محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-16-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٩٦
بقية ابواب جهاد النفس وما يناسبه
٦٠ ـ باب حد التكبر والتجبر المحرمين
[ ٢٠٨١٤ ] ١ ـ محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهماالسلام قال : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر قال : فاسترجعت ، فقال : مالك تسترجع؟ فقلت : لما سمعت منك ، فقال : ليس حيث تذهب إنما أعني الجحود إنّما هو الجحود.
__________________
الباب ٦٠
فيه ٧ أحاديث
١ ـ الكافي ٢ : ٢٣٤ | ٧ ، ومعاني الأخبار : ٢٤١ | ٣.
[ ٢٠٨١٥ ] ٢ ـ وعن أبي علي الاشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أيوب بن حر ، عن عبد الاعلى ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : الكبر أن تغمص الناس وتسفه الحق.
[ ٢٠٨١٦ ] ٣ ـ وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الاعلى بن أعين قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق ، قلت : وما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال : يجهل الحق ويطعن على أهله ، فمن فعل ذلك فقد نازع الله عزّ وجلّ رداءه.
[ ٢٠٨١٧ ] ٤ ـ وعن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن غير واحد ، عن علي بن أسباط ، عن عمه يعقوب بن سالم ، عن عبد الاعلى ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قلت له : ما الكبر؟ قال : أعظم الكبر أن تسفه الحق وتغمص الناس ، قلت : وما تسفه الحق؟ قال : يجهل الحق ويطعن على أهله.
ورواه الصدوق في ( معاني الاخبار ) عن محمد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن ابن بقاح ، عن سيف بن عميرة ، عن عبد الملك ، عن أبي عبدالله عليهالسلام (١) ، والذي قبله عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم والذي قبلهما عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن
__________________
٢ ـ الكافي ٢ : ٢٣٤ | ٨ ، ومعاني الأخبار : ٢٤٢ | ٤.
٣ ـ الكافي ٢ : ٢٣٤ | ٩ ، ومعاني الأخبار : ٢٤٢ | ٥ ، واورده بتمامه في الحديث ١ من الباب ٣٨ من ابواب وجوب الحج.
٤ ـ الكافي ٢ : ٢٣٥ | ١٢.
(١) معاني الاخبار ٢٤٢ | ٦.
أحمد بن أبي عبدالله ، عن ابن فضال ، والاول بهذا السند عن ابن فضال ، عن ابن مسكان ، عن يزيد بن فرقد ، عمن سمع أبا عبدالله عليهالسلام يقول وذكر مثله.
[ ٢٠٨١٨ ] ٥ ـ وعنه عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن عمر بن يزيد ، عن أبيه قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : إنّني آكل الطعام الطيب وأشم الرائحة الطيبة ، وأركب الدابة الفارهة ، ويتبعني الغلام ، فترى في هذا شيئا من التجّبر ، فلا أفعله؟ فأطرق أبو عبدالله عليهالسلام ثم قال : انما الجبار الملعون من غمص الناس وجهل الحق ، قال عمر : فقلت : أما الحق فلا أجهله ، والغمص لا ادري ما هو ، قال : من حقر الناس وتجبر عليهم فذلك الجبار.
[ ٢٠٨١٩ ] ٦ ـ محمد بن علي بن الحسين في ( معانى الاخبار ) عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن علي ، عن علي بن النعمان ، عن عبدالله بن طلحة ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لن يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ، ولا يدخل النار من (١) في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان ، قلت : جعلت فداك إن الرجل ليلبس الثوب أو يركب الدابة فيكاد يعرف منه الكبر ، فقال : ليس بذلك إنما الكبر انكار الحق والايمان الاقرار بالحق.
ورواه في ( عقاب الاعمال ) عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله مثله (٢).
__________________
٥ ـ الكافي ٢ : ٢٣٥ | ١٣.
٦ ـ معاني الاخبار : ٢٤١ | ١.
(١) في المصدر : عبد.
(٢) عقاب الأعمال : ٢٦٤ | ٥.
[ ٢٠٨٢٠ ] ٧ ـ وعن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن إسماعيل بن مرار ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما ـ يعنى أبا جعفر وأبا عبدالله عليهماالسلام ـ قال : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ، قال : قلت : إنا نلبس الثوب الحسن فيدخلنا العجب ، فقال : انما ذلك فيما بينه وبين الله عزّ وجلّ.
٦١ ـ باب تحريم حب الدنيا المحرمة ووجوب بغضها
[ ٢٠٨٢١ ] ١ ـ محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن درست ابن أبي منصور ، عن رجل ، وعن هشام بن سالم جميعا ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : رأس كل خطيئة حب الدنيا.
[ ٢٠٨٢٢ ] ٢ ـ وعنه وعن علي بن محمد جميعا ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن الزهري ، عن محمد بن مسلم قال : سئل علي بن الحسين عليهالسلام أيّ الاعمال أفضل؟ قال : ما من عمل بعد معرفة الله ومعرفة رسول الله صلىاللهعليهوآله أفضل من بغض الدنيا فإنّ لذلك شعبا كثيرة وللمعاصي شعباً فأول ما عصي الله به الكبر ـ إلى أن قال : ـ ثم الحرص ثم الحسد وهى معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله فتشعب من ذلك حب النساء ، وحب الدنيا ، وحب الرئاسة ، وحب الراحة ، وحب الكلام ، وحب
__________________
٧ ـ معاني الاخبار : ٢٤١ | ٢.
وتقدم مايدل على المقصود في الباب ٢٣ ، وفي الاحاديث ٤ ، ٥ ، ٦ من الباب ٢٩ من ابواب احكام الملابس ، وفي الحديث ٤ من الباب ١٠٦ من ابواب احكام العشرة.
الباب ٦١
فيه ٦ احاديث
١ ـ الكافي ٢ : ٢٣٨ | ١.
٢ ـ الكافي ٢ : ٢٣٩ | ٨.
العلو والثروة ، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا فقال الانبياء والعلماء بعد معرفة ذلك : حب الدنيا رأس كل خطيئة والدنيا دنياوان : دنيا بلاغ ودنيا ملعونة.
[ ٢٠٨٢٣ ] ٣ ـ وبهذا الإسناد عن المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال في مناجاة موسى عليهالسلام : يا موسى إن الدنيا دار عقوبة عاقبت فيها آدم عند خطيئته ، وجعلتها ملعونة ، ملعوناً ما فيها إلا ما كان فيها لي ، يا موسى ان عبادي الصالحين زهدوا في الدنيا بقدر علمهم (١) وسائر الخلق رغبوا فيها بقدر جهلهم ، وما من أحد عظمها فقرت عينه بها ، ولم يحقرها أحد إلا انتفع بها.
محمد بن علي بن الحسين في ( عقاب الاعمال ) عن أبيه ، عن سعد ، عن القاسم بن محمد مثله (٢).
[ ٢٠٨٢٤ ] ٤ ـ وفي ( الخصال ) عن أبيه ، عن سعد ، عن يعقوب بن يزيد ، عن محمد بن أبي عمير ، عن درست ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : حب الدنيا رأس كل خطيئة.
[ ٢٠٨٢٥ ] ٥ ـ محمد بن علي بن عثمان الكراجكي في ( كنز الفوائد ) قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من احب دنياه أضر بآخرته.
[ ٢٠٨٢٦ ] ٦ ـ الحسين بن سعيد في كتاب ( الزهد ) عن عبدالله بن
__________________
٣ ـ الكافي ٢ : ٢٣٩ | ٩.
(١) في نسخة زيادة : بي.
(٢) عقاب الاعمال : ٢٦٣ | ١.
٤ ـ الخصال : ٢٥ | ٨٧.
٥ ـ كنز الفوائد : ١٦.
٦ ـ الزهد : ٤٩ | ١٣٠ ، واورده عن المعاني في الحديث ١١ من الباب ٦٢ من هذه الأبواب ، وعن الكافي في الحديث ١ من الباب ٨ من ابواب مقدمات التجارة.
المغيرة ، عن إسماعيل ابن أبي زياد رفعه ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه سئل عن الزهد في الدنيا؟ فقال : ( ويحك حرامها فتنكبه ) (١).
أقول : ويأتي ما يدل على ذلك (٢).
٦٢ ـ باب استحباب الزهد في الدنيا وحد الزهد
[ ٢٠٨٢٧ ] ١ ـ محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب ، عن الهيثم بن واقد الجريري (١) ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ، وبصره عيوب الدنيا دائها ودوائها ، وأخرحه منها سالما إلى دار السلام.
ورواه الصدوق في ( ثواب الاعمال ) عن محمد بن الحسن ، عن الصفار ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن جعفر بن بشير ، عن سيف ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من لم يستحي من طلب المعاش خفت مؤونته ، ورخا باله ، ونعم عياله ، ومن زهد في الدنيا وذكر مثله (٢).
__________________
(١) في المصدر : حرامها فتكبته.
(٢) يأتي الحديث ١١ من الباب ٧١ ، وفي الحديث ١ من الباب ٣٧ من ابواب الأمر بالمعروف ، وفي الحديثين ٥ ، ٦ من الباب ٤ من ابواب مقدمات النكاح ، وفي الحديث ٢ من الباب ١٤ من ابواب آداب التجارة.
وتقدم ما يدل عليه في الحديثين ٤ ، ٨ من الباب ٨ من ابواب قرأة القرآن.
الباب ٦٢
فيه ١٦ حديثا
١ ـ الكافي ٢ : ١٠٤ | ١.
(١) في المصدر : الهيثم بن واقد الجزري.
(٢) ثواب الاعمال : ١٩٩ | ١.
[ ٢٠٨٢٨ ] ٢ ـ وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه جميعا ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة قال : ما سمعت بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين عليهماالسلام إلا ما بلغني عن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : وكان علي بن الحسين عليهماالسلام إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته ، قال أبو حمزة : وقرأت صحيفة ، فيها كلام زهد من كلام علي بن الحسين عليهالسلام فكتب ما فيها ثم أتيت علي بن الحسين ( صلوات الله عليه ) فعرضت ما فيها عليه فعرفه وصححه وكان ما فيها : بسم الله الرحمن الرحيم : كفانا الله واياكم كيد الظالمين ، وبغي الحاسدين ، وبطش الجبارين أيها المؤمنون لا يفتننكم الطواغيت وأتباعهم من أهل الرغبة في هذه الدنيا (١) ، واحذروا ما حذركم الله منها ، وازهدوا فيما زهدكم الله فيه منها ، ولا تركنوا إلى ما في هذه الدنيا ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان ـ إلى أن قال : ـ وليس يعرف تصرف أيامها ، وتقلب حالاتها ، وعاقبة ضرر فتنها إلا من عصمه الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك طريق القصد ثم استعان على ذلك بالزهد ، فكرر الفكر ، واتعظ بالصبر ، وزهد في عاجل بهجة الدنيا ، وتجافى عن لذتها ، ورغب في دائم نعيم الآخرة ، وسعى لها سعيها ... الحديث.
[ ٢٠٨٢٩ ] ٣ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن العلاء بن رزين ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن علامة الراغب في ثواب الآخرة
__________________
٢ ـ الكافي ٨ : ١٤ | ٢ ، واورد قطعة منه في الحديث ٣ من الباب ٣٨ من ابواب الامر بالمعروف.
(١) في المصدر زيادة : المائلون إليها ، المفتتنون بها ، المقبلون عليها وعلى حطامها الهامد ، وهشيمها البائد غدا.
٣ ـ الكافي ٢ : ١٠٥ | ٦.
زهد في عاجل زهرة الدنيا أما إن زهد الزاهد في هذه الدنيا لا ينقصه مما قسم الله له فيها وإن زهد ، وإن حرص الحريص على عاجل زهرة الحياة الدنيا لا يزيده فيها وإن حرص ، فالمغبون من غبن حظه من الآخرة.
[ ٢٠٨٣٠ ] ٤ ـ وعنه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن أبي أيوب الخزاز ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ان من اعون الأخلاق على الدين الزهد في الدنيا.
[ ٢٠٨٣١ ] ٥ ـ وعنه عن أبيه ، وعن علي بن محمد القاساني جميعا (١) ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : سمعته يقول : جعل الخير كله في بيت ، وجعل مفتاحه الزهد في الدنيا ، ثم قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لا يجد الرجل حلاوة الايمان (٢) حتى لا يبالي من أكل الدنيا ثم قال أبو عبدالله عليهالسلام : حرام على قلوبكم أن تعرف حلاوة الايمان حتى تزهد في الدنيا.
[ ٢٠٨٣٢ ] ٦ ـ وبالإسناد عن المنقري ، عن علي بن هاشم بن البريد ، عن أبيه ان رجلا سأل علي بن الحسين عليهالسلام عن الزهد فقال : عشرة أشياء فأعلى درجة الزهد أدنى درجة الورع ، وأعلى درجة الورع أدنى درجة اليقين ، وأعلى درجات اليقين أدنى درجات الرضا ، ألا وإن الزهد في آية من كتاب الله : ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) (١).
__________________
٤ ـ الكافي ٢ : ١٠٤ | ٣.
٥ ـ الكافي ٢ : ١٠٤ | ٢.
(١) في المصدر زيادة : عن القاسم بن محمد.
(٢) وفي المصدر زيادة : في قلبه.
٦ ـ الكافي ٢ : ١٠٤ | ٤ ، واورد صدره في الحديث ١٣ من الباب ٧٥ من ابواب الدفن.
(١) الحديد ٥٧ : ٢٣.
ورواه الصدوق في ( معاني الاخبار ) عن محمد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن القاسم بن محمد الاصهباني ، عن سليمان بن داود المنقري (٢).
ورواه في ( الخصال ) عن أبيه ، عن سعد نحوه (٣).
[ ٢٠٨٣٣ ] ٧ ـ وبالإسناد عن المنقري ، عن سفيان بن عيينة قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : كل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط ، وإنما أرادوا بالزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للآخرة.
[ ٢٠٨٣٤ ] ٨ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن علي بن محمد القاساني ، عمن ذكره ، عن عبدالله بن القاسم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إذا أراد الله بعبد خيراً زهّده في الدنيا ، وفقهه في الدين ، وبصره عيوبها ، ومن أُوتيهنّ فقد أُوتي خير الدنيا والآخرة ، وقال : لم يطلب أحد الحق بباب أفضل من الزهد في الدنيا وهو ضد لما طلب أعداء الحق ، قلت : جعلت فداك مّماذا؟ قال : من الرغبة فيها ، وقال : الا من صبار كريم ، فإنما هي أيام قلائل الا إنه حرام عليكم أن تجدوا طعم الايمان حتى تزهدوا في الدنيا ، قال : وسمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : إذا تخلى المؤمن من الدنيا سما ووجد حلاوة حب الله (١) فلم يشتغلوا بغيره.
قال : وسمعته يقول : إن القلب إذا صفا ضاقت به الارض حتى يسمو.
[ ٢٠٨٣٥ ] ٩ ـ وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ،
__________________
(٢) معاني الاخبار : ٢٥٢ | ٤.
(٣) الخصال : ٤٣٧ | ٢٦.
٧ ـ الكافي ٢ : ١٠٥ | ٥ ، واورده في الحديث ٥ من الباب ٨ من ابواب مقدمة العبادات.
٨ ـ الكافي ٢ : ١٠٥ | ١٠.
(١) في المصدر زيادة : وكان عند اهل الدنيا كأنه قد خولط وانما خالط القوم حلاوة حب الله.
٩ ـ الكافي ٢ : ١٠٧ | ١٥.
عن علي بن الحكم ، عن عمر بن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليهالسلام ـ في حديث ـ إن علي بن الحسين عليهالسلام قال : الا وكونوا من الزاهدين في الدنيا الراغبين في الآخرة ، ألا إن الزاهدين في الدنيا قد اتخذوا الارض بساطا ، والتراب فراشا ، والماء طيبا ، وقرضوا من الدنيا تقريضا ... الحديث.
[ ٢٠٨٣٦ ] ١٠ ـ الحسين بن سعيد في ( كتاب الزهد ) عن فضالة بن أيوب ، عن أبي المغرا ، عن زيد الشحام ، عن عمرو بن سعيد بن هلال قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : إني لا ألقاك إلا في السنين ، فأوصني بشيء حتى آخذ به ، قال : أوصيك بتقوى الله والورع والاجتهاد ، وإياك أن تطمح إلى من فوقك ، وكفى بما قال الله عزّ وجلّ لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ولاتمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا ) (١) وقال : ( ولا تعجبك أموالهم ولا أولادهم ) (٢) فإن خفت ذلك فاذكر عيش رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنما كان قوته من الشعير ، وحلواه من التمر ، ووقوده من السعف إذا وجده ، وإذا أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصابك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإن الخلائق لم يصابوا بمثله قط.
أقول : وقد روى الحسين بن سعيد في كتاب الزهد أحاديث كثيرة جدا في هذا المعنى ، وفي غيره من أنواع جهاد النفس ، وكذلك روى ورام بن أبي فراس في ( كتابه ) وصاحب ( مكارم الاخلاق ) ، وصاحب ( روضة الواعظين ) والديلمي في ( الارشاد ) والرضي في ( نهج البلاغة ) وغيرهم ، وتركنا ذكرها للاختصار.
__________________
١٠ ـ الزهد ١٢ | ٢٤.
(١) طه ٢٠ : ١٣١.
(٢) التوبة ٩ : ٥٥.
[ ٢٠٨٣٧ ] ١١ ـ محمد بن علي بن الحسين في ( معاني الاخبار ) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : قيل لامير المؤمنين عليهالسلام : ما الزهد في الدنيا؟ قال : تنكب حرامها.
[ ٢٠٨٣٨ ] ١٢ ـ وعن محمد بن الحسن عن الصفار ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن مالك بن عطية ، عن معروف بن خربوذ ، عن أبي الطفيل ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : الزهد في الدنيا قصر الامل وشكر كل نعمة ، والورع عما حرم الله عليك.
[ ٢٠٨٣٩ ] ١٣ ـ وبالإسناد عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن الجهم بن الحكم ، عن إسماعيل بن مسلم قال : قال أبو عبدالله عليهالسلام : ليس الزهد في الدنيا بإضاعة المال ، ولا بتحريم الحلال ، بل الزهد في الدنيا أن لا تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد الله عزّ وجلّ.
[ ٢٠٨٤٠ ] ١٤ ـ وعن أبيه ، عن سعد ، عن القاسم بن محمد ، عن المنقري ، عن حفص بن غياث قال : سمعت موسى بن جعفر عليهالسلام عند قبر وهو يقول : إن شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله ، وإن شيئا هذا أوله لحقيق أن يخاف من آخره.
[ ٢٠٨٤١ ] ١٥ ـ وفي ( المجالس ) عن محمد بن أحمد الاسدي ، عن
__________________
١١ ـ معاني الاخبار : ٢٥١ | ١ ، واورده عن الزهد في الحديث ٦ من الباب ٦١ من هذه الابواب ، وعن الكافي في الحديث ١ من الباب ٨ من ابواب مقدمات التجارة.
١٢ ـ معاني الاخبار : ٢٥١ | ٢.
١٣ ـ معاني الاخبار : ٢٥١ | ٣ ، واورده عن الكافي والتهذيب في الحديث ٢ من الباب ٨ من ابواب مقدمات التجارة.
١٤ ـ معاني الاخبار : ٣٤٣ | ١.
١٥ ـ أمالي الصدوق : ١٨٨ | ٧ ، واورده في الحديث ٣ من الباب ٢٤ من ابواب الاحتضار.
أحمد بن محمد بن الحسن العامري ، عن إبراهيم بن عيسى بن عبيد السدوسي ، عن سليمان بن عمرو ، عن عبدالله بن الحسن بن علي (١) ، عن أُمّه فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إن صلاح أول هذه الامة بالزهد واليقين ، وهلاك آخرها بالشح والامل.
[ ٢٠٨٤٢ ] ١٦ ـ وفي ( عيون الاخبار ) وفي ( الامالي ) عن محمد بن القاسم المفسر ، عن أحمد بن الحسن الحسيني ، ( عن الحسن بن علي العسكري عليهالسلام عن آبائه ، عن الصادق عليهالسلام (١) أنه سئل عن الزاهد في الدنيا؟ قال الذي يترك حلالها مخافة حسابه ويترك حرامها مخافة عقابه.
أقول : وتقدم ما يدل على ذلك (٢) ، ويأتي ما يدل عليه (٣).
__________________
(١) في المصدر : عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي.
١٦ ـ عيون اخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٣١٢ | ٨١ ، وامالي الصدوق : ٢٩٣ | ٤.
(١) في الامالي : عن محمد بن علي بن الناصر ، عن ابيه ، عن محمد بن علي ، عن ابيه الرضا ، عن موسى بن جعفر عليهمالسلام.
(٢) تقدم في الحديثين ١١ ، ٣١ من الباب ٤ ، وفي الحديث ١٥ من الباب ١٥ ، وفي الحديث ٥ من الباب ٢٠ ، وفي الحديث ١٦ من الباب ٢١ ، وفي الحديث ٣ من الباب ٦١ من هذه الابواب ، وفي الحديث ١ من الباب ٢٣ من ابواب الاحتضار ، وفي الحديث ١٢ من الباب ٢٠ من ابواب مقدمة العبادات.
(٣) يأتي في الباب ٦٣ من هذه الابواب.
٦٣ ـ باب استحباب ترك ما زاد عن قدر الضرورة من الدنيا
[ ٢٠٨٤٣ ] ١ ـ محمد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن بن راشد ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما لي وللدنيا إنما مثلي كراكب رفعت له شجرة في يوم صائف فقال تحتها ثم راح وتركها.
[ ٢٠٨٤٤ ] ٢ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن بكير ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : في طلب الدنيا إضرار بالآخرة ، وفي طلب الآخرة إضرار بالدنيا فأضروا بالدنيا فانها أحق بالاضرار.
[ ٢٠٨٤٥ ] ٣ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام إن في كتاب علي عليهالسلام : إنما مثل الدنيا كمثل الحية ما ألين مسها ، وفي جوفها السم الناقع يحذرها الرجل العاقل ويهوي اليها الصبي الجاهل.
[ ٢٠٨٤٦ ] ٤ ـ محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حماد بن عمرو وأنس بن محمد ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهمالسلام ـ في وصية النبي صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام ـ قال : يا علي إن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، يا علي أوحى
__________________
الباب ٦٣
فيه ١٠ احاديث
١ ـ الكافي ٢ : ١٠٩ | ١٩.
٢ ـ الكافي ٢ : ١٠٦ | ١٢.
٣ ـ الكافي ٢ : ١١٠ | ٢٢.
٤ ـ الفقيه ٤ : ٢٦٢.
الله إلى الدنيا أخدمي من خدمني ، واتعبي من خدمك ، يا علي ، ان الدنيا لو عدلت عند الله جناح بعوضة لما سقى الكافر منها شربة من ماء ، يا علي ، ما أحد من الاولين والآخرين إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه لم يعط من الدنيا إلا قوتا.
[ ٢٠٨٤٨ ] ٥ ـ قال : وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما قل وكفى خير مما كثر وألهى.
[ ٢٠٨٤٨ ] ٦ ـ وبإسناده عن أمير المؤمنين عليهالسلام ـ في وصيته لمحمد بن الحنفية ـ قال : ولا مال اذهب للفاقة من الرضا بالقوت ، ومن اقتصر على بلغة الكفاف فقد انتظم الراحة ، وتبوّأ خفض الدعة ، الحرص داع إلى التقحم في الذنوب.
[ ٢٠٨٤٩ ] ٧ ـ وفي ( المجالس ) و ( الخصال ) عن محمد بن أحمد الاسدي ، عن عبدالله بن سليمان ، وعبدالله بن محمد الوهبي وأحمد بن عمير ومحمد بن أيوب (١) كلهم عن عبدالله ابن هاني بن عبد الرحمن (٢) ، عن أبيه ، عن عمه إبراهيم ، عن ام الدرادء ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من أصبح معافى في جسده ، آمنا في سربه ، عنده قوت يومه ، فكأنما خيرت (٣) له الدنيا ، يا ابن جعشم يكفيك منها ما سد جوعتك ، ووارى عورتك ، فإن يكن بيت يكنك فذاك ، وإن يكن دابة تركبها فبخ بخ ، وإلا فالخبز وماء الجرة (٤) ، وما بعد ذلك حساب عليك أوعذاب.
__________________
٥ ـ الفقيه ٤ : ٢٧١ | ٨٢٨.
٦ ـ الفقيه ٤ : ٢٧٦.
٧ ـ أمالي الصدوق : ٣١٥ | ٣ ، والخصال : ١٦١ | ٢١١.
(١) في المصدرين : محمد بن ابي ايوب ...
(٢) في الخصال : محمد بن بشر بن هاني بن عبد الرحمن
(٣) في الخصال : حيزت.
(٤) في الامالي : البحر ، وفي الخصال : الجر.
[ ٢٠٨٥٠ ] ٨ ـ محمد بن الحسين الرضي في ( نهج البلاغة ) عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنه قال : يا ابن آدم ما كسبت فوق قوتك فأنت فيه خازن لغيرك.
[ ٢٠٨٥١ ] ٩ ـ قال : وقال عليهالسلام : كل مقتصر عليه كاف.
[ ٢٠٨٥٢ ] ١٠ ـ قال : وقال عليهالسلام : الزهد بين كلمتين من القرآن ، قال الله تعالى : ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم ) (١) ومن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد استكمل (٢) الزهد بطرفيه.
أقول : وتقدم ما يدل على ذلك (٣) ، ويأتي ما يدل عليه (٤).
٦٤ ـ باب كراهة الحرص على الدنيا
[ ٢٠٨٥٣ ] ١ ـ محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن محمد بن عيسى ، عن يحيى بن عقبة الأزدي ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال :
__________________
٨ ـ نهج البلاغة ٣ : ١٩٦ | ١٩٢.
٩ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٤٨ | ٣٩٥.
١٠ ـ نهج البلاغة ٣ : ٢٥٨ | ٤٣٩.
(١) الحديد ٥٧ : ٢٣.
(٢) في المصدر : اخذ.
(٣) تقدم في الحديثين ٩ ، ١٣ من الباب ٤ ، وفي الباب ٦٢ من هذه الابواب ، وفي الحديثين ١ ، ٤ من الباب ١٧ من ابواب مقدمة العبادات ، وفي الحديث ٣ من الباب ١٩ من ابواب الاحتضار.
(٤) يأتي في باب ٦٤ من هذه الابواب ، وفي البابين ١٥ ، ١٦ من ابواب النفقات.
الباب ٦٤
فيه ٤ احاديث
١ ـ الكافي ٢ : ٢٣٨ | ٧.
قال أبو جعفر عليهالسلام : مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز كلما ازدادت على نفسها لفا كان ابعد لها من الخروج حتى تموت غما ، قال : وقال أبو عبدالله عليهالسلام : أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيرا ، وقال : لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت.
[ ٢٠٨٥٤ ] ٢ ـ وعنه ، عن أبيه ، عن محمد بن عمرو فيما أعلم ، عن أبي علي الحذاء ، عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أبعد ما يكون العبد من الله عزّ وجلّ إذا لم يهمه إلا بطنه وفرجه.
[ ٢٠٨٥٥ ] ٣ ـ وعنه ، عن محمد بن عيسى ، عن يونس ، عن ابن سنان ، عن حفص بن قرط ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : من كثر اشتباكه في الدنيا كان أشد لحسرته عند فراقها.
[ ٢٠٨٥٦ ] ٤ ـ محمد بن علي بن الحسين في ( الخصال ) عن محمد بن هارون الفامي (١) ، عن محمد بن جعفر بن بطة ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، رفعه إلى أبي عبدالله عليهالسلام قال : حرم الحريص خصلتين ولزمته خصلتان : حرم القناعة فافتقد الراحة ، وحرم الرضا فافتقد اليقين.
أقول : وتقدم ما يدل على ذلك (٢).
__________________
٢ ـ الكافي ٢ : ٢٤١ | ١٤.
٣ ـ الكافي ٢ : ٢٤١ | ١٦.
٤ ـ الخصال : ٦٩ | ١٠٤.
(١) في المصدر : أحمد بن هارون الفامي.
(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٤٨ ، وفي الأحاديث ١ ، ٢٠ ، ٢١ من الباب ٤٩ ، وفي الحديثين