وقال الواسطي : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) من إرادة الكونين والمكنون ، (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) أي : بإرادتكم فيغفر لمن يشاء لمن أراد الجنة ونعيمها ، ويعذب من يشاء من أثر الدنيا على الآخرة.

وقال علي بن سهل : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ) الأعمال ، (أَوْ تُخْفُوهُ) من الأحوال ، (يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) العارف على أحواله والزاهد على أفعاله.

(آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (٢٨٥) لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (٢٨٦))

قوله تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ) بأن الله تعالى قدس باطن رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من شوائب النفسانية وخطرات الشيطانية ، وكحّل عين سره بنور الملكوت ، حتى قيل : بالصدق والإخلاص ما كشف له من عجائب الجبروت ، ورأى بمصابيح القرآن أسرار الأزل والأبد ما جرى في بطنان الغيب وغيب الغيب رؤية عيان ، وآمن بها إيمان المشاهدة والعرفان ، كما قال الله : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) [النجم : ١١] (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ) المؤمنون على قسمين منهم العارفون والصادقون والمشاهدون والمقربون ، والمكاشفون والمخلصون والمحسنون والراضون والمتوكلون والمحبون والمريدون والمرادون ، كل شاهدوا بعضا مما شاهد الرسول عليه‌السلام ولو لا ذلك لم يشرعوا في بذل الأرواح ومجاهدة الأشباح ؛ لكن للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مشاهدة الصرف خاصة له بلا زحمة الخطرات ، ولهم مشاهدة اليقين بوسائط الالتباس ممتحنين بالوسواس.

والقسم الثاني من المؤمنين هم الذين آمنوا إيمان الفطرة بإرشاد العلم والعقل والبيان والبرهان ، وأصل لهذا الإشكال إلهام وفروعها أسباب.

وأيضا استقام النبي الأمي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند صدمة سلطان الألوهية ، وتمكن فيها عاين من جلال ذات القديم ـ جل جلاله ـ بنعت صرف المشاهدة واليقين ، والمؤمنون يريهم الله بعض أنوار غيبه فآمنوا بما أدركوا به.

قال الأستاذ : آمن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وسلم من حيث البرهان.