• الفهرس
  • عدد النتائج:

بزغت قال : «ارتحلوا» ، فسار بنا حتى ابيضّت الشمس ، فنزل فصلّى بنا ، واعتزل رجل فلم يصلّ ، فلمّا انصرف قال : «يا فلان ما منعك أن تصلّي معنا»؟ قال : أصابتني جنابة ، فأمره أن يتيمّم بالصّعيد ، ثم صلّى ، وجعلني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في ركوب بين يديه أطلب الماء ، وكنّا قد عطشنا عطشا شديدا ، فبينا نحن نسير إذا نحن بامرأة سادلة رجليها بين مزادتين (١) ، قلنا لها : أين الماء؟ قالت : أيهات (٢) فقلنا : كم بين أهلك وبين الماء؟ قالت : يوم وليلة ، فقلنا : انطلقي إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : وما رسول الله؟ فلم نملّكها من أمرها شيئا حتى استقبلنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحدّثته أنّها مؤتمة (٣) ، فأمر بمزادتيها فمجّ (٤) في العزلاوين (٥) العلياوين ، فشربنا عطاشا أربعين رجلا حتّى روينا وملأنا كلّ قربة معنا وكلّ إداوة.

وغسّلنا صاحبنا ، وهي تكاد تضرّج (٦) من الماء ، ثمّ قال لنا : «هاتوا ما عندكم» ، فجمعنا لها من الكسر والتمر ، حتى صرّ لها صرّة فقال : «اذهبي فأطعمي عيالك ، واعلمي أنّا لم نرزأ من مائك شيئا» ، فلمّا أتت أهلها قالت : لقد أتيت أسحر النّاس ، أو هو نبيّ كما زعموا ، فهدى الله ذلك الصّرم (٧) بتلك المرأة ، فأسلمت وأسلموا. اتّفقا عليه (٨).

__________________

(١) المزادة : بفتح الميم والزاي. قربة كبيرة ، يزاد فيها جلد. (فتح الباري).

(٢) كذا في الأصل و (ع) ونسخة دار الكتب ، وهي لغة في «هيهات» ، وفي صحيح مسلّم «أيهاه ، أيهاه».

(٣) أي ذات أيتام.

(٤) هكذا في الأصل وصحيح مسلّم ، وفي صحيح البخاري «فمسح».

(٥) تثنية عزلاء : فم القربة.

(٦) أي تنشقّ. وفي صحيح البخاري «تنضّ من الملء» ، وفي صحيح مسلّم «تنضرج».

(٧) الصّرم : أبيات مجتمعة ، وهم النفر ينزلون بأهليهم على الماء.

(٨) أخرجه البخاري ٤ / ١٦٨ ـ ١٦٩ في المناقب ، باب علامات النبوّة في الإسلام ، ومسلّم (٦٨٢) في كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها ، وعبد الرزاق في المصنف ١١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ رقم (٢٠٥٣٧) في باب النّبوّة.