بردا وسلاما ، فهل فعل بمحمّد شيئا من ذلك؟

لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا نزل بخيبر سمّته الخيبريّة فصيّر الله السّمّ في جوفه بردا وسلاما إلى منتهى أجله ، فالسّمّ يحرق إذا استقرّ في الجوف ، كما أنّ النّار تحرق ، فهذا من قدرته لا تنكره.

اليهودي : فإنّ يعقوب أعظم إذ جعل الأسباط من سلالة صلبه ومريم ابنة عمران من بناته.

لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله أعظم في الخير نصيبا منه ؛ إذ جعل فاطمة سيّدة نساء العالمين من بناته والحسن والحسين عليهما‌السلام من حفدته.

اليهودي : إنّ يعقوب قد صبر على فراق ولده حتى كاد يحرض من الحزن.

لقد كان كذلك ، وكان حزن يعقوب بعده تلاق ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قبض ولده إبراهيم قرّة عينه في حياته ، وخصّه بالاختبار ليعظم له الادّخار فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : « تحزن النّفس ويجزع القلب ، وإنّا عليك يا إبراهيم لمحزونون ، ولا نقول : ما يسخط الرّبّ » ، في كلّ ذلك يؤثر رضا الله عزّ ذكره ، والاستسلام له في جميع الفعال.

اليهودي : إنّ يوسف قاسى مرارة الفرقة ، وحبس في السجن توقيا للمعصية ، فألقي في الجبّ وحيدا.

لقد كان كذلك ، ومحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قاسى مرارة الغربة ، وفراق الأهل والأولاد والمال ، مهاجرا من حرم الله تعالى وأمنه ، فلمّا رأى الله تعالى كآبته ، واستشعاره الحزن أراه تبارك وتعالى اسمه رؤيا توازي رؤيا يوسف في تأويلها ، وأبان للعالمين صدق تحقيقها فقال : ( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ