• الفهرس
  • عدد النتائج:

١٧٧ ـ ما فعله الفرس بعد مقتل الحسين عليه‌السلام :

(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٩٤)

قال عبد الله بن العباس : حدّثني من شهد الواقعة أن فرس الحسين عليه‌السلام

[بعد مقتله] جعل يحمحم ويتخطّى القتلى في المعركة ، قتيلا بعد قتيل ، حتى وقف على جثّة الحسين عليه‌السلام ، فجعل يمرّغ ناصيته بالدم ، ويلطم الأرض بيده ، ويصهل صهيلا حتى ملأ البيداء. فتعجب القوم من فعاله.

فلما نظر عمر بن سعد إلى فرس الحسين قال : يا ويلكم آتوني به ، وكان من جياد خيل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فركبوا في طلبه ، فلما أحسّ الجواد بالطلب ، جعل يلطم بيده ورجليه ويمانع عن نفسه ، حتى قتل خلقا كثيرا ، ونكّس فرسانا من خيولهم ، ولم يقدروا عليه. فصاح عمر بن سعد : دعوه حتى ننظر ما يصنع؟.

فلما أمن الجواد من الطلب ، أتى إلى جثة الحسين عليه‌السلام وجعل يمرّغ ناصيته بدمه ، ويبكي بكاء الثكلى ، وثار يطلب الخيمة.

فلما سمعت زينب بنت علي عليهما‌السلام صهيله عرفته ، فأقبلت على سكينة وقالت لها : قد جاء أبوك بالماء ، فاستقبليه. فخرجت سكينة فرحة بذكر أبيها ، فرأت الجواد عاريا ، والسرج خاليا من راكبه ، وهو يصهل وينعى صاحبه.

فهتكت خمارها [أي شقّته] ونادت : وا أبتاه! وا حسيناه! وا قتيلاه! وا غربتاه! وا بعد سفراه! وا طول كربتاه!. هذا الحسين بالعرا ، مسلوب العمامة والرّدا ، قد أخذ منه الخاتم والحذا. بأبي من رأسه بأرض وجثته بأخرى ، بأبي من رأسه إلى الشام يهدى ، بأبي من أصبحت حرمه مهتوكة بين الأعداء ، بأبي من عسكره يوم الاثنين مضى. ثم بكت بكاء شديدا.

فلما سمعت بنات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صهيل الجواد خرجن ، فإذا الفرس بلا راكب ، فعرفن أن حسينا قد قتل. فرفعن أصواتهن بالبكاء والعويل. ووضعت أم كلثوم يدها على رأسها ونادت : وا محمداه ، وا جداه ، وا نبياه ، وا أبا القاسماه ، وا علياه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه ، وا حسناه. هذا حسين بالعرا ، صريع بكربلا ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب العمامة والرّدا. اليوم مات محمّد المصطفى ، اليوم مات علي المرتضى ، اليوم ماتت فاطمة الزهرا. ثم غشي عليها.