تراثنا ـ العدد [ 141 ]

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم

تراثنا ـ العدد [ 141 ]

المؤلف:

مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم


الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨

من ذخائر الترّاث

٢٤١
٢٤٢

خروج المقيم إلى ما دون المسافة بعد صلاة تماماً

عازماً على العود إلى موضع الإقامة

من غير نيّة إقامة جديدة

(١١٥٠ ـ ١٢٢٦ هـ)

تأليف

السيّد محمّد جواد العاملي

تحقيق

الشيخ محمّد محسن الجعفري

٢٤٣
٢٤٤

مقـدّمة التحقيـق

بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة السيّد محمّد جواد العاملي (طَابَ ثَرَاهُ) (١) :

اسمه ومولده :

هو السيّد محمّد جواد ابن السيّد محمّد الحسيني العاملي ، ينتهي نسبه الشريف إلى زيد الشهيد ابن الإمام علي بن الحسين عليهما‌السلام ، ولد حدود ١١٥٠هـ ـ على ما ذكره بعض أفاضل أرحامه (٢) ـ في قرية شقراء من قرى جبل عامل.

__________________

(١) استقينا هذه الترجمة من : تكملة أمل الآمل : ١٢٦ ـ ١٢٩ ؛ طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة) ١٠ / ٢٨٦ ـ ٢٨٨ ، ٤٣٢ ؛ الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١١ / ١٨٠ ؛ أعيان الشيعة ٤ / ٢٩١ ـ ٢٩٤ ؛ ٩ / ٥٥ ، مستدركات أعيان الشيعة ٣ / ١٣٦.

(٢) ذكر العلاّمة الطّهراني (طَابَ ثَرَاهُ) أنّ ولادته كانت حدود سنة ١١٦٠هـ ؛ لأنّه صرّح في آخر كتابه مفتاح الكرامة أنَّه في عشر السبعين ، وكان فراغه منه سنة وفاته ١٢٢٦هـ. وذكر السيّد محسن الأمين أنّ مولده كان حدود سنة ١١٦٤هـ.

٢٤٥

دراسته :

هاجر أوّلاً إلى مدينة كربلاء المقدّسة ، وحضر عند السيّد علي الطباطبائي (صاحب الرياض ت١٢٣١هـ) ، والمحقّق الشيخ محمّد باقر الوحيد البهبهاني (ت١٢٠٥هـ) قدس‌سرهما ، ثمّ هاجر إلى النجف الأشرف ، وحضر عند كلّ من :

١ ـ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم قدس‌سره (ت١٢١٢هـ).

٢ ـ الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس‌سره (ت١٢٢٨هـ).

٣ ـ الشيخ حسين ابن الحاجّ نجف بن محمّد التبريزي النجفي قدس‌سره (ت١٢٥١هـ).

مشايخه في الرواية :

١ ـ المحقّق الشيخ محمّد باقر الوحيد البهبهاني قدس‌سره (ت١٢٠٥هـ).

٢ ـ السيّد محمّد مهدي بحر العلوم قدس‌سره (ت١٢١٢هـ).

٣ ـ الشيخ جعفر كاشف الغطاء قدس‌سره (ت١٢٢٨هـ).

٤ ـ الميرزا المحقّق أبو القاسم القمّي قدس‌سره صاحب القوانين (ت١٢٣١هـ) ، أجازه من قم في جمادى الأولى سنة ١٢٠٦هـ.

٥ ـ السيّد علي الطباطبائي قدس‌سره ، صاحب الرياض (ت١٢٣١هـ).

وغيرهم ممّن ذكرهم في إجازته الكبيرة.

كتبه :

١ ـ مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة ، الذي ألّفه بطلب من أستاذه

٢٤٦

الشيخ جعفر كاشف الغطاء وشرع في تأليفه سنة (١١٩٩هـ) ، وانتهى منه في سنة وفاته (طَابَ ثَرَاهُ) ، وهو مطبوع.

٢ ـ شرح طهارة الوافي : تقرير درس السيّد محمّد مهدي بحر العلوم قدس‌سره ، لم يتمّ.

٣ ـ حاشية على طهارة المدارك : وهي تقرير درس الشيخ حسين نجف قدس‌سره.

٤ ـ حاشية على الروضة : من كتاب المضاربة والوديعة والعارية والمزارعة والمساقاة وبعض الوصايا وتمام النكاح وبعض الطلاق.

٥ ـ حاشية على تجارة القواعد : وهي من تقرير السيّد محمّد مهدي بحر العلوم قدس‌سره.

٦ ـ حاشية على كتاب الدَّين وعلى كتاب الرهن من قواعد العلاّمة : وهي تقريرات درس الشيخ جعفر كاشف الغطاء (طَابَ ثَرَاهُ).

٧ ـ شرح وافية التوني قدس‌سره ، في مجلّدين.

٨ ـ حاشية على تهذيب الأصول (ناقصة).

٩ ـ حاشية على مقدّمة الواجب على المعالم.

١٠ ـ إجازة كبيرة : ذكر فيها جملة من مباحث علم الدراية.

رسائله :

١ ـ خروج المقيم إلى ما دون المسافة بعد صلاة تماماً عازماً على العود إلى موضع الإقامة من غير نيّة إقامة جديدة ، وهي الرسالة التي بين أيدينا ، وقد ألّفها بأمر السيّد محسن الأعرجي (طَابَ ثَرَاهُ) صاحب المحصول في علم

٢٤٧

الأصول (ت١٢٢٧هـ) ، كما ذكر ذلك في الديباجة ، وذكر العلاّمة الطهراني قدس‌سره أنَّه رأى النسخة في مجموعة الأصول الوقفية في الكاظمية ، وعنونها في الذريعة بـ : (رسالة في خروج المقيم من بلد الإقامة إلى دون المسافة).

٢ ـ رسالة في البراءة ، رآها العلاّمة الطهراني قدس‌سره في مكتبة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء قدس‌سره.

٣ ـ رسالة في مسألة العصير العنبي والزبيبي : وهي من تقرير درس الشيخ جعفر كاشف الغطاء ، وقد قرّضها الشيخ حسين نجف (طَابَ ثَرَاهُما).

٤ ـ رسالة في ردّ الأخباريِّين.

٥ ـ رسالة الرحمة الواسعة في المواسعة والمضايقة : كتبها بأمر السيّد صاحب الرياض قدس‌سره.

٦ ـ رسالة في الشكّ في الجزئيّة والشرطيّة في العبادات.

٧ ـ رسالة في مناظرة الشيخ جعفر كاشف الغطاء مع السيّد محسن الأعرجي قدس‌سرهما ، ومكاتباتهما في المسائل العلميّة.

٨ ـ رسالة في علم التّجويد طبعت بمصر.

٩ ـ رسالة حقّق فيها مسألة جواز العدول عن العمرة عند ضيق الوقت إلى الإفراد.

١٠ ـ رسالة فيما جرى بينه وبين صاحب الرياض قدس‌سره في مسألة أفتى بها صاحب الرياض وخطّأه المترجَم ، وترادّ الكلام بينهما سؤالاً وجواباً حتّى رجع صاحب الرياض إلى قول المترجَم.

٢٤٨

شعره :

له (طَابَ ثَرَاهُ) ثلاثة أراجيز : إحداها في الرضاع ، وأخرى في الخمس ، وثالثة في الزكاة. وله شعر في موارد أخرى منه ما كتبه على بعض مجلّدات كتابه مفتاح الكرامة :

أتعبتُ نفسي بهذا الشرح مجتهداً

ما صدّني عنه شيءٌ قلَّ أو كثرا

كلّ النهار وكلّ الليل في شغل

فلا أبالي أطال الليل أم قصرا

أبرز تلامذته :

١ ـ الشيخ محمّد حسن النجفي قدس‌سره ، صاحب الجواهر (ت١٢٦٦هـ).

٢ ـ الشيخ محمّد جواد بن محمّد تقي بن محمّد المعروف بـ : (ملاّ كتاب) النجفي قدس‌سره (ت١٢٦٤هـ).

٣ ـ الشيخ محسن ابن الحاجّ مرتضى ابن الحاجّ قاسم الأعسم النجفي قدس‌سره (ت ١٢٣٨هـ).

٤ ـ السيّد صدر الدين محمّد بن صالح بن محمّد شرف الدين بن إبراهيم بن زين العابدين الموسوي العاملي قدس‌سره (ت١٢٦٣هـ).

٥ ـ الشيخ مهدي بن الحسين بن محمّد ملاّ كتاب النجفي قدس‌سره ، وهو ابن عمّ الشيخ محمّد جواد ملاّ كتاب.

٦ ـ السيّد علي بن محمّد الأمين قدس‌سره (ت١٢٤٩هـ) ـ جدّ السيّد محسن الأمين ـ من بني عمّ السيّد المترجَم.

٧ ـ ولد المترجَم (طَابَ ثَرَاهُ) السيّد محمّد.

٢٤٩

٨ ـ سبط المترجَم (طَابَ ثَرَاهُ) الشيخ رضا بن زين العابدين الأسدي الحلّي (١).

٩ ـ الآقا محمّد علي بن الآقا محمّد باقر الهزار جريبي المازندراني النجفي.

أبرز الرواة عنه :

١ ـ الشيخ محمّد حسن النجفي (صاحب الجواهر ت١٢٦٦هـ).

٢ ـ السيّد صدر الدين محمّد بن صالح الموسوي العاملي.

٣ ـ ولده السيّد محمّد ، فإنّه يروي عن أبيه كلّ طرقه. ولا عقب له إلاّ منه.

٤ ـ الميرزا عبد الوهّاب الشريف ابن الشيخ محمّد علي القزويني قدس‌سره (ت١٢٧٠هـ) ، المجاز منه في ربيع الأوَّل سنة ١٢٢٥هـ.

٥ ـ سبطه الشيخ رضا بن زين العابدين.

٦ ـ الشيخ محمّد جواد بن محمّد تقي بن محمّد المعروف بـ : (ملاّ كتاب) النجفي.

وفاته ومدفنه :

توفّي (طَابَ ثَرَاهُ) سنة (١٢٢٦هـ) ، ودفن في الصحن العلوي الشريف في الحجرة الثالثة على يسار الداخل من باب القبلة.

__________________

(١) وذكر السيّد محسن الأمين قدس‌سره أنَّه عاملي. أعيان الشيعة ٤ / ٢٩١.

٢٥٠

وصف النسخة المعتمدة في التحقيق :

النسخة الموجودة بأيدينا هي النسخة الوحيدة لهذه الرسالة ، ولم يُعرف ناسخها ولا تاريخ نسخها ، وأيضاً لم يكتب عليها اسم المؤلّف ولا عنوان ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف برقم : (١١٢٩ / ٥) ، ضمن مجموعة عليها تملّك إمام الحرمين محمّد بن عبد الوهّاب الهمداني قدس‌سره بتاريخ (١٢٨٧هـ) ، وتضمّ المجموعة ٢٢ نسخة ، وترتيب هذه المخطوطة هو الخامس.

تقع في ١٤ ورقة بقياس ٣٠ × ٢٠ سم ، عدد الأسطر في كلّ ورقة : ١٦ ما عدا الصفحة الأولى والأخيرة.

انتساب الرسالة :

لا شكّ في أنّ هذه الرسالة للسيّد محمّد جواد العاملي كما جاء في عنوانها وذلك لعدّة قرائن :

منها : تصريح العلمَين السيّد حسن الصدر الكاظمي والشيخ أقا بزرك الطّهراني (طَابَ ثَرَاهُما) من أنّ للسيّد رسالة في هذا الموضوع ؛ إذ قال الأوّل : «رسالة المقيم إذا خرج عن محلّ الترخّص بقصد العود» (١) ، وقال الآخر : «رسالة في حكم المقيم الخارج عن حدّ الترخّص» (٢).

__________________

(١) تكملة أمل الآمل : ١٢٨.

(٢) طبقات أعلام الشيعة (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة) ١٠ / ٢٨٨ ، ولاحظ : الذريعة إلى تصانيف الشيعة ١١ / ١٨٠.

٢٥١

ومنها : المقارنة بين هذه الرسالة وما كتبه السيّد العاملي في مفتاح الكرامة عند شرح قول العلاّمة (قَدّسَ الله رمسه) : «ولو عزم العشرة في غير بلده ثُمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود والإقامة : أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد ، وإلاّ قصّر» (١) ، يظهر تطابق الألفاظ بما يقارب نسبة ٩٠% أو أكثر ، من نسبة الأقوال إلى العلماء والكتب والدعاء لأساتذته وغير ذلك.

ومنها : استخدامه لمفردات لم يستعملها ـ بحسب ما تتبّعت ـ أحد من الفقهاء قبله ، مثل كلمتي : (محزّه) و (محزّها) ـ أي : محلّه ومحلّها ـ فقد وردت الأولى في مفتاح الكرامة ستّة عشر مرّة ، والأخرى خمسة عشر مرّة ، وقد استخدم الكلمتين في هذه الرسالة أيضاً.

عملي في التحقيق :

١ ـ صفّ حروف النصّ ، ثمّ التأكّد من مطابقته مع المخطوط ، ثمّ تقطيعه وتقويمه بما يشتمل على ضبطه.

٢ ـ جعل بعض العناوين بين قوسين معقوفين.

٣ ـ الاقتباس من مصدر النقل إذا كان هناك نقص في المخطوطة وجعله بين قوسين معقوفين.

٤ ـ إذا كان هناك اختلاف ما بين المصدر والمخطوطة يؤثّر على المعنى أثبتنا ما هو موجود بالمصدر بين قوسين معقوفين وأشرنا إلى الاختلاف في الهامش.

__________________

(١) لاحظ : مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلاّمة ١٠ / ٥٨٥ ـ ٦١٥.

٢٥٢

٥ ـ تخريج الآيات الكريمة ، والأحاديث الشريفة.

٦ ـ تخريج أقوال الفقهاء قدس‌سرهم من مصادرها إن توفّرت.

شكر وتقدير :

وفي الختام بعد شكر الله سبحانه وتعالى على ما أنعم ووفّق ، أتقدّم بخالص الشكر والامتنان إلى إدارة مكتبة الإمام الحكيم العامّة في النجف الأشرف لتوفيرها هذه النسخة الفريدة.

والشكر موصول إلى الأخ الفاضل المحقّق أحمد علي مجيد الحلّي (دام توفيقه) الذي هيّأ لنا مقدّمات العمل ، وإلى جميع الإخوة الذين ساهموا في إنجاح هذا العمل.

محمّد محسن الجعفري

النّجف الأشرف

٢٥٣

٢٥٤

٢٥٥

بسم الله الرّحمن الرّحيم

خروج المقيم إلى ما دون المسافة بعد صلاة تماماً

عازماً على العود إلى موضع الإقامة

من غير نيّة إقامة جديدة

نحمدك يا مَن تقدّس بالبهاء والكمال ، وتعالى عن الأنداد والأشباه والأمثال ، ونصلّي على نبيّك وأخيه المخصوصَين بالمقامات القدسية ، وشرائف الأحوال ، وآلهما المعصومين الناسجين على منوالهما في الأخلاق والأقوال والأفعال.

فقد أراد سيّدنا وسندنا الإمام العلاّمة العَلَم الفاضل المتقن ، والمقدّس الحبر النحرير ، مولانا السيّد محسن (أدام الله أيّام حراسته وأفاض علينا من يُمنِه وبركته) أن أكتب رسالةً في مسألة عامّة في البلوى ، شهيرة بالإشكال وبالإجمال في الفتوى ، قد اختلف فيها علماؤنا السابقون ، ومشايخنا المعاصرون ، فبادرت إلى ما أراد ، طالباً من الله الهداية إلى السداد ، وأنا أرجو بلطف الله سبحانه ذي الأفضال ، وبركة محمّد وآله (صلى الله عليه وآله) خير آل أن لا يبقى في المسألة اليوم إشكال ، وأن يسطع برهان الحقّ ويرتفع الإجمال ، وبالله الاستعانة وعليه الاتّكال.

٢٥٦

[خروج المقيم إلى ما دون المسافة بعد صلاة تماماً

عازماً على العود إلى موضع الإقامة من غير نيّة إقامة جديدة]

والمسألة : هي ما لو عزم العشرة في غير بلده وصلّى صلاة تماماً ، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود إلى موضع الإقامة من غير عزم إقامة جديدة ، ومن نيّته قطع مسافة.

[الأقوال في المسألة]

ولقد تتبّعت كلام الأصحاب من قديم وحديث فوجدتهم في المسألة بهذا العنوان على قولين لا ثالث لهما ، فلو ادّعى مدّع وقوع الإجماع المركّب صادفت محزّها (١).

وذلك ظاهر كشف الالتباس (٢) وجامع المقاصد (٣) وفوائد الشرائع (٤) والمسالك (٥) والروض (٦) وغيرها (٧) حيث قالوا : إنّ في المسألة قولين ، وهو صريح

__________________

(١) أي : محلّها وموضعها. لاحظ : النهاية في غريب الحديث والأثر ٤ / ٢٠١.

(٢) لاحظ : كشف الالتباس عن موجز أبي العبّاس : ١٩٨ س٢١ (مخطوطة في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) كما في هامش مفتاح الكرامة ١٠ / ٥٨٦.

(٣) لاحظ : جامع المقاصد في شرح القواعد ٢ / ٥١٥.

(٤) لاحظ: حاشية شرائع الإسلام (فوائد الشرائع) المطبوعة ضمن حياة المحقّق الكركي وآثاره ١٠ / ٢٣٧.

(٥) لاحظ : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام ١ / ٣٥١.

(٦) لاحظ : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان ٢ / ١٠٦٢.

(٧) لاحظ : مدارك الأحكام في شرح شرائع الإسلام ٤ / ٤٨١.

٢٥٧

الشهيد الثاني في رسالته المعمولة في المسألة ، فإنّه قال ـ بعد كلام له يأتي ذكره (١) إن شاء تعالى ـ : «فإن قلت : ما ذكرتم من التقييد وإن كان متوجّهاً لا يجوز العمل به ؛ لأنّ أقوال الأصحاب منحصرة في هذا القسم في قولين ، أحدهما : القصر مطلقاً ، والثاني : القصر في العود مطلقاً ، فالتفصيل بالتمام في بعض الأقسام إحداث قول ثالث رافع لما وقع عليه الإجماع المركّب من القولين» (٢) انتهى ما أردنا نقله من كلامه في محلّ الحاجة.

فالقول بالإتمام في الذهاب والإياب والمقصد كأنّه إحداث قول ثالث إن لم يكُنه.

واعلم أنّ أكثر عبارات الأصحاب في المسألة مطلقة ، وهي إن لم تكن منزّلة على هذا العنوان خاصّة فهو أظهر أفرادها ، وستسمعها جميعها ، وتعلم الحال فيها.

[أوَّل مَن طرح هذه المسألة]

وأوَّل مَن تعرّض لهذا الفرع ـ فيما أجد بعد فضل التتبّع وتوفّر الكتب ـ الشيخ في المبسوط ، وقد اعترف بذلك الصيمري في كشف الالتباس (٣) ، والشهيد

__________________

(١) عند قوله: (مع جودته ورجحانه).

(٢) لاحظ : رسالة نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني ١ / ٣٢٠.

(٣) لاحظ : كشف الالتباس عن موجز أبي العبّاس : ١٩٨ السطر الأخير (مخطوطة في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣) كما في هامش مفتاح الكرامة ١٠ / ٥٨٦.

٢٥٨

الثاني في رسالته (١) ، قال في المبسوط ما لفظه : «إذا خرج حاجّاً إلى مكّة وبينه وبينها مسافة يقصّر فيها الصلاة ، ونوى أن يقيم بها عشرة قصّر في الطريق ، فإذا وصل إليها أتمّ ، وإن خرج إلى عرفة يريد قضاء نُسُكه لا يريد مقام عشرة أيّام إذا رجع إلى مكّة ، كان عليه (٢) التقصير ؛ لأنّه نقض مقامه بسفر بينه وبين بلده تقصير في مثله ، وإن كان يريد إذا قضى نُسُكه مقام عشرة أيّام بمكّة أتمّ بمنى وعرفة ومكّة حتّى يخرج مسافراً. هذا على قولنا بجواز التقصير بمكّة. فأمّا ما روي من الفضل في التمام فإنّه يتمّ على كلّ حال ، غير أنّه يقصّر فيما عداها من عرفات ومنى وغير ذلك ، إلاّ أن ينوي المقام عشراً فيتمّ حينئذ على ما قدّمناه» (٣) انتهى.

وقال الشهيد في الذكرى ـ بعد نقل ذلك عن الشيخ ـ : «وتبعه المتأخّرون وإن عمّم بعضهم العبارات من غير تخصيص بمكّة ـ زادها الله تعالى شرفاً ـ. وظاهرهم اعتبار عشرة جديدة في موضعه الذي نوى فيه المقام بعد خروجه إلى ما دون المسافة ، وظاهرهم أنّ نيّة إقامة ما دون العشر في رجوعه كـ : لا نيّة» (٤) انتهى.

وفي السرائر عين عبارة المبسوط ، قال : «إذا خرج حاجّاً إلى مكّة ـ إلى قوله

__________________

(١) لاحظ : رسالة نتائج الأفكار في بيان حكم المقيمين في الأسفار المطبوعة ضمن رسائل الشهيد الثاني ١ / ٢٩٥.

(٢) في الأصل فوقها كلمة (له) وهو الموافق مع المصدر.

(٣) لاحظ : المبسوط في فقه الإمامية ١ / ١٣٨.

(٤) لاحظ: ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة ٤ / ٣٣٠.

٢٥٩

ـ حتّى يخرج مسافراً فيقصّر» (١) ونحو ذلك من دون تفاوت قال القاضي فيما حُكي عنه (٢).

وفي المختلف : «إنّ التحقيق أن يقال : إنّه إذا نوى المقام بمكّة عشرة أيّام أتمّ ، فإن خرج لعرفة لقضاء المناسك : فإمّا أن يقصد المقام بعد ذلك بمكّة عشرة أيّام أو لا ، فإن بقي قصده أتمّ بمكّة ومنى وعرفة حتّى يخرج من مكّة مسافراً فيقصّر ، وإن قصد السفر عند خروجه من مكّة إلى عرفة بعد عوده من عرفة إلى مكّة وغيّر نيّته عن المقام قصّر عند خروجه» (٣) انتهى.

ونحوه ما في المنتهى والقواعد والتذكرة والتحرير ونهاية الإحكام من غير تخصيص بمكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ.

قال في المنتهى : «لو عزم على المقام في غير بلده عشرة ، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة ، فإن عزم على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد ، وإن لم يعزم على العود ، أو عزم ولم يعزم على الإقامة قصّر» (٤).

وفي القواعد والتّذكرة : «لو عزم العشرة في غير بلده ، ثمّ خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود والإقامة أتمّ ذاهباً وعائداً وفي البلد ، وإن لم يعزم قصّر» (٥).

__________________

(١) لاحظ : السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي ١ / ٣٤٥.

(٢) الحاكي هو العلاّمة قدس‌سره. لاحظ : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ٣ / ١٤٧.

(٣) لاحظ : مختلف الشيعة في أحكام الشريعة ٣ / ١٤٧.

(٤) لاحظ : منتهى المطلب في تحقيق المذهب ٦ / ٣٩٠.

(٥) لاحظ : قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام ١ / ٣٢٦ بأدنى تصرّف : تذكرة الفقهاء ٤ / ٤١٣.

٢٦٠