ذاهِبٌ إِلى رَبِّي ) (١) ، فذهابه إلى ربّه توجّهه إليه في عبادته واجتهاده ، ألا ترى أنّ تأويله غير تنزيله ـ أي غير ظاهره ـ؟ وقال : ( وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ) (٢) ، وقال : ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) (٣) فإنزاله ذلك خلقه إيّاه.

وكذلك قوله : ( إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ ) (٤) أي الجاحدين ، والتّأويل في هذا القول باطنه مضادّ لظاهره.

ومعنى قوله : ( هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ ) فإنّما خاطب نبيّنا محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله هل ينتظر المنافقون والمشركون إلاّ أن تأتيهم الملائكة فيعاينوهم؟

( أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) ، يعني بذلك أمر ربّك ، والآيات هي العذاب في دار الدّنيا ، كما عذّب الامم السّالفة ، والقرون الخالية.

وقال : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها ) (٥) ، يعني بذلك ما يهلك من القرون فسمّاه إتيانا.

وقال : ( قاتَلَهُمُ اللهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ) (٦) ، أي لعنهم الله أنّي يؤفكون ، فسمّى اللّعنة قتالا.

__________________

(١) الصافّات : ٩٩.

(٢) الزمر : ٦.

(٣) الحديد : ٢٥.

(٤) الزخرف : ٨١.

(٥) الرعد : ٤١.

(٦) المنافقون : ٤.