكر ابن دأب (٣) ، عن رباح بن حبيب العامريّ قال : كان في بني عامر جارية من أجمل النساء ، لها عقل وأدب ، يقال لها ليلى بنت مهدي ، فبلغ المجنون خبرها ، وكان صبّا بمحادثة النساء ، فلبس حلّة ثم جلس إليها وتحادثا ، فوقعت بقلبه ، فظلّ يومه يحادثها ، فانصرف فبات بأطول ليلة ، ثم بكّر إليها فلم يزل عندها حتى أمسى ، ولم تغمض له تلك الليلة عين ، فأنشأ يقول :
نهاري نهار الناس حتى إذا بدا |
|
لي الليل هزّتني إليك المضاجع |
__________________
= والنجوم الزاهرة ١ / ١٧٠ ، وتزيين الأسواق ١ / ٩٧ ، وثمار القلوب ١١١ رقم ١٥٨ ، وأمالي القالي ١ / ١٣٦ و ١٣٧ و ١٦٢ و ٢٠٣ و ٢٠٧ و ٢٠٨ و ٢١٥ و ٢١٦ و ٢٢١ و ٢ / ٦١ و ٢٦٢ و ٣ / ٦٣ والذيل ٤٧ و ١١٨ ، وشذرات الذهب ١ / ٢٧٧ ، وخزانة الأدب ٢ / ١٧٠ ، وتاريخ الأدب العربيّ ١ / ١٩٩ ، ومعجم الشعراء في لسان العرب ٣٤٢ رقم ٨٧٨ ، وديوانه بتحقيق عبد الستار فرّاج ، ونشوار المحاضرة ٥ / ١١٠٨ ، وبدائع البدائه ٣٢ رقم ١٠٩ ، ١٩.
(١) في طبعة القدسي ٦٤ «البحتري» وهو تحريف.
(٢) البيتان باختلاف بعض الألفاظ في : الديوان ٢٣٨ ، والأغاني ٢ / ١١ و ١٢ ، والشعر والشعراء ٢ / ٤٦٨ ، وسير أعلام النبلاء ٤ / ٦.
(٣) ابن دأب : بتشديد الهمزة المضمومة. هو : عيسى بن يزيد بن بكر بن دأب. كان عالما بأخبار العرب وأشعارهم ، وشاعرا ، انظر عنه في كتاب «التاج» للجاحظ ١١٦ ، ١١٧.
أقضّي نهاري بالحديث وبالمنى |
|
ويجمعني والهمّ بالليل جامع (١) |
ووقع في قلبها مثل الّذي وقع بقلبه ، فجاء يوما يحدّثها ، فجعلت تعرض عنه ، تريد أن تمتحنه ، فجزع واشتدّ عليه ، فخافت عليه وقالت :
كلانا مظهر للناس بغضا |
|
وكلّ عند صاحبه مكين (٢) |
فسرّي عنه ، وقالت : إنّما أردت أن أمتحنك ، وأنا معطية لله عهدا : لا جالست بعد اليوم أحدا سواك ، فانصرف وأنشأ يقول :
أظنّ هواها تاركي بمضلّة |
|
من الأرض لا مال لديّ ولا أهل |
ولا أحد أفضي إليه وصيّتي |
|
ولا وارث إلّا المطيّة والرّحل |
محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها |
|
وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل (٣) |
قلت : ثمّ اشتدّ بلاؤه بها ، وشغفته حبّا ، ووسوس في عقله ، فذكر أبو عبيدة : أنّ المجنون كان يجلس في نادي قومه وهم يتحدّثون ، فيقبل عليه بعضهم ، وهو باهت ينظر إليه لا يفهم ما يحدّث به ، ثم يثوب إليه عقله ، فيسأل عن الحديث فلا يعرفه ، حتى قال له رجل : إنّك لمخبول ، فقال :
إنّي لأجلس في النادي أحدّثهم |
|
فأستفيق وقد غالتني الغول |
يهوي بقلبي حديث النّفس نحوكم |
|
حتى يقول جليسي أنت مخبول |
قال أبو عبيدة : فتزايد به الأمر حتى فقد عقله ، فكان لا يقرّ في موضع ، ولا يؤويه رحل ، ولا يعلوه ثوب ، إلّا مزّقه ، وصار لا يفهم شيئا ممّا يكلّم به إلّا أن تذكر له ليلى فإذا ذكرت له أتى بالبدائه.
وقد قيل : إنّ قوم ليلى شكوا منه إلى السلطان ، فأهدر دمه ، ثم إنّ قومها ترحّلوا من تلك الناحية ، فأشرف فرأى ديارهم بلاقع ، فقصد منزلها ، وألصق صدره به ، وجعل يمرّغ خدّيه على التراب ويقول :
__________________
(١) الأغاني ٢ / ٤٥.
(٢) الأغاني ٢ / ١٤ ، و ١٦ ، و ٣١ ، الشعر والشعراء ٢ / ٤٦٩ ، فوات الوفيات ٣ / ٢٠٩.
(٣) الأغاني ٢ / ٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦.
أيا حرجات الحيّ حيث (١) |
|
تحمّلوا بذي سلم لاجادكنّ ربيع |
وخيماتك اللّاتي بمنعرج اللّوى |
|
بلين بلى لم تبلهنّ ربوع |
ندمت على ما كان منّي ندامة |
|
كما ندم المغبون حين يبيع (٢) |
قال ابن المرزبان : قال أبو عمرو الشيبانيّ : لما ظهر من المجنون ما ظهر ، ورأى قومه ما ابتلي به اجتمعوا إلى أبيه وقالوا : يا هذا ، ترى ما بابنك ، فلو خرجت ، به إلى مكة فعاذ ببيت الله ، وزار قبر رسوله ، ودعا الله رجونا أن يعافى ، فخرج به أبوه حتى أتى مكّة ، فجعل يطوف به ويدعو له ، وهو يقول :
دعا المحرمون الله يستغفرونه |
|
بمكّة وهنا أن تحط ذنوبها (٣) |
فناديت أن يا ربّ أوّل سؤلتي (٤) |
|
لنفسي ليلى (٥) ثم أنت حسيبها |
فإن أعط ليلى في حياتي لا يتب |
|
إلى الله خلق توبة لا أتوبها (٦) |
حتى إذا كان بمنى نادى مناد من بعض تلك الخيام : يا ليلى ، فخرّ مغشيّا عليه ، واجتمع الناس حوله ، ونضحوا على وجهه الماء ، وأبوه يبكي ، فأفاق وهو يقول :
وداع دعا إذ نحن بالخيف من منى |
|
فهيّج أطراف (٧) الفؤاد وما يدري |
دعا باسم ليلى غيرها فكأنّما |
|
أطار بليلى طائرا كان في صدري (٨) |
ونقل ابن الأعرابيّ قال : لما شبّب المجنون بليلى وشهر بحبّها اجتمع أهلها ومنعوه منها ومن زيارتها ، وتوعّدوه بالقتل ، وكان يأتي امرأة تتعرّف له خبرها ، فنهوا تلك المرأة ، وكان يأتي غفلات الحيّ في الليل ، فسار أبو ليلى
__________________
(١) في الديوان : ١٩٠ «حين».
(٢) الديوان ١٩٠ ، الأغاني ٢ / ٢٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٦ ، ٧.
(٣) في الشعر والشعراء : «بمكة ليلا أن تمحّى ذنوبها».
(٤) في الشعر والشعراء «سالتي».
(٥) في طبعة القدسي ٦٦ «ليلى».
(٦) الديوان ٦٧ ، الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٣ ، ٤٧٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٥٩٣ ، والمثلث ٢ / ٤٢٤ ، ولسان العرب ٢٠ / ٣٧٠.
(٧) في الشعر والشعراء : «أحزان». وكذا في الأغاني.
(٨) الشعر والشعراء ٢ / ٤٧٢ ، الأغاني ٢ / ٥٥.
في نفر من قومه ، فشكوا إلى مروان ما ينالهم من قيس بن الملوّح ، وسألوه الكتاب إلى عامله عليهم يمنعه عنهم ويتهدّده ، فإن لم ينته أهدر دمه ، فلما ورد الكتاب على عامل مروان ، بعث إلى قيس وأبيه وأهل بيته ، فجمعهم وقرأ عليهم الكتاب ، وقال لقيس : اتّق الله في نفسك ، فانصرف وهو يقول :
ألا حجبت ليلى وآلى أميرها |
|
عليّ يمينا جاهدا لا أزورها |
وأوعدني فيها رجال أبوهم |
|
أبي وأبوها خشّنت (١) لي صدورها |
على غير شيء (٢) غير أنّي أحبّها |
|
وأنّ فؤادي عند ليلى أسيرها (٣) |
فلما يئس منها صار شبيها بالتّائه ، وأحبّ الخلوة وحديث النفس ، وجزعت هي أيضا لفراقه وضنيت (٤).
ويروى أنّ أبا المجنون قيّده ، فجعل يأكل لحم ذراعيه ويضرب بنفسه ، فأطلقه ، فكان يدور في الفلاة عريانا.
وله :
كأنّ القلب ليلة قيل يغدى |
|
بليلى العامريّة أو يراح |
قطاة عزّها (٥) شرك فباتت |
|
تجاذبه وقد علق الجناح (٦) |
وقيل : إنّ ليلى زوّجت ، فجاء المجنون إلى زوجها فقال :
بربّك هل ضممت إليك ليلى |
|
قبيل الصّبح أو قبّلت فاها |
وهل رفّت عليك قرون ليلى (٧) |
فقال : اللهمّ إذ حلّفتني فنعم ، وكان بين يدي الزّوج نار يصطلي بها ،
__________________
(١) في طبعة القدسي ٦٧ «حشيت» ، والتصحيح عن الأغاني.
(٢) في الأغاني : «جرم».
(٣) في الأغاني ٢ / ٦٨ «وأنّ فؤادي رهنها وأسيرها».
(٤) القصة في : نشوار المحاضرة ٥ / ١٠٨ ، ١٠٩ ، والأغاني ٢ / ٦٨ ، و ٢٨٨ ، ٢٨٩ ، وذم الهوى لابن الجوزي ـ طبعة مصر ـ ص ٣٨٨ ، ومصارع العشاق للسراج ٢ / ٢٨٧.
(٥) في طبعة القدسي ٦٧ «غرها» ، والتصحيح من الأغاني. و «عزّها» : غلبها.
(٦) الأغاني ٢ / ٤٨.
(٧) الأغاني ٢ / ٢٤ ، خزانة الأدب ٤ / ٢١٠ و ٢١١ و ٢١٣.
فقبض المجنون بكلتي يديه من الجمر ، فلم يزل حتى سقط مغشيّا عليه (١).
وكانت له داية يأنس بها ، فكانت تحمل إليه إلى الصحراء رغيفا وكوزا ، فربّما أكل وربّما تركه ، حتى جاءته يوما فوجدته ملقى بين الأحجار ميتا ، فاحتملوه إلى الحيّ فغسّلوه ودفنوه ، وكثر بكاء النّساء والشباب عليه ، واشتدّ نشيجهم (٢).
قال ابن الجوزي في «المنتظم» (٣) : روينا أنّه كان يهم في البرّيّة مع الوحش يأكل من بقل الأرض ، وطال شعره ، وألفه الوحش ، وسار حتى بلغ حدود الشام ، فكان إذا ثاب إليه عقله ، سأل من يمرّ من أحياء العرب عن نجد ، فيقال له : أين أنت من نجد ، أنت قد شارفت الشام ، فيقول : أروني الطريق ، فيدلّونه (٤).
وشعر المجنون كثير سائر ، وهو في الطبقة العليا في الحسن والرّقّة ، وكان معاصرا لقيس بن ذريح صاحب لبني ، وكان في إمرة ابن الزبير ، والله أعلم.
__________________
(١) الأغاني ٢ / ٢٥.
(٢) انظر : الأغاني ٢ / ٩٠.
(٣) في القسم الّذي لم ينشر بعد.
(٤) انظر : الأغاني ٢ / ٥٢.
[حرف الكاف]
٨٨ ـ كثير بن أفلح (١) ـ ن ـ مولى أيّوب الأنصاري ، أحد كتّاب المصاحف التي أرسلها عثمان إلى الأمصار.
روى عن : عثمان ، وأبيّ بن كعب.
روى عنه : محمد بن سيرين.
وقال النّسائي : روى عنه الزهري مرسلا لم يلحقه ، فإنّ كثيرا أصيب يوم الحرّة ، وروى عنه ابنه.
__________________
(١) انظر عن (كثير بن أفلح) في :
طبقات ابن سعد ٥ / ١٩٨ ، والتاريخ الصغير ٦٥ ، والتاريخ الكبير ٧ / ٢٠٧ رقم ٩٠٤ ، وطبقات خليفة ٢٣٩ و ٢٥٢ ، وتاريخ خليفة ٢٥٠ ، وتاريخ الثقات ٣٩٦ رقم ١٤٠٥ ، والثقات لابن حبان ٥ / ٣٣٠ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤١٨ و ٦٤١ ، والجرح والتعديل ٧ / ١٤٩ رقم ٨٣٣ ، ومشاهير علماء الأمصار ٧١ رقم ٤٩٤ ، والكاشف ٣ / ٣ رقم ٤٦٩٧ ، وتهذيب التهذيب ٨ / ٤١١ ، ٤١٢ رقم ٧٣٦ ، وتقريب التهذيب ٢ / ١٣١ رقم ٤ ، وخلاصة تذهيب التهذيب ٣١٩ ، وتهذيب الكمال ٣ / ١١٤١.