تنقيح المقال

الشيخ محمّد رضا المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المامقاني


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-543-4
الصفحات: ٣٩٢

بعد سردنا لما في صفحات الكتاب ، واستعراضنا مجلّداته الثلاثة ، نرى من المحبذ فعلاً التعرّض إلى ما يلي :

١ ـ بعض ما قيل عن التنقيح ..

٢ ـ مبدأ مدّة تأليفه الكتاب وسيره العملي ..

٣ ـ بعض خصائص هذه الموسوعة ..

٤ ـ بعض ما أوردوه من ملاحظات ونقد على الكتاب ..

ونختمها ـ خامساً ـ بلمحة عن أدب الشيخ الجدّ طاب ثراه ، وضبطه ودقته ، ونزاهة قلمه ، وأمانة نقله .. ومجمل عن عمل شيخنا الوالد دام ظله في الكتاب فنقول ـ وعليه نتّكل ـ :

 

٢٠١
٢٠٢

أمّا أوّلا :

بعض ما قيل عن التنقيح .. (١)

قلّ من تأخّر عن زمن الكتاب ووصل له ولم يمدحه ويبجّله ، بل قد أثنى عليه الكثيرون ، ونوّه به وعرّفه المصنّفون ، وقرّظه وأشاد به أعلام أهل الفن ..

والإنصاف أنّه يعسر عدّهم أو إحصاؤهم ، ونقتصر هنا على ما ذكره بعض تلامذته وأعلام الطائفة .. وهم قليل من كثير يغنينا عن التفصيل ..

فمنهم : السيّد محمّد سعيد الحكيم (٢) :

 .. وهو آخر ما برز من قلمه الثمين في علوم الدين ; ولعمري لقد أتعب فيه نفسه الزكيّة وأجهدها ، فأظمأ هواجره ، وسهر ليله ، كادّاً كادحاً في تحريره وتحبيره ليلاً ونهاراً حتّى أتمّه في نحو خمسة عشر شهراً ، كما شهد ذلك

__________________

(١) سبق وأن ذكرنا بعض ما قيل عن مصنّف التنقيح شيخنا الجدّ طاب ثراه في مخزن المعاني ، فلاحظ.

(٢) لقد سلف كلامه في مدخل الكتاب وخلاله ، نقتصر منه على ما يناسب هذا الحقل ، إذ هو مواكب مسيرة الكتاب وسيره ، عارف برموزه وخصائصه ، ولذا تعدّ شهادته حسيّة وجدانية.

٢٠٣

منه غير واحد من العلماء ، ووجد مسطوراً بقلمه في ظهر النسخة التي كتبها بخطّ يده ، وقد طبعت صورته في أوّل الجزء الأوّل منه ، ثم صحّحه في بضع شهور بعد ذلك وشرع في طبعه مصحّحاً له بنفسه حتّى كاد أن يتمّه طبعاً ، وفي هذا من العناء والكدّ ما لا يقوم به إلاّ ذو نفس قدسيّة ، وهمّـة عليّـة ، وما بارحه ذلك الجدّ والجهد حتّى أودى بنفسه الزكيّة ، وأتى على حياته الشريفة في ليلة النصف من شهر شوال في سنة ألف وثلاثمائة وواحد وخمسين بعد الهجرة ; لأنّ ما لا يؤلّف إلاّ في نحو عشر سنين لا يستطيع أن يتمّه أحد مصنّفاً وتصحيحاً ـ مع بقاء صحّته ـ في نحو سنتين ، ولذا اعتبر العلماء والعرفاء موته شهادة في سبيل العلم وسعادة في مقام العمل ..

ومنهم : الشيخ محمّد حرز الدين :

 .. تنقيح المقال في أحوال الرجال بثلاثة مجلّدات وهو من خيرة ما كتب.

معارف الرجال ٢/٢١

٢٠٤

ومنهم : الشيخ جعفر آل محبوبة :

 .. وهو أحسن ما ألّف في الرجال وأجمعها ..

ثم قال : قال بعض تلامذته مؤرّخاً عام تمام الكتاب :

وشيخ الكل (عبد الله) أرّخ

(له قد تمّ تنقيح المقال)(١)

ماضي النجف وحاضرها ٣/٢٥٧

ومنهم : الميرزا محمّد علي معلّم حبيب آبادي :

وهذا الكتاب أعظم وأشهر مؤلّفات هذا العظيم ، وهو بحر مليء بالجواهر واللآلي مع ما فيه من تحقيقات كافية ، ومعلومات وافية ، وجمع لأقوال جميع الأصحاب وكتب الرجال ، مع توضيحات وشروح كافية في النسب والأنساب والنسبة وألقاب الرواة .. بل يمكن أن يقال إنّه ـ تقريباً ـ مغني عن أكثر كتب هذا الفن.

ثم قال رحمه الله : بدأ به في أواخر شهر صفر سنة ١٣٤٨ ، وانتهى منه في الثلث الأخير من ليلة الجمعة أربعة ذي القعدة الحرام سنة ١٣٥٠.

مكارم الآثار ٨/٣٠٤٨ ـ ٣٠٤٩ (ما ترجمته)

__________________

(١) تمّ تأليفه سنة ١٣٤٩ هـ ، وطبع ١٣٥١ هـ ، عدا كراريس من الجزء الثالث.

٢٠٥

ومنهم : الشيخ آغا بزرك الطهراني :

فهو بعد أن ترجم للمصنّف طاب ثراه وسرد مؤلّفاته ، قال : .. وأهمّ مؤلّفاته وأشهرها وأجلّها (تنقيح المقال في علم الرجال) ، وهو كبير في ثلاث مجلّدات ضخام ، ولم تزد مدّة تأليفه وتهذيبه وطبعه على ثلاث سنين ، وقد طبع مجلّدان منه في حياته ، وكذلك الثالث ، إلاّ أنّه توفي قبل إتمامه ، فأتمّه صهره الفاضل الشيخ موسى آل أسد الله التستري الكاظمي.

نقباء البشر ٣/١١٩٨ ـ ١١٩٩

وقال في الذريعة :

 .. هو أبسط ما كتب في الرجال ، حيث إنّه أدرج فيه تراجم جميع الصحابة والتابعين وسائر أصحاب الأئمة عليهم السلام وغيرهم من الرواة إلى القرن الرابع ، وقليل من العلماء المحدّثين ، في ثلاث مجلّدات كبار.

 .. لم يزد مجموع مدّة جمعه وترتيبه وتهذيبه وطبعه على ثلاث سنين ; وهذا ممّا يعدّ من خوارق العادات ، والخاصّة من التأييدات ، فللّه درّ مؤلّفه من مصنّف ما سبقه

٢٠٦

مصنّفوا الرجال ، ومن تنقيح ما أتى بمثله الأمثال ..

الذريعة ٤/٤٦٦ ـ ٤٦٧ برقم ٢٠٧٠

ومنهم : الشيخ محمّد أمين الإمامي الخوئي :

وله كتاب منتهى [كذا] المقال في معرفة أحوال الرجال ، وهو سفر جليل ، وكتاب ثمين .. ولعله أفخر مؤلفاته وأنفعها ، وهو كتاب كبير مبسوط يناهز من مائتي ألف بيت فصاعداً في مجلّدات جمة.

ثم قال : لم يصنف مثله في الشيعة في جمعه وبسطه ، وسعته وكثرة موارده وفوائده ، مع الاتقان والتهذيب ، والايجاز وحسن الترتيب.

ثم قال : وذكر مؤلفه المترجم في أول كتابه هذا كرامة لنفسه جليلة في تأليف هذا الكتاب ..

وقال : وقد اشتمل هذا الكتاب على ثلاث عشر ألف وثلاثمائة وثمان وخمسين ترجمة من رواة الشيعة من الصدر الأول على الوجه الأعم من الثقات والضعاف والمجاهيل .. وغيرهم ..

وقال : ولا يخلو من عجب أنّه ـ على ما ذكره في أول كتابه ـ إنّما كانت المدة في تصنيفه فيما بين شروعه

٢٠٧

وختمه خمسة عشر شهراً فقط ..

ولا يخفى أنّه [كذا] فضيلة جليلة .. جزاه الله عن العلم خيراً.

مرآة الشرق ٢/١٠١٧ برقم (٥١٣)

في ترجمة المصنف طاب رمسه

ومنهم : السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائي :

 .. آخر تصنيف نشير له ممّا برز من رشحات قلمه الشريف قبل وفاته وأتمّه بكل سرعة ـ حيث كان قد حدس بانقضاء أيام حياته ـ .. ولا نبالغ إذا قلنا إنّ هذا الأثر النفيس يُعدّ بحق ناسخاً لكل كتب أعلام رجالنا ، وهو شاهد قوي أنّه كان رحمه الله مؤيَّداً بتأييدات إلهية خاصّة ، حيث لا يمكن لمثل هذا السفر الثمين أن يُألـّف من دون معين ومساعد .. ولو قُدِّرَ له أن يكون مثل سائر المؤلّفات للزم ـ وبشكل طبيعي متعارف ـ أن يجهد له أقلاًّ مدّة عشر سنوات تصنيفاً وتبيضاً ، فضلاً عن طبعه واستنساخه وتصحيحه ومقابلته .. وكل ما يرتبط به ، إذ كل ذاك لوحده يحتاج إلى مدّة متطاولة وزمن ممتد .. إلاّ أنّ جميع هذا ـ وياللعجب! ـ قد تمّ خلال ثلاث سنوات ..!

٢٠٨

ثم قال رحمه الله : وهذا ما لا يتأتى لأحد إلاّ أن تسعفه التأييدات الربّانية ، والعنايات الخاصّة من بقية الله الأعظم عجلّ الله فرجه الشريف ـ كما قد أشار هو رحمه الله إلى ذلك في بداية المجلّد الأوّل ـ وقد ذكر ذلك ـ أيضاً ـ وبشكل مبسوط وواضح فيما أرسله من رسالة بخطّه الشريف إلى والدي الماجد قدّس سرّه ، وهذه الرسالة موجودة فعلاً عندي .. إلى آخر كلامه.

كتاب آیینه رستگاری : ٢٢٠ ـ ٢٢٣

(وهو ترجمة كتاب مرآة الرشاد بالفارسية ، مع الاختصار)

وقال في دائرة معارف تشيّع :

 .. يعدّ أجمع كتب الرجال وأكثرها تفصيلاً ممّا ألّف حتى اليوم في هذا الفن ، وبسبب اعتبار المؤلّف من جهة ، وتسلّطه الواسع والنادر على عمدة المصادر والنسخ الخطيّة المعتمدة من جهة أخرى ، مع ما له من دقّة نظر وموضوعية وانصاف وحياد في نقد الرجال والرواة .. ممّا سبّب له أن يحضى بغاية الاهتمام بين عامّة الفقهاء والمحقّقين .. وليست أهمّية عمل العلاّمة المامقاني منحصر في جمع أكبر عدد ممكن من الرجال ، بل يعدّ

٢٠٩

مؤسّس طريقة خاصّة في التحقيق والاستدلال في هذا الفنّ لم يسبقه إليها أحد ممّن تقدّمه.

دائرة معارف تشيّع ٥/١١٢ ـ ١١٣ ما ترجمته.

 .. وغيرهم .. في غيرها الكثير.

ومن هنا كان هذا الكتاب مورد عناية واهتمام على مدّ التاريخ ، من يوم بزوغه إلى يومنا هذا ، وكل ما قيل فيه قليل ..

فالسيد البروجردي قدّس سرّه ـ مثلاً ـ يهتمّ به ويولّيه غاية عنايته (١) ، والسيّد الخوئي طاب رمسه يستنجد به في معجمه ، وسيّدنا الاستاذ الفقيد السيّد محمّد الروحاني طاب ثراه يباحثه

__________________

(١) كما يحدّثنا تلميذه الشيخ محمّد واعظ زاده الخراساني في كتابه حياة الإمام البروجردي وآثاره العلمية ، وأتجاهه في الفقه والحديث والرجال : ٦٤ ، قال : ظفر السيّد في سفرته هذه بنسخة من كتاب الرجال للشيخ الطوسي كانت موجودة في مكتبة الآستانة. وكان قبل ذلك يفيد [كذا] من (رجال المامقاني) في أعماله العلمية والرجالية ، فجعل منقولات المامقاني في مجموعة واحدة ، فهيّأ لنفسه (رجال الشيخ الطوسي) بعد ذلك طابق كتابه مع تلك النسخة ، فتطابق معها إلاّ في بعض المواضع ..

٢١٠

ويتدارسه (١) .. وغيرهم كثير.

أمّا تلميذه الوفيّ المرجع الديني السيّد النجفي المرعشي رحمه الله فحدّث عنه ولا حرج ; إذ ما من رسالة له وكتّيب إلاّ ويستند عليه وينوّه به ، خاصّة في كتاب رجاله : نخبة المقال في علم الرجال ; حيث تعرّض إلى شيخه وأستاذه ـ حسب تعبيره ـ مكرّراً ، بل لعلّ التنقيح كان لولب مباحثه هناك ، ومحطّ نظره آنذاك ، ومنها ـ مثلاً ـ قوله ـ ذيل ترجمة أبي هاشم الجعفري داود بن القاسم : ١٦٥ ـ : .. ولله درّ العلاّمة أُستاذنا في الرجال والفقه آية الله الحاج شيخ عبدالله المامقاني حيث أزاح العلّة في ترجمته .. إلى آخره ، وغير ذلك.

بل ما من موسوعة فقهية ولا رجالية ولا تاريخية .. ولا غيرهنّ متأخرّة عنه إلاّ وتنقل عنه وتستند إليه (٢) ..

__________________

(١) كما نقله تلميذه الشيخ محمّد رضا الجعفري حفظه الله ، قال : .. لسنوات طويلة كنت أُرافق السيّد [محمّد الروحاني] إلى الكوفة سيراً على الأقدام ، وفي معظم هذه الرحلات كنّا نتناقش في كتاب (تنقيح المقال في عِلم الرجال) ..

انظر : مجلّة العالم ، ذكرى رحيل السيّد الروحاني (قدس سره).

(٢) لاحظ غالب الفهارس والموسوعات ، مثل : فهرست كتابخانه آستان قدس (الرضوية) ٦/٦٤٨ ـ ٦٤٩ ، وفي معجم المطبوعات النجفية : ١٣٠ برقم ٣٨٥ ، قال : تنقيح المقال ; المطبعة المرتضوية ١٣٥٢ هـ ، حجم كبير : ١ ـ ٣ ، .. ومثله في معجم

٢١١

فهو بحقّ إمام الجرح والتعديل عند الطائفة الحقّة الإمامية ، كما أقرّ له بذلك حتى أعداء الطائفة (١).

* * *

__________________

المؤلّفين العراقيّين ٢/٣٢٢ برقم ٦٠ ، وفهرست كتابهاى چاپى عربى : ٢٢٣ ، وكذا في كتاب : تحقيق درباره روز أربعين : ٤٣٥ .. وغيرها.

(١) كما عبّر عنه الغفاري في أصول مذهب الشيعة .. وغيره في غيره ، وجاء في الموسوعة الميّسرة في الأديان والمذاهب (الندوة العالمية للشباب الإسلامي ـ الرياضي ـ ١٣٩٢ هـ) تحت عنوان : الشيعة الإمامية الاثنا عشرية ، في باب التأسيس وأبرز الشخصيات ـ ما نصّه ـ : آية الله المامقاني ; صاحب كتاب تنقيح المقال في علم الرجال ـ وهو لديهم إمام الجرح والتعديل ـ .. إلى آخره.

٢١٢

ثانياً :

مبدأ التأليف ومدّته وسيره العلمي

لقد صرّح قدّس سرّه في بداية المجلّد الأوّل من الطبعة الحجرية من الكتاب ، في الأمر الأوّل من كلامه ـ وقد أوردنا نصّ كلامه سلفاً ـ حيث قال في مقام بيان مبدأ تأليف التنقيح ، بقوله : .. إلى أن وفّقني الله سبحانه في أواخر شهر صفر من سنة ألف وثلاثمائة وثمان وأربعين للأخذ فيه (١) ..

ثم قال : ففرغت من الكتاب سابع رجب سنة ١٣٤٩هـ ، ثم أعدت النظر فيه من ذلك اليوم إلى أواخر جمادى الأولى سنة ١٣٥٠ هـ (٢).

__________________

(١) وممّا يؤيد ماذكرناه ماأورده رحمه الله في آخر الفائدة الثالثة والعشرين من فوائد المقدمة لهذه الموسوعة [تنقيح المقال ١/٢١٠ من الطبعة الحجرية] من قوله : .. وعليك بالمحافظة على ماذكرناه ; فأنّه ممّا منح الله به عبده في الثلث الأخير من ليلة الجمعة ، الثالث عشرة من شهر شوال سنة ألف وثلاثمائة وثمان وأربعين.

(٢) ومن هنا قال في مكارم الآثار ٨/٣٠٤٩ : .. بدأ به في أواخر شهر صفر سنة ١٣٤٨ ، وانتهى منه في الثلث الأخير من ليلة الجمعة ، أربعة ذي القعدة الحرام سنة ١٣٥٠.

٢١٣

ثم قال : وبعد ذلك أخذت في إعادة النظر في الفهرست والمراجعات الجامعة للمستدركات.

وقال قدّس سرّه (١) ـ قبل ذلك ـ : .. حتى آل الأمر بي إلى آخر درجة القدرة البشرية بالاقتصار قرب ثلاث سنين على أقلّ الضروري من الأكل والنوم .. إلى آخره.

ثم قال : ولم أجد في هذه المدّة لذّة الكرى ، ولا راحة الأعضاء والقوى ..

ثم قال : وكنت أنام ـ حتى في الليالي الطوال غالباً ـ دون أربع ساعات ، وكنت أنام في آخر الساعة الثالثة (٢) وأنتبه قبل آخر [الساعة] السابعة ، واشتغل بالتحرير .. (٣)

ثم صرّح ـ بعد نقله لكرامة وعناية الحجّة أرواحنا فداه ـ بقوله : .. وهذا هو

__________________

وقال في مرآة الشرق ٢/١٠١٧ ترجمة رقم (٥١٣) عن التنقيح : .. إنّما كانت المدة في تصنيفه فيما بين شروعه وختمه خمسة عشر شهراً فقط .. ولا يخفى أنّه [كذا] فضيلة جليلة ، جزاه الله عن العلم خيراً.

ثم قال : وله كتاب نتائج التنقيح في بيان فهرس كتاب تنقيح المقال.

(١) الأمر الأوّل من مقدّمة تنقيح المقال ١/١ ـ ٢ (من الطبعة الحجرية) ، وقد سلفت نصّاً ، لاحظ : مخزن المعاني ٠/٣٩٤.

(٢) أي بالتوقيت الغروبي ، أي بعد المغرب بثلاث ساعات.

(٣) ويشهد لهذا ما ذكره آخر الفائدة الثالثة والعشرين من فوائده الرجالية ١/٢١٠ [من الطبعة الحجرية] بقوله : .. وعليك بالمحافظة على ما ذكرنا ; فإنه ممّا منح الله به عبده في الثلث الأخير من ليلة الجمعة إلى آخر ما مرّ قريباً.

٢١٤

عمدة ما أوجب بلوغ رغبتي في تصنيفه وإتمامه إلى درجة العشق ، بحيث لم أكن أدرك التعب حين الاشتغال به ، وكنت عند القيام منه للنوم أو الصلاة أرى قرب جسدي من [ان] لا يكون به حراك ..!

وقال في مخزن المعاني(١) ـ بعد أن نقل كرامة الإمام الصادق عليه السلام له في المنام ـ : وممّا وجدت من أثر ذلك إنّي إلى تلك الليلة لم أكن إتمكّن في تمام اليوم والليلة ... من تحرير أزيد من ورقتين تصنيفاً ، ومن صبيحة تلك الليلة صرت أصنّف في كل يوم وليلة ثماني أوراق إلى أسبوع ، ثم بعد ذلك إلى أن سافرنا إلى خراسان صرت اُصنّف في كل يوم وليلة عشر أوراق ـ التي هي أربعمائة وخمسون بيتاً (٢) تقريباً ـ مع كل ما كان عليّ من قضاء جملة من مطالب الشيخ الوالد قدّس سرّه .. وإلاّ فلو فرّغت نفسي لذلك لصنّفت في كل يوم وليلة ثمانمائة بيت تقريباً ، كما اتفق لي ذلك كثيراً .. وبعد ذلك في كل سنة خمسة مجلّدات إلى سنتين ، وبعد ذلك تسعة مجلدات في سنة .. وهكذا .. إلى آخره.

وآخر ما رشح من قلمه الطاهر ونفسه المجاهد عطّر الله مرقده ما جاء في آخر الكتاب ذيل خاتمة الخاتمة التي وضعها مستدركات

__________________

(١) مخزن المعاني ٠/١٩٤ ـ ١٩٥ [الطبعة المحقّقة].

(٢) سلف أن حدّدنا مقدار البيت الذي هو بمعنى السطر عندنا. والورقة قيل تحوي ٤٠ إلى ٤٥ سطر ، ويقصد بها هنا الصفحة ، أي وجه الورقة.

٢١٥

على الكتاب (١). وبخطّه الشريف قائلاً رحمه الله :

هذا ; وقد ضايقنا الطبع وانحراف المزاج جدّاً من إتمام المستدرك ، فختمنا الكلام هنا حامداً مصلّياً مسلّماً.

ثم قال : وقد آل الأمر بي إلى هنا في الثلث الأخير من ليلة الجمعة رابع ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثمائة وخمسين ، فكانت مدة اشتغالنا بتصنيف هذا الكتاب من البدو إلى الختام ـ مع إعادة النظر فيه مرّة بعد اُخرى ـ سنتان وثمانية أشهر تقريباً ، كادّاً ليلاً ونهاراً لا أتصوّر الزيادة عليه ، وأسأل الكريم المنّان أن يثبّته في ديوان الأعمال الخالصة لوجهه ، المقبولة لديه ، وأن ينفعني به يوم لا ينفع مال ولا بنون بحقّ محمّد وآله الغرّ الميامين صلوات الله عليهم أجمعين ولعنته على أعدائهم إلى يوم الدين آمين .. آمين.

ثم قال : في ٤ ذي القعدة ١٣٥٠ هـ.

ولقد جاء في هامش المجلّد الثاني من كتاب تنقيح المقال (٢) ذيل ترجمة عمران بن عبدالله القمّي : بَرّه .. أي أسدى له برّاً .. إلى آخره.

ثم ختمه بقول الناسخ : منه قدّس الله نفسه ، وطيّب رمسه ، وحشره الله مع محمّد وآله الطاهرين.

والظاهر أنّ هذا الموضع كان أوائل أيّام وفاته (قدّس سرّه) ، حيث كان

__________________

(١) تنقيح المقال ٣/١٢٤ من الطبعة الحجرية ، وقد أسلفنا نصّها ، وتأتي صورتها برقم (٤٣).

(٢) تنقيح المقال ٢/٣٥١ (الطبعة الحجرية ، حرف العين).

٢١٦

الإمضاء فيما سبق هو (دام ظلّه) .. وبعد هذا صار (قدّس سرّه) (١).

ومن هنا قال شيخنا الطهراني ـ طاب ثراه ـ المعاصر لزمن التأليف والمراقب لسيره ـ وهو شاهد عيان وصدق ـ في الذريعة (٢) ـ عن السير العملي في تأليف الكتاب (٣) ـ : .. كان شروعه في تأليفه أواخر صفر (١٣٤٨) كما كتبه بخطّه على ظهر الكتاب ، وكمل تأليفه وتصحيحه في أقلّ من سنتين ، وخرج تمام المجلّدين من الطبع في حياته ، وكذلك الثالث إلاّ كراريس منه طبعت بعد وفاته ، فتمّ طبعه في سنة ١٣٥٢ (٤).

__________________

(١) أقول : لقد جاء في الجزء الثاني من التنقيح ٢/٢٨٦ (الطبعة الحجرية ـ حرف العين) في هامش ترجمة علي بن حماد بن عبيد الله بن حماد العدوي أبو الحسن ابن حماد الشاعر ، قوله : منه قدّس سرّه القدوسي ، مع أنّه قال ـ في الورقة التي قبله ـ : منه : مد ظله ..

وحيث تكرّر مثل هذا ، فلابّد من القول ان بعض الحواشي في الموسوعة كانت أيّام حياته ، وبعضها الآخر كتبها ثمّ توفى فألحقت بالكتاب في مواضعها بعد وفاته طاب رمسه.

(٢) الذريعة ٤ / ٤٦٦ ـ ٤٦٧ تحت رقم ٢٠٧٠.

(٣) بعد أن قال : وهو العلّامة المعاصر الشيخ عبدالله ابن العلاّمة الشيخ محمّد حسن بن عبد الله المامقاني ، المولود في النجف (١٥ / ٤ / ١٢٩٠) ، والمتوفى في النصف من شوّال (١٣٥١).

(٤) وجاء في آخر تنقیح المقال ٣ / ٣٤٦ ـ بعد حرف الياء وقبل باب الكنى ـ ما نصه : في بيان تاريخ التأليف وانتهائه :

وقد نقل إلى البياض وتمّ استنساخه في الخامس والعشرين من شهر جمادي الأولى

٢١٧

وخير من عرّف لنا الكتاب وبيّن سيره العلمي والعملي هو الفقيد السيّد محمّد سعيد الحكيم البصري رحمه الله فيما أدرجناه من نصّ كلامه (١) ـ الذي سلف تمامه ـ حيث قال عن كتابنا هذا :

 .. وهو آخر ما برز من قلمه الثمين في علوم الدين ، ولعمري لقد أتعب فيه نفسه الزكيّة وأجهدها ، فأظمأ هواجره ، وسهر ليله ، كادّاً كادحاً في تحريره وتحبيره ليلاً ونهاراً حتّى أتمّه في نحو خمسة عشر شهراً ، كما شهد ذلك منه غير واحد من العلماء ، ووجد مسطوراً بقلمه في ظهر النسخة التي كتبها بخطّ يده ، وقد طبعت صورته في أوّل الجزء الأوّل منه ، ثم صحّحه في بضع شهور بعد ذلك ، وشرع في طبعه مصحّحاً له بنفسه حتّى كاد أن يتمّه طبعاً ..

وفي هذا من العناء والكدّ ما لا يقوم به إلاّ ذو نفس قدسيّة ، وهمّة عليّة ، وما بارحه ذلك الجدّ والجهد حتّى أودى بنفسه الزكيّة ، وأتى على حياته الشريفة في ليلة النصف من شهر شوال في سنة ألف وثلاثمائة وواحد

__________________

من شهور سنة ألف وثلاثمائة واثنتين وخمسين بعد الهجرة النبويّة ، على مهاجرها آلاف الثناء والسلام والتحية ، بيد أقل الخليقة ، بل لا شيء في الحقيقة ، أحمد بن الشيخ محمّد حسين الزنجاني الغروي عفي عنهما.

وقد طبعت [المجلّدات] في المطبعة المباركة المرتضوية في النجف الأشرف ، لصاحبها الحاج شيخ محمّد صادق الكتبي حفظه الله تعالى ، بمباشرة الأستاذ محمّد رضا الغروي[المطبعي].

(١) تنقيح المقال ٣/٣٤٥ ـ آخر باب الأسماء من طبعة الأُوفست ، وفي الطبعة الحجرية الأصل بعد الكنى والألقاب والخاتمة صفحة : ١٢٦ من المجلّد الثالث.

٢١٨

وخمسين بعد الهجرة ; لأنّ ما لا يؤلّف إلاّ في نحو عشر سنين لا يستطيع أن يتمّه أحد مصنّفاً وتصحيحاً ـ مع بقاء صحّته ـ في نحو سنتين ، ولذا اعتبر العلماء والعرفاء موته شهادة في سبيل العلم ، وسعادة في مقام العمل.

فنعم السعادة التي كانت من آماله ، والشهادة التي صارت خاتمة أعماله.

ومن هنا قال شيخنا الطهراني طاب ثراه في طبقاته (١) عن هذه الموسوعة : .. وهو كبير في ثلاث مجلّدات ضخام ، ولم تزد مدّة تأليفه وتهذيبه وطبعه على ثلاث سنين ، وقد طبع مجلّدان منه في حياته ، وكذلك الثالث ، إلاّ أنّه توفّي قبل إتمامه ، فأتمّه صهره الفاضل الشيخ موسى آل أسد الله التستري الكاظمي.

هذا ; وقد تمّ الكتاب كلاًّ ـ بمجلّداته الثلاثة ـ كتابةً ونسخاً بواسطة المرحوم الشيخ أحمد بن الشيخ محمّد حسين الزنجاني الغروي رحمه الله (٢) الكاتب الخاص للمرحوم الشيخ الجدّ طاب ثراه ، كما وطبعت جميع المجلّدات في

__________________

(١) نقباء البشر ٣/١١٩٨ ـ ١١٩٩ وقد سلف.

(٢) والملقّب بـ : المعصومي ، وهو المولود في النجف الأشرف سنة ١٣٢٤ هـ ، وقد أخذ المقدّمات فيها ، ومال في صباه لتعلّم الخط ، وانتقل إلى إيران ، وهو ابن (٢٦) سنة بعد رحيل شيخنا الجدّ قدّس سرّه.

وهو رحمه الله قد كتب القرآن الكريم كاملاً أكثر من خمس مرّات ، وله يد طولى في كتابة عشرات الكتب الدينية على الحجر ، ويُعدّ من أساتذة غالب أنواع الخطوط كالنسخ والثلث والنستعليق .. خاصّة الأوّل.

٢١٩

المطبعة المرتضوية في النجف الأشرف (١) لصاحبها الحاج شيخ محمّد صادق الكتبي رحمه الله وذلك بمباشرة الاُستاذ محمّد رضا الغروي المعروف بـ : المطبعي (٢).

__________________

(١) سبق الحديث عن هذه المطبعة وصاحبها ودور الشيخ الجدّ قدس سرّه في تأسيسها ، وكونها تحت رعاية الشيخ رحمه الله ونظره أوّلاً ، وذلك في تعاليقنا على كتاب مخزن المعاني ٠/٤٠٣ ـ ٤٠٥ ، فراجع.

(٢) ومن كتّاب المرحوم الجدّ (قدس سره) : الشيخ محمّد علي بن ميرزا محمود بن الحاج مهدي التبريزي النجفي ، فقد كتب له بعض كتبه منها كتاب : (سراج الشيعة) في سنة ١٣٤٦ هـ ، وقد طبع أكثر من مرّة مغلوطاً! وبدون إذن ، ثمّ ادعي تحقيقه من شخص مغرض ومريض! أخذ كلّ ما كتبه من هوامش مرآة الكمال ولم يشر لذلك ، وطبع مكرراً بدون مشورة.

٢٢٠