

بسم الله الرّحمن
الرّحيم
تبويب الكتاب
الجزء الثاني
(٦)
ـ الباب السادس : (معركة كربلاء)
ويشمل أسماء
المستشهدين من أنصار الحسين عليهالسلام ، ومعركة كربلاء ، واستشهاد جميع الصحب والآل ، حتّى مصرع
الإمام الحسين عليهالسلام.
(٧)
ـ الباب السابع : (حوادث بعد الشهادة)
ويشمل اشتراك
الطبيعة في الحزن والبكاء على الحسين عليهالسلام ، وأهوال يوم العاشر من المحرم. ثم نهب الخيام وتحريقها
وسلب حرائر النبوة. ثم مسير الرؤوس والسبايا إلى الكوفة ، وإقامتهم فيها حتّى ١٩
محرم.
(٨)
ـ الباب الثامن : (مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام)
ويشمل مسير الرؤوس
والسبايا إلى دمشق ، وشماتة يزيد بقتل الحسين عليهالسلام. ثم ردّ نسائه إلى المدينة المنورة. ووصف لمرقد الحسين عليهالسلام ، والمشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهمالسلام في دمشق والقاهرة. ويختم هذا الباب ببيان عقوبة قاتلي
الحسين عليهالسلام.
(٩)
ـ الباب التاسع : (جرائم يزيد بعد حادثة كربلاء)
ويشمل هجوم جيش
يزيد على المدينة المنورة واستباحتها ثلاثة أيام ، ثم تطويق الكعبة المشرّفة
وضربها بالمنجنيق وحرق أستارها. وينتهي هذا الباب بتقويم يزيد وبيان فسقه وكفره ،
وأنه من أكبر الأسباب التي عملت على انقسام المسلمين واختلافهم وضياعهم.
مقدمة
الجزء الثاني من موسوعة كربلاء
كان الهدف من
تأليف (موسوعة كربلاء) رسم صورة حيّة متكاملة شبه سليمة لمشهد كربلاء. فلو كانت
تلك الصورة متمثّلة في أيدينا بشكل صورة فوتو غرافية ، وجاء شخص فمزّقها قطعا قطعا
، ثم نثرها في مهبّ الريح ، ثم أردنا إرجاع الصورة إلى ما كانت عليه ، فماذا كان
بوسعنا أن نعمل؟.
إننا سوف نبحث عن
كل قطعة من تلك الصورة ، في كل مكان وتحت كل حجر ، حتى نجمع شتاتها ، ونضعها
أمامنا ، لنعيد تركيب الصورة ، كما نفعل في اللعبة المعروفة (بزل).
على هذا النحو حدث
في مسرح التاريخ ، فإن واقعة كربلاء ، قد تبعثرت أجزاء صورتها في كتب التاريخ ،
وما علينا لتأليف صورتها من جديد ، إلا أن نجمع تلك الأجزاء المتشتتة المتبعثرة في
الكتب ، ثم نؤلفها من جديد. لكن المشكل هنا هو أن القطع ليست كلها يمكن العثور
عليها ، وأن بعض تلك القطع قد شوّهها الزمن فتغيّرت عن حقيقتها. هنا تبرز الصعوبة
التي واجهتني في سبيل تأليف (موسوعة كربلاء) ، حتى رسمت صورة لتلك الحقبة من عمر
كربلاء ، هي أقرب شبها بالحقيقة من أية صورة رسمت من قبل.
ومن الصعوبات
الجمّة التي كانت تعترض هذا العمل الخلّاق ، هو مسألة ترتيب حوادث التاريخ ، إذ أن
المعلومات التي حوتها الموسوعة في جزأيها والتي تقارب ١٥٠٠ معلومة ، كان لا بدّ من
تنسيقها وتشذيبها وترتيبها وتبويبها ، حتى نصوغ من حبّاتها عقدا منمّقا جميلا
نزيّن به جيد التاريخ.
لبيب وجيه بيضون
تعريف
بالجزئين الأول والثاني من الموسوعة
مضى الجزء الأول
من (موسوعة كربلاء) بأبوابه الخمسة ، التي تضمّنت مقدمات في مصادر الموسوعة ، ثم
في أنساب آل أبي طالب ، وفضائل أهل البيت عليهمالسلام. ثم لمحة عن حكم معاوية وصلح الإمام الحسن عليهالسلام. ثم ولاية يزيد ، ونهضة الإمام الحسين عليهالسلام ومسيرته من المدينة إلى مكة ثم إلى كربلاء ، وما حصل له في
كربلاء حتى اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه ، وقد أشرف الفريقان على القتال.
بينما يتضمن الجزء
الثاني من الموسوعة أربعة أبواب ، تتضمن معركة كربلاء حتى استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام. وما تلتها من الحوادث ، وكيف سيّر عمر بن سعد رؤوس
الشهداء ثم سبايا أهل البيت عليهالسلام إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة ، ثم كيف سيّر ابن زياد
بهم إلى يزيد بدمشق. وما حصل هناك من مجابهة في مجلس يزيد ، بين الحق المتمثّل في
زين العابدين وزينب العقيلة عليهاالسلام ، وبين الباطل المتمثل في الطاغية يزيد. ثم تسيير السبايا
وإرجاعهم إلى المدينة المنوّرة. وفكرة عن مراقد الحسين والعباس والشهداء وأهل
البيت عليهمالسلام في كربلاء والشام. ثم عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام. وينتهي هذا الجزء من الموسوعة ببعض أعمال يزيد بعد وقعة
كربلاء ، وبيان فسقه وكفره ، وأنه على طرف النقيض مع الحسين عليهالسلام. من ذلك سبيه للمدينة المنورة ثلاثة أيام في وقعة الحرّة ،
ثم ضربه الكعبة بالنار والمنجنيق. ثم كيف هلك يزيد بصورة غامضة وبإرادة خفيّة ،
وقصم بذلك عمره وهو في عنفوان الشباب ؛ لقطعه الأرحام ، وقتله الأنام ، وارتكابه
كافة ألوان الحرام ، وإفساده على الدوام.
فاجعة كربلاء أنست كلّ فاجعة
قال الشيخ كمال
الدين محمّد بن طلحة الشافعي في كتابه (مطالب السّؤول) عن مقتل الحسين عليهالسلام في كربلاء :
«وهو فعل يسكب
مضمونه المدامع من الأجفان ، ويجلب الفجائع ويثير الأحزان ، ويلهب نيران الموجدة
في أكباد ذوي الإيمان ، بما أجرته الأقدار للفجرة ؛ من اجترائها وفتكها ،
واعتدائها على الذرية النبوية ، لسفح دمائها وسفكها ، واستبائها مصونات نسائها
وهتكها. حتى تركوا لمم رجالها بنجيعها مخضوبة ، وأشلاء جثثها على الثرى مسلوبة ،
ومخدرات حرائرها سبايا منهوبة. فكم كبيرة من جريمة ارتكبوها واجترموها ، وكم من
نفس معصومة أرهقوها واخترموها ، وكم من دماء محرّمة أراقوها وما احترموها ، وكم من
كبد حرّى منعوها ورود الماء وحرموها. ثم احتزّوا رأس سبط رسول الله وحبّه الحسين
بشبا الحداد ، ورفعوه كما ترفع رؤوس ذوي الإلحاد على رؤوس الصّعاد ، واخترقوا به
أرجاء البلاد بين العباد ، واستاقوا حرمه وأطفاله أذلاء من الاضطهاد ، وأركبوهم
على أخشاب الأقتاب بغير وطاء ولا مهاد ، هذا مع علمهم بأنهم الذرية النبوية
المسؤول لها المودّة بصريح القرآن وصحيح الإسناد. فلو نطقت السماء والأرض لرثت لها
ورثتها ، ولو اطّلعت عليها مردة الكفار لبكتها وندبتها ، ولو حضرت مصرعها عتاة
الجاهلية لأبّنتها ونعتها ، ولو شهدت وقعتها بغاة الجبابرة لأعانتها ونصرتها.
فيالها مصيبة أنزلت الرزيّة بقلوب الموحدين وأورثتها ، وبليّة أحلّت الكآبة بنفوس
المؤمنين سلفا وخلفا فأحزنتها. فوالهفتاه لذرية نبوية طلّ دمها ، وعترة محمدية فلّ
مخذمها ، وعصبة علوية خذلت فقتل مقدّمها ، وزمرة هاشمية استبيح حرمها واستحلّ
محرّمها» .
__________________

(الشكل ١)
ورود وأزاهير من روضة الشهادة والفداء
الباب السادس
معركة كربلاء
ويتضمن :
الفصل ٢١ ـ أنصار
الإمام الحسين عليهالسلام يوم الطفّ
ـ تحقيق بأسماء
المستشهدين وعددهم
الفصل ٢٢ ـ موقعة
كربلاء :
ـ بدء القتال
والمبارزة ـ الحملة الأولى
ـ المستشهدون من
الأصحاب بالمبارزة
الفصل ٢٣ ـ شهادة
أهل البيت عليهمالسلام
الفصل ٢٤ ـ شهادة
أبي عبد الله الحسين عليهالسلام
ـ من الّذي قتل
الحسين عليهالسلام؟
ـ ما فعله فرس
الحسين عليهالسلام
ـ سلب الحسين عليهالسلام.
الباب السادس
معركة كربلاء
تعريف بالباب السادس
:
بعد التحقيق
الكامل لأسماء المستشهدين ، يبدأ هذا الباب بمعركة كربلاء ، حين احتشد الجيش
الأموي الّذي قوامه ٢٢ ألفا ، حول أنصار الحسين عليهالسلام وعددهم ١٤٥ محاربا ؛ بما فيهم أهل البيت عليهمالسلام وعددهم ١٧ شخصا ، وأصحاب الحسين عليهالسلام ، والموالي وعددهم ليس بالقليل.
وقد أثبتت هذه
الوقعة انقسام المسلمين إلى فريقين : فريق يضع يده في يد يزيد بما يمثله من مصالح
ومفاسد ، وفريق يضع يده في يد الحسين عليهالسلام بما يمثله من إسلام خالص.
وكان لا بدّ
لإيقاظ تلك الجموع الغفيرة التي أحاطت بالحسين عليهالسلام تريد قتله وأهله ، والتي استطاع الحكم الأموي تضليلها إلى
أبعد الحدود ؛ كان لا بدّ لذلك من تصرّف وحيد فريد يقوم به الحسين عليهالسلام ، وهو أن يقدّم نفسه وذريّته وصحبه قرابين في سبيل المبدأ
والإسلام. وفي هذا إثبات لمقصدين هامين :
الأول : أن الحكم
الأموي هو حكم خارج عن الإسلام ومضادّ لتعاليمه ومقاصده.
الثاني : أنه ما
زال هناك رجال يؤمنون حقا بالإسلام ويعملون للحفاظ عليه ، حتى ولو كان الثمن
دماءهم وأرواحهم.
ووضع عمر بن سعد
سهمه في كبد قوسه ، كما وضع كل أتباع يزيد ، وقال : اشهدوا لي عند الأمير أنني أول
من رمى. فتتابعت السهام على جماعة الحسين عليهالسلام وكأنها وابل المطر ، فخرّ في الحال منهم خمسون شهيدا من
شهداء الحق والدين ، وهذه تسمى (الحملة الأولى).
ثم بدأ الباقون من
أنصار الحسين عليهالسلام يستأذنون إمامهم بالخروج ، فكان يخرج
الواحد والاثنان
والأربعة ، فيقاتلون بالمبارزة إلى أن يقتلوا ؛ حتى قتل كل أصحابه ، ولم يبق معه
إلا أهل بيته عليهمالسلام ، فبرز منهم ابنه علي الأكبر عليهالسلام ، ثم بقية الهاشميين ، حتى قتلوا عن آخرهم ، وكان خاتمهم
وختامهم حامل لوائه العباس قمر بني هاشم عليهالسلام. وحين ودّع الحسين عليهالسلام نساءه الوداع الأول طلب ابنه الرضيع عبد الله ليودّعه ،
وطلب له من القوم الماء ، فكان جوابهم أن ذبحوه وهو في حجر أبيه ، وقد مضى عليه
ثلاثة أيام لم يذق قطرة واحدة من الماء أو الحليب.
ثم بدأت مبارزات
الإمام الحسين عليهالسلام مع القوم وقد صار وحيدا ، حتى أصابته ٧٢ جراحة ؛ ما بين
ضربة سيف وطعنة رمح وشكّة سهم ، فسقط من على جواده إلى الأرض وقد أعياه نزف الدم
.. ومضى وقت دون أن يجرأ أحد على الاقتراب منه. وبعد مناقشات ومجادلات بين عمر بن
سعد وأعوانه ، نزل شمر بن ذي الجوشن فذبحه ، وفصل رأسه الشريف عن جسده المطهر. ثم
قام القوم بسلبه كلّ ما يملك حتى ملابسه.
وننهي هذا الباب
بالعمل الوحشي الّذي قام به هؤلاء المجرمون بقيادة عمر ابن سعد بن أبي وقاص ،
والذي ينبئ عن حقد مرير أسود لم تشهد له البشرية مثيلا ؛ ألا وهو وطء الخيل
بحوافرها جسد الحسين عليهالسلام حتى طحنوا جناجن صدره الشريف.
أما ما حدث بعد
مقتل الحسين عليهالسلام فسوف نرجئه إلى الباب السابع ، لنتحدث عنه تحت عنوان : (حوادث
ما بعد الشهادة).
الفصل الحادي والعشرون
أنصار الحسين عليهالسلام يوم الطفّ
ـ مقدمة الفصل ١ ـ
عدد المستشهدين مع الحسين عليهالسلام من عدة زوايا
٢ ـ مناقشات حول
عدد المستشهدين عليهمالسلام
٣ ـ المستشهدون من
أصحاب الحسين عليهالسلام :
ـ حسب انتمائهم
القبلي
ـ فهرس هجائي
بأسماء الموالي
ـ أصحاب الحسين عليهالسلام حسب ترتيب استشهادهم
ـ أصحاب الحسين عليهالسلام حسب اشتهارهم
ـ فهرس هجائي
بأسماء الأصحاب
٤ ـ المستشهدون من
آل أبي طالب عليهالسلام :
ـ تحقيق حول عدد
المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام
ـ المستشهدون من
آل أبي طالب عليهالسلام حسب ترتيب استشهادهم
ـ المستشهدون من
آل أبي طالب عليهالسلام مرتبون حسب القرابة
ـ فهرس هجائي
بأسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام
٥ ـ زيارة الناحية
المقدسة.
الفصل الحادي والعشرون
أنصار الحسين عليهالسلام
يوم الطفّ
مقدمة الفصل :
مرّ في الجزء
الأول من الموسوعة إحصاء عام لعدد أهل البيت فقط ، الذين صحبوا الحسين عليهالسلام عند خروجه من مكة إلى العراق ، وكان عددهم ١٢٣ رجالا ونساء
، صغارا وكبارا ، مع الموالي والإماء الخاصّين بأهل البيت عليهمالسلام.
وفي هذا الفصل سوف
نقوم بمسح عام في عدة اتجاهات للمستشهدين مع الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء ؛ سواء من حيث عددهم ، أو كونهم كانوا مع الحسين
عليهالسلام من بداية مسيرته ، أو انضموا إليه في الطريق أو في كربلاء
، أو من حيث انتمائهم القبلي والعائلي ، أو من حيث كونهم عربا أو موالي ، أو من
حيث ترتيب استشهادهم ، أو من حيث اشتهار أسمائهم في كتب المقاتل. وقد فصلنا في هذه
الدراسة بين المستشهدين من الأصحاب ، وبين المستشهدين من أهل البيت عليهمالسلام. ونختم الفصل بإحصاء أبجدي لأسماء المستشهدين من الأصحاب ،
ثم من أهل البيت عليهمالسلام.
ومن جملة المراجع
التي اعتمدنا عليها لتحقيق أسماء المستشهدين وعددهم وترتيب استشهادهم (زيارة
الناحية المقدسة) للحسين والشهداء عليهالسلام ، وهي صادرة عن الناحية المقدسة ، أي عن الإمام الحجة
المهدي عليهالسلام ، باعتبار أن هذه الزيارة هي أقدم وثيقة تاريخية اشتملت
على ما يفترض أنه جميع الشهداء.
عدد المستشهدين مع الحسين عليهالسلام
يمكن النظر إلى
المستشهدين وعددهم من زوايا متعددة ، نعدّ منها :
١ ـ الذين
استشهدوا قبل معركة كربلاء :
لقد استشهد قبل
معركة كربلاء عدة من أنصار الحسين عليهالسلام ، من أشهرهم مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة (رض) ؛ وبعض الرسل
بين الحسين عليهالسلام وأهل الكوفة والبصرة ، منهم سليمان بن رزين وعبد الله بن
يقطر وقيس بن مسهر الصيداوي رضوان الله عليهم ؛ وبعض الشبان الذين اشتركوا في نصرة
مسلم بن عقيل في الكوفة ، أمثال : عبد الأعلى بن يزيد الكلبي وعمارة بن صلخب
الأزدي.
٢ ـ الذين
استشهدوا بعد المعركة :
وهناك بعض الأنصار
الذين نالوا شرف الشهادة بعد مقتل الحسين عليهالسلام ، وعددهم ١٢ شهيدا ؛ منهم أربعة قتلوا في أرض المعركة هم :
سويد بن عمرو بن أبي المطاع الّذي سقط على أرض المعركة وبه رمق ، فظنوا أنه قتل.
فلما سمعهم يقولون : قتل الحسين عليهالسلام ، أخرج من جيبه سكينا ، وقام فقاتل بها رغم جراحاته ،
فأحاطوا به وقتلوه رضوان الله عليه.
ومنهم محمّد بن
أبي سعيد بن عقيل ، فإنه لما صرع الحسين عليهالسلام وتصارخت العيال والأطفال ، خرج مذعورا من الخيمة ، فقتله
لقيط أو هانئ بن ثبيت الحضرمي.
ومنهم سعد بن
الحرث وأخوه أبو الحتوف الأنصاري ، فإنهما كانا ضدّ الحسين عليهالسلام ، فلما قتل وتصارخت العيال ، مالا على قتلة الحسين ، فجعلا
يضربان فيهم بسيفيهما حتى قتلا بعده.
ومنهم الذين جرحوا
في المعركة ولم يموتوا يوم العاشر ، بل توفوا بعد مدة ، منهم : سوّار بن منعم
النهمي ، الّذي أسر ومات لستة أشهر متأثرا بجراحاته. ومنهم الموقّع بن ثمامة
الصائدي ، الّذي قاتل حتى نفدت سهامه ، ثم آمنه قومه وأخذوه إلى الكوفة ، فلما علم
به ابن زياد كبّله بالحديد ، ونفاه إلى الزارة موضع بعمان ، وظلّ مريضا من جراحاته
حتى مات بعد سنة.
__________________
٣ ـ الذين نجوا من
القتل :
من المسلّم به أن
كل من حضر مع الحسين من الأنصار قد استشهد ، إلا نزرا معدودا من الأشخاص الذين لم
يحرزوا شرف الشهادة لأسباب معينة ، وهم :
١) ـ من أهل البيت
عليهمالسلام : ثلاثة من أولاد الإمام الحسن هم : زيد وعمرو والحسن
المثنّى ، وقد كان الأخير جريحا فأخذه أسماء بن خارجة الفزاري قريب أمه ، فداواه
وعوفي. إضافة إلى الإمام زين العابدين علي بن الحسين عليهالسلام الّذي كان مريضا يحتضر ، ثم عافاه الله ونجّاه من القتل
لعبرة لا تخفى.
٢) ـ من الأصحاب
ثلاثة هم :
١ ـ الضحاك بن عبد
الله المشرقي : وقد مرّت قصته في الجزء الأول ـ الفقرة. ٧٩٧ وكان الضحّاك ذا عيال
ودين ، فقاتل مع الحسين عليهالسلام على شرط ، فوافقه الحسينعليهالسلام عليه ، فلما أصبح عليهالسلام فريدا أذن له بالانسلال من المعركة إلى أهله.
٢ ـ عقبة بن سمعان
: مولى الرباب زوجة الحسين عليهالسلام. وكان يخدم الحسينعليهالسلام وقد صحبه في المعركة ، فلما أخذ أسيرا إلى عبيد الله بن
زياد وعرف أنه مولى للرباب ، خلّى سبيله.
٣ ـ علي بن عثمان
بن الخطاب المغربي : من موالي أمير المؤمنين عليهالسلام على ما رواه الشيخ الصدوق في (الإكمال).
٤ ـ عدد الذين
خرجوا مع الحسين عليهالسلام من مكة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٢٢٠)
حدّد أخطب خوارزم
عدد الذين خرجوا مع الحسين عليهالسلام من مكة ، فقال :
«وفصل عليهالسلام من مكة يوم الثلاثاء ، يوم التروية ، لثمان مضين من ذي
الحجة ، ومعه اثنان وثمانون ٨٢ رجلا ؛ من شيعته ، ومواليه ، وأهل بيته».
وفي الطريق تبعه
خلق كثير ، فلما انتهى إلى (زبالة) بلغه مقتل مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة وعبد
الله بن يقطر. فخطب في الناس مبيّنا مقاصده من نهضته ، فتفرق عنه الناس ، حتى لم
يبق معه إلا الذين خرجوا معه من مكة. إذن فقد بقي معه رجال الثورة الحقيقيون وحدهم
، بعد أن انجلى الموقف وتبيّن المصير.
وقد امتحن الإمام
الحسين عليهالسلام أصحابه مرة ثانية ليلة العاشر من المحرم ، وطلب منهم
الانصراف عنه ، فأبوا ورفضوا ، وآثروا البقاء معه حتى النهاية.
وقد انضم إلى هذا
العدد ، قليل من الرجال الذين جاؤوا إليه فيما بعد.
٥ ـ عدد الذين
انضموا إلى الحسين عليهالسلام من الكوفة :
(دائرة المعارف للشيخ محمّد حسين الأعلمي ، ج ٢٣ ص ١٩٤)
كانت الكوفة معقل
الشيعة ، فلما علم أهلها بمسير الحسين عليهالسلام سعوا إليه ، فبعضهم انضم إليه أثناء مسيره إلى كربلاء ،
وبعضهم انضم إليه في كربلاء ، نعدّ منهم ٢١ شخصا هم :
أمية بن سعد
الطائي ـ زهير بن القين البجلي الجملي المرادي ـ عابس بن شبيب الشاكري ـ عبد الله
بن عمير الكلبي ـ حبيب بن مظاهر الأسدي ـ أخوه علي بن مظاهر ـ عمر بن جندب الحضرمي
ـ عمر بن خالد الصيداوي الكوفي ، وولده عائذ ، وأصحابه : سعد مولاه ، وجنادة بن الحرث
، ومجمع العائذي [التحقوا في العذيب] ـ قرّة بن أبي قرة الغفاري ـ مالك بن سريع
الجابري ـ مسعود بن الحجاج التميمي الكوفي ـ مسقط (أو قاسط) بن زهير التغلبي
الكوفي ـ مسلم بن عوسجة الأسدي ـ مسلم بن كثير الأزدي ـ نعيم ابن عجلان الأنصاري ـ
الهفهاف بن المهند الراسبي [من البصرة] ـ يحيى بن هانئ بن عروة.
كما انضم إلى
الحسين عليهالسلام : وهب بن عبد الله (حباب) الكلبي ، الّذي كان نصرانيا
فأسلم ، وأسلمت معه زوجته ، فقتلا في كربلاء. وقد مرّت قصة إسلامهما في الجزء
الأول من الموسوعة ـ الفقرة رقم ٦٧٢ ، وأنهما لقيا الحسين عليهالسلام في (الثعلبية) وأسلما على يديه. فيصبح العدد ٢٣ شخصا.
٦ ـ عدد الذين
انضموا للحسين عليهالسلام من أصحاب عمر بن سعد يوم عاشوراء:
وقد حدثت مبادرات
فردية من أصحاب ابن سعد ، فانضم بعضهم إلى الحسين عليهالسلام ، وذلك في عدة مواقف.
منها : حين عرض
الحسين عليهالسلام على ابن سعد بعض العروض ، فرفضها. فانضم إلى الحسين عليهالسلام ثلاثون رجلا من رجال عمر بن سعد كلهم من قريش ، منهم أبو
الشعثاء الكندي.
ومنها : حين بات
الحسين عليهالسلام ليلة العاشر يصلي مع أصحابه ويتهجّد ويدعو ، فأيقظ ذلك
المنظر بعض القلوب من غفلتها ، فانسلت منهم جماعة في جوف الليل ، وعبروا إلى معسكر
الحسين عليهالسلام.
جاء في (اللهوف)
لابن طاووس : وبات الحسين عليهالسلام وأصحابه تلك الليلة [ليلة عاشوراء] ، ولهم دويّ كدويّ
النحل ، ما بين راكع وساجد ، وقائم وقاعد. فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر
بن سعد اثنان وثلاثون ٣٢ رجلا.
ومنها : بعد أن
صرع الحسين عليهالسلام وذبح بتلك الطريقة الوحشية ، فأثّر منظره المأساوي في بعض
الناس ، فمالوا نحو الحسين عليهالسلام ، فقاتلوا أعداءه حتى قتلوا ، مثل أبي الحتوف الأنصاري
وأخوه سعد بن الحارث.
وكان من أبرز هؤلاء
الراجعين إلى الحق ، الحر بن يزيد التميمي ، الّذي ساءه قتال عمر بن سعد للحسين عليهالسلام ، فقال له : هل أنت مقاتل هذا الرجل؟. فقال عمر : إي والله
قتالا شديدا أيسره أن تسقط الرؤوس وتطيح الأيدي. عند ذلك ثاب الحر إلى رشده ،
وأدرك عظيم الذنب الّذي ارتكبه مع الحسين عليهالسلام ، فأراد أن يكفّر عن ذنبه بالتوبة والشهادة.
ويمكننا أن نعدّ
بعض هؤلاء الأحرار الذين أدركوا أن الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ،
فعدلوا إلى الحسين عليهالسلام وقاتلوا معه حتى قتلوا :
(المصدر : دائرة المعارف للشيخ محمّد حسين الأعلمي ، ج ٢٣ ص ١٩٣)
أبو الحتوف
الأنصاري الكوفي ، وأخوه سعد بن الحرث.
بكر بن حي التيمي
الكوفي.
جنادة بن الحارث
السلماني الكوفي.
ابن زهير بن سليم
الأزدي [لعله : زهير بن بشر الخثعمي].
عبد الرحمن بن
مسعود التيمي الكوفي.
القاسم بن حبيب
الأزدي.
النعمان بن عمرو الراسبي
، وأخوه الحلاس بن عمرو.
يزيد بن زياد [أبو
الشعثاء] الكندي.
٧ ـ عدد أنصار
الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء :
(أنصار الحسين للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ٤٣ ط ٢)
إن عدد أصحاب
الحسين عليهالسلام كان متقلبا. بدأ عند الخروج من مكة ب (٨٢) رجلا ، ثم ازداد
العدد كثيرا في الطريق ، ثم تقلص حتى عاد قريبا من العدد الأول ، ثم ازداد بنسبة
صغيرة قبيل المعركة ، نتيجة لقدوم بعض الأنصار إلى كربلاء ، وتحوّل بعض جنود الجيش
الأموي إلى معسكر الحسين (ع).
وتقديرنا الخاص
نتيجة لذلك أن أصحاب الحسين عليهالسلام الذين استشهدوا معه في كربلاء يقاربون مئة رجل ، وربما
زادوا قليلا على المئة.
وفي الواقع لدينا
بالنسبة لمن شارك في معركة كربلاء من أصحاب الحسين عليهالسلام ثلاث روايات :
١ ـ رواية عمار
الدهني (عن الإمام الباقر) قال : «فلما رأى الحسين عليهالسلام ذلك عدل إلى كربلاء ، فنزل وضرب أبنيته ، وكان أصحابه ٤٥
فارسا ومئة راجل». وهي أوثق رواية ، وهي نفسها التي رواها ابن نما وابن طاووس يوم
العاشر من المحرم. ويطابق هذا العدد ما أورده ابن أعثم والسيوطي وسبط ابن الجوزي.
٢ ـ رواية أبي
مخنف (عن الضحاك بن عبد الله المشرقي ، وكان هذا يقاتل مع الحسين عليهالسلام وانسل إلى خارج المعركة) وهو ما ذكره الطبري في تاريخه قال
: «صلى الحسين عليهالسلام يوم العاشر ، وكان معه ٣٢ فارسا و ٤٠ راجلا». ورواية
الدينوري مطابقة لهذا العدد ، ومطابقة لرواية اليعقوبي التي تقول : وكان الحسين عليهالسلام في اثنين وسبعين رجلا من أهل بيته وأصحابه ٣٢+ ٤٠ ـ ٧٢. وذكر
عين الرواية الشيخ المفيد ، وكذلك الخوارزمي.
٣ ـ رواية الحصين
بن عبد الرحمن (وهو يروي ليزيد عما جرى في كربلاء) يذكر أن عددهم نحو مئة رجل ،
منهم ٢١ من بني هاشم. يطابق هذا ما ذكره المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٤٦
، قال : قتل يوم الطف من أنصار الحسين عليهالسلام : ٢٨ من أهل بيته ، و ٧٢ من شيعته ، فيكون المجموع مئة
شخص.
ومن الصعوبة بمكان
إزالة التعارض بين هذه الروايات المختلفة في عدد أنصار الحسين عليهالسلام ما بين ٧٢ و ١٤٥ ، إلا إذا لجأنا إلى بعض الاجتهادات ، كما
في المناقشات التالية :
مناقشة (١):
فالعلامة المجتهد
السيد محسن الأمين رحمهالله حقق أسماء أنصار الحسين عليهالسلام فبلغ عددهم (مع الموالي) حوالي المئة. ويقارب ذلك ما أورده
المحدث الفضيل ابن الزبير بن عمر بن درهم الكوفي الأسدي في كتابه (تسمية من قتل مع
الحسين) والذي طبعته مجلة (تراثنا) القمّية في العدد ٢ ص. ١٤٩ وكذلك ما حققه الشيخ
محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين).
فإذا اعتبرنا عدد
الأنصار ٨٢ (وهو في رواية الخوارزمي) واعتبرنا هذا العدد خاصا بالأصحاب دون الآل ،
أمكننا كتابة المعادلة التالية :
١٨ (أهل البيت) + ٨٢ (الأصحاب) ـ ١٠٠
فيكون مجموع
الأنصار بدون الموالي بحدود المئة ، وهو مطابق للسابق.
ولا نستغرب ذلك ،
فإن أكثر الرواة كانوا يسقطون في تقديراتهم المستشهدين من الموالي ، لأسباب عنصرية
كانت تلعب دورها الكبير في ذلك الوقت. مع أن عدد الموالي الخاصين بأهل البيت عليهمالسلام وغيرهم كان كبيرا لا يستهان به ، والذين وصلتنا أسماؤهم
حوالي (١٦) مولى ، ويمكن أن يكون العدد الواقعي ضعف ذلك.
كذلك بالنسبة لعدد
أهل البيت عليهمالسلام فالعدد يتأرجح في الروايات ما بين ١٧ و ٢٨ ، وعليه يمكن
الوصول إلى رواية الإمام الباقر عليهالسلام والتي هي المرجّحة وفق المعادلة التالية :
٢٨+ ٨٢+ ٣٥ (موالي) ـ ١٤٥
مناقشة (٢):
هذا ويمكن متابعة
عدد أنصار الحسين عليهالسلام بمنظور آخر ، فحين بدأ القتال سقط من أنصار الحسين عليهالسلام خمسون شهيدا بالحملة الأولى (وفي رواية : أربعون) ، ثم
بدأت المبارزات. فمن المحتمل أن العدد ٨٢ هو عدد المستشهدين بالمبارزة فقط دون
الحملة الأولى ، فيكون العدد الكلي وفق هذا الاعتبار :
٤٦ (الحملة الأولى) + ٨٢+ ١٧ (أهل البيت) ـ ١٤٥
وقد ذكر ذلك صراحة
اليافعي في (مرآة الجنان) ج ١ ص ١٣٣ ط ١ قال : وقتل معه
اثنان وثمانون من
أصحابه مبارزة ، ثم قتل جميع بنيه إلا علي ابن الحسين عليهالسلام ...
مناقشة (٣):
هذا ويمكن مناقشة
العدد من منظور ثالث ، وهو أن عدد الذين خرجوا مع الحسين عليهالسلام من مكة كان ٨٢ شخصا ، ثم انضم إليهم من الكوفة حوالي
ثلاثين شخصا ، وفي كربلاء عدل إليه ٣٢ من جماعة عمر بن سعد ، فيصبح المجموع :
٨٢+ ٣١+ ٣٢ ـ ١٤٥
وبالخلاصة فإن عدد
الأنصار الكلي كان ١٤٥ رجلا ؛ منهم ٢٨ من أهل البيتعليهمالسلام ، و ٨٢ من الأصحاب ، وحوالي ٣٥ من الموالي.
المستشهدون من أصحاب الحسين عليهالسلام
٨ ـ توزّع أصحاب
الحسين عليهالسلام حسب انتمائهم القبلي :
(إبصار العين للشيخ السماوي ، ص ٥٢ ـ ١٢٤ ط قم)
نوّهنا سابقا إلى
أن المسلمين حين سكنوا الكوفة ، تمّ توزيعهم سياسيا وفق قبائلهم وبطونهم.
[انظر مخطط الكوفة
القديمة ـ الجزء الأول من الموسوعة ـ الشكل ٦].
وحتى مفهوم النصرة
للإمام الحسين عليهالسلام ولأعدائه كان يتخذ مفهوما قبليا ، فبعض القبائل كانت
محسوبة على أهل البيت عليهمالسلام ، مثل قبيلة أسد وقبيلة همدان ... الخ.
وهذا بيان بتوزع
أصحاب الحسين عليهالسلام حسب قبائلهم :
أصحاب الحسين عليهالسلام من بني أسد :
حبيب بن مظاهر ـ مسلم
بن عوسجة ـ قيس بن مسهر الصيداوي ـ عمرو بن خالد الصيداوي ، وسعد مولاه ـ الموقّع
بن ثمامة.
أصحاب الحسين عليهالسلام من آل همدان :
(وتضم همدان عدة
بطون منها : بنو مشرق وبنو شاكر وبنو شبام وبنو أرحب وبنو جابر).
أبو ثمامة عمرو
الصائدي ـ برير بن خضير المشرقي ـ عابس بن شبيب الشاكري ، وشوذب مولى بني شاكر ـ حنظلة
بن أسعد الشبامي ـ عبد الرحمن الأرحبي ـ سيف بن الحرث بن سريع بن جابر الهمداني
الجابري ، ومالك بن عبد الله بن سريع ـ شبيب مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري [قال
ابن شهر اشوب : قتل في الحملة الأولى] ـ عمار الدالاتي ـ حبشي بن قيس النّهمي ـ زياد
أبو عمرة الهمداني ـ سوّار بن منعم بن حابس بن أبي عمير بن نهم الهمداني النهمي ـ عمرو
بن عبد الله الهمداني الجندعي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من مذحج :
هانئ بن عروة
المرادي ـ جنادة بن الحرث المذحجي المرادي السلماني ـ واضح التركي مولى الحرث
المذحجي السلماني ـ مجمع بن عبد الله العائذي ، وابنه عائذ ـ نافع بن هلال الجملي
ـ الحجاج بن مسروق المذحجي الجعفي ـ يزيد بن مغفل المذحجي الجعفي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الأنصار :
عمرو بن قرظة بن
كعب الأنصاري ـ عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري الخزرجي ـ نعيم بن العجلان
الأنصاري الخزرجي ـ جنادة بن كعب بن الحرث الأنصاري الخزرجي ، وابنه عمرو بن جنادة
ـ سعد بن الحرث الأنصاري العجلاني ، وأخوه أبو الحتوف بن الحرث الأنصاري.
أصحاب الحسين عليهالسلام من البجليين والخثعميين :
زهير بن القين
البجلي ـ سلمان بن مضارب البجلي ـ سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي ـ عبد الله
بن بشر الخثعمي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الكنديين :
يزيد بن زياد بن
مهاصر (أبو الشعثاء) ـ الحرث بن امرئ القيس ـ زاهر بن عمرو الكندي ـ بشر بن عمرو
بن الأحدوث الحضرمي الكندي ـ جندب بن حجير الكندي الخولاني.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الغفاريين :
عبد الله بن عروة
بن حراق الغفاري ، وأخوه عبد الرحمن ـ جون بن حوي مولى أبي ذرّ الغفاري.
أصحاب الحسين عليهالسلام من بني كلب :
عبد الله بن عمير
بن عباس بن قيس بن عليم بن جناب (أبو وهب) ، وزوجته أم وهب ، ويمضي في بعض الكتب (حباب)
وهو غلط ـ عبد الأعلى ابن يزيد الكلبي الأعلمي ـ سالم بن عمرو مولى بني المدينة
الكلبي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الأزديين :
مسلم بن كثير
الأعرج الأزدي ـ رافع بن عبد الله مولى مسلم الأزدي ـ القاسم بن حبيب بن أبي بشر
الأزدي ـ زهير بن سليم الأزدي ـ النعمان بن عمرو الراسبي ، وأخوه الحلّاس ـ عمارة
بن صلخب.
أصحاب الحسين عليهالسلام من العبديين :
يزيد بن ثبيط
العبدي ، وابناه : عبد الله وعبيد الله ـ عامر بن مسلم العبدي ، ومولاه سالم ـ سيف
بن مالك العبدي ـ الأدهم بن أمية العبدي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من التيميين :
جابر بن الحجاج
مولى عامر بن نهشل التيمي ـ مسعود بن الحجاج التيمي ، وابنه عبد الرحمن ـ بكر بن
حي التيمي ـ جوين بن مالك ـ عمر بن ضبيعة بن قيس ـ الحباب بن عامر بن كعب.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الطائيين :
عمار بن حسان
الطائي ـ أمية بن سعد الطائي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من التغلبيين :
الضرغامة بن مالك
ـ كنانة بن عتيق ـ قاسط بن زهير ، وأخوه كردوس ابن زهير ، وأخوه مقسط بن زهير بن
الحرث التغلبي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الجهنيين :
مجمع بن زياد بن
عمرو ـ عبّاد بن المهاجر ـ عقبة بن الصلت الجهني.
أصحاب الحسين عليهالسلام من التميميين :
الحر بن يزيد
الرياحي ـ الحجاج بن بدر التميمي السعدي.
أصحاب الحسين عليهالسلام من الأفراد :
جبلة بن علي
الشيباني ـ قعنب بن عمر النمري ـ سعيد بن عبد الله الحنفي.
٩ ـ أسماء
المستشهدين من الموالي من أنصار الحسين عليهالسلام :
(مرتبة على الحروف الهجائية)
أسلم [مولى الحسين
عليهالسلام] ـ جون [مولى أبي ذر الغفاري] ـ الحرث [مولى حمزة] ـ الحباب
[مولى عامر التميمي] ـ رافع [مولى مسلم الأزدي] ـ سالم [مولى عامر العبدي] ـ سالم [مولى
بني المدينة الكلبي] ـ سعد [مولى الإمام علي عليهالسلام] ـ سعد [مولى عمرو بن خالد الصيداوي] ـ سليمان بن رزين [مولى
الحسين عليهالسلام] ـ شبيب [مولى الحرث الجابري] ـ شوذب [مولى عابس الشاكري]
ـ قارب ومنجح [موليا الحسين عليهالسلام] ـ نصر [مولى الإمام علي عليهالسلام] ـ واضح [مولى الحرث السلماني المذحجي].
أصحاب الحسين عليهالسلام حسب ترتيب استشهادهم
بدأ القتال يوم
العاشر من المحرم ، بين أصحاب عمر بن سعد وقد تكاملوا ثلاثين ألفا أو يزيدون ،
وبين أصحاب الحسين عليهالسلام وعددهم لا يزيد عن المائة والخمسين رجلا ؛ وذلك حين رمى
عمر بن سعد أول سهم إلى عسكر الحسين عليهالسلام وتابعه أصحابه بالرمي ... وقد قتل نتيجة ذلك من أصحاب
الحسين عليهالسلام ما ينوف على الخمسين رجلا ، وتسمى هذه (بالحملة الأولى).
وبعدها بدأ القتال
(بالمبارزة) ، فتنافس أصحاب الحسين عليهالسلام على الشهادة حتى قتلوا عن آخرهم. ثم برز شبان أهل البيت عليهمالسلام من آل أبي طالب ، فما زالوا يجاهدون حتى استشهدوا جميعا ،
وكان خاتمهم الإمام أبو عبد الله الحسين عليهالسلام.
١٠ ـ المستشهدون
من أصحاب الحسين عليهالسلام في الحملة الأولى :
(مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٦٠ ط نجف)
انفرد ابن شهر
اشوب في مناقبه بذكر أسماء الذين استشهدوا في (الحملة الأولى) ، وهم :
نعيم بن عجلان ـ عمران
بن كعب بن حارث الأشجعي ـ حنظلة بن عمرو الشيباني ـ قاسط بن زهير ـ كنانة بن عتيق
ـ عمرو بن مشيعة ـ ضرغامة بن مالك ـ عامر بن مسلم (العبدي) ـ سيف بن مالك النمري (العبدي)
ـ عبد الرحمن (بن عبد الله) الأرحبي ـ [مجمع العائذي] ـ حباب بن الحارث ـ عمرو (بن
عبد الله) الجندعي ـ الحلاس بن عمرو الراسبي ـ [سوّار ابن أبي عمير الفهمي] ـ عمار
بن أبي سلامة الدالاتي ـ النعمان بن عمرو الراسبي ـ زاهر بن عمرو مولى ابن الحمق ـ
جبلة بن علي (الشيباني) ـ مسعود بن الحجاج (التميمي) ـ [عبد الله بن عروة الغفاري]
ـ زهير بن بشر الخثعمي ـ عمار بن حسان ـ [عبد الله بن عمير] ـ مسلم بن كثير (الأزدي)
ـ زهير بن سليم (العبدي) ـ عبد الله وعبيد الله ابنا زيد البصري ـ وعشرة من موالي
الحسين عليهالسلام ، وموليان من موالي أمير المؤمنين عليهالسلام [فأما موليا
الإمام علي عليهالسلام فهما سعد ونصر ، وأما موالي الحسين عليهالسلام فمنهم : أسلم وقارب ومنجح].
١١ ـ أشهر
المستشهدين بالمبارزة مرتبين حسب استشهادهم :
اختلفت الروايات
كثيرا في أسماء المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام بالمبارزة ، وفي عددهم ، وفي ترتيب استشهادهم.
وقد حاولنا
التوفيق بين عدة مصادر ؛ منها تاريخ الطبري وكتاب الفتوح لابن أعثم ، ومقتل
الخوارزمي ومناقب ابن شهر اشوب ، والكامل في التاريخ لابن الأثير ، ومثير الأحزان
لابن نما واللهوف لابن طاووس ، ومقتل الحسين لآل بحر العلوم ، ولواعج الأشجان
للسيد الأمين ومقتل الحسين للمقرم ، والعيون العبرى للميانجي ، ومقدمة مرآة العقول
ج ٢ للسيد مرتضى العسكري ؛ فحصلنا على الترتيب التالي :
__________________
ـ شهادة مسلم بن
عوسجة الأسدي
ـ عبد الله بن
عمير الكلبي
ـ أبو الشعثاء
الكندي
ـ برير بن خضير
الهمداني
ـ الحر بن يزيد
الرياحي
ـ وهب بن حباب
الكلبي
[تقويض أبنية
الحسين عليهالسلام ثم حرقها بالنار]
ـ عمرو بن خالد
الأزدي ، وابنه خالد
ـ استشهاد جماعة
هم : عمرو بن خالد الصيداوي ، وسعد مولاه ـ جابر بن الحارث السلماني ـ مجمع بن عبد
الله العائذي. قتلوا في مكان واحد أول الأمر.
ـ حبيب بن مظاهر
الأسدي
(قال الراوي : ولا
يزال يقتل من أصحاب الحسين عليهالسلام الواحد والاثنان ، فيتبيّن ذلك فيهم لقلّتهم ، ويقتل من
أصحاب عمر بن سعد العشرة والعشرون ، فلا يتبيّن ذلك فيهم لكثرتهم).
[الصلاة]
ـ سعيد بن عبد
الله الحنفي
ـ أبو ثمامة
الصائدي
ـ زهير بن القين
البجلي
ـ عمرو بن قرظة
الأنصاري
ـ نافع بن هلال
الجملي
ـ جون مولى أبي
ذرّ الغفاري
[تنافس بقية
الأصحاب على الشهادة]
قال أبو مخنف : (المقتل المقتبس من الطبري ، ص ١٣٨)
فلما رأى أصحاب
الحسين عليهالسلام أن الأعداء قد كثروا ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا
حسينا ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
ـ شهادة حنظلة بن
أسعد الشبامي
ـ شوذب مولى بني
شاكر ـ عابس بن أبي شبيب الشاكري
ـ سعد بن حنظلة
التميمي ـ عمير بن عبد الله المذحجي
ـ عبد الرحمن بن
عبد الله اليزني
ـ يحيى بن سليم
المازني
ـ قرة بن أبي قرة
الغفاري
ـ مالك بن أنس
الكاهلي [وهو نفسه أنس بن الحارث الكاهلي)
ـ عمرو بن مطاع
الجعفي
ـ أنيس بن معقل
الأصبحي
ـ يزيد بن مغفّل
الجعفي
ـ الحجاج بن مسروق
الجعفي
ـ عبد الله بن
عروة ، وأخوه عبد الرحمن بن عروة الغفاريان
ـ الفتيان : سيف
بن الحارث بن سريع ، وابن عمه مالك بن عبد بن سريع الجابريان
ـ جنادة بن الحارث
الأنصاري ، وابنه الغلام عمرو بن جنادة
ـ واضح التركي
مولى الحرث المذحجي
ـ أبو عمر النهشلي
ـ شاب قتل أبوه في
المعركة
ـ غلام تركي
للحسين عليهالسلام اسمه أسلم
ـ مالك بن ذودان
ـ إبراهيم بن
الحصين الأسدي
ـ سوّار بن منعم
بن حابس بن أبي عمير بن فهم الهمداني
ـ سعد بن الحارث
الأنصاري ، وأخوه أبو الحتوف [كانا مع عمر بن سعد ، فمالا إلى الحسين عليهالسلام وقاتلا حتى قتلا]
ـ سويد بن عمرو بن
أبي المطاع الخثعمي.
المستشهدون من الأصحاب حسب اشتهارهم
«في كتب المقاتل»
١٢ ـ ترتيب
المستشهدين بالمبارزة حسب درجة اشتهارهم وتواتر أسمائهم في كتب المقاتل :
يمكن تقسيم
المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام بالمبارزة ، إلى سبع درجات ، حسب درجة اشتهارهم وتكرر
أسمائهم في كتب المقاتل المختلفة ، ومنها : مقتل الحسين لأبي مخنف ـ تاريخ الطبري
ـ مقتل الحسين للخوارزمي ـ مناقب ابن شهر آشوب ـ مزار البحار للمجلسي ـ اللهوف على
قتلى الطفوف لابن طاووس ـ لواعج الأشجان للسيد محسن الأمين ـ ذكرى الحسين للشيخ
حبيب آل إبراهيم ـ مقتل الحسين للسيد عبد الرازق المقرم. وذلك على النحو التالي :
١ ـ الحر بن يزيد
الرياحي* سعيد بن عبد الله الحنفي* جون مولى أبي ذر الغفاري* حبيب بن مظاهر
الأسدي* مسلم بن عوسجة الأسدي* نافع بن هلال الجملي* عمرو بن قرظة بن كعب
الأنصاري.
٢ ـ برير بن خضير
الهمداني* حنظلة بن أسعد الشبامي* عمر ابن خالد الصيداوي.
٣ ـ عبد الله وعبد
الرحمن ابنا عروة الغفاريان* الحجاج بن مسروق الجعفي* سيف بن الحارث بن سريع ومالك
بن عبد بن سريع الجابريان* عابس بن شبيب الشاكري* يزيد بن زياد أبو الشعثاء
الكندي* وهب بن عبد الله بن حباب الكلبي.
٤ ـ سعد مولى عمر
بن خالد الصيداوي* شوذب مولى عابس الشاكري* عبد الله بن عمير الكلبي وزوجته أم
وهب* عمرو بن مطاع الجعفي* جابر بن الحارث السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي.
٥ ـ إبراهيم بن
الحصين الأسدي* أنيس بن معقل الأصبحي* أسلم التركي مولى الحسين عليهالسلام* سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي* سعد ابن حنظلة
التميمي* عمرو بن جنادة الحارث الأنصاري* عبد الرحمن ابن عبد الله اليزني* أبو
ثمامة الصائدي* عمرو بن خالد الأزدي* عمير بن عبد الله المذحجي* قرة بن أبي قرة
الغفاري* مالك بن ذودان* مالك بن أنس الكاهلي* يحيى بن سليم المازني.
٦ ـ أحمد بن محمد
الهاشمي* أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي* سوار بن أبي حمير الفهمي الهمداني.
ويأتي في الدرجة
السابعة ما يلي :
٧ ـ أبو الحتوف
الأنصاري* أسلم بن كثير الأزدي* أنس بن الكاهل الأسدي* بدر بن معقل الجعفي* بشر بن
عمرو الحضرمي* جابر ابن عروة الغفاري* جوين بن مالك الضبعي* الحجاج بن يزيد
السعدي* حيان بن الحارث السلماني الأزدي* سالم مولى بني المدينة الكلبي* سالم مولى
عامر بن مسلم العبدي* سعد بن الحارث الأنصاري* سلمان بن مضارب البجلي* شبيب بن عبد
الله النهشلي* الطرماح ابن عدي* عبد الله وعبيد الله ابنا يزيد بن ثبيت العبدي*
عبد الرحمن ابن مسعود بن الحجاج التميمي* عمر بن الأحدوث الحضرمي* عمر بن ضبيعة
الضبعي* علي بن مظاهر* القاسم بن حبيب الأزدي* قعنب بن عمرو النمري* كردوس (وقيل :
كرش) بن زهير التغلبي* المعلا* واضح مولى الحرث السلماني المذحجي* يزيد بن ثبيت
العبدي* يزيد بن حصين الهمداني المشرقي* يزيد بن مظاهر* يزيد بن مغفل الجعفي* يحيى
بن كثير.
هذا وقد اعتمدت
على التوزيع السابق في ترتيب لائحة (أشهر المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام) وتجدها فيما يلي وذلك باهمال الدرجة السابعة.
فهرس عام بأسماء المستشهدين من الأصحاب
(مرتبة على الحروف الهجائية)
١٣ ـ أسماء
المستشهدين من أصحاب الحسين عليهمالسلام :
(مرتبة على الحروف الهجائية)
نورد فيما يلي
فهرسا هجائيا لكافة أسماء المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام ، بما في ذلك (الحملة الأولى) والذين استشهدوا قبل اليوم
العاشر ، مأخوذة من أشهر كتب المقاتل :
(أ) ـ إبراهيم بن
الحصين الأسدي ـ أبو ثمامة (عمرو بن كعب) الصائدي ـ أبو الحتوف (سلمة بن الحارث)
الأنصاري ـ أبو الشعثاء (يزيد بن زياد بن مهاجر)

(الشكل ٢)
أشهر المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام
الكندي ـ أبو عامر
النهشلي ـ أحمد بن محمّد الهاشمي ـ الأدهم بن أمية العبدي ـ أسلم التركي مولى الحسين عليهالسلام ـ أسلم بن كثير الأزدي ـ أم وهب بنت عبد ـ أمية بن سعد
الطائي ـ أنس بن الحارث بن نبيه الكاهلي ـ أنيس بن معقل الأصبحي.
(ب) ـ بدر بن معقل
الجعفي ـ برير بن خضير الهمداني ـ بشر بن عمرو الحضرمي ـ بكر بن حي التيمي.
(ج) ـ جابر بن
الحارث السلماني ـ جابر بن الحجاج التيمي ـ جابر بن عروة الغفاري ـ جبلة بن علي
الشيباني ـ جنادة بن الحارث السلماني ـ جنادة ابن كعب الأنصاري ـ جندب بن حجير
الخولاني ـ جون بن حوي مولى أبي ذرّ الغفاري ـ جوين بن مالك الضبعي التميمي.
(ح) ـ الحارث بن
امرئ القيس الكندي ـ الحارث بن نبهان مولى حمزة ـ الحباب بن عامر الشعبي ـ الحباب
مولى عامر التميمي ـ حبشي بن قيس النهمي ـ حبيب بن مظاهر (وقيل مظهّر) الأسدي ـ الحجاج
بن يزيد السعدي ـ الحجاج بن مسروق الجعفي ـ الحر بن يزيد التميمي الرياحي ـ الحلاس
بن عمرو الراسبي ـ حنظلة بن أسعد الشبامي ـ حنظلة بن عمرو الشيباني.
(خ) ـ خالد بن
عمرو بن خالد الأزدي.
(ر) ـ رافع مولى
مسلم الأزدي.
(ز) ـ زاهر بن
عمرو الكندي مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ـ زهير بن بشر الخثعمي ـ زهير بن سليم
العبدي الأزدي ـ زهير بن القين البجلي ـ زياد ابن عريب الصائدي.
(س) ـ سالم مولى
بني المدينة الكلبي ـ سالم مولى عامر بن مسلم العبدي ـ سعد مولى الإمام علي عليهالسلام ـ سعد مولى عمرو بن خالد الصيداوي ـ سعد بن الحارث
الأنصاري ـ سعد بن حنظلة التميمي ـ سعيد بن عبد الله الحنفي ـ سلمان بن مضارب
البجلي ـ سليمان بن رزين مولى الحسين عليهالسلام ـ سوّار ابن منعم
__________________
الفهمي الهمداني ـ
سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي ـ سيف بن الحارث بن سريع الجابري ـ سيف بن
مالك العبدي النميري.
(ش) ـ شبيب بن عبد
الله النهشلي ـ شبيب مولى الحارث الجابري ـ شوذب مولى بني شاكر.
(ض) ـ الضرغامة بن
مالك التغلبي.
(ط) ـ الطرمّاح بن
عدي.
(ع) ـ عائذ بن
مجمع العائذي ـ عابس بن أبي شبيب الشاكري ـ عامر بن حسان الطائي ـ عامر بن مسلم
العبدي ـ عباد بن المهاجر الجهني ـ عبد الأعلى بن يزيد الكلبي ـ عبد الرحمن بن عبد
الله الأرحبي ـ عبد الرحمن ابن عبد الله اليزني ـ عبد الرحمن بن عبد ربه الأنصاري
ـ عبد الرحمن بن عروة الغفاري ـ عبد الرحمن بن مسعود بن الحجاج التيمي ـ عبد الله
بن أبي بكر ـ عبد الله بن بشر الخثعمي ـ عبد الله بن عروة الغفاري ـ عبد الله بن
عمير بن جناب الكلبي ـ عبد الله وعبيد الله ابنا يزيد بن ثبيت العبدي (أو ابنا زيد
البصري) ـ عبد الله بن يقطر ـ عقبة بن الصلت الجهني ـ علي بن مظاهر ـ عمار بن حسان
الطائي ـ عمار بن سلامة الدالاتي ـ عمارة بن صلخب الأزدي ـ عمر بن الأحدوث الحضرمي
ـ عمرو بن خالد الصيداوي ـ عمرو بن ضبيعة الضبعي ـ عمرو بن جنادة ابن الحارث الأنصاري ـ عمرو بن خالد الأزدي ـ عمرو بن عبد الله
الجندعي ـ عمرو بن قرظة بن كعب الأنصاري ـ عمرو بن مشيعة ـ عمرو بن المطاع الجعفي
ـ عمران بن كعب بن حارثة الأشجعي الأنصاري ـ عمير بن عبد الله المذحجي.
(ق) ـ قارب مولى
الحسين عليهالسلام ـ قاسط بن زهير التغلبي ـ القاسم بن حبيب الأزدي ـ قرة بن
أبي قرة الغفاري ـ قعنب بن عمرو النمري ـ قيس بن مسهر الصيداوي.
(ك) ـ كردوس (أو
كرش) ابن زهير التغلبي ـ كنانة بن عتيق التغلبي.
(م) ـ مالك بن أنس
الكاهلي ـ مالك بن ذودان ـ مالك بن عبد بن سريع الجابري ـ مجمع بن زياد الجهني ـ مجمع
بن عبد الله العائذي ـ محمّد بن بشير
__________________
الحضرمي ـ مسعود
بن الحجاج التيمي ـ مسلم بن عوسجة الأسدي ـ مسلم بن كثير الأزدي ـ المعلا ـ مقسط
بن زهير التغلبي ـ منجح مولى الحسين عليهالسلام ـ الموقّع بن ثمامة الأسدي.
(ن) ـ نافع بن
هلال الجملي ـ نصر مولى الإمام علي عليهالسلام ـ النعمان بن عمرو الراسبي ـ نعيم بن عجلان الأنصاري.
(ه) ـ هانئ بن
عروة المرادي.
(و) ـ واضح الرومي
مولى الحارث السلماني المذحجي ـ وهب بن عبد الله ابن حباب الكلبي.
(ي) ـ يحيى بن
سليم المازني ـ يحيى بن كثير ـ يزيد بن ثبيت العبدي ـ يزيد ابن حصين الهمداني
المشرقي ـ يزيد بن مظاهر ـ يزيد بن مغفل الجعفي ـ يزيد بن مهاجر الجعفي.
المستشهدون من آل أبي طالب (ع)
١٤ ـ عدد
المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام يوم العاشر من المحرم :
أجمعت الروايات
على أن عدد المستشهدين من أهل البيت عليهمالسلام في وقعة الطف يتراوح بين (١٧ شخصا) على الأقل و (٢٧ شخصا)
على الأكثر ، وكلهم من آل أبي طالب ؛ أي من أولاد وأحفاد عقيل وجعفر وعلي عليهالسلام. وهناك بعض الأسماء المختلف فيها. وقد أثبتّ أسماء
المشهورين منهم في كتب المقاتل ، في لائحة (المستشهدون مع الحسين عليهالسلام من آل أبي طالب) وعددهم ٢٧ شهيدا. انظر (الشكل ٣)
هذا ومن المشهور
أن شهادة أهل البيت عليهمالسلام كانت بعد شهادة كل الأصحاب.
يقول الشيخ محمّد
مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ١٢٦ ط ٢ : تشمل الزيارة المنسوبة إلى
الناحية المقدسة ، على أسماء سبعة عشر رجلا من المستشهدين من بني هاشم عليهالسلام ما عدا الحسين عليهالسلام. وهي موافقة لرواية الشيخ المفيد.
ويقول الشيخ
المفيد في كتابه (الإرشاد) ص ٢٤٨ :
إن عدة من قتل مع
الحسين عليهالسلام من أهل بيته بطف كربلاء هم سبعة عشر نفسا ،
المستشهدون مع الحسين من آل أبي طالب (ع)

(الشكل ٣)
الحسين بن علي عليهالسلام ثامن عشر. وهذه الرواية موافقة لرواية الطبري. وهي موافقة
لرواية أوردها الخوارزمي في مقتله عن الحسن البصري.
وأما بقية
الروايات فتذكر أعدادا مختلفة ما بين ١٦ و ٢٥ شهيدا.
وذكر سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٦ ط ٢ نجف :
حكى محمّد بن سعد
عن محمّد بن الحنفية (رض) أنه قال : لقد قتلوا تسعة عشر شابا كلهم ركنوا في رحم
فاطمة. وهذا يدل على أنه قتل مع الحسين عليهالسلام خلق كثير من أهله ؛ من أولاده وأولاد الحسن بن علي عليهالسلام. ا ه
(أقول) : المقصود
بفاطمة هنا هو فاطمة بنت أسد ، زوجة أبي طالب عليهالسلام ، وليس فاطمة الزهراء عليهالسلام.
وفي (مثير الأحزان)
لابن نما ، ص ٨٩ ط نجف :
قالت الرواة : كنا
إذا ذكرنا عند محمّد بن علي الباقر عليهالسلام قتل الحسين عليهالسلام قال : قتلوا سبعة عشر إنسانا ، كلهم ارتكض من بطن فاطمة
بنت أسد ، أم علي عليهالسلام.
ثم قال سبط ابن
الجوزي : فالحاصل أنهم قتلوا من آل أبي طالب عليهالسلام تسعة عشر : سبعة من ولد علي عليهالسلام منهم الحسين عليهالسلام ، واثنان من ولد الحسين (ع) ، وثلاثة من ولد الحسن عليهالسلام ، واثنان من ولد عبد الله بن جعفر ، وخمسة من ولد عقيل
وابنه مسلم.
وفيهم يقول سراقة
الباهلي (أو مسلم بن قتيبة مولى بني هاشم) والأصح سليمان بن قتّة القرشي العدوي : (مروج
الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٧٢)
عين جودي بعبرة
وعويل
|
|
واندبي إن ندبت
آل الرسول
|
سبعة منهم لصلب
علي
|
|
قد أبيدوا وخمسة
لعقيل
|
وابن عمّ النبي
عونا أخاهم
|
|
ليس فيما ينوبهم
بخذول
|
وسميّ النبي
غودر فيهم
|
|
قد علوه بصارم
مسلول
|
واندبي كهلهم
فليس إذا ما
|
|
عدّ في الخير
كهلهم كالكهول
|
لعن الله حيث
حلّ زياد
|
|
وابنه والعجوز ذات البعول
|
__________________
يقصد بالبيتين
الثالث والرابع الشهيدين ابني عبد الله بن جعفر ، وهما عون ومحمد.
وهذا توزيعهم حسب
الذين قالوا إنهم ١٧ شهيدا ، والذين قالوا ٢٥ بدون الإمام الحسين عليهالسلام ومسلم بن عقيل (رض) :
(المصدر : مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)
العدد الأصغر
|
العدد الأكبر
|
المستشهدون
|
٦
|
٨
|
من ولد الإمام
علي عليهالسلام
|
٣
|
٤
|
من ولد الإمام
الحسن عليهالسلام
|
٢
|
٢
|
من ولد الإمام
الحسين عليهالسلام
|
٢
|
٣
|
من ولد جعفر
الطيار عليهالسلام
|
٤
|
٨
|
من ولد عقيل
وأحفاده عليهالسلام
|
١٧
|
٢٥
|
|
١٥ ـ أسماء المستشهدين
من آل أبي طالب عليهالسلام يوم العاشر من المحرم حسب ترتيب استشهادهم :
وإليك ترتيب
استشهادهم عليهمالسلام حسبما أورده السيد عبد الرزاق المقرّم في مقتله ، وذلك على
النحو التالي :
علي الأكبر [أمه
ليلى بنت ميمونة ابنة أبي سفيان] ـ عبد الله بن مسلم ابن عقيل [أمه رقية بنت أمير
المؤمنين عليهالسلام] * (حملة آل أبي طالب) * عون ابن عبد الله بن جعفر الطيار [أمه
عقيلة الوحي زينب عليهالسلام] ـ أخوه محمّد [أمه الخوصاء] ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ أخوه
جعفر ـ محمّد أبو بكر بن علي ـ عبد الله بن عقيل ـ عبد الله الأكبر أبو بكر بن
الحسن [أمه رملة] ـ أخوه لأمه وأبيه القاسم بن الحسن (شقّة القمر) ـ أخوة العباس
لأمه وأبيه : عبد الله ، عثمان ، جعفر ـ شهادة العباس قمر بني هاشم [أمه أم البنين
فاطمة بنت حزام] ـ عبد الله الرضيع وهو علي الأصغر [أمه الرباب] ـ مصرع الغلام
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل ـ مصرع الغلام عبد الله بن الحسن عليهالسلام وعمره ١١ سنة.
١٦ ـ طائفة
المستشهدين من آل أبي طالب (مرتبة حسب القرابة):
١ ـ أولاد أمير
المؤمنين علي عليهالسلام :
العباس بن علي (ويقال
ابنه محمد وعبد الله) : عبد الله الأصغر ، جعفر ، عثمان (وهؤلاء الأربعة أمهم أم
البنين فاطمة بنت حزام الكلابية) ، عبد الله (ذكره ابن شهر آشوب) ، أبو بكر (أمهما ليلى بنت
مسعود) ، عمر بن علي ، محمد الأصغر (شك في قتله) ، إبراهيم (ذكره ابن شهر آشوب).
٢ ـ أولاد الإمام
الحسن عليهالسلام :
القاسم بن الحسن (شقة
القمر) ، أبو بكر بن الحسن ، الغلام عبد الله ، أحمد بن الحسن (ذكره أبو مخنف) ،
وقيل بشر : وقيل عمر (ذكرهما ابن شهر آشوب).
٣ ـ أولاد أبي عبد
الله الحسين عليهالسلام :
علي الأكبر ، عبد
الله الرضيع ، (وذكر ابن شهر آشوب : إبراهيم ومحمد وحمزة وعلي وجعفر وعمر وزيد).
٤ ـ أولاد عبد
الله بن جعفر :
محمد ، عون ، عبيد
الله (ذكره ابن شهر آشوب).
٥ ـ أولاد عقيل بن
أبي طالب :
مسلم ، جعفر ، عبد
الرحمن ، عبد الله الأكبر (ذكره السيد الأمين) : موسى (ذكره أبو مخنف) ، عون (ذكره
ابن شهر آشوب).
٦ ـ أولاد مسلم بن
عقيل :
عبد الله ، محمد (ذكره
ابن شهر آشوب) ، عون (ذكره السيد الأمين).
__________________
٧ ـ أحفاد عقيل :
الغلام محمد بن
أبي سعيد بن عقيل ، جعفر بن محمد بن عقيل (ذكرهما ابن شهر آشوب).
١٧ ـ أسماء
المستشهدين من آل أبي طالب عليهمالسلام : (مرتبة على الحروف الهجائية)
(أ) ـ أبو بكر بن
علي عليهالسلام ـ إبراهيم بن علي عليهالسلام ـ أبو بكر بن الحسن عليهالسلام ـ أحمد بن الحسن عليهالسلام.
(ب) ـ بشر بن
الحسن عليهالسلام.
(ج) ـ جعفر بن علي
عليهالسلام ـ جعفر بن عقيل ـ جعفر بن محمّد بن عقيل.
(ح) ـ سيد الشهداء
أبو عبد الله الحسين عليهالسلام.
(ع) ـ العباس بن
علي عليهالسلام ـ (ابنه عبد الله) ـ عبد الله الأصغر بن عليعليهالسلام ـ عبد الله بن علي (أخو العباس لأمه وأبيه) ـ أخوه عثمان
بن علي عليهالسلام ـ عمر بن علي عليهالسلام ـ الغلام عبد الله بن الحسن عليهالسلام ـ عمر ابن الحسن عليهالسلام ـ علي الأكبر بن الحسين عليهالسلام ـ عبد الله الرضيع ابن الحسين عليهالسلام ـ علي بن الحسين عليهالسلام ـ عون بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام ـ أخوه عبيد الله ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ أخوه عبد الله
الأكبر ـ أخوه عون بن عقيل ـ عبد الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام ـ أخوه عون.
(ق) ـ القاسم بن
الحسن (فلقة القمر).
(م) ـ محمّد
الأصغر بن علي عليهالسلام ـ محمّد بن العباس بن علي عليهالسلام ـ محمّد بن عبد الله بن جعفر ـ مسلم بن عقيل عليهالسلام ـ أخوه موسى ـ محمّد بن مسلم بن عقيل ـ الغلام محمّد بن
أبي سعيد بن عقيل عليهالسلام .
__________________
زيارة الناحية المقدسة
وننهي هذا الفصل
بذكر «زيارة الناحية المقدسة» لأهميتها التاريخية.
يقول الشيخ محمّد
مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٦ ط ٢ : الزيارة المنسوبة إلى الناحية
المقدسة ، هي زيارة للحسين عليهالسلام منسوبة للإمام الحجة (عج) ، تشتمل على أسماء أكثر الشهداء
، وبعض أحوالهم وأسماء قاتليهم ، رواها المجلسي في (البحار) ج ٤٥ ص ٦٥ ـ ٧٣ عن
كتاب
(الإقبال) للسيد
ابن طاووس. ونحن نشك في نسبتها إلى الإمام المهدي عليهالسلام لأن تاريخ صدورها سنة ٢٥٢ ه سابق على ولادة القائم عليهالسلام ، ولكنها مع ذلك نص تاريخي قديم يعتمد عليه من الناحية
التاريخية.
وقد حوت الزيارة
٦٤ اسما من الأصحاب المستشهدين من أصل ٨٣ شهيدا.
١٨ ـ متن الزيارة
الصادرة عن الناحية المقدسة من كتاب (التحفة):
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٣١١ ـ ٣٢٢)
قال : خرج من
الناحية المقدسة سنة ٢٥٢ ه على يد الشيخ محمّد بن غالب الاصفهاني الزيارة التالية
:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
إذا أردت زيارة
الشهداء رضوان الله عليهم ، فقف عند رجلي الحسين عليهالسلام وهو قبر علي الأكبر بن الحسين عليهالسلام ، فاستقبل القبلة بوجهك ، فإن هناك حومة الشهداء ، وأومئ
وأشر إلى علي بن الحسين عليهالسلام وقل :
شهادة علي الأكبر عليهالسلام :
السلام عليك يا
أول قتيل من نسل خير سليل ، من سلالة إبراهيم الخليل ، صلّى الله عليك وعلى أبيك ،
إذ قال فيك : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الرحمن ، وعلى انتهاك
حرمة الرسول. على الدنيا بعدك العفا. كأني بك بين يديه ماثلا ، وللكافرين قاتلا
قائلا :
أنا علي بن
الحسين بن علي
|
|
نحن وبيت الله
أولى بالنبي
|
أطعنكم بالرمح
حتى ينثني
|
|
أضربكم بالسيف
أحمي عن أبي
|
ضرب غلام هاشميّ
عربي
|
|
والله لا يحكم
فينا ابن الدّعي
|
حتى قضيت نحبك
ولقيت ربك. أشهد أنك أولى بالله وبرسوله ، وأنك ابن رسوله وابن حجّته وأمينه. حكم
الله لك على قاتلك مرّة بن منقذ بن النعمان العبدي ، لعنه الله وأخزاه ، ومن شركه
في قتلك ، وكانوا عليك ظهيرا ، وأصلاهم الله جهنم وساءت مصيرا. وجعلنا الله من
ملاقيك ومرافقيك ، ومرافقي جدك وأبيك ، وعمك وأخيك ، وأمك المظلومة. وأبرأ إلى
الله من قاتليك ، وأسأل الله مرافقتك في دار الخلود ، وأبرأ إلى الله من أعدائك
أولي الجحود ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
شهادة الطفل عبد
الله الرضيع عليهالسلام :
السلام على عبد
الله بن الحسين عليهالسلام ، الطفل الرضيع ، المرميّ الصريع ، المتشحّط دما ، المصعّد
دمه في السماء ، المذبوح بالسهم في حجر أبيه. لعن الله راميه حرملة بن كاهل الأسدي
وذويه.
أولاد أمير المؤمنين عليهالسلام
عبد الله بن علي عليهالسلام :
السلام على عبد
الله ابن أمير المؤمنين عليهالسلام ، مبلي البلاء ، والمنادي بالولاء ، في عرصة كربلاء ،
المضروب مقبلا ومدبرا. لعن الله قاتله هانئ بن ثبيت الحضرمي.
شهادة العباس قمر
بني هاشم عليهالسلام :
السلام على العباس
ابن أمير المؤمنين عليهالسلام ، المواسي أخاه بنفسه ، الآخذ لغده من أمسه ، الفادي له
الواقي ، الساعي إليه بمائه ، المقطوعة يداه. لعن الله قاتليه يزيد بن وقّاد وحكيم
بن الطفيل الطائي.
إخوة العباس عليهالسلام :
السلام على جعفر
ابن أمير المؤمنين عليهالسلام ، الصابر نفسه محتسبا ، والنائي عن الأوطان مغتربا ،
المستسلم للقتال ، المستقدم للنزال ، المكثور بالرجال. لعن الله قاتله هانئ بن
ثبيت الحضرمي.
السلام على عثمان
ابن أمير المؤمنين عليهالسلام ، سميّ عثمان بن مظعون. لعن الله راميه بالسهم ، خولي بن
يزيد الأصبحي الأيادي ، والأباني الدارمي.
تتمة أولاد أمير
المؤمنين عليهالسلام :
السلام على محمّد
ابن أمير المؤمنين عليهالسلام ، قتيل الأبانيّ الدارمي. لعنه الله وضاعف عليه العذاب
الأليم. وصلى الله عليك يا محمّد وعلى أهل بيتك الصابرين.
أولاد الإمام الحسن عليهالسلام
السلام على أبي
بكر بن الحسن الزكي عليهالسلام ، الولي المرمي ، بالسهم المردي. لعن الله قاتله عبد الله
بن عقبة الغنوي.
السلام على عبد
الله بن الحسن بن علي الزكي عليهالسلام. لعن الله قاتله وراميه ، حرملة بن كاهل الأسدي.
السلام على القاسم
بن الحسن بن علي عليهالسلام ، المضروب هامته ، المسلوب لامته ...
أولاد عبد الله بن جعفر عليهالسلام
السلام على عون بن
عبد الله بن جعفر ، الطيار في الجنان ، حليف الإيمان ، ومنازل الأقران ، الناصح
للرحمن ، التالي للمثاني والقرآن. لعن الله قاتله عبد الله بن قطيّة النبهاني.
السلام على محمّد
بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام ، الشاهد مكان أبيه ، والتالي لأخيه ، وواقيه ببدنه. لعن
الله قاتله عامر بن نهشل التميمي.
أولاد عقيل عليهالسلام
السلام على جعفر
بن عقيل عليهالسلام. لعن الله قاتله وراميه ، بشر بن خوط الهمداني.
السلام على عبد
الرحمن بن عقيل عليهالسلام. لعن الله قاتله وراميه ، عمر بن خالد بن أسد الجهني.
السلام على القتيل
ابن القتيل عبد الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام. ولعن الله قاتله عامر بن صعصعة.
السلام على أبي
عبد الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام. ولعن الله راميه وقاتله عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية
مزار المفيد : عبد الله بن عقيل].
السلام على محمّد
بن أبي سعيد بن عقيل عليهالسلام. ولعن الله قاتله وراميه ، لقيط بن ناشر الجهني.
موالي الإمام الحسين عليهالسلام
السلام على سليمان
مولى الحسين ابن أمير المؤمنين عليهالسلام. ولعن الله قاتله سليمان بن عوف الحضرمي.
السلام على قارب
مولى الحسين بن علي عليهالسلام.
السلام على منجح
مولى الحسين بن علي عليهالسلام.
شهادة الأصحاب (رض)
السلام على مسلم
بن عوسجة ... أول شهيد (سلام طويل)
السلام على سعيد
بن عبد الله الحنفي ... (سلام طويل)
السلام على بشر بن
عمرو الحضرمي ... (سلام طويل)
السلام على يزيد
بن حصين الهمداني المشرقي ، القارئ المجدّل بالمشرفي
السلام على عمران
بن كعب الأنصاري [لعله تصحيف لعمرو بن جنادة ابن كعب]
السلام على نعيم
بن عجلان الأنصاري
السلام على زهير
بن القين البجلي ... (سلام طويل)
السلام على عمرو
بن قرظة الأنصاري
السلام على حبيب
بن مظاهر الأسدي
السلام على الحر
بن يزيد الرياحي ـ السلام على عبد الله بن عمير الكلبي ـ السلام على نافع بن هلال
الجملي المرادي ـ السلام على أنس بن كاهل الأسدي ـ السلام على قيس بن مسهر
الصيداوي ـ السلام على عبد الله وعبد الرحمن ابني عروة بن حرّاق الغفاريين
السلام على جون
مولى أبي ذر الغفاري ـ السلام على شبيب بن عبد الله النهشلي ـ السلام على الحجاج
بن يزيد السعدي ـ السلام على قاسط وكردوس ابني عبد الله بن زهير التغلبيين ـ السلام
على كنانة بن عتيق ـ السلام على ضرغامة بن مالك.
السلام على جوين
بن مالك الضبعي ـ السلام على عمرو بن ضبيعة الضّبعي
السلام على يزيد
بن ثبيت القيسي
السلام على عبد
الله وعبيد الله ابني يزيد بن ثبيت القيسي.
السلام على عامر
بن مسلم ـ السلام على قعنب بن عمرو النمري
السلام على سالم
مولى عامر بن مسلم ـ السلام على سيف بن مالك ـ السلام على زهير بن بشر الخثعمي
السلام على زيد بن
معقل [أو مغفّل] الجعفي ـ السلام على الحجاج بن مسروق الجعفي
السلام على مسعود
بن الحجاج وابنه ـ السلام على مجمع بن عبد الله العائذي ـ السلام على عمار بن حسان
بن شريح الطائي ـ السلام على حيان [أو جنادة] ابن الحارث السلماني الأزدي ـ السلام
على جندب ابن حجير الخولاني ـ السلام على عمرو [وليس عمر] ابن خالد الصيداوي ـ السلام
على سعيد مولاه ـ السلام على يزيد بن زياد بن المهاصر الكندي ـ السلام على زاهر
مولى عمرو بن الحمق الخزاعي ـ السلام على جبلة بن علي الشيباني
السلام على سالم
مولى بني المدينة الكلبي
السلام على أسلم
بن كثير الأزدي ـ السلام على زهير بن سليم الأزدي ـ السلام على قاسم بن حبيب
الأزدي ـ السلام على عمر بن الأحدوث الحضرمي
السلام على أبي
ثمامة عمرو بن عبد الله الصائدي
السلام على حنظلة
بن أسعد الشبامي
السلام على عبد
الرحمن بن عبد الله بن الكدن الأرحبي ـ السلام على عمارة ابن أبي سلامة الهمداني
السلام على عابس
بن شبيب الشاكري ـ السلام على شوذب مولى شاكر ـ السلام على سيف بن الحارث بن سريع
ـ السلام على مالك بن عبد بن سريع
السلام على الجريح
المأسور سوار بن أبي حمير [أو عمير] الفهمي [أو النهمي] الهمداني ـ السلام على
المرتثّ معه عمرو بن عبد الله الجندعي
(المرتث : هو
الّذي يحمل من المعركة جريحا وبه رمق ، ثم يموت خارجها).
الخاتمة :
السلام عليكم يا
خير أنصار. السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. بوّأكم الله مبوّأ الأبرار.
أشهد لقد كشف الله لكم الغطاء ، ومهّد لكم الوطاء ، وأجزل لكم العطاء ، وكنتم عن
الحق غير بطاء. وأنتم لنا فرطاء ، ونحن لكم خلطاء ، في دار البقاء. والسلام عليكم
ورحمة الله وبركاته.
موقعة كربلاء
يوم العاشر من المحرم
قال الامام أبو
عبد الله الحسين (ع) سيد الشهداء ، وإمام الاباء والفداء ، في كربلاء ، يوم
عاشوراء :
ألا وان الدعي ابن
الدعي قد ركز بين اثنتين : السّلة أو الذلة ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله لنا
ذلك ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت وحجور طهرت ، وأنوف حمية ونفوس أبية ، لا تؤثر
طاعة اللئام على مصارع الكرام.
وقال الشاعر :
لك بالطف يابن
أحمد يوم
|
|
خلدته الأجيال
جيلا فجيلا
|
يوم ناديت يا
سيوف خذيني
|
|
ابت النفس ان
أعيش ذليلا
|
الفصل الثاني والعشرون
موقعة كربلاء
ـ مقدمة الفصل ١ ـ
منزلة شهداء كربلاء (ع)
٢ ـ بدء القتال
والمبارزة :
ـ الحملة الأولى
ـ المبارزات
٣ ـ المستشهدون من
الأصحاب بالمبارزة :
ـ زحف عمرو بن
الحجاج على ميمنة الحسين (ع)
ـ زحف شمر بن ذي
الجوشن على الميسرة
ـ عزرة بن قيس
يطلب النجدة والمدد
ـ مبارزة الحر بن
يزيد الرياحي
ـ عمر بن سعد يأمر
بتقويض أبنية الحسين عليهالسلام وحرقها
ـ الصلاة في
المعركة
ـ تنافس الأصحاب
على الموت
ـ جدول بأشهر
المستشهدين من الأصحاب مع ذكر قاتليهم.
الفصل الثاني
والعشرون
موقعة كربلاء
مقدمة الفصل :
بعد أن استطاع
الإعلام الأموي وأعوان حكمه أن يضلّلوا الناس ، ويرغّبوهم ويرهّبوهم بكل وسيلة ،
ويزجّوهم آلافا مؤلّفة إلى ميدان كربلاء ، وبعد أن زحفت جيوش يزيد وابن زياد
بقيادة عمر بن سعد ، حتى اكتملت هناك ٠٠٠ / ٣٠ ثلاثين ألفا ، يتحلّقون حول الثلّة
المؤمنة من كل جانب ؛ بدأت معركة كربلاء العظمى ، حين وضع ابن سعد سهمه في كبد
قوسه وقال : «اشهدوا لي عند الأمير أنني أول من رمى آ ، فتتابع أصحابه في إثره
بالرمي ، فرشقوهم رشقة واحدة ، حتى لم يبق أحد من أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام إلا أصابه من رميهم سهم ، وخرّ منهم للحال خمسون شهيدا ،
وهم الذين يشار إليهم بالمستشهدين في (الحملة الأولى) ، وقد مرّت أسماؤهم في
الفقرة رقم. ١٠
ثم بدأت (المبارزات)
، فتقدم الحر بن يزيد ، ومسلم بن عوسجة ، وبرير بن خضير ، وعبد الله بن عمير ...
وغيرهم ؛ وكان الواحد منهم يستأذن الحسين عليهالسلام ثم يبرز ، وهو يرتجز بعض الشعر الّذي ينبئ عن نسبه ، ويفصح
عن بعض صفاته ، ثم يقاتل حتى يقتل. كل ذلك دفاعا عن الحسين الإمام وأهل بيته
الكرام عليهمالسلام.
حتى إذا قتل كل
الأصحاب وعددهم ٨٢ شهيدا ، برز شبان أهل البيت عليهمالسلام ، أولهم علي الأكبر عليهالسلام فلذة كبد الحسين عليهالسلام ، وآخرهم العباس عليهالسلام أخو الحسين عليهالسلام وحامل لوائه. فتفانوا في الدفاع عن عميدهم وإمامهم الحسين
ابن علي عليهالسلام ، إلى أن أصبح وحيدا فريدا. وكان عدد المستشهدين منهم ١٧
شهيدا أو أزيد.
ثم انتضى للأعداء
الإمام الحسين عليهالسلام ابن حيدرة الكرار ، يكرّ عليهم ويغوص في أوساطهم ، حتى قتل
مقتلة عظيمة ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي
العظيم.
ثم أراد عليهالسلام أن يودّع عياله الوداع الأخير ، فقال لأخته العقيلة زينب عليهالسلام : ناوليني ولدي الرضيع ـ وهو عبد الله ـ لأودّعه ، فبينما
هو يقبّله ويضمه إلى صدره ، والطفل يتلوى جوعا وعطشا ، ضربه حرملة بسهم ذي شعبتين
، فرى أوداجه الأربعة وذبحه وهو في حجر أبيه.
وظل الحسين عليهالسلام يقاتل القوم حتى أثخن بالجراح ، وقد أصابته ٧٢ ضربة في
جسمه الشريف. عند ذلك خرّ إلى الأرض ، وكان على عمر بن سعد أن يقترب ليذبحه ،
ولكنه كره ذلك. وتقدم خولي وسنان وغيرهما لذبحه ، فضعفوا وأرعدوا من رؤية وجه
الحسين عليهالسلام وإشراقته ، وهو يبتسم للقاء الجنة. عند ذلك زجرهم أشقى
الأشقياء شمر بن ذي الجوشن ، وعزم على ذبحه. وكيلا ينظر إلى وجهه ، قلبه واحتزّ
رأسه من الخلف ، والحسين عليهالسلام يكبّر ويحمد الله ، حتى فاضت روحه الزكية.
لقد زخرت كربلاء
بألوان الكرب والبلاء ، وأصناف الجرائم الوحشية التي تحمّلها أهل الحق ، لإحياء
دينهم وعقيدتهم في نفوس الغافلين والمضلّلين ، وليسطّروا لمن يأتي بعدهم من
المسلمين ، قصة الجهاد والكفاح ، والتضحية والفداء ، في سبيل الحق والمبدأ ،
ولتطهير الأرض من براثن الظلم والباطل.
ولهذه المعاني
السامية ، فإننا كلما تذكرنا كربلاء وما حصل في كربلاء ، يضطرم فؤادنا بالحزن
والألم ، وتتوق قلوبنا إلى نصرة الحق ، حتى كأن كل أرض نمشي عليها أرض كربلاء ،
وكل يوم نعيشه في حياتنا يوم عاشوراء.
ولله درّ من قال :
يا وقعة الطفّ
كم أضرمت في كبدي
|
|
وطيس حزن ليوم
الحشر مسجورا
|
كأن كلّ مكان
كربلاء لدى
|
|
عيني ، وكلّ
زمان يوم عاشورا
|
١ ـ منزلة شهداء كربلاء (رض)
١٩ ـ صفة شهداء
كربلاء ومنزلتهم بين الشهداء :
(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٧٤)
روى الصدوق مرفوعا
إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : أتدرون ما غمّي ، وفي أي شيء تفكيري ، وإلى أي شيء
أشتاق؟. قال أصحابه : لا يا رسول الله ، ما علمنا بهذه من
شيء ، أخبرنا
بغمّك وتفكّرك وتشوّقك. قال النبي (ص) : أخبركم إنشاء الله. ثم تنفّس فقال : هاه
شوقا إلى إخواني من بعدي!. فقال أبوذر : يا رسول الله ، لسنا إخوانك؟!. قال (ص) :
لا ، أنتم أصحابي. وإخواني يجيئون من بعدي ، شأنهم شأن الأنبياء. قوم يفرّون من
الآباء والأمهات ، ومن الإخوة والإخوان ومن القرابات كلهم ، ابتغاء مرضاة الله.
يتركون المال لله ، ويذللون أنفسهم بالتواضع لله. لا يرغبون في الشهوات وفضول
الدنيا ، مجتمعون في بيت من بيوت الله كأنهم غرباء ، تراهم محزونين لخوف النار وحب
الجنة ؛ فمن يعلم قدرهم عند الله؟. ليس بينهم قرابة ولا مال يعطون بها بعضهم لبعض.
أشفق من الابن على الوالد ، والوالد على الولد ، والأخ على الأخ ، هاه شوقا إليهم.
ويفرّغون أنفسهم من كدّ الدنيا ونعيمها ، بنجاة أنفسهم من عذاب الأبد ، ودخول
الجنة لمرضاة الله.
واعلم يا أبا ذرّ
أن للواحد منهم أجر سبعين بدريا. يا أبا ذرّ واحد منهم أكرم على الله من كل شيء
خلق الله على وجه الأرض ...
٢٠ ـ شهداء كربلاء
مثل شهداء بدر :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٤٣)
في (منتخب كنز
العمال) عن الطبراني في (المعجم الكبير) ما لفظه : عن شيبان بن محرم ، قال : إني
لمع علي عليهالسلام إذ أتى كربلاء ، فقال : يقتل في هذا الموضع شهداء ليس
مثلهم شهداء إلا شهداء بدر.
٢١ ـ رأي سلمان
المحمدي في شهداء كربلاء (رض):
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧١)
قال هبيرة بن يريم
: حدثني أبي قال : لقيت سلمان الفارسي فحدثته بهذا الحديث [يقصد حديث كعب الأحبار
عن مقتل الحسين عليهالسلام] فقال سلمان : لقد صدقك كعب ... والذي نفس سلمان بيده ، لو
أني أدركت أيامه عليهالسلام لضربت بين يديه بالسيف ، أو أقطّع بين يديه عضوا عضوا ،
فأسقط بين يديه صريعا ؛ فإن القتيل معه يعطى أجر سبعين شهيدا ، كلهم كشهداء بدر
وأحد وحنين وخيبر.
٢٢ ـ شهداء كربلاء
(رض) لا يسبقهم سابق :
(المنتخب للطريحي ، ج ١ ص ٨٧)
عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : مرّ أمير المؤمنين عليهالسلام بكربلاء ، فبكى حتى
اغرورقت عيناه
بالدموع ، وقال : هذا مناخ ركابهم ، هذا ملقى رحالهم ، ههنا تراق دماؤهم. طوبى لك
من تربة عليها يراق دم الأحبة. مناخ ركاب ، ومنازل شهداء ، لا يسبقهم من كان قبلهم
، ولا يلحقهم من كان بعدهم.
٢٣ ـ تفضيل
المستشهدين مع الحسين عليهالسلام على حواريي الرسول (ص) وحواريي الإمام علي عليهالسلام : (أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٣١٥)
قال الفاضل
الدربندي ما ملخصه : لقد قال الإمام علي عليهالسلام في وصف المستشهدين مع الحسين عليهالسلام ومدحهم : «لم يسبقهم سابق ، ولا يلحقهم لاحق». وإن هذا
الكلام الشريف كالنور فوق الطور ، تسطع منه أنوار كثيرة ... فهل يحمل هذا الكلام
الشريف على أنهم لا يفضل عليهم أحد بالنسبة إلى مقام الشهادة فقط. أم أن هذا يعني
أنهم أفضل من حواريي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحواريي أمير المؤمنين عليهالسلام وحواريي الحسن عليهالسلام؟. فيجيب الفاضل الدربندي بأنه يفتي بأفضليتهم على كل
هؤلاء. فإن كل من استشهد بين يدي الإمام المظلوم وهم حواريي الحسين عليهالسلام ، أفضل من حواريي رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وهم سلمان وأبو ذر والمقداد ، ومن حواريي أمير المؤمنين عليهالسلام وهم عمرو بن الحمق الخزاعي وأويس القرني وميثم التمار
ومحمد بن أبي بكر ، ومن حواريي الحسن عليهالسلام وهم سفيان بن أبي ليلى وحذيفة بن أسد ، من غير استثناء أحد
منهم إلا فيما خرج بالدليل ؛ وذلك كسلمان عليهالسلام ، فإنه لا استبعاد في تفضيله على المستشهدين من الأصحاب
غير العترة الهاشمية النبوية.
٢٤ ـ تفاضل
المستشهدين من الآل والأصحاب عليهالسلام : (المصدر السابق)
ثم قال الفاضل
الدربندي ما معناه : وقد ثبت أن المستشهدين من الآل في طبقة أعلى من بقية الأصحاب
، وأفضلهم العباس وعلي الأكبر والقاسم بن الحسن عليهالسلام. أما الأصحاب فهم متفاوتون في الفضل ، وعلى رأسهم في
الأفضلية : حبيب بن مظاهر ومسلم بن عوسجة وزهير بن القين وهلال بن نافع. وأفضل
هؤلاء حبيب بلا منازع ، وهو من الذين علّمهم أمير المؤمنين عليهالسلام علم المنايا والبلايا ، وإنه لما قتل تبيّن الانكسار في
وجه سيد الشهداء عليهالسلام ، وكان عمر حبيب نحو ٧٥ سنة ، ومن جملة الكواشف الدالة على
ذلك كون مدفنه في موضع مستقل عند باب الإذن.
ويظهر التمايز بين
فضيلة الأصحاب ، بما نطقت به بعض الأخبار ، بأنه لما تيقّن أصحاب سيد الشهداء عليهالسلام القتل ، كان معشر الخصّيصين منهم فرحين مسرورين ، تتلألأ
وجوههم وتشرق ألوانهم كالنجوم الزاهرة ، وكان معشر غيرهم قد تغيّرت حالاتهم واصفرت
ألوانهم. وكان هؤلاء يتعجبون من عدم عروض الخشية والخوف على الفرقة الأولى.
(راجع الفقرة ٤٢
من هذا الجزء من الموسوعة).
٢٥ ـ الملائكة
تعرض المساعدة على الحسين عليهالسلام :
(كامل الزيارة ، ص ١٩٢)
عن أبان بن تغلب (قال)
قال أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : هبط أربعة آلاف ملك يريدون القتال مع الحسين بن علي عليهالسلام ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فرجعوا في الاستئذان. وهبطوا
وقد قتل الحسين عليهالسلام ، فهم عند قبره شعث غبر ، يبكونه إلى يوم القيامة ،
ورئيسهم ملك يقال له : منصور. فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ، ولا يودّعه مودّع إلا
شيّعوه ، ولا يمرض إلا عادوه ، ولا يموت إلا صلّوا على جنازته ، واستغفروا له بعد
موته. فكل هؤلاء في الأرض ينتظرون قيام القائم عليهالسلام.
٢٦ ـ نزول النصر
على الحسين عليهالسلام ـ الله خيّر الحسين عليهالسلام بين النصر أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله : (اللهوف
للسيد ابن طاووس ، ص ٤٣)
ذكر أبو طاهر
محمّد بن الحسين النرسي في كتاب (معالم الدين) أنه روي عن مولانا الصادق عليهالسلام أنه قال : سمعت أبي يقول : لما التقى الحسين عليهالسلام وعمر ابن سعد وقامت الحرب ، أنزل الله تعالى النصر ، حتى
رفرف على رأس الحسين عليهالسلام ، ثم خيّر بين النصر على أعدائه وبين لقاء الله ، فاختار
لقاء الله.
٢٧ ـ امتداد نهار
يوم عاشوراء إلى اثنين وسبعين ساعة :
(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٢٨٨)
يقول الفاضل
الدربندي : إن الأخبار الواردة عن شهادة الأصحاب والآل يوم عاشوراء ، تقتضي أن
يكون زمن حدوثها زمنا طويلا ؛ ويؤيد ذلك ما ذكر من أن يوم العاشر من المحرم يوم
الطف لم يكن كسائر الأيام ، بل كان فيه مقدار وقوف الشمس فوق الأرض مدة اثنين
وسبعين ساعة ، وهو من المعاجز التي أعطاها الله للحسين عليهالسلام.
٢٨ ـ الذين اكتفوا
بالدعاء للحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ولم ينصروه :
قال الدكتور علي
الشلق في كتابه (الحسين إمام الشاهدين) ص ١٠٧ : وقد رأى الحصين بن نمير رجالا من
أهل الكوفة على تل قريب ينظرون إلى الحسين عليهالسلام ويبكون ، ويدعون الله أن ينصر الحسين عليهالسلام. فصاح بهم : ويحكم!. انزلوا فقاتلوا ، ووفّروا الدموع
للأرامل والأطفال.
بينما قال الشيخ
محمّد مهدي شمس الدين في كتابه (أنصار الحسين) ص ٥٧ ط ٢ عنهم : وهناك رجال تافهون
، قال عنهم الحصين بن عبد الرحمن : إنهم كانوا وقوفا على التل يبكون ، ويقولون :
اللهم أنزل نصرك على الحسين عليهالسلام.
ثم قال : وهذه
رواية مشكوك فيها.
٢ ـ بدء القتال والمبارزة
قال تعالى : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلى
نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ٣٩ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ
إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ) [الحج : ٣٩ ـ ٤٠]
٢٩ ـ الاصطدام
المسلح بين الحق والباطل (الحملة الأولى):
(مقتل المقرّم ، ص ٢٩٢)
ونادى عمر بن سعد
بأصحابه : ما تنتظرون بالحسين احملوا بأجمعكم ، إنما هي أكلة واحدة ... فزحف عمر
بن سعد ... ثم وضع سهمه في كبد قوسه ، ثم رمى وقال : اشهدوا لي عند الأمير أني أول
من رمى. فرمى أصحابه كلهم بأجمعهم في إثره رشقة واحدة فما بقي من أصحاب
الحسين عليهالسلام أحد إلا أصابه من رميتهم سهم.
قال أبو مخنف :
فلما رموهم هذه الرمية ، قلّ أصحاب الحسين عليهالسلام وقتل منهم ما ينوف على خمسين رجلا . وتسمى هذه (بالحملة الأولى).
ويجد القارئ أسماء
المستشهدين في الحملة الأولى على رواية ابن شهر اشوب في الفقرة رقم ١٠.
__________________

صورة تمثل [الحملة الأولى] التي استشهد فيها من أصحاب الإمام الحسين عليهالسلام نحو خمسين شهيدا دفعة واحدة

ثم بدأت المبارزات ...
٣٠ ـ الإمام
الحسين عليهالسلام يأذن لأصحابه بالقتال :
(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٤٢)
فعندها ضرب الحسين
عليهالسلام بيده إلى لحيته ، فقال : قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي
لا بدّ منه ، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم.
٣١ ـ الحسين عليهالسلام لا يبدأ بقتال ، لأن هدفه هداية الناس :
(الوثائق الرسمية لثورة الإمام الحسين لعبد الكريم القزويني ، ص ١٦٢)
يقول السيد عبد
الكريم الحسيني القزويني : استعمل الحسين عليهالسلام مختلف الوسائل الممكنة لهدي القوم وإرشادهم إلى الطريق
الأقوم ، وبذل جهده عسى أن يتجنّب القتال ، لأنه صاحب دعوة خير وحبّ وسلام ؛ دعوة
الإسلام.
وكان عليهالسلام يبغض القتل والقتال ما دام هناك طريقة بالتي هي أحسن ،
ولهذا كان يكره أن يبدأهم بقتال ، كما قال عليهالسلام لزهير وغيره من أصحابه في مواطن عديدة : «إني أكره أن
أبدأهم بقتال» مقتديا بسيرة جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبيه علي بن أبي طالب عليهالسلام في دعوتهما إلى الله.
ولكنه عليهالسلام خاب ظنه فيهم ، لأن الشيطان استحوذ عليهم فأنساهم ذكر الله
العظيم ، وذلك عندما رشقوا معسكره بالسهام وكأنها المطر. فعندئذ لم يجد بدّا من
قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله. فأذن لأصحابه بالقتال ، وقال لهم : قوموا رحمكم
الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه ...
٣٢ ـ كلام للحسين عليهالسلام وفيه يستغيث بالناس : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩)
ثم قال عليهالسلام : اشتدّ غضب الله على اليهود والنصارى إذ جعلوا له ولدا
[وفي رواية : اشتد
غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولدا ، واشتدّ غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث
ثلاثة] ، واشتدّ غضب الله على المجوس إذ عبدت الشمس والقمر والنار من دونه ،
واشتدّ غضب الله على قوم اتّفقت آراؤهم [وفي رواية : كلمتهم] على قتل ابن بنت
نبيهم. والله لا أجيبهم إلى شيء مما يريدونه أبدا ، حتى ألقى الله وأنا مخضّب
بدمي.
ثم صاح عليهالسلام : أما من مغيث يغيثنا لوجه الله تعالى؟. أما من ذابّ يذبّ
عن حرم رسول الله ؟. فبكت النساء وكثر صراخهن.
__________________
٣٣ ـ استغاثة
الحسين عليهالسلام توقظ بعض النفوس الخيّرة ، فتنضم إلى الحسينعليهالسلام وتقاتل معه حتى الموت : (الوثائق الرسمية ، ص ١٦٨)
وسمع نفر من جيش
العدو كلام الحسين عليهالسلام واستغاثته ، فاهتزت مشاعرهم وتيقّظت ضمائرهم ، فاندفعوا نحو
الحسين عليهالسلام ينصرونه ويدافعون عنه.
وفي (الحدائق
الوردية ـ مخطوط) : وسمع الأنصاريان سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف استنصار
الحسين عليهالسلام واستغاثته وبكاء عياله ـ وكانا مع ابن سعد ـ فما لا
بسيفيهما على أعداء الحسين عليهالسلام ، وقاتلا حتى قتلا.
المبارزات
* مدخل (حول ترتيب
المستشهدين بالمبارزة):
قبل أن يأمر عمر
بن سعد بتقويض خيام الحسين عليهالسلام ، وقبل أن يحرق الشمر أبنية الحسين عليهالسلام ، استشهد عدة من أكبر شخصيات الحسين عليهالسلام وهم : مسلم بن عوسجة ، وعبد الله بن عمير الكلبي ، وأبو
الشعثاء الكندي ، وبرير ابن خضير الهمداني ، والحر بن يزيد الرياحي. وقد اعتمدنا
ترتيبهم هذا في الاستشهاد بالمبارزة ، مع اختلاف كبير في الروايات .. فالطبري في
تاريخه يذكر أن مسلم بن عوسجة هو أول قتيل من أصحاب الحسين عليهالسلام ، ثم يذكر أن عبد الله بن عمير الكلبي هو ثاني شهيد ، كما
يذكر أن أبا الشعثاء الكندي كان في أول من قتل. بينما يورد كثير من كتب المقاتل
برير بن خضير في المقدمة ، وكذلك يذكر البعض أن الحر كان أول قتيل بالمبارزة ،
وأنه تاب بعد (الحملة الأولى) وقال للحسين عليهالسلام : إذا كنت أول خارج عليك ، فائذن لي أن أكون أول قتيل بين
يديك. وهذه الرواية لم آخذ بها ، لأنها من جهة غير متواترة ، ولأنها من جهة أخرى
لا تفيد القطع بأنه أول المستشهدين. فالحر في هذا القول يطلب من الحسين عليهالسلام أن يكون أول المستشهدين ، ولكن ذلك لا يعني أنه فعلا كان
أول شهيد ، وإن كان من أوائل المستشهدين رحمهالله.
وإليك مبارزات
الأصحاب بترتيب مقبول ، بعد الإحصاء الرياضي الّذي أجريته في الفصل السابق لوضع
تسلسل لاستشهاد الأصحاب هو أقرب ما يكون من الحقيقة ، بطريقة المتوسط الحسابي
لترتيب استشهاد كل شهيد حسب وروده في كتب المقاتل المشهورة.

(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٢٣]
(الشكل ٤)
٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة
٣٤ ـ خروج مسلم بن
عوسجة ونافع بن هلال للقتال :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)
ثم خرج مسلم بن
عوسجة الأسدي وهو يقول :
إن تسألوا عني
فإني ذو لبد
|
|
من فرع قوم من
ذرى بني أسد
|
فمن بغاني حائد
عن الرشد
|
|
وكافر بدين جبار
صمد
|
ثم تابعه نافع بن
هلال الجملي وهو يقول :
أنا على دين علي
|
|
ابن هلال الجملي
|
أضربكم بمنصلي
|
|
تحت عجاج القسطل
|
فخرج لنافع رجل من
بني قطيعة ، فقال لنافع : أنا على دين عثمان. فقال نافع :
إذن أنت على دين
الشيطان ، وحمل عليه فقتله. فأخذ نافع ومسلم يجولان في ميمنة ابن سعد.
٣٥ ـ تشجيع عمرو
بن الحجاج لقومه ، واعترافه بشجاعة أصحاب الحسينعليهالسلام :
(مقتل المقرم ، ص ٢٩٦)
وأخذ أصحاب الحسين
عليهالسلام بعد أن قلّ عددهم وبان النقص فيهم ، يبرز الرجل بعد الرجل
، فأكثروا القتل في أهل الكوفة. فصاح عمرو بن الحجاج بأصحابه : أتدرون من تقاتلون؟!.
تقاتلون فرسان المصر وأهل البصائر وقوما مستميتين ، لا يبرز إليهم أحد منكم إلا
قتلوه على قلتهم. والله لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم.
فقال عمر بن سعد :
صدقت ، الرأي ما رأيت. أرسل في الناس من يعزم عليهم أن لا يبارزهم رجل منكم ، ولو
خرجتم إليهم وحدانا لأتوا عليكم .
__________________
زحف الميمنة
٣٦ ـ عمرو بن
الحجاج يزحف على ميمنة الحسين عليهالسلام :
(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٦)
وحمل عمرو بن
الحجاج على ميمنة أصحاب الحسين عليهالسلام فيمن كان معه من أهل الكوفة. فلما دنا من أصحاب الحسين عليهالسلام جثوا له على الرّكب ، وأشرعوا بالرماح نحوهم ، فلم تقدم
خيلهم على الرماح ، فذهبت الخيل لترجع ، فرشقهم أصحاب الحسين عليهالسلام بالنبل ، فصرعوا منهم رجالا وجرحوا منهم آخرين .
وكان عمرو بن
الحجاج يقول لأصحابه : قاتلوا من مرق من الدين ، وفارق الجماعة. فصاح الحسين عليهالسلام : ويحك يا حجّاج أعليّ تحرّض الناس؟. أنحن مرقنا من الدين
وأنت تقيم عليه؟!. ستعلمون إذا فارقت أرواحنا أجسادنا من أولى بصليّ النار !.
٣٧ ـ عمرو بن
الحجاج يتهم الحسين عليهالسلام بالمروق من الدين ، وجواب الحسين عليهالسلام له :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٥)
ثم دنا عمرو بن
الحجاج من أصحاب الحسين عليهالسلام. ثم صاح بقومه : يا أهل الكوفة الزموا طاعتكم وجماعتكم ،
ولا ترتابوا في قتل من مرق من الدين ، وخالف إمام المسلمين. فقال له الحسين عليهالسلام : يابن الحجاج أعلي تحرّض الناس؟. أنحن مرقنا من الدين
وأنتم ثبتّم عليه؟!. والله لتعلمنّ أيّنا المارق من الدين ، ومن هو أولى بصليّ
النار .
مصرع مسلم بن عوسجة
الأسدي
__________________
٣٨ ـ مصرع مسلم بن
عوسجة الأسدي ووصيته لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم : (مقتل الحسين
للمقرم ، ص ٢٩٧)
ثم حمل عمرو بن
الحجاج من نحو الفرات فاقتتلوا ساعة ، وفيها قاتل مسلم ابن عوسجة ، فشدّ عليه مسلم
بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة البجلي وثارت لشدة الجلاد غبرة شديدة ، وما انجلت الغبرة إلا
ومسلم صريعا وبه رمق. فمشى إليه الحسين عليهالسلام ومعه حبيب بن مظاهر الأسدي ، فقال له الحسين عليهالسلام : رحمك الله يا مسلم (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى
نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٢٣].
ودنا منه حبيب وقال : عزّ عليّ مصرعك يا مسلم ، أبشر بالجنة. فقال قولا ضعيفا :
بشّرك الله بخير. قال حبيب : لو لم أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إليّ بكل ما
أهمّك [حتى أحفظك في ذلك ، لما أنت أهله في القرابة والدين ]. فقال له مسلم : بل أوصيك بهذا [وأشار إلى الحسين عليهالسلام] أن تموت دونه. فقال : أفعل وربّ الكعبة فما أسرع من أن مات. [وفي اللهوف ، ص ٦٠ أنه قال : لأنعمنّك
عينا ثم مات] رضوان الله عليه.
وفي (مقتل الخوارزمي) ج ٢ ص ١٦ :
فصاحت جارية له :
يا سيداه!. يابن عوسجتاه!.
فنادى أصحاب عمر
بن سعد مستبشرين : قتلنا مسلم بن عوسجة. فقال شبث بن ربعي لبعض من حوله : ثكلتكم
أمهاتكم ، أما إنكم تقتلون أنفسكم بأيديكم ، وتذلّون عزّكم [وفي رواية ابن الأثير
: وتذلّون أنفسكم لغيركم]. أتفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة؟!. أما والذي أسلمت
له ، لربّ موقف له في المسلمين كريم. والله لقد رأيته يوم (سلق أذربيجان) ، قتل
ستة من المشركين قبل أن تلتئم خيول المسلمين [أفيقتل مثله وتفرحون؟!].
__________________
زحف الميسرة
٣٩ ـ زحف شمر بن
ذي الجوشن على ميسرة الحسين عليهالسلام :
(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٣٧)
ثم تراجع القوم
إلى الحسين عليهالسلام ، فحمل شمر بن ذي الجوشن في الميسرة ، على أهل الميسرة ،
فثبتوا له وطاعنوه. وحمل على الحسين عليهالسلام وأصحابه من كل جانب. وقاتلهم أصحاب الحسين عليهالسلام قتالا شديدا ، فأخذت خيلهم تحمل ، وإنما هي اثنان وثلاثون
فارسا ، فلا تحمل على جانب من خيل الكوفة إلا كشفته.
٤٠ ـ خبر عبد الله
بن عمير الكلبي ومقاتلته :
(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٥ ط أولى مصر)
كان عبد الله بن
عمير الكلبي (بالنّخيلة) فرأى القوم يعرضون ليسرحوا إلى قتال الحسين عليهالسلام. فقال : والله لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإني
لأرجو ألا يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثوابا عند الله من
ثوابه إياي في جهاد المشركين. فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما
يريد. فقالت : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك. فخرج بها حتى أتى
حسينا عليهالسلام فأقام معه. فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم ارتمى الناس. فخرج
يسار مولى زياد بن أبي سفيان وسالم مولى عبيد الله بن زياد ، فقالا : من يبارز؟.
ليخرج إلينا بعضكم. فوثب حبيب بن مظاهر وبرير بن خضير ، فقال لهما حسين : اجلسا.
فقام عبد الله ابن عمير هذا ، فاستأذن الحسين بالخروج فأذن له ، وكان رجلا آدم
طويلا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين. فخرج وقاتل قتالا مريرا.
فلما برز قال له
يسار : من أنت؟. فانتسب له. فقال له : لست أعرفك ، ليخرج إليّ زهير بن القين أو
حبيب بن مظاهر أو برير بن خضير.
فقال له ابن عمير
: يابن الفاعلة [وفي رواية : يابن الزانية] ، وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس ،
ولا يبرز إليك أحد إلا وهو خير منك!.
ثم شدّ عليه فضربه
بسيفه حتى برد ، وهو أول من قتل من أصحاب ابن سعد. فإنه لمشتغل بضربه إذ شدّ عليه
سالم مولى عبيد الله ، فصاح به أصحابه : قد رهقك العبد ، فلم يعبأ به حتى غشيه ،
فبدره بضربة اتّقاها ابن عمير بيده اليسرى فأطارت
أصابع كفه ، ومال
عليه عبد الله فضربه حتى قتله. فرجع وقد قتلهما جميعا ، وهو يرتجز ويقول :
إن تنكروني فأنا
ابن كلب
|
|
حسبي ببيتي في
عليم حسبي
|
إني امرؤ ذو
مرّة وعضب
|
|
ولست بالخوّار عند النكب
|
إني زعيم لك أمّ
وهب
|
|
بالطعن فيهم
صادقا والضرب
|
ضرب
غلام مؤمن بالربّ
|
مصرع عبد الله بن
عمير الكلبي رحمهماالله
٤١ ـ مصرع عبد
الله بن عمير الكلبي ، وزوجته أم وهب (رض):
(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٢٩٧)
وحمل الشمر في
جماعة من أصحابه على ميسرة الحسين فثبتوا لهم حتى كشفوهم ، وفيها قاتل عبد الله بن
عمير الكلبي [وهو عبد الله بن عمير بن عباس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي
العليمي أبو وهب] فقتل تسعة عشر فارسا واثني عشر راجلا ، وشدّ عليه هانئ بن ثبيت
الحضرمي فقطع يده اليمنى ، وقطع بكر بن حي ساقه ، فأخذ أسيرا وقتل صبرا . وذكر الطبري في تاريخه أنه كان القتيل الثاني من أصحاب
الحسين عليهالسلام.
فمشت إليه زوجته
أم وهب (بنت عبد الله من النمر بن قاسط) وجلست عند رأسه تمسح الدم عنه وتقول :
هنيئا لك الجنة ، أسأل الله الّذي رزقك الجنة أن يصحبني معك. فقال الشمر لغلامه
رستم : اضرب رأسها بالعمود ، فشدخه وماتت وهي
__________________
أول امرأة قتلت من
أصحاب الحسين عليهالسلام . وقطع رأس عبد الله ورمي به إلى جهة الحسين عليهالسلام ، فأخذته أمه ومسحت الدم عنه ، ثم أخذت عمود خيمة وبرزت
إلى الأعداء ، فردّها الحسين عليهالسلام وقال : ارجعي رحمك الله ، فقد وضع عنك الجهاد. فرجعت وهي
تقول : اللهم لا تقطع رجائي. فقال الحسين عليهالسلام : لا يقطع الله رجاءك .
توضيح :
حصل خلط كبير عند
المؤرخين بين اسمين هنا : عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي ، وبين وهب بن عبد الله
بن حباب الكلبي ، وذلك للتشابه بين (جناب) و (حباب) من جهة ، ولأن زوجة عبد الله
بن عمير لقبها (أم وهب).
والذي أرجحه أن
هناك شخصين مختلفين وكل واحد منهما استشهد على حدة ؛ الأول خرج من الكوفة إلى (النّخيلة)
إلى كربلاء ، وهو عبد الله بن عمير ، والثاني كان نصرانيا فلقي الحسين عليهالسلام في طريقه وأسلم ، وصحبه إلى كربلاء ، وهو وهب بن حباب.
والذي يقوّي رأيي
هذا ، أن هناك روايتين مختلفتين لاستشهاد (عبد الله) أو (وهب) وزوجته أو أمه (أم
وهب). إحداهما تحكي أنه قتل وجاءت زوجته فجلست عند رأسه تمسح الدم عنه. والثانية
أن الأعداء احتوشوه فأخذوه أسيرا ، وقطعوا رأسه ، ثم رموا به إلى عسكر الحسين عليهالسلام ، فأخذته زوجته وضربت به خيمة للأعداء فهدمتها.
والرواية الأولى
تثبت أن زوجته (أم وهب) استشهدت بعده ، حيث ضربها أحدهم بعمود من حديد على رأسها.
بينما تشير الثانية إلى أنها حاولت القتال ، ولكن الحسين عليهالسلام ردّها إلى المخيم.
وسوف تأتيك قصة
استشهاد وهب بن حباب الكلبي ، الّذي أسلم مع أمه وزوجته ، بعد قليل.
__________________
٤٢ ـ الدنيا سجن
المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر المؤمن إلى الجنة :
(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٧٣)
روي عن أبي جعفر
الثاني (الإمام محمّد الجواد) عن آبائه (قال) قال علي بن الحسين عليهالسلام : لما اشتدّ الأمر بأبي الحسين عليهالسلام نظر إليه من كان معه ، فإذا هو بخلافهم ، لأنهم كلما اشتد
الأمر تغيّرت ألوانهم وارتعدت فرائصهم ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين عليهالسلام وبعض من معه من خصائصه تشرق ألوانهم ، وتهدأ جوارحهم ،
وتسكن نفوسهم. فقال بعض لبعض : انظروا لا يبالي بالموت.
فقال لهم الحسين عليهالسلام : صبرا بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن
البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم. فأيكم يكره أن ينتقل من سجن [أي
الدنيا] إلى قصر [أي الجنة]! ، وهي لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب.
إن أبي حدثني عن رسول الله (ص) : أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ، والموت جسر
هؤلاء إلى جناتهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم. ما كذبت ولا كذّبت.
طلب النجدة والمدد
٤٣ ـ عزرة بن قيس
يستنجد بابن سعد ، واعتراف شبث بن ربعي بضلال أصحابه : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص
٢٩٩)
ولما رأى عزرة بن
قيس وهو على الخيل الوهن في أصحابه والفشل كلما يحملون ، بعث إلى عمر بن سعد
يستمده الرجال. فقال ابن سعد لشبث بن ربعي : ألا تقدم إليهم؟. قال : سبحان الله ،
تكلف شيخ المصر ، وعندك من يجزي عنه؟. ولم يزل شبث بن ربعي كارها لقتال الحسين ،
وقد سمع يقول في إمارة مصعب : قاتلنا مع علي بن أبي طالب ومع ابنه من بعده [يعني
الحسن] آل أبي سفيان خمس سنين ، ثم عدونا على ولده وهو خير أهل الأرض ، نقاتله مع
آل معاوية وابن سمية الزانية؟! ضلال يا لك من ضلال. والله لا يعطي الله أهل هذا
المصر خيرا أبدا ، ولا يسددهم لرشد .
فمدّه بالحصين بن
نمير في خمسمائة من الرماة.
__________________
٤٤ ـ وصف أحدهم
لبسالة الحسين عليهالسلام وأصحابه الأبطال :
(الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص ١٤٧)
ذكر ابن أبي
الحديد المعتزلي في (شرح نهج البلاغة) ج ٣ ص ٣٠٧ ط مصر : أنه قيل لرجل شهد يوم
الطف مع عمر بن سعد : ويحك ، أقتلتم ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. فقال : عضضت بالجندل إنك لو شهدت ما شهدنا لفعلت ما فعلنا!. ثارت علينا عصابة [يعني
جماعة الحسين عليهالسلام] أيديها في مقابض سيوفها ، كالأسود الضارية ، تحتطم الفرسان
يمينا وشمالا ، وتلقي أنفسها على الموت ، لا تقبل الأمان ولا ترغب في المال ، ولا
يحول حائل بينها وبين الورود على حياض المنية أو الاستيلاء على الملك ، فلو كففنا
عنها رويدا لأتت على نفوس العسكر بحذافيرها ، فما كنا فاعلين لا أمّ لك!.
مصرع أبي الشعثاء الكندي
رحمهالله
٤٥ ـ عدول أبي
الشعثاء الكندي إلى الحسين عليهالسلام واستشهاده :
(مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٠٠)
وكان أبو الشعثاء
الكندي ـ وهو يزيد بن زياد بن مهاصر الكندي ـ مع ابن سعد ، فلما ردّوا الشروط على
الحسين عليهالسلام صار معه. فقاتل بين يديه ، وجعل يرتجز ويقول :
أنا يزيد وأبي
مهاصر
|
|
أشجع من ليث
بغيل خادر
|
يا ربّ إني
للحسين ناصر
|
|
ولابن سعد تارك
وهاجر
|
وكان راميا ، فجثا
على ركبتيه بين يدي الحسين عليهالسلام ورمى بمئة سهم ما أخطأ منها بخمسة أسهم ، والحسين عليهالسلام يقول : اللهم سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنة.
__________________
فلما نفدت سهامه
قام وهو يقول : لقد تبيّن لي أني قتلت منهم خمسة . ثم حمل على القوم فقتل تسعة نفر حتى قتل رحمهالله .
٤٦ ـ مبارزة برير
بن خضير ليزيد بن معقل ومباهلتهما ، ثم مصرع برير على يد كعب بن جابر ، وقيل بحير
الضبّي : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١١)
ثم برز برير بن
خضير الهمداني وهو يقول :
أنا برير وأبي
خضير
|
|
لا خير فيمن ليس
فيه خير
|
وفي رواية مقتل
الخوارزمي :
أنا برير وفتى
خضير
|
|
أضربكم ولا أرى
من ضير
|
يعرف فيّ الخير
أهل الخير
|
|
كذاك فعل الخير
من برير
|
مصرع بربر بن خضير
الهمداني
وكان برير من عباد
الله الصالحين ، وكان زاهدا عابدا ، وكان أقرأ أهل زمانه ، وكان يقال له سيّد
القرّاء ، وكان شيخا تابعيا ، وله في الهمدانيين شرف وقدر. فحمل وقاتل قتالا شديدا
، وجعل ينادي فيهم : اقتربوا مني يا قتلة المؤمنين ، اقتربوا مني يا قتلة أولاد
البدريين ، اقتربوا مني يا قتلة عترة خير المرسلين. فبرز إليه رجل يقال له يزيد بن
معقل [وفي رواية : يزيد بن المغفل ].
وذكر المقرّم هذا
الكلام بشيء من التفصيل قال :
ونادى يزيد بن
معقل : يا برير كيف ترى صنع الله بك؟. فقال : صنع الله بي خيرا
__________________
وصنع بك شرا. فقال
يزيد : كذبت وقبل اليوم ما كنت كذّابا ، أتذكر يوم كنت أماشيك في (بني لوذان) وأنت
تقول : كان معاوية ضالا وإن إمام الهدى علي بن أبي طالب؟. قال برير : بلى أشهد أن
هذا رأيي. فقال يزيد : وأنا أشهد أنك من الضالين. فدعاه برير إلى المباهلة ، فرفعا
أيديهما إلى الله سبحانه يدعوانه أن يلعن الكاذب ويقتله. ثم تضاربا فضربه برير على
رأسه ضربة قدّت المغفر والدماغ ، فخرّ كأنما هوى من شاهق ، وسيف برير ثابت في
رأسه. وبينا هو يريد أن يخرجه إذ حمل عليه (رضي بن منقذ العبدي) واعتنق بريرا
واعتركا ، فصرعه برير وجلس على صدره ، فاستغاث رضي العبدي بأصحابه ، فذهب كعب بن
جابر الأزدي ليحمل على برير ، فصاح به زهير بن أبي الأخنس : هذا برير بن خضير
القارئ الّذي كان يقرئنا القرآن في جامع الكوفة ، فلم يلتفت إليه وطعن بريرا في
ظهره ، فبرك برير على رضي العبدي وعضّ وجهه وقطع طرف أنفه ، وألقاه كعب برمحه عنه
وضربه بسيفه فقتله رضوان الله عليه. وقام العبدي ينفض التراب عن قبائه وهو يقول :
لقد أنعمت عليّ يا أخا الأزد نعمة لا أنساها أبدا.
وذكر الخوارزمي أن
الّذي قتله هو بحير بن أوس الضبّي.
ترجمة برير بن خضير الهمداني المشرقي
بنو مشرق بطن من
همدان ، قال الرواة : كان برير شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن ومن شيوخ القرّاء
في الكوفة. وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين. ذكر أرباب
السير أن بريرا لما بلغه امتناع الحسين عليهالسلام من البيعة ليزيد الطاغية ، خرج من الكوفة حتى أتى مكة وصحب
الحسين عليهالسلام حتى استشهد معه رضوان الله عليه.
٤٧ ـ مبارزة الحر
بن يزيد الرياحي : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠)
ثم قال الحر
للحسين عليهالسلام : يابن رسول الله ، كنت أول خارج عليك فاذن لي أن أكون أول
قتيل بين يديك فلعلي أن أكون ممن يصافح جدك محمدا (ص) غدا
__________________
في القيامة. فقال
له الحسين عليهالسلام : إن شئت فأنت ممن تاب الله عليه ، وهو التواب الرحيم.
فكان أول من تقدم إلى براز القوم وهو يرتجز ويقول :
إني أنا الحر
ومأوى الضيف
|
|
أضرب في أعناقكم
بالسيف
|
عن خير من حلّ
بوادي الخيف
|
|
أضربكم ولا أرى
من حيف
|
وروي أنه كان
يرتجز أيضا ويقول :
آليت لا أقتل
حتى أقتلا
|
|
ولن أصاب اليوم
إلا مقبلا
|
أضربهم بالسيف
ضربا معضلا
|
|
لا ناكلا عنهم
ولا معلّلا
|
لا عاجزا عنهم
ولا مبدّلا
|
|
أحمي الحسين
الماجد المؤمّلا
|
وخرج الحر بن يزيد
الرياحي ومعه زهير بن القين يحمي ظهره ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر
واستنقذه ، ففعلا ذلك ساعة .
وفي رواية (مقتل
الحسين) لأبي مخنف ، ص ٧٧ :
ثم تقدم الحر إلى
الحسين عليهالسلام وقال : يا مولاي أريد أن تأذن لي بالبراز إلى الميدان ،
فإني أول من خرج إليك ، وأحب أن أقتل بين يديك!. فقال له عليهالسلام : ابرز بارك الله فيك ، فبرز الحر وهو يقول :
أكون أميرا
غادرا وابن غادر
|
|
إذا كنت قاتلت
الحسين بن فاطمه
|
وروحي على
خذلانه واعتزاله
|
|
وبيعة هذا
الناكث العهد لائمه
|
فيا ندمي أن لا
أكون نصرته
|
|
ألا كل نفس لا
تواسيه نادمه
|
أهمّ مرارا أن
أسير بجحفل
|
|
إلى فئة زاغت عن
الحق ظالمه
|
فكفوّا وإلا
زرتكم بكتائب
|
|
أشدّ عليكم من
زحوف الديالمه
|
سقى الله أرواح
الذين توازروا
|
|
على نصره سحا من
الغيث دائمه
|
وقفت على
أجسادهم وقبورهم
|
|
فكاد الحشا
ينفتّ والعين ساجمه
|
لعمري لقد كانوا
مصاليت في الوغى
|
|
سراعا إلى
الهيجا ليوثا ضراغمه
|
تواسوا على نصر
ابن بنت نبيهم
|
|
بأسيافهم آساد
خيل قشاعمه
|
__________________
ثم حمل على القوم
وغاص في أوساطهم ، فقتل رجالا ونكّس أبطالا ، حتى قتل مائة فارس ، ورجع إلى الحسين
عليهالسلام.
ثم حمل على القوم
وهو يقول :
هو الموت فاصنع
ويك ما أنت صانع
|
|
فأنت بكأس الموت
لا شكّ كارع
|
وحام عن ابن
المصطفى وحريمه
|
|
لعلك تلقى حصد
ما أنت زارع
|
لقد خاب قوم
خالفوا الله ربهم
|
|
يريدون هدم
الدين والدين شارع
|
يريدون عمدا قتل
آل محمّد
|
|
وجدّهم يوم
القيامة شافع
|
٤٨ ـ مبارزة الحر ليزيد بن سفيان
ومصرعه : (مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٣)
وروي عن أبي زهير
العبسي أن الحر بن يزيد لما لحق بالحسين عليهالسلام ، قال يزيد بن سفيان من بني شقرة وهم بنو الحارث بن تميم :
أما والله لو أني رأيت الحر بن يزيد حين خرج لأتبعته السنان.
قال : فبينا الناس
يتجاولون ويقتتلون ، والحر بن يزيد يحمل على القوم مقدما ، ويتمثل بقول عنترة :
ما زلت أرميهم
بثغرة نحره
|
|
ولبانه حتى تسربل بالدم
|
وإن فرسه لمضروب
على أذنيه وحاجبه ، وإن دماءه لتسيل. فقال الحصين ابن تميم ـ وكان على شرطة عبيد
الله ـ ليزيد بن سفيان : هذا الحر بن يزيد الّذي كنت تتمنى [قتله ، فهل لك به]!.
قال : نعم. فخرج إليه ، فقال له : هل لك يا حر بن يزيد في المبارزة؟. قال : نعم قد
شئت ، فبرز له. قال : فأنا سمعت الحصين بن تميم يقول : والله لبرز له فكأنما كانت
نفسه في يده ، فما لبّثه الحر حين خرج إليه أن قتله [وقتل أربعين فارسا وراجلا ].
مصرع الحر بن يزيد الرياحي
رحمهالله
__________________
٤٩ ـ مصرع الحر بن
يزيد الرياحي (رض):
(مقتل الحسين للمقرم ص ٣٠٢)
ثم رمى أيوب بن
مشرح الخيواني فرس الحر بسهم فعقره وشبّ به الفرس ، فوثب عنه كأنه ليث وبيده السيف. فقاتلهم راجلا قتالا شديدا وهو يقول :
إن تعقروا بي
فأنا ابن الحرّ
|
|
أشجع من ذي لبد
هزبر
|
وفي رواية أنه كان
يرتجز ويقول :
إني أنا الحر
ونجل الحرّ
|
|
أشجع من ذي لبد
هزبر
|
ولست بالخوّار
عند الكرّ
|
|
لكنني الثابت
عند الفرّ
|
وجعل يضربهم بسيفه
حتى قتل نيفا وأربعين رجلا .
ثم حملت الرجالة
على الحر وتكاثروا عليه ، فاشترك في قتله أيوب بن مشرح ، فاحتمله أصحاب الحسين عليهالسلام حتى وضعوه أمام الفسطاط الّذي يقاتلون دونه ... وهكذا كان
يؤتى بكل قتيل إلى هذا الفسطاط ، والحسين عليهالسلام يقول : قتلة مثل قتلة النبيين وآل النبيين .
ثم التفت الحسين عليهالسلام إلى الحر وكان به رمق ، فقال له وهو يمسح الدم عنه : أنت
الحر كما سمّتك أمك ، وأنت الحرّ في الدنيا والآخرة.
ورثاه رجل من
أصحاب الحسين عليهالسلام ، وقيل علي بن الحسين عليهالسلام ، وقيل إنها من إنشاء الإمام الحسين عليهالسلام خاصة فقال :
لنعم الحرّ حرّ
بني رياح
|
|
صبور عند مشتبك
الرماح
|
ونعم الحر إذ
نادى حسين
|
|
فجاد بنفسه عند
الصياح
|
وفي (طبقات ابن
سعد) أنه المتوكل الليثي .
__________________
ترجمة الحر بن يزيد التميمي الرياحي
هو الّذي جعجع
بالحسين عليهالسلام وكان أول خارج عليه ، ثم بعد ذلك أدركته السعادة وحظي بشرف
الشهادة ، فكان من أول المستشهدين بين يدي الحسين عليهالسلام يوم الطف .. وذكر أرباب السير أنه لما استشهد الحر أخرج
الحسين عليهالسلام منديله وعصب به رأس الحر.
وذكر الشيخ
السماوي ومثله العلامة المظفر قال : وإنما دفنت بنو تميم الحر بن يزيد على نحو ميل
من الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن اعتناء به. ولعل بنو تميم هم الذين تكتّلوا
يوم الحادي عشر من المحرم ومنعوا الناس من قطع رأس الحر وحمله ، كما فعلوا ببقية
الرؤوس ، إذ قطعوها من الأبدان وحملوها على أطراف الرماح. وللحر بن يزيد الرياحي
اليوم مشهد يزار خارج مدينة كربلاء ، في الموضع الّذي كان قديما يدعى النواويس (انظر
الشكل).

(الشكل ٥) : مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية كربلاء
٥٠ ـ الردّ على
الذين اتهموا الحر بالارتداد عن الدين ، وأن توبته
لم تقبل : (الأنوار النعمانية لنعمة الله الجزائري ، ج ٣ ص ٢٦٥)
قال السيد نعمة
الله الجزائري : لقد حدثني جماعة من الثقاة أن الشاه إسماعيل الصفوي لما ملك بغداد
، وأتى إلى مشهد الحسين عليهالسلام ، وسمع من بعض الناس الطعن على الحر بن يزيد ؛ أتى إلى
قبره ، وأمر بنبشه ، فرأوه نائما كهيئته لما قتل ، ورأوا على رأسه عصابة مشدودا
بها رأسه. فأراد الشاه أخذ تلك العصابة ، لما نقل في كتب السير أن تلك العصابة هي
منديل الحسين عليهالسلام شدّ به رأسه لما أصيب في تلك الواقعة ، ودفن على تلك
الهيئة. فلما حلّوا تلك العصابة جرى الدم من رأسه حتى امتلأ منه القبر ، فلما
شدّوا عليه تلك العصابة انقطع الدم. فأمر فبنى على قبره بناء ، وعيّن له خادما
يخدم قبره. وتبيّن له أن شهادته كانت على حقّ ، وأنه معدود في الشهداء.
* * *
* مدخل إلى البحث
التالي (انتصار العقيدة على العاطفة):
عندما تتغلب
العقيدة على العاطفة يستهين الإنسان بالحياة ، وهذا ما فعله أصحاب الحسين عليهالسلام ، حتى أن الواحد منهم كان يقدّم ابنه للقتل أو أخاه ،
وكانت المرأة تقدّم ابنها للشهادة أو زوجها. فكان الحسين عليهالسلام يردّ الغلام الّذي حضرت أمه معه (مثل عمرو بن جنادة
الأنصاري) ، فيقول الغلام : أمي أمرتني بذلك.
ومن أروع أشكال
هذا الانتصار للعقيدة على العاطفة ، تلك الأم التي أسلمت على يد الحسين (ع) ، ثم
قدّمت ابنها (وهب) للشهادة في سبيل الله. فلمثل هذا فليعمل العاملون ، وفي مثل ذلك
فليتنافس المتنافسون.
شهادة وهب ابن حباب
الكلبي رحمهالله
٥١ ـ مصرع وهب بن
حباب الكلبي :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط ٤)
ثم برز وهب بن
حباب الكلبي ، ويقال إنه كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسين عليهالسلام ، وكانت معه أمه وزوجته. فقالت أمه : قم يا بني فانصر ابن
بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال : أفعل يا أمّاه ولا أقصّر ، فبرز وهو يقول :
إن تنكروني فأنا
ابن الكلبي
|
|
سوف تروني وترون
ضربي
|
وحملتي وصولتي
في الحرب
|
|
أدرك ثاري بعد
ثار صحبي
|
وأدفع الكرب
أمام الكرب
|
|
ليس جهادي في
الوغى باللعب
|
ثم حمل وهب ولم
يزل يقاتل حتى قتل جماعة. ثم رجع إلى امرأته وأمه وقال : يا أماه أرضيت؟. فقالت :
ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين عليهالسلام ، فقالت امرأته : بالله عليك لا تفجعني بنفسك.
فقالت له أمه : يا
بني اعزب عن قولها ، وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة.
فرجع فلم يزل يقاتل حتى قطعت يداه. وأخذت امرأته عمودا وأقبلت نحوه وهي تقول :
فداك أبي وأمي ، قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأقبل كي يردّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت :
لن أعود دون أن أموت معك. فقال الحسين عليهالسلام : جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي إلى النساء رحمك الله ،
فانصرفت إليهن. ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.
توضيح :
لما حصل الالتباس
بين (عبد الله بن عمير بن جناب الكلبي) و (وهب بن عبد الله ابن حباب الكلبي) نجد
أن نفس القصة يرويها بعضهم تحت الاسم الأول ، وبعضهم تحت الاسم الثاني.
فالطبري يذكر فقط
عبد الله بن عمير الكلبي ، وكذلك ابن الأثير. بينما في (الفتوح) لابن أعثم يذكر
وهب بن عبد الله بن عمير الكلبي. وفي (مثير الأحزان)
__________________
لابن نما و (اللهوف)
لابن طاووس : وهب بن جناب الكلبي. وفي (مناقب ابن شهر اشوب) : وهب بن عبد الله
الكلبي.
وفي (العيون
العبرى) للميانجي يقول : يذكر الشيخ السماوي في (إبصار العين) : عبد الله بن عمير
الكلبي ، ولم يذكر وهب الكلبي ؛ والخوارزمي على العكس.
ويذكر الخوارزمي
في مقتله : أن وهب بن عبد الله هذا كان نصرانيا فأسلم هو وأمه على يد الحسين عليهالسلام.
أما السيد الأمين
في لواعجه فقد اعتبرهما شخصين مختلفين ، وهذا ما اعتمدناه ونوّهنا عنه عند شهادة
عبد الله بن عمير الكلبي [توضيح بعد الفقرة ٤١]. وهذا أيضا ما ذهب إليه السيد
محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتله.
تقويض أبنية الحسين عليهالسلام
وحرقها
٥٢ ـ عمر بن سعد
يأمر بتقويض أبنية الحسين عليهالسلام وحرقها بالنار :
(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٤٧ ط ١ مصر)
يقول الطبري :
وقاتلوهم حتى انتصف النهار ، أشدّ قتال خلقه الله. وأخذوا لا يقدرون على أن يأتوهم
إلا من وجه واحد لاجتماع أبنيتهم وتقاربها. فلما رأى ذلك عمر بن سعد أرسل رجالا
يقوّضونها (عن أيمانهم وعن شمائلهم) ليحيطوا بهم. فكان أصحاب الحسين عليهالسلام يشدّون على كل من دخل يقوّضها وينهبها ، فيقتلونه ويرمونه
من قريب (فيعقرونه).
فأمر ابن سعد
بإحراقها فأحرقوها (فصاحت النساء ودهشت الأطفال). فقال الحسين عليهالسلام : دعوهم فليحرقوها ، فإنهم لو قد حرقوها لم يستطيعوا أن
يجوزوا إليكم منها ، وكان كذلك.
٥٣ ـ الشمر يطعن
فسطاط الحسين عليهالسلام ويحاول تحريق الخيام :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٤)
وحمل القوم بعضهم
على بعض ، واشتد بينهم القتال. فصبر لهم الحسين عليهالسلام وأصحابه ، حتى انتصف النهار ، وهم يقاتلون من جهة واحدة.
فلما رأى ابن سعد ذلك أمر بإحراق الخيم. فقال الحسين عليهالسلام لأصحابه : دعوهم فإنهم لن يصلوا
إليكم. ثم حمل
الشمر حتى طعن فسطاط الحسين ، ونادى : عليّ بالنار لأحرق بيوت الظالمين (فصحن
النساء وخرجن من الفسطاط). فحمل عليه أصحاب الحسين حتى كشفوه عن الخيمة. فناداه
الحسين عليهالسلام : ويلك
يا شمر تريد أن
تحرق خيمة رسول الله؟!. قال : نعم. فرفع الحسين طرفه إلى السماء ، وقال : اللهم لا
يعجزك شمر أن تحرقه بالنار يوم القيامة .
٥٤ ـ استنكار حميد
بن مسلم لفعل الشمر :
(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٢٥٤)
وروي عن حميد بن
مسلم (قال) قلت لشمر بن ذي الجوشن : سبحان الله ، إن هذا لا يصلح لك ؛ أتريد أن
تجمع على نفسك خصلتين : تعذّب بعذاب الله ، وتقتل الولدان والنساء؟!. والله إن في
قتلك الرجال لما ترضي به أميرك. (قال) فقال : من أنت؟. (قال) قلت : لا أخبرك من
أنا. قال : وخشيت والله أن لو عرفني أن يضرني عند السلطان!.
٥٥ ـ زجر شبث بن
ربعي للشمر :
(المصدر السابق ، ص ٢٥٥)
قال : فجاءه رجل
كان أطوع له مني (شبث بن ربعي) فقال له : ما رأيت مقالا أسوأ من قولك ، ولا موقفا
أقبح من موقفك!. أمرعبا للنساء صرت!. قال : فأشهد أنه استحيا فذهب لينصرف.
٥٦ ـ حملة زهير
لاستنقاذ البيوت :
(المصدر السابق)
وحمل عليه زهير بن
القين في رجال من أصحابه عشرة ، فشدّ على شمر بن ذي الجوشن وأصحابه ؛ فكشفهم عن
البيوت ، حتى ارتفعوا عنها.
مصرع عمرو بن خالد
الأزدي وابنه رحمهماالله
__________________
٥٧ ـ شهادة عمرو
بن خالد الأزدي ، وابنه خالد :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٢)
وبرز عمرو بن خالد
الأزدي وهو يقول :
إليك يا نفس إلى
الرحمن
|
|
فأبشري بالرّوح
والرّيحان
|
اليوم تجزين على
الإحسان
|
|
قد كان منك غابر
الزمان
|
ما خطّ في اللوح
لدى الديّان
|
|
لا تجزعي فكل
حيّ فان
|
والصبر أحظى لك
بالإيمان
|
|
يا معشر الأزد
بني قحطان
|
ثم قاتل حتى قتل
رحمة الله عليه.
فتقدم ابنه خالد
بن عمرو ، وهو يرتجز ويقول :
صبرا على الموت
بني قحطان
|
|
كيما تكونوا في
رضيا لرحمن
|
ذي المجد والعزة
والبرهان
|
|
وذي العليو
الطوّل والإحسان
|
يا أبتا قد صرت
في الجنان
|
|
في قصر درّ حسن
البنيان
|
فلم يزل يقاتل حتى
قتل رحمة الله عليه.
توضيح :
حصل خلط بين عمرو
بن خالد الأزدي السابق ، وبين عمرو بن خالد الصيداوي الّذي سيأتي ذكره في الفقرة
التالية. وأغلب المصادر ذكرت الأخير (عمرو) ما عدا السيد الأمين في اللواعج الّذي
ذكره (عمر). فالذي استشهد في جماعة أربعة مع مولاه وصديقيه هو عمر بن خالد
الصيداوي.
وقد ذكر السيد
الأمين في (اللواعج) ص ١٣٢ شخصا ثالثا باسم مشابه وهو (عمرو بن خالد الصيداوي) وقد
استشهد بعد جون.
قال : وبرز عمرو
بن خالد الصيداوي ، فقال للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله ، قد هممت أن ألحق بأصحابي ، وكرهت أن
أتخلف وأراك وحيدا من أهلك قتيلا. فقال له الحسين عليهالسلام : تقدّم فإنا لاحقون بك عن ساعة ، فتقدم فقاتل حتى قتل.
٥٨ ـ استشهاد
جماعة :
(تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٥٥)
وأما عمرو بن خالد
الصيداوي وسعد مولاه ، وجابر بن الحارث السلماني
ومجمع بن عبد الله
العائذي ، فإنهم قاتلوا في أول القتال ، فشدّوا مقدمين بأسيافهم على أهل الكوفة ،
فلما أوغلوا فيهم عطف عليهم الناس وقطعوهم عن أصحابهم ، فندب إليهم الحسين عليهالسلام أخاه العباس عليهالسلام فاستنقذهم بسيفه وقد جرحوا بأجمعهم. وفي أثناء الطريق
اقترب منهم العدو فشدوا بأسيافهم مع ما بهم من الجراح ، وقاتلوا حتى قتلوا أول
الأمر في مكان واحد.
وعاد العباس عليهالسلام إلى أخيه وأخبرهم بخبرهم.
وكان هؤلاء
الأربعة من مخلصي الشيعة في الكوفة ، التحقوا بالحسين عليهالسلام بالعذيب قبل وصوله إلى كربلاء.
ترجمة عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٨١)
كان عمرو من أشراف
الكوفة ، مخلص الولاء لأهل البيت عليهمالسلام. قام مع مسلم بن عقيل ، حتى إذا خانته الكوفة لم يسعه إلا
الاختفاء. فلما سمع بمقتل قيس بن مسهر ، وأخبر أن الحسين عليهالسلام صار بالحاجر ، خرج إليه مع سعد مولاه ، وجابر بن الحارث
السلماني ومجمع بن عبد الله العائذي ، وابنه خالد ؛ واتّبعهم غلام لنافع البجلي
بفرسه المدعو (الكامل) فجنبوه. وأخذوا دليلا لهم الطرماح بن عدي الطائي ، وكان جاء
إلى الكوفة يمتار لأهله طعاما. فخرج بهم على طريق متنكبة ، وسار سيرا عنيفا من
الخوف ، حتى انتهوا إلى الحسين عليهالسلام وهو بعذيب الهجانات ، فاستقبلهم. وقال عليهالسلام : أما والله إني لأرجو أن يكون خيرا ما أراد الله بنا ؛
قتلنا أو ظفرنا.
٥٩ ـ احتدام
القتال إلى زوال الشمس :
(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٣٨)
وكان القتل يبين
في أصحاب الحسين عليهالسلام لقلة عددهم ، ولا يبين في أصحاب عمر بن سعد لكثرتهم.
واشتدّ القتال والتحم ، وكثر القتل والجراح في أصحاب أبي عبد الله الحسين عليهالسلام إلى أن زالت الشمس.
٦٠ ـ إخبار أبي
ثمامة الصائدي [عمرو بن كعب] بزوال الشمس للصلاة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)
ورأى أبو ثمامة
الصائدي زوال الشمس ، فقال للحسين عليهالسلام : يا أبا عبد الله نفسي لك الفدا ، أرى هؤلاء قد اقتربوا ،
ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك ، وأحب أن ألقى ربي وقد صليت هذه الصلاة التي دنا
وقتها. فرفع الحسين عليهالسلام رأسه إلى السماء وقال له : ذكرت الصلاة جعلك الله من
المصلين ، نعم هذا أول وقتها ، سلوهم أن يكفّوا عنا حتى نصلي. فقال له الحصين بن
نمير : إنها لا تقبل منك!. فقال له حبيب بن مظاهر : لا تقبل الصلاة زعمت من آل
رسول الله وتقبل منك يا ختّار ...
وفي (مقتل أبي
مخنف) ص ٦٥ : فعند ذلك تقدم أبو ثمامة الصيداوي إلى الحسين عليهالسلام وقال : يا مولاي إننا مقتولون لا محالة ، وقد حضرت الصلاة
فصلّ بنا ، فإني أظنها آخر صلاة نصليها ، لعلنا نلقى الله تعالى على أداء فريضة من
فرائضه في هذا الموضع العظيم. فقال له : أذّن يرحمك الله. فلما فرغ من الأذان نادى
الحسين عليهالسلام : يا عمر بن سعد أنسيت شرائع الإسلام ، ألا تكفّ عنا الحرب
حتى نصلي؟!. فلم يجبه عمر. فناداه الحصين بن نمير : يا حسين صلّ فإن صلاتك لا تقبل!.
فقال له حبيب بن مظاهر : ويلك لا تقبل صلاة الحسين وتقبل صلاتك يابن الخمّارة؟! (وفي
رواية المقرم ، ص ٣٠١ : وتقبل منك يا حمار). فحمل عليه الحصين ، فضرب حبيب وجه
فرسه بالسيف فشبّت به ووقع عنها الحصين ، فاحتوشه أصحابه فاستنقذوه.
مصرع حبيب بن مظاهر
الأسدي
__________________
٦١ ـ مصرع حبيب بن
مظاهر الأسدي على يد الحصين بن نمير ورجل من تميم ، وقيل بديل بن صريم :
(مقتل المقرّم ، ص ٣٠١)
ثم خرج حبيب بن
مظاهر وعمره ينوف على الخامسة والسبعين ، وقاتل قتالا شديدا ، فقتل على كبره اثنين
وستين رجلا ، وهو يقول :
أنا حبيب وأبي
مظهّر
|
|
وفارس الهيجاء
ليث قسور
|
وفي يميني صارم
مذكّر
|
|
وأنتم ذو عدد
وأكثر
|
ونحن منكم في
الحروب أصبر
|
|
أيضا وفي كل
الأمور أقدر
|
والله أعلى حجة
وأظهر
|
|
وفيكم نار
الجحيم تسعر
|
وفي رواية أخرى
أنه قال :
أنا حبيب وأبي
مظهّر
|
|
فارس هيجاء ونار
تسعر
|
أنتم أعدّ عدّة
وأكثر
|
|
ونحن أعلى حجّة
وأظهر
|
وأنتم عند
الهياج أغدر
|
|
ونحن أوفى منكم
وأصبر
|
حقا
وأتقى منكم وأعذر
|
وحمل عليه بديل بن
صريم فضربه بسيفه ، وطعنه آخر من تميم برمحه ، فسقط إلى الأرض ، فذهب ليقوم وإذا
الحصين بن نمير يضربه بالسيف على رأسه ، فسقط لوجهه ، ونزل إليه التميمي واحتزّ
رأسه. فهدّ مقتله الحسين عليهالسلام فقال : عند الله أحتسب نفسي وحماة أصحابي واسترجع كثيرا.
وفي (مقتل الحسين
المنسوب لأبي مخنف) ص ٦٦ : ثم قال الحسين عليهالسلام : لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن في ليلة
واحدة.
وقيل : قتله بديل
بن صريم .
٦٢ ـ القاسم بن
حبيب يأخذ بثأر أبيه من قاتله :
(لواعج الأشجان ، ص ١٤١ ط نجف)
وقال الحصين
التميمي (لبديل) : أنا شريكك في قتله [أي قتل حبيب]. قال : لا
__________________
والله. قال :
أعطني الرأس أعلقه في عنق فرسي ليرى الناس أني شاركتك في قتله ، ثم خذه فلا حاجة
لي فيما يعطيك ابن زياد!. فأعطاه الرأس ، فجال به في الناس ثم ردّه إليه. فلما رجع
إلى الكوفة علّقه في عنق فرسه.
وكان لحبيب ابن
يسمى (القاسم) قد راهق ، فجعل يتبع الفارس الّذي معه رأس أبيه ، فارتاب به. فقال :
مالك تتبعني؟. قال : إن هذا الرأس الّذي معك رأس أبي ، فأعطني إياه حتى أدفنه.
فقال : إن الأمير لا يرضى أن يدفن ، وأرجو أن يثيبني. فقال : لكن الله لا يثيبك
إلا أسوأ الثواب ، وبكى الغلام.
ثم لم يزل يتبع
أثر قاتل أبيه بعدما أدرك ، حتى قتله وأخذ بثأر أبيه ، وذلك أنه كان في عسكر ،
فهجم عليه وهو في خيمة له نصف النهار ، فقتله وأخذ رأسه.
ترجمة الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي
هو حبيب بن مظاهر
بن رئاب بن الأشتر الأسدي الكندي. إماميّ ثقة ، وأدرك النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأمير المؤمنين والحسن والحسين عليهالسلام. وكان حافظا للقرآن من أوله إلى آخره. وسمع الحديث من رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو صحابي.
قال أرباب التاريخ
: إن حبيبا نزل الكوفة وصحب عليا عليهالسلام في حروبه كلها. وكان من خاصته وحملة علومه ، علّمه الإمام
علي عليهالسلام علم المنايا والبلايا. وكان من جملة الذين كاتبوا الحسين عليهالسلام ووفّى له. وعند ورود مسلم بن عقيل الكوفة صار حبيب ومسلم
بن عوسجة يأخذان البيعة للحسين عليهالسلام ، حتى إذا دخل عبيد الله بن زياد الكوفة وتخاذل أهل الكوفة
عن سفير الحسين اختفيا ، إلى أن ورد الحسين كربلاء ، خرجا متخفيين ولحقا به وصارا
من أصحابه.
ثم كان حبيب على
ميسرة الحسين عليهالسلام يوم كربلاء ، وعمره خمس وسبعون سنة. وهو واحد من سبعين
بطلا استبسلوا في ذلك اليوم. وعرض عليهم الأمان فأبوا ، وقالوا : لا عذر لنا عند
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إن قتل الحسين عليهالسلام وفينا عين تطرف ، حتى قتلوا حوله.
٦٣ ـ رثاء الحسين عليهالسلام لحبيب بن مظاهر ، وبروز زهير بن القين :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٦)
روى أبو مخنف قال
: لما قتل العباس وحبيب بن مظاهر بان الانكسار في وجه الحسين عليهالسلام ، ثم قال : لله درّك يا حبيب ، لقد كنت فاضلا تختم القرآن
في ليلة واحدة. قال : فقام إليه زهير بن القين وقال : بأبي أنت وأمي يابن رسول
الله ما هذا الانكسار الّذي أراه في وجهك ، ألست تعلم أنا عليا لحق؟. قال : بلى
وإله الخلق ، إني لأعلم علما يقينا أني وإياكم على الحق والهدى. فقال زهير : إذا
لا نبالي ونحن نصير إلى الجنة ونعيمها. ثم تقدم أمام الحسين فقال : يا مولاي أتأذن
لي بالبراز؟. فقال : ابرز. قال : ثم حمل على القوم ، ولم يزل يقاتل حتى قتل خمسين
فارسا ، وخشي أن تفوته الصلاة مع الحسين عليهالسلام فرجع وقال : يا مولاي إني خشيت أن تفوتني الصلاة فصلّ بنا.
الصلاة في المعركة
٦٤ ـ صلاة الظهر ،
وقد صلاها الحسين عليهالسلام في نصف من أصحابه ، وهي صلاة الخوف :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٧ ؛ ومقتل المقرم ، ص ٢٠٣)
فقال الحسين عليهالسلام لزهير بن القين وسعيد بن عبد الله الحنفي : تقدّما أمامي
حتى أصلي الظهر ، فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه ، حتى صلّى بهم صلاة الخوف . ويقال : إنه صلى وأصحابه فرادى بالإيماء .
شهادة سعيد بن عبد
الله الحنفي رحمهالله
__________________
٦٥ ـ مصرع سعيد بن
عبد الله الحنفي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٣٨)
فوصل إلى الحسين عليهالسلام سهم ، فتقدم سعيد بن عبد الله ووقف يقيه من النبال بنفسه ،
وما زال يرمى بالنبل ولا تخطئ ، فما أخذ النبل الحسين عليهالسلام يمينا وشمالا إلا قام بين يديه ، فما زال يرمى حتى سقط إلى
الأرض ، وهو يقول : اللهم العنهم لعن عاد وثمود وأبلغ نبيك عني السلام ، وأبلغه ما
لقيت من ألم الجراح ، فإني أردت بذلك ثوابك في نصرة ذرية نبيك . والتفت إلى الحسين عليهالسلام قائلا : أوفّيت يابن رسول الله؟ قال : نعم أنت أمامي في
الجنة .
(وفي رواية) أنه
قال : اللهم لا يعجزك شيء تريده ، فأبلغ محمدا (ص) نصرتي ودفعي عن الحسين عليهالسلام ، وارزقني مرافقته في دار الخلود.
ثم قضى نحبه رضوان
الله عليه ، فوجد في جسمه ثلاثة عشر سهما ، سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح .
ترجمة سعيد بن عبد الله الحنفي
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٦)
كان سعيد ممن
استشهد مع الحسين عليهالسلام يوم الطف. وكان من وجوه الشيعة بالكوفة ، وذوي الشجاعة
والعبادة فيهم ، وكان ممن حمل الكتب إلى الحسين عليهالسلام من أهل الكوفة إلى مكة والحسين عليهالسلام فيها.
ولما أراد الحسين عليهالسلام أن يصلي الظهر يوم العاشر من المحرم ، انتدبه ليقف أمامه
ريثما يتمّ الصلاة ، فوقف بين يديه يقيه السهام ، طورا بوجهه وطورا بصدره وطورا
بيديه وطورا بجبينه ، حتى صار جسمه كالقنفذ ، فسقط إلى الأرض صريعا ، وقد وفّى ما
عليه في نصرة سيد شباب أهل الجنة ، وسبقه إلى الجنة.
__________________
٦٦ ـ بشارة الحسين
عليهالسلام لأصحابه بالجنة ودعوتهم للثبات والدفاع :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٦٧)
فلما فرغ عليهالسلام من صلاة الظهر قال لأصحابه : يا كرام هذه الجنة قد فتّحت
أبوابها واتصلت أنهارها وأينعت ثمارها وزيّنت قصورها وتؤلّفت ولدانها وحورها. وهذا
رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم والشهداء الذين قتلوا معه ، وأبي وأمي ، يتوقعون قدومكم
عليهم ، ويتباشرون بكم وهم مشتاقون إليكم ، فحاموا عن دينكم وذبّوا عن حرم رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن إمامكم وابن بنت نبيكم ، فقد امتحنكم الله تعالى بنا ،
فأنتم في جوار جدنا والكرام علينا وأهل مودتنا ، فدافعوا بارك الله فيكم عنا ..
فلما سمعوا ضجوا بالبكاء والنحيب وقالوا : نفوسنا دون أنفسكم ودماؤنا دون دمائكم
وأرواحنا لكم الفداء. والله لا يصل إليكم أحد بمكروه وفينا الحياة وقد وهبنا للسيوف نفوسنا ، وللطير أبداننا ، فلعلنا نقيكم
زحف الصفوف ، ونشرب دونكم الحتوف ، فقد فاز من كسب اليوم خيرا ، وكان لكم من
المنون مجيرا.
خيل الحسين عليهالسلام
تعقر
٦٧ ـ عمر بن سعد
يعقر خيل الحسين عليهالسلام ومصرع أبي ثمامة الصائدي :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٥)
ثم إن عمر بن سعد
وجّه عمرو بن سعيد في جماعة من الرماة فرموا أصحاب الحسينعليهالسلام حتى عقروا خيولهم ولم يبق مع الحسين فارس إلا الضحاك بن عبد الله المشرقي.
يقول : لما رأيت خيل أصحابنا تعقر أقبلت بفرسي وأدخلتها فسطاطا لأصحابنا. واقتتلوا
أشد القتال . وكان كل من أراد الخروج ، ودّع الحسين عليهالسلام بقوله : السلام عليك يابن رسول الله ، فيجيبه الحسين عليهالسلام : وعليك السلام ونحن خلفك ، ثم يقرأ : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٢٣] .
__________________
شهادة أبي ثمامة الصائدي رحمهالله
وخرج أبو ثمامة
الصائدي فقاتل حتى أثخن بالجراح. وكان مع عمر بن سعد ابن عم له يقال له (قيس بن
عبد الله) بينهما عداوة ، فشدّ عليه وقتله ، رضوان الله عليه.
٦٨ ـ مصرع زهير بن
القين البجلي على يد كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي : (مقتل
الخوارزمي ج ٢ ص ٢٠)
ثم خرج زهير بن
القين البجلي وهو يقول :
أنا زهير وأنا
ابن القين
|
|
وفي يميني مرهف
الحدّين
|
أذودكم بالسيف
عن حسين
|
|
ابن علي الطاهر
الجدّين
|
إن حسينا أحد
السبطين
|
|
من عترة البرّ
التقي الزّين
|
ذاك رسول الله
غير المين
|
|
أضربكم ولا أرى
من شين
|
يا
ليت نفسي قسّمت قسمين
|
شهادة زهير بن القين
البجلي
وروي أن زهيرا لما
أراد الحملة ، وقف على الحسين عليهالسلام وضرب على كتفه وقال :
اقدم حسين هاديا
مهديّا
|
|
اليوم تلقى جدّك
النبيا
|
وحسنا والمرتضى
عليّا
|
|
وذا الجناحين
الفتيالكميّا
|
وأسد
الله الشهيد الحيّا
|
وأضاف أبو مخنف في
مقتله ، ص ٦٨ البيتين التاليين :
وفاطما والطاهر
الزكيا
|
|
ومن مضى من
قبلنا تقيا
|
فالله قد صيّرني
وليّا
|
|
في حبكم أقاتل
الدّعيّا
|
__________________
فقال الحسين عليهالسلام : وأنا ألقاهما على أثرك .
ثم قاتل قتالا
شديدا ، فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي ، فقتلاه. فقال
الحسين عليهالسلام حين صرع زهير : لا يبعدنّك الله يا زهير ، ولعن الله قاتلك
، لعن الذين مسخهم قردة وخنازير.
ترجمة زهير بن القين البجلي
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١١٧)
هو زهير بن القين
بن قيس الأنماري البجلي. كان رجلا شريفا في قومه ، نازلا فيهم بالكوفة ، شجاعا له
في المغازي مواقف مشهورة ، ومواطن مشهودة. وكان في البداية عثمانيا ثم اهتدى إلى
ولاية أهل البيت عليهمالسلام ، ولازم الحسين عليهالسلام من الطريق ، وحامى عنه كأعزّ أنصاره ، حتى استشهد رضوان
الله عليه.
وبلغ من أهمية
زهير في وقعة الطف أن وضعه الحسين عليهالسلام على ميمنة جيشه ، وجعل الصحابي حبيبا على الميسرة ، ووقف
هو في القلب. فكان زهير وحبيب بالنسبة للحسين عليهالسلام مثل الجناحين بالنسبة للطائر ، لا يستطيع المضي إلا بهما.
ولما صمم زهير على
الشهادة ، خرج برفقة الحر ، وكلاهما من التائبين ، فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم ،
شدّ الآخر فخلّصه ، حتى قتل الحر ، ولم يلبث أن قتل زهير. وما ذلك إلا ليبيّنا
للملأ أنهما اهتديا معا ، وقاتلا في سبيل الحق معا ، واستشهدا مع سيد شباب أهل
الجنة معا ، فزفّا إلى الجنة معا ، رضوان الله عليهما.
شهادة عمرو بن قرظة
الأنصاري رحمهالله
__________________
٦٩ ـ مصرع عمرو بن
قرظة الأنصاري من أصحاب الحسين عليهالسلام ، ومصرع أخيه من أصحاب عمر بن سعد :
(مقتل المقرّم ، ص ٣٠٦)
وخرج عمرو بن قرظة
الأنصاري ، فاستأذن الحسين عليهالسلام فأذن له. فبرز وهو يرتجز ويقول :
قد علمت كتيبة
الأنصار
|
|
أني سأحمي حوزة
الذّمار
|
ضرب غلام ليس
بالفرّار
|
|
دون حسين مهجتي
وداري
|
فقاتل قتال
المشتاقين إلى الجزاء ، وبالغ في خدمة سلطان السماء ، حتى قتل جمعا كثيرا من حزب
ابن زياد ، وجمع بين سداد وجهاد .
وجاء عمرو بن قرظة
الأنصاري ووقف أمام الحسين عليهالسلام يقيه العدو ويتلقى السهام بصدره وجبهته ، فلم يصل إلى
الحسين عليهالسلام سوء. ولما كثر فيه الجراح التفت إلى أبي عبد الله عليهالسلام وقال : أوفيت يابن رسول الله؟. قال : نعم أنت أمامي في
الجنة ، فأقرئ رسول الله مني السلام وأعلمه أني في الأثر ، وخرّ ميّتا رضوان الله عليه.
فنادى أخوه علي بن
قرظة وكان مع عمر بن سعد : يا حسين يا كذاب ، غررت أخي حتى قتلته؟!. فقال عليهالسلام : إني لم أغرّ أخاك ، ولكن الله هداه وأضلّك. فقال : قتلني
الله إن لم أقتلك. ثم حمل على الحسين عليهالسلام ليطعنه فاعترضه نافع بن هلال الجملي ، فطعنه حتى صرعه .
شهادة نافع بن هلال
الجملي
__________________
٧٠ ـ شجاعة أسير :
قتال نافع بن هلال الجملي ، ومصرعه أسيرا :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٧)
ثم خرج نافع بن
هلال الجملي [وقيل : هلال بن نافع ] وجعل يرميهم بالسهام فلا تخطئ ، وكان خاضبا يده ، وكان
يرمي ويقول :
أرمي بها معلّمة
أفواقها
|
|
والنفس لا
ينفعها إشفاقها
|
مسمومة تجري بها
أخفاقها
|
|
ليملأنّ أرضها
رشّاقها
|
فلم يزل يرميهم
حتى فنيت سهامه. ثم ضرب إلى قائم سيفه فاستلّه ، وحمل وهو يقول :
أنا الغلام
اليمنيّ الجملي
|
|
ديني على دين
حسين وعلي
|
إن أقتل اليوم
فهذا أملي
|
|
وذاك رأيي
وألاقي عملي
|
(وفي مقتل الحسين للمقرّم) قال : ورمى
نافع بن هلال الجملي بنبال مسمومة كتب اسمه عليها وهو يقول : (البيتين السابقين).
فقتل اثني عشر
رجلا سوى من جرح. ولما فنيت نباله جرّد سيفه يضرب فيهم ، فأحاطوا به يرمونه
بالحجارة والنصال حتى كسروا عضديه وأخذوه أسيرا ، فأمسكه الشمر ومعه أصحابه يسوقونه. فقال له ابن سعد : ما
حملك على ما صنعت بنفسك؟. قال : إن الله يعلم ما أردت. فقال له رجل وقد نظر إلى
الدماء تسيل على وجهه ولحيته : أما ترى ما بك؟!. فقال : والله لقد قتلت منكم اثني
عشر رجلا سوى من جرحت ، وما ألوم نفسي عليا لجهد ، ولو بقيت لي عضد ما أسرتموني . وجرّد الشمر سيفه ، فقال له نافع : والله يا شمر لو كنت
من المسلمين لعظم عليك أن تلقى
__________________
الله بدمائنا ،
فالحمد لله الّذي جعل منايانا على يدي شرار خلقه. ثم قدّمه الشمر وضرب عنقه .
ترجمة نافع بن هلال المذحجي الجملي
كان نافع سيدا
شريفا سريّا شجاعا. وكان قارئا كاتبا ومن حملة الحديث. وكان من أصحاب أمير
المؤمنين عليهالسلام شهد حروبه الثلاث : الجمل وصفين والنهروان. وعندما بلغه
امتناع الحسين عليهالسلام من البيعة خرج إليه فاستقبله في الطريق. وكان قد أوصى أن
يتبع بفرسه المسمى (بالكامل) ، فأتبع مع جماعة من أصحابه. وقد قتل أسيرا رضوان
الله عليه.
شهادة جون مولى أبي
ذر رحمهالله
٧١ ـ مصرع جون
مولى أبي ذرّ الغفاري : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٢)
ثم خرج جون مولى
أبي ذر الغفاري ، وهو شيخ كبير السن من الموالي ، وكان عبدا أسود ، فجعل يحمل
عليهم ويقول :
كيف يرى الفجّار
ضرب الأسود
|
|
بالمشرفيّ
القاطع المهنّد
|
أحمي الخيار من
بني محمّد
|
|
أذبّ عنهم
باللسان واليد
|
أرجو بذاك الفوز
يوم المورد
|
|
من الإله الواحد
الموحدّ
|
ووقف جون مولى أبي ذرّ الغفاري أمام الحسين عليهالسلام يستأذنه ،
__________________
فقال عليهالسلام : يا جون ، إنما تبعتنا طلبا للعافية ، فأنت في إذن مني (وفي
اللهوف : فلا تبتل بطريقتنا) فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول : أنا في الرخاء ألحس
قصاعكم ، وفي الشدة أخذلكم!. والله إن ريحي لنتن ، وحسبي للئيم ، ولوني لأسود ،
فتنفّس عليّ بالجنة ، ليطيب ريحي ، ويشرف حسبي ، ويبيضّ وجهي. لا
والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. فأذن له الحسين . فقتل ٢٥ شخصا حتى قتل رضوان الله عليه.
(وفي رواية أبي
مخنف في مقتله ، ص ٧١) قال : «فلم يزل يقاتل حتى قتل سبعين رجلا ، فوقعت في محاجر
عينه ضربة ، وكبا به جواده إلى الأرض ، فوقع على أمّ رأسه ، فأحاطوا به من كل جانب
ومكان ، فقتلوه». فوقف عليهالسلام وقال : اللهم بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرّف بينه وبين آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وروي عن الإمام
الباقر عليهالسلام : أن الناس كانوا يحضرون المعركة فيدفنون القتلى ، فوجدوا
جونا بعد عشرة أيام تفوح منه رائحة المسك .
ترجمة جون مولى أبي ذرّ الغفاري
(مجلة البيان النجفية ، السنة ٢ العدد ٣٥ ـ ٣٩)
هو جون بن حوي بن
قتادة بن الأعور بن ساعدة بن عوف بن كعب بن حوي النوبي. اشتراه الإمام علي عليهالسلام من الفضل بن العباس ابن عبد المطلب بمائة وخمسين دينارا ،
ووهبه لأبي ذرّ ليخدمه. فانتقل من بيئة تزخر بالثراء والجاه إلى أخرى قد خيّم
عليها جلال الزهد والتقوى ، وغمرها سلطان الإيثار والقناعة والتقشف. رافق جون
أباذر في حياته وعاش معه مآسيه ، وكان رفيقه المخلص في (الربذة) حتى قضى رضوان
الله عليه ، فبكاه بدموع سخيّة.
__________________
وحين بلغه نبأ
مسير الحسين عليهالسلام لمناهضة الباطل وتجديد الدين ، تجددت في نفسه مآسيه
السابقة وذكرياته السالفة ، فأسرع لنصرة الحسين عليهالسلام وخدمة أهل البيت (ع) ، حتى استشهد رضوان الله عليه ، بعد
بلاء مرير ، وبعد أن أظهر لجيوش الأعداء ، كيف يكون الإباء والشمم والإيمان
بالمبدأ ، وأنه ليس هناك إلا النفس الكريمة تسيل على حدّ السيوف في مثل لمح البصر
، فتروي نبتة الحق والحقيقة ، وتفوز بالخلود في الفردوس الأعلى مع الأنبياء
والصديقين والشهداء والصالحين.
٧٢ ـ تنافس بقية
الأصحاب على الموت :
(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ١٣٨)
قال أبو مخنف :
فلما رأى أصحاب الحسين عليهالسلام [أنهم قد غلبوا]
وأن الأعداء قد كثروا ، وأنهم لا يقدرون على أن يمنعوا حسينا عليهالسلام ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه.
شهادة حنظلة بن أسعد
الشبامي رحمهالله
٧٣ ـ مصرع حنظلة
بن أسعد الشبامي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٤)
ثم جاء إليه حنظلة
بن أسعد العجلي الشبامي فوقف بين يدي الحسين عليهالسلام يقيه السهام والرماح والسيوف بوجهه ونحره ، وأخذ ينادي : (يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ
مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (٣٠) مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ
نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً
لِلْعِبادِ (٣١) وَيا قَوْمِ إِنِّي
أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ (٣٢)
يَوْمَ
تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ
فَما لَهُ مِنْ هادٍ) (٣٣) [غافر : ٣٠ ـ
٣٣]. ويا قوم لا تقتلوا حسينا فيسحتكم
__________________
الله بعذاب (وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى) [طه : ٦١]. فقال
له الحسين عليهالسلام : يابن أسعد رحمك الله ، إنهم قد استوجبوا العذاب حين
ردّوا عليك ما دعوتهم إليه من الحق ، ونهضوا إليك يشتمونك وأصحابك ، فكيف بهم الآن
وقد قتلوا إخوانك الصالحين!. فقال : صدقت جعلت فداك ، أفلا نروح إلى ربنا فنلحق
بإخواننا !. فقال له الحسينعليهالسلام : رح إلى ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، وإلى ملك لا
يبلى. فقال : السلام عليك يابن رسول الله ، وعلى أهل بيتك ، وجمع الله بيننا وبينك
في الجنة. فقال الحسينعليهالسلام: آمين آمين. ثم تقدم فقاتل قتالا شديدا ، فحملوا عليه
فقتلوه.
شهادة شوذب مولى بني
شاكر رحمهالله
٧٤ ـ مصرع شوذب
مولى بني شاكر :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ١٦٠)
وأقبل عابس بن
شبيب الشاكري ومعه شوذب مولى بني شاكر. وكان شوذب من الرجال المخلصين ، وداره مألف
للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيت عليهمالسلام. فقال : يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟. قال : أقاتل معك دون
ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أقتل. قال : ذلك الظن بك ، فتقدم بين يدي أبي عبد الله
عليهالسلام حتى يحتسبك كما احتسب غيرك ، وحتى أحتسبك أنا ، فإن هذا
يوم نطلب فيه الأجر بكل ما نقدر عليه ، فإنه لا عمل بعد اليوم ، وإنما هو الحساب.
فتقدم شوذب فقال : السلام عليك يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته ، أستودعك
الله. ثم قاتل حتى قتل.
شهادة عابس بن شبيب
الشاكري رحمهالله
__________________
٧٥ ـ مصرع عابس بن
شبيب الشاكري على يد جماعة من القوم :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٣)
وجاء عابس بن شبيب
الشاكري ، فتقدم وسلّم على الحسين عليهالسلام وقال له : يا أبا عبد الله ، أما والله ما أمسى على ظهر
الأرض قريب ولا بعيد أعزّ عليّ ولا أحبّ منك. ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم
والقتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت!. السلام عليك يا أبا عبد الله ، أشهد
أني على هداك وهدى أبيك. ثم مشى بالسيف نحوهم. قال ربيع بن تميم : فلما رأيته
مقبلا عرفته ـ وقد كنت شاهدته في المغازي فكان أشجع الناس ـ فقلت للقوم : أيها
الناس ، هذا أسد الأسود ، هذا ابن شبيب ، لا يخرجنّ إليه أحد منكم. فأخذ ينادي :
ألا رجل؟. ألا رجل لرجل!. فتحاماه الناس لشجاعته. فقال لهم عمر بن سعد : ارضخوه
بالحجارة فرموه بالحجارة من كل جانب. فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره
، وشدّ على الناس فهزمهم بين يديه.
(قال الراوي) : فو
الله لقد رأيته يطرد أكثر من مئتين من الناس ، ثم أحاطوا به من كل جانب فقتلوه ،
فرأيت رأسه في أيدي الرجال ، كلّ يقول : أنا قتلته .
ترجمة عابس بن شبيب الشاكري الهمداني
بنو شاكر بطن من
همدان. ذكر أرباب السير أن عابسا كان رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا مجتهدا. وكان من
رجال الشيعة ، وكذلك بنو شاكر كانوا من المخلصين بولاء أمير المؤمنين عليهالسلام ، وفيهم قال علي عليهالسلام يوم صفين : «لو تمّت عدّتهم ألفا لعبد الله حقّ عبادته».
وكانوا من شجعان العرب وحماتهم ، وكانوا يلقبون (فتيان الصباح). وكان عابس رسول
مسلم بن عقيل إلى الحسين عليهالسلام وقد أرسله بكتابه إليه ، وقد صحبه (شوذب) مولاه ، واستشهد
معه.
__________________
مصرع سعد ابن حنظلة التميمي رحمهالله
٧٦ ـ مصرع سعد بن
حنظلة التميمي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٤)
ثم خرج من بعده
سعد بن حنظلة التميمي ، وهو يقول :
صبرا على
الأسياف والأسنّه
|
|
صبرا عليها
لدخول الجنّه
|
وحور عين ناعمات
هنّه
|
|
لمن يريد الفوز
لا بالظّنّه
|
يا نفس للراحة
فاطرحنّه
|
|
وفي طلاب الخير
فارغبنّه
|
ثم حمل وقاتل
قتالا شديدا ، حتى قتل رضوان الله عليه.
مصرع عمير ابن عبد
الله المذحجي رحمهالله
٧٧ ـ مصرع عمير بن
عبد الله المذحجي :
(المصدر السابق)
ثم خرج من بعده
عمير بن عبد الله المذحجي ، وهو يقول :
قد علمت سعد
وحيّ مذحج
|
|
أني لدى الهيجاء
ليث محرج
|
أعلو بسيفي هامة
المدجج
|
|
وأترك القرن لدى
التعرّج
|
فريسة الضبع
الأزلّ الأعرج
|
|
فمن تراه واقفا
بمنهجي؟!
|
ولم يزل يقاتل
قتالا شديدا ، حتى قتله مسلم الضبابي وعبد الله البجلي ، اشتركا في قتله.
٧٨ ـ شهادة عبد
الرحمن اليزني :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧ ؛ واللواعج ، ص ١٤٣)
ثم خرج عبد الرحمن
بن عبد الله اليزني ، وهو يقول :
أنا ابن عبد
الله من آل يزن
|
|
ديني على دين
حسين وحسن
|
أضربكم ضرب فتى
من اليمن
|
|
أرجو بذاك الفوز
عند المؤتمن
|
ثم حمل فقاتل حتى
قتل رضوان الله عليه.
٧٩ ـ شهادة يحيى
بن سليم المازني :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧)
ثم خرج من بعده
يحيى بن سليم المازني ، وهو يقول :
لأضربنّ القوم
ضربا فيصلا
|
|
ضربا شديدا في
العداة معجلا
|
لا عاجزا عنهم
ولا مهلهلا
|
|
ولا أخاف اليوم
موتا مقبلا
|
ما
أنا إلا الليث يحمي أشبلا
|
ثم حمل فقاتل حتى
قتل رضوان الله عليه.
٨٠ ـ شهادة قرّة
بن أبي قرة الغفاري :
(المصدر السابق ، ص ١٨)
ثم خرج من بعده
قرّة بن أبي قرة الغفاري ، وهو يقول :
قد علمت حقا بنو
غفار
|
|
وخندف بعد بني
نزار
|
بأنني الليث
الهزبر الضاري
|
|
لأضربن معشر
الفجّار
|
بكل عضب ذكر
بتّار
|
|
يشع لي في ظلمة
الغبار
|
دون الهداة
السادة الأبرار
|
|
رهط النبي أحمد
المختار
|
ثم حمل فقاتل حتى
قتل رضوان الله عليه.
٨١ ـ شهادة رجل من
بني أسد :
(تاريخ ابن عساكر ، الجزء الخاص بالحسين ، ص ٢١٢)
قال العريان بن
الهيثم : كان أبي يتبدّى [أي ينزل في البدو ، أي يقيم في الصحراء] فينزل قريبا من
الموضع الّذي كانت فيه معركة الحسين عليهالسلام ، فكنا لا
نبدو إلا وجدنا
رجلا من بني أسد هناك. فقال له أبي : أراك ملازما هذا المكان!. قال : بلغني أن
حسينا عليهالسلام يقتل ههنا ، فأنا أخرج إلى هذا المكان ، لعلي أصادفه فأقتل
معه.
قال ابن الهيثم :
فلما قتل الحسين عليهالسلام ، قال أبي : انطلقوا بنا ننظر هل الأسدي فيمن قتل مع
الحسين عليهالسلام؟. فأتينا المعركة وطوّفنا ، فإذا الأسدي مقتول.
(أقول) : لعل هذا
الشهيد هو أنس بن الحارث الكاهلي أو الأسدي ، لأن الكاهلي أسدي. وهو نفسه أنس بن
كاهل الأسدي الّذي ذكر في زيارة الناحية المقدسة. وذكر في بعض المصادر : مالك بن
أنس الكاهلي ، وهو تصحيف.
وقد مرّت هذه
الفقرة في الجزء الأول من الموسوعة برقم ٢١٤ بعنوان : ملازمة رجل من بني أسد أرض
كربلاء ، فراجع.
مصرع أنس بن الحارث
الكاهلي رحمهالله
٨٢ ـ مصرع أنس بن
الحارث الكاهلي ، وكان صحابيا :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٣)
وكان أنس بن
الحارث بن نبيه الكاهلي شيخا كبيرا صحابيا ، رأى النبي (ص) وسمع حديثه ، وشهد معه
بدرا وحنينا. فاستأذن الحسين عليهالسلام وبرز شادّا وسطه بالعمامة ، رافعا حاجبيه بالعصابة. ولما
نظر إليه الحسين عليهالسلام بهذه الهيئة بكى ، وقال : شكر الله سعيك يا شيخ.
ثم حمل ولم يزل
يقاتل حتى قتل على كبره ثمانية عشر رجلا ، وقتل أمام الحسينعليهالسلام .
وفي (وسيلة
الدارين) ص ١٠٢ : روى أهل السير أنه لما جاءت نوبة أنس ، استأذن الحسين عليهالسلام في القتال ، فأذن له ، فبرز وهو يقول :
__________________
قد علمت كاهل ثم
ذودان
|
|
والخندفيّون
وقيس عيلان
|
بأن قومي آفة
الأقران
|
|
لدى الوغى وسادة
الفرسان
|
نباشر الموت
بطعن آن
|
|
لسنا نرى العجز
عن الطعان
|
آل علي شيعة
الرحمن
|
|
وآل حرب شيعة
الشيطان
|
ثم حمل فقاتل حتى
قتل أربعة عشر رجلا [على رواية ابن شهر اشوب] ، وثمانية عشر رجلا [على رواية
الصدوق في أماليه] ، ثم قتل رضوان الله عليه.
ترجمة الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي
(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الزنجاني ، ص ١٠١)
هو أنس بن الحارث
بن نبيه بن كاهل الأسدي. كان صحابيا كبيرا ممن رأى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم وسمع حديثه. وكان فيما سمع منه وحدّث به ، ما رواه جمّ
غفير من العامة والخاصة عنه ، أنه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول والحسين في حجره : «إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض
العراق. ألا فمن شهده فلينصره». فلما رآه أنس في العراق وشهده ، نصره وقتل معه.
(ذكر ذلك الجزري
في أسد الغابة ، وابن حجر في الإصابة وغيرهما).
٨٣ ـ شهادة عمرو
بن مطاع الجعفي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٨)
ثم خرج من بعده
عمرو بن مطاع الجعفي ، وهو يقول :
أنا ابن جعف
وأبي مطاع
|
|
وفي يميني مرهف
قطّاع
|
وأسمر سنانه
لمّاع
|
|
يرى له من ضوئه
شعاع
|
اليوم قد طاب
لنا القراع
|
|
دون حسين وله
الدفاع
|
(وفي مقتل أبي مخنف ، ص ٧١) عبّر عنه
بلفظ (عمير) وذكر رجزه :
أنا عمير وأبي
المطاع
|
|
وفي يميني صارم
قطّاع
|
كأنه من لمعه
شعاع
|
|
إذا فقد طاب لنا
القراع
|
دون الحسين
الضرب والصراع
|
|
صلى عليه الملك
المطاع
|
ولم يزل يقاتل حتى
قتل ثلاثين رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.
٨٤ ـ شهادة أنيس
بن معقل الأصبحي :
(المصدر السابق ، ص ١٩)
ثم خرج من بعده
أنيس بن معقل الأصبحي ، فجعل يقول :
أنا أنيس وأنا
ابن معقل
|
|
وفي يميني نصل
سيف فيصل
|
أعلو به الهامات
بين القسطل
|
|
حتى أزيل خطبه
فينجلي
|
عن الحسين
الفاضل المفضّل
|
|
ابن رسول الله
خير مرسل
|
ثم حمل ولم يزل
يقاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] نيّفا وعشرين رجلا ، ثم قتل رضوان الله
عليه.
٨٥ ـ شهادة الحجاج
بن مسروق الجعفي :
(المصدر السابق ، ص ٢٠)
ثم برز من بعده
الحجاج بن مسروق الجعفي ، وهو مؤذّن الحسين عليهالسلام ، وكان قد خرج من الكوفة إلى مكة فالتحق بالحسين عليهالسلام ، وصحبه منها إلى العراق ، فجعل يقول :
اقدم حسينا
هاديا مهديّا
|
|
اليوم تلقى جدّك
النبيّا
|
ثم أباك ذا
الندى عليا
|
|
ذاك الّذي نعرفه
وصيّا
|
والحسن الخير
الرضا الوليا
|
|
وأسد الله
الشهيد الحيّا
|
وذا الجناحين
الفتى الكميّا
|
|
وفاطما والطاهر
الزكيّا
|
ومن مضى من قبله
تقيا
|
|
فالله قد صيّرني
وليّا
|
في حبكم أقاتل
الدعيّا
|
|
وأشهد الشهيد
الحيّا
|
لتبشروا يا عترة
النبيا
|
|
بجنّة شرابها
رويّا
|
والحوض
حوض المرتضى عليا
|
وقد مرّ شبيه هذه
الأبيات في شهادة زهير بن القين (رض).
ثم حمل على القوم
وقاتل قتال المشتاقين ، حتيقتل منهم ثمانية عشر رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.
٨٦ ـ مبارزة
الاثنين : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٢٩٤)
ولما نظر من بقي
من أصحاب الحسين عليهالسلام إلى كثرة من قتل منهم ، أخذ
الرجلان والثلاثة
والأربعة يستأذنون الحسين عليهالسلام في الذبّ عنه والدفع عن حرمه ، وكل واحد يحمي الآخر من كيد
عدوه.
مصرع الشهيدين
الأخوين الغفاريّين رحمهماالله
٨٧ ـ مصرع الأخوين
الغفاريين :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٤٦ ط نجف)
فجاءه عبد الله
وعبد الرحمن ابنا عروة [أو عزرة] الغفاريان ، فقالا :
يا أبا عبد الله
عليك السلام ، قد حازنا الناس إليك ، فأحببنا أن نقتل بين يديك (وندفع عنك). قال :
مرحبا بكما ، ادنوا مني ، فدنوا منه ، وجعلا يقاتلان. وجعل عبد الرحمن يرتجز ويقول
:
قد علمت حقا بنو
غفار
|
|
وخندف بعد بني
نزار
|
لنضربنّ معشر
الفجّار
|
|
بكل عضب صارم
بتّار
|
يا
قوم ذودوا عن بني الأخيار
|
فقاتل حتى قتل.
وقد مرّ شبيه هذا
الشعر لقرة بن أبي قرة ، في الفقرة ٨٠.
(وفي رواية مقتل
الخوارزمي) أن هناك شخصا آخر اسمه (عبد الرحمن بن عروة) غير الأخوين الغفاريين ،
وهو الّذي خرج وهو يقول :
قد علمت حقا بنو
غفار
|
|
وخندف بعد بني
نزار
|
لأضربن معشر
الأشرار
|
|
بالمشرفيّ
الصارم البتّار
|
مصرع الشهيدين
الأخوين الجابريّين رحمهماالله
٨٨ ـ مصرع الأخوين
الجابريّين : (لواعج الأشجان ، ص ١٤٧)
وأتاه فتيان ،
وهما سيف بن الحارث بن سريع ، ومالك بن عبد الله بن سريع الجابريان [في مقتل
الخوارزمي : بطن من همدان يقال لهم بنو جابر] ، وهما ابنا عم وأخوان لأم ، وهما
يبكيان. فقال لهما الحسين عليهالسلام : يا ابني أخي ، ما يبكيكما؟. فو الله إني لأرجو أن تكونا
بعد (عن) ساعة قريري العين. فقالا : جعلنا الله فداك ، والله ما على أنفسنا نبكي ،
ولكن نبكي عليك ، نراك وقد أحيط بك ، ولا نقدر على أن ننفعك (وفي رواية : نمنعك).
فقال عليهالسلام : جزاكما الله يا ابني أخي بوجدكما [أي حزنكما] من ذلك ،
ومواساتكما إياي بأنفسكما أحسن جزاء المتقين.
ثم استقدما وقالا
: السلام عليك يابن رسول الله. فقال : وعليكما السلام ورحمة الله وبركاته. فقاتلا
حتى قتلا.
وقد أورد
الخوارزمي في مقتله ج ٢ ص ٢٣ هذا الكلام منسوبا للأخوين الغفاريين.
مصرع
جنادة ابن الحارث الأنصاري رحمهالله
٨٩ ـ شهادة جنادة بن
الحرث الأنصاري : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١)
ثم خرج من بعده
جنادة بن الحرث الأنصاري ، وهو يقول :
أنا جنادة وأنا
ابن الحارث
|
|
لست بخوّار ولا
بناكث
|
عن بيعتي حتى
يقوم وارث
|
|
من فوق شلو في
الصعيد ماكث
|
فحمل ولم يزل
يقاتل حتى قتل [على رواية ابن شهر اشوب] ستة عشر رجلا ، ثم قتل رضوان الله عليه.
مصرع الغلام عمرو بن
جنادة الأنصاري رحمهالله
٩٠ ـ مصرع الغلام
عمرو بن جنادة الأنصاري :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١)
ثم خرج من بعده
عمرو بن جنادة وهو ينشد ويقول :
أضق الخناق من
ابن سعد وارمه
|
|
من هامه بفوارس
الأنصار
|
ومهاجرين
مخضّبين رماحهم
|
|
تحت العجاجة من
دم الكفار
|
خضبت على عهد
النبي محمّد
|
|
فاليوم تخضب من
دم الفجّار
|
واليوم تخضب من
دماء معاشر
|
|
رفضوا القران
لنصرة الأشرار
|
ثم حمل فقاتل حتى
قتل.
مصرع شاب قتل أبوه في
المعركة رحمهالله
٩١ ـ مصرع شاب قتل
أبوه في المعركة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢١ ؛ ولواعج الأشجان ، ص ١٤٥)
لعل السيد عبد
الرزاق المقرّم رحمهالله في مقتله اشتبه بأن هذا الشاب هو عمرو بن جنادة الأنصاري ،
مع أن أغلب المصادر تورده منفصلا عن عمرو بن جنادة ، مما يدل على أنه شخص آخر.
وقد ذكر السيد عبد
الكريم الحسيني القزويني في كتابه (الوثائق الرسمية) ص ١٨٢ : أن أباه الّذي قتل في
أول المعركة هو جنادة بن كعب الخزرجي.
يقول السيد
المقرّم في مقتله ، ص ٣١٤ :
وجاء عمرو بن
جنادة الأنصاري بعد أن قتل أبوه ، وهو ابن إحدى عشرة سنة ، يستأذن الحسين عليهالسلام فأبى ، وقال : هذا غلام قتل أبوه في الحملة الأولى ، ولعل
أمه تكره ذلك ...
أما الخوارزمي
فيقول في مقتله : ثم خرج من بعده شاب قتل أبوه في المعركة ، وكانت أمه معه. فقالت
: يا بني اخرج فقاتل بين يدي ابن رسول الله حتى تقتل. فقال : أفعل. فخرج يستأذن
الحسين عليهالسلام فأبى ، وقال : هذا شاب قتل أبوه في
(الحملة الأولى)
ولعل أمه تكره خروجه. فقال الشاب : أمي أمرتني يابن رسول الله.
وفي (الناسخ) قال
الحسين عليهالسلام : يا فتى قتل أبوك ، وإذا قتلت فإلى من تلتجئ أمك في هذا
القفر؟. فأراد أن يرجع ، فجاءته أمه وقالت : يا بني تختار سلامة نفسك على نصرة ابن
بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا أرضى عنك أبدا!.
فبرز الشاب وقاتل
قتال الأبطال ، وأمه تنادي خلفه : أبشر يا بني ، ستسقى من يد ساقي حوض الكوثر.
فبرز وهو يقول :
أميري حسين ونعم
الأمير
|
|
سرور فؤاد
البشير النذير
|
عليّ وفاطمة
والداه
|
|
فهل تعلمون له
من نظير
|
فما أسرع أن قتل
ورمي برأسه إلى جهة الحسين عليهالسلام ، فأخذت أمه رأسه ومسحت الدم عنه ، وقالت له : أحسنت يا
بني ، يا قرة عيني وسرور قلبي. ثم رمت برأس ابنها رجلا فقتلته ، وعادت إلى المخيم فأخذت عمود خيمة وحملت على القوم وهي
تقول :
أنا عجوز في
النساء ضعيفه
|
|
خاوية بالية
نحيفه
|
أضربكم بضربة
عنيفه
|
|
دون بني فاطمة
الشريفه
|
فضربت رجلين
فقتلتهما ، فردّها الحسين عليهالسلام إلى الخيمة ودعا لها .
ـ تعليق السيد
محسن الأمين على شهادة الغلام السابق :
(أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٢٣٤)
يقول السيد الأمين
رحمهالله : وهذا منتهى علوّ النفس وصدق الولاء ، من هذه المرأة
وابنها ، أن يكون زوجها قد قتل وهي تنظر إليه ، ثم تأمر ولدها الشاب بنصرة الحسين عليهالسلام ، وهي تعلم أنه مقتول ، فتسوقه إلى القتل مختارة طائعة ،
ويطيعها ابنها في ذلك ، فيقدم على القتل غير مبال ولا وجل. ثم يرخّص له الحسين عليهالسلام في ترك القتال مخافة أن تكون أمه تكره قتاله ، بعدما قتل
أبوه في المعركة ، فيأبى ويقول : أمي أمرتني بذلك.
__________________
حقا إنه لمقام
عظيم وموقف جليل ، تزلّ فيه الأقدام وتذهل فيه الألباب.
شهادة المولى واضح
التركي رحمهالله
٩٢ ـ شهادة واضح
التركي مولى الحرث المذحجي :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٠٨)
كان (واضح) غلاما
تركيا شجاعا قارئا ، وهو مولى للحارث المذحجي السلماني. وقد أبلى في كربلاء بلاء
حسنا.
ولما صرع واضح
التركي [أي سقط وبه رمق] ، استغاث بالحسين عليهالسلام ؛ فأتاه أبو عبد الله عليهالسلام واعتنقه وهو يجود بنفسه ، فقال : من مثلي وابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واضع خدّه على خدي!. ثم فاضت نفسه الطاهرة .
مصرع الشهيد أبي عمر
النهشلي رحمهالله
٩٣ ـ شهادة أبي عمر
النهشلي : (لواعج الأشجان ، ص ١٤٨ ط نجف)
وحدّث مهران مولى
بني كاهل ، قال : شهدت كربلاء مع الحسين عليهالسلام فرأيت رجلا يقاتل قتالا شديدا ؛ لا يحمل على قوم إلا كشفهم
، ثم يرجع إلى الحسين عليهالسلام وهو يرتجز ويقول :
أبشر هديت الرشد
تلقى أحمدا
|
|
في جنة الفردوس
تعلو صعدا
|
(وهذه الأبيات تنسب إلى غيره ؛ مثل
سويد ، ومثل سعيد بن عبد الله الحنفي ، ومثل إبراهيم بن الحصين).
__________________
فقلت : من هذا؟.
فقالوا : أبو عمر النهشلي ، وقيل الخثعمي. فاعترضه عامر بن نهشل ، فقتله واحتزّ
رأسه. وكان أبو عامر هذا متهجّدا كثير الصلاة.
مصرع أسلم التركي
مولى الحسين (ع)
٩٤ ـ شهادة أسلم
التركي غلام الحسين عليهالسلام : (لواعج الأشجان ، ص ١٤٧)
ذكر العلامة
الأمين في (أعيان الشيعة ـ حرف الألف) أنه قرأ في أحد كتب الرجال لبعض المعاصرين :
أنه كان للحسين عليهالسلام مولى اسمه أسلم بن عمرو ، وكان اشتراه بعد وفاة أخيه الحسن
عليهالسلام ، ووهبه لابنه علي بن الحسين عليهالسلام. وكان أبوه (عمرو) تركيا. وكان (أسلم) هذا كاتبا عند
الحسين عليهالسلام في بعض حوائجه.
فلما خرج الحسين عليهالسلام من المدينة إلى مكة كان أسلم ملازما له ، حتى أتى معه
كربلاء. فلما كان اليوم العاشر وشبّ القتال ، استأذن في القتال.
وقال السيد الأمين
في (لواعج الأشجان) : وخرج غلام تركي من موالي الحسين عليهالسلام ، وكان قارئا للقرآن وعارفا بالعربية وكاتبا ، فجعل يقاتل
ويرتجز ويقول :
البحر من طعني
وضربي يصطلي
|
|
والجوّ من سهمي
ونبلي بمتلي
|
إذا حسامي في
يميني ينجلي
|
|
ينشقّ قلب
الحاسد المبجّل
|
فقتل [في رواية
ابن شهر اشوب] سبعين رجلا ، فتحاوشوه حتى سقط صريعا ، فجاء إليه الحسين عليهالسلام فبكى ، ووضع خده على خده ، ففتح عينيه فرأى الحسين عليهالسلام فتبسم ، ثم صار إلى ربه.
٩٥ ـ شهادة مالك
بن ذودان : (لواعج الأشجان ، ص ١٤٨)
ثم برز مالك بن
ذودان ، وأنشأ يقول :
إليكم من مالك
الضرغام
|
|
ضرب فتى يحمي عن
الكرام
|
يرجو
ثواب الله ذي الإنعام
|
فقاتل حتى قتل
رضوان الله عليه.
٩٦ ـ شهادة
إبراهيم بن الحصين الأسدي : (المصدر السابق)
وبرز إبراهيم بن
الحصين الأسدي وهو يرتجز ويقول :
أضرب منكم مفصلا
وساقا
|
|
ليهرق اليوم دمي
إهراقا
|
ويرزق الموت أبا
إسحاقا
|
|
أعني بني
الفاجرة الفسّاقا
|
فقتل [على رواية
ابن شهر اشوب] أربعة وثمانين رجلا ، وأنشأ يقول :
اقدم حسين اليوم
تلقى أحمدا
|
|
ثم أباك الطاهر
المؤيّدا
|
والحسن المسموم
ذاك الأسعدا
|
|
وذا الجناحين
حليف الشهدا
|
وحمزة الليث
الكمي السيّدا
|
|
في جنة الفردوس
فازوا سعدا
|
وقاتل حتى قتل
رضوان الله عليه.
٩٧ ـ شهادة سوّار
بن منعم بن حابس بن أبي عمير الفهمي الهمداني :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٥)
وقاتل سوّار بن
أبي عمير من ولد فهم بن جابر الهمداني ، قتالا شديدا حتى ارتثّ بالجراح وأخذ أسيرا
، فأراد ابن سعد قتله ، وتشفّع فيه قومه ، وبقي عندهم جريحا إلى أن توفي على رأس
ستة أشهر ، رحمهالله.
٩٨ ـ شهادة سعد بن
الحارث وأخيه أبي الحتوف الأنصاري :
(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لإبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ١٤٩)
ولما سمع
الأنصاريان : سعد بن الحارث وأخوه أبو الحتوف ، استنصار الحسين عليهالسلام واستغاثته ، وكانا في جيش عمر بن سعد ، فمالا بسيفيهما على
أعداء الحسين ، وقاتلا حتى قتلا.
قال حميد بن أحمد
في كتابه (الحدائق الوردية) : ومن المقتولين يوم الطف مع الحسينعليهالسلام : أبو الحتوف الأنصاري وأخوه سعد بن الحرث ، وكانا من
الخوارج ، فخرجا مع عمر بن سعد إلى حرب الحسين عليهالسلام. فلما كان يوم العاشر من المحرم وقتل أصحاب الحسين عليهالسلام ولم يبق معه غير سويد بن عمرو ابن أبي المطاع الخثعمي
وبشير بن عمرو الحضرمي ، جعل الحسين عليهالسلام ينادي : ألا من ناصر فينصرنا ، ألا من ذابّ يذبّ عن حرم
رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم؟. فسمعن النساء والأطفال نداء الحسين عليهالسلام فتصارخن بالعويل والبكاء.
فلما سمع سعد بن
الحرث وأخوه أبو الحتوف أصوات النساء والأطفال من آل الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان بعد صلاة الظهر ، وهما في حومة الحرب ، قالا : إنا
لله ولا حكم إلا لله ، ولا طاعة لمن عصاه. وهذا الحسين ابن بنت نبينا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونحن نرجو شفاعة جده يوم القيامة ، فكيف نقاتله وهو بهذا
الحال ، نراه لا ناصر له ولا معين؟!. فمالا بين يدي الحسين عليهالسلام على أعداء الله وأعدائه ، فجعلا يقاتلان قريبا منه ، حتى
قتلا من القوم جماعة كثيرة وجرحا آخرين ؛ ثم قتلا معا في مكان واحد ، رضوان الله
عليهما.
مصرع سويد بن عمرو
ابن أبي المطاع الخثعمي
٩٩ ـ مصرع سويد بن
عمرو بن أبي المطاع الخثعمي :
(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٣٩٤)
وأما سويد بن أبي
المطاع فكان قد صرع ، فوقع بين القتلى مثخنا بالجراحات (وظنّ أنه قتل). فلما قتل
الحسين عليهالسلام وسمعهم يقولون : قتل الحسين عليهالسلام ، فوجد خفّة ، فتحامل وأخرج سكّينة من خفّه (وكان سيفه قد
أخذ) ، فقاتلهم بسكينه ساعة. وكان يرتجز ويقول :
اقدم حسين اليوم
تلقى أحمدا
|
|
وشيخك الحبر
عليا ذا الندى
|
وحسنا كالبدر
وافى الأسعدا
|
|
وعمك القرم
الهمام الأرشدا
|
حمزة ليث الله
يدعى أسدا
|
|
وذا الجناحين
تبوّا مقعدا
|
في
جنة الفردوس يعلو صعدا
|
وتعطّفوا عليه
فقتلوه. قتله عروة بن بطان الثعلبي وزيد بن رقّاد الجبني. وكان سويد آخر من قتل من
أصحاب الحسين عليهالسلام.
وفي (تاريخ الطبري)
ج ٦ ص ٢٥٥ : أنه آخر من بقي مع الحسين عليهالسلام من أصحابه ، قتله عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد
الجبني.
١٠٠ ـ كل قتيل في
جنب الله شهيد : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٥)
وكان يأتي الحسين
الرجل بعد الرجل ، فيقول : السلام عليك يابن رسول الله ،
فيجيبه الحسين عليهالسلام : وعليك السلام ، ونحن خلفك ، ويتلو : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) [الأحزاب : ٢٣] ،
ثم يحمل فيقتل. حتى قتلوا عن آخرهم رضوان الله عليهم ، ولم يبق مع الحسين عليهالسلام إلا أهل بيته.
(يقول الخوارزمي)
: وهكذا يكون المؤمن ، يؤثر دينه على دنياه ، وموته على حياته ، في سبيل الله ،
ينصر الحق وإن قتل. قال تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ) [آل عمران : ١٦٩].
وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كل قتيل في جنب الله شهيد».
ولما وقف رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على شهداء أحد وفيهم حمزة بن عبد المطلب ، قال : أنا شهيد
هؤلاء القوم ، زمّلوهم بدمائهم ، فإنهم يحشرون يوم القيامة وكلومهم رواء ،
وأوداجهم تشخب دما ؛ فاللون لون الدم ، والريح ريح المسك. فهم كما قيل :
كسته القنا حلّة
من دم
|
|
فأضحت لرائيه من
أرجوان
|
جزته معانقة
الدارعين
|
|
معانقة القاصرات
الحسان
|
* معنى (الشهيد) ومعنى ذكراه :
(مجلة الإسلام في معارفه وفنونه ـ بعلبك ، السنة ١٠ نيسان ١٩٦١)
يقول الشيخ حبيب
آل إبراهيم رحمهالله :
الشهيد بكل بساطة
إنسان قتل ، مع شرط أساسي : في سبيل رسالة. وبدون هذا الشرط لن يكون (شهيدا) ، بل
: إنسان مات.
من جسد الشهيد ..
من ذكراه .. يرتفع رمز ، يحوّله من قتيل إلى ضمير ؛ ضمير أمة أو جماعة بأكملها ،
تجد فيه تعبيرا عن آمالها ، فتكرم ذكراه ، لكي يبقى الشهيد حيا في النفوس يذكي
الآمال.
ههنا الفرق :
الشهيد حيّ بما يمثّل من آمال ، أما القتيل فميّت.
لقد كان الحسين عليهالسلام ضمير الإسلام ، يحتجّ على كل انحراف عن النهج الّذي خطّه
من قبل جده خاتم الرسل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
(وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ) (١٦٩)
[آل عمران : ١٦٩].
أشهر المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام
مع ذكر قاتليهم (مرتبين على الأحرف الهجائية)
(اسم الشهيد)
|
(اسم قاتله)
|
أبو ثمامة
الصائدي
|
(ابن عمه) قيس
بن عبد الله
|
أنس بن الحارث
الكاهلي
|
(استشهد رميا
بالنبل)
|
بربر بن خضير
الهمداني
|
رضي بن منقذ
العبدي وكعب بن جابر الأزدي
|
جون مولى أبي ذر
الغفاري
|
(أستشهد على يد
جماعة من القوم)
|
حبيب بن مظاهر
الأسدي
|
الحصين بن نمير (وقيل بديل بن صريم)
|
الحر بن يزيد
الرياحي
|
(أستشهد رميا بالنبل)
|
حنظلة بن أسعد
الشبامي
|
(أستشهد على يد جماعة من القوم)
|
زهير بن القين
البجلي
|
كثير بن عبد
الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي
|
سعيد بن عبد
الله الحنفي
|
(أستشهد رميا بالنبل)
|
سوار بن أبي
عمير الفهمي
|
(أستشهد أسيرا)
|
سويد بن عمرو
الخثعمي
|
عروة بن بطار التغلبي وزيد بن رقاد الجهني
|
شوذب مولى بني
شاكر
|
(أستشهد بالمبارزة)
|
عابس بن شبيب
الشاكري
|
(أستشهد على يد جماعة من القوم)
|
عبد الله بن
عمير الكلبي
|
(أستشهد أسيرا)
|
عمرو بن جنادة
الأنصاري
|
(أستشهد على يد جماعة من القوم)
|
عمرو بن قرظة
الأنصاري
|
(أستشهد رميا بالنبل)
|
مسلم بن عوسجة
الأسدي
|
مسلم بن عبد الله الضبابي وعبد الله بن خشكارة
|
نافع بن هلال
الجملي
|
(أستشهد أسيرا) قتله الشمر
|
وهب بن حباب
الكلبي
|
(أستشهد أسيرا)
|
الفصل الثالث والعشرون
شهادة أهل البيت عليهمالسلام
ويتضمن
:
ـ
مقدمة الفصل
١
ـ شهادة علي الأكبر عليهالسلام
٢
ـ شهادة عبد الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام
٣
ـ حملة آل أبي طالب عليهالسلام
٤
ـ شهادة الغلام القاسم بن الحسن عليهالسلام
٥
ـ شهادة بعض إخوة الحسين عليهالسلام
٦
ـ شهادة أبي الفضل العباس وإخوته عليهالسلام
٧
ـ الحسين عليهالسلام يودّع عياله
٨
ـ شهادة علي الأصغر بن الحسين عليهالسلام
٩
ـ شهادة عبد الله الرضيع عليهالسلام
١٠
ـ الضحاك بن عبد الله المشرقي يترك المعركة
١١
ـ جدول بأشهر المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام مع ذكر أمهاتهم ومن
قتلهم.
الفصل الثالث
والعشرون
شهادة أهل البيت عليهمالسلام
مقدمة الفصل :
بعد أن صرع جميع
أصحاب الحسين عليهمالسلام تقريبا ، خرج أهل البيت عليهمالسلام من آل أبي طالب عليهالسلام للمبارزة والقتال ، وكان عددهم ما بين ١٧ و ٢٧ شخصا.
ومن المسلم به أن
أول من تقدّم من أهل البيت عليهمالسلام إلى البراز الابن الأكبر للحسين عليهالسلام وهو علي الأكبر عليهالسلام رغم ما رواه ابن نما في (مثير الأحزان ، ص ٥١) من أن علي
الأكبر عليهالسلام برز إلى القتال حين لم يبق مع الحسين عليهالسلام من أهل بيته إلا الأقل ، وأن ذلك كان بعد شهادة العباس عليهالسلام. ووافقه على ذلك الخوارزمي في مقتله. أما في (مقتل الحسين
المشتهر بمقتل أبي مخنف) فقد ذكر شهادة علي الأكبر عليهالسلام بعد القاسم عليهالسلام ، بينما ذكر شهادة العباس عليهالسلام في أول المبارزات قبل الأصحاب ، وهذا مستبعد جدا.
ويمكن ترتيب شهادة
أهل البيت عليهمالسلام التي سبقت شهادة الحسين عليهالسلام كما يلي :
ـ شهادة علي
الأكبر عليهالسلام.
ـ شهادة عبد الله
بن مسلم بن عقيل عليهالسلام.
ـ شهادة محمّد بن
مسلم بن عقيل عليهالسلام.
ـ حملة آل أبي
طالب عليهالسلام : شهادة جعفر بن عقيل ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ عبد الله
الأكبر بن عقيل ـ محمّد وعون الأكبر ولدي عبد الله بن جعفر.
ـ شهادة عبد الله
الأكبر بن الحسن عليهالسلام.
ـ شهادة الغلام
القاسم بن الحسن عليهالسلام.
ـ شهادة بعض إخوة
الحسين عليهالسلام : أبو بكر بن علي عليهالسلام ـ عمر بن علي عليهالسلام ـ إخوة العباس لأمه وأبيه : عبد الله ـ جعفر ـ عثمان بن
علي عليهالسلام.
ـ شهادة أبي الفضل
العباس عليهالسلام.
ـ شهادة عبد الله
الرضيع عليهالسلام أصغر أبناء الحسين عليهالسلام.
المستشهدون من آل أبي
طالب عليهمالسلام
١٠١ ـ المستشهدون
من آل أبي طالب عليهمالسلام :
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٧)
ذكر سليمان بن
قتّة أسماء المستشهدين من أهل البيت عليهمالسلام في الأبيات التالية :
عين جودي بعبرة
وعويل
|
|
واندبي إن ندبت
آل الرسول
|
ستة كلهم لصلب
عليّ
|
|
قد أصيبوا وسبعة
لعقيل
|
واندبي إن بكيت
عونا أخاهم
|
|
ليس فيما ينوبهم
بخذول
|
وسميّ النبي
غودر فيهم
|
|
قد علوه بصارم
مصقول
|
وقد وردت هذه
الأشعار في الفقرة ١٤ عن (مروج الذهب) للمسعودي بصيغة أخرى ، ص ٤٦ ، فراجع.
توضيح : أراد
بقوله (ستة كلهم لصلب علي) أبناء الإمام علي عليهالسلام وهم : الحسينعليهالسلام ـ العباس ـ عبد الله ـ جعفر ـ عثمان ـ أبو بكر (محمّد
الأصغر أو عبد الله).
وأراد بقوله (وسبعة
لعقيل) : مسلم بن عقيل ـ عبد الله بن مسلم ـ محمّد ابن مسلم ـ محمّد بن أبي سعيد
بن عقيل ـ عبد الرحمن بن عقيل ـ جعفر بن عقيل ـ عبد الله بن عقيل.
وأراد بقوله (وسميّ
النبي) هو محمّد أخو عون بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام.
١٠٢ ـ شهادة أهل
البيت عليهمالسلام (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٢٦)
ولما قتل أصحاب
الحسين عليهالسلام ، ولم يبق إلا أهل بيته ، وهم : ولد علي عليهالسلام ، وولد جعفر ، وولد عقيل ، وولد الحسن ، وولده عليهالسلام ، وعددهم على الأشهر ١٧ شخصا ، اجتمعوا وودّع بعضهم بعضا
وعزموا على الحرب.
وقد مرّ إحصاء
بأسمائهم وعددهم وترتيب استشهادهم فيما مضى في الفصل الحادي والعشرين ، ص ٤٢ .
١٠٣ ـ بروز علي
الأكبر بن الحسين عليهالسلام للقتال :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣١٨ ط ٣)
ولما لم يبق مع
الحسين عليهالسلام إلا أهل بيته ، عزموا على ملاقاة الحتوف ببأس شديد وحفاظ
مرّ ونفوس أبيّة ، وأقبل بعضهم يودّع بعضا.
وأول من تقدّم إلى
البراز علي الأكبر عليهالسلام وعمره سبع وعشرون سنة فإنه ولد في ١١ شعبان سنة ٣٣ ه. وأمه ليلى بنت أبي مرة بن
عروة بن مسعود الثقفي.
١٠٤ ـ دعاء ليلى
لابنها :
(الفاجعة العظمى لعبد الحسين بن حبيب الموسوي الحائري ، ص ١٣٨)
قال السيد عبد
الحسين الموسوي : عندما برز علي الأكبر عليهالسلام إلى القتال ، بادر إليه بكر بن غانم. فلما خرج إليه اللعين
تغيّر وجه الحسين عليهالسلام ، فقالت أمه ليلى :
__________________
يا سيدي لعل قد
أصابه شيء؟!. قال عليهالسلام : لا يا ليلى ، ولكن قد خرج إليه من أخاف منه عليه ؛ فادعي
له ، فإني قد سمعت جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «إن دعاء الأم يستجاب في حق ولدها». فكشفت رأسها
ودعت له ، ولعنت بكرا ، إلى أن جرى بينهما ما جرى.
(وفي خبر) دعت
ليلى بهذا الدعاء : يا رادّ يوسف على يعقوب من بعد الفراق ، وجاعله في الدهر
مسرورا ، ويا رادّ إسماعيل إلى هاجر. إلهي بعطش أبي عبد الله ، إلهي بغربة أبي عبد
الله ، امنن عليّ بردّ ولدي.
١٠٥ ـ مصرع علي
الأكبر بن الحسين عليهالسلام على يد مرة بن منقذ العبدي :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٠)
فاستأذن أباه في
القتال ، فأذن له. ثم نظر إليه نظرة آيس منه ، وأرخى عينيه فبكى.
ثم رفع سبابتيه
نحو السماء وقال : الله م كن أنت الشهيد عليهم ، فقد برز إليهم غلام أشبه الناس
خلقا وخلقا ومنطقا برسولك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكنا إذا اشتقنا إلى وجه رسولك نظرنا إلى وجهه. الله م
فامنعهم بركات الأرض ، وإن منعتهم ففرقهم تفريقا ، ومزّقهم تمزيقا ، واجعلهم طرائق
قددا ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا. فإنهم دعونا لينصرونا ، ثم عدوا علينا يقاتلونا
ويقتلونا . ثم صاح الحسين عليهالسلام بعمر بن سعد : مالك قطع الله رحمك ولا بارك لك في أمرك ،
وسلّط عليك من يذبحك على فراشك ، كما قطعت رحمي ولم تحفظ قرابتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم رفع صوته وقرأ : (إِنَّ اللهَ اصْطَفى
آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ ٣٣
ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣٤) [آل عمران:
٣٣ ـ ٣٤].
شهادة علي الأكبر عليهالسلام
ثم حمل علي بن
الحسين عليهالسلام وهو يقول :
أنا علي بن
الحسين بن علي
|
|
نحن وبيت الله
أولى بالنبي
|
__________________
والله لا يحكم
فينا ابن الدّعي
|
|
أطعنكم بالرمح
حتى ينثني
|
أضربكم بالسيف
حتى يلتوي
|
|
ضرب غلام هاشميّ
علوي
|
وكان علي الأكبر عليهالسلام مرآة الجمال النبوي ، ومثال خلقه السامي ، وأنموذجا من
منطقة البليغ ، كأن الشاعر (الشيخ عبد الحسين صادق) عناه بقوله :
ورث الصفات
الغرّ وهي تراثه
|
|
من كل غطريف
وشهم أصيد
|
في بأس حمزة في
شجاعة حيدر
|
|
بإبا الحسين وفي
مهابة أحمد
|
وتراه في خلق
وطيب خلائق
|
|
وبليغ نطق
كالنبيّ محمّد
|
قال المرحوم الحاج
شيخ جعفر : فلما تجلى وجه طلعته من أفق العقاب ، واستبرى يده وقدمه على العنان
والركاب ، فأخذت عماته وأخواته بعنانه وركابه ، فأحدقن به ومنعنه من العزيمة ،
والحسين عليهالسلام ينادي : خلوّا سبيله فإنه ممسوس في الله ، ومقتول في سبيل
الله.
وفي (الدمعة
الساكبة) : لما توجّه علي الأكبر إلى الحرب ، اجتمعت النساء حوله كالحلقة ، وقلن
له : ارحم غربتنا ، ولا تستعجل إلى القتال ، فإنه ليس لنا طاقة في فراقك.
قال : فلم يزل
يجهد ويبالغ في طلب الإذن من أبيه ، حتى أذن له. ثم ودّع أباه والحرم ، وتوجّه نحو
الميدان.
فلم يزل يقاتل حتى
ضجّ أهل الكوفة لكثرة من قتل منهم ، حتى أنه روي أنه على عطشه قتل ١٢٠ رجلا. ثم
رجع إلى أبيه الحسين عليهالسلام وقد أصابته جراحات كثيرة. فقال : يا أبت العطش قد قتلني ،
وثقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل ، أتقوى بها على الأعداء؟. فبكى
الحسين عليهالسلام وقال : يا بنيّ عزّ على محمّد وعلى علي وعلى أبيك ، أن
تدعوهم فلا يجيبوك ، وتستغيث بهم فلا يغيثوك. يا بنيّ هات لسانك. فأخذ لسانه فمصّه
، ودفع إليه خاتمه وقال له : خذ هذا الخاتم في فيك ، وارجع إلى قتال عدوك ،
فإني أرجو أن لا تمسي حتى يسقيك جدك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبدا.
وأورد المقرم في
مقتله : ومن جهة أن ليلى أم علي الأكبر هي بنت ميمونة ابنة أبي
__________________
سفيان صاح رجل من القوم : يا علي إن لك رحما بأمير المؤمنين [يزيد]
ونريد أن نرعى الرحم ، فإن شئت آمنّاك!. فقال عليهالسلام : إن قرابة رسول الله أحقّ أن ترعى .
فرجع علي بن
الحسين إلى القتال ، وحمل وهو يقول :
الحرب قد بانت
لها حقائق
|
|
وظهرت من بعدها
مصادق
|
والله ربّ العرش
لا نفارق
|
|
جموعكم أو تغمد
البوارق
|
وجعل يقاتل حتى
قتل تمام المئتين (وفي رواية : فقال مرّة بن منقذ العبدي : عليّ آثام العرب إن لم أثكل أباه به ، فطعنه بالرمح في
ظهره ). ثم ضربه (مرّة) على مفرق رأسه ضربة صرعه فيها ، وضربه الناس بأسيافهم ،
فاعتنق الفرس فحمله الفرس إلى عسكر عدوه ، فقطّعوه بأسيافهم إربا إربا. فلما بلغت
روحه التراقي نادى بأعلى صوته : يا أبتاه! هذا جدي رسول الله قد سقاني بكأسه
الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبدا ، وهو يقول لك : العجل ، فإن لك كأسا مذخورة . فصاح الحسين عليهالسلام : قتل الله قوما قتلوك يا بني ، ما أجرأهم على الله وعلى
انتهاك حرمة رسول الله ، على الدنيا بعدك العفا .
وروي أن الحسين عليهالسلام بكى عليه بكاء شديدا.
وفي (ناسخ
التواريخ) أن الحسين عليهالسلام لما جاء إلى ولده ، رآه وبه رمق ، وفتح
__________________
علي عليهالسلام عينيه في وجه أبيه ، وقال : يا أبتاه أرى أبواب السماء قد
انفتحت ، والحور العين بيدها كؤوس الماء قد نزلن من السماء ، وهن يدعونني إلى
الجنة ؛ فأوصيك بهذه النسوة ، بأن لا يخمشن عليّ وجها. ثم سكن وانقطع أنينه.
وفي (الفاجعة
العظمى) ص ١٣٧ ، قال أبو مخنف : ووضع الحسين عليهالسلام رأس ولده علي في حجره ، وجعل يمسح الدم عن ثناياه ، وجعل
يلثمه ويقول : يا بني ، لعن الله قوما قتلوك ، ما أجرأهم على الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وهملت عيناه بالدموع وقال : أما أنت يا بني ، فقد استرحت
من كرب الدنيا ومحنها ، وصرت إلى روح وريحان ، وبقي أبوك ، وما أسرع لحوقه بك.
قال : وجعل الحسين
عليهالسلام يتنفس الصعداء.
وفي (المنتخب) :
وصاح الحسين عليهالسلام بأعلى صوته ، فتصارخن النساء. وقال لهن الحسين عليهالسلام : اسكتن ، فإن البكاء أمامكنّ.
ـ زينب عليهاالسلام تؤبّن الشهيد
(الفاجعة العظمى ، ص ١٣٧)
وروي أن زينب عليهاالسلام خرجت مسرعة تنادي بالويل والثبور ، وتقول :
يا حبيباه ...
قال حميد بن مسلم
: لكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها شمس طالعة ، تنادي بالويل والثبور. تصيح
: وا حبيباه!. وا ثمرة فؤاداه!. وا نور عيناه!.
فسألت عنها ، فقيل
: هي زينب بنت علي عليهماالسلام. ثم جاءت حتى انكبّت عليه. فجاء إليها الحسين عليهالسلام حتى أخذ بيدها وردّها إلى الفسطاط .. ثم أقبل مع فتيانه
إلى ابنه ، فقال : احملوا أخاكم. فحملوه من مصرعه حتى وضعوه عند الفسطاط الّذي
يقاتلون أمامه.
وذكر الميانجي في (العيون
العبرى) ص ١٥٣ : وفي الزيارة المروية عن الصادقعليهالسلام : بأبي أنت وأمي من مذبوح مقتول من غير جرم ، وبأبي أنت
وأمي دمك المرتقى به إلى حبيب الله [أي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم] ، وبأبي أنت وأمي من مقدّم بين يدي أبيك يحتسبك ويبكي
عليك ، محترقا عليك قلبه ، يرفع دمك بكفّه إلى أعنان السماء ، لا ترجع منه قطرة ،
ولا تسكن من أبيك زفرة.
ترجمة علي الأكبر ابن الإمام الحسين عليهالسلام
كان يكنّى أبا
الحسن ، ويلقّب (بالأكبر) لأنه أكبر أولاد الحسين عليهالسلام على ما رواه صاحب (الحدائق الوردية). وروى ابن إدريس في (السرائر)
، والمفيد في (الإرشاد) : أنه ولد بعد وفاة جده أمير المؤمنين علي عليهالسلام بسنتين (وقيل : ولد في أوائل خلافة عثمان). أمه ليلى بنت
أبي مرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وهي (ليلى) بنت ميمونة ابنة أبي سفيان.
وكان علي الأكبر عليهالسلام أول المستشهدين يوم الطف من أهل البيت عليهالسلام ، وقيل كان عمره ٢٧ وقيل ٢٥ وقيل ١٩ وقيل ١٨ والأول هو
الأصح.
وكان علي الأكبر
أشبه الناس خلقا وخلقا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لابل إنه شابه الخمسة أصحاب الكساء ، وهم :
محمّد وفاطمة وعلي والحسنان عليهمالسلام.
فأما شباهته بجده
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ففي كلامه ومقاله ، وفي خلقه وأخلاقه. وأما شباهته بجده
الإمام علي عليهالسلام ففي كنيته وشجاعته وتعصبه للحق. وأما شباهته بجدته فاطمة
الزهراء عليهاالسلام ففي مدة حياته ، إذ توفيت الزهراء وعمرها ثماني عشرة سنة.
وأما شباهته بعمه الحسن عليهالسلام فقد شابهه بالبهاء والهيبة ، فكان وجهه يتلألأ نورا. وأما
شباهته بأبيه الحسين عليهالسلام فقد شابهه بالإباء والكرم ، ويكفيه إباء وكرما أنه أول من
برز من أهل البيت الطاهر يوم كربلاء ، وما زال يضرب في القوم [ضرب غلام هاشميّ
علوي] حتى استشهد رضوان الله عليه.
ـ تحقيق في سنّ
علي الأكبر عليهالسلام :
قال الميانجي في (العيون
العبرى) ص ١٥٤ : ولد عليهالسلام في ١١ من شعبان ، كما في (أنيس الشيعة) في أوائل خلافة
عثمان. أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة ابن مسعود الثقفي.
قال صاحب (نفس
المهموم) : اختلفوا في سنّه الشريف اختلافا عظيما ، فقال
محمّد بن شهر اشوب
ومحمد بن أبي طالب الموسوي : إنه ابن ١٨ سنة. وقال الشيخ المفيد : إن له ١٩ سنة.
فعلى هذا يكون هو أصغر من أخيه زين العابدين عليهالسلام. وقيل إنه ابن ٢٥ سنة ، فيكون هو الأكبر ، وهذا هو الأصح
والأشهر.
وقال السيد عبد
الرزاق المقرّم في كتابه (علي الأكبر) : ولد علي الأكبر ويكنّى بأبي الحسن في حدود
سنة ٣٣ ه ، فله يوم الطف ما يقارب ٢٧ سنة. ويلقّب بالأكبر ، لأنه أكبر من الإمام
السجّاد عليهالسلام الّذي له يوم الطف ٢٣ سنة.
ولعل هذا القول (أي
أنه هو الأكبر) هو الأوجه ، ويؤيده ما ورد في (تاريخ اليعقوبي) ، ومعارف ابن قتيبة
، وتاريخ ابن خلّكان : بأنه ليس للحسين عليهالسلام عقب إلا من علي بن الحسين الأصغر ، وهو زين العابدين عليهالسلام.
شهادة عبد الله ابن
مسلم ابن عقيل عليهالسلام
١٠٦ ـ مصرع عبد
الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام على يد يزيد بن الرقّاد الجهني ، وقيل عمرو بن صبيح وأسيد
بن مالك :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢ ط نجف)
وبرز عبد الله بن
مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ، وأمه رقية بنت علي عليهماالسلام وهو يرتجز ويقول :
اليوم ألقى
مسلما وهو أبي
|
|
وفتية بادوا على
دين النبي
|
ليسوا بقوم
عرفوا بالكذب
|
|
لكن خيار وكرام
النسب
|
من
هاشم السادات أهل الحسب
|
وفي (مقتل أبي
مخنف) ص ٧٢ : أنه لما برز حسر عن ذراعيه وهو يرتجز ويقول :
نحن بنو هاشم
الكرام
|
|
نحمي بنات السيد
الهمام
|
سبط رسول الملك
العلّام
|
|
نسل عليّ الفارس
الضرغام
|
فدونكم أضرب
بالصمصام
|
|
والطعن بالعسّال
باهتمام
|
أرجو بذاك الفوز
بالقيام
|
|
عند مليك قادر
علّام
|
فقتل ثلاثة رجال فرماه عمرو بن صبيح الصيداوي [وفي رواية : الصدائي] بسهم ،
فوضع عبد الله بن مسلم يده على جبهته يتّقيه ، فأصاب السهم كفّه ونفذ إلى جبهته
فسمّرها فلم يستطع أن يحركّها. ثم طعنه أسيد بن مالك بالرمح في قلبه فقتله. (وقيل)
إن قاتل عبد الله بن مسلم هو يزيد بن الرّقّاد الجهني ، وكان يقول : رميته بسهم وكفّه على جبهته يتقي النبل ،
فأثبتّ كفّه في جبهته ، فما استطاع أن يزيل كفه عن جبهته. وقال حين رميته : الله م
إنهم استقلّونا واستذلّونا ، فاقتلهم كما قتلونا. ثم رماه بسهم آخر ، وكان يقول :
جئته وهو ميّت ، فنزعت سهمي من جوفه ، ولم أزل أنضنض الآخر عن جبهته حتى أخذته وبقي
النصل.
ترجمة رقيّة بنت الإمام علي عليهالسلام
(مقتبس من كتاب :
السيدة رقية بنت الحسين عليهماالسلام للسيد عامر الحلو)
من زوجات الإمام
علي عليهالسلام : الصهباء (أم حبيب) التغلبية بنت عباد بن ربيعة بن يحيى ،
من سبي اليمامة أو عين التمر. اشتراها أمير المؤمنين عليهالسلام فأولدها عمر الأطرف ورقية ، وهما توأمان
(مروج الذهب للمسعودي).
تزوّج رقية هذه
مسلم بن عقيل عليهالسلام فولدت له : عبد الله وعليا
(المعارف لابن قتيبة).
وقد قتل ولدها عبد
الله بن مسلم عليهالسلام يوم كربلاء ، وكانت هي مع نساء الحسين في كربلاء بعد أن
قتل زوجها مسلم في الكوفة.
__________________
١٠٧ ـ شهادة محمّد
بن مسلم بن عقيل عليهالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٥٢)
وخرج محمّد بن
مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ، فقاتل حتى قتل. قتله أبو جرهم الأزدي ولقيط بن ياسر
الجهني.
حملة
آل أبي طالب عليهمالسلام
١٠٨ ـ شهادة بقية
أهل البيت عليهمالسلام وإخوة الحسين عليهالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٤ ط ٤)
يقول السيد المقرم
في مقتله ، ص ٣٢٨ : ولما قتل عبد الله بن مسلم ، حمل آل أبي طالب حملة واحدة. فصاح
بهم الحسين عليهالسلام : صبرا على الموت يا بني عمومتي ، والله لا رأيتم هوانا
بعد هذا اليوم أبدا.
١٠٩ ـ شهادة بعض
أولاد عقيل عليهالسلام :
فخرج جعفر بن عقيل
بن أبي طالب عليهالسلام ، فحمل وهو يرتجز ويقول :
أنا الغلام
الأبطحيّ الطالبي
|
|
من معشر في هاشم
وغالب
|
ونحن حقا سادة
الذوائب
|
|
فينا حسين أطيب
الأطائب
|
من
عترة البرّ التقيّ الغالب
|
فقتل خمسة عشر
فارسا [على رواية محمّد بن أبي طالب] ، ورجلين [على رواية ابن شهر اشوب]. فقتله
عبد الله بن عروة الخثعمي ، وقيل بشر بن سوط الهمداني.
ثم خرج من بعده
أخوه عبد الرحمن بن عقيل ، فحمل وهو يقول :
أبي عقيل
فاعرفوا مكاني
|
|
من هاشم وهاشم
إخواني
|
كهول صدق سادة
الأقران
|
|
هذا حسين شامخ
البنيان
|
وسيّد
الشيب مع الشبّان
|
فقتل [على رواية
محمّد بن أبي طالب وابن شهر اشوب] سبعة عشر فارسا. فحمل عليه عثمان بن خالد الجهني
وبشر بن سوط الهمداني فقتلاه.
وخرج عبد الله
الأكبر بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام فما زال يضرب فيهم حتى أثخن بالجراح وسقط إلى الأرض. فجاء
عثمان بن خالد التميمي وبشر بن سوط فقتلاه.
وأصابت الحسن
المثنّى ابن الإمام الحسن عليهالسلام ثماني عشرة جراحة وقطعت يده اليمنى ، ولم يستشهد.
ثم برز من بعده
موسى بن عقيل عليهالسلام وهو يرتجز ويقول :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٧٤)
يا معشر الكهول
والشبّان
|
|
أضربكم بالسيف
والسنان
|
أحمي عن الفتية
والنسوان
|
|
وعن إمام الإنس
ثم الجان
|
أرضي بذاك خالق
الإنسان
|
|
سبحانه ذو الملك
الديّان
|
ثم حمل على القوم
ولم يزل يقاتل حتى قتل سبعين فارسا ، ثم قتل رحمهالله.
١١٠ ـ مصرع
إبراهيم بن الحسين :
وبرز من بعده
إبراهيم بن الحسين ، وهو يقول :
اقدم حسين اليوم
تلقى أحمدا
|
|
ثم أباك الطاهر
المؤيّدا
|
والحسن المسموم
ذاك الأسعدا
|
|
وذا الجناحين
حليف الشهدا
|
وحمزة الليث
الكمي السيّدا
|
|
في جنة الفردوس
فازوا سعدا
|
ثم حمل على القوم
فقتل خمسين فارسا ، وقتل رحمهالله.
١١١ ـ مصرع أحمد
بن محمد الهاشمي ، قيل إنه عباسي :
وبرز من بعده أحمد
بن محمد الهاشمي ، وهو يرتجز ويقول :
اليوم أبلو حسبي
وديني
|
|
بصارم تحمله
يميني
|
أحمي به عن سيدي
وديني
|
|
ابن علي الطاهر
الأمين ثم
|
ثم حمل على القوم
، ولم يزل يقاتل حتى قتل ثمانين فارسا ، ثم قتل رضوان الله عليه.
١١٢ ـ شهادة محمّد
وعون ولدي عبد الله بن جعفر عليهمالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٥ ط ٤)
وحمل الناس على
الحسين عليهالسلام وأهل بيته من كل جانب.
فخرج محمّد بن عبد
الله بن جعفر بن أبي طالب عليهالسلام ، وأمه زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقيل الخوصاء من بني تيم اللات ، وهو يقول :
أشكو إلى الله
من العدوان
|
|
فعال قوم في
الردى عميان
|
قد تركوا معالم
القرآن
|
|
ومحكم التنزيل
والتبيان
|
وأظهروا
الكفر مع الطغيان
|
ثم قاتل حتى قتل
عشرة أنفس ، فحمل عليه عامر بن نهشل التميمي فقتله.
وخرج أخوه عون بن
عبد الله بن جعفر عليهالسلام وأمه زينب الكبرى عليهاالسلام وهو يقول :
إن تنكروني فأنا
ابن جعفر
|
|
شهيد صدق في
الجنان أزهر
|
يطير فيها بجناح
أخضر
|
|
كفى بهذا شرفا
في المحشر
|
ثم قاتل حتى قتل [على
رواية ابن شهر اشوب] ثلاثة فوارس وثمانية عشر راجلا. فحمل عليه عبد الله بن قطبة
الطائي فقتله.
قال صاحب (نفس
المهموم) ص ١٥٥ : اعلم أنه كان لعبد الله بن جعفر ابنان مسميان بعون : (الأكبر)
وأمه زينب العقيلة عليهاالسلام ، (والأصغر) وأمه جماعة بنت المسيّب بن نجبة. والظاهر أن
المقتول بالطف هو الأول.
١١٣ ـ مرقد عون
على طريق المسيّب :
(موجز تاريخ البلدان العراقية ، ص ٥٨)
قال السيد عبد
الرزاق الحسني : وعلى بعد ثمانية أميال [١٥ كم] من شرقي كربلاء مرقد الإمام عون بن
عبد الله بن جعفر عليهالسلام ، وأمه زينب بنت علي عليهاالسلام ، وقيل الخوصاء.
تعليق (حول مرقد
عون) (مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٤٠)
قال : لا يرتاب
اللبيب بأن عون مقبور مع الشهداء في الحائر الحسيني المقدّم. وما ذهبت إليه
المزاعم من أن مشهد عون واقع على يسار السابلة في طريق كربلاء ـ المسيّب بمسافة
خمسة عشر كيلومترا ، فغير صحيح. إنما هو قبر سيد جليل كان اسمه (عون) يقيم في
الحائر الحسيني ، وكانت له ضيعة على ثلاثة فراسخ من كربلاء ، خرج إليها وأدركه
الموت فدفن في ضيعته ، وبني على مرقده هذا المزار المشهور ، وعليه قبة عالية ،
والناس يقصدونه بالنذور وقضاء الحاجات. ويظن الناس أنه قبر عون بن علي بن أبي طالب
عليهالسلام ، والبعض يزعم أنه قبر عون ابن عبد
الله بن جعفر عليهالسلام ، وهو غير صحيح ، إذ أن المدفون فيه اسمه عون بن عبد الله
بن جعفر بن مرعي بن علي بن الحسن البنفسج بن إدريس بن داود بن أحمد المسوّر بن عبد
الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط عليهالسلام. دفن في ضيعته.
١١٤ ـ شهادة عبد
الله الأكبر بن الحسن عليهالسلام (مقتل المقرم ص ٣٣٠)
وخرج أبو بكر بن
الحسن عليهالسلام وهو عبد الله الأكبر ، وأمه أم ولد يقال لها رملة ، وهي أم
القاسم عليهالسلام ، برز وهو يقول :
إن تنكروني فأنا
ابن حيدره
|
|
ضرغام آجام وليث
قسوره
|
على الأعادي مثل
ريح صرصره
|
|
أكيلكم بالسيف
كيل السندره
|
[وقد اقتبس ذلك من شعر جده الإمام علي
بن أبي طالب عليهالسلام].
فقاتل حتى قتل.
وكان عبد الله بن الحسن عليهالسلام قد تزوج من ابنة عمه سكينة بنت الحسين عليهالسلام قبيل المعركة ، وقيل إنه قتل قبل البناء بها.
ملاحظة :
قال السيد إبراهيم
الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٥٨ :
يظهر أنه كان
للإمام الحسن (ع) ابنان مسمّيان بعبد الله : أحدهما إليه الأصغر) ، والآخر (الأكبر)
وهو المكنى بأبي بكر ، وكان أخا للقاسم لأبويه ، وقد زوّجه عمه الحسين عليهالسلام ابنته سكينة.
شهادة القاسم ابن
الحسن عليهماالسلام
١١٥ ـ مصرع القاسم
بن الحسن عليهالسلام [فلقة القمر] وهو غلام لم يبلغ الحلم ، على يد عمرو بن سعد الأزدي (لواعج
الأشجان ، ص ١٧٣ و ١٧٤)
وخرج من بعده أخوه
لأمه وأبيه القاسم بن الحسن عليهالسلام ، وأمه أم ولد ، وهو غلام لم يبلغ الحلم. فلما نظر الحسين عليهالسلام إليه قد برز ، اعتنقه وجعلا يبكيان
حتى غشي عليهما.
ثم استأذن عمه في المبارزة فأبى أن يأذن له ، فلم يزل الغلام يقبّل يديه ورجليه ،
حتى أذن له. فخرج ودموعه تسيل على خديه وهو يقول :
إن تنكروني فأنا
ابن الحسن
|
|
سبط النبي
المصطفى والمؤتمن
|
هذا حسين
كالأسير المرتهن
|
|
بين أناس لا
سقوا صوب المزن
|
فقاتل قتالا شديدا
، حتى قتل على صغر سّنه [على بعض الروايات] خمسة وثلاثين رجلا.
وفي (المنتخب)
للطريحي ، ص ٣٧٤ ط ٢ :
ثم إن القاسم تقدم
إلى عمر بن سعد ، وقال له : يا عمر أما تخاف الله ، أما تراقب الله يا أعمى القلب
، أما تراعي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!. فقال عمر : أما كفاكم التجبر ، أما تطيعون يزيد؟. فقال
القاسم عليهالسلام : لا جزاك الله خيرا ، تدّعي الإسلام ، وآل رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عطاشى ظماء ، قد اسودّت الدنيا بأعينهم.
وفي (اللواعج) قال
حميد بن مسلم : كنت في عسكر ابن سعد ، حين خرج علينا غلام كأن وجهه شقة قمر ، وفي يده سيف ، وعليه قميص وإزار ونعلان ، قد انقطع شسع
إحداهما ، ما أنسى أنها كانت اليسرى [وأنف ابن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يحتفي في الميدان ، فوقف يشدّ شسع نعله ].
وفي ذلك قال
الشاعر مجنّسا :
أتراه حين أقام
يصلح نعله
|
|
بين العدى كيلا
يروه بمحتفي
|
غلبت عليه شآمة
حسنية
|
|
أم كان بالأعداء
ليس بمحتفي
|
فقال لي عمرو بن
سعد بن نفيل الأزدي : والله لأشدّنّ عليه. فقلت : سبحان الله وما تريد بذلك!.
والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي ، دعه يكفيكه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه. فقال
: والله لأفعلنّ. فشدّ عليه ، فما ولّى حتى ضرب رأسه
__________________
بالسيف ففلقه ،
ووقع الغلام إلى الأرض لوجهه ، ونادى : يا عماه!. فانقضّ عليه الحسين عليهالسلام كالصقر ، وتخلل الصفوف ، وشدّ شدة ليث أغضب ، فضرب عمرو بن
سعد بن نفيل بالسيف ، فاتقاها بالساعد فقطعها من لدن المرفق ، فصاح صيحة سمعها أهل
العسكر. ثم تنحّى عنه الحسين عليهالسلام فحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوه ، فاستقبلته بصدورها
ووطئته بحوافرها ، فمات.
وانجلت الغبرة
فإذا بالحسين عليهالسلام قائم على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسين عليهالسلام يقول : بعدا لقوم قتلوك ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك
وأبوك. ثم قال عليهالسلام : عزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك أو يجيبك فلا
ينفعك [أو يعينك فلا يغني عنك ]. صوت والله كثر واتره ، وقلّ ناصره!.
ثم حمله ووضع صدره
على صدره. وكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطان الأرض. فجاء به حتى ألقاه مع ابنه علي
والقتلى من أهل بيته . ثم رفع طرفه إلى السماء وقال عليهالسلام : الله م أحصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا
[ولا تغفر لهم
أبدا ].
وصاح الحسين عليهالسلام في تلك الحال : صبرا يا بني عمومتي ، صبرا يا أهل بيتي ،
فو الله لا رأيتم هوانا بعد هذا اليوم أبدا.
١١٦ ـ عرس القاسم عليهالسلام :
ذكر فخر الدين
الطريحي في كتابه (المنتخب في المراثي والخطب) ص ٣٧٣ ، وكذلك الميانجي في (العيون
العبرى) ص ١٥٨ ، قصة زواج القاسم عليهالسلام.
وملخصها أن الإمام
الحسن عليهالسلام كان قد أوصى بتزويج ابنه القاسم عليهالسلام من ابنة أخيه الحسين عليهالسلام المسماة زبيدة. ذلك أن الحسين عليهالسلام بعد وفاة زوجته شهربانو أم زين العابدين عليهالسلام تزوج بأختها شاهزنان ، فولدت له زبيدة هذه ، وقبر زبيدة
خاتون في الري جنوبي طهران على مسافة ثلاثة ضرائح من قبر الشاه عبد العظيم الحسني (راجع
أسرار الشهادة ، ص ٣١٠).
__________________
لذلك قام الحسين عليهالسلام في كربلاء بإجراء عقد الزواج بين القاسم وزبيدة في خيمة ،
بعد أن ألبسه ثيابا جديدة. لكن القاسم رغم ذلك فضّل الشهادة على الزواج ، وقال
لخطيبته : لقد أخّرنا عرسنا إلى الآخرة. فبكت الهاشميات.
يقول المحقق السيد
عبد الرزاق المقرّم في كتابه (القاسم بن الحسن) ص ٣٢٠ : كل ما يذكر في عرس القاسم
غير صحيح ، لعدم بلوغ القاسم سن الزواج ، ولم يرد به نص صحيح من المؤرخين.
ترجمة الغلام القاسم بن الحسن عليهالسلام
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٥٨)
في بعض الكتب :
توفي الإمام الحسن عليهالسلام وللقاسم سنتان ، فربّاه عمه الحسينعليهالسلام في حجره ، وكفله مع سائر إخوته. وكان يوم عاشوراء غلاما لم
يبلغ الحلم (عمره ١٣ سنة). وكان وجهه من جماله كفلقة القمر. أمه وأم عبد الله :
رملة. [وفي طبقات ابن سعد] : نفيلة.
١١٧ ـ شهادة بعض
إخوة الإمام الحسين عليهمالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٨ ط ٤)
وتقدمت إخوة
الحسين عليهالسلام عازمين على أن يموتوا دونه.
فأول من خرج منهم
أبو بكر بن علي عليهالسلام واسمه عبد الله ، وأمه ليلى بنت مسعود من بني نهشل ، فتقدم
وهو يرتجز ويقول :
شيخي عليّ ذو
الفخار الأطول
|
|
من هاشم الصدق
الكريم المفضل
|
هذا الحسين ابن
النبي المرسل
|
|
نذود عنه
بالحسام الفيصل
|
تفديه نفسي من
أخ مبجّل
|
|
يا ربّ فامنحني
ثواب المجزل
|
فلم يزل يقاتل حتى
قتله زجر بن بدر النخعي.
ثم خرج من بعده
أخوه عمر بن علي عليهالسلام ، أمه أم حبيب الصهباء بنت ربيعة التغلبية ، فحمل على زجر
قاتل أخيه فقتله ، واستقبل القوم وجعل يضرب بسيفه ضربا منكرا ، وهو يقول :
خلّوا عداة الله
خلّوا عن عمر
|
|
خلّوا عن الليث
الهصور المكفهر
|
يضربكم بسيفه
ولا يفرّ
|
|
وليس فيها
بالجبان المنحجر
|
فلم يزل يقاتل حتى
قتل.
وخرج محمّد الأصغر
بن علي عليهالسلام وأمه أم ولد ، فرماه رجل من تميم من بني أبان بن دارم ،
فقتله وجاء برأسه.
وخرج عبد الله بن
علي عليهالسلام وأمه ليلى بنت مسعود النهشلية ، فقاتل حتى قتل. وهو أخو أبي
بكر بن علي (ع) لأمه وأبيه ، وهو غير عبد الله الأصغر بن علي عليهالسلام شقيق العباس عليهالسلام ، كما صرح بذلك الشيخ المفيد في (الإرشاد).

١١٨ ـ مصرع إخوة
العباس عليهالسلام وهم عبد الله وجعفر وعثمان عليهمالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٩ ط ٤)
ولما رأى العباس
بن علي (ع) كثرة القتلى من أهله قال لإخوته من أمه وأبيه ، وهم عبد الله وجعفر
وعثمان عليهالسلام ، وأمهم أم البنين فاطمة بنت حزام بن خالد الكلابية : يا
بني أمي تقدموا حتى أراكم قد نصحتم لله ولرسوله ، فإنه لا ولد لكم.
وفي (مقاتل
الطالبيين) لأبي الفرج الاصفهاني ، ص ٥٥ : قال أبو مخنف في حديث الضحاك المشرفي : «إن
العباس بن علي عليهالسلام قدّم أخاه جعفرا بين يديه ، لأنه لم يكن له ولد ، ليحوز
ولد العباس بن علي ميراثه».
وقال الطبري في
تاريخه : «وزعموا أن العباس بن علي عليهالسلام قال لإخوته من
أمه ، عبد الله
وجعفر وعثمان : يا بني أمي تقدموا حتى أرثكم ، فإنه لا ولد لكم ، ففعلوا فقتلوا».
فبرز عبد الله
الأصغر بن علي عليهالسلام وعمره خمس وعشرون سنة وهو يقول :
أنا ابن ذي
النجدة والافضال
|
|
ذاك عليّ الخير
ذي الفعال
|
سيف رسول الله
ذو النّكال
|
|
في كل يوم ظاهر
الأهوال
|
فاختلف هو وهاني
بن ثبيت الحضرمي ضربتين ، فقتله هاني.
ثم برز بعده أخوه
جعفر بن علي عليهالسلام وكان عمره تسع عشرة سنة وهو يقول :
إني أنا جعفر ذو
المعالي
|
|
نجل عليّ الخير
ذو النوال
|
أحمي حسينا
بالقنا العسّال
|
|
وبالحسام الواضح
الصقال
|
حسبي
بعمّي شرفا وخالي
|
فحمل عليه هاني بن
ثبيت الحضرمي أيضا فقتله ، وجاء برأسه.
ثم برز بعده أخوه
عثمان بن علي عليهالسلام فقام مقام إخوته ، وكان عمره إحدى وعشرين سنة وهو يقول :
إني أنا عثمان
ذو المفاخر
|
|
شيخي عليّ ذو
الفعال الطاهر
|
صنوّ النبي ذي
الرشاد السائر
|
|
ما بين كل غائب
وحاضر
|
هذا حسين خيرة
الأخاير
|
|
وسيّد الصغار
والأكابر
|
بعد
الرسول والوصي الناصر
|
فرماه خولي بن
يزيد الأصبحي على جبينه فسقط عن فرسه ، وحمل عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله ،
وجاء برأسه.
__________________
شهادة أبي الفضل العباس
قمر بني هاشم
كان العباس بن علي
عليهالسلام رجلا وسيما جميلا ، قويا أيّدا طويلا ، يركب الفرس المطهّم
[أي السمين العالي] ورجلاه تخطان في الأرض. ولبطولته المشهودة أعطاه الحسين عليهالسلام لواءه يوم كربلاء ، وطلب منه الاستسقاء أكثر من مرة ،
فاستسقى الماء للنساء ، فسمّي السّقّاء. ولجماله الملحوظ سمّي قمر بني هاشم.
١١٩ ـ استسقاء أبي
الفضل العباس عليهالسلام ومصرعه على يد زيد بن الرقّاد الجهني (مقتل الحسين للمقرّم
، ص ٣٣٥)
أورد الخوارزمي في
مقتله مصرع العباس باختصار كبير ، ج ٢ ص ٢٩ قال :
ثم خرج من بعده
العباس بن علي عليهالسلام وأمه أم البنين ، وهو السّقّاء ، فحمل وهو يقول :
أقسمت بالله
الأعزّ الأعظم
|
|
وبالحجون صادقا
وزمزم
|
وبالحطيم والفنا
المحرّم
|
|
ليخضبنّ اليوم
جسمي بدمي
|
دون الحسين ذي
الفخار الأقدم
|
|
إمام أهل الفضل
والتكرّم
|
فلم يزل يقاتل حتى
قتل جماعة من القوم ثم قتل. فقال الحسين عليهالسلام : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي.
وأما الطبري فمن
العجب العجاب أنه لم يذكر شيئا أبدا عن مصرع العباس. واعتبر السيد ابن طاووس في (اللهوف)
مقتل العباس عليهالسلام آخر أهل البيت عليهمالسلام وذلك باختصار.
أما السيد المقرّم
فقد أورد في مقتله مصرع العباس عليهالسلام بإسهاب ، ص ٣٣٤ ، وهذا نصّه :
قال العباس عليهالسلام : قد ضاق صدري من هؤلاء المنافقين وأريد أن آخذ ثأري منهم.
فأمره الحسين عليهالسلام أن يطلب الماء للأطفال ، فذهب العباس عليهالسلام إلى القوم ووعظهم وحذّرهم غضب الجبار فلم ينفع ، فنادى
بصوت عال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن بنت رسول الله ، قد قتلتم أصحابه وأهل
بيته ، وهؤلاء عياله وأولاده عطاشى فاسقوهم من الماء ، فقد أحرق الظمأ قلوبهم ،
وهو مع ذلك يقول : دعوني أذهب إلى الروم أو الهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق.
فأثّر كلام العباس عليهالسلام في نفوس القوم حتى بكى بعضهم. ولكن الشمر صاح بأعلى صوته :
يابن أبي تراب لو كان وجه الأرض كله ماء وهو تحت أيدينا لما سقيناكم منه قطرة ،
إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.
ثم إنه ركب جواده
وأخذ القربة ، فأحاط به أربعة آلاف ورموه بالنبال ، فلم ترعه كثرتهم وأخذ يطرد
أولئك الجماهير وحده ، ولواء الحمد يرفرف على رأسه ، فلم تثبت له الرجال ، ونزل
إلى الفرات مطمئنا غير مبال بذلك الجمع. ولما اغترف من الماء ليشرب تذكّر عطش أخيه
الحسين عليهالسلام ومن معه ، فرمى الماء وقال :
يا نفس من بعد
الحسين هوني
|
|
وبعده لا كنت أن
تكوني
|
هذا الحسين وارد
المنون
|
|
وتشربين بارد
المعين
|
تالله ما هذا
فعال ديني
|
|
ولا فعال صادق
اليقين
|
ثم ملأ القربة
وركب جواده وتوجّه نحو المخيم فقطع عليه الطريق ، وجعل يضرب حتى أكثر القتل فيهم
وكشفهم عن الطريق وهو يقول :
لا أرهب الموت
إذا الموت رقى
|
|
حتى أوارى في
المصاليت لقى
|
|
__________________
نفسي لسبط
المصطفى الطهر وقى
|
|
إني أنا العباس
أغدو بالسّقا
|
ولا
أخاف الشرّ يوم الملتقى
|
فكمن له زيد بن
الرقّاد الجهني من وراء نخلة وعاونه حكيم بن الطفيل السنبسي ، فضربه على يمينه
فبراها ، فقال عليهالسلام :
والله إن قطعتم
يميني
|
|
إني أحامي أبدا
عن ديني
|
وعن إمام صادق
اليقين
|
|
سبط النبي
الطاهر الأمين
|
فلم يعبأ بيمينه
بعد أن كان همه إيصال الماء إلى أطفال الحسين عليهالسلام وعياله ، ولكن الحكيم بن الطفيل كمن له من وراء نخلة ،
فلما مرّ به ضربه على شماله فقطعها فقالعليهالسلام:
يا نفس لا تخشي
من الكفّار
|
|
وأبشري برحمة
الجبّار
|
مع النبي السيد
المختار
|
|
مع جملة السادات
والأطهار
|
قد قطّعوا
ببغيهم يساري
|
|
فأصلهم يا ربّ
حرّ النار
|
وتكاثروا عليه
وأتته السهام كالمطر ، فأصاب القربة سهم وأريق ماؤها ، وسهم أصاب صدره وضربه رجل بالعمود على رأسه ففلق هامته ، وسقط على الأرض
ينادي : عليك مني السلام أبا عبد الله . فأتاه الحسين عليهالسلام وقد استشهد ، فقال : الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي .
وفي (الفاجعة
العظمى) للسيد عبد الحسين الموسوي ، ص ١٤٦ :
(وفي بعض الكتب) :
أخذ الحسين عليهالسلام رأسه ووضعه في حجره ، وجعل يمسح الدم عن عينيه ، فرآه وهو
يبكي. فقال الحسين عليهالسلام : ما يبكيك يا أبا الفضل؟. قال : يا نور عيني ، وكيف لا
أبكي ومثلك الآن جئتني وأخذت رأسي ، فبعد ساعة من يرفع رأسك عن التراب ، ومن يمسح
التراب عن وجهك!.
__________________
وكان الحسين عليهالسلام جالسا ، إذ شهق العباس شهقة ، وفارقت روحه الطيبة. فصاح
الحسين عليهالسلام : وا أخاه ، وا عباساه ، وا ضيعتاه!.
وفي (المنتخب)
للطريحي ، ص ٣١٢ ط ٢ نجف ، قال :
روي أن العباس بن
علي عليهالسلام كان حامل لواء أخيه الحسين عليهالسلام ، فلما رأى جميع عسكر الحسين عليهالسلام قتلوا وإخوانه وبنو عمه بكى وأنّ ، وإلى لقاء ربه اشتاق
وحنّ. فحمل الراية وجاء نحو أخيه الحسين عليهالسلام وقال : يا أخي هل رخصة؟. فبكى الحسين عليهالسلام بكاء شديدا حتى ابتلّت لحيته المباركة بالدموع. ثم قال :
يا أخي كنت العلامة من عسكري ، ومجمع عددنا ، فإذا أنت غدوت يؤول جمعنا إلى الشتات
، وعمارتنا تنبعث إلى الخراب. فقال العباس عليهالسلام : فداك روح أخيك ، يا سيدي قد ضاق صدري من حياة الدنيا ،
وأريد أخذ الثأر من هؤلاء المنافقين. فقال الحسين عليهالسلام : إذا غدوت إلى الجهاد فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من
الماء.
فلما أجاز الحسين عليهالسلام أخاه العباس للبراز ، برز كالجبل العظيم ، وقلبه كالطود
الجسيم ، لأنه كان فارسا هماما وبطلا ضرغاما ، وكان جسورا على الطعن والضرب ، في
ميدان الكفاح والحرب. فلما توسّط الميدان وقف وقال : يا عمر بن سعد هذا الحسين ابن
بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : إنكم قتلتم أصحابه وإخوته وبني عمه ، وبقي فريدا مع
أولاده ، وهم عطاشى قد أحرق الظمأ قلوبهم ، فاسقوه شربة من الماء ، لأن أطفاله
وعياله وصلوا إلى الهلاك ، وهو مع ذلك يقول لكم : دعوني أخرج إلى أطراف الروم
والهند وأخلّي لكم الحجاز والعراق ، والشرط لكم أن غدا في القيامة لا أخاصمكم عند
الله ، حتى يفعل الله بكم
ما يريد!.
فلما أوصل العباس عليهالسلام إليهم الكلام عن أخيه ، فمنهم من سكت ولم يردّ جوابا ،
ومنهم من جلس يبكي. فخرج الشمر وشبث بن ربعي ، فجاء [الشمر] نحو العباس وقال :
يابن أبي تراب قل لأخيك : لو كان كل وجه الأرض ماء وهو تحت أيدينا ، ما سقيناكم
منه قطرة إلا أن تدخلوا في بيعة يزيد.
فتبسم العباس عليهالسلام ومضى إلى أخيه الحسين عليهالسلام وعرض عليه ما قالوا ، فطأطأ رأسه إلى الأرض ، وبكى حتى بلّ
أزياقه [أي أكمامه]. فسمع الحسين عليهالسلام الأطفال ينادون : العطش!.
الاستسقاء الأخير
فلما سمع العباس عليهالسلام ذلك رمق بطرفه إلى السماء ، وقال : إلهي وسيدي ، أريد [أن]
أعتدّ بعدّتي ، وأملأ لهؤلاء الأطفال قربة من الماء. فركب فرسه وأخذ رمحه ،
والقربة في كتفه.
وكان قد جعل عمر
بن سعد أربعة آلاف خارجي موكلين على الماء ، لا يدعون أحدا من أصحاب الحسين عليهالسلام يشرب منه. فلما رأوا العباس قاصدا إلى الفرات أحاطوا به من
كل جانب ومكان. فقال لهم : يا قوم ، أنتم كفرة
أم مسلمون؟. هل
يجوز في مذهبكم أو في دينكم أن تمنعوا الحسين عليهالسلام وعياله شرب الماء ، والكلاب والخنازير يشربون منه ،
والحسين مع أطفاله وأهل بيته يموتون من العطش. أما تذكرون عطش القيامة؟!.
فلما سمعوا كلام
العباس عليهالسلام وقف خمسمئة رجل ورموه بالنبل والسهام ، فحمل عليهم فتفرقوا
عنه هاربين كما تتفرق الغنم عن الذئب ، وغاص في أوساطهم وقتل منهم ـ على ما نقل ـ قريبا
من ثمانين فارسا. فهمز فرسه إلى الماء وأراد أن يشرب ، فذكر عطش الحسين عليهالسلام وعياله وأطفاله ؛ فرمى الماء من يده ، وقال : والله لا
أشربه وأخي الحسين عليهالسلام وعياله وأطفاله عطاشى ، لا كان ذلك أبدا.
ثم ملأ القربة
وحملها على كتفه الأيمن ، وهمز فرسه وأراد أن يوصل الماء إلى الخيمة ، فاجتمع عليه
القوم ، فحمل عليهم فتفرقوا عنه ، وصار نحو الخيمة ، فقطعوا عليه الطريق ، فحاربهم
محاربة عظيمة. فصادفه نوفل الأزرق وضربه على يده اليمنى فبراها ، فحمل العباس
القربة على كتفه الأيسر. فضربه نوفل أيضا فبرى كفه الأيسر من الزند ، فحمل القربة
بأسنانه ، فجاء سهم فأصاب القربة ، فانفرت وأريق ماؤها. ثم جاء سهم آخر في صدره ،
فانقلب عن فرسه إلى الأرض. وصاح إلى أخيه الحسين عليهالسلام : أدركني. فساق الريح الكلام إلى الخيمة.
فلما سمع الحسين عليهالسلام كلامه ، أتاه فرآه طريحا ، فصاح : وا أخاه ، وا عباساه ،
وا قرة عيناه ، وا قلة ناصراه!. ثم بكى بكاء شديدا. وحمل العباس إلى الخيمة ،
فجددوا الأحزان وأقاموا العزاء (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
(أقول) : وهذا
مناقض للواقع والمشهور ، من أن العباس عليهالسلام دفن في المكان الّذي استشهد فيه ، منحازا عن باقي الشهداء عليهمالسلام.
أما أبو مخنف فقد
ذكر في مقتله ، ص ٥٧ مصرع العباس عليهالسلام مبكّرا قبل بدء القتال (وهو قول ضعيف واهن كما أسلفنا) ،
وذلك حين طلب منه الحسين عليهالسلام الاستسقاء للأطفال ، قال :
واشتدّ العطش
بالحسين وأصحابه ، فقال الحسين لأخيه العباس عليهالسلام : يا أخي اجمع أهل بيتك واحفروا بئرا ففعلوا ذلك فلم يجدوا
فيها ماء ، فقال الحسين للعباس عليهالسلام : امض إلى الفرات وائتنا بشربة من الماء. فقال له العباس :
سمعا وطاعة. (قال) : فضمّ إليه رجالا ، فسار العباس والرجال من يمينه وعن شماله ،
حتى أشرفوا على الفرات ، فرآهم أصحاب ابن زياد ، وقالوا : من أنتم؟. فقالوا : نحن
أصحاب الحسين عليهالسلام. فقالوا : وما تريدون؟. قالوا : كظّنا العطش ، وأشدّ
الأشياء علينا عطش الحسين عليهالسلام. فلما سمعوا كلامهم حملوا عليهم حملة رجل واحد ، فقاتلهم
العباس وأصحابه ، فقتل منهم رجالا ، وهو يقول :
أقاتل القوم
بقلب مهتد
|
|
أذبّ عن سبط
النبيّ أحمد
|
أضربكم بالصارم
المهنّد
|
|
حتى تحيدوا عن
قتال سيدي
|
إني أنا العباس
ذو التودّد
|
|
نجل علي المرتضى
المؤيّد
|
وحمل عليهم ففرقهم
يمينا وشمالا ، وقتل رجالا حتى كشفهم عن المشرعة ، ونزل ومعه القربة فملأها ، ومدّ
يده ليشرب ، فذكر عطش أخيه الحسين ، فقال : والله لا ذقت الماء وسيدي الحسين
عطشان. ثم رمى الماء من يده وخرج والقربة على ظهره. ثم صعد من المشرعة فأخذه النبل
من كل مكان حتى صارت درعه كالقنفذ. فحمل عليه أبرص بن شيبان ، فضربه على يمينه
فطارت مع السيف ، فأخذ السيف بشماله. وحمل على القوم وقتل منهم رجالا ونكّس أبطالا
والقربة على ظهره. فلما نظر ابن سعد قال : ويلكم ارشقوا القربة بالنبل ، فو الله
إن شرب الحسين الماء أفناكم عن آخركم. (قال) فحملوا على العباس حملة منكرة ، فقتل
منهم مائة وثمانين فارسا ، فضربه عبد الله بن يزيد الشيباني على شماله فقطعها ،
فأخذ السيف بفيه. ثم حمل على القوم ويداه تنضحان دما ، فحملوا عليه جميعا ،
فقاتلهم قتالا شديدا ، فضربه رجل منهم بعمود من حديد ففلق هامته ، وخرّ صريعا إلى
الأرض يخور بدمه وهو ينادي : يا أبا عبد الله عليك مني السلام. فلما سمع الحسين عليهالسلام صوته نادى : وا أخاه ، وا عباساه ، وا مهجة قلباه ... ثم
حمل على القوم فكشفهم عنه ، ونزل إليه وحمله على ظهر جواده ، وأقبل به إلى الخيمة
وطرحه وبكى عليه بكاء
شديدا ، حتى بكى
جميع من كان حاضرا. وقال صلوات الله عليه : جزاك الله من أخ خيرا ، لقد جاهدت في
الله حقّ جهاده.
(أقول) : وهذا
الكلام مخالف أيضا للرواية الصحيحة ، وهي أن الحسين عليهالسلام ترك أخاه العباس في مكان استشهاده على المشرعة ، فكان
مدفنه في موضعه المعروف منحازا عن الشهداء.
ترجمة أبي الفضل العباس عليهالسلام
أبو الفضل العباس عليهالسلام هو ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب. أمه فاطمة بنت حزام
الكلابية ، اختارها له أخوه عقيل لتلد له غلاما فارسا ، وقد اشتهرت عشيرتها
بالشجاعة والبأس ، وكان آباؤها وأخوالها فرسان العرب في الجاهلية. وقد ولدت للإمام
عليهالسلام أربعة أولاد ،
فسميت لذلك (أم
البنين) وهم : العباس وجعفر وعثمان وعبد الله ، وقد استشهدوا جميعا في كربلاء ..
وكانت أم البنين من أفضل النساء ، عارفة بحق أهل البيت عليهمالسلام ومخلصة في ولائهم. كان أكبر أولادها العباس عليهالسلام ، ولد في ٤ شعبان سنة ٢٦ ه.
وقد اجتمعت في
العباس كل صفات العظمة ، من بأس وشجاعة وإباء ونجدة من جهة ، وجمال وبهجة ووضاءة
وطلاقة من جهة أخرى ، ولما تطابق فيه الجمالان الخلقي والخلقي ، قيل فيه (قمر بني
هاشم). وقد عاش عليهالسلام مع أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام أربع عشرة سنة ، وحضر معه حروبه ، ولكنه لم يأذن له أبوه
بالنزال فيها. وقتل مع أخيه الحسين عليهالسلام بكربلاء وعمره ٣٤ سنة ، وكان صاحب رايته.
من ألقاب العباس عليهالسلام : (السّقّاء) لأنه استسقى الماء لأهل البيت عليهمالسلام يوم الطف. و (أبو الفضل) لأنه كان له ولد اسمه الفضل.
و (باب الحوائج)
لكثرة ما صدر عنه من الكرامات يوم كربلاء وبعده. ومنها (قمر بني هاشم) لما ذكرنا
من جمال هيئته ووسامته. وكان يركب الفرس المطهّم ورجلاه تخطّان في الأرض.
تابع : ترجمة العباس عليهالسلام
ولقد شهدت الأمة
بطولة العباس عليهالسلام ومواقفه مع أخيه الحسين عليهالسلام يوم الطف ، واستماتته في الدفاع من أجله ، حتى أن الحسين عليهالسلام خاطبه قائلا : «بنفسي أنت" ، فأقامه مقام نفسه الزكية
، وهذا شرف لم يبلغه أحد من الناس.
وعن منزلة العباس عليهالسلام ذكر السيد عبد الحسين الموسوي في (الفاجعة العظمى) ص ١٤٧ :
روى الشيخ أبو نصر البخاري عن المفضّل بن عمر أنه قال : قال الإمام الصادق عليهالسلام : كان عمّنا العباس ابن علي عليهالسلام نافذ البصيرة صلب الإيمان ، جاهد مع أبي عبد الله عليهالسلام وأبلى بلاء حسنا ، ومضى شهيدا.
وعن (الأمالي)
بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن الإمام زين العابدين عليهالسلام قال : رحم الله عمي العباس ، فلقد آثر وأبلى وفدى أخاه
بنفسه حتى قطعت يداه ، فأبدله الله عزوجل جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة ، كما جعل لجعفر بن
أبي طالب عليهالسلام. وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع
الشهداء يوم القيامة.
ويقع مرقد العباس عليهالسلام في كربلاء المقدسة على مسافة بسيطة من قبر الحسين عليهالسلام ، ويلاحظ أن مرقده الشريف منفرد عن مرقد الحسين والشهداء عليهمالسلام ، ويبعد عن مرقد الحسين عليهالسلام نحو ٣٥٠ مترا ، وقد أقيمت فوقه قبة من الذهب شبيهة بقبة
الحسين عليهالسلام.
١٢٠ ـ ثواب من
يسقي الماء للعطاشى (الفاجعة العظمى ، ص ١٠٤)
بما أن أبا الفضل
العباس عليهالسلام كان ساقي عطاشى كربلاء ، نذكر هذين الحديثين :
قال الإمام زين
العابدين عليهالسلام : من سقى مؤمنا من ظمأ ، سقاه الله من الرحيق المختوم.
وعن الإمام الصادق
عليهالسلام قال : من سقى الماء في موضع يوجد فيه الماء ، كان
كمن أعتق رقبة.
ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء ، كان كمن أحيا نفسا ، ومن أحيا نفسا
فكأنما أحيا الناس جميعا.
١٢١ ـ شهادة أولاد
العباس بن علي عليهالسلام :
(وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٢٧٨)
ذكر السيد عبد
الرزاق المقرم في كتابه (العباس قمر بني هاشم) ص ١٩٥ : أنه كان للعباس عليهالسلام خمسة أولاد : الفضل وعبيد الله والحسن والقاسم وبنت واحدة.
وعدّ ابن شهر اشوب
في مناقبه من الشهداء يوم الطف من ولد العباس عليهالسلام : محمّد بن العباس عليهالسلام أمه لبابة بنت عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب. وليس
للعباس عليهالسلام نسل إلا من ولده عبيد الله.
١٢٢ ـ استغاثة
الحسين عليهالسلام : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٠)
ولما قتل العباس عليهالسلام التفت الحسين عليهالسلام فلم ير أحدا ينصره. ونظر إلى أهله وصحبه مجزّرين كالأضاحي
، وهو إذ ذاك يسمع عويل الأيامى وصراخ الأطفال ، صاح بأعلى صوته : هل من ذابّ يذبّ
عن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. هل من موحّد يخاف الله فينا؟. هل من مغيث يرجو الله في
إغاثتنا.؟. هل من معين يرجو ما عند الله في إعانتنا ؟. فارتفعت أصوات النساء بالبكاء .
الحسين عليهالسلام يودّع عياله
ثم إن الحسين عليهالسلام أمر عياله بالسكوت وودّعهم. وكان عليه جبّة خز دكناء ،
وعمامة مورّدة ، أرخى لها ذؤابتين.
١٢٣ ـ الحسين عليهالسلام يودّع النساء الهاشميات
(المنتخب للطريحي ص ٤٥٠)
في (المنتخب) :
فدعا عليهالسلام ببردة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والتحف بها ، وأفرغ عليه درعه الفاضل ، وتقلّد سيفه ،
واستوى على متن جواده وهو غائص في الحديد.
__________________
فأقبل على أم
كلثوم عليهاالسلام وقال لها : أوصيك يا أخيّة بنفسك خيرا ، وإني بارز إلى
هؤلاء القوم. فأقبلت سكينة وهي صارخة وكان يحبها حبا شديدا ، فضمّها إلى صدره ومسح
دموعها بكمه ، وقال :
سيطول بعدي يا
سكينة فاعلمي
|
|
منك البكاء إذا
الحمام دهاني
|
لا تحرقي قلبي
بدمعك حسرة
|
|
ما دام مني
الروح في جثماني
|
فإذا قتلت فأنت
أولى بالذي
|
|
تأتينه يا خيرة
النسوان
|
١٢٤ ـ نعي الحسين عليهالسلام نفسه ، وطلب نسائه الرجوع إلى حرم جدهمصلىاللهعليهوآلهوسلم (مقتل أبي مخنف ، ص ٨٤)
قال أبو مخنف : ثم
نادى عليهالسلام : يا أم كلثوم ويا
زينب ويا سكينة ويا رقية ويا عاتكة ويا صفية ، عليكنّ مني السلام ، فهذا آخر
الاجتماع ، وقد قرب منكن الافتجاع. فصاحت أم كلثوم : يا أخي كأنك استسلمت للموت!.
فقال لها الحسين عليهالسلام : يا أختاه فكيف لا يستسلم من لا ناصر له ولا معين!. فقالت
:
يا أخي ردّنا إلى
حرم جدنا. فقال لها : يا أختاه هيهات هيهات ، لو ترك القطا ليلا لنام. فرفعت سكينة
صوتها بالبكاء والنحيب ، فضمّها الحسين عليهالسلام إلى صدره الشريف وقبّلها ومسح دموعها بكمّه.
١٢٥ ـ الوداع
الأخير (أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٤٢٣)
(وفي رواية) فنادى
في تلك الحالة : يا زينب يا أم كلثوم ويا سكينة يا رقية يا فاطمة ، عليكنّ مني
السلام. فأقبلت زينب عليهاالسلام فقالت : يا أخي ، أيقنت بالقتل؟. فقال عليهالسلام : كيف لا أيقن وليس لي معين ولا نصير؟. فقالت :
يا أخي ردّنا إلى
حرم جدنا. فقال عليهالسلام : هيهات ، لو تركت ما ألقيت نفسي في المهلكة ، وكأنكم غير
بعيد كالعبيد ، يسوقونكم أمام الركاب ، ويسومونكم سوء العذاب. فلما سمعته زينب عليهاالسلام بكت ، وجرى الدموع من عينيه ، ونادت :
وا وحدتاه ، وا
قلة ناصراه ، وا سوء منقلباه ، وا شؤم صباحاه. فشقّت ثوبها ونشرت شعرها ولطمت على
وجهها. فقال الحسين عليهالسلام : مهلا لها ، يا بنت المرتضى ، إن البكاء طويل. فأراد أن
يخرج من الخيمة ، فلصقت به زينب عليهاالسلام فقالت : مهلا يا أخي ، توقّف حتى أزوّد من نظري ، وأودّعك
وداع مفارق لا تلاق
بعده ... فمهلا يا
أخي قبل الممات هنيهة ، لتبرد مني لوعة وغليل. فجعلت تقبّل يديه ورجليه. وأحطن به
سائر النسوان ...
١٢٦ ـ الحسين عليهالسلام يلبس ثوبا خلقا تحت ثيابه لئلا يجرّد منه :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٥١)
ثم قال عليهالسلام لأخته : آتيني بثوب عتيق لا يرغب فيه أحد من القوم ، أجعله
تحت ثيابي لئلا أجرّد منه بعد قتلي.
قال الراوي :
فارتفعت أصوات النساء بالبكاء والنحيب.
يقول السيد
المقرّم في مقتله ، ص ٣٤١ :
فأتوه بتبّان ،
فلم يرغب فيه لأنه من لباس الذلة. وأخذ ثوبا خلقا [أي باليا] وخرّقه وجعله تحت
ثيابه ، ودعا بسراويل حبرة ففزرها ولبسها لئلا يسلب منها.
ويقول السيد عبد
الكريم الحسيني القزويني في (الوثائق الرسمية) ص ٢٢٣ :
ثم إنه عليهالسلام دعا بسروال يماني محكم النسج ، يلمع فيه البصر ، فخرّقه
وفزره ، حتى لا يطمع فيه أحد ، لأنه عليهالسلام يعلم أنه يسلب بعد مقتله. فقيل له : لو لبست تحته تبّانا ـ
وهو سروال صغير ـ فقال عليهالسلام : ذلك ثوب مذلة ، لا ينبغي لي أن ألبسه .
١٢٧ ـ مصرع ابن
صغير للحسين عليهالسلام عمره ثلاث سنوات :
(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ص ٣٠٢)
وبينما الحسين عليهالسلام جالس ، عليه جبّة خز دكناء ، والنبل يقع حوله ، فوقعت نبلة
في ولد له ابن ثلاث سنين. فلبس لامته [أي درعه].
(أقول) : لا يبعد
أن يكون هذا هو علي الأصغر عليهالسلام.
١٢٨ ـ محاولة زين
العابدين عليهالسلام القتال رغم مرضه :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٢ ؛ ومقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٠)
ثم التفت الحسين عليهالسلام عن يمينه وشماله فلم ير أحدا من الرجال. فخرج علي
__________________
ابن الحسين عليهماالسلام وهو زين العابدين ـ وهو أصغر من أخيه علي القتيل ـ وكان
مريضا بالذّرب [وهو داء يعرض للمعدة فلا تهضم الطعام ، ويفسد فيها ولا تمسكه].
ونهض السجّاد عليهالسلام يتوكأ على عصا ويجرّ سيفه ، لأنه لا يقدر على حمله لمرضه ،
وأم كلثوم تنادي خلفه : يا بني ارجع. فقال : يا عمتاه!. ذريني أقاتل بين يدي ابن
بنت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. فصاح الحسين عليهالسلام بأم كلثوم : احبسيه لئلا تخلو الأرض من نسل آل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأرجعته إلى فراشه .
١٢٩ ـ لماذا أمرض
الله زين العابدين عليهالسلام؟ :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٠٥)
حاول الإمام زين
العابدين عليهالسلام أن يخرج للجهاد
رغم مرضه ، فمنعه سيد الشهداءعليهالسلام. والواقع أن الله تعالى قد أمرض سيد الساجدين ، فطال زمان
كونه عليلا ليسقط عنه الجهاد ، حفظا للعالم عن أن ينهدم ويبيد. وقد أثر عن الحسين عليهالسلام قوله : وحاشا الله عزوجل شأنه الكبير المتعال ، أن يبقي الأرض بلا حجة من نسلي.
١٣٠ ـ الحسين عليهالسلام يوصي لابنه زين العابدين عليهالسلام بالإمامة أكثر من مرة : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٠٦)
قال الفاضل
الدربندي : اعلم أن وصية سيد الشهداء عليهالسلام على ولده سيد الساجدين عليهالسلام وتنصيصاته بإمامته ، كما أنها قد وقعت مرات عديدة قبل
خروجه عليهالسلام من المدينة ، فكذا إنها قد وقعت مرات في كربلاء. وما
استفيد من الأخبار أنها وقعت في كربلاء أربع مرات : مرة في ليلة عاشوراء ، ومرة في
طلب زين العابدين عليهالسلام الجهاد ، ومرة قبيل شروع الإمام الحسين عليهالسلام في الجهاد ، ومرة بعد صدور مجاهدات كثيرة وقتل آلاف من
الناس في جملة من الحملات منه عليهالسلام.
١٣١ ـ وصية الإمام
الحسين عليهالسلام لزين العابدين عليهالسلام :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٧٦ ؛ وأسرار الشهادة ، ص ٤٠٣)
عن (إثبات الوصية)
قال : ثم أحضر علي بن الحسين عليهالسلام وكان عليلا ،
__________________
فأوصى إليه بالاسم
الأعظم ومواريث الأنبياء. وعرّفه أنه قد دفع العلوم والصحف والمصاحف والسلاح إلى
أم سلمة رضي الله عنها وأمرها أن تدفع جميع ذلك إليه.
وعنه أيضا : أن
الحسين عليهالسلام أوصى إلى أخته زينب بنت علي عليهماالسلام في الظاهر ، فكان ما يخرج من علي بن الحسين عليهماالسلام في زمانه من علم ينسب إلى زينب عليهاالسلام عمته ، سترا على علي بن الحسين عليهماالسلام وتقيّة واتقاء عليه.
وعن العلامة
الكليني عن أبي جعفر الباقر عليهالسلام أنه قال : إن الحسين عليهالسلام لما حضره الّذي حضر ، دعا ابنته الكبرى فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام فدفع إليها كتابا ملفوفا ووصية ظاهرة. وكان علي بن الحسين عليهالسلام مبطونا معهم ، لا يرون إلا أنه لما به. فدفعت فاطمةعليهاالسلام الكتاب إلى علي بن الحسين عليهماالسلام.
(قال الراوي) قلت
: ما في ذلك الكتاب جعلني الله فداك؟. قال : فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم ،
منذ خلق الله آدم إلى أن تفنى الدنيا. والله إن فيه الحدود ، حتى أن فيه أرش الخدش
[أي الغرامة التي يدفعها الشخص إذا خدش شخصا آخر].
١٣٢ ـ شهادة علي
الأصغر بن الحسين عليهالسلام :
اختلف الرواة في
عدد أولاد الحسين عليهالسلام الذين حضروا كربلاء ، كما اختلفوا في أسمائهم. وقد حققنا
سابقا أن عددهم أربعة هم :
علي الأكبر عليهالسلام ـ علي الأوسط وهو زين العابدين عليهالسلام ـ علي الأصغر ـ عبد الله الرضيع.
فمن الرواة ما
اعتبر زين العابدين عليهالسلام هو الأصغر ، ولم يذكر علي الأصغر. ومنهم من سمّى عبد الله
الرضيع عليا الأصغر ، واعتبر عددهم ثلاثة.
وقد ذكر القرماني
في (أخبار الدول وآثار الأول) شهادة علي الأصغر قبل شهادة علي الأكبر عليهالسلام ، وقال : وطلب الحسين عليهالسلام ماء لولده الصغير علي الأصغر ، فذهب علي الأكبر بركوة
وملأها من الشريعة ورجع. وأجلس الحسين عليهالسلام ابنه على فخذه وهمّ بسقيه ، فأتاه سهم ...
يقول الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٤٠٤ : وهذه الرواية كما ترى غير مستقيمة ، وهي
تنافي ما في الزيارة المروية من الناحية القائمية المقدسة.
ثم يقول القرماني
في (أخبار الدول) ص ١٠٨ : وأصاب سهم ابنا
للحسين عليهالسلام وهو في حجره ، فجعل يمسح الدم عنه ويقول : الله م احكم
بيننا وبين قوم دعونا لينصرونا فقتلونا.
ثم يقول : وأتي
بصبي صغير من أولاده عليهالسلام اسمه عبد الله [الظاهر أنه الرضيع] ، فحمله وقبّله ، فرماه
رجل من بني أسد [لعله حرملة بن كاهل الأسدي] فذبح ذلك الغلام. فتلقى الحسين عليهالسلام دمه في يده وألقاه نحو السماء ، وقال : يا رب إن تكن حبست
عنا النصر من السماء ، فاجعله لنا خيرا ، وانتقم من الظالمين.
أما ابن أعثم في (كتاب
الفتوح) ج ٥ ص ٢٠٩ فيقول : فبقي الحسين عليهالسلام فريدا وحيدا ، ليس معه ثان إلا ابنه علي عليهالسلام وهو يومئذ ابن سبع سنين [أقول : هذا خطأ من الناسخ ، ولعل
عمره سبع عشرة سنة ، وهو زين العابدين عليهالسلام]. وله ابن آخر يقال له علي في الرضاع. فتقدم إلى باب
الخيمة ، فقال : ناولوني ذلك الطفل حتى أودّعه ... وإذا بسهم قد أقبل حتى وقع في
لبّة الصبي [اللّبّة : موضع القلادة من الصدر] ، فقتله.
١٣٣ ـ شهادة الطفل
الّذي ولد يوم عاشوراء :
(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ بعد ص ٢٤٣)
يقول اليعقوبي :
ثم تقدّموا رجلا رجلا ، حتى بقي وحده ما معه أحد من أهله ولا ولده ولا أقاربه.
فإنه لواقف على فرسه إذ أتي بمولود قد ولد له في تلك الساعة. فأذّن في أذنه ، وجعل
يحنّكه ، إذ أتاه سهم ، فوقع في حلق الصبي ، فذبحه. فنزع الحسين عليهالسلام السهم من حلقه ، وجعل يلطخه بدمه ، ويقول : والله لأنت
أكرم على الله من الناقة [أي ناقة صالح التي ذبحها قومه فاستحقوا العذاب لذلك] ،
ولمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أكرم على الله من صالح!. ثم أتى فوضعه مع ولده وبني أخيه.
ويقول السيد
الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٧٣ :
في (الإبصار) :
عبد الله [الرضيع] ابن الحسين عليهالسلام ولد في المدينة ، وأمه الرباب بنت امرئ القيس الكلبي ...
وكانت الرباب عند الحسين عليهالسلام وولدت له سكينة وعبد الله هذا.
ثم يقول : اشتهر
في الألسن هذا الصبي بعلي الأصغر ، وقيل بتخالفهما ، وأن عبد الله الرضيع غيره ،
وأن أمه أم إسحق بنت طلحة ، وأنه ولد في كربلاء في يوم عاشوراء ... وأن علي الأصغر
قتل في معركة القتال ، رماه حرملة بن كاهل الأسدي فذبحه ، والعلم عند الله.
وذكر السيد حميد
بن أحمد الزيدي صاحب (الحدائق الوردية) قال : ولد للحسين عليهالسلام في الحرب ولد (أمه أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله التميمية)
زوجة الحسين عليهالسلام. فأتي به وهو قاعد ، فأخذه في حجره ولبّاه بريقه ، وسماه
عبد الله. فبينما هو كذلك إذ رماه عبد الله بن عقبة الغنوي ، وقيل هانئ بن ثبيت
الحضرمي ، بسهم فنحره. فأخذ الحسينعليهالسلام دمه فجمعه ورمى به نحو السماء ، فما وقع منه قطرة إلى
الأرض. قال الإمام الباقر عليهالسلام : ولو وقعت منه إلى الأرض قطرة لنزل العذاب (انظر وسيلة
الدارين للزنجاني ، ص ٢٨٠). ولنعم ما قيل :
ومنعطف أهوى
لتقبيل طفله
|
|
فقبّل منه قبله
السهم منحرا
|
لقد ولدا في
ساعة هو والردى
|
|
ومن قبله في
نحره السهم كبّرا
|
ونذكر الآن شهادة
عبد الله الرضيع ابن الحسين عليهالسلام ، الّذي له من العمر ستة أشهر.
شهادة عبد الله
الرضيع ابن الحسين عليهالسلام
١٣٤ ـ مصرع عبد
الله الرضيع ابن الحسين عليهالسلام على يد حرملة بن كاهل الأسدي (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤١)
ثم تقدم عليهالسلام إلى باب الخيمة وقال : ناولوني ولدي الرضيع لأودعه. فأتته
زينبعليهاالسلام بابنه عبد الله [وقد سماه ابن شهر اشوب : علي الأصغر] وأمه
الرباب بنت امرئ القيس ، فأجلسه في حجره وجعل يقبّله ويقول : بعدا لهؤلاء القوم ، إذا كان خصمهم جدك المصطفى . ثم أتى عليهالسلام بالرضيع نحو القوم يطلب له الماء ، وقال لهم : لقد جفّت
محالب أمه ، فهل إلى شربة من ماء سبيل؟. ثم قال لهم : يا قوم ، إذا كنت أقاتلكم
وتقاتلونني ، فما ذنب هذا الطفل حتى تمنعوا عنه الماء؟!. (وفي رواية) أنه قال :
إذا لم ترحموني فارحموا هذا الطفل. فمنهم من رقّ قلبه للطفل ، وقال : اسقوه شربة
من ماء ، ومنهم من قال : لا تسقوه ولا ترحموه!.
__________________
فخاف عمر بن سعد
أن يدبّ النزاع في صفوف جيشه ، فقال لحرملة بن كاهل الأسدي وكان راميا : اقطع نزاع
القوم. فسدد حرملة سهمه نحو عنق الصبي ، فرماه بسهم فذبحه من الوريد إلى الوريد ،
وهو لائذ بحجر أبيه. فأخذ الطفل يفحص من ألم الجروح ، ويرفرف كما يرفرف الطير
المذبوح ، ودمه يشخب من أوداجه ، والحسين عليهالسلام يتلقّى دمه من نحره حتى امتلأت كفه ، ثم رمى به نحو
السماء.
قال الإمام الباقر
عليهالسلام : فما وقع منه قطرة إلى الأرض ، ولو وقعت منه إلى الأرض
قطرة لنزل العذاب.
ثم قال عليهالسلام : هوّن ما نزل بي أنه بعين الله تعالى . الله م لا يكن أهون عليك من فصيل ناقة صالح. إلهي إن كنت
حبست عنا النصر [من السماء] ، فاجعله لما هو خير منه ، وانتقم لنا من [هؤلاء القوم]
الظالمين واجعل ما حلّ بنا في العاجل ذخيرة لنا في الآجل . الله م أنت الشاهد على قوم قتلوا أشبه الناس برسولك محمّد
صلىاللهعليهوآلهوسلم . فسمععليهالسلام مناديا من السماء : دعه يا حسين فإن له مرضعا في الجنة .
ثم نزل عليهالسلام عن فرسه ، وحفر له بجفن سيفه ، ودفنه مرمّلا بدمه ، وصلّى
عليه . ويقال : وضعه مع قتلى أهل بيته .
(وفي رواية مقتل
أبي مخنف ، ص ٨٣) : ثم أقبل الحسين عليهالسلام إلى أم كلثوم وقال لها : يا أختاه أوصيك بولدي الأصغر خيرا
، فإنه طفل صغير وله من العمر ستة أشهر. فقالت له : يا أخي إن هذا الطفل له ثلاثة
أيام ما شرب الماء ، فاطلب له شربة من الماء. فقال : هلمّي إليّ به. فأخذ الطفل
وتوجّه نحو القوم ، وقال : يا قوم قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري ، وما بقي غير هذا
الطفل ، وهو يتلظى عطشا فاسقوه
__________________
شربة من الماء.
فبينما هو يخاطبهم إذ أتاه سهم مشوم من ظالم غشوم ، فذبح الطفل من الأذن إلى
الأذن. وقيل : إن السهم رماه قديمة العامري. فجعل الحسين عليهالسلام يتلقى الدم بكفيه ويرمي به إلى السماء ويقول : الله م إني
أشهدك على هؤلاء القوم ، فإنهم نذروا ألا يتركوا أحدا من ذرية نبيك. ثم رجع بالطفل
مذبوحا ، ودمه يجري على صدره ، فألقاه إلى أم كلثوم ، فوضعه في الخيمة وبكى عليه.
١٣٥ ـ منزلة عبد
الله الرضيع عليهالسلام (أسرار الشهادة ، ص ٤٠٠)
يقول الفاضل
الدربندي : إن عبد الله الرضيع الّذي كان في القماط ، قد طلب بلسان الحال الفوز
بدرجة الشهادة ، حين سمع أباه يستغيث فلا يغاث ، فقطّع قماطه وألقى نفسه إلى
الأرض.
وبعد استشهاده
صلّى عليه الحسين عليهالسلام ودفنه .. إن صلاة الإمام عليهالسلام عليه في ضيق ذلك الوقت ، مما يشير إلى علوّ درجة هذا الطفل
الرضيع من حيث الشهادة ، فإن درجة شهادته عند الله بمنزلة درجة شهادة سادات الشبان
والكهول والشيوخ من الشهداء ، بل لا يصل إلى درجته إلا درجة طائفة من سادات
الشهداء. فصلاة الإمام عليهالسلام عليه كصلاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على الحمزة يوم أحد في هذا المقام أيضا.
ـ ماذا بعد
استشهاد الطفل الرضيع عليهالسلام؟ :
(الإمام الحسين يوم عاشوراء ، ص ١٣١)
وهكذا بدأ شلال
الدم ينحدر على أرض كربلاء ، وسحب المأساة تتجمع في آفاقها الكئيبة ، وصيحات العطش
والرعب تتعالى من حول الحسين عليهالسلام وتنبعث من حناجر النساء والأطفال.
١٣٦ ـ رثاء الحسين
عليهالسلام أصحابه الذين استشهدوا :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٨٤)
قال أبو مخنف : ثم
توجّه عليهالسلام نحو القوم وقال : : يا ويلكم علام تقاتلوني ؛ على حقّ
تركته ، أم على سنّة غيّرتها ، أم على شريعة بدّلتها؟!. فقالوا : بل نقاتلك بغضا
منا لأبيك وما فعل بأشياخنا يوم بدر وحنين. فلما سمع كلامهم بكى وجعل ينظر يمينا
وشمالا فلم ير أحدا من أنصاره إلا من صافح التراب جبينه ، ومن قطع الحمام أنينه.
فنادى : يا مسلم بن عقيل ويا هانئ بن عروة ويا حبيب بن مظاهر ويا
زهير بن القين ويا
يزيد بن مظاهر ويا فلان ويا فلان .. يا أبطال الصفا ، ويا فرسان الهيجا ، مالي
أناديكم فلا تجيبون ، وأدعوكم فلا تسمعون!. أنتم نيام ، أرجوكم تنتبهون ، أم حالت
مودتكم عن إمامكم فلا تنصروه!. هذه نساء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لفقدكم قد علاهن النحول ، فقوموا عن نومتكم أيها الكرام ،
وادفعوا عن حرم الرسول الطغاة اللئام. ولكن صرعكم والله ريب المنون ، وغدر بكم
الدهر الخؤون ، وإلا لما كنتم عن نصرتي تقصّرون ، ولا عن دعوتي تحتجبون. فها نحن
عليكم مفتجعون ، وبكم لاحقون. فإنا لله وإنا إليه راجعون.
١٣٧ ـ الضحّاك بن
عبد الله المشرقي يترك المعركة بعد استئذان الحسين عليهالسلام (تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٣٥٤)
قال أبو مخنف :
حدثني عبد الله بن عاصم عن الضحاك بن عبد الله المشرقي ، قال : لما رأيت أصحاب
الحسين عليهالسلام قد أصيبوا ، وقد خلص إليه وإلى أهل بيته ، ولم يبق معه غير
سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي ، قلت له : يابن رسول
الله ، قد علمت ما كان بيني وبينك ؛ قلت لك : أقاتل عنك ما رأيت مقاتلا ، فإذا لم
أر مقاتلا فأنا في حلّ من الانصراف!. فقلت لي :
نعم!. فقال عليهالسلام : صدقت ، وكيف لك بالنجاة؟. إن قدرت على ذلك فأنت في حل!.
فأقبلت إلى فرسي ،
وقد كنت ـ حيث رأيت خيل أصحابنا تعقر ـ أقبلت بها حتى أدخلتها فسطاطا لأصحابنا من
البيوت ، وأقبلت أقاتل معهم راجلا ، فقتلت يومئذ بين يدي الحسين عليهالسلام رجلين ، وقطعت يد آخر. وقال لي الحسين عليهالسلام يومئذ مرارا : لا تشلل ، لا يقطع الله يدك ، جزاك الله
خيرا عن أهل بيت نبيك صلىاللهعليهوآلهوسلم .. فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط ، ثم استويت على
متنها ثم ضربتها ، حتى إذا قامت على السنابك رميت بها عرض القوم ، فأفرجوا لي ،
واتّبعني منهم خمسة عشر رجلا ، حتى انتهيت إلى (شفية) قرية قريبة من شاطئ الفرات.
فلما لحقوني عطفت عليهم ، فعرفني كثير بن عبد الله الشعبي وأيوب بن مشرح الخيواني
وقيس بن عبد الله الصائدي ، فقالوا : هذا الضحاك بن عبد الله المشرقي ، هذا ابن
عمنا ، ننشدكم الله لما كففتم عنه. فقال ثلاثة نفر من بني تميم
كانوا معهم : بلى
والله لنجيبنّ إخواننا وأهل دعوتنا إلى ما أحبوا من الكف عن صاحبهم.
قال : فلما تابع
التميميون أصحابي كفّ الآخرون. قال : فنجّاني الله.
وقد وردت قصة التحاق
الضحّاك بن عبد الله المشرقي بالحسين عليهالسلام في الجزء الأول من الموسوعة ـ الفقرة ٧٩٧ ، فراجع.
(جدول بأشهر
المستشهدين من آل أبي طالب عليهمالسلام
مع ذكر أمهاتهم وقاتليهم)
اسم الشهيد
|
اسم والدته
|
اسم قاتله
|
علي الأكبر بن
الحسين عليهالسلام
|
ليلى بنت أبي
مرة
|
مرة بن منقذ
العبدي
|
عبد الله الرضيع
ابن الحسين عليهالسلام
|
الرباب
|
حرملة بن كاهل
الأسدي
|
أبو بكر (عبد
الله الأكبر) بن الحسن
|
أم ولد : رملة
|
عبد الله بن
عقبة الغنوي وقيل :
حرملة بن كاهل
|
القاسم بن الحسن
(شقة القمر)
|
أم ولد : رملة
|
عمرو بن سعد بن
نفيل الأزدي
|
(الغلام) عبد
الله بن الحسن عليهالسلام
|
أم ولد
|
حرملة بن كاهل
الأسدي
|
العباس بن علي عليهالسلام
|
أم البنين
|
زيد بن الرقاد
الجهني وحكيم بن الطفيل السنبسي
|
عبد الله الأصغر
بن علي عليهالسلام
|
فاطمة
|
هانئ بن ثبيت
الحضرمي
|
جعفر بن علي عليهالسلام
|
بنت حزام
|
هانئ بن ثبيت
الحضرمي
|
عثمان بن علي عليهالسلام
|
الكلابية
|
رجل من بني أبان
بن دارم
|
محمّد الأوسط بن
علي عليهالسلام
|
أمامة بنت أبي
العاص
|
رجل من بني أبان
بن دارم
|
أبو بكر (عبد
الله) بن علي عليهالسلام
|
ليلى بنت مسعود
|
زحر بن بدر
النخعي
|
عمر الأصغر بن
علي عليهالسلام
|
الصهباء
التغلبية
|
لم يعرف قاتله
|
محمّد الأصغر بن
علي عليهالسلام
|
أم ولد
|
رجل من بني أبان
بن دارم
|
اسم الشهيد
|
اسم والدته
|
اسم قاتله
|
عون بن عبد الله
بن جعفر عليهالسلام
|
زينب العقيلة عليهاالسلام
|
عبد الله بن
قطبة الطائي
|
محمّد بن عبد
الله بن جعفر عليهالسلام
|
الخوصاء بنت
حفصة
|
عامر بن نهشل
التميمي
|
عبد الله بن
مسلم بن عقيل
|
رقية بنت علي عليهاالسلام
|
يزيد بن الرقاد
الجهني وقيل عمرو بن صبيح الصدائي
|
محمّد بن مسلم
بن عقيل
|
أم ولد
|
أبو جرهم الأزدي
ولقيط الجهني
|
جعفر بن عقيل
|
أم الثغر بنت
عامر
|
عبد الله بن
عروة الخثعمي وقيل بشر بن سوط الهمداني
|
عبد الرحمن بن
عقيل
|
أم ولد
|
عثمان بن خالد
وبشر بن سوط
|
عبد الله الأكبر
بن عقيل
|
أم ولد
|
عثمان بن خالد
وبشر بن سوط
|
محمّد بن أبي
سعيد بن عقيل
|
أم ولد
|
لقيط بن ناشر
الجهني وقيل هانئ بن ثبيت
|
الفصل الرابع والعشرون
شهادة أبي عبد الله الحسين عليهالسلام
ويتضمن هذا الفصل
:
ـ مقدمة الفصل
١ ـ الأشعار التي
قالها الحسين عليهالسلام وهو عازم على الشهادة
٢ ـ عطش الحسين عليهالسلام
٣ ـ استسقاء الماء
[أصابه عليهالسلام سهم في فمه]
٤ ـ معركة في طريق
الفرات [أصابه سهم في حنكه]
٥ ـ لما حال القوم
بين الحسين عليهالسلام وبين رحله
٦ ـ وصول الحسين عليهالسلام إلى المشرعة ـ حيلة الاعتداء على نسائه
٧ ـ رجوع الحسين عليهالسلام : الوداع الأخير
٨ ـ لما أصابه سهم
في جبهته الشريفة
٩ ـ توزّع الأعداء
على الحسين عليهالسلام ثلاث فرق.
مصرع الحسين عليهالسلام
:
١ ـ شجاعة الحسين عليهالسلام وإقدامه
٢ ـ قول ابن يغوث
: ما رأيت مكثورا قط ...
٣ ـ إصابة الحسين عليهالسلام بحجر في جبهته ، وبسهم ذي ثلاث شعب وقع في قلبه
٤ ـ سقوط الحسين عليهالسلام عن فرسه بعد أن صار جسمه كالقنفذ ، وخولي يضربه بسهم في
لبّنه
٥ ـ الحسين عليهالسلام يقاتل راجلا
٦ ـ شهادة الطفلين
: محمّد بن أبي سعيد بن عقيل وعبد الله الأصغر ابن الحسنعليهالسلام
٧ ـ خطاب زينب عليهاالسلام لعمر بن سعد
٨ ـ قول شمر : ما
تنتظرون بالرجل ...
٩ ـ سنان يضرب
الحسين عليهالسلام برمح في صدره فيخرّ على الأرض
١٠ ـ وصف هلال بن
نافع للحسين عليهالسلام وهو يجود بنفسه
١١ ـ الحسين عليهالسلام يطلب في تلك الحال ماء
١٢ ـ دعاء الحسين عليهالسلام قبيل استشهاده
١٣ ـ ذهول القوم
عن حزّ رأس الحسين عليهالسلام وارتعادهم منه
١٤ ـ أشقى
الأشقياء شمر بن ذي الجوشن يذبح الحسين عليهالسلام
١٥ ـ ما صنع فرس
الحسين
١٦ ـ مناد من
السماء يتوعّد الأمة الضالة ، وينعى الحسين عليهالسلام
١٧ ـ تحقيق حول من
الّذي باشر قتل الحسين عليهالسلام
١٨ ـ تحقيق حول
اليوم الّذي قتل فيه الحسين عليهالسلام.
قال الحاج هاشم الكعبي :
آل الرسول ونعم
أكفاء العلى آل الرسول
|
|
خير الفروع
فروعهم
|
وأصولهم
خير الاصول
|
سيّد الشهداء أبو
عبد الله الحسين عليهالسلام ولد عليهالسلام في ٣ شعبان سنة ٤ ه واستشهد في ١٠ محرم سنة ٦١ ه وعمره
الشريف ٥٧ سنة
يا ابن الذين
توارثوا
|
|
العليا قبيلا عن
قبيل
|
والسابقين
بمجدهم
|
|
في كل جيل كل
جيل
|
إن تمس منكسر
اللوى
|
|
ملقى على وجه
الرمول
|
فلقد قتلت مهذبا
|
|
من كل عيب في
القتيل
|
الفصل الرابع
والعشرون :
شهادة أبي عبد الله
الحسين عليهالسلام
سيد شباب أهل الجنّة
مدخل الفصل :
بعد أن استشهد
العباس عليهالسلام انهدّ ركن الحسين عليهالسلام وانكسر ظهره لمصرعه ، وأصبح وحيدا فريدا بين الوحوش من
الأعداء (كأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواوويس وكربلاء). وقد عميت
أبصارهم إلا عن جوائز يزيد وأحقاد نهروانية ضدّ عليعليهالسلام.
فركب الحسين عليهالسلام جواده يقصد مشرعة الفرات ، بعد أن أخذ العطش منه مأخذه ومن
الهاشميات والأطفال ، وهو يرتجز أشعاره الخالدة ، فأصابه سهم في حنكه الشريف. ثم
حالوا بينه وبين رحله ، فرجع ليحمي نساءه ، وطلب من الشمر عدم التعرض لهن ، فأجابه
إلى ذلك. ثم ما زال عليهالسلام يكشفهم عن المشرعة حتى وصل إلى الفرات. وحين همّ بأن يشرب
، ترامى له نبأ بتعرض القوم لرحله ، فرجع إلى المخيم ، فوجد أنها خدعة. عندها
اغتنم الفرصة وودّع عياله الوداع الأخير ، وهو عازم على الموت ، وانطلق يغوص في
الأعداء.
وخاف شمر من بسالة
الحسين عليهالسلام فطلب من عمر بن سعد أن يتفرق جيشه إلى ثلاث فرق للإحاطة بالحسين
عليهالسلام ، ففعل. وظل الحسين عليهالسلام يحارب على فرسه حتى صار جسمه معقودا بالسهام كالقنفذ.
فضربه رجل منهم بحجر فأصاب جبهته الشريفة ، ثم جاءه سهم ذو ثلاث شعب فوقع في قلبه.
فخرّ عن جواده إلى الأرض ، ثم استوى جالسا. فخرجت أخته زينب عليهاالسلام تخاطب عمر بن سعد مندّدة بأعماله البربرية.
ثم صاح الشمر
صيحته الثانية قائلا : ويحكم ما تنتظرون بالرجل ، اقتلوه. فاجتمعوا عليه يضربونه
من كل جانب ، وهو ينوء ويكبو ، حتى سقط صريعا. وما زال يطلب الماء في تلك الحال
وقد أعياه نزف الدم ، وهم يمنعونه منه ، وكأنه لم يبق في قلوبهم ذرة من الرحمة
والشفقة.
ثم غشي عليه عليهالسلام وظل ثلاث ساعات من النهار ملقى على الأرض يخور بدمه ،
وكلما مرّ به رجل تحامى عن قتله. ثم حاول شبث بن ربعي أن يذبحه ، ثم حاول سنان ،
ثم خولي ، فارتعدت أيديهم وذهلوا حين نظروا إلى وجهه الشريف ، إلى أن جاء اللعين
شمر وسفّههم قائلا لسنان : فتّ الله في عضدك وأبان يدك!.
ثم نزل الشمر إلى
الحسين عليهالسلام وجلس على صدره الشريف يريد أن يذبحه ، فلما نظر في وجهه
ورآه يبتسم أرعد من منظره ، فقلبه ليذبحه من قفاه ، وشرع يضرب بسيفه مذبح الحسين ،
والحسين عليهالسلام يذكر الله ويكبّر ، حتى احتز رأسه الشريف.
الحسين عليهالسلام يرتجز من أشعاره
١٣٨ ـ ما قاله
الحسين عليهالسلام من الشعر لما عزم على الشهادة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٢)
ثم قام عليهالسلام وركب فرسه ، ووقف قبالة القوم مصلتا سيفه بيده ، آيسا من
نفسه عازما على الموت ، وهو يقول :
أنا ابن عليّ
الخير من آل هاشم
|
|
كفاني بهذا
مفخرا حين أفخر
|
وجدي رسول الله
أكرم من مضى
|
|
ونحن سراج الله
في الخلق يزهر
|
وفاطمة أمي ابنة
الطهر أحمد
|
|
وعمّي يدعى ذا
الجناحين جعفر
|
وفينا كتاب الله
أنزل صادقا
|
|
وفينا الهدى والوحي
بالخير يذكر
|
ونحن أمان الله
في الخلق كلهم
|
|
نسرّ بهذا في
الأنام ونجهر
|
ونحن ولاة الحوض
نسقي ولاتنا
|
|
بكأس وذاك الحوض
للسقي كوثر
|
فيسعد فينا في
القيام محبّنا
|
|
ومبغضنا يوم
القيامة يخسر
|
١٣٩ ـ قصيدة (خيرة الله من الخلق أبي):
(مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص ٨٦)
ثم وثب عليهالسلام قائما ، وهو يقول :
كفر القوم وقدما
رغبوا
|
|
عن ثواب الله
ربّ الثقلين
|
قتلوا قدما عليا
وابنه
|
|
حسن الخير
وجاؤوا للحسين
|
(حسدا منهم وقالوا إننا
|
|
نقبل الآن جميعا
للحسين
|
يا لقومي من
أناس قد بغوا
|
|
جمعوا الجمع
لأهل الحرمين
|
ثم ساروا
وتواصوا كلهم
|
|
باجتياحي لرضاء
الملحدين
|
لم يخافوا الله
في سفك دمي
|
|
لعبيد الله نسل
الفاجرين
|
وابن سعد قد
رماني عنوة
|
|
بجنود كوكوف
الهاطلين
|
لا لشيء كان مني
سابقا
|
|
غير فخري بضياء
الفرقدين
|
بعليّ الخير من
بعد النبي
|
|
والنبيّ القرشيّ
الوالدين)
|
* * *
خيرة الله من
الخلق أبي
|
|
بعد جدّي فأنا
ابن الخيرتين
|
والدي شمس وأمّي
قمر
|
|
فأنا الكوكب
وابن القمرين
|
فضّة قد صفّيت
من ذهب
|
|
فأنا الفضة وابن
الذهبين
|
ذهب في ذهب في
ذهب
|
|
ولجين من لجين
في لجين
|
من له جدّ كجدي
المصطفى؟
|
|
أحمد المختار
صبح الظلمتين
|
من له عمّ كعمّي
جعفر؟
|
|
ذي الجناحين
كريم النسبتين
|
من له أمّ كأمي
في الورى؟
|
|
بضعة المختار
قرّة كل عين
|
أمّي الزهراء
حقا وأبي
|
|
وارث العلم
ومولى الثّقلين
|
جدي المرسل
مصباح الدجى
|
|
وأبي الموفي له
بالبيعتين
|
خصّه الله بفضل
وتقى
|
|
فأنا الزاهر
وابن الزاهرين
|
ذاك والله علي
المرتضى
|
|
ساد بالفضل جميع
الحرمين
|
عبد الله غلاما
يافعا
|
|
وقريش يعبدون
الوثنين
|
يعبدون اللات
والعزّى معا
|
|
وعليّ قام نحو
القبلتين
|
مع رسول الله
سبعا كاملا
|
|
ما على الأرض
مصلّ غير ذين
|
أظهر الإسلام
رغما للعدى
|
|
بحسام قاطع ذي
شفرتين
|
قاتل الأبطال
لما برزوا
|
|
يوم بدر ثم أحد
وحنين
|
(وله في يوم أحد وقعة
|
|
شفت الغلّ بفضّ
العسكرين
|
ثم بالأحزاب
والفتح معا
|
|
كان فيها حتف
أهل القبلتين
|
في سبيل الله ما
ذا صنعت
|
|
أمة السوء معا
بالعترتين
|
عترة البرّ
النبي المصطفى
|
|
وعليّ الورد بين
الجحفلين)
|
* * *
نحن أصحاب العبا
خمستنا
|
|
قد ملكنا شرقها
والمغربين
|
ثم جبريل لنا
سادسنا
|
|
ولنا البيت غدا
والمشعرين
|
وكذا المجد بنا
مفتخر
|
|
شامخا نعلو به
في الحسبين
|
عروة الدين علي
المرتضى
|
|
صاحب الحوض معزّ
المؤمنين
|
يفرق الصفّان من
هيبته
|
|
وكذا أفعاله في
الخافقين
|
شيعة المختار
طيبوا أنفسا
|
|
فغدا تسقون من
حوض اللجين
|
فعليه الله صلّى
ربّنا
|
|
وحباه تحفة
بالحسنين
|
وفي (ينابيع
المودة) لسليمان القندوزي الحنفي ، ج ٢ ص ١٧٢ ينهي القصيدة بقوله :
شيعة المختار
قرّوا أعينا
|
|
فغدا تسقون من
كفّ الحسين
|
ثم حمل عليهالسلام على الميمنة ، وهو يقول :
الموت أولى من
ركوب العار
|
|
والعار أولى من
دخول النار
|
والله
من هذا وهذا جاري
|
وحمل على الميسرة
، وهو يقول :
أنا الحسين بن
علي
|
|
آليت ألا أنثني
|
أحمي عيالات أبي
|
|
أمضي على دين
النبي
|
عطش الحسين عليهالسلام
١٤٠ ـ الحصين بن
نمير يصيب الحسين عليهالسلام بسهم في فمه الشريف ، فلم يستطع شرب الماء :
يقول القرماني في (أخبار
الدول) ص ١٠٧ :
__________________
واشتدّ العطش
بالحسين فمنعوه . فحصل له شربة ماء ، فلما أهوى ليشرب رماه حصين بن نمير
بسهم في حنكه ، فصار الماء دما. ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول : الله م أحصهم
عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا.
ويقول الدينوري في
(الأخبار الطوال) ص ٢٥٨ :
وعطش الحسين عليهالسلام فدعا بقدح من ماء ، فلما وضعه في فيه ، رماه الحصين بن
نمير بسهم فدخل فمه ، وحال بينه وبين شرب الماء ، فوضع القدح من يده.
١٤١ ـ إصابة
الحسين عليهالسلام في شفتيه :
ويقول سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٢ :
ورماه حصين بن
تميم بسهم فوقع في شفتيه ، وهو يبكي ويقول : الله م إني أشكو إليك ما يفعل بي
وبإخوتي وولدي وأهلي.
ثم اشتد به العطش
، فهمّ أن يلقي نفسه بين القوم ، ثم شرفت نفسه عن ذلك.
ويقول الذهبي في (سير
أعلام النبلاء) ص ٣٠٢ :
وعطش الحسين عليهالسلام ، فجاءه رجل بماء فتناوله ، فرماه حصين بن تميم بسهم ،
فوقع في فيه ، فجعل يتلقى الدم بيده ويحمد الله.
١٤٢ ـ قصة الّذي
شكّ الحسين عليهالسلام بسهم في شدقه ، فدعا عليه الحسين عليهالسلام فكان يشرب ولا يرتوي حتى مات :
(مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢١٤ ط نجف)
قال ابن عيينة :
أدركت من قتلة الحسين عليهالسلام رجلا كان يستقبل الراوية
[أي ظرف الماء]
ولا يروى. وذلك أنه نظر إلى الحسين عليهالسلام وقد أهوى إلى فيه بماء وهو يشرب ، فرماه بسهم. فقال الحسين
عليهالسلام : لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا آخرتك.
(وفي رواية) : إن
رجلا من كلب رماه بسهم فشكّ شدقه ، فقال الحسين عليهالسلام : لا أرواك الله. فعطش الرجل حتى ألقى نفسه في الفرات ،
وشرب حتى مات.
__________________
١٤٣ ـ دعاء الحسين
عليهالسلام على من رماه بسهم ، واستجابة دعائه :
(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين عليهالسلام ص ٢٣٧)
قال ابن عساكر :
كان رجل من بني أبان بن دارم يقال له زرعة ، شهد قتل الحسينعليهالسلام ، فرمى الحسين عليهالسلام بسهم فأصاب حنكه ، فجعل يلتقي [كذا في الأصل ، والصحيح :
يتلقّى] الدم ، ثم يقول : هكذا إلى السماء فيرمي به.
وكان الحسين عليهالسلام قد دعا بماء ليشرب ، فلما رماه حال بينه وبين الماء ، فقالعليهالسلام : الله م ظمّه ، الله م ظمّه.
قال الراوي :
فحدّثني من شهده وهو يموت ، وهو يصيح من الحر في بطنه ، والبرد في ظهره ، وبين
يديه المراوح والثلج ، وخلفه الكافور [وفي مناقب ابن شهر اشوب : الكانون والنار] ،
وهو يقول : اسقوني أهلكني العطش ، فيؤتى بالعسّ العظيم فيه السويق أو الماء أو
اللبن ، لو شربه خمسة لكفاهم. قال : فيشربه ، ثم يعود فيقول : اسقوني أهلكني
العطش. قال : فانقدّ بطنه كانقداد البعير.
معركة في طريق الفرات
١٤٤ ـ ما قاله
الحسين عليهالسلام لما أصيب بسهم في حنكه الشريف :
(اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ٦٦)
واشتد العطش
بالحسين عليهالسلام فركب المسناة يريد الفرات ، فاعترضته خيل ابن سعد ، فرمى
رجل من بني دارم الحسين عليهالسلام بسهم ، فأثبته في حنكه الشريف ، فانتزع السهم وبسط يديه
تحت حنكه حتى امتلأت راحتاه من الدم ،
ثم رمى به وقال :
الله م إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك.
١٤٥ ـ إصابة
الحسين عليهالسلام بسهم في حنكه ، وهو يحاول الوصول إلى الفرات
(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٢٧٩)
روى الطبري عمن
شهد الحسين عليهالسلام في عسكره ، أن حسينا حين غلب على عسكره ، ركب المسنّاة
يريد الفرات. فقال رجل من بني أبان بن دارم : ويلكم حولوا بينه وبين الماء لا
تتامّ إليه شيعته. قال : وضرب فرسه واتّبعه الناس حتى حالوا بينه وبين الفرات.
فقال الحسين عليهالسلام : الله م أظمّه.
قال : وينتزع
الأبانيّ بسهم ، فأثبته في حنك الحسين عليهالسلام.
(وفي رواية) :
فرماه حصين بن تميم بسهم فوقع في فمه (وفي رواية) : في حنكه. (قال) : فانتزع
الحسين عليهالسلام السهم ، ثم بسط كفيه فامتلأتا دما ، فرمى به إلى السماء.
ثم حمد الله وأثنى عليه ، ثم جمع يديه فقال : الله مّ إني أشكو إليك ما يفعل بابن
بنت نبيّك. الله م أحصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا. ودعا
عليهم دعاء بليغا.
١٤٦ ـ استجابة
دعاء الحسين عليهالسلام : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٠٣)
قال أبو مخنف : فو
الله إن مكث الرجل الرامي له إلا يسيرا ، حتى صبّ الله عليه الظمأ ، فجعل لا يروى
، ويسقى الماء مبرّدا ، وتارة يبرّد له اللبن والماء جميعا ، ويسقى فلا يروى ، بل
يقول : اسقوني قتلني الظمأ. (قال) : فو الله ما لبث إلا يسيرا حتى انقدّ بطنه
انقداد بطن البعير.
وفي (الإتحاف بحبّ
الأشراف) للشيخ عبد الله الشبراوي الشافعي ، ص ٥٢ : قال العلامة الاجهوري عن ذلك
الرجل : فابتلي بالحر في بطنه ، والبرد في ظهره ... إلى أن قدّ بطنه ، ومات بعد
موت الحسين عليهالسلام بأيام.
١٤٧ ـ قتل الحسين عليهالسلام وهو ظمآن عطشان :
(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ، ص ٧٣)
يقول الشيخ
الشبراوي : ومنعوا الحسين عليهالسلام من الماء في يوم شديد الحر ، وصاروا يتراءون إليه بكيزان
من البلور مملوءة ماء باردا ، فيقول : أقسم عليكم بجدّي إلا سقيتموني شربة أبرّد
بها كبدي ، فلم يجيبوه.
١٤٨ ـ أثر العطش
في الحسين عليهالسلام (الفاجعة العظمى ، ص ١٠٥)
في (الخصائص) :
ولقد أثّر العطش في الحسين عليهالسلام في أربعة مواضع من أعضائه الشريفة : الكبد والشفّة واللسان
والعين. الشفة ذابلة من الأوام ، والكبد مفتّت من حرّ الظمأ ، واللسان مجروح من
كثرة اللوك في الفم ، والعين من شدة العطش مظلمة.
١٤٩ ـ ما قاله عليهالسلام لما حال القوم بينه وبين رحله :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٣)
ثم إنه عليهالسلام دعا الناس إلى البراز ، فلم يزل يقتل كلّ من دنا إليه من
عيون
الرجال ، حتى قتل
منهم مقتلة عظيمة ، فحالوا بينه وبين رحله ، فصاح بهم : ويحكم يا شيعة آل أبي
سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون المعاد ، فكونوا أحرارا في دنياكم
هذه ، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عربا كما تزعمون!. فناداه شمر : ما تقول يا
حسين؟ فقال عليهالسلام : أقول أنا الّذي أقاتلكم وتقاتلوني ، والنساء ليس عليهن
جناح ، فامنعوا عتاتكم وطغاتكم وجهّالكم عن التعرّض لحرمي ما دمت حيّا. فقال له
شمر : لك ذلك يابن فاطمة . ثم صاح شمر بأصحابه : إليكم عن حرم الرجل واقصدوه بنفسه ،
فلعمري لهو كفو كريم.
١٥٠ ـ وصول الحسين
عليهالسلام إلى الفرات ليشرب ، وخدعة القوم له :
(مثير الأحزان للجواهري ، ص ٨٦)
فقصده القوم ، وهو
مع ذلك يطلب شربة من الماء. وكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم
فحلّؤوه عنه.
ثم حمل على الأعور
السلمي وعمرو بن الحجاج وكانا في أربعة آلاف رجل ، على الشريعة ففرّقهم ، وأقحم
الفرس في الفرات. فلما ولغ الفرس برأسه ليشرب ، قال عليهالسلام : أنت عطشان وأنا عطشان ، والله لا ذقت حتى تشرب!. فرفع
الفرس رأسه كأنه فهم الكلام. فقال الحسين عليهالسلام : اشرب. ولما مدّ الحسين عليهالسلام يده فغرف من الماء غرفة ليشرب ، ناداه رجل من القوم :
يا أبا عبد الله ،
أتلتذّ بشرب الماء وقد هتك حرمك؟!. فنفض الماء من يده ، وحمل على القوم فكشفهم ،
فإذا الخيمة سالمة ، فعلم أنها حيلة.
الوداع الأخير
١٥١ ـ ما قاله
الحسين عليهالسلام لما ودّع عياله الوداع الثاني :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٨)
ثم إنه عليهالسلام ودّع عياله ثانيا ، وأمرهم بالصبر ولبس الأزر ، وقال :
استعدوا للبلاء ، واعلموا أن الله تعالى حاميكم وحافظكم وسينجيكم من شرّ الأعداء ،
ويجعل عاقبة أمركم إلى خير ، ويعذّب عدوكم بأنواع العذاب ، ويعوّضكم عن هذه
__________________
البلية بأنواع
النعم والكرامة ، فلا تشكوا ، ولا تقولوا بألسنتكم ما ينقص من قدركم . فقال ابن سعد : ويحكم اهجموا عليه مادام مشغولا بنفسه
وحرمه ، والله إن فرغ لكم لا تمتاز ميمنتكم عن ميسرتكم.
فحملوا عليه
يرمونه بالسهام ، حتى تخالفت السهام بين أطناب الخيم. وشكّ سهم بعض أزر [جمع إزار]
النساء ، فدهشن وأرعبن وصحن ، ودخلن الخيمة ينظرن إلى الحسينعليهالسلام كيف يصنع؟.
١٥٢ ـ ما قاله عليهالسلام لما أصيب بسهم في جبهته الشريفة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٤)
فقصده القوم
بالحرب من كل جانب ، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه ، وهو في ذلك يطلب الماء ليشرب
منه شربة ، فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه حتى أجلوه عنه.
ثم رماه رجل يقال
له أبو الحتوف الجعفي بسهم فوقع السهم في جبهته
(وفي مقتل أبي
مخنف : أن الّذي رماه هو خولي ، وقيل إنه قدامة العامري). فنزع الحسين عليهالسلام السهم ورمى به ، فسال الدم على وجهه ولحيته. فقال : الله م
قد ترى ما أنا فيه من عبادك هؤلاء العصاة العتاة ، الله م فأحصهم عددا ، واقتلهم
بددا ، ولا تذر على وجه الأرض منهم أحدا ، ولا تغفر لهم أبدا.
ثم حمل عليهم
كالليث المغضب ، فجعل لا يلحق أحدا إلا بعجه بسيفه وألحقه بالحضيض ، والسهام تأخذه
من كل ناحية ، وهو يتلقاها بنحره وصدره ويقول : يا أمة السوء ، بئسما خلّفتم محمدا في عترته. أما
إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله الصالحين فتهابوا قتله ، بل يهون عليكم عند
قتلكم إياي. وايم الله إني لأرجو أن يكرمني ربي بهوانكم ، ثم ينتقم منكم من حيث لا
تشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ، بماذا ينتقم لك منا؟. فقال
عليهالسلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب
الأليم .
__________________
(وفي مقتل المقرم
، ص ٣٥٠) قال : ورجع إلى مركزه يكثر من قول
لا حول ولا قوة
إلا بالله العلي العظيم . وطلب في هذا الحال ماء ، فقال الشمر : لا تذوقه حتى ترد
النار. وناداه رجل : يا حسين ألا ترى الفرات كأنه بطون الحيات؟ فلا تشرب منه حتى
تموت عطشا!. فقال الحسين عليهالسلام : اللهم أمته عطشا. فكان ذلك الرجل يطلب الماء ، فيؤتى به
فيشرب حتى يخرج من فيه ، وما زال كذلك إلى أن مات عطشا.
١٥٣ ـ توزّع
الأعداء على الحسين عليهالسلام ثلاث فرق :
(مقتل أبي مخنف ، ص ٨٩)
قال أبو مخنف : إن
الشمر أقبل إلى ابن سعد وقال له : أيها الأمير إن هذا الرجل يفنينا عن آخرنا
مبارزة. قال : كيف نصنع به؟. قال : نتفرّق عليه ثلاث فرق : فرقة بالنبال والسهام ،
وفرقة بالسيوف والرماح ، وفرقة بالنار والحجارة ، نعجل عليه. فجعلوا يرشقونه
بالسهام ، ويطعنونه بالرماح ، ويضربونه بالسيوف ، حتى أثخنوه بالجراح.
وكما قال الشاعر :
فوجّهوا نحوه في
الحرب أربعة :
|
|
السيف والنبل
والخطيّ والحجرا
|
مصرع سيّد الشهداء
الامام الحسين عليهالسلام
واستشهاده
__________________
١٥٤ ـ خبر الّذي
عزم على قتل الحسين عليهالسلام بالرمح ، ثم امتنع :
(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٢٨٢)
روى الطبري عن أبي
مخنف عن الحجاج بن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي ، أنه عتب على عبد الله
بن عمار مشهده قتل الحسين عليهالسلام. فقال عبد الله بن عمار : إن لي عند بني هاشم ليدا [أي
معروفا]. قلنا له : وما يدك عندهم؟. قال : حملت على حسين بالرمح ، فانتهيت إليه ،
فو الله لو شئت لطعنته. ثم انصرفت عنه غير بعيد ، وقلت : ما أصنع بأن أتولى قتله ،
يقتله غيري!.
١٥٥ ـ شجاعة
الحسين عليهالسلام وإقدامه (المصدر السابق)
قال : فشدّ عليه
رجّالة ممن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعرّوا ، وعلى من عن
شماله حتى ابذعرّوا ، وعليه قميص له من خز ، وهو معتمّ.
١٥٦ ـ ما قاله (ابن
يغوث) يصف حال الحسين عليهالسلام أثناء المعركة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٤٦)
قال عبد الله بن
عمار بن يغوث : [فو الله] ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وصحبه ، أربط
جأشا منه ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما. ولقد كانت الرجال تنكشف بين يديه إذا
شدّ فيها ، ولم يثبت له أحد .
(وفي رواية الله
وف ، ص ٦٧) : وإن كانت الرجال لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عنه انكشاف
المعزى إذا شدّ فيها الذئب. ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ،
فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر ، ثم يرجع إلى مركزه وهو يقول : لا حول
ولا قوة إلا بالله.
(وفي مثير الأحزان
للجواهري ، ص ٨٥) : ولم يزل يقاتل حتى قتل ألف رجل وتسعمائة وخمسين رجلا ، سوى المجروحين.
فقال عمر بن سعد
لقومه : الويل لكم ، أتدرون لمن تقاتلون؟. هذا ابن الأنزع البطين ، هذا ابن قتّال
العرب ، احملوا عليه (حملة رجل واحد) من كل جانب. فأتته أربعة آلاف نبلة .
__________________
حجر وسهم مسموم
١٥٧ ـ ما قاله
الحسين عليهالسلام لما أتاه حجر فوقع على جبهته الشريفة ، ثم أتاه سهم مسموم
فوقع في قلبه
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٤)
ثم جعل عليهالسلام يقاتل حتى أصابته اثنتان وسبعون جراحة ، فوقف يستريح وقد
ضعف عن القتال. فبينا هو واقف إذ أتاه حجر فوقع على جبهته ، فسالت الدماء من
جبهته. فأخذ الثوب ليمسح [الدم] عن جبهته ، فأتاه سهم محدّد مسموم له ثلاث شعب ،
فوقع في قلبه [وقيل في صدره ]. فقال الحسين عليهالسلام : بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله. ورفع رأسه إلى
السماء ، وقال : إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن نبي غيره.
ثم أخذ السهم وأخرجه من وراء ظهره ، فانبعث الدم كالميزاب ، فوضع يده على الجرح ،
فلما امتلأت دما رمى به إلى السماء ، فما رجع من ذلك قطرة. وما عرفت الحمرة في
السماء حتى رمى الحسين عليهالسلام بدمه إلى السماء. ثم وضع يده على الجرح ثانيا ، فلما
امتلأت لطّخ بها رأسه ولحيته ، وقال : هكذا والله أكون حتى ألقى جدي محمدا وأنا
مخضوب بدمي ، وأقول : يا رسول الله قتلني فلان وفلان .
(وفي العيون
العبرى للميانجي ، ص ١٨٣) ولنعم من قال :
سهم أصاب حشاك
يابن محمّد
|
|
ظلما أصاب حشا
البطين الأنزع
|
وأصاب قلب
المصطفيو البضعة ال
|
|
زهراء والحسن
الزكيّ الأورع
|
١٥٨ ـ مالك بن النسر يضرب الحسين عليهالسلام على رأسه فيقطع البرنس :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٥)
ثم ضعف عليهالسلام عن القتال فوقف مكانه ، فكلما أتاه رجل من الناس وانتهى
إليه ، انصرف عنه وكره أن يلقى الله بدمه. حتى جاءه رجل من كندة يقال له (مالك بن
نسر) فضربه بالسيف على رأسه ، وكان عليه برنس
[أي قلنسوة طويلة]
فقطع البرنس وامتلأ دما ، فقال له الحسين عليهالسلام : لا أكلت
__________________
بيمينك ولا شربت
بها ، وحشرك الله مع الظالمين. ثم ألقى البرنس ولبس قلنسوة واعتمّ عليها ، وقد
أعيى وتبلّد ...
(وفي بعض الأخبار)
: أنه ألقى البرنس من رأسه ، ثم جاء إلى الخيمة وطلب خرقة. فلما أتوه بها شدّها
على جراحته ، ولبس فوقها قلنسوة أخرى واعتمّ عليها». ورجع عنه شمر بن ذي الجوشن
ومن كان معه إلى مواضعهم ، فمكث هنيهة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به.
١٥٩ ـ نداء شمر (الأول)
وتحريضه القوم : (المصدر السابق)
ثم نادى شمر : ما
تنتظرون بالرجل فقد أثخنته السهام؟. فأحدقت به الرماح والسيوف. فضربه رجل يقال له (زرعة
بن شريك التميمي) ضربة منكرة ، ورماه (سنان بن أنس) بسهم في نحره ، وطعنه (صالح بن
وهب المرّي) على خاصرته طعنة منكرة ، فسقط الحسين عليهالسلام عن فرسه إلى الأرض ، على خده الأيمن. ثم استوى جالسا ،
ونزع السهم من نحره.
سقوط الحسين عليهالسلام عن فرسه
مدخل :
اختلفت الروايات
في كيفية سقوط الحسين عليهالسلام عن فرسه. فمنهم أنه بعد أن أصبح جسمه كالقنفذ من كثرة
السهام التي أصابته ، طعنه صالح بن وهب المري على خاصرته فسقط عن فرسه. ومنهم أنه
رمي بسهم فوقع في نحره ، فخرّ عن فرسه. ومنهم أن خولي بن يزيد الأصبحي اعترضه بسهم
فوقع في لبّته ، فأرداه عن ظهر جواده إلى الأرض ، صريعا يخور بدمه.
وكل هؤلاء يعتبرون
أن الحسين عليهالسلام صرع بعد سقوطه مباشرة ولم يستطع الوقوف لمتابعة القتال.
بينما البعض الآخر ، فيذكر أنه لما ضعف نزل عن جواده ، وقاتل على رجليه قتالا
مشهودا ، ومنهم السيد ابن طاووس في (اللهوف).
١٦٠ ـ لم يسقط
الحسين عليهالسلام عن جواده حتى صار جسمه من السهام كالقنفذ
(الفاجعة العظمى ، ص ١٦٧)
في (مثير الأحزان)
: جعلوه شلوا [أي جعلوا أعضاءه مقطّعة] من كثرة الطعن والضرب.
وفي (القمقام) :
لقد أصابته السهام حتى كأنه الطائر وعليه الريش. وكما قال الشاعر المتنبي :
فصرت إذا
أصابتني سهام
|
|
تكسّرت النصال
على النصال
|
وفي (البحار) :
كانت السهام في درعه كالشوك في جلد القنفذ ، وكانت كلها في مقدّمه.
أما أبو مخنف فقال
في مقتله (كما في أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٢٤) : واعترضه خولي بن يزيد الأصبحي
بسهم فوقع في لبّته ، فأرداه عن ظهر جواده إلى الأرض صريعا يخور بدم (وروي : أن
السهم رماه أبو قدامة العامري) ، فجعل عليهالسلام ينزع السهم بيده ، ويتلقّى الدم بكفيه ويخضب به لحيته ورأسه
الشريف ، ويقول : هكذا ألقى ربي الله ، وألقى جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأشكو إليه ما نزل بي. وخرّ صريعا مغشيا عليه. فلما أفاق
من غشيته وثب ليقوم للقتال فلم يقدر. فبكى بكاء عاليا ، ونادى : وا جدّاه ، وا
محمداه ، وا أبا القاسماه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا حسناه ، وا جعفراه ، وا
حمزتاه ، وا عقيلاه ، وا عباساه ، وا عطشاه ، وا غوثاه ، وا قلة ناصراه. أقتل
مظلوما وجدي محمّد المصطفى ، وأذبح عطشانا وأبي علي المرتضى ، وأترك مهتوكا وأمي
فاطمة الزهراء عليهاالسلام!.
وفي (الأنوار
النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري :
ثم قال : ونظر
الحسين عليهالسلام يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، فرفع رأسه إلى السماء ، وقال :
اللهم إنك ترى ما صنع بولد نبيك. وحال بنو كلاب بينه وبين الماء.
ورمي بسهم فوقع في
نحره ، وخرّ عن فرسه ، فأخذ السهم ورمى به ، وجعل يتلقى الدم بكفه ، فلما امتلأت
لطّخ بها رأسه ولحيته ، وهو يقول :
(هكذا) ألقى الله عزوجل ، وأنا مظلوم متلطخ بدمي. ثم خرّ على خده الأيسر صريعا.
وفي (اللهوف) لابن
طاووس قال : ولما أثخن الحسين عليهالسلام بالجراح وبقي كالقنفذ [على فرسه] طعنه صالح بن وهب المري
على خاصرته طعنة ، فسقط الحسين عليهالسلام عن فرسه إلى الأرض على خده الأيمن ، وهو يقول : بسم الله
وبالله وعلى ملّة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. ثم قام صلوات الله عليه.
الحسين عليهالسلام يقاتل على رجليه
قال العلامة
المجلسي في (البحار) : لما ضعف الحسين عليهالسلام عن القتال ، نزل عن ظهر جواده إلى الأرض ، فكلما أتاه رجل
وانتهى إليه ، انصرف عنه كراهية أن يلقى الله بدمه. فبينما هو واقف إذ أتاه حجر
فوقع في جبهته الشريفة .. ثم أتاه سهم محدد مسموم له ثلاث شعب ، فوقع في صدره (وفي
بعض الروايات : فوقع على قلبه). فقال الحسينعليهالسلام : بسم الله وبالله ...
١٦١ ـ ما قاله
الحسين عليهالسلام لما أصبح يقاتل على رجليه :
(مقدمة مرآة العقول ج ٢ ص ٢٨٣ ؛ وتاريخ الطبري ص ٣٦٠ ط أولى مصر)
قال أبو مخنف :
حدثني الصّقعب بن زهير عن حميد بن مسلم ، قال : كانت عليه جبّة من خز ، وكان
معتمّا ، وكان مخضوبا بالوسمة.
قال : سمعته يقول
قبل أن يقتل ، وهو يقاتل على رجليه قتال الفارس الشجاع : أعلى قتلي تحاثّون؟!. أما
والله لا تقتلون بعدي عبدا من عباد الله ، الله أسخط عليكم لقتله مني. وايم الله
إني لأرجو أن يكرمني الله بهوانكم ، ثم ينتقم لي منكم من حيث لا تشعرون. أما والله
إن قتلتموني لقد ألقى الله بأسكم بينكم وسفك دماءكم ، ثم لا يرضى لكم حتى يضاعف
لكم العذاب الأليم.
مصرع محمّد ابن أبي
سعيد ابن عقيل عليهالسلام
١٦٢ ـ شهادة محمّد
بن أبي سعيد بن عقيل عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٣)
قال هاني بن ثبيت
الحضرمي : إني لواقف عاشر عشرة لما صرع الحسين عليهالسلام ، إذ نظرت إلى غلام من آل الحسين عليهالسلام ، عليه إزار وقميص ، وفي أذنيه درّتان ، وبيده عمود من تلك
الأبنية ، وهو مذعور يتلفّت يمينا وشمالا.
فأقبل رجل يركض ،
حتى إذا دنا منه مال عن فرسه ، وعلاه بالسيف وقطعه. فلما عيب عليه كنّى عن نفسه .
وذلك الغلام هو
محمّد بن أبي سعيد بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام وكانت أمه تنظر إليه وهي مدهوشة .
وفي (مثير الأحزان)
للجواهري ، ص ٨٤ :
وخرج غلام من تلك
الأبنية ، وفي أذنيه درّتان ، وهو مذعور ؛ فجعل يلتفت يمينا وشمالا ، وقرطاه
يتذبذبان. فحمل عليه هاني بن ثبيت فقتله. فصارت (شهربانوا) تنظر إليه ولا تتكلم
كالمدهوشة. وأورد ذلك بعد شهادة العباس عليهالسلام مباشرة.
مصرع الغلام عبد الله
الأصغر ابن الحسن عليهماالسلام
١٦٣ ـ شهادة
الغلام عبد الله (الأصغر) ابن الحسن عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٤ ؛ والإرشاد للمفيد ، ص ٢٤١)
قال : ثم إنهم
لبثوا هينئة وعادوا إلى الحسين عليهالسلام وأحاطوا به ، وهو جالس على الأرض لا يستطيع النهوض. فخرج
الغلام عبد الله بن الحسن السبط عليهالسلام وله إحدى عشرة سنة [أمه بنت السليل بن عبد الله البجلي ،
وقيل أم ولد ] ، ونظر إلى عمه وقد أحدق به القوم ، فأقبل من عند النساء
يشتدّ نحو عمه الحسين عليهالسلام ، فلحقته زينب عليهاالسلام لتحبسه (فأفلت منها) ، فقال لها الحسين عليهالسلام : احبسيه يا أختي. فأبى وامتنع عليها امتناعا شديدا ، وقال
: والله لا أفارق عمي. وأهوى أبجر ابن كعب إلى الحسين عليهالسلام بالسيف ، فقال له الغلام : ويلك يابن الخبيثة ، أتقتل
__________________
عمي؟. فضربه أبجر
بالسيف ، فاتّقاها الغلام بيده ، فأطنّها إلى الجلد ، فإذا هي معلّقة. فصاح الغلام : يا عمّاه (وفي
رواية : يا أمّاه). فأخذه الحسين عليهالسلام فضمّه إليه ، وقال : يابن أخي اصبر على ما نزل بك ، واحتسب
في ذلك الخير ، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين.
ورفع الحسين عليهالسلام يديه قائلا : اللهم إن متّعتهم إلى حين ، ففرّقهم تفريقا ،
واجعلهم طرائق قددا [أي مذاهب متفرقة] ، ولا ترض الولاة عنهم أبدا ، فإنهم دعونا
لينصرونا ، ثم عدوا علينا يقاتلوننا .
ورمى حرملة بن
كاهل الغلام بسهم فذبحه وهو في حجر عمّه . وحملت الرجّالة يمينا وشمالا على من كان بقي مع الحسين عليهالسلام فقتلوهم ، حتى لم يبق معه إلا ثلاثة نفر أو أربعة.
١٦٤ ـ مخاطبة زينب
عليهاالسلام لعمر بن سعد :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٥ ؛ ومقتل المقرّم ، ص ٣٥٩)
ثم دنا عمر بن سعد
من الحسين عليهالسلام ليراه.
قال حميد بن مسلم
: وخرجت زينب بنت علي عليهماالسلام وقرطاها يجولان في أذنيها ، وهي تقول : ليت السماء أطبقت
على الأرض (وليت الجبال تدكدكت على السهل). وانتهت نحو الحسين عليهالسلام وقد دنا منه عمر بن سعد في جماعة من أصحابه ، والحسين عليهالسلام يجود بنفسه. فصاحت : أي عمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت
تنظر إليه؟!. فصرف بوجهه عنها ودموعه تسيل على خديه ولحيته. والحسين عليهالسلام جالس وعليه جبة خز ، وقد تحاماه الناس.
وفي (الإرشاد)
للشيخ المفيد ، ص ٢٤٢ : وخرجت أخته زينب عليهاالسلام إلى باب الفسطاط ، فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص : ويلك يا
عمر ، أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه!. فلم يجبها عمر بشيء. فنادت : ويحكم أما
فيكم مسلم؟!. فلم يجبها أحد بشيء.
__________________
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٣ ط ٢ نجف : فخفق الحسين عليهالسلام برأسه خفقة ، ثم انتبه وهو يقول : رأيت الساعة جدي رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول : يا بني اصبر ، الساعة تأتي إلينا.
١٦٥ ـ الذين
اشتركوا في قتل الحسين عليهالسلام بعد ضعفه :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٢)
ونادى شمر بن ذي
الجوشن الفرسان والرجالة ، فقال : ويحكم ما تنتظرون بالرجل (اقتلوه) ثكلتكم
أمهاتكم؟. فحملوا عليه من كل جانب. فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى ، وضرب
الحسين عليهالسلام زرعة فصرعه. وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا
بها لوجهه ، وكان قد أعيى ، وجعل ينوء ويكبّ. فطعنه سنان بن أنس بن عمرو النخعي في
ترقوته. ثم انتزع الرمح ، فطعنه في بواني صدره. ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع السهم
في نحره ، فسقط عليهالسلام وجلس قاعدا. فنزع السهم من نحره ، وقرن كفيه جميعا ، فكلما
امتلأتا من دمائه خضّب بها رأسه ولحيته ، وهو يقول : هكذا ألقى الله مخضّبا بدمي ،
مغصوبا عليّ حقي.
١٦٦ ـ نداء شمر (الثاني)
للإجهاز على الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٤)
وبقي الحسين عليهالسلام مطروحا مليّا ، ولو شاؤوا أن يقتلوه لفعلوا ، إلا أن كل
قبيلة تتّكل على غيرها وتكره الإقدام ... فصاح الشمر : ما وقوفكم وما تنتظرون بالرجل ، وقد
أثخنته السهام والرماح ، احملوا عليه .
وضربه زرعة بن
شريك على كتفه الأيسر ، ورماه الحصين في حلقه وضربه آخر على عاتقه ، وطعنه سنان بن أنس في ترقوته ، ثم
في بواني صدره ، ثم رماه بسهم في نحره وطعنه صالح بن وهب في جنبه .
__________________
١٦٧ ـ وصف هلال بن
نافع للحسين عليهالسلام وهو يجود بنفسه :
(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٥٧)
قال هلال بن نافع
: إني لواقف في عسكر عمر بن سعد ، إذ صرخ صارخ : أبشر أيها الأمير ، فهذا (شمر) قد
قتل الحسين.
قال : فخرجت بين
الصفين فوقفت عليه ، وإنه ليجود بنفسه. فو الله ما رأيت قتيلا مضمّخا بدمه أحسن
منه ولا أنور وجها ، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيئته عن الفكرة في قتله .
١٦٨ ـ الحسين عليهالسلام يطلب شربة ماء في آخر رمق من حياته :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٦)
فاستسقى عليهالسلام في تلك الحال ماء ، فأبوا أن يسقوه. وقال له رجل : لا تذوق
الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها. فقال عليهالسلام : أنا أرد الحامية فأشرب من حميمها! بل أرد على جدي رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأسكن معه في داره ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، وأشرب
من ماء غير آسن [أي غير متغيّر الطعم والرائحة] ، وأشكو إليه ما ارتكبتم مني
وفعلتم بي. (قال) : فغضبوا بأجمعهم ، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحدهم من الرحمة
شيئا .
فاحتزّوا رأسه
وإنه ليكلمهم. فتعجبت من قلة رحمهم ، وقلت : والله لا أجامعكم على أمر أبدا.
وفي (الأنوار النعمانية)
للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٤٤ :
قال : فأقبل عدوّ
الله سنان بن أنس وشمر بن ذي الجوشن العامري في رجال من أهل الشام ، حتى وقفوا على
رأس الحسين عليهالسلام ، فقال بعضهم لبعض : أريحوا الرجل. فنزل سنان بن أنس وأخذ
بلحية الحسين عليهالسلام وجعل يضرب السيف في حلقه ، وهو يقول : والله إني لأجتزّ
رأسك ، وأنا أعلم أنك ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خير الناس أما وأبا.
وفي (مقدمة مرآة
العقول) ج ٢ ص ٢٨٤ :
__________________
قال : وجعل سنان
بن أنس لا يدنو أحد من الحسين عليهالسلام إلا شدّ عليه مخافة أن يغلب على رأسه ، حتى أخذ رأس الحسين
عليهالسلام فدفعه إلى خوليّ.
١٦٩ ـ دعاؤه عليهالسلام قبيل استشهاده :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٦)
ولما اشتدّ به
الحال عليهالسلام رفع طرفه إلى السماء وقال : الله م متعال المكان ، عظيم
الجبروت ، شديد المحال ، غني عن الخلائق ، عريض الكبرياء ، قادر على ما يشاء. قريب
الرحمة ، صادق الوعد ، سابغ النعمة ، حسن البلاء. قريب إذا دعيت ، محيط بما خلقت.
قابل التوبة لمن تاب إليك. قادر على ما أردت ، تدرك ما طلبت. شكور إذا شكرت ، ذكور
إذا ذكرت. أدعوك محتاجا ، وأرغب إليك فقيرا ، وأفزع إليك خائفا. وأبكي مكروبا ،
وأستعين بك ضعيفا ، وأتوكل عليك كافيا. الله م احكم بيننا وبين قومنا ، فإنهم
غرّونا وخذلونا وغدروا بنا وقتلونا ، ونحن عترة نبيك وولد حبيبك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي اصطفيته بالرسالة ، وائتمنته على الوحي ، فاجعل لنا
من أمرنا فرجا ومخرجا ، يا أرحم الراحمين . صبرا على قضائك يا رب ، لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين
. مالي ربّ سواك ، ولا معبود غيرك. صبرا على حكمك. يا غياث من لا غياث له ، يا
دائما لا نفاد له. يا محيي الموتى ، يا قائما على كل نفس بما كسبت ، احكم بيني
وبينهم وأنت خير الحاكمين .
١٧٠ ـ ذهول القوم
عن حزّ رأس الحسين الشريف وهربهم منه :
(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٨٩)
قال أبو مخنف : ثم
غشي عليه ، وبقي ثلاث ساعات من النهار ، والقوم في حيرة لا يدرون أهو حيّ أم ميّت!.
قال : وبقي الحسين
عليهالسلام مكبوبا على الأرض ملطّخا بدمه ثلاث ساعات ، وهو يقول :
صبرا على قضائك ، لا إله سواك ، يا غياث المستغيثين. فابتدر إليه أربعون رجلا كل
منهم يريد حزّ نحره الشريف. وعمر بن سعد يقول : ويلكم عجّلوا عليه.
__________________
وكان أول من ابتدر
إليه (شبث بن ربعي) وبيده السيف ، فدنا منه ليحتزّ رأسه ، فرمق الحسين عليهالسلام بطرفه ، فرمى السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول : ويحك
يابن سعد ، تريد أن تكون بريئا من قتل الحسين وإهراق دمه ، وأكون أنا مطالب به!.
معاذ الله أن ألقى الله بدمك
يا حسين. فأقبل (سنان
بن أنس) وقال : ثكلتك أمك وعدموك قومك
لو رجعت عن قتله.
فقال شبث : يا ويلك إنه فتح عينيه في وجهي فأشبهتا عيني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاستحييت أن أقتل شبيها لرسول الله. فقال له : يا ويلك
أعطني السيف فأنا أحقّ منك بقتله. فأخذ السيف وهمّ أن يعلو رأسه ، فنظر إليه
الحسين عليهالسلام فارتعد سنان ، وسقط السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول :
معاذ الله أن ألقى الله بدمك يا حسين. فأقبل إليه (شمر) وقال : ثكلتك أمك ما أرجعك
عن قتله؟. فقال : يا ويلك ، إنه فتح في وجهي عينيه ، فذكرت شجاعة أبيه ، فذهلت عن
قتله.
١٧١ ـ لا أحد يجرؤ
على ذبح الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ١٧١ ط ٢)
قال الطريحي :
وطعنه سنان بن أنس النخعي برمح. وبادر إليه خولي بن يزيد ليحتزّ رأسه ، فرمقه
بعينيه ، فارتعدت فرائصه منه ، فلم يجسر عليه ، وولى عنه.
ثم ابتدر إليه
أربعون فارسا ، كلّ يريد قطع رأسه ، وعمر بن سعد يقول : عجّلوا عليه ، عجّلوا
عليه. فدنا إليه شبث بن ربعي وبيده سيف ليحتزّ رأسه ، فرمقه عليهالسلام بطرفه ، فرمى شبث السيف من يده وولى هاربا ، وهو يقول :
معاذ الله أن ألقى أباك بدمك.
قال الراوي :
فأقبل إليه رجل قبيح الخلقة ، كوسج اللحية ، أبرص اللون ، يقال له سنان ، فنظر
إليه عليهالسلام فلم يجسر عليه وولى هاربا ، وهو يقول : ما لك يا عمر بن
سعد ، غضب الله عليك ، أردت أن يكون محمّد خصمي؟!.
١٧٢ ـ الإجهاز على
الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٦)
وقال سنان لخولي
بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فضعف وارتعدت يداه.
فقال له سنان :
فتّ الله عضدك وأبان يدك. فنزل إليه (شمر بن ذي الجوشن) وكان
أبرص ، فضربه
برجله وألقاه على قفاه ثم أخذ بلحيته. فقال له الحسين عليهالسلام : أنت الكلب الأبقع الّذي رأيته في منامي. فقال شمر :
أتشبّهني بالكلاب يابن فاطمة؟. ثم جعل يضرب بسيفه مذبح الحسين عليهالسلام.
وروي أنه جاء إليه
شمر بن ذي الجوشن وسنان بن أنس ، والحسين عليهالسلام بآخر رمق ، يلوك بلسانه من العطش. فرفسه شمر برجله ، وقال
: يابن أبي تراب ، ألست تزعم أن أباك على حوض النبي يسقي من أحبه؟. فاصبر حتى تأخذ
الماء من يده. ثم قال الشمر لسنان بن أنس : احتزّ رأسه من قفاه. فقال : والله لا
أفعل ذلك ، فيكون جده محمّد خصمي. فغضب شمر منه ، وجلس على صدر الحسين عليهالسلام وقبض على لحيته ، وهمّ بقتله. فضحك الحسين عليهالسلام وقال له : أتقتلني!. أو لا تعلم من أنا؟. قال : أعرفك حق
المعرفة ؛ أمك فاطمة الزهراء ، وأبوك علي المرتضى ، وجدك محمّد المصطفى ، وخصمك
الله العليّ الأعلى ، وأقتلك ولا أبالي .. وضربه الشمر بسيفه اثنتي عشرة ضربة ، ثم
حزّ رأسه الشريف.
١٧٣ ـ أشقى
الأشقياء شمر بن ذي الجوشن يحزّ الرأس الشريف :
(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٩١)
فقال الشمر لسنان
: يا ويلك إنك لجبان في الحرب ، هلمّ إليّ بالسيف فو الله ما أحد أحقّ مني بدم
الحسين. إني لأقتله سواء أشبه المصطفى أو علي المرتضى. فأخذ السيف من يد سنان وركب
صدر الحسين عليهالسلام فلم يرهب منه ، وقال : لا تظنّ أني كمن أتاك ، فلست أردّ
عن قتلك يا حسين!. فقال له الحسين عليهالسلام : من أنت ويلك ، فلقد ارتقيت مرتقى صعبا طالما قبّله النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له : أنا الشمر الضبابي. فقال الحسين عليهالسلام : أما تعرفني؟!. فقال ولد الزنا : بلى ، أنت الحسين ،
وأبوك المرتضى ، وأمك الزهرا ، وجدك المصطفى ، وجدتك خديجة الكبرى. فقال له : ويحك
إذا عرفتني فلم تقتلني؟. فقال له : أطلب بقتلك الجائزة من يزيد. فقال له الحسين عليهالسلام : أيّما أحبّ إليك ؛ شفاعة جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أم جائزة يزيد؟. فقال : دانق من جائزة يزيد أحب إليّ منك
ومن شفاعة جدك وأبيك. فقال له الحسين عليهالسلام : إذا كان لا بدّ من قتلي فاسقني شربة من الماء. فقال :
هيهات هيهات ، والله ما تذوق الماء أو تذوق الموت غصّة بعد غصة وجرعة بعد جرعة. ثم
قال شمر : يابن أبي تراب ، ألست تزعم أن أباك على الحوض يسقي من أحبّ ، اصبر قليلا
حتى يسقيك أبوك.
فقال له عليهالسلام : سألتك بالله إلا ما كشفت لي عن لثامك لأنظر إليك. (قال)
فكشف له عن لثامه ، فإذا هو أبرص أعور ، له بوز كبوز الكلب ، وشعر كشعر الخنزير.
فقال له الإمام عليهالسلام : صدق جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له الشمر : وما قال جدك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. قال : سمعته يقول لأبي عليهالسلام :
يا علي يقتل ولدك
هذا أبرص أعور ، له بوز كبوز الكلب ، وشعر كشعر الخنزير. فقال له شمر : يشبّهني
جدك رسول الله بالكلاب ، والله لأذبحنّك من القفا ، جزاء لما شبّهني جدك.
ثم أكبّه على وجهه
، وجعل يحزّ أوداجه بالسيف ، وهو يقول :
أقتلك اليوم
ونفسي تعلم
|
|
علما يقينا ليس
فيه مزعم
|
أن أباك خير من
يكلّم
|
|
بعد النبي
المصطفى المعظّم
|
أقتلك اليوم
وسوف أندم
|
|
وإن مثواي غدا
جهنّم
|
قال الراوي :
وكلما قطع منه عضوا نادى الحسين عليهالسلام : وا محمداه وا علياه وا حسناه وا جعفراه وا حمزتاه وا
عقيلاه وا عباساه وا قتيلاه وا قلة ناصراه وا غربتاه.
فاحتزّ الشمر رأسه
الشريف ، وعلاه على قناة طويلة .. فكبّر العسكر ثلاث تكبيرات.
١٧٤ ـ عدد
الجراحات التي أصابت جسم الحسين عليهالسلام :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٥٣ ط طهران)
ثم عدّوا ما في
جسد الحسين عليهالسلام ، فوجدوه ثلاثا وثلاثين طعنة برمح ، وأربعا وثلاثين ضربة
بالسيف. ووجدوا في ثيابه مائة وعشرين رمية بسهم. وهذا مطابق لما أورده الطبري في
تاريخه.
وفي (لواعج
الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٦٩ ط نجف : وجد في قميص الحسين عليهالسلام الّذي سلب ، مائة وبضع عشرة ؛ ما بين رمية وطعنة وضربة.
وعن الصادق عليهالسلام : أنه وجد بالحسين عليهالسلام ثلاث وثلاثون طعنة ، وأربع وثلاثون ضربة.
وعن الباقر عليهالسلام : أنه وجد به ثلاثمائة وبضع وعشرون جراحة.
وفي مخطوطة مصرع
الحسين [الموجودة في مكتبة الأسد بدمشق] قال
أبو مخنف : وكان
عليه جبّة خزّ دكناء ، فوقع فيها مائة وثمانون ضربة ، فوصل إلى بدنه الشريف اثنان
وستون ضربة وطعنة.
فرس الحسين عليهالسلام
١٧٥ ـ ما فعله
الفرس عند مصرع الحسين عليهالسلام :
(العيون العبرى في مقتل سيد الشهداء لابراهيم الميانجي ، ص ١٩٣)
ولما صرع الحسين عليهالسلام جعل فرسه يحامي عنه ، ويثب على الفارس [أي من الأعداء]
فيخبطه عن سرجه ويدوسه ، حتى قتل الفرس أربعين رجلا ، كما في (مدينة المعاجز) عن
الجلودي.
ثم تمرّغ الفرس في
دم الحسين عليهالسلام وأقبل يركض نحو خيمة النساء وهو يصهل. فسمعت بنات النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صهيله فخرجن ، فإذا الفرس بلا راكب ، فعرفن أن حسيناعليهالسلام قد قتل.
١٧٦ ـ رجوع فرس
الحسين إلى المخيّم ، ورؤية زينب له :
(الفاجعة العظمى ، ص ١٧١)
في كتاب (تظلّم
الزهراء) : لما سقط الحسين عليهالسلام عن فرسه عفيرا بدمه ، رامقا بطرفه إلى السماء ، وأمّ جواده
إلى الخيام ، وسمعت زينب عليهاالسلام صهيله ، خرجت لاستقباله ، لأنها كانت كلما أقبل أخوها
الحسين عليهالسلام من الحرب تتلقاه وتقع على صدره ، وتقبّله وهو يقبّل رأسها.
فلما رأت الفرس خالية من راكبها ، وعنانها [أي حبل الفرس] يسحب على وجه الأرض ،
خرّت مغشيّا عليها.
فلما أفاقت من
غشوتها ركضت إلى نحو المعركة ، تنظر يمينا وشمالا ، وهي تعثر بأذيالها ، وتسقط على
وجهها من عظم دهشتها. فرأت أخاها الحسين عليهالسلام ملقى على وجه الأرض ، يقبض يمينا وشمالا ، والدم يسيل من
جراحاته كالميزاب ، وكان فيه ثلاثمائة وثمانون جرحا ، ما بين ضربة وطعنة ؛ فطرحت
نفسها على جسده الشريف ، وجعلت تنادي وتقول : وا أخاه ، وا سيداه ، وا أهل بيتاه.
ليت السماء أطبقت على الأرض ، وليت الجبال تدكدكت على السهل. ويحك يا عمر بن سعد ،
أيقتل أبو عبد الله وأنت تنظر إليه؟. فلم يجبها أحد بشيء.
فبينما هي تخاطبه
وإذا بالشمر يضربها بالسوط على كتفيها ، وقال لها : تنحّي عنه وإلا ألحقتك به!.
فجذبها عنه قهرا ، وضربها ضربا عنيفا ، فرجعت إلى المخيم.
١٧٧ ـ ما فعله
الفرس بعد مقتل الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ٩٤)
قال عبد الله بن
العباس : حدّثني من شهد الواقعة أن فرس الحسين عليهالسلام
[بعد مقتله] جعل
يحمحم ويتخطّى القتلى في المعركة ، قتيلا بعد قتيل ، حتى وقف على جثّة الحسين عليهالسلام ، فجعل يمرّغ ناصيته بالدم ، ويلطم الأرض بيده ، ويصهل
صهيلا حتى ملأ البيداء. فتعجب القوم من فعاله.
فلما نظر عمر بن
سعد إلى فرس الحسين قال : يا ويلكم آتوني به ، وكان من جياد خيل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فركبوا في طلبه ، فلما أحسّ الجواد بالطلب ، جعل يلطم
بيده ورجليه ويمانع عن نفسه ، حتى قتل خلقا كثيرا ، ونكّس فرسانا من خيولهم ، ولم
يقدروا عليه. فصاح عمر بن سعد : دعوه حتى ننظر ما يصنع؟.
فلما أمن الجواد
من الطلب ، أتى إلى جثة الحسين عليهالسلام وجعل يمرّغ ناصيته بدمه ، ويبكي بكاء الثكلى ، وثار يطلب
الخيمة.
فلما سمعت زينب
بنت علي عليهماالسلام صهيله عرفته ، فأقبلت على سكينة وقالت لها : قد جاء أبوك
بالماء ، فاستقبليه. فخرجت سكينة فرحة بذكر أبيها ، فرأت الجواد عاريا ، والسرج
خاليا من راكبه ، وهو يصهل وينعى صاحبه.
فهتكت خمارها [أي
شقّته] ونادت : وا أبتاه! وا حسيناه! وا قتيلاه! وا غربتاه! وا بعد سفراه! وا طول
كربتاه!. هذا الحسين بالعرا ، مسلوب العمامة والرّدا ، قد أخذ منه الخاتم والحذا.
بأبي من رأسه بأرض وجثته بأخرى ، بأبي من رأسه إلى الشام يهدى ، بأبي من أصبحت
حرمه مهتوكة بين الأعداء ، بأبي من عسكره يوم الاثنين مضى. ثم بكت بكاء شديدا.
فلما سمعت بنات
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صهيل الجواد خرجن ، فإذا الفرس بلا راكب ، فعرفن أن حسينا
قد قتل. فرفعن أصواتهن بالبكاء والعويل. ووضعت أم كلثوم يدها على رأسها ونادت : وا
محمداه ، وا جداه ، وا نبياه ، وا أبا القاسماه ، وا علياه ، وا جعفراه ، وا حمزتاه
، وا حسناه. هذا حسين بالعرا ، صريع بكربلا ، محزوز الرأس من القفا ، مسلوب
العمامة والرّدا. اليوم مات محمّد المصطفى ، اليوم مات علي المرتضى ، اليوم ماتت
فاطمة الزهرا. ثم غشي عليها.
١٧٨ ـ ما ذا كان
يقول جواد الحسين في صهيله؟ :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٣٥)
عن صاحب (المناقب)
ومحمد بن أبي طالب : أن الفرس [كان] يصهل ويضرب برأسه الأرض عند الخيمة ، حتى مات.
قال أمير المؤمنين
عليهالسلام يوم صفين : ولدي هذا يقتل بكربلا عطشانا ، وينفر فرسه
ويحمحم ، ويقول في حمحمته : الظليمة الظليمة ، من أمة قتلت ابن بنت نبيها ، وهم
يقرؤون القرآن الّذي جاء به إليهم.
* * *
١٧٩ ـ دم الحسين عليهالسلام لا يعادله دم :
(ذيل الروضتين لأبي شامة ، ص ١٨)
في سنة ٥٩٦ ه
توفي بمصر الفقيه شهاب الدين محمّد الطوسي الحنبلي.
قال ابو شامة :
بلغني أنه سئل : أيما أفضل ، دم الحسين (ع) أم دم الحلّاج؟. فاستعظم ذلك ، وقال :
كيف يجوز أن يقال هذا!؟ .. قطرة من دم الحسين عليهالسلام أفضل من مائة ألف دم مثل دم الحلاج.
فقال السائل : إن
دم الحلاج كتب على الأرض (الله) ولا كذلك دم الحسين. فقال الطوسي : المتّهم يحتاج
إلى تزكية.
قلت : وهذا جواب
في غاية الحسن في هذا الموضع ، على أنه لم يصحّ ما ذكر من دم الحلاج.
١٨٠ ـ لماذا صارت
مصيبة يوم عاشوراء أعظم المصائب؟ :
(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢٢٥ ط نجف)
سأل أحدهم الإمام
الصادق عليهالسلام قال : يابن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغمّ
وجزع وبكاء ، دون اليوم الّذي قبض فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واليوم الّذي ماتت فيه فاطمة عليهاالسلام واليوم الّذي قتل فيه أمير المؤمنين عليهالسلام واليوم الّذي قتل فيه الحسن عليهالسلام بالسم؟. فقال : إن يوم الحسين عليهالسلام أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام ، وذلك أن أصحاب الكساء
الذين كانوا أكرم الخلق على الله تعالى ، كانوا خمسة ؛ فلما مضى عنهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام فكان فيهم للناس عزاء وسلوة. فلما مضت فاطمة عليهاالسلام كان في
أمير المؤمنين
والحسن والحسين عليهمالسلام عزاء وسلوة. فلما مضى عنهم أمير المؤمنين عليهالسلام كان للناس في الحسن والحسين عليهماالسلام عزاء وسلوة. فلما مضى الحسن عليهالسلام كان للناس في الحسين عليهالسلام عزاء وسلوة. فلما قتل الحسين عليهالسلام لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة ،
فكان ذهابه كذهاب جميعهم ، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم. فلذلك صار يومه أعظم
مصيبة.
مناد من السماء ينعى الحسين عليهالسلام
١٨١ ـ مناد من
السماء يتوعّد الأمة الضالة عند قتل الحسين عليهالسلام :
(روضة الواعظين للنيسابوري ، ص ١٩٣ ط قم)
قال أبو عبد الله
الصادق عليهالسلام : لما ضرب الحسين بن علي عليهماالسلام بالسيف ، ثم ابتدر [شمر] ليقطع رأسه ، نادى مناد (بعض
الملائكة) من قبل الله رب العزّة تبارك وتعالى ، من بطنان العرش ، فقال : ألا
أيتها الأمة المتحيّرة الظالمة الضالّة بعد نبيّها (القاتلة عترة نبيّها) ، لا
وفّقكم الله (لصوم) ولا فطر ولا أضحى.
ثم قال الصادق عليهالسلام : لا جرم والله ما وفّقوا ولا يوفّقون أبدا ، حتى يقوم
ثائر الحسين عليهالسلام [يقصد الحجة
القائم (عج)].
١٨٢ ـ مناد من
السماء ينعى الحسين عليهالسلام :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٢٩)
يقول أبو مخنف :
إن (الشمر) لما شال الرأس الشريف في رمح طويل ، وكبّر العسكر ثلاث تكبيرات ؛ زلزلت
الأرض ، وأظلمت السموات ، وقطرت السماء دما. ونادى مناد من السماء : قتل والله
الإمام ابن الإمام أخو الإمام. قتل والله الهمام بن الهمام ، الحسين بن علي بن أبي
طالب عليهالسلام. فارتفعت في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة ، فيها ريح
حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاء. فلبثوا كذلك
ساعة ثم انجلت عنهم.
١٨٣ ـ كم تتأخر
الرؤيا؟ :
(مختصر صفوة الصفوة لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ، ص ٦٢)
قيل لجعفر الصادق عليهالسلام : كم تتأخر الرؤيا؟. قال : خمسين سنة ، لأن
__________________
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى كلبا أبقع ولغ في دمه ، فأوّله بأن رجلا يقتل الحسين
ابن بنته. فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين عليهالسلام وكان أبرص ، فتأخرت الرؤيا بعدهصلىاللهعليهوآلهوسلم خمسين سنة.
١٨٤ ـ جرائم وحشية
لم يشهد لها مثيل : (العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٦)
في (مطالب السّؤول)
لمحمد بن طلحة الشافعي قال : ثم احتزّوا رأس سبط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحبّه الحسين عليهالسلام بشبا الحداد ، ورفعوه كما ترفع رؤوس ذوي الإلحاد ، على
رؤوس الصعاد ، واخترقوا به أرجاء البلاد بين العباد ، واستاقوا حرمه وأطفاله أذلاء
من الاضطهاد ، وأركبوهم على أخشاب الأقتاب بغير وطاء ولا مهاد. هذا مع علمهم بأنها
الذرية النبوية ، المسؤول لها بالمودّة ، بصريح القرآن وصحيح الاعتقاد!.
تحقيق من الّذي قتل الحسين عليهالسلام
١٨٥ ـ من الّذي
باشر قتل الحسين عليهالسلام؟ :
يجب أن نفرّق عند
دراسة هذا التحقيق بين أمرين :
الأول : من الّذي
ضرب الحسين عليهالسلام ضربة مميتة حتى صرعه ، أي ألقاه على الأرض.
والثاني : من
الّذي ذبح الحسين عليهالسلام وفصل رأسه عن جسده الشريف ، وهو ما يسمى بالإجهاز عليه أي الإسراع في قتله وتتميمه.
وقد يكون الذبح هو
سبب القتل ، وقد يكون تعجيلا للقتل ، كما حدث للحسينعليهالسلام ، فقد ذبح وبه رمق.
وهذان الأمران مترددان
حسب الروايات بين ثلاثة أشخاص هم :
شمر ـ وسنان ـ وخولي
أما ما يذكر من أن
عمر بن سعد قتل الحسين عليهالسلام فهو من قبيل المجاز ، بمعنى أنه هو الآمر لقتله ، باعتباره
قائد الجيوش التي تولّت قتله ، فيكون هو القاتل حكما لا فعلا.
__________________
والظاهر من
الروايات أن خولي ليس هو القاتل الفعلي ، فيكون أمر صرع الحسينعليهالسلام ثم ذبحه ، دائرا بين شمر وسنان.
والذي أرجّحه أن
القاتل هو (شمر) ، مستدلا بأمور ثلاثة :
١ ـ الشهرة التي
على ألسن الخطباء ، والتي توارثوها أبا عن جدّ ؛ أن قاتل الحسينعليهالسلام هو شمر بن ذي الجوشن.
٢ ـ ما صرّحت به
الزيارة القائمية ، من أن الّذي قتل الحسين عليهالسلام هو الشمر.
٣ ـ أن الثلاثة
المذكورين كانوا قساة أجلافا ، ولكن الشمر كان أجرأهم على القتل وسفك الدماء.
والذي زاد في حقد الشمر على الحسين عليهالسلام قول السبط له أنه رأى النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في منامه ، فقال له : إن الّذي يتولى قتله رجل أبرص أبقع ،
له بوز طويل كبوز الكلب. وهذا ينطبق على الشمر.
يؤيد ما سبق ما
قاله المستشرق رينهارت دوزي في كتابه (مسلمي إسبانيا) حيث قال : لم يتردد الشمر
لحظة في قتل حفيد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حين أحجم غيره عن هذا الجرم الشنيع ، وإن كانوا مثله في
الكفر.
(راجع كتاب حياة
الإمام الحسين عليهالسلام لباقر شريف القرشي ، ج ٣ ص ٢٩٢)
(أقول) : لذلك
عندما أقبل خولي لقتل الحسين عليهالسلام فضعف وأرعد ، قال له شمر : ثكلتك أمك ، ما أرجعك عن قتله؟!.
وأمامي الآن على
الطاولة عشرون رواية ، يمكن أن أستخلص منها النتائج التالية :
١ ـ أن الّذي ضرب
الحسين عليهالسلام بسهم فأوقعه عن ظهر جواده صريعا إلى الأرض ، هو خولي بن
يزيد الأصبحي.
٢ ـ والذي ضرب الحسين
عليهالسلام بالسيف على رأسه (أو بالرمح في حلقه) فصرعه ، هو سنان بن
أنس النخعي.
٣ ـ أما الّذي
أجهز على الحسين عليهالسلام فذبحه وقطع رأسه ، فهو شمر بن ذي الجوشن الضبابي. وبعد
ذبحه دفع الرأس إلى خولي.
فالذين زعموا أن
خولي هو الّذي ذبحه ، فلأنهم رأوا الرأس في يده ، فتوهموا أنه هو الّذي ذبحه ..
فيكون سنان وشمر قد اشتركا في قتله عليهالسلام.
والآن نعرض بعض
أقوال المؤرخين واجتهادات المحققين.
١٨٦ ـ رأي بعض
المحققين فيمن قتل الحسين عليهالسلام :
(تذكرة الخواص ، ص ٢٦٤ ط ٢ نجف)
١) ـ رأي سبط ابن
الجوزي :
قال : وقد اختلفوا
في قاتل الحسين عليهالسلام على أقوال :
أحدها : سنان بن
أنس النخعي (قاله هشام بن محمّد).
والثاني : الحصين
بن نمير ، رماه بسهم ، ثم نزل فذبحه ، وعلّق رأسه في عنق فرسه ، ليتقرب به إلى ابن
زياد.
والثالث : مهاجر
بن أوس التميمي.
والرابع : كثير بن
عبد الله الشعبي.
والخامس : شمر بن
ذي الجوشن.
والأصح أنه سنان
بن أنس النخعي ، وشاركه شمر بن ذي الجوشن.
٢) ـ رأي السيد
باقر شريف القرشي :
(حياة الإمام الحسين ج ٣ ص ٢٩٢)
قال : اختلف
المؤرخون في المجرم الأثيم الّذي أجهز على ريحانة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وهذه بعض الأقوال :
١ ـ سنان بن أنس :
احتزّ رأسه الشريف.
٢ ـ شمر بن ذي
الجوشن.
٣ ـ عمر بن سعد (ذكر
ذلك المقريزي وغيره).
٤ ـ خولي بن يزيد
الأصبحي : احتزّ رأسه.
٥ ـ شبل بن يزيد
الأصبحي.
٦ ـ الحصين بن
نمير (نصّ على ذلك بعض المؤرخين).
٧ ـ المهاجر بن
أوس التميمي (ذكره سبط ابن الجوزي).
٨ ـ كثير بن عبد
الله الشعبي.
ثم يقول : هذه بعض
الأقوال ، والذي نراه أن شمر بن ذي الجوشن ممن تولى قتل الإمام عليهالسلام واشترك مع سنان في حزّ رأسه الشريف.
٣) ـ رأي الفاضل
الدربندي : (أسرار الشهادة ، ص ٤٢٧)
قال : اختلف فيمن
قتل الحسين عليهالسلام ، ولكن الزيارة القائمية صريحة بأنه الشمر. أما خولي وسنان
فلهما مدخلية في القتل. ولذلك قال بعض العلماء : إن القاتل كان ثلاثتهم.
ويؤيد ذلك ما ذكره
البعض الآخر من أن سنان بن أنس النخعي ، وخولي ابن يزيد الأصبحي ، وشمر بن ذي
الجوشن الضبابي ، أقبلوا ومعهم رأس الحسين عليهالسلام ، ومضوا به إلى عمر بن سعد وهم يتحدثون ؛ فخولي يقول : أنا
ضربته بالسيف ففلقت هامته ، والشمر يقول : أنا أبنت رأسه عن بدنه.
(أقول) : وفي هذا
الاجتهاد ، فصل الخطاب وشفاء الفؤاد.
لكن لي نقد بسيط
على الرواية التي أوردها الفاضل الدربندي حيث قال عن سنان : أنا ضربته بالسيف
ففلقت هامته ، ثم قال شمر : أنا أبنت رأسه عن بدنه. فهذه الرواية توحي للسامع بأن
القاتل الفعلي هو سنان ، وأن شمر قطع رأس الحسين عليهالسلام بعد موته. والصحيح أن الحسين عليهالسلام لما ضعف وهو جالس على الأرض ، طعنه سنان بالرمح في ترقوته
وفي صدره ، فسقط صريعا يجود بنفسه. ثم جاء شمر ـ وكان الحسين عليهالسلام به رمق ـ فتكلم معه ، ثم ذبحه قبل أن يموت. فيكون سنان
وشمر مشتركين في قتل الحسين عليهالسلام ، وشمر هو الّذي ذبحه كما يذبح الكبش ، بعد أن أكبّه على
وجهه ، وبدأ يجزّ رأسه من قفاه. فسنان لم يضربه بالسيف على هامته كما ذكر الدربندي
، ولم يكن هو قاتله الفعلي.
٤) ـ رأي المؤرّخ
القرماني : (أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٨)
قال : ثم حمل
الرجال على الحسين عليهالسلام من كل جانب ، وهو يجول فيهم يمينا وشمالا ؛ فضربه زرعة بن
شريك على يده اليسرى ، وضربه آخر على عاتقه ، وطعنه سنان بن أنس بالرمح ، فوقع.
فنزل إليه الشمر
فاحتزّ رأسه ، وسلّمه إلى خولي الأصبحي.
(أقول) : في هذه
الرواية الوصف الفعلي لما حدث للحسين عليهالسلام ، حيث
صرّحت بأن الّذي
صرعه سنان ، والذي ذبحه شمر ، ثم سلّمه إلى خولي فرفعه. فتوهم بعضهم أن خولي هو
الّذي تولى ذبحه.
٥) ـ رأي فخر
الدين الطريحي : (المنتخب للطريحي ، ص ٣٧ ط ٢)
قال : طعنه سنان
بالسنان فصرعه إلى الأرض ، فابتدر إليه خولي ليحتزّ رأسه ، فارتعد ورجع عن قتله.
فقال له الشمر : فتّ الله عضدك ، ما لك ترعد؟. ثم إن الشمر نزل عن فرسه ودنا إلى
الحسين عليهالسلام فذبحه كما يذبح الكبش. ألا لعنة الله على القوم الظالمين.
وفي الصفحة ٤٩٣ من
(المنتخب) قال : طعنه سنان بسنانه ، ورماه خولي بسهم ميشوم ، فوقع في لبّته ، وسقط
عن ظهر جواده إلى الأرض يجول في دمه ، فجاءه الشمر فاحتزّ رأسه بحسامه ، ورفعه فوق
قناته.
٦) ـ رأي الشيخ
عبد الله الشبراوي : (الإتحاف بحب الأشراف ص ٥٣)
قال : ثم إن سنان
بن أنس النخعي حمل على الحسين عليهالسلام في تلك الحالة وطعنه برمح ، وقال لخولي بن يزيد الأصبحي :
احتزّ رأسه ، فأرعد وضعف. فنزل عليه شمر وذبحه ، وأخذ رأسه ودفعه إلى خولي.
٧) ـ رأي الطبري
وابن الأثير : (تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢٦٠ ط ١ مصر)
قال الطبري : ثم
انصرفوا ، وهو عليهالسلام ينوء ويكبو.
قال الراوي : وحمل
عليه في تلك الحال سنان بن أنس بن عمرو النخعي ، فطعنه بالرمح فوقع. ثم قال لخولي
بن يزيد الأصبحي : احتزّ رأسه ، فأراد أن يفعل فضعف وأرعد. فقال له سنان بن أنس :
فتّ الله عضديك وأبان يديك. فنزل إليه فذبحه واحتز رأسه ، ثم دفعه إلى خولي بن
يزيد.
٨) ـ رأي السيد
إبراهيم الميانجي : (العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٥)
قال : وطعنه سنان
بن أنس بالرمح فوقع ، فنزل إليه شمر فاحتزّ رأسه ، وسلّمه إلى خولي الأصبحي.
وفي (اللهوف) : إن
سنان بن أنس ضربه بالسيف في حلقه الشريف ، ثم احتزّ رأسه المقدس. ثم انتهبوا سلبه.
وعن (تظلم الزهراء)
: إن المروي عن الإمام علي بن الحسين عليهالسلام أن القاتل سنان ؛ ولكن الأشهر أنه شمر ، كما في زيارة
الناحية المقدسة.
تحقيق اليوم الّذي
قتل فيه الحسين عليهالسلام
١٨٧ ـ في أيّ يوم
قتل الحسين عليهالسلام :
اتفق الرواة
والمؤرخون على أن شهادة الحسين عليهالسلام كانت يوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه. ولكن اختلفوا في
اليوم ، والأغلب أنه كان يوم الجمعة.
قال ابن شهر اشوب
في مناقبه ، ج ٣ ص : استشهد عليهالسلام يوم السبت العاشر من المحرم قبل الزوال ، ويقال يوم الجمعة
بعد صلاة الظهر. وقيل يوم الاثنين ، بطف كربلاء بين نينوى والغاضرية. ودفن بكربلاء
من غربي الفرات.
وأما السيد الأمين
في (أعيان الشيعة) ج ٤ ص ٢٨٨ فيرجّح ما حققه أبو الفرج الاصفهاني في (مقاتل
الطالبيين) من أن شهادته عليهالسلام كانت يوم الجمعة عاشر محرم بعد صلاة الظهر. وينفي ما ذكره
المفيد من أن عمره كان ٥٨ سنة ، بل ٥٧ سنة.
وأما اليعقوبي في
تاريخه ، ج ٢ ص ٢٤٣ فيقول : وكان مقتله عليهالسلام لعشر ليال خلون من المحرم سنة ٦١ ه. واختلفوا في اليوم ،
فقالوا : يوم السبت ، وقالوا : يوم الاثنين ، وقالوا : يوم الجمعة. وكان من شهور
العجم في تشرين الأول.
١٨٨ ـ الأشهر أن
مقتل الحسين عليهالسلام كان يوم الجمعة :
(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٣٢٧)
قال أبو الفرج
الاصفهاني في (مقاتل الطالبيين) : كان مولده عليهالسلام لخمس خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة. وقتل يوم الجمعة
لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين ، وله ست وخمسون سنة وشهور.
وقيل : قتل يوم
السبت ، والذي ذكرناه أولا أصح.
وأما ما نقله
العامة من أنه قتل يوم الاثنين فباطل ، هو شيء قالوه بلا رواية. وكان أول المحرم
الّذي قتل فيه عليهالسلام يوم الأربعاء. أخرجنا ذلك بالحساب الهندي من سائر الزيجات [أي
قوائم الحسابات الفلكية] ، وإذ كان ذلك كذلك ، فليس يجوز أن يكون اليوم العاشر من
المحرم يوم الاثنين.
قال أبو الفرج :
وهذا دليل صحيح واضح ، تنضاف إليه الرواية.
١٨٩ ـ التحقيق
الفلكي ليوم مقتله الشريف :
(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٣)
قال اليعقوبي :
وكانت الشمس يومئذ في الميزان ، سبع عشرة درجة وعشرين دقيقة. والقمر في الدلو ،
عشرين درجة وعشرين دقيقة. وزحل في السرطان ، تسعا وعشرين درجة وعشرين دقيقة.
والمشتري في الجدي ، اثنتي عشرة درجة وأربعين دقيقة. والزهرة في السنبلة ، خمس
درجات وخمسين دقيقة. وعطارد في الميزان ، خمس درجات وأربعين دقيقة. والرأس في
الجوزاء ، درجة وخمسا وأربعين دقيقة.
الباب السابع
حوادث ما بعد الشهادة
ويتضمن الأمور
التالية :
الفصل ٢٥ ـ آيات كونية :
ـ أهوال يوم
العاشر
ـ مشاركة الدنيا
في الحزن والبكاء على الحسين عليهالسلام
ـ حزن أم سلمة
والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وفاطمة عليهاالسلام على الحسين عليهالسلام
الفصل ٢٦ ـ حوادث بعد الشهادة :
ـ ترتيب الحوادث
من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر
حوادث بعد ظهر يوم
العاشر من المحرم :
ـ سلب الحسين عليهالسلام
ـ نهب الخيام
وحرقها
ـ الناجون من
القتل
ـ وطء الخيل لجسد
الحسين عليهالسلام
ـ تراجم وأنساب
بعض قتلة الحسين عليهالسلام
الفصل ٢٧ ـ مسيرة الرؤوس والسبايا إلى
الكوفة :
عشية اليوم العاشر
من المحرم :
ـ حال السبايا
مساء اليوم العاشر
ـ تسيير رؤوس
الشهداء إلى الكوفة
اليوم الحادي عشر
من المحرم :
ـ تسيير السبايا
إلى الكوفة
مساء اليوم الثاني
عشر :
ـ وصول الرؤوس
والسبايا إلى ضاحية الكوفة
اليوم الثالث عشر
من المحرم :
ـ دخول موكب
الرؤوس والسبايا إلى الكوفة
ـ خطب في الكوفة :
خطبة زينب الكبرى وفاطمة الصغرى وأم كلثوم وزين العابدينعليهالسلام
ـ دفن جسد الحسين عليهالسلام والشهداء رضي الله عنهم
ـ إدخال رأس
الحسين عليهالسلام والعترة الطاهرة على ابن زياد
ـ محاورة زينب
وملاسنة زين العابدين عليهالسلام لابن زياد
اليوم الرابع عشر
وما بعده :
ـ خبر عبد الله بن
عفيف الأزدي
ـ تطويف الرأس
الشريف في سكك الكوفة
ـ صلب الرأس
وكلامه
ـ نعي الحسين عليهالسلام في المدينة
الباب السابع
حوادث ما بعد الشهادة
مقدمة الباب
التاسع :
ما أن فاضت روح
الإمام الحسين عليهالسلام مسرعة إلى الرفيق الأعلى ، زاهدة بالدنيا الفانية وأهلها ،
حتى لبست الدنيا ثوب الحداد على سيد الشهداء عليهالسلام. فبكت عليه الأرض والسماء والملائكة والجن ، وحدثت آيات
كونية تدل على منزلة الحسين عليهالسلام ومركزيته في هذا الكون.
ولم تكتف طغمة
الفجّار والكفار ، بقتل الحسين عليهالسلام وذبحه ، وقتل أهله وأصحابه ، وسبي نسائه وأطفاله ، حتى
قاموا بدافع من الحقد الطاغي بسلب الحسين عليهالسلام ألبسته ، ونهب خيامه وحرقها. وأشدّها ألما وتأثيرا على
النفس رضّ صدر الحسين عليهالسلام ووطؤه بسنابك الخيل ، حتى تفتّت أجزاء جسده ، وطحنت جناجن
صدره. وكان العشرة الذين انتدبوا لهذا العمل كلهم أبناء حرام.
وبات السبايا
والأطفال عليهالسلام بحماية زينب العقيلة عليهاالسلام ليلة الحادي عشر من المحرم في خيمة منفردة في كربلاء ،
ومعهم الإمام زين العابدين عليهالسلام يعالج سكرات المرض. واستطاعت العقيلة عليهاالسلام أن تتحمل كل هذه المآسي وتواجه كل هذه الكوارث ، بقلب ثابت
وجنان ثاقب ، حتى سمّيت «بطلة كربلاء».
وبينما كان القمر
ينير صفحة السماء والأرض ، كان جنود عمر بن سعد يعدّون رؤوس الشهداء عليهالسلام ويعيّنون قاتليهم حتى ينالوا الجوائز. وتحت جناح الليل
ساروا بالرؤوس ـ وعددها يتجاوز السبعين ـ حتى أوصلوهم إلى عبيد الله بن زياد في
الكوفة.
وفي اليوم الحادي
عشر من المحرم ، سيّروا السبايا إلى الكوفة بعد أن مرّوا بهم على أجساد الشهداء عليهمالسلام. وعندما دخل السبايا إلى الكوفة خطبت زينب عليهاالسلام بالجمع المحتشد من أهل الكوفة ، ثم تابعتها فاطمة الصغرى
بنت الإمام
الحسين عليهماالسلام وأم كلثوم بنت علي عليهاالسلام ، ثم خطب بهم الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو متحامل على مرضه.
ولما عرضت السبايا
على ابن زياد ، أمر بهم فوضعوا في السجن. ومن هناك خرج الإمام زين العابدين عليهالسلام بقدرة إلهية متوجها إلى كربلاء ليقوم بمهمة دفن جسد أبيه
الحسينعليهالسلام وبقية الشهداء من أهل البيت عليهمالسلام والأصحاب.
ثم قام ابن زياد
بتطويف رأس الحسين وأنصاره عليهالسلام في طرق الكوفة ، مفتخرا بنصره وإنجازه. وأثناء ذلك مرّ
الرأس الشريف وهو محمول على الرمح (بزيد بن أرقم) فخاطبه زيد ، فردّ عليه الرأس
بآية من القرآن.
ثم أمر بالرأس
الشريف فصلب شامخا بالعلاء ، حزينا على بني الإنسان ، الذين أضاعوا الإيمان
والوفاء والصدق والاحسان.
وفي الأثناء كانت
القارورة التي قد أودعها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عند أم سلمة ، وهي مليئة بتراب من كربلاء ، كانت تفور دما
قانيا ، فعلمت منه أم سلمة أن ريحانة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم قد استشهد. فأبلغت أهل المدينة بالنبأ قبل وصوله ، فبدأت
بيوت المسلمين فيها بإقامة العزاء على فقيدها الغالي.
وإذا حزنت أم سلمة
رضي الله عنها وأهل المدينة على مقتل الحسين عليهالسلام ، فكيف لا يحزن عليه جده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبوه علي عليهالسلام وأمه الزهراء عليهاالسلام ، وهم في عالم الخلود يرزقون!. وإذا كنا مسلمين حقا ، فمن
منا لا يحزن لحزن النبي وأهل البيت عليهمالسلام ، ومن لا يبكي على مصابهم؟!.
الفصل الخامس والعشرون
آيات كونية
ويتضمن هذا الفصل
:
١ ـ كرامات صدرت
عن سيد الشهداء عليهالسلام
٢ ـ أهوال اليوم
العاشر
٣ ـ حوادث كونية
غير عادية :
ـ بكاء السماء دما
ـ بكاء السماء
والأرض
ـ بكاء الملائكة
والجن
ـ بكاء كل شيء لمقتل
الحسين عليهالسلام
ـ بكاء الحيوانات
: قصة الغراب الملطّخ بالدم
ـ بكاء النبات
والشجر : قصة العوسجة المباركة
٤ ـ الذين رأوا
الحسين عليهالسلام في المنام بعد مقتله :
ـ حزن أم سلمة رضي
الله عنها
ـ رؤيا أم سلمة
وابن عباس رضي الله عنهما وحزن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ـ حزن فاطمة
الزهراء عليهاالسلام.
الفصل الخامس والعشرون
آيات كونيّة
١٩٠ ـ ما حصل من
الآيات الباهرة بعد استشهاد الحسين عليهالسلام :
(أسرار الشهادة ، ص ٤٢٩)
قال الفاضل
الدربندي : إن ما حصل من حين شهادة سيد الشهداء عليهالسلام من الأمور العظيمة والآثار العجيبة ، وخوارق العادات
الباهرة والآيات الظاهرة الساطعة ، والكرامات والمعجزات الجليلة القاهرة ؛ بل من
حين سقوطه عليهالسلام عن جواده ، إلى أن رجع أهل البيت عليهمالسلام من الشام إلى المدينة ـ مما هو خارج من حدّ العدّ
والإحصاء.
فمنها ما يتعلق بالرأس
الشريف ، ومنها ما يتعلق بواحد من هذه الأمور المذكورة. ومنها ما وقع في عالم
الغيب ، أي عالم البرزخ والجنان والميزان ، ومنها ما يتعلق بهذا العالم. والأخيرة
منها إما سماوية أو أرضية. وهذه إما وقعت وانقضت بعد مدة ، أو من الأمور الباقية
إلى يوم القيامة. ومن هذا القسم الأخير ، الحمرة التي ترى في الشفق في السماء.
وإن شئت أن تعبّر
بعبارة أخرى ، فقل : إن شهادة سيد الشهداء عليهالسلام قد أعقبت في عوالم الإمكان أمورا عظيمة ، مبتدئة من العرش
والكرسي وأهل الملكوت والملأ الأعلى ، منتهية إلى ما تحت الثرى.
١٩١ ـ معجزات صدرت
عن سيد الشهداء عليهالسلام :
(أسرار الشهادة ، ص ١٧٦)
وقال الفاضل
الدربندي : إن معجزات الحسين عليهالسلام هي كمناقبه وفضائله مما لا يحصى. منها ما كان في حياة جده
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبيه الإمام علي عليهالسلام ، ومنها بعدهما. ومنها قبل مسيره إلى كربلاء ، وبعضها
أثناء خروجه حتى وصوله كربلاء وإلى أن قتل فيها. فقد صدر منه فيها أزيد من مئة
معجزة. وفي يوم عاشوراء إلى غروب الشمس صدر منه أزيد من ألف معجزة.
وبعد استشهاده عليهالسلام حدثت معجزات جمّة ؛ منها صيحة جبرئيل ومشيه في الميدان
باكيا نائحا ، وكسوف الشمس ، وغلبة الظلمة ، وطيران النجوم ، وإرعاد السماء ،
وإمطارها دما عبيطا [أي طريا لا يجمد) ، ووجود الدماء العبيطة تحت كل حجر ومدر في
جميع أصقاع الأرض ، وكون جدران بيوت جملة من البلدان كالملاحف المعصفرة ، وزلزلة
الأرض ، وبكاء جميع الموجودات ، مما يرى ومما لا يرى ، وتلاطم البحار ، وخروج
الحيتان منها إلى الأرض ، وسقوط الطيور من الهواء إلى الأرض ، وظهور العلامات
العجيبة في كل ناحية من الأرض ... إلى غير ذلك مما لا يعدّ ولا يحصى.
ثم إن ما صدر من
جسده الشريف المطروح في أرض كربلاء ، حين نزول أرواح أصحاب الكساء وغيرهم من
الأنبياء والصدّيقين والصدّيقات ، وكذا الملائكة المقربين لزيارته ، وفي غير تلك
الأوقات ، مما في غاية الكثرة.
ثم إن ما صدر من
رأسه الشريف من حين إبانته من الجسد الشريف ، إلى أن يدفن ، أكثر من أن يحصى أو
يستقصى. وهكذا المعجزات الصادرة عن الدماء السائلة من رأسه الشريف في كل موضع نزل
به.
ثم لا يخفى ما حصل
لكل ناقة وجمل وكل شيء نهب في كربلاء من أموال آل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، من آيات ساطعة وبيّنات قاطعة. ومنه صيرورة الزعفران
الّذي سرقوه نارا ، ومن وضع منه على جسمه صار أبرصا. ولما ذبحوا البعير صار نارا ،
ولما طبخوه كان طعم لحمه علقما.
١٩٢ ـ أهوال يوم
العاشر من المحرم :
(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٨)
يقول الشيخ حبيب
آل إبراهيم رحمهالله :
يوم العاشر من
المحرم ، يوم لم يجر في العالم مثله ، ولم يمرّ على نبي أو وصيّ نبي نظيره ، فلقد لاقى
الحسين عليهالسلام في نفسه وأهله وأصحابه النجوم الزواهر ، ما لم يلاقه أحد ،
وقاسى ما لم يقاسه بشر ، ولم يخرج في كل أحواله عن طاعة الله ، ولا مال عن مرضاته
طرفة عين. والأفعال التي ارتكبها فيه أعداؤه ، والهمجية التي أبدوها ، والظلم
الّذي تعمّدوه ، والغشم الّذي تقصّدوه ،
لم يكن ولا وقع
ولا أظن أنه يقع نظيره من أحد أبدا. فحقيق بأن يظهر الله تعالى
عنده من المخاوف
والقوارع والزلازل والأهوال ، ما فيه عظة للخلق وعبرة للعالمين.
لقد أهلك الله (ثمود)
عندما عقروا الناقة ، وأنزل (بعاد) العذاب لما تمرّدوا على نبيهم هود عليهالسلام ، وأغرق قوم نوح عليهالسلام بالطوفان ، ودمّر قوم لوط عليهالسلام ، ومسخ من بني إسرائيل قردة وخنازير ، وأهلك فرعون وجنوده
في اليم. ولقد أنبأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه يجري على هذه الأمة ما جرى في بني إسرائيل ، حذو
القذّة بالقذّة والنعل بالنعل ، فكيف يستبعد فعل الله وتنكيله ونزول
المخاوف والأهوال بقوم قتلوا ابن بنت نبيهم صلىاللهعليهوآلهوسلم وسيد شباب أهل الجنة ، وجزّروا آله وأصحابه مصابيح أهل
الأرض ، كما تجزّر الأضاحي؟!.
١٩٣ ـ حديث كعب
الأحبار عن فداحة خطب الحسين عليهالسلام وعلائم مصرعه :
(مثير الأحزان للجواهري ، ج ١ ص ٢٩)
وفي (البحار) عن
كعب الأحبار ، حين سأله الناس عن الفتن التي ستصدر ، إلى أن قال : وأعظمها فتنة
وأشدها مصيبة لا تنسى إلى أبد الآبدين ، مصيبة الحسين ، وهي الفساد الّذي ذكره
الله تعالى في كتابه حيث قال : (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) [الروم : ٤١]. أو
لا تعلمون أنه يفتح يوم قتله أبواب السموات ويؤذن للسماء بالبكاء ، فتبكي دما!.
فإذا رأيتم الحمرة في السماء قد ارتفعت ، فاعلموا أن السماء تبكي حسينا. فقيل : يا
كعب ، لم لا تفعل السماء كذلك ولا تبكي دما لقتل الأنبياء؟!. فقال : ويحكم إن قتل
الحسين عليهالسلام أمر عظيم ، وإنه ابن سيد المرسلينصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنه يقتل علانية مبارزة ظلما وعدوانا ، ولا تحفظ فيه
وصية جده رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو مزاج مائه وبضعة لحمه ، يذبح بعرصة كربلاء. فو الذي
نفس كعب بيده لتبكيه زمرة من الملائكة في السموات السبع ، لا يقطعون بكاءهم إلى
آخر الدهر. وإن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع. وما من نبيّ إلا ويأتي إليها
ويزورها ويبكي على مصابه ... وإنه يوم قتله تنكسف الشمس وينخسف القمر وتدوم الظلمة
على الناس ثلاثة أيام ، وتمطر السماء دما ، وتدكدك الجبال
__________________
وتغطمط البحار ، ولو لا بقية من ذريته وطائفة من شيعته الذين
يطلبون بدمه ويأخذون بثأره ، لصب الله عليهم نارا من السماء أحرقت الأرض ومن
عليها.
١٩٤ ـ سلمان
الفارسي رضي الله عنه يؤكد حديث كعب الأحبار :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٧١)
قال هبيرة بن يريم
: حدثني أبي قال : لقيت سلمان الفارسي فحدّثته بهذا الحديث ، فقال سلمان : لقد
صدقك كعب ... والذي نفس سلمان بيده ، لو أني أدركت أيامه [أي الحسين عليهالسلام] لضربت بين يديه بالسيف أو أقطّع بين يديه عضوا عضوا ،
فأسقط بين يديه صريعا ، فإن القتيل معه يعطى أجر سبعين شهيدا ، كلهم كشهداء بدر
وأحد وحنين وخيبر.
ثم قال سلمان : يا
يريم ، ليت أم سلمان أسقطت سلمان ، أو كان حيضة ، ولم يسمع بقتل الحسين بن فاطمة عليهماالسلام. ويحك يا يريم ، أتدري من حسين؟. حسين سيد شباب أهل الجنة
على لسان محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وحسين لا يهدأ دمه حتى يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى ،
وحسين من تفزع لقتله الملائكة. ويحك يا يريم ، أتعلم كم من ملك ينزل يوم يقتل
الحسين عليهالسلام ويضمه إلى صدره ، وتقول الملائكة بأجمعها : إلهنا وسيدنا ،
هذا فرخ رسولك ومزاج مائه وابن بنته. يا يريم إن أنت أدركت أيام مقتله ، واستطعت
أن تقتل معه ، فكن أول قتيل ممن يقتل بين يديه ، فإن كل دم يوم القيامة يطالب به ،
بعد دم الحسين ودماء أصحابه الذين قتلوا بين يديه. وانظر يا يريم إن أنت نجوت ولم
تقتل معه فزر قبره ، فإنه لا يخلو من الملائكة أبدا. ومن صلّى عند قبره ركعتين
حفظه الله من بغضهم وعداوتهم حتى يموت.
قال هبيرة : فأما
سلمان فمات بالمدائن في خلافة عمر بن الخطاب ، وأما (يريم) فإنه لم يلحق لذلك.
حوادث كونية غير عادية
١٩٥ ـ تغيّر مظاهر
الكون لمقتل الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٧١ إليها
يقول السيد عبد
الرزاق المقرّم : ولأجل بقاء الحسين عليهالسلام عار على وجه
__________________
الصعيد ثلاثا ،
وهو علّة الكائنات لاشتقاقه من نور النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي هو علة العلل ، المتفرّع من الشعاع الإلهي الأقدس ؛
أظلمت الدنيا ثلاثة أيام واسودّت سوادا عظيما ، حتى ظنّ الناس أن القيامة قامت ، وبدت الكواكب نصف النهار ، وأخذ بعضها يضرب بعضا ولم ير نور الشمس ، ودامت الدنيا على هذا ثلاثة أيام .
ولا غرابة في
اضمحلال نور الشمس في المدة التي كان فيها سيد شباب أهل الجنة عاريا على وجه
الصعيد ، إذ هو العلة في مجرى الكون ، لما عرفت من اشتقاقه من الحقيقة المحمدية ،
التي هي علة العلل ، والعقل الأول ...
وإذا صحّ الحديث
بتغيّر الكون لأجل إبراز عظم نبيّ من الأنبياء ، حتى غامت السماء وأمطرت ، وحين
استقى به أحد علماء النصارى في سرّ من رأى مع أنه لم يكشف عن جسد ذلك النبي ولا كانت أعضاؤه مقطّعة ؛
فإذن كيف لا يتغير الكون ولا يمحى نور الشمس والقمر ، وقد ترك سيد شباب أهل الجنة
على وجه الصعيد مجرّدا ، ومثّلوا بذلك الهيكل القدسي كلّ مثلة؟!.
ثم يقول السيد
المقرّم ، ص ٣٧٤ : بلى لقد تغيّرت أوضاع الموجودات واختلفت
__________________
الكائنات ، فبكته
الوحوش وجرت دموعها رحمة له ... ومطرت السماء دما فأصبحت الحباب [جمع حب : وهو الجرة الكبيرة] والجرار وكلّ
شيء ملآن دما وحتى بقي أثره على البيوت والجدران مدة ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط حتى في بيت المقدس .
ولما دخل الرأس
المقدس إلى قصر الإمارة ، سالت الحيطان دما وخرجت نار من بعض جدران قصر الإمارة ، وقصدت عبيد الله بن
زياد ، فقال لمن حضر عنده : اكتمه وولّى هاربا منها ، فتكلم الرأس الشريف بصوت جهوري : إلى
أين تهرب يا ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا فهي في الآخرة مثواك ، ولم يسكت الرأس
حتى ذهبت النار ، فأدهش من في القصر .
ومكث الناس شهرين
أو ثلاثة يرون الجدران ملطّخة بالدم ، ساعة تطلع الشمس وعند غروبها . إلى حوادث عديدة ، مثل الغراب المتلطّخ بدم الحسين عليهالسلام ، وقصة العوسجة المباركة ...
__________________
١٩٦ ـ غضب الدنيا
لمصرع الإمام الحسين عليهالسلام والصفوة المختارة من صحبه :
يقول أبو مخنف في
مقتله ، ص ٩٣ : وتزلزلت الأرض لمصرع الحسين عليهالسلام ، وأظلم الشرق والغرب ، وأخذت الناس الرجفة والصواعق ،
وأمطرت السماء دما عبيطا [أي خالصا طريا] ... ولم تمطر السماء دما إلا ذلك اليوم
ويوم شرح فيه يحيى بن زكريا عليهالسلام.
وجاء في (لواعج
الأشجان) للسيد الأمين ، ص ١٩٠ : أنها أظلمت الدنيا ثلاثة أيام بعد مقتل الحسين عليهالسلام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تر الحمرة في السماء قبل
قتل الحسين ، وهي تدل على غضب السماء لمقتله عليهالسلام.
وقال السدّي : لما
قتل الحسين عليهالسلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها ، وأمطرت السماء دما يوم قتله
، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت. وما قلع حجر بالشام (وفي رواية : في الدنيا)
إلا وجد تحته دم عبيط. ومكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما تلطخ الحيطان بالدماء من
ساعة طلوع الشمس إلى غروبها.
وجاء في (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٧ : وارتفعت في السماء ـ في ذلك الوقت ـ غبرة شديدة مظلمة ،
فيها ريح حمراء ، لا يرى فيها عين ولا أثر ، حتى ظنّ القوم أن العذاب قد جاءهم ،
فلبثوا بذلك ساعة ثم انجلت عنهم.
وفي (العيون
العبرى) للميانجي ، ص ١٨٩ : ومما ظهر يوم قتله من الآيات ؛ أن السماء اسودّت
اسودادا عظيما ، حتى رؤيت النجوم نهارا ، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دم عبيط.
وفي (تاريخ
الخلفاء) للسيوطي ، ص ٢٠٧ : لما قتل الحسين عليهالسلام مكثت الدنيا سبعة أيام ، والشمس على الحيطان كالملاحف
المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضا.
وفي (فرائد
السمطين) للحمويني ، ج ٢ ص ١٦٦ ، عن كتاب (دلائل النبوة) لأبي بكر الشاشي [٢٩١ ـ ٣٦٥
ه] بإسناده عن أم سالم خالة جعفر ابن سليمان ، قالت : لما قتل الحسين عليهالسلام مطرنا مطرا على البيوت والحيطان كالدم ، فبلغني أنه كان
بالبصرة وبالكوفة وبالشام وبخراسان ، حتى كنا لا نشك أنه سينزل العذاب.
بكاء السماء
١٩٧ ـ اشتراك
السماء بحمرة شفقها في البكاء على الحسين عليهالسلام :
(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٤٠)
عن ابن سيرين : أن
الدنيا أظلمت بعد قتل الحسين عليهالسلام ثلاثة أيام ، ثم ظهرت الحمرة في السماء ، ولم تكن تظهر قبل
ذلك.
وعن الثعلبي : أن
السماء بكت ، وبكاؤها حمرتها.
وعن غيره : أن
آفاق السماء احمرّت بعد قتله عليهالسلام ستة أشهر ، ثم لا زالت الحمرة ترى بعد ذلك.
وعن ابن سعد : أن
هذه الحمرة لم تر في السماء قبل قتله عليهالسلام .
وإلى ذلك يشير أبو
العلاء المعري بقوله :
(شرح التنوير على سقط الزند)
وعلى الدهر من
دماء الشهي
|
|
دين : عليّ
ونجله ، شاهدان
|
فهما في أواخر
الليل فج
|
|
ران ، وفي
أولياته شفقان
|
ثبتا في قميصه ليجيء الحش
|
|
ر مستعديا إلى
الرحمن
|
وجمال الأوان
عقب جدود
|
|
كلّ جدّ منهم
جمال أوان
|
يابن مستعرض
الصفوف ببدر
|
|
ومبيد الجموع من
غطفان
|
أحد الخمسة
الذين هم الأغ
|
|
راض في كل منطق
والمعاني
|
والشخوص التي
خلقن ضياء
|
|
قبل خلق المرّيخ
والميزان
|
قبل أن تخلق
السموات وال
|
|
أرض ويؤذن لهنّ
بالدوران
|
وبهم فضّل
المليك بنو حوّ
|
|
اء حتى سموا على
الحيوان
|
وفي (مناقب ابن
شهر اشوب) ج ٣ ص ٢١٢ ط نجف :
قال السدي : لما
قتل الحسين عليهالسلام بكت عليه السماء ، وعلامتها حمرة أطرافها.
__________________
وعن زرارة بن أعين
عن الصادق عليهالسلام قال : بكت السماء على يحيى بن زكريا وعلى الحسين بن علي عليهالسلام أربعين صباحا ، ولم تبك إلا عليهما. قلت : فما بكاؤها؟.
قال : كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء.
وعن الأسود بن قيس
: لما قتل الحسين عليهالسلام ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب ، فكادتا
تلتقيان في كبد السماء ، ستة أشهر.
وفي (تاريخ
النّسوي) عن أبي قبيل : أنه لما قتل الحسين بن علي عليهماالسلام كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننا أنها
هي
[أي القيامة].
وفي (الإتحاف بحب
الأشراف) للشبراوي ص ٧٤ ، قال الحسن الكندي : لما قتل الحسين عليهالسلام مكثنا أياما سبعة ، إذا صلينا العصر نظرنا الشمس على
الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب كأنها يضرب بعضها بعضا.
١٩٨ ـ ماذا تعني
حمرة السماء؟ :
(الإتحاف بحبّ الأشراف للشبراوي ص ٤٢)
عن ابن سيرين : أن
الحمرة التي مع الشفق لم تكن حتى قتل الحسين (ع)». ولعل المراد بها شدة الحمرة
وزيادتها ، فلا ينافي الأحاديث التي علّقت دخول وقت العشاء بمغيب الشفق الأحمر [وذلك
أن السنة يعتبرون وقت صلاة المغرب من مغيب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر الغربي ،
ثم يدخل وقت العشاء ، بينما يعتبر الشيعة هذه الفترة وقت فضيلة المغرب].
قال ابن الجوزي :
وحكمة ذلك [أي حمرة السماء] أنّ غضبنا يؤثّر حمرة الوجه ، والحقّ سبحانه تنزّه عن
الجسمية ، فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين عليهالسلام بحمرة الأفق ، إظهارا لعظيم الجناية».
بكاء السماء والأرض
١٩٩ ـ بكاء السماء
على المؤمن : (فرائد السمطين للحمويني ، ص ١٦٨)
من كتاب (خلاصة
التفاسير) في تفسير قوله تعالى : (فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان : ٢٩] :
وذلك أن المؤمن إذا مات بكت عليه السماء والأرض أربعين صباحا. قال عطاء : بكاؤها
حمرة أطرافها.
٢٠٠ ـ تفسير الآية
: (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) : (أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)
في (المنتخب) عن
ابن عباس في تفسير قوله تعالى : (فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) [الدخان : ٢٩] أنه
إذا قبض الله نبيا بكت عليه السماء والأرض أربعين سنة ، وإذا مات إمام من الأئمة
الأوصياء بكت عليه السماء والأرض أربعين شهرا ، وإذا مات العالم العامل بعلمه بكتا
أربعين يوما عليه. وأما الحسين عليهالسلام فتبكي عليه السماء والأرض طول الدهر. وتصديق ذلك أن يوم
قتله قطرت السماء دما ، وأن هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتل الحسين عليهالسلام ولم تر قبله أبدا ، وأن يوم قتله لم يرفع حجر من الدنيا
إلا وجد تحته دم.
وروي في أول الجزء
الخامس من (صحيح مسلم) في تفسير قوله تعالى : (فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) [الدخان : ٢٩] قال
: لما قتل الحسين عليهالسلام بكت السماء ، وبكاؤها حمرتها.
وفي (ينابيع
المودة) ج ٢ ص ٣ ، عن إبراهيم النخعي قال : خرج علي عليهالسلام فجلس في المسجد [رحبة الكوفة] ، واجتمع أصحابه. فجاء
الحسين عليهالسلام فوضع يده على رأسه ، فقال : يا بنيّ إن الله ذمّ أقواما في
كتابه ، فتلا الآية من سورة الدخان (فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢٩) [الدخان : ٢٩].
وقال : يا بنيّ لتقتلنّ من بعدي ، ثم تبكيك السماء والأرض. وما بكت السماء والأرض
إلا على يحيى بن زكريا عليهالسلام ، وعلى الحسين ابني.
٢٠١ ـ بكاء السماء
والأرض لمقتل الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين ، ج ١ ص ١٠٤)
يقول الشيخ محمّد
مهدي المازندراني بعد أن ذكر الآية (فَما بَكَتْ
عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ) (٢٩) [الدخان : ٢٩]
: ولقد بكت السماء والأرض لقتل الحسين عليهالسلام زمنا طويلا. (في رواية) : بكتا أربعين صباحا ، (وفي رواية)
: ستة أشهر ، (وفي رواية) : سنة كاملة ، (وفي رواية) : سنة وتسعة أشهر.
وفي كيفية بكائهما
اختلاف في الأخبار.
فأما بكاء السماء (ففي
رواية) مكثت سنة وتسعة أشهر مثل العلقة مثل الدم ، بحيث أن الشمس تطلع في حمرة
وتغيب في حمرة ، أو بحيث لا ترى الشمس فيها ، ولا زالت الحمرة ترى بعد ذلك مع
الشفق ، ولم تكن قبل قتله.
(وفي رواية) :
أمطرت ترابا أحمر ، (وفي رواية) : أمطرت رمادا ، (وفي خبر) : أمطرت دما ...
والأرض بكت
بالسواد وبالحمرة والدم. فقيل : ما رفع حجر ولا مدر ولا صخر إلا رؤي تحته دم يغلي
، واحمرت الحيطان كالعلق ، فوجد الدم تحت كل حصاة قلبت في بيت المقدس ، هو لبكائها
على الحسين عليهالسلام.
واسودت السماء يوم
قتل الحسين عليهالسلام اسودادا عظيما ، واشتبكت النجوم ، وانكسفت الشمس ثلاثا ،
حتى رؤيت النجوم نهارا ، ثم تجلّت عنها. فليت أن الشمس لم تطلع وتركت الدنيا مظلمة
، لأن بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقين مكشّفات الوجوه ، ليس عليهن قناع ولا خمار ، وقد
أحاطت بهن الأعداء».
بكاء الملائكة والجن
٢٠٢ ـ بكاء
الملائكة والجن على الحسين عليهالسلام :
(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٦ ط حجر طهران)
عن صفوان الجمّال
عن الصادق عليهالسلام قال : سألته في طريق المدينة ونحن نريد مكة ، فقلت : يابن
رسول الله ، مالي أراك كئيبا منكسرا؟. فقال : لو تسمع ما نسمع لشغلك عن مسألتي!.
فقلت : وما الّذي تسمع؟. قال : ابتهال الملائكة إلى الله عزوجل ، على قتلة أمير المؤمنين عليهالسلام وقتلة الحسين عليهالسلام ، ونوح الجن وبكاء الملائكة الذين حوله ، وشدة جزعهم. فمن
يتهنأ مع هذا بطعام أو شراب أو نوم؟!.
بكاء كل شيء لمقتل الحسين عليهالسلام
٢٠٣ ـ بكاء جميع
الكائنات على الحسين عليهالسلام :
(أسرار الشهادة ، ص ٤٣٠)
عن ميثم التمّار
قال : عهد إليّ مولاي أمير المؤمنين عليهالسلام وأخبرني بأن هذه الأمة تقتل ابن نبيّها ، ويبكي عليه كل
شيء ، حتى الوحوش في الفلوات ، والحيتان في البحار ، والطير في جوّ السماء ، وتبكي
عليه الشمس والقمر والنجوم ، والسماء والأرض ، ومؤمنو الإنس والجن ، وجميع ملائكة
السموات والأرضين ، ورضوان ومالك وحملة العرش. وتمطر السماء دما ورمادا.
ثم قال علي عليهالسلام : وجبت لعنة الله على قتلة الحسين عليهالسلام كما وجبت على المشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر ،
وكما وجبت على اليهود والنصارى والمجوس.
٢٠٤ ـ بكاء كل ما
خلق الله على الحسين عليهالسلام :
(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ طبع حجر طهران)
عن أبي بصير عن
الباقر عليهالسلام قال : بكت الإنس والجن والطير والوحش على الحسين بن علي عليهالسلام حتى ذرفت دموعهما.
وعن المفضّل بن
عمر قال : سمعت أبا عبد الله الصادق عليهالسلام يقول : لما مضى الحسين بن علي عليهالسلام بكت عليه السموات السبع والأرضون السبع ، وما فيهن وما
بينهن ، وما يتقلّب عليهن ، والجنة والنار ، وما خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى.
(وفي المنتخب
للطريحي ، ص ٣٩ ط ٢) عن الإمام الصادق عليهالسلام أنه قال : لما قتل الحسين عليهالسلام بكت عليه السموات السبع ومن فيهن ، من الجن والإنس والوحوش
والدواب والأشجار والأطيار ، ومن في الجنة والنار ، وما لا يرى. كل ذلك يبكون على
الحسين عليهالسلام ويحزنون لأجله ، إلا ثلاث طوائف من الناس ، فإنها لم تبك
عليه أبدا. فقيل : فمن هذه الثلاثة التي لم تبك على الحسين عليهالسلام؟. فقال : هم أهل دمشق وأهل البصرة وبنو أمية. لعنة الله
على الظالمين.
وعن المفضّل بن
عمر قال : سمعنا أبا عبد الله عليهالسلام يقول : لما مضى الحسين بن علي عليهالسلام بكى عليه جميع ما خلق الله إلا ثلاثة (أشياء) : البصرة
ودمشق وآل عثمان (ابن عفان). وفي رواية : وآل الحكم بن أبي العاص.
٢٠٥ ـ بكاء كل شيء
أربعين صباحا :
(مدينة المعاجز ، ص ٢٧٨ ط حجر إيران)
عن أبان بن عثمان
عن زرارة (قال) قال الصادق عليهالسلام : يا زرارة إن السماء بكت على الحسين عليهالسلام أربعين صباحا بالدم ، وإن الأرض بكت أربعين صباحا بالسواد
، وإن الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة ، وإن الجبال تقطّعت وتشتّرت (وانتثرت)
، وإن البحار تفجّرت ، وإن الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين عليهالسلام.
بكاء الحيوانات
٢٠٦ ـ قصة الطيور
ونوحهم على الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين ، ج ٢ ص ٣٣)
في (البحار) : روي
عن طريق أهل البيت عليهالسلام أنه لما استشهد الحسين عليهالسلام بقي في كربلاء صريعا ، ودمه على الأرض مسفوحا ، وإذا بطائر
أبيض قد أتى وتمسّح بدمه ، وجاء والدم يقطر منه ، فرأى طيورا تحت الظلال على
الغصون والأشجار يلعبون ، فقال لهم : أنتم تأكلون وتتنعّمون والحسين في كربلاء
مقتول؟!. فذهبوا معه إلى كربلاء. فلما رأوه على تلك الحال تصايحن وأعلنّ بالبكاء
والثبور ، وتواقعن على دمه يتمرّغن فيه ، وطار كلّ واحد منهم إلى ناحية يعلم أهلها
عن قتل الحسين عليهالسلام.
فمن القضاء والقدر
أن طيرا من هذه الطيور قصد مدينة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وجاء يرفرف ، والدم يتقاطر من أجنحته ، ودار حول قبر سيدنا
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلن بالنداء : ألا قتل الحسين بكربلا .. ألا ذبح الحسين
بكربلا.
٢٠٧ ـ غراب ملطّخ
بدم الحسين عليهالسلام يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهماالسلام في المدينة ، منبئا بمقتل الحسين عليهالسلام :
(تاريخ ابن عساكر ـ تراجم النساء ، ص ٢٨٦)
قال الإمام الباقر
عليهالسلام : حدثني أبي ، علي بن الحسين عليهالسلام قال : لما قتل الحسين بن علي عزوجل جاء غراب فوقع في دمه وتمرّغ ، ثم طار فوقع في المدينة ،
على جدار (دار) فاطمة بنت الحسين بن علي عليهمالسلام وهي الصغرى. ونعب الغراب ، فرفعت رأسها ونظرت إليه ، فرأته
متلطّخا بالدم ، فبكت بكاء شديدا ، وأنشأت تقول :
نعب الغراب فقلت
: من
|
|
تنعاه ، ويلك يا
غراب
|
قال : الإمام.
فقلت : من؟
|
|
قال : الموفّق
للصواب
|
قلت : الحسين؟!
فقال لي :
|
|
ملقى على وجه
التراب
|
إنّ الحسين
بكربلا
|
|
بين الأسنة
والحراب
|
فابك الحسين
بعبرة
|
|
ترضي الإله مع
الثواب
|
ثم استقلّ به
الجناح
|
|
ح ، فلم يطق ردّ
الجواب
|
فبكيت مما حلّ
بي
|
|
بعد الوصيّ
المستجاب
|
قال أبي ، علي بن
الحسين عليهالسلام : فنعته لأهل المدينة ، فقالوا : قد جاءتنا بسحر (بني) عبد
المطلب!. فما كان بأسرع من أن جاءهم الخبر بقتل الحسين ابن علي عليهالسلام.
تعليق : يقول
الميانجي في (العيون العبرى) ص ١٩٠ :
لا يخفى أن فاطمة
الصغرى بنت الحسين عليهالسلام كانت بكربلاء ، وجرى عليها ما جرى على أهل البيت عليهمالسلام من الأسر والذل ، وأنها خطبت عند دخولها الكوفة بخطبتها
الآتية المفصّلة ، إلى غير ذلك مما مرّ وسيمرّ علينا في طي الفصول الآتية ؛ من
أنها كانت مع أهل البيت عليهمالسلام ولم تكن في المدينة. وإنما نقلناه هنا تبعا لبعض أرباب
المقاتل والعلامة المجلسي ، حيث ذكروه في المقام ، وأسندوه إلى الإمام زين
العابدين عليهالسلام.
ويقول السيد
المقرم في مقتله ، ص ٣٧٦ : لعل هناك للحسين عليهالسلام ابنة أخرى اسمها فاطمة الصغرى غير (فاطمة) التي كانت معه
في كربلاء ، وهي التي جاءها الغراب المتلطخ بدم الحسين عليهالسلام ونزل في بيتها في المدينة ...
٢٠٨ ـ خبر فاطمة
الصغرى عليهاالسلام في المدينة :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤١٠)
وعن بعض كتب
المقاتل : وكان للحسين عليهالسلام بنت تسمى بفاطمة ، وكانت حين خروجه من المدينة مريضة ،
فجعلها عند أم سلمة رضي الله عنها. وكانت كل يوم تجيء خلف الباب لعلها تجد من كان
له اطلاع بحال والدها. ولما طال زمان الفراق ولم يصل الخبر من والدها ، اشتغلت
بالبكاء وتراكمت عليها الأحزان. وكتبت كتابا لوالدها وبيّنت فيه حالها ، وبعثته مع
أعرابي ذاهب إلى كربلاء. فأوصله الأعرابي إلى الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، فقرأه على الهاشميات ، فبكين جميعا.
(أقول) : وهذه
البنت الصغيرة هي التي جاءها نبأ استشهاد أبيها الحسين عليهالسلام من كربلاء بصورة طائر ملطخ بدم الحسين عليهالسلام حتى وقع في بيتها.
بكاء النبات والشجر
وتصديقا لما ورد
من اشتراك كل شيء في الحزن والبكاء على الحسين عليهالسلام ، حتى الشجر والحجر ، نورد القصة التالية ، وهي قصة شجرة
مباركة من نوع [العوسجة] وهي نبات شوكي يشبه توت السياج.
٢٠٩ ـ خبر العوسجة
المباركة (بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٣ ط ٣)
عن هند بنت الجون
، قالت : نزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بخيمة خالتي أم معبد الخزاعية ، ومعه أصحاب له ، فكان من
أمره في الشاة ما قد عرفه الناس. فقال [أي نام القيلولة] في الخيمة هو وأصحابه حتى
أبرد ، وكان يوما قائظا شديد حرّه.
فلما قام من رقدته
، دعا بماء فتوضأ للصلاة ، ومجّ ماء من فيه أمام عوسجة يابسة كانت إلى جنب خيمة أم
معبد [العوسجة : شجرة ذات شوك ، وحملها أحمر اللون]. ثم فعل أصحابه مثل ذلك. ثم
قام فصلى ركعتين. فعجبت وفتيات الحي من ذلك ، وما كان عهدنا ولا رأينا مصلّيا
قبله.
فلما كان من الغد
، أصبحنا وقد علت العوسجة ، حتى صارت كأعظم دوحة عادية وأبهى ، وخضد الله شوكها [أي
نزعه] ، وساخت عروقها وكثرت أفنانها ، واخضرّ ساقها وورقها. ثم أثمرت بعد ذلك
وأينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة ، في لون الورس المسحوق ، ورائحة العنبر ،
وطعم الشهد. والله ما أكل منها جائع إلا شبع ، ولا ظمآن إلا روي ، ولا سقيم إلا
برئ ، ولا ذو حاجة وفاقة إلا استغنى ، ولا أكل من ورقها بعير ولا ناقة ولا شاة إلا
سمنت ودرّ لبنها. ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل ، وأخصبت بلادنا
وأمرعت ، فكنا نسمي تلك الشجرة (المباركة). وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي
يستظلون بها ، ويتزوّدون من ورقها في الأسفار ، ويحملون معهم في الأرض القفار ،
فيقوم لهم مقام الطعام والشراب.
العوسجة تحزن على
أهل البيت عليهمالسلام :
فلم تزل كذلك وعلى
ذلك [حتى] أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها ، واصفرّ ورقها ، فأحزننا ذلك وفرقنا
له. فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فإذا هو قد قبض ذلك اليوم. فكانت بعد ذلك تثمر ثمرا دون
ذلك في العظم والطعم والرائحة.
فأقامت على ذلك
ثلاثين سنة. فلما كانت ذات يوم أصبحنا وإذا بها قد تشوّكت من أولها إلى آخرها ،
فذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها. فما كان إلا يسير حتى وافى مقتل أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فما أثمرت بعد ذلك لا قليلا ولا كثيرا ، وانقطع ثمرها.
ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها ونداوي مرضانا بها ، ونستشفي به من أسقامنا.
فأقامت على ذلك
برهة طويلة. ثم أصبحنا ذات يوم فإذا بها قد بعثت من ساقها دما عبيطا [أي طريا]
جاريا ، وأوراقها ذابلة تقطر دما كماء اللحم. فقلنا أن قد حدث أمر عظيم. فبتنا
ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية. فلما أظلم الليل علينا سمعنا بكاء وعويلا من
تحتها ، وجلبة شديدة ورجّة ، وسمعنا صوت باكية تقول :
أيابن النبي
ويابن الوصيّ
|
|
بقيّة ساداتنا
الأكرمين
|
ثم كثرت الرنّات
والأصوات ، فلم نفهم كثيرا مما كانوا يقولون. فأتانا بعد ذلك [خبر] قتل الحسين عليهالسلام. ويبست الشجرة وجفّت ، فكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك ،
فذهبت واندرس أثرها.
حزن السيدة أم سلمة رضي الله عنها
٢١٠ ـ حزن أم سلمة
ومعجزة القارورة : (تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ١٤٦)
وكان أول صارخة
صرخت في المدينة (أم سلمة) زوج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانصلىاللهعليهوآلهوسلم دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبريل أعلمني
أن أمتي تقتل الحسينعليهالسلام ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دما عبيطا [أي
طريا] فاعلمي أن الحسين قد قتل.
وكانت عندها ،
فلما حضر ذلك الوقت ، جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلما رأتها قد صارت دما
، صاحت : وا حسيناه ، وابن رسول الله!. وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت
المدينة بالرجّة التي ما سمع بمثلها قط.
٢١١ ـ إخبار أم
سلمة بمقتل الحسين عليهالسلام :
(مناقب آل أبي طالب لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ط نجف)
جاء في مسند أحمد
بن حنبل وغيره ، قال ابن عباس : بينا أنا راقد في منزلي ، إذ سمعت صراخا عظيما
عاليا من بيت أم سلمة ، وهي تقول : يا بنات عبد المطلب
أسعدنني وابكين
معي ، فقد قتل سيّدكنّ. فقيل : ومن أين علمت ذلك؟!. قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الساعة في المنام شعثا مذعورا ، فسألت عن ذلك؟. فقال : قتل
ابني الحسين عليهالسلام وأهل بيته ، فدفنتهم.
وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاها تربة جاء بها جبرئيل من كربلاء ، وقال لها :
اجعليها في قارورة ، فإذا صارت دما فقد قتل ابنك ، فرأيت القارورة الآن صارت دما
عبيطا يفور.
٢١٢ ـ رؤيا أم
سلمة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلى رأسه ولحيته دم :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٧)
أحضر جبرئيل عليهالسلام تربة من كربلاء ، وأعطاها للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبره أنه [أي الحسين عليهالسلام] سيقتل ، فطلب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أم سلمة أن تحفظها.
قالت أم سلمة :
فما مضت الأيام والسنون إلا وقد سافر الحسين عليهالسلام إلى أرض كربلاء ، فحسّ قلبي بالشر ، وصرت كل يوم أتحسس
القارورة. فبينما أنا كذلك وإذا بالقارورة انقلبت دما عبيطا ، فعلمت أن الحسين عليهالسلام قد قتل. فجعلت أنوح وأبكي يومي كله إلى الليل ، ولم أتهنّ
بطعام ولا منام إلى طائفة من الليل ، فأخذني النعاس ، وإذا أنا بالطيف ؛ برسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مقبل وعلى رأسه ولحيته دم كثير. فجعلت أنفضه بكمي ، وأقول
: نفسي لنفسك الفدا ، متى أهملت نفسك هكذا يا رسول الله؟. من أين لك هذا التراب؟.
قال : هذه الساعة فرغت من دفن ولدي الحسين عليهالسلام.
قالت أم سلمة :
فانتبهت مرعوبة ، لم أملك على نفسي ، فصحت : وا حسيناه!. وا ولداه!. وا مهجة قلباه
؛ حتى علا نحيبي. فأقبلت إليّ نساء الهاشميات وغيرهن وقلن : ما الخبر يا أم
المؤمنين؟. فحكيت لهن القصة. فعلا الصراخ وقام النياح ، وصار كأنه حين ممات رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وسعين إلى قبره مشقوقة الجيب ومكشوفة الرأس ، فصحن : يا
رسول الله ، قتل الحسين. فو الله الّذي لا إله إلا هو ، فقد أحسسنا كأن القبر يموج
بصاحبه ، حتى تحركت الأرض من تحتنا ، فخشينا أنها تسيخ بنا. فانحرفنا ، بين مشقوقة
الجيب ومنشورة الشعر وباكية العين.
حزن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
٢١٣ ـ رؤيا أم
سلمة للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم شاحبا كئيبا :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣٢ و ٢٣٠ ط ٣)
عن سلمى المدنية ،
قالت : دخلت على أم سلمة وهي تبكي ، فقلت لها : ما يبكيك؟. قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، وعلى رأسه ولحيته أثر التراب. فقلت : ما لك يا
رسول الله مغبرا؟. قال : شهدت قتل الحسين عليهالسلام آنفا.
وعن غياث بن
إبراهيم ، عن الصادق عليهالسلام قال : أصبحت يوما أم سلمة رضي الله عنها تبكي ، فقيل لها :
مم بكاؤك؟. فقالت : لقد قتل ابني الحسين الليلة ، وذلك أنني ما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ مضى إلا الليلة ، فرأيته شاحبا كئيبا. فقالت : قلت :
ما لي أراك يا رسول الله شاحبا كئيبا؟. قال : ما زلت الليلة أحفر القبور للحسين
وأصحابه عليهوعليهمالسلام.
(وفي رواية أمالي
الطوسي) قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام الساعة شعثا مذعورا ، فسألته عن شأنه ذلك ، فقال
: قتل ابني الحسين عليهالسلام وأهل بيته اليوم ، فدفنتهم ، والساعة فرغت من دفنهم.
٢١٤ ـ رؤيا ابن
عباس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يلتقط دم الحسين عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٣١ ط ٣)
عن عمار بن أبي
عمار ، أن عبد الله بن عباس رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في منامه يوما بنصف النهار ، وهو أشعث أغبر ، في يده
قارورة فيها دم ، فقال : يا رسول الله ما هذا الدم؟. قال : دم الحسين عليهالسلام لم أزل ألتقطه منذ اليوم.
فأحصي ذلك اليوم ،
فوجد أنه قتل عليهالسلام في ذلك اليوم.
(وذكر ابن شهر
اشوب في مناقبه ، ج ٢ ص ٢٣٧) قال : وفي أثر ابن عباس ، رأى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في منامه بعد قتل الحسين عليهالسلام ، وهو مغبر الوجه حافي القدمين ، باكي العينين ، وقد ضمّ
حجز قميصه إلى نفسه ، وهو يقرأ هذه الآية : (وَإِذَا
الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ* بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ). وقال : إني مضيت إلى كربلاء والتقطت دم الحسين من الأرض ،
وهو ذا في حجري ، وأنا ماض أخاصمهم بين يدي ربي.
٢١٥ ـ رؤيا ابن
عباس للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبيده قارورتان :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٧١)
روي عن ابن عباس
قال : كنت نائما في منزلي في المدينة قابلة الظهر ، فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو مقبل من نحو كربلاء ، وهو أشعث أغبر والتراب على شيبه
، وهو باكي العين حزين القلب ، ومعه قارورتان مملوءتان دما. فقلت له : يا رسول
الله ، ما هذه القارورتان المملوءتان دما؟. فقال : هذه فيها من دم الحسين عليهالسلام ، وهذه الأخرى من دم أهل بيته وأصحابه. وإني رجعت الآن من
دفن ولدي الحسين ، وهو مع ذلك لا يفيق من البكاء والنحيب.
قال ابن عباس :
فاستيقظت من نومي فزعا مرعوبا حزينا على الحسين عليهالسلام ولم أعلم بقتله. فبقيت في الهم والغم أربعة وعشرين يوما ،
حتى جاء الناعي إلى المدينة بقتل الحسينعليهالسلام فحسبت من يوم الرؤيا إلى ذلك اليوم ، فإذا هو يوم قتل
الحسين عليهالسلام ، وفي تلك الساعة كان مقتله. فتعجبت من ذلك ، وتزايدت
أحزاني وتصاعدت أشجاني.
حزن فاطمة الزهراء عليهاالسلام
٢١٦ ـ بكاء فاطمة عليهاالسلام على الحسين عليهالسلام :
(مقتل العوالم ، ج ١٧ ص ٥١١)
في (كامل الزيارات)
ص ٨٧ ؛ والبحار ، ج ٤٥ ص ٢٢٥ :
في حديث عبد الملك
بن مقرن : وإن فاطمة عليهاالسلام إذا نظرت إليهم [أي الشهداء] ومعها ألف نبي وألف صدّيق
وألف شهيد ، ومن الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء ، وإنها لتشهق شهقة فلا
يبقى في السموات ملك إلا بكى رحمة لصوتها ، وما تسكن حتى يأتيها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيقول : يا بنيّة قد
أبكيت أهل السموات
، وشغلتهم عن التسبيح والتقديس ، فكفّي حتى يقدّسوا ، فإن الله بالغ أمره. وإنها
لتنظر إلى من حضر منكم فتسأل الله لهم من كل خير ، ولا تزهدوا في إتيانه ، فإن
الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.
الفصل السادس والعشرون
حوادث بعد الشهادة
(بعد ظهر يوم العاشر من المحرم)
ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر
سنة ٦١ ه.
ويتضمن الأمور
التالية :
ـ سلب الحسين عليهالسلام
ـ نهب الخيام
ـ سلب حرائر
النبوة والإمامة
ـ امرأة من بكر بن
وائل مع زوجها ينقلبان من عسكر ابن سعد ويدافعان عن نساء الحسين عليهالسلام
ـ محاولة قتل زين
العابدين عليهالسلام
ـ إضرام النار في
الخيام ، وخروج النساء مذعورات
ـ طفلان يموتان من
الرعب ـ طفلتان تسحقان
ـ الناجون من
القتل
ـ وطء الخيل جسد
الحسين عليهالسلام
ـ جرائم لم يشهد
لها مثيل
ـ لا يقتل الحسين عليهالسلام إلا ابن زنا
ـ تراجم وأنساب
بعض قتلة الحسين عليهالسلام :
ـ نسب يزيد
ـ نسب ابن زياد
ـ نسب معاوية
ـ نسب شمر
ـ ترجمة عبيد الله
بن زياد
ـ ترجمة عمر بن
سعد
الفصل السادس والعشرون
حوادث بعد الشهادة
٢١٧ ـ ترتيب
الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠ صفر :
استشهد الإمام
الحسين عليهالسلام بعد ظهر اليوم العاشر من المحرم سنة ٦١ ه. وقبل حلول
الظلام تمّ السلب والنهب للحسين عليهالسلام وخيامه ، ثم رضّوا صدره الشريف بسنابك الخيل ، ثم حملوا
رأسه إلى عبيد الله بن زياد بالكوفة. ومنذ حصلت تلك المآسي المفجعة ، حدثت في
الكون حوادث غريبة تنبئ عن غضب الله على القتلة الفاجرين ، وتشارك في الحزن
والبكاء على مولانا الحسين عليهالسلام ، حتى بكاه الجن والملائكة ، والحيوانات والحيتان ، والشجر
والحجر ، وهو ما تكلمنا عنه في الفصل السابق.
وفي اليوم الحادي
عشر من المحرم جاء الأمر بتسيير السبايا من كربلاء إلى الكوفة ، والمسافة حوالي ٧٠
كم. ثم ظل السبايا في الكوفة ثمانية أيام
في السجن [أي حتى
١٩ محرم] ، إلى أن جاء الأمر من يزيد بتسييرهم مع زين العابدين عليهالسلام إلى الشام.
واستغرق الطريق
إلى الشام ـ وهو أطول طريق آهل بالسكان يصل الكوفة بدمشق ، من جهة الموصل والجزيرة
وحلب ـ على أقل تقدير اثني عشر يوما ، فدخلوا دمشق في الأول من شهر صفر.
وبعد أن أودع
السبايا في الخربة عند باب الفراديس بدمشق ، ظلوا فيها زمنا غير معروف بالتحديد ،
من ثلاثة أيام فصاعدا ، ثم نقلهم يزيد إلى قصره. ولما أظهر يزيد التقرب منهم أمام
الناس ، سمح لهم ظاهريا بإقامة المأتم على الحسين عليهالسلام ، فأقاموها سبعة أيام.
فإذا رجعوا مباشرة
إلى المدينة ، وعرّجوا على كربلاء ، يصلونها عن طريق الصحراء المختصر في ٢٠ صفر ،
موعد زيارة الأربعين للحسين عليهالسلام.
وبعد مرور السبايا
على كربلاء يوم الأربعين [٢٠ صفر] ، وحلولهم هناك ثلاثة أيام ، يقيمون المأتم على
الحسين عليهالسلام مع جابر بن عبد الله الأنصاري ؛ توجّهوا إلى المدينة
المنورة ، فوصلوها في منتصف شهر ربيع الأول ، لأن المسافة تستغرق نحو ٢٤ يوما مع
الراحة.
ويمكن تمثيل
المعلومات السابقة بيانيا في الجدول التالي :

(الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى ١٥ ربيع الأول
الموافق لإقامة السبايا في الكوفة ، ثم مسيرهم إلى دمشق ، ثم رجوعهم إلى
المدينة
هذا إذا صحّ أن
السبايا وهم راجعون من دمشق إلى المدينة ، توافوا عند قبر أبي عبد الله الحسين عليهالسلام في كربلاء مع جابر بن عبد الله الأنصاري في ٢٠ صفر من سنة
٦١ ه ، أي بعد أربعين يوما من استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام. ونحن نستبعد حدوث ذلك لضيق الوقت. وسوف نناقش هذا الموضوع
في حينه إنشاء الله.
حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم
سلب الحسين عليهالسلام
٢١٨ ـ سلب الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٥٩)
وأقبل القوم على
سلب الحسين عليهالسلام ، فسلبوا جميع ما كان عليه. فأخذ (إسحق بن حوية) قميصه ، و
(بحر بن كعب) سراويله. وأخذ عمامته (الأخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي) وقيل (جابر
بن يزيد). وأخذ برنسه (مالك بن النسر الكندي). وأخذ نعليه (الأسود بن خالد). وأخذ
سيفه (القلانس النهشلي من دارم) وقيل (جميع بن الخلق الأودي) وقيل (الأسود بن
حنظلة التميمي). ورأى (بجدل
بن سليم الكلبي)
الخاتم الّذي في إصبعه والدماء عليه ، فقطع إصبعه وأخذ الخاتم. وأخذ (قيس بن
الأشعث بن قيس) قطيفته وكانت من خز . وأخذ ثوبه الخلق (جعونة بن حوية الحضرمي). وأخذ القوس
والحلل (الرجيل بن خيثمة الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجرير بن مسعود الحضرمي ). وأخذ درعه البتراء (عمر بن سعد). وأخذ رجل منهم تكّة
سرواله ، وكانت لها قيمة.
٢١٩ ـ مأساة
مروّعة وجرائم وحشية :
لقد كانت عملية
سلب الحسين عليهالسلام من كل ما كان عليه ، من أعظم المآسي التي شهدتها أرض
كربلاء. وهذه المآسي التي ارتكبها بنو أمية بالحسين عليهالسلام تدل على الوحشية التي كانوا يعيشونها. وإلا فأي إنسان يملك
ذرة من ضمير ووجدان فضلا عن الدين والغيرة ، يقدم على مثل هذه الأعمال؟!. فما أن
قتل الحسين عليهالسلام حتى خفّ القوم إلى سلب جثمانه الشريف ، حتى تركوه على صعيد
الطف عريان. وما أحسن ما قال الشاعر :
عريان يكسوه
الصعيد ملابسا
|
|
أفديه مسلوب
الثياب مسربلا
|
وقال السيد محسن
الأمين رحمهالله :
عار له نسجت
أعاصير الفلا
|
|
ثوب الرمال
فكفّنته رماله
|
٢٢٠ ـ العقاب الإلهي للذين سلبوا
الحسين عليهالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٠)
كل من سلب الحسين عليهالسلام لقي عقابه في الدنيا سريعا ، ولعذاب الآخرة أدهى وأمرّ.
وهذه أمثلة على ذلك :
ـ بحر بن كعب
التميمي ، الّذي أخذ سروال الحسين عليهالسلام : صار زمنا مقعدا من رجليه. وكانت يداه في الشتاء تنضحان
الماء ، وفي الصيف تيبسان كأنهما عودان.
ـ اسحق بن حوية ،
الّذي أخذ ثوبه عليهالسلام : لبسه فتغير وجهه وحضّ شعره وبرص بدنه.
__________________
ـ الأخنس بن مرثد
، الّذي أخذ عمامته : اعتم بها فصار معتوها.
ـ بجدل بن سليم
الكلبي ، الّذي قطع إصبع الحسين عليهالسلام ليأخذ خاتمه : أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه
يتشحّط في دمه حتى هلك.
ـ الذين نهبوا
الإبل التي كانت مع الحسين عليهالسلام : لم يستطيعوا أكل لحمها ، لأنه كان أمرّ من الصبر ، ولما
جعلوا اللحم في القدر صارت نارا.
ـ والذين نهبوا
الورس والطيب الّذي كان مع الحسين عليهالسلام : فلما عادوا بها إلى بيوتهم صارت دما ، وما تطيّبت امرأة
من ذلك الطيب إلا برصت.
ـ والذي حاول نزع
تكّة الحسين عليهالسلام : شلّت يداه ، وهذه قصته المفصلة.
٢٢١ ـ قصة الّذي
حاول سرقة تكّة الحسين عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١١ ط ٣)
روي أن رجلا بلا
أيد ولا أرجل وهو أعمى ، يقول : رب نجّني من النار. فقيل له : لم تبق لك عقوبة ،
ومع ذلك تسأل النجاة من النار؟!. قال : كنت فيمن قتل الحسين بكربلا.
فلما قتل ، رأيت
عليه سراويل وتكّة حسنة ، بعد ما سلبه الناس. فأردت أن أنزع منه التكّة ، فرفع يده
اليمنى ووضعها على التكة ، فلم أقدر على دفعها ، فقطعت يمينه. ثم هممت أن آخذ
التكة ، فرفع شماله فوضعها على تكّته ، فقطعت يساره. ثم هممت بنزع التكة من
السراويل ، فسمعت زلزلة ، فخفت وتركته.
فألقى الله علي
النوم ، فنمت بين القتلى ، فرأيت كأن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أقبل ومعه علي وفاطمة عليهماالسلام ، فأخذوا رأس الحسين عليهالسلام ، فقبّلته فاطمة ، ثم قالت : يا ولدي قتلوك!. قتلهم الله.
من فعل هذا بك؟. فكان يقول : قتلني شمر ، وقطع يداي هذا النائم ، وأشار إليّ.
فقالت فاطمة لي : قطع الله يديك ورجليك ، وأعمى بصرك ، وأدخلك النار. فانتبهت وأنا
لا أبصر شيئا ، وسقطت مني يداي ورجلاي ، ولم يبق من دعائها إلا النار.
٢٢٢ ـ قصة الجمّال
اللعين الّذي حاول سرقة تكّة الحسين عليهالسلام :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٠٦)
في (الذريعة) عن
سعيد بن المسيّب ، قال : لما استشهد (سيدي ومولاي)
الحسين عليهالسلام وحجّ الناس من قابل ، دخلت على علي بن الحسين عليهالسلام فقلت له : يا مولاي ، قد قرب الحج ، فماذا تأمرني؟. فقال عليهالسلام : امض على نيّتك وحج. فحججت ، فبينما أطوف بالكعبة ، وإذا (أنا)
برجل مقطوع اليدين ، ووجهه كقطع الليل المظلم ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ويقول :
الله م رب هذا البيت الحرام ، اغفر لي وما أحسبك أن تفعل ، ولو تشفّع فيّ سكان
سماواتك وأرضيك وجميع ما خلقت ، لعظم جرمي.
قال سعيد : فشغلت
وشغل الناس عن الطواف ، حتى حفّ به الناس ، واجتمعنا عليه ، فقلنا : يا ويلك! لو
كنت إبليس ما ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله ، فمن أنت وما ذنبك؟. فبكى وقال : يا
قوم ، أنا أعرف بنفسي وذنبي وما جنيت. فقلنا له : تذكره لنا. فقال :
كنت جمّالا لأبي
عبد الله الحسين عليهالسلام لما خرج من المدينة إلى العراق. وكنت أراه إذا أراد الوضوء
للصلاة يضع سراويله عندي ، فأرى تكّة تغشى الأبصار بحسن إشراقها ، وكنت أتمناها أن
تكون لي ، حتى صرنا بكربلا وقتل الحسين عليهالسلام وهي معه. فدفنت نفسي [أي اختبأت] في مكان من الأرض.
فلما جنّ الليل
خرجت (من مكاني) فرأيت في تلك المعركة نورا لا ظلمة ، ونهارا لا ليلا ، والقتلى
مطروحين على وجه الأرض (فذكرت لخبثي وشقاوتي التكّة ، فقلت : والله لأطلبنّ الحسين
، وأرجو أن تكون التكة في سراويله ، فآخذها). ولم أزل أنظر في وجوه القتلى حتى
أتيت إلى الحسين عليهالسلام فوجدته مكبوبا على وجهه ، وهو جثة بلا رأس ، ونوره مشرق ،
مرمّل بدمائه ، والرياح سافية عليه. فدنوت منه وضربت بيدي إلى التكة (لآخذها) ،
فإذا هو قد عقد لها عقدا كثيرة ، فلم أزل أحلّها حتى حللت عقدة منها.
فمدّ عليهالسلام يده اليمنى وقبض على التكة ، فلم أقدر على أخذ يده عنها (ولا
أصل إليها) فدعتني نفسي الملعونة أن أقطع يده. فوجدت قطعة سيف مطروح ، فأخذتها (واتّكيت
على يده) فلم أزل أحزّها حتى فصلت يده عن زنده ، ثم نحّيتها عن التكة. ومددت يدي
إلى التكة ثانيا لأحلّها ، فمدّ يده اليسرى (فقبض عليها) ، ففعلت بها ما فعلت
باليمنى. ثم مددت يدي إلى التكة (لآخذها) ، فإذا الأرض ترجف والسماء تهتزّ ، وإذا
ببكاء ونداء ، وقائل يقول : وا ابناه ، وا مقتولاه ، وا ذبيحاه ، وا حسيناه ، وا
غربتاه. يا بنيّ قتلوك وما عرفوك ، ومن شرب الماء منعوك!.
فلما رأيت ذلك
صعقت ورميت نفسي بين القتلى ، وإذا بثلاث نفر وامرأة ، وحولهم خلائق (وقوف) ، وإذا
بواحد منهم يقول : يا أبتاه يا حسين ، فداك جدك وأبوك ، وأمك وأخوك.
وإذا بالحسين عليهالسلام قد جلس ، ورأسه على بدنه ، وهو يقول : لبّيك يا جداه ويا
أبتاه ويا أماه ويا أخاه ، عليكم مني السلام. ثم إنه بكى (ع) وقال : يا جداه قتلوا
والله رجالنا ، يا جداه سلبوا والله نساءنا (يا جداه نهبوا والله رحالنا ، يا جداه
ذبحوا والله أطفالنا ، يا جداه) يعزّ عليك أن ترى حالنا ، وما فعل الكفار بنا.
وإذا هم جلسوا يبكون
حوله على ما أصابه ، وفاطمة عليهاالسلام تقول : يا أبتاه يا رسول الله ، أما ترى ما فعلت أمّتك
بولدي؟. ورأيتهم يأخذون من دم شيبة الحسين عليهالسلام وتمسح به فاطمة عليهاالسلام ناصيتها ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي والحسن عليهمالسلام يمسحون به نحورهم وصدورهم وأيديهم إلى المرافق. وسمعت رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : فديتك يا حسين ، من قطع يدك اليمنى وثنّى باليسرى؟.
فقال : يا جداه ، قطعها الجمّال [ويذكر له القصة كما مرت ...] ثم يقول : فلما أراد
حلّ التكّة حسّ بك فرمى نفسه بين القتلى.
(يقول الجمال) :
فلما سمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كلام الحسين عليهالسلام بكى بكاء شديدا ، وأتى إليّ بين القتلى إلى أن وقف نحوي ،
فقال : ما لي ولك يا جمّال ، تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل (وملائكة الله أجمعون
، وتباركت بهما أهل السموات والأرضين)؟!. أما كفاك ما صنع به الملاعين ، من الذل
والهوان؟. سوّد الله وجهك في الدنيا والآخرة ، وقطع الله يديك ورجليك ، وجعلك في
حزب من سفك دماءنا وتجرّأ على الله.
فما استتمّ دعاءه
حتى شلّت يداي ، وحسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما. وبقيت على هذه الحالة
، فجئت إلى هذا البيت أستشفع ، وأنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا.
فلم يبق في مكة
أحد إلا سمع حديثه ، وتقرّب إلى الله بلعنته ، وكلّ يقول : حسبك ما جنيت يا لعين (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
نهب الخيام
٢٢٣ ـ شمر يأمر
بنهب خيام الحسين عليهالسلام والورس والحلل والإبل :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨)
وأقبل الأعداء حتى
أحدقوا بالخيمة ، ومعهم شمر بن ذي الجوشن ، فقال : ادخلوا فاسلبوا بزّتهن. فدخل
القوم فأخذوا كل ما كان بالخيمة ... وأخذ قيس بن الأشعث قطيفة للحسين عليهالسلام كان يجلس عليها ، فسمّي لذلك قيس قطيفة. وأخذ نعليه رجل من
الأزد يقال له الأسود بن خالد. ثم مال الناس على الورس والخيل والإبل فانتهبوها.
يقول السيد الأمين
في (لواعج الأشجان) ص ١٧٠ : ومال الناس على الورس والحلل والإبل فانتهبوها ،
ونهبوا رحله وثقله ، وسلبوا نساءه.
٢٢٤ ـ عقوبة من
سرق الجمال والزعفران من خيام الحسين عليهالسلام :
(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف)
عن أحاديث بن
الحاشر ، قال : كان عندنا رجل خرج على الحسين عليهالسلام ثم جاء بجمل وزعفران ، فكلما دقّوا الزعفران صار نارا ،
فلطّخت امرأته على يديها فصارت برصاء.
قال : ونحر البعير
، فكلما جزروا بالسكين صار نارا. قال : فقطّعوه فخرج منه النار ، فطبخوه ففارت
القدر نارا.
وعن (تاريخ
النّسوي) قال حماد بن زيد ، قال جميل بن مرة : لما طبخوا (اللحم) صارت مثل العلقم.
سلب حرائر النبوة والإمامة
٢٢٥ ـ سلب فاطمة
بنت الحسين عليهماالسلام قرطها وخرم أذنها :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٩٥)
قال الميانجي :
وفي بعض الكتب ، وفي البحار أيضا ، قالت فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهماالسلام : كنت واقفة بباب الخيمة ، وأنا أنظر إلى أبي وأصحاب أبي ،
مجزّرين كالأضاحي
على الرمال ، والخيول على أجسادهم تجول ، وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي ، من
بني أمية ، أيقتلوننا أو يأسروننا؟!.
فإذا برجل على ظهر
جواده [لعله خولي] يسوق النساء بكعب رمحه ، وهن يلذن بعضهن ببعض ، وقد أخذ ما
عليهن من أخمرة وأسورة ، وهن يصحن : وا جداه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا قلة ناصراه
، وا حسناه. أما من مجير يجيرنا؟
أما من ذائد يذود
عنا؟!.
فطار فؤادي
وارتعدت فرائصي ، فجعلت أجيل بطرفي يمينا وشمالا ، على عمّتي أم كلثوم ، خشية منه
أن يأتيني. فبينما أنا على هذه الحالة ، وإذا به قد قصدني ، ففررت منهزمة ، وإني
أظن أني أسلم منه. وإذا به قد تبعني ، فذهلت خشية منه ، وإذا بكعب الرمح بين كتفيّ
، فسقطت على وجهي. فخرم أذني ، وأخذ قرطي ومقنعتي ، وترك الدماء تسيل على خدي ،
ورأسي تصهره الشمس. وولى راجعا إلى الخيم ، وأنا مغشيّ عليّ. وإذا أنا بعمتي عندي
تبكي.
(إلى أن قالت) :
فما رجعنا إلى الخيمة إلا وقد نهبت وما فيها. وأخي علي بن الحسين عليهماالسلام مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس ، من كثرة الجوع والعطش
والأسقام ، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا.
٢٢٦ ـ سلب فاطمة
الصغرى عليهاالسلام خلخالها :
(أمالي الصدوق ، ص ١٣٩ ط بيروت)
عن عبد الله بن
الحسن المثنّى عليهالسلام عن أمه فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام ، قالت : دخلت الغانمة (العامة) علينا الفسطاط ، وأنا
جارية صغيرة ، وفي رجلي خلخالان من ذهب ، فجعل رجل يفضّ الخلخالين من رجلي وهو
يبكي!. فقلت : ما يبكيك يا عدوّ الله؟. فقال : كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. فقلت : لا تسلبني. قال : أخاف أن يجيء غيري فيأخذه!.
قالت : وانتهبوا
ما في الأبنية ، حتيكانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا .
٢٢٧ ـ سلب النساء
الطاهرات : (مثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ٥٨)
قال ابن نما الحلي
: ثم اشتغلوا بنهب عيال الحسين عليهالسلام ونسائه ، حتى تسلب
__________________
المرأة مقنعتها من
رأسها ، أو خاتمها من إصبعها ، أو قرطها من أذنها ، وحجلها من رجلها. وجاء رجل من
سنبس إلى ابنة الحسين عليهالسلام وانتزع ملحفتها من رأسها. وبقين عرايا تراوجهن رياح
النوائب ، وتعبث بهن أكفّ المصائب. وقد غشيهنّ القدر النازل ، وساورهن الخطب
الهائل. وقد بلين بكل كفور سفّاك ، وظلوم فتّاك ، وغشوم أفّاك.
وقال السيد ابن
طاووس في (اللهوف) ص ٥٥ :
وتسابق القوم على
نهب بيوت آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقرة عين البتول ، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن
ظهرها. وخرجت بنات آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحريمه يتسارعن على البكاء ، ويندبن لفراق الحماة
والأحباء.
وقال سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٤ :
وأخذ واحد ملحفة
فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام ، وأخذ حليّها آخر. وعرّوا نساءه وبناته من ثيابهن.
٢٢٨ ـ جزاء خولي
بن يزيد الأصبحي على سلبه :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٣٦)
قال أبو مخنف :
والله ما مضت إلا أيام قلائل ، وظهر المختار بن أبي عبيدة الثقفي بأرض الكوفة ،
يطالب بدم الحسين عليهالسلام والأخذ بثأره. فوقع بخولي بن يزيد الأصبحي وهو ذلك الرجل.
قال : فلما أوقف
بين يديه ، قال : ما صنعت بيوم كربلا؟. قال : ما صنعت شيئا ، غير أني أخذت من تحت
زين العابدين عليهالسلام نطعا كان نائما عليه ، وسلبت زينب [الأصح : فاطمة الصغرى]
قناعها ، وأخذت القرطين اللذين كانا في أذنيها. فقال له : يا عدوّ الله ، وأي شيء
يكون أعظم من هذا!. وأيّ شيء سمعتها تقول؟. (قال) قالت : قطع الله يديك ورجليك ،
وأحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
فقال المختار :
والله لأجيبنّ دعوتها. ثم أمر بقطع يديه ورجليه ، وإحراقه بالنار.
٢٢٩ ـ امرأة من
بني بكر بن وائل تنقلب على عمر بن سعد ، وتدافع عن نساء أهل البيت عليهمالسلام :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)
روى حميد بن مسلم
قال : رأيت امرأة من بني بكر بن وائل ، كانت مع زوجها في
أصحاب عمر بن سعد
، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليهالسلام فسطاطهن ، وهم يسلبوهنّ ؛ أخذت سيفا وأقبلت نحو الفسطاط ،
وقالت : يا آل بكر بن وائل ، أتسلب بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. لا حكم إلا لله ، يا لثارات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأخذها زوجها وردّها إلى رحله.
وخرج بنات سيد
الأنبياء ، وقرّة عين الزهراء ، حاسرات مبديات للنياحة والعويل ، يندبن على الشباب
والكهول. وأضرمت النار في الفسطاط ، فخرجن هاربات.
محاولة قتل زين العابدين عليهالسلام
٢٣٠ ـ شمر يحاول
قتل الإمام زين العابدين عليهالسلام ، وحميد بن مسلم يتوسل إليه بعدم قتله :
(لواعج الأشجان ، ص ١٧١)
وانتهوا إلى علي
بن الحسين زين العابدين عليهالسلام وهو منبسط على فراشه ، وهو شديد المرض ، كان مريضا بالذّرب
[أي الاسهال الشديد] وقد أشرف على الموت. ومع شمر جماعة من الرجالة ، فقالوا له :
ألا نقتل هذا العليل؟. فأراد شمر قتله.
فقال له حميد بن
مسلم : سبحان الله ، أتقتل الصبيان؟. إنما هو صبي ، وإنه لما به. فلم يزل يدفعهم
عنه ، حتى جاء عمر بن سعد ، فصاح النساء في وجهه وبكين. فقال لأصحابه : لا يدخل
أحد منكم بيت هؤلاء (النسوة) ، ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من
متاعهن شيئا فليردّه. فلم يردّ أحد شيئا.
(وفي مقتل الحسين
للخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨) :
فقال علي بن
الحسين عليهالسلام لحميد بن مسلم : جزيت من رجل خيرا ، فقد رفع الله عني
بمقالتك شرّ هؤلاء.
(وفي مقتل الحسين
للمقرم ، ص ٣٨٧) :
وانتهى القوم إلى
علي بن الحسين عليهالسلام وهو مريض على فراشه ، لا يستطيع النهوض. فقائل يقول : لا
تدعوا منهم صغيرا ولا كبيرا ، وآخر يقول : لا تعجلوا حتى نستشير الأمير عمر بن سعد
. وجرّد الشمر سيفه يريد قتله ، فقال له حميد بن
__________________
مسلم : يا سبحان
الله أتقتل الصبيان؟ إنما هو صبي مريض . فقال : إن ابن زياد أمر بقتل أولاد الحسين. وبالغ ابن سعد
في منعه خصوصا لما سمع العقيلة زينب ابنة أمير المؤمنين عليهالسلام تقول : لا يقتل حتى أقتل دونه ، فكفّوا عنه .
٢٣١ ـ قصة الّذي
حمى زين العابدين عليهالسلام يوم الطف ، ثم أسلمه :
(نسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٥٨)
قال : كان زين
العابدين عليهالسلام مريضا. فلما قتل الحسين عليهالسلام قال عمر بن سعد : لا تعرّضوا لهذا المريض.
قال علي بن الحسين
عليهالسلام : فغيّبني رجل منهم وأكرم نزلي وحضنني ، وجعل يبكي كلما
دخل وخرج ، حتى كنت أقول : إن يكن عند أحد خير ، فعند هذا. إلى أن نادى منادي ابن
زياد : ألا من وجد علي بن الحسين فليأتني به!. فقد جعلنا فيه ثلاثمئة درهم!.
قال عليهالسلام : فدخل عليّ الرجل والله وهو يبكي ، وجعل يربط يديّ إلى
عنقي ، وهو يقول : «أخاف». فأخرجني إليهم مربوطا ، حتى دفعني إليهم ، وأخذ ثلاثمئة
درهم ، وأنا أنظر!.
حرق الخيام
٢٣٢ ـ حرق خيام
الحسين عليهالسلام :
(الفاجعة العظمى ، ص ١٨٥)
ولما ارتفع صياح
النساء ، غضب اللعين عمر بن سعد ، وصاح : يا ويلكم اكبسوا عليهن الخباء ، وأضرموها
نارا واحرقوها وما فيها. فقال رجل منهم : ويلك يابن سعد ، أما كفاك قتل الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأنصاره ، عن حرق أطفاله ونسائه ؛ لقد أردت أن
يخسف الله بنا الأرض. فتبادروا إلى نهب النساء الطاهرات.
__________________
٢٣٣ ـ إضرام النار
بالخيام ، وخروج النساء مذعورات :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)
قال الراوي : ثم
أخرج النساء من الخي مة ، وأشعلوا فيها النار. فخرجن حواسر مسلّبات ، حافيات
باكيات ، يمشين سبايا في أسر الذلة ، وقلن : بحق الله إلا ما مررتم بنا على مصرع
الحسين عليهالسلام. فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن.
وقال المازندراني
في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٥٢ :
وفي بعض المقاتل :
أن زينب الكبرى عليهاالسلام أقبلت على زين العابدين عليهالسلام وقالت : يا بقية الماضين وثمال الباقين ، قد أضرموا النار
في مضاربنا ، فما رأيك فينا؟. فقالعليهالسلام : عليكن بالفرار. ففررن بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صائحات باكيات نادبات ، إلا زينب الكبرى عليهاالسلام فإنها كانت واقفة تنظر إلى زين العابدين عليهالسلام ، لأنه لا يتمكن من النهوض والقيام ...
والحاصل أنهم
أحرقوا الخيم ، ونهبوا ما فيها ، وسلبوا الفاطميات بحيث لم يبق لهن ما يسترن به.
٢٣٤ ـ طفلان من
أهل البيت عليهمالسلام يموتان من الذعر :
(معالي السبطين للمازندراني ، ص ٥٣)
قال في (الإيقاد)
عن مقتل ابن العربي : لقد مات طفلان عشية اليوم العاشر من المحرم من أهل البيت عليهمالسلام ، من الدهشة والوحشة والعطش.
قال : ثم ذهبت
زينب عليهاالسلام في جمع العيال والأطفال ، فلما جمعتهم إذا بطفلين قد فقدا.
فذهبت في طلبهما ، فرأتهما معتنقين نائمين. فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا عطشا.
(أقول) : ولعل
هذين الولدين هما سعد وعقيل ولدا عبد الرحمن بن عقيل ، أمهما خديجة بنت علي عليهماالسلام.
٢٣٥ ـ سقي العيال
والأطفال (المصدر السابق ، ص ٥٣)
ولما سمع بذلك
العسكر ، قالوا لابن سعد : رخّص لنا في سقي العيال. فلما جاؤوا بالماء كان الأطفال
يعرضون عن الماء ، ويقولون : كيف نشرب وقد قتل ابن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عطشانا؟!. وقد قال الشاعر :
منعوه شرب الماء
لا شربوا غدا
|
|
من كفّ والده
البطين الأنزع
|
٢٣٦ ـ قتل ولدين من أولاد مسلم عليهالسلام (المصدر السابق)
قال الشعراني في
كتاب (المنن) : ومن بنات علي عليهالسلام رقية الكبرى ، وكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت منه عبد
الله بن مسلم ومحمد بن مسلم ، اللذين قتلا يوم الطف مع الحسين عليهالسلام.
٢٣٧ ـ مصرع عاتكة
بنت مسلم عليهالسلام التي سحقت يوم الطف :
قال : وولدت رقية عليهاالسلام عاتكة من مسلم ، ولها من العمر سبع سنين ، وهي التي سحقت
يوم الطف بعد شهادة الحسين عليهالسلام لما هجم القوم على
المخيم للسلب.
٢٣٨ ـ بنتان
للإمام الحسن عليهالسلام تسحقان أثناء هجوم القوم على المخيم لسلبه: (المصدر السابق)
وفي بعض المقاتل :
أن أحمد بن الحسن المجتبى عليهالسلام قتل مع الحسين عليهالسلام وله من العمر ستة عشر سنة (رواه المجلسي أيضا في البحار) ،
وله أختان من أمه هما : أم الحسن وأم الحسين ، سحقتا يوم الطف ، بعد شهادة الحسين عليهالسلام لما هجم القوم على المخيم للسلب ، أمهم أم بشر بنت مسعود
الأنصاري ، جاءت معهم حتى أتت كربلاء.
٢٣٩ ـ أين يقع
مخيّم الحسين عليهالسلام :
(مدينة الحسين لمحمد حسن مصطفى آل كليدار ، ج ٢ ص ٢٤)
يشك مؤلف كتاب (مدينة
الحسين) في أن موقع المخيم اليوم هو الصحيح ، ويقول: فهذا بناء بناه الزعيم
البكتاشي عبد المؤمن الدده في أواخر القرن العاشر الهجري. فقد شيّد مقاما تذكاريا
لمضجع الإمام زين العابدين (ع) ، وبنى بجنبه غرفة ثانية اتخذها صومعة له ، وغرس
بجنبها نخيلات. ويعرف البستان المحيط بالمخيم الحالي من أطرافه الثلاثة (بستان
الدده).
وعلى كلّ فإن
الشواهد تدل دلالة صريحة أن الزعيم البكتاشي سلك في تعيينه موضع المخيم الحالي
طريق الاجتهاد دون رواية تاريخية. ولذا يشكّ الباحث في قرب المخيم من حائر الروضة
المقدسة ، فالمخيم لا بد كان أبعد من هذا ، والمسافة بينه وبين الروضة ميلين أو
أكثر.
الناجون من القتل
٢٤٠ ـ نجاة الإمام
زين العابدين عليهالسلام من القتل بأعجوبة :
(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٠)
كان الإمام زين
العابدين عليهالسلام مريضا في كربلاء ، فهمّ شمر بن ذي الجوشن بقتله في كربلاء
، فمنعه الله منه. وهمّ عبيد الله بن زياد بقتله في الكوفة ، فمنعه الله منه. وهمّ
يزيد بن معاوية بقتله في الشام ، فمنعه الله منه .. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة
الأئمة الأطهار من عقب الحسين عليهالسلام ونسل النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين عدلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يفترقوا عنه
حتى يردوا على الحوض يوم القيامة ، لتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم
المهدي عجّل الله فرجه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.
٢٤١ ـ البقية
الباقية من أهل البيت الطاهر عليهمالسلام :
ذكرنا سابقا أنه
قتل من عترة الحسين وأهل البيت عليهمالسلام في معركة كربلاء ، نحوا من سبعة عشر شخصا ، وكلهم من آل
أبي طالب عليهمالسلام : خمسة من نسل عقيل ، واثنان من أحفاد جعفر الطيار ، وخمسة
من أولاد الإمام علي عليهالسلام ، وثلاثة من أولاد الحسن عليهالسلام ، واثنان من أولاد الإمام الحسين عليهالسلام. هذا على أقل الروايات ، وعلى أكثرها ٢٧ شخصا.
وتفانى أحفاد أبي
طالب عليهمالسلام في نصرة الحسين عليهالسلام ونهضته ، كما تفانى أولاده من قبل في نصرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوته. فاستشهدوا عن بكرة أبيهم في كربلاء ، حتى الصبيان
والرّضع ، ولم يبق منهم إلا زين العابدين عليهالسلام وعمره ثلاث وعشرون سنة ، وقد أنهكه المرض ، ومعه ابنه
الصغير محمّد الباقر عليهالسلام وله من العمر سنتان وشهور. وقد بقي من أولاد الحسن عليهالسلام ثلاثة لم يقتلوا هم : زيد وعمرو والحسن بن الحسن المثنّى ، وكان الأخير جريحا.
٢٤٢ ـ خبر الحسن
بن الحسن المثنى عليهالسلام : (اللهوف لابن طاووس ، ص ٦١)
روى مصنّف كتاب (المصابيح)
أن الحسن بن الحسن المثنّى عليهالسلام قتل بين يدي
__________________
عمه الحسين عليهالسلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفسا ، وأصابه ثماني عشرة جراحة ،
فوقع. فأخذه خاله أسماء بن خارجة ، فحمله إلى الكوفة ، وداواه حتى برئ ، وحمله إلى
المدينة.
وكان معهم أيضا :
زيد وعمرو ولدا لحسن السبط عليهمالسلام.
وقال ابن الأثير
في (الكامل) ج ٣ ص ٤٠٧ :
واستصغر الحسن بن
الحسن بن علي عليهالسلام ، أمه خولة بنت منظور بن زياد الفزاري ، واستصغر عمرو بن
الحسن عليهالسلام وأمه أم ولد ، فلم يقتلا.
٢٤٣ ـ الذكور من
أهل البيت عليهمالسلام الذين نجوا من القتل :
(تاريخ ابن عساكر ، حاشية ص ٢٢٩)
قال ابن عساكر :
ولم يفلت من أهل بيت الحسين عليهالسلام الذين كانوا معه إلا خمسة نفر :
ـ علي بن الحسين عليهالسلام الأصغر ، وهو زين العابدين عليهالسلام
ـ الحسن بن الحسن
بن علي عليهالسلام المثنّى
ـ عمرو بن الحسن
بن علي عليهالسلام
ـ القاسم بن عبد
الله بن جعفر عليهالسلام
ـ محمّد بن عقيل
الأصغر عليهالسلام.
وهذا مطابق لما
أورده الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ج ٣ ص ٣٠٣.
٢٤٤ ـ الناجون من
القتل من الأصحاب والآل :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ٣١٢)
قال السيد باقر
شريف القرشي : الناجون هم :
١ ـ عقبة بن سمعان
، مولى الرباب عليهالسلام.
٢ ـ المرقّع بن
ثمامة الأسدي.
٣ ـ مسلم بن رباح
، وكان مع الإمام يمرّضه.
٤ ـ الإمام زين
العابدين عليهالسلام.
٥ ـ الحسن بن
الحسن المثنّى عليهالسلام.
٦ ـ عمرو بن الحسن
عليهالسلام ، كان صغيرا.
٧ ـ الحسن بن الحسن
المثنّى عليهالسلام
٨ ـ القاسم بن عبد
الله بن جعفر عليهالسلام.
٩ ـ محمّد بن عقيل
[ذكره أبو الفرج في (مقاتل الطالبيين) ص ١١٩].
وطء الخيل لجسد الحسين عليهالسلام
٢٤٥ ـ وطء الخيل
لجسد الحسين عليهالسلام ورضّ صدره الشريف :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)
ونادى عمر بن سعد
في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره وصدره ، فانتدب منهم عشرة ، وهم :
١ ـ اسحق بن حوية
: الّذي سلب قميص الحسين عليهالسلام.
٢ ـ الأخنس بن
مرثد : الّذي سلب عمامة الحسين عليهالسلام.
٣ ـ حكيم بن
الطفيل السنبسي : الّذي اشترك في قتل العباس عليهالسلام.
٤ ـ عمرو بن صبيح
الصيداوي : الّذي رمى عبد الله بن مسلم عليهالسلام.
٥ ـ رجاء بن منقذ
العبدي.
٦ ـ سالم بن خيثمة
الجعفي.
٧ ـ صالح بن وهب
الجعفي.
٨ ـ واحظ بن غانم.
٩ ـ هانئ بن ثبيت
الحضرمي.
١٠ ـ أسيد بن
مالك.
فداسوا الحسين عليهالسلام بحوافر خيلهم حتى رضّوا ظهره وصدره الشريف.
وجاء هؤلاء العشرة
حتى وقفوا على ابن زياد ، فقال أسيد بن مالك أحدهم :
نحن رضضنا الصدر
بعد الظهر
|
|
بكل يعبوب شديد الأسر
|
فقال ابن زياد :
من أنتم؟. قالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين ، حتى طحنّا جناجن صدره. فأمر لهم بجائزة يسيرة.
قال أبو عمرو
الزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة ، فوجدناهم جميعا أولاد زنا.
__________________
وهؤلاء أخذهم
المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا.
وفي خبر : أن
أحدهم وهو الأخنس ، كان واقفا بعد ذلك في قتال ، فجاءه سهم لم يعرف راميه ، ففلق
قلبه وهلك.
وفي (تذكرة الخواص)
ص ٢٦٤ ط ٢ نجف :
وقال عمر بن سعد :
من جاء برأس الحسين فله ألف درهم.
وقال ابن سعد أيضا
: من يوطئ الخيل صدره؟. فأوطؤوا الخيل ظهره وصدره. ووجدوا في ظهره آثارا سوداء ،
فسألوا عنها؟ فقيل : كان ينقل الطعام على ظهره في الليل إلى مساكين أهل المدينة.
جرائم لم يشهد لها مثيل
٢٤٦ ـ قتلوا
الحسين عليهالسلام بكل وسيلة ممكنة :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٨)
قال المجلسي في (البحار)
:
قال أبو جعفر
محمّد الباقر عليهالسلام : كان أبي [زين العابدين عليهالسلام] مبطونا يوم قتل أبوه [الحسين] عليهالسلام.
إلى أن قال : ولقد
قتلوه قتلة نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقتل بها الكلاب. لقد قتل بالسيف والسنان وبالحجارة
وبالخشب وبالعصا ؛ ولقد أوطؤوه بالخيل بعد ذلك.
وقال البيروني في (الآثار
الباقية) ص ٣٢٩ ط أوفست ليدن :
لقد فعلوا بالحسين
عليهالسلام ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالسيف
والرمح والحجارة وإجراء الخيول.
وقد وصل بعض هذه
الخيول إلى مصر ، فقلعت نعالها وسمّرت على أبواب الدور تبركا. وجرت بذلك السّنّة
عندهم ، فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعلّقه على أبواب الدور.
[ورد ذلك في كتاب (التعجب)
للكراجكي ، ص ٤٦ ؛ ملحق (بكنز الفوائد)].
٢٤٧ ـ الكافرون لم
يفعلوا ما فعل أتباع يزيد بالحسين عليهالسلام :
(محاضرة قيّمة للأستاذ سعيد عاشور المصري ، ص ٢٠)
قال الأستاذ عاشور
: إذا نظرنا في واقعة كربلاء ، نجد أن سبط الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يمثّل به هذا التمثيل الشنيع. ولو سمعنا أن المشركين فعلوا
ذلك لاستعظمنا الأمر ، فما بالنا ببعض المسلمين الذين ينتمون إلى الإسلام ، يفعلون
هذا؟!.
كارثة لا بدّ من
وقفة عندها ، وهذه كانت الشرخ الكبير الّذي أصاب الإسلام وأصاب المسلمين.
٢٤٨ ـ فداحة مأساة
الحسين عليهالسلام وفظاعتها :
(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي ، ص ٧٤)
يقول المؤرخ
الانكليزي الشهير (جيبون) : إن مأساة الحسين عليهالسلام المروّعة ، بالرغم من تقادم عهدها وتباين موطنها ، لا بدّ
أن تثير العطف والحنان في نفس أقل القرّاء إحساسا وأقساهم قلبا .. ويقول سيد أمير
علي : والآن وقد وقفنا على تفاصيل تلك المذبحة النكراء ، نستطيع أن نفهم مبلغ
الحزن الممضّ الّذي يشجو قلوب شيعة علي عليهالسلام عند إحياء ذكرى استشهاد الحسين عليهالسلام.
تراجم وأنساب بعض قتلة الحسين عليهالسلام
٢٤٨ ـ لا يقتل
الحسين عليهالسلام إلا ابن زنا :
(معالي السبطين
للمازندراني ، ج ١ ص ١٨٤) قال المازندراني : في الخبر : «إن ولد الزنا لا يطهر إلا
بعد سبعة أبطن». قال الإمام الصادق عليهالسلام : «قاتل الحسين عليهالسلام ولد زنا ، كما أن قاتل يحيى ابن زكريا أيضا ولد زنا». وقد
اختبروا قتلة الحسين عليهالسلام فوجدوهم كلهم أولاد زنا.
٢٤٩ ـ (والذي خبث
لا يخرج إلا نكدا): (المصدر السابق)
وقال المازندراني
: نعم إذا نظرنا إلى السير والتواريخ ، وجدنا أن كل من تولّى قتل الحسين عليهالسلام إما معلوم بأنه ولد زنا ، أو مجهول الحسب ومخدوش النسب. أولهم
يزيد بن معاوية ، وقد كانت أمه ميسون بنت بجدل الكلبي ، أمكنت عبد أبيها من نفسها
، فحملت بيزيد. وكان يزيد جبارا عنيدا خبيث المولد (وَالَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً). وأما عبيد الله بن زياد ، فأولا نأخذ الكلام بذكر أبيه
زياد ،
فنقول : إن زيادا
ليس له أب معروف ، وكانت عائشة تسميه زياد بن أبيه. وكانت أمه سميّة معروفة
ومشهورة بالزنا ، عاهرة ذات علم تعرف به. وقد وطئها أبو سفيان وهو سكران على فراش
زوجها (عبيد) فعلقت منه بزياد ، فادّعاه أبو سفيان سرا. فلما آل الأمر إلى معاوية
قرّبه إليه وأدناه ورفع منزلته وعلّاه ، وادّعى أنه أخوه. واستخلفه على العراق ،
وأمره بحرب الحسن عليهالسلام حتى دسّ إليه السم. وقد صرّح أبو سفيان بأنه هو الّذي وضعه
في رحم أمه. أما ابنه عبيد الله وإن كان ينسب إلى زياد ، ولكن ليس بمعلوم ، لأن
أمه مرجانة هي جارية مشهورة ومعروفة بالزنا. وكلام الحسين عليهالسلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ «صريح بأنه أيضا ولد زنا.
ولما آل الأمر إلى يزيد جعل عبيد الله بن زياد أميرا على الكوفة ، وأمره بقتل
الحسين عليهالسلام ، فقتله شرّ قتلة (وَالَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً). ثم اعلم أن في نسب سعد بن أبي وقاص والد عمر بن سعد
كلاما. وإن كان ينسب إلى أبي وقاص ، لكن قيل إن رجلا من بني عذرة كان خادما لأمه
فزنى بها ، فأولدها سعدا. ويؤيده قول معاوية له حين قال له سعد بن أبي وقاص : أنا
أحق منك بالخلافة ، قال : يأبى ذلك عليك بنو عذرة ، يعني لست أنت بابن أبي وقاص ،
أنت من تلك العشيرة (عذرة) وهم لا يليقون للخلافة ، ولست أنت من قريش. ولو كان سعد
طيّب المولد وزكي النسب ، لما ولد زنديقا فاسقا يكون أول من يتولى قتل الحسين عليهالسلام ، وهو المجرم عمر بن سعد. وللننظر الآن في أنساب هؤلاء
الأدعياء بالتفصيل.
٢٥٠ ـ نسب يزيد بن
معاوية : (وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)
روى صاحب كتاب (إلزام
الناصب) ، وأبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي النسّابة المعروف في كتاب (المثالب)
، والحافظ أبو سعيد إسماعيل بن علي الحنفي في كتابه (مثالب بني أمية) ، والشيخ أبو
الفتح جعفر بن محمّد الميداني في كتابه (بهجة المستفيد) : أن يزيد بن معاوية ، أمه
كانت (ميسون) بنت بجدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد ، فهو ابن
زنا وليس ابن معاوية. وقبيلة كلب من النصارى ، فهو ابن عبد وابن نصرانية.
٢٥١ ـ نسب زياد بن
أبيه : (المصدر السابق)
زياد ابن أبيه ،
سمّي بذلك لأنه ابن زنا مجهول الأب ، فقد كانت (سمية) أم زياد ، مشهورة بالزنا ،
ومن ذوات الرايات بالطائف. وولد زياد على فراش عبيد بن علاج
مولى ثقيف ، فادعى
معاوية أن أباه أبا سفيان قد زنى بسميّة ، وأن زيادا أخوه ، فسمّاه زياد بن أبي
سفيان ، وذلك ليقرّبه منه ويستفيد من بطشه ودهائه.
٢٥٢ ـ نسب عبيد
الله بن زياد :
من هذا النسل
الطاهر ولد عبيد الله بن زياد ، من أم أعجمية اسمها (مرجانة) ، فكان أخبث وأنجس من
أبيه ، كما كان يزيد أخبث من أجداده. وما أجمل ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، متمنيا
زوال ملك بني زياد :
(مروج الذهب
للمسعودي ، ج ٣ ص ٦٨)
أقول وذاك من
جزع ووجد
|
|
أزال الله ملك
بني زياد
|
وأبعدهم ، بما
غدروا وخانوا
|
|
كما بعدت ثمود
وقوم عاد
|
ترجمة عبيد الله بن زياد
[٣٠ ـ ٦٧ ه]
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٧٠)
ولد عبيد الله بن
زياد سنة ٣٠ هجرية ، وعمره يوم الطف سبع وثلاثون سنة. كانت أمه (مرجانة) مجوسية ،
وقيل إنها سبيّة من إصفهان. ولما طلّقها أبوه (زياد بن أبيه) تزوجت من الأساورة ،
فتربى بينهم عبيد الله ، فكانت لهجته أعجمية فيها لكنة.
وفي (البيان
والتبيين) للجاحظ : أنه كان ألكن ، يقلب الحاء هاء ويقلب القاف كافا. (وفي تاريخ
الطبري ، ج ٧ ص ٦) قالت مرجانة لابنها عبيد الله لما قتل الحسينعليهالسلام : ويلك ما ذا صنعت ، وما ذا ركبت يا خبيث؟!. قتلت ابن رسول
الله!. والله لا ترى الجنة أبدا. وروى بعضهم أنها قالت له : وددت أنك حيضة ولم تأت
الحسين ما أتيت. (وفي تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٨) قال له أخوه عثمان : وددت أن في
أنف كل رجل من بني زياد خزامة إلى يوم القيامة ، وأن الحسين لم يقتل. فلم يردّ
عليه عبيد الله. (وفي المعارف لابن قتيبة ، ص ٢٥٦) : كان عبيد الله طويلا جدا ، لا
يرى ماشيا إلا ظنوه راكبا. (وفي أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٤ ص ٧٧) : كان عبيد
الله بن زياد جميلا أرقط. وكان مملوءا شرا. وهو أول من وضع المثالب ليعارض بها
تابع : ترجمة عبيد
الله بن زياد
الناس بمثل ما
يقولون فيه. وكان أكولا لا يشبع ، يأكل في اليوم أكثر من خمسين أكلة. ويروى في
كيفية قتله : أن المختار الثقفي لما ولي أمر العراق ، وجّه (إبراهيم بن مالك
الأشتر) لقتال عبيد الله بن زياد ، قائد جيش أهل الشام ، فالتقى الجيشان في الموصل
من أرض العراق. ودارت معركة طاحنة ، حمل فيها إبراهيم بن الأشتر على عبيد الله ابن
زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قدّه بها نصفين ، وذهبت رجلاه في المشرق
ويداه في المغرب ، ثم احتزّ رأسه.
وكانت الوقعة يوم
عاشوراء سنة ٦٧ ه بعد مقتل الحسين عليهالسلام بست سنين. ولم يقتل من أهل الشام بعد (صفين) مثلما قتل في
هذه الوقعة ، إذ قتل منهم سبعون ألفا. وبعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ورؤوس
قواده إلى المختار. ونصب المختار رأس ابن زياد في الكوفة ، في نفس المكان الّذي
نصب فيه رأس الحسين عليهالسلام. ثم إن المختار بعث برأس عبيد الله بن زياد إلى محمّد بن
الحنفية ، ثم بعثه إلى الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو بمكة ، فأدخل عليه وهو يتغدى ، فسجد شكرا لله ، وقال :
الحمد لله الّذي أدرك لي ثأري من عدوي. واستبشر الهاشميون كثيرا بعمل المختار.
٢٥٣ ـ نسب معاوية
: (وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)
أما معاوية ، فليس
أشرف من زياد ، فهو أيضا مجهول الأب. روى هشام الكلبي في كتابه (المثالب) قال :
كان معاوية لأربعة : لعمارة ابن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ولمسافر بن عمرو ،
ولأبي سفيان ، وللصباح ابن مغني الأسود. قال : وكانت أمه هند بنت عتبة من
المعلّمات [أي لها راية تعرف بها أنها زانية] ، وكان أحبّ الرجال إليها السودان.
وقالوا : كان أبو سفيان دميما قصيرا ، وكان الصبّاح أجيرا لأبي سفيان شابا وسيما ،
فدعته هند إلى نفسها. ولما ولد معاوية اختلفوا في نسبته ، ثم ألحق بأبي سفيان.
ولقد توافقت نفسية معاوية مع زياد ابن أبيه ، ونفسية يزيد مع عبيد الله ابن زياد ،
لأن الأصل متشابه ، والطبائع متقاربة. فلينظر العاقل
إلى أصول هؤلاء
القوم ، وهل يقارنون بآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا!.
٢٥٤ ـ أصل بني
أميّة ليس من قريش : (سفينة البحار ، ج ١ ص ٤٦)
عن (كامل البهائي)
: أن أمية كان غلاما روميا لعبد شمس ، فلما ألفاه كيّسا فطنا ، أعتقه وتبنّاه ،
فقيل أمية بن عبد شمس ، وكان ذلك دأب العرب في الجاهلية. إذن فبنو أمية كافة ليسوا
من قريش ، وإنما لحقوا ولصقوا بهم. ويصدّق ذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام في أحد كتبه إلى معاوية حيث يقول : «ليس المهاجر كالطليق ،
ولا الصريح كاللصيق آ. ولم يستطع معاوية إنكار ذلك.
٢٥٥ ـ نسب شمر بن
ذي الجوشن الضبابي :
(المصدر السابق ، ص ٨٨)
هو شمر بن ذي
الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية (وهو الضبّاب بن كلاب). روى هشام بن
محمّد الكلبي في كتاب (المثالب) أن امرأة ذي الجوشن خرجت من جبّانة البيع إلى
جبانة كندة ، فعطشت في الطريق ، ولاقت راعيا يرعى الغنم ، فطلبت منه الماء ، فأبى
أن يعطيها إلا بالإصابة منها ؛ فواقعها الراعي ، فحملت بالشمر اللعين. لذلك لما
قال شمر للحسين عليهالسلام يوم الطف : تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة ، أجابه الحسين عليهالسلام : يابن راعي المعزى ، أنت أولى بها صليّا. وكان شمر في
السابق داخلا في معسكر أمير المؤمنين عليهالسلام في صفين ، ثم مال إلى الخوارج وصار في حزب الشيطان ، مع يزيد
وابن زياد ، ثم باشر بنفسه قتل الحسين عليهالسلام وذبحه. نعوذ بالله من خبث السريرة وسوء الخاتمة.
٢٥٦ ـ توثيق
العجلي لابن سعد :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ١٠٨)
وثّق العجلي عمر
بن سعد ، فقال : كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه. وهو تابعي ثقة ، وهو
الّذي قتل الحسين عليهالسلام .
يقول السيد باقر
شريف القرشي : ولم نعلم كيف كان ابن سعد ثقة مع قتله لريحانة
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإبادته العترة الطاهرة التي أوجب الله مودتها على عموم
المسلمين!.
ترجمة عمر بن سعد [٢٣ ـ ٦٥ ه]
(الأعلام للزركلي)
عمر بن سعد بن أبي وقّاص : أمير من القادة الشجعان. سيّره عبيد الله بن زياد على
أربعة آلاف لقتال الديلم ، وكتب له عهده على الرّي (وهي المنطقة الجنوبية من طهران
اليوم).
ثم لما علم ابن
زياد بمسير الحسين عليهالسلام من مكة متوجها إلى الكوفة ، كتب إلى عمر بن سعد أن يعود
بمن معه ، فعاد. فولاه قتال الحسين عليهالسلام ، فاستعفاه ، فهدده فأطاع. وتوجّه إلى لقاء الحسين عليهالسلام فكانت الفاجعة بمقتله. وكان عمره يومئذ ٣٨ عاما. وعاش عمر
بن سعد إلى أن خرج المختار الثقفي يتتبّع قتلة الحسين عليهالسلام فبعث إليه من قتله بالكوفة .. وقصة ذلك أن المختار أعطى
عمر بن سعد أمانا وقرّبه منه ، ثم بعث إليه من يقتله في داره (وهو أبو عمرة كيسان).
فبينما ابن سعد قائم إليه إذ عثر في جبّة له فوقع على السرير ، فأسرع أبو عمرة
إليه واحتزّ رأسه. فظهر بذلك تصديق دعوة الحسين عليهالسلام على ابن سعد حين قال له : آ وسلّط الله عليك من يذبحك بعدي
على فراشك آ. كما صدقت نبوءته عليهالسلام بعدم تولّي عمر بن سعد ولاية الريّ وجرجان ... ثم إن
المختار نصب رأس ابن سعد على قصبة بالكوفة ، عبرة لمن يعتبر ، تصديقا لقول الحسين عليهالسلام : «وكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة ، يتراماه الصبيان
ويتّخذونه غرضا بينهم آ. هذا ويتصل نسب (عمر بن سعد) مع الإمام الحسين عليهالسلام وبني هاشم في كلاب بن مرّة. فهو عمر بن سعد بن مالك (أبي
وقّاص) ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب. والحسين عليهالسلام هو ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
بن قصي بن كلاب. ولذلك كان عمر بن سعد يقول في شعره : (حسين ابن عمّي والحوادث
جمّة ...).
الفصل السابع والعشرون
تسيير الرؤوس والسبايا إلى الكوفة
ويتضمن هذا الفصل
:
حوادث عشية اليوم العاشر من المحرم :
ـ حال السبايا
مساء اليوم العاشر
ـ اقتسام القبائل
لرؤوس الشهداء بعد قطعها
ـ تسيير رؤوس
الشهداء إلى الكوفة
اليوم الحادي عشر من المحرم :
ـ عمر بن سعد يدفن
قتلاه
ـ كم كان عدد قتلى
جيش ابن سعد؟
ـ تسيير سبايا أهل
البيت عليهالسلام إلى الكوفة
ـ كيف أركبوا
السبايا على المطايا
ـ مرور السبايا
على مصارع الشهداء
ـ ندب زينب وسكينة
عليهالسلام
ـ انفصال ركب
السبايا عن كربلاء
ـ تسيير رأس
الحسين عليهالسلام إلى الكوفة
ـ تبييت خولي
للرأس الشريف في داره
اليوم الثاني عشر من المحرم :
ـ دخول الرأس
الشريف إلى الكوفة
ـ خولي يطلب
الجائزة من ابن زياد
اليوم الثالث عشر من المحرم :
ـ دخول موكب
الرؤوس والسبايا إلى الكوفة
ـ خبر مسلم
الجصّاص
ـ خطبة زينب عليهالسلام في أهل الكوفة
ـ خطبة فاطمة
الصغرى بنت الحسين عليهالسلام
ـ خطبة أم كلثوم
بنت علي عليهالسلام
ـ خطبة الإمام زين
العابدين عليهالسلام
ـ وصف بشير بن
حذيم للناس وهم حيارى
ـ في قصر الإمارة
:
ـ إدخال رأس
الحسين عليهالسلام على ابن زياد
ـ إدخال العترة
الطاهرة عليهالسلام
ـ مجادلة زيد بن
أرقم مع عبيد الله بن زياد
ـ محاورة زينب عليهالسلام مع ابن زياد
ـ ملاسنة الإمام
زين العابدين عليهالسلام لابن زياد
ـ محاولة ابن زياد
قتل الإمام زين العابدين عليهالسلام
ـ وضع السبايا في
السجن
ـ دفن جسد الحسين عليهالسلام وأجساد الشهداء (رض)
اليوم الرابع عشر وما بعده :
ـ إحضار المختار
الثقفي ليرى الرأس الشريف
ـ نهاية عمر بن
سعد
ـ محاولة ابن زياد
التنصّل من مسؤولية قتل الحسين عليهالسلام
ـ خبر عبد الله بن
عفيف الأزدي
ـ تطويف الرأس
الشريف في سكك الكوفة ، ثم صلبه
ـ صلب الرؤوس
بالكوفة على الخشب
ـ كلام الرأس
المقدس
ـ قصة الغلامين
إبراهيم ومحمد ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام
ـ نعي الحسين عليهالسلام في المدينة المنوّرة.
الفصل السابع
والعشرون
تسيير الرؤوس
والسبايا إلى الكوفة
مقدمة الفصل :
يختص هذا الفصل
بالحوادث التي حصلت على الرؤوس والسبايا خلال تسعة أيام ، ابتداء من عشية يوم
عاشوراء ، إلى تسييرهم من كربلاء إلى الكوفة ، وحتى نهاية إقامة السبايا في الكوفة
في اليوم التاسع عشر من المحرم. يبدأ الفصل بتوضيح كيف بات السبايا في الليلة
الأولى بعد مقتل الحسين عليهالسلام ، وهي التي تدعى ليلة اليتيمة الأولى. وذلك أن زينب
العقيلةعليهالسلام بعد أن أحرقوا كل خيام أهل البيت عليهالسلام طلبت من عمر بن سعد خيمة ليبيت فيها النساء والأطفال.
فباتوا فيها أسرى الذل والانكسار ، والخوف والهلع. وفي نفس الوقت كان قادة جيش عمر
بن سعد يقطعون رؤوس الشهداء ويتقاسمونهم على ضوء المشاعل ، وذلك بعد أن صلّوا صلاة
العشاء الباطلة. ثم سيّروا الرؤوس إلى ابن زياد. ثم ينتقل الفصل إلى حوادث اليوم
الحادي عشر من المحرم ، حيث ارتحل عمر بن سعد بالسبايا عند الزوال ، وأركبهم على
جمال بغير وطاء ، فمرّوا بهم على جسد الحسين عليهالسلام وعلى القتلى من الشهداء (رض). وعندها أبّنت زينب عليهالسلام أخاها الحسين عليهالسلام بندب تسيخ منه الجبال الصماء ، ثم ودّعنه متوجهين إلى
الكوفة التي تبعد عن كربلاء جنوبا نحو ٧٠ كم. وفي اليوم الثاني عشر ، كان خولي
يحمل رأس الحسين عليهالسلام إلى عبيد الله بن زياد ، طالبا منه الجائزة. وفي اليوم
الثالث عشر ، كانت السبايا تدخل الكوفة في موكب حاشد مهيب مع الرؤوس ، وقد خرجت
الكوفة بأهلها عن بكرة أبيها. فخطبت في تلك الجموع كلّ من زينب العقيلةعليهالسلام وفاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام ، ثم أم كلثوم بنت علي عليهالسلام ، ثم الإمام زين العابدين عليهالسلام الذي كانت العلة قد أنهكته. ثم أدخل الرؤوس والسبايا إلى
قصر الإمارة ، وعرضوا على عبيد الله بن زياد ، الّذي بدأ يتشفّى من الحسين عليهالسلام بضرب رأسه بالقضيب،
ويشمت به ويقول :
يوم بيوم بدر! .. وفي هذا الجو الموبوء بالترّهات والأضاليل ، وقفت زينب عليهالسلام تفرغ على لسان أبيها علي أمير المؤمنين عليهالسلام كلمات الحق التي تفضح يزيد وأعمال ابن زياد ، بشجاعة
وإقدام ، يوازي شجاعة أخيها الحسين عليهالسلام وإقدامه في كربلاء. فأتمّت بذلك أهداف نهضته المباركة ، في
ذلك الموقف الّذي لا يجرؤ أحد فيه على التفوّه بكلمة واحدة. ولما تلاسن الإمام زين
العابدين عليهالسلام مع ابن زياد ، همّ بقتله ، فتمسكت به زينب عليهالسلام وقالت : إذا أردتم قتله فاقتلوني معه ، فبهتوا وتركوه. ثم
حملوه مع السبايا إلى السجن. ومنذ أن أتمّ الإمام زين العابدين عليهالسلام رسالته في مجلس ابن زياد ، كان على موعد بعد مقتل أبيه
بثلاثة أيام ، على العود إلى كربلاء بعيدا عن الأنظار ، ليقوم بدفن جسد أبيه
الحسين عليهالسلام وأجساد البدور التمّ من بني هاشم ، والأقمار من أصحابهم.
فوجد عليهالسلام بني أسد هناك ، وقد تنادوا لدفن القتلى ، فأمرهم أن يحفروا
حفرتين كبيرتين ؛ إحداهما لدفن الآل ، والأخرى لدفن الأصحاب. أما جسد الحسين عليهالسلام فقد كان ممزّقا أشلاء ، فوضعه الإمام زين العابدين عليهالسلام عليحصير ، وحمله إلى لحده الّذي هيأه له ، حيث أقره فيه ،
وأهال التراب عليه ، والملائكة أعوانه. ثم أمر عليهالسلام بدفن سيدنا العباس عليهالسلام في مكان استشهاده بالقرب من نهر العلقمي ، بعيدا عن الحائر
الحسيني. ولما شفى ابن زياد حقده من الرأس الشريف ، ورؤوس الشهداء من أهله وأصحابه
، أمر بها فطوّفت في سكك الكوفة وقبائلها. وكان الرأس الشريف وهو على السنان ،
يقرأ آيات القرآن ، بأعذب لسان وأفصح بيان. ثم أمر ابن زياد بالرؤوس كلها فنصبت
على الخشب ، وهي أول رؤوس تصلب في الإسلام. وبعد أن قضى الإمام زين العابدين عليهالسلام والسبايا عدة أيام في السجن ، جاء الأمر من يزيد بتسيير
السبايا والرؤوس إلى دمشق ، من أطول طريق مأهول بالناس ، للتشهير بهم وتخويف الناس
من أن يخرجوا عليه. وفي تلك الفترة كان نعي الحسين عليهالسلام قد وصل إلى المدينة المنورة ، حيث كان الوالي عمرو بن سعيد
الأشدق ، الّذي شمت واغتبط لمقتل الحسينعليهالسلام. بينما خرجت المدينة بقضّها وقضيضها تندب الحسين عليهالسلام وتلطم الخدود عليه ، ناهيك عن عبد الله بن جعفر والحسن
البصري وأم سلمة (رض) وأم لقمان بنت عقيلعليهالسلام.
حوادث عشية اليوم العاشر من المحرم
٢٥٧ ـ ليلة بائسة
حالكة يلفّها الحزن ويعتصرها الأسى :
يقول السيد عبد
الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٣٦٥ : يا لها من ليلة بائسة مرت على بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ذلك العزّ الشامخ الّذي لم يفارقهن منذ أوجد الله
كيانهن. فلقد كنّ بالأمس في سرادق العظمة وأخبية الجلالة ، يشعّ نهارها بشمس
النبوة ، ويضيء ليلها بكواكب الإمامة ومصابيح أنوار القداسة. وبقين في هذه الليلة
في حلك دامس ، من فقد تلك الأنوار الساطعة ؛ بين رحل منتهب وخباء محترق وفرق سائد
وحماة صرعى ، ولا محامي لهن ولا كفيل ، لا يدرين من يدفع عنهن إذا دهمهنّ داهم ،
ومن الّذي يردّ عادية المرجفين ، ومن يسكّن فورة الفاقدات ، ويخفض من وجدهن. نعم
كان بينهن صراخ الصبية وأنين الفتيات ونشيج الولهى. فأم طفل فطمته السهام ، وشقيقة
مستشهد ، وفاقدة ولد ، وباكية على حميم. وإلى جنبهن أشلاء مبضّعة وأعضاء مقطّعة
ونحور دامية ، وهنّ في فلاة من الأرض جرداء. ويقول السيد أسد حيدر في كتابه (مع
الحسين في نهضته) ص ٢٨٥ : وأكبّت زينب عليهالسلام على جسد الحسين الطاهر ، وهي تحاول أن تجد موضعا يسمح لها
بتقبيله فلم تجد ، لكثرة النبال التي زرعت فيه. وفي هذا المعنى قال السيد جعفر
الحلي :
قد رام يلثمه
فلم ير موضعا
|
|
لم يدمه عضّ
السلاح فيلثم
|
٢٥٨ ـ حال السبايا مساء يوم عاشوراء :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٠٥)
قال السيد ابن
طاووس في (الإقبال) : اعلم أن أواخر النهار من يوم عاشورا ، كان اجتماع حرم الحسين
عليهالسلام وبناته وأطفاله في أسر الأعداء ، ومشغولين بالحزن والهموم
والبكاء. وانقضى عليهم آخر ذلك النهار ، وهم فيما لا يحيط به قلمي من الذل والانكسار.
وباتوا تلك الليلة فاقدين لحماتهم ورجالهم ، وغرباء في إقامتهم وترحالهم ،
والأعداء يبالغون في البراءة منهم ، والإعراض عنهم وإذلالهم ، ليتقربوا بذلك إلى
المارق عمر بن سعد ، مؤتم أطفال محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومقرّح الأكباد ، وإلى الزنديق عبيد الله بن زياد ، وإلى
الكافر يزيد بن معاوية ، رأس الإلحاد والعناد.
٢٥٩ ـ نساء من؟
هؤلاء الذين يساقون سبايا :
(الحسين إمام الشاهدين ، ص ٨٨)
يقول الدكتور علي
شلق : حرائر من تسبى؟. أطفال من تسبى؟. أولاد من تسبى؟ .. أولاد محمّد بن عبد الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم مجري أنهار الخير إلى مكة والمدينة ، ومفيض البركة على ذلك
العصر ، ودنيا كل قطر ومصر. أبناؤه يساقون نساء وأطفالا سبايا ، بعد أن خلّفوا
وراءهم فلذات أكبادهم ، وقد صبغت دماؤهم التراب. ويدفعون أذلة معولين منهوكين إلى
... عبيد الله بن زياد ، النجل المختار لزياد ابن أبيه. ابن من؟ ابن سميّة. وسمية
من؟ واحدة من البغايا التي ضاجعها أبو سفيان جدّ يزيد سرا ، وستر عاره. فجاء ولده
معاوية البار يفاخر بأبيه الزاني ، ويعلن أنه أخ لزياد. من نسل هذا الفاجر زياد ،
جاء من سفك دم حفيد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فيالغرابة الأقدار ، ويا عجبا غاية العجب من إنسانية
الإنسان!.
٢٦٠ ـ النساء
يتجمعن حول جسد أبي عبد الله الحسين عليهالسلام :
لما أحرقوا خيم
الحسين عليهالسلام جاءت زينب عليهالسلام إلى زين العابدين عليهالسلام وقالت له : ماذا نصنع؟. قال : هيموا على وجوهكم في البيداء!.
فأقبلن إلى مصرع أبي عبد الله الحسين عليهالسلام وأحطن بجثمانه الطاهر ؛ واحدة تمسح عنه التراب ، وأخرى
تظلله عن حرارة الشمس ، والثالثة تصبغ شعرها بدمه. كأن الشاعر قد أطلّ عليهن في
ذلك اليوم فوصف حالهن فقال :
فواحدة تحنو
عليه تشمّه
|
|
وأخرى عليه
بالرداء تظلّل
|
وأخرى بفيض
النحر تصبغ شعرها
|
|
وأخرى تفدّيه
وأخرى تقبّل
|
وأخرى على خوف
تلوذ بجنبه
|
|
وأخرى لما قد
نالها ليس تعقل
|
٢٦١ ـ زينب عليهاالسلام تطلب من عمر بن سعد خيمة لإيواء النساء والأطفال :
قال بعض المؤرخين :
بعثت الحوراء زينب
عليهالسلام طفلين من أطفال أبي عبد الله الحسين الصغار ، قالت لهما :
امضيا إلى معسكر ابن سعد ، وقولا له : إن عمتنا زينب تقول : إن أصحابك أحرقوا
خيامنا كلها ، وهذا الليل قد غشينا ، فامر أصحابك أن ينصبوا لنا خيمة حتينجمع بها
الأطفال والعيال سواد هذه الليلة. ذهب الطفلان ، والحزن والانكسار باد عليهما ،
حتى وصلا إلى عمر بن سعد ، وأبلغاه مقالة عمتهما
زينب عليهالسلام. فأمر عمر بن سعد أصحابه ، فضربوا خيمة. فجمعت زينب عليهاالسلام الأطفال والعيال في تلك الخيمة ، ووقفت هي على يمينها ،
وأم كلثوم على شمالها ، وجعلت تتفقّد النسوة والأطفال ، إذ افتقدت الرباب زوجة
الحسين عليهالسلام. فخرجت في طلبها تنادي : رباب كلّميني ، في أي واد أنت؟
٢٦٢ ـ الرباب تبحث
عن طفلها الرضيع :
إلى أن وصلت إلى
مصرع الحسين عليهالسلام فرأتها جالسة هناك. قالت لها : ما الذي أخرجك في هذا الليل؟.
قالت : سيدتي لا تلوميني. لما جنّ عليّ الليل درّت عليّ محالبي ، وأوجعني صدري ،
فجئت إلى رضيعي لعلي أجد فيه رمق الحياة ، فوجدته مذبوحا من الوريد إلى الوريد.
يقول الشيخ محمّد تقي الجواهري مصوّرا مناجاة الرباب لابنها الذبيح عبد الله :
بنيّ أفق من
سكرة الموت وارتضع
|
|
بثدييك علّ
القلب يهدأ هائمه
|
بنيّ لقد درّا
وقد كظّك الظما
|
|
لعلك يطفى من
غليلك ضارمه
|
بنيّ لقد كنت
الأنيس لوحدتي
|
|
وسلواي إذ يسطو
من الهم غاشمه
|
٢٦٣ ـ منظر يفطّر الفؤاد ويفتّ في
الأكباد :
(بطلة كربلاء زينب بنت الزهراء لبنت الشاطئ ، ص ١٢٧)
مع غروب شمس العاشر
من المحرم ، كانت الدماء تلطخ ثرى كربلاء ، وتنعكس الأنوار المنبلجة منها على
الأفق ، فتكسبه حمرة وردية لم تر فيه من قبل. تلك الدماء الزكية التي تجري من
الأشلاء المتناثرة على الربى والسهوب ، وقد جرّدت منها الرؤوس ، تسطع منها أنوار
العزة والشهادة ، وتفوح منها رائحة الجنة والخلود. قالت بنت الشاطئ : ولاح القمر
من وراء الغيوم خابي الضوء شاحبه ، وعلى ذلك الضوء الشاحب بدت (زينب) في نفر من
الصبية ، وجمع من الأرامل والثواكل ، عاكفات على تلك الأشلاء ، يلتمسن فيها ذراع
ولد حبيب ، أو كتف زوج عزيز ، أو قدم أخ غال. وغير بعيد منهن كان عسكر (ابن زياد)
يسمرون ويشربون ، ويحصون على ضوء المشاعل ما قطعوا من رؤوس ، وما انتهبوا من
أسلاب. وما أن خيّم الظلام حتى كانت رؤوس الشهداء الأبرار والمؤمنين الأحرار تحمل
على رؤوس الرماح ، إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة.
٢٦٤ ـ تسريح رأس الحسين
عليهالسلام إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)
وسرّح عمر بن سعد
من يومه ذاك ـ وهو يوم عاشوراء ـ برأس الحسين عليهالسلام مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي ، إلى عبيد
الله بن زياد في الكوفة. (أقول) : الظاهر أن تسيير رأس الحسين عليهالسلام كان منفردا ومتقدما على تسيير بقية الرؤوس. وكذلك فإن
تسيير الرؤوس الباقين كان سابقا على تسيير السبايا. إلا أن دخول الكوفة كان مشتركا
في موكب واحد.
قطع الرؤوس وعدّها
٢٦٥ ـ قطع الرؤوس
وإرسالها إلى الكوفة :
(لواعج الأشجان ، ص ١٧٣)
وأمر ابن سعد
برؤوس الباقين من أصحاب الحسين عليهالسلام وأهل بيته فقطعت (ونظّفت) وكانت اثنين وسبعين رأسا ،
وسرّحت مع شمر بن ذي الجوشن ، وقيس بن الأشعث بن قيس ، وعمرو بن الحجاج ، فأقبلوا
بها على ابن زياد. وروي أن الرؤوس كانت ثمانية وسبعين رأسا ، اقتسمتها القبائل
لتتقرب بها إلى ابن زياد وإلى يزيد. وفي (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٧ :
وحمل مع رأس الحسين عليهالسلام اثنان وتسعون رأسا.
٢٦٦ ـ تحقيق حول
عدد الرؤوس التي قطعت وسيّرت إلى الكوفة :
(أنصار الحسين للشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، ص ٥٧ و ٦٣ ط ٢)
تجمع الروايات على
عدد الرؤوس التي قطعت بعد نهاية المعركة ، وأرسلت إلى الكوفة ، وهذا العدد بين ٧٠
رأسا و ٧٥ رأسا. ومن الذين ذكروا أن عدد الرؤوس كان ٧٢ رأسا كل من أبي مخنف
والدينوري والشيخ المفيد. وبما أن المسلّم به أن كل من حضر مع الحسين عليهالسلام من الأنصار قد استشهد معه (إلا الثلاثة المذكورين وهم :
الضحاك بن عبد الله المشرقي ، وعقبة بن سمعان ، والمرقّع بن ثمامة الأسدي) فيكون
عدد القتلى أكثر من هذا العدد.
لكن يمكن دفع هذا
الإشكال بأن نقول : إن تقديرات الرواة كانت تستبعد دائما من الحساب القتلى من
الموالي ، لأسباب عنصرية كانت تلعب دورها في ذلك الوقت ، مع أن عدد الموالي
الخاصين بأهل البيت عليهالسلام وغيرهم كان كبيرا
لا يستهان به.
فيجوز أن رؤوس الشهداء لم تقطع كلها ، وإذا كان العدد الكلي للشهداء ١٢٠ شهيدا فلا
تعارض بينه وبين ما ذكرته بعض الروايات من أن عدد الرؤوس التي سيّرت ٧٨ رأسا.
٢٦٧ ـ اقتسام
القبائل لرؤوس الشهداء :
(الأخبار الطوال للدينوري ، ص ٢٥٩)
قال الدينوري :
وحملت الرؤوس على أطراف الرماح ، وكانت اثنين وسبعين رأسا. جاءت هوازن منها باثنين
وعشرين رأسا (مع شمر بن ذي الجوشن). وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا ، مع الحصين بن
نمير. وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا ، مع قيس بن الأشعث. وجاءت بنو أسد بستة رؤوس ،
مع هلال الأعور. وجاءت الأزد بخمسة رؤوس ، مع عيهمة بن زهير. وجاءت ثقيف باثني عشر
رأسا ، مع الوليد بن عمرو. ووفق هذا الاحصاء يكون العدد ٧٥ وليس ٧٢ كما ذكر.
ـ رواية أخرى : (اللهوف
على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٦٠)
وروي أن أصحاب
الحسين عليهالسلام كانوا ثمانية وسبعين ٧٨ رأسا. فاقتسمتها القبائل لتتقرب
بذلك إلى عبيد الله بن زياد وإلى يزيد بن معاوية. فجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا ،
وصاحبهم قيس بن الأشعث. وجاءت هوازن باثني عشر رأسا ، وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن.
وجاءت تميم بسبعة عشر رأسا. وجاءت بنو أسد بستة عشر رأسا. وجاءت مذحج بسبعة رؤوس.
وجاء باقي الناس بثلاثة عشر رأسا.
٢٦٨ ـ قطع الرؤوس
سمة وحشية اتخذها بنو أمية ، ولا تجوز في الإسلام :
(أنصار الحسين ، ص ٢٢٥ ط ٢)
قال الشيخ شمس الدين
بتصرف : إن قطع رأس الميت ، قتيلا كان أو ميّتا حتف أنفه ، هو من المثلة ، التي
نهى عنها الإسلام وأكد على حرمتها. يقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تمثّلوا ولو بالكلب العقور».
ولم يحدث أن النبي
صلىاللهعليهوآلهوسلم في كل حروبه مع الكفار ، أنه قطع رأس أحد منهم بعد موته ،
وعلى ذلك سار الخلفاء الأربعة من بعده.
يظهر من هذا أن
الاسلام لا يشجّع على قطع رأس العدو الكافر المحارب ، فكيف بقطع رأس المسلم ،
ونقله من بلد إلى بلد.
وقد انتهك ملوك
بني أمية هذا الحكم الشرعي الواضح ، ولا نعرف من أين اقتبس الأمويون هذا الأسلوب
في معاملة قتلاهم ؛ هل من عقليتهم الجاهلية التي لم تزايلهم في يوم من الأيام ، أو
لعلهم اقتبسوه من الكفرة الروم الذين كانوا يقلدونهم في طريقة حياتهم؟!.
وأول انتهاك نعرفه
لهذا التشريع الاسلامي ، هو ما فعله عامل معاوية على الموصل ، حين أمره معاوية
بقتل عمرو بن الحمق الخزاعي (الصحابي العابد الزاهد) ، فقطع رأسه وبعث به إلى
معاوية. ولم يكتف معاوية بذلك ، بل إنه استدعى زوجة عمرو بن الحمق ، وقذف برأس
زوجها في حجرها وهي في سجنه بدمشق ، وهي لا تعلم أنه قد قتل. إنها وحشية ما بعدها
وحشية.
لكن هذا التصرف
المحدود ، لم يصل نبؤه إلى المسلمين في الأقطار المترامية. ولذلك كان قتل الحسين عليهالسلام وحمل رأسه ورؤوس أصحابه وتجوالهم في الأقطار ، حدثا جديدا
ومستهجنا بالنسبة لعامة المسلمين. لذلك قال الطبري في (تاريخه ، ج ٥ ص ٣٩٤) عن زرّ
بن حبيش : «أول رأس رفع على خشبة ، رأس الحسين رضي الله عنه ، وصلى الله على روحه».
وهنا نتساءل :
لماذا قطعت الرؤوس بهذه الطريقة الوحشية ، ثم رضّ جسد الحسينعليهالسلام؟. هل كان هذا بدافع انتقامي ، أم بدافع سياسي إعلامي؟.
الحق أنه كان بدافع انتقامي بعث عليه الحقد الدفين ، لكنه بعد ذلك استغلّ للغرض
الإعلامي السياسي ، للتشهير بالحسين عليهالسلام ومحو أي أمل يراود أي مسلم في الخروج على السلطة الجائرة.
انتهى كلامه.
حوادث اليوم الحادي عشر
٢٦٩ ـ دفن ابن سعد
لقتلاه :
(لواعج الأشجان ،
ص ١٧٣ ؛ ومقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٣) ثم إن ابن سعد جمع القتلى من أصحابه ، وصلى
عليهم ودفنهم. وترك سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول الأكرم ومن معه من أهل بيته
وصحبه بلا غسل ولا كفن ولا دفن ، تسفي عليهم الصّبا ويزورهم وحش الفلا .. يقول العلامة الشيخ محمّد تقي آل
صاحب الجواهر :
__________________
فإن يمس فوق
التّرب عريان لم تقم
|
|
له مأتما تبكيه
فيه محارمه
|
فأيّ حشى لم يمس
قبرا لجسمه
|
|
وفي أي قلب ما
أقيمت مآتمه
|
وأقام بقية اليوم
العاشر ، واليوم الثاني إلى زوال الشمس.
٢٧٠ ـ عدد الذين
قتلوا من جيش عمر بن سعد :
ذكر ابن عساكر في
تاريخه ، ص ٢٢٨ ؛ والمسعودي في (مروج الذهب) ج ٣ ص ٧٢ : أن عدد من قتل من أصحاب
عمر بن سعد في حرب الحسين عليهالسلام كان ٨٨ رجلا. (أقول) بناء على هذا الكلام ، فإن عدد من قتل
من أصحاب عمر بن سعد يساوي تقريبا من قتل من أنصار الحسين عليهالسلام. وهذا أمر لا يمكن تصديقه ، إذ كيف يقتل من باعوا حياتهم
لله ، مثلما يقتل من باعوا حياتهم للدنيا!. وهذه كتب المقاتل تدحض ذلك. إن كتب
السير والمقاتل تذكر كم قتل كل شهيد من أنصار الحسين عليهالسلام حتى استشهد ، فبعضهم قتل عشرة أو أكثر ، فكيف يكون عدد
الجميع ٨٨ رجلا؟. عدا عما قتله الإمام الحسين عليهالسلام وأخوه العباس عليهالسلام اللذان يعادل كل واحد منهما ببطولته جيشا كاملا!. والذي
أراه أن هذه الروايات هي من دسائس الأمويين ليموّهوا على الناس ويوهموهم أن عدد
القتلى منهم كان قليلا ، حتى لا يثور الناس عليهم ، ولا تظهر بطولة الهاشميين
وشجاعتهم الباهرة. ففي اعتقادي أن العدد المذكور مقسوم على عشرة على أقل تقدير ،
فعدد المقتولين من حزب ابن سعد هو ألف أو يزيد.
٢٧١ ـ كم كان عدد
القتلى من الجانبين :
(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ١٧٩)
يقول السيد أسد
حيدر : وهلمّ لنرى تكافؤ القوى في القتلى ، إذ يقول أكثرهم أنه قتل من جيش ابن سعد
٨٤ ، ويقابله من أصحاب الحسين (ع) ٨٤ ، فلم يزد بعضهم على الآخر!. وما أدري من أين
جاء هذا التقابل والمساواة ، وكيف يصح!. لقد كان أنصار الحسين عليهالسلام مستميتين ، وكانت معنوياتهم عالية ، وكان الواحد منهم يقتل
العشرة والمئة قبل أن يستشهد ، فكيف يكون عدد الشهداء منهم كعدد القتلى من الأعداء؟!.
إن هذا لا يمكن تصديقه. بل إن سلطة ابن زياد أرادت إخفاء الحقائق وتوهيم الناس
بقلة عدد القتلى من جنوده ، حتى لا يثور عليه الناس. وإليك دليلا على كذب دعاية
السلطة ، وأن قتلى ابن سعد أكثر من أن يحصوا.
٢٧٢ ـ ما قالته
زينب الصغرى عليهالسلام :
(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ، ص ٣٤٥)
قال ابن عصفور
البحراني في مقتله : لما قال أحدهم في مجلس يزيد : إن الحسين جاء في نفر من أصحابه
وعترته ، فهجمنا عليهم ، وكان يلوذ بعضهم بالبعض ، فلم تمض ساعة إلا قتلناهم عن
آخرهم. قالت الصدّيقة الصغرى زينب عليهالسلام : ثكلتك الثواكل أيها الكذّاب ، إن سيف أخي الحسين عليهالسلام لم يترك في الكوفة بيتا إلا وفيه باك وباكية ونائح ونائحة.
يشير هذا إلى كثرة القتلى في صفوف ابن زياد.
٢٧٣ ـ العدد
المذكور لا يكافئ ما قتله شخص واحد :
(أقول) : إن ما
ذكره بعض الرواة من أن عدد قتلى جيش عمر بن سعد ٨٨ رجلا يكافئ ما قتله شخص واحد من
أنصار الإمام الحسين عليهالسلام. فمثلا إن أبا الشعثاء الكندي لوحده قتل أكثر من هذا العدد
، فلقد أثر عنه أنه رمى مئة سهم بين يدي الحسين عليهالسلام ، وكانت رميته لا تخطئ. فإذا كان واحد قد قتل مئة ، فكيف
يكون عدد القتلى ٨٨ فقط. وكذلك فإن علي الأكبر عليهالسلام لما هجم على جموع القوم قتل بسببه ١٢٠ شخصا ، ثم أثناء
رجوعه تمام المئتين. وهذا ليس بمستغرب ، إذ ليس كل القتلى كانوا يقتلون مباشرة ،
بل ربما كانوا يقتلون بعضهم بعضا من الذعر والرعب.
٢٧٤ ـ كم قتل
العباس عليهالسلام قبل أن يقتل؟ :
(أسرار الشهادة ، ص ٣٤٥)
قال الفاضل
الدربندي : إن الذين قتلهم العباس عليهالسلام من الأعداء لا بدّ أن يكون عددهم أكثر من عدد جميع من
قتلهم سائر الشهداء ، وذلك لأن شجاعة العباس عليهالسلام توازي شجاعة الكل ، عدا علي الأكبر عليهالسلام.
٢٧٥ ـ عدد الذين
قتلهم الحسين عليهالسلام :
(المصدر السابق)
وقال الفاضل
الدربندي : القدر المتيقّن وما عليه اتفاق الكل ، هو أن عدد الأشرار الذين قتلهم
سيد الشهداء عليهالسلام لوحده هو ما يقرب من ألفين ، سوى المجروحين. وأما ما ذكره
ابن عصفور في مقتله ففيه مبالغة.
٢٧٦ ـ الحسين عليهالسلام وأصحابه قتلوا الآلاف من عسكر ابن سعد :
(نهاية الأرب للقلقشندي ، ص ٤٢٣)
يقول القلقشندي [ت
٨٢١ ه] في كتابه (نهاية الأرب في معرفة أنساب العرب) عن الحسين عليهالسلام وصحبه : فقتل فيه الإمام عليهالسلام وأهله وسبعون من أصحابه الصّفوة ، بعد أن قتل الآلاف من
أهل الكوفة. وهذا اعتراف صريح بجسامة العدد وأنه بحدود الآلاف وليس المئات.
الرحيل من كربلاء
٢٧٧ ـ تسيير سبايا
أهل البيت عليهالسلام إلى الكوفة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٣)
قال السيد المقرم
: وبعد الزوال ارتحل [ابن سعد] إلى الكوفة ، ومعه نساء الحسين عليهالسلام وصبيته وجواريه وعيالات الأصحاب ، وكنّ عشرين امرأة. وسيّروهنّ
على أقتاب الجمال بغير وطاء ، كما يساق سبي الترك والروم ، وهن ودائع خير
الأنبياء. ومعهن السجّاد علي بن الحسين عليهالسلام وعمره ثلاث وعشرون سنة ، وهو على بعير ظالع [أي يعرج في
مشيته] بغير وطاء ، وقد أنهكته العلة ، ومعه ولده محمد الباقر عليهالسلام وله سنتان وشهور. ومن أولاد الإمام الحسن المجتبى : زيد
وعمرو والحسن المثنّى ... وكان معهم عقبة بن سمعان مولى الرباب زوجة الحسين عليهالسلام.
٢٧٨ ـ النداء
بالرحيل :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٠٩)
ثم إن عمر بن سعد
أقام بقية يومه [العاشر] واليوم الثاني إلى زوال الشمس. فجمع قتلاه ، فصلى عليهم
ودفنهم. وترك الحسين عليهالسلام وأصحابه منبوذين بالعراء. ثم أمر حميد بن بكير الأحمري ،
فأذّن بالناس بالرحيل إلى الكوفة. قيل : إن عدد نساء الحسين عليهالسلام وعياله دون الأطفال عشرون امرأة. وعن (كامل البهائي) : أن
النساء كنّ جميعهن عشرين نسوة. وعن (المناقب) : وجاؤوا بالحرم أسارى ، إلا
شهربانويه ، فإنها أتلفت نفسها في الفرات. وفي (سير أعلام النبلاء) للذهبي : فقدم
بهم وبزينب وفاطمة بنتي علي عليهالسلام وفاطمة وسكينة بنتي الحسين عليهالسلام وزوجته
الرباب الكلبية
والدة سكينة ، وأم محمّد بنت الحسن بن علي عليهالسلام ، وعبيد وإماء لهم. (أقول) : قوله فاطمة بنت علي عليهالسلام توهّم ، والصحيح : أم كلثوم بنت علي عليهالسلام وهي زينب الصغرى.
٢٧٩ ـ إركاب
النسوة على المطايا :
(الفاجعة العظمى ، ص ١٩١)
قال الدربندي في (أسرار
الشهادة) : ثم أمر ابن سعد بأن تحمل النساء على الأقتاب بلا وطاء ، فقدّمت النياق
إلى حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقيل لهن : تعالين واركبن ، فقد أمر ابن سعد بالرحيل.
فلما سمعت زينب عليهالسلام ذلك ، جعلت تنادي : يابن سعد سوّد الله وجهك ، أتأمر هؤلاء
القوم بأن يركبونا ، ونحن ودائع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قل لهم يتباعدون عنا ، دعنا حتى يركب بعضنا بعضا. فأمر
اللعين فقال : تنحّوا عنهن. فأقبلت زينب عليهالسلام ومعها أم كلثوم ، فجعلت تركب العيال والأطفال ، وتنادي كل
واحدة من النساء والأطفال باسمها ، وتركبها على المحمل. ٢٨٠
ـ أركبوهم على جمال بدون وطاء! : (المصدر السابق).
وفي (اللهوف) : ثم
رحل [عمر بن سعد] بمن تخلّف من عيال الحسين عليهالسلام ، وحمل نساءه على أحلاس أقتاب الجمال [الحلس : كل ما ستر
ظهر الدابة ، ويوضع عليه الرحل والقتب والسرج ، جمعها أحلاس. والقتب : الرحل
الصغير على قدر سنام البعير ، جمعها أقتاب] بغير غطاء ولا وطاء ، وهنّ ودائع
الأنبياء. وساقوهن كما يساق سبي الترك والروم ، في أشدّ المصائب والهموم.
٢٨١ ـ كيف أركبوا
الإمام زين العابدين عليهالسلام : (المصدر السابق)
وفي (نفس المهموم)
عن كتاب (المصابيح) بإسناده إلى الإمام جعفر الصادق عليهالسلام قال : قال لي أبي محمّد الباقر عليهالسلام : سألت أبي علي بن الحسين عليهالسلام عن حمل يزيد له؟. فقال : حملني على بعير يظلع [أي يعرج]
بغير وطاء ، ورأس الحسين عليهالسلام على علم ، ونسوتنا خلفي على جمال ، والفارطة خلفنا ،
وحولنا الرماح ، إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه بالرمح. وفي (معالي السبطين) ج ٢ ص
٥٤ : ثم أركبوا الإمام زين العابدين عليهالسلام على بعير أعجف ، فلم يتمالك الركوب من شدة الضعف. فأخبروا
ابن سعد ، فقال : قيّدوا رجليه من تحت بطن الناقة ، ففعلوا ذلك. وساروا بهم على
تلك الحالة.
المرور على مصارع الشهداء عليهالسلام
٢٨٢ ـ المرور على
مصرع الحسين عليهالسلام : (مثير الأحزان لابن نما ، ص ٦٤)
قال السيد الحميري
في رثاء الحسين عليهالسلام :
امرر على جدث
الحسين
|
|
وقل لأعظمه
الزكيّه
|
يا أعظما لا زلت
من
|
|
وطفاء ساكبة
رويّه
|
وإذا مررت بقبره
|
|
فأطل به وقف
المطيّه
|
وابك المطهّر
للمطهّر
|
|
والمطهّرة
التقيّه
|
كبكاء معولة أتت
|
|
يوما لواحدها
المنيّه
|
٢٨٣ ـ مرور السبايا على مصارع الشهداء
عليهالسلام : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٦)
[لما أمر ابن سعد
بحمل السبايا] فقال النسوة : بالله عليكم إلا ما مررتم بنا على القتلى. فمرّوا بهم
على الحسين عليهالسلام وأصحابه وهم صرعى. فلما نظر النسوة إلى القتلى مقطعي
الأوصال ، قد طعنتهم سمر الرماح ، ونهلت من دمائهم بيض الصفاح ، وطحنتهم الخيل
بسنابكها ؛ صحن ولطمن الوجوه.
٢٨٤ ـ زينب
العقيلة تؤبّن الحسين عليهالسلام :
في (لواعج الأشجان) ص ١٩٨ ط ٤ :
قال الراوي : فو
الله لا أنسى زينب بنت علي عليهالسلام وهي تندب الحسين عليهالسلام وتنادي بصوت حزين وقلب كئيب : يا محمداه ، صلى عليك مليك
السماء. هذا حسين مرمّل بالدماء ، مقطّع الأعضاء ، وبناتك سبايا. إلى الله المشتكى
، وإلى محمّد المصطفى ، وإلى علي المرتضى ، وإلى فاطمة الزهراء ، وإلى حمزة سيّد
الشهداء. يا محمداه ، هذا حسين بالعراء ، تسفي عليه ريح الصّبا ، قتيل أولاد
البغايا. وا حزناه وا كرباه عليك يا أبا عبد الله ، اليوم مات جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. يا أصحاب محمّد هؤلاء ذرية المصطفى ، يساقون سوق السبايا.
(وفي بعض الروايات) أنها قالت : يا محمداه ، بناتك سبايا ، وذرّيتك مقتّلة ، تسفي
عليهم ريح الصّبا. وهذا حسين محزوز الرأس من القفاء ، مسلوب العمامة والرداء. بأبي
من أضحيعسكره يوم الاثنين نهبا. بأبي من فسطاطه مقطّع العرى. بأبي من لا هو غائب
فيرتجى ، ولا جريح
فيداوى. بأبي من نفسي له الفدا. بأبي المهموم حتى قضى. بأبي العطشان حتى مضى. بأبي
من شيبته تقطر بالدما. بأبي من جده رسول إله السما. بأبي من هو سبط نبي الهدى.
بأبي محمّد المصطفى ، بأبي خديجة الكبرى ، بأبي علي المرتضى ، بأبي فاطمة الزهراء.
بأبي من ردّت له الشمس حتى صلّى. قال الراوي : فأبكت والله كل عدوّ وصديق. وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٣٩ : حتى رأينا دموع الخيل تنحدر على حوافرها.
وفي (العيون
العبرى للميانجي) ص ١٩٨ ، عن التستري ما معناه : ثم إن الحوراء عليهالسلام وضعت فمها على نحر أخيها المنحور ، وقبّلت موضعا لم يقبّله
نبي ولا وصي ولا أمها الزهراء عليهالسلام ، وهي تقول : بأبي من نفسي له الفداء. بأبي المهموم حتى
قضى. بأبي العطشان حتى مضى. بأبي من شيبته تقطر بالدماء .. وفي (الفاجعة العظمى) ص
١٨٧ : ثم قالت للحسين عليهالسلام : أخي يابن أمي ، والله لقد كللت من المدافعة عن هؤلاء
الأطفال والنساء ، وهذا متني قد اسودّ من الضرب. أخي أبا عبد الله ، لقد أتونا
بالنياق مهزولة ، لا موطّأة ولا مرحولة ، وناقتي مع هزلها صعبة الانقياد. أخي
ودّعتك الله السميع العليم. أخي لو خيّروني بين الرحيل والمقام عندك لاخترت المقام
عندك ، ولو أن السباع تأكل من لحمي. يا خليفة أبي وأخي ، فإن فراقي هذا لا عن ضجر
ولا عن ملالة ، ولكن يابن أمي الأمر كما ترى. فاقرأ جدي وأبي وأخي عنا السلام.
٢٨٥ ـ زينب عليهالسلام تشاطر أخاها الحسين عليهالسلام مسؤوليات النهضة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٦)
وقبل أن تودّع
زينب عليهالسلام أرض الشهادة ، وقفت على جسد أخيها الحسين عليهالسلام المرمّل بالدماء ، ثم بسطت يديها تحت بدنه المقدس ، ورفعته
نحو السماء ، وقالت : [إلهي تقبّل منا هذا القربان ]. أجل إنه القربان الّذي قدّمه أهل البيت عليهالسلام فداء للدين الإسلامي المجيد. وهذا القول يدلنا على أن زينب
عليهالسلام كانت قد أخذت على نفسها أن تقوم بتلك النهضة المقدسة مع
أخيها الحسين عليهالسلام. فقامت بعد استشهاده لتتابع تلك النهضة وتكمل أهدافها ،
وتحقق مراميها البعيدة. ولنعم ما قال العلامة ميرزا محمد علي الأوردبادي :
__________________
وتشاطرت هي
والحسين بدعوة
|
|
حتم القضاء
عليهما أن يندبا
|
هذا بمشتبك
النصول ، وهذه
|
|
في حيث معترك
المكاره والسّبا
|
٢٨٦ ـ ندب سكينة بنت الحسين عليهالسلام لأبيها : (العيون العبرى ص ١٩٩)
ثم إن سكينة عليهالسلام اعتنقت جسد أبيها ، وهي تقول : يا أبتاه ، ألبسني بنو أمية
ثوب اليتم. يا أبتاه إذا أظلم عليّ الليل من يحمي حماي؟. يا أبتاه إذا عطشت فمن
يروي ظماي؟. يا أبتاه انظر إلى رؤوسنا المكشوفة ، وإلى أكبادنا الملهوفة ، وإلى
عمتي المضروبة ، وإلى أمي المسحوبة!.
فاجتمعت عدة من
الأعراب حتى جرّوها عنه عليهالسلام.
وفي (نفس المهموم)
قالت سكينة عليهالسلام : لما قتل الحسين عليهالسلام اعتنقته ، فأغمي عليّ ، فسمعته يقول :
شيعتي ما إن
شربتم
|
|
عذب ماء
فاذكروني
|
أو سمعتم بغريب
|
|
أو شهيد
فاندبوني
|
فأنا السبط الذي
|
|
من غير جرم
قتلوني
|
وبجرد الخيل
عمدا
|
|
بعد قتلي سحقوني
|
٢٨٧ ـ مرور السبايا على مصارع الشهداء
عليهالسلام وما قالته أم كلثوم عليهالسلام :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢١٠)
وعن (تظلم الزهراء)
و (المعدن) : أن بني أمية جاؤوا بالنساء قصدا وعنادا ، وعبّروهن على مصارع آل
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. فلما رأت أم كلثوم أخاها الحسين عليهالسلام وهو مطروح على الأرض ، تسفو عليه الرياح ، وهو مكبوب مسلوب
، وقعت من أعلى البعير إلى الأرض ، وحضنت أخاها عليهالسلام وهي تقول ببكاء وعويل : يا رسول الله ، انظر إلى جسد ولدك
ملقى على الأرض بغير غسل ، وكفّنه الرمل السافي عليه ، وغسّله الدم الجاري من
وريديه. وهؤلاء أهل بيته يساقون سبايا في سبي الذل ، ليس لهم محام يمانع عنهم.
توضيح : تذكر بعض
الروايات أن القوم مروا بالأسارى على القتلى مرتين : ـ مرة في اليوم العاشر ،
بعدما قتلوا الحسين عليهالسلام وهجموا على الخيام وأحرقوها. ـ ومرة في اليوم الحادي عشر ،
وهن على أقتاب الجمال راكبات ، وبعد العزّ مذلّلات. ولكننا اقتصرنا آنفا على ذكر
المرور الأخير ، ودمجنا معه ما قيل في المرور الأول ، تماشيا مع ما أورده السيد
الأمين في لواعجه ، والسيد المقرم في مقتله.
٢٨٨ ـ زينب عليهالسلام تطمئن زين العابدين عليهالسلام بأن الله سيرسل من يدفن جثث الشهداء : (مثير الأحزان
للجواهري ، ص ٩٣)
(في كامل ابن
الأثير) عن قدامة بن زائدة (قال) قال لي علي بن الحسين عليهالسلام بعد كلام : إنه لما أصابنا بالطف ما أصابنا ، وقتل أبي
وقتل من كان معه من ولده وإخوته وسائر أهله ، وحمل نساؤه على الأقتاب ، يراد بنا
الكوفة ، فجعلت أنظر إليهم صرعى ولم يواروا ، فعظم ذلك في صدري ، واشتدّ لما أرى
منهم قلقي ، وكادت تخرج نفسي ، وتبيّنت ذلك مني عمتي زينب بنت علي الكبرى ، فقالت
لي : مالي أراك تجود بنفسك يا بقية جدي وأبي وإخوتي؟. فقلت : وكيف لا أجزع وأهلع ،
وقد أرى سيدي وإخوتي وعمومتي وبني عمي وأهلي مصرّعين بدمائهم ، مرمّلين بالعراء
مسلّبين ، لا يكفّنون ولا يوارون ، ولا يعرّج عليهم أحد ، ولا يقربهم بشر؟ كأنهم
أهل بيت من الديلم والخزر؟!.
فقالت : لا يجز
عنّك ما ترى ، فو الله إن ذلك لعهد من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى جدك وعمك وأبيك ، ولقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه
الأمة ، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السموات والأرض ، أنهم
يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها ، وهذه الجسوم المضرّجة فيدفنونها ،
وينصبون في هذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء ، لا يدرس أثره ، ولا يعفو رسمه ،
على كرور الليالي والأيام. وليجتهدنّ أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه ،
فلا يزداد أثره إلا ظهورا ، وأمره إلا علوّا.
٢٨٩ ـ انفصال ركب
السبايا من كربلاء :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٩)
وأتاهن زجر بن قيس
، وصاح بهن فلم يقمن ، فأخذ يضربهن بالسوط ، واجتمع عليهن الناس حتى أركبوهن على
الجمال .
وركبت العقيلة
زينب عليهالسلام ناقتها ، فتذكرت ذلك العزّ الشامخ والحرم المنيع ، الّذي
تحوطه الليوث الضواري ، والأباة من آل عبد المطلب ، وتحفّه السيوف المرهفة ،
والرماح المثقّفة ، والأملاك تخدمها فيه ، فلا يدخلون إلا مستأذنين.
يقول سليمان
القندوزي في (ينابيع المودة) ج ٢ ص ١٧٦ ط ١ : ثم إن عمر بن
__________________
سعد توجه إلى
الكوفة بالسبايا على الجمال ، نحو أربعين جملا ، بغير وطاء ولا غطاء ، وفخذا علي
بن الحسين عليهالسلام يترشحان دما.
تسيير رأس الحسين عليهالسلام إلى الكوفة
٢٩٠ ـ تسيير رأس
الحسين عليهالسلام مع خولي :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)
وسرّح عمر بن سعد
من يومه ذلك ـ وهو يوم عاشوراء ـ برأس الحسين عليهالسلام مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي ، إلى عبيد
الله بن زياد.
(أقول) : المسافة
من كربلاء إلى الكوفة نحو ٧٢ كم ، وتحتاج في قطعها إلى أكثر من يوم كامل ، فيكون
وصول الرأس الشريف إلى الكوفة مساء اليوم الحادي عشر من المحرم. ولما وجد خولي قصر
الإمارة في الكوفة مغلقا ، عمد إلى تبييت الرأس الشريف في داره كما سترى. وفي
صبيحة اليوم التالي [١٢ محرم] كان خولي مع الرأس يدخل القصر ، ليأخذ الجائزة من
ابن زياد.
٢٩١ ـ مسجد
الحنّانة أول منزل نزل به رأس الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٥٦)
في (نفس المهموم)
قال الشيخ عباس القمي : وفي ظهر الكوفة عند قائم الغريّ ، مسجد يسمى بالمسجد
الحنّانة ، فيه يستحب زيارة الحسين عليهالسلام ، لأن رأسه عليهالسلام وضع هناك ، ومن هناك حمل إلى عبيد الله بن زياد. ولما جيء
برأس الحسين عليهالسلام من كربلاء إلى الكوفة ، ووصل هناك وقد مضى من الليل شطره ،
فوضع الحامل اللعين الرأس المبارك في ذلك المقام ، وهذا أول منزل نزل به رأس
الحسين عليهالسلام في طريق الكوفة ، بقي غريبا وحيدا في ذلك المقام. ثم بنوا
مسجدا في ذلك المكان ، وسمي بالمسجد الحنّانة. وقيل سمّي بالحنانة لأنه لما وضع
رأس الحسين عليهالسلام فيه ، سمع من الرأس الشريف حنين وأنين إلى الصباح.
(أقول) : إن هذا
المسجد يقع في زماننا داخل النجف ، وتسمى تلك المنطقة بالحنّانة. وتقع النجف في
ظاهر الكوفة من الجهة الغربية على بعد عدة كيلومترات.
٢٩٢ ـ مبيت الرأس
الشريف في دار خولي :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)
(وجاء خولي بالرأس
الشريف) فوجد باب القصر مغلقا ، فأتى بالرأس إلى
منزله ، فوضعه تحت
إجّانة ، ودخل فراشه. وكان لخولي امرأتان : امرأة أسدية ، وامرأة
حضرمية يقال لها النّوّار ، وكانت تلك الليلة ليلة الحضرمية ، فأوى إلى فراشها.
فقالت له : ما الخبر؟. فقال : جئتك بغنى الدهر ، هذا رأس الحسين ابن علي معك في
الدار. فقالت : ويلك ، جاء الناس بالذهب والفضة ، وجئت برأس ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. والله لا يجمع رأسي ورأسك وسادة أبدا. وقامت من الفراش
فخرجت إلى الدار ... قالت : فما زلت والله أنظر إلى نور يسطع مثل العمود من
الإجّانة إلى السماء ، ورأيت طيورا بيضا [لعلها الملائكة] ترفرف حولها وحول الرأس.
فلما أصبح خولي ، غدا بالرأس إلى ابن زياد. وفي (البداية والنهاية) لابن كثير ، ج
٨ ص ١٩٠ : إن زوجته [العيّوف] رأت النور يسطع من تحت الإجانة إلى السماء ، وطيورا
بيضا ترفرف حولها ، وأن زوجته الأخرى النوّار بنت مالك ، قالت له : أتيت برأس ابن
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا يجمعني وإياك فراش أبدا ، ثم فارقته.
يقول السيد المقرم
في مقتله ، ص ٣٩١ : وكان منزل خولي على فرسخ [نحو ٦ كم] من الكوفة ، فأخفى الرأس
عن زوجته الأنصارية [وكان اسمها العيّوف] ، لما يعهده من موالاتها لأهل البيت عليهمالسلام ، إلا أنها لما رأت من التنور نورا راعها ذلك ، إذ لم تعهد
فيه شيئا. فلما قربت منه سمعت أصوات نساء يندبن الحسين عليهالسلام بأشجى ندبة. فحدّثت زوجها وخرجت باكية ، ولم تكتحل ولم
تتطيب حزنا على الحسين عليهالسلام.
حوادث اليوم الثاني عشر من المحرم
٢٩٣ ـ دخول الرأس
الشريف إلى الكوفة :
(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ٢٩٢)
يقول السيد أسد
حيدر : ودخلت الكوفة ـ في اليوم الثاني عشر ـ مجموعة من الجند المدججين بالسلاح ،
يقدمهم قاتل الحسين ، وهو يحمل الرأس ، ويرتجز مفتخرا :
املأ ركابي فضة
أو ذهبا
|
|
إني قتلت السيد
المحجّبا ..
|
__________________
٢٩٤ ـ خولي يطلب
الجائزة من ابن زياد :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٢)
وعند الصباح غدا [خولي]
بالرأس إلى قصر الإمارة ، وقد رجع ابن زياد في ليلته من معسكره بالنّخيلة ، فوضع
الرأس بين يديه وهو يقول :
املأ ركابي فضة
أو ذهبا
|
|
إني قتلت السيد
المحجبا
|
وخيرهم من
يذكرون النسبا
|
|
قتلت خير الناس
أمّا وأبا
|
فساء ابن زياد
قوله أمام الجمع ، فقال له : إذا علمت أنه كذلك فلم قتلته؟. والله لا نلت مني
شيئا.
يقول السيد الأمين
في (لواعج الأشجان) ص ١٨٣ : وقيل : إن سنانا أنشده هذه الأبيات على باب فسطاط عمر
بن سعد (في كربلاء) ، فحذفه بالقضيب ، وقال له : أو مجنون أنت ، والله لو سمعك ابن
زياد لضرب عنقك.
وقيل : المنشد لها
عند ابن سعد هو الشمر ، باعتباره هو القاتل الحقيقي.
توضيح :
يظهر من الروايات
السابقة أن الرأس الشريف قد حمله خولي إلى الكوفة قبل ورود السبايا بيوم ، ودخل به
على ابن زياد يطلب الجائزة. لكن روايات أخرى تذكر دخول السبايا والرؤوس إلى الكوفة
معا ومعها الرأس الشريف. ولا يمكن إزالة التعارض بين الأمرين إلا بافتراض أن خولي
بعد إدخاله الرأس على ابن زياد ، عاد فأرجعه ودخل به مع ركب السبايا والرؤوس.
السبايا والرؤوس في
الكوفة
٢٩٥ ـ ورود
السبايا والرؤوس على الكوفة :
(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للزنجاني ، ص ٣٥٤)
قال الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) : فلما وصل عسكر ابن زياد (بالسبايا والرؤوس) إلى الكوفة
(مساء ١٢ محرم) غابت الشمس ، فلم يتمكنوا من أن يدخلوا الكوفة بأجمعهم ، فنزل
طوائف منهم من الحرسة والموكلين على السبايا والرؤوس المطهرة في خارج الكوفة ،
وضربوا الخيام والفساطيط من ناحية ، وأنزلوا السبايا وأهل بيت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم من ناحية أخرى.
حوادث اليوم الثالث عشر من المحرم
٢٩٦ ـ ابن زياد
يعلن الأحكام العرفية في الكوفة :
(المصدر السابق)
قال الفاضل
الدربندي : وفي (الكبريت الأحمر) للشيخ محمّد باقر القائني : أمر ابن زياد في يوم
ورود السبايا على الكوفة أن لا يخرج أحد من أهل الكوفة مع السلاح ، وأمر بعشرة
آلاف فارس أن يأخذوا السكك والطرق والأسواق والشوارع ، خوفا من الناس من أن تتحرك
حميتهم وغيرتهم وإحساساتهم على أهل البيت عليهالسلام ، إذا رأوهم بتلك الحالة. وأمر أن تجعل الرؤوس في أوساط
المحامل ، أمام النساء. وأمر أيضا بأن يطاف بهم في الشوارع والأسواق حتى يغلب على
الناس الخوف والخشية.
٢٩٧ ـ وصف كيفية
دخول الرؤوس والسبايا :
(مدينة المعاجز للشيخ هاشم البحراني ، ص ٢٧١ ط حجر إيران)
روى سهل بن حبيب
الشهررودي قال : كنت قد أقبلت في تلك السنة أريد الحج إلى بيت الله الحرام ، فدخلت
الكوفة فوجدت الأسواق معطلة والدكاكين مغلقة ، والناس مجتمعون خلقا كثيرا حلقا
حلقا ؛ منهم من يبكي سرا ، ومنهم من يضحك جهرا. فتقدمت إلى شيخ منهم وقلت له : يا
شيخ ما نزل بكم؟. أراكم مجتمعين كتائب ، ألكم عيد لست أعرفه للمسلمين؟. فأخذ بيدي
وعدل بي ناحية عن الناس ، وقال : يا سيدي ما لنا عيد. ثم بكى بحرقة ونحيب. فقلت :
أخبرني يرحمك الله. قال : إن بكاءهم بسبب عسكرين : أحدهما منصور ، والآخر مهزوم
مقهور. فقلت : لمن هذان العسكران؟. فقال : عسكر ابن زياد وهو ظافر منصور ، وعسكر
الحسين بن علي عليهالسلام وهو مهزوم مكسور.
ثم قال : واحرقتاه
أن يدخل علينا رأس الحسين عليهالسلام. فما استتم كلامه ، إذ سمعت البوقات تضرب ، والرايات تخفق
قد أقبلت. فمددت طرفي وإذا بالعسكر قد أقبل ودخل الكوفة. فلما انقضى دخوله سمعت
صيحة عالية ، وإذا برأس الحسين عليهالسلام قد أقبل على رمح طويل ، وقد لاحت شواربه ، والنور يخرج
ساطعا من فيه ، حتى يلحق بعنان السماء. فخنقتني العبرة لمّا رأيته.
٢٩٨ ـ دخول الرؤوس
على الرماح :
(مدينة المعاجز للشيخ هاشم البحراني ، ص ٢٧١ ط حجر إيران)
قال الشيخ هاشم
البحراني : وشالوا الرؤوس على الرماح ، ومعهم ثمانية عشر رأسا علويا على أطراف
الرماح ، وقد رفعوها وأشهروها على الأعلام. ورأس مولانا الحسين عليهالسلام قد أخذ عمود نور من الأرض إلى السماء ، كأنه البدر. وكان
القوم يسيرون على نوره. وكان قد رفعوه على ذابل طويل ، وسيّروه على رأس عمر ابن
سعد.
٢٩٩ ـ دخول
السبايا إلى الكوفة :
(وسيلة الدارين ، ص ٣٥٥)
ثم أقبلت السبايا
، وإذا بعلي بن الحسين عليهالسلام على بعير بلا غطاء ولا وطاء ، وفخذاه ينضحان دما. ورأيت
جارية على بعير بغير غطاء ولا وطاء (وعليها برقع خز أدكن) ، فسألت عنها؟. فقيل لي
: هذه أم كلثوم ، وهي تنادي : يا أهل الكوفة ، غضّوا أبصاركم عنا. أما تستحيون من
الله ورسوله ، أن تنظروا إلى حرم رسول الله وهن حواسر؟!.
قال : فوقفوا بباب
بني خزيمة. ونظرت أم كلثوم إلى رأس أخيها ، فبكت وشقّت جيبها ، وأنشأت تقول :
ما ذا تقولون إذ
قال النبي لكم
|
|
ما ذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم
|
بعترتي وبأهلي
بعد مفتقدي
|
|
منهم أسارى ،
ومنهم ضرّجوا بدم
|
ما كان هذا
جزائي إذ نصحت لكم
|
|
أن تخلفوني بسوء
في ذوي رحمي
|
إني لأخشى عليكم
أن يحلّ بكم
|
|
مثل العذاب
الّذي يأتي على الأمم
|
٣٠٠ ـ خبر الّذي علّق رأس العباس
الأصغر بن علي عليهالسلام في لبب فرسه :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ٢٧٠)
العباس الأصغر عليهالسلام هو أخو الإمام الحسين عليهالسلام لأبيه ، وأمه لبّابة بنت عبيد الله بن العباس ، استشهد يوم
الطف .
يقول القاسم بن
الأصبغ المجاشعي : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، رأيت فارسا
__________________
قد أقبل ، وقد
علّق في ساق فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة البدر (وبين عينيه أثر السجود)
، فإذا طأطأ الفرس برأسه لحق رأس الغلام بالأرض. فسألت عن الفارس؟. فقيل : هو
حرملة بن كاهل. وسألت عن الرأس؟. فقيل : هو رأس العباس بن عليعليهالسلام.
وهذا مما يؤكد
وجود العباس الأصغر ، لأن العباس الأكبر عليهالسلام لم يكن غلاما أمرد ، بل كان عمره يوم قتل أربعا وثلاثين
سنة.
٣٠١ ـ قصة الّذي
حمل رأس حبيب بن مظاهر (رض):
(أعيان الشيعة للسيد الأمين)
فلما رجع التميمي
إلى الكوفة ، علّق رأس حبيب في عنق فرسه.
وكان لحبيب (رض)
ابن يسمى القاسم قد راهق ، فجعل يتبع الفارس الّذي معه رأس أبيه ، فارتاب به. فقال
: مالك تتبعني؟. قال : إن هذا الرأس الّذي معك هو رأس أبي ، فأعطني إياه حتى
أدفنه. فقال : إن الأمير لا يرضى أن يدفن ، وأرجو أن يثيبني. فقال : لكن الله لا
يثيبك إلا أسوأ الثواب ؛ وبكى الغلام .. ثم لم يزل يتبع أثر قاتل أبيه بعدما أدرك
، حتى قتله وأخذ بثأر أبيه ، وذلك أنه كان في عسكر ، فهجم عليه وهو في خيمة له نصف
النهار ، فقتله وأخذ رأسه.
وقد مرّت القصة في
الفقرة رقم ٦٢ ؛ فراجع.
٣٠٢ ـ كيفية دخول
سبايا أهل البيت عليهالسلام إلى الكوفة :
يقول السيد ابن
طاووس في (اللهوف) ص ٦١ : وسار ابن سعد بالسبي المشار إليه ، فلما قاربوا الكوفة
اجتمع أهلها للنظر إليهن. ويقول ابن نما في (مثير الأحزان) ص ٦٦ :
واجتمع الناس
للنظر إلى سبي آل الرسول ، وقرة عين البتول عليهالسلام.
٣٠٣ ـ شفقة نساء
أهل الكوفة على السبايا : (البحار ، ج ٤٥ ص ١٠٨ ط ٣)
قال : فأشرفت
امرأة من الكوفيات فقالت : من أي الأسارى أنتن؟. فقلن : نحن
__________________
أسارى آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فنزلت من سطحها وجمعت ملاء وأزرا ومقانع ، فأعطتهن
فتغطّين.
وفي (أمالي الطوسي)
قال : وكان مع النساء علي بن الحسين عليهالسلام قد نهكته العلة (وفي عنقه الجامعة ، ويده مغلولة إلى عنقه)
، والحسن بن الحسن المثنّى ، وكان قد نقل من المعركة وبه رمق. وكان معهم أيضا زيد
وعمرو ولدا الحسن السبط عليهالسلام.
٣٠٤ ـ زين
العابدين عليهالسلام يقول لأهل الكوفة : قتلتمونا وتنوحون علينا؟! :
(المصدر السابق)
فجعل أهل الكوفة
ينوحون ويبكون ، فقال علي بن الحسين عليهالسلام : أتنوحون وتبكون من أجلنا؟ فمن ذا الّذي قتلنا غيركم؟!
٣٠٥ ـ خبر مسلم
الجصّاص : (وسيلة الدارين في أنصار الحسين للزنجاني ، ص ٣٥٦)
وفي (البحار) عن
مسلّم الجصّاص في رواية قال :
دعاني ابن زياد
لإصلاح دار العمارة بالكوفة ، فبينما أنا أجصّص الأبواب ، وإذا أنا بالزعقات قد
ارتفعت من جوانب الكوفة. فأقبلت على خادم كان يعمل معنا ، فقلت : مالي أرى الكوفة
تضجّ بأهلها؟. قال : الساعة أتوا برأس خارجيّ خرج على يزيد. فقلت : من هذا الخارجي؟.
فقال : هو حسين بن علي عليهالسلام. قال : فتركت الخادم حتى خرج ، ولطمت وجهي حتى خشيت على
عينيّ أن تذهبا ، وغسلت يديّ من الجص ، وخرجت من ظهر القصر ، وأتيت إلى الكناس.
فبينما أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس ، إذ قد أقبلت نحو أربعين
شقة ، تحمل على أربعين جملا ، فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمةعليهالسلام ، وإذا بعلي بن الحسين عليهالسلام على بعير بغير وطاء ، وهو مع ذلك يبكي ، ويقول هذه الأبيات
:
يا أمة السوء لا
سقيا لربعكم
|
|
يا أمة لم تراع
جدّنا فينا
|
لو أننا ورسول
الله يجمعنا
|
|
يوم القيامة ما
كنتم تقولونا؟
|
تسيّرونا على
الأقتاب عارية
|
|
كأننا لم نشيّد
فيكم دينا
|
أليس جدي رسول
الله ويلكم
|
|
أهدى البرية من
سبل المضلّينا
|
__________________
٣٠٦ ـ الصدقة
محرّمة على أهل البيت عليهالسلام : (البحار ، ج ٤٥ ص ١١٤ ط ٣)
وصار أهل الكوفة
يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز ، فصاحت بهم أم كلثوم
وقالت : يا أهل الكوفة ، إن الصدقة علينا حرام. وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال
وأفواههم وترمي به إلى الأرض. قال : كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم.
٣٠٧ ـ صفة الرأس
الشريف : (البحار ، ج ١٠ ص ٢٢٤)
قال المجلسي :
أتوا بالرؤوس إلى الكوفة ، يقدمهم رأس الحسين عليهالسلام وهو رأس زهري قمري ، أشبه الخلق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولحيته كسواد السّبح ، قد نصل بها الخضاب ، ووجهه دارة قمر طالع ، والريح تلعب
بها يمينا وشمالا.
٣٠٨ ـ تأثّر زينب عليهالسلام من رؤية رأس أخيها عليهالسلام :
(البحار ، ج ٤٥ ص ١١٥ ط ٣)
فالتفتت زينب عليهالسلام فرأت رأس أخيها ، فنطحت جبينها بمقدّم المحمل ، حتى رأينا
الدم يخرج من تحت قناعها ، وأومأت إليه بخرقة ، وجعلت تقول :
يا هلالا لمّا
استتمّ كمالا
|
|
غاله خسفه فأبدى
غروبا
|
ما توهّمت يا
شقيق فؤادي
|
|
كان هذا مقدّرا
مكتوبا
|
يا أخي ، فاطمة
الصغرى كلّمها
|
|
فقد كاد قلبها
أن يذوبا
|
يا أخي ، قلبك
الشفيق علينا
|
|
ماله قد قسا
وصار صليبا
|
يا أخي لو ترى
عليا لدى الأس
|
|
ر مع اليتم لا
يطيق جوابا
|
كلما أوجعوه
بالضرب نادا
|
|
ك بذلّ يفيض
دمعا سكوبا
|
يا أخي ، ضمّه
إليك وقرّبه
|
|
وسكّن فؤاده
المرعوبا
|
ما أذلّ اليتيم
حين ينادي
|
|
بأبيه ، ولا
يراه مجيبا
|
٣٠٩ ـ خطبة زينب الكبرى عليهالسلام في أهل الكوفة :
(البحار ، ج ٤٥ ص ١٠٨ ط ٣)
[وفيها تعنّف أهل
الكوفة على ما فعلوه ، وتبيّن لهم فداحة عملهم وذنبهم الّذي اقترفوه ، وتعدهم
بالعذاب من الله ، والله لا يخفى عليه شيء مما عملوه].
__________________
في (اللهوف) لابن
طاووس : قال بشير بن خزيم الأسدي : ونظرت إلى زينب بنت علي عليهالسلام يومئذ ، ولم أر والله خفرة قطّ أنطق منها ، كأنما تفرغ على لسان أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليهالسلام. وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا ، فارتدّت الأنفاس وسكنت
الأجراس .
خطبة زينب العقيلة عليهالسلام
في أهل الكوفة
ثم قالت عليهالسلام : الحمد لله ، والصلاة على أبي محمّد (رسول الله) وآله
الطيبين الأخيار (آل الله).
أما بعد يا أهل
الكوفة ، يا أهل الختل والغدر ، أتبكون فلا رقأت الدمعة ، ولا هدأت الرنّة. إنما
مثلكم كمثل (كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها
مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) (٩٢) [النحل : ٩٢]
. ألا وهل فيكم إلا الصّلف والنّطف ، والعجب والكذب والشّنف ، وملق الإماء ، وغمز الأعداء ، أو كمرعى على دمنة ، أو كقصّة على ملحودة . ألا بئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم ، وفي
العذاب أنتم خالدون.
__________________
أتبكون وتنتحبون!.
أي والله فابكوا كثيرا ، واضحكوا قليلا ، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها ، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبدا. وأنى ترحضون ، قتل سليل خاتم النبوة
ومعدن الرسالة ، ومدرّة حجّتكم ومنار محجّتكم ، وملاذ خيرتكم ، ومفزع نازلتكم ،
وسيد شباب أهل الجنة. ألا ساء ما تزرون.
فتعسا ونكسا وبعدا
لكم وسحقا ، فلقد خاب السعي ، وتبّت الأيدي ، وخسرت الصفقة ، وبؤتم بغضب من الله ورسوله ، وضربت عليكم
الذلة والمسكنة. ويلكم يا أهل الكوفة ، أتدرون أيّ كبد لرسول الله فريتم ، وأيّ كريمة له أبرزتم ، وأي دم له سفكتم ، وأي حرمة له
انتهكتم؟. (لَقَدْ جِئْتُمْ
شَيْئاً إِدًّا ٨٩ تَكادُ السَّماواتُ
يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا) (٩٠) [مريم : ٨٩ ـ
٩٠] ولقد أتيتم بها (صلعاء عنقاء سوداء فقماء) خرقاء شوهاء ، كطلاع الأرض أو ملء السماء. أفعجبتم أن مطرت السماء دما! ولعذاب الآخرة
أخزى ، وهم لا ينصرون. فلا يستخفّنكم المهل ، فإنه (عزوجل) لا يحفزه البدار ، ولا يخاف فوت الثار ، وإن ربكم لبالمرصاد.
فقال لها الإمام
السجّاد عليهالسلام : اسكتي يا عمّة (ففي الباقي عن الماضي اعتبار) وأنت بحمد
الله عالمة غير معلّمة ، فهمة غير مفهّمة (إن البكاء والحنين لا يردّان من قد
أباده الدهر). فقطعت «العقيلة» الكلام ، وأدهشت ذلك الجمع المغمور بالتمويهات
والمطامع. وأحدث كلامها إيقاظا في الأفئدة ولفتة في البصائر ، وأخذت خطبتها من
القلوب مأخذا عظيما ، وعرفوا عظيم الجناية ، فلا يدرون ما يصنعون!
__________________
٣١٠ ـ خطبة فاطمة
الصغرى بنت الحسين عليهماالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٠٧ ط ٣)
[تلوم فيها أهل
الكوفة وتوبّخهم على قتل الحسين عليهالسلام ، وتبيّن لهم منزلة أهل البيت (ع) وتكريم الله لهم ، وتعدهم
العذاب الأليم من الله سبحانه على ما فعلوه].
خطبة فاطمة الصغرى
بنت الحسين عليهماالسلام
في (اللهوف) : روى
زيد بن موسى الكاظم عن أبيه عن جده عليهمالسلام قال : خطبت فاطمة بنت الحسين عليهاالسلام فقالت :
الحمد لله عدد
الرمل والحصى ، وزنة العرش إلى الثرى. أحمده وأومن به وأتوكل عليه ، وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن أولاده ذبحوا بشط
الفرات ، من غير ذحل ولا ترات .
اللهم إني أعوذ بك
أن أفتري عليك الكذب ، أو أن أقول عليك خلاف ما أنزلت عليه من أخذ العهود ، لوصيّه
علي بن أبي طالب عليهالسلام ، المسلوب حقه ، المقتول من غير ذنب (كما قتل ولده بالأمس)
في بيت من بيوت الله تعالى ، فيه معشر مسلمة بألسنتهم. تعسا لرؤوسهم ، ما دفعت عنه ضيما في حياته ولا عند مماته ، حتى
قبضه الله تعالى إليه محمود النقيبة ، طيّب العريكة ، معروف المناقب ، مشهور المذاهب ، لم تأخذه في الله
سبحانه لومة لائم ، ولا عذل عاذل. هديته الله مّ للإسلام صغيرا ، وحمدت مناقبه
كبيرا ، ولم يزل ناصحا لك ولرسولك ، زاهدا في الدنيا ، غير حريص عليها ، راغبا في
الآخرة ، مجاهدا لك في سبيلك ، رضيته فاخترته ، وهديته إلى صراط مستقيم.
أما بعد يا أهل
الكوفة ، يا أهل المكر والغدر والخيلاء ، فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم ،
وابتلاكم بنا ، فجعل بلاءنا حسنا ، وجعل علمه عندنا ، وفهمه لدينا ؛ فنحن عيبة
علمه ، ووعاء فهمه وحكمته ، وحجته على الأرض في بلاده لعباده. أكرمنا الله بكرامته
، وفضّلنا بنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآله على كثير من خلقه تفضيلا.
__________________
فكذّبتمونا
وكفّرتمونا ، ورأيتم قتالنا حلالا ، وأموالنا نهبا ، كأننا أولاد ترك أو كابل ،
كما قتلتم جدّنا بالأمس ، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت ، لحقد متقدّم ، قرّت
بذلك عيونكم ، وفرحت قلوبكم ، افتراء على الله ، ومكرا مكرتم ، والله خير
الماكرين. فلا تدعونّكم أنفسكم إلى الجذل بما أصبتم من دمائنا ، ونالت أيديكم من أموالنا ؛ فإن ما
أصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة ، (فِي كِتابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى
ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ) (٢٣) [الحديد : ٢٢
ـ ٢٣].
تبّا لكم ،
فانتظروا اللعنة والعذاب ، فكأن قد حلّ بكم ، وتواترت من السماء نقمات ، فيسحتكم
بعذاب ويذيق بعضكم بأس بعض ، ثم تخلّدون في العذاب الأليم ، يوم القيامة بما
ظلمتمونا ، ألا لعنة الله على الظالمين.
ويلكم ، أتدرون
أيّة يد طاعنتنا منكم ، وأية نفس نزعت إلى قتالنا. أم بأية رجل مشيتم إلينا ،
تبتغون محاربتنا؟. والله قست قلوبكم ، وغلظت أكبادكم ، وطبع على أفئدتكم ، وختم
على سمعكم وبصركم ، وسوّل لكم الشيطان وأملى لكم ، وجعل على أبصاركم غشاوة ، فأنتم
لا تهتدون.
تبّا لكم يا أهل
الكوفة ، أيّ ترات لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلكم ، وذحول له لديكم ، بما صنعتم (غدرتم) بأخيه علي بن
أبي طالب جدي ، وبنيه وعترته الطيبين الأخيار ، وافتخر بذلك مفتخركم ، فقال :
نحن قتلنا عليا
وبني عليّ
|
|
بسيوف هنديّة
ورماح
|
وسبينا نساءهم
سبي ترك
|
|
ونطحناهم فأيّ
نطاح
|
بفيك أيها القائل
الكثكث ولك الأثلب ، افتخرت بقتل قوم زكّاهم الله وطهّرهم وأذهب عنهم الرجس ،
فاكظم واقع كما أقعى أبوك ، فإنما لكل امرئ ما اكتسب وما قدّمت يداه.
__________________
حسدتمونا ويلا لكم
على ما فضّلنا الله تعالى (ذلِكَ فَضْلُ اللهِ
يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) [الحديد : ٢١] ، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً
فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور: ٤٠].
قال : فارتفعت
الأصوات بالبكاء والنحيب ، وقالوا : حسبك يابنة الطيبين ، فقد أحرقت قلوبنا ،
وأنضجت نحورنا ، وأضرمت أجوافنا ، فسكتت عليهاالسلام.
٣١١ ـ خطبة أم
كلثوم بنت علي عليهماالسلام :
(مقتل المقرم ، ص ٤١٠ ط ٣)
[وفيها تلوم أهل
الكوفة ، وتبيّن لهم منزلة الإمام الحسين عليهالسلام وفضله].
خطبة أم كلثوم بنت
علي عليهماالسلام
في (اللهوف) :
وخطبت أم كلثوم بنت الإمام علي عليهالسلام في ذلك اليوم من وراء كلّتها ، رافعة صوتها بالبكاء ،
فقالت :
صه يا أهل الكوفة.
تقتلنا رجالكم ، وتبكينا نساؤكم ، فالحاكم بيننا وبينكم الله ، يوم فصل الخطاب.
يا أهل الكوفة
سوأة لكم ، ما لكم خذلتم حسينا وقتلتموه ، وانتهبتم أمواله وورثتموه ، وسبيتم
نساءه ونكبتموه؟!. فتبّا لكم وسحقا.
ويلكم أتدرون أيّ
دواه دهتكم ، وأي وزر على ظهوركم حملتم ، وأي دماء سفكتم؟ وأيّ كريمة أصبتموها ،
وأي صبية أسلمتموها ، وأي أموال انتهبتموها؟!. قتلتم خير رجالات بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونزعت الرحمة من قلوبكم. ألا إن حزب الله هم المفلحون ،
وحزب الشيطان هم الخاسرون.
ثم قالت :
قتلتم أخي ظلما
فويل لأمّكم
|
|
ستجزون نارا
حرّها يتوقّد
|
سفكتم دماء حرّم
الله سفكها
|
|
وحرّمها القرآن
ثم محمّد
|
ألا فابشروا
بالنار إنكم غدا
|
|
لفي سقر حقا
يقينا تخلّدوا
|
وإني لأبكي في
حياتي على أخي
|
|
على خير من بعد
النبي سيولد
|
بدمع غزير
مستهلّ مكفكف
|
|
على الخد مني
ذائبا ليس يجمد
|
قال : فضجّ الناس
بالبكاء والنحيب ، ونشرت النساء شعورهن ، ووضعن التراب على رؤوسهن ، وخمشن الوجوه
، ولطمن الخدود ، ودعون بالويل والثبور ، فلم ير باك ولا باكية أكثر من ذلك اليوم.
٣١٢ ـ خطبة الإمام
زين العابدين عليهالسلام في أهل الكوفة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٠ ط ٣)
وجيء بعلي بن
الحسين عليهالسلام على بعير ظالع ، والجامعة في عنقه ، ويداه مغلولتان إلى
عنقه ، وأوداجه تشخب دما ، فكان يقول :
يا أمة السوء لا
سقيا لربعكم
|
|
يا أمة لم تراع
جدّنا فينا
|
لو أننا ورسول
الله يجمعنا
|
|
يوم القيامة ما
كنتم تقولونا
|
تسيّرونا على
الأقتاب عارية
|
|
كأننا لم نشيّد
فيكم دينا
|
خطبة الإمام السجّاد عليهالسلام
في أهل الكوفة
في (اللهوف) : ثم
إن زين العابدين عليهالسلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا. فلما سكتوا حمد الله وأثنى عليه
، وذكر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فصلى عليه ، ثم قال :
أيها الناس ، من
عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب عليهالسلام. أنا ابن من انتهكت حرمته ، وسلبت نعمته ، وانتهب ماله ،
وسبي عياله. أنا ابن المذبوح بشط الفرات ، من غير ذحل ولا ترات. أنا ابن من قتل
صبرا ، وكفى بذلك فخرا.
أيها الناس ،
ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه ، وأعطيتموه من أنفسكم
العهود والميثاق والبيعة وقاتلتموه؟. فتبّا لكم لما قدّمتم لأنفسكم ، وسوأة
لرأيكم. بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذ يقول لكم : قتلتم عترتي ، وانتهكتم حرمتي ، فلستم من
أمتي؟.
قال : فارتفعت
أصوات الناس بالبكاء من كل ناحية. وقال بعضهم لبعض : هلكتم وما تعلمون!.
ثم قال عليهالسلام : رحم الله امرأ قبل نصيحتي ، وحفظ وصيتي في الله وفي
رسوله وأهل بيته ، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة.
فقالوا بأجمعهم :
نحن كلنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك ، غير زاهدين فيك ، ولا
راغبين عنك ، فمرنا بأمرك يرحمك الله ، فإنا حرب لحربك ، وسلم لسلمك ، نبرأ ممن
ظلمك وظلمنا.
فقال عليهالسلام : هيهات هيهات ، أيها الغدرة المكرة ، حيل بينكم وبين
شهوات أنفسكم ، أتريدون أن تأتوا إليّ كما أتيتم إلى أبي من قبل!. كلا وربّ
الراقصات [إلى منى] ، فإن الجرح لما يندمل. قتل أبي بالأمس وأهل بيته معه ، ولم
ينس ثكل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وثكل أبي وبني أبي. إنّ وجده والله لبين لهاتي ومرارته بين حناجري وحلقي ، وغصّته تجري في فراش صدري ، ومسألتي أن تكونوا لا لنا ولا علينا.
ثم قال عليهالسلام : رضينا منكم رأسا برأس ، فلا يوم لنا ولا يوم علينا!.
٣١٣ ـ وصف بشير بن
حذيم للناس وهم حيارى : (البحار ، ج ٤٥ ص ١٠٩)
بعد أن خطب زين
العابدين عليهالسلام في أهل الكوفة وقرّعهم ، قال ابن حذيم : فو الله لقد رأيت
الناس يومئذ حيارى يبكون ، قد وضعوا أيديهم في أفواههم. فالتفتّ إلى شيخ إلى جانبي
يبكي ، وقد اخضلّت لحيته بالبكاء ، ويده مرفوعة إلى السماء ، وهو يقول : بأبي أنتم
وأمي ، كهولكم خير الكهول ، وشبابكم خير الشباب ، ونساؤكم خير النساء ، ونسلكم نسل
كريم ، وفضلكم فضل عظيم.
تعليق هام :
يقول المازندراني
في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٦٢ :
ولعل هذه الخطب
التي خطب بها أهل البيت عليهمالسلام في الكوفة ، ليست في ورودهم بالكوفة في المرة الأولى التي
كانوا فيها أسراء في أيدي القوم ، كما زعمه بعض أرباب المقاتل ، بل كان عند رجوعهم
من كربلاء بعد الأربعين ، حين جاؤوا من الشام إلى كربلاء ليجددوا العهد بزيارة قبر
الحسين عليهالسلام ، ثم رجعوا إلى الكوفة وهم يريدون المدينة.
__________________
في قصر الإمارة
٣١٤ ـ كرامات
للرأس الشريف تنذر ابن زياد : (وسيلة الدارين ، ص ٣٦٣)
قال ابن حجر في (الصواعق)
: لما جيء برأس الحسين عليهالسلام إلى دار ابن زياد ، سالت حيطانها دما ، فرقّ له المحبّ
والعدو. وحتى قالت مرجانة أم ابن زياد لابنها : يا خبيث ، قتلت ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. والله لا ترى الجنة أبدا».
وروي أن اللعين
حمل الرأس الشريف على يديه ، وجعل ينظر إليه ، فارتعدت يداه ، فوضع الرأس على فخذه
، فقطرت (نقطة) من الدم من نحره الشريف على ثوبه.
٣١٥ ـ نار في قصر
الإمارة تتلقى ابن زياد لتحرقه :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٩)
قال السيد المقرم
: لما رجع ابن زياد من معسكره بالنّخيلة ، ودخل قصر الإمارة ، ووضع أمامه الرأس
المقدس ، سالت الحيطان دما ، وخرجت نار من بعض نواحي القصر ، وقصدت سرير ابن زياد (وفي رواية ابن
الأثير : فاضطرم في وجهه نارا) فولى هاربا منها ، ودخل بعض بيوت القصر.
فتكلم الرأس
الأزهر بصوت جهوري ، سمعه ابن زياد وبعض من حضر :
«إلى أين تهرب يا
ملعون ، فإن لم تنلك في الدنيا ، فهي في الآخرة مثواك».
ولم يسكت الرأس
حتى ذهبت النار ؛ وأدهش من في القصر لهذا الحادث الّذي لم يشاهد مثله .
٣١٦ ـ إدخال رأس
الحسين عليهالسلام والسبايا على عبيد الله بن زياد بالكوفة :
يقول السيد عبد
الرزاق المقرّم في مقتله ، ص ٤٢٠ :
ولم يرتدع ابن
زياد لهذا الحادث الفظيع ، فأذن للناس إذنا عاما ، وأمر بإدخال
__________________
السبايا إلى
مجلسه. فأدخلت عليه حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحالة تقشعر لها الجلود.
ويقول السيد ابن
طاووس في (اللهوف) ص ٦٦ :
ثم إن ابن زياد
جلس في القصر ، وأذن للناس إذنا عاما ، وجيء برأس الحسين عليهالسلام فوضع بين يديه ، وأدخل نساء الحسين عليهالسلام وصبيانه إليه.
ويقول ابن نما في (مثير
الأحزان) ص ٧٠ :
قال حميد بن مسلم
: لما أدخل رهط الحسين عليهالسلام على عبيد الله بن زياد ، أذن للناس إذنا عاما ، وجيء
بالرأس فوضع بين يديه (في طشت).
٣١٧ ـ تشفّي ابن
زياد من رأس الحسين عليهالسلام وشماتته :
(وسيلة الدارين ، ص ٣٦٣)
قال الشيخ المفيد
: فوضع الرأس بين يدي ابن زياد ، فجعل اللعين ينظر إليه ويتبسّم.
وفي بعض المقاتل :
ويستهزئ به ، ويقول : ما أسرع الشيب إليك يا حسين ، لقد كنت حسن المضحك. وبيده
قضيب يضرب به ثناياه.
وفي (نفس المهموم)
للشيخ عباس القمي : تارة يضرب به أنف الحسين عليهالسلام ، وأخرى يضرب به عينيه ، وتارة يطعن في فمه ، وأخرى يضرب
به ثناياه.
وقال حميد بن مسلم
: ورأيته ينكت [أي يضرب] ثناياه.
وفي (الأمالي) قال
ابن زياد : يوم بيوم بدر!.
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي : وكان عنده أنس بن مالك فبكى ، وقال: كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وكان مخضوبا بالوسمة.
وروي أنه كان
مخضوبا بالسواد. قالوا : ولا يثبت في ذلك ، وإنما غيّرته الشمس.
٣١٨ ـ فظاعة منظر
الرأس الشريف حين وضع بين يدي ابن زياد ، وهو يضربه بالقضيب : (البحار ، ج ٤٥ ص
١٦٧ ط ٣)
روى الحكم بن
محمّد بن القاسم عن جده قال : ما رأيت منظرا قط أفظع من إلقاء رأس الحسين عليهالسلام بين يدي ابن زياد ، وهو ينكته.
وفي (الإتحاف بحب
الأشراف) للشبراوي ، ص ٥٤ قال :
فوضع الرأس بين
يدي ابن زياد ، وجعل ينكث ثناياه بقضيب ، ويدخله أنفه ، ويتعجب من حسن ثغره!.
٣١٩ ـ جمال وجه
الحسين عليهالسلام (مثير الأحزان لابن نما)
وروي أن أنس بن
مالك قال : شهدت عبيد الله بن زياد ، وهو ينكت بقضيب على أسنان الحسين عليهالسلام ويقول : إنه كان حسن الثغر. فقال : أم والله لأسوءنّك ،
لقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّل موضع قضيبك من فيه.
وفي (البداية
والنهاية) لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٠٦ :
روى الترمذي من
حديث حفصة بنت سيرين عن أنس قال : فجعل ينكت بقضيب في أنفه ، ويقول : ما رأيت مثل
هذا حسنا.
٣٢٠ ـ مجادلة زيد
بن أرقم لعبيد الله بن زياد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٧ ط ٢ نجف)
وقد روى ابن أبي
الدنيا : أنه كان عند ابن زياد زيد بن أرقم ، فقال له : ارفع قضيبك ، فو الله
لطالما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّل ما بين هاتين الشفتين. ثم جعل زيد يبكي ، فقال له
ابن زياد : أبكى الله عينيك (أتبكي لفتح الله) والله لو لا أنك شيخ قد خرفت لضربت
عنقك.
فنهض زيد وهو يقول
: أيها الناس ، أنتم العبيد بعد اليوم ، قتلتم ابن فاطمة
(الصدّيقة المرضية)
، وأمّرتم ابن مرجانة (الخبيثة). والله ليقتلن أخياركم ، وليستعبدنّ شراركم ،
فبعدا لمن رضي بالذل والعار.
ثم التفت راجعا
إلى ابن زياد وقال : لأحدّثنك حديثا أغلظ من هذا : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أقعد حسنا على فخذه اليمنى ، وحسينا على فخذه اليسرى ، ثم
وضع يده على يافوخيهما ، ثم قال : الله م إني أستودعك إياهما وصالح المؤمنين. فكيف
كانت وديعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندك يابن زياد؟. [فغضب وهمّ بقتله].
وقال هشام بن
محمّد : لما وضع الرأس بين يدي ابن زياد ، قال له كاهنه
[الكاهن : هو
الّذي يقوم بأمر الرجل ويسعى في حاجته] : قم فضع قدمك على فم عدوك. فقام فوضع قدمه
على فيه [أي على فم الحسين عليهالسلام]!.
ثم قال لزيد بن
أرقم : كيف ترى؟. فقال : والله لقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واضعا فاه حيث وضعت قدمك.
وقيل : إن هذه
الواقعة جرت ليزيد بن معاوية مع زيد بن أرقم [في الشام].
وذكر ابن جرير [الطبري]
: أن الّذي كان حاضرا عند يزيد أبو برزة الأسلمي ، لما نذكر.
وقال الشعبي : كان
عند ابن زياد قيس بن عباد ، فقال له ابن زياد : ما تقول فيّ وفي حسين؟. فقال :
يأتي يوم القيامة جده وأبوه وأمه فيشفعون فيه ، ويأتي جدك وأبوك وأمك فيشفعون فيك.
فغضب ابن زياد ، وأقامه من المجلس.
٣٢١ ـ محاورة زينب
العقيلة عليهاالسلام مع ابن زياد :
قال السيد المقرم
في مقتله ، ص ١٢٥ ما معناه :
لما أمر ابن زياد
بإدخال السبايا إلى مجلسه ، وقفت زينب عليهاالسلام في ذلك الجو الموبوء بالترّهات والأضاليل ، تبيّن للملأ
نتائج أعمال هؤلاء المضلين ، وما يقصدونه من هدم أركان الدين ، وأن الشهداء إنما
أرادوا بنهضتهم مع إمامهم الحسين عليهالسلام إحياء شريعة جده المقدسة.
لقد وقفت العقيلة
زينب عليهاالسلام في مجلس ابن زياد تفرغ عن لسان أخيها الحسين عليهالسلام كلمات اللوم والتأنيب ، وآيات الحجة والبيان.
وقال الشيخ المفيد
في (الإرشاد) : وأدخل عيال الحسين عليهالسلام على ابن زياد. فدخلت زينب أخت الحسين عليهماالسلام في جملتهم متنكّرة ، وعليها أرذل ثيابها. فمضت حتى جلست
ناحية من القصر ، وحفّت بها إماؤها.
لكن جلال النبوة
وبهاء الإمامة المنسدل عليها ، استلفت نظر ابن زياد ، فقال : من هذه التي انحازت
فجلست ناحية ومعها نساؤها وهي متنكرة؟. فلم تجبه زينب عليهاالسلام. فقال له بعض إمائها : هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فأقبل عليها ابن
زياد [شامتا] فقال لها : الحمد لله الّذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم. فقالت زينب
عليهاالسلام : الحمد لله الّذي أكرمنا بنبيّه محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وطهّرنا من الرجس تطهيرا. إنما يفتضح الفاسق ويكذب
الفاجر ، وهو غيرنا.
وفي (اللهوف) لابن
طاووس ، ص ٩٠ ، قال ابن زياد : كيف رأيت صنع الله
بأخيك وأهل بيتك؟.
فقالت : ما رأيت إلا جميلا. هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل ، فبرزوا إلى مضاجعهم
، وسيجمع الله بينك وبينهم ، فتحاجّ وتخاصم ، فانظر لمن الفلج [أي الفوز] يومئذ ، ثكلتك أمّك يابن
مرجانة.
فغضب ابن زياد
واستشاط من كلاهما معه ، في ذلك المحتشد ، وكأن همّ بها. فقال له عمرو بن حريث :
أيها الأمير ، إنها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ، ولا تذمّ على
خطئها.
فالتفت إليها ابن
زياد وقال : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين ، والعصاة المردة من أهل بيتك.
فرقّت العقيلة
زينب عليهاالسلام وبكت وقالت له : لعمري لقد قتلت كهلي ، وأبرزت أهلي ،
وقطعت فرعي ، واجتثثت أصلي. فإن كان هذا شفاؤك فقد اشتفيت.
فقال ابن زياد :
هذه سجّاعة ، ولعمري لقد كان أبوها سجّاعا شاعرا.
فقالت عليهالسلام : ما للمرأة والسجاعة ، إن لي عن السجاعة لشغلا ، ولكن
صدري نفث بما قلت.
٣٢٢ ـ ملاسنة زين
العابدين عليهالسلام لابن زياد ، ومحاولة قتله :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٨٥)
ثم عرض عليه علي
بن الحسين عليهماالسلام ، فقال : من أنت؟. فقال : أنا علي بن الحسين عليهالسلام. فقال : أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟. فقال له علي عليهالسلام : قد كان لي أخ (أكبر مني) يسمّى عليا ، قتله الناس. فقال
ابن زياد : بل الله قتله.
فقال علي بن
الحسين عليهماالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى
الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) [الزمر : ٤٢] ، (وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا
بِإِذْنِ اللهِ) [آل عمران : ١٤٥].
فغضب ابن زياد ، وقال : وبك جرأة لجوابي ، وفيك بقية للردّ عليّ؟!. اذهبوا فاضربوا
عنقه. فتعلقت به زينب عليهاالسلام وقالت : يابن زياد حسبك من دمائنا ما سفكت ، وهل أبقيت
أحدا غير هذا؟. واعتنقته وقالت : لا والله لا أفارقه ، فإن قتلته فاقتلني معه.
فنظر ابن زياد إليها وإليه ساعة ، ثم قال : عجبا للرحم. والله إني لأظنها ودّت أني
قتلتها معه. دعوه فإني أراه لما به.
__________________
(وفي رواية) إن
علي بن الحسين عليهماالسلام قال لعمته : اسكتي يا عمّة حتى أكلّمه. ثم أقبل عليه ،
فقال : أبالقتل تهددني يابن زياد ، أما علمت أن القتل لنا عادة ، وكرامتنا الشهادة!.
٣٢٣ ـ محاولة ابن
زياد قتل زين العابدين عليهالسلام لو لا زينب عليهاالسلام :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٨ ط ٢ نجف)
وقال هشام بن محمّد
: لما حضر علي بن الحسين الأصغر عليهالسلام مع النساء عند ابن زياد ، وكان مريضا ؛ قال ابن زياد : كيف
سلم هذا اقتلوه. فصاحت زينب بنت عليعليهماالسلام : يابن زياد ، حسبك من دمائنا ، إن قتلته فاقتلني معه.
وقال علي عليهالسلام : يابن زياد إن كنت قاتلي ، فانظر إلى هذه النسوة من بينهن
وبينه قرابة يكون معهن. فقال ابن زياد : أنت وذاك.
قال الواقدي :
وإنما استبقوا علي بن الحسين عليهالسلام لأنه لما قتل أبوه كان مريضا ، فمرّ به شمر ، فقال :
اقتلوه. ثم جاء عمر بن سعد ، فلما رآه قال :
لا تتعرضوا لهذا
الغلام. ثم قال لشمر : ويحك من للحرم؟.
٣٢٤ ـ ابن زياد
يمثّل بالرأس الشريف ويقورّه :
(تذكرة الخواص ، ص ٢٧٠ ط ٢ نجف)
وذكر عبد الله بن
عمرو الورّاق في كتاب (المقتل) أنه لما حضر الرأس بين يدي ابن زياد ، أمر حجّاما
فقال : قوّره ، فقوّره ، وأخرج لغاديده ونخاعه ، وما حوله من اللحم.
فقام عمرو بن حريث
المخزومي ، فقال لابن زياد : قد بلغت حاجتك من هذا الرأس ، فهب لي ما ألقيت منه.
فقال : ما تصنع به؟. فقال : أواريه. فقال : خذه ، فجمعه في مطرف خزّ كان عليه ،
وحمله إلى داره ، فغسّله وطيّبه وكفّنه ، ودفنه عنده في داره ، وهي بالكوفة تعرف
بدار الخز ، دار عمرو بن حريث المخزومي.
يقول اليافعي في (مرآة
الجنان) ج ١ ص ١٣٥ ط ١ :
وذكروا مع ذلك ما
يعظم من الزندقة والفجور ، وهو أن عبيد الله بن زياد أمر أن
__________________
يقوّر الرأس
المشرف المكرم حتى ينصب في الرمح ، فتحامى الناس عن ذلك. فقام من بين الناس رجل
يقال له طارق بن المبارك [بل هو ابن المشؤوم المذموم] فقوّره ، ونصبه بباب المسجد
الجامع ، وخطب خطبة لا يحلّ ذكرها.
وذكر الخوارزمي في
مقتله هذه الرواية ، ج ٢ ص ٥٢ ، وقال : إنه نصبه على باب داره.
٣٢٥ ـ حمل زين
العابدين والسبايا عليهمالسلام إلى السجن :
يقول السيد المقرم
في مقتله ، ص ٤٢٤ :
ولما وضح لابن
زياد ولولة الناس ولغط أهل المجلس ، خصوصا لمّا تكلمت معه زينب العقيلة عليهاالسلام ، خاف هياج الناس ، فأمر الشرطة بحبس الأسارى في دار إلى
جنب المسجد الأعظم .
قال حاجب ابن زياد
: كنت معهم حين أمر بهم إلى السجن ، فما مررنا بزقاق إلا وجدناه مملوءا رجالا
ونساء ، يضربون وجوههم ويبكون. فحبسوا في سجن ، وضيّق عليهم.
فصاحت زينب عليهاالسلام بالناس : لا تدخل علينا (عربية) إلا مملوكة أو أم ولد ،
فإنهن سبين كما سبينا [تقصد أن المملوكة التي سبيت سابقا لا تشمت بسبايا أهل البيتعليهمالسلام لأنها ذاقت ذل السبي ، فلا بأس بدخولها عليهن ، بخلاف
الحرة العربية التي يمكن أن تشمت بهن].
وفي (الأمالي)
للشيخ الصدوق : ثم أمر بعلي بن الحسين عليهماالسلام فغلّ ، وحمل مع النسوة والسبايا إلى السجن.
٣٢٦ ـ شماتة ابن
زياد أمام أم كلثوم
(الأنوار النعمانية ، ج ٢ ص ٢٤٥)
وأرسل ابن زياد
إلى أم كلثوم بنت الحسين عليهماالسلام ، فقال : الحمد لله الّذي قتل رجالكم ، فكيف ترين ما فعل
الله بكم؟. فقالت عليهاالسلام : يابن زياد لئن قرّت عينك
__________________
بقتل الحسين عليهالسلام فطالما قرّت عين جده صلىاللهعليهوآلهوسلم به ، وكان يقبّله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه. يابن زياد
أعدّ لجده جوابا ، فإنه خصمك غدا!.
دفن الشهداء عليهمالسلام
٣٢٧ ـ حال أجساد
الشهداء المطهرة بعد يوم عاشوراء :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٢)
ذكر أهل السير
والتواريخ أن سيد الشهداء عليهالسلام أفرد خيمة في حومة الميدان ، وكان يأمر بحمل من قتل من صحبه وأهل بيته إليها. وكلما
يؤتى بشهيد يقول عليهالسلام : قتلة مثل قتلة النبيّين وآل النبيّين .
إلا أخاه أبا
الفضل العباس عليهالسلام تركه في محل سقوطه قريبا من شط الفرات.
ولما ارتحل عمر بن
سعد بحرم الرسالة إلى الكوفة ، ترك أشلاء الشهداء على وجه الصعيد ، تصهرهم الشمس ،
ويزورهم وحش الفلا. وبينهم سيد شباب أهل الجنة ، بحالة تفطّر الصخر الأصمّ ، غير
أن الأنوار الإلهية تسطع من جوانبه ، والأرواح العطرة تفوح من نواحيه».
وظل جسد الحسين
الشريف ملقى على وجه الرمال بلا دفن ثلاثة أيام ، وقد قال الشاعر :
ما إن بقيت من
الهوان على الثرى
|
|
ملقى ثلاثا في
ربى ووهاد
|
لكن لكي تقضي
عليك صلاتها
|
|
زمر الملائك فوق
سبع شداد
|
وقال الشريف الرضي
أشعر الطالبيين ، في وصفه :
كأنّ بيض
المواضي وهي تنهبه
|
|
نار تحكّم في
جسم من النور
|
لله ملقى على
الرمضاء غصّ به
|
|
فم الردى بعد
إقدام وتشمير
|
تحنو عليه
الرّبى ظلا وتستره
|
|
عن النواظر
أذيال الأعاصير
|
تهابه الوحش أن
تدنو لمصرعه
|
|
وقد أقام ثلاثا
غير مقبور
|
__________________
٣٢٨ ـ لا يلزم
تغسيل الشهداء عليهمالسلام
(المنتخب للطريحي
، ص ٣٧ ط ٢)
يقول الطريحي :
ورد في الخبر عن سيد البشر صلىاللهعليهوآلهوسلم : رمّلوهم بدمائهم ، فإنهم يحشرون يوم القيامة ، تشخب
أوداجهم دما ؛ اللون لون الدم ، والريح ريح المسك.
٣٢٩ ـ دفن الأجساد
الطاهرة (العيون العبرى للميانجي ، ص ٢١٤)
يقول الميانجي :
ولما انفصل ابن سعد عن كربلا ، خرج قوم من بني أسد ، كانوا نزولا بالغاضرية ، إلى
الحسين عليهالسلام وأصحابه ، فصلوا عليهم ودفنوا الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأكبر عليهالسلام عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين
صرعوا حوله ، مما يلي رجلي الحسين عليهالسلام. وجمعوهم ودفنوهم جميعا معا.
ودفنوا العباس بن
علي عليهالسلام في موضعه الّذي قتل فيه على طريق الغاضرية ، حيث قبره
الآن.
ودفنت بنو أسد (حبيبا)
عند رأس الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن ، اعتناء بشأنه.
ودفن الحرّ أقاربه
في موضعه الّذي قتل فيه.
وقد دفن بنو أسد
القتلى بعد ما قتلوا بثلاثة أيام (كما في تاريخ الطبري) ، وبعد يوم (كما عن
المسعودي وابن شهر اشوب).
وفي (بغية النبلاء
في تاريخ كربلاء) ص ٥٧ :
واستحال على بني أسد
نقل جثمان الحسين عليهالسلام دفعة واحدة من محل مقتله إلى حفرته ، إذ كان مقطّعا إربا
إربا ، ووضعوه فوق حصير بورياء ورفعوا أطرافه. وكدّسوا بقية الأشلاء من غير ما فارق بين ضجيع وضجيع ، وبعضهم فوق بعض ، وهالوا
عليهم التربة.
٣٣٠ ـ لا يلي دفن
الإمام إلا إمام مثله (مقتل المقرم ، ص ٤١٤)
قال السيد المقرم
: وفي اليوم الثالث عشر من المحرم ، أقبل زين العابدين عليهالسلام لدفن أبيه الشهيد عليهالسلام ، لأن الإمام لا يلي أمره إلا إمام مثله .
__________________
وقال العلامة
المجلسي : روي عن الإمام الرضا عليهالسلام أن علي بن الحسين عليهماالسلام جاء إلى كربلاء خفية ، فصلى على أبيه ودفنه بيده.
ولما أقبل الإمام
السجّاد عليهالسلام [يوم الثالث عشر
من المحرم من الكوفة إلى كربلاء] وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى ، متحيّرين لا
يدرون ما يصنعون ، ولم يهتدوا إلى معرفتهم وقد فرّق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم.
وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم. فأخبرهم عليهالسلام عما جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة ، وأوقفهم على
أسمائهم ، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب.
٣٣١ ـ دفن جسد
الحسين عليهالسلام (أسرار الشهادة ، ص ٤٠٦ ط ٢)
نقل الدربندي في (أسرار
الشهادة) قال :
لما أقبل بنو أسد
إلى كربلاء لمواراة جسد الحسين عليهالسلام وأجساد أصحابه ، صارت همّتهم أولا أن يواروا جثة الحسين عليهالسلام ثم الباقين. فجعلوا ينظرون الجثث في المعركة ، فلم يعرفوا
جثة الحسين عليهالسلام من بين تلك الجثث ، لأنها بلا رؤوس ، وقد غيّرتها الشموس.
فبينا هم كذلك
وإذا بفارس أقبل إليهم ، حتى إذا قاربهم قال : وما بالكم؟. قالوا : إنا أتينا
لنواري جثة الحسين عليهالسلام وجثث ولده وأنصاره ، ولم نعرف جثة الحسين عليهالسلام!. فلما سمع ذلك حنّ وأنّ ، وجعل ينادي : وا أبتاه ، وا أبا
عبد الله ، ليتك حاضرا وتراني أسيرا ذليلا.
ثم قال لهم عليهالسلام : أنا أرشدكم. فنزل عن جواده ، وجعل يتخطى القتلى ، فوقع
نظره على جسد الحسين عليهالسلام فاحتضنه وهو يبكي ويقول : يا أبتاه ، بقتلك قرّت عيون
الشامتين ، يا أبتاه بقتلك فرحت بنو أمية ، يا أبتاه بعدك طال حزننا ، يا أبتاه
بعدك طال كربنا.
ثم إنه مشى قريبا
من جثته عليهالسلام ، فأهال يسيرا من التراب ، فبان قبر محفور ولحد مشقوق ،
فنزّل الجثة الشريفة وواراها في ذلك المرقد الشريف ، كما هو الآن.
يقول الشيخ محمّد
حسين الأعلمي في (دائرة المعارف) ج ٢٣ ص ٢٠١ :
حفر القبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يظهر من حديث أم سلمة رضي الله عنها.
٣٣٢ ـ كيف دفن
الإمام السجّاد جسد أبيه الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٦)
ثم مشى الإمام زين
العابدين عليهالسلام إلى جسد أبيه عليهالسلام واعتنقه وبكى بكاء عاليا. وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلا
من التراب ، فبان قبر محفور وضريح مشقوق ، فبسط كفيه تحت ظهره وقال : «بسم الله
وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله ، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله
ورسوله. ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم».
وأنزله وحده ...
ولما أقرّه في لحده وضع خده على منحره الشريف قائلا :
" طوبى لأرض
تضمّنت جسدك الطاهر ، فإن الدنيا بعدك مظلمة ، والآخرة بنورك مشرقة. أما الليل
فمسهّد ، والحزن فسرمد ، حتى يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت بها مقيم ، وعليك
مني السلام يابن رسول الله ورحمة الله وبركاته». وكتب على القبر : هذا قبر الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام الّذي قتلوه عطشانا غريبا.
٣٣٣ ـ دفن العباس عليهالسلام (دائرة المعارف للأعلمي ، ج ٢٣ ص ٢٠٣)
ثم التفت إلينا عليهالسلام وقال : انظروا هل بقي أحد؟. فقالوا : نعم يا أخا العرب ،
بطل مطروح حول المسنّاة على نهر العلقمي ، وحوله جثّتان ، وكلما حملنا جانبا منه
سقط الآخر ، لكثرة ضرب السيوف والسهام!. فقال : امضوا بنا إليه ، فمضينا. فلما رآه
انكبّ عليه يقبّله ويقول : على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم ، وعليك مني
السلام من شهيد محتسب ، ورحمة الله وبركاته. ثم أمرنا أن نشقّ له ضريحا ، ففعلنا.
ثم أنزله وحده ولم يشرك معه أحدا منا. ثم أهال عليه التراب.
ثم أمرنا بدفن
الجثتين ، وهما من ولد أمير المؤمنين عليهالسلام أيضا.
٣٣٤ ـ دفن بقية
الشهداء عليهمالسلام (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤١٧)
ثم عيّن لبني أسد
موضعين ، وأمرهم أن يحفروا حفرتين ، وضع في الأولى بني هاشم ، وفي الثانية الأصحاب
.
وكان أقرب الشهداء
إلى الحسين عليهالسلام ولده علي الأكبر الّذي قبره عند رجليه.
__________________
وفي (العيون
العبرى) للميانجي ، ص ٢١٦ :
عن (الأسرار) و (دار
السلام) عن الجزائري ، أن السجّاد عليهالسلام جعل يقول : هذا فلان وهذا فلان ، والأسديون يوارونهم. فلما
فرغ مشى إلى جثة العباس عليهالسلام فدفنه هناك. ثم عطف على جثث الأنصار ، وحفر لهم حفيرة
واحدة وواراهم فيها ، إلا حبيب بن مظاهر ، حيث أبى بعض بني عمه ذلك ، ودفنه في
ناحية عن الشهداء.
٣٣٥ ـ مواراة الحر
بن يزيد رضي الله عنه : (دائرة المعارف للأعلمي ، ج ٢٣ ص ٢٠٢)
فلما فرغ الأسديون
من مواراتهم ، قال لهم زين العابدين عليهالسلام : هلموا لنواري جثة الحر الرياحي ، فتمشّى وهم خلفه حتى
وقف عليه ، فقال : أما أنت فقد قبل الله توبتك ، وزاد في سعادتك ، ببذلك نفسك أمام
ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وأراد الأسديون حمله إلى محل الشهداء ، فقال : لا ، بل في
مكانه واروه.
وفي (العيون
العبرى) للميانجي ، ص ٢١٦ :
فلما فرغوا ركب
الفارس جواده ، فتعلق به الأسديون وقالوا له : بحقّ من واريته بيدك ، من أنت؟. قال
عليهالسلام : أنا حجة الله عليكم ، أنا علي بن الحسين عليهماالسلام ، جئت لأواري جثة أبي ومن معه .. والآن أنا راجع إلى سجن
عبيد الله بن زياد .. فودّعهم وانصرف عنهم.
٣٣٦ ـ رواية الشيخ
المفيد عن دفن الشهداء عليهمالسلام :
(الإرشاد للمفيد ، ص ٢٤٣ ط نجف)
قال الشيخ المفيد
: ولما رحل ابن سعد خرج قوم من بني أسد كانوا نزولا بالغاضرية إلى الحسين عليهالسلام وأصحابه فصلّوا عليهم ، ودفنوا الحسين عليهالسلام حيث قبره الآن ، ودفنوا ابنه علي بن الحسين الأصغر عليهالسلام عند رجليه ، وحفروا للشهداء من أهل بيته وأصحابه الذين
صرعوا حوله ، مما يلي رجلي الحسين عليهالسلام ، وجمعوهم فدفنوهم جميعا معا. ودفنوا العباس بن علي عليهالسلام في موضعه الّذي قتل فيه على طريق الغاضرية ، حيث قبره
الآن.
ثم قال الشيخ
المفيد ، ص ٢٤٩ :
وكل شهداء أهل
البيت عليهمالسلام مدفونون مما يلي رجلي الحسين عليهالسلام في مشهده ، حفر لهم حفيرة وألقوا فيها جميعا ، وسوّي عليهم
التراب إلا
العباس عليهالسلام ، فإنه دفن في موضع مقتله على المسنّاة بطريق الغاضرية ،
وقبره ظاهر.
وليس لقبور إخوته
وأهله الذين سمّيناهم أثر ، وإنما يزورهم الزائر من عند قبر الحسينعليهالسلام ويومئ إلى الأرض التي نحو رجليه بالسلام عليهم ، وعلى علي
بن الحسين عليهالسلام في جملتهم ، ويقال : إنه أقربهم دفنا إلى الحسين عليهالسلام.
فأما أصحاب الحسين
عليهالسلام رحمة الله عليهم ، الذين قتلوا معه ، فإنهم دفنوا حوله ،
ولسنا نحصّل لهم أجداثا على التحقيق والتفصيل ، إلا أنا لا نشك أن الحائر الحسيني
محيط بهم ، رضي الله عنهم وأرضاهم وأسكنهم جنات النعيم.
اليوم الرابع عشر من المحرم وما بعده
٣٣٧ ـ الرباب زوجة
الحسين عليهالسلام تحتضن الرأس الشريف وتقبّله :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٢٥)
ودعا ابن زياد
بالسبايا مرة أخرى ، فلما دخلوا عليه رأين رأس الحسين عليهالسلام بين يديه ، والأنوار الإلهية تتصاعد [منه] إلى عنان السماء
، فلم تتمالك الرباب
[بنت امرئ القيس]
زوجة الحسين عليهالسلام دون أن وقعت عليه ، وأخذت الرأس المقدس ووضعته في حجرها
وقبّلته ، وقالت :
وا حسينا فلا
نسيت حسينا
|
|
أقصدته أسنّة
الأعداء
|
غادروه بكربلاء
صريعا
|
|
لا سقى الله
جانبي كربلاء
|
والرباب هذه بعد
رجوعها إلى المدينة خطبها الأشراف من قريش ، فقالت : والله لا كان لي حمو بعد رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وعاشت بعد الحسين عليهالسلام سنة ثم ماتت كمدا عليه ، ولم تستظل بعده بسقف .
٣٣٨ ـ إحضار ابن
زياد المختار الثقفي ليفتخر أمامه بمقتل الحسين عليهالسلام :
(وسيلة الدارين ، ص ٣٦٣)
ذكر الفاضل
المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٠٩ نقلا عن بعض
__________________
الكتب : أن ابن
زياد استخرج المختار من الحبس ، وكان محبوسا عنده من يوم قتل مسلم بن عقيل عليهالسلام. فبقي في السجن حتى جيء برأس الحسين عليهالسلام ووضع بين يديه ، فغطّاه بمنديل. ثم استخرج المختار من
الحبس ، وجعل يستهزئ عليه. فقال المختار : ويلك أتستهزئ عليّ ، وقد قرّب الله فرجه!.
فقال ابن زياد : من أين يأتيك الفرج يا مختار؟. قال : بلغني أن سيدي ومولاي الحسين
عليهالسلام قد توجّه نحو العراق ، فلا بدّ أن يكون خلاصي على يده. قال
ابن زياد : لقد خاب ظنك ورجاؤك يا مختار ، إنا قتلنا الحسين. قال : صه فضّ الله
فاك ، ومن يقدر على قتل سيدي ومولاي الحسين عليهالسلام؟. قال له : يا مختار انظر ، هذا رأس الحسين!. فرفع المنديل
، وإذا بالرأس الشريف بين يديه في طشت من الذهب. فلما نظر المختار إلى الرأس
الشريف جعل يلطم على رأسه ، وينادي : وا سيداه!. وا مظلوماه!.
نهاية عمر بن سعد
٣٣٩ ـ نهاية عمر
بن سعد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٦٩ ط ٢ نجف)
ثم قام عمر بن سعد
من عند ابن زياد يريد منزله إلى أهله ، وهو يقول في طريقه : ما رجع أحد مثلما رجعت
، أطعت الفاسق ابن زياد ، الظالم ابن الفاجر ، وعصيت الحاكم العدل ، وقطعت القرابة
الشريفة.
وهجره الناس ،
وكان كلما مرّ على ملأ من الناس أعرضوا عنه ، وكلما دخل المسجد خرج الناس منه ،
وكل من رآه قد سبّه. فلزم بيته إلى أن قتل.
٣٤٠ ـ ندم عمر بن
سعد حيث لا ينفع الندم :
(الأخبار الطوال للدينوري ، ص ٢٦٠)
روي عن حميد بن
مسلم قال : كان عمر بن سعد لي صديقا ، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين عليهالسلام ، فسألته عن حاله ، فقال : لا تسأل عن حالي ، فإنه ما رجع
غائب إلى منزله بشرّ مما رجعت به. قطعت القرابة القريبة ، وارتكبت الأمر العظيم».
ولكن هيهات ينفع الندم.
وفي (كامل ابن
الأثير) ج ٤ ص ٩٣ :
ثم إن ابن زياد
قال لعمر بن سعد بعد عوده من قتل الحسين : يا عمر؟. ائتني
بالكتاب الّذي
كتبته إليك في قتل الحسين (ومناجزته). قال : مضيت لأمرك وضاع الكتاب. قال :
لتجيئني به. قال : ضاع. قال : لتجيئني به!. قال : ترك والله يقرأ على عجائز قريش
بالمدينة ، اعتذارا إليهنّ.
٣٤١ ـ مجادلة عبيد
الله بن زياد مع عمر بن سعد حول ملك الريّ :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٠ ط ٢)
قال فخر الدين
الطريحي : حكي أنه لما فرغ عمر بن سعد من حرب الحسين عليهالسلام وأدخلت الرؤوس والأسارى إلى عبيد الله بن زياد ، جاء عمر
بن سعد ودخل على عبيد الله بن زياد يريد منه أن يمكّنه من ملك الرّي. فقال له ابن
زياد : آتني بكتابي الّذي كتبته لك في معنى قتل الحسين وملك الري. فقال له عمر بن
سعد : والله إنه قد ضاع مني ولا أعلم أين هو. فقال له ابن زياد : لا بدّ أن تجيئني
به في هذا اليوم ، وإن لم تأتني به فليس لك عندي جائزة أبدا ، لأني كنت أراك
مستحييا معتذرا في أيام الحرب من عجائز قريش. ألست أنت القائل؟ :
فو الله ما أدري
وإني لصادق
|
|
أفكّر في أمري
على خطرين
|
أأترك ملك الرّي
والريّ منيتي
|
|
أم ارجع مأثوما
بقتل حسين
|
وهذا كلام معتذر
مستح متردد في رأيه.
٣٤٢ ـ ابن زياد
يتلاعب على عمر بن سعد ويتنصّل من كتابه :
(المصدر السابق)
فقال عمر بن سعد :
والله يا أمير لقد نصحتك في حرب الحسين نصيحة صادقة ، لو ندبني إليها أبي سعد ،
لما كنت أدّيته حقه كما أديت حقك في حرب الحسين. فقال له عبيد الله بن زياد : كذبت
يا لكع [أي يا لئيم أو يا أحمق].
فقال عثمان بن
زياد [أخو عبيد الله بن زياد] : والله يا أخي لقد صدق عمر ابن سعد في مقالته. وإني
لوددت أنه ليس من بني زياد رجل إلا وفي أنفه خزامة
[هي حلقة توضع في
الأنف بعد ثقبه ، كناية عن الإذلال والاستعباد] إلى يوم القيامة ، وأن حسينا لم
يقتل أبدا.
٣٤٣ ـ عمر بن سعد
يرجع بخفّي حنين (المصدر السابق)
فقال عمر بن سعد :
فو الله يابن زياد ما رجع أحد من قتلة الحسين بشرّ مما رجعت
به أنا!. فقال له
: وكيف ذلك؟. فقال : لأني عصيت الله وأطعت عبيد الله ، وخذلت الحسين بن بنت رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونصرت أعداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعد ذلك إني قطعت رحمي ووصلت خصمي وخالفت ربي. فيا عظيم
ذنبي ،
ويا طول كربي في
الدنيا والآخرة. ثم نهض من مجلسه مغضبا مغموما ، وهو يقول : و (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) (١١) [الحج : ١١].
يقول الطريحي :
وقد كان الإمام علي عليهالسلام نبّأه بهذه النتيجة ، وأنه لن يهنأ بملك الري ، ولكنه لم
يعتبر. كما نبأه الإمام علي عليهالسلام بنوع قتلته ، فكان كما قال ، إذ بعث المختار له من ذبحه
وهو على فراشه.
خبر عبد الله بن عفيف الأزدي
٣٤٤ ـ مجابهة عبد
الله بن عفيف الأزدي لابن زياد :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٦٩ ؛ ومقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٢٦)
قال ابن أبي
الدنيا : ثم جمع ابن زياد الناس في المسجد ، فصعد المنبر وخطب فقال : الحمد لله
الّذي أظهر الحق وأهله ، ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه ، وقتل الكذّاب ابن الكذاب
الحسين بن علي وشيعته . فما زاد على الكلام شيئا.
يقول السيد المقرم
في مقتله : فلم ينكر عليه أحد من أولئك الجمع الّذي غمره الضلال ، إلا عبد الله بن
عفيف الأزدي ثم الغامدي أحد بني والبة ، وكان من خيار الشيعة وزهّادها ، وكانت
عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل ، والأخرى في يوم صفين. وكان يلازم المسجد الأعظم ،
يصلي فيه الليل. فقال :
يابن زياد ؛
الكذّاب ابن الكذاب ، أنت وأبوك ، والذي ولّاك وأبوه. يابن مرجانة ، أتقتلون أبناء
النبيين وتتكلمون بكلام الصدّيقين على منابر المؤمنين!.
قال الراوي : فغضب
ابن زياد ، وقال : من هذا المتكلم؟.
فقال ابن عفيف :
أنا المتكلم يا عدوّ الله ، أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس ،
وتزعم أنك على دين الإسلام؟!. وا غوثاه ، أين أولاد
__________________
المهاجرين
والأنصار ، لينتقموا من طاغيتك اللعين ابن اللعين ، على لسان رسول رب العالمين؟.
فازداد غضب ابن
زياد حتى انتفخت أوداجه ، وقال : عليّ به. فقامت إليه الجلاوذة (الشرطة) من كل
ناحية ليأخذوه.
فنادى ابن عفيف
بشعار الأزد (يا مبرور) ، فوثب إليه منهم سبعمائة رجل ، فانتزعوه من أيدي الجلاوذة
، وأخرجوه من باب المسجد ، وانطلقوا به إلى منزله.
٣٤٥ ـ مقتل الشهيد
السعيد عبد الله بن عفيف (المصدران السابقان)
فقال ابن زياد :
اذهبوا إلى هذا الأعمى ، الّذي أعمى الله قلبه كما أعمى عينيه ، فأتوني به. قال :
فانطلقوا إليه.
فلما بلغ ذلك
الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم. وبلغ ذلك ابن زياد ، فجمع
قبائل مضر ، وضمهم إلى محمّد بن الأشعث ، وأمرهم بقتال القوم.
قال الراوي :
فاقتتلوا قتالا شديدا ، حتى قتل من الفريقين جماعة. ووصل أصحاب ابن الأشعث إلى دار
ابن عفيف ، فكسروا الباب واقتحموا عليه الدار. فصاحت ابنته : أتاك القوم من حيث
تحذر. فقال لها : لا عليك ، ناوليني سيفي.
قال : فناولته
إياه ، فجعل يذبّ عن نفسه ، ويقول :
أنا ابن ذي
الفضل العفيف الطاهر
|
|
عفيف شيخي وابن
أم عامر
|
كم دارع من
جمعكم وحاسر
|
|
وبطل جدّلته
مغادر
|
قال : وجعلت ابنته
تقول له : يا أبت ليتني كنت رجلا أذبّ بين يديك هؤلاء الفجرة ، قاتلي العترة
البررة.
قال : وجعل القوم
يدورون عليه من كل جهة ، وهو يذبّ عن نفسه ، فلم يقدر عليه أحد. وكلما جاؤوه من
جهة ، قالت له ابنته : يا أبت جاؤوك من جهة كذا ، حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به. فقالت
ابنته : وا ذلاه ، يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به. فجعل يدور بسيفه ويقول :
أقسم لو يفسح لي
عن بصري
|
|
ضاق عليكم موردي
ومصدري
|
قال الراوي : فما
زالوا به حتى أخذوه ، وأتوا به إلى ابن زياد. فلما رآه قال ابن
زياد : الحمد لله
الّذي أعمى عينيك. فقال ابن عفيف : الحمد لله الّذي أعمى قلبك.
فقال ابن زياد :
يا عدوّ الله ما تقول في عثمان بن عفان؟. فشتمه ابن عفيف وقال: يا عبد بني علاج ،
يابن مرجانة ، ما أنت وعثمان بن عفان ؛ أساء أو أحسن ، وأصلح أم أفسد!. وإن الله
تبارك وتعالى وليّ خلقه ، يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل والحق. ولكن سلني عن أبيك
وعنك ، وعن يزيد وأبيه!.
فقال ابن زياد :
لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت غصّة بعد غصة.
فقال عبد الله بن
عفيف : الحمد لله رب العالمين. أما إني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة من
قبل أن تلدك أمك ، وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي ألعن خلقه وأبغضهم إليه. فلما
كفّ بصري يئست من الشهادة ، والآن فالحمد لله الّذي رزقنيها بعد اليأس منها ،
وعرّفني الإجابة منه في قديم دعائي.
فقال ابن زياد :
اضربوا عنقه. فضربت عنقه ، وصلب في السبخة. رضوان الله عليه.
٣٤٦ ـ إطلاق سراح
النساء الأسرى غير الهاشميات :
يقول السيد
إبراهيم الزنجاني في (وسيلة الدارين في أنصار الحسين) :
لم يسب في الكوفة
إلا النساء الهاشميات ، وأما غيرهن فقد شفع فيهن أقرباؤهن من القبائل وأطلق
سراحهن.
٣٤٧ ـ تطويف رأس
الحسين عليهالسلام في سكك الكوفة :
(وسيلة الدارين ، ص ٣٦٦)
ثم أمر ابن زياد
برأس الحسين عليهالسلام فطيف به في سكك الكوفة كلها وقبائلها.
قال زيد بن أرقم :
لما مرّ به عليّ وهو على رمح ، وأنا في غرفة لي ، فلما حاذاني سمعته يقرأ (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً). فوقف والله شعري عليّ ، وناديت : رأسك والله يابن رسول
الله وأمرك أعجب وأعجب.
فلما فرغ القوم من
التطواف به في الكوفة ردّوه إلى باب القصر.
٣٤٨ ـ نصب الرؤوس
بالكوفة :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٠ ط ٢ نجف)
ثم إن ابن زياد
نصب الرؤوس كلها بالكوفة على الخشب ، وكانت زيادة على
سبعين رأسا ، وهي
أول رؤوس نصبت في الإسلام ، بعد رأس مسلم بن عقيل بالكوفة.
كلام الرأس المقدّس
ـ تعليق حول كلام
الرأس المقدس وهو على الرمح :
(المجالس السّنيّة للسيد الأمين ، ج ٣ مجلس ١٨٦)
لما كانت معركة
صفّين ، وأيقن معاوية من الهزيمة ، لم يجد غير اتخاذ الحيلة ، فرفع عمرو بن العاص
المصاحف على رؤوس الرماح ، ليوهم أهل العراق بأنه يحتكم إلى القرآن. فحذّر الإمام
علي عليهالسلام أصحابه من حيلة أهل الشام ، وقال لهم : أنا كتاب الله
الناطق ، وهذا المصحف كتاب الله الصامت ، فأيهما أحقّ بالاحتكام إليه؟.
فلم يصغوا إليه!.
ثم كانت معركة
كربلاء ، وقتلوا الحسين عليهالسلام ورفعوا رأسه على السنان. فتذكرت عند ذلك رفع معاوية للقرآن
على رؤوس الرماح يوم صفين ، فقلت :
ما أشدّ الشبه بين
الحالين ؛ فهناك رفعوا القرآن على الرمح وهو كتاب الله الصامت ، وهنا رفعوا رأس
الحسين على السنان وهو كتاب الله الناطق ، فنطق بالحجة حتى وهو مقطوع في أكثر من
موضع ، كاشفا عن معجزته وكرامته.
٣٤٩ ـ تكلم الرأس
الشريف في عدة مواضع :
يقول المحقق السيد
عبد العزيز المقرّم في مقتله :
لم يزل السبط
الشهيد حليف القرآن منذ أنشأ الله كيانه ، لأنهما ثقلا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم وخليفتاه على أمته. وقد نصّ الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنهما لن يفترقا حتى يردا عليه الحوض. فبذلك كان الحسين عليهالسلام غير مبارح تلاوة القرآن طيلة حياته ، وحتى بعد مماته. وكما
قال الشاعر :
لهفي لرأسك فوق
مسلوب القنا
|
|
يكسوه من أنواره
جلبابا
|
يتلو الكتاب على
السنان وإنما
|
|
رفعوا به فوق
السنان كتابا
|
ويقول الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٤٨٨ :
عن مسلمة بن كهيل
قال : رأيت رأس الحسين عليهالسلام على قناة وهو يقرأ :
(فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة : ١٣٧].
قال هلال بن
معاوية : رأيت رجلا يحمل رأس الحسين عليهالسلام والرأس يخاطبه : فرّقت بين رأسي وبدني ، فرّق الله بين
لحمك وعظمك ، وجعلك آية ونكالا للعالمين. فرفع السوط وأخذ يضرب الرأس ، حتى سكت.
٣٥٠ ـ رأس الحسين عليهالسلام يتلو من سورة الكهف :
يقول السيد المقرم
في مقتله ص ٤٣٣ :
ولما نصب الرأس
الأقدس في موضع (الصيارفة) وهناك لغط المارة وضوضاء المتعاملين ، فأراد سيد
الشهداء عليهالسلام توجيه النفوس نحوه ، ليسمعوا بليغ عظاته. فتنحنح تنحنحا
عاليا ، فاتجهت إليه الناس ، واعترتهم الدهشة ، حيث لم يسمعوا رأسا مقطوعا يتنحنح
قبل يوم الحسين عليهالسلام ، فعندها قرأ سورة الكهف إلى قوله تعالى : (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْناهُمْ هُدىً) [الكهف : ١٣] ،
فلم يزدهم إلا ضلالا.
وفي (مناقب آل أبي
طالب) لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢١٨ ط نجف :
إنهم لما صلبوا
الرأس الشريف على شجرة خارج الكوفة سمع منه :
(وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
وفي (تظلّم
الزهراء) للقزويني ، عن الحارث بن وكيدة ، قال : كنت فيمن حمل رأس الحسين عليهالسلام فسمعته يقرأ سورة الكهف ، فجعلت أشكّ في نفسي وأنا أسمع
نغمة أبي عبد الله. فترك الحسين عليهالسلام القراءة والتفت إليّ يخاطبني : يابن وكيدة ، أما علمت أنّا
معاشر الأئمة أحياء عند ربنا نرزق؟!.
قال ابن وكيدة :
فقلت في نفسي أسرق رأسه وأدفنه ، فإذا الخطاب من الرأس الأزهر: يابن وكيدة ، ليس
لك إلى ذلك سبيل ، إنّ سفكهم دمي أعظم عند الله تعالى من تسييرهم إياي على الرمح ،
فذرهم فسوف يعلمون (إِذِ الْأَغْلالُ فِي
أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ) (٧١) [غافر : ٧١].
ولنعم ما قال
الشاعر ، وهو رزق الله بن عبد الوهاب الجبّائي في الحسين عليهالسلام :
رأس ابن بنت
محمّد ووصيّه
|
|
للناظرين على
قناة يرفع
|
والمسلمون بمسمع
وبمنظر
|
|
لا منكر منهم
ولا متفجّع
|
كحلت بمنظرك
العيون عماية
|
|
وأصمّ رزؤك كلّ
أذن تسمع
|
أيقظت أجفانا
وكنت لها كرى
|
|
وأنمت عينا لم
تكن بك تهجع
|
ما روضة إلا
تمنّت أنها
|
|
لك تربة ولخطّ
قبرك مضجع
|
٣٥١ ـ حجر يقع في سجن السبايا ينبئهم
بأن مصيرهم إما القتل أو التسيير إلى يزيد :
ظل الإمام السجّاد
عليهالسلام مع سبايا أهل البيت عليهمالسلام في سجن ابن زياد حتى ١٩ محرم [أي حوالي ستة أيام] وهم لا
يعرفون المصير الّذي يترصّدهم ، بعد أن بعث ابن زياد إلى يزيد يسأله ماذا يفعل بهم؟.
وفي الأثناء ألقي
إليهم حجر معه كتاب مربوط ، وفيه : خرج البريد بأمركم إلى يزيد في يوم كذا ، وهو
سائر كذا يوما ، وراجع في كذا يوم. فإن سمعتم التكبير فأيقنوا بالقتل ، وإن لم
تسمعوا تكبيرا فهو الأمان.
وقبل قدوم البريد
بيومين ، ألقي حجر في السجن ومعه كتاب وموسى ، وفي الكتاب: أوصوا واعهدوا ، فإنما
ينتظر البريد يوم كذا.
فجاء البريد ، ولم
يسمع التكبير. وفي كتاب يزيد الأمر بأن يسرّحهم ابن زياد إلى دمشق .
٣٥٢ ـ كم مكثوا في
السجن؟ :
(مع الحسين في نهضته للسيد أسد حيدر ، ص ٣٠٨)
اختلفت الأقوال في
تحديد اليوم الّذي انفصل فيه ركب آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكوفة إلى الشام. كما اختلفت الأقوال في يوم ورودهم
إلى الكوفة. ومن هذا لا نعلم بالضبط مدة بقائهم في سجن ابن زياد.
وقد ذهب البعض إلى
أنهم لم يمكثوا أكثر من أسبوع.
__________________
٣٥٣ ـ استجواب ابن
زياد لعبيد الله بن الحر الجعفي :
(مقتل أبي مخنف المقتبس من الطبري ، ص ٢٤٤ و ٢٤٥)
قال أبو مخنف :
حدّثني عبد الرحمن بن جندب الأزدي ، أن عبيد الله بن زياد بعد قتل الحسين عليهالسلام تفقّد أشراف الكوفة ، فلم ير عبيد الله بن الحر. ثم جاءه
بعد أيام حتى دخل عليه ، فقال : أين كنت يابن الحر؟. قال : كنت مريضا. قال : مريض
القلب أو مريض البدن؟. قال : أما قلبي فلم يمرض ، وأما بدني فقد منّ الله عليّ
بالعافية. فقال له ابن زياد : كذبت ؛ ولكنك كنت مع عدونا. قال : لو كنت مع عدوّك
لرئي مكاني ، وما كان مثل مكاني يخفى.
قال : وغفل عنه
ابن زياد غفلة ، فخرج ابن الحر فقعد على فرسه. فقال ابن زياد : أين ابن الحر؟.
قالوا : خرج الساعة. قال : عليّ به. فأحضرت الشّرط فقالوا له : أجب الأمير. فدفع
فرسه ، ثم قال : أبلغوه أني لا آتيه والله طائعا أبدا.
ثم خرج حتى أتى
منزل أحمر بن زياد الطائي ، فاجتمع إليه في منزله أصحابه.
ثم خرج حتى أتى
كربلاء ، فنظر إلى مصارع القوم ، فاستغفر لهم هو وأصحابه.
ثم مضى حتى نزل
المدائن. وقال في ذلك :
يقول أمير غادر
حقّ غادر :
|
|
ألا كنت قاتلت
الشهيد ابن فاطمه؟
|
ونفسي على
خذلانه واعتزاله
|
|
وبيعة هذا
الناكث العهد لائمه
|
فيا ندمي أن لا
أكون نصرته
|
|
ألا كل نفس لا
تسدّد نادمه
|
وإني لأني لم
أكن من حماته
|
|
لذو حسرة ما إن
تفارق لازمه
|
سقى الله أرواح
الذين تآزروا
|
|
على نصره سقيا
من الغيث دائمه
|
وقفت على
أجداثهم ومحالهم
|
|
فكاد الحشى
ينقضّ والعين ساجمه
|
لعمري لقد كانوا
مصاليت في الوغى
|
|
سراعا إلى
الهيجا حماة خضارمه
|
تأسّوا على نصر
ابن بنت نبيّهم
|
|
بأسيافهم آساد
غيل ضراغمه
|
فإن يقتلوا في
كل نفس بقية
|
|
عليا لأرض قد
أضحت لذلك واجمه
|
وما إن رأى
الراؤون أفضل منهم
|
|
لدى الموت سادات
وزهرا قماقمه
|
أتقتلهم ظلما
وترجو ودادنا
|
|
فدع خطّة ليست
لنا بملائمه
|
لعمري لقد أرغمتمونا
بقتلهم
|
|
فكم ناقم منا
عليكم وناقمه
|
أهمّ مرارا أن
أسير بجحفل
|
|
إلى فئة زاغت عن
الحق ظالمه
|
فكفّوا وإلا
زرتكم في كتائب
|
|
أشدّ عليكم من
زحوف الديالمه
|
وسوف ترد هذه
القصيدة في مناسبة ثانية ، في الفقرة ٦٦٥ من هذا الجزء ، في أول من زار قبر الحسين
عليهالسلام ورثاه.
قصة ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام
٣٥٤ ـ قصة
الغلامين محمّد وإبراهيم عليهماالسلام :
هما غلامان من
أولاد أهل البيت عليهمالسلام لم يبلغا الحلم ، أسرا في الكوفة أو في كربلاء ، وحاولا
الهرب والنجاة. وقد اختلف في نسبتهما.
قال الطبري وصاحب (كفاية
الطالب) : إن محمّدا وإبراهيم هما : إما من ولد عبد الله بن جعفر عليهالسلام أو من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ، على اختلاف الروايات فيهما.
وقد أورد هذه
القصة الخوارزمي في مقتله ، واعتبر أن الغلامين هربا من عسكر ابن زياد ، وهما من
أولاد جعفر الطيار عليهالسلام. وعندما هربا وجدا امرأة تستسقي فالتجآ إليها ، فلما
تعرّفت عليهما أحسنت إليهما ، لكن زوجها كان عميلا لابن زياد ، وكان ابن زياد قد
طرح جائزة لمن يأتي بهما.
أما بقية المقاتل
فذكرت القصة منسوبة إلى ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام ، وهما محمّد [وعمره إحدى عشرة سنة] ، والثاني إبراهيم [وعمره
تسع سنين] ، وذلك بروايتين مختلفتين :
الرواية الأولى :
في (معالي السبطين) للمازندراني ، نقلا عن (الناسخ) : أن مسلم بن عقيل عليهالسلام قبل مقتله بالكوفة كان هذان الطفلان معه ، فأودعهما عند
شريح القاضي وأوصاه بهما. فلما قتل مسلم رأى شريح القاضي تسفيرهما إلى المدينة. وفي
طريقهما إلى القافلة أخذهما أهل الكوفة وسلّموهما إلى ابن زياد ... إلى آخر القصة.
والرواية الثانية
: أنهما أخذا أسيرين إلى الكوفة ، وأودعا السجن ، ثم فرّا منه. وهي مشابهة لرواية
الخوارزمي. وهي قصة تنبئ عن براءة الأطفال ، ووحشية الكبار ، وأن الطمع يعمي القلب
، ويدفع الإنسان إلى ارتكاب كل جريمة ، كما فعل الحارث بن عروة ... كما تبيّن أن
هناك في كل عصر وموقع رجالا مؤمنين صدقوا
ما عاهدوا الله
عليه ، وأنهم مستعدون للتضحية بكل غال ونفيس فداء للمبدأ والعقيدة التي آمنوا بها
، حتى ولو استدعى ذلك إلى بذل نفوسهم وأرواحهم.
وإليك القصة
بالروايتين :
الرواية الأولى
٣٥٥ ـ قصة
الغلامين ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام :
(معالي السبطين
للمازندراني ، ج ٢ ص ٧١)
قال صاحب (الناسخ)
: إن هانئ بن عروة لما أخذ وحبس ، وخرج مسلم بن عقيلعليهالسلام من دار هانئ ، وجمع شيعته ، واجتمعوا حوله وخرجوا على عبيد
الله بن زياد ، دعا مسلم بن عقيل عليهالسلام بابنيه محمّد وإبراهيم وكانا معه ، وسلّمهما إلى شريح
القاضي ، وأوصاه بهما ، وكانا في داره حتى قتل مسلم عليهالسلام. فأخبر ابن زياد بأن ابني مسلم محمدا وإبراهيم كانا مع
مسلم ، وقد اختفيا في البلد. فأمر فنودي : من له علم بخبر ابني مسلم ولم يخبرنا
فهو مهدور الدم. ولما سمع شريح أحضرهما وأشفق عليهما وبكى. فقالا : يا شريح ما هذا
البكاء؟ فقال : لقد قتل أبوكما مسلم. فلما سمعا بكيا بكاء شديدا ، وناديا بالويل
والثبور ، وصاحا : وا أبتاه وا غربتاه!. فجعل يسلّي خاطرهما ويعزّيهما بأبيهما. ثم
أخبرهما بخبر عبيد الله بن زياد ، فخافا وسكتا. فقال شريح : أنتما قرة عيني وثمرة
فؤادي ، ولا أدع أن يظفر بكما أحد ، من ابن زياد ولا غيره ، وأرى أن أسلّمكما إلى
رجل أمين حتى يوصلكما إلى المدينة.
ثم دعا بابن له
يقال له الأسد ، وقال : بلغني أن قافلة شدّوا على رحالهم يريدون المدينة ، فخذ
هذين الصبيين وسلّمهما إلى رجل أمين ، كي يوصلهما إلى المدينة. ثم قبّلهما وأعطى
لكل واحد منهما خمسين دينارا ، وودّعهما.
فلما مضى من الليل
شطره حملهما ابن القاضي إلى ظهر الكوفة ، ومضى بهما أميالا. ثم قال : أيا ولديّ إن
القافلة قد رحلت ومضت ، وهذا سوادها. امضيا حتى تلحقا بها وعجّلا في المشي. ثم
ودّعهما ورجع.
ومضى الغلامان في
سواد الليل وجعلا يسرعان حتى تعبا ، وإذا بنفر من أهل الكوفة قد عارضوهما وأخذوهما
، وجاؤوا بهما إلى عبيد الله بن زياد. فدعا عبيد الله بالسجّان وسلّمهما إليه.
وكتب إلى يزيد كتابا وأخبره بقصتهما.
وكان السجّان من
محبّي أهل البيت عليهمالسلام واسمه (مشكور). وكان الغلامان في السجن وهما باكيان حزينان
، والسجّان لمّا عرفهما أشفق عليهما وأحسن إليهما ، وأحضر لهما الطعام والشراب ،
وأخرجهما من الحبس في جوف الليل ، وأعطاهما خاتمه ، وقال : أيا ولديّ إذا وصلتما
إلى (القادسية) عرّفا أنفسكما إلى أخي ، واعرضا عليه خاتمي علامة ، فهو يكرمكما
ويوقفكما على الطريق ، بل ويوصلكما إلى المدينة.
وخرج الغلامان إلى
القادسية ، ومضيا في جوف الليل ، وهما غير خبيرين بالطريق. فلما أصبحا إذا هما حول
الكوفة ، فخافا ومضيا إلى حديقة فيها نخيل وماء وشجر ، فصعدا على نخلة. فجاءت
جارية حبشية لتستقي ماء ، فرأت عكس صورهما في الماء ، نظرت وإذا بغلامين صغيرين كأن
الله لم يخلق مثلهما. وجعلت تلاطف بهما حتى نزلا من النخلة. وأتت بهما إلى دارها
وأخبرت سيدتها بهما. فلما رأتهما [أي سيدة الدار] اعتنقتهما وقبّلتهما ، وقالت :
يا حبيبيّ من أنتما؟. قالا : نحن من عترة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولد مسلم بن عقيل. فلما عرفتهما زادت في إكرامهما ،
وأحضرت لهما الطعام والشراب ، وأعتقت جاريتها سرورا بهذه العطية ، وأوصتها بأن لا
يطّلع زوجها على ذلك ، لأنها كانت تعرفه بالشر.
وأما عبيد الله بن
زياد ، لما بلغه الخبر بأن مشكورا أطلق ولدي مسلم وأخرجهما من الحبس ، دعاه وقال
له : ويلك أين الغلامان؟. قال : لما عرفتهما أطلقتهما كرامة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال : أأمنت من سطوتي؟ أما خفت من عقوبتي!. فقال : بل
خفت من عقوبة ربي. ويلك يابن مرجانة ، قتلت أباهما وأيتمتهما على صغر سنهما ، فما
تريد منهما؟. فغضب عبيد الله ودعا بالسياط ، وقال : اجلدوه خمسمائة جلدة ، واضربوا
عنقه. فقال مشكور : هذا في الله وفي حبّ أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قليل. فجلدوه خمسمائة جلدة. وجعل يسبّح الله ويقدّسه ،
ويقول : الله م أستعين بك وأطلب منك الفرج والروح والصبر ، فإني قتلت في حب أهل
بيت نبيك. الله م ألحقني بنبيّك وآله. ثم سكت حتى ضربوه خمسمائة سوط ، وقد بلغت
روحه التراقي ، فقال بضعيف صوته : اسقوني ماء. فقال ابن زياد : لا تسقوه ، بل
اقتلوه عطشانا. فتقدم عمرو بن الحارث وتشفّع فيه عند ابن زياد ، وحمله إلى داره
ليداويه ، ففتح مشكور عينيه ، وقال : والله لقد شربت شرابا من الكوثر ، لا أظمأ
بعده أبدا. ثم فارقت روحه.
وأما الغلامان فقد
أكلا وشربا ، وولجا الفراش وناما. فلما كان نصف الليل أقبل الرجل صاحب المنزل
واسمه الحارث بن عروة [ويجري على بعض الألسن أنه أخو هانئ بن عروة ، وهو ليس
بمعلوم]. دخل اللعين داره وهو مغضب ، وقالت زوجته : ما الّذي نزل بك؟. قال : قد
كنت بباب الأمير فسمعت المنادي ينادي : إن مشكور السجّان أطلق من الحبس غلامين
صغيرين لمسلم بن عقيل ، من أتى بهما إلى الأمير فله جائزة سنيّة وقضاء حاجته. وإني
ركبت على فرسي وركضت في جميع الشوارع والمشارع والطرق والسكك حتى انقدّ فرسي بطنه
كانقداد البعير ، وسقطت عن ظهر الفرس ، وبقيت راجلا ، وأتيت من بعيد في غاية التعب
مع شدة الجوع والعطش. فقالت زوجته : ويلك خف الله أيها الرجل ، واحذر أن يكون
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم خصمك ، ولا تحرّج عليهم. فقال : اسكتي فإن الأمير يغنيني
بالأموال والذهب والفضة. قومي وأحضري الطعام والشراب. فقامت وأحضرت له الطعام ،
وأكل وشرب وولج فراشه.
فأما الغلامان
فكانا نائمين إذ انتبه محمّد وهو الأكبر ، وقال لأخيه إبراهيم : يا أخي قم حتى
أقصّ عليك ما رأيت آنفا عند رقدتي ، وأظنّ أنّا نقتل عن قريب. رأيت كأن المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليا وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام وأبانا مسلما ، وهم في الجنة ، فنظر إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فبكى. فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مسلم ، وقال : كيف خلّفت ابنيك بين الأعداء؟!. فقال
مسلم : غدا يأتياني ويلحقان بي. فقال إبراهيم : وإني لقد رأيت كذلك. تعال حتى
أعانقك وتعانقني ، وأشمّ رائحتك وتشمّ رائحتي. وأخذ كل واحد منهما يشمّ الآخر.
فعند ذلك سمع اللعين غطيط الغلامين وكلامهما ، فسأل امرأته ، فلم تجبه بشيء. فقام
اللعين من ساعته ، وبيده شمعة ، وجعل يدور في البيت حتى دخل على الصبيين ووقف
عليهما ، وإذا بهما قد اعتنق كل واحد منهما الآخر. فقال : من أنتما وما تصنعان في
هذا المكان؟. فقالا : نحن أضيافك ومن عترة نبيّك ، وولد مسلم بن عقيل. فقال اللعين
: قد أتلفت نفسي وفرسي في طلبكما وأنتما في داري ، وجعل يضربهما ضربا شديدا. ثم
شدّ أكتافهما وألقاهما في البيت. وأقبلت امرأته وجعلت تقبّل يديه ورجليه وتبكي
وتتضرع ، وتقول : يا هذا ما تريد منهما؟ وهذان غلامان صغيران يتيمان ، وهما عترة
نبيك ، وهما ضيف عندنا.؟!. ولم يلتفت إليها. وبقي الغلامان على تلك الحالة حتى
أصبح الصباح ، فقام اللعين وحمل سلاحه وحمل معه الغلامين إلى الفرات ،
وخرجت امرأته من
خلفه وهي تعدو وتبكي ، فإذا دنت منه التفت إليها اللعين بالسيف ، فكانت ترجع.
ثم دعا بغلامه
وناوله السيف ، وقال : اذهب بهما ، واضرب أعناقهما ، وائتني برؤوسهما. فقال الغلام
: والله إني لأستحيي من محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم أن أقتل من عترته صبيين صغيرين. فقال اللعين : ويلك عصيتني!.
فحمل على الغلام وحمل الغلام عليه ، ودارت بينهما ضربات ، حتى خرّ الغلام صريعا.
فأقبلت زوجة الحارث مع ابنها ، وإذا باللعين يحزّ رأس عبده. فأقبل ابنه وحال
بينهما ، وقال : يا أبة ما تريد من هذا الغلام ، وهو أخ لي من الرضاعة؟. فلم يجبه
بشيء ، وقتل الغلام.
وقال لولده : اذهب
بهذين الصبيين ، واضرب أعناقهما. فقال : معاذ الله أن أفعل ذلك ، أو تفعل وأنا حي.
فقالت زوجته : ويلك ما ذنب هذين الصغيرين ، اذهب بهما إلى الأمير حتى يحكم فيهما
بأمره. فقال : ما لي إلى ذلك من سبيل ، ولا آمن من أن يهجم عليّ شيعتهم ويأخذوهما
من يدي.
وقام اللعين وجرّد
سيفه وقصد الغلامين ، فحالت المرأة بينه وبينهما ، وقالت : ويلك أما تخاف الله ،
أما تحذر من يوم القيامة!. فغضب اللعين ، وحمل على زوجته بالسيف وجرحها ، فوقعت
مغشيا عليها. فأقبل ابنه وأخذ بيده ، وقال : ويلك قد خرفت وذهب عقلك ، ما تصنع؟.
قتلت الغلام وجرحت أمي!. فاشتدّ غضبه وضرب ابنه بالسيف وقتله.
ثم أسرع إلى
الغلامين وحمل عليهما. فعند ذلك بكى الغلامان وارتعدت فرائصهما ، وجعلا يتضرعان ،
وقالا : أمهلنا حتى نصلي ركعات ، فما أمهلهما. فقام إلى الأكبر وأراد قتله ، فأقبل
الصغير ورمى بنفسه عليه ، وقال : ابدأ بي فاقتلني ، فإني لا أستطيع أن أرى أخي
قتيلا. فأخذ الصغير ، فأقبل الكبير ورمى بنفسه عليه ، وقال : ويلك كيف أطيق النظر
إليه وهو يتمرّغ في دمه!. دعه واقتلني قبله. فقام اللعين إلى الأكبر وضرب عنقه ،
ورمى بجسده إلى الفرات. فقام الصغير وأخذ رأس أخيه ، وجعل يقبّله. وأقبل اللعين
إليه وأخذ الرأس منه ، وضرب عنقه ، ورمى بجسده في الماء. ووضع الرأسين في المخلاة.
وأقبل مسرعا ودخل
قصر الإمارة ، ووضع الرأسين بين يدي ابن زياد. فقال ابن مرجانة : ما هذه الرؤوس؟.
قال : رؤوس أعدائك ، ظفرت بهما وقتلتهما ، وأتيت
برأسهما إليك ،
لتوفي بما وعدت ، وتثيبني على ذلك ثوابا حسنا. قال : ومن أعدائي؟. قال : ولد مسلم
بن عقيل. فأمر ابن زياد بأن تغسل الرؤوس ونظفهما ووضعهما في طبق بين يديه ، وقال :
ويلك أما خفت من الله أن قتلت الصبيين ، وهما بلا ذنب!. وأنا كتبت إلى يزيد حالهما
، وربما طلبهما مني حيّين ، فما يكون جوابه وبما ذا أجيبه؟. ولم ما جئتني بهما
سالمين؟. فقال : خشيت أن الناس يخلصونهما من يدي ، وما نلت بعطائك. قال : ألم
يتيسّر لك أن تحبسهما وتأتيني بخبرهما؟. فسكت اللعين.
فالتفت عبيد الله
إلى رجل كان نديمه يقال له (مقاتل) ، وكان من محبي أهل البيت عليهمالسلام. قال : هذا اللعين قتل الصبيين بلا إذن مني ، اذهب به إلى
ذلك المكان الّذي قتل فيه الغلامين ، واقتله بأي نحو شئت. فقام الرجل وقال : والله
لو وهب الله لي إمارة الكوفة ما سررت به كسروري بهذا. فشدّ أكتاف اللعين ، وجعل
يقوده حافيا حاسرا في أزقة الكوفة وسككها ، ومعه رؤوس أولاد مسلم. وجعل يقول : أيها
الناس ، هذا قاتل الصبيين ، والناس يبكون ويلعنون الحارث ويشتمونه ، حتى اجتمع خلق
كثير. وجاؤوا إلى الفرات ، وإذا بغلام قتيل ، وشاب مقتول ، وامرأة جريحة. فتعجبوا
من تلك الخباثة والشقاوة. والتفت اللعين إلى (مقاتل) وقال : كفّ عني حتى أختفي ،
وأعطيك عشرة آلاف دينار. فقال مقاتل : والله لو كانت الدنيا كلها لك وأعطيتني
إياها لما خلّيت سبيلك ، وأنا أطلب الجنة بقتلك. ثم قطع يديه ورجليه وسمل عينيه
وقطع أذنيه وشقّ بطنه ، ووضع هذه كلها في بطنه ، وجاء بحجر وربطه برجليه ، وألقاه
في الماء. وجاءت موجة ورمت به إلى البر ، إلى ثلاث مرات. ثم حفر بئرا ورمى به في
البئر ، وضمه في التراب ، فما كان بأسرع من أن قذفته الأرض فوقها ، إلى ثلاث مرات.
ثم أحرقوه بالنار.
وأمر ابن زياد بأن
يرموا برؤوس أولاد مسلم في الفرات ، فخرجت أبدانهم ، فكل رأس لحق بجسده ، ثم
اعتنقا جميعا وغمرا في الماء.
الرواية الثانية
٣٥٦ ـ قصة
الغلامين من أولاد مسلم بن عقيل عليهالسلام :
(أمالي الشيخ الصدوق ، ص ٧٦ ط بيروت)
حدّثنا محمّد بن
مسلم عن حمران بن أعين عن أبي محمّد شيخ لأهل الكوفة ، قال :
لما قتل الحسين بن
علي عليهالسلام أسر من معسكره غلامان صغيران. فأتى بهما عبيد الله بن
زياد. فدعا سجانا له ، فقال : خذ هذين الغلامين إليك ، فمن طيّب الطعام فلا
تطعمهما ، ومن الماء البارد فلا تسقهما ، وضيّق عليهما سجنهما. فكان الغلامان
يصومان النهار ، فإذا جنّهما الليل أتيا بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح. فلما
طال بالغلامين المكث حتى صارا في السنة ، قال أحدهما لصاحبه :
يا أخي قد طال بنا
مكثنا ، ويوشك أن تفنى أعمارنا ، وتبلى أبداننا ، فإذا جاء الشيخ فأعلمه مكاننا ،
وتقرّب إليه بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لعله يوسّع علينا في طعامنا ويزيدنا في شرابنا. فلما
جنّهما الليل أقبل الشيخ إليهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح. فقال له الغلام
الصغير : يا شيخ أتعرف محمدا؟. قال : فكيف لا أعرف محمدا وهو نبيّي!. قال: أفتعرف
جعفر بن أبي طالب؟. قال : وكيف لا أعرف جعفرا وقد أنبت الله له جناحين يطير بهما
مع الملائكة كيف يشاء!. قال : أفتعرف علي بن أبي طالب؟. قال : وكيف لا أعرف عليا
وهو ابن عم نبيّي وأخو نبيّي!. قال : أتعرف عقيل بن أبي طالب؟. قال : نعم. قال له
: يا شيخ فنحن من عترة نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ونحن من ولد مسلم بن عقيل بن أبي طالب ، بيدك أسارى ،
نسألك من طيّب الطعام فلا تطعمنا ، ومن بارد الشراب فلا تسقينا ، وقد ضيّقت علينا
سجننا. فانكبّ الشيخ على أقدامهما يقبّلهما ، ويقول : نفسي لنفسكما الفداء ، ووجهي
لوجهكما الوقاء ، يا عترة نبي الله المصطفى. هذا باب السجن بين يديكما مفتوح ،
فخذا أي طريق شئتما!. فلما جنّهما الليل أتاهما بقرصين من شعير وكوز من ماء القراح
، ووقفهما على الطريق ، وقال لهما : سيرا يا حبيبيّ الليل ، واكمنا النهار ، حتى
يجعل الله عزوجل لكما من أمركما فرجا ومخرجا. ففعل الغلامان ذلك. فلما
جنهما الليل انتهيا إلى عجوز على باب ، فقالا لها : يا عجوز إنا غلامان صغيران
غريبان حدثان ، غير خبيرين بالطريق ، وهذا الليل قد جنّنا ، أضيفينا سواد ليلتنا
هذه ، فإذا أصبحنا لزمنا الطريق. فقالت لهما : فمن أنتما يا حبيبيّ ، فقد شممت
الروائح كلها فما شممت رائحة هي أطيب من رائحتكما؟. فقالا لها : يا عجوز نحن من
عترة نبيك محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل. قالت : يا
حبيبيّ إن لي ختنا [وهو الصهر زوج البنت] قد شهد الوقعة مع عبيد الله بن زياد ،
أتخوّف أن يصيبكما ههنا فيقتلكما. قالا : سواد ليلتنا هذه ، فإذا أصبحنا لزمنا
الطريق. فقالت : سآتيكما بطعام ، ثم أتتهما بطعام فأكلا وشربا. ولما ولجا الفراش ،
قال الصغير للكبير : يا أخي إنا نرجو أن نكون قد أمنّا ليلتنا هذه ، فتعال
حتى أعانقك
وتعانقني ، وأشمّ رائحتك وتشمّ رائحتي ، قبل أن يفرّق الموت بيننا. ففعل الغلامان
ذلك ، واعتنقا وناما. فلما كان في بعض الليل ، أقبل ختن العجوز الفاسق ، حتى قرع
الباب قرعا خفيفا. فقالت العجوز : من هذا؟. قال : أنا فلان. قالت : ما الّذي أطرقك
هذه الساعة وليس هذا لك بوقت؟. قال : ويحك افتحي الباب قبل أن يطير عقلي وتنشق
مرارتي في جوفي ، جهد البلاء الّذي قد نزل بي!. قالت : ويحك ما الّذي نزل بك؟. قال
: هرب غلامان صغيران من عسكر عبيد الله بن زياد ، فنادى الأمير في معسكره : من جاء
برأس واحد منهما فله ألف درهم ، ومن جاء برأسهما فله ألفا درهم ، فقد أتعبت فرسي
وتعبت ولم يصل في يدي شيء!. فقالت العجوز : يا ختني غحذر أن يكون محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم خصمك في القيامة!. قال لها : ويحك إن الدنيا محرص عليها.
فقالت : وما تصنع بالدنيا وليس معها آخرة؟. قال : إني لأراك تحامين عنهما كأن عندك
من طلب الأمير شيء ، فقومي فإن الأمير يدعوك. قالت : وما يصنع الأمير بي ، إنما
أنا عجوز في هذه البرية!. قال : إنما لي الطلب. افتحي لي الباب حتى أريح وأستريح ،
فإذا أصبحت فكرت في أي الطريق آخذ في طلبهما. ففتحت له الباب ، وأتته بطعام وشراب
، فأكل وشرب. فلما كان في بعض الليل سمع غطيط الغلامين في جوف الليل ، فأقبل يهيج
كما يهيج البعير الهائج ، ويخور كما يخور الثور ، ويلمس بكفه جدار البيت ، حتى
وقعت يده على جنب الغلام الصغير ، فقال له : من هذا؟. قال : أما أنا فصاحب المنزل
، فمن أنتما؟. فأقبل الصغير يحرّك الكبير ، ويقول : قم يا حبيبي فقد والله وقعنا
فيما كنا نحاذره. قال لهما : من أنتما؟. قالا له : يا شيخ إن نحن صدقناك فلنا
الأمان؟. قال : نعم. قالا : أمان الله وأمان رسوله وذمة الله وذمة رسول الله؟. قال
: نعم. قالا : ومحمد بن عبد الله على ذلك من الشاهدين؟. قال : نعم. قالا : والله
على ما نقول وكيل وشهيد؟. قال : نعم. قالا له : يا شيخ ، فنحن من عترة نبيك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل. فقال لهما :
من الموت هربتما وإلى الموت وقعتما. الحمد لله الّذي أظفرني بكما. فقام إلى
الغلامين فشدّ أكتافهما ، فبات الغلامان ليلتهما مكتّفين. فلما انفجر عمود الصبح ،
دعا غلاما له أسود يقال له (فليح) فقال : خذ هذين الغلامين ، فانطلق بهما إلى شاطئ
الفرات ، واضرب أعناقهما وائتني برؤوسهما ، لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد ،
وآخذ جائزة ألفي درهم. فحمل الغلام السيف فمضى بهما ومشى أمام الغلامين ، فما مضى
إلا غير بعيد حتى قال أحد الغلامين : يا أسود ، ما أشبه سوادك بسواد (بلال).
مؤذّن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. قال : إن مولاي قد أمرني بقتلكما ، فمن أنتما؟. قالا له
:

هذه الصورة صوّرتها
في مرقد الغلامين محمّد وإبراهيم
ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام
في المسيّب
يا أسود ، نحن من
عترة نبيك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هربنا من سجن عبيد الله بن زياد من القتل ، أضافتنا
عجوزكم هذه ، ويريد مولاك قتلنا!. فانكبّ الأسود على أقدامهما يقبّلهما ، ويقول :
نفسي لنفسكما الفداء ، ووجهي لوجهكما الوقاء ، يا عترة نبي الله المصطفى ، والله
لا يكون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم خصمي في القيامة. ثم عدا فرمى بالسيف من يده ناحية ، وطرح
نفسه في الفرات وعبر إلى الجانب الآخر. فصاح به مولاه :
يا غلام عصيتني!.
فقال : يا مولاي إنما أطعتك ما دمت لا تعصي الله ، فإذا عصيت الله فأنا منك بريء
في الدنيا والآخرة. فدعا ابنه وقال : يا بنيّ إنما أجمع الدنيا ، حلالها وحرامها
لك ، والدنيا محرص عليها ، فخذ هذين الغلامين إليك ، فانطلق بهما إلى شاطئ الفرات
، فاضرب أعناقهما وائتني برؤوسهما ، لأنطلق بهما إلى عبيد الله بن زياد وآخذ جائزة
ألفي درهم. فأخذ الغلام السيف ومشى أمام الغلامين ، فما مضيا إلا غير بعيد ، حتى
قال له أحد الغلامين : يا شاب ما أخوفني
على شبابك هذا من
نار جهنم ، فقال : يا حبيبيّ فمن أنتما؟. قالا : من عترة نبيك محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم يريد والدك قتلنا. فانكب الغلام على أقدامهما يقبّلهما
ويقول لهما مقالة الأسود ، ورمى بالسيف ناحية ، وطرح نفسه في الفرات وعبر. فصاح به
أبوه : يا بنيّ عصيتني!. قال : لأن أطيع الله وأعصيك أحبّ إليّ من أن أعصي الله
وأطيعك. قال الشيخ: لا يلي قتلكما أحد غيري. وأخذ السيف ومشى أمامهما ، فلما صار
إلى شاطئ الفرات ، سلّ السيف من جفنه. فلما نظر الغلامان إلى السيف مسلولا اغرورقت
أعينهما وقالا له : يا شيخ انطلق بنا إلى السوق واستمتع بأثماننا ، ولا ترد أن
يكون محمّد خصمك في القيامة غدا. فقال : لا ولكن أقتلكما وأذهب برؤوسكما إلى عبيد
الله ابن زياد وآخذ جائزة ألفين. فقالا له : يا شيخ أما تحفظ قرابتنا من رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم!. فقال : ما لكما من رسول الله قرابة. فقالا له : يا شيخ
فائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم فينا بأمره. قال : ما بي إلى ذلك سبيل
إلا التقرّب إليه بدمكما!.
قالا : يا شيخ أما
ترحم صغر سننا!. قال : ما جعل الله لكما في قلبي من الرحمة شيئا. قالا : يا شيخ إن
كان ولا بدّ فدعنا نصلي ركعات. قال : فصليا ما شئتما ، إن نفعتكما الصلاة!. فصلى
الغلامان أربع ركعات ، ثم رفعا طرفيهما إلى السماء ، فناديا : يا حيّ يا عليم ، يا
أحكم الحاكمين ، احكم بيننا وبينه بالحق.
فقام إلى الأكبر
فضرب عنقه ، وأخذ برأسه ووضعه في المخلاة. وأقبل الغلام الصغير يتمرغ في دم أخيه ،
وهو يقول : حتى ألقى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا متخضّب بدم أخي. فقال [الشيخ] : لا عليك سوف ألحقك
بأخيك. ثم قام إلى الغلام الصغير فضرب عنقه ، وأخذ رأسه ووضعه في المخلاة. ورمى
ببدنهما في الماء ، وهما يقطران دما.
وفي رواية (المناقب
القديم) بعض الاختلاف ، يقول :
ثم هزّ السيف وضرب
عنق الأكبر ، ورمى ببدنه إلى الفرات. فقال الأصغر : سألتك بالله أن تتركني حتى
أتمرّغ بدم أخي ساعة. قال : وما ينفعك ذلك؟. قال : هكذا أحبّ. فتمرّغ بدم أخيه
ساعة. ثم قال له الشيخ : قم ، فلم يقم. فوضع السيف على قفاه ، فضرب عنقه من قبل
القفا ، ورمى ببدنه إلى الفرات. فكان بدن الأول على وجه الفرات ساعة ، حتى قذف
الثاني ، فأقبل بدن الأول راجعا يشقّ الماء شقّا
حتى التزم بدن
أخيه ، وغارا في الماء. وسمع هذا الملعون صوتا من بينهما وهما في الماء (يقول):
ربّ إنك تعلم وترى ما فعل بنا هذا الملعون ، فاستوف لنا حقنا منه يوم القيامة».
ومرّ حتى أتى بهما
إلى عبيد الله بن زياد ، وهو قاعد على كرسي له ، وبيده قضيب خيزران ، فوضع الرأسين
بين يديه. فلما نظر إليهما قام ثم قعد ثم قام ثم قعد ثلاثا. ثم قال : الويل لك أين
ظفرت بهما؟. قال : أضافتهما عجوز لنا. قال : فما عرفت لهما حقّ الضيافة؟. قال :
لا. قال : فأيّ شيء قالا لك؟. (قال) قالا : يا شيخ اذهب بنا إلى السوق فبعنا
فانتفع بأثماننا ، فلا نريد أن يكون محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم خصمك في القيامة. قال : فأيّ شيء قلت لهما؟. (قال) قلت :
لا ، ولكن أقتلكما وأنطلق برأسكما إلى عبيد الله بن زياد ، وآخذ جائزة ألفي درهم.
قال : فأيّ شيء قالا لك؟. (قال) قالا : ائت بنا إلى عبيد الله بن زياد حتى يحكم
فينا بأمره. قال : فأي شيء قلت؟. (قال) قلت : ليس إلى ذلك سبيل إلا التقرب إليه
بدمكما. قال : أفلا جئتني بهما حيّين ، فكنت أضاعف لك الجائزة وأجعلها أربعة آلاف
درهم!. قال : ما رأيت إلى ذلك سبيلا إلا التقرّب إليك بدمهما. قال : فأيّ شيء قالا
لك أيضا؟. (قال) قالا : يا شيخ احفظ قرابتنا من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فأي شيء قلت لهما؟. (قال) قلت : ما لكما من رسول
الله قرابة. قال : ويلك فأي شيء قالا لك أيضا؟. (قال) قالا : يا شيخ ارحم صغر
سننا. قال : فما رحمتهما؟. قال : لا ، قلت : ما جعل الله لكما من الرحمة في قلبي
شيئا. قال : ويلك فأي شيء قالا لك أيضا؟. (قال) قالا : دعنا نصلي ركعات ، فقلت :
فصلّيا ما شئتما إن نفعتكما الصلاة. فصلى الغلامان أربع ركعات. قال : فأي شيء قالا
في آخر صلاتهما؟. قال : رفعا طرفيهما إلى السماء ، وقالا : يا حيّ يا عليم ، يا
أحكم الحاكمين ، احكم بيننا وبينه بالحق.
قال عبيد الله بن
زياد : فإن أحكم الحاكمين قد حكم بينكما وبين الفاسق.
قال : فانتدب إليه
رجل من أهل الشام ، فقال : أنا له.
وفي رواية المناقب
: «فدعا عبيد الله بغلام له أسود يقال له نادر ، فقال له :
يا نادر ، دونك
هذا الشيخ ، شدّ كتفيه».
قال : فانطلق به
إلى الموضع الّذي قتل فيه الغلامين فاضرب عنقه ، ولا تترك أن يختلط دمه بدمهما ،
وعجّل برأسه. ففعل الرجل ذلك.
وفي رواية المناقب
: «فضرب عنقه ، فرمى بجيفته إلى الماء ، فلم يقبله الماء ، ورمى به إلى الشط».
وجاء برأسه فنصبه
على قناة ، فجعل الصبيان يرمونه بالنبل والحجارة ، وهم يقولون : هذا قاتل ذرّية
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وصول نعي الحسين عليهالسلام
٣٥٧ ـ ابن زياد
يخبر الأمصار بمقتل الحسين عليهالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٨٩)
وكتب ابن زياد إلى
يزيد بقتل الحسين عليهالسلام وخبر أهل بيته.
وتقدم إلى عبد
الملك بن الحارث السلمي ، فقال : انطلق حتى تأتي عمرو بن سعيد بن العاص [الأشدق]
بالمدينة (وكان أميرا عليها ، وهو من بني أمية) ، فتبشّره بقتل الحسين. وقال : لا
يسبقنّك الخبر إليه. فاعتذر بالمرض ، فلم يقبل منه. وكان ابن زياد شديد الوطأة ،
لا يصطلى بناره. وأمره أن يجدّ السير ، فإن قامت به الراحلة يشتري غيرها ، ولا
يسبقه الخبر من غيره.
قال عبد الملك :
فركبت راحلتي ، حتى إذا وصلت المدينة ، لقيني رجل من قريش ، فقال : ما الخبر؟. قلت
: الخبر عند الأمير تسمعه. قال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، قتل والله الحسين عليهالسلام.
وكان وصول نعي
الحسين عليهالسلام بعد ٢٤ يوما من مقتله الشريف.
٣٥٨ ـ طغيان
الأشدق وشماتته حين بلغه مقتل الحسين عليهالسلام :
(المصدر السابق)
قال عبد الملك بن
الحارث : ولما دخلت على عمرو بن سعيد ، قال : ما وراءك؟. فقلت : ما يسرّ الأمير ،
قتل الحسين بن علي. فقال : اخرج فناد بقتله. فناديت بقتله في أزقة المدينة. فلم
يسمع ذلك اليوم واعية مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين بن علي عليهماالسلام حين سمعوا النداء.
فدخلت على عمرو بن
سعيد ، فلما رآني تبسّم إليّ ضاحكا ، ثم تمثّل بقول عمرو ابن معديكرب الزبيدي :
عجّت نساء بني
زياد عجّة
|
|
كعجيج نسوتنا
غداة الأرنب
|
ثم قال عمرو : هذه
واعية بواعية عثمان!.
وفي (كامل ابن
الأثير) : ناعية كناعية عثمان.
٣٥٩ ـ خطبة عمرو
بن سعيد يخبر فيها الناس بمقتل الحسين عليهالسلام :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٣٧)
ثم صعد عمرو بن
سعيد بن العاص المنبر ، وخطب الناس وأعلمهم قتل الحسين عليهالسلام ، وقال في خطبته : إنها لدمة بلدمة وصدمة بصدمة. كم خطبة بعد خطبة ، وموعظة بعد موعظة (خطبة
بالغة فما تغني النّذر). والله لوددت أن رأسه في بدنه ، وروحه في جسده. أحيانا كان
يسبّنا ونمدحه ، ويقطعنا ونصله ، كعادتنا وعادته ، ولم يكن من أمره ما كان ، ولكن
كيف نصنع بمن سلّ سيفه يريد قتلنا ، إلا أن ندفعه عن أنفسنا؟!.
فقام إليه عبد
الله بن السائب فقال : أما لو كانت فاطمة حيّة فرأت رأس الحسين لبكت عليه!. فجبهه
عمرو بن سعيد وقال : نحن أحقّ بفاطمة منك ، أبوها عمنا وزوجها أخونا وابنها ابننا (وأمها
ابنتنا). أما لو كانت فاطمة حية لبكت عينها وحزن كبدها ، ولكن ما لامت من قتله ،
ودفعه عن نفسه.
ترجمة عمرو بن سعيد
(الأشدق)
كان عمرو بن سعيد
بن العاص المشتهر بالأشدق ، فظّا غليظا قاسيا. أمر صاحب شرطته على المدينة عمرو بن
الزبير بن العوام بعد مقتل الحسين عليهالسلام أن يهدم دور بني هاشم ففعل ، وبلغ منهم كل مبلغ. وهدم دار
ابن مطيع. وضرب الناس ضربا شديدا ، فهربوا منه إلى ابن الزبير. وسمّي (بالأشدق)
لأنه أصابه اعوجاج في حلقه إلى الجانب الآخر ، لإغراقه في شتم الإمام علي بن أبي
طالب عليهالسلام.
__________________
٣٦٠ ـ ندب أم
لقمان (زينب الصغرى) بنت عقيل :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٩٠)
وخرجت أم لقمان
بنت عقيل بن أبي طالب عليهالسلام حين سمعت نعي الحسينعليهالسلام حاسرة ، ومعها أخواتها : أم هاني وأسماء ورملة وزينب بنات
عقيل بن أبي طالب عليهالسلام تبكي قتلاها بالطف ، وهي تقول :
ما ذا تقولون إن
قال النبي لكم
|
|
ما ذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم؟
|
بعترتي وبأهلي
بعد مفتقدي
|
|
منهم أسارى
وقتلى ضرّجوا بدم
|
ما كان هذا
جزائي إذ نصحت لكم
|
|
أن تخلفوني بسوء
في ذوي رحمي
|
إني لأخشى عليكم
أن يحلّ بكم
|
|
مثل العذاب
الّذي يأتي على الأمم
|
وفي (تاريخ ابن
عساكر) تراجم النساء ، ص ١٢٣ : أن زينب العقيلة عليهاالسلام هي التي قالت هذه الأبيات يوم الطف ، بعد أن أخرجت رأسها
من الخباء ، وهي رافعة عقيرتها [أي صوتها] ، بعد أخيها الحسين عليهالسلام.
٣٦١ ـ ما قاله عبد
الله بن جعفر حين بلغه مقتل الحسين عليهالسلام ومصرع ولديه محمّد وعون (الحسين في طريقه إلى الشهادة ، ص
٥)
لما ورد نعي
الحسين عليهالسلام إلى المدينة ، كان عبد الله بن جعفر جالسا في بيته ، ودخل
عليه الناس يعزّونه. فقال غلامه أبو اللسلاس : هذا ما لقيناه من الحسين [يعني قتل
محمّد وعون ولدي عبد الله بن جعفر]!. قال الراوي : فحذفه عبد الله بنعله ، وقال :
يابن اللخناء أللحسين تقول هذا؟. والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أقتل
معه. والله إنه لمما يسخي بالنفس عنهما ، ويهوّن على المصاب بهما ، أنهما أصيبا مع
أخي وابن عمي مواسيين له صابرين معه. ثم أقبل على جلسائه فقال : الحمد لله ، أعزز
عليّ بمصرع الحسينعليهالسلام أن لا أكن آسيت حسينا بيدي ، فقد آسيته بولديّ.
٣٦٢ ـ ندب أم
البنين لأولادها عليهمالسلام : (المجالس السنية ، ج ١ ص ١٣٤)
وكانت أم البنين [وهي
إحدى زوجات الإمام علي عليهالسلام وأم الإخوة الأربعة الذين استشهدوا في كربلاء ، وأكبرهم
العباس بن علي عليهالسلام] كانت تخرج كل يوم إلى البقيع [وهي المقبرة المجاورة لقبر
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الشرق] وتحمل معها عبيد الله ابن ولدها العباس عليهالسلام ، فتندب أولادها الأربعة ، خصوصا العباس عليهالسلام ،
أشجى ندبة
وأحرقها. فيجتمع أهل المدينة ليسمعوا بكاءها وندبتها. فكان مروان بن الحكم ـ على
شدة عداوته لبني هاشم ـ يجيء ، فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي.
ومما كانت ترثي به
ولدها العباس عليهالسلام قولها :
يا من رأى
العباس كرّ
|
|
على جماهير
النّقد
|
ووراه من أبناء
حي
|
|
در كل ليث ذو
لبد
|
أنبئت أن ابني
أصي
|
|
ب برأسه مقطوع
يد
|
ويلي على شبلي
أما
|
|
ل برأسه ضرب
العمد
|
لو كان سيفك في
يدي
|
|
ك لما دنا منه
أحد
|
وكانت تقول في
رثاء أولادها الأربعة عليهمالسلام :
لا تدعونّي ويك
أمّ البنين
|
|
تذكّريني بليوث
العرين
|
كانت بنون لي
أدعى بهم
|
|
واليوم أصبحت
ولا من بنين
|
أربعة مثل نسور
الربى
|
|
قد واصلوا الموت
بقطع الوتين
|
تنازع الخرصان
أشلاءهم
|
|
فكلهم أمسى
صريعا طعين
|
يا ليت شعري
أكما أخبروا
|
|
بأن عباسا قطيع
اليمين؟
|
توضيح :
يبدو أن أم البنين
فاطمة بنت حزام زوجة الإمام علي عليهالسلام لم تكن مع الحسينعليهالسلام في كربلاء ، بل ظلت في المدينة ، ولذلك كانت تقول : (يا من
رأى العباس) وتستفسر عن حاله وكيفية استشهاده. فلما بلغها مقتله ومقتل إخوته
ندبتهم جميعا.
٣٦٣ ـ ما قالته أم
سلمة رضي الله عنها حين بلغها خبر مقتل الحسين عليهالسلام :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط ٢ نجف)
ذكر ابن سعد (في
الطبقات) عن أم سلمة ، لما بلغها قتل الحسين عليهالسلام قالت : أوقد فعلوها؟!. ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا. ثم
بكت حتى غشي عليها.
وروى ابن سعد أنها
قالت : لعن الله أهل العراق.
__________________
٣٦٤ ـ ما قاله
الحسن البصري (المصدر السابق ، ص ٢٧٨)
قال الزهري : لما
بلغ الحسن البصري قتل الحسين عليهالسلام بكى حتى اختلج صدغاه ، ثم قال : واذلّ أمة قتل ابن بنت
نبيّها ابن دعيّها!. والله ليردّن رأس الحسين إلى جسده ، ثم لينتقمنّ له جدّه
وأبوه من ابن مرجانة.
وحكى الزهري عن
الحسن البصري أنه قال : أول داخل دخل على العرب ، ادّعاء معاوية زياد بن أبيه ،
وقتل الحسين عليهالسلام.
٣٦٥ ـ ما قاله
الربيع بن خيثم (المصدر السابق)
وقال الزهري : لما
بلغ الربيع بن خيثم قتل الحسين عليهالسلام بكى ، وقال : لقد قتلوا فتية لو رآهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأحبهم وأطعمهم بيده وأجلسهم على فخذه ... وذكره ابن سعد
أيضا.
٣٦٦ ـ خطبة عبد
الله بن الزبير حين بلغه مقتل الحسين عليهالسلام :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٨ ط ٢ نجف)
قال عامر الشعبي :
لما بلغ عبد الله بن الزبير قتل الحسين عليهالسلام خطب بمكة وقال : ألا إن أهل العراق قوم غدر وفجر. ألا وإن
أهل الكوفة شرارهم ، إنهم دعوا الحسين ليولوه عليهم ، ليقيم أمورهم وينصرهم على
عدوهم ، ويعيد معالم الإسلام. فلما قدم عليهم ثاروا عليه يقتلوه. قالوا له : إن لم
تضع يدك في يد الفاجر الملعون ابن زياد الملعون ، فيرى فيك رأيه ، فاختار الوفاة
الكريمة ، على الحياة الذميمة. فرحم الله حسينا ، وأخزى قاتله ، ولعن من أمر بذلك
ورضي به. أفبعد ما جرى على أبي عبد الله ما جرى ، يطمئن أحد إلى هؤلاء ، أو يقبل
عهود الفجرة الغدرة!. أما والله لقد كان صوّاما بالنهار قوّاما بالليل ، وأولى
بينهم من الفاجر ابن الفاجر. والله ما كان يستبدل بالقرآن الغناء ، ولا بالبكاء من
خشية الله الحداء ، ولا بالصيام شرب الخمور ، ولا بقيام الليل الزمور ، ولا بمجالس
الذكر الركض في طلب الصيود ، واللعب بالقرود. قتلوه فسوف يلقون غيّا (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ) [هود : ١٨]. ثم نزل.
الباب الثامن
مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام
(ثم إلى المدينة)
ويتضمن الفصول
التالية :
الفصل ٢٨ ـ مسير
الرؤوس والسبايا إلى دمشق :
ـ تحقيق الطريق
والمنازل
ـ المسير بالرؤوس
والسبايا إلى دمشق
الفصل ٢٩ ـ الرؤوس
والسبايا في دمشق :
ـ إدخال رأس
الحسين عليهالسلام والسبايا على يزيد
ـ خطبة السيدة
زينب عليهاالسلام
ـ خطبة الإمام زين
العابدين عليهالسلام
ـ إقامة السبايا
في دمشق
ـ الناقمون على
يزيد
الفصل ٣٠ ـ تسيير
السبايا إلى المدينة المنورة :
ـ زيارة الأربعين
ـ مدفن الرأس
الشريف
الفصل ٣١ ـ مرقد
الحسين وأهل البيت عليهمالسلام :
ـ مرقد الحسين عليهالسلام في كربلاء
ـ مرقد أبي الفضل
العباس عليهالسلام
ـ المشاهد المشرفة
لأهل البيت عليهمالسلام في دمشق :
ـ مشهد رأس الحسين
عليهالسلام
ـ مرقد السيدة
رقية عليهاالسلام
ـ مشهد رؤوس
الشهداء عليهمالسلام
ـ مقام السيدة
سكينة بنت الحسين عليهماالسلام
ـ ترجمة سكينة
والدفاع عنها
ـ مقام السيدة أم
كلثوم (زينب الصغرى) بنت الإمام علي عليهماالسلام
ـ ترجمة فاطمة
الصغرى بنت الحسين عليهماالسلام
ـ مرقد السيدة
العقيلة زينب الكبرى بنت الإمام علي عليهماالسلام
ـ ترجمة زينب
العقيلة عليهماالسلام
ـ مسجد السادات
الزينبية بدمشق
ـ مدفن الشريفات
العلويات في مصر
ـ ترجمة الإمام
زين العابدين عليهالسلام
الفصل ٣٢ ـ عقوبة
قاتلي الحسين عليهالسلام :
ـ صفة عقوبة قاتلي
الحسين عليهالسلام
ـ قصة الّذي احترق
بالمصباح
ـ مخاصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقتلة الحسين عليهالسلام يوم القيامة
ـ السيدة فاطمة
الزهراء عليهاالسلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة
ـ نهاية بعض قتلة
الحسين
ـ ترجمة المختار
بن أبي عبيدة الثقفي
الفصل الثامن والعشرون
مسير الرؤوس والسبايا إلى دمشق
ويتضمن الفصل :
١ ـ كيف سيّروا
الركب الحسيني إلى الشام
بحث جغرافي عن نهر
دجلة ٢ ـ تحقيق الطريق من الكوفة إلى دمشق
٣ ـ المنازل التي
مرّ بها موكب الرؤوس والسبايا
٤ ـ تحقيق المنازل
التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا ، مع مصوّر مفصّل.
٥ ـ تعريف بأشهر
المواضع والبلدان :
القادسية ـ الحصّاصة
ـ قصر ابن هبيرة
مسكن ـ تكريت ـ طريق
البر ـ الكحيل ـ جهينة
الموصل ـ تل أعفر
ـ سنجار
نصيبين ـ عين
الوردة ـ حرّان
الرقة ـ بالس ـ كفرنوبة
حلب : جبل الجوشن
، مشهد النقطة ، مشهد السقط محسن
قنّسرين ـ المعرة
ـ شيزر ـ كفر طاب
سيبور ـ حماة ـ الرستن
ـ جبل زين العابدين عليهالسلام
حمص ـ القصير ـ جوسية
الهرمل ـ بعلبك.
٦ ـ المسير
بالرؤوس والسبايا إلى الشام :
دير للنصارى ـ القادسية
ـ قصر بني مقاتل
شرقي الحصّاصة ـ جرايا
ـ مسكن
تكريت ـ طريق البر
ـ عسقلان
الموصل ـ تل أعفر
ـ جبل سنجار
نصيبين ـ دعوات ـ حرّان
الرقة ـ بالس
حلب : جبل الجوشن
ـ قنّسرين وراهبها
معرة النعمان ـ شيزر
ـ كفر طاب ـ سيبور
حماة ـ جبل زين
العابدين عليهالسلام ـ الرستن
حمص ـ جوسية ـ اللبوة
ـ بعلبك
صومعة الراهب وقصة
الراهب ـ حجر قرب دمشق
٧ ـ قصة أسلم.
الفصل الثامن
والعشرون
مسير الرؤوس والسبايا
إلى دمشق
مقدمة الفصل :
ثمة ثغرات في
التاريخ لا يمكن تعليلها بغير الاهمال وعدم الاكتراث. ففي حين كانت الروايات عن
مقتل الحسين عليهالسلام كثيفة مستفيضة مترامية الأطراف ، فإن الروايات عن أحوال
الرأس الشريف يكتنفها الغموض والإبهام ، سواء في ذلك الطريق الّذي سلكه الرأس من
الكوفة إلى الشام ، أو في مصيره الأخير ومكان دفنه.
وحتى اليوم لم
يتصدّ الكثيرون لتحقيق الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا في مسيرتها إلى دمشق.
وقد كانت لي محاولة سابقة في هذا الصدد برعاية مولاي الأجل العلامة المغفور له
السيد حسين يوسف مكي العاملي ، وذلك عند تأليفي لكتاب [خطب الإمام الحسين على طريق
الشهادة] بتوجيه منه. فقد طلب مني السيد آنذاك رسم مخطط جغرافي موثّق لمسيرة
الرؤوس والسبايا ، ففعلت. ثم أرسله الى لبنان لطباعته وضاع.
وعندما عزمت على
وضع هذه الموسوعة ، كان اهتمامي أن أعطي هذا الموضوع حقه من التحقيق والتدقيق.
وكانت غرابتي كبيرة من أن كثيرا من كتب المقاتل قد أغفلت ما حصل في هذا الطريق ،
ولم تذكر شيئا عن هذه المسيرة الهامة. أعدّ من هذه الكتب : (الإرشاد) للشيخ المفيد
، (ومقتل الحسين) للخوارزمي ، (ومثير الأحزان) لابن نما الحلي ، (وتذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، (واللهوف على قتلى الطفوف) لابن طاووس ، (ومقتل الحسين) للمقرم
، (ولواعج الأشجان) للسيد الأمين ؛ وحتى (تاريخ الطبري) ،
(وكتاب الفتوح)
لابن أعثم ، (والكامل) لابن الأثير ، وغيرها من كتب التاريخ المعتبرة.
ومن الكتب التي
اعتمدنا عليها لتحقيق الطريق ما يلي :
مقتل الحسين عليهالسلام المنسوب لأبي مخنف ـ مقتل الحسين عليهالسلام لأبي مخنف
[مخطوطة مكتبة
الأسد] ـ وسيلة الدارين في أنصار الحسين عليهالسلام للزنجاني ـ أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ـ نور العين
لأبي إسحق الإسفريني ـ ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ـ بحار الأنوار للمجلسي ، ج
٤٥.
وأغزرها مادة (معالي
السبطين) للمازندراني ، الّذي يقول بعد سرد المنازل ، ج ٢ ص ٨٣ :
إلى هنا نختم
الكلام في ترتيب المنازل التي سيّروها من الكوفة إلى الشام. وهذا ما عثرنا عليه في
الكتب المعتبرة من :
ناسخ التواريخ ـ القمقام
ـ مقتل أبي مخنف
بحار الأنوار ـ نفس
المهموم ـ الدمعة الساكبة
وبعض هذه الكتب لم
أستطع العثور عليها ، وبعضها مؤلف باللغة الفارسية ، مثل كتاب (القمقام) تأليف
فرهاد ميرزا ، وكتاب (ناسخ التواريخ) تأليف ميرزا محمّد تقي الكاشاني [ت ١٢٩٧ ه]
وهو كتاب مبسّط مطوّل يقع في ثمانية مجلدات.
ولقد استطعت بعد
عناء أن ألتقط أسماء المواضع التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا ، من مجموعة كتب
المقاتل والتواريخ ، وأن أحصي منها أكثر من أربعين موضعا ، موزّعة ما بين الكوفة
والموصل ونصيبين وحلب ودمشق ، سهّلت لي رسم الطريق بشكل دقيق ، على وجه التحقيق
والتدقيق.
كيف سيّروا الركب الحسيني إلى الشام
٣٦٨ ـ يزيد يأمر
بتسيير الرؤوس والسبايا إلى الشام :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٧١)
يقول السيد ابن
طاووس : وكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين عليهالسلام وخبر أهل بيته ...
فلما وصل كتاب ابن
زياد إلى يزيد ووقف عليه ، أعاد الجواب إليه ، يأمره بحمل رأس الحسين عليهالسلام ورؤوس من قتل معه ، وبحمل أثقاله ونسائه وعياله.
فاستدعى ابن زياد
بمحفّر بن ثعلبة العائذي ، فسلّم إليه الرؤوس والأسرى والنساء. فسار بهم محفّر إلى
الشام ، كما يسار بسبايا الكفار ، يتصفح وجوههن أهل الأقطار.
٣٦٩ ـ إرسال
الرؤوس والسبايا إلى الشام :
(الإرشاد للشيخ المفيد ، ص ٢٤٥)
بينما يقول الشيخ
المفيد : فأرسل ابن زياد الرؤوس مع زحر بن قيس (وفي بعض الكتب : زجر ، وهو خطأ) ،
وأنفذ معه أبا بردة بن عوف الأزدي وطارق بن أبي ظبيان في جماعة من أهل الكوفة ،
حتى وردوا بها على يزيد ابن معاوية بدمشق.
ثم أمر ابن زياد
بنساء الحسين عليهالسلام وصبيانه فجهزوا ، وأمر بعلي بن الحسين عليهالسلام فغلّ بغلّ إلى عنقه (وفي رواية : في
يديه ورقبته) على حال تقشعر منها الأبدان وتضطرب لها النفوس ، أسى وحزنا.
ثم سرّح بهم في
إثر الرؤوس مع محفّر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن (وشبث بن ربعي وعمرو بن
الحجاج ، وضم إليهم ألف فارس ، وحملهم على الأقتاب).
وأمرهم أن يلحقوا
الرؤوس ، ويشهروهم في كل بلد يأتونها . فجدوا السير حتى لحقوا بهم في بعض المنازل. ولم يكن علي
بن الحسين عليهماالسلام يكلّم أحدا من القوم في الطريق كلمة ، حتى بلغوا دمشق.
فلما انتهوا إلى باب يزيد ، رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا محفّر بن ثعلبة
أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسين عليهماالسلام فقال : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم!.
وفي (جمهرة النسب)
لابن الكلبي ، ج ١ ص ١٧٢ ، قال : منهم محفّز بن ثعلبة الّذي ذهب برأس الحسين عليهالسلام إلى الشام ، وقال : أنا محفّز بن ثعلبة جئت برؤوس اللئام
الكفرة!. فقال يزيد بن معاوية : ما تحفّزت عنه أم محفّز ألأم وأفجر.
٣٧٠ ـ مسير الرؤوس
والسبايا إلى الشام :
(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٣٨)
وقال أبو مخنف :
ثم استدعى اللعين عبيد الله بالشمر وخولي وشبث وحجر [لعله تصحيف : حجّار بن أبجر]
وضم إليهم ألفا وخمسمائة فارس وزوّدهم ، وضم إليهم
__________________
الأسارى والحرم
والرؤوس ، وبعثهم إلى دمشق. وأمرهم بإشهار الحرم والرؤوس في الأمصار.
٣٧١ ـ من كان رئيس
العسكر الذين سيّروا الرؤوس والسبايا إلى الشام؟ :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٣)
يقول الفاضل
الدربندي : إن محفّر بن ثعلبة كان هو المسلّم إليه الرؤوس الشريفة والحرم ، وهو
كان رئيسا على الحراس والمستحفظين للرؤوس والحرم. وأما أمير المعسكر ورئيس الكل
فهو خولي ، حين خروجهم من الكوفة. أما ابن سعد فقد كان عند خروجهم إلى الشام مقيما
في الكوفة ومتخلفا عن العسكر.
أما عدد العسكر
الذين أرسلوا مع الرؤوس والسبايا ، فكان ألفين أو أكثر ، منهم خمسون كانوا مسؤولين
عن الرأس الشريف.
٣٧٢ ـ وصول رأس
الحسين عليهالسلام قبل غيره إلى دمشق مع رسالة :
(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٣٦)
وسبق زحر بن قيس
الجعفي برأس الحسين عليهالسلام إلى دمشق ، حتى دخل على يزيد ، فسلّم عليه ودفع إليه كتاب
عبيد الله بن زياد.
قال : فأخذ يزيد
كتاب عبيد الله بن زياد ، فوضعه بين يديه. ثم قال : هات ما عندك يا زحر. فقال زحر
: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله عليك ... وقصّ عليه ما حصل في كربلاء باختصار.
(أقول) : لعل سبب
الإسراع بإيصال الرأس الشريف إلى دمشق هو أمران :
١ ـ الإسراع في
أخذ الجائزة.
٢ ـ الخوف من سرقة
الرأس في الطريق.
والأمر الأخير
يبيّن لنا سبب الحراسة الشديدة التي كانت على الرؤوس ، فقد بعث ابن زياد جيشا
كاملا قوامه ألفان من العسكر ليحرسوا [١٧] رأسا من أعيان الشهداء ، وحوالي ستين
شخصا من السبايا.
٣٧٣ ـ كيف سيّروا
السبايا على المطايا إلى الشام؟ :
قال المازندراني
في (معالي السبطين) : اختلف في كيفية حمل السبايا.
قال ابن عبد ربه
في (العقد الفريد) : وحمل أهل الشام بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا على أحقاب الإبل.
وسوف نستعرض فيما
يلي بعض أقوال الرواة في هذا الحادث الأليم ، ونترك للقارئ الحكم على مرتكبيه.
وكما قال الشاعر :
لو بسبطي قيصر
أو هرقل
|
|
فعلوا فعل يزيد
ما عدا
|
قال الشيخ عبد
الله الشبراوي الشافعي في كتابه (الإتحاف بحبّ الأشراف) ص ٥٦: ثم أرسل ابن زياد
السبايا مع عمر بن سعد إلى يزيد بن معاوية ، ومعه الصبيان والنساء مشدودين على
أقتاب الجمال ، موثّقين بالحبال ، والنساء مكشّفات الوجوه والرؤوس. وفي عنق علي بن
الحسين عليهماالسلام ويديه الغل.
وقال المؤرخ
القرماني الدمشقي في (أخبار الدول) ص ١٠٨ :
ثم إن عبيد الله
بن زياد جهّز علي بن الحسين عليهماالسلام ومن كان معه من حرمه ، بحيث تقشعرّ من ذكره الأبدان ،
وترتعد منه مفاصل الإنسان ، إلى البغيض يزيد بن معاوية ، مع الشمر.
٣٧٤ ـ على أي شيء
أركبوا السبايا عليهمالسلام؟ : (البحار ، ج ٤٥ ص ١٥٤ ط ٣)
قال صاحب (إقبال
الأعمال) : رأيت في كتاب (المصابيح) بإسناده إلى الإمام جعفر بن محمّد عليهالسلام قال : قال لي أبي محمّد الباقر عليهالسلام : سألت أبي علي ابن الحسين عليهماالسلام عن حمل يزيد له ، فقال : حملني على بعير يظلع [أي جمل يعرج
في مشيته] بغير وطاء ، ورأس الحسين عليهالسلام على علم. ونسوتنا خلفي على بغال [واكفة ] ، والفارطة خلفنا وحولنا بالرماح. إن دمعت من أحدنا عين قرع رأسه
بالرمح. حتى إذا دخلنا دمشق ، صاح صائح : يا أهل الشام ، هؤلاء سبايا أهل البيت
الملعون. يقول الشاعر :
وما الدهر حتى
العيد إلا مآتم
|
|
وهل ترك العاشور
للناس من عيد
|
أيفرح قلب ،
والفواطم حسّر
|
|
يسار بها أسرى
على قتب القود
|
__________________
٣٧٥ ـ تخرّص ابن
كثير! : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٣)
بعد أن ذكر ابن
كثير كيفية تسيير السبايا إلى يزيد ، على جمال بدون وطاء ، حاول أن يدافع عن يزيد
فقال :
وهذا يردّ قول
الرافضة : أنهم حملوا على جنائب الإبل سبايا عرايا ، حتى كذب من زعم منهم أن الإبل
البخاتي إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم ، لتستر عوراتهن ، من
قبلهن ودبرهن.
(أقول) : والله ما
سمعنا بهذا .. يا متعصب!.
٣٧٦ ـ كم استغرق
الطريق إلى دمشق؟ :
(المفيد في ذكرى السبط الشهيد لعبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٤٤)
يقول السيد عبد
الحسين العاملي : لقد كانت مسافة الطريق شهرا للإبل ذوات الصبر والقوة ، ولكن الحداة
الغلاظ الشداد ، أرهقوا قدرتها وأوجعوا صبرها ، فقطعت المسافة في عشرة أيام.
توضيح :
إن المسافة من
الكوفة إلى دمشق عن طريق الموصل وحلب حوالي ١٨٠٠ كم ، يحتاج الجمل لقطعها دون توقف
شهرا كاملا ، لأن الجمل يسير كل يوم نحو ٦٠ كم.
وقد كان الأمر جاء
من يزيد بتسيير السبايا من أطول طريق مأهول بالسكان ، مع أنه كان بإمكانهم الوصول
إلى دمشق عن طريق الصحراء ، مختصرين نصف المسافة.
٣٧٧ ـ الهدف من
سلوك الطريق الطويلة الآهلة بالسكان هو التشهير بمقتل الحسين عليهالسلام :
(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للعلامة السيد حسين مكي ، ص ٩)
يقول السيد حسين رحمهالله : كان بوسع ابن زياد أن يرسل الرؤوس والسبايا من الكوفة
إلى دمشق عبر الطريق الصحراوية القصيرة الواصلة بين الكوفة ودمشق. بيد
__________________
أن يزيد وابن زياد
كانا يهدفان إلى التشهير بمقتل الحسين عليهالسلام وإلى إذاعة خبر مقتله عليهالسلام في الآفاق ، ليعلم الناس بقتله ، وحتى لا يبقى لأي مناصر
للحق في الأمة الإسلامية أمل في مقاومة يزيد ، لأن الحسين عليهالسلام كان علم الحق ونبراسه ، ومرجع الهدى وممثله. وقد رأى يزيد
حين أمر ابن زياد بإرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام وشهرهم في كل بلد ، أن من أبلغ
أنواع الإخبار بمقتل الحسين عليهالسلام أن يرى رأس الحسين عليهالسلام يطاف به في البلاد ، وأن ترى نساؤه وصبيانه سبايا ، يسار
بهم في البلاد ، ويشهر أمرهم في كل مكان يأتونه ، ولذا سلكوا بهم الطريق العامر
بالبلاد الآهل بالسكان ، وهو الطريق من الكوفة إلى الموصل ، ثم إلى حلب فحماة فحمص
فدمشق.
بحث جغرافي
نهر دجلة
قبل التعرف على
الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا ، لا بدّ لنا من التعرّف على نهر دجلة ، الّذي
يشكّل جزءا هاما من بداية الطريق ، ما بين مسكن والموصل.
٣٧٨ ـ تعريف بنهر
دجلة :
يبلغ طول نهر دجلة
١٨٣٥ كم ، وهو ينبع من منطقة جبلية في تركيا ، تكسوها الثلوج شتاء. ثم يأتي إلى (جزيرة
ابن عمر) حيث المنطقة المشتركة بين العراق وتركيا وسورية. فيشكل جزءا من الحدود
السورية مع العراق على طول ٢٠ كم. ثم يدخل العراق (انظر الشكل ٨) فيمرّ بالموصل ،
ثم يرفده الزاب الأعلى (الكبير) عند الحديثة ، ويرفده الزاب الأسفل (الصغير) عند
السن. ثم يمرّ بتكريت ثم سامراء ، ثم يرفده نهر العظيم عند (بلد). ثم يمرّ ببغداد
، ثم بالمدائن (سلمان باك) حيث يكون أقرب ما يكون من نهر الفرات ، ويرفده هناك نهر
ديالي. ثم يمرّ بالعزيزية والكوت والعمارة ، إلى أن ينتهي إلى القرنة ، وهي نقطة
التقاء نهري دجلة والفرات ، حيث يؤلفان شط العرب الّذي يمرّ بالبصرة وعبادان ، ثم
يصب في الخليج عند الفاو.
وبما أن مسير
العسكر كان يتوخى دائما القرب من المياه والأنهار ، لذلك فإن مسير الرؤوس والسبايا
من الكوفة إلى الموصل ، كان في قسمه الأول على نهر الفرات ، ثم انتقل بمحاذاة
بغداد إلى نهر دجلة ، باتجاه الشمال حتى الموصل ، ثم
انعطف الطريق إلى
الغرب مارا بالجزيرة السورية إلى الرقة فحلب ، ثم انحرف باتجاه الجنوب مارا بحماة
وحمص وبعلبك إلى دمشق (انظر الشكل ١٠).
٣٧٩ ـ جدول الدجيل
(مفصّل جغرافية العراق لطه الهاشمي ، ص ٥٠٩)
الدّجيل مصغر دجلة
، وهو فرع النهر الّذي كان يأخذ الماء من دجلة في جنوب
(الدور) من الضفة
اليمنى للنهر ، ثم يعود فيصب بدجلة في شمال العاصمة بغداد. وهو يجري موازيا لنهر
دجلة من الغرب ، ويسقي القرى والمزارع بين سامراء وبغداد (انظر الشكل التالي).
(الشكل ٧)
(مصور نهر الدجيل)
|

|
تحقيق الطريق من الكوفة إلى دمشق
٣٨٠ ـ تحقيق
الطريق الّذي سلكته الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الشام :
سوف نذكر أولا
الطرق التي كانت متّبعة في العراق والجزيرة والشام ، مع تقدير مسافاتها ، ثم ننتقل
إلى المواقع التي مرّت بها الرؤوس والسبايا ، كما وردت في كتب التاريخ والمقاتل.
علما بأن المسيرة من الكوفة إلى دمشق يبلغ طولها نحو ١٨٠٠ كيلومتر ، ولا يمكن أن
تقطع في أقل من عشرة أيام.

(الشكل ٨)
مصور نهر دجلة والفرات قديما
(عن كتاب : بلدان الخلافة الشرقية تأليف كي لسترنغ ، ص ٦٦٦)
٣٨١ ـ المسافات من
بغداد إلى الكوفة :
(أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم للبشاري ، ص ١٣٤ ط ٢ ليدن)
وأما المسافات
فتأخذ من بغداد إلى نهر الملك مرحلة ، ثم إلى (القصر) مرحلة ، ثم إلى (حمام ابن عمر) مرحلة ،
ثم إلى (الكوفة) مرحلة ، ثم إلى (القادسية) مرحلة.
وفي (البلدان)
لليعقوبي ، ص ٩٢ :
من بغداد إلى الكوفة
ثلاثون فرسخا ، وهي ثلاث مراحل : أولها (قصر ابن هبيرة) على اثني عشر
فرسخا من بغداد ، كان يزيد ابن عمر بن هبيرة الفزاري ابتناه في أيام مروان بن
محمّد بن مروان. وابن هبيرة يومئذ عامل مروان على العراق. وأراد البعد من الكوفة ،
وهي مدينة عامرة جليلة ينزلها العمال والولاة ، وأهلها أخلاط من الناس. وهي على
نهر يأخذ من الفرات يقال له (الصراة). وبين قصر ابن هبيرة وبين معظم الفرات مقدار
ميلين إلى جسر على معظم الفرات يقال له جسر سورا. ومن قصر ابن هبيرة إلى موضع يقال
له (سوق أسد) غربي الفرات ، في الطّسّوج الّذي يقال له الفلوجة. ومن سوق أسد إلى الكوفة. والمسافات
من بغداد إلى الكوفة في عمارات وقرى عظام متصلة عامرة ، فيها أخلاط من العجم ومن
العرب.
وفي كتاب (الخراج)
لأبي الفرج قدامة بن جعفر الكاتب البغدادي ص ١٨٨ :
فمن مدينة السلام [يقصد
بغداد] إلى جسر (كوثي) على نهر الملك سبعة فراسخ ، ومن جسر كوثي إلى قصر ابن هبيرة
خمسة فراسخ (انظر الشكل ١٢ فيما بعد) ، ومن قصر ابن هبيرة إلى (سوق أسد) سبعة
فراسخ ، ومن سوق أسد إلى (ساهي) خمسة فراسخ ، ومن ساهي إلى مدينة الكوفة خمسة
فراسخ. (ومن الكوفة إلى القادسية ٨ فراسخ) ...
__________________
٣٨٢ ـ المسافات من
بغداد إلى الموصل : (مفصّل جغرافية العراق ، ص ٢٠٩)
طريق (بغداد ـ تكريت
ـ شرقاط ـ موصل) :
يبلغ طول هذا
الطريق زهاء [٢٦٨ ميلا ـ ٤٨٢ كم] ووجهته العامة إلى الشمال. وهو يسلك ضفة دجلة
الغربية ، ويمرّ بأراض سهلة مكشوفة قليلة السكن ، وطبيعة الأرض فيه ترابية ورملية.
يقطع الطريق بعض الوديان التي تصبّ في دجلة ، وفي الجداول التي تأخذ الماء منها ،
إما على الجسور أو على القناطر.
يمرّ الطريق
بالكاظمية وسميكة وبلد وتكريت حتى يصل إلى الشريمية. وفي محطة الشريمية يدخل
الطريق المنطقة المرتفعة التي يبلغ ارتفاعها زهاء [١٥٠٠ يردة ـ ١٣٧٠ م] ويقطع
منطقة متموجة ، ويصل إلى شرقاط ، ثم إلى القيّارة والشورة وحمام العليل ، حتى يصل
الموصل.
٣٨٣ ـ المسافات من
الموصل إلى نصيبين (المصدر السابق ، ص ١٩٤)
طريق (الموصل ـ تلعغر
ـ سنجار ـ نصيبين) :
اتجاه الطريق
العام من الشرق إلى الغرب ، فإلى الشمال الغربي فالشمال. يمرّ الطريق بأراض سهلة
ترابية ورملية ، عدا قسم من جبل سنجار ، فهو جبل حجري.
يبلغ طول القسم
الواقع بين الموصل وسنجار زهاء (٧٩ ميلا ـ ١٤٢ كم) وهو يصلح لسير السيارات
والعجلات.
يمرّ الطريق بعين (أبو
مارية) في شرقي (تلعفر) ، ويصل هذه القرية في الميل ٣٩. وفي الميل ٧٤ يصل (عين
الغزال) ، فيدخل منطقة الروابي حتى يصل قرية
(بلد سنجار) ، وهي
على سفح جبل سنجار الجنوبي.
أما القسم الواقع
بين بلد سنجار ونصيبين فيبلغ طوله زهاء [٨٠ ميلا ـ ١٤٤ كم] يمرّ بصحراء قاحلة
قليلة المياه ، لا تصلح لسير السيارات. وبعد قرية سنجار يتسلق الطريق جبل سنجار
ويمر بمضيق شلو ، ثم ينزل من الجبل المذكور ويدخل السهل. وبعد أن يجتاز وادي (الردّ)
وعدة وديان تصب فيه ، يصل (نصيبين).
٣٨٤ ـ الطريق التي
تربط الموصل بدير الزور (ثم حلب):
(المصدر السابق ، ص ٢٠٣)
يبلغ طول هذا
الطريق زهاء [٢١٠ ميلا ـ ٣٧٨ كم] فيه ثلاث عشرة مرحلة
للمشاة ، ووجهته
العامة إلى الغرب وإلى الجنوب الغربي. يمرّ بأراض سهلة ويقطع نهر الخابور على جسر
جديدة في قرية (الصور) ، ويقطع نهر الفرات على الجسر في دير الزور. وبعد أن بترك
مدينة الموصل يسلك طريق (الموصل ـ سنجار) إلى موقع (عين الغزال) ، ومنه يدخل في
البادية حتى يصل موقع (البديع) وهو واقع في الميل التسعين. وبعد دير الزور يسلك
الطريق ضفة وادي الفرات اليمنى إلى (مسكنة) ، ثم يتجه نحو الشمال الغربي ويصل
مدينة حلب. ويبلغ طول طريق (دير الزور ـ حلب) زهاء [٢٠٥ ميلا ـ ٣٦٩ كم] ، فيكون
طول طريق (الموصل ـ دير الزور ـ حلب) زهاء [٤١٥ ميلا ـ ٧٤٧ كم].
ـ طريق الجزيرة
الطويل
(تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٢٧٤)
ذكر شيء من مسافات
الجزيرة : من الأنبار إلى تكريت مرحلتان ، ومن تكريت إلى الموصل ستة أيام. [ومن
الموصل إلى (آمد) أربعة أيام. ومن آمد إلى سميساط ثلاثة أيام]. ومن الموصل إلى
نصيبين أربع مراحل. ومن نصيبين إلى رأس عين (عين الورد) ثلاث مراحل. ومن رأس عين
إلى الرقة أربعة أيام. ومن رأس عين إلى (حرّان) ثلاثة أيام. ومن حران إلى الرّها (اورفه)
يوم واحد.
٣٨٥ ـ المنازل من
حلب إلى دمشق (البلدان لليعقوبي ، ص ١١٠)
من أراد أن يسلك
من (حلب) الطريق الأعظم إلى (دمشق) ، خرج من حلب إلى مدينة (قنّسرين) ثم إلى (تل
منّس) وهو أول عمل جند حمص. ومنها إلى مدينة (حماة) وأهل هذه المدينة قوم من
اليمن. ثم إلى (الرستن) ثم إلى مدينة
(حمص). وبحمص
أقاليم منها : مدينة (شيزر) ومدينة (كفرطاب).
ومن حمص إلى مدينة
دمشق أربع مراحل ؛ في المرحلة الأولى (جوسية) والثانية (قارا) والثالثة (القطيفة)
ومنها إلى مدينة دمشق.
ومن سلك من حمص
على طريق البريد ، أخذ من (جوسية) إلى البقاع ، ثم إلى مدينة (بعلبك) ومنها إلى (عقبة
الرمان) ثم إلى مدينة دمشق.
وأهل بعلبك من
الفرس ، وفي أطرافها قوم من اليمن. وطرابلس وجبيل وصيداء وبيروت ، أهل هذه الكور
كلها قوم من الفرس نقلهم إليها معاوية بن أبي سفيان.
وفي (المسالك
والممالك) لعبيد الله بن خرداذبة ، ص ٩٨ :
الطريق من حمص إلى
دمشق على بعلبك (طريق البريد) :
من حمص إلى جوسيّة
أربع سكك. ثم إلى بعلبك ست سكك ، ثم إلى دمشق تسع سكك.
٣٨٦ ـ من أين سار
الإمام علي عليهالسلام من الكوفة إلى (صفّين)؟ :
لما قرر الإمام
علي عليهالسلام المسير إلى صفين لحرب معاوية ، كان أمامه طريقان :
الأول طويل : وهو
طريق الموصل نصيبين ، ويمرّ بأعلى الجزيرة.
والثاني قصير :
وهو الطريق المحاذي لنهر الفرات ، ويمرّ ب (هيت) و (عانات) إلى الرقّة.
وكما سنرى فإن
الإمام عليا عليهالسلام أمر قسما من جيشه [٣ آلاف جندي] بالتوجه وفق الطريق الطويل
، بقيادة معقل بن قيس ، بينما توجه هو وجيشه وفق الطريق القصير (محاذيا للفرات من
الشرق مارا بالأنبار). والتقى القسمان عند الرقة ، وعبروا من جسر الرقة إلى الجنوب
حيث دارت المعركة في جبل صفّين.
ولعل سبب إرسال
معقل من الطريق الطويل ، هو لإخضاع أهل الجزيرة لحكم الإمامعليهالسلام قبل مواجهة معاوية ، فأكثرهم كانوا موالين لبني أمية.
وفي تصوري أن
الطريق الطويلة السابقة هي التي سيّروا منها الرؤوس والسبايا في طريقهم إلى حلب
فدمشق.
٣٨٧ ـ الإمام علي عليهالسلام يأمر معقل بن قيس بسلوك طريق الموصل إلى الرقة :
(وقعة صفين لنصر بن مزاحم ، ص ١٤٨ ط ٢)
عن أبي الودّاك ،
أن عليا عليهالسلام بعث من (المدائن) معقل بن قيس الرياحي في ثلاثة آلاف رجل ،
وقال له : خذ على الموصل ، ثم نصيبين ، ثم القني بالرقة ، فإني موافيها ...
فخرج معقل حتى أتى
(الحديثة) وهي إذ ذاك منزل الناس ، وإنما بنى مدينة (الموصل) بعد ذاك محمّد بن
مروان.
هذا يدلّ على أن
الموصل المقصودة في الأخبار هي غير مدينة الموصل الحالية.
هذا وكان الإمام عليهالسلام قد بعث مقدمة لجيشه في اثني عشر ألفا ، وأمرهم بالمسير على
شاطئ الفرات الغربي ، من قبل البر. فساروا حتى بلغوا (عانات). ثم ارتأوا أن يعبروا
منها إلى الضفة الشرقية ، ليلحقوا بجيش الإمام عليهالسلام ، فمنعهم
أهلها. فاضطروا
للرجوع ، وعبروا النهر من (هيت) ، ثم لحقوا عليا عليهالسلام متأخرين بقرية دون قرقيسيا [البصيرة اليوم] (انظر الشكل ٩).
ويقول فلهوزن في (تاريخ
الدولة العربية) ص ٧٣ :
ولا نكاد نجد من
أخبار موقعة صفّين عند الطبري إلا ما يذكره أبو مخنف :
سلك علي عليهالسلام مع جملة جيشه الطريق الحربي العادي مع نهر الدجلة ، ثم
اخترق أرض الجزيرة. وعند قرقيسيا لحقت به مقدمة جيشه التي كان عليها أن تسير مع
الشاطئ الأيمن للفرات. وبعد أن عبر علي عليهالسلام الفرات عند الرقة ، التقت مقدمة جيشه بطلائع جيش الشام (انظر
المخطط التالي).

(الشكل ٩)
مسير جيوش الإمام علي عليهالسلام من الكوفة إلى صفين
ويمكن استخلاص
الطريق التي سلكها الإمام علي عليهالسلام من الكوفة إلى الرقة ، من كتاب (موقعة صفين) لنصر بن مزاحم
، كما يلي :
الكوفة ـ شاطئ نرس
ـ بابل ـ جسر الصراة ـ دير كعب ـ ساباط ـ بهرسير المدائن. ثم انطلق من هناك نحو
الغرب إلى الضفة الشرقية للفرات ، فمرّ بالأنبار [الرمادي اليوم] ، ثم هيت ، ثم
عانة ، ثم قرقيسيا ، حتى وصل الرقة.
٣٨٨ ـ كيف سيّروا
الرؤوس والسبايا من أطول طريق مأهولة :
(تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب للسيد حسين يوسف مكي ، ص ٨)
قال ابن أعثم
الكوفي في كتاب (الفتوح) ج ٥ ص ٢٣٦ :
فسار القوم بحرم
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الكوفة إلى بلاد الشام على محامل بغير وطاء ، من بلد
إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل ، كما تساق أسارى الترك والديلم
[وقريب منه نصّ
الطبري في تاريخه ، ونص الخوارزمي في مقتله].
وقد ذكر العلامة
السيد حسين يوسف مكي العاملي في كتابه المذكور أعلاه رواية الخوارزمي ، ثم علّق
عليها ، قال :
والخوارزمي وإن لم
يذكر الطريق التي سلكوها بالرؤوس والسبايا ، إلا أن قوله «من بلد إلى بلد ، ومن
منزل إلى منزل» يقتضي أن يكونوا قد سلكوا الطريق الشمالية إلى الموصل ثم إلى حلب
ومنها إلى دمشق. لأنه لم تكن هناك طريق آهلة بالسكان توصل من الكوفة إلى دمشق غير
هذه الطريق. وهذه الطريق نفسها التي سلكها الإمام علي عليهالسلام إلى حرب صفين ، والتي سلكها جيش معاوية إلى حرب الإمام
الحسن عليهالسلام أيضا ، لأن جيشه وصل إلى (مسكن) ، وهي المعسكر الّذي اتخذه
الإمام الحسن عليهالسلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان.
وتقع مسكن هذه بين
بغداد وسامراء ، وتبعد عن بغداد سبعين كيلومترا شمالا.
ثم قال رحمهالله ، ص ٩ : ويشير ابن شهر اشوب في مناقبه إلى أنهم سلكوا هذه
الطريق ، وهو في صدد تعداد مناقب الحسين عليهالسلام ورأسه الشريف قال : «ومن مناقبه عليهالسلام ما ظهر من المشاهد التي يقال لها (مشهد الرأس) من كربلاء
إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك».
فكلامه هذا يدل
على أن للرأس الشريف في كل ما ذكره من البلاد مشهد.
وفي الحقيقة إن
الطريق التي سلكتها الرؤوس هي الطريق الممتدة من الكوفة إلى الموصل [في الشمال
الغربي من العراق] ، ثم إلى نصيبين [في الشمال الشرقي من سورية] ثم إلى الرقة فحلب
فدمشق.
المنازل التي مرّ بها موكب الرؤوس والسبايا
سوف نستعرض أولا
ما ورد في عدة مصادر حول هذه المنازل ، ثم نحاول رسم الطريق ، بعد إجراء إحصاء
للمواقع في كل المصادر المعتمدة.
٣٨٩ ـ المنازل
التي مرت بها الرؤوس والسبايا أثناء تسييرها من الكوفة إلى دمشق : (مقتل أبي مخنف
، من ص ١١٠ ـ ١٢١)
(قال أبو مخنف) :
ثم إن ابن زياد دعا بشمر بن ذي الجوشن وخولي ، وضمّ إليهما ألفا وخمسمائة فارس ،
وأمرهم أن يسيروا بالسبايا والرأس إلى الشام ، وأن يشهروهم في جميع البلدان.
فنزلوا القادسية
... وساروا بالسبايا والرؤوس إلى شرقي الحصّاصة وعبروا تكريت. ثم أخذوا على طريق
البر ، ثم على الأعمى ، ثم على دير عروة ثم على صليتا ، ثم على وادي النخلة فنزلوا
فيها وباتوا. ثم أخذوا على أرميناء وساروا حتى وصلوا إلى لينا وكانت عامرة بالناس.
ثم أخذوا على الكحيل وأتوا جهينة ومنها إلى (الموصل). ثم أخذوا على تل باعفر ، ثم
على جبل سنجار فوصلوا إلى (نصيبين) فنزلوا وشهروا الرأس والسبايا.
(قال أبو مخنف) :
وجعلوا يسيرون إلى عين الورد وأتوا إلى قريب دعوات ونصبوا الرأس الشريف فيها ،
وباتوا ثملين من الخمور إلى الصباح. ثم أتوا إلى (قنّسرين) وكانت عامرة بأهلها فلم
يدخلوهم فرحلوا عنهم. ثم أتوا إلى معرة النعمان ثم نزلوا شيزر. ثم ساروا إلى كفر
طاب ، ثم أتوا سيبور فمنعهم أهلها من النزول فيها ، وحصلت معركة شديدة بين
الفريقين. ثم ساروا حتى وصلوا (حما) ثم ساروا إلى (حمص). ثم أتوا بعلبك وباتوا
فيها ثملين ، ورحلوا منها وأدركهم المساء عند صومعة راهب ، ثم جدّوا في السير حتى
دخلوا (دمشق).
(قال أبو مخنف) :
وكان عدد الرؤوس التي دخلت دمشق ثمانية عشر رأسا ، ورأس الحسين عليهالسلام بيد شمر ، والسبايا على المطايا بغير وطاء.
٣٩٠ ـ رواية (ينابيع
المودة) (ينابيع المودة للقندوزي ، ج ٢ ص ١٧٧)
نقل القندوزي هذه
الرواية عن (مقتل أبي مخنف المفصل) قال :
فساروا على ساحل
الفرات ، فنزلوا على أول منزل ، وكان المنزل خرابا ... ثم وصلوا : تكريت ـ وادي
النخلة ـ مرشاد ـ بعلبك ـ صومعة الراهب ـ دمشق.
٣٩١ ـ رواية (نور
العين في مشهد الحسين):
(نور العين لأبي اسحق الإسفريني ، ص ٨٣)
عدّد الإسفريني
المنازل كما يلي : الكوفة ـ أول منزلة ـ جرايا ـ تكريت ـ الموصل ـ كفرنوبة ـ حلب ـ
قنّسرين ـ مدينة النعمان ـ كفر طاب ـ شيزر ـ حماة ـ حمص ـ خندق الطعام ـ جوسية ـ بعلبك
ـ صومعة راهب [وكيف أخذ الراهب الرأس المقدس] ـ دمشق.
٣٩٢ ـ رواية (صاحب
القمقام) (القمقام لفرهاد ميرزا ، ص ٤٩٥)
عن صاحب (المنتخب)
أنهم مروا على : تكريت ـ دير عمر ـ وادي نخلة [باتوا فيه] ـ لينا ـ وادي الكحيلة ـ
الجهينة ـ نصيبين ـ عين الوردة ـ حرّان ـ حلب ـ معارة نعمان ـ شيزر ـ حمص ـ بعلبك
ـ دير النصارى ـ دمشق.
٣٩٣ ـ رواية (وسيلة
الدارين):
(وسيلة الدارين في أنصار الحسين لابراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٣٦٩)
عدّد الزنجاني
أكثر من عشرين موضعا كما يلي :
أول منزل للسبايا
وأهل البيت عليهمالسلام دير في الطريق ـ القادسية ـ شرقي الحصّاصة [قرية من توابع
الكوفة قرب قصر ابن هبيرة] ـ ثم عبروا تكريت ـ طريق البر ـ دير عروة ـ صليا ـ وادي
النخلة ـ أرميناء ـ لينا ـ الكحيل ـ جهينة ـ عسقلان ـ الموصل ـ تلعفر ـ جبل سنجار
ـ نصيبين ـ دعوات ـ قنسرين ـ جبل الجوشن قرب حلب ـ معرة النعمان ـ شيزر ـ كفر طاب
ـ سيبور ـ حماة ـ حمص ـ بعلبك ـ دمشق.
٣٩٤ ـ تحقيق
المنازل التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا :
بعد مراجعة أغلب
المصادر المعتمدة ، يمكن وضع تصور قريب من الواقع للطريق التي سلكتها الرؤوس
والسبايا في مسيرتهم من الكوفة إلى دمشق ، وذلك وفق الترتيب التالي :

(الشكل ١٠)
مخطط مسير الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى الموصل ثم حلب فدمشق

١ ـ أول منزل
خراب
٢ ـ دير في
الطريق
٣ ـ القادسية
٤ ـ شرقي
الحصّاصة (قصر ابن هبيرة)
٥ ـ جرايا
٦ ـ مسكن
٧ ـ تكريت
٨ ـ طريق البر
٩ ـ الأعمى
١٠ ـ دير عروة (دير
عمر)
١١ ـ صليتا (صليا)
١٢ ـ وادي
النخلة [مبيت]
١٣ ـ أرميناء
١٤ ـ مرشاد
١٥ ـ لينا
١٦ ـ برساباد
١٧ ـ الكحيل (الأكحل)
١٨ ـ جهينة
١٩ ـ عسقلان
٢٠ ـ الموصل
٢١ ـ تل أعفر
٢٢ ـ جبل سنجار
٢٣ ـ نصيبين [مبيت]
|
٢٤ ـ كفرنوبة
٢٥ ـ عين الوردة
(راس العين)
٢٦ ـ دير الراهب
٢٧ ـ حرّان
٢٨ ـ دعوات [مبيت]
٢٩ ـ الرقّة
٣٠ ـ دوسر (جعبر)
٣١ ـ بالس (مسكنة)
٣٢ ـ حلب : جبل
الجوشن [مبيت]
٣٣ ـ قنّسرين
٣٤ ـ معرة
النعمان
٣٥ ـ كفر طاب
٣٦ ـ شيزر [مبيت]
٣٧ ـ سيبور (معركة)
٣٨ ـ حماة : جبل
زين العابدين [مبيت]
٣٩ ـ الرستن
٤٠ ـ حمص :
كنيسة جرجيس الراهب
٤١ ـ خندق
الطعام
٤٢ ـ جوسية ـ جبل
الحسين
٤٣ ـ اللبوة
٤٤ ـ بعلبك [مبيت]
٤٥ ـ صومعة
الراهب (دير النصارى)
٤٦ ـ حجر قرب
دمشق.
|
وقد أثبتنا هذه
المواضع على المخطط التاريخي السابق.
بحث جغرافي
تعريف بأشهر المواضع والبلدان
نقوم أولا
بالتعريف بأشهر الأماكن التي مرّ بها ركب الرؤوس والسبايا ، ثم ننتقل إلى ذكر تلك
الأماكن ونشرح ما حصل لهم في كل موضع منها.
٣٩٤ ـ دير في
الطريق : (معجم البلدان لياقوت الحموي)
في أول مسير
السبايا عليهمالسلام مروا على دير في الطريق ، وهذا الدير يقع حتما بين الكوفة
والقادسية كما سنرى. ولدى التنقيب في (معجم البلدان) عن الأديرة التي تقع في تلك
المنطقة ، عثرت على دير وحيد يقع بين الكوفة والقادسية ، لعله هو الدير المقصود ،
واسمه دير سرجس وبكّس.
يقول ياقوت الحموي
: دير سرجس وبكّس :
هو دير منسوب إلى
راهبين بنجران. وهو دير بين الكوفة والقادسية على وجه الأرض ، وبينه وبين القادسية
ميل ، وكان محفوفا بالكروم والأشجار والحانات. وقد خرّب وبطل ، ولم يبق منه إلا
خرابات على ظهر الطريق يسميها الناس قباب أبي نواس.
(أقول) ويوافق ذلك
ما ذكر في الرواية من أن جماعة الشمر باتوا يشربون الخمر. ومنطقة الكوفة والحيرة [التي
تقع على بعد ٧ كم جنوبها] تعتبر مجمّعا للأديرة. ومن الأديرة الواقعة بظاهر الكوفة
: دير عبد المسيح ، ودير الأعور.
٣٩٥ ـ القادسية (أخبار
الدول للقرماني)
تدل الروايات أن
ركب السبايا مرّ بعد ذلك على القادسية قبل التوجه شمالا. وقد مرّ التعريف
بالقادسية في الجزء الأول من الموسوعة ص ٦٥٧ ، وهي بلدة بقرب الكوفة على طريق
الحاج ، وكانت فيها وقعة القادسية. وتبعد عن الكوفة إلى الجنوب نحو ١٥ فرسخا [٨٠
كم].
وفي (لسان العرب)
: القادسية قرية بين الكوفة وعذيب.
وهناك بلدة أخرى
باسم (القادسية) من نواحي دجيل بقرب سامراء يعمل فيها الزجاج ، وليست هي المقصودة.
وإذا صحّ أن
السبايا مرّوا من القادسية (الأولى) فيكونوا قد سايروا نهر الفرات إلى الجنوب
قليلا ، حتى وصلوا القادسية ، ثم اتخذوا طريقا صحراويا دائريا إلى الشمال ، يبعدهم
عن أعين الناس أول انفصالهم عن الكوفة.
٣٩٦ ـ الحصّاصة (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
الحصّاصة هي من
الحصّ ، وهو ذهاب النبت عن الأرض. وهي من قرى سواد العراق ، قرب قصر ابن هبيرة من
أعمال الكوفة.
ورويت أيضا (الجصّاصة)
وهي الموضع الّذي يعمل فيه الجص.
٣٩٧ ـ قصر ابن
هبيرة (تقويم البلدان لأبي الفداء ، ص ٣٠٠)
مدينة قريبة من
عمود نهر الفرات ، ويطلع إليها من الفرات أنهار متفرقة. وكربلاء محاذية لقصر ابن
هبيرة من الغرب في البرية. وفيها قصر بناه يزيد بن عمر بن هبيرة الفزاري والي
العراق في أيام مروان الحمار ، وهي بالقرب من جسر سورا من نواحي بابل القديم.
قال في (العزيزي)
: ومن قصر ابن هبيرة إلى عمود الفرات الأعظم فرسخان.
وقال ياقوت في (معجم
البلدان) : لما ولي يزيد بن عمر بن هبيرة العراق من قبل مروان بن محمّد بن مروان ،
بنى قصره المعروف بقصر ابن هبيرة بالقرب من جسر سورا ، وسمّاه الهاشمية ، وفيه عدة
حمامات.
٣٩٨ ـ مسكن (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
هو موضع قريب من (أوانا)
على نهر دجيل عند دير الجاثليق. وذكرنا سابقا أنها تبعد عن بغداد ٧٠ كم شمالا ،
وقد كان فيها معسكر الإمام الحسن عليهالسلام لمواجهة جيش معاوية ، وفيها التقى الجيشان وحصل الصلح.
٣٩٩ ـ تكريت (المصدر
السابق)
بلدة مشهورة بين
بغداد والموصل ، وهي إلى بغداد أقرب ، وبينها وبين بغداد ٣٠ فرسخا [١٦٥ كم]. ولها
قلعة حصينة في طرفها الأعلى راكبة على دجلة ، وهي غربي دجلة. قيل سمّيت باسم تكريت
بنت وائل أخت بكر بن وائل. وأول من بنى القلعة هو سابور بن أردشير بن بابك ، وقد
بناها الملك الفارسي لتكون بينهم وبين الروم إذا ما داهموهم. وكان على القلعة
مرزبان [وهو المسؤول عن حراسة
الحدود] فبينما
كان يتصيّد يوما رأى حيا من أحياء العرب نازلا في تلك البادية ، فأحب إحدى نسائهم
، وكانت نصرانية ، فخطبها بعد أن اعتنق دينها ، وكان اسم المرأة (تكريت) فسمّي
الربض باسمها. وقلعتها الآن خراب.
وفي (تقويم
البلدان) لأبي الفداء :
تكريت مدينة على
غربي دجلة في برّ الموصل ، وبينهما ستة أيام.
قال ابن حوقل :
وقرب تكريت يشتق نهر الدّجيل ، الّذي يسقي سواد سامراء إلى قرب بغداد.
٤٠٠ ـ القرى بين
تكريت والموصل :
هناك عدة مواقع
بين تكريت والموصل ، منها : طريق البر ـ الأعمى ـ دير عروة ـ صليتا ـ وادي النخلة
ـ برساباد ـ أرميناء ـ لينا ـ الكحيل ـ جهينة. وما عدا الموقعين الأخيرين ، لا نجد
لهذه المواقع ذكر في معاجم البلدان ، ولعل ذلك لأنها اندثرت. وتقع (الكحيل) في
منتصف المسافة بين تكريت والموصل ، بينما (جهينة) فهي قريبة من الموصل.
٤٠١ ـ الكحيل : (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
الكحيل (تصغير
الكحل) : موضع بالجزيرة ، وكان فيه يوم للعرب.
قال أحمد بن الطيب
السرخسي الفيلسوف : الكحيل مدينة عظيمة على دجلة ، بين الزابين ، فوق تكريت من
الجانب الغربي. وأما الآن فليس لهذه المدينة خبر ولا أثر.
وفي (تاريخ الكامل)
لابن الأثير ، ج ٤ ص ٣١٨ : وهي من أرض الموصل في جانب دجلة الغربي.
٤٠٢ ـ جهينة (المصدر
السابق)
يقول ياقوت الحموي
: ومن أعمال الموصل جهينة ، وهي قرية كبيرة من نواحي الموصل على دجلة. وهي أول
منزل لمن يريد بغداد من الموصل.
٤٠٣ ـ عسقلان :
المعروف أن عسقلان
بلدة في فلسطين تقع جنوب يافا قريبا من البحر. ولكن هذه (عسقلان) أخرى تقع في العراق
، وقد مرّ بها ركب السبايا قبل وصولهم إلى الموصل على ما يبدو. ولم أعثر عليها في
الخرائط ولا في معاجم البلدان.
هذا مع العلم بأن
رأس الحسين الشريف عليهالسلام قد سيّره يزيد بعد وصوله إلى دمشق ، سيّره إلى فلسطين ثم
مصر ، ومرّ بعسقلان فلسطين الواقعة بين يافا ورفح.
وسوف نعرّف بها
فيما بعد.
٤٠٤ ـ الموصل :
(معجم الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية لأمين واصف بك ، ص ١٠٤)
في (الفهرست) :
الموصل مدينة بأرض الجزيرة شمال العراق ، على نهر دجلة على جانبه الغربي ، قديمة
العهد. وفي قبالتها على البر الشرقي منها أطلال مدينة نينوى القديمة ، قاعدة ملك
آشور. وكانت الموصل قاعدة ملك بني حمدان ، ثم انتقلوا منها إلى حلب ، وأسسوا
الدولة الحمدانية.
ونينوى هذه غير (نينوى)
التي نزل بقربها الحسين عليهالسلام في كربلاء.
وفي (معجم البلدان)
ج ٥ ص ٢٢٣ :
الموصل : سمّيت
بهذا الاسم لأنها تصل بين الجزيرة والعراق. وهي باب العراق ومفتاح خراسان ، ومنها
يقصد إلى أذربيجان.
يقول ياقوت الحموي
: وكثيرا ما سمعت أن بلاد الدنيا العظام ثلاثة : نيسابور لأنها باب الشرق ، ودمشق
لأنها باب الغرب ، والموصل لأن القاصد إلى الجهتين غالبا ما يمرّ بها.
وفي (مزارات بلاد
الشام) لأبي الحسن الهروي : وبالموصل مشهد رأس الحسين عليهالسلام كان به لما عبروا بالسبي ، ومشهد الطرح ، وبها كفّ علي بن
أبي طالب عليهالسلام.
وقد ذكرت سابقا أن
الموصل (هذه) غير موصل اليوم ، إذ المدينة التي كانت آهلة هي (الحديثة) على نهر
دجلة ، جنوب الموصل (١٤ فرسخا) ، أما (الموصل) الحالية فقد بناها فيما بعد محمّد
بن مروان. وقد نبّهني إلى هذه المعلومة مولانا الأجل السيد حسين يوسف مكي رحمهالله.
٤٠٥ ـ تل أعفر (تلعفر):
في (تقويم البلدان)
لأبي الفداء ، ص ٢٨٥ :
تل أعفر : قلعة
بين سنجار والموصل. ولها أشجار كثيرة ، وهي غربي الموصل ،
فيما بينها وبين
سنجار ، وربما تكون إلى سنجار أقرب. وبين سنجار وتل أعفر خمسة فراسخ [٢٧ كم] ،
وبين تل أعفر وبين (بلد) ستة فراسخ.
وفي (معجم البلدان)
لياقوت الحموي ، ج ٢ ص ٣٩ :
تل أعفر : سمّي
الأعفر للونه (الأحمر) ، قلعة وربض بين الموصل وسنجار في وسط واد فيه نهر جار. وهي
على جبل متفرد حصينة محكمة. وبها نخل كثير يجلب رطبه إلى الموصل.
وفي (موجز تاريخ
البلدان العراقية) لعبد الرزاق الحسني :
قال : وجميع سكان
تل أعفر (ويكتبها بعضهم : تلعفر) اليوم أتراك من بقايا المغول ، وهم على ما يظن من
بقايا جنود تيمور لنك الّذي قصد الموصل عام ٧٩٨ ه. وتراهم غليظي الطباع خشني
المزاج ، لا يستطيع الإنسان مخالطتهم.
٤٠٦ ـ سنجار : (معجم
البلدان لياقوت الحموي ، ج ٣ ص ٢٦٢)
قال الكلبي : إنما
سميت (سنجار) و (آمد) و (هيت) باسم بانيها ، وهؤلاء إخوة ثلاثة. والذي بنى سنجار
هو سنجار بن دعر ، ودعر هو الّذي نجّى يوسف عليهالسلام من الجب. وهي تقع في السفح الجنوبي من جبل سنجار.
وفي (موجز تاريخ
البلدان العراقية) قال عبد الرزاق الحسني :
ويقطن سنجار اليوم
الطائفة اليزيدية عبدة الشيطان ، ويسكنون القسم الشمالي الجبلي منها ، ويتكلمون
الكردية.
وفي كتاب (الإشارات
إلى معرفة الزيارات) للهروي ، ص ٦٦ :
بها مشهد علي بن
أبي طالب عليهالسلام على الجبل ، وبها تل قنبر.
٤٠٧ ـ مزار السيدة
زينب عليهاالسلام في سنجار :
(مجلة الموسم العدد ٤ ص ٩٢٤)
يوجد في سنجار
العديد من المراقد والمزارات المنسوبة لآل البيت عليهمالسلام. وقد أقيمت هذه المشاهد منذ القرون الهجرية الأولى ، أي
منذ خضوع (سنجار) للدول الشيعية كالفاطميين والبويهيين والحمدانيين والعقيليين.
ومن تلك المشاهد
المزار المنسوب للسيدة زينب الكبرى بنت الإمام علي عليهالسلام ، والذي ابتدأ أمره بمرور سبايا أهل البيت عليهمالسلام في هذه المنطقة.
يقوم هذا المزار
على ربوة عالية في مدخل المدينة ، وفيه غرفة مستطيلة في وسطها الضريح ، وهو عبارة
عن قبر مشيّد من الحجر والجص. وفي هذه الغرفة محراب صغير ، وفوق الضريح قبة مضلعة
مخروطية الشكل. وتدل الكلمات المنقوشة على مدخل الرواق إلى يسار غرفة الضريح ، على
أن الّذي بنى هذا البناء هو الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ أيام ملكه لبلاد سنجار
٦٣٧ ـ ٦٥٧ ه [١٢٣٩ ـ ١٢٥٩ م]. وكان هذا الملك متقربا من الشيعة ضد الأتابك
والأيوبيين ، حتى لقّب بولي آل محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويبدو أن هذا
الضريح كان قد أصابه الهدم والتخريب عدة مرات ، وهو يجدد. وقد خرّبه التتار عندما
استولوا على سنجار سنة ٦٦٠ ه [١٢٦٢ م] ثم جدّد بناءه قوام الدين محمّد اليزدي ،
وهو من العجم.
وقد ذكر الهروي
المتوفى سنة ٦١١ ه [١٢١٤ م] عند وصوله إلى سنجار ما يلي :
وبها مشهد علي بن
أبي طالب عليهالسلام على الجبل. ولم يذكر أنه مزار السيدة زينبعليهاالسلام.
وكرر ابن شداد
المتوفى سنة ٦٨٤ ه ما قاله الهروي ، قال : وبسنجار مشهد كان ملاصقا للسور يعرف
بمشهد علي عليهالسلام.
(راجع الأعلاق الخطيرة ج ٣ ق ١ ص ١٥٥)
(أقول) : سواء كان
هذا المزار هو مشهد للإمام علي عليهالسلام أو لابنته زينب عليهاالسلام ، فإن الضريح الّذي فيه ليس لأحدهما بل لشخص ما.
٤٠٨ ـ نصيبين :
قال ياقوت الحموي
في (معجم البلدان) :
نصيبين مدينة
عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام. وتقع على الحافة
الجنوبية لجبل طور عابدين. وعليها سور كانت الروم بنته ، وأتمّه أنوشروان الملك
العادل عند فتحه إياها.
وقال القرماني في (أخبار
الدول) ص ٤٦٥ :
نصيبين مدينة
عامرة بقرب سنجار ، وهي قاعدة بلاد ربيعة. وهي مخصوصة بالورد الأبيض ، ولا يوجد
بها وردة حمراء. وفي شمالها جبل الجودي الّذي استقرت عليه سفينة نوحعليهالسلام.
وقال أبو الفداء
في (تقويم البلدان) ص ٢٨٣ :
قال ابن سعيد :
وفي شمالها جبل كبير منه ينزل نهرها ، ويمرّ على سور نصيبين والبساتين عليه.
ونصيبين شمالي سنجار. وجبل نصيبين هو الجودي ، وهو الّذي يقال إن سفينة نوح عليهالسلام استقرّت عليه.
قال في (العزيزي)
: ونصيبين قصبة ديار ربيعة ، ونهرها هو الهرماس ، وبها عقارب قاتلة.
وقال أبو الحسن
الهروي في (مزارات بلاد الشام) ص ٦٥ :
مدينة نصيبين بها
مشهد الإمام علي عليهالسلام ، وبه شجرة عنّابة ولها حكاية.
وبها كف علي بن أبي
طالب عليهالسلام في مسجد باب الروم ... وبها مسجد زين العابدين عليهالسلام. وبها مشهد الرأس في سوق النشّابين ، ويقال إن رأس الحسين عليهالسلام علّق به لما عبروا بالسبي إلى الشام. وبها مشهد النقطة ،
يقال إنه من دم الرأس هناك ، والله أعلم.
٤٠٩ ـ كفرنوبة (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
لم أعثر على هذا
الاسم ، ولكن توجد بلدة بين نصيبين ورأس العين اسمها (كفر توثا) ، لعلها هي. وهي
أقرب إلى رأس العين.
٤١٠ ـ عين الورد (رأس
العين):
قال ياقوت الحموي
: عين الورد هي رأس العين ، المدينة المشهورة بالجزيرة.
وفي (تقويم البلدان)
لأبي الفداء ص ٢٧٩ : وهي عين في مستو من الأرض.
قال ابن حوقل :
ويخرج منها فوق ثلاثمائة عين كلها صافية ، ويصير من هذه الأعين نهر الخابور.
٤١١ ـ حرّان : (الفهرست
: معجم الخريطة التاريخية لأمين واصف بك ، ص ٤٤)
حرّان هي قصبة
ديار مضر ، تقع في شمال الرقة. قيل إنها أول مدينة بنيت بعد الطوفان ، وهي مدينة
معظّمة عند الصابئة. وفي شمالها ينبع نهر البليخ ، من عدة عيون ووديان صغيرة.
وفيها قلعة مشيّدة من الحجر على شكل بديع. وكان لها جامع.
وقال كامل الحلبي
في (نهر الذهب في تاريخ حلب) ج ١ ص ٥٥٥ :
كانت حرّان
الإقليم الرابع من الجزيرة ، وكانت قصبة ديار مضر ، بينها وبين الرّها [أورفه] يوم
، وبين الرقة يومان. وهي على طريق الموصل والشام والروم.
وذكر قوم أنها أول
مدينة بنيت على الأرض بعد الطوفان. وكانت منازل الصابئة ، وقد بنوا فيها هياكل على
اسم الجواهر العقلية والكواكب. وقد هاجر إليها إبراهيم عليهالسلام وأقام فيها نحو خمس عشرة سنة.
قال المسعودي :
ورأيت على باب مجمع الصابئة بمدينة حرّان مكتوبا معناه : «من عرف ذاته تألّه». وهم
ينتسبون إلى صابئ بن إدريس. وهي الآن قرية صغيرة معظم سكانها عرب مسلمون ، ليس
فيها صابئ واحد.
٤١٢ ـ الرّقّة (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
الرقّة : أصلها كل
أرض إلى جنب واد ينبسط عليها الماء. وقال غيره : الرقة الأرض اللينة التراب من غير
رمل. وهي مدينة مشهورة على الجانب الأيسر للفرات. وهي معدودة في بلاد الجزيرة ،
لأنها من الجانب الشرقي للفرات. ويقال لها الرقة البيضاء ، وكان بالجانب الغربي
مدينة أخرى تعرف برقة واسط ، وكان بها قصران لهشام بن عبد الملك.
قال الهروي في
كتاب (الإشارات إلى معرفة الزيارات) ص ٦٣ : في الرقة مشهد علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وبها مشهد الجنائز ، وبه المردى الّذي جاؤوا بالشهداء
عليه من الفرات.
٤١٣ ـ قلعة جعبر (قاموس
المنجد للأعلام)
قلعة قديمة سمّاها
العرب (دوسر) تقع على الفرات بين الرقة وبالس.
٤١٤ ـ بالس (مسكنة)
(معجم البلدان لياقوت الحموي)
بالس : بلدة
بالشام بين حلب والرقة. سمّيت فيما ذكر ببالس بن الروم بن اليقن ابن سام بن نوح عليهالسلام. وكانت على ضفة الفرات الغربية ، فلم يزل الفرات يشرّق
عنها قليلا قليلا حتى صار بينهما في أيامنا هذه أربعة أميال [٧ كم].
وفي (جولة أثرية
في بعض البلاد الشامية) للرحالة أوليا جلبي التركي ـ ترجمة أحمد وصفي زكريا ، ص
١٩٧ قال :
وقد استرعت هذه
الحالة عجب أبي العلاء ، وكان بلغه إذ ذاك أن أهل بالس ـ وهي التي تدعى الآن (مسكنة)
شرقي حلب على الفرات ـ عجزوا من غارات الفرات وحفر أرضهم ، فقال :
أرى (كفر طاب)
أعجز الماء أهلها
|
|
و (بالس) أعياها
الفرات من الحفر
|
كذلك مجرى الرزق
واد بلا ندى
|
|
وواد به فيض
وآخر ذو جفر
|
وفي (مزارات بلاد
الشام) للهروي ، ص ٦١ :
مدينة بالس فيها
مشهد الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وبها مشهد الطرح. وبها مشهد الحجر ، يقال إن رأس الحسين عليهالسلام وضع عليه عندما عبروا بالسبي.
٤١٥ ـ حلب (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
حلب : مدينة عظيمة
واسعة ، وهي قصبة جند قنّسرين في أيامنا هذه.
قال الزجاج :
سمّيت حلب لأن إبراهيم عليهالسلام كان يحلب فيها غنمه في الجمعات ويتصدق به ، فيقول الفقراء
: حلب حلب ، فسمي به.
وحلب بلدة مسوّرة
بحجر أبيض ، وفيها ستة أبواب. وفي جانب السور قلعة ، في أعلاها مسجد وكنيستان ، في
إحداهما كان المذبح الّذي قرّب عليه إبراهيم عليهالسلام. وفي أسفل القلعة مغارة كان يخبّئ بها غنمه. وفي البلدة
جامع وست بيع [جمع بيعة وهي معبد النصارى] وبيمارستان صغير.
يقول ابن بطّلان
المتطبب في رسالة إلى هلال بن المحسن بن إبراهيم الصابي [نحو ٤٤٠ ه] : والفقهاء
فيها يفتون على مذهب الإمامية.
وقلعة حلب هي مقام
إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وفيه صندوق به قطعة من رأس يحيى ابن زكريا عليهالسلام.
وأما المسافات ،
فمن حلب إلى قنسرين يوم ، ومن حلب إلى المعرة يومان ، وإلى حماة ثلاثة أيام ، وإلى
حمص أربعة أيام.
ولحلب في أيامنا
سبعة أبواب هي : باب الأربعين ـ وباب اليهود (أو النصر) ـ وباب الجنان ـ وباب
أنطاكية ـ وباب قنّسرين ـ وباب العراق ـ وباب السرّ.
٤١٦ ـ جبل الجوشن
غربي حلب :
في (معجم البلدان)
لياقوت الحموي :
الجوشن : الصدر أو
الدرع. وهو جبل مطلّ على حلب من غربيها ، وفي سفحه مقابر ومشاهد للشيعة.
وإنما سمّي
بالجوشن لأن شمر بن ذي الجوشن كان في جملة من أمره ابن زياد أن يلحق بالرؤوس
ويشهرهم في كل بلد. ذكر ذلك المؤرخ يحيى بن أبي طي في تاريخه ، قال : إنا نروي عن
آبائنا أن هذا المكان يسمى الجوشن ، لأن شمر بن ذي الجوشن نزل عليه بالرؤوس.
ثم قال ياقوت :
وفي قبلي الجبل مشهد يعرف بمشهد السّقط ، ويسمى مشهد الدكّة. والسقط هو محسن بن
الحسين عليهالسلام أسقطته أمه هناك.
وفي كتاب (نهر
الذهب في تاريخ حلب) لكامل بن حسين بن محمّد البالي الحلبي الشهير بالغزي ، ج ٢ ص
٢٨٠ :
عن يحيى بن أبي طي
في تاريخه ، أن راعيا يسمى عبد الله يسكن في درب المغاربة ، كان يخرج كل يوم يرعى
غنمه. فاتفق أنه نام يوما بعد صلاة الظهر في المكان الّذي بني فيه المشهد ، فرأى
كأن رجلا أخرج نصفه من شقيف الجبل المطل على المكان ومدّ يده إلى أسفل الوادي وأخذ
عنزا. فقال له : يا مولاي لأي شيء أخذت العنز وليست لك؟!. فقال : قل لأهل حلب
يعمروا في هذا المكان مشهدا ويسمّوه مشهد الحسين عليهالسلام. فقال : إنهم لا يرجعون إلى قولي!. فقال : قل لهم يحفروا
هناك ، ورمى بالعنز من يده إلى المكان الّذي أشار إليه.
فاستيقظ الراعي
فرأى العنز قد غاصت قوائمها في المكان ، فجذبها فظهر الماء من المكان. فدخل حلب
ووقف على باب الجامع القبلي وحدّث بما رأى ، فخرج جماعة من أهل البلد إلى المكان
الّذي ظهرت فيه العين ، وهو في غاية الصلابة بحيث لا تعمل فيه المعاول ، وكان فيه
معدن النحاس قديما ، فخطّوا المشهد المذكور.
قال ابن أبي طي :
ومقتضى هذه الحكاية أن هذا المكان هو المشهد المعروف بمشهد النقطة ، وهو قبلي
المشهد المعروف بمشهد الحسين عليهالسلام ، وهو إلى الخراب أقرب ، وأما مشهد الحسين عليهالسلام فهو عامر آهل مسكون.
ثم يقول كامل
الغزي في (نهر الذهب) ص ٢٨٢ :
إن كلا من مشهد
الشيخ محسّن ، ومشهد الحسين عليهالسلام ، قائم على سفح جبل
الجوشن ، بينهما
مسافة غلوة [أي مقدار ضرب سهم]. فالقبلي منها الشيخ محسّن ، والشمالي المشهد.
ويؤخذ من كلام ابن أبي طي أنه كان يوجد بينهما مشهد آخر يعرف بمشهد النقطة ، وهو
مما لا أثر له اليوم.
ثم يقول كامل
الغزي : ذكر أن سبب بناء مشهد النقطة هو أن رأس الحسين عليهالسلام لما وصلوا به إلى هذا الجبل ووضعوه على الأرض ، فقطرت منه
قطرة دم فوق صخرة ، بنى الحلبيون عليها هذا المشهد ، وسمي مشهد النقطة. ولعل هذه
الصخرة نقلت من هذا المشهد بعد خرابه إلى محراب مشهد الحسين عليهالسلام فبني عليها.
(أقول) : يتبيّن
مما سبق أنه يوجد ثلاثة مشاهد عليسفح جبل الجوشن هي :
١ ـ مشهد النقطة
أو مشهد رأس الحسين عليهالسلام : وهو المكان الّذي وضع فيه رأس الحسين عليهالسلام فسقطت منه نقطة دم ، فبنوا عليها مسجدا. وقد اندثر هذا
الموقع.
٢ ـ مشهد الحسين عليهالسلام : وقد نقلت إليه الصخرة التي نزلت عليها نقطة الدم من
المشهد السابق. ولما جاء الحمدانيون إلى حلب اهتموا بهذا المشهد وأعمروه فصار قلعة
حصينة. ثم حصل فيه الانفجار المروّع الّذي هدمه عام ١٣٣٧ ه ، ثم نقلت الصخرة منه إلى
مشهد المحسن عليهالسلام ولا تزال فيه. وهو اليوم مسجد ومدرسة دينية ، وذلك بعد أن
عمل على ترميمه العلامة الأجل مولانا السيد حسين يوسف مكي العاملي منذ عام ١٣٧٩ ه.
٣ ـ مشهد الشيخ
محسّن : حيث أسقطت إحدى زوجات الحسين عليهالسلام بولدها محسن. ويقع هذا المشهد جنوبي المشهد السابق وعلى
بعد نحو ٢٠٠ متر منه.
ولم يذكر ياقوت
الحموي مشهد النقطة الّذي اندثر ، ويقع بين المشهدين الآخرين. هذا وتقع هذه
المشاهد المقدسة على سفح جبل الجوشن في منطقة الأنصاري غربي حلب (انظر الشكل ١١).
يقول العلامة
السيد حسين يوسف مكي في كتابه (تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب) ص ١٥ :
الثابت تاريخيا
وكما هو المعروف والمشهور بين الناس أن سيف الدولة الحمداني أمير حلب ، هو الّذي
قام ببناء مشهد الحسين عليهالسلام ومشهد السقط

مخطط مشهد الحسين عليهالسلام ومشهد السقط محسن عليهالسلام غربي حلب
محسن عليهالسلام. ذكر ذلك الأستاذ عبد الرحمن الكيالي في كتابه (أضواء
وآراء) ج ٢ ص ٦٣.
يقول العلامة
السيد حسين يوسف مكي في كتابه (تاريخ مشهد الإمام الحسين في حلب) ص ١٢ :
إن ما نراه من
البعد بين مشهد الحسين عليهالسلام ومشهد السقط محسن عليهالسلام وهو يزيد على مئتي متر ، يدلّ على أن محل وضع الرؤوس ونزول
الرجال الحاملين لها هو محل مشهد الحسين عليهالسلام ، وأن محل مشهد السقط محسن عليهالسلام هو المحل
الّذي أنزلوا فيه
نساء الحسين عليهالسلام وبناته واخوته وصبيانه. والغالب أن زين العابدين عليهالسلام كان مع النساء ليتسنى لعمته زينب عليهاالسلام أن تمرّضه.
هذا وتقع بقرب
مشهد الحسين عليهالسلام من الجنوب ، قبور السادة الأشراف من بني زهرة ، منهم أبو
المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي المتوفى سنة ٥٨٥ ه.
مشهد السقط محسن عليهالسلام
٤١٧ ـ مشهد السقط
محسن في جبل الجوشن غربي حلب :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٥٢)
قال ياقوت الحموي
في (معجم البلدان) :
جوشن : جبل في
غربي حلب ، ومنه يحمل النحاس الأحمر وهو معدنه.
ويقال : إنه منذ
عبر عليه سبي الحسين عليهالسلام ونساؤه ، وكانت زوجة الحسين عليهالسلام حاملا فأسقطت هناك ، فطلبت من الصنّاع [أي العمال] في ذلك
الجبل خبزا وماء ، فشتموها ومنعوها ، فدعت عليهم ، فمن الآن من عمل فيه لا يربح.
وفي قبلي الجبل
مشهد يعرف بمشهد السقط ، ويسمى مشهد الدكة. والسقط سمّي محسن بن الحسين عليهالسلام.
وفي كتاب (تاريخ
مشهد الإمام الحسين في حلب) للعلامة السيد حسين يوسف مكي ، ص ٢٥ :
قال يحيى بن أبي
طي في تاريخه : ولحقت هذا المشهد وهو عليه باب صغير ، وحجر أسود تحت قنطرته مكتوب
عليه بخط كوفي : عمّر هذا المكان المبارك ابتغاء لوجه الله وقربة إليه ، على اسم
مولانا المحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، الأمير سيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان.
وذكر تاريخ بنائه وهو سنة ٣٥١ ه.
فأول من عمّر هذا
المشهد هو سيف الدولة الحمداني ، وهذه قصّته :
قال كامل الغزي في
كتابه (نهر الذهب) ج ٢ ص ٢٧٨ : فأما مشهد محسن فيعرف بمشهد الدكّة ومشهد الطرح ،
وهو غربي حلب ، سمّي بهذا لأن سيف الدولة كانت
له دكّة على الجبل
المطلّ على موضع المشهد يجلس عليها لينظر حلبة السباق ، فإنها كانت تقام بين يديه
هناك.
وعن (تاريخ ابن
أبي طي) أن مشهد الدكّة ظهر في سنة ٣٥١ ه ، وأن سبب ظهوره هو أن سيف الدولة كان
في إحدى مناظره التي بداره خارج المدينة ، فرأى نورا ينزل على مكان المشهد ، وتكرر
ذلك. فركب بنفسه إلى ذلك المكان وحفره ، فوجد حجرا مكتوبا عليه : «هذا قبر المحسن
بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام». فجمع العلويين [أي المنتسبين لعلي عليهالسلام] وسألهم : هل كان للحسين عليهالسلام ولد اسمه المحسن؟. فقال بعضهم : إن سبي نساء الحسين عليهالسلام لما مروا بهن على هذا المكان طرحت إحدى نسائه عليهالسلام بهذا الولد ، ودفن ههنا. فعمّره سيف الدولة ، وقال : إن
الله أذن لي في عمارته على اسم ابن بنت نبيّه. ويعرف الموضع بالجوشن.
مشهد النقطة
٤١٨ ـ مشهد الرأس (أو
مشهد النقطة): (العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٥١)
قال الميانجي :
ووضعوا الرأس الشريف خارج حلب على صخرة ، فقطرت عليها قطرة دم من الرأس المكرم ،
فصارت تنبع ، ويغلي منه الدم كل سنة في يوم عاشوراء. وكان الناس يجتمعون عندها من
الأطراف ، ويقيمون مراسم العزاء والمأتم في كل عاشوراء.
وبقي هذا إلى أيام
عبد الملك بن مروان ، فأمر بنقل الحجر ، فلم ير بعد ذلك منه أثر.
وبنى الحمدانيون
حين ملكوا حلب على هذا المقام قبة عظيمة ، وسمّوها : مشهد النقطة.
مشهد الحسين عليهالسلام
وعمارته
ذكرنا سابقا أن
الحجر المذكور قد نقل من مشهد النقطة إلى مكان جديد ، سمّي فيما بعد مشهد الحسين عليهالسلام ، ثم اندثر الموقع الأول.
٤١٩ ـ عمارة مشهد
الحسين عليهالسلام :
أما عن عمارة مشهد
الحسين عليهالسلام فالذي بناه لأول مرة هو سيف الدولة الحمداني عام ٣٥١ ه.
وتمّت العمارة
الثانية للمشهد في أيام الدولة النورية في زمن الملك الصالح ابن الملك العادل نور
الدين ، ولم يكن هذا متعصبا ضد الشيعة كأبيه الملك نور الدين محمود زنكي.
فقد تداعى أهل حلب
[في عصره] لبناء المشهد بعد أن رأى راع للغنم رؤيا مؤثرة ، ونبع الماء في ذلك
المكان على يديه ، وأنفقوا عليه من أموالهم. وانتهت عمارته في سنة ٥٨٥ ه. ولما
ملك الظاهر غازي بن صلاح الدين الأيوبي حلب سنة ٥٨٩ ه ، وكان محبا لأهل البيت عليهمالسلام ، اهتم بالمشهد ووقف عليه رحى تعرف بالكاملية ، وفوّض أمره
إلى نقيب الأشراف. ثم خلفه ولده العزيز ، وفي أيامه تمّ بناء حرم إلى جانبه وبيوت
للزوار.
ولم يلبث التتار
أن استولوا على حلب ، فدخلوا إلى هذا المشهد ونهبوا ما كان الناس قد وضعوا فيه من
الستور والبسط والفرش والأواني النحاسية والقناديل الذهبية والفضية والشمع ، وكان
شيئا كثيرا. وشعثوا بناءه ونقضوا أبوابه. ولما ملك الظاهر بيبرس جدّد ذلك ورممه.
ـ أحوال مشهد
الحسين عليهالسلام أيام الدولة العثمانية :
(نهر الذهب في تاريخ حلب ، ج ٢ ص ٢٨٢)
يقول كامل الغزي
الحلبي :
وكان هذا المشهد
مهملا ، ثم منذ نصف قرن أخذت تقام فيه يوم عاشوراء حفلة دينية ، وكذلك في ليلة
السابع والعشرين من رجب ، كما سنذكر بالتفصيل. وفي سنة ١٣٠٢ ه جدّدت فيه الجهة
الشمالية من القبلية ، وبعد بضع سنين أهدى السلطان عبد الحميد العثماني ستارا
حريريا مزركشا بآيات قرآنية ، وضع على المحراب ، وفرشت أرض قبليته بالطنافس
الجميلة ، وجدد ترخيم أرض الصحن ، ورتّب له إمام ومؤذن وخادم وموظفون يقرؤون كل
يوم أجزاء شريفة. وبعد الانقلاب الدستوري العثماني أهملت هذه الحفلات والشعائر.
ويقول الأستاذ عبد
الرحمن الكيالي في كتابه (أضواء وآراء) ص ٨٣ :
إن مشهد الإمام
الحسين عليهالسلام في وضعه الحاضر مهدوم وخراب. وقد كنت أزوره قبل الحرب العالمية
الأولى وكان عامرا ، وكنا نقصده أيام عاشوراء للتبرك ، وفي غير أيام عاشوراء
للنزهة في جواره. وكانت آثاره الهندسية داعية للإعجاب ، يقصده أهل الشيعة والسنة ،
ويقصده الأجانب من علماء الآثار والتاريخ لتدوين ما فيه.
ـ كيف تدمّر بناء
المشهد؟ :
وفي أيام الحرب العالمية
الثانية استعمل المشهد مستودعا للذخائر الحربية النارية ، واستمر على ذلك إلى
أواخر سنة ١٣٣٧ ه ، وذلك حين خروج الانكليز من حلب ودخول الفرنسيين إليها. وكان
الحرس الذين يحرسونه من قبل الانكليز قد انصرفوا عنه ، فهجم عليه جماعة من رعاع
الناس وغوغائهم ونهبوا ما فيه من الذخائر والسلاح.
وبينما كان بعض
أولئك الغوغاء يعالج قنبلة لاستخراج ما فيها من البارود ، إذ أورت نارا ، فلم يشعر
إلا وقد انفجرت ، وسرت منها النار بأسرع من لمح البصر إلى غيرها من الأعتاد
النارية المتفرقعة ، فانفجرت جميعها انفجار بركان عظيم ، سمع له دوي من بعد ساعات
، وشعرنا ونحن في منازلنا بحلب ، كأن الأرض قد تزلزلت ، مصحوبة بدويّ كهزيم الرعد
القاصف ، وقد تهدم بنيان هذا المشهد كله سوى قليل منه ، وتطايرت أنقاضه في الهواء.
وسقط بعضها على من فيه من الحراس ، فهلكوا عن آخرهم ، ويقدّر عددهم بثلاثين إنسانا
على أقل تقدير ، أخرج بعضهم من تحت الردم أمواتا ، وترك الباقون.
(أقول) : وقد ظلّ
المشهد تلة من الأنقاض ، حتى قيّض الله له المغفور له العلامة السيد حسين يوسف مكي
، فأعاد بناءه ورفع قواعده كما كانت.
ـ عادات أهل حلب
في شهر المحرم :
(نهر الذهب في تاريخ حلب ، ج ١ ص ٢٦٧)
يقول كامل الغزي
الحلبي :
فمما اعتاده أهل
حلب المسلمون في أول يوم من شهر محرم ، أن يتناولوا فيه طعاما حلوا ، ويخرج فيه
جماعة من العجزة والفقراء ، ويدورون على أبواب البيوت
وينشدون شيئا من
المديح ، فيتصدق عليهم الناس بشيء من البرغل ، وهؤلاء الجماعة يقال لهم (فاز من
صلى) سمّوا بلازمة الزجل الّذي ينشدونه ، وهي :
فاز من صلّى على
تاج العلى
|
|
طه النبيّ
المصطفى جدّ الحسين
|
وبعض الناس
يسمونهم الحسينية.
وفي يوم عاشوراء
يوسّع الناس على عيالهم المآكل [وهذه من عادات السنة] ويطبخون الطعام المعروف بالحبوب
[سنّة أموية]. وكان الناس يخرجون في هذا اليوم إلى مشهد الحسين عليهالسلام حيث تكون فيه وليمة حافلة يحضرها الوالي ومن دونه ، فيتلى
شيء من القرآن العظيم ، وتنشد مرثية ابن معتوق في سيدنا الحسين عليهالسلام ، التي أولها : هلّ المحرّم فاستهلّ مكبّرا ...
ثم يأكل الجميع
وينصرفون ، والنفقة في ذلك من أوقاف المحل المذكور.
وفي آخر أربعاء من
صفر [لعله لوفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك التاريخ] يشتغلون بالذكر والتسبيح ، وتعطّل فيه
الحكومة.
وفي اليوم السابع
والعشرين من شهر رجب يخرج الناس للمشهد المتقدم ذكره ، ويخرج الوالي ومن دونه
وتعطل الحكومة ، فيسمعون فيه قصة الإسراء والمعراج ، ويسقون الشراب ويطعمون الحلوى
وينصرفون.
وقد بطلت هذه
العادة منذ أن تخرّب المشهد إثر الحرب العالمية الثانية.
٤٢٠ ـ قنّسرين (جولة
أثرية في بعض البلاد الشامية لأوليا جلبي)
قنّسرين : مدينة
تقع جنوب غرب حلب على بعد ٢٥ كم في طريق الذاهب من حلب إلى حمص. وهي بلدة تاريخية
واقعة في سفح جبل النبي عيص الّذي يمتدّ من الشرق إلى الغرب. وفي ذروته قبة بيضاء
كان أصلها بيعة خربة ، اتّخذت بعد مدفنا لرجل زعموا أنه النبي عيص. وثمة قرية
بيوتها قباب مخروطية يقطنها أعراب فلاحون تدعى (العيص) بنيت فوق أطلال مدينة
قنّسرين.
وقيل إن اسمها آت
من أصل سرياني : قن نسرين ، أي عش النسور. ولما جاء الأمويون والعباسيون اتخذوها
مركزا لجيوش المسلمين المرابطة في شمالي الشام ، ودعوا البلاد المرتبطة بها جند
قنّسرين ، وبلغة عصرنا (منطقة قنسرين العسكرية).
وفي (معجم البلدان)
ج ٤ ص ٤٠٣ :
وظلت قنّسرين
عامرة حتى سنة ٣٥١ ه حين غلبت الروم على مدينة حلب ، وقتلت جميع من كان بربض
قنسرين ، فخاف أهلها وتفرقوا بالبلاد. وكان خرابها سنة ٣٥٥ ه قبل وفاة سيف الدولة
الحمداني بأشهر. ونسي اسم قنّسرين ، إلا من أحد أبواب حلب ، الّذي كان يخرج منه
قاصدوها ، ويدعى باب قنّسرين إلى اليوم.
٤٢١ ـ معرّة
النعمان
(معجم البلدان لياقوت الحموي)
قال ابن الأعرابي
: المعرّة الشدة. والنعمان هو النعمان بن بشير الأنصاري صحابي ، اجتاز فمات له بها
ولد ، فدفنه وأقام عليه ، فسمّيت به.
وهي مدينة كبيرة
قديمة مشهورة بين حماة وحلب. وعندهم التين والزيتون. وأهلها متعصبون ، فليس يوجد
فيها عائلة مسيحية.
وأما الشاعر أبو
العلاء المعري ، فقد عاش فيها ولقّب بها. ويذكر أنه كان ملحدا ، ثم أسلم ، ثم
تشيّع. ومن آثار تشيّعه قوله في الإمام علي والحسين عليهالسلام :
وعلى الأفق من
دماء الشهيدين ، علي ونجله شاهدان فهما في أواخر الليل فجران ، وفي أولياته شفقان
٤٢٢ ـ كفر طاب
(تقويم البلدان لأبي الفداء)
كفر طاب من جند
حمص ، وهي بلدة صغيرة كالقرية ، قليلة الماء ، يعمل فيها القدور الخزف ، وتجلب إلى
غيرها. وهي على الطريق بين المعرة وشيزر.
قال العزيزي :
بينها وبين شيزر ١٢ ميلا [٢٢ كم] ، وكذلك بينها وبين المعرة.
٤٢٣ ـ شيزر : (أخبار
الدول للقرماني ، ص ٤٥٧)
مدينة من أعمال
حلب ، بناها الملك يشجر ، وهي على ساحل نهر العاصي ، وبها قلعة حصينة. وهي مدينة
قديمة قرب المعرة.
وفي (تقويم
البلدان) لأبي الفداء ، ص ٢٦٣ :
شيزر : بينها وبين
حماة تسعة أميال ، وبينها وبين حمص ثلاثة وثلاثون ميلا. ولها سور من لبن ، ولها
ثلاثة أبواب ، والعاصي يمرّ مع السور من شمالها.
٤٢٤ ـ جبل زين
العابدين عليهالسلام شمال حماة :
(جولة أثرية في
بعض البلاد الشامية عام ١٠٥٨ ه لأوليا جلبي التركي ـ ترجمة أحمد وصفي زكريا).
يقول أوليا جلبي :
يقع شمال حماة نشزان عاليان ، يسمّيان قرون حماة. وقرون حماة جبلان متقاربان ، من
الحجر الحري الأسود ، يبعدان عن حماة إلى الشمال نحو عشرة كيلومترات ، ويدعى
الكبير منهما جبل زين العابدين عليهالسلام [علوه ٦٣١ م] ،
والصغير كفر راع. وفوق جبل زين العابدين عليهالسلام جامع مهجور ذو قبتين بيضاوين ، من آثار الملك الأشرف (قايتباي)
في سنة ٨٨٢ ه. وفي الجامع مقام يسمى مقام زين العابدينعليهالسلام تقصده النصيرية من جبالهم الغربية للزيارة في شهر نيسان من
كل عام».
(أقول) : وقد
اعتني اليوم بهذا المقام الجليل الواقع في أعلى جبل زين العابدينعليهالسلام وعمل له طريق حلزوني يوصل إلى المقام ، وأصبح الطريق كله
مشجّرا ، ويؤمه الناس من كل مكان.
والذي يظهر من
التسمية ، أنه هو الجبل الّذي وضع عليه الرؤوس والسبايا حين امتنعت حماة عن
استقبالهم. فصلّى هناك الإمام زين العابدين تلك الليلة فيه ، فتشرف الجبل به فسمي
باسمه ، وأقيم له فيه مقام عامر تخليدا لذكره.
٤٢٥ ـ حمص (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
حمص بلدة مشهورة
قديمة كبيرة ذات سور. وفي طرفها القبلي قلعة حصينة على تل عال كبير. بناها رجل
يقال له حمص.
قال أهل السير :
حمص بناها اليونانيون ، وزيتون فلسطين من غرسهم.
وبحمص من المزارات
والمشاهد : مشهد علي بن أبي طالب عليهالسلام فيه عمود فيه موضع إصبعه ، رآه بعضهم في المنام. وفيها دار
خالد بن الوليد ، وقبره فيما يقال. وبعضهم يقول إنه مات بالمدينة ودفن بها ، وهو
الأصح.
ويقال : إن خالد
بن الوليد مات بقرية على نحو ميل من حمص ، وأن هذا الّذي يزار بحمص إنما هو قبر
خالد بن يزيد الكيميائي المشهور ، وهو الّذي بنى القصر بحمص ، وآثار هذا القصر في
غربي الطريق باقية. وبحمص قبر قنبر مولى علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وبها قبور لأولاد جعفر بن أبي طالب عليهالسلام.
٤٢٦ ـ القصير : (جولة
أثرية في بعض البلاد الشامية لأوليا جلبي ، ص ٣٦١)
تقع القصير على
طريق خط حديد حمص ـ رياق ، وهي تبعد عن حمص ٢٨ كم.
قال ياقوت في
معجمه : القصير ضيعة أول منزل لمن يريد دمشق من حمص.
وإلى الجنوب من
القصير تقع (الزرّاعة) تبعد عنها ٦ كم.
٤٢٧ ـ جوسية (المصدر
السابق ، ص ٣٦٢)
وفي جنوب (الزرّاعة)
إلى الشرق من الخط الحديدي أطلال بليدة قديمة تدعى (جوسية الخراب) ، تبعد عن
الزرّاعة نحو ٧ كم. وهي قرية من قرى حمص على ستة فراسخ منها [٣٣ كم] من جهة دمشق ،
وبها حصن.
وثمة في شمالي
جوسية الخراب ، ضيعة تدعى (جوسية العمار) ، كان فيها جامع قديم له مئذنة أثرية ،
خربت من عهد قريب.
وتشكل جوسية
الخراب اليوم الحد الفاصل بين الأراضي السورية واللبنانية. وقد كانت كورة من كور
حمص ، وفيها سور وبرج ودور مبنيّة بالأحجار الضخمة ، التي تشبه أحجار الأبنية
النصرانية المنتشرة في بلاد حلب الغربية ، ثم تهدمت. وليس ثمة من الأحجار المنقوشة
فيها ، سوى عتبة فوق باب أحد الأسوار المهدومة ، لا تزال مكانها.
ـ جبل الحسين :
هذا ولما كنت
أتفحّص خريطة مفصّلة في لبنان للمنطقة الشمالية بين جوسية والهرمل ، رأيت صدفة
جبلا باسم [جبل الحسين]. وفي تصوّري أن السبايا والرؤوس قد مروا هناك فسمي الجبل
باسم الحسين عليهالسلام.
٤٢٨ ـ الهرمل (المصدر
السابق ، ص ٣٦٣)
تبعد الهرمل عن
حمص ٥٣ كم. وهي مدينة كثيرة المياه والبساتين ، وفيها أطلال أثرية تدل على مكانتها
السالفة ، منها مذبح كان مخصصا لجوبيتر البعلبكي ، نقل إلى دار الآثار في بيروت.
٤٢٩ ـ بعلبك : (الفهرست : معجم الخريطة التاريخية
للممالك الاسلامية ، لأمين واصف بك ، ص ٢٨)
بعلبك : أي مدينة
الإله (بعل) عند الآشوريين والفينيقيين. مدينة بالشام فيها آثار
يونانية ورومانية
من عصر الاسكندر المكدوني. سمّيت هليوبوليس أي (مدينة الشمس). خرّبت تلك الآثار
بالزلازل التي وقعت سنة ١١٧٠ م وسنة ١٧٥٠ م.
وفي (معجم البلدان)
لياقوت الحموي :
بعلبك مدينة قديمة
، فيها أبنية عجيبة وآثار عظيمة ، وقصور على أعمدة الرخام لا نظير لها في الدنيا.
واسمها مركّب من (بعل) اسم صنم ، ومن (بك) اسم رجل ، أي صنم بك. وفي بعلبك دبس
وجبن وزيت ولبن ليس في الدنيا مثله.
وقيل : إن بعلبك
كانت مهر بلقيس ، وبها قصر سليمان بن داود عليهالسلام ، وهو مبني على أساطين الرخام.
٤٣٠ ـ مزار خولة
بنت الحسين عليهالسلام في بعلبك :
ذكر الإربلي في (كشف
الغمة) أنه كان للإمام الحسين عليهالسلام أربع بنات هن :
زينب وفاطمة
وسكينة ، ورابعة لم يذكر اسمها.
وقد ادّعى البعض
أنه كان للإمام الحسين عليهالسلام بنتا (طفلة) اسمها خولة ، توفيت ودفنت في بعلبك أثناء مرور
السبايا بها ، وأنها هي التي لم يذكر اسمها. والصحيح والثابت أن الرابعة هي رقيّة
التي توفيت في دمشق أثناء إقامة السبايا في الخربة المجاورة لباب الفراديس ، ودفنت
هناك.
والذي يضعّف رواية
خولة ، أنه لم يذكر مشهدها أحد من المؤرخين ، فالهروي في (الزيارات) لم يذكره ،
ولم يذكره عبد الغني النابلسي في رحلته إلى بعلبك سنة ١٦٨٩ م ، مع أنه عدّد
الأضرحة التي زارها في بعلبك.
(راجع خلّة الذهب
الإبريز في رحلة بعلبك والبقاع العزيز).
وقد ورد في مجلة
الموسم تحقيق حول هذا المزار ، في العدد ٧ ص ١٠٤٣ جاء فيه :
إن أول كتاب أتى
على ذكر ضريح السيدة خولة هو كتاب (تاريخ بعلبك) لمخائيل ألوف سنة ١٨٨٩ م. ويذكر
في روايته أنها بدون سند تاريخي ، بل هي رواية شعبية ، فكيف يوثق بها ، لا سيما
أنها لم تذكر إلا في هذا الكتاب ، ومؤلفه مجهول الحال. وتدّعي الرواية أن ضريحها اكتشف حديثا في نهاية القرن
التاسع عشر ، وأن اسحق روحي قائمقام بعلبك التركي هو الّذي جدد بناء مزارها.
٤٣٠ ـ دير النصارى
: (دمشق الشام في نصوص الرحالين
والجغرافيين
تأليف أحمد الإيبش ود. قتيبة الشهابي ، ج ١ ص ١٢٢)
يقول البلخي في (صورة
الأقاليم) عن ماء دمشق : ومخرج مائها من تحت كنيسة يقال لها (الفيجة).
وفي الحاشية :
المعروف أن منبع عين الفيجة الشهير غربي دمشق ، يخرج من بناء معبد وثني مبني
بالحجر". فلعل هذا هو الدير الّذي مروا به قبل وصول دمشق.
بحث تاريخي
المسير بالرؤوس والسبايا إلى الشام
بعد أن تعرّفنا
على بعض الأماكن الجغرافية التي مرت بها الرؤوس والسبايا ، نشرع في وصف المسيرة
الكاملة لهم من الكوفة إلى دمشق ، وفق المنازل التي أثبتناها على المصور الكبير [الشكل
١٠] وعددها ٤٥ منزلا.
٤٣١ ـ الإعلام
الأموي يشيع أن الحسين عليهالسلام وأصحابه هم جماعة من الخوارج
(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، ص ٣٠٩)
يقول السيد أسد
حيدر : ومن الأمور المؤلمة أن الدعاية الأموية اتخذت خطة التمويه على الناس ،
فأشاعوا هناك أن جماعة من الخوارج خرجوا على الأمير ، وقد انتصر عليهم الأمير يزيد
، فأبادهم وسبى عيالهم ، وسيقدمون الشام.
٤٣٢ ـ السبايا هم
من آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فقط (المصدر
السابق)
وسار ركب آل محمّد
صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وليس فيه أحد من نساء الأنصار الذين جاهدوا مع الحسين عليهالسلام ، إذ تشفّع كلّ بعيال من يتصل به ، وبقيت عيال الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لا شفيع لهم ، فاقتيدوا إلى الشام ، يقطعون الفيافي
والقفار.
٤٣٣ ـ لماذا عدلوا
عن الطريق الأعظم؟ :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٤٧)
الملاحظ من
الروايات أن الموكلين بالرؤوس والسبايا عدلوا عن الطريق الرئيسي في أول المسير ،
فلننظر لماذا فعلوا ذلك؟!.
قال الميانجي : في
بعض الكتب : لما خرجوا من الكوفة كانوا خائفين من قبائل العرب ، لعل فيهم شيء من
الحميّة والغيرة على إمامهم ، فيهيجوا ويخلّصوا العيال ويأخذوا الرؤوس. فلهذا
عدلوا عن الطريق الأعظم والجادة الكبرى من الكوفة إلى الشام. فعلى هذا كانوا
يقطعون مسيرة يومين بيوم ، ويسيرون جانب البر والقرى ، ويجدّون في السير خوفا من
الطلب.
٤٣٤ ـ من أين بدأ
المسير؟ :
لدينا رواية تذكر
أن ركب الرؤوس والسبايا مرّ ب (القادسية) ، والقادسية تقع على بعد نحو ٨٠ كم جنوب
الكوفة ، أي على غير طريقهم المتجه إلى الشمال ، فما معنى ذلك؟.
في (مقتل الحسين)
المنسوب لأبي مخنف ، قال سهل :
فلما رأيت ذلك
تجهزت وسرت مع القوم. فلما نزلوا القادسية أنشأت أم كلثوم عليهاالسلام تقول : مات رجالي وأفنى الدهر ساداتي ... (شعر).
ويمكن تفسير ذلك
بأن انطلاق ركب الرؤوس والسبايا كان عن طريق القادسية ليكونوا بعيدين عن الكوفة ،
التي كانت تغلي كالمرجل بأهلها ، حنقا على يزيد وابن زياد. فأرادوا أن يموّهوا
الطريق على الناس حتى لا يلحق بهم أحد ، ويحاول تخليصهم الرؤوس والسبايا. حتى إذا
اجتمعوا في (القادسية) وهي في أول البرية ، اتجهوا شمالا بطريق صحراوي بعيدا عن
الكوفة. ثم عبروا نهر الفرات من منطقة القناطر إلى قصر ابن هبيرة في شرقه. (انظر
المخطط التفصيلي المرفق ـ الشكل ١٢)
٤٣٥ ـ وضع الرأس
الشريف في صندوق :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٣ ط ٢ نجف)
ذكر عبد الملك بن
هاشم في كتاب (السيرة) : الّذي أخبرنا القاضي الأسعد أبو البركات عبد القوي ابن
أبي المعالي ابن الجبار السعدي في جمادى الأولى سنة ٦٠٩ ه بالديار المصرية ،
قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أنبأنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي
في جمادى الأولى سنة ٥٥٥ ه ، قال : أنبأنا ... إلى آخر السند المعتبر. قال :
لما أنفذ ابن زياد
رأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد بن معاوية مع الأسارى ، موثقين

(الشكل ١٢)
في الحبال ، منهم
نساء وصبيان وصبيات من بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، على أقتاب الجمال ، موثّقين مكشّفات الوجوه والرؤوس ،
وكلما نزلوا منزلا أخرجوا الرأس من صندوق أعدّوه له ، فوضعوه على رمح ، وحرسوه طول
الليل إلى وقت الرحيل. ثم يعيدوه إلى الصندوق ويرحلوا.
أول منزل خراب
٤٣٦ ـ خروج يد من
الحائط تكتب بالدم :
(ينابيع المودة لسليمان القندوزي ، ج ٢ ص ١٧٧ ط ١)
فساروا على ساحل
الفرات ، فنزلوا على أول منزل كان خرابا ، فوضعوا الرأس الشريف المبارك المكرم ،
والسبايا مع الرأس الشريف. وإذ رأوا يدا خرجت من الحائط معها قلم تكتب بدم عبيط [أي
طري جديد] شعرا :
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب!
|
فلا والله ليس
لهم شفيع
|
|
وهم يوم القيامة
في العذاب
|
لقد قتلوا
الحسين بحكم جور
|
|
وخالف أمرهم حكم
الكتاب
|
فهربوا ثم رجعوا.
ثم رحلوا من ذلك
المنزل ، وإذا هاتف يقول :
ماذا تقولون إن
قال النبي لكم
|
|
ماذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم
|
بعترتي وبأهلي
بعد مفتقدي
|
|
منهم أسارى
ومنهم ضرّجوا بدم
|
ما كان هذا
جزائي إذ نصحت لكم
|
|
أن تخلفوني بسوء
في ذوي رحمي
|
وفي مخطوطة مصرع
الحسين [مكتبة الأسد] قال أبو مخنف :
فساروا على جنب
الفرات ، وجدّوا في السير. فأول منزل نزلوا به وضعوا الرأس بين أيديهم وجعلوا
يشربون الخمر ، وإذ خرجت يد من الحائط فيها قلم يكتب بدم على الحائط هذه الأبيات :
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب!
|
أترجوه وقد
قتلوا نجيبا
|
|
وأكرم من مشى
فوق التراب
|
قتلتم للحسين
وما رعيتم
|
|
نبي الله في خير
الشباب
|
ألا هبّوا ننوح
على حسين
|
|
وننصره بشيب أو
شباب
|
ونكفر بالذي
فعلوه فيهم
|
|
وقالوا : إنه
فعل الصواب
|
غدا يصلوا
الجحيم وقد أعدّت
|
|
لهم دون الخلائق
بالعذاب
|
فويل للذي قتلوا
حسينا
|
|
وشالوا رأسه فوق
الحراب
|
فيا قلبي تعزّى
عن حسين
|
|
والعن دونه
الشمر الضبابي
|
وقل بمقال محزون
كئيب
|
|
محبّ آل أحمد ذي
الشباب :
|
ألا لعن الإله
على يزيد
|
|
وعترته إلى يوم
الحساب
|
قال : ففزعوا من
ذلك فزعا شديدا ، وتركوا الخمر.
دير للنصارى
٤٣٧ ـ بيت شعر
مكتوب في الدير من القديم :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧٢)
فساروا إلى أن
وصلوا إلى دير في الطريق ، فنزلوا ليقيلوا به [أي يناموا وسط النهار] ، فوجدوا أيضا
مكتوبا على بعض جدرانه :
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب!
|
فسألوا الراهب عن
المكتوب ، ومن كتبه؟. فقال : إنه مكتوب ههنا من قبل أن يبعث نبيّكم بخمسمئة عام.
ففزعوا من ذلك ورحلوا من ذلك المنزل.
وتركوا الطريق
خوفا من قبائل العرب أن يخرجوا عليهم ويأخذوا الرأس منهم. وكلما وصلوا إلى قبيلة طلبوا منهم العلوفة [أي العلف] ،
وقالوا : معنا رأس خارجي.
٤٣٨ ـ ما حصل في
دير للنصارى في الطريق :
(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٦ ط نجف)
روى النّطنزي عن
جماعة عن سليمان بن مهران الأعمش ، قال : بينما أنا في الطواف أيام الموسم ، إذا
رجل يقول : اللهم اغفر لي وأنا أعلم أنك لا تغفر. فسألته عن السبب؟. فقال : كنت
أحد الأربعين الذين حملوا رأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد على طريق الشام.
(ستجد قصة هذا
الرجل مفصّلة فيما بعد ، تحت عنوان : قصة أسلم).
فنزلنا أول مرحلة
رحلنا من كربلا ، على دير للنصارى ، والرأس مركوز على رمح ، فوضعنا الطعام ونحن
نأكل ، إذا بكفّ على حائط الدير تكتب عليه بقلم حديد سطرا بدم:
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب!
|
فجزعنا جزعا شديدا
، وأهوى بعضنا إلى الكف ليأخذها فغابت ، فعاد أصحابي.
٤٣٩ ـ ما كتب على
جدار كنيسة للروم من ثلاثمئة عام :
(المصدر السابق)
وعن مشايخ من بني
سليم : أنهم غزوا الروم ، فدخلوا بعض كنائسهم ، فإذا مكتوب هذا البيت. فقالوا لهم
: منذ متى مكتوب؟. قالوا : قبل أن يبعث نبيّكم بثلاثمئة عام.
وحدّث عبد الرحمن
بن مسلم عن أبيه ، أنه قال : غزونا بلاد الروم ، فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من
قسطنطينية ، وعليها شيء مكتوب. فسألنا أناسا من أهل الشام يقرؤون بالرومية ، فإذا
هو مكتوب هذا البيت.
٤٤٠ ـ قلم من حديد
يكتب سطرا بالدم :
(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢١٨ ط نجف)
عن (دلائل النبوة)
عن أبي بكر البيهقي بالإسناد إلى أبي قبيل ، و (أمالي) أبي عبد الله النيسابوري
أيضا : أنه لما قتل الحسين عليهالسلام واجتزّ رأسه ، قعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ ويتحيّون
بالرأس ، فخرج عليهم قلم من حديد من حائط ، فكتب سطرا بالدم :
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب!
|
قال : فهربوا
وتركوا الرأس ، ثم رجعوا.
وفي كتاب ابن بطة
: أنهم وجدوا ذلك مكتوبا في كنيسة.
وقال أنس بن مالك
: احتفر رجل من أهل نجران حفرة ، فوجد فيها لوحا من ذهب فيه مكتوب هذا البيت ،
وبعده :
فقد قدموا عليه
بحكم جور
|
|
فخالف حكمهم حكم
الكتاب
|
ستلقى يا يزيد
غدا عذابا
|
|
من الرحمن يالك
من عذاب
|
قصر بني مقاتل
٤٤١ ـ نزولهم في
قصر بني مقاتل ، والحرّ على أشده :
(معالي السبطين للمازندراني ، ص ١٣٥)
قال الشيخ
الدهدشتي البهبهاني في (الدمعة الساكبة) : في بعض الكتب القديمة عن الشيخ المفيد ،
قال :
لما رحلوا
بالسبايا والرؤوس إلى دمشق ، وعدل بهم الطريق إلى قصر بني مقاتل ، وكان ذلك اليوم
يوما شديد الحر ، وكانت القربة التي معهم مزّقت وأريق ماؤها ، فاشتدّ بهم العطش ،
وأمر ابن سعد عدة من قومه في طلب الماء ، وأمر بفسطاط فضرب على أربعين ذراعا ،
فجلس هو وأصحابه ورموا بالسبايا والأطفال على وجه الأرض تصهرهم الشمس.
فأتت زينب عليهاالسلام إلى ظل جمل هناك ، وفي حضنها علي بن الحسين عليهالسلام وقد أشرف على الهلاك من شدة العطش ، وبيدها مروحة تروّحه
بها من الحر ، وهي تقول : يعزّ عليّ أن أراك بهذه الحال يابن أخي. ثم ذهبت سكينة
إلى شجرة هناك ، وعملت لها وسادة من التراب ونامت عليها. فما كان إلا قليل وإذا
القوم قد رحلوا وتركوها ...
القادسيّة
٤٤٢ ـ ما أنشدته
أم كلثوم عليهاالسلام عند وصولهم إلى القادسية :
(مقتل الحسين لأبي مخنف ، ص ١١٠)
قال أبو مخنف : ثم
إن ابن زياد دعا بشمر بن ذي الجوشن وخولي ، وضمّ إليهما ألفا وخمسمائة فارس ،
وأمرهم أن يسيروا بالسبايا والرأس إلى الشام ، وأن يشهروهم في جميع البلدان.
قال سهل : فلما
رأيت ذلك تجهزت وسرت مع القوم.
فلما نزلوا
القادسية أنشأت أم كلثوم عليهاالسلام تقول :
ماتت رجالي
وأفنى الدهر ساداتي
|
|
وزادني حسرات
بعد لوعات
|
صال اللئام
علينا بعد ما علموا
|
|
أنّا بنات رسول
الله بالهدايات
|
يسيّرونا على
الأقتاب عارية
|
|
كأننا فيهم بعض
الغنيمات
|
يعزز عليك رسول
الله ما صنعوا
|
|
بأهل بيتك يا
خير البريّات
|
كفرتم برسول
الله ويلكم
|
|
أهداكم من سلوك
في الضلالات
|
شرقي الحصّاصة ـ قصر ابن هبيرة
٤٤٣ ـ مرور
السبايا شرقي الحصّاصة وخارج الأنبار :
(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد)
قال أبو مخنف :
وأخذوا الرأس وساروا على شرقي الجصّاصة [قرية من توابع الكوفة قرب قصر ابن هبيرة]
وخارج الأنبار. وإذا بهاتف يهتف على يمين الطريق ، يسمع صوته ولا يرى شخصه ، وهو
يقول :
ماذا تقولون إن
قال النبي لكم
|
|
ماذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم
|
بعترتي وبأهلي
بعد منقلبي
|
|
منهم أسارى
ومنهم ضرّجوا بدم
|
ما كان هذا
جزائي إذ نصحت لكم
|
|
(أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي)
|
سبيتمونا كسبي
الروم ويحكم
|
|
هذا جزاء رسول
الله عندكم!
|
ألم يقل أرفقوا
في عترتي وصلوا
|
|
بالبرّ قرباي لا
تؤذوا ذوي رحمي!
|
جرايا ـ مسكن
ثم مرّوا بجرايا ،
ثم وصلوا مسكن قبل أن يعبروا تكريت.
وفي مخطوطة (مصرع
الحسين) مكتبة الأسد ، ص ٣٨ :
قال أبو مخنف :
وساروا خارج الأنبار ، وكتبوا إلى صاحب تكريت ..
تكريت
٤٤٤ ـ النصارى في
تكريت يستنكرون قتل الحسين وأهله عليهمالسلام :
في (ينابيع المودة)
للقندوزي ، ج ٢ ص ١٧٧ قال :
فلما وصلوا إلى (تكريت)
نشرت الأعلام ، وخرج الناس بالفرح والسرور ، فقالت النصارى للجيش : إنا براء مما
تصنعون أيها الظالمون ، فإنكم قتلتم ابن بنت نبيكم ، وجعلتم أهل بيته أسارى؟!.
وفي (معالي
السبطين) للمازندراني ، ج ٢ ص ٧٣ قال :
فلما وصلوا إلى (تكريت)
كتبوا إلى صاحبها بأن تلقّنا ، فإن معنا رأس الحسين. فلما قرأ الكتاب أمر البوقات
فضربت ، والأعلام فنشرت ، والمدينة فزيّنت. ودعا الناس من كل جانب ومكان من جميع
القبائل ، فخرج فتلقّاهم. وكان كل من سألهم يقولون: هذا رأس خارجي خرج على يزيد
بأرض العراق ، في أرض يقال لها كربلاء ، فقتله عبيد الله بن زياد ، وأنفذ به إلى
الشام.
فقال رجل نصراني :
يا قوم ، إني كنت بالكوفة ، وقد ورد هذا الرأس ، وليس هو رأس خارجي ، بل هو رأس
الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة الزهراء ، وجده محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم. فلما سمعت النصارى ذلك عمدوا إلى النواقيس فأخذوها ،
وجمعوا الرهبان ، وأغلقوا البيع [جمع بيعة وهي الكنيسة] إعظاما له ، وقالوا :
إلهنا وسيدنا ، إنا برئنا من قوم قتلوا ابن بنت نبيهم.
فبلغهم ذلك ، فلم
يدخلوها ، ورحلوا عنها وأخذوا على البرية.
طريق البر
٤٤٥ ـ سلوك طريق
البرية (المقتل المنسوب لأبي مخنف ، ص ١١٣)
قال أبو مخنف :
ورحلوا من تكريت ، وأخذوا على طريق البر. ثم على (الأعمى) ، ثم على (دير عروة) ،
ثم على (صليتا) ، ثم على (وادي النخلة) فنزلوا فيها وباتوا.
وادي النّخلة
٤٤٦ ـ بكاء الجن
على الحسين عليهالسلام في وادي النخلة :
(المصدر السابق ؛ وينابيع المودة ، ص ١٧٧)
قال أبو مخنف :
فسمعوا نساء الجن يبكين على الحسين عليهالسلام ويقلن شعرا :
مسح النبي جبينه
|
|
فله بريق في
الخدود
|
أبواه من عليا
قريش
|
|
وجده خير الجدود
|
قتلوه ظلما
ويلهم
|
|
سكنوا به نار
الخلود
|
أرميناء
ثم رحلوا من وادي
النخلة ، وأخذوا على (أرميناء) ، وساروا حتى وصلوا إلى (لينا) ، وكانت عامرة
بالناس.
مرشاد
٤٤٧ ـ العجائب في
مرشاد :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨١ ط ٢ ؛ وينابيع المودة ، ج ٢ ص ١٧٧)
فلما وصلوا إلى
بلدة يقال لها (مرشاد) خرج المشايخ والمخدّرات والشبان يتفرجون على السبي والرؤوس
، وهم مع ذلك يصلّون على محمّد وآله ، ويلعنون أعداءهم ؛ وهو من العجائب.
لينا ـ برساباد
٤٤٨ ـ ما حصل في
لينا (أو برساباد):
(مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص ١١٤)
وفي مخطوطة (مصرع
الحسين) مكتبة الأسد ، ص ٣٩ :
قال أبو مخنف : ثم
ارتحلوا على طريق (برساباد) وكانت مدينة عامرة غاصة بأهلها ، فخرجت المخدرات من
خدورهن ، والكهول والشبان ، وجعلوا ينظرون إلى رأس الحسينعليهالسلام ويصلون عليه وعلى جده وأبيه ، ويلعنون من قتله ، وهم
يقولون : يا قتلة أولاد الأنبياء ، اخرجوا من بلدنا.
الكحيل ـ جهينة
قال أبو مخنف :
فأخذوا على الكحيل (أو الأكحل) ، وأتوا جهينة (مرج جهينة) ، وكتبوا إلى صاحب
الموصل ، أن تلقّانا فإن معنا رأس الحسين.
عسقلان
٤٤٩ ـ خبر زرير
الخزاعي في عسقلان :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧٦)
ذكرنا سابقا أن
هذه (عسقلان) غير عسقلان فلسطين ، وقد ذكرها السيد محمّد
مهدي الحائري في (معالي
السبطين) قبل الموصل. وفيها حصلت هذه القصة الغريبة التي هي إحدى المحاولات
لاستنقاذ الرؤوس والسبايا من أيدي المجرمين.
في (الدمعة
الساكبة) قال : وساروا مجدّين إلى أن وصلوا إلى بلد يقال له (عسقلان) وأمير ذلك
البلد يعقوب العسقلاني ، وكان في حرب الحسين عليهالسلام. فلما وصل العسكر مع الرأس والنساء إليه ، أمر أن يزيّنوا
ذلك البلد ، وأمر أصحاب الله وو الزهو أن يفرحوا ويلعبوا ، ويضربوا الطنبور
والعود. وجلسوا في القصور باللهو وشرب الخمور.
فلما دخلوا
وأدخلوا الرأس والنساء ، كان رجل تاجر اسمه زرير الخزاعي ، وكان واقفا ، فلما رأى
الناس على ذلك ، سأل بعضهم : إن هذا الفرح والسرور ما سببه ، وما سبب تزيين
الأسواق؟. فقالوا : كأنك غريب. قال : نعم. قالوا : كان في العراق رجل مع جماعة ،
وهم يخالفون يزيد وما بايعوه ، فبعث إليهم عسكرا فقتلوهم ، وهذه رؤوسهم ونساؤهم.
فسأل زرير : يا هذا ، هؤلاء كانوا مسلمين أم كفرة؟. فقيل له : إنهم كانوا سادات
أهل الاسلام. فقال : ما كان سبب خروجهم على يزيد؟. قيل له : إن كبيرهم كان يقول :
أنا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأنا بالخلافة أحق. فسأل : من كبيرهم ، ومن كان أبوه ، ومن
كانت أمه؟. قيل : أما اسمه الحسين ، وأخوه الحسن ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول
اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبوه أمير المؤمنين عليهالسلام. فلما سمع زرير ذلك اسودّت الدنيا في عينيه وضاقت الأرض
عليه.
فجاء قريبا من
السبايا ، فنظر إلى علي بن الحسين عليهماالسلام فبكى بكاء شديدا ، وأنّ أنّة عظيمة. فقال زين العابدين عليهالسلام : ما لي أراك تبكي يا هذا؟. وجميع أهل البلد في فرح وسرور!.
فقال : يا مولاي أنا رجل غريب ، قد وقعت في هذا البلد ، وسألت أهل هذا البلد عن
فرحهم وسرورهم؟. فقالوا : باغ تباغى على يزيد ، فقتله وبعث برأسه ونسائه إلى
الشام. فسألت عن اسمه؟ قالوا : هو الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام وجده محمّد المصطفى. فقلت : تبّا لكم فمن كان أحق منه
بالخلافة؟. فقال عليهالسلام : جزاك الله يا زرير خيرا فقد أرى فيك المعرفة ولنا
المحبة. (قال) فقلت : يا سيدي هل لك حاجة ، لأني لك بشرط الخدمة. قال عليهالسلام : قل للذي هو حامل لرأس الحسين عليهالسلام أن يتقدم على النساء لتشتغل النظارة بالرأس عن النظر إلى
النساء. قال : فمضيت من وقتي وأعطيت حامل الرأس
خمسين مثقالا من
الذهب والفضة حتى اعتزل وتقدّم به ، فاستراحت النساء من مدّ النظر إليهن ، وعاد
الناس يتفرجون على الرؤوس. فأتيت إلى الإمام وقلت : سيدي بما ذا تأمرني بعد ذلك؟.
قال عليهالسلام : إن كان في رحلك ثياب زائدة ائتني بها. قال : فمضيت وأتيت لكل
واحدة من النساء بثوب ، وأتيت لزين العابدين عليهالسلام بعمامة. فعند ذلك قام الصياح والزعقات في السوق ، فتأملت ذلك وإذا
هو الشمر اللعين ، فأخذتني الحمية فجئت إليه وشتمته ، ومسكت بلجام فرسه ، وقلت له
: لعنك الله يا شمر ، رأس من هذا وضعته على الرمح؟. وهؤلاء السبايا الذين سبيتهم
أولاد من؟. حتى أركبتهم الجمال بغير وطاء!. قطع الله يديك ورجليك وأعمى قلبك وعينيك. فغضب اللعين وصاح
بأصحابه : اضربوه. فضربوه واجتمع عليه الناس بالحجارة حتى أثخنوه. ووقع مغشيا عليه
فظنوا أنه قد قتل ومات ، وتركوه ملقى على قفاه لا يتحرك.
فلما كان الليل
ومضى نصفه قام زرير مرة يحبو ومرة يتمرغل على ظهره وبطنه من كثرة الجراح ، حتى وصل
إلى مسجد هناك يسمى بمشهد سليمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا هو بأناس رؤوسهم مكشوفة وأزياؤهم (وأزياقهم) مشققة
، وأعينهم باكية وقلوبهم محترقة. فقال زرير : ما لكم باكون والناس في هذا البلد
فرحون مسرورون؟. فقالوا : أيها القادم علينا إن كنت منا فاجلس وشاركنا في المصيبة
، وإذا هم يبكون على الحسين وأهل بيته عليهمالسلام. فحكى زرير قصته وأراهم الطعن في بدنه ، فاشتغلوا بالبكاء
، وزادت مصيبتهم وعزاؤهم على أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الموصل
٤٥٠ ـ كرامة جديدة
لرأس الحسين عليهالسلام قرب الموصل :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧٧)
وساروا إلى أن
وصلوا قريبا من (موصل).
وفي (الناسخ) :
كتب عمر بن سعد كتابا إلى والي موصل ، وفي خبر كتب شمر كتابا إلى الوالي ، أن
تلقّنا وهيّئ لنا الزاد والعلوفة. فلما وصل الكتاب إلى والي موصل ، جمع الأكابر
وعرض الكتاب عليهم واستشارهم ، فقالوا : حاشا أن نخلّيهم يدخلون علينا رأس الحسين عليهالسلام. فكتب الوالي كتابا إلى شمر ، بأن أهل هذه البلدة من محبي
علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وإذا دخلتم البلد أخاف أن تثور عليكم
الفتنة ، فالصواب
أن تنزلوا قريبا من البلدة ، ونحن نبعث لكم الزاد والعلوفة. فقبل شمر نصيحته ،
ونزلوا تحت جبل هناك قريبا من موصل على فرسخ منها ، وأنزلوا العيال والأطفال ،
وأنزلوا رأس الحسين عليهالسلام من الرمح ، ووضعوه على صخرة ، فقطرت قطرة من دم نحره
الشريف على الصخرة ، فصارت تنبع ويغلي منها الدم كل سنة في يوم عاشوراء ، والناس
مجتمعون إليها في كل سنة ، ويقيمون مراسم العزاء والمأتم على الحسين عليهالسلام في يوم عاشوراء. وبقيت هذه إلى أيام عبد الملك بن مروان ،
فأمر بنقل الحجر ، فلم ير بعد ذلك منه أثر. ولكن بنوا على ذلك المقام قبة وسمّوها
مشهد النقطة.
وفي (مقتل الحسين)
المنسوب لأبي مخنف ، ص ١١٤ قال :
وأنفذوا إلى عامل
موصل أن تلقّانا ، فإن معنا رأس الحسين عليهالسلام فلما قرأ الكتاب أمر بأعلام فنشرت ، والمدينة فزيّنت.
وتداعت الناس من كل جانب ومكان. وخرج الوالي فتلقّاهم على ستة أميال.
فقال بعض القوم :
ما الخبر؟. فقالوا : رأس خارجي خرج بأرض العراق ، قتله عبيد الله بن زياد ، وبعث
برأسه إلى يزيد. فقال رجل منهم : يا قوم ، هذا رأس الحسين عليهالسلام!. فلما تحقّقوا ذلك اجتمعوا في أربعين ألف (وفي رواية :
أربعة آلاف) فارس من الأوس والخزرج ، وتحالفوا أن يقتلوهم ويأخذوا منهم رأس الحسين
عليهالسلام ويدفنوه عندهم ، ليكون فخرا لهم إلى يوم القيامة.
فلما سمعوا ذلك لم
يدخلوا البلد ، وأخذوا على (تل أعفر) ، ثم على جبل سنجار.
تل أعفر ـ سنجار
٤٥١ ـ في تل أعفر
وسنجار :
(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٤٣)
قال أبو مخنف :
فلم يدخل خولي الموصل ... وأخذوا به على طريق البرية ، على جبلة على (تل أعفر) ،
ثم على (سنجار). وساروا على نصيبين على الحصن. وقد ذكرنا عند التعريف بسنجار أنها بلدة واقعة في السفح
الجنوبي لجبل سنجار ، وفيها مزار للسيدة زينب الكبرى عليهاالسلام وهو يقوم على ربوة عالية في مدخل المدينة.
والذي يريد التوجه
من سنجار إلى (نصيبين) لا بدّ له أن يمرّ بمضيق في الجبل ليصير إلى الشمال ، مارا
بوادي (الردّ) في طريقه إلى نصيبين.

(الشكل ١٣) :
مسير السبايا من تل عفر إلى نصيبين مرورا بسنجار
نصيبين
نصيبين بلدة تقع
على الحدود السورية التركية ، محاذية للقامشلي. وقد حدثت فيها حوادث جليلة ، منها
ما حصل مع راهب نصيبين. فلما أحس العسكر بهجوم مرتقب عليهم حاولوا دخول دير الراهب
ليحتموا به ، وباتوا فيه. وإليك قصة ذلك.
٤٥٢ ـ مشهد النقطة
في نصيبين (معالي السبطين ، ج ٢ ص ٧٧)
قال السيد محمّد
مهدي الحائري : ثم ساروا إلى أن وصلوا إلى (نصيبين) وهي مدينة قرب دجلة ، وتقع على
أحد روافد نهر الخابور المتوجهة إلى الحسكة.
عن (كامل البهائي)
: أمر منصور بن إلياس بتزيين البلدة ، فزيّنوها بأكثر من ألف مرآة. فلما دخلوا
أراد الملعون الّذي كان معه رأس الحسين عليهالسلام أن يدخل البلد ، فلم يطعه فرسه. فبدّله بفرس آخر فلم يطعه
، وهكذا ... فإذا بالرأس قد سقط إلى الأرض ، فأخذه إبراهيم الموصلي فتأمل فيه ،
فوجده رأس الحسين عليهالسلام ، فلامهم ووبخهم ، فقتله أهل الشام.
ثم جعلوا الرأس
خارج البلد ، ولم يدخلوا به. ولعل مسقط الرأس الشريف صار مشهدا ومزارا.
يقول السيد
المقرّم في مقتله ، حاشية ص ٤٤٤ :
وفي كتاب (الإشارات
إلى معرفة الزيارات) لأبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي [المتوفى سنة ٦١١ ه] ص ٦٦
قال :
في مدينة نصيبين
مشهد النقطة ، يقال إنه من دم رأس الحسين عليهالسلام. وفي سوق النشّابين مشهد الرأس ، فإنه علّق هناك لما عبروا
بالسبي إلى الشام.
قال أبو مخنف :
فنزلوا إلى نصيبين وشهروا الرأس والسبايا. فلما رأت زينب عليهاالسلام رأس أخيها بكت وأنشأت تقول :
ألم تشهرونا في
البرية عنوة
|
|
ووالدنا أوحى
إليه جليل
|
كفرتم برب العرش
ثم نبيّه
|
|
كأن لم يجئكم في
الزمان رسول
|
لحاكم إله العرش
يا شرّ أمة
|
|
لكم في لظى يوم
المعاد عويل
|
كفر نوبا ـ عين الورد
٤٥٣ ـ في كفر نوبا
ثم رأس العين :
(مخطوطة مصرع
الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٤٣)
قال أبو مخنف :
وأتوا به (كفر نوبا) ، وجازوا به إلى (عين الوردة) وهي رأس العين.
دعوات
٤٥٤ ـ في دعوات : (معالي السبطين ، ج ٢ ص ٧٨)
قال أبو مخنف :
وجعلوا يسيرون إلى عين الوردة ، وأتوا إلى قريب
(دعوات). وكتبوا
إلى عاملها أن تلقّانا ، فإن معنا رأس الحسين عليهالسلام. فلما قرأ الكتاب أمر بضرب البوقات ، وخرج يتلقّاهم.
فشهروا الرأس ودخلوا من باب الأربعين ، فنصبوا رأس الحسين عليهالسلام في الرحبة ، من زوال الشمس إلى العصر ، وأهلها طائفة يبكون
، وطائفة يضحكون وينادون : هذا رأس الخارجي ، خرج على يزيد بن معاوية.
قال : وتلك الرحبة
التي نصب فيها رأس الحسين عليهالسلام لا يجتاز فيها أحد وتقضى حاجته إلى يوم القيامة.
وباتوا ثملين من
الخمور إلى الصباح. فلما ارتحلوا بكى زين العابدين عليهالسلام وأنشأ يقول:
ليت شعري هل
عاقل في الدياجي
|
|
بات من فجعة
الزمان يناجي
|
أنا نجل الإمام
ما بال حقي
|
|
ضائع بين عصبة
الأعلاج
|
٤٥٥ ـ قصة صاحب الدير (معالي السبطين ، ج ٢ ص ٨٢)
قال في (الدمعة
الساكبة) : وفي بعض الكتب القديمة قد روي مرسلا عن بعض الثقات عن أبي سعيد الشامي
، قال : كنت يوما مع الكفرة اللئام الذين حملوا الرؤوس والسبايا إلى دمشق. فلما
وصلوا إلى دير النصارى ، وقع بينهم [أي جاءهم خبر] أن نصر الخزاعي قد جمع عسكرا ،
ويريد أن يهجم عليهم نصف الليل ، ويقتل الأبطال ويجدّل الشجعان ، ويأخذ الرؤوس
والسبايا.
فقال رؤساء العسكر
من عظم اضطرابهم : نلجأ الليلة إلى الدير ، ونجعله كهفا لنا ، لأن الدير كان محكما
لا يقدر أن يتسلط عليه العدو. فوقف الشمر وأصحابه على باب الدير ، وصاح بأعلى صوته
: يا أهل الدير. فجاءه القسيس الكبير. فلما رأى العسكر قال لهم : من أنتم وما
تريدون؟. فقال الشمر : نحن من عسكر عبيد الله بن زياد ، ونحن سائرون إلى الشام.
قال القسيس : لأي غرض؟. قال : كان شخص في العراق قد تباغى وخرج على يزيد بن معاوية
وجمع العساكر ، فبعث عسكرا عظيما فقتلوهم ، وهذه رؤوسهم ، وهذه النسوة سبيهم. قال
: فلما نظر القسيس إلى رأس الحسين عليهالسلام وإذا بالنور ساطع منه إلى عنان السماء ، فوقع في قلبه هيبة
منه. فقال القسيس : ديرنا ما يسعكم ، بل أدخلوا الرؤوس والسبايا إلى الدير ، وأحيطوا
بالدير من خارج ، فإذا دهمكم عدوّ قاتلوه ، ولا تكونوا مضطربين على الرؤوس
والسبايا. فاستحسنوا كلام القسيس ، وقالوا : هذا هو الرأي. فحطّوا رأس الحسين عليهالسلام في صندوق ، وقفلوه وأدخلوه إلى الدير ، هو والنساء وزين
العابدين عليهالسلام وجعلوهم في مكان يليق بهم.
القسّيس يشهد نزول
نساء الأنبياء لتعزية الحسين عليهالسلام :
قال : ثم إن صاحب
الدير أراد أن يرى الرأس الشريف ، وجعل ينظر حول البيت [أي الغرفة] الّذي فيه
الصندوق ، وكان له رازونة [أي كوة] فحطّ رأسه فيها ، فرأى البيت يشرق نورا ، ورأى
أن سقف البيت قد انشق ونزل من السماء تخت عظيم.
وإذا بامرأة أحسن
من الحور جالسة على التخت ، وإذا بشخص يصيح : أطرقوا ولا تنظروا. وإذا قد خرج من
ذلك البيت نساء ، وإذا هنّ حواء وسارة وأم إسماعيل وأم يوسف وأم موسى ومريم وآسية عليهمالسلام ونساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فأخرجن الرأس من الصندوق ، وكل من تلك النساء ـ واحدة
بعد واحدة ـ يقبّلن الرأس الشريف.
فاطمة الزهراء عليهاالسلام ترثي ابنها :
فلما وقعت النوبة
لمولاتنا فاطمة الزهراء عليهاالسلام غشي عليها ، وغشي على صاحب الدير ، وعاد لا ينظر بالعين ،
بل يسمع الكلام ، وإذا بقائلة تقول : السلام عليك يا قتيل الأم ، السلام عليك يا
مظلوم الأم ، السلام عليك يا شهيد الأم ، لا يداخلك همّ ولا غم ، وإن الله تعالى
سيفرّج عني وعنك. يا بنيّ من ذا الّذي فرّق بين رأسك وجسدك؟. يا بنيّ من ذا الّذي
قتلك وظلمك؟. يا بنيّ من ذا الّذي سبى حريمك؟. يا بنيّ من ذا الّذي أيتم أطفالك؟.
ثم إنها بكت بكاء شديدا.
صاحب الدير يكلّم
الرأس الشريف والرأس يكلّمه :
فلما سمع الديراني
(صاحب الدير) ذلك اندهش ووقع مغشيا عليه. فلما أفاق نزل إلى البيت وكسر الصندوق ،
واستخرج الرأس وغسّله وحنّطه بالكافور والمسك والزعفران ، ووضعه في قبلته [أي
مقابله] وهو يبكي ويقول :
يا رأس من رؤوس
بني آدم ، ويا كريم ويا عظيم جميع من في العالم. أظنك من الذين مدحهم الله في
التوراة والإنجيل ، وأنت الّذي أعطاك فضل التأويل ، لأن خواتين [جمع خاتون ، وهي
السيدة الجليلة] السادات من بني آدم في الدنيا والآخرة يبكين عليك ويندبنك. أنا
أريد أن أعرفك باسمك ونعتك.
فنطق الرأس بقدرة
الله تعالى ، وقال : أنا المظلوم أنا المهموم أنا المغموم ، أنا الّذي بسيف
العدوان والظلم قتلت ، أنا الّذي بحرب أهل البغي ظلمت ، أنا الّذي على غير جرم
نهبت ، أنا الّذي من الماء منعت ، أنا الّذي عن الأهل والأوطان بعدت.
فقال صاحب الدير :
بالله عليك أيها الرأس زدني. فقال : إن كنت تسأل عن حسبي ونسبي : أنا ابن محمّد
المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن خديجة الكبرى ،
أنا ابن العروة الوثقى. أنا شهيد.
كربلا ، أنا قتيل
كربلا ، أنا مظلوم كربلا ، أنا عطشان كربلا ، أنا ظمآن كربلا ، أنا وحيد كربلا ،
أنا سليب كربلا ، أنا الّذي خذلني الكفرة بأرض كربلا.
القسيس وتلامذته
يسلمون على يد الإمام زين العابدين عليهالسلام :
قال : فلما سمع
صاحب الدير من رأس الحسين عليهالسلام ذلك ، جمع تلامذته وحكى لهم الحكاية ، وكانوا سبعين رجلا ،
فضجّوا بالبكاء والعويل ، ورموا العمائم عن رؤوسهم ، وشقّوا أزياقهم. وجاؤوا إلى
سيدنا زين العابدين عليهالسلام وقد قطّعوا الزنّار وكسروا الناقوس ، واجتنبوا فعل اليهود
والنصارى ، وأسلموا على يديه ، وقالوا : يابن رسول الله مرنا أن نخرج إلى هؤلاء
الكفار ونقاتلهم ، ونجلي صداء قلوبنا بهم ، ونأخذ بثأر سيدنا ومولانا الحسين عليهالسلام. فقال لهم الإمام عليهالسلام : لا تفعلوا ذلك ، فإنهم عن قريب ينتقم الله تعالى منهم ،
ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر.
توضيح :
وردت عدة قصص
لرهبان وصوامع وأديرة في الطريق ؛ منها ما حصل في أول دير مروا به على شط الفرات ،
ومنها ما حصل لراهب قنّسرين الّذي اطّلع من صومعته ثم كلّم الرأس وأسلم ، ومنها ما
حصل في صومعة الراهب قبل وصولهم إلى دمشق بقليل ، وقد رويناها بعدة طرق وأشكال.
ومنها الرواية الآنفة الذكر وقد وضعناها هنا مسترشدين بالفقرة التالية التي نصّت
على أن أهل البيت عليهمالسلام أقاموا في دير الراهب قبل أن يساقوا إلى حرّان.
٤٥٦ ـ ورود أهل
البيت عليهمالسلام إلى مدينة حرّان : (كتاب : ما جرى بعد
واقعة عاشوراء للحاج محمّد دانشيار شوشتري ، ص ١٠٨ باللغة الفارسية)
يقول صاحب كتاب (روضة
الأحباب) وهو من علماء السنة الموثوقين :
إن شخصا يهوديا
اسمه يحيى الحرّاني كان يسكن على رأس تل قريب من مدينة حرّان. وسمع يوما أن أهل
البيت عليهمالسلام سيقوا من دير الراهب إلى حران ، وسمع
__________________
كذلك أن جماعة
مؤلفة من نساء وأطفال قد أسروا ، ودخلوا حرّان بصحبة رؤوس كثيرة مقطّعة. فخرج يحيى
من بيته ونزل من أعلى التل ، وانتظر وصول القافلة بجوار الطريق. وعندما انجلت
مقدمة القافلة رأى يحيى رؤوسا محمولة على الرماح ، ورأى أهل البيت يساقون وراء
الرؤوس كما يساق الكفار بقوة وعنف. وفي تلك اللحظات وقعت عين يحيى على رأس ابن بنت
المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان نور جماله يشع من بعيد. وعندما حدّق به شاهد شفتيه
المباركتين تتحركان ، فاقترب من الرأس ليسمع ما ذا يقول ، فسمعه يقول : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)
وعندما سمع هذه
الآية المباركة يتلوها الرأس المقطوع ، أخذته الدهشة والذعر والحيرة ، وبشكل عفوي
اقترب من أحد الجنود وسأله عن صاحب الرأس؟. أجابه : هذا رأس الحسين بن علي عليهالسلام. سأله عن اسم أمه؟. أجابه : إنها فاطمة بنت محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم. وسأله عن هوية الأسرى الذين معه؟. أجابه : هؤلاء الأطفال
والنساء هم عائلته. عند ذلك وقع يحيى باكيا ، وقال : أحمد الله أنه انكشف لي أن في
شريعة محمّد ، كل من يمشي في طريق الضلال تكون عقوبته النار الأبدية. وانطلاقا من هذا
المبدأ فإننا نجد أن الأنبياء وأهلهم هم أكثر الناس تحمّلا لألوان الظلم والاضطهاد
والألم والعذاب ، وإن هذه البلية العمياء والداهية الدهياء لهي برهان على هذه
الحقيقة.
عندئذ نطق يحيى
اليهودي بالشهادتين وأسلم لله. وطلب أن يقدّم لأهل البيت كل ما يملك من أدوات
وأغراض ، فرفض العسكر ذلك ومنعوه ، لأنهم خافوا من سلطة يزيد. وبما أن يحيى كان
محبا للحسين عليهالسلام ، وبما أن المحبّين عادة لا ينظرون إلى الربح والخسارة ،
فقد شهر سيفه وقاتل العسكر حتى نال الشهادة ، ودفن بجوار بوابة حرّان ، وسمّي منذ
ذلك الحين (يحيى الشهيد) رضوان الله عليه.
الرّقّة
٤٥٧ ـ في الرقّة :
من المقطوع به
مرور السبايا عليهمالسلام على (الرقة) ، وهي بلدة معروفة تقع على الجانب الأيسر لنهر
الفرات عند التقائه برافد (البليخ). وفي جنوبها وجنوب النهر يقع جبل (صفّين) الّذي
كانت عنده الموقعة المشهورة. ولم يذكر مرورهم عليهالسلام على الرقة في أية رواية ، مع أن مرورهم بها حتمي.
دوسر ـ بالس
٤٥٨ ـ مرور الرأس
الشريف على دوسر ثم بالس :
(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٤٣)
قال أبو مخنف :
وأتوا به (دوسر) ، وأخذوا به تخت (بالس) ونزلوا بها. وكتبوا إلى صاحب حلب ...
فأما دوسر فهي (قلعة
جعبر) وتقع على الفرات بين الرقة وبالس.
وأما بالس [وتدعى
اليوم مسكنة] ففيها مشهد الطرح ، وبها مشهد الحجر الّذي وضع عليه رأس الحسين عليهالسلام عند مرور السبايا بها (انظر التعريف ببالس سابقا).
حلب ـ جبل الجوشن
٤٥٩ ـ وصول الرؤوس
والسبايا إلى حلب :
(تاريخ مشهد
الإمام الحسين في حلب للسيد حسين يوسف مكي ، ص ١١ و ١٢)
وأما (حلب) فلم
تكن مركزا في ذلك الوقت ، وإنما كانت تابعة
ل (قنّسرين) التي
تقع إلى الجنوب الغربي من حلب على بعد ٢٥ كم. وقد كان مبيت (الرؤوس) عند وصولها
إلى حلب على جبل يقع غرب حلب ، هو جبل الجوشن ، سمّي بهذا الاسم نسبة لشمر بن ذي
الجوشن الّذي تولى ذبح الحسين عليهالسلام واقتياد الرؤوس والسبايا والتشهير بهم في البلاد. وذلك
ليبقى هذا الاسم معلنا بفسق الشمر وفجوره وفظاعة أعماله إلى يوم القيامة.
وأما (السبايا)
فقد نزلوا على بعد مائتي متر جنوب مكان الرؤوس. وبقي في هذين المكانين قبل
الارتحال أثران هامان ، الأول : نقطة من دم الحسين عليهالسلام سقطت من الرأس الشريف على الحجر الّذي وضع عليه ، بني
عليها
[مشهد الحسين عليهالسلام]. والثاني : قبر السقط (محسن) الّذي أسقطته إحدى زوجات
الحسين عليهالسلام أثناء مبيت السبايا ، وقد بني عليه [مشهد السقط عليهالسلام].
وقد شاء الله
تعالى أن يظهر أمر هذين الأثرين للوجود ، وأن تكون لتلك الكرامات التي بانت لهذين
المشهدين ، الأثر في نفس سيف الدولة الحمداني ، مما دعاه إلى تشييد مشهد لكل منهما
سنة ٣٥١ ه».
٤٦٠ ـ في جبل
الجوشن (معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص
٧٩)
في (القمقام) عن
ياقوت الحموي في (معجم البلدان) : أن في قرب حلب جبلا اسمه (جوشن) ، وهو جبل مطلّ
على حلب في غربيّها وفيه مقابر ومشاهد للشيعة ، منها مقبرة ابن شهر اشوب صاحب
المناقب. وكان في ذلك الجبل معدن الصفر ، ومنه يحمل النحاس الأحمر.
وفي قبلي الجبل
مشهد يسمى (بمشهد السقط) لأنه لما عبروا بسبي الحسين عليهالسلام ونسائه ، كانت زوجة الحسين عليهالسلام حاملا بولد اسمه (محسن) وأسقطت هناك. والعيال طلبوا من
الصنّاع في ذلك الجبل خبزا وماء وبعض الحوائج ، فشتموهم ومنعوهم ، فدعون عليهم.
ومن ذلك اليوم فقد ذلك المعدن ، ومن عمل فيه لا يربح. فدفن السقط هناك ، وسمي
بمشهد السقط عليهالسلام. وأهل حلب يعبّرون عنه بالشيخ محسّن ، بفتح الحاء وتشديد
السين المكسورة.
وقد تكلمنا سابقا
عند التعريف بمشهد الحسين ومشهد السقط بشكل مستفيض حول تاريخ هذين المشهدين
الكريمين ، وكيف تهدّم مشهد الحسين عليهالسلام في هذا القرن ، ثم أعاد بناءه المجدد الأكبر العلامة السيد
حسين يوسف مكي العاملي طيّب الله ثراه ، سنة ١٩٦٠ م.
قنّسرين
قنّسرين : تعرف
بإسكي حلب ، وكانت مركز جند هام ، وتقع على طريق القوافل بين حلب وأنطاكية (منجد
الأعلام ـ حرف القاف).
٤٦١ ـ البغاة في
قنّسرين : (مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص
١١٦)
قال أبو مخنف :
وأتوا (قنّسرين) وكانت عامرة بأهلها. فلما بلغهم ذلك أغلقوا الأبواب ، وجعلوا
يلعنونهم ويرمونهم بالحجارة ، ويقولون : يا فجرة ، يا قتلة أولاد الأنبياء ، والله
لا دخلتم بلدنا ، ولو قتلنا عن آخرنا. فرحلوا عنهم.
قال : فبكت أم
كلثوم ، وأنشأت تقول :
كم تنصبون لنا
الأقتاب عارية
|
|
كأننا من بنات
الروم في البلد
|
أليس جدي رسول
الله ويلكم
|
|
هو الّذي دلّكم
قصدا إلى الرّشد
|
يا أمة السوء لا
سقيا لربعكم
|
|
إلا العذاب
الّذي أخنى على لبد
|
٤٦٢ ـ راهب
قنّسرين يكلّم الرأس الشريف عليهالسلام :
(البحار للمجلسي ، ج ٤٥ ص ٣٠٣ ط ٣)
في (البحار) عن (المناقب)
عن النّطنزي في (الخصائص) : لما جاؤوا برأس الحسين عليهالسلام ونزلوا منزلا يقال له (قنّسرين) اطّلع راهب من صومعته إلى
الرأس ، فرأى نورا ساطعا يخرج من فيه [أي فمه] ويصعد إلى عنان السماء.
يقول العلامة
المجلسي معلّقا : " كأن هذا الراهب كان يرى ملكوت الأشياء برياضته ورهبانيته
، فرأى النور الساطع من الرأس ، ولا يراه سائر الناس».
فأتاهم بعشرة آلاف
درهم ، وأخذ الرأس وأدخله صومعته. فسمع صوتا ولم ير شخصا ، قال : طوبى لك ، وطوبى
لمن عرف حرمته. فرفع الراهب رأسه وقال : يا رب بحق عيسى عليهالسلام تأمر هذا الرأس بالتكلم معي!. فتكلم الرأس وقال : يا راهب أيّ شيء
تريد؟. قال: من أنت؟. قال : أنا ابن محمّد المصطفى ، وأنا ابن علي المرتضى ، وأنا
ابن فاطمة الزهراء. أنا المقتول بكربلا ، أنا المظلوم ، أنا العطشان. وسكت.
فوضع الراهب وجهه
على وجهه ، فقال : لا أرفع وجهي عن وجهك حتى تقول : أنا شفيعك يوم القيامة. فتكلم الرأس وقال : ارجع إلى دين
جدي محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال الراهب: أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا
رسول الله. فقبل له الشفاعة.
فلما أصبحوا أخذوا
منه الرأس والدراهم. فلما بلغوا الوادي ، نظروا الدراهم قد صارت حجارة.
ولعل هذا الراهب
غير الراهب الّذي ذكرنا قصته فيما قبل ، لأن في طريق الشام كان من الرهبان غير
واحد ، والله العالم».
٤٦٣ ـ راهب
قنّسرين يتولى الرأس الشريف ، ويعتنق الإسلام بسببه :
(البحار ، ج ٤٥ ص ١٧٢ ط ٣ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٢)
ذكر صاحب (العوالم)
عن بعض المناقب القديمة : روي أنه لما حمل رأس الحسين عليهالسلام إلى الشام ، جنّ عليهم الليل ، فنزلوا عند رجل من اليهود ،
فلما شربوا وسكروا قالوا له : عندنا رأس الحسين. فقال : أروه لي. فأروه وهو في
الصندوق يسطع منه النور نحو السماء.
فتعجب منه اليهودي
، فاستودعه منهم (فأودعوه عنده) ، وقال للرأس (وقد رآه
بذلك الحال) :
اشفع لي عند جدك. فأنطق الله الرأس ، فقال : إنما شفاعتي للمحمديين ، ولست
بمحمديّ. فجمع اليهودي أقرباءه ، ثم أخذ الرأس ووضعه في طست ، وصبّ عليه ماء الورد
، وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر ، ثم قال لأولاده وأقربائه : هذا رأس ابن بنت
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثم قال : يا لهفاه
حيث لم أجد جدّك محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فأسلم على يديه. يا لهفاه حيث لم أجدك حيا فأسلم على يديك
وأقاتل بين يديك ، فلو أسلمت الآن أتشفع لي يوم القيامة؟. فأنطق الله الرأس ، فقال
بلسان فصيح : إن أسلمت فأنا لك شفيع. قاله ثلاث مرات ، وسكت. فأسلم الرجل
وأقرباؤه.
يقول العلامة
المجلسي : ولعل هذا اليهودي كان راهب قنّسرين ، لأنه أسلم بسبب رأس الحسين عليهالسلام. وقد جاء ذكره في الأشعار ، وأورده الجوهري والجرجاني في
مراثي الحسينعليهالسلام.
ثم يقول معلقا على
الفكرة الأخيرة : لكن اليهودي لا يكون راهبا تاركا للدنيا ، بل يكون حبرا من
الأحبار.
معرة النعمان
٤٦٤ ـ في معرة
النعمان : (مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص
١١٦)
قال أبو مخنف :
وأتوا إلى (معرّة النعمان) واستقبلوهم وفتحوا لهم الأبواب ، وقدّموا لهم الأكل
والشرب ، وبقوا بقية يومهم.
شيزر (المصدر السابق)
ورحلوا منها
ونزلوا (شيزر) وكان فيها شيخ كبير ، فقال : يا قوم هذا رأس الحسينعليهالسلام ، فتحالفوا أن لا يجوزوا في بلدهم. فلما عاينوا ذلك منهم
لم يدخلوها.
كفر طاب
ذكر ياقوت الحموي
في (معجم البلدان) أن كفر طاب بلدة بين المعرة وبين حلب في البرية ، وهو اشتباه.
وقد ذكر أبو مخنف كما سترى أن السبايا مروا بكفر طاب بعد
شيزر ، وهو اشتباه
أيضا. والصحيح ما ذكره أبو الفداء في (تقويم البلدان) من أن كفر طاب على الطريق
بين المعرة وشيزر ، ذكره العزيزي.
٤٦٥ ـ في كفر طاب (المصدر السابق)
قال أبو مخنف :
وساروا إلى أن وصلوا إلى (كفر طاب) وكان حصنا صغيرا ، فغلّقوا الأبواب عليهم.
فتقدم إليهم خولي فقال : ألستم في طاعتنا فاسقونا الماء. فقالوا : والله لا نسقيكم
قطرة واحدة وأنتم منعتم الحسين عليهالسلام وأصحابه الماء.
سيبور
٤٦٦ ـ قتال في
سيبور (المصدر السابق)
قال أبو مخنف :
فرحلوا عنها وأتوا (سيبور) وهم أيضا غلّقوا الأبواب عليهم. وكان فيها شيخ كبير وقد
شهد عثمان بن عفان ، فجمع أهل سيبور المشايخ والشبان ، فقال : يا قوم إن الله كره
الفتنة ، وقد مرّ هذا الرأس في جميع البلدان ولم يعارضه أحد ، فدعوه يجوز في
بلدكم. فقال الشبان : والله لا كان ذلك أبدا. ثم عمدوا إلى القنطرة فقطعوها ،
فخرجوا عليهم شاكين في السلاح. فقال لهم خولي : إليكم عنا ، فحملوا عليه وعلى
أصحابه فقاتلوهم قتالا شديدا. فقتل من أصحاب خولي ستمائة فارس ، وقتل من الشبان
خمس فوارس.
فقالت أم كلثوم عليهاالسلام : ما يقال لهذه المدينة؟. فقالوا : سيبور ، فقالت : أعذب
الله تعالى شرابهم وأرخص الله أسعارهم ورفع أيدي الظلمة عنهم.
قال أبو مخنف :
فلو أن الدنيا مملوءة ظلما وجورا لما نالهم إلا قسط وعدل.
إلى حماة
٤٦٧ ـ المسير إلى
حماة : (المصدر السابق ، ص ١١٧)
ثم ساروا حتى
وصلوا (حماة) ، فغلّقوا الأبواب في وجوههم ، وصعدوا على السور ، وقالوا : والله لا
تدخلون بلدنا هذا ، ولو قتلنا عن آخرنا. فلما سمعوا ذلك ارتحلوا.
٤٦٨ ـ مسجد الحسين
عليهالسلام قرب حماة (معالي
السبطين ، ج ٢ ص ٧٩)
ذكر في (نفس
المهموم) عن بعض أرباب المقاتل أنه قال : سافرت إلى الحج فوصلت إلى حماة ، فرأيت
بين بساتينها مسجدا يسمى مسجد الحسين عليهالسلام. قال :
فدخلت المسجد
فرأيت في بعض عماراته سترا مسبلا من جدار ، فرفعته ورأيت حجرا منصوبا في الجدار ،
وكان الحجر مؤرّبا فيه موضع عنق رأس أثّر فيه ، وكان عليه دم منجمد. فسألت بعض
خدّام المسجد : ما هذا الحجر والأثر والدم؟. فقال لي : هذا الحجر موضع رأس الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام ، وضعه القوم الذين ساروا به إلى دمشق.
جبل زين العابدين
لقد حاول عساكر
الشمر بعد معرة النعمان أن ينزلوا في عدة بلدات فلم يفلحوا ، فقد منعهم أهل شيزر
وكفر طاب وسيبور من دخول مدنهم والإقامة فيها ، وهؤلاء أهل (طيبة الإمام) يمنعونهم
أيضا ، مما اضطرهم لاتخاذ مكان مناسب للمبيت. وفي نظري أن ذلك المكان هو الربوة الواقعة على بعد ١٠ كم
شمال حماة ، فأقاموا على مرتفعها متحصنين بها من أي مهاجم يمكن أن يباغتهم. ولما
أقام زين العابدين عليهالسلام هناك وصلّى صارت مسجدا مكرما يزوره المؤمنون ويتبركون به ،
وسمّي مقام زين العابدين عليهالسلام.

(الشكل ١٤)
مسير السبايا من معرة النعمان إلى حماة مرورا بطيبة الإمام
والظاهر أنهم قبل
وصولهم إلى حماة ، مروا ببلدة سميت (طيبة الإمام) فاحتفل أهلها بالسبايا ، مما
اضطر الشمر إلى سحبهم منها إلى التلة الواقعة شمال حماة من جهة الشرق (مقام زين
العابدين) ، وهي محاذية ل (قمحانة) التي تبعد ٦ كم شمال حماة (انظر الشكل ١٤).
ولعل مقام زين
العابدين عليهالسلام هذا ، هو غير المسجد الّذي ذكر آنفا ، فقوله (فرأيت بين
بساتينها مسجدا ... إلى آخر الرواية) يوحي بأن القوم قبل صعودهم إلى الربوة
ومبيتهم بها ، وضعوا الرأس الشريف قريبا من حماة منتظرين جواب أهلها بالسماح لهم
بالدخول ، فقطرت قطرة دم من الرأس الشريف فأقاموا عليها مسجدا ، اعترافا بمنزلة
الحسين عليهالسلام وكرامته عند الله.
الرستن
٤٦٩ ـ في الرستن :
(مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ، ص ٤٤)
قال أبو مخنف : ثم
رحلوا إلى مدينة (حما) وهم مذعورون ، فغلّقوا الأبواب في وجوههم ، ومنعوهم من الدخول
إليها. فأجازوه من شرقيّها إلى
(الرستن). وكتبوا
إلى صاحب حمص ...
٤٧٠ ـ خبر درّة
الصدفية من حلب : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٠)
قصة امرأة جريئة
مقدامة جهّزت كتيبة من المقاتلين ، وخرجت من حلب حتى التقت بجيش شمر وخولي في
الطريق ، وحاولت تخليص رأس الحسين عليهالسلام والسبايا من الأعداء ، فلم تستطع لكثرتهم ، فرجعت.
نجد قصتها في (أسرار
الشهادة) ؛ كما نجد قصتها أيضا في (مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد) ص ٤٤ وما
بعدها ، عدة صفحات ، اكتفينا بالاشارة إليها.
حمص
٤٧١ ـ مطاردة أهل
حمص للأوغاد :
(مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص ١١٧)
قال أبو مخنف :
وساروا إلى حمص ، وكتبوا إلى صاحبها : أن معنا رأس الحسين عليهالسلام. وكان أميرها خالد بن النشيط. فلما قرأ الكتاب أمر
بالأعلام
فنشرت ، والمدينة
فزيّنت. وتداعى الناس من كل جانب ومكان. وخرج فتلقّاهم على مسيرة ثلاثة أميال. وشهروا
الرأس ، وساروا حتى أتوا باب
(حمص).
فازدحمت الناس
بالباب ، فرموهم بالحجارة ، حتى قتل ستة وعشرون فارسا. وأغلقوا الباب في وجوههم ،
وقالوا : يا قوم ، أكفر بعد إيمان ، وضلال بعد هدى. لا تتركوا رأس ابن بنت نبيّكم
يجوز في مدينتكم.
فخرجوا ووقفوا عند
كنيسة قسيس نصارى ، وهي دار خالد بن النشيط. فتحالفوا أن يقتلوا خولي ويأخذوا منه
الرأس ، ليكون فخرا لهم إلى يوم القيامة. فبلغهم ذلك فرحلوا عنهم خائفين ، وأتوا
بعلبك.
٤٧٢ ـ في كنيسة
جرجيس الراهب في حمص :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٢)
نقل عن الشعبي أنه
لما أتوا بالسبايا إلى حمص ومنعوهم من الدخول ، دخلوا بالرأس الشريف من باب الرستن
، وأتوا به إلى كنيسة جرجيس الراهب ، وباتوا هناك. وساروا طالبين حوشبة [لعلها
تصحيف : جوسية]. ثم جاؤوا بعلبك.
خندق الطعام
٤٧٣ ـ في خندق
الطعام :
(نور العين في مشهد الحسين لاسحق الاسفريني ، ص ٨٦)
ثم ساروا إلى أن
أقبلوا إلى حمص. فكتبوا لحاكمها : تلقّانا فإن معنا رأس خارجي. فلما وصله الكتاب
أمر بنصب الأعلام ، وخرج ولاقاهم وأكرمهم غاية الإكرام.
ثم ارتحلوا إلى (خندق
الطعام) فغلّق أهلها الأبواب ، فارتحلوا إلى (جوسية).
جوسية
٤٧٤ ـ في جوسية (مخطوطة مصرع الحسين ـ مكتبة الأسد ،
ص ٤٤)
قال أبو مخنف :
حدّثني من حضر ذلك اليوم (بجوسية) أن حاكمها جرّد فيها زهاء
أربعة آلاف سيف ،
وتحالفوا أنهم يقتلون خولي ، ويأخذون الرأس ويدفنونه بجوسية ، ليكون لهم فخرا
وعزا.
اللبوة
٤٧٥ ـ مرورهم
باللبوة (المصدر السابق)
قال أبو مخنف :
فبلغ ذلك خولي ، فمالوا عن البلد ، وعبروا إلى (اللبوة) ، وكتبوا إلى صاحب بعلبك
...
بعلبك
٤٧٦ ـ في بعلبك (مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف ، ص
١١٨)
قال أبو مخنف :
وأتوا (بعلبك). وكتبوا إلى صاحبها أن تلقّانا ، إن معنا رأس الحسين. فأمر بالجواري
أن يضربن الدفوف ، ونشرت الأعلام ، وضربت البوقات ، وأخذوا بالفرح والسرور ،
مزيّنين وملطّخين رؤوسهم بالزعفران. واستقبلوا القوم ستة أميال ، وسقوهم الماء
والفقّاع [أي البيرة] والسويق والسكر ، وهم يرقصون ويغنّون ويصفّقون ، وباتوا
ثملين.
فقالت أم كلثوم عليهاالسلام : ما يقال لهذا البلد؟. قالوا : بعلبك. فقالت : أباد الله
كثرتهم وخضراتهم ، ولا أعذب الله شرابهم ، ولا رفع الظلم عنهم.
قال : فلو أن
الدنيا مملوءة عدلا وقسطا ، لما نالهم إلا ظلم وجور.
(أقول) : هذا كان
حالهم حين كانوا أعداء لأهل البيت عليهمالسلام ، أما الآن فهم على العكس من ذلك ، وهم من أكبر الموالين
لهم ، زادهم الله كثرة وخضرة.
أما ما ذكر عن
خولة بنت الحسين عليهماالسلام من قصة في بعلبك ، فلست أرجّحها لأن الإمام الحسين عليهالسلام لم تكن له ابنة بهذا الاسم ، كما حّققت في كتابي (أنساب
العترة الطاهرة) فليراجع.
صومعة الراهب
٤٧٧ ـ في صومعة
الراهب (المصدر السابق)
قال أبو مخنف :
وباتوا في بعلبك يأكلون ويشربون الخمور إلى الصباح. ثم
ارتحلوا إلى طريق
الحي ، فأدركهم المساء عند (صومعة راهب) فنزلوا ، وأسندوا الرأس إليها ، فأنشأ زين
العابدين عليهالسلام يقول :
هو الزمان فما
تفنى عجائبه
|
|
عن الكرام ولا
تفنى مصائبه
|
فليت شعري إلى
كم ذا تجاذبنا
|
|
صروفه وإلى كم
ذا نجاذبه
|
يسيّرونا على
الأقتاب عارية
|
|
وسائق العيس
يحمى عنه غاربه
|
كأننا من سبايا
الروم بينهم
|
|
أو كلّ ما قاله
المختار كاذبه
|
كفرتم برسول
الله ويلكم
|
|
يا أمة السوء قد
ضاقت مذاهبه
|
قال أبو مخنف :
فلما جنّ الليل دفعوا الرأس إلى جانب الصومعة. فلما عسعس الليل سمع الراهب دويّا
كدويّ النحل ، فعلم أنه تسبيح الملائكة ، واستأنس من أنوار ساطعة. فأخرج الراهب
رأسه من الصومعة ، فنظر إلى رأس الحسين عليهالسلام وإذا هو يسطع نورا
إلى عنان السماء. ونظر إلى باب قد فتح من السماء والملائكة ينزلون كتائبا كتائبا ،
ويقولون : السلام عليك يابن رسول الله ، السلام عليك يا أبا عبد الله. فجزع الراهب
جزعا شديدا.
فلما أصبحوا همّوا
بالرحيل ، فأشرف الراهب عليهم ، ونادى : من هو عميدكم والمقدّم عليكم؟. فقالوا :
خولي بن يزيد. فقال الراهب : وما الّذي معكم؟. قالوا : رأس خارجي خرج بأرض العراق ، قتله عبيد الله بن
زياد. فقال : ما اسمه؟. قالوا : الحسين بن علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة الزهراء ،
وجده محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال الراهب :
تبّا لكم ولما جئتم في طاعته. لقد صدقت الأخبار في قولها ، أنه إذا قتل هذا الرجل
تمطر السماء دما ، ولا يكون هذا إلى بقتل نبي أو وصي نبي.
ثم إنه أدخل رأسه
إلى الصومعة وخرّ مغشيا عليه. فلما أفاق قال : صدقت الأخبار ، لأنهم قالوا : يقتل
في هذا الوقت نبي أو ابن بنت نبي أو وصي.
ثم قال : أريد أن
تدفعوا إليّ هذا الرأس ساعة واحدة وأردّه عليكم. فقال خولي : ما كنت بالذي أكشفه إلا عند يزيد ، وآخذ منه الجائزة. فقال
الراهب : وكم جائزتك؟. فقال : بدرة [أي صرّة] فيها عشرة آلاف درهم. فقال الراهب :
أنا أعطيك البدرة. فقال: أحضرها. فأحضرها الراهب ودفعها إليهم ، فدفعوا له الرأس
وهو على القناة.
فأخذه الراهب ،
وجعل يقبّله ويبكي ويقول : يعزّ والله عليّ يا أبا عبد الله أن لا أواسيك بنفسي ،
وأن لا أكون أول شهيد أستشهد بين يديك. ولكن يا أبا عبد الله إذا لقيت جدك رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأقرئه مني السلام ، وأخبره أني على قول : أشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا رسول الله ، وأشهد أن عليا ولي الله.
ودفع الرأس إليهم.
فجعلوا يقتسمون الدراهم ، وإذا هي بأيديهم خزف مكتوب عليها : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ
مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
فقال خولي لأصحابه
: اكتموا هذا الخبر ، يا ويلكم عن الخزي بين الناس.
٤٧٨ ـ (رواية
مشابهة) خبر الرأس وصاحب الدير :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٧٤)
فنزلوا بعض
المنازل ، وفي ذلك المنزل دير فيه راهب. فأخرجوا الرأس على عادتهم ، ووضعوه على
الرمح ، وحرسه الحرس على عادتهم ، وأسندوا الرمح إلى الدير. فلما كان في نصف الليل
رأى الراهب نورا من مكان الرأس إلى عنان السماء.
فأشرف على القوم
وقال : من أنتم؟. قالوا : نحن أصحاب ابن زياد. قال : وهذا رأس من؟. قالوا : رأس
الحسين بن علي بن أبي طالب ، ابن فاطمة بنت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : نبيّكم؟!. قالوا : نعم. قال : بئس القوم أنتم ، لو
كان للمسيح عليهالسلام ولد لأسكنّاه أحداقنا!.
ثم قال : هل لكم
في شيء؟. قالوا : وما هو؟. قال : عندي عشرة آلاف دينار ، تأخذونها وتعطوني الرأس ،
يكون عندي تمام الليلة ، وإذا رحلتم تأخذوه؟. قالوا : وما يضرّنا!. فناولوه الرأس وناولهم الدنانير. فأخذه الراهب
فغسّله وطيّبه ، وتركه على فخذه ، وقعد يبكي الليل كله.
فلما أسفر الصبح
قال : يا رأس لا أملك إلا نفسي ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن جدك محمدا
رسول الله ، وأشهد الله أنني مولاك وعبدك.
ثم خرج عن الدير
وما فيه ، وصار يخدم أهل البيت عليهمالسلام.
قال ابن هشام في (السيرة)
: ثم إنهم أخذوا الرأس وساروا. فلما قربوا من دمشق ، قال بعضهم لبعض : تعالوا حتى
نقسم الدنانير ، لا يراها يزيد فيأخذها منا.
فأخذوا الأكياس
وفتحوها ، وإذا الدنانير قد تحولت خزفا ، وعلى أحد جانبي الدينار مكتوب : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا
يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢]
وعلى الجانب الآخر : (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
فرموها في (برداء) وهو نهر بدمشق.
دير النصارى
قصة الراهب رويت
بأشكال متعددة ، والرواية التالية تذكر أحداثها في
(دير النصارى) والراوي هو (أسلم)
الّذي علم أن الله لن يغفر له. وسترد قصته الأساسية عند الحديث على هند زوجة يزيد
في دمشق ، في اليوم الثاني من إقامة السبايا هناك.
٤٧٩ ـ (رواية
ثالثة) في دير النصارى : (بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٤ ط ٣)
في كتاب (الخرايج
والجرايح) للقطب الراوندي ، عن سليمان بن مهران الأعمش ، قال : بينما أنا في
الطواف بالموسم إذا رأيت رجلا يدعو وهو يقول : الله م اغفر لي ، وأنا أعلم أنك لا
تغفر!.
قال : فارتعدت
لذلك ، ودنوت منه وقلت : يا هذا أنت في حرم الله وحرم رسوله ، وهذه أيام حرم في
شهر عظيم ، فلم تيأس من المغفرة؟!.
قال : يا هذا ذنبي
عظيم. قلت : أعظم من جبل تهامة؟. قال : نعم. قلت : يوازن الجبال الرواسي؟. قال :
نعم ، فإن شئت أخبرتك به. قلت : أخبرني. قال : اخرج بنا عن الحرم ، فخرجنا منه.
ما حصل للرأس
الشريف في دير النصارى :
فقال لي : أنا أحد
من كان في العسكر المشؤوم ، عسكر عمر بن سعد ، حين قتل الحسين عليهالسلام. وكنت أحد الأربعين الذين حملوا الرأس إلى يزيد من الكوفة. فلما حملناه على
طريق الشام ، نزلنا على دير للنصارى ، وكان الرأس معنا مركوزا على رمح ، ومعه
الأحراس. فوضعنا الطعام وجلسنا لنأكل ، فإذا بكفّ في حائط الدير تكتب (على الحائط)
:
أترجو أمة قتلت
حسينا
|
|
شفاعة جدّه يوم
الحساب
|
قال : فجزعنا من
ذلك جزعا شديدا ، وأهوى بعضنا إلى الكف ليأخذها فغابت. ثم عاد أصحابي إلى الطعام ، فإذا الكف قد عادت تكتب :
فلا والله ليس
لهم شفيع
|
|
وهم يوم القيامة
في العذاب
|
فقام أصحابنا
إليها ، فغابت. ثم عادوا إلى الطعام ، فعادت تكتب :
وقد قتلوا
الحسين بحكم جور
|
|
وخالف حكمهم حكم
الكتاب
|
فامتنعت وما
هنّأني أكله.
ثم أشرف علينا
راهب من الدير ، فرأى نورا ساطعا من فوق الرأس ، فأشرف فرأى عسكرا.
فقال الراهب
للحراس : من أين جئتم؟. قالوا : من العراق ، حاربنا الحسين. فقال الراهب : ابن فاطمة بنت نبيّكم ، وابن ابن عم نبيّكم!.
قالوا : نعم. قال : تبّا لكم ، والله لو كان لعيسى بن مريم ابن لحملناه على
أحداقنا!.
ولكن لي إليكم
حاجة. قالوا : وما هي؟. قال : قولوا لرئيسكم : عندي عشرة آلاف دراهم ، ورثتها من
آبائي ، يأخذها مني ويعطيني الرأس يكون عندي إلى وقت الرحيل ، فإذا رحل رددته إليه؟.
فأخبروا عمر بن سعد بذلك [فيه توهّم ، فالذي أتى بالرأس إلى الشام هو زحر بن قيس
ولم يكن عمر بن سعد معهم]. فقال : خذوا منه الدنانير وأعطوه الرأس إلى وقت الرحيل.
فجاؤوا إلى الراهب فقالوا : هات المال حتى نعطيك الرأس ، فأدلى إليهم جرابين ، في
كل جراب خمسة آلاف درهم. فدعا ابن سعد بالناقد والوزّان ، فانتقدها ووزنها ودفعها
إلى خازن له ، وأمر أن يعطي الرأس.
ما فعل الراهب
بالرأس الشريف :
فأخذ الراهب الرأس
فغسّله ونظّفه وحشاه بمسك وكافور كان عنده ، ثم جعله في حريرة ووضعه في حجره [أي
حضنه]. ولم يزل ينوح ويبكي حتى نادوه وطلبوا منه الرأس. فقال : يا رأس ، والله لا أملك إلا نفسي ،
فإذا كان غدا فاشهد لي عند جدك محمّد ، أني أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا
عبده ورسوله. أسلمت على يديك وأنا مولاك.
وقال لهم : إني
أحتاج أن أكلم رئيسكم بكلمة وأعطيه الرأس ، فدنا عمر بن
سعد ، فقال :
سألتك بالله وبحق محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا تعود إلى ما كنت تفعله بهذا الرأس ، ولا تخرج بهذا
الرأس من هذا الصندوق. فقال له : أفعل. فأعطاه الرأس. ونزل الراهب من الدير يلحق ببعض الجبال يعبد الله. ومضى عمر
بن سعد ففعل بالرأس مثلما كان يفعل في الأول.
الدنانير تتقلب
خزفا :
فلما دنا من دمشق
قال لأصحابه : انزلوا. وطلب من الجارية الجرابين فأحضرت بين يديه. فنظر إلى خاتمه
، ثم أمر أن يفتح ، فإذا الدنانير قد تحولت خزفية. فنظروا في سكّتها فإذا على
جانبها مكتوب : (وَلا تَحْسَبَنَّ
اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢]
وعلى الجانب الآخر مكتوب : (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
فقال (ابن سعد) : إنا لله وإنا إليه راجعون ، خسرت الدنيا والآخرة.
ثم قال لغلمانه :
اطرحوها في النهر ، فطرحت.
ورحل إلى دمشق من الغد
، وأدخل الرأس إلى يزيد.
(أقول) : لعل هذا
الراهب أو أحد الرهبان الذين استضافوا رأس الحسين عليهالسلام عندهم ، كان رساما ، فلما أخذ الرأس ونظّفه وعطّره ، أخذ
ورقة ورسمه بوضعه الحاضر.
وقد رأيت في متحف
الإمام الرضا عليهالسلام في مشهد ، صورة لرأس الحسين عليهالسلام من رسم راهب مسيحي ، منقولة عن النسخة الأصلية الموجودة في
أحد متاحف إيطاليا ، وقد كتب تحت الصورة :
صورة الرأس
المبارك لحضرة الحسين بن علي عليهالسلام الّذي استشهد في الحرب سنة ٦١ ه وكان عمره ٥٧ سنة. وهي
منقولة عن صورة رسمها راهب مسيحي في ذلك الوقت ، والأصل موجود في متحف إيطاليا».
حجر قرب دمشق
٤٨٠ ـ قصة حجر قرب
دمشق : (معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص
٨٠)
في (أسرار الشهادة)
قال الدربندي : في موضع قريب من دمشق حجر عظيم هو شبيه بالأسد ، فإذا كان يوم
عاشوراء يفور من موضع عينيه الدم الكثير. قيل : إنه وضع عليه رأس الحسين عليهالسلام حين مسير الكفار وجند ابن زياد إلى الشام.
٤٨١ ـ حال يزيد
عند وصول البريد بمجيء رأس الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٣ ط ٢)
فلما وردوا إلى
دمشق جاء البريد إلى يزيد ، وهو معصّب الرأس ، ويداه ورجلاه في طشت من ماء حار ،
وبين يديه طبيب يعالجه. وعنده جماعة من بني أمية يحادثونه. فحين رآه قال له : أقرّ
عينيك بورود رأس الحسين. فنظر شزرا ، وقال : لا أقرّ الله عينيك!.
ثم قال للطبيب :
أسرع واعمل ما تريد أن تعمل.
قال : فخرج الطبيب
عنه ، وقد أصلح جميع ما أراد أن يصلحه.
ثم إنه أخذ كتابا
بعثه إليه ابن زياد وقرأه ، فلما انتهى إلى آخره عضّ على أنامله حتى كاد أن يقطعها
، ثم قال : إنا لله وإنا إليه راجعون. ودفعه إلى من كان حاضرا ، فلما قرؤوه قال
بعضهم لبعض : هذا ما كسبت أيديكم.
فما كان إلا ساعة
، وإذا بالرايات قد أقبلت ، ومن تحتها التكبير.
٤٨٢ ـ زحر بن قيس
يقصّ على يزيد ما حدث في كربلاء :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٦ ؛ والإرشاد للمفيد ، ص ٢٤٥)
وسبق زحر بن قيس
برأس الحسين عليهالسلام إلى دمشق ، حتى دخل على يزيد فسلّم عليه ، ودفع إليه كتاب
عبيد الله بن زياد. فأخذ يزيد الكتاب ووضعه بين يديه.
روى عبد الله بن
ربيعة الحميري (وفي تذكرة الخواص : ربيعة بن عمر) قال : إني لعند يزيد بن معاوية
بدمشق ، إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل عليه. فقال له يزيد : ويلك ما وراءك وما عندك؟. فقال زحر : أبشر يا أمير المؤمنين
بفتح الله عليك وبنصره إياك ؛ فإنه ورد علينا الحسين بن علي في اثنين وثمانين رجلا
من إخوته وأهل بيته وشيعته (وفي الإرشاد : في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته ، وستين
من شيعته) ، فسرنا إليهم ، وسألناهم أن يستسلموا أو ينزلوا على حكم الأمير عبيد
الله بن زياد ، فأبوا علينا ، فاختاروا القتال على الاستسلام ، فعدونا عليهم من
شروق الشمس إلى أن أضحى النهار ، فأحطنا بهم من كل ناحية. حتى إذا أخذت السيوف
مآخذها من هام الرجال ، جعلوا يهربون إلى غير وزر [أي ملجأ] ويلوذون منا بالآكام
والحفر ، كما يلوذ الحمام من الصقر. فو الله يا أمير المؤمنين ما كان إلا كجزر
جزور ، أو كإغفاءة القائل [أي النائم بعد الظهر] حتى أتينا على آخرهم. فهذه رؤوسهم
،
وهاتيك أجسادهم
بالعراء مجرّدة ، وثيابهم بالدماء مزمّلة ، وخدودهم بالتراب معفّرة. تصهرهم الشمس
وتسفي عليهم الريح. زوّارهم الرخم والعقبان ، والذئب والضبعان.
فأطرق يزيد ساعة ،
ثم رفع رأسه وبكى. وقال : والله يا هذا لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين.
أما لو أني صاحبه لعفوت عنه ، ولكن قبّح الله ابن مرجانة [يقصد عبيد الله بن زياد].
جملة تعليقات :
من عادة الملوك ،
وخاصة العتاة البغاة مثل يزيد ، أن يظهروا أنفسهم أمام الناس على غير حقيقتهم ،
ولا يخفى ذلك على اللبيب. ففي المقطعين السابقين فقط يمكن أن نلاحظ ما يلي من
الأكاذيب والمغالطات :
١ ـ استنكار يزيد
على صاحب البريد تبشيره بوصول رأس الحسين عليهالسلام ، ليوهم الحاضرين أنه غير راض عما حصل ، وأن ذلك كان تصرفا
شخصيا من ابن زياد ، مع أنه هو الّذي أمره بقتل الحسين عليهالسلام وأصحابه ، وسبي عياله وأطفاله ، بتلك الحالة التي تنفطر
منها قلوب الرجال فضلا عن صمّ الجبال.
٢ ـ عضّ يزيد على
أنامله حتى كاد يقطعها حين قرأ رسالة عبيد الله بن زياد ، مع أنه هو الّذي أمره
بإنجاز كل ما فعل ، لأن يزيد أصلا غير مؤمن لا بالحسين ولا بالإسلام ، كما تقرر
كلماته وتصريحاته وأشعاره التي ذكرها فيما بعد.
٣ ـ صوّر زحر بن
قيس ليزيد ومن في مجلسه ، أن الحسين عليهالسلام وأصحابه جبناء يفرّون من وقع السيوف على الهام إلى الحفر
والآكام ، وهذا تدليس على الواقع وقلب لكل الوقائع. فالبطولة التي أبداها الحسين عليهالسلام وأصحابه لا زالت مثار إعجاب العالمين فضلا عن المسلمين ،
فقد كانوا يلقون أنفسهم على المنية وكأنها الغادة الرعبوب.
٤ ـ كي يهوّن زحر
ما حصل في كربلاء ، قال : فو الله يا أمير المؤمنين ما كان إلا كجزر جزور [أي
المدة التي يستغرقها ذبح جمل] أو كإغفاءة القائل [أي غفوة الّذي ينام بعد الظهر]
حتى أتينا عن آخرهم مع أن معركة كربلاء استمرت عدة ساعات ، رغم عدم التكافؤ الكلي
بين عدد أنصار الحسين عليهالسلام وهم في حدود المئة ، وبين أنصار يزيد وعددهم ينوف على
ثلاثين ألفا.
ملاحظة : تنصّ آخر
رواية على أن زحر أدخل الرأس الشريف على يزيد قبل وصول السبايا عليهمالسلام والرؤوس الأخرى ، فإذا علمنا أن دخول السبايا إلى دمشق كان
في ١ صفر ومعهم الرؤوس كلها في مهرجان كبير ، فكيف نوفّق بين الأمرين.
(أقول) : إذا صحت
رواية زحر ، فلا بدّ أنهم أعادوا رأس الحسين عليهالسلام بعد إدخاله على يزيد وضموه إلى بقية الرؤوس عند وصولها إلى
دمشق. وعندما سمح يزيد لهم بالدخول ، أدخلوا السبايا والرؤوس ، يتقدمها رأس الحسين
عليهالسلام ، وكل رأس مرفوع على قناة ، وعدد الرؤوس ١٨ رأسا.
الفصل التاسع والعشرون
الرؤوس والسبايا في دمشق
ويتضمن :
ـ ورود السبايا على دمشق
ـ استقبال الرؤوس والسبايا خارج دمشق
ملف دمشق القديمة والمسجد الجامع
١ ـ تاريخ مدينة دمشق :
ـ دمشق العمّورية
ـ الآرامية
ـ اليونانية ـ الرومانية
ـ البيزنطية
٢ ـ دمشق الإسلامية ـ
قصر الخضراء ـ قصر
يزيد ـ باب الساعات
٣ ـ أبواب دمشق العشرة ـ
استمرارية الأبواب
ـ أبواب دمشق
الداخلية
٤ ـ المسجد الجامع ـ
مخطط المسجد الجامع
ـ المنارات
والمآذن ـ القباب في الصحن
ـ قاعات المسجد
ومشاهده
حوادث أول يوم من صفر
١ ـ دخول الرؤوس والسبايا دمشق
٢ ـ من أي الأبواب
أدخلوا الرؤوس والسبايا؟
٣ ـ مسيرة الرؤوس
والسبايا في دمشق
٤ ـ استبشار يزيد
٥ ـ الرأس الشريف
يتكلم!
٦ ـ خبر هند زوجة
يزيد مع زينب العقيلة عليهالسلام
٧ ـ موكب النصر
يدخل دمشق
٨ ـ إيقاف السبايا
على درج المسجد الجامع
ـ الشيخ المغرّر
به
٩ ـ إدخال الرؤوس
على يزيد :
ـ مدخل حول ترتيب الحوادث
في اليوم الأول
ـ موقف مروان بن
الحكم وأخيه عبد الرحمن
ـ حامل الرأس يشرح
ليزيد ما حدث في كربلاء
ـ تعنيف هند
لزوجها يزيد
ـ شمر يطلب
الجائزة
١٠ ـ إدخال
السبايا على يزيد في مجلس عام :
ـ كيف أدخل
السبايا على يزيد وهم مقرّنون بالحبال
ـ من الّذي غلب؟
ـ نساء يزيد
يولولن عند دخول السبايا
ـ محاورة سكينة
بنت الحسين عليهالسلام ليزيد
١١ ـ إدخال الرأس
المطهّر :
ـ يزيد يتفاخر على
الحسين عليهالسلام
ـ يزيد يضرب الرأس
الشريف
ـ شماتة يزيد
١٢ ـ منكرون
وناقمون :
ـ استنكار أبي
برزة الأسلمي
ـ استنكار سمرة بن
جندب
ـ استنكار الحسن
البصري
١٣ ـ الشعر الّذي
تمثّل به يزيد
ـ يزيد مع السجّاد
عليهالسلام
ـ خطبة زينب عليهالسلام بالشام
ـ الشامي مع فاطمة
بنت الحسين عليهالسلام
ـ زينب عليهالسلام تشكك بإسلام يزيد
١٤ ـ صلب الرؤوس :
ـ خالد بن معدان
يختفي
١٥ ـ حبس السبايا
في الخربة
اليوم الثاني من صفر
١ ـ إحضار السبايا إلى مجلس يزيد مرة
ثانية
اليوم الرابع من صفر
١ ـ رؤيا سكينة عليهالسلام
٢ ـ يزيد يستشير
النعمان بن بشير الأنصاري
الأيام التالية
١ ـ رؤيا الطفلة
رقية بنت الحسين عليهالسلام ووفاتها
٢ ـ مجالس الشراب
:
ـ استنكار رأس
الجالوت بن يهوذا
ـ استنكار جاثليق
النصارى
ـ استنكار رسول
ملك الروم وإسلامه ـ حديث كنيسة الحافر
يوم الجمعة الثامن من صفر
١ ـ الخطيب الأموي
الّذي اشترى مرضاة المخلوق بسخط الخالق
٢ ـ خطبة زين
العابدين عليهالسلام على منبر مسجد دمشق
ـ حبر من أحبار
اليهود ينتقد يزيد
ـ خبر المنهال بن
عمرو
٣ ـ الإفراج عن
السبايا :
ـ يزيد يستشير أهل
الشام ماذا يفعل بالسبايا؟
ـ دخول السبايا
على نساء يزيد في داره
ـ إنزال السبايا
في دار تتصل بدار يزيد
ـ إقامة المآتم
على الحسين عليهالسلام في دار يزيد ثلاثة أيام
ـ خبر السّبحة
اليوم التاسع من صفر
١ ـ إكرام يزيد لزين العابدين عليهالسلام
ـ لماذا سمّى
الحسين عليهالسلام عدة من أولاده باسم أبيه علي عليهالسلام
ـ مبارزة بين عمرو
بن الحسن عليهالسلام وخالد بن يزيد
ـ رؤيا عجيبة
للرأس الشريف في بيت يزيد (قصة أسلم)
ـ هند زوجة يزيد
ترى النور ينبعث من الرأس الشريف
٢ ـ رؤيا هند
ـ السبايا يطلبن
النواحة على الحسين عليهالسلام سبعة أيام
ـ الحاجات الثلاث
التي وعد بها يزيد الإمام زين العابدين عليهالسلام
٣ ـ خوف يزيد من
ازدياد المعارضة عليه :
ـ نصيحة مروان
بتسيير السبايا إلى المدينة
ـ أهل الشام
ينتبهون من غفلتهم وينقمون على يزيد
ـ من الّذي قتل
الحسين عليهالسلام حقا
ـ ندم يزيد حين لا
ينفع الندم
ـ الدوافع
الحقيقية لتغيير يزيد معاملته مع زين العابدين عليهالسلام
٤ ـ محاولة يزيد
التنصل من جريمته :
ـ غضب يزيد على
ابن زياد لتغطية جريمته
ـ تنصّل يزيد من
دم الحسين عليهالسلام وترحمه عليه
٥ ـ قتل الحسين عليهالسلام ثأر لقتلى بدر من الكفار :
ـ كيفية حمل
الرؤوس والسبايا إلى الشام
ـ موقف يزيد من
ابن زياد
ـ الجريمة تلبس
يزيد مهما حاول اختلاق المبررات والمعاذير
ـ يزيد هو الآمر
الفعلي لقتل الحسين عليهالسلام
حوادث تالية
١ ـ تسيير الرأس
الشريف إلى مصر :
ـ بدعة وضع الحدوة
للبركة
ـ دفن الرأس
الشريف في عسقلان
ـ نقل الرأس
الشريف من عسقلان إلى الفسطاط (القاهرة)
ـ إقامة ذكرى
الحسين عليهالسلام في مصر
ـ تعصب الإخشيديين
على الشيعة في مصر
٢ ـ تسيير الرأس
الشريف إلى المدينة
٣ ـ أحفاد الجناة
في كربلاء
ـ تفاخر بعض الأسر
الشامية بالمشاركة في قتل الحسين عليهالسلام
٤ ـ مدفن رأس
الحسين عليهالسلام :
ـ في دمشق
ـ في المدينة
ـ في الكوفة
ـ في عسقلان ثم
القاهرة
ـ في كربلاء
الفصل التاسع
والعشرون
الرؤوس والسبايا في
دمشق
٤٨٤ ـ توقيت
الحوادث في دمشق : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٠)
قال الفاضل
الدربندي :
الغافل يظنّ أن ما
وقع في أيام متعددة ، أنه وقع في يوم واحد ، وهو يوم دخول الحرم والسبايا دمشق ،
بل يظنّ أيضا أن ما وقع من رخصة يزيد وإذنه لأهل البيت عليهالسلام وغيرهم ، بأن يقيموا مأدبة المأتم والتعزية والندبة على
سيد الشهداء عليهالسلام ، فقد وقع أيضا في ذلك اليوم!. مع أن الأمر ليس كذلك أبدا.
وكيف لا؟ فإن وقوف
أهل البيت عليهالسلام ومكثهم في الحبس في المكان الخراب مما قد دلت عليه روايات
معتبرة. ثم بعد غضّ النظر عن كل ذلك أقول : إن الرواة ما أجروا الكلام من جهة
الترتيب على نهج واحد.
فإن أبا مخنف ذكر
أولا ما نقلناه عنه من مقالات يزيد حين إحضاره الرأس الشريف بين يديه ، ثم ذكر
دخول هند بنت عبد الله زوجة يزيد عليه. ثم ذكر دخول الشمر عليه. ثم ذكر قصة رأس
الجالوت. ثم ذكر قضية جاثليق النصارى ، ثم ذكر قضية خروج جارية من قصر يزيد ،
وقولها له : قطع الله يديك ورجليك. ثم بعد ذلك كله قال : ثم استدعى يزيد الحرم
فوقفوا بين يديه ، فنظر إليهن وسأل عنهن ... إلى آخر ما ذكره.
ثم ذكر بعد ذلك
قضية نقل سكينة ما رأته في منامها.
ثم ذكر قضية صعود
الإمام زين العابدين عليهالسلام على المنبر.
هذا والعجب منه
حيث يستفاد من ظاهر كلامه أن كل ذلك إنما وقع في يوم واحد ، بل ما ذكر بعد ذلك
أيضا ، وذلك من قضية أمر يزيد الناس بقراءة القرآن بعد الصلوات الخمس ، ومن قضية
أن يزيد أقام خطيبا ، وقال : يا أهل الشام إني ما قتلت الحسين ... إلى آخر ما
ذكره.
هذا اللهم إلا أن
يقال إن تلك القضايا وإن لم تكن واقعة في يوم واحد ، إلا أن مقصود أبي مخنف كان هو
الإشارة إلى محض الترتيب ، ولم يلاحظ في ذلك تعيين يوم كلّ واقعة من الوقائع ، ولا
ذكر الأيام على نهج التفصيل.
وكيف كان ، فإن
الظاهر من كلمات غير أبي مخنف أن ساعة أمر يزيد بإحضار الرؤوس المطهرة الى مجلسه
في اليوم الّذي دخل الحرم والسبايا دمشق ، كانت ساعة أمره بإحضار الحرم والسبايا
أيضا إلى مجلسه ...
ورود السبايا على دمشق
٤٨٥ ـ خولي يطلب
من يزيد الخروج لاستقباله :
(نور العين في مشهد الحسين لأبي اسحق الإسفريني ، ص ٨٧)
ثم كتب (خولي) إلى
يزيد كتابا يقول فيه : نهنّئ أمير المؤمنين ونعلمه أن معنا رأس عدوك الحسين وحريمه
وأطفاله ، ونحن قريب من دمشق ، فاخرج لنا وتلقّنا.
ثم طوى الكتاب
وأرسله مع رسول من عنده. فلم يزل سائرا إلى أن دخل دمشق ، وسلّم الكتاب ليزيد ،
فقرأه وفهم معناه.
فأمر بتجهيز
العساكر فجهزوا ، ثم أمرهم أن يخرجوا لملاقاتهم. فخرجوا من باب (جيرون) وباب (توما)
وهم عشرون ألفا ، ومعهم الرايات منشورة ، وألسنتهم بالتهليل والتكبير مشهورة. ولم
يزالوا حتى لاقوا القوم ، وأتوا بهم إلى دمشق.
وفي (مقتل أبي
مخنف) ص ١٢١ قال :
وأمر يزيد بمائة
وعشرين راية ، وأمرهم أن يستقبلوا رأس الحسين عليهالسلام فأقبلت الرايات ومن تحتها التكبير والتهليل ، وإذا بهاتف
ينشد ويقول :
جاؤوا برأسك
يابن بنت محمّد
|
|
متزمّلا بدمائه
تزميلا
|
لا يوم أعظم
حسرة من يومه
|
|
وأراه رهنا
للمنون قتيلا
|
فكأنما بك يابن
بنت محمّد
|
|
قتلوا جهارا
عامدين رسولا
|
ويكبّرون بأن
قتلت ، وإنما
|
|
قتلوا بك
التكبير والتهليلا
|
استقبال الرؤوس والسبايا خارج دمشق
٤٨٦ ـ تزيين دمشق
الشام :
(حياة الإمام الحسين عليهالسلام لباقر شريف القرشي ، ج ٣ ص ٣٦٨)
وأمرت حكومة دمشق
الدوائر الرسمية وشبه الرسمية والمحلات العامة والخاصة بإظهار الزينة والفرح ،
للنصر الّذي أحرزته في قتل الحسين عليهالسلام وسبي ذريته.
ويصف بعض المؤرخين
تلك الزينة بقوله :
ولما بلغوا (أي
السبايا) ما دون دمشق بأربعة فراسخ ، استقبلهم أهل الشام ، وهم ينثرون النّثار فرحا وسرورا ، حتى بلغوا بهم قريب البلد ، فوقفوهم عن
الدخول ثلاثة أيام وحبسوهم هناك ، حتى تتوفر زينة الشام ، وتزويقها بالحلي والحلل
والحرير والديباج ، والفضة والذهب وأنواع الجواهر ، على صفة لم ير الراؤون مثلها ،
لا قبل ذلك اليوم ولا بعده.
٤٨٧ ـ استقبال أهل
الشام للسبايا :
(المصدر السابق)
ثم خرجت الرجال
والنساء والأصاغر والأكابر والوزراء والأمراء ، واليهود والمجوس والنصارى وسائر
الملل إلى التفرّج ، ومعهم الطبول والدفوف والبوقات والمزامير ، وسائر آلات الله
وو الطرب. وقد كحلوا العيون وخضبوا الأيدي ، ولبسوا أفخر الملابس وتزينوا أحسن
الزينة. ولم ير الراؤون أشدّ احتفالا ولا أكثر اجتماعا منه ، حتى كأن الناس كلهم
قد حشروا جميعا في صعيد دمشق.
٤٨٨ ـ بقاء الرؤوس
والسبايا ثلاثة أيام خارج دمشق ريثما تقام مراسم الزينة لمهرجان النصر :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٣)
عن (كامل البهائي)
: أوقفوا أهل البيت عليهالسلام على باب الشام ثلاثة أيام ، حتى يزيّنوا البلد. فزيّنوها
بكل حلي وزينة ومرآة كانت فيها ، فصارت بحيث لم تر عين مثلها.
__________________
٤٨٩ ـ كيف
استقبلهم أهل الشام : (المصدر السابق ، ص ٨٤)
ثم استقبلهم من
أهل الشام زهاء خمسمائة ألف [نصف مليون] من الرجال والنساء مع الدفوف. وخرج أمراء
الناس مع الطبول والصنوج والبوقات. وكان فيهم ألوف من الرجال والشبان والنسوان يرقصون
ويضربون بالدفّ والصنج والطنبور. وقد تزيّن جميع أهل الشام بأنواع الثياب والكحل
والخضاب. وكان خارج البلدة من كثرة الخلائق كعرصة المحشر ، يموج بعضها في بعض.
فلما ارتفع النهار
أدخلوا الرؤوس البلد ، ومن ورائها الحرم والأسارى من أهل البيتعليهمالسلام.
٤٩٠ ـ عجوز على
الروشن تضرب رأس الحسين عليهالسلام بحجر :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٣)
عن أبي مخنف ، قال
سهل : ورأيت روشنا عاليا [الرّوشن : هو الرف أو الشرفة] فيه خمس نسوة ومعهن عجوز
محدودبة الظهر. فلما صارت بإزاء رأس الحسين عليهالسلام وثبت العجوز وأخذت حجرا وضربت به ثنايا الحسين عليهالسلام.
فلما رأى علي بن
الحسين عليهالسلام ذلك دعا عليها ، وقال : الله م عجّل بهلاكها وهلاك من
معها. فما استتم دعاءه حتى سقط الروشن ، فسقطن بأجمعهن ، فهلكن وهلك تحته خلق
كثير.
(وفي رواية أخرى)
أن الملعونة اسمها (أم هجّام) ، فلما رأت رأس الحسين عليهالسلام وهو على رمح طويل ، وشيبته مخضوبة بالدماء ، قالت : لمن
هذا الرأس المتقدم ، وما هذه الرؤوس التي خلفه؟. فقالوا لها : هذا رأس الحسين وهذه
رؤوس أصحابه. ففرحت فرحا عظيما ، وقالت : ناولوني حجرا لأضرب به رأس الحسين ، فإن
أباه قتل أبي وبعلي [أي زوجي]. فناولوها حجرا فضربت به وجه الحسين عليهالسلام.
وقيل : ضربت ثنايا
الحسين عليهالسلام فأدمته ، وسال الدم على شيبته.
٤٩١ ـ خبر العجوز
أم هجّام : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٣١١)
قال الفاضل
الدربندي : لما قرب السبايا من دمشق مرّوا بقصر عال ، وكانت عجوز جالسة فيه يقال
لها أم هجّام ، ومعها وصائفها وجواريها. فلما رأت رأس
الإمام المظلوم عليهالسلام وهو على قناة طويلة وشيبه مخضوب بالدماء ، قالت العجوز : ما هذا الرأس
المتقدم ، وما هذه الرؤوس المشالة على الرماح؟. فقيل لها : إن هذا رأس الحسينعليهالسلام ، وهذه رؤوس إخوته وأولاده وعترته. ففرحت فرحا عظيما ،
فقالت لواحدة من وصائفها : ناوليني حجرا لأضرب به وجه الحسين. فأتتها فضربت به رأس
الحسينعليهالسلام ، فسال الدم على وجهه وشيبه.
فالتفتت إليه أم
كلثوم ، فرأت الدم الجديد سائلا على وجهه ولحيته ، فلطمت وجهها ونادت : وا غوثاه
وا مصيبتاه وا محمداه وا علياه وا فاطمتاه وا حسناه وا حسيناه. ثم غشي عليها.
فقالت زينب عليهالسلام : من فعل هذا بوجه أخي ونور بصري؟. فقيل لها : هذه العجوز
الملعونة. فقالت : اللهم أهجم عليها قصرها ، وأحرقها بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
قال : فما استتم
كلامها إلا وقد هجم عليها قصرها ، وأضرمت النار فيه ، فماتت واحترقت. وهكذا كلّ من
كان معها في القصر.
فقالت زينب عليهالسلام : الله أكبر من دعوة ما أسرع إجابتها.
٤٩٢ ـ أم كلثوم
تطلب من شمر تقديم الرؤوس على السبايا ، ليشتغل الناس بها عن النظر إليهن :
(مثير الأحزان ، ص ٧٧ ؛ واللهوف ، ص ٧٣)
ولما قربوا من
دمشق دنت أم كلثوم من شمر ، فقالت له : لي إليك حاجة!. فقال : ما حاجتك؟. قالت : إذا دخلت بنا البلد ، فاحملنا في
درب قليل النظّارة ، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحّونا
عنها ، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا ، ونحن في هذه الحال. فأمر في جواب سؤالها
أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغيا منه وكفرا ، وسلك بهم [طريقا]
بين النظارة على تلك الصفة ، حتى أتى بهم باب دمشق. فوقفوا على درج باب المسجد
الجامع حيث يقام السبي.
ملف : دمشق القديمة والمسجد الجامع
لمحة عن دمشق القديمة
والمسجد الجامع
١ ـ تاريخ مدينة دمشق
كانت دمشق منذ
آلاف السنين بحيرة مترامية الأطراف تسمى «بحيرة دمشق الكبرى» ، تبدأ من خانق
الربوة غربا ، وتنتهي بالعتيبة شرقا. وهذه البقعة بما حباها الله من تكوين ومعطيات
بدت وكأنها قطعة من الجنة. فجبل قاسيون يحرسها من الشمال الغربي ، وسلسلته الممتدة
إلى الزبداني خضعت في العصور الجيولوجية الموغلة في القدم لهدم شديد عجيب ، شقّ
فيها أخدودا عميقا ، ثم فجّر منها ينابيع أجرت في الأخدود أنهارا ، مما شكّل في
وهدتها بحيرة عظيمة عذبة المياه ، تحيط بها المرتفعات من كل جانب ، وتمتد إلى
الشرق إلى ما يسمى اليوم بحيرة العتيبة. وحول هذه البحيرة العظيمة تكاثفت الأشجار
وغرّدت الأطيار ، فإذا أنت وكأنك تعيش في فردوس من الجنة.
وكانت مياه
الأمطار التي تهطل في ذلك الوقت على المنطقة غزيرة جدا ، مما سمح بتشكل تلك
البحيرة العظمى.
ثم ما برحت المياه
مع الزمن تنقص رويدا رويدا ، لتبدّل مناخ المنطقة وسيره نحو الجفاف ، فبدأت
البحيرة الكبرى تصغر شيئا فشيئا ، وتبدو التلال الموجودة فيها. وكان الإنسان يعيش
في تلك الفترة في المناطق العالية من جبل قاسيون ، وخاصة في منطقة برزة ، التي
كانت منطقة الكهوف. ومع انحسار البحيرة بدأ الإنسان ينزل مقتربا من البحيرة. ولما
كانت البحيرة مليئة بأنواع السمك ، فكنت ترى على أحد التلال وسط البحيرة صيادي
السمك يدلون بقصباتهم إلى الماء لصيد السمك ، فسمّي هذا التل لذلك : تلّة
السمّاكة. وكانت تبدو وسط البحيرة المنحسرة أربع تلات بارزة ، هي : تلة السماكة ،
والتلة الواقعة في مكان الخراب (تلة الحمراوي) ، وتلة القصاع (سفل التلة). وأما
التلة الثالثة فهي أكبرها ، وهي التي أنشئ عليها فيما بعد المعبد ، الّذي تحوّل
إلى المسجد الأموي اليوم ، بينما بني القصر الآرامي على تلة السماكة.
واستمر انحسار
البحيرة الصافية حتى زالت (منذ ٩ آلاف سنة) ، تاركة مكانها سبعة فروع لنهر بردى ،
تخترق البقعة من الغرب إلى الشرق ، ثم تجتمع لتصبّ في بحيرة العتيبة ، التي هي
البقية الباقية من بحيرة دمشق الكبرى.
ومرت السنون ... ومرّ
في تلك الواحة الساحرة (منذ ٧ آلاف سنة) دمشق بن إرم بن سعد بن عاد من أحفاد سام
بن نوح عليهالسلام وقد أتى من اليمن ، فأعجب بتلك الآية الإلهية وخلبت لبّه ،
ففكر ببناء مدينة في تلك المنطقة ، فكانت دمشق. وأول ما بدأ بعمله هو بناء المعبد
، وكان له ولدان : أحدهما اسمه (جيرون) والآخر (بريد) ، فبنى لهما قصرين على أعمدة
، أحدهما من الشرق (وهو قصر جيرون) ، والآخر من الغرب (وهو قصر بريد) ، وفتح لكل
قصر منهما بابا إلى المعبد ، فسمّي كل واحد من القصرين باسم صاحبه.
دمشق العمورية
(٣٥٠٠ ـ ١٥٠٠ ق. م)
بدأت دمشق تأخذ
شكلها كبلدة هامة في عهد العمّوريين الذين غزوها من الشمال ، وكانت تضمّ المعبد (حدد)
وأبوابه الخارجية الأربعة : باب جيرون من الشرق ، وباب الفراديس من الشمال ، وباب
البريد من الغرب ، والباب الجنوبي الّذي كان يمتد منه طريق مباشر إلى قصر الملك ،
الّذي يقع في جنوب المعبد عند الشارع المستقيم (مدحت باشا اليوم) ، وذلك قريبا من
تلّة السمّاكة.

(الشكل ١٥)
مخطط دمشق العمورية
فكانت دمشق في
العهد العمّوري عبارة عن مستطيل يحده من الشمال نهر بردى (فرع بانياس) ، ويمتد من
الجنوب إلى تلة السماكة ، وكانت دمشق تضم المعبد شمالا والقصر جنوبا ، وبينهما
أسواق البيع (ومنها سوق البزورية اليوم).
دمشق الآرامية (١٥٠٠ ـ ٧٠٠ ق. م)
ولما نزح
الآراميون من الجزيرة العربية وجاؤوا سورية (بعد ألف عام من العموريين) ، ضاقت بهم
دمشق وسورها القديم ، حين اتخذوها عاصمة لهم ، فأنشؤوا سورا جديدا أوسع من الأول ،
امتد شرقا إلى جادة باب توما التي تنتهي بالقشلة. ومن الجنوب إلى ساحة الخضرة (نهاية
شارع الأمين). ومن الغرب إلى بيمارستان نور الدين في أول الحريقة. أما من الشمال
فقد كان توسع السور ضئيلا لوجود النهر ، وقد وصل قريبا من مقام السيدة رقية عليهالسلام اليوم.
دمشق اليونانية (٣٣٣ ـ ٦٤ ق. م)
استمر حكم
الآراميين لدمشق ٨٠٠ عام ، ثم قام الإسكندر المقدوني بهجومه الواسع على الشرق ،
فوقعت دمشق تحت الحكم اليوناني. وفي هذه الفترة توسعت دمشق شرقا ، فبنى اليونانيون
حي القصاع خارج السور الآرامي ، وسكنوه.
وظهر أثر اليونان في
دمشق في طريقة البناء ، وخصوصا في ذلك العنصر الأساسي لكل مدينة ، وهو الساحة
العامة المعروفة باسم (آغورarogA) حيث تقام السوق ويجتمع المواطنون
ويحتفلون (انظر الشكل ١٦). ويصل بين الساحة والمعبد طريق رئيسي هو شارع النوفرة
اليوم ، الذي مرّت منه الرؤوس وسبايا أهل البيت عليهمالسلام بعد دخولهم من باب توما في طريقهم إلى قصر يزيد.
دمشق الرومانية (٦٤ ق. م ـ ٦٣٥ م)
وفي عام ٦٤ ق. م
احتل الرومان دمشق. ونتيجة التوسع المستمر اضطروا لبناء سور جديد هو السور الحالي
تقريبا. وفتحوا طريقا رئيسيا يخترق دمشق من الشرق (باب شرقي) إلى الغرب (باب
الجابية) سمّوه الشارع المستقيم ، ويسمى اليوم السوق الطويل (أو سوق مدحت باشا)
بطول ١٥٠٠ م.
وقد أقام الرومان
فوق معبد (حدد) معبدا وثنيا للإله جوبيتر (نجم المشتري). ولا تزال بعض آثاره
الضخمة الشاهقة ماثلة حتى اليوم ، كما في باب البريد ، الّذي هو الباب الغربي
للمعبد.

(الشكل ١٦) : دمشق اليونانية
ولا بأس أن ننوه
أن لكل باب من أبواب المعبد الأربعة بابين : باب ملاصق للمعبد ، وباب يبعد عنه
قليلا ، وبينهما ممر مغطى برواق على هيئة دهليز محمول على قناطر. ويظهر هذا جليا
في باب جيرون الشرقي ، فالباب الشرقي للجامع الأموي اسمه باب جيرون ، وعلى بعد ٥٠
مترا منه إلى الشرق يقع باب ضخم له بوابة رئيسية وبابين صغيرين على جنبيه ، ويدعى
هذا الباب أيضا باب جيرون ، وبين البابين سوق صغير يدعى سويقة جيرون ، تقع فيه
النوفرة. ولتمييز هذا الباب عن باب الجامع اعتمدنا على تسميته باب جيرون الداخلي.
دمشق البيزنطية
(٣٩٥ ـ ٦١٤ م)
وما لبث الأمر حتى
جاء البيزنطيون ، وهم نصارى اتخذوا القسطنطينية عاصمة لهم ، فهدموا المعبد ،
وأقاموا في نصفه الغربي كنيسة سميت باسم (كنيسة يوحنا المعمدان) على اسم النبي
يحيى عليهالسلام.
ثم احتل دمشق
الفرس الساسانيون فترة من الزمن ، حتى فتحها المسلمون.
٢ ـ دمشق الإسلامية
(٦٣٥ م ـ حتى الآن)
فتح المسلمون
مدينة دمشق عام ٦٣٥ م [١٣ ه] ، وعيّن عمر بن الخطاب أميرا عليها معاوية بن أبي
سفيان. وكان من شروط الفتح أن يكون نصف المعبد الشرقي للمسلمين ، ونصفه الغربي
للمسيحيين ، حيث كانت في هذا النصف كنيستهم المشهورة المسماة كنيسة يوحنا
المعمدان. وظل المسلمون إلى عهد عبد الملك بن مروان يصلّون في النصف الشرقي ، حيث
عملوا فيه محرابا سمّوه محراب الصحابة ، وهو آخر محراب من محاريبه الأربعة اليوم ،
من الجهة الشرقية للمسجد.
قصر الخضراء
حين حوّل الرومان
معبد (حدد) إلى معبد جوبيتر ، بنوه على نظام السورين : الكبير هو سور الحرم ،
والصغير هو سور المعبد (انظر الشكل ١٧). ولما جاء المسيحيون جعلوا الجزء الغربي من
المعبد كنيسة. وعند الفتح الإسلامي جعل المسلمون الجزء الشرقي من المعبد مسجدا.
ولما حكم معاوية
دمشق وجد الحاجة ماسة إلى بناء قصر له ، فلم يجد أفضل من الفراغ الجنوبي الشرقي
الواقع بين سور المعبد وسور الحرم ، لبناء ذلك القصر ،

لا سيما وأنه قريب
من المسجد ، ومن الأماكن القليلة المتروكة بلا بناء في المدينة. فبنى دار الإمارة
إلى الجنوب الشرقي من المسجد بدون فاصل ، وسماها الخضراء نسبة إلى القبة الخضراء
التي كانت تعلوها.
وتحول القصر بعد
معاوية إلى دار للملك ، يقطنها من يتولى الخلافة من بني أمية. ثم تهدم القصر حين
أحرقه العباسيون ، وبني مكانه ما يسمى اليوم سوق الصاغة (القديمة).
وكان قبر معاوية
في الحديقة الشرقية لقصر الخضراء ، فظل حتى اليوم ضمن المنطقة التي تسمى"
زقاق الخضراء". وقد أوهم الأمويون الناس أن قبر معاوية في باب الصغير ، حتى
لا ينبشه العباسيون ويحرقوه.
قصر يزيد (جيرون سابقا)
وكان من الطبيعي
أن يؤمّن معاوية لأبنائه قصورا ، لا سيما لولده الوحيد المدلل يزيد ، فأعطاه القصر
الشرقي (جيرون) الملاصق للمعبد من الجهة الشمالية الشرقية. وحين تولى يزيد السلطة
بعد أبيه ، جعل قصر الخضراء لأمور الحكم والقضاء ، بينما خصص قصره الخاص لأهل بيته
ولمنامه ، حيث أدخل عليه الرؤوس والسبايا ، وظهرت كرامات الرأس الشريف ، وذلك
عندما وضع في إحدى غرف القصر ، التي تعرف اليوم باسم «مشهد رأس الحسين عليهالسلام» وبجانبها الغرفة التي فيها المحراب الّذي كان يصلي فيه
الإمام زين العابدين عليهالسلام حين قرّبه يزيد وأدخله قصره لغايات سياسية.
وحين جاء الوليد
بن عبد الملك ، كانت الحساسية قد اشتدت بين المسلمين والمسيحيين ، نتيجة تداخل
أصوات النواقيس والأذان ، وكان في همه توسيع المسجد ، فاشترى الكنيسة ، وأعاد بناء
مكان المعبد كله كمسجد فخم ، وحوّل المنارتين الشرقية والغربية إلى مئذنتين ، وبنى
مئذنة جديدة على الطراز الإسلامي في منتصف السور الشمالي ، سميت لجمالها : مئذنة
العروس.
وكان دخول الناس
إلى المعبد في عهد معاوية من الباب الروماني الكبير الواقع في منتصف السور الجنوبي
للمعبد ، فيدخل المسلمون من اليمين إلى مسجدهم ، ويدخل المسيحيون من اليسار إلى
كنيستهم. ولما أعاد الوليد عمارة المسجد سدّ
هذا الباب لقربه
من قصر الخضراء ، وشقّ عوضا عنه بابا جديدا سمّي «باب الزيادة» ، وهو باب الصاغة
اليوم.
باب الساعات
وأنشئت فيما بعد
عند هذا الباب ساعة ميكانيكية ، فسمي باب الساعات. وظل الأمر كذلك حتى احترق قصر
الخضراء ، فانتقل مدخل القصر من الجهة الجنوبية للمسجد إلى الجهة الشرقية حيث
سويقة جيرون (النوفرة) ، وأقيمت عند باب المسجد (جيرون) ساعة عظيمة عوضا عن
السابقة. وقد وصف ابن جبير هذه الساعة في رحلته. وهذان البابان لا علاقة لهما بباب
الساعات الّذي ورد ذكره في النصوص القديمة ، وهو أحد الأبواب التي أوقف رأس الحسين
عليهالسلام عندها قبل إدخاله إلى يزيد في قصره.
وستجد تحقيقا
ولأول مرة عن هذا الباب فيما بعد.
٣ ـ أبواب دمشق العشرة
كانت أبواب دمشق
في عهد معاوية ويزيد هي الأبواب الرومانية. ويمكن النظر إلى دمشق القديمة على أنها
نصف دائرة قطرها الشمالي يشكل نهر بردى. ومن هذه الجهة الشمالية يقع باب توما وباب
الفراديس. ويحدها من الشرق باب شرقي ، ومن الغرب باب الجابية ، وبينهما الشارع
المستقيم الوحيد في دمشق ، وهو الشارع الّذي بناه الرومان ، ويسمى اليوم السوق
الطويل ، أو سوق مدحت باشا. ويحدها من الجنوب باب كيسان ، وباب الصغير (انظر الشكل
١٨). وقد أنشأ المسلمون فيما

(الشكل ١٨)
أبواب دمشق القديمة
بعد عدة أبواب ،
مثل باب الجنيق وباب السلامة وباب الفرج وباب النصر. فصار مجموع الأبواب عشرة.
استمرارية الأبواب
تعرضت دمشق
القديمة إلى التوسع عبر آلاف السنين ، مما شكّل لها عدة أسوار : السور العمّوري ،
والسور الآرامي ، والسور الروماني ، وهو نفسه الإسلامي. والذي يلفت نظرنا في هذا الموضوع هو التوسع من جهة الشمال ،
أعني من جهة باب الفراديس. فليس غريبا أن نرى اليوم ثلاثة أسوار متقاربة من هذه
الجهة ، توافقها ثلاثة أبواب كلها تدعى باب الفراديس ؛ الأول العموري (وهو القريب
من المسجد) ، والأوسط الآرامي ، والثالث الروماني (وهو البعيد). والأخير هو الّذي
ظل حتى اليوم ، بينما أهمل البابان الآخران وزالا.
وفي حين نجد بعدا
واضحا بين هذه الأسوار الثلاثة من الجهات الأخرى ، فإننا نرى اقتراب هذه الأسوار
من بعضها من الناحية الشمالية ، وذلك لعدم إمكانية التوسع من هذه الجهة لوجود نهر
بردى (فرع بانياس) الذي يجري ملاصقا للسور الشمالي.
وسوف نتكلم عن هذه
الأبواب الشمالية بالتفصيل فيما بعد ، عند كلامنا عن استمرارية الأبواب.
أبواب دمشق الداخلية
يظهر في (الشكل ١٧)
كيف أن لكل باب من أبواب المسجد الجامع دهليزا مغطى يمتدّ إلى مسافة عشرات الأمتار
، يدخل من خلاله إلى المسجد. وفي نهاية كل دهليز باب كبير يسمى بنفس الاسم.
ولتمييز هذا الباب عن باب المسجد نضيف إليه كلمة (داخلي). فباب جيرون وهو الباب
الشرقي للمسجد له دهليز طويل يدعى سويقة جيرون ، وينتهي الدهليز من الشرق بباب ضخم
يدعى باب جيرون الداخلي ، ولهذا الباب الرئيسي بابان صغيران عن يمينه وعن شماله.
وقد تهدم أعلى القوس بينما ظل البابان الجانبيان ، اللذان طمر قسمهما الأكبر تحت
الأرض نتيجة علو سطح الأرض عدة أمتار عن السابق نتيجة الزلازل والحروب. ولباب
البريد وهو الباب الغربي للمسجد دهليز مشابه للسابق ، وهو ما كان يسمى بالمسكية ،
ينتهي من
الغرب بباب ضخم هو
باب البريد الداخلي ، الّذي بقيت بعض آثاره وتهدّم البعض الآخر ، ولا يزال جزء عال
منه ماثلا للعيان ، وهو من العهد الروماني.
وأما من الجهة
الشمالية ، فلباب الفراديس (الناطفيين) دهليز أيضا ، لكن بابه الداخلي غير موجود
اليوم.
وأما باب الزيادة
، فكان له دهليز مغطى ، ولا تزال بقايا الأعمدة التي كانت تحمل الأقواس على الصفين
، ولا نعلم إن كان له باب داخلي أم لا.
٤ ـ المسجد الجامع
يسمى أكبر مسجد في
دمشق بجامع دمشق ، أو المسجد الجامع. وهو الذي يعرف اليوم بجامع بني أمية.
لقد كان موقع هذا
المسجد مكانا مخصصا للعبادة منذ القديم ، فكان معبد (حدد) في عهد الآراميين ، ثم
معبد (جوبيتر) في عهد الرومان ، ثم كنيسة يوحنا المعمدان في عهد البيزنطيين ، إلى
أن تمّ تحويله إلى مسجد إسلامي في عهد الوليد بن عبد الملك.
مخطط المسجد الجامع
يتألف الجامع من
قسم شمالي مكشوف هو الصحن ، تحيط به أروقة مسقوفة ، ومن قسم جنوبي مغطى هو حرم
المسجد المعدّ للصلاة.
المنارات والمآذن
كان في الزوايا
الأربع للمعبد أربع صوامع (أبراج) قبل أن يصير جامعا ، فتهدمت الصومعتان
الشماليتان من القديم ، ولم تجددا.
ولما بنى الوليد
المسجد رفع فوق الصومعتين الجنوبيتين ، المئذنتين الشرقية والغربية ، وبنى مئذنة
العروس في وسط الجدار الشمالي. وتسمى المئذنة الشرقية مئذنة عيسى عليهالسلام لأنه يقال إن عيسى عليهالسلام سوف ينزل منها في آخر الزمان. بينما تسمى المئذنة الغربية
مئذنة قايتباي ، لأنه أعاد بناءها السلطان المملوكي قايتباي عام ٨٩٣ ه بعد أن
احترقت.

(الشكل ١٩) : مخطط المسجد الجامع
القباب في الصحن
هناك ثلاث قباب في
الصحن :
الأولى : القبة
الغربية ، وتسمى قبة المال أو قبة الخزنة ، وهي أكبرها ، وكان فيها مصاحف بالخط
الكوفي ، ثم نقلت إلى اسطنبول. وقيل إنها كانت مخزنا لمال الجامع وهداياه الثمينة.
الثانية : القبة
الشرقية ، وتعرف بقبة زين العابدين عليهالسلام ، ويقال إنها بنيت في زمن المستنصر العبيدي سنة ٤٥٠ ه ،
وكتب عليها اسمه وأسماء الأئمة الاثني عشر عليهالسلام. ثم سميت قبة الساعات ، إذ كانت فيها ساعات المسجد.
الثالثة : القبة
المضروبة على بركة الماء وسط الصحن ، وهي قبة صغيرة مثمنة في وسطها أنبوبة نحاس
تمجّ الماء ، بنيت لوضوء المصلّين سنة ٣٦٩ ه. وقد أزيلت من فترة ، ثم أعيد
إنشاؤها كالسابق.
قاعات المسجد ومشاهده
توجد في الجهات
الأربع من الجامع أربع قاعات كبيرة مستطيلة ، موزعة على جانبي البابين الشرقي
والغربي ، سمّيت بالمشاهد ، ونسبت إلى الخلفاء الراشدين الأربعة. الأولى إلى يسار
الداخل من باب البريد ، وتدعى مشهد عثمان ، وهي قاعة الاستقبال اليوم. والثانية
إلى يمين الداخل من هذا الباب ، وتدعى مشهد عمر. والثالثة إلى يسار الداخل من باب جيرون ، وتدعى مشهد أبي
بكر. والرابعة إلى يمين الداخل من هذا الباب ، وتدعى مشهد الإمام علي ابن أبي طالب
عليهالسلام ، ويتصل بها مشهد الإمام زين العابدين عليهالسلام ، ومشهد رأس الحسين عليهالسلام. والمشهدان الأخيران هما جزء من قصر يزيد.
وستجد وصفا مفصلا
للمشاهد الثلاثة الأخيرة فيما بعد.
حوادث أول يوم من صفر
(يوم الجمعة أول صفر سنة ٦١ ه)
دخول الرؤوس والسبايا دمشق
٤٩٣ ـ يوم دخول
الرؤوس والسبايا إلى دمشق :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٣)
في (نفس المهموم)
: قال الكفعمي وشيخنا البهائي والمحدّث الكاشاني :
في أول يوم من صفر
أدخل رأس الحسين عليهالسلام إلى دمشق الشام وهو عيد عند بني أمية ، وهو يوم تتجدد فيه الأحزان عندنا.
٤٩٤ ـ عيد بعاصمة
الخلافة الأموية : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦)
قال سهل بن سعد
الشهرزوري :
خرجت إلى بيت
المقدس حتى توسطت الشام ، فإذا أنا بمدينة مطّردة الأنهار كثيرة الأشجار ، قد
علّقوا الستور والحجب والديباج ، وهم فرحون مستبشرون ، وعندهم نساء يلعبن بالدفوف
والطبول. فقلت في نفسي : لعل لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن!. فرأيت قوما يتحدثون ،
فقلت : يا هؤلاء ، ألكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟. قالوا : يا شيخ نراك غريبا.
فقلت : أنا سهل ابن سعد ، قد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحملت حديثه. فقالوا : يا سهل ما أعجبك [أن] السماء لا
تمطر دما ، والأرض لا تخسف بأهلها؟!. قلت : ولم ذاك؟. فقالوا : هذا رأس الحسين
ثمرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يهدى من أرض العراق إلى الشام ؛ وسيأتي الآن!. قلت : وا عجباه أيهدى
رأس الحسين عليهالسلام والناس يفرحون!. فمن أي باب يدخل؟.
وفي (المنتخب)
للطريحي ، ص ٢٨٩ :
__________________
فقالوا : الرأس
يدخل من هذا الباب. فوقفت هناك ، وكلما تقدموا بالرأس كان أشدّ لفرحهم وارتفعت
أصواتهم. وإذا برأس الحسين عليهالسلام والنور يسطع من فيه كنور رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. فلطمت على وجهي وقطعت أطماري وعلا بكائي ونحيبي ، وقلت :
وا حزناه للأبدان السليبة النازحة عن الأوطان ، المدفونة بلا أكفان. وا حزناه على
الخدّ التريب ، والشيب الخضيب. يا رسول الله ليت عينك ترى رأس الحسين عليهالسلام في دمشق يطاف به في الأسواق ، وبناتك مشهورات على النياق ،
مشقّقات الذيول والأزياق ، ينظر إليهم شرار الفسّاق!. أين علي بن أبي طالب عليهالسلام يراكم على هذا الحال ...
من أيّ الأبواب
أدخلوا الرؤوس والسبايا؟
٤٩٥ ـ من أيّ
الأبواب أدخلوا الرؤوس والسبايا؟ :
نستعرض أولا
الروايات ، ثم نحاول التوفيق بينها ، ثم نخلص إلى النتيجة.
يورد الخوارزمي في
مقتله روايتين :
الأولى : قال سهل
بن سعد : فمن أي باب يدخل؟. فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات ، فسرت نحو
الباب. فبينما أنا هناك ، إذ جاءت الرايات يتلو بعضها بعضا.
الثانية : إن
السبايا لما وردوا مدينة دمشق ، أدخلوا من باب يقال له باب توما. ثم أتي بهم حتى
أقيموا على درج باب المسجد الجامع ، حيث يقام السبي.
المنتخب للطريحي : (ج ٢ ص ٤٨٣)
قال : ثم دخلوا
بالسبايا والرؤوس إلى دمشق ، وعلي بن الحسين عليهالسلام معهم على جمل بغير وطاء ... ثم أتوا إلى باب الساعات ،
فوقفوا هناك ثلاث ساعات يطلبون الإذن من يزيد.
مقتل الحسين المنسوب
لأبي مخنف ، روايتان : (ص ١٢١ و ١٢٤)
الأولى : قال سهل
: ودخل الناس من باب الخيزران ، فدخلت في جملتهم ، وإذا قد أقبل ثمانية عشر رأسا ،
وإذا السبايا على المطايا بغير وطاء ، ورأس الحسين عليهالسلام بيد شمر.
__________________
الثانية : وأقبلوا
بالرأس إلى يزيد بن معاوية ، وأوقفوه ساعة إلى باب الساعات. وأوقفوه هناك ثلاث ساعات من النهار [لعل المقصود بهناك :
عند قصر يزيد ، ريثما يؤذن له بالدخول على يزيد].
نور العين
للإسفراييني ، روايتان :
الأولى : خرجت
العساكر لاستقبال الرؤوس من باب جيرون وباب توما.
الثانية : ثم
دخلوا بالرأس من باب جيرون ، وداروا بها إلى باب الفراديس ... ثم ازدحم الناس حتى
خرجوا من باب الساعات ... ثم أتوا حتى وقفوا بهم على باب القصر.
اللهوف لابن طاووس
:
وسلك بهم بين
النظارة على تلك الصفة ، حتى أتى بهم باب دمشق ، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع
، حيث يقام السبي.
مخطوطة مصرع
الحسين عليهالسلام ـ مكتبة الأسد ، ص ٥٥ ـ روايتان :
الأولى : وأتوا
إلى باب جيرون الأوسط ، فنصب هناك الرأس ساعة من النهار ، فسقط فبنوا هناك موضع
مسقطه مسجدا. وداروا به إلى باب الفراديس ، ولم يكن هناك باب بل كان تل تراب ،
فازدحم الناس وطلع الرأس. ثم أداروه إلى باب الساعات ، فنصب هناك ساعة من النهار.
الثانية : وأمر
بالجيش أن يدخل من باب جيرون إلى باب توما
النتائج :
والآن ماذا نستنتج
من مجموعة هذه النصوص؟
إننا نستنتج
النقاط التالية :
١ ـ ان الرؤوس
والسبايا أدخلوا معا في موكب واحد ، ومعهم رأس الحسينعليهالسلام ، كما نصّت على ذلك رواية أبي مخنف.
٢ ـ هناك شبه
إجماع على أن دخولهم كان من باب توما ، ووقوفهم عند بعض الأبواب الداخلية. وكان من
المقرر أن يوقفوهم عند كل مكان مرموق ساعة من نهار [المقصود بالساعة في ذلك الزمان
فترة قصيرة ، وليس ما تعارفنا عليه اليوم]. ويدل
على ذلك قول سهل
لما رأى رأس الحسين عليهالسلام على الرمح : يا رسول الله ليت عينك ترى رأس الحسين عليهالسلام في دمشق يطاف به في الأسواق ...
٣ ـ من الأماكن
التي أوقفوا عندها الرؤوس والسبايا قبل وصولهم إلى باب قصر يزيد: باب جيرون الأوسط
ـ باب الفراديس ـ باب الساعات ، ثم أوقفوهم على درج المسجد الجامع حيث يقام السبي
عادة ، وهو مجاور لباب قصر يزيد.
٤ ـ قول
الإسفراييني : «وداروا بها إلى باب الفراديس» يدل على أن الطريق من باب جيرون إلى
باب الفراديس ليس مستقيما بل شبه دائري ، وهذا واضح في المصور (الشكل ٢٠).
٥ ـ قول
الإسفراييني : «ثم ازدحم الناس حتى خرجوا من باب الساعات» يدل على أن باب الساعات
غير بعيد عن باب الفراديس. وكذلك قول أبي مخنف «ثم أداروه إلى باب الساعات» يدل
على ذلك القرب ، مما يدل على أن باب الساعات هو باب الفراديس العموري ، الّذي تقع
على يساره جادة سبع طوالع.
٦ ـ إن قول أبي
مخنف عن سهل بن سعد : «ودخل الناس من باب الخيزران ، فدخلت في جملتهم» ، وقول
الخوارزمي عن سهل : «فأشاروا إلى باب يقال له باب الساعات ، فسرت نحو الباب» يدلان
على أن دخول سهل من باب الخيزران مع الناس كان قبل وصوله إلى باب الساعات. كما يدل
على أن باب الخيزران قريب من باب الساعات ، وأنه يؤدي إليه. والمناسب لذلك أن يكون
هذا الباب غرب باب الساعات ، لأن جهة الغرب كانت المنفذ الوحيد لأهل دمشق ليأتوا
للتفرج على الرؤوس والسبايا ، لأن المنفذ الشرقي كان مشغولا بالمهرجان. فباب
الخيزران يقع تقديرا في جادة سبع طوالع التي تؤدي إلى المكتبة الظاهرية.
٧ ـ إن عبارة
مخطوطة مصرع الحسين عليهالسلام الموجودة في مكتبة الأسد العامرة هي أجمع وأثمن نص في هذا
الموضوع ، وهي دقيقة جدا في التعبير. فهي تذكر أولا : «وداروا به إلى باب الفراديس»
أي اتبعوا طريقا دائريا حتى وصلوا بالرأس إلى باب الفراديس ، ثم تذكر: «ثم أداروه
إلى باب الساعات» أي أداروا الرأس في مكانه ليرجعوا به جنوبا متجهين إلى باب
الساعات.
ـ جولة ميدانية في
المنطقة :
إذا سلكنا طريق النوفرة
آتين من الشرق ، نصل إلى (باب جيرون الداخلي). ثم
نرى من بعيد الباب
الشرقي للمسجد الجامع واسمه باب جيرون أيضا (أو باب النوفرة) ، وبين البابين سوق
صغير اسمه سويقة جيرون. ثم نصل إلى مفرق إلى اليمين يمكن الذهاب منه إلى مرقد
السيدة رقيّة عليهالسلام ، فإذا سلكناه يصبح (قصر يزيد) على يسارنا بحجارته الضخمة.
ثم ننعطف إلى اليسار [انظر الشكل ٢٠]. ونتابع سيرنا بطريق مائل فنصل إلى مفترق أربعة طرق [مصلّبة]
: أحدها إلى الغرب يوصل إلى المكتبة الظاهرية ، وهو جادة سبع طوالع ، حيث رجّحنا
وجود (باب الخيزران) وهذه الجادة تساير السور العموري من الداخل. والطريق الثاني
إلى الشمال إلى باب الفراديس. وفي هذا المفرق كان (باب الساعات). فإذا تابعنا
المسير إلى الشمال وصلنا إلى مرقد السيدة رقيّة عليهالسلام على الطرف الأيمن ، حتى ننتهي إلى السور الآرامي الّذي
يلاصق الطرف الشمالي للمقام بعد توسيعه. ثم نصل إلى السور الروماني الّذي يقع عليه
باب الفراديس الجديد (أو العمارة).
وتظهر الأبواب
الأربعة في (الشكل ٢٠).

(الشكل ٢٠)
مخطط المسجد الجامع وقصر يزيد
والأبواب الأربعة التي أوقفوا عندها الرؤوس والسبايا
ـ تعليق حول باب
الساعات :
قد يظن البعض أن (باب
الساعات) هو أحد أبواب دمشق ، أو أحد أبواب المسجد الجامع ، وأنا أنفي ذلك لأمرين
:
الأول : إن
الروايات تومي إلى أن باب الساعات باب داخلي يمرّ منه الناس داخل دمشق ، كما في
قول الإسفراييني : «وازدحم الناس حتى خرجوا من باب الساعات». «ومن جهة ثانية فإنه
ليس هناك من أبواب دمشق باب بهذا الاسم.
الثاني : لقد مرّ
على المسجد الجامع بابان سمّوا عبر التاريخ ب (باب الساعات) ، الأول باب الزيادة (الصاغة
القديمة) الّذي كان يسمى باب الساعات في القرن الرابع الهجري ، لوجود ساعة كبيرة
ميكانيكية عنده. وهذا الباب لم يكن موجودا أصلا في عهد معاوية ويزيد ، بل شقّه في
سور المعبد الوليد بن عبد الملك فيما بعد حين وسّع المسجد ، ولذلك سمّي باب
الزيادة.
والباب الثاني هو
باب جيرون (النوفرة) الّذي سمّي بباب الساعات بعد القرن الخامس الهجري ، وذلك بعد
أن احترق قصر الخضراء من جهة باب الزيادة ، نقلت الساعة إلى الباب الشرقي للمسجد (باب
جيرون) ، لأن الدخول إلى القصر أصبح من تلك الجهة.
ولا يمكن أن يكون
المقصود ب (باب الساعات) أحد هذين البابين ، لأنهما تسمّيا بهذا الاسم بعد اختراع
الساعة الآلية التي كانت مبنية عندهما ، في العصور التالية. مما يؤكد أن المقصود بباب الساعات في عصر يزيد باب كانت
عنده ساعات شمسية (مزولة) تعتمد على أشعة الشمس لمعرفة الزوال للصلاة.
٤٩٦ ـ تحديد
الأبواب التي مرّت بها الرؤوس والسبايا :
باب توما
ذكرنا سابقا أنه
شبه الإجماع في الروايات ، أنهم أدخلوا الرؤوس والسبايا إلى دمشق من (باب توما).
وهو باب روماني يقع في الشمال الشرقي من مدينة دمشق القديمة ، وكان المسلمون قد
بنوا عليه مئذنة بعد الفتح ، ثم أزيلت من عهد قريب أثناء الانتداب الفرنسي. ثم
مرّوا بعدة أبواب مثل باب جيرون وباب الفراديس وباب الساعات.
باب جيرون الداخلي
فأما (باب جيرون)
فهو باب داخلي يقع في شرق المسجد الجامع ، ويفصل بينه وبين باب المسجد المسمى
باسمه «سويقة جيرون» ، ولتمييزه عن باب المسجد نضيف إليه كلمة (داخلي). وهو عبارة
عن باب كبير ذي قنطرة ضخمة ، وبابين
صغيرين على طرفيه (فرخين).
ويمكن أن يسمى الباب الكبير (الأوسط) لتمييزه عن الفرخين. وقد تهدمت قنطرة هذا
الباب من الزلازل ، أما البابان الطرفيان فقد طغى عليهما ارتفاع أرض دمشق ، حتى لم
يبق بين منسوب الأرض وأسكفة الباب أكثر من متر ، وتبدو عليهما النقوش الرومانية.
وسترى أن حامل رأس الحسين عليهالسلام على السنان ، لما وقف به عند الفرخ الشمالي من الداخل ،
اهتزّ رمحه فسقط الرأس الشريف ، فبني في مكان سقوطه مسجدا تقديسا له عليهالسلام.
باب الفراديس
وأما (باب
الفراديس) فهو الباب الشمالي لمدينة دمشق ، وبما أن باب الفراديس هو عدة أبواب
متتالية كما ذكرنا سابقا ، هي من الجنوب إلى الشمال : الباب العموري (الأول) ـ الباب
الآرامي (الثاني) ـ الباب الروماني (الثالث) ، وبما أن رواية مخطوطة مصرع الحسين عليهالسلام الموجودة في مكتبة الأسد ، تنصّ على أن هذا الباب كان تلا
من التراب في عهد يزيد ، فأغلب الظن أن المقصود بباب الفراديس في الروايات الباب
الآرامي (الثاني) الّذي كان مهدوما لقدمه وعدم أهميته. وحين أراد يزيد وضع السبايا
ألقى بهم في بناء مهجور عند هذا الباب ، وهو المكان الّذي صار مرقد ومسجد السيدة
رقية عليهالسلام فيما بعد (انظر المخطط السابق واللاحق).
استمرارية الأبواب في باب الفراديس
يقول الأستاذ أحمد
غسان سبانو في كتابه القيّم (مكتشفات مثيرة) ص ٢٧٣ عن استمرارية الأبواب السابقة :
بعض أبواب دمشق
ظلت في مكانها مدى العصور دون أن تتغير ، مثل البابين الداخليين : باب جيرون وباب
البريد.
لكن هذا لا ينطبق
على باب الفراديس الخاص بالسور الشمالي ، فقد تغيّر موضعه مع الزمن حسب الضرورات.
فباب الفراديس الخاص بالسور العمّوري ، أعطى فيما بعد باب الفراديس الخاص بالسور
الآرامي ، ثم باب الفراديس الخاص بالسور الروماني ، وهو ما يطلق عليه باب الفراديس
الجديد ، وهو القائم اليوم.
وبين السورين
الآرامي والروماني تقع منطقة ضيّقة فيها منازل اليوم ، تدعى (جادة بين السورين) ،
وهي تخفي السور الآرامي [لأنها مبنية عليه].
(أقول) : هذا وقد
كانت بين قصر يزيد وباب الفراديس الجديد [وهو الطريق المؤدي إلى مرقد السيدة رقية]
عدة أبواب وأقواس ، أخبرني بعض سكان المنطقة أنها كانت موجودة إلى أمد قريب ؛ بعضها أزيل في
العهد العثماني ، وآخرها أزيل مؤخرا عند توسيع مقام السيدة رقية عليهالسلام ، وقد كان يدعى «باب ستي رقية». والمدقق في هذا الطريق يلاحظ بقايا تلك القناطر والأقواس
التي كان بعضها أبوابا.
يقول كارل ولتسنجر
في كتابه (الآثار الإسلامية في مدينة دمشق) ص ٣٩٢ عن باب الفراديس :
السبب في تعدد
أسمائه ، أن أربعة أبواب على الأقل كانت تقوم بالتوالي في هذا المكان ، وهي :
البوابة السابقة للإسلام ، والقوس السابق للإسلام ، وباب سور المدينة ، والسوق
المتصلة بشمال ذلك الباب والمتجهة نحو المدينة الجديدة (العمارة).
ويصف كارل أحد هذه
الأبواب ، وهو باب ستي رقية ، الكائن عند انعطاف الطريق جنوب مسجد السيدة رقية عليهالسلام القديم ، وذلك في كتابه السابق ص ١٠٣ فيقول :
بقية ممر معقود من
أصل سابق للإسلام. وهو عبارة عن عقد (قوس) دائري يرتكز على كتف طويل ، يصل ارتفاع
القوس ١٧٩ سم. وهو بقايا باب يخص معبد جوبيتر الخارجي ، لم يبق منه سوى قواعد
الباب على جانبي الطريق.
وقد أتحفنا
الأستاذ سبانو في كتابه السابق (مكتشفات مثيرة) ص ٢٣٩ برسم لهذه الأبواب والأقواس
والأسوار ، التي بعضها عمّوري وآرامي ، وبعضها روماني وعربي ، وقد اعتمدنا عليه
وعلى غيره من المصادر في الرسم التفصيلي التالي (الشكل ٢١) :
ومن الصدف الغريبة
أن تلقى مجموعة سبايا أهل البيت عليهالسلام في منطقة مهملة بين السورين العمّوري والآرامي ، أطلق
عليها المؤرخون اسم (الخربة) حيث كان فيها مسجد خرب يكاد أن ينهدم ، فوضعهم يزيد
هناك في غرفة بدون سقف ، لا تحمي من حرّ ولا من قرّ ، حتى تقشّرت جلودهم من حرّ
النهار وبرد الليل. وكأنهم

(الشكل ٢١) : مخطط لمنطقة باب الفراديس شمالي المسجد الجامع
تظهر فيه الأسوار الثلاثة والقناطر والأبواب ومرقد السيدة رقية عليهالسلام
أثناء إقامتهم في
هذه البقعة كاللؤلؤة بين الصدفين. ولما توفيت الطفلة رقيّة بنت مولانا الحسين عليهالسلام ودفنت هناك ، أصبح مرقدها نورا بين بابين ، وبابا بين
سورين :
إنه باب حطّة
|
|
فادخلوا الباب
سجّدا
|
ويقول الأستاذ
سبانو في كتابه (مكتشفات مثيرة) ص ٣٢٥ عن السور الشمالي ومسجد السيدة رقية عليهالسلام :
وينتهي الجزء
الأول من السور الشمالي عند مسجد السيدة رقية عليهالسلام ، حيث نجد أن مسجد رقية عليهالسلام بحدّ ذاته إنما هو واقع على السور ، وأن الباب الموجود
هناك والملاصق للمسجد إنما هو باب السور الآرامي. ومن تفحّص الباب يجد أنه يتصل مع
منشآت حجرية ضخمة تقع إلى جهة الجنوب من الباب ، مما يظهر بوضوح أن الباب كان
بالأساس بابا مزدوجا. وتبدي المنشآت المتبقية أن الباب كان أضخم من الباب الحالي.
ويبدو بوضوح أن مسجد رقية عليهالسلام إنما يقع بين البابين وعلى السور الآرامي. وهذا ما يفسر
وجود هذا المسجد وقدمه.
إن هذه المنطقة
جديرة بالدراسة والتمحيص ، وقد تبيّن أن هناك فرع من نهر بردى كان وما يزال يمرّ
من خندق السور الشمالي ، ويمكن مشاهدته من عدة نقاط ، وهو يمرّ من باب الفراديس
الآرامي ، بمحاذاة جامع السيدة رقية عليهالسلام الآن ، وهو يسير تحت الأرض عموما.
(أقول) : وعند
توسيع مقام السيدة رقية عليهالسلام مؤخرا ، اضطروا إلى تحويل هذا النهر وإبعاده عن المقام.
باب الساعات هو باب الفراديس العمّوري
وأما (باب الساعات)
فقد بيّنت سابقا أنه باب الفراديس الأول (العموري) وأنه قريب من باب الفراديس
الآرامي ، وقد ميّزته بالباب رقم (٢) في (الشكل ٢٠) وهو مناسب لأن تعلّق عليه
الساعات الشمسية ، لأن أشعة الشمس تسقط عليه من الجنوب ، كما أن موقعه مناسب لقربه
من المسجد الجامع ومن قصر يزيد ، فهو يشير إلى الوقت أثناء النهار لكل من يمرّ به
متجها إلى الشمال ليخرج من باب الفراديس الخارجي.
ولا نستبعد ذلك
إذا علمنا أنه كان في الحائط الشمالي من الجامع الأموي باب
يدعى (باب الساعات)
ذكره الأستاذ محمّد أحمد دهمان عن رسالة رآها عند بعض الأفاضل لمؤلف مجهول ، تصف
الزلزال الّذي أطاح بالجامع الأموي عام [١١٧٣ ه ـ ١٧٥٩ م] وذلك في كتابه (في رحاب
دمشق) ص ٢٠٤ قال يعدّد الأبواب الشمالية للمسجد :
وباب شمالي بالقرب
من السميساطية [يقصد باب الناطفيين].
وباب آخر كبير
يسمى باب الساعات يخرج منه إلى مدرسة الكلاسة [يقصد به باب الكلاسة ، وهو أحد
أبواب الجامع أحدثه الوليد ، ويقع إلى يمين مئذنة العروس من الخارج].
فيمكن أن نتصور أن
باب الساعات السالف الذكر ، قد نقلت ساعاته الشمسية إلى داخل صحن المسجد عندما حصل
الزلزال ، ولم يعد له شأن يذكر. وإلى اليوم يوجد عند مئذنة العروس من الداخل ساعة
شمسية في الجدار الشمالي المطل على صحن المسجد ، يعرف بها ساعات النهار ووقت
الزوال.
ـ تعقيب على باب
الساعات :
في شبابي كنت سمعت
رواية تتعلق بباب الساعات ، ولعل الّذي رواها لي هو المرحوم الحاج حسني صندوق ،
تقول الرواية : إن شخصا بعث برسالة إلى المجمع العلمي العربي بدمشق ، يسألهم فيها
عن (باب الساعات)؟. فلما وصلت الرسالة إلى رئيس المجمع وهو محمّد كرد علي استنفر
كل أعضاء المجمع للردّ على الرسالة ، فلم يستطع أحد أن يحلّ هذا اللغز. وبعد سنوات
من البحث والجدال والمناقشات بين أعضاء المجمع ، بتّ رأيهم على أن باب الساعات هو
باب داخلي قديم في دمشق ، وأنه هو الواقع عند تقاطع الطريق المؤدي من قصر العظم
إلى الحريقة مع سوق الخياطين وسوق الحرير.
وقد ذهبت إلى
المنطقة المذكورة ورأيت هذا الباب الّذي يصل سوق الحرير من الشمال مع سوق الخياطين
من الجنوب ، وهو باب منخفض مستطيل الشكل ، تعلوه عارضة حجرية أفقية تستند على عضادتي
الباب. ويبدو أنه كان هناك باب من العهد العموري ، تتصل به من الغرب منشآت معمارية
ضخمة.
وقد سألت أحدهم
هناك عن اسم هذا الباب فلم يعرف ، ثم قال : باب الحرير. وهذا الباب يصلح أن يكون بابا للساعات الشمسية لأن اتجاهه
نحو الجنوب ، إلا أنني لا أرجّح هذا التأويل إن صحّت نسبته للمجمع ، وقد ذكرته
لتبرئة ذمتي.
باب الخيزران
لم يتطرق أحد من
المحققين إلى البحث عن هذا الباب كالذي قبله. وفي توقّعي أنه باب واقع في الطريق
الممتدة من باب الساعات السابق الذكر إلى الغرب ، وهو ما يسمى اليوم جادة سبع
طوالع ، المؤدية من الغرب إلى المكتبة الظاهرية. وهذا الباب ذكره سهل بن سعد ، حيث
قال بأن الناس دخلوا منه ليتفرجوا على موكب الرؤوس والسبايا. فيكونون قد دخلوا منه
ليصلوا إلى باب الساعات حيث عرفوا أن الموكب سيمرّ منه.
أما سبب تسمية هذا
الباب (بالخيزران) فيمكن أن يكون نسبة إلى المنطقة التي تصنع فيها أعواد الخيزران
، فسمي باسم تلك الصناعة ، مثلما سمي أحد أبواب المسجد الجامع المحدثة بباب
الكلاسة لأنه كان يصنع الكلس في غرفة إلى جانبه ، لطلاء جدران المسجد.
مسيرة الرؤوس والسبايا في دمشق
٤٩٧ ـ مسيرة
الرؤوس والسبايا خارج دمشق وداخلها :
كان دخول الرؤوس
والسبايا معا إلى دمشق ، في الأول من شهر صفر سنة ٦١ ه. وسوف أشرح هذه المسيرة
بالتفصيل فيما يلي :
الّذي أتصوره أن
موكب الرؤوس والسبايا جاء من غرب دمشق ، لمجيئهم من طريق لبنان ، أي من طريق بعلبك
ـ شتورة ـ الهامة ـ دمشق ، بمحاذاة نهر بردى.
وصدرت الأوامر من
يزيد بعدم إدخالهم دمشق ، بل انتظارهم خارجها ثلاثة أيام ليتسنى لهم تزيين دمشق
لاستقبالهم بموكب مهيب. وكان المكان الوحيد الخالي والمناسب لإنزالهم تلك الفترة
هو المنطقة الجنوبية من دمشق خارج السور ، التي تدعى اليوم مقبرة باب الصغير ، إذ
كانت فارغة من الناس والعمران ، وهي من حيث الأصل اتخذت مقبرة للمسلمين لأنها
مليئة بالأحجار والحصى وغير صالحة للزراعة.
فجاؤوا بالسبايا
والرؤوس إلى باب الجابية خارج السور ، ثم عبروا بهم بمحاذاة السور في طريق آهل
بالسكان ، هو شارع البدوي اليوم ، حيث صار الناس الذين يتفرجون عليهم يسبّونهم
ويبصقون عليهم. وهذا الطريق هو المعبّر عنه في
الروايات ، أن شمر
أدخلهم من طريق كثير النظّارة. حتى وصلوا إلى مقبرة باب الصغير. فنزل السبايا هناك
، حيث أقام زين العابدين عليهالسلام وزينب وأم كلثوم وسكينة وجميع السبايا ثلاثة أيام. ولا
يبعد أن الأمكنة التي تدعى اليوم بمقامات أهل البيت عليهمالسلام في (الستّات) هي مكان قيامهم وصلاتهم ومبيتهم ، فهي مقامات
لهم وليست مراقدهم وقبورهم.
وبعد ثلاثة أيام
جاء الأمر من يزيد بإدخالهم إلى دمشق ، فأكملوا بهم المسيرة حول دمشق القديمة
بمحاذاة السور إلى جهة الشرق ، إلى باب كيسان ثم باب شرقي ، حتى وصلوا باب توما.
حيث كان الناس في انتظارهم.
وكان الجيش الأموي
والوزراء والأعيان قد أقاموا مراسم الزينة والفرح داخل دمشق ، وخاصة من باب توما
إلى باب جيرون الداخلي ، وهو الباب الداخلي الّذي يؤدي بالقادم من الشرق إلى منطقة
قصور الملك ، مثل دار الخضراء وقصر يزيد ، وإلى المسجد الجامع. وكان الجيش قد اصطف
على جانبي هذا الطريق يضرب البوقات ويهتف بأهازيج النصر.
وإذا كان النظام
اليوناني في تخطيط دمشق ما زال موجودا في عهد يزيد ، وهذا متوقع في العهود
الإسلامية الأولى ، فهو يتميّز بشيئين رئيسيين ؛ هما المعبد الواقع في الغرب (الّذي
تحدده اليوم جدران الجامع الأموي) ، والساحة العامة (آغورا) الواقعة في الشرق حيث
حي الجورة اليوم. وبين المعبد والساحة طريق رئيسي هو طريق القيمرية أو النوفرة.
وعليه لا يستبعد أن يكونوا قد أدخلوا الرؤوس والسبايا من باب توما إلى باب جيرون
الداخلي ، مرورا بالساحة العامة التي تقارب مساحتها مساحة المسجد الجامع ، حيث
نظّمت فيها المواكب والمهرجانات ، وأقيمت الزينات ، لا سيما وأن عدد العساكر التي
أمرت بالتواجد بين البابين السابقين ، كان بالآلاف بحيث لا يسعهم أي طريق آخر.
وهكذا أدخل الرؤوس
والسبايا من باب توما ، حتى وصلوا إلى باب جيرون الداخلي ، حيث كان يزيد في قصره
على منظرة منهم ، فأنشد أشعاره المشهورة التي يذكر فيها (جيرون). فأوقفوهم هناك
ساعة ، ثم داروا بهم حتى أوقفوهم عند باب الفراديس ساعة ، ثم أحضروهم عند باب
الساعات وظلوا هناك ساعة.
وبعد أن مرّوا من
باب الساعات جرّوهم حتى أوقفوهم على درج المسجد

(الشكل ٢٢) : مخطط دمشق القديمة ، مبينا الطريق الّذي سلكته
الرؤوس والسبايا حين أدخلوا دمشق
١
ـ المسجد الجامع
٢
ـ قصر يزيد
٣
ـ قصر الخلافة (دار الخضراء)
٤
ـ باب الزيادة
٥
ـ باب جيرون الداخلي
٦
ـ باب الفراديس الروماني (العمارة)
٧
ـ باب الفراديس العموري (باب الساعات)
٨
ـ باب البريد
الجامع (درج
النوفرة) بجانب قصر يزيد ، حيث يقام السبي عادة ، ليتاح للناس أن يتفرجوا عليهم ،
وهم مربوطون بالحبال ، وفي عنق زين العابدين عليهالسلام الجامعة ، وهي حديدة ذات قفل تربط يديه إلى عنقه. وظلوا
هناك ثلاث ساعات حتى جاء الأمر بإدخالهم على مجلس يزيد ، الّذي كان قد جمع وزراءه
وقوّاده وأعيان البلد في قصره الملاصق للمسجد الجامع من جهة الشرق.
وبعد إدخال الرؤوس
ثم السبايا على يزيد في اليوم الأول ، اقتيد السبايا من مجلسه بعد حلّ الأغلال
والقيود إلى (خربة) واقعة شمالي قصر يزيد ، عند باب الفراديس ، حيث مرقد السيدة
رقية بنت الحسين عليهالسلام اليوم. وكان في الخربة مسجد مهدوم ، فوضعوا فيه في غرفة لا
تحمي من حرّ ولا قرّ ، وقد سقط نصف سقفها.
مسيرة الرؤوس والسبايا داخل دمشق
٤٩٨ ـ الدخول من
باب توما :
في (نور العين)
للإسفراييني ، ص ٨٨ قال :
خرجت العساكر
لاستقبال الرؤوس من باب جيرون وباب توما.
وفي (اللهوف) لابن
طاووس ، ص ٧٣ قال :
وسلك بهم [أي شمر]
بين النظارة على تلك الصفة ، حتى أتى بهم باب دمشق ، فوقفوا على درج باب المسجد
الجامع ، حيث يقام السبي.
وفي (مخطوطة مصرع
الحسين) مكتبة الأسد ، ص ٥٥ :
وأمر بالجيش أن
يدخل من باب جيرون إلى باب توما.
ولعل المقصود
بالعبارة الأخيرة أن يزيد أمر جيشه بالانتشار ما بين باب جيرون وباب توما ،
لاستقبال موكب الرؤوس والسبايا الداخل من باب توما ، والمتوجه إلى باب جيرون
الداخلي ، في طريقه إلى قصر يزيد. وبين البابين تقع الساحة العامة (آغورا)
المناسبة لهذا الانتشار.
وفي (الفتوح) لابن
أعثم ، ج ٥ ص ١٢٩ قال :
وأتي بحرم رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أدخلوا مدينة دمشق من باب يقال له باب توماء ، ثم أتي
بهم حتى وقفوا على درج باب المسجد ، حيث يقام السبي.
٤٩٩ ـ الوقوف عند
باب جيرون الداخلي :
في (نور العين)
للإسفراييني ، ص ٨٩ قال :
ثم دخلوا بالرأس
من باب جيرون ، وداروا بها إلى باب الفراديس ، فسقطت الرأس فتلقتها قرن حائط ،
فعمّر هناك مسجد إلى يومنا هذا.
وفي (مخطوطة مصرع
الحسين) مكتبة الأسد ، ص ٥٥ :
وأتوا إلى باب
جيرون الأوسط ، فنصب هناك الرأس ساعة من النهار ، فسقط فبنوا هناك موضع مسقطه
مسجدا. وداروا به إلى باب الفراديس ...
وفي (معالي
السبطين) للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٣ : وقيل سقط الرأس المبارك هناك ، فبنوا مسجدا
هناك ، سمّي بمسجد السّقط.
مسجد السّقط
٥٠٠ ـ مسجد السّقط
:
تذكر الروايات
السابقة أن موكب الرؤوس والسبايا عند إيقافهم عند باب جيرون الداخلي سقط رأس
الحسين عليهالسلام من على الرمح ، وذلك من داخل الباب عند إحدى البوابتين
الصغيرتين لباب جيرون الأوسط ، وهي البوابة الشمالية. وتكريما للمكان الّذي سقط
فيه الرأس الشريف ، أقيم مسجد هناك ، سمّي مسجد السّقط. وسمي الطريق من باب جيرون
إلى المسجد الجامع : زقاق النّطّة.
ولهذا المسجد
تاريخ عريق مليء بالأحداث الجسام. فقد أثار هذا المسجد مشاكل كثيرة في التاريخ ،
بين السنة والشيعة في دمشق. ففي حين كان دأب الشيعة ومحبي أهل البيت عليهالسلام من السنة المحافظة على هذا المسجد ، كان همّ بعض النواصب
هدم هذا المسجد وجعله طريقا.
وقد ذكر المؤرخ
الدمشقي المتعصب أبو شامة [ت ٦٦٥ ه] شيئا من تلك المعارك التي قامت حول هذا
المسجد ، لا أقصد معارك حربية ، وإنما معارك مذهبية وتعصبية لا لزوم لها.
واشتدّ الأمر
تفاقما عندما حكم الفاطميون دمشق [من ٩٦٨ ـ ١٠٧٥ م] واعتنوا بكل ماله علاقة بأهل
البيت عليهالسلام ، كهذا المسجد ، ومسجد رقية عليهالسلام ، ومسجد رأس الحسين عليهالسلام.
٥٠١ ـ الفرخ الشمالي
لباب جيرون الأوسط :
يقول الأستاذ أحمد
غسان سبانو في (مكتشفات مثيرة) ص ٢٦٣ :
كان باب جيرون في
الأصل بابا كبيرا في الوسط ، على جانبيه فرخان أو بابان صغيران. فحدث أن سدّ الفرخ
الشمالي واتخذ داخله مسجد ، زعم أحدهم أن فيه قبر الست ملكة من نسل علي عليهالسلام ، فمنع العوام المرور منه ، وجعلوه مسجدا ، وأحدثوا فيه
قبرا.
كان باب جيرون من
عجائب دمشق ، وقد احترق في فتنة تيمور لنك في القرن التاسع الهجري مع المسجد الّذي
أقيم ، وظل كومة تراب عدة سنين. حتى جاء كمشبغا طولو (نائب قلعة دمشق بعد عام ٨٣٠
ه) فعمد شخص من خواصه إلى هذا المكان ، وأعاد بناءه مخزنا للأخشاب وغيرها ، وكانت
تقع فيه منكرات ، ووجد فيه قتيل مرة. ثم تهدم وزال سقفه. فسعى بعضهم لتجديد عمارته
، فأمر الملك الأشرف قايتباي في سنة ٨٩٢ ه بفتح الباب ، وأعيد طريقا للمارة.
وفي القرن العاشر
بني في هذا الباب الصغير حائط ، وجعل مخزن حطب للفرن قبليّه.
أعيد بناء باب
المسجد في العهد العثماني وما يزال قائما. وما تزال عضادتا الباب الكبير قائمتين.
أما البابان الصغيران ، فالجنوبي مسدود ترى عتبته داخل دكان ، والشمالي كان مختفيا
تحت الدور ، وكشف سنة ١٩٤٦ م ، وظهر على عتبته نصّ مرسوم قايتباي بفتح الباب.
ووجدت سنة ١٩٤٨ الأرض الرومانية لباب جيرون الكبير على عمق ٤٣٠ سم.
ويقول الأستاذ
صلاح الدين المنجد في (خطط دمشق) ص ١٢٦ ط بيروت عام ١٩٤٩ :
يحدثنا المؤرخ أبو
شامة عن سبب ذلك في رسالته المسماة (الباعث على إنكار البدع والحوادث) يقول : ذكر
لي بعض من لا يوثق به في شهور سنة ٦٣٦ ه أنه رأى مناما يقتضي أن ذلك المكان دفن
فيه بعض أهل البيت عليهالسلام. وقد أخبرني عنه ثقة أنه اعترف له أنه افتعل ذلك. فقطعوا
طريق المارة فيه ، وجعلوا الباب بكماله مسجدا مغصوبا ، وقد كان طريقا يضيق بسالكه.
ثم يورد ما حدث
لهذا المسجد ، فتارة يهدمه السنّة ، وتارة يعمّره الرافضة ، على ما ذكر.
ـ زيارة ميدانية
للباب :
هذا وقد زرت باب
جيرون الداخلي ، وهو مؤلف من باب كبير (وهو الأوسط) قد هدمت قنطرته ، ومن بابين
صغيرين عن يمينه ويساره. وبما أن الأرض قد علت على مرّ العصور عدة أمتار ، لذلك لم
يبق من فتحة هذين الفرخين فوق الأرض أكثر من نصف متر.
وأما مسجد السّقط
الذي يقع إلى يمين الداخل من الباب الأوسط باتجاه المسجد الأموي ، فقد كان موجودا
إلى زمن قريب. وعندما أرادت البلدية الاعتناء بالأبواب ، أزالت المسجد وحوّلته إلى
حديقة صغيرة. ولا تزال هذه الأرض تضجّ من عمل بني الإنسان ، إذ كيف يحوّل مسجد كان
يذكر فيه اسم الله إلى أرض خراب ، وهل يرضى أحدنا أن يصبح بيته خرابا ، فكيف ببيت
الله تعالى؟.
استبشار يزيد
٥٠٢ ـ استبشار
يزيد بقدوم الرؤوس والسبايا :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ٣٧٢)
ولما جيء بالسبايا
كان يزيد مطلا على منظر في جيرون ، فلما نظر إلى السبايا والرؤوس قد وضعت على
الحراب ، امتلأ سرورا ، وراح يقول :
لما بدت تلك
الحمول وأشرقت
|
|
تلك الرؤوس على
شفا جيرون
|
نعب الغراب فقلت
: قل أو لا تقل
|
|
فلقد قضيت من
الرسول ديوني
|
٥٠٣ ـ مشاهدة يزيد لقدوم الرؤوس
والسبايا وهو على منظرة جيرون :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٤٧)
وكان يزيد جالسا
في منظرة على جيرون. ولما رأى السبايا والرؤوس على أطراف الرماح ، وقد أشرفوا على
ثنيّة جيرون ، نعب غراب ، فأنشأ يزيد يقول :
لما بدت تلك
الحمول وأشرقت
|
|
تلك الرؤوس على
ربى جيرون
|
نعب الغراب فقلت
: قل أو لا تقل
|
|
فلقد اقتضيت من
الرسول ديوني
|
ومن هنا حكم ابن
الجوزي والقاضي أبو يعلى والتفتازاني والسيوطي بكفره ولعنه .
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ يقول :
روى الزهري : لما
جاءت الرؤوس كان يزيد في منظرة له على ربى جيرون ، فأنشد لنفسه :
لما بدت تلك
الحمول وأشرقت
|
|
تلك الشموس على
ربى جيرون
|
نعب الغراب فقلت
: نح أو لا تنح
|
|
فلقد قضيت من
الغريم ديوني
|
ونعيب الغراب : هو
صوت صياحه ، وهو نذير شؤم.
٥٠٤ ـ استقبال
يزيد للسبايا والرؤوس :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٨)
وفي (جواهر
المطالب) لأبي البركات شمس الدين محمّد الباغندي ، كما في نسخة مخطوطة في المكتبة
الرضوية بمشهد : قال ابن القفطي في تاريخه :
إن السبي لما ورد
على يزيد خرج لتلقّيه ، فلقي الأطفال والنساء من ذرية علي والحسن والحسين عليهالسلام ، والرؤوس على أسنة الرماح ، وقد أشرفوا على ثنيّة العقاب.
فلما رآهم أنشد:
لما بدت تلك
الحمول وأشرفت
|
|
تلك الرؤوس على
ربى جيرون
|
نعب الغراب فقلت
: قل أو لا تقل
|
|
فلقد قضيت من
الرسول ديوني
|
يعني يزيد بذلك
أنه قتل الحسين عليهالسلام بمن قتله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر ، مثل عتبة جده ومن مضى من أسلافه. وقائل مثل هذا
بريء من الإسلام ولا شك في كفره.
ثم قال ابن القفطي
: وكيف لا ، وهو اللاعب بالنرد ، المتصيّد بالفهد ، والتارك للصلوات ، والمدمن
للخمر ، والقاتل لأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، المصرّح في شعره بالكفر الصريح.
__________________

(الشكل ٢٣) : باب جيرون الداخلي ومسجد السقط وقصر يزيد
ومشهد رأس الحسين عليهالسلام
٥٠٥ ـ الوقوف عند
باب الفراديس وباب الساعات :
في (نور العين)
للإسفراييني ، ص ٨٩ :
ثم دخلوا بالرأس
من باب جيرون ، وداروا بها إلى باب الفراديس ... ثم ازدحم الناس حتى خرجوا من باب
الساعات ... ثم أتوا حتى وقفوا بهم على باب القصر.
وفي مخطوطة مصرع
الحسين عليهالسلام ـ مكتبة الأسد ، ص ٥٥ :
وأتوا إلى باب
جيرون الأوسط ، فنصب هناك الرأس ساعة من النهار ، فسقط فبنوا هناك موضع مسقطه
مسجدا. وداروا به إلى باب الفراديس ، ولم يكن هناك باب بل كان تل تراب ، فازدحم
الناس وطلع الرأس. ثم أداروه إلى باب الساعات ، فنصب هناك ساعة من النهار.
وقد ذكرنا سابقا أن
باب الفراديس المقصود به في الروايات هو الباب الآرامي القديم وكان مهدما. أما باب
الساعات فهو باب الفراديس العموري ، وقد كان موجودا إلى عهد قريب ثم أزيل.
٥٠٦ ـ دخول الرؤوس
والسبايا من باب الساعات :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٠)
في (مقتل
الخوارزمي) قال سهل بن سعد : فمن أي باب يدخل؟.
فأشاروا إلى باب
يقال له (باب الساعات) فسرت نحو الباب. فبينما أنا هنالك ، إذ جاءت الرايات يتلو
بعضها بعضا. وإذا أنا بفارس بيده رمح منزوع السنان ، وعليه رأس من أشبه الناس وجها
برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وإذا بنسوة من ورائه على جمل بغير وطاء. فدنوت من إحداهن
فقلت لها : يا جارية من أنت؟. فقالت : سكينة بنت الحسين عليهالسلام. فقلت لها : ألك حاجة إليّ؟ فأنا سهل بن سعد ، ممن رأى جدك
وسمع حديثه. قالت : يا سهل قل لصاحب الرأس أن يتقدم بالرأس أمامنا ، حتى يشتغل
الناس بالنظر إليه فلا ينظرون إلينا ، فنحن حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال : فدنوت من
صاحب الرأس وقلت له : هل لك أن تقضي حاجتي وتأخذ أربعمائة دينار؟. قال : وما هي؟.
قلت : تقدّم الرأس أمام الحرم. ففعل ذلك ودفعت له ما وعدته.
٥٠٧ ـ سكينة عليهالسلام توصي سهل بن سعد :
(نور العين للإسفراييني ، ص ٨٨)
قال سهيل الشهروزي
: كنت حاضرا دخولهم ، فنظرت إلى السبايا ، وإذا فيهم طفلة صغيرة على ناقة ، وهي
تقول : وا أبتاه وا حسيناه وا عطشاه ، وهي كأنها القمر المنير. فنظرت إليّ وقالت :
يا هذا أما تستحي من الله وأنت تنظر إلى حريم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم؟. فقلت لها : والله ما نظرت لك نظرة أستوجب هذا التوبيخ.
فقالت : من أنت؟. فقلت : أنا سهيل الشهروزي [الأصح : سهل بن سعد الشهرزوري] ، وأنا
من مواليكم ومحبيكم. فقالت : وإلى أين تريد؟. فقلت : أريد الحج إلى بيت الله
وزيارة رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. فقالت: إذا وصلت إلى قبر جدنا فأقره السلام وأخبره
بخبرنا. فقلت : حبا وكرامة. وهل لك حاجة غير هذا؟. فقالت : إن كان معك شيء من
الفضة فأعط حامل رأس أبي ، وأمره أن يتقدم الرأس أمامنا ، حتى يشتغل الناس بالنظر
إليها عنا.
قال سهيل : ففعلت
ذلك. فقال لي زين العابدين عليهالسلام : حشرك الله معنا يوم القيامة. ثم إنه عليهالسلام أنشأ يقول :
أقاد ذليلا في
دمشق كأنني
|
|
من الزنج عبد
غاب عنه نصير
|
وجدي رسول الله
في كل مشهد
|
|
وشيخي أمير
المؤمنين أمير
|
فيا ليت أمي لم
تلدني ولم أكن
|
|
يزيد يراني في
البلاد أسير
|
٥٠٨ ـ دخول الرايات وحملة الرؤوس :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٥)
قال في (الدمعة
الساكبة) : وفي رواية الشعبي على ما نقل عنه :
ثم أشرفت تسع عشرة
راية حمراء ، وأشرفت السبايا مهتكات بلا وطاء ولا غطاء. ثم أقبل رأس العباس بن علي
عليهالسلام يحمله ثعلبة بن مرة الكعبي ، وهو بيده على رمح طويل ...
وفي (أسرار
الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٤٩٦ :
ثم أقبل من بعده
رأس جعفر بن علي عليهالسلام يحمله نمير بن أبي جوشن الضبابي ، وأقبل من بعده رأس محمّد
بن علي عليهالسلام ، ثم أقبل رأس أبي بكر بن علي عليهالسلام يحمله أنيس بن الحرث البعجي ، وأقبل من بعده رأس علي بن
الحسين عليهالسلام يحمله مرة بن قيس الهمداني ، وأقبل من بعده رأس عون بن علي
عليهالسلام يحمله جابر السعدي ، وأقبل من بعده رأس القاسم بن الحسن عليهالسلام يحمله محمّد ابن الأشعث الكندي ، وأقبل من بعده رأس يحيى
بن علي عليهالسلام يحمله عمير بن شجاع الكندي ، وأقبل من بعده رأس عبد الله
بن عقيل عليهالسلام يحمله قيس بن أبي مرة الخزاعي ، ثم أقبلت من بعده بقية
الرؤوس. ثم أقبل رأس الحسين بن علي عليهالسلام وهو أشبه الخلق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحمله حواشن بن خولي بن يزيد الأصبحي وغيره.
٥٠٩ ـ وصف رأس
الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٤)
عن (كامل البهائي)
قال سهل بن سعد :
رأيت الرؤوس على
الرماح ، ويقدمهم رأس العباس بن علي عليهالسلام ، نظرت إليه كأنه يضحك. ورأس الإمام الحسين عليهالسلام كان وراء الرؤوس أمام المخدّرات. وللرأس الشريف مهابة
عظيمة ، ويشرق منه النور ، بلحية مدوّرة ، قد خالطها الشيب ، وقد خضبت بالوسمة [نوع
من الصباغ النباتي] ، أدعج العينين ، أزجّ الحاجبين ، واضح الجبين ، أقنى الأنف
[أي في قصبة أنفه ارتفاع] ، متبسما إلى
السماء ، شاخصا
ببصره إلى نحو الأفق ، والريح تلعب بلحيته الشريفة يمينا وشمالا ، كأنه أمير
المؤمنين عليهالسلام.
وعن أبي مخنف :
والرأس الشريف على رمح بيد شمر بن ذي الجوشن.
٥١٠ ـ دخول الناس
من باب الخيزران :
(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢١ و ١٢٤)
قال سهل بن سعد :
ودخل الناس من باب الخيزران ، فدخلت في جملتهم ، وإذا قد أقبل ثمانية عشر رأسا ،
وإذا السبايا على المطايا بغير وطاء ، ورأس الحسين عليهالسلام بيد شمر ، وهو يقول :
أنا صاحب الرمح
الطويل. أنا قاتل ذي الدين الأصيل. أنا قتلت ابن سيد الوصيين ، وأتيت برأسه إلى
أمير المؤمنين (يزيد بن معاوية).
فقالت له أم كلثوم
[بنت علي] عليهالسلام : كذبت يا لعين بن اللعين ، ألا لعنة الله على القوم
الظالمين. ويلك تفخر بقتل من ناغاه في المهد جبرائيل وميكائيل ، ومن اسمه مكتوب
على سرادق عرش رب العالمين ، ومن ختم الله بجده المرسلين ، وقمع بأبيه المشركين.
فمن أين مثل جدي محمّد المصطفى ، وأبي علي المرتضى ، وأمي فاطمة الزهراء؟!.
فأقبل عليها خولي
وقال : تأبين الشجاعة وأنت بنت الشجاع.
ثم قال : وأقبلوا
بالرأس إلى يزيد بن معاوية ، وأوقفوه ساعة إلى باب الساعات. وأوقفوه هناك ثلاث
ساعات من النهار.
وقد ذكرنا سابقا
أن باب الخيزران لا بدّ أن يكون إلى الغرب من باب الساعات ، أي في زقاق (سبع طوالع)
شمالي المسجد الجامع ، وأن الناس دخلوا من باب الخيزران متوجهين إلى باب الساعات
لرؤية الرؤوس والسبايا يدخلون من هناك.
الرأس الشريف يتكلم
تعددت الروايات في
تكلّم رأس الحسين عليهالسلام في عدة مواقف وأماكن ، منها الكوفة ودمشق وغيرهما. عدا عما
جرى بين الرأس الشريف وبعض الرهبان من مكالمات ومحاورات ، كان من نتيجتها إسلامهم
وهدايتهم. وقد ذكرنا ما جرى في
الكوفة من تلاوة
الرأس الشريف لمقطع من سورة الكهف ولبعض الآيات الأخرى ، وذلك في الفقرتين رقم ٣٤٩
و ٣٥٠ من هذا الجزء.
والآن نذكر ما حصل
في دمشق عند باب الفراديس وغيره.
٥١١ ـ الرأس
الشريف يتكلم في دمشق :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٤)
في (القمقام) نقلا
عن مناقب ابن شهر اشوب : سمعوا من الرأس الشريف يرفع صوته في دمشق الشام ويقول :
" لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم".
وفي (الناسخ) عن
منهال بن عمرو ، قال : لما أدخل الرأس الشريف إلى دمشق الشام ، رأيت رجلا يتلو
القرآن أمام الرأس ، ويتلو سورة الكهف ، فلما وصل إلى هذه الآية : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ، أشهد والله لقد سمعت الرأس المبارك قال بلسان طلق ذلق :
أعجب من أصحاب الكهف قتلي وحملي.
٥١٢ ـ تكلم الرأس
الشريف عند باب الفراديس :
(فرائد السمطين ، ج ٢ ص ١٦٩)
قال أبو الحسن
العسقلاني بإسناده ، قال الأعمش : قلت لمسلمة بن كهيل : الله إنك سمعته منه؟. قال
: الله إني سمعت منه في باب الفراديس في دمشق ، لا مثّل ولا شبّه لي ، وهو [أي رأس
الحسين (ع)] يقول : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ
اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١٣٧) [البقرة :
١٣٧].
٥١٣ ـ النصارى في
دمشق يحتشمون لأهل البيت عليهالسلام أكثر من أدعياء الإسلام :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٥٦)
في (الدمعة
الساكبة) قال سهل : وكان معي رقيق نصراني ، يريد بيت المقدس ، وهو متقلد بسيف تحت
ثيابه ، فكشف الله تعالى عن بصره ، فسمع رأس الحسين عليهالسلام يقرأ القرآن ويقول : (وَلا تَحْسَبَنَّ
اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ) [إبراهيم : ٤٢] ،
فأدركته السعادة ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمدا
عبده ورسوله.
ثم انتضى سيفه
وحمل به على القوم ، وهو يبكي. فجعل يضرب فيهم ، فقتل منهم جماعة كثيرة ، فتكاثروا
عليه فقتلوه ، رحمهالله.
فقالت أم كلثوم عليهالسلام : ما هذه الصيحة؟. فحكيت لها الحكاية. فقالت : وا عجباه ،
النصارى يحتشمون لدين الإسلام ، وأمة محمّد الذين يزعمون أنهم على دين محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم يقتلون أولاده ويسبون حريمه! ولكن العاقبة للمتقين.
خبر هند زوجة يزيد
٥١٤ ـ من هي هند؟
:
هناك روايتان :
إحداهما تقول بأنها هند بنت عمرو بن سهيل ، وكانت تحت عبد الله بن عامر بن كريز ،
فأجبر معاوية زوجها على طلاقها لرغبة يزيد فيها ، كما حاول أن يفعل مع أرينب بنت
اسحق زوجة عبد الله بن سلّام ، فباءت مساعيه بالفشل.
والرواية الثانية
، التي ذكرها الطبري في تاريخه عن أبي مخنف ، أنها هند بنت عبد الله بن عامر بن
كريز ، فلما قتل أبوها بقيت عند أمير المؤمنين عليهالسلام. وعندما قبض أمير المؤمنينعليهالسلام بقيت في دار الحسن عليهالسلام. فسمع بها معاوية فأخذها من الحسن عليهالسلام فزوّجها من ولده يزيد.
وفي خبر أنها كانت
تحت الحسين عليهالسلام فطلقها ، وتزوجها يزيد ، فبقيت عند يزيد إلى أن قتل الحسين
عليهالسلام [راجع معالي
السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣].
٥١٥ ـ خبر هند مع
زينب العقيلة عليهالسلام
:
(معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٠٣)
لم يكن لهند بنت
عبد الله علم بأن الحسين عليهالسلام قد قتل. ولما قتل الحسين عليهالسلام وأتوا بنسائه وبناته وأخواته إلى الشام ، دخلت امرأة على
هند وقالت : يا هند هذه الساعة أقبلوا بسبايا ولم أعلم من أين هم؟. فلعلك تمضين
إليهم وتتفرجين عليهم. فقامت هند ولبست أفخر ثيابها وتخمّرت بخمارها ، ولبست
إزارها ، وأمرت خادمة لها أن تحمل الكرسي. فلما رأتها الطاهرة زينب عليهالسلام التفتت إلى أختها أم كلثوم وقالت لها : أخيّة أتعرفين هذه
الجارية.؟ قالت : لا والله. قالت لها : أخيّة هذي خادمتنا هند بنت عبد الله. فسكتت
أم كلثوم ونكّست
رأسها ، وكذلك
زينب. فقالت هند : أخيّة أراك طأطأت رأسك!. فسكتت زينبعليهالسلام ولم تردّ عليها جوابا. ثم قالت لها : أخية من أي البلاد
أنتم؟. فقالت لها زينب عليهالسلام : من بلاد المدينة. فلما سمعت هند بذكر المدينة نزلت عن
الكرسي وقالت : على ساكنها أفضل السلام. ثم التفتت إليها زينب وقالت : أراك نزلت
عن الكرسي. قالت هند : إجلالا لمن سكن في أرض المدينة. ثم قالت لها : أخية أريد أن
أسألك عن بيت في المدينة. قالت لها الطاهرة زينب : اسألي ما بدا لك. قالت : أريد
أن أسألك عن دار علي بن أبي طالبعليهالسلام. قالت لها زينب عليهالسلام : وأين لك معرفة بدار علي عليهالسلام.؟ فبكت وقالت : إني كنت خادمة عندهم. قالت لها زينب : وعن
أيّما تسألين؟. قالت : أسألك عن الحسين عليهالسلام وعن إخوته وأولاده وعن بقية أولاد علي عليهالسلام ، وأسألك عن سيدتي زينب وعن أختها أم كلثوم وعن بقية
مخدّرات فاطمة الزهراء عليهالسلام. فبكت عند ذلك زينب عليهالسلام بكاء شديدا ، وقالت لها : يا هند ، أما إن سألت عن دار علي
عليهالسلام فقد خلّفناها تنعى أهلها ، وأما إن سألت عن الحسين عليهالسلام فهذا رأسه بين يدي يزيد ، وأما إن سألت عن العباسعليهالسلام وعن بقية أولاد علي عليهالسلام فقد خلّفناهم على الأرض مجزّرين كالأضاحي بلا رؤوس ، وإن
سألت عن زين العابدين عليهالسلام فها هو عليل نحيل لا يطيق النهوض من كثرة المرض والأسقام ،
وإن سألت عن زينب فأنا زينب بنت علي ، وهذي أم كلثوم ، وهؤلاء بقية مخدّرات فاطمة الزهراء
عليهالسلام.
فلما سمعت هند
كلام زينب عليهالسلام رقّت وبكت ونادت : وا أماه وا سيداه وا حسيناه ، ليتني كنت
قبل هذا اليوم عمياء ، ولا أنظر بنات فاطمة الزهراء على هذه الحالة. ثم تناولت
حجرا وضربت به رأسها ، فسال الدم على وجهها ومقنعتها وغشي عليها. فلما أفاقت من
غشيتها أتت إليها الطاهرة زينب عليهالسلام وقالت لها : يا هند قومي واذهبي إلى دارك ، لأني أخشى عليك
من بعلك يزيد. فقالت هند : والله لا أذهب حتى أنوح على سيدي ومولاي أبي عبد الله ،
وحتى أدخلك وسائر النساء الهاشميات معي داري.
عود على بدء
الموكب يدخل دمشق
٥١٦ ـ وصف موكب
النصر :
مع إطلالة الأول
من صفر كانت دمشق على أهبة الاستعداد لاستقبال موكب الرؤوس والسبايا ، موكب النصر
والفرح ، والطرب والمرح. وقد اصطفّت الجنود والقواد على طول الطريق الّذي يمتد من
باب توما إلى باب جيرون الداخلي ، الّذي يؤدي إلى منطقة القصور الملكية لبني أمية
، المجاورة للمسجد الجامع ، ومنها قصر يزيد ، حيث يزيد يقف مع بعض أعيانه على شرفة
قصره. وقد أقيمت الزينات والأضواء في جميع الشوارع والمحلات ، وخرج الناس يشاركون
الملك الضلّيل في بهجته وطربه بمناسبة نصره وغلبه ...
هذه هي المسيرات والعراضات
تملأ الأزقة والطرقات والساحات ، وقد لبس الناس أزياءهم ، وتحلّوا بسيوفهم
وأتراسهم ... إنه عيد دمشق العظيم ، بمناسبة قتل ريحانة سيد المرسلين ، وسبط
الرسول الكريم ، سيد الشهداء الحسين (ع).
دخل موكب الرؤوس
والسبايا من باب توما ، ثم عبروا الساحة العامة (آغورا) ، حتى وصلوا إلى باب جيرون
الداخلي ، حيث أوقفوا هناك ساعة ليتفرج عليهم الناس ، ونصب الرأس على الباب ،
ليراه كل شامت ومرتاب. ثم كان لا بدّ لزيادة التشهير بهم من تسييرهم إلى الأماكن
الهامة ، فجاؤوا بالركب إلى باب الفراديس ، حيث علّق الرأس ساعة ، وقد غصّت الطرق
بالناس ، سيّروه من هناك إلى باب داخلي مجاور هو باب الساعات الواقع جنوب باب
الفراديس ، حيث علّق الرأس عليه ساعة أخرى ... وكان آخر مطافهم أن وصلوا إلى درج
المسجد الجامع المتصل بالباب الشرقي للجامع ، فأدخلوا الرؤوس إلى قصر يزيد من بابه
المجاور للدرج ، بينما أوقفوا السبايا على الدرج حيث يقام السبي ، لتمرّ أمامهم
وفود الناس ، فتلقي عليهم نظرات الشماتة والازدراء ، مثلما تلقي عليهم حجارة من
السباب والشتائم ، ويتصفح وجوههم القاصي والداني ، وهم في حالة محزنة مزرية ، وقد
تمزقت ثيابهم وتقشرت وجوههم ، والقيود معقودة في أعناقهم ؛ من زين العابدين عليهالسلام إلى زينب والنساء ، إلى الصبية والأطفال. وظلوا على درج
السبي ثلاث ساعات ، حتى أذن لهم بالدخول على يزيد.
لقد كان يوما
حافلا في دمشق لم تشهد له مثيلا في التاريخ ... لقد انتصر يزيد وتغلّب ، مثلما
انتصر أبوه من قبل وتسلّط ، ولكن نصر الأرض غير نصر السماء ، وغلبة الدنيا غير
غلبة الدين (وَسَيَعْلَمُ
الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٢٢٧) [الشعراء : ٢٢٧].
٥١٧ ـ إيقاف
السبايا على درج المسجد الجامع :
أجمعت الروايات
على أن آخر محطة للسبايا قبل إدخالهم على يزيد هي درج المسجد الجامع حيث يقام
السبي ، وذلك ليتسنى للناس المحتشدين أن يأتوا لرؤيتهم والتفرج عليهم. ريثما يأتي
الأمر من يزيد لإدخالهم إلى قصره من الباب المجاور للدرج. وقد كان هذا الباب
مفتوحا ، ثم سدّوه بالأحجار ، وتظهر آثار هذا الباب بوضوح في جدار القصر ، على
يمين الصاعد على الدرج وقبل دخوله المسجد. (انظر المخطط السابق).
وهذه بعض الروايات
:
في (نور العين)
للإسفراييني ، ص ٨٩ :
ثم ازدحم الناس ،
حتى خرجوا من باب الساعات ، والنساء مكشوفات الوجوه ، والرؤوس على الرماح. فقال
أهل الشام : والله ما رأينا سبايا أحسن من هؤلاء ، فمن أنتم؟. فقالت سكينة بنت
الحسين عليهالسلام : نحن سبايا آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثم أتوا حتى وقفوا
بهم على باب القصر ، [حمدا حدقت] النظّار إلى زين العابدين عليهالسلام وهو موثوق بالرباط.
وفي رواية ابن
أعثم والخوارزمي :
ثم أتي بهم حتى
وقفوا (أقيموا) على درج باب المسجد (الجامع) حيث يقام السبي.
٥١٨ ـ إيقاف
السبايا ثلاث ساعات قبل أن يؤذن لهم بالدخول :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)
وأوصلوا الرؤوس
والنساء وقت الزوال إلى باب دار يزيد بن معاوية ، وهم في
__________________
تعب شديد من كثرة
الإزدحام ، فأوقفوا ثلاث ساعات ليأذن لهم يزيد بالدخول. فصاح صائح : هؤلاء سبايا
أهل بيت الخارجي الملعون.
٥١٩ ـ الشيخ
المغرّر به : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦١ ؛
ولواعج الأشجان
للسيد الأمين ، ص ١٩٢ ؛ ومقتل المقرم ص ٤٤٨)
في (تاريخ مختصر
الدول) لابن العبري ، ص ١٩٠ : فأمر يزيد نساء الحسين وبناتهعليهالسلام فأقمن بدرج المسجد ، حيث توقف الأسارى ، لينظر الناس
إليهم.
وإذا شيخ أقبل ،
فدنا من نساء الحسين عليهالسلام وعياله ، وقال : الحمد لله الّذي قتلكم وأهلككم وأراح
العباد (البلاد) من رجالكم ، وأمكن أمير المؤمنين منكم.
يقول السيد عبد
الرزاق المقرم : ههنا أفاض الإمام السجّاد عليهالسلام من لطفه على هذا المسكين المغترّ بتلك التمويهات ، لتقريبه
من الحق وإرشاده إلى السبيل. وهكذا أهل البيتعليهالسلام تشرق أنوارهم على من يعلمون صفاء قلبه وطهارة طينته
واستعداده للهداية".
فقال له علي بن
الحسين عليهالسلام : يا شيخ هل قرأت القرآن؟. قال : نعم. قال : فهل قرأت هذه
الآية : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى)؟ [الشورى : ٢٣]. قال الشيخ : قرأتها ؛ قال عليهالسلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت في بني إسرائيل: (وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) [الإسراء : ٢٦]؟.
فقال : قد قرأت ذلك ؛ فقال عليهالسلام : فنحن القربى. يا شيخ فهل قرأت هذه الآية : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ
شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) [الأنفال : ٤١]؟.
قال : نعم ؛ فقال عليهالسلام : فنحن القربى. يا شيخ ولكن هل قرأت هذه الآية : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ
عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (٣٣) [الأحزاب :
٣٣]؟. قال : قد قرأت ذلك ؛ فقال عليهالسلام : فنحن أهل البيت الذين اختصّنا الله بآية الطهارة يا شيخ.
فبقي الشيخ ساكتا
ساعة ، نادما على ما تكلم به ، وقال : بالله إنكم هم؟!. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : تالله إنا لنحن هم من غير شك ، وحقّ جدنا رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم إنا لنحن هم!. فبكى الشيخ ورمى عمامته ، ثم رفع رأسه إلى
السماء وقال : الله م إني أتوب إليك من بغض هؤلاء ، وإني أبرأ إليك من عدوّ محمّد
وآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من الجن والإنس.
ثم قال : هل من
توبة؟. فقال له عليهالسلام : نعم ، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا. فقال : أنا تائب.
فبلغ يزيد بن
معاوية حديث الشيخ ، فأمر به فقتل.
٥٢٠ ـ تزيين دار
يزيد ونصب السرير له :
(وسيلة الدارين في أنصار الحسين للزنجاني ، ص ٣٨٣)
ولما أدخلوا
الرؤوس والسبايا دمشق الشام ، أمر يزيد فزيّنت داره بأنواع الزينة ، ونصب ليزيد
سرير مرصّع ، ونصب أطراف سريره كراسي من الذهب والفضة. وجلس يزيد في سريره ، وعلى
رأسه تاج مكلل بالدرّ والياقوت ، وحوله أربعمائة نفر من الأمراء والأعيان والسفراء
، وسفراء الملوك من النصارى وغيرهم ، وحوله كثير من مشايخ قريش.
٥٢١ ـ دار الخضراء
وقصر يزيد :
لما أصبح معاوية
حاكما لدمشق ، بنى في الجنوب الشرقي من المسجد الجامع دارا له ، وجعلها قصرا
للإمارة ، وسماها (دار الخضراء). وبعد أن ضرب على فخذه أثناء صلاته في المسجد ،
جعل بابا يصل بين داره والمسجد مباشرة ، وجعله خاصا به ، وجعل له مقصورة عالية في
المسجد يصلي فيها بعيدا عن الناس.
ولما ولي يزيد
الحكم جعل لسكنه قصرا ملاصقا للمسجد من الجهة الشمالية الشرقية [انظر الشكل ٢٤].
ولعله فعل ذلك ليعزل دار سكنه عن دار الخضراء التي خصّصها لشؤون الحكم.
وجعل لقصره عدة
أبواب ، منها باب رئيسي من الشمال (١) ، وباب يدخل منه إلى المسجد مباشرة (٢) ،
وباب مجاور لباب جيرون (٣) الّذي هو الباب الشرقي للمسجد ، وهذا الباب (٣) مسدود
الآن ، ومنه أدخلت الرؤوس والسبايا على يزيد. ويقع مشهد رأس الحسين عليهالسلام قريبا من هذا الباب في غرفة ملاصقة للمسجد ، لأن يزيد بيّت
رأس الحسين عليهالسلام هناك ليلة ، قبل صلبه على باب قصره ، ثم على باب المسجد ،
ثم على إحدى منارات المسجد. وتذكر بعض الروايات أنه في هذا المكان دفن رأس الحسين عليهالسلام قبل نقله إلى كربلاء.
ولا يبعد أن يكون
حمام النوفرة الحالي جزءا من قصر يزيد. وإذا دخلنا في أول زقاق بعد الحمام نجد
الأحجار الكبيرة التي تشكّل الحائط الشرقي للقصر ، حيث

(الشكل ٢٤) : دار الخضراء
وقصر يزيد الملاصق للمسجد على يمين الداخل من باب جيرون
كان يزيد يجلس على
إحدى الشرفات ، يمتّع نظره بمنظر قدوم سبايا أهل البيت عليهالسلام ورؤوس قتلاهم ، وهم مقبلون من باب جيرون الداخلي نحو
المسجد.
ونلاحظ من جهة
الشمال أن جدار القصر يحاذي تماما جدار المسجد الجامع ، وله هناك باب فخم ، كان
بابا للثانوية التجارية ، ثم أصبح المكان اليوم بيوتا ومحلات تجارية.
ويمثّل مشهد رأس
الحسين عليهالسلام جزءا صغيرا من القصر ، وهو الجزء الغربي الملاصق للمسجد ،
وهو صلة الوصل بين القصر والمسجد ، ومنه كان يدخل يزيد إلى صحن المسجد مباشرة.
ـ تاريخ قصر يزيد
:
(الآثار الإسلامية
في مدينة دمشق لكارل لتسينغر ، ص ١٢٧)
قال كارل عن قصر
يزيد : البناء هو دار عطا العجلاني اليوم ، كانت في السابق مقرا لمدرسة شيخ
المشايخ. أما في الأصل فقد كان المكان قصرا ليزيد بن معاوية
[٦٨٠ ـ ٦٨٣ م].
لاحظ قطع الحجاة الكلاسيكية في الجزء السفلي من الجدار الشرقي للبناء نفسه. وكان
البناء يستخدم سجنا في أيام ابن شاكر ، وكان يعرف بالبيت الحجري (احترق سنة ٥٦٢ ه].
هذا وتقع إلى الشمال
من باب جيرون ، وإلى الشرق من مشهد علي (في الجامع الأموي) المدرسة الرواحية (نسبة
إلى ابن رواحة المتوفى سنة ٦٢٢ ه) والمدرسة الدولعية (التي أنشأها العلامة جمال
الدين الدولعي المتوفى سنة ٦٣٥ ه) ، وكان بيت خديجة يقع إلى الجوار منهما. تضم
الباحة جزءا من واجهة تتمتع بقوسين أصمّين ، وتتناوب فيها المداميك الملونة. ترجع
هذه الواجهة إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي [التاسع الهجري].
إدخال الرؤوس على يزيد
٥٢٢ ـ مدخل حول
ترتيب الحوادث من الزوال في اليوم الأول من صفر :
الروايات متداخلة
، لا يظهر منها بشكل حاسم ، هل أدخلت السبايا إلى يزيد مع الرؤوس ، أم أحدهما سبق
الآخر. لكننا نرجح أن إدخال الرأس الشريف كان سابقا ، لقولهم: "رمي الرأس بين
يدي يزيد ...".
ثم أمر يزيد
بإنزاله من على الرمح ، وإعداده ليعرض في مجلس عام مع السبايا. وبعد ثلاث ساعات
أدخل السبايا إلى مجلس يزيد ، وحصلت ملاسنات بين الإمام زين العابدينعليهالسلام ويزيد الماكر.
وبعد توضيب الرأس
الشريف وتسريحه ، أدخل إلى مجلس يزيد ـ مع بقية الرؤوس ـ على طشت من ذهب. وقد كان
يزيد استدعى الأعيان والوزراء ، ليشاركوه في بهجته وسروره.
ولما شرع يزيد
يضرب ثنايا الحسين عليهالسلام بالقضيب ، اعترض عليه الصحابي أبو برزة الأسلمي وعنّفه.
وحين تمثّل يزيد بأبيات ابن الزبعرى المشرك (ليت أشياخي ببدر شهدوا ...) ردّ عليه
زين العابدين عليهالسلام ، وكذلك العقيلة زينب عليهالسلام.
ثم دخل شمر إلى
المجلس وطلب من يزيد الجائزة على إنجازه للمهمة. ثم دخلت هند زوجة يزيد إلى مجلسه
مستنكرة عليه عمله الشائن.
هذه الحوادث كلها
حدثت في اليوم الأول من دخول السبايا إلى دمشق ، وذلك من الظهر إلى المغرب ، وكان
آخرها قصة الشامي الّذي طلب إحدى بنات الحسين عليهالسلام ليتخذها جارية له يتسرى بها. ثم أودع يزيد السبايا في حبس
الخربة.
أما بقية الحوادث
المروية ، فيمكن أنها حدثت في أيام تالية متفرقة. منها قصة رأس الجالوت ، وقصة
جاثليق النصارى ، وقصة رسول ملك الروم. لأن يزيد كان كل يوم يقيم مجلسا عاما ،
ويحضر فيه رأس الحسين عليهالسلام ، ويشرب الخمر. ولعله في بعضها كان يحضر زين العابدين عليهالسلام والسبايا أيضا ، وفي إحدى المرات كان خطاب زين العابدين عليهالسلام على منبر مسجد دمشق ، وذلك يوم الجمعة التالي.
٥٢٣ ـ لؤم محفّر
بن ثعلبة الأنصاري : (كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٢)
ورفع محفّر بن
ثعلبة الأنصاري صوته مناديا على باب يزيد : جئنا برأس أحمق الناس وألأمهم!. فقال
يزيد : ما ولدت أم محفّر ألأم وأحمق منه ، ولكنه [أي الحسين] قاطع ظالم.
وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٨ : قال ابن محفّز : يا أمير المؤمنين ، جئناك برؤوس هؤلاء
الكفرة اللئام!. فقال يزيد : ما ولدت أم محفّز أكفر وألأم وأذمّ.
وفي رواية (لواعج
الأشجان) ص ١٩١ : فلما انتهوا إلى باب يزيد رفع محفّر بن ثعلبة صوته فقال : هذا
محفّر بن ثعلبة أتى أمير المؤمنين باللئام الفجرة. فأجابه علي بن الحسين عليهالسلام : ما ولدت أم محفّر أشرّ وألأم.
٥٢٤ ـ إدخال حملة
الرؤوس على يزيد :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٨٩)
فخرج حجّاب يزيد
وأدخلوا الذين معهم الرؤوس. فلما دخلوا على يزيد قالوا : بعزّة الأمير قتلنا أهل
بيت أبي تراب واستأصلناهم.
وفي (نفس المهموم)
: رمي الرأس بين يدي يزيد.
٥٢٥ ـ موقف مروان
بن الحكم وأخيه عبد الرحمن من أعمال يزيد :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)
قال أبو مخنف : ثم
أتوا بالرأس إلى باب الساعات ، فوقفوا هناك ثلاث ساعات ، يطلبون الإذن من يزيد.
فبينما هم كذلك ،
إذ خرج مروان بن الحكم. فلما نظر إلى رأس الحسين عليهالسلام صار ينظر إلى أعطافه جذلا طربا. ثم خرج أخوه عبد الرحمن ،
فلما نظر إلى الرأس بكى ، ثم قال: أما أنتم فقد حجبتم عن شفاعة جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والله
لا جامعتكم على
أمر أبدا.
ثم قال : بالعزيز
عليّ يا أبا عبد الله ما نزل بك ، ثم أنشأ يقول :
سميّة أمسى
نسلها عدد الحصى
|
|
وبنت رسول الله
ليس لها نسل!
|
إمام غريب الطفّ
أدنى برأسه
|
|
من ابن زياد وهو
في العالم الرّذل
|
٥٢٦ ـ حامل الرأس يشرح ليزيد ما حدث
في كربلاء :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٨)
قال أبو مخنف :
وأقبلوا بالرأس إلى باب الساعات ، وأوقفوه هناك ثلاث ساعات. ثم أتوا به إلى يزيد
بن معاوية ، وكان مروان جالسا إلى جنبه. فسألهم : كيف فعلتم به؟. فقالوا : جاءنا
في ثمانية عشر من أهل بيته ونيّف وخمسين من أنصاره ، فسألناهم أن ينزلوا على حكم
الأمير أو القتال ، فاختاروا القتال. فقتلناهم عن آخرهم ، وهذه رؤوسهم ، والسبايا
على المطايا.
وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٦ : فأطرق يزيد ساعة ثم رفع رأسه وبكى ، وقال : والله يا هذا
لقد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين. أما والله لو صار إليّ لعفوت عنه. ولكن
قبّح الله ابن مرجانة (يقصد ابن زياد).
فجعل مروان بن
الحكم يهزّ أعطافه ، وأنشد يقول :
يا حبّذا بردك
في اليدين
|
|
ولونك الأحمر في
الخدّين
|
شفيت نفسي من دم
الحسين
|
|
أخذت ثأري وقضيت
ديني
|
وفي (مقدمة مرآة
العقول للمجلسي) للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣٠٤ :
روى الطبري وغيره
قال : لما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد ؛ رأس الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه ، قال يزيد :
__________________
يفلّقن هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
فقال يحيى بن
الحكم أخو مروان ، وكان في المجلس :
لهام بجنب الطفّ
أدنى قرابة
|
|
من ابن زياد
العبد ذي الحسب الوغل
|
سميّة أمسى
نسلها عدد الحصى
|
|
وبنت رسول الله
ليس لها نسل
|
فضرب يزيد في صدر
يحيى ، وقال : اسكت.
(وفي رواية) : أنه
أسرّ إليه ، وقال : سبحان الله أفي هذا الموضع ما يسعك السكوت!.
وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٥٧ : فقال يزيد : نعم!. فلعن الله ابن مرجانة إذ أقدم على قتل
مثل الحسين بن فاطمة. أما والله لو كنت أنا صاحبه لما سألني خصلة إلا أعطيته إياها
، ولدفعت عنه الحتف بكل ما استطعت ، ولو بهلاك بعض ولدي. ولكن إذا قضى الله أمرا
لم يكن له مردّ.
وروي أن يزيد نظر
إلى عبد الرحمن ، وقال : سبحان الله ، أفي هذا الموضع تقول ذلك ، أما يسعك السكوت!.
وفي (العقد الفريد)
لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣٠٨ : لما وضع الرأس بين يدي يزيد تمثّل بقول حصين بن الجاحم
المزني :
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
فقال له علي بن
الحسين عليهالسلام وكان في السبي : كتاب الله أولى بك من الشعر ، يقول الله :
(ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما
فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٢٣) [الحديد : ٢٢
ـ ٢٣].
فغضب يزيد ، وجعل
يعبث بلحيته. ثم قال : غير هذا من كتاب الله أولى بك وبأبيك ، قال الله : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].
__________________
٥٢٧ ـ استنكار هند
بنت عبد الله لأعمال زوجها يزيد :
(مقتل أبي مخنف ، ص ١٢٥)
قال أبو مخنف :
فسمعته هند بنت عبد الله زوجة يزيد ، وكان مشغوفا بها.
قال : فدعت برداء
فتردّت به ، وتقنّعت ووقفت من وراء الستر ، وقالت ليزيد : هل معك أحد؟. قال : أجل.
فأمر من كان عنده بالانصراف. وقال : ادخلي ، فدخلت.
قال : فنظرت إلى
رأس الحسين عليهالسلام فصرخت ، وقالت : ما هذا الّذي معك؟. فقال : رأس الحسين بن
علي. قال : فبكت وقالت : يعزّ والله على فاطمة أن ترى رأس ولدها بين يديك. لقد
فعلت فعلا استوجبت به اللعن من الله ورسوله. (وفي رواية المنتخب ، ص ٤٨٥) : «ويحك
، فعلت فعلة استوجبت بها النار يوم القيامة». والله ما أنا لك بزوجة ولا أنت لي
ببعل. فقال لها : ما أنت وفاطمة؟!. فقالت : بأبيها وبعلها وبنيها هدانا الله
وألبسنا هذا القميص. ويلك يا يزيد ، بأي وجه تلقى الله ورسوله؟!. فقال لها : يا
هند دعي هذا الكلام.
(وفي رواية):
" ارتدعي يا هند من كلامك هذا ، والله ما أخبرت بذلك ولا أمرت به".
فخرجت باكية وتركته.
وفي (معالي
السبطين) للمازندراني ، ج ٢ ص ١٧٥ : فقامت [هند] وحسرت رأسها وشقّت الثياب وهتكت
الستر ، وخرجت حافية إلى يزيد وهو في مجلس عام ، وقالت : يا يزيد أنت أمرت برأس
الحسين عليهالسلام يشال على الرمح عند باب الدار؟. أرأس ابن فاطمة بنت رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصلوب على فناء داري؟!.
يقول الدربندي في (أسرار
الشهادة) ص ٥١٦ : ويظهر أن استنكار هذه المرأة الحرة لأعمال يزيد ، ودخولها على
مجلسه ، حدث عدة مرات :
الأولى : في اليوم
الأول بعد انصراف الناس من المجلس ، وهو المشار إليه أولا.
الثانية : بعد صلب
الرأس على باب القصر ، وهو المشار إليه ثانيا.
الثالثة : رؤيا
هند قبيل تسيير السبايا إلى المدينة. وكان ذلك الإستنكار من دوافع يزيد إلى
الإسراع في تسيير السبايا إلى المدينة والتخلص منهم.
٥٢٨ ـ شمر يطلب
الجائزة من يزيد : (أسرار الشهادة للدربندي ، ٤٩٨)
ثم دخل عليه الشمر
وجعل يقول :
املأ ركابي فضة
أو ذهبا
|
|
إني قتلت السيّد
المهذّبا
|
قتلت خير الناس
أما وأبا
|
|
وأكرم الناس
جميعا حسبا
|
سيد أهل الحرمين
والورى
|
|
ومن على الخلق
معا منتصبا
|
طعنته بالرمح
حتى انقلبا
|
|
ضربته بالسيف
ضربا عجبا
|
قال : فنظر إليه
يزيد شزرا ، وقال له : أملأ الله ركابك نارا وحطبا ، إذا علمت أنه خير الناس أما
وأبا ، فلم قتلته؟!. قال شمر : أطلب بذلك الجائزة من عندك.
قال : فلكزه يزيد
بزبال سيفه ، وقال : لا جائزة لك عندي ، فولّى هاربا (خَسِرَ الدُّنْيا
وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ) [الحج : ١١].
إدخال السبايا على يزيد في مجلس عام
٥٢٩ ـ علي بن
الحسين عليهالسلام أول من دخل :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٢)
قيل : إن أول من
دخل شمر بن ذي الجوشن بعلي بن الحسين عليهالسلام ، مغلولة يداه إلى عنقه. فقال له يزيد : من أنت يا غلام؟.
قال : أنا علي بن الحسين. فأمر برفع الغل عنه.
٥٣٠ ـ إدخال آل
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى مجلس يزيد :
(مقدمة مرآة العقول ، ج ٢ ص ٣٠٤)
روى الطبري قال :
جلس يزيد بن
معاوية ، ودعا أشراف أهل الشام ، فأجلسهم حوله. ثم دعا بعلي ابن الحسين عليهالسلام وصبيان الحسين ونسائه ، فأدخلوا عليه ، والناس ينظرون.
وروى سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ١٤٩ وغيره : أن الصبيان والصبيات من بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا موثّقين في الحبال.
٥٣١ ـ عدد الذكور
الذين أدخلوا على يزيد :
(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ص ٥)
قال : وذكروا أن
أبا معشر قال : حدثني محمّد بن الحسين بن علي ، قال : دخلنا على يزيد ، ونحن اثنا
عشر غلاما ، مغلّلين في الحديد وعلينا قميص. فقال يزيد : أخلصتم أنفسكم بعبيد أهل
العراق؟. وما علمت بخروج أبي عبد الله حين خرج ، ولا بقتله حين قتل!.
٥٣٢ ـ كيف ادخل
السبايا على يزيد وهم مربوطون بالحبال :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٢)
قال الإمام الباقر
عليهالسلام : أتى بنا يزيد بن معاوية بعدما قتل الحسين بن علي عليهالسلام ونحن اثنا عشر غلاما ، وكان أكبرنا يومئذ علي بن الحسين عليهالسلام ، فأدخلنا عليه ، وكان كل واحد منا مغلولة يده إلى عنقه.
وفي (الأنوار
النعمانية) : أدخلوهن [أي السبايا] وهن مربقات بحبل طويل ، وزحر ابن قيس يجرّهن.
وفي (المنتخب) قال
علي بن الحسين عليهالسلام : لما وفدنا على يزيد ، أتونا بحبل وربقونا مثل الأغنام.
وكان الحبل بعنقي وعنق أم كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبنات عليهالسلام. وساقونا ؛ وكلما قصّرنا عن المشي ضربونا ، حتى أوقفونا
بين يدي يزيد ، وهو على سرير مملكته.
٥٣٣ ـ من الّذي
غلب؟ يزيد أم الحسين عليهالسلام؟ :
(المصدر السابق ، ص ٩٤)
قال المفيد : فلما
انتهوا إلى باب يزيد ، استقبلهم إبراهيم بن طلحة بن عبيد الله ، وقال : يا علي بن
الحسين ، من غلب؟. وهو يغطي وجهه. فقال له علي بن الحسينعليهالسلام: إذا أردت أن تعلم من غلب ، ودخل وقت الصلاة ، فأذّن وأقم (تعرف
من غلب).
٥٣٤ ـ نساء يزيد
يولولن عند دخول السبايا :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٠)
وفي خبر عن (الأمالي)
: ثم أدخل نساء الحسين عليهالسلام على يزيد بن معاوية ،
فصاحت نساء آل
يزيد وبنات معاوية وأهله ، وولولن وأقمن المآتم ، ووضع رأس الحسينعليهالسلام بين يديه.
وقال السيد ابن
طاووس : ثم أدخل ثقل الحسين عليهالسلام ونساؤه ومن تخلّف من أهله على يزيد ، وهم مقرّنون في
الحبال ، وزين العابدين عليهالسلام مغلول. فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال ، قال له
علي بن الحسين عليهالسلام : أنشدك الله يا يزيد ، ما ظنّك برسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم لو رآنا على هذه الصفة؟. (فلم يبق في القوم أحد إلا وبكى).
فأمر يزيد بالحبال فقطّعت (وأمر بفكّ الغلّ عن زين العابدين). ثم وضع رأس الحسين عليهالسلام بين يديه ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.
محاورة سكينة بنت الحسين عليهالسلام ليزيد
٥٣٥ ـ يزيد يتعرف
على السبايا ويسأل عن أسمائهن :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٦ ط ٢)
ثم إن يزيد أمر
بإحضار السبايا ، فأحضروا بين يديه. فلما حضروا عنده جعل ينظر إليهن ، ويسأل من
هذه ، من هذا؟. فقيل : هذه أم كلثوم الكبرى ، وهذه أم كلثوم الصغرى ، وهذه صفيّة ،
وهذه أم هاني ، وهذه رقية : بنات علي عليهالسلام. وهذه سكينة ، وهذه فاطمة : بنتا الحسين عليهالسلام ، وهذا علي بن الحسين عليهالسلام.
فالتفت اللعين إلى
سكينة ، وقال : يا سكينة أبوك الّذي جهل حقي ، وقطع رحمي ، ونازعني في ملكي!.
٥٣٦ ـ تقريع سكينة
ليزيد : (المصدر السابق ، ص ٤٨٦)
فبكت سكينة عليهالسلام وقالت : لا تفرح بقتل أبي ، فإنه كان مطيعا لله ولرسوله ،
ودعاه إليه فأجابه ، وسعد بذلك. وإن لك يا يزيد بين يدي الله مقاما يسألك عنه ،
فاستعدّ للمسألة جوابا ، وأنّى لك الجواب!.
وفي (أسرار
الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :
عن (الأنوار
النعمانية) : أن الحريم لما دخلن في السبي على يزيد ، وكان يطلع فيهن ويسأل عن كل
واحدة بعينها ، وهن مربقات بحبل طويل ، وزجر بن قيس يجرّهن ، حتى أقبلت امرأة ،
وكانت تستر وجهها بزنديها ، لأنها لم يكن لها خرقة تستر بها وجهها ، فقال : من هذه
التي ليس لها ستر؟. قالوا : سكينة بنت
الحسين (ع). قال :
أنت سكينة؟ فسالت دموعها على خدها ، واختنقت بعبرتها. فسكت عنها حتى كادت أن تطلع
روحها من البكاء. فقال لها : وما يبكيك؟. قالت : كيف لا تبكي من ليس لها ستر تستر
به وجهها ورأسها عنك!. فبكى يزيد وأهل مجلسه.
ثم قال : لعن الله
عبيد الله بن زياد ، ما أقوى قلبه على آل الرسول!. ثم أقبل إليها وقال : ارجعي مع
النسوة ، حتى آمر بكنّ أمري.
٥٣٧ ـ زين
العابدين عليهالسلام يستثير عطف يزيد على السبايا :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠١)
وفي رواية (الفصول
المهمة) لابن الصباغ المالكي : ثم أمر بعلي بن الحسين عليهالسلام وأدخل إليه مغلولا. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : يا يزيد لو رآنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مغلولين لفكّه عنا ؛ فأمر بفكّه عنه. فقال عليهالسلام : لو رآنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على بعد لأحب أن يقرّبنا إليه ؛ فأمر به فقرّب منه.
إدخال الرأس المطهّر
٥٣٨ ـ إعداد الرأس
الشريف :
قال سهل بن سعد :
فدخلت مع من دخل لأنظر ما يصنع يزيد. فأمر بحطّ الرأس عن الرمح ، وأن يوضع في طشت
ذهب ، ويغطى بمنديل ديبقي [أي منسوج من الشعر المضفور] ، ويدخل به عليه.
٥٣٩ ـ تسريح شعر
الرأس الشريف ولحيته :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)
عن (مستدرك
الوسائل) للنوري ، عن زهرة بل الرياض ، قال :
وضعوا الرأس بين
يديه بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت.
وفي (أخبار الدول)
للقرماني ، ص ١٠٨ قال :
فلما وضع الرأس
بين يديه يزيد ، بعدما غسّلوه ، وسرّحوا لحيته وشعره ، وجعلوه في طشت من ذهب ؛
فجعل يزيد ينكت ثناياه بقضيب في يده.
٥٤٠ ـ يزيد يبدي
اشمئزازه من رائحة رأس الحسين عليهالسلام :
(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٥٦)
ثم جيء برأس
الحسين عليهالسلام فوضع بين يدي يزيد ، فأمر الغلام فرفع الثوب الّذي كان
عليه. فحين رآه غطّى وجهه بكمّه كأنه شمّ رائحة ، وقال : الحمد لله الّذي كفانا
المؤن بغير مؤنة (كُلَّما أَوْقَدُوا
ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) [المائدة : ٦٤].
٥٤١ ـ رائحة المسك
تفوح من الرأس الشريف :
(المصدر السابق)
قالت (دبا) حاضنة
يزيد : دنوت من رأس الإمام الحسين عليهالسلام حين شمّ يزيد منه رائحة لم تعجبه ، فإذا تفوح منه رائحة من
روح الجنة كالمسك الأذفر ، بل أطيب.
وفي (سفينة البحار)
ج ١ ص ٤٩٢ :
روي : أنه لما
أدخل بالرأس الشريف على يزيد ، كان للرأس طيب قد فاح على كل طيب.
٥٤٢ ـ يزيد يطلب إحضار
الرأس الشريف بين يديه :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٤ ط ٢)
يقول الطريحي : ثم
إن يزيد بعث يطلب الرأس ، فلما أوتي به إليه ، وضعه في طشت من ذهب ، وجعل ينكث
ثناياه بقضيب كان عنده ، وهو يقول : رحمك الله يا حسين ، لقد كنت حسن المضحك. ثم
أنشأ :
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
ويقول السيد
الأمين في (اللواعج) ص ١٩٥ :
ثم وضع رأس الحسين
عليهالسلام بين يدي يزيد ، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه.
ويقول السيد
المقرّم في مقتله ، ص ٤٥٥ :
ودعا يزيد برأس
الحسين عليهالسلام ووضعه أمامه في طست من ذهب ، وكان النساء خلفه. فقامت
سكينة وفاطمة تتطاولان النظر إليه ، ويزيد يستره عنهما ، فلما رأينه صرخن بالبكاء.
٥٤٣ ـ ما فعلته
زينب عليهالسلام لما رأت الرأس الشريف :
(لواعج الأشجان ، ص ١٩٥)
وأما زينب عليهالسلام فإنها لما رأت رأس الحسين عليهالسلام أهوت إلى جيبها فشقّته ، ثم نادت بصوت حزين يقرّح القلوب :
يا حسيناه ، يا حبيب رسول الله ، يابن مكة ومنى ، يابن فاطمة الزهراء سيدة النساء
، يابن بنت المصطفى.
قال الراوي :
فأبكت والله كلّ من كان حاضرا في المجلس ، ويزيد ساكت ، وهو بذاك شامت.
٥٤٤ ـ فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام تستنكر على يزيد فعله :
(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ، ص ١٧٦)
ثم إنه أدخل نساء
الحسين والرأس بين يديه ، فجعلت فاطمة وسكينة تتطاولان لتنظرا إلى الرأس ، وجعل
يزيد يستره عنهما. فلما رأينه صرخن وأعلنّ بالبكاء ، فبكت لبكائهن نساء يزيد وبنات
معاوية ، فولولن وأعلنّ الصوت.
وفي (أسرار
الشهادة) للفاضل الدربندي ، ص ٥٠٠ :
قال سهل بن سعد :
ووضع الرأس الشريف في حقّة ، وأدخل على يزيد ، وهو جالس على السرير ، وحوله كثير
من مشايخ قريش.
وفي (مقتل الحسين
لأبي مخنف المنقول من تاريخ الطبري) ص ٢١٧ :
فقالت فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام وكانت أكبر من سكينة : أبنات رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا يا يزيد؟. (أيسرك هذا؟). فقال يزيد : يا ابنة أخي (والله
ما يسرّني) وأنا لهذا كنت أكره. قالت : والله ما ترك لنا خرص. قال : يا ابنة أخي
ما أتى إليك أعظم مما أخذ منك.
فبكى الناس ، وبكى
أهل داره ، حتى علت الأصوات.
٥٤٥ ـ سكينة عليهالسلام تشهد على قساوة يزيد :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٥٥ ط ٣)
ووضع رأس الحسين عليهالسلام بين يدي يزيد ، فقالت سكينة : ما رأيت أقسى قلبا من يزيد ،
ولا رأيت كافرا ولا مشركا شرّا منه ، ولا أجفى منه.
وأقبل يقول وينظر
إلى الرأس :
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
٥٤٦ ـ يزيد يستنكر أن يكون الحسين
وآله أفضل من يزيد وآله :
(مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٧)
ثم أتي بالرأس حتى
وضع بين يدي يزيد في طست من ذهب. فنظر إليه وأنشد :
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
ثم أقبل على أهل
المجلس ، وقال : إن هذا كان يفخر عليّ ويقول : أبي خير من أبي يزيد ، وأمي خير من
أمه ، وجدي خير من جده ، وأنا خير منه ؛ فهذا الّذي قتله .. فأما قوله بأن أباه
خير من أبي ، فلقد حاجّ أبي أباه فقضى الله لأبي على أبيه. وأما قوله بأن أمي خير
من أمه ، فلعمري لقد صدق ، إن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خير من أمي. وأما قوله بأن جده خير من جدي ، فليس لأحد
يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقول بأنه خير من محمّد. وأما قوله بأنه خير مني ،
فلعله لم يقرأ : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ
الْمُلْكِ ، تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ، وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ
، ... بِيَدِكَ الْخَيْرُ ، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)!.
وقد روى الطريحي
في (المنتخب) ص ٤٩٣ ط ٢ هذه المحاورة ، أنها كانت بين يزيد والسيدة زينب عليهالسلام قال :
لما دعا اللعين
يزيد بسبي الحسين عليهالسلام وعرضوا عليه ، قالت له زينب بنت علي عليهالسلام : يا يزيد أما تخاف الله سبحانه من قتل الحسين عليهالسلام؟. وما كفاك حتى تستحثّ حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من العراق إلى الشام؟ وما كفاك انتهاك حرمتهن حتى تسوقنا
إليك كما تساق الإماء ، على المطايا بغير وطاء ، من بلد إلى بلد؟!.
فقال لها يزيد :
إن أخاك الحسين قال : أنا خير من يزيد ، وأبي خير من أبيه ، وأمي خير من أمه ،
وجدي خير من جده. فقد صدق في بعض ، وألحن في بعض. أما جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو خير البرية ، وأما أن أمه خير من أمي ، وأباه خير من
أبي ، كيف ذلك وقد حاكم أبوه أبي؟. ثم قرأ : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ
الْمُلْكِ) (٢٦) [آل عمران :
٢٦].
فقالت زينب عليهالسلام : (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١٧٠) [آل عمران :
١٦٩ ـ ١٧٠].
ثم قالت : يا يزيد
، ما قتل الحسين غيرك ، ولولاك لكان ابن مرجانة أقلّ وأذل. أما خشيت الله بقتله؟
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه وفي أخيه :
«الحسن والحسين
سيّدا شباب أهل الجنة»؟. فإن قلت : لا ، فقد كذبت ، وإن قلت : نعم ، فقد خصمت
نفسك. فقال يزيد : (ذُرِّيَّةً بَعْضُها
مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران : ٣٤]
وبقي خجلانا.
وهو مع ذلك لم
يرتدع عن غيّه ، وبيده قضيب ينكث به ثنايا الحسين عليهالسلام.
يزيد يضرب الرأس الشريف
٥٤٧ ـ يزيد يضرب
بالقضيب ثغر الحسين عليهالسلام :
(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٣٩)
ثم دعا يزيد بقضيب
خيزران ، فجعل ينكت به [أي يضرب] ثنايا الحسين عليهالسلام وهو يقول : لقد كان أبو عبد الله حسن المنطق.
وفي رواية الخوارزمي
: لقد كان حسن المضحك.
وفي رواية : وأخذ
يزيد القضيب ، وجعل ينكت ثغر الحسين عليهالسلام ، ويقول : يوم بيوم بدر.
٥٤٨ ـ يزيد يكسر
ثنايا الحسين عليهالسلام بالقضيب :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)
عن (مستدرك
الوسائل) للنوري ، عن زهرة بل الرياض ، قال : لما وضع الرأس الشريف بين يدي يزيد ،
أخذ قضيبا فضرب به ثنايا الحسين عليهالسلام حتى كسرت [أي ثناياه]. والثنايا هي الأسنان الأمامية من
الفم.
__________________
٥٤٩ ـ شماتة يزيد
: (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٩٩)
وفي ذيل رواية
صاحب المناقب : ووضع الرأس في حقّة ، ودخلوا على يزيد ... إلى أن قال : ووضع رأس
الحسين عليهالسلام على طبق من ذهب ، وهو يقول : كيف رأيت يا حسين؟!.
وقال المفيد صاحب (الفصول)
: ولما وضعت الرؤوس بين يدي يزيد ، وفيها رأس الحسين عليهالسلام قال يزيد :
نفلّق هاما من
أناس أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
وزاد صاحب (الفصول)
قول يزيد : وما أنا وهذا إلا كما قال الحصين :
أبى قومنا أن
ينصفونا فأنصفت
|
|
قواضب في
أيماننا تقطر الدّما
|
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
قال أبو مخنف :
فجعل يزيد ينكث ثنايا الحسين عليهالسلام بهذه الأبيات ، وهو ينشد ويقول :
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعفّ وأصبر
|
وأكرم عند الله
منا محلة
|
|
وأفضل في كل
الأمور وأفخر
|
عدونا وما
العدوان إلا ضلالة
|
|
عليهم ومن يعدو
عن الحق يخسر
|
فإن تعذلوا
فالعذل ألقاه آخرا
|
|
إذا ضمّنا يوم
القيامة محشر
|
ولكننا فزنا
بملك معجّل
|
|
وإن كان في
عقباه نار تسعّر
|
وفي بعض نسخ كتاب (مقتل
أبي مخنف) ذكر هذه الأبيات :
كيف رأيت الضرب
يا حسين
|
|
شفيت قلبي من دم
الحسين
|
أخذت ثاري وقضيت
ديني
|
|
يا ليت من شاهد
في الحنين
|
يرون
فعلي اليوم بالحسين
|
قال : ولم يزل
يفتخر في فرح وسرور وشرب خمر.
٥٥٠ ـ ما قاله
يزيد حين وضع الرأس بين يديه :
(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٢)
ثم أذن للناس
فدخلوا عليه والرأس بين يديه ، ومعه قضيب وهو ينكت به ثغره.
ثم قال : إن هذا
وإيانا كما قال الحصين بن الحمام :
أبى قومنا أن
ينصفونا فأنصفت
|
|
قواضب في
أيماننا تقطر الدّما
|
نفلّق هاما من
رجال أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
فقال له أبو برزة
الأسلمي : يا يزيد ارفع قضيبك ...
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف :
وذكر ابن أبي
الدنيا : أنه لما نكث بالقضيب ثناياه ، أنشد أبيات الحصين ابن الحمام المرّي :
صبرنا وكان
الصبر منا سجية
|
|
بأسيافنا تفرين
هاما ومعصما
|
نفلّق هاما من
رؤوس أحبة
|
|
إلينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
قال مجاهد : فو
الله لم يبق في الناس أحد إلا سبّه وعابه وتركه.
٥٥١ ـ ما فعل يزيد بالرأس الشريف :
(إسعاف الراغبين
للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٠)
وصار يزيد يضرب
الرأس الشريف بقضيب كان معه ، ويقول : لقيت بغيك يا حسين. وبالغ في الفرح ، ثم ندم
لمّا مقته المسلمون على ذلك ، وأبغضه العالم.
وفي هذه القصة
تصديق لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : " إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا ،
وإن أشدّ قومنا لنا بغضا بنو أمية وبنو مخزوم". رواه الحاكم في المستدرك.
منكرون وناقمون
كثيرون أولئك
الذين لم يسكتوا على الباطل ، وقالوا قولة الحق أمام السلطان الجائر .. من أول
هؤلاء أبو برزة الأسلمي صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي كان في مجلس يزيد ، ورآه ينكت بالخيزران فم الحسين عليهالسلام.
ولم يقتصر ذلك
الإنكار على المسلمين ، بل تعدّاهم إلى غيرهم ، مثل ممثل ملك الروم ، والحبر
اليهودي ، ورأس الجالوت.
وحتى من داخل
الأسرة الأموية انطلقت صيحات الاستنكار على يزيد وطغيانه ؛ منهم يحيى بن الحكم
وأخوه عبد الرحمن ، وعاتكة بنت يزيد ، وهند بنت عبد الله زوجة يزيد. وآخرها خطاب
معاوية الثاني ابن يزيد بعد هلاك أبيه.
٥٥٢ ـ استنكار أبي
برزة الأسلمي لعمل يزيد :
(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٩)
فجعل يزيد ينكث
ثناياه بقضيب في يده. فقال له أبو برزة الأسلمي : أتنكث بقضيبك في ثغر الحسين عليهالسلام!. والذي لا إله إلا هو ، لقد رأيت شفتي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على هاتين الشفتين يقبلهما. أما إنك يا يزيد تجيء يوم
القيامة ، وابن زياد شفيعك ، ويجيء هذا [أي الحسين] ومحمد شفيعه. ثم قام فولّى.
وفي (المنتخب)
للطريحي ، ص ٤٩٤ ط ٢ :
فدخل عليه رجل من
الصحابة (ونقل أنه زيد بن أرقم) فقال له : يا يزيد ، فو الله الّذي لا إله إلا هو
، لقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّلهما مرارا كثيرة ، ويقول له ولأخيه الحسن : «اللهم إن
هذان وديعتي عند المسلمين». وأنت يا يزيد ، هكذا تفعل بودائع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!.
قال : ثم إن يزيد
غضب عليه وأمر به فسجن. حتى نقل أنه مات وهو في السجن.
٥٥٣ ـ ملاسنة أبي
برزة الأسلمي ليزيد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)
قال ابن أبي
الدنيا : وكان عنده أبو برزة الأسلمي ، فقال له : يا يزيد ارفع قضيبك ، فو الله
لطالما رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّل ثناياه.
وذكر البلاذري أن
الّذي كان عند يزيد وقال هذه المقالة هو أنس بن مالك. وهو غلط من البلاذري ، لأن
أنسا كان بالكوفة عند ابن زياد ، ولما جيء بالرؤوس بكى. وقد ذكرناه سابقا.
وفي (مقتل الحسين)
للخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٧ :
فأقبل عليه أبو
برزة الأسلمي (أو غيره من الصحابة) وقال له : ويحك يا يزيد!. أتنكت بقضيبك ثغر
الحسين بن فاطمة عليهالسلام؟. لقد أخذ قضيبك هذا مأخذا من ثغره!. أشهد لقد رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ، ويقول : «أنتما سيدا شباب
أهل الجنة. قتل الله قاتلكما ولعنه ، وأعدّ له جهنم وساءت مصيرا». أما أنت يا يزيد
فتجيء يوم القيامة ، وعبيد الله بن زياد شفيعك ، ويجيء هذا ومحمد شفيعه.
فغضب يزيد وأمر
بإخراجه من المجلس ، فأخرج سحبا. وزاد في تنكيث ثنايا الحسينعليهالسلام. وجعل يزيد بعده يتمثل بأبيات ابن الزّبعرى.
٥٥٤ ـ استنكار
سمرة بن جندب :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٨)
وقيل : إن الّذي
ردّ عليه ليس أبا برزة ، بل هو سمرة بن جندب صاحب رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وقال ليزيد : قطع الله يدك يا يزيد ، أتضرب ثنايا طالما
رأيت رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم يقبّلهما ويلثم هاتين الشفتين؟!.
فقال له يزيد : لو
لا صحبتك لرسول الله لضربت والله عنقك.
فقال سمرة : ويلك
تحفظ لي صحبتي من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا تحفظ لابن رسول الله بنوّته؟. فضجّ الناس بالبكاء ،
وكادت أن تكون فتنة.
٥٥٥ ـ استنكار
الحسن البصري لأعمال يزيد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)
وروى ابن أبي
الدنيا عن الحسن البصري ، قال : ضرب يزيد رأس الحسين عليهالسلام ومكانا كان يقبّله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثم تمثّل الحسن البصري :
سميّة أمسى
نسلها عدد الحصى
|
|
وبنت رسول الله
ليس لها نسل!
|
الشعر الّذي تمثّل به يزيد
٥٥٦ ـ الأشعار
التي تمثّل بها يزيد :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٨)
ثم كشف يزيد عن
ثنايا رأس الحسين عليهالسلام بقضيبه ونكثه به ، وأنشد قول الحصين بن الحمام المرّي :
أبى قومنا أن ينصفونا
فأنصفت
|
|
قواضب في
أيماننا تقطر الدّما
|
صبرنا وكان
الصبر منا عزيمة
|
|
وأسيافنا يقطعن
كفا ومعصما
|
نفلّق هاما من
أناس أعزّة
|
|
علينا ، وهم
كانوا أعقّ وأظلما
|
فقال له بعض
جلسائه : ارفع قضيبك ، فو الله ما أحصي ما رأيت شفتي محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم في مكان قضيبك يقبّله.
٥٥٧ ـ يزيد يتمثل
بأشعار عبد الله بن الزبعرى المشرك :
(المصدر السابق ؛ والمنتخب للطريحي ص ٤٨٤)
فسكت يزيد ، وإذا
بغراب ينعق ويصيح من أعلى القصر ، فأنشأ يزيد يقول :
يا غراب البين
ما شئت فقل
|
|
إنما تندب أمرا
قد فعل
|
كل ملك ونعيم
زائل
|
|
وبنات الدهر يلعبن بكلّ
|
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
لأهلّوا
واستهلّوا فرحا
|
|
ثم قالوا : يا
يزيد لا تشل
|
قد قتلنا القرم
من ساداتهم
|
|
وعدلناه ببدر
فاعتدل
|
وأخذنا من علي
ثارنا
|
|
وقتلنا الفارس
الليث البطل
|
لست من خندف إن لم أنتقم
|
|
من بني أحمد ما
كان فعل
|
لعبت هاشم
بالملك فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
ـ قصيدة ابن الزبعرى المشرك التي قالها بعد وقعة
أحد :
(سيرة ابن هشام ، ج ٣ ص ١٤٣)
قال عبد الله بن
الزّبعرى المشرك بعد وقعة أحد ، يبيّن أنه وقومه قد أخذوا ثأرهم من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقاء قتلاهم في بدر ، وهي القصيدة التي تمثّل يزيد ببعض
أبياتها لما وضع رأس الحسين عليهالسلام بين يديه :
يا غراب البين
أسمعت فقل
|
|
إنما تنطق شيئا
قد فعل
|
إن للخير
وللشرمدى
|
|
وكلا ذلك وجه
وقبل
|
__________________
كل عيش ونعيم
زائل
|
|
وبنات الدهر
يلعبن بكلّ
|
كم قتلنا من
كريم سيّد
|
|
ماجد الجدّين
مقدام بطل
|
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
حين حكّت بقباء
بركها
|
|
واستحرّ القتل
في عبد الأشل
|
فقتلنا الضّعف
من أشرافهم
|
|
وعدلنا ميل بدر
فاعتدل
|
ـ تحقيق الأبيات التي تمثّل بها يزيد :
(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣٠٧)
روى ابن أعثم
والخوارزمي وابن كثير وغيرهم ، أن يزيد جعل يتمثّل بأبيات ابن الزّبعرى التالية :
١ ليت أشياخي ببدر شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
٢ لأهلّوا واستهلّوا فرحا
|
|
ثم قالوا : يا
يزيد لا تشل
|
٣ قد قتلنا القرم من ساداتهم
|
|
وعدلناه ببدر
فاعتدل
|
قال ابن أعثم في (الفتوح)
ج ٢ ص ٢٤١ : ثم زاد فيها هذا البيت :
٤ لست من عتبة إن لم أنتقم
|
|
من بني أحمد ما
كان فعل
|
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧١ ط ٢ نجف قال :
المشهور عن يزيد
في جميع الروايات أنه لما حضر الرأس بين يديه ، جمع أهل الشام ، وجعل ينكت عليه
بالخيزران ، ويقول أبيات ابن الزّبعرى :
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
قد قتلنا القرن
من ساداتهم
|
|
وعدلناه ببدر
فاعتدل
|
قال الشعبي : وزاد
فيها يزيد فقال :
لعبت هاشم بالملك
فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
لست من خندف إن
لم أنتقم
|
|
من بني أحمد ما
كان فعل
|
وفي (الفتوح) لابن
أعثم ، ج ٥ ص ٢٤١ ، بعد البيت الثاني :
حين ألقت بقباء
بركها
|
|
واستحرّ القتل
في عبد الأشل
|
__________________
وفي (مقتل
الخوارزمي) قبل البيت الأول :
يا غراب البين
ما شئت فقل
|
|
إنما تندب أمرا
قد فعل
|
كلّ ملك ونعيم
زائل
|
|
وبنات الدهر
يلعبن بكلّ
|
وجاء فيه أيضا ،
وفي (اللهوف) ص ٦٩ ، بعد البيت الرابع :
لعبت هاشم بالملك
فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
فتكون الأبيات
التي زادها يزيد من عنده هي الثاني والرابع والخامس.
قال العلامة
المجلسي في (البحار) ج ٤٥ حاشية ص ١٣٣ :
استشهد يزيد ببيت
من القصيدة وهو الأول [ليت أشياخي] والباقي من إنشائه.
ثم قال سبط ابن
الجوزي :
قال مجاهد : فلا
نعلم الرجل إلا قد نافق في قوله هذا.
وقال شيخ السنّة
أحمد بن الحسين : وآخر كلام يزيد لا يشبه أوله ، ولم أكتبه من وجه يثبت مثله ؛ فإن
كان قاله ، فقد كان ضمّ إلى فعل الفجّار ـ في قتل الحسينعليهالسلام وأهل بيته ـ أقوال الكفار. والله يعصمنا من الخطأ والزلل.
يزيد مع الإمام السجّاد عليهالسلام
٥٥٨ ـ ردّ الإمام
زين العابدين عليهالسلام على أشعار يزيد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)
قال هشام بن محمّد
: لما أنشد يزيد الأبيات ، قال له علي بن الحسين عليهالسلام : بل ما قال الله أولى : (ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢) [الحديد : ٢٢].
وفي (الإمامة
والسياسة) لابن قتيبة ، ص ٥ : (قال) فغضب يزيد ، وجعل يعبث بلحيته ، وقال : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].
وكان علي بن
الحسين عليهالسلام والنساء موثقين في الحبال ، فناداه علي عليهالسلام : يا يزيد ، ما ظنّك برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لو رآنا موثّقين في الحبال ، عرايا على أقتاب الجمال؟. فلم
يبق في القوم إلا من بكى.
٥٥٩ ـ يزيد يهمّ
بقتل زين العابدين عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٦٨ ط ٣)
في تفسير علي بن
إبراهيم ، قال الإمام الصادق عليهالسلام : لما أدخل رأس الحسين بن علي عليهالسلام على يزيد ، وأدخل عليه علي بن الحسين عليهالسلام وبنات أمير المؤمنين عليهالسلام ، كان علي بن الحسين عليهالسلام مقيّدا مغلولا. فقال يزيد : يا علي بن الحسين ، الحمد لله
الّذي قتل أباك!. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : لعن الله من قتل أبي.
قال : فغضب يزيد
وأمر بضرب عنقه. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : فإذا قتلتني ، فبنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من يردّهن إلى منازلهن ، وليس لهنّ محرم غيري؟ فقال يزيد :
أنت تردّهن إلى منازلهن.
ثم دعا بمبرد ،
فأقبل يبرد (الجامعة) من عنقه بيده. ثم قال له : يا علي ابن الحسين ، أتدري ما
الّذي أريد بذلك؟. قال : بلى ، تريد أن لا يكون لأحد عليّ منّة غيرك. فقال يزيد :
هذا والله ما أردت.
٥٦٠ ـ مجادلة زين
العابدين عليهالسلام مع يزيد في آية من القرآن :
(المصدر السابق)
ثم قال يزيد : يا
علي بن الحسين (وَما أَصابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) [الشورى : ٣٠]. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : كلا ، ما هذه فينا نزلت ، إنما نزلت فينا : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ
وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ
عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا
عَلى ما فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ
فَخُورٍ) (٢٣) [الحديد : ٢٢
ـ ٢٣]. فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا ، ولا نفرح بما آتانا منها.
وفي رواية الشعبي
: ثم أمر أن يدخل عليه بعلي بن الحسين عليهالسلام ، فأدخل والنسوة من خلفه. فقال يزيد : من أنت يا غلام؟.
فقال له : يا يزيد أنت أعرف الناس بي ، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام. قال يزيد : أليس قد قتل علي بن الحسين؟. قال : ذاك أخي
علي الأوسط. قال يزيد : وإلى القتل آتي بك يا علي. ثم أمر بقتله ، فأخرج. فصاحت
زينب عليهالسلام : إلى أين يراد بك؟. فقال عليهالسلام : إلى القتل. فصاحت أم كلثوم وزينب : وحسبك يا يزيد من
دمائنا. نناشدك الله إن قتلته فاقتلنا (معه). فأمر بردّه.
ثم قال : يا علي ،
أراد أبوك أن يدعى بأمير المؤمنين ، فقطع الله شأفته ، ومنحني أعناقكم ؛ فأخذت أموالكم
، وقتلت رجالكم ، وسبيت نساءكم ، وأبطلت أحدوثتكم. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : (بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي
أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى
اللهِ يَسِيرٌ) (٢٢) [الحديد :
٢٢]. فرفع يزيد رأسه إليه ولم يضرب عنقه ، فأخرج من بين يديه. فصاحت به أم كلثوم :
إلى أين يا حبيبي؟. فقال لها : إلى السيف يا عمة. فصاحت : وا غوثاه بالله عزوجل ، وا بقية من لا يبقى (من) سلالة نبي الهدى ، يا بقية ابن
علي المرتضى.
قال : فضجّ الناس
بالبكاء. فقال رجل من القوم : يا يزيد ردّ الغلام ، وإلا فأنت مقتول. فردّه.
٥٦١ ـ مجادلة
الطفل محمّد الباقر عليهالسلام ليزيد في محضر أبيه زين العابدين عليهالسلام :
(نفس المهموم للشيخ عباس القمي ، ص ٤٣٧)
وفي (إثبات الوصية)
للمسعودي ، ص ٣٠ :
فلما استشهد
الحسين عليهالسلام حمل علي بن الحسين عليهالسلام مع الحرم ، وأدخل على اللعين يزيد. وكان لابنه محمّد
الباقر عليهالسلام سنتان وشهور ، فأدخل معه. فلما رآه يزيد قال له: كيف رأيت
صنع الله يا علي؟. قال : رأيت ما قضاه الله عزوجل قبل أن يخلق السموات والأرض.
فشاور يزيد جلساءه
في أمره ، فأشاروا عليه بقتله ، وقالوا له الكلمة الخبيثة التي طويت كشحا عن
نقلها. فابتدر أبو جعفر الباقر عليهالسلام الكلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال ليزيد : لقد أشار
عليك هؤلاء بخلاف ما أشار جلساء فرعون عليه ، حيث شاورهم في موسى وهرون ، فإنهم
قالوا له : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ) [الشعراء : ٣٦]. وقد
أشار هؤلاء عليك بقتلنا ، ولهذا سبب. فقال يزيد : وما السبب؟. فقال : إن هؤلاء
كانوا الرّشدة ، وهؤلاء لغير رشدة ، ولا يقتل الأنبياء وأولادهم إلا أولاد
الأدعياء. فأمسك يزيد مطرقا.
__________________
٥٦٢ ـ مجادلة بين
يزيد وزين العابدين عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٣)
فتقدم علي بن
الحسين عليهالسلام حتى وقف بين يدي يزيد وقال :
لا تطمعوا أن
تهينونا ونكرمكم
|
|
وأن نكفّ الأذى
عنكم وتؤذونا
|
فالله يعلم أنا
لا نحبّكم
|
|
ولا نلومكم إن
لم تحبّونا
|
فقال يزيد : صدقت!.
ولكن أراد أبوك وجدك أن يكونا أميرين ، فالحمد لله الّذي قتلهما وسفك دماءهما.
ثم قال يزيد : (ايه)
يا علي ، إن أباك قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ؛ فصنع الله به ما قد
رأيت. فقال علي بن الحسين عليهالسلام :
(ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ) [الحديد : ٢٢].
فقال يزيد لابنه خالد : اردد عليه يا بني!. فلم يدر خالد ما ذا يردّ. فقال يزيد :
(وَما أَصابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى : ٣٠].
فقال علي عليهالسلام : هذا في حق من ظلم ، لا في حق من ظلم. ثم قال عليهالسلام : (اللهُ يَتَوَفَّى
الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها) [الزمر : ٤٢] ،
فسكت يزيد. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : يابن معاوية وهند وصخر ، لم تزل النبوة والإمرة لآبائي
وأجدادي من قبل أن تولد. ولقد كان جدي علي بن أبي طالب عليهالسلام في يوم بدر وأحد والأحزاب ، في يده راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار. ثم جعل علي بن
الحسين عليهالسلام يقول:
ماذا تقولون إذ
قال النبي لكم :
|
|
ماذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم
|
بعترتي وبأهلي
بعد مفتقدي
|
|
منهم أسارى
ومنهم ضرّجوا بدم
|
وقال ابن نما :
فقال علي بن الحسين عليهالسلام : فقلت وأنا مغلول : أتأذن لي في الكلام؟. فقال يزيد : قل
ولا تقل هجرا. فقال عليهالسلام : لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر. ما ظنك
برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لو رآني في الغل؟. فقال لمن حوله : خلّوه.
خطبة زينب عليهالسلام بالشام
٥٦٣ ـ خطبة
العقيلة زينب عليهالسلام في مجلس يزيد في دمشق :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٢)
ولما سمعت زينب عليهالسلام يزيد يتمثّل بأبيات ابن الزبعرى المتقدمة ، قامت وخطبت
خطبتها المشهورة ، تعرّف الملأ فظاعة أعمال يزيد وتبيّن لهم أهداف أخيها الحسين عليهالسلام من نهضته واستشهاده.
قالت : الحمد لله
رب العالمين ، وصلى الله على رسوله وآله أجمعين. صدق الله سبحانه حيث يقول : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا
السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) [الروم : ١٠].
أظننت يا يزيد حيث
أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء ، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ، أنّ بنا
على الله هوانا ، وبك عليه كرامة ، وأن ذلك لعظم خطرك عنده؟!. فشمخت بأنفك ، ونظرت
في عطفك ، [تضرب أصدريك فرحا ، وتنفض مذوريك مرحا] ، جذلان مسرورا
، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة ، والأمور متّسقة ، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا؟!.
فمهلا مهلا ، [لا تطش جهلا] ، أنسيت قول الله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ
لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) [آل عمران : ١٧٨].
أمن العدل يابن
الطلقاء ، تخديرك حرائرك وإماءك ، وسوقك بنات رسول الله سبايا ، على ظهور المطايا
؛ قد هتكت ستورهن ، وأبديت وجوههن ، وصحلت أصواتهن ، تحدو بهنّ الأعداء من بلد إلى
بلد ، ويستشرفهنّ أهل المناهل والمعاقل ، ويتصفّح وجوههن القريب والبعيد ، والدني والشريف ، ليس
معهن من حماتهن حميّ ، ولا من رجالهن وليّ!. وكيف ترتجى مراقبة ابن من لفظ فوه
أكباد الأزكياء ، ونبت لحمه من دماء الشهداء. وكيف يستبطأ في بغضنا ـ أهل البيت ـ من
نظر إلينا بالشّنف والشنآن ، والإحن والأضغان؟!. ثم تقول غير متأثّم ولا مستعظم :
__________________
لأهلّوا
واستهلّوا فرحا
|
|
ثم قالوا : يا
يزيد لا تشل
|
منحنيا على ثنايا
أبي عبد الله سيد شباب أهل الجنة ، تنكتها بمخصرتك . وكيف لا تقول ذلك ، وقد نكأت القرحة ، واستأصلت الشأفة ، بإراقتك دماء ذرية محمّد صلىاللهعليهوآله ، ونجوم الأرض من آل عبد المطلب. وتهتف بأشياخك ، زعمت أنك
تناديهم ، فلتردنّ وشيكا موردهم ، ولتودّنّ أنك شللت وبكمت ، ولم تكن قلت ما قلت ،
وفعلت ما فعلت.
اللهم خذ لنا
بحقنا ، وانتقم ممن ظلمنا ، وأحلل غضبك بمن سفك دماءنا ، وقتل حماتنا.
فو الله [يا يزيد]
ما فريت إلا جلدك ، ولا حززت إلا لحمك. ولتردنّ على رسول الله صلىاللهعليهوآله بما تحمّلت من سفك دماء ذريته ، وانتهكت من حرمته ، في
عترته ولحمته. حيث يجمع الله تعالى شملهم ، ويلمّ شعثهم ، ويأخذ بحقهم (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران : ١٦٩].
وحسبك بالله حاكما
، وبمحمد صلىاللهعليهوآله خصيما ، وبجبرائيل ظهيرا. وسيعلم من سوّل لك ومكّنك من
رقاب المسلمين ، (بِئْسَ
لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) ، وأيّكم شر مكانا وأضعف جندا.
ولئن جرّت عليّ
الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك ، وأستعظم تقريعك ، وأستكثر توبيخك.
ولكن العيون عبرى ، والصدور حرّى.
ألا فالعجب كل
العجب ، لقتل حزب الله النجباء ، بحزب الشيطان الطلقاء. فهذه الأيدي تنطف من دمائنا ، والأفواه تتحلّب من لحومنا ، وتلك الجثث
الطواهر الزواكي تنتابها العواسل ، وتعفّرها أمهات الفراعل . ولئن اتخذتنا مغنما ، لتجدنّنا
__________________
وشيكا مغرما ، حين
لا تجد إلا ما قدّمت يداك ، وما ربك بظلّام للعبيد ، وإلى الله المشتكى وعليه
المعوّل.
فكد كيدك ، واسع
سعيك ، وناصب جهدك ، فو الله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ،
ولا يرحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند ، وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي :
ألا لعنة الله على الظالمين.
والحمد لله رب
العالمين ، الّذي ختم لأوّلنا بالسعادة والمغفرة ، ولآخرنا بالشهادة والرحمة.
ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب ، ويوجب لهم المزيد ، ويحسن علينا الخلافة. إنه
رحيم ودود ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
فقال يزيد مجيبا
لها :
يا صيحة تحمد من
صوائح
|
|
ما أهون النوح
على النوائح
|
* * *
الشامي مع فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
٥٦٤ ـ رجل أزرق
أحمر من أهل الشام يطلب فاطمة بنت الحسين عليهالسلام جارية له :
(تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ص ٣٥٣)
فقام رجل من أهل
الشام أحمر أزرق ، ونظر إلى وصيفة من بنات أهل البيت عليهالسلام ، فقال ليزيد : يا أمير المؤمنين ، هب لي هذه!.
فقالت زينب عليهالسلام : لا والله ، ولا كرامة لك ولا له ، إلا أن يخرج من دين
الله. فأعادها الأزرق ، فقال له يزيد : كفّ.
٥٦٥ ـ زينب عليهالسلام تشكك بإسلام يزيد :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٠٣)
وذكر هشام بن
محمّد : أنه لما دخلت النساء على يزيد ، نظر رجل من أهل الشام أحمر ، إلى فاطمة
بنت الحسين عليهالسلام وكانت وضيئة [أي جميلة]. فقال ليزيد : يا أمير المؤمنين ،
هب لي هذه الجارية ، فإنهن لنا حلال.
__________________
قالت فاطمة :
فارتعدت وظننت أن ذلك جائز عندهم ، فأخذت بثياب عمتي زينب ، وقلت : يا عمتاه ،
أوتمت وأستخدم؟!. وكانت عمتي تعلم أن ذلك لا يكون. فقالت عمتي : لا حبا ولا كرامة
لهذا الفاسق. وقالت للشامي : كذبت والله ولؤمت ، والله ما ذاك لك ولا له.
فغضب يزيد وقال :
كذبت ، إن ذلك لي ، ولو شئت أن أفعل لفعلت. قالت زينبعليهالسلام : كلا ، ما جعل الله لك ذلك إلا أن تخرج عن ملتنا وتدين
بغيرها.
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف :
صلّ إلى غير
قبلتنا ، ودن بغير ملّتنا ، وافعل ما شئت.
فاستطار يزيد غضبا
، وقال : إياي تستقبلين بهذا؟. إنما خرج من الدين أبوك وأخوك. قالت زينب عليهالسلام : بدين الله ودين أبي ودين جدي اهتديت أنت وجدك وأبوك إن
كنت مسلما!. قال : كذبت يا عدوة الله. قالت : أنت أمير تشتم ظالما ، وتقهر بسلطانك!.
قال : فو الله لكأنه استحيا فسكت.
ثم عاد الشامي
فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية. فقال له يزيد : اعزب ، وهب الله لك
حتفا قاضيا.
وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٦٢ : ويلك لا تقل ذلك ، فهذه بنت علي وفاطمة ، وهم أهل بيت لم
يزالوا مبغضين لنا منذ كانوا.
٥٦٦ ـ الشامي
يعاتب يزيد :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٣٧ ط ٣)
وفي بعض الكتب :
قالت أم كلثوم للشامي الّذي طلبها جارية له : اسكت يا لكع الرجال. قطع الله لسانك
، وأعمى عينيك ، وأيبس يديك ، وجعل النار مثواك. إن أولاد الأنبياء لا يكونون خدمة
لأولاد الأدعياء.
وفي رواية السيد
ابن طاووس ، فقال الشامي : من هذه الجارية؟. فقال يزيد : هذه فاطمة بنت الحسين ،
وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب. فقال الشامي : الحسين بن فاطمة وعلي بن أبي طالب؟.
قال : نعم. فقال الشامي : لعنك الله يا يزيد ، تقتل عترة نبيك وتسبي ذريته!. والله
ما توهمت إلا أنهم (من) سبي الروم. فقال يزيد : والله لألحقنك بهم. ثم أمر به
فضربت عنقه.
صلب الرؤوس
مدخل :
الظاهر من
الروايات أن يزيد بعد أن حقق رغبته في رؤية رأس الحسين عليهالسلام ورؤوس أهله بين يديه ، أمر بها فصلبت في ثلاثة أماكن على
الترتيب :
ـ على باب قصره.
ـ ثم على أبواب
دمشق.
ـ ثم على أبواب
المسجد الجامع.
فأما رأس الحسين عليهالسلام فصلبه على باب قصره ثلاثة أيام ، واستنكرت زوجته هند عمله
هذا ، ثم صلبه على أبواب دمشق ، ثم أنزله وجلبه إلى بيت منامه فبات ليلة ،
فاستيقظت هند ليلا ورأت الأنوار تتصاعد منه إلى عنان السماء ، فتوعدته بالفراق ،
فأخرجه من داره وصلبه على باب المسجد ، أو على منارة جامع دمشق أربعين يوما.
أما بقية الرؤوس
فصلبت يوما على باب القصر ، وعدة أيام على أبواب المدينة ، ثم صلبت على أبواب
المسجد الجامع.
٥٦٧ ـ صلب الرأس
المقدس : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٥٨)
ثم أخرج الرأس من
المجلس ، وصلب على باب القصر ثلاثة أيام .
وأمر يزيد بالرؤوس
أن تصلب على أبواب البلد والجامع الأموي ، ففعلوا بها ذلك.
٥٦٨ ـ استنكار هند
بنت عمرو لصلب الرأس الشريف : (المصدر السابق)
فلما رأت هند بنت
عمرو بن سهيل زوجة يزيد ، الرأس على باب دارها والنور
__________________
الإلهي يسطع منه ،
ودمه طري لم يجف ، ويشمّ منه رائحة ، طيبة ، دخلت المجلس مهتوكة الحجاب ، ووثبت على يزيد وقالت : رأس
ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصلوب على باب دارنا؟!. فقام إليها يزيد وغطاها ، وقال لها
: أعولي عليه يا هند ، فإنه صريخة بني هاشم ، عجّل عليه ابن زياد فقتله ، قتله
الله.
٥٦٩ ـ صلب رأس الحسين
عليهالسلام
على منارة جامع دمشق :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٠٧)
في (كامل البهائي)
: أمر يزيد برأس الحسين عليهالسلام وسائر الرؤوس من أهل بيته وأصحابه أن تصلب عليأبواب البلد.
وأفجع الفجائع هو أنه أمر بأن يصلب رأس الحسين عليهالسلام على منارة جامع دمشق أربعين يوما ، وسائر الرؤوس على أبواب
المساجد وأبواب البلد ، ويوما على باب دار يزيد.
٥٧٠ ـ نصب رأس
الحسين عليهالسلام حيث نصب رأس يحيى عليهالسلام :
(حياة الإمام الحسين للسيد باقر شريف القرشي ، ج ٣ ص ٣٧٥)
وبعدما قضى الأثيم
يزيد وطره من العبث برأس سيد شباب أهل الجنة ، نصبه في جامع دمشق ، في المكان
الّذي نصب فيه رأس يحيى بن زكريا ، وقد علّق ثلاثة أيام .
وفي (تقويم
البلدان) لأبي الفداء ، ص ٢٣٠ :
لما قتل يحيى بن
زكريا عليهالسلام نصب رأسه على باب المسجد المسمى باب جيرون. وعلى باب جيرون
نصب رأس الحسين بن علي عليهالسلام حيث نصب رأس يحيى بن زكريا عليهالسلام.
٥٧١ ـ خالد بن
معدان يختفي في الشام :
(مقتل الخوارزمي ج ٢ ص ١٢٥ ط نجف)
عن العاصمي ...
سمعت أبا الحسن علي بن محمّد الأديب يذكر بإسناد له ، أن رأس الحسين بن علي عليهالسلام لما صلب بالشام ، اخفى خالد بن معدان (وهو من
__________________
أفضل التابعين)
شخصه من أصحابه. فطلبوه شهرا فوجدوه ، فسألوه عن عزلته ، فقال لهم: أما ترون ما
نزل بنا؟. ثم أنشدهم :
جاؤوا برأسك
يابن بنت محمّد
|
|
متزمّلا بدمائه
تزميلا
|
قتلوك عطشانا
ولم يترقّبوا
|
|
في قتلك التنزيل
والتأويلا
|
وكأنما بك يابن
بنت محمّد
|
|
قتلوا جهارا
عامدين رسولا
|
ويكبّرون بأن
قتلت وإنما
|
|
قتلوا بك
التكبير والتهليلا
|
حبس السبايا في الخربة
تمهيد :
بعد أن شفى يزيد
حقده من سبايا أهل البيت عليهالسلام أمر بهم إلى سجن أو حبس في مكان خرب ، قرب باب الفراديس (باب
العمارة) ، غير بعيد عن قصره. وكان ذلك المكان مسجدا مهجورا يكاد أن يسقط. وكان لا
يحميهم ولا يكنّهم من برد أو حرّ ، لأنه بدون سقف. وظلوا في هذا الحبس أياما حتى
تقشرت وجوههم وجلودهم. وفي بعض الروايات باتوا فيه ثلاثة أيام ، وفي بعضها أكثر من
ذلك حتى العشرين يوما.
وكان يزيد بين
الفينة والأخرى ، يحضرهم إلى مجلسه ليشفي بقايا حقده وبغضه وكرهه لأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي بعض الروايات
أنهم أنزلوهم بعد ذلك دارا تتصل بدار يزيد ، فأقاموا فيها أياما ، ثم نقلوهم إلى
دار أخرى.
فإذا فرضنا أنهم
أقاموا في الخربة من الجمعة إلى الجمعة ثمانية أيام [من ١ صفر إلى ٨ صفر] ، ثم
نزلوا في دار يزيد ثلاثة أيام ، ثم أفردت لهم دار ليقيموا المأتم على الحسينعليهالسلام سبعة أيام ؛ فتكون إقامتهم في دمشق على أقل تقدير ١٨ يوما.
٥٧٢ ـ حبس السبايا
في الخربة : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٨)
يقول الفاضل
الدربندي : هناك روايات كثيرة في هذا الشأن :
في (بصائر الدرجات)
للصفار عن أحمد بن محمّد ، عن الأهوازي والبرقي
__________________
مرفوعا ، قال :
سمعت أبا عبد الله الصادق عليهالسلام يقول : لما أتي بعلي بن الحسين عليهالسلام ومن معه إلى يزيد بن معاوية ، جعلوهم في بيت. فقال بعضهم :
إنما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا ، فتراطن الحرس [أي تكلموا بلغة
الرطانة] فقالوا : انظروا إلى هؤلاء يخافون أن يقع عليهم البيت ، وإنما يخرجون غدا
فيقتلون!.
قال علي بن الحسين
عليهالسلام : لم يكن فينا أحد يحسن الرطانة غيري. والرطانة عند أهل
المدينة هي اللغة الرومية.
ومن جملة ذلك ما
رواه الصدوق في (الأمالي) عن ماجيلويه عن عمه عن نصر بن مزاحم عن لوط بن يحيى [أبو
مخنف] عن الحرث بن كعب ، عن فاطمة بنت علي عليهالسلام قالت : ثم إن يزيد أمر بنساء الحسين عليهالسلام فحبسن مع علي بن الحسين عليهالسلام في محبس لا يكنّهم من حرّ ولا قرّ ، حتى تقشّرت وجوههم.
ولم يرفع ببيت المقدس حجر عن وجه الأرض إلا وجد تحته دم عبيط ... إلى أن خرج علي
بن الحسين عليهالسلام بالنسوة ، وردّ رأس الحسين عليهالسلام إلى كربلاء.
ومن جملة ذلك ما
ذكره السيد في (اللهوف) :
قال الراوي : ووعد
يزيد علي بن الحسين (ع) في ذلك اليوم [أي الأول] أن يقضي له ثلاث حاجات. ثم أمر
بهم إلى منزل لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، فأقاموا به حتى تقشّرت وجوههم. وكانوا
مدة إقامتهم في البلد المشار إليه ينوحون على الحسين عليهالسلام.
وفي (الأنوار
النعمانية) للسيد نعمة الله الجزائري ، ج ٢ ص ٢٤٦ :
روى الصدوق في (الأمالي)
عن فاطمة بنت علي عليهالسلام أن يزيد أمر بنساء الحسين عليهالسلام فحبسن مع علي بن الحسين عليهالسلام في محبس لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، حتى تقشّرت وجوههم.
قال المدائني :
موضع حبس الإمام زين العابدين عليهالسلام هو اليوم مسجد.
٥٧٣ ـ آل بيت
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في خربة بالشام :
(روضة الواعظين للفتال النيسابوري ، ص ١٩٢ ط نجف)
قالوا : ثم إن
يزيد بن معاوية أمر ، فأنزلوا آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحرائر النبوة والرسالة ، وبنات علي والزهراء عليهالسلام في سكن لا يقي من حرّ ولا برد ، وليس فيه
سقف يظلهم من
حرارة الشمس ، فكانت الشمس تصهرهم في حرّ الظهيرة ، حتى تقشّرت وجوههم وجلودهم من
حرارة الشمس.
٥٧٤ ـ مدة إقامة
السبايا في الحبس :
يقول السيد عبد
الحسين الكليدار آل طعمة في (بغية النبلاء في تاريخ كربلاء) ص ١٥ : لم نقف على مدة
إقامة السبايا في الشام ، إلا أنه قد ورد أنهم أقاموا شهرا في موضع لا يكنّهم من
حرّ ولا برد (البحار ، ج ٢١ ص ٢٠٣)
ويقول الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٠٨ : إن سياق الروايات يعطي كثرة المدة وامتدادها.
فإن فرضناها أقل من شهر ، فلا يجوز أن نفرضها أقل من عشرين أو خمسة عشر يوما.
اليوم الثاني من صفر
(يوم السبت ٢ صفر سنة ٦١ ه)
٥٧٥ ـ إحضار
السبايا إلى مجلس يزيد مرة ثانية :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٩٧)
(وفي رواية) : إن
يزيد دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله ، ثم دعا بعلي بن الحسين عليهالسلام وصبيان الحسين ونسائه عليهالسلام فأدخلوا عليه ، والناس ينظرون.
ثم قال يزيد لعلي
بن الحسين عليهالسلام : أبوك قطع رحمي ، وجهل حقي ، ونازعني سلطاني ، فصنع الله
به ما قد رأيت. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : (ما أَصابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ
أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ ٢٢ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما
فاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) (٢٣) [الحديد : ٢٢
ـ ٢٣].
فقال يزيد لابنه
خالد : اردد عليه ، فلم يدر خالد ما يردّ عليه. فقال له يزيد :لا (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما
كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (٣٠) [الشورى : ٣٠].
فقال علي بن
الحسين عليهالسلام : يابن معاوية وهند وصخر ، لم تزل النبوة والإمرة لآبائي
وأجدادي من قبل أن تولد. ولقد كان جدي علي بن أبي طالب عليهالسلام في يوم بدر وأحد والأحزاب في يده راية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار.
ثم قال علي بن
الحسين عليهالسلام : ويلك يا يزيد ، إنك لو تدري ماذا صنعت وما الّذي ارتكبت
من أبي وأهل بيتي وأخي وعمومتي ، إذا لهربت في الجبال ، وافترشت الرماد ، ودعوت
بالويل والثبور ، أن يكون رأس الحسين بن فاطمة وعلي عليهالسلام منصوبا على باب مدينتكم ، وهو وديعة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيكم. فأبشر بالخزي والندامة إذا اجتمع الناس ليوم
القيامة.
اليوم الرابع من صفر
٥٧٦ ـ رؤيا سكينة
بنت الحسين عليهالسلام بدمشق :
(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٨٣ ط نجف)
لما عرضت السبايا
على يزيد في اليوم الرابع من إقامتهن في الخربة ، وحاول يزيد قتل الإمام زين
العابدين عليهالسلام ، قالت سكينة ليزيد : يا يزيد رأيت البارحة رؤيا ، إن
سمعتها مني قصصتها عليك!. فقال يزيد : هاتي ما رأيت. فقالت سكينة :
رأيت البارحة في
منامي كأن خمسة نجب من نور قد أقبلت ، وعلى كل نجيب [أي فرس] شيخ ، والملائكة
محدقة بهم ، ومعهم وصيف يمشي. فمضت النّجب وأقبل الوصيف إليّ ، وقرب مني وقال : يا
سكينة إن جدك يسلّم عليك. فقلت :لاوعلى رسول الله السلام. يا رسول رسول الله من
أنت؟. قال : وصيف من وصائف الجنة. فقلت : من هؤلاء المشيخة الذين جاؤوا على النجب؟.
قال : الأول آدم صفوة الله ، والثاني إبراهيم خليل الله ، والثالث موسى كليم الله
، والرابع عيسى روح الله. فقلت : من هذا القابض على لحيته ، يسقط مرة ويقوم أخرى؟.
فقال : جدك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقلت : وأين هم قاصدون؟. قال : إلى أبيك الحسين عليهالسلام. لافأقبلت أسعى في طلبه لأعرّفه ما صنع بنا الظالمون بعده.
فبينما أنا كذلك ، إذ أقبلت خمسة هوادج من نور ، في كل هودج امرأة. فقلت : من هذه
النسوة المقبلات؟. لا قال : الأولى حواء أم البشر ، والثانية آسية بنت مزاحم ،
والثالثة مريم بنت عمران ، والرابعة خديجة بنت خويلد. والخامسة الواضعة يدها على
رأسها ، تسقط مرة وتقوم أخرى ، فقلت : من؟. فقال : جدتك فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أم أبيك [الحسين]. فقلت : والله لأخبرنّها ما صنع بنا.
فلحقتها ووقفت بين يديها أبكي وأقول : يا أماه جحدوا والله حقنا. يا أماه بدّدوا
والله شملنا. يا أماه استباحوا والله حريمنا.
يا أماه قتلوا
والله الحسين أبانا!. فقالت : كفّي صوتك يا سكينة ، فقد أقرحت كبدي ، وقطّعت نياط
قلبي. هذا قميص أبيك الحسين عليهالسلام معي لا يفارقني ، حتى ألقى الله به.
ثم إن يزيد تركها
ولم يعبأ بقولها.
٥٧٧ ـ يزيد يستشير
النعمان بن بشير الأنصاري :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٩)
عن عكرمة بن خالد
قال : أتي برأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد بن معاوية بدمشق ، فنصب. فقال يزيد : عليّ
بالنعمان بن بشير. فلما جاء قال : كيف رأيت ما فعل عبيد الله بن زياد؟. قال :
الحرب دول. فقال : الحمد لله الّذي قتله. فقال النعمان : قد كان أمير المؤمنين [يقصد
معاوية] يكره قتله. فقال يزيد : ذلك قبل أن يخرج ، ولو خرج على أمير المؤمنين
لقتله. قال النعمان : ما كنت أدري ما كان يصنع. ثم خرج النعمان.
فقال يزيد : هو
كما ترون إلينا منقطع ، وقد ولاه أمير المؤمنين ورفعه ، ولكن أبي كان يقول : لم
أعرف أنصاريا قط إلا يحب عليا وأهله ، ويبغض قريشا بأسرها.
الأيام التالية
رؤيا الطفلة رقيّة عليهالسلام ووفاتها
ذكر المؤرخون أنه
كان للإمام الحسين عليهالسلام أربع بنات هن : فاطمة [أمها أم اسحق التيمية] ، وسكينة [أمها
الرباب بنت امرئ القيس] ، وزينب
(ذكرها السيد
الأمين في الأعيان ، ج ١ ص ٥٧٩) والظاهر أنها لم تحضر كربلاء ، وليس هناك أي خبر
عنها. أما الرابعة فلا يذكرونها ، وليست هي إلا رقيّة عليهالسلام ، ولعل سبب عدم ذكرها لأنها كانت طفلة صغيرة ، ولم تشترك
في شيء من أحداث كربلاء. أما أمّها فالظاهر أنها [أم إسحق بنت طلحة بن عبيد الله
التيمية] أم فاطمة.
وقد اشتهرت السيدة
رقية عليهالسلام برؤياها التي رأتها حين كانت مع السبايا في الخربة عند باب
الفراديس بدمشق ، وبطريقة وفاتها المأساوية التي تقطّع الأكباد.
ـ مصادر وفاة
رقيّة بنت الحسين عليهالسلام :
ذكر قصة رؤيا رقية
عليهالسلام ووفاتها العديد من المصادر ، نعدّ منها :
(١) ـ كامل
البهائي [باللغة الفارسية] للشيخ عماد الدين الحسن بن علي الطبري الآملي. ألقّه
عام ٦٧٥ ه ، وهو أقدم مصدر للقصة. يذكر أنه نقل القصة عن كتاب (الحاوية).
(٢) ـ المنتخب في
المراثي والخطب للطريحي.
(٣) ـ نفس المهموم
للشيخ عباس القمي.
(٤) ـ أسرار
الشهادة للدربندي ، المتوفى سنة ١٢٨٦ ه.
(٥) ـ مقتل
العوالم للسيد محمّد بن أبي طالب الحسيني الحائري ، عنه ينقل المجلسي وصاحب (الإيقاد).
(٦) ـ بحار
الأنوار للعلامة المجلسي ، المجلد العاشر.
(٧) ـ الإيقاد
للسيد محمّد علي الشاه عبد العظيمي الحسني [ت ١٣٣٤ ه]
٥٧٨ ـ الحسين عليهالسلام مسافر :
(روضة الواعظين للفتال النيسابوري ، ص ١٩٢ ط نجف)
نقل عن بعض
التواريخ أن عائلة الحسين عليهالسلام وأرامل آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد قتل رجالهن يوم الطف ، وسبيهنّ من بلد إلى بلد ، كانوا
يخفون على صغار الأطفال واليتامى قتل أوليائهم وآبائهم ، فإن بكى يتيم أو يتيمة
أباه أو أخاه ناغوه باللطف ، وأخبروه بأنه في سفر ، وسوف يعود من سفره. فكانوا
بهذا ونحوه يشغلون اليتامى والأطفال عن الشعور بألم اليتم ومرارة المصاب.
٥٧٩ ـ قصة رؤيا
رقية عليهالسلام ووفاتها :
ذكر القصة مع تفاوت بسيط كل من (نفس المهموم) ص ٤١٦ ،
(والمنتخب)
للطريحي ، ص ١٣٦ ، وكتاب (الإيقاد) للسيد الحسني. ونجمع الروايات الثلاث فيما يلي
:
كان لمولانا
الحسين عليهالسلام بنت صغيرة يحبها وتحبه ، وقيل كانت تسمى رقيّة. وكان لها
من العمر ثلاث أو أربع سنوات. ومن يوم استشهاده ما عادت تراه ، فعظم ذلك عليها
واستوحشت لأبيها. وكانت مع الأسرى في الشام ، وكانت تبكي لفراق
أبيها ليلا
ونهارا. وكان أهلها كلما طلبته يقولون لها : هو في السفر ، وغدا يأتي ومعه ما
تطلبين.
إلى أن كانت ليلة
من الليالي ، فرأت أباها بنومها. فلما انتبهت صاحت وبكت وانزعجت ، وقالت : ائتوني
بوالدي وقرة عيني ، فإني رأيته الساعة في المنام مضطربا شديدا. وكلما حاول أهل
البيت عليهالسلام إسكاتها ازدادت حزنا وبكاء. فعظم ذلك على أهل البيت عليهالسلام ، فضجّوا بالبكاء وجددوا الأحزان ، ولطموا الخدود ، وحثوا
على رأسهم التراب ، ونشروا الشعور ، وقام الصياح.
فانتبه يزيد من
نومه ، وقال : ما الخبر؟. قالوا : إن بنت الحسين الصغيرة رأت أباها بنومها ،
فانتبهت وهي تطلبه وتبكي وتصيح.
فلما سمع يزيد ذلك
قال : ارفعوا رأس أبيها ، وحطّوه بين يديها ، لتنظر إليه وتتسلى به. فجاؤوا بالرأس
الشريف إليها في طبق مغطى بمنديل ديبقي ، ووضعوه بين يديها. فقالت : ما هذا؟. إني
طلبت أبي ولم أطلب الطعام!. فقال : إن هناك أباك. فرفعت المنديل ورأت رأسا ، فقالت
: ما هذا الرأس؟. قالوا لها : إنه رأس أبيك. فرفعته من الطشت وضمّته إلى صدرها وهي
تقول :
يا أبتاه من ذا
الّذي خضّبك بدمائك؟. يا أبتاه من ذا الّذي قطع وريدك؟. يا أبتاه من ذا الّذي
أيتمني على صغر سني؟. يا أبتاه من بقي بعدك نرجوه؟. يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر؟.
يا أبتاه من للنساء الحاسرات؟. يا أبتاه من للأرامل المسبيّات؟. يا أبتاه من
للعيون الباكيات؟. يا أبتاه من للضائعات الغريبات؟. يا أبتاه من للشعور المنشرات؟.
يا أبتاه من بعدك وا خيبتنا!.
يا أبتاه من بعدك
وا غربتنا!. يا أبتاه ليتني كنت لك الفدى. يا أبتاه ليتني كنت قبل هذا اليوم عميا.
يا أبتاه ليتني وسّدت الثرى ، ولا أرى شيبك مخضبا بالدما.
ثم إنها وضعت فمها
على فمه الشريف ، وبكت بكاء شديدا حتى غشي عليها. فلما حركوها فإذا بها قد فارقت
روحها الدنيا.
فلما رأى أهل
البيت عليهالسلام ما جرى ، ارتفعت أصواتهم بالبكا ، وتجدد الحزن والعزا ،
ومن سمع من أهل الشام بكاءهم بكى. فلم ير في ذلك اليوم إلا باك وباكية.
وفي (معالي
السبطين) ص ١٧٠ :
وأمر يزيد بغسلها
وكفّنها ودفنها (في الخربة).
وفي (مقتل آل بحر
العلوم) ص ٢٩٦ ط ٢ قال :
وذكر بعض الأكابر
أن أم كلثوم كان جزعها وبكاؤها ونحيبها على تلك الطفلة أشد وأبلغ من باقي العيال ،
فما كانت تهدأ وتسكن طيلة تلك المدة التي قضوها في الشام.
فقالت لها العقيلة
زينب الكبرى عليهالسلام : يا أخيّة ، ما هذا الجزع والبكاء والهلع؟. كلنا أصبنا
بفقد هذه الطفلة ، ولم يخصّك المصاب وحدك!.
فقالت لها : يا
أختاه لا تلوميني ، كنت واقفة عشية أمس بعد العصر ، وإلى جنبي هذه الطفلة [أي رقية]
بباب الخربة ، في وقت انصراف أطفال أهل الشام من مدارسهم إلى بيوتهم وأهاليهم ،
فكان بعضهم يقف بباب الخربة للتفرج علينا ثم يذهب. فقالت لي هذه الطفلة : عمّة ،
إلى أين يذهب هؤلاء الأطفال؟. فقلت لها : إلى منازلهم وأهاليهم.
فقالت لي : عمّة ،
ونحن ليس لنا منزل ولا مأوى غير هذه الخربة؟!.
وأنا يا أختاه
كلما ذكرت هذا الكلام منها لم تهدأ لي زفرة ، ولم تسكن لي عبرة.
مجالس الشراب
٥٨٠ ـ يزيد يشرب
الفقّاع على رأس الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٢)
عن (أمالي الصدوق)
قال الإمام الرضا عليهالسلام : أول من اتّخذ له الفقّاع [وهي البيرة] في الإسلام بالشام
، يزيد بن معاوية. فأحضر وهو على المائدة ، وقد نصبها على رأس الحسين عليهالسلام ، فجعل يشربه ويسقي أصحابه ، ويقول : اشربوا فهذا شراب
مبارك ، ومن بركته أنّا أول ما تناولناه ورأس الحسين عدونا بين أيدينا ، ومائدتنا
منصوبة عليه. ونحن نأكل ونفوسنا ساكنة وقلوبنا مطمئنة.
٥٨١ ـ يزيد يلعب
الشطرنج على رأس الحسين عليهالسلام استبشارا بنصره :
(المصدر السابق ، ص ٩٣)
وفي (أمالي الصدوق)
عن الفضل بن شاذان ، قال : سمعت الإمام الرضا عليهالسلام
يقول : لما حمل
رأس الحسين عليهالسلام إلى الشام ، أمر يزيد فوضع ، ونصبت عليه مائدة. فأقبل هو
وأصحابه يأكلون ويشربون الفقّاع. فلما فرغوا أمر بالرأس فوضع في طشت تحت سريره ،
وبسط عليه رقعة الشطرنج ، وجلس يزيد يلعب بالشطرنج ، ويذكر الحسين وأباه وجدهصلىاللهعليهوآلهوسلم ويستهزئ بذكرهم ، فمتى قمّر صاحبه [أي غلبه بالقمار] تناول
الفقاع فشربه ثلاث مرات ، ثم صبّ فضلته مما يلي الطشت من الأرض.
ثم يقول الإمام
الرضا عليهالسلام : فمن كان من شيعتنا فليتورع من شرب الفقّاع واللعب
بالشطرنج. ومن نظر إلى الفقاع أو إلى الشطرنج فليذكر الحسين عليهالسلام ، وليلعن يزيد وآل يزيد ، يمح الله عزوجل بذلك ذنوبه ولو كانت كعدد النجوم.
٥٨٢ ـ تجرؤات يزيد
على الدين وأهله :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٣)
عن (التبر المذاب)
: شرب يزيد [الفقاع] ، ثم صبّ جرعة منه على رأس الحسينعليهالسلام وقال : كيف رأيت يا حسين ، أتزعم أن أباك ساق على الحوض!. فإذا
مررت عليه يومئذ فلا تسقني. وإن جدك حرّم آنية الذهب والفضة على الأمّة ، ها رأسك
على الذهب. ويفخر أبوك بأنه قتل الأقران يوم بدر ، هذا بذاك.
رأس الجالوت بن يهوذا
٥٨٣ ـ سؤال رأس
الجالوت [رئيس اليهود] ليزيد عن صاحب الرأس؟
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٧ ط ٣)
ودخل على يزيد رأس
اليهود (واسمه رأس الجالوت) فرأى الرأس بين يديه ، فقال : ما هذا الرأس؟. فقال :
رأس خارجي. قال : ومن هو؟. قال : الحسين. قال : ابن من؟. قال : ابن علي. قال : ومن
أمه؟. قال : فاطمة. قال : ومن فاطمة؟. قال : بنت محمّد!. قال : نبيكم؟. قال : نعم.
قال : لا جزاكم الله خيرا. بالأمس كان نبيكم ، واليوم قتلتم ابن بنته؟!. ويحك إن
بيني وبين داود النبي نيّفا وثلاثين أبا ، فإذا رأتني اليهود كفّرت إليّ [أي
عظّمتني بالخضوع والانحناء إلي].
ثم مال إلى الطست
وقبّل الرأس ، وقال : أشهد ألا إله إلا الله ، وأن جدك محمدا رسول الله ، وخرج.
فأمر يزيد بقتله.
٥٨٤ ـ رأس الجالوت
يستنكر على يزيد فعله :
(المنتخب للطريحي ، ص ٤٨٥ ط ٢)
قال أبو مخنف :
وحضر عند يزيد رأس الجالوت ، فرآه يقلّب رأس الحسين عليهالسلام بالقضيب ، فقال له : أتأذن لي أن أسألك يا يزيد؟. فقال :
اسأل ما بدا لك. فقال له : سألتك بالله هذا رأس من؟ فما رأيت أحسن منه ولا من
مضحكه!. فقال : هذا رأس الحسين بن علي ، خرج علينا بأرض العراق ، فقتلناه.
فقال رأس الجالوت
: فبما استوجب هذا الفعل؟. فقال : ويلك دعوه أهل العراق وكتبوا إليه ، وأرادوا أن
يجعلوه خليفة ، فقتله عاملي عبيد الله بن زياد ، وبعث إليّ برأسه.
فقال له : يا يزيد
، هو أحقّ منكم بما طلب ، وهو ابن بنت نبيكم.
ما أعجب أمركم ،
إن بيني وبين داود نيفا وثلاثين جدا ، واليهود يعظّمونني
(ولا يرون التزويج
إلا برضائي) ويأخذون التراب من تحت قدمي. وأنتم بالأمس كان نبيكم بين أظهركم ،
واليوم شددتم على ولده فقتلتموه ، وسبيتم حريمه ، وفرّقتموهم في البراري والقفار!.
إنكم لأشرّ قوم.
فقال له يزيد :
ويلك أمسك عن هذا الكلام أو تقتل.
٥٨٥ ـ تعظيم
اليهود لرأس الجالوت لأنه من نسل داود عليهالسلام :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٩)
قال السيد ابن
طاوس وابن نما : إنه قد روى ابن لهيعة عن أبي الأسود محمّد ابن عبد الرحمن ، قال :
لقيني رأس الجالوت بن يهوذا ، فقال : والله إن بيني وبين داود لسبعين أبا ، وإن
اليهود لتلقاني فتعظّمني ، وأنتم ليس بينكم وبين ابن نبيكم إلا أب واحد ، قتلتموه؟!.
٥٨٦ ـ حبر من
أحبار اليهود ينتقد يزيد :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧١)
وروي أنه كان في
مجلس يزيد هذا ، حبر من أحبار اليهود ، فقال : يا أمير المؤمنين من هذا الغلام؟.
قال : علي بن الحسين. قال : فمن الحسين؟. قال : ابن علي بن أبي طالب. قال : فمن
أمه؟. قال : فاطمة بنت محمّد!. فقال له الحبر : يا
سبحان الله!. فهذا
ابن بنت نبيكم ، قتلتموه في هذه السرعة ، بئسما خلّفتموه في ذريته. فو الله لو ترك
نبينا موسى بن عمران فينا سبطا لظننت أنّا كنا نعبده من دون ربنا. وأنتم إنما
فارقتم نبيكم بالأمس ، فوثبتم على ابنه وقتلتموه!. سوأة لكم من أمّة!. فأمر يزيد
به فوجئ بحلقه.
فقام الحبر وهو
يقول : إن شئتم فاقتلوني ، وإن شئتم فذروني. إني أجد في التوراة : من قتل ذرية نبي
، فلا يزال ملعونا أبدا ما بقي ، فإذا مات أصلاه الله نار جهنم.
دخول جاثليق النصارى :
٥٨٧ ـ قصة جاثليق
النصارى : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥١١)
بعد أن يذكر أبو
مخنف قصة رأس الجالوت ، وأن يزيد أمر بقتله ، يقول : فبينما هو كذلك ، إذ دخل عليه
جاثليق النصارى ، وكان شيخا كبيرا. فنظر إلى رأس الحسين عليهالسلام وقال : ما هذا أيها الخليفة؟. فقال : هذا رأس الحسين بن
علي بن أبي طالب ، وأمه فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال : فبما استوجب القتل؟. قال : لأن أهل العراق دعوه
ليجلس على الخلافة ، فقتله عاملي عبيد الله بن زياد ، وبعث إليّ برأسه.
فقال له جاثليق :
اعلم أني كنت الساعة في البيعة [وهي معبد النصارى] ، وإذا قد سمعت رجفة شديدة ،
فنظرت وإذا بغلام شاب كأن الشمس في وجهه ، وقد نزل من السماء ومعه رجال ، فقلت
لبعضهم : من هذا؟. فقال لي : هذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والملائكة من حوله يعزّونه على ولده الحسين عليهالسلام.
ثم قال ليزيد :
ارفع الرأس من بين يديك يا ويلك ، وإلا أهلكك الله. فقال له يزيد : جئتنا بأحلامك
الكاذبة!. يا غلمان أخرجوه ، فجعلوا يسحبونه. ثم أمر بضربه فأوجعوه ضربا. فنادى :
يا أبا عبد الله ، اشهد لي عند جدك ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك
له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. فغضب يزيد ، فقال : اسلبوه روحه. فقال : يا يزيد
إن شئت تضرب ، وإن شئت لم تضرب ، فهذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واقف بإزائي وبيده قميص من نور وتاج من نور ، وهو يقول لي
:
ليس بيني وبين أن
أتوّجك بهذا التاج ، وألبسك هذا القميص ، إلا أن تخرج من الدنيا ، ثم أنت رفيقي في
الجنة.
ثم قضى نحبه.
تذييل : قال
الفاضل الدربندي :
المستفاد من هذه
الروايات المذكورة ، أن يزيد كان يأمر بإحضار الرأس الشريف إلى مجلسه في كل يوم.
بل المستفاد من جملة من الروايات أن يزيد كان كل يوم يحضر فيه الرأس الشريف إلى
مجلسه ، كان ينكت ثناياه بمخصرته ، ويشتغل باللهو واللعب ، وشرب الخمور والمسكرات
، ويظهر السرور والفرح ، ساعة بعد ساعة ويوما بعد يوم. وظل يفعل ذلك إلى أن غلب
عليه الخوف والخشية من ثوران الفتنة ، وهجوم الناس عليه وزوال دولته.
رسول ملك الروم
٥٨٨ ـ سؤال رسول
قيصر عن صاحب الرأس الشريف :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٢ ط ٢ نجف)
حكى هشام بن محمّد
عن أبيه عن عبيد بن عمير ، قال : كان رسول قيصر حاضرا عند يزيد ، فقال ليزيد : هذا
رأس من؟. فقال : رأس الحسين. قال : ومن الحسين؟. قال: ابن فاطمة. قال : ومن فاطمة؟.
قال : بنت محمّد!. قال : نبيكم؟. قال : نعم. قال : ومن أبوه؟. قال : علي بن أبي
طالب. قال : ومن علي؟. قال : ابن عم نبينا. فقال : تبّا لكم ولدينكم ، ما أنتم
وحقّ المسيح على شيء. إن عندنا في بعض الجزائر دير فيه حافر حمار ركبه عيسى السيد
المسيح عليهالسلام ، ونحن نحجّ إليه في كل عام من الأقطار ، وننذر له النّذر
، ونعظّمه كما تعظمون كعبتكم. فأشهد أنكم على باطل. ثم قام ولم يعد إليه.
ملاحظة :
قال السيد مرتضى
العسكري في (مقدمة مرآة العقول للمجلسي) ج ٢ ص ٣٠٩ :
نستنتج من رواية
الإمام زين العابدين عليهالسلام التالية ، والتي ورد فيها أن يزيد كان يتّخذ مجالس الشراب
على رأس الحسين عليهالسلام ، أن مجالس يزيد التي وضع فيها الرأس ، هي مجالس متعددة
وليس مجلسا واحدا.
٥٨٩ ـ خبر رسول
ملك الروم :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٧٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٣٤٧ ط ٢)
روي عن الإمام زين
العابدين عليهالسلام قال :
لما أتي برأس
الحسين عليهالسلام إلى يزيد ، كان يتخذ مجالس الشراب ، ويأتي برأس الحسينعليهالسلام ويضعه بين يديه ، ويشرب عليه.
فحضر ذات يوم في
مجلسه رسول ملك الروم ، وكان من أشراف الروم وعظمائهم. فقال : يا ملك العرب ، هذا
رأس من؟. قال له يزيد : مالك بذلك حاجة. فقال : إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن
كل شيء رأيته ، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه ، حتى يشاركك في الفرح
والسرور. فقال له يزيد : هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب. قال : ومن أمه؟. فقال
: فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفى!.
فقال النصراني :
أما تراني إذا حقّقت النظر إليه يقشعر جسمي ، وأسمعه يقرأ آيات من كتابكم!. أفّ لك
ولدينك ، ديني خير من دينك. اعلم أن أبي من حوافد [جمع حفيد] داود عليهالسلام وبيني وبينه آباء كثيرة ، والنصارى يعظّمونني ويأخذون من
تراب أقدامي ، تبركا فيّ ؛ وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما بينكم وبينه إلا أم واحدة. فأي دين دينكم؟. فكأنكم
لم تصدّقوا نبيّكم
حتى فعلتم به هكذا.
٥٩٠ ـ حديث كنيسة
الحافر : (المصدران السابقان)
ثم قال ليزيد : هل
سمعت حديث كنيسة الحافر؟ فقال له : قل حتى أسمع. فقال : اعلم أن بين عمان والصين
بحر مسيرة سنة ، ليس فيه عمران إلا بلدة واحدة وسط الماء ، طولها ثمانون فرسخا في
ثمانين فرسخا ، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها ، ومنها يحمل الكافور والياقوت ،
وأشجارهم العود والعنبر ، وهي في أيدي النصارى ، لا ملك لأحد الملوك فيها سواهم.
وفي تلك البلدة كنائس كثيرة ، لكن أعظمها كنيسة الحافر. في محرابها حقّة من ذهب ،
معلّق بها حافر ، يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى عليهالسلام. وقد زيّنوا حول الحقّة بالذهب والجواهر ، والديباج
والأبريسم ، يقصدها في كل عام عالم من النصارى ، يطوفون حولها ويقبّلونها ،
ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى ببركتها ؛ هذا شأنهم بحافر حمار
يزعمون أنه حمار
كان يركبه عيسى عليهالسلام نبيهم ، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيّكم!. فلا بارك الله
تعالى فيكم ولا في دينكم.
وفي (المفيد في
ذكرى السبط الشهيد) للسيد عبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٥٧ : فاحتار يزيد في
أمره ، وماذا يردّ على النصراني!. فقال في جوابه جهلا وعنادا : لو لا أن بلغني عن
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه من قتل ذميا كان خصمه يوم القيامة ، لقتلتك لأجل
تعرّضك بهذا الكلام. فقال النصراني : وا عجبا لجهلك يا يزيد ، أيكون رسول الله خصم
من قتل ذمّيا ، ولا يكون خصم من قتل أولاده وأحفاده؟!.
فاغتاظ يزيد وقال
: اقتلوا هذا النصراني لكي لا يفضحنا في بلاده.
ـ إسلام الرجل
النصراني :
فلما أحسّ
النصراني بذلك ، قال له : أتريد أن تقتلني؟. قال : نعم ، لا بدّ من قتلك. فخرّ
ساجدا إلى الأرض شكرا لله تعالى ، وقال : اعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام ،
وهو يقول : يا نصراني ، أنت من أهل الجنة. فعجبت من كلامه غاية العجب.
ووثب إلى رأس
الحسين عليهالسلام ، وضمّه إلى صدره ، وجعل يقبّله ويبكي ، ونادى : السلام
عليك يا أبا عبد الله الحسين ورحمة الله وبركاته ، اشهد لي عند ربك وجدك وأبيك
وأمك وأخيك ، بأني : أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا
رسول الله ، وأن عليا وليّ الله.
فغاروا عليه
بالسيوف وقطّعوه ، رحمهالله تعالى.
٥٩١ ـ قصة (عبد
الوهاب) رسول ملك الروم الّذي أسلم على يد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم ورأى شفقته على الحسن والحسين عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٩ ط ٣)
روي في بعض مؤلفات
أصحابنا مرسلا ، أن نصرانيا أتى رسولا من ملك الروم إلى يزيد ، وقد حضر في مجلسه
الّذي أتي إليه فيه برأس الحسين عليهالسلام. فلما رأى النصراني رأس الحسين عليهالسلام بكى وصاح وناح ، حتى ابتلّت لحيته بالدموع ، ثم قال :
اعلم يا يزيد ،
أني دخلت المدينة [المنورة] تاجرا في أيام حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ،
وقد أردت أن آتيه
بهدية ، فسألت من أصحابه : أي شيء أحب إليه من الهدايا؟. فقالوا : الطّيب أحبّ
إليه من كل شيء ، وأن له رغبة فيه.
قال : فحملت من
المسك فارتين ، وقدرا من العنبر الأشهب ، وجئت بها إليه ، وهو يومئذ في بيت زوجته
أم سلمة رضي الله عنها. فلما شاهدت جماله ازداد لعيني من لقائه نورا ساطعا ،
وزادني منه سرور ، وقد تعلّق قلبي بمحبته. فسلّمت عليه ووضعت العطر بين يديه. فقال
: ما هذا؟. قلت : هدية محقّرة أتيت بها إلى حضرتك. فقال لي : ما اسمك؟. فقلت :
اسمي عبد الشمس. فقال لي : بدّل اسمك ، فإني أسمّيك (عبد الوهاب). إن قبلت مني
الإسلام ، قبلت منك الهدية. قال : فنظرته وتأملته ، فعلمت أنه نبي ، وهو النبي
الّذي أخبرنا عنه عيسى عليهالسلام حيث قال : (إني مبشّر لكم برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد).
فاعتقدت ذلك ، وأسلمت على يده في تلك الساعة. ورجعت إلى الروم ، وأنا أخفي
الإسلام. ولي مدة من السنين ، وأنا مسلم مع خمس من البنين وأربع من البنات. وأنا
اليوم وزير ملك الروم ، وليس لأحد من النصارى اطّلاع على حالنا.
ـ وزير ملك الروم
يقصّ ليزيد ما رآه في حضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
واعلم يا يزيد أني
يوم كنت في حضرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في بيت أم سلمة ، رأيت هذا العزيز الّذي رأسه وضع بين
يديك مهينا حقيرا ، قد دخل على جده من باب الحجرة ، والنبي فاتح باعه ليتناوله ،
وهو يقول : مرحبا بك يا حبيبي ، حتى أنه تناوله وأجلسه في حجره ، وهو يقبّل شفتيه
، ويرشف ثناياه ، وهو يقول : بعد عن رحمة الله من قتلك ، لعن الله من قتلك ، لعن
الله من قتلك يا حسين وأعان على قتلك. والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع ذلك يبكي.
فلما كان اليوم
الثاني كنت مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مسجده ، إذ أتاه الحسين عليهالسلام مع أخيه الحسن عليهالسلام وقال : يا جداه قد تصارعت مع أخي الحسن ، ولم يغلب أحدنا
الآخر ، وإنما نريد أن نعلم أيّنا أشدّ قوة من الآخر. فقال لهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : حبيبيّ يا مهجتيّ ، إن التصارع لا يليق بكما ، ولكن
اذهبا فتكاتبا ، فمن كان خطه أحسن كذلك ، تكون قوته أكثر.
قال : فمضيا وكتب
كل واحد منهما سطرا ، وأتيا إلى جدهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأعطياه اللوح ليقضي بينهما ، فنظر النبي إليهما ساعة ،
ولم يرد أن يكسر قلب أحدهما ، فقال
لهما : يا حبيبيّ
إني نبيّ أمّي ، لا أعرف الخط ، اذهبا إلى أبيكما ليحكم بينكما ، وينظر أيّكما
أحسن خطا.
(أقول) : وهكذا
حوّلهما جدهما النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أبيهما عليهالسلام ، وأبوهما حوّلهما إلى أمهما ... وهكذا ، حتى لا يحكم
لأحدهما على الآخر ، إذ أن ذلك يكسر قلب أحدهما ، والنبي لا يرضى بذلك .. وقد
أعرضت عن سرد القصة بالتفصيل لضعفها ، مع سموّ معناها ومغزاها.
ثم قال رسول الروم
: فانظر يا يزيد كيف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يدخل على أحدهما ألم ترجيح الكتابة ، ولم يرد كسر
قلبهما ، وكذلك أمير المؤمنين وفاطمة عليهالسلام ، وكذلك ربّ العزة لم يرد كسر قلب أحدهما ... وأنت هكذا
تفعل بابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟!. أفّ لك ولدينك يا يزيد.
يوم الجمعة الثامن من صفر
في (كامل البهائي)
: أمر يزيد اجتماع الناس في يوم الجمعة بإذن عام ، لاستماع خطبة الإمام زين
العابدين عليهالسلام.
٥٩٢ ـ الخطيب
الأموي الّذي اشترى مرضاة المخلوق بسخط الخالق :
في (وسيلة الدارين)
ص ٣٨٧ :
قال السيد في (اللهوف)
والمجلسي في (البحار) والشيخ عماد الدين في (كامل البهائي) : إن يزيد أمر بمنبر
وخطيب ليخبر الناس بمساوئ الحسين وعلي عليهالسلام وما فعلا.
وفي (أسرار
الشهادة) للدربندي ، ص ٥٠٥ :
ذكر في المناقب عن
كتاب (الأمم) ، قال الأوزاعي : لما أتي بعلي بن الحسين ورأس أبيه عليهالسلام إلى يزيد بالشام ، قال لخطيب بليغ : خذ بيد هذا الغلام فأت
به المنبر ، وأخبر الناس بسوء رأي أبيه وجده وفراقهم الحق وبغيهم.
قال : ففعل الخطيب
ما أمره يزيد بفعله ، فلم يدع شيئا من المساوئ إلا ذكره فيهم.
وفي (اللهوف) ص ٧٨
قال السيد ابن طاووس :
ودعا يزيد الخاطب
وأمره أن يصعد المنبر فيذمّ الحسين وأباه عليهالسلام. فصعد
وبالغ في ذم أمير
المؤمنين والحسين الشهيد صلوات الله عليهما ، والمدح لمعاوية ويزيد. فصاح به علي
بن الحسين عليهالسلام : ويلك أيها الخاطب ، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق ،
فتبوّأ مقعدك من النار.
خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام
على منبر مسجد دمشق
ثم قال الإمام زين
العابدين عليهالسلام ليزيد : أتأذن لي أن أرقى هذه الأعواد ، فأتكلم بكلام ،
فيه لله تعالى رضى ، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب؟. فأبى يزيد. فقال خالد بن يزيد :
ائذن له ، فشفّع الناس فيه فلم يقبل شفاعتهم. فقال ابنه معاوية وهو صغير السن : يا
أبتاه ما قدر أن يأتي به ، ائذن له حتى يخطب. فقال يزيد : أنتم من أمر هؤلاء في
شك. إنهم ورثوا العلم والفصاحة ، وأخاف أن يحصل من خطبته فتنة علينا.
فقال الناس : يا
أمير المؤمنين ائذن له ليصعد ، فلعلنا نسمع منه شيئا. فقال لهم : إن صعد المنبر
هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان. فقالوا : وما قدر ما يحسن هذا؟.
فقال : إنه من أهل بيت ورثوا العلم والفصاحة ، وزقّوا العلم زقّا ..
ولم يزالوا به حتى
أذن له بالصعود.
٥٩٣ ـ خطبة الإمام
زين العابدين عليهالسلام على منبر دمشق :
(وسيلة الدارين للزنجاني ، ص ٣٨٧)
فصعد عليهالسلام المنبر وخطب خطبة أبكى منها العيون ، وأوجل منها القلوب ،
فقال فيها :
الحمد لله الّذي
لا بداية له ، والدائم الّذي لا نفاد له ، والأول الّذي لا أوّل لأوّليته ، والآخر
الّذي لا آخر لآخريّته ، والباقي بعد فناء الخلق. قدّر الليالي والأيام ، وقسّم
فيما بينهم الأقسام ، فتبارك الله الملك العلّام.
إلى أن قال :
أيها الناس ،
أعطينا ستا وفضّلنا بسبع : أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة ،
والمحبة في قلوب المؤمنين. وفضّلنا بأن منا النبي
محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم المختار ، ومنا الصدّيق [يقصد عليا عليهالسلام] ومنا الطيار ، ومنا أسد الله وأسد رسوله [يقصد الحمزة] ،
ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول ، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة
؛ فمن عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي :
أيها الناس ، أنا
ابن مكة ومنى ، أنا ابن زمزم والصفا ، أنا ابن من حمل الزكاة (الركن) بأطراف الردا
، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى ، أنا ابن خير من انتعل واحتفى ، أنا ابن خير من
طاف وسعى ، أنا ابن خير من حجّ ولبّى ، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا ، أنا
ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أنا ابن من بلغ به جبرائيل
إلى سدرة المنتهى ، أنا ابن من دنى فتدلّى فكان (من ربه) قاب قوسين أو أدنى ، أنا
ابن من صلّى بملائكة السماء مثنى مثنى ، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى ،
أنا ابن محمّد المصطفى ، أنا ابن علي المرتضى ، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى
قالوا : لا إله إلا الله. أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين ، وطعن برمحين
، وهاجر الهجرتين ، وبايع البيعتين ، وصلّى القبلتين ، وقاتل ببدر وحنين ، ولم
يكفر بالله طرفة عين. أنا ابن صالح المؤمنين ، ووارث النبيين ، وقامع الملحدين ،
ويعسوب المسلمين ، ونور المجاهدين ، وزين العابدين ، وتاج البكّائين ، وأصبر
الصابرين ، وأفضل القائمين ، من آل طه ويس ، رسول رب العالمين. أنا ابن المؤيد
بجبرائيل ، المنصور بميكائيل. أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين ، وقاتل الناكثين
والقاسطين والمارقين ، والمجاهد أعداءه الناصبين ، وأفخر من مشى من قريش أجمعين ،
وأول من أجاب واستجاب لله ولرسوله من المؤمنين ، وأول السابقين ، وقاصم المعتدين ،
ومبير المشركين ، وسهم من مرامي الله على المنافقين ، ولسان حكمة العابدين. وناصر
دين الله ، وولي أمر الله ، وبستان حكمة الله ، وعيبة علم الله. سمح سخيّ بهي ،
بهلول زكي أبطحي ، رضي مرضي. مقدام همام ، صابر صوّام ، مهذّب قوّام ، شجاع قمقام.
قاطع الأصلاب ، ومفرّق الأحزاب. أربطهم جنانا ، وأطلقهم عنانا ، وأجرأهم لسانا. وأمضاهم عزيمة ، وأشدّهم
شكيمة . أسد باسل ، وغيث هاطل. يطحنهم في
__________________
الحروب ـ إذا
ازدلفت الأسنة ، وقربت الأعنّة ـ طحن الرحى ، ويذروهم فيها ذرو الريح الهشيم. ليث
الحجاز ، وصاحب الإعجاز. وكبش العراق ، الإمام بالنص والاستحقاق. مكي مدني ، أبطحي
تهامي ، حنيفيّ عقبي ، بدري أحدي ، هجري مهاجري. من العرب سيدها ، ومن الوغى
ليثها. وارث المشعرين ، وأبو السبطين ، الحسن والحسين عليهالسلام. مظهر العجائب ، ومفرّق الكتائب ، والشهاب الثاقب ، والنور
العاقب ، أسد الله الغالب ، مطلوب كل طالب ، غالب كل غالب ، ذاك جدي علي بن أبي
طالب عليهالسلام.
ثم قال عليهالسلام : أنا ابن فاطمة الزهراء ، أنا ابن سيدة النساء ، أنا ابن
الطهر البتول ، أنا ابن بضعة الرسول. أنا ابن خديجة الكبرى ، أنا ابن المقتول ظلما
، أنا ابن محزوز الرأس من القفا ، أنا ابن العطشان حتى قضى ، أنا ابن طريح كربلاء
، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء ، أنا ابن
من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء ، أنا ابن من رأسه على السنان يهدى ،
أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى.
ـ قيام الأذان :
فلم يزل يقول :
أنا أنا ، حتى ضجّ الناس بالبكاء والنحيب ، وخشي يزيد أن تكون فتنة. فأمر المؤذن
أن يؤذّن ، فقطع عليه الكلام. فلما قال المؤذن : الله أكبر الله أكبر!. قال علي بن
الحسين عليهالسلام : كبّرت كبيرا لا يقاس ، ولا يدرك بالحواس. لا شيء أكبر من
الله. فلما قال المؤذن : أشهد أن لا إله إلا الله!. قال علي عليهالسلام : شهد بها شعري وبشري ، ولحمي ودمي ، ومخي وعظمي. فلما قال
المؤذن : أشهد أن محمدا رسول الله!. التفت علي من فوق المنبر إلى يزيد وقال : يا
يزيد ، محمّد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت ، وإن قلت إنه جدي
، فلم قتلت عترته؟. ولم قتلت أبي وسبيت نساءه؟. فلم يردّ جوابا.
٥٩٤ ـ إعداد دار
جديدة لإقامة السبايا ، مجاورة لدار يزيد :
قال : ولما فرغ
المؤذن من الأذان والإقامة ، فتقدم يزيد وصلى صلاة الظهر.
وفي (الفتوح) لابن
أعثم ، ج ٥ ص ٢٤٩ :
فلما فرغ يزيد من
صلاته ، أمر بعلي بن الحسين عليهالسلام وأخواته وعماته ، ففرّغ لهم دارا فنزلوها. وأقاموا أياما
يبكون وينوحون على الحسين عليهالسلام.
(أقول) : ويظهر من
هذا أن يزيد بدأ يعدّل من معاملته للسبايا وزين العابدين عليهالسلام خوفا من نقمة الناس عليه ، بعد أن انكشفت لهم حقيقة الأمر
، وأن المصفّد بالحديد والمطوّق بالجامعة ، جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأن المربوقة بالحبال هي زينب العقيلة ، التي أمها فاطمة
الزهراء وجدها محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ملاحظة :
يقول الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٠٨ :
إن القرائن
والشواهد تدل على أن احتجاجات الإمام علي بن الحسين عليهالسلام وخطبته السابقة ، كانت في بعض الأيام التي كان الحرم
والسبايا فيها
في السجن والحبس ،
لا في اليوم الأول الّذي وردوا فيه دمشق وأحضروا
في مجلس يزيد.
ومما يؤيد ذلك
قولهم : " إن زين العابدين [بعد خطبته السابقة] أخذ ناحية باب المسجد ، فلقيه
مكحول ، فقال : كيف أمسيت ... قال : أمسينا ..." فهذا يؤكد أن هذه الخطبة
حصلت بعد نزول السبايا في الخربة.
٥٩٥ ـ مكحول يسأل
زين العابدين عليهالسلام : كيف أمسيت؟ :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٦٢ ط ٣)
فنزل علي بن
الحسين عليهالسلام من على المنبر ، فأخذ ناحية باب المسجد ، فلقيه مكحول صاحب
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (وفي رواية :
المنهال بن عمرو الضبابي) فقال له : كيف أمسيت يابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. قال : أمسينا بينكم مثل بني إسرائيل في آل فرعون (يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ،
وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ ، وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ).
وفي (مناقب آل أبي
طالب) لابن شهراشوب ، ج ٤ ص ١٦٨ :
وأمست العرب تفتخر
على العجم بأن محمدا منها ، وأمست قريش تفتخر على العرب بأن محمدا منها ، وأمسى آل
محمّد مقهورين مخذولين. فإلى الله نشكو كثرة عدونا ، وتفرّق ذات بيننا ، وتظاهر
الأعداء علينا.
٥٩٦ ـ قصة المنهال
بن عمرو : (معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٦٧)
روى السيد نعمة
الله الجزائري في (الأنوار النعمانية) عن منهال بن عمرو الدمشقي ، قال :
كنت أتمشّى في
أسواق دمشق ، وإذا أنا بعلي بن الحسين عليهالسلام يمشي ويتوكأ على عصا في يده ، ورجلاه كأنهما قصبتان ،
والدم يجري من ساقيه ، والصفرة قد غلبت عليه.
قال منهال :
فخنقتني العبرة ، فاعترضته وقلت له : كيف أصبحت يابن رسول الله؟. قال : يا منهال
وكيف يصبح من كان أسيرا ليزيد بن معاوية!. يا منهال والله منذ قتل أبي ، نساؤنا ما
شبعت بطونهنّ ، ولا كسيت رؤوسهن ، صائمات النهار ونائحات الليل. يا منهال أصبحنا
مثل بني إسرائيل في آل فرعون ، يذبّحون أبناءهم ويستحيون نساءهم ، فالحاكم بيننا
وبينهم الله ، يوم فصل القضاء. يا منهال أصبحت العرب تفتخر على العجم بأن محمدا
منهم ، وتفتخر قريش على العرب بأن محمدا منها ، وإنا عترة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أصبحنا مقتولين مذبوحين ، مأسورين مشرّدين ، شاسعين عن
الأمصار ، كأننا أولاد ترك وكابل. هذا صباحنا أهل البيت ، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم قال عليهالسلام : يا منهال ، الحبس الّذي نحن فيه ليس له سقف. يا منهال
لقد تقشّرت وجوهنا من حرارة الشمس ، والشمس تصهرنا ، ولا نرى الهواء [أي لا نخرج
إلى الهواء] ، فأفرّ منه سويعة لضعف بدني ، وأرجع إلى عماتي وأخواتي خشية على
النساء.
الإفراج عن السبايا
٥٩٧ ـ يزيد يستشير
أهل الشام ماذا يفعل بالسبايا؟ :
(الإمامة والسياسة لابن قتيبة للدينوري ، ج ٢ ص ٨)
ثم استشار يزيد
أهل الشام فيما يصنع بالسبايا ، فقال : يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟. فقال رجل
من أهل الشام : لا تتخذنّ من كلب سوء جروا!.
فقال له النعمان
بن بشير [الأنصاري] : يا أمير المؤمنين ، اصنع بهم ما كان يصنع بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لو رآهم بهذه الحال.
وفي (مقتل
الخوارزمي) ج ٢ ص ٦٦ : ثم استشار أهل الشام ماذا يصنع بهم؟. فقالوا له : لا تتخذ
من كلب سوء جروا!. فقال النعمان بن بشير : انظر ما كان يصنعه بهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فاصنعه.
فقالت فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام : يا يزيد ، بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!.
قال : فبكى يزيد
حتى كادت نفسه تفيض ، وبكى أهل الشام حتى علت أصواتهم. ثم قال : خلّوا عنهم ،
واذهبوا بهم إلى الحمّام واغسلوهم ، واضربوا عليهم القباب ، ففعلوا. وأمال عليهم
المطبخ وكساهم ، وأخرج لهم الجوائز الكثيرة من الأموال والكسوة.
ثم قال يزيد : لو
كان بينهم وبين عاضّ بظر أمّه [كناية عن أحطّ الناس قيمة] نسب ما قتلهم ، ارجعوا
بهم إلى المدينة.
قال : فبعث بهم من
صار بهم إلى المدينة.
٥٩٨ ـ دخول
السبايا على نساء يزيد في داره :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٠٤ ط نجف)
ثم دخل نساء
الحسين عليهالسلام وبناته على نساء يزيد ، فقمن إليهن ، وصحن وبكين ، وبكين
المأتم على الحسين عليهالسلام.
٥٩٩ ـ إنزال
السبايا في دار تتصل بدار يزيد : (الإرشاد للمفيد ، ص ٢٤٦)
ثم أمر يزيد
بالنسوة أن ينزلن في دار على حدة ، ومعهن علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام ، فأفرد لهم دارا تتصل بدار يزيد ؛ فأقاموا أياما.
وفي (تاريخ ابن
عساكر) تراجم النساء ، ص ١٢٣ :
ثم أمر النسوة أن
ينزلن في دار على حدة ، معهن أخوهن علي بن الحسين عليهالسلام في الدار التي هو فيها.
قال : فخرجن حتى
دخلن دار يزيد ، فلم يبق من آل معاوية بن أبي سفيان امرأة إلا استقبلتهن ، تبكي
وتنوح على الحسين عليهالسلام. وأقاموا عليه المناحة ثلاثة أيام.
٦٠٠ ـ إقامة
المآتم على الحسين عليهالسلام في دار يزيد ثلاثة أيام :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)
وقال الزهري : لما
دخلت نساء الحسين عليهالسلام وبناته على نساء يزيد ، قمن إليهن وصحن وبكين ، وأقمن
المآتم على الحسين عليهالسلام.
ثم قال يزيد لعلي
الأصغر : إن شئت أقمت عندنا فبررناك ، وإن شئت رددناك إلى المدينة. فقال : لا أريد
إلا المدينة ، فردّه إليها مع أهله.
وقال الشعبي : لما
دخلت نساء الحسين عليهالسلام على نساء يزيد ، قلن : وا حسيناه. فسمعهن يزيد فقال :
يا صيحة تحمد من
صوائح
|
|
ما أهون الموت
على النوائح
|
وفي (مقتل الحسين)
للخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٤ :
وأمر أن يدخلوا
أهل بيت الحسين عليهالسلام داره. فلما دخلت النسوة دار يزيد لم تبق امرأة من آل
معاوية ، إلا استقبلتهن بالبكاء والصراخ ، والنياحة والصياح ، على الحسين عليهالسلام ، وألقين ما عليهن من الحلي والحلل. وأقمن المأتم عليه
ثلاثة أيام.
٦٠١ ـ أسباب إطلاق
سراح السبايا من السجن :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٢٢)
يقول الفاضل
الدربندي : الأسباب التي دعت يزيد إلى إطلاق آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من السجن والحبس كثيرة ، فقد رأى ذلك المارق من الرأس
الشريف ومن آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من المعجزات الباهرات ، وخوارق العادات الساطعات ، ما لا
يعدّ ولا يحصى.
منها : ما رآه في
منامه من رؤيا هائلة في الليلة التي رأت فيها زوجته هند الرؤيا التي سنذكرها ،
ويكشف عن ذلك قول هند : " فجعلت أطلب يزيد ، فإذا هو قد دخل إلى بيت مظلم ،
وقد دار وجهه إلى الحائط ، وهو يقول : ما لي ولقتل الحسين ... الخ".
ومنها : ما رأته
زوجته هند في منامها وقصّته له ، وسوف نذكرها صفحة ٦٧٣.
ومنها : ما رأته
جارية في منامها ، وفيه أن جمعا من الملائكة كانوا يريدون حرق دار يزيد ومن فيها.
ومنها : ما رأته
سكينة عليهالسلام في منامها وقصّته عليه ، وقد مرّ ذكرها.
فهذه الأشياء قد
أوقعت الرعب في قلب ذلك الكافر ، من جهة زوال ملكه وانصرام أجله. إلا أن السبب
الأقوى هو ما نشأ في قلبه من الخوف والرعب بسبب وقوع المحادثات بين الناس في شأنه
، ونفور أهل الشام عنه ، وقرب ثوران الفتنة ، واحتمال هجوم الناس عليه.
ملاحظة :
قال الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٢٥ :
في يوم إطلاق
السبايا من الحبس ، استدعى زين العابدين عليهالسلام من الحبس ، وكان يزيد يريد من زين العابدين عليهالسلام أن يتفوه بكلمة حتى يقتله ، فمنعه الله.
٦٠٢ ـ خبر السّبحة
: (بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٢٠٠)
قال العلامة
المجلسي : روي أنه لما حمل علي بن الحسين عليهالسلام إلى يزيد ، همّ بضرب عنقه. فأوقفه بين يديه ، وهو يكلمه
ليستنطقه بكلمة يوجب بها قتله ، وعلي بن الحسين عليهالسلام يجيبه حيثما (حسبما) يكلمه ، وفي يده عليهالسلام سبحة صغيرة يديرها بأصابعه وهو يتكلم. فقال له يزيد : أنا
أكلمك وأنت تجيبني وتدير أصابعك بسبحة في يدك!. فكيف يجوز ذلك؟.
فقال عليهالسلام : حدّثني أبي عن جدي ، أنه كان إذا صلى الغداة [أي صلاة
الصبح] وانفتل ، لا يتكلم حتى يأخذ سبحة بين يديه ، فيقول : الله م إني أصبحت
أسبّحك وأحمدك وأهلّلك وأكبّرك وأمجّدك ، بعدد ما أدير به سبحتي. ويأخذ السبحة في
يده ويديرها ، وهو يتكلم بما يريد من أن يتكلم بالتسبيح. وذكر أن ذلك محتسب له ،
وهو حرز له إلى أن يأوي إلى فراشه. فإذا أوى إلى فراشه قال مثل ذلك القول ، ووضع
السّبحة تحت رأسه ، فهي محسوبة له من الوقت إلى الوقت. ففعلت هذا اقتداء بجدّي.
فقال يزيد : مرة
بعد أخرى ، لست أكلّم أحدا منكم إلا ويجيبني بما يفوز به. وعفا عنه (ووصله ، وأمر
بإطلاقه).
٦٠٣ ـ سبحة من
تراب الحسين عليهالسلام : (مجلة الموسم ، العدد ١٣ ص ٤٠)
أول ما ظهرت فكرة
السّبحة التي حبّاتها من تراب ، حين استشهد حمزة عم النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم في غزوة أحد.
يؤيد ذلك ما ورد
في (مزار البحار) للمجلسي عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : إن فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت سبحتها من خيط صوف مفتول ، معقود عليه عدد التكبيرات
، وكانت تديرها بيدها تكبّر وتسبّح ، حتى قتل حمزة بن عبد المطلب عليهالسلام فاستعملت تربته ، وعملت منها التسابيح ، فاستعملها الناس.
فلما قتل الحسين عليهالسلام عدل الأمر إليه ، فاستعملوا تربته لما فيها من الفضل
والمزية. ا ه.
وأول من فعل ذلك
الإمام زين العابدين عليهالسلام ، فبعد أن فرغ من دفن أبيه الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأنصاره ، أخذ قبضة من التربة التي وضع عليها
الجسد الشريف ، (فشدّ تلك التربة في صرّة) ، وعمل منها سجدة ومسبحة ، وهي السّبحة
التي كان يديرها بيده حين أدخلوه الشام على يزيد ، فسأله : ما هذه التي تديرها
بيدك؟. فروى له خبرا عن جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مؤداه أن من يحمل السبحة صباحا ويقرأ الدعاء المخصوص ، لا
يزال يكتب له ثواب التسبيح وإن لم يسبّح بها ..
وأول من صلّى على
هذه التربة الإمام زين العابدين عليهالسلام ثم ابنه الباقر ، ثم ابنه الصادق عليهالسلام الّذي حثّ شيعته على الاقتداء به والسجود على تربة الحسين عليهالسلام حتى صارت شعارا من شعارات الشيعة ، يتقربون بها إلى الله.
ومما يؤثر عن الإمام الصادق عليهالسلام قوله : «إن السجود على تربة أبي عبد الله الحسين عليهالسلام يخرق الحجب السبع». ولعل المراد بالحجب السبع الصفات
الذميمة التي تحجب النفس عن أنوار الحق ، وكلها بحرف الحاء ، وهي [الحقد ، الحسد ،
الحرص ، الحدّة ، الحماقة ، الحيلة ، الحقارة] ، وبالسجود على التربة الحسينية
تزول هذه الحجب السبع ، وتحل محلها الحاءات السبع من الفضائل ، وهي [الحكمة ،
الحزم ، الحلم ، الحنان ، الحصانة ، الحياء ، الحب].
اليوم التاسع من صفر
إكرام يزيد للإمام زين العابدين عليهالسلام
٦٠٤ ـ إنزال يزيد
لزين العابدين عليهالسلام في داره الخاصة :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٢٤)
ورد في (المناقب)
: ثم إن يزيد أنزلهم في داره الخاصة ، فما كان يتغدّى ولا يتعشّى حتى يحضر معه علي
بن الحسين عليهالسلام.
٦٠٥ ـ لماذا سمّى
الحسين عليهالسلام عدة من أولاده باسم علي؟ :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٧٥ ط ٣)
في كتاب (النسب)
عن يحيى بن الحسن ، قال يزيد لعلي بن الحسين عليهالسلام : وا عجبا لأبيك سمّى عليا وعليا.! .. فقال عليهالسلام : إن أبي أحبّ أباه فسمّى باسمه مرارا.
٦٠٦ ـ مبارزة بين
عمرو بن الحسن عليهالسلام وخالد بن يزيد :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٤٣ ط ٣)
قال : ودعا يزيد
يوما بعلي بن الحسين عليهالسلام ومعه عمرو بن الحسن عليهالسلام وكان صغيرا ، يقال إن عمره إحدى عشرة سنة. فقال له يزيد :
أتصارع هذا ، يعني ابنه خالد؟. فقال له عمرو : لا.
وفي (تاريخ الطبري)
" قال : وما تصنع بمصارعتي إياه؟ ". ولكن أعطني سكينا وأعطه سكينا ، ثم
أقاتله!.
قال يزيد : شنشنة
أعرفها من أخزم . وهل تلد الحية إلا حية!.
وفي رواية :
شنشنة أعرفها من
أخزم
|
|
هل تلد الأرقم
غير الأرقم
|
إن العصا من
العصيّة
|
|
هل تلد الحيّة
إلا حيّة
|
تذييل :
قال الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥١٢ :
يستفاد من إحدى
الروايات أن إطلاق يزيد الحرم والسبايا من السجن والحبس الّذي كان في مسجد خراب ،
كان في اليوم الّذي أمر يزيد عمرو بن الحسن عليهالسلام بأن يصارع ابنه خالدا.
(أقول) : وهذا
خالد بن يزيد هو الكيميائي المشهور ، وقد اعتزل السياسة.
__________________
رؤيا عجيبة
٦٠٧ ـ كرامة لرأس
الحسين عليهالسلام في بيت يزيد :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥١٢)
ذكر القطب
الراوندي في (الخرايج والجرايح) بعد ذكر رأس اليهود
(الجالوت) كرامة
لرأس الحسين عليهالسلام. قال الراوي :
وأمر يزيد فأدخل
الرأس القبة التي بإزاء القبة التي يشرب فيها [الفقّاع].
قال الرجل المشؤوم
لسليمان الأعمش :
ووكلنا بالرأس ،
وكل ذلك كان في قلبي ، فلم يحملني النوم في تلك القبّة. فلما دخل الليل وكّلنا
أيضا بالرأس.
ـ نزول الملائكة
والرسل لتعزية النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ١٨٧ ط ٣)
فلما مضى وهن من
الليل [أي نحو نصفه] سمعت دويا من السماء ، فإذا مناد ينادي : يا آدم اهبط ، فهبط
أبو البشر ، ومعه خلق كثير من الملائكة. ثم سمعت مناديا ينادي : يا إبراهيم اهبط ،
فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة.
ثم سمعت مناديا
ينادي : يا موسى اهبط ، فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة. ثم سمعت مناديا ينادي :
يا عيسى اهبط ، فهبط ومعه كثير من الملائكة. ثم سمعت دويّا عظيما ومناديا ينادي :
يا محمّد اهبط ، فهبط ومعه خلق كثير من الملائكة. فأحدق الملائكة بالقبة.
ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم دخل القبة وأخذ الرأس منها. (وفي رواية) : إن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم قعد تحت الرأس (وهو على رمح) فانحنى الرمح ، ووقع الرأس في
حجر رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. فأخذه وجاء به إلى آدم فقال : يا أبي يا آدم! ما ترى
ما فعلت أمتي
بولدي من بعدي؟. فاقشعر لذلك جلدي.
ثم قام جبرئيل عليهالسلام فقال : يا محمّد أنا صاحب الزلزال ، فأمرني لأزلزل بهم
الأرض ، وأصيح بهم صيحة واحدة يهلكون فيها. قال : لا. فقال : يا محمّد دعني وهؤلاء
الأربعين الموكلين بالرأس. قال : فدونك. فجعل ينفخ بواحد واحد ، فدنا
مني ، فقال : تسمع
وترى؟. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : دعوه دعوه ، لا يغفر الله له ، فتركني.
٦٠٨ ـ قصة الثقفي
: (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥١٣)
هذه القصة رواها
الشعبي عن الثقفي بنحو مفصّل ، وذلك حيث قال :
قال محمّد بن
البجلي : حججت بيت الله الحرام ، فبينما أطوف فإذا برجل (وهو ثقفي) يقول : الله م
إني أعوذ بك من القوم الظالمين ، لا يزيد على هذا. فتقدمت إليه وسألته عن سبب ذلك؟.
فأخذ بيدي إلى شعب من شعاب مكة ويدي في يده. فجلس وجلست. فقال لي : هذا شعب من؟.
قلت : شعب علي بن أبي طالب عليهالسلام. فقال : لا أقدر أن أقعد في شعب رجل كان مني عليه ما
يسوؤه. فقلت : وما ذاك؟. فانحرف ناحية ، وقال : اعلم أني كنت من الأربعين رجلا
الموكلين في الشام بحفظ رأس الحسين عليهالسلام. وكنا إذا جاء الليل نجعله في صندوق ونقفله وننام عنده في
بعض البيوت. فلما كانت ليلة من الليالي وقد نام أصحابي وأنا غير نائم ، وإذا
بالسقف قد انشقّ ، وإذا قد نزل آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم ، ثم نزل
وفد من الملائكة والنبيين والمرسلين والصدّيقين والشهداء والصالحين ، فجلسوا أمام
الصندوق. ونزل رجل أكثرهم نورا وأحسنهم وجها ، فنصب له كرسي من النور ، وقيل له :
اجلس يا محمّد ، يا خاتم النبيين وسيد المرسلين. ونزل من بعده علي بن أبي طالب ،
ونزل من بعده أربعة من الرجال ، ومناد يقول : اجلس يا حمزة ويا جعفر ، وانزل يا
عقيل ويا عباس. فجلسوا إلى جانب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثم إن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم فتح الصندوق وأخرج منه رأس الحسين عليهالسلام فظهر منه نور سدّ المشرق والمغرب ، فبكى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبكت الأنبياء والملائكة عند رؤيته. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبي يا آدم ويا أبي نوح ويا أبي إبراهيم ، ويا أخي
موسى ويا أخي عيسى ، ويا معاشر الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين والشهداء
والصالحين ، انظروا ما فعلت أمتي بولدي الحسين عليهالسلام. فقالوا : لعن الله أمّة فعلت هذا بولدك الحسين عليهالسلام.
قال الثقفي : ثم
إني سمعت مناديا ينادي : يا أيها الأنبياء والمرسلون والصالحون ، غضّوا أبصاركم
ونكّسوا رؤوسكم لتجوز أم البشر ، فإذا بها امرأة أشبه الناس بآدم عليهالسلام. ثم نزلت مريم ثم آسية بنت مزاحم ، ثم سارة وصفراء ابنة
شعيب. وإذا بنسوة
كالبدور الطالعة ، وإذا بالنداء يأتي : أيها الأنبياء والحاضرون ، نكّسوا رؤوسكم
لتجوز أم الغريب فاطمة الزهراء عليهالسلام.
قال الشعبي :
قال الثقفي :
ومعها وفد من الملائكة ، فلحقت بالنسوة إلى جانب الصندوق. وجاءت خديجة ، ثم نادت
فاطمة : يا أبه يا رسول الله ، ادفع لي رأس ولدي الحسين عليهالسلام لأقبله ، فدفع إليها الرأس. فجعلت تقبّله وتبكي ، حتى بكى
لبكائها أهل السماء. ثم قالت: يا أماه يا حواء ، ويا أختي مريم ويا صفراء ويا آسية
ويا أمي خديجة ، ويا معاشر الأنبياء والرسل ، انظروا إلى ما فعلت أمة أبي بولدي ،
بعدما فعلوا بأبيه علي وبأخيه الحسن من قبله. فقالوا : يا بنت رسول الله ، الحاكم
بينك وبينهم الله رب العالمين وهو خير الحاكمين. فقالت : الحمد لله على ما ابتلي
به أهل هذا البيت. ثم قامت والنسوة معها ، وتقدم آدم ومعه الأنبياء والشهداء
والصالحون ، فعزّوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمصاب الحسين عليهالسلام. ثم إنه ردّ الرأس إلى الصندوق.
ثم هبط خمسة من
الملائكة ، فتقدم الأول وقال : السلام عليك يا محمّد ، إن الله أمرنا بطاعتك ، أنا
ملك الريح ، مرني أسلط الريح عليهم فأقلّبهم ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
لا. فتقدم الثاني
فقال : أنا ملك السموات ، مرني أطبق السماء عليهم ، قال : لا. فتقدم الثالث وقال :
أنا ملك البحر ، مرني لأغرقهم فيه ، قال : لا. فتقدم الرابع وقال : أنا ملك الشمس
، مرني لأحرقهم ، قال : لا. فتقدم الخامس وقال : أنا ملك الأرض ، مرني أقلب بهم
الأرض. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا ، دعوهم حتى يحكم الله بيني وبينهم وهو خير الحاكمين.
ثم قالوا : يا
محمّد ، إن الله قد أمرنا بقتل الموكلين بالرأس. فقال :
لا تبقوا منهم إلا
رجلا واحدا يحدّث بما باشر ونظر. فقلت : أنا ذلك الرجل يا رسول الله. فأبقيت أنا ،
وهلك القوم عن آخرهم. فهذه جملة ما أحدّث به.
فقال الراوي محمّد
بن البجلي : قم عني ، فأنت من أهل النار!.
وقد روى الشبلنجي
وغيره قصة مشابهة للسابقة ، ولكن ذكر أنها حدثت في بيت يزيد ، وهي التي سمّيناها
قصة (أسلم).
٦٠٩ ـ قصة أسلم :
روى هذه القصة عدة
من علماء العامة ؛ منهم الخوارزمي في مقتله ، ج ٢ ص ٨٧ و ٨٨ ؛ ومنهم الشبلنجي في
كتابه (نور الأبصار في مناقب آل بيت النبي المختار) ص ١٣٥ ، نقلا عن (شرح الشفاء)
للعلامة التلمساني ، الفصل ٢٤ ، فيما أطلع الله نبيهصلىاللهعليهوآلهوسلم من الغيوب ، من ترجمة الحسين عليهالسلام ؛ ومنهم الإسفرايني في (نور العين في مشهد الحسين) ص ١٠٥.
والقصة كرامة
كبيرة للإمام الحسين وأهل البيت عليهالسلام ، وهي :
روى سليمان [ابن
مهران] الأعمش ، قال :
خرجنا ذات سنة
حجاجا لبيت الله الحرام ، وزيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. فبينا أنا أطوف البيت ، إذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو
يقول : (اللهمّ اغفر لي ، وما أظنّك تفعل!). فلما فرغت من طوافي ، قلت : سبحان
الله العظيم ،
ما كان ذنب هذا
الرجل؟. فتنحّيت عنه ، ثم مررت به مرة ثانية ، وهو يقول :
(اللهمّ اغفر لي ،
وما أظنّك تفعل!). فلما فرغت من طوافي قصدت نحوه فقلت : يا هذا ، إنك في موقف عظيم
يغفر الله فيه الذنوب العظام ، ولو كانت مثل قطر الأمطار وورق الأشجار .. فلو سألت
منه عزوجل المغفرة والرحمة لرجوت أن يفعل ، فإنه منعم كريم. فقال :
يا عبد الله من أنت؟. فقلت : أنا سليمان الأعمش. فقال : يا سليمان إياك طلبت ، وقد
كنت أتمنى مثلك. فأخذ بيدي وأخرجني من داخل الكعبة إلى خارجها.
فقال لي : يا
سليمان ، ذنبي عظيم. فقلت : يا هذا أذنبك أعظم أم الجبل أم السموات أم الأرضون أم
العرش؟!.
فقال لي : يا
سليمان ، ذنبي أعظم. مهلا عليّ حتى أخبرك بعجب رأيته. فقلت له : تكلم رحمك الله.
فقال لي : يا سليمان ، أنا من السبعين رجلا الذين أتوا برأس الحسين بن علي عليهالسلام إلى يزيد بن معاوية ، فأمر بالرأس فنصب خارج المدينة ،
وأمر بإنزاله ووضع في طست من ذهب ، ووضع ببيت منامه.
هند زوجة يزيد ترى
النور ينبعث من الرأس الشريف :
قال : فلما كان في
جوف الليل ، انتبهت امرأة يزيد [وهي هند بنت عمرو بن سهيل] فإذا شعاع ساطع إلى
السماء ، ففزعت فزعا شديدا. وانتبه يزيد من منامه ،
فقالت له : يا هذا
قم ، فإني أرى عجبا. (قال) فنظر يزيد إلى ذلك الضياء ، فقال لها : اسكتي ، فإني
أرى كما ترين. [لكن هذه المرأة الحرة أنكرت على يزيد عمله لما أبصرت الرأس
والأنوار النبوية تتصاعد منه إلى عنان السماء ، وشاهدت الدم يتقاطر طريا ويشمّ منه
رائحة طيبة. فما كان منها إلا أن أعولت وهددته بالفراق ، إذا لم يخرج الرأس الشريف
من القصر].
(قال) فلما أصبح
من الغد ، أمر بالرأس فأخرج إلى فسطاط هو من الديباج الأخضر ، وأمر بالسبعين رجلا
فخرجنا إليه نحرسه ، وأمر لنا بالطعام والشراب ، حتى غربت الشمس ومضى من الليل ما
شاء الله ، ورقدنا.
نزول الأنبياء من
السماء :
فاستيقظت ، ونظرت
نحو السماء ، وإذا بسحابة عظيمة ولها دويّ كدويّ الجبال وخفقان أجنحة. فأقبلت حتى
لصقت بالأرض ، ونزل منها رجل وعليه حلّتان من حلل الجنة ، وبيده درانك [أي بسط]
وكراسي. فبسط الدرانك وألقى عليها الكراسي ، وقام على قدميه ، ونادى : انزل يا أبا
البشر ، انزل يا آدم صلّى الله عليك وسلّم. فنزل رجل أجمل ما يكون من الشيوخ شيئا
، فأقبل حتى وقف على الرأس ، وقال : السلام عليك يا ولي الله. السلام عليك يا بقية
الصالحين. عشت سعيدا وقتلت طريدا. ولم تزل عطشانا حتى ألحقك الله بنا. رحمك الله ،
ولا غفر لقاتلك. الويل لقاتلك غدا من النار. ثم زال وقعد على كرسي من تلك الكراسي.
(قال) يا سليمان ،
ثم لم ألبث إلا يسيرا ، وإذا بسحابة أخرى أقبلت حتى لصقت بالأرض ، فسمعت مناديا
يقول : انزل يا نبي الله ، انزل يا نوح ، وإذا برجل أتمّ الرجال خلقا ، وإذا بوجهه
صفرة ، وعليه حلّتان من حلل الجنة. فأقبل حتى وقف على الرأس ، فقال : السلام عليك
يا عبد الله. السلام عليك يا بقية الصالحين. قتلت طريدا وعشت سعيدا. ولم تزل
عطشانا حتى ألحقك الله بنا. غفر الله لك ، ولا غفر لقاتلك. الويل لقاتلك غدا من
النار. ثم زال فقعد على كرسي من تلك الكراسي.
(قال) يا سليمان ،
ثم لم ألبث إلا يسيرا ، وإذا بسحابة أعظم منها ، فأقبلت حتى لصقت بالأرض. فقام
الأذان ، وسمعت مناديا ينادي : انزل يا خليل الله ، انزل يا إبراهيم صلى الله عليك
وسلم. وإذا برجل ليس بالطويل العالي ولا بالقصير
المتداني ، أبيض
الوجه ، أملح الرجال شيبا. فأقبل حتى وقف على الرأس ، فقال : السلام عليك يا عبد
الله. السلام عليك يا بقية الصالحين. قتلت طريدا وعشت سعيدا. ولم تزل عطشانا حتى
ألحقك الله بنا. غفر الله لك ، ولا غفر لقاتلك. الويل لقاتلك غدا من النار. ثم
تنحّى فقعد على كرسي من تلك الكراسي.
ثم لم ألبث إلا
يسيرا ، فإذا بسحابة عظيمة ، فيها دويّ كدويّ الرعد وخفقان أجنحة ، فنزلت حتى لصقت
بالأرض. وقام الأذان ، فسمعت قائلا يقول : انزل يا نبي الله ، انزل يا موسى بن
عمران. فإذا رجل أشدّ الناس في خلقه ، وأتمّهم في هيبته ، وعليه حلّتان من حلل
الجنة. فأقبل حتى وقف على الرأس ، فقال مثلما تقدم. ثم تنحّى فجلس على كرسي من تلك
الكراسي.
ثم لم ألبث إلا
يسيرا ، وإذا بسحابة أخرى ، وإذا فيها دويّ عظيم وخفقان أجنحة ، فنزلت حتى لصقت
بالأرض. وقام الأذان ، فسمعت قائلا يقول : انزل يا عيسى ، انزل يا روح الله. فإذا
أنا برجل محمّر الوجه وفيه صفرة ، وعليه حلّتان من حلل الجنة. فأقبل حتى وقف على
الرأس ، فقال مثل مقالة آدم ومن بعده. ثم تنحّى فجلس على كرسي من تلك الكراسي.
ثم لم ألبث إلا
يسيرا ، وإذا بسحابة عظيمة ، فيها دويّ كدويّ الرعد والرياح وخفقان أجنحة ، فنزلت
حتى لصقت بالأرض. فقام الأذان ، وسمعت مناديا ينادي : انزل يا محمّد ، انزل يا
أحمد صلى الله عليك وآلك وسلّم. وإذا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليه حلّتان من حلل الجنة ، وعن يمينه صفّ من الملائكة
والحسن [وعلي] وفاطمة عليهالسلام. فأقبل حتى دنا من الرأس ، فضمّه إلى صدره وبكى بكاء شديدا
، ثم دفعه إلى أمه فاطمة عليهالسلام فضمته إلى صدرها وبكت بكاء شديدا ، حتى علا بكاؤها ، وبكى
لها من سمعها في ذلك المكان.
فأقبل آدم عليهالسلام حتى دنا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : السلام على الولد الطيّب ، السلام على الخلق الطيّب
، أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك في ابنك الحسين. ثم قام نوح عليهالسلام فقال مثل قول آدم. ثم قام إبراهيم عليهالسلام فقال كقولهما.
ثم قام موسى وعيسى
عليهالسلام فقالا كقولهم كلهم ، يعزّونه صلىاللهعليهوآلهوسلم في ابنه الحسينعليهالسلام.
ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبي آدم ، ويا أبي نوح ، ويا أبي إبراهيم ، ويا أخي
موسى ، ويا أخي
عيسى ، اشهدوا ـ وكفى بالله شهيدا ـ على أمتي بما كافؤوني في ابني وولدي من بعدي.
فدنا منه ملك من
الملائكة ، فقال : قطّعت قلوبنا يا أبا القاسم. أنا الملك الموكل بسماء الدنيا ،
أمرني الله تعالى بالطاعة لك ، فلو أذنت لي أنزلها على أمتك فلا يبقى منهم أحد.
ثم قام ملك آخر ،
فقال : قطّعت قلوبنا يا أبا القاسم ، أنا الملك الموكّل بالبحار ، وأمرني الله
بالطاعة لك ، فإن أذنت لي أرسلتها عليهم فلا يبقى منهم أحد.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ملائكة ربي ، كفّوا عن أمتي ، فإن لي ولهم موعدا لن
أخلفه.
فقام إليه آدم عليهالسلام فقال : جزاك الله خيرا من نبيّ أحسن ما جوزي به نبيّ عن
أمته.
فقال له الحسن عليهالسلام : يا جداه ، هؤلاء الرقود هم الذين يحرسون أخي ، وهم الذين
أتوا برأسه. فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا ملائكة ربي ، اقتلوهم بقتلة ابني. فو الله ما لبثت
إلا يسيرا حتى رأيت أصحابي قد ذبحوا أجمعين.
(قال) فلصق بي ملك
ليذبحني ، فناديته : يا أبا القاسم أجرني وارحمني يرحمك الله. الأمان الأمان يا
رسول الله. فقال : كفّوا عنه. ودنا مني وقال : أنت من السبعين رجلا؟. فقلت : نعم.
فألقى يده في منكبي وسحبني على وجهي ، وقال : اذهب لا رحمك الله ، ولا غفر لك.
أحرق الله عظامك بالنار. فلذلك أيست من رحمة الله. فلما أصبحت رأيت أصحابي جاثمين
رمادا.
فقال الأعمش :
إليك عني ، فإني أخاف أن أعاقب من أجلك.
(وفي رواية أخرى)
أن هذا الشخص الّذي حمل رأس الحسين عليهالسلام واسمه [أسلم] نام فرأى في منامه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يستقبل الحسين عليهالسلام في الجنة ، ويرى نار جهنم قد أضرمت لعقابه ، هو وأصحابه
السبعون ، ثم فاق مذعورا ، ومن بعد ذلك لم تر عينه النوم.
وقد نظم الشاعر
هذا المعنى ، فقال :
طاف بالروضة
الشريفة [أسلم]
|
|
خائر العزم
كالبناء المهدّم
|
يمسح الستر
باليدين ويبكي
|
|
كالغلام اليتيم
بل هو أيتم
|
صائحا والدموع
بلّت لحاه :
|
|
(يا رحيما وما أظنّك ترحم)
|
ورآه فتى فأشفق
منه
|
|
إذ رآه هناك
يدعو فيأثم
|
قال يا شيخ ،
أفي المقام وتدعو
|
|
دعوة اليأس إن
ربك أرحم
|
أقتلت النفوس من
غير ذنب
|
|
قال : يا ليت ،
إن ذنبي أعظم
|
قال يا شيخ ، هل
ظلمت يتيما
|
|
قال : بل إنني
لأطغى وأظلم
|
قال هل كنت قد
فتكت بعرض
|
|
وتلذّذت بالشراب
المحرّم
|
قال يا ليت إنني
جئت أمرا
|
|
روّع البيت والحطيم
وزمزم
|
قال يا شيخ ، هل
كفرت بربّ
|
|
إنما الكفر في
الذنوب المقدّم
|
قال إني فعلت
أكبر منه
|
|
ذنب إبليس من
ذنوبي أرحم
|
قال يا شيخ ،
رحمة الله عمّت
|
|
كلّ من غاص في
الذنوب وأجرم
|
إن في زورة
النبي غياثا
|
|
وتراب النبي برء
وبلسم
|
قم فحدّث بما
فعلت لعلي
|
|
بالذي قد فعلت
أدرى وأعلم
|
ربما كان ما
فعلت يسيرا
|
|
ربما كنت جاهلا
تتوهّم
|
* * *
قال إني شهدت
قتل حسين
|
|
حينما حلّ في
العراق وخيّم
|
فأخذنا الطريق
طولا وعرضا
|
|
وتركناه ظامئا
يتألّم
|
وسيوف اللعين
تنهل منه
|
|
وهو بالسيف
ضاربا يتقدّم
|
لم أجد في
الوجود أشجع قلبا
|
|
من حسين ولا
أعزّ وأعظم
|
مات أنصاره وبعض
بنيه
|
|
وهو كالطود
شامخا ليس يهزم
|
ضربات اللعين
تأخذ منه
|
|
أخذات وبعدها
تتحطّم
|
والشهيد العظيم
ينظر للمو
|
|
ت ويتلو من
الكتاب المعظّم
|
عينه للسماء
تنظر للغي
|
|
ب وما زال ثغره
يتبسّم
|
ميتة للشهيد
فيها حياة
|
|
وسكون لفتنة
تتكلّم
|
والسموات
بالرعود تدوّي
|
|
وهي في حلكة
الغراب وأسحم
|
باكيات بدمعها
صارخات
|
|
وهي غضبى على
الورى تتجهّم
|
والأسارى وزينب
في الأسارى
|
|
مشهد قطّع
القلوب ودمدم
|
وأنا قد حملت
رأس حسين
|
|
ليزيد ، غنمت
أشأم مغنم
|
ويزيد الأثيم
ناكث عهد
|
|
بين قوم يتيه
زهوا وينعم
|
يتشفّى للمشركين
ببدر
|
|
من ذويه وهم
وقود جهنم
|
نسي الدين
والشريعة والعه
|
|
د وأمسى بعصبة
الشرك يحكم
|
ثم مال الكرى
بعيني فنامت
|
|
وضميري بهم كسهم
مسمّم
|
وإذا بي أرى
الحسين صحيحا
|
|
وعليه النبي
صلّى وسلّم
|
قد شهدت الحسين
جسما ورأسا
|
|
فكأن لم يكن
يحزّ ويقصم
|
وأرى مجلس
النبوة ضمّت
|
|
دفّتاه على
الشهيد المكرّم
|
من بني هاشم وآل
عليّ
|
|
والإمام الّذي
له الله كرّم
|
ويقول النبيّ :
قرّة عيني
|
|
يا حسين أأنت
ترمى وتظلم
|
والإمام الشهيد
يخطر فرحا
|
|
ن كبدر على جواد
مطهّم
|
تتمنى الجنان
لثم ثنايا
|
|
مشرقات به ووجه
ملثّم
|
أزلفت جنّة
وصفّفن حور
|
|
من حواليه
كالجمان المنظّم
|
وإذا النار
سعّرت وإذا بي
|
|
في رفاقي على
شفير جهنم
|
في كلاليب من
لظى وسعير
|
|
نترامى على
الجحيم ونرجم
|
ويزيد أمامنا ،
والبلايا
|
|
طوّقت شمر مع
سنان الغشمشم
|
كلّ ملك بناه
بعد حسين
|
|
علم الله لا
يباع بدرهم
|
وأشار النبي
نحوي فأحسس
|
|
ت بنار مهجتي
تتضرّم
|
من منامي أفقت
مسلوب رشد
|
|
شارد اللبّ ذا
ضمير محطّم
|
لا أذوق المنام
إلا لماما
|
|
وإذا نمت ذلّتي
تتجسّم
|
الفضاء الرحيب
قد ضاق عني
|
|
وأنا في إطار
سور محكّم
|
أعجيبا أن قد
سمعت مقالي :
|
|
(يا رحيما وما أظنّك ترحم)
|
صرخ السامع
الرحيم صراخا
|
|
كالذي قد أحسّ
لدغة أرقم
|
ويلك اخرج من
الحجاز لئلا
|
|
تحرق البيت
والحطيم وزمزم
|
خرج المذنب
الغشوم من المي
|
|
دان يسعيكسعي
أعميو أبكم
|
هائما كالبهيم
في رقعة الأر
|
|
ض وأشقى من
البهيم وأبهم
|
صائحا والدموع
بلّت لحاه
|
|
(يا رحيما وما أظنّك ترحم)
|
رؤيا هند
٦١٠ ـ رؤيا هند
زوجة يزيد : (مدينة المعاجز ، ص ٢٧٤ ط حجر طهران)
روي عن هند بنت
عبد الله زوجة يزيد ، قالت :
كنت أخذت مضجعي [أي
نمت] فرأيت بابا من السماء وقد فتح ، والملائكة ينزلون كتائب كتائب ، إلى رأس
الحسين عليهالسلام وهم يقولون : السلام عليك يا أبا عبد الله ، السلام عليك
يابن رسول الله. فبينما أنا كذلك إذ نظرت إلى سحابة قد نزلت من السماء ، وفيها
رجال كثير ، وفيهم رجل درّي اللون قمري الوجه ، فأقبل يسعى حتى انكبّ على ثنايا
الحسين عليهالسلام وقبّلها ، وهو يقول : ولدي قتلوك ، تراهم ما عرفوك ، ومن
شرب الماء منعوك!.
يا ولدي أنا جدك
رسول الله ، وهذا أبوك علي المرتضى ، وهذا أخوك الحسن ، وهذا عمك جعفر ، وهذا عقيل
، وهذان حمزة والعباس ، ثم جعل يعدّد أهل بيته واحدا بعد واحد.
قالت هند :
فانتبهت من نومي فزعة مرعوبة ، وإذا بنور قد انتشر على رأس الحسينعليهالسلام. فجعلت أطلب يزيد ، وهو قد دخل إلى بيت مظلم ، وقد أدار
وجهه إلى الحائط ، وهو يقول : ما لي وللحسين ، وقد وقعت عليه الغمومات. فقصصت عليه
المنام وهو منكس الرأس.
قال الراوي : فلما
أصبح استدعى بحرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لهن : أيما أحب إليكن ؛ المقام عندي أو الرجوع إلى
المدينة؟. ولكم الجائزة السنيّة!.
٦١١ ـ السبايا
يطلبن النواحة على الحسين عليهالسلام سبعة أيام :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٢٣)
فقلن : نحب أن
ننوح على الحسين عليهالسلام. قال : فأمر يزيد ، فأفسحوا لهن دارا ، وهيؤوا لهن كل شيء
يحتاج إليه. (وفي رواية : ثم أخلت لهن الحجر والبيوت في دمشق). وجعلن ينحن على
الحسين عليهالسلام ، فلم يبق في دمشق قرشية إلا لبست السواد ، وجعلن يبكين
على الحسين عليهالسلام سبعة أيام.
فلما كان اليوم
الثامن عرض عليهن ، وخيّرهن بين المقام عنده ، أو المسير إلى المدينة المشرفة ؛
فاخترن المسير إلى المدينة.
(انتهت رواية أبي مخنف ، ويوافق ذلك ما ورد في البحار).
وفي مخطوطة (مصرع
الحسين) ـ مكتبة الأسد ، ص ٦٣ :
قال السبايا :
فنحبّ أن ننوح على الحسين عليهالسلام ونندبه.
قال أبو مخنف :
فأخلى لهم يزيد دارا تعرف بدار الأحزم ... وأقاموا عليه النوح أسبوعا.
٦١٢ ـ إقامة
المأتم على الحسين عليهالسلام سبعة أيام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٠٩)
وفي (القمقام) :
ثم أرسلت زينب عليهالسلام إلى يزيد تسأله الإذن أن يقمن المآتم على الحسين عليهالسلام فأجاز ذلك. وأنزلهن في دار الحجّارة ؛ فأقمن المآتم هناك
سبعة أيام ، ويجتمع عندهن في كل يوم جماعة كبيرة لا تحصى من النساء.
٦١٣ ـ معاملة هند
لسبايا أهل البيت عليهالسلام :
(منتخبات التواريخ لدمشق لمحمد أديب آل تقي الحصني ، ج ١ ص ٨٨)
ونقل عن رئيس شرطة
يزيد ، وهو حميد بن حريث ، وهو أول شرطي تولى هذه الوظيفة بدمشق ، أنه لما حضر رأس
الحسين عليهالسلام مع زين العابدين عليهالسلام والسبايا من آل البيت الكرام إلى دمشق ، بين يدي يزيد ،
قالت له زوجته هند ، وكانت جارية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام : لقد أحدثت أمرا عظيما في الإسلام ، ردّهم إلى المدينة
المنورة ، وأكرم منزلتهم وأحسن رعايتهم ، وهي التي قامت بخدمتهم مدة إقامتهم
بدمشق.
ونقل بعضهم أن قبر
(هند) هذه ، في محلة القيمرية من أحياء دمشق.
(أقول) : وذكر لي
السيد خالد الحموي رواية شائعة بين سكان دمشق ، مفادها أن هند هذه سألت فيما بعد :
كيف قتل الحسين عليهالسلام؟. فقالوا : قتل عطشان ظمآن ؛ فأمرت ببناء سبلان الماء في
كل أحياء دمشق ، حتى يرتوي كل عطشان ، ردا على فعل زوجها الإجرامي.
الحاجات الثلاث
٦١٤ ـ الحاجات
الثلاث التي وعد بها يزيد الإمام زين العابدين عليهالسلام :
(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٨٥)
ثم قال يزيد لعلي
بن الحسين عليهالسلام : وعدتك بقضاء ثلاث حاجات ، فاذكرها. فقال عليهالسلام :
(الأولى) : أن
تريني وجه سيدي ومولاي الحسين عليهالسلام ، لأتزوّد منه وأودّعه.
(الثانية) : أن
تردّ علينا ما أخذ منا [في كربلاء] ، لأن فيه مغزل فاطمة عليهالسلام وقميصها وقلادتها.
(الثالثة) : إن
كنت عزمت على قتلي ، فوجّه مع هؤلاء النسوة من يردّهن إلى حرم جدهن صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فقال يزيد : أما
وجه أبيك فلن تراه أبدا. وأما قتلك فقد عفوت عنك ، فما يوصلهم إلى المدينة غيرك.
وأما ما أخذ منكم ، فأنا أعوّضكم عنه. وأمر اللعين بردّ المأخوذ ، وزاد عليه مائتي
دينار ، ففرقها زين العابدين عليهالسلام على الفقراء والمساكين.
ثم أمر يزيد بردّ
الأسارى إلى أوطانهم.
وفي (اللهوف) لابن
طاووس : قال يزيد لعلي بن الحسين عليهالسلام : اذكر حاجاتك الثلاث اللائي وعدتك بقضائهن ، فقال عليهالسلام : الأولى أن تريني وجه سيدي ومولاي وأبي الحسين عليهالسلام فأتزود منه. والثانية أن تردّ علينا ما أخذ منا. والثالثة
إن كنت عزمت على قتلي أن توجّه مع هؤلاء النسوة من يردّهن إلى حرم جدّهن.
فقال يزيد الخبيث
: أما وجه أبيك فلن تراه أبدا. وأما قتلك فقد عفوت عنك ، وأما النساء فما يردّهن
غيرك إلى المدينة. وأما ما أخذ منكم ، فأنا أعوّضكم عنه أضعاف قيمته. فقال علي بن
الحسين عليهالسلام : أما مالك فلا نريده وهو موفّر عليك ، وإنما طلبت ما أخذ
منا لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومقنعتها وقلادتها وقميصها. فأمر يزيد بردّ ذلك ، وزاد فيه
من عنده مائتي دينار ، فأخذها زين العابدين عليهالسلام وفرّقها على الفقراء.
٦١٥ ـ الرأس
الشريف يكلّم ابنه زين العابدين عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٢)
وفي (شرح الشافية)
لأبي فراس الحمداني ، أنه لما قال علي بن الحسين عليهالسلام : يا يزيد أريد أن تريني وجه أبي وسيدي الحسين عليهالسلام. قال له يزيد : لن تراه أبدا. فقال علي بن الحسين عليهالسلام : يا يزيد أنت ظننت أن رأس أبي مخفيّ عليّ ، وأني ما أقدر
أن أراه وأكلمه!. ففي ذلك الوقت كان الرأس الشريف في طشت من ذهب ،
مغطى بمنديل ديبقي
، ووضع في حجرة. ثم توجه نحو الحجرة ، وقال : السلام عليك يا أبا عبد الله. وإذا
قد ارتفع المنديل ، وقال الرأس المبارك : وعليك السلام يا علي يا ولدي. فصاح علي
بن الحسين عليهالسلام صيحة وقال : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبتاه ،
أيتمتني على صغر سني ، وذهبت يا أبتاه عني وفرّق بيني وبينك ، وها أنا راجع إلى
حرم جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. أودعك الله وأسترعيك وأقرأ عليك السلام.
قال : فضجّ المجلس
بالبكاء والعويل ، حتى ارتجّت الأرض. فخشي يزيد من انقلاب الناس عليه ، فقام ودخل
منزله.
ملاحظة :
إن قول يزيد لزين
العابدين عليهالسلام : أما وجه أبيك فلن تراه أبدا ، يدل على أنه لم يعطه الرأس
الشريف لإرجاعه إلى كربلاء. فإذا صحّ أن زين العابدين عليهالسلام قد أرجع الرأس الشريف إلى كربلاء ، يكون ذلك قد حصل في
سنوات لاحقة .. فإن من يمنع زين العابدين عليهالسلام من رؤية وجه أبيه ، حريّ به أن يمنعه من أخذ رأسه ، لا
سيما أن ذلك ليس من مصلحة يزيد السياسية.
وسوف نرى كيف أن
يزيد بعد ردّ السبايا إلى المدينة ، لم يشف قلبه قتل الحسينعليهالسلام ، حتى سيّر رأسه الشريف إلى كافة البلدان ؛ إلى الأردن
وفلسطين ومصر ، ثم أرجعه إلى دمشق. ثم سيّره إلى المدينة للتشهير به في كل الأمصار
، ثم أرجعه إلى دمشق ، حيث بقي فيها مدة قبل ردّه إلى كربلاء ، من قبل زين
العابدين عليهالسلام أو غيره. والذي أرجّح أن ذلك الردّ حصل بعد موت يزيد.
خوف يزيد من ازدياد المعارضة عليه
٦١٦ ـ نصيحة مروان
بتسيير السبايا إلى المدينة خشية النقمة المتزايدة عليه :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٠٩)
فقصد الناس أن
يهجموا على يزيد في داره ويقتلوه. فاطّلع على ذلك مروان ، وقال ليزيد : لا يصلح لك
توقف أهل بيت الحسين في الشام ، فأعدّ لهم الجهاز ، وابعث بهم إلى الحجاز.
فهيأ لهم المسير ،
وبعث بهم إلى المدينة.
٦١٧ ـ أهل الشام
ينتبهون من غفلتهم وينقمون على يزيد :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٠)
وفي (الناسخ) :
انتبه أهل الشام من تلك الرقدة واستيقظوا منها ، وعطلت الأسواق. وجعلوا يقولون :
هذا رأس الحسين ، ابن بنت نبيّنا ، ما علمنا بذلك!. إنما قالوا : هذا رأس خارجي
خرج بأرض العراق. فبلغ ذلك الخبر إلى يزيد فاستعمل لهم الأجزاء من القرآن ،
وفرّقها في المساجد. وكانوا إذا صلّوا وفرغوا من الصلاة ، وضعت الأجزاء بين أيديهم
في مجالسهم ، حتى يشتغلوا بها عن ذكر الحسين عليهالسلام. والناس مالهم حديث إلا حديث الحسين عليهالسلام. يقول الرجل لصاحبه : يا فلان ، أما ترى إلى ما فعل بابن
بنت نبيّنا محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم!؟.
فبلغ ذلك يزيد ،
وعرف أن أهل الشام لا يشغلهم عن ذكر الحسين عليهالسلام شاغل ، فنادى الناس أن يحضروا إلى الجامع ، فحضروا من كل
جانب ومكان. فلما تكامل الناس ، قام فيهم خطيبا ، ثم قال : تقولون يا أهل الشام ،
أنا قتلت الحسين بن علي ابن أبي طالب ، والله ما قتلته ولا أمرت بقتله ، وإنما
قتله عاملي عبيد الله بن زياد. ثم قال : والله لأقتلن من قتله. ثم دعا بالذين
تولوا حرب الحسين عليهالسلام فأوقفوا بين يديه (وفيهم شبث بن ربعي والمصابر بن رهيبة
وقيس بن الربيع وشمر بن ذي الجوشن وسنان بن أنس النخعي). فالتفت إلى شبث بن ربعي ،
وقال : ويلك أنت قتلت الحسين؟ أم أنا أمرتك بقتله؟. قال شبث : والله ما قتلته ، بل
قتله فلان ... وظل كل واحد من هؤلاء الخمسة يحيل قتله إلى غيره ، حتى غضب يزيد
غضبا شديدا من قولهم ، وقال لهم : يا ويلكم يحيل بعضكم على بعض!.
٦١٨ ـ من الّذي
قتل الحسين عليهالسلام حقا؟ : (المصدر السابق)
قال قيس بن الربيع
: يا أمير المؤمنين ، أنا أقول لك من قتله ، ولي الأمان من القتل. قال : نعم لك
الأمان. قال : والله ما قتله إلا الّذي عقد الرايات وفرّق الأموال ووضع العطايا
وسيّر الجيوش ، جيشا بعد جيش. فقال : يا ويلك من هو؟. قال : والله ما قتل الحسين
غيرك يا يزيد. قال : فغضب يزيد من قوله. وقام ودخل قصره ، ووضع الرأس في طشت وغطاه
بمنديل ديبقي ووضعه في حجرة ، ودخل إلى بيت مظلم وجعل يلطم على أمّ رأسه ويقول :
ما لي وللحسين بن علي بن أبي طالب. ندم وأنى ينفعه الندم :
فقل ليزيد :
سوّد الله وجهه
|
|
أحظك من بعد
الحسين يزيد
|
نسجت سرابيل
الضلال بقتله
|
|
ومزّقت ثوب
الدين وهو جديد
|
وخرج فدعا بالحرم
واعتذر عندهن ، وقال لهن : أيما أحبّ إليكن : المقام عندي والجائزة السنيّة ، أو
المسير إلى المدينة؟.
٦١٩ ـ ندم يزيد
حيث لا ينفع الندم! :
(أقول) : يظهر لمن
تأمل في أفعال يزيد وأقواله أنه كان راضيا بقتل الحسين عليهالسلام وهو الّذي أمر به. لأنه لما جيء برأس الحسين عليهالسلام وأهل بيته إليه ، سرّ بذلك غاية السرور ، ففعل ما فعل مع
الرأس الشريف ، وقال ما قال. وحسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده في عطاياه ووصله
وبرّه ، وسرّه ما فعل.
ثم لم يلبث إلا
يسيرا حتى عرفهم الناس بأنهم عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واطّلعوا على جلالتهم ، وأنهم مظلومون مطرودون مشردون.
فكرهوا فعل يزيد ، بل لعنوه وسبّوه ، وأقبلوا على أهل البيت عليهالسلام. فلما اطلع يزيد وبلغه بغض الناس له ولعنهم وسبهم إياه ،
ندم على قتل الحسين عليهالسلام فكان يقول : وما عليّ لو احتملت الأذى ، وأنزلت الحسين عليهالسلام معي في داري ، وحكّمته فيما يريد ، وإن كان عليّ في ذلك
وهن في سلطاني ، حفظا لرسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ورعاية لحقه وقرابته!.
ثم إنه نسب قتله
إلى ابن زياد ولعنه بفعله ذلك ، وأظهر الندم على قتله. وقال : لعن الله ابن مرجانة
فإنه اضطره [إلى القتل] ، وقد سأله أن يضع يده في يدي أو يلحق بثغر حتى يتوفاه
الله ، فلم يجبه إلى ذلك ، فقتله ، فبغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع في قلوبهم
العداوة ، فأبغضني البر والفاجر بما استعظموا من قتل الحسين. ما لي ولابن مرجانة
.. وغضب عليه.
٦٢٠ ـ الدوافع
الحقيقية لتغيير يزيد معاملته مع زين العابدين عليهالسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١١)
ثم غيّر حاله مع
علي بن الحسين عليهالسلام وسائر أهل بيته ، فأنزلهم في داره الخاصة ، بعدما حبسهم في
محبس لا يكنّهم من حرّ ولا برد ، حتى تقشّرت وجوههم. وكل ذلك حفظا للملك والسلطنة
، وجلبا لقلوب العامة ، لا لأنه ندم على قتل الحسين عليهالسلام بحسب الواقع ، وساءه ما فعل ابن زياد.
والذي يدل على هذا
ما نقل سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) أنه استدعى
ابن زياد إليه ،
وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة ، وقرّب مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله نساءه وجعله
نديمه. وسكر ليلة وقال للمغني : غنّ. ثم قال يزيد بديها :
اسقني شربة
تروّي مشاشي
|
|
ثم مل فاسق
مثلها ابن زياد
|
صاحب البرّ
والأمانة عندي
|
|
ولتسديد مغنمي
وجهادي
|
قاتل الخارجي
أعني حسينا
|
|
ومبيد الأعداء
والحسّاد
|
ونقل ابن الأثير
في (الكامل) عن ابن زياد أنه قال لمسافر بن شريح اليشكري في طريق الشام : أما قتلي
الحسين ، فإنه أشار إليّ يزيد بقتله أو قتلي ، فاخترت قتله.
محاولة يزيد التنصّل من جريمته
٦٢١ ـ غضب يزيد
على ابن زياد لتغطية جريمته :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)
وذكر ابن جرير [الطبري]
في تاريخه : أن يزيد لما جيء برأس الحسين عليهالسلام ، سرّ أولا ، ثم ندم على قتله. وكان يقول : وما عليّ لو
احتملت الأذى ، وأنزلت الحسين معي في داري ، حفظا لقرابة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورعاية لحرمته. لعن الله ابن مرجانة ، لقد بغّضني إلى
المسلمين ، وزرع في قلوبهم البغضاء.
ثم غضب على ابن
زياد ، ونوى قتله.
٦٢٢ ـ تنصّل يزيد
من دم الحسين عليهالسلام وترحّمه عليه :
(المصدر السابق ، ص ٢٧١)
وحين دخل زحر بن
قيس على يزيد حاملا رأس الحسين عليهالسلام ، سأله يزيد عما حصل؟. فقصّ عليه ما جرى في كربلاء.
قال سبط ابن
الجوزي :
فدمعت عينا يزيد ،
وقال : لعن الله ابن مرجانة ، ورحم الله أبا عبد الله ، لقد كنا نرضى منكم يا أهل
العراق بدون هذا. قبّح الله ابن مرجانة ، لو كان بينه وبينه رحم ما فعل به هذا.
فلما حضرت الرؤوس
عنده ، قال : فرّقت سميّة بيني وبين أبي عبد الله ، وانقطع الرحم. لو كنت صاحبه
لعفوت عنه ، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا. رحمك الله يا حسين ، لقد قتلك رجل
لم يعرف حقّ الأرحام.
(وفي رواية) : لعن
الله ابن مرجانة ، لقد اضطره إلى القتل. لقد سأله أن يلحق ببعض البلاد أو الثغور
فمنعه. لقد زرع لي ابن زياد في قلب البر والفاجر والصالح والطالح العداوة. ثم
تنكّر لابن زياد ، ولم يصل زحر بن قيس بشيء.
ثم بعث الرأس إلى
ابنته عاتكة [بنت يزيد] فغسّلته وطيّبته.
قال سبط ابن
الجوزي : وهكذا وقعت هذه الرواية ، رواها هشام بن محمّد [الكلبي].
٦٢٣ ـ قتل الحسين عليهالسلام ثأر لقتلى بدر من الكفار : (المصدر السابق)
ثم قال سبط ابن
الجوزي :
وأما المشهور عن
يزيد في جميع الروايات ، أنه لما حضر الرأس بين يديه ، جمع أهل الشام ، وجعل ينكت
عليه بالخيزران ، ويقول أبيات ابن الزّبعرى :
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
وقعة الخزرج من
وقع الأسل
|
قد قتلنا القرن
من ساداتهم
|
|
وعدلناه قتل بدر
فاعتدل
|
حتى حكى القاضي
أبو يعلى عن أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن يزيد
ذلك ، فقد كفر بالله وبرسوله ...
قال الشعبي : ثم
إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :
لست من خندف إن
لم أنتقم
|
|
من بني أحمد ما
كان فعل
|
لعبت هاشم
بالملك فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
قال مجاهد : وهذا
نافق في الدين.
٦٢٤ ـ تنصّل يزيد
: (معالي السبطين ، ج ٢ ص ٩٠)
يقول المازندراني
في معاليه : كذب ابن الفاعلة ، لو كان صادقا في مقاله لم يكن يفعل بالرأس الشريف
ما فعل. وينبغي أن أذكر في هذا المقام كلام سبط ابن الجوزي في كتاب (الردّ على
المتعصب العنيد في تصويب فعل يزيد) : ليس العجب من قتال ابن زياد اللعين الحسين عليهالسلام وتسليطه عمر بن سعد والشمر على قتله ، وحمل الرؤوس إليه ؛
إنما العجب من خذلان يزيد ، ومما فعل هو نفسه ، وهو صبّ الخمر على رأس الحسين عليهالسلام وضربه بالقضيب ثناياه ، وحمل آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا على أقتاب المطايا ، وعزمه على أن يدفع فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام إلى الشامي ، وإنشاده بأبيات ابن الزبعرى :
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
... الخ.
أفيجوز أن يفعل
هذا بالخوارج؟. ولو أنه احترم الرأس حين وصوله إليه ، وصلّى عليه ودفنه ، وأحسن
إلى آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يترك الرأس في الطشت ، ولم يضربه بالقضيب ، ولا صبّ
عليه الخمر ، ما الذي كان يضره ، وقد حصل مقصوده من القتل!. ولكن أحقاد جاهلية ،
وأضغان بدرية ، ودليلها ما تقدم من إنشاده.
٦٢٥ ـ تعليق مجلة
العرفان :
(العرفان ، مجلد عام ١٩٣٧ ، ص ٦٠ و ٦١)
قال السيوطي في (تاريخ
الخلفاء) ص ٨٠ و ٨١ :
ولما قتل الحسين
وبنو أبيه ، بعث ابن زياد برؤوسهم إلى يزيد ، فسرّ بقتلهم أولا ، ثم ندم لمّا مقته
المسلمون على ذلك ، وأبغضه الناس ، وحقّ لهم أن يبغضوه.
وفي (الكامل) لابن
الأثير ، ج ٤ ص ٥٥ :
قال ابن زياد
لمسافر بن شريح اليشكري : أما قتلي الحسين ، فإنه أشار إليّ يزيد بقتله أو قتلي ،
فاخترت قتله.
أفهل بعد هذا
يصدّق لبيب أن يزيد حين وضع رأس الحسين عليهالسلام بين يديه ، بكى. وهب أنه بكى من منظر تتصدّع منه القلوب
المتحجرة ، أفهل تمحو تلك الدمعة صحائفه السود الدكناء؟!.
ولقد أقرّ معاوية
الثاني ابن يزيد بأن أباه قد قتل الحسين عليهالسلام ، ونازع على أمر كان غير أهل له ، حيث قال :
إن هذه الخلافة
حبل الله ، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ، ومن هو أحقّ به منه علي بن أبي طالب.
وركب بكم ما تعلمون ، حتى أتته منيّته ، فصار في قبره رهينا بذنوبه.
ثم قلّد أبي الأمر
وكان غير أهل له ، ونازع ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقصف عمره ، وابتزّ عقبه ، وصار في قبره رهينا بذنوبه.
ثم بكى وقال : إن
من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبؤس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأباح الخمر ، وخرّب الكعبة .
أضف إلى ذلك أنه
لما وصل إليه رأس الحسين عليهالسلام حسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ووصله وسرّه ما فعل .
وبالغ في رفعه ابن
زياد ، حتى أدخله على نسائه .
٦٢٦ ـ كيفية حمل
الرؤوس والسبايا إلى الشام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٧١)
يقول محمّد مهدي المازندراني : اختلف في
كيفية حمل السبايا.
ففي (العقد الفريد)
: وحمل أهل الشام بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا على أحقاب الإبل. فلما أدخلت على يزيد ، قالت ابنة
الحسين عليهالسلام : يا يزيد ، أبنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا!؟. قال : بل حرائر كرام. ادخلي على بنات عمك تجديهنّ
قد فعلن ما فعلت.
قالت فاطمة [الصغرى
بنت الحسين] : فدخلت إليهن ، فما وجدت فيهن سفيانية إلا متلدّمة تبكي [التدمت
المرأة : ضربت صدرها ووجهها].
وفي (مقتل الحسين)
للخوارزمي ، ج ٢ ص ٦٢ قال :
عن فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام أنها قالت : لما أدخلنا على يزيد ، ساءه ما رأى من سوء
حالنا ، وظهر ذلك في وجهه. فقال : لعن الله ابن مرجانة [أي عبيد الله بن زياد]
وابن سميّة [أبوه زياد ابن أبيه] ، لو كان بينه وبينكم قرابة ما صنع بكم هذا ، وما
بعث بكنّ هكذا.
(أقول) : كأنه
بهذا ينفي قرابة عبيد الله وأبيه زياد من معاوية ، حيث ادّعى معاوية أن (زياد ابن
أبيه) أخوه. قال يزيد ذلك ليبيّن للناس أنه هو لا يفعل مثل ذلك ، لأن بينه وبين
الحسين عليهالسلام قرابة ، من عبد مناف.
__________________
تعليق المؤلف :
لقد حاول يزيد
التنصل من فعله في قتل الحسين عليهالسلام وهو الّذي أمر به ، فأوهم الناس أنه يحب الحسين عليهالسلام وأنه لا يريد قتله ، وألقى باللائمة الكاملة على عبيد الله
بن زياد ، ليتخلص من سخط الجماهير التي بدأت تلعنه وتنتقده حتى في مجلسه. فلا
تغرنا بعض تصرفاته إن صحّت نسبتها إليه ؛ من أنه بكى حين رأى رأس الحسين عليهالسلام ، وذلك لأنه ذكر قرابته منه ورحمه ، وأنه لعن ابن مرجانة.
ولكن أنى للعاقل
اللبيب أن ينخدع أو ينغشّ بهذه المظاهر الكاذبة ، وهو يعلم أن يزيد هو الّذي بعث
منذ البداية إلى والي المدينة ومكة أن يقتل الحسين عليهالسلام ولو كان متمسكا بأستار الكعبة ، إذا هو لم يبايع من ساعته.
وكم تأسّف مروان بن الحكم أن يفلت الحسين من والي المدينة دون أن يبايع أو يقتل.
ثم إن يزيد يعزل
والي الكوفة النعمان بن بشير ، ويعيّن مكانه عبيد الله ابن زياد الّذي كان يعتبره
معاوية أخاه ويقرّبه إليه ، وهو فاسق ابن فاسق ، ويأمره بقتل الحسينعليهالسلام وأشياعه ، إلا أن ينزلوا على حكمه.
وحين قتل عبيد
الله بن زياد كلا من مسلم بن عقيل وهانئ بن عروة ، وبعث برأسيهما إلى يزيد ، بعث
يزيد يشكره على عمله ، ويشجّعه على تنكيله.
ولو كان يزيد
صادقا في قوله عن ابن زياد ، فكان عليه أن يعاقبه على قتله الحسين وأهل البيت عليهالسلام ، أو على الأقل أن يعزله من الولاية. في حين نراه بعد مقتل
الحسين عليهالسلام قد استدعاه إليه ، وأعطاه أموالا كثيرة وتحفا عظيمة ،
وقرّبه من مجلسه ورفع منزلته ، وأدخله على نسائه وجعله نديمه.
وسكر ليلة معه
وقال للمغني : غنّ ، ثم قال يزيد بداهة :
اسقني شربة
تروّي فؤادي
|
|
ثم مل فاسق
مثلها ابن زياد
|
صاحب السرّ
والأمانة عندي
|
|
ولتسديد مغنمي وجهادي
|
قاتل الخارجي ،
أعني حسينا
|
|
ومبيد الأعداء
والحسّاد
|
فتنبّه يا أخي إلى
حقيقة يزيد ، الّذي أجمع الرواة والعلماء على فسقه وكفره ، لا بل على خسّته
ودناءته. فحقيقة المرء تعرف من خلال أفعاله ، لا من خلال أقواله. (راجع تذكرة
الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠٠)
موقف يزيد من ابن زياد
أورد العلامة
السيد مرتضى العسكري في مقدمة (مرآة العقول للمجلسي) ج ٢ ص ٣٢٠ ـ ٣٢٢ ، ما يلي :
٦٢٧ ـ حال ابن زياد
بعد قتل الحسين عليهالسلام
:
(الفتوح لابن أعثم ، ج ٥ ص ٢٥٢)
قال ابن أعثم :
فلما قتل الحسين عليهالسلام استوسق العراقان جميعا لعبيد الله بن زياد ، وأوصله يزيد
بألف ألف درهم جائزة ، فبنى قصريه الحمراء والبيضاء في البصرة ، وأنفق عليهما مالا
جزيلا ، فكان يشتّي في الحمراء ، ويصيّف في البيضاء. وعلا أمره وانتشر ذكره ، وبذل
الأموال واصطنع الرجال ، ومدحته الشعراء.
٦٢٨ ـ يزيد الفاجر
يزيد العطاء لجنوده البواسل :
(أنساب الأشراف للبلاذري ج ٢ ، ص ٢٢٠)
هكذا كان عطاء
يزيد وحباؤه لقائد جنده ابن زياد. أما عطاؤه للجنود ، فقد ذكره البلاذري قال :
كتب يزيد إلى ابن
زياد : أما بعد ، فزد أهل الكوفة ، أهل السمع والطاعة ، في أعطياتهم مائة مائة.
٦٢٩ ـ ندم يزيد
على أفعاله : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٣٢)
قال السيد مرتضى
العسكري : وهكذا عاش قتلة الحسين عليهالسلام في نعيم وسرور ، واستبشار وحبور ، حتى إذا ظهرت آثار
أفعالهم ندموا على ما فعلوا.
قال ابن كثير
وغيره : لما قتل ابن زياد الحسين عليهالسلام وبعث برؤوسهم إلى يزيد ، سرّ بقتلهم أولا ، وحسنت بذلك
منزلة ابن زياد عنده ، ثم لم يلبث إلا قليلا حتى ندم ، وقال : بغّضني بقتله إلى
المسلمين ، وزرع في قلوبهم العداوة ، فأبغضني البرّ والفاجر.
وكذلك يظهر ندم
ابن زياد وعمر بن سعد وسائر قتلة آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٦٣٠ ـ موقف يزيد
من عبيد الله بن زياد أمام الناس :
(كامل ابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٣)
وقيل : لما وصل
رأس الحسين عليهالسلام إلى يزيد ، حسنت حال ابن زياد عنده ، وزاده ووصله ، وسرّه
ما فعل. ثم لم يلبث إلا يسيرا حتى بلغه بغض الناس له ،
ولعنهم وسبّهم.
فندم على قتل الحسين عليهالسلام فكان يقول : وما عليّ لو احتملت الأذى ، وأنزلت الحسين معي
في داري ، وحكّمته فيما يريد ، وإن كان عليّ في ذلك وهن في سلطاني ، حفظا لرسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورعاية لحقه وقرابته!. لعن الله ابن مرجانة ، فإنه اضطره [إلى
القتل] ، وقد سأله أن يضع يده في يدي ، أو يلحق بثغر حتى يتوفاه الله ، فلم يجبه
إلى ذلك ، فقتله. فبغّضني بقتله إلى المسلمين ، وزرع في قلوبهم العداوة ، فأبغضني
البر والفاجر ، بما استعظموه من قتل الحسين. ما لي ولابن مرجانة ، لعنه الله وغضب
عليه.
تعليق المؤلف :
كل هذه الأقوال من
يزيد ـ إن صحّت ـ فهي كاذبة في حقيقتها ، بل هي صادرة منه للاستهلاك المحلي ،
ولكبح جماح الجماهير عليه. فإذا كان صادقا في ندمه على ما حصل ، وغير راض عما فعله
ابن زياد ، فلماذا
لم يعزله عن ولاية
البصرة والكوفة على أقل تقدير؟. بل هو على العكس من ذلك يستدعيه ويكرمه ويزيد في
عطائه وفي عطاء جنده الأوفياء مائة بالمائة.
وهذا هو يزيد
التائب النادم ، بعد قتل الحسين عليهالسلام واستئصال ذريته ، يسعى بجنده إلى المدينة المنورة معقل
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وصحابته الكرام ، فيسبيها ثلاثة أيام ويأمر قائد جيشه بأن
يأخذ رجالها عبيدا ليزيد.
وفي (العقد الفريد)
لابن عبد ربه ، ج ٣ ص ١٣٧ ؛ وتاريخ ابن عساكر ، ج ٤ ص ٣٣٢ قال في وصف يزيد : وعنده
تقتل أو تعود عبدا كما تعتبد العبيد.
ولم يكتف بذلك حتى
حرق الكعبة وضربها بالمنجنيق ، فقصف الله عمره في عزّ شبابه ، ولم يدم حكمه أكثر
من ثلاث سنين وأشهر. كل ذلك مما يدل على أن ما فعله كان عن عمد وتصميم ، واستمرّ
في عداوته لله والدين والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى آخر رمق من حياته. فأهلكه الله في ظروف غامضة ، وهو
يتلهّى بالصيد في (حوّارين) شرقي حمص ، حيث أخواله النصارى.
٦٣١ ـ الجريمة
تلبس يزيد مهما حاول اختلاق المبررات والأعذار :
(مقتل سيد الشهداء لعبد الكريم خان ، ص ٢٤)
قال الإمام
الغزالي :
وقد زعمت طائفة أن
يزيد بن معاوية لم يرض بقتل الحسين عليهالسلام وادّعوا أن قتله كان غلطا.
قال : وكيف يكون
هذا الحال ، والحسين عليهالسلام لا يحتمل الغلط ، لما جرى من قتاله ، ومكاتبة يزيد إلى ابن
زياد بسببه وحثّه على قتله ، ومنعه عن الماء وقتله عطشانا ، وحمل رأسه وأهله سبايا
عرايا على أقتاب الجمال ، وقرع ثناياه بالقضيب ، ومحاورته مع علي بن الحسين زين
العابدين عليهالسلام لما دخل على يزيد ، حيث قال له : أنت ابن الّذي قتله الله
، فقالعليهالسلام: أنا علي ابن من قتلت أنت ، ثم قرأ : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ
لَهُ عَذاباً عَظِيماً) (٩٣) [النساء : ٩٣].
ثم استفاض في لعن
علي عليهالسلام على المنابر ألف شهر ، وكان ذلك بأمر معاوية. أتراهم أمرهم
بذلك كتاب أو سنّة أو إجماع؟!. انتهى كلام الغزالي.
٦٣٢ ـ يزيد هو
الآمر الفعلي لقتل الحسين عليهالسلام :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٠٢)
يقول الفاضل الدربندي
: إن روايات كثيرة شواهد حقّة على أن يزيد هو الّذي أمر أعيان دولته ورؤساء جنده
بمقاتلة سيد الشهداء عليهالسلام وقتله ، وقتل أولاده وأطفاله وأصحابه ، وسبي عياله ونسائه.
وإن جملة قليلة من الكلمات الصادرة عنه ، مما كان ظاهرها يفيد رقة قلبه على أهل
البيت عليهالسلام ، إنما كان منه على وجه الدهاء والشيطنة ، وكان منه لأغراض
سياسية ، وليمتصّ به غضب الناس عليه.
حوادث تالية
تسيير الرأس الشريف إلى الأمصار
من الأمور الواضحة
الدلالة ، التي تفضح حقيقة يزيد ، في تصميمه على قتل الحسينعليهالسلام وسبي نسائه ، انتقاما لأجداده الكفار الذين قتلوا في بدر ؛
هو تسيير رأس الحسين عليهالسلام من دمشق إلى عدة أمصار ، ليشاركه أعوانه فرحته الكبرى في
انتصاره الميمون على النبي وآله صلىاللهعليهوآلهوسلم واستئصال ذريّته.
تسيير رأس الحسين عليهالسلام إلى مصر
٦٣٣ ـ تسيير رأس
الشريف إلى فلسطين ومصر :
لم تنته مسيرة رأس
الحسين عليهالسلام في دمشق .. فبعد أن شفى يزيد نفسه برؤية رأس الحسين عليهالسلام أمر بتسييره إلى بقية الآفاق ، لينعم الناس بفرحة نصره
ويشاركوه ذلك.
فسيّر الرأس الشريف من دمشق إلى عسقلان [في فلسطين] وذلك بالطريق المتعارفة في ذلك
الزمان كعمّان والقدس. وتقع (عسقلان) في فلسطين بين يافا وغزة ، وفيها الآن مشهد
للحسين عليهالسلام. ثم ساروا بالرأس الشريف إلى مصر ، وكانت عاصمتها الفسطاط
وهي (القاهرة) اليوم. وقد أقيم في كل مكان وضع فيه الرأس الشريف مشهد للحسين عليهالسلام. فكأن غاية يزيد في توهين قيمة الحسين عليهالسلام ومحو ذكره وعظمته ، عن طريق تسيير رأسه الشريف من بلد إلى
بلد والتشهير به ، كأن هذه الغاية قد انقلبت إلى عكسها ، فكان ذلك التسيير
والتشهير سببا إلى قيام المشاهد المتعددة للحسين عليهالسلام في كل مكان من أرض الإسلام ، ليظل ذكر الحسين وأمجاده
دائمة عامرة في كل مكان.
هذا وقد بلغ من
طغيان رجال يزيد وقواده ، وشذوذ أعوانه ومتملّقيه ، أن بيعت الخيل التي داست صدر
الحسين الشريف ، بيعت في مصر بآلاف الدنانير ، ومن لم يستطع شراء فرس اشترى حدوة
الفرس بآلاف الدنانير ، وأصبحوا يضعونها على أبواب بيوتهم للتبرك بها والتفاؤل!.
٦٣٤ ـ بدعة وضع
الحدوة للبركة :
(التعجب ص ٤٦ ـ ملحق بكنز الفوائد للكراجكي)
قال البيروني في (الآثار
الباقية) ص ٣٢٩ ط ليدن :
لقد فعلوا بالحسين
عليهالسلام ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ، من القتل بالسيف
والرمح والحجارة وإجراء الخيل.
وقد وصل بعض هذه
الخيول إلى مصر ، فقلعت نعالها وسمّرت على أبواب الدور تبركا ، وجرت بذلك السّنّة [أي
العادة] عندهم ؛ فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعلق على أبواب الدور.
٦٣٥ ـ دفن الرأس
الشريف في عسقلان :
(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٣)
قال الشيخ مؤمن
الشبلنجي : السؤال الّذي يتبادر إلى الأذهان ، بعد مسير الرأس الشريف إلى الشام ؛
إلى أين سار ، وفي أي موضع استقرّ؟. فذهبت طائفة إلى أن يزيد أمر أن يطاف به في
البلاد ، فطيف به حتى انتهى به إلى (عسقلان) فدفنه أميرها بها.
ـ تعريف بعسقلان :
(أخبار الدول للقرماني ، ص ٤٦٥)
عسقلان مدينة حسنة
على ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين ، كان يقال لها عروس الشام لحسنها. ولها
سوران. فيها مشهد رأس الحسين عليهالسلام. وهو مشهد عظيم مبني على أعمدة ، وفيه ضريح الرأس ، والناس
يتبركون به ، وهو مقصود من جميع النواحي ، وله نذر كثير. وقد خرّبها صلاح الدين
الأيوبي.
وفي (مجلة الموسم)
العدد ٤ ص ١٠٨٤ يقول :
أما المشهد
الحسيني بعسقلان فلا يزال مقصودا بالزيارة ، وهو على نشز
[أي مرتفع] من
الأرض ، يطلّ على أطلال المدينة.
وفي (جغرافية
سورية العمومية) لسعيد الصباغ ، ص ١١٥ :
ويوجد في جوار (المجدل)
خرابات مدينة قديمة اسمها عسقلان ، كانت ذات مدنية راقية ، ولها شأن عسكري خطير ،
لا سيما في زمن الصليبيين ، حتى عسر فتحها عليهم خمسين سنة. ويوجد بينها وبين
المجدل مقام للحسين عليهالسلام يؤمّه خلق كثير في الموسم الخاص به.
ويقول ياقوت
الحموي في (معجم البلدان) :
اسمها في التوراة (عسقلون).
وذكر بعضهم أن عسقلان تعني أعلى الرأس ، فإن كان الاسم عربيا ، فمعناه أنها في
أعلى الشام. وهي مدينة بالشام من أعمال فلسطين ، على ساحل البحر بين غزة وبيت
جبرين. ويقال لها عروس الشام.
افتتحها المسلمون
في أيام عمر بن الخطاب ، ولم تزل عامرة حتى استولى عليها الافرنج سنة ٥٤٨ ه ،
وبقيت في أيديهم خمسا وثلاثين سنة ، إلى أن استنقذها صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة
٥٨٣ ه. ثم قوي الإفرنج وفتحوا (عكا) ، وساروا نحو عسقلان ، فخشي صلاح الدين أن
يتمّ عليها ما تمّ على عكا ، فخرّبها سنة ٥٨٧ وهي على هذا الخراب إلى الآن.
(الشكل ٢٥) :
عسقلان عروس الشام
وفيها كان رأس
الحسين عليهالسلام ، ثم نقل إلى القاهرة بأمر الوزير الفاطمي طلائع ابن رزيك
، خوفا من أن يهدمه الصليبيون إذا استحلوها.
٦٣٦ ـ نقل الرأس
الشريف من عسقلان إلى القاهرة :
(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٣)
فلما غلب الفرنج
على عسقلان افتداه منهم [أي الرأس] الصالح طلائع ابن رزيك وزير للفائز الفاطمي
بمال جزيل ، ومشى إلى لقائه من عدة مراحل ، ووضعه في كيس حرير أخضر ، على كرسي من
الأبنوس ، وفرش تحته المسك والطيب ، وبنى عليه المشهد الحسيني المعروف بالقاهرة ،
قريبا من خان الخليلي.
وفي كتاب (الخطط)
للمقريزي بعد كلام على مشهد الحسين عليهالسلام ما نصّه :
وكان حمل الرأس
الشريف إلى القاهرة من عسقلان ، ووصوله إليها في يوم الأحد ٨ جمادى الآخرة سنة ٥٤٨
ه. ويذكر أن هذا الرأس الشريف لما أخرج من المشهد بعسقلان ، وجد دمه لم يجف ، وله
ريح كريح المسك.
٦٣٧ ـ إقامة ذكرى
الحسين عليهالسلام في مصر :
(تاريخ النياحة للسيد صالح الشهرستاني ، ص ١١٢)
عن (الخطط)
للمقريزي : إن شعار الحزن يوم العاشر من المحرم كان أيام الإخشيديين ، واتسع نطاقه
في أيام الفاطميين ؛ فكانت مصر في عهدهم ، بوقت البيع والشراء تعطّل الأسواق ،
ويجتمع أهل النوح والنشيد ، يكونون بالأزقة والأسواق ، ويأتون إلى مشهد أم كلثوم
ونفيسة ، وهم نائحون باكون.
وفي (الخطط)
للمقريزي ، ج ١ ص ٤٩٠ :
وكان الفاطميون
يتخذون يوم عاشوراء يوم حزن تتعطل فيه الأسواق ، ويعمل فيه السماط العظيم ، المسمى
سماط الحزن. وكان يصل إلى الناس منه شيء كثير.
فلما زالت الدولة (الفاطمية)
اتخذ الملوك من بني أيوب يوم عاشوراء يوم سرور ، يوسّعون فيه على عيالهم ،
ويتبسّطون في المطاعم ، ويصنعون الحلاوات ، ويتخذون الأواني الجديدة ، ويكتحلون
ويدخلون الحمام ، جريا على عادة أهل الشام ، التي سنّها لهم الحجاج في أيام عبد
الملك بن مروان ، ليرغموا بذلك آناف شيعة علي بن أبي طالب عليهالسلام ، الذين اتخذوا يوم عاشوراء يوم عزاء وحزن على الحسين بن
علي عليهالسلام لأنه قتل فيه.
٦٣٨ ـ تعصّب
الإخشيديين على الشيعة في مصر :
(خطط المقريزي ، ج ١ ص ٤٣١)
في سنة ٣٦٣ ه في
عهد المعزّ لدين الله الفاطمي ، أصبح الناس يوم العاشر من المحرم يغلقون الدكاكين
وأبواب الدور ، ويعطلون الأسواق حزنا على مصيبة الحسين عليهالسلام. وإنما قويت أنفس الشيعة بكون المعز بمصر. وقد كانت مصر لا
تخلو منهم أيام الإخشيدية والكافورية في يوم عاشوراء عند قبر أم كلثوم ونفيسة عليهالسلام. وكان السودان وكافور يتعصبون على الشيعة. ويتعلق السودان
في الطرقات بالناس ، ويقولون للرجل : من خالك؟. فإن قال : معاوية ، أكرموه ، وإن
سكت لقي المكروه ، وأخذت ثيابه وما معه.
تسيير رأس الحسين عليهالسلام إلى المدينة
٦٣٩ ـ تسيير رأس
الحسين عليهالسلام إلى المدينة المنورة ثم ردّه إلى دمشق :
(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص ٣١٢)
قال البلاذري في (أنساب
الأشراف) ج ٢ ص ٢١٩ ؛ والذهبي في (سير أعلام النبلاء) : ثم بعث يزيد رأسه إلى
المدينة ، إلى عمرو بن سعيد. ثم ردّه إلى دمشق.
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط نجف :
قال الواقدي : لما
وصل الرأس إلى المدينة والسبايا ، لم يبق بالمدينة أحد ، وخرجوا يضجّون بالبكاء.
وفي (التذكرة) ص
٢٧٥ : واختلفوا في الرأس على أقوال :
أشهرها : أنه ردّه
إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّ إلى الجسد بكربلاء ، فدفن معه. قاله هشام بن
محمّد [الكلبي] وغيره.
والثاني : أنه دفن
بالمدينة عند قبر أمه فاطمة عليهالسلام. قاله ابن سعد.
قال : لما وصل إلى
المدينة ، كان سعيد بن العاص واليا عليها [والصحيح : عمرو ابن سعيد بن العاص]
فوضعه بين يديه ، وأخذ بأرنبة أنفه [أي طرف أنفه]. ثم أمر به فكفّن ودفن عند أمه
فاطمة عليهالسلام.
ثم ذكر أنه دفن في
دمشق في دار إمارة يزيد ، ثم نقله الخلفاء الفاطميون ودفنوه في عسقلان ، ثم نقلوه
إلى القاهرة كما ذكرنا سابقا.
وفي (التذكرة) ص
٢٧٦ :
وقال الكلبي : سمع
عمرو بن سعيد بن العاص الضجة في دور بني هاشم فقال :
عجّت نساء بني
تميم عجّة
|
|
كعجيج نسوتنا
غداة الأرنب
|
والبيت لعمرو بن
معديكرب.
وفي (شرح النهج)
لابن أبي الحديد ، ج ١ ص ٣٦١ ط مصر ، قال :
ثم رمى بالرأس نحو
قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : يا محمّد يوم بيوم بدر.
٦٤٠ ـ شماتة مروان
بن الحكم : (مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٥)
عن (تاريخ
البلاذري) أنه لما وافى رأس الحسين عليهالسلام المدينة ، سمعت الواعية من كل جانب ، فقال مروان بن الحكم
:
ضرب الدوسر فيهم ضربة
|
|
أثبتت أوتاد حكم
فاستقر
|
ثم أخذ ينكت وجهه
بقضيب ، ويقول :
حبّذا بردك في
اليدين
|
|
ولونك الأحمر في
الخدين
|
كأنه بات
بعسجدين
|
|
شفيت منك النفس
يا حسين
|
ثم قال : والله
لكأني أنظر إلى أيام عثمان.
تعليق :
لم أر في تاريخ
العرب شخصا ألأم من مروان بن الحكم ، فكيف يسمح لنفسه بهذا الكلام عن الحسين عليهالسلام ، والحسين هو الّذي عمل على إطلاق سراحه حين أخذ أسيرا في
معركة الجمل. وكيف يسوّغ له أن ينسب إلى الحسين عليهالسلام اشتراكه في قتل عثمان ، مع أنه وكما أثبت كل رواة التاريخ
أنه كان من المدافعين عن عثمان ، والواقفين على بابه للدفاع عنه بأمر من أبيه عليهالسلام. ومن قبل في كربلاء لما طلب الحسين عليهالسلام شربة من ماء ، قال جند يزيد : لا تسقوه الماء حتى يموت
عطشا كما فعل بعثمان. ولكن إنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في
الصدور.
__________________
٦٤١ ـ أحفاد
الجناة في كربلاء :
(الثورة الحسينية للسيد عبد الحسين دستغيب ، ص ٧٥)
ينقل الشهيد
دستغيب عن الشيخ الطوسي قوله :
إن عدة قبائل كانت
محترمة في الشام بعد واقعة كربلاء ، ولمدة طويلة كان الخوارج والنواصب والمعادون
لأهل البيت عليهالسلام يحملون لهم الهدايا ؛ وذلك لأنهم أحفاد أولئك الأشخاص
العشرة الذين داسوا صدر الحسين عليهالسلام وأصحابه بحوافر الخيل ، وهذه القبائل تفتخر بأنها من نسل
أولئك الرجال الذين فعلوا مثل ذلك الفعل ، تنفيذا لأوامر يزيد.
٦٤٢ ـ تفاخر بعض
أسر الشام بالمشاركة في قتل الحسين عليهالسلام :
(كتاب التعجب ، ص ٣٥٠ ط حجر قم ـ ذيل كنز الفوائد للكراجكي)
يعدد الكراجكي
أسماء بعض الأسر في الشام التي اشترك أجدادها في قتل الحسين عليهالسلام ، فسمّوا باسم العمل الّذي قاموا به :
فبنو (سراويل) :
سلب جدّهم سراويل الحسين عليهالسلام.
وبنو (السّرح) :
سرّح جدهم خيله لدوس جسد الحسين عليهالسلام ، ووصل بعض هذه الخيل إلى مصر ، فقلعت نعالها من حوافرها ،
وسمّرت على أبواب الدور ليتبرك بها ، وجرت بذلك السنّة عندهم ، حتى صاروا يتعمدون
عمل نظيرها (ووضعها) على أبواب دور أكثرهم.
وأما بنو (سنان) :
فهم أولاد الّذي حمل الرمح الّذي حمل على سنانه رأس الحسينعليهالسلام.
وأما بنو (الطشتي)
: فجدّهم قدّم الطشت الّذي وضع فيه رأس الحسين عليهالسلام.
وأما بنو (القضيبي)
: فهم أولاد الّذي أحضر القضيب إلى يزيد ، لينكت به ثنايا الحسين عليهالسلام ... الخ.
مدفن رأس الحسين عليهالسلام
٦٤٣ ـ أين دفن رأس
الحسين عليهالسلام بعد مسيرته الطويلة :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢٤٥)
اختلفت الروايات
والأقوال في مصير رأس الحسين الشريف ، بعد مسيرته
الطويلة عبر
الآفاق والأقطار والأمصار .. فمنها أن يزيد ردّه إلى المدينة فدفن عند قبر أمه
فاطمة عليهالسلام. ومنها أنه مدفون في دمشق عند باب الفراديس ، وكأنه هو
الموضع المعروف الآن بمقام أو مشهد رأس الحسين عليهالسلام في الجهة الشرقية من المسجد الأموي إلى يمين الداخل من باب
جيرون (النوفرة). ومنها أنه مدفون في القاهرة. ومنها أنه مدفون في النجف الأشرف
عند قبر أبيه علي عليهالسلام .. والرواية الأخيرة أنه ردّ إلى جسده المقدس فدفن معه في
كربلاء.
وتزعم بعض
الروايات أن الرأس الشريف قد دفن أولا في دمشق ، ثم نقله الفاطميون إلى عسقلان
بفلسطين ، ثم نقلوه إلى القاهرة فدفن فيها. وذلك في المشهد المعروف اليوم بمسجد
سيدنا الحسين عليهالسلام وهو مشهد معظّم يزوره المصريون ويتبركون به.
بينما تزعم روايات
أخرى أن سليمان بن عبد الملك قد وجد الرأس الشريف في خزانة من خزائن بني أمية ،
فصلى عليه ودفنه في دمشق ، فلما ولي الحكم عمر بن عبد العزيز نبش الرأس وردّه إلى
كربلاء.
وقال سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) : إن يزيد ردّ الرأس الشريف إلى المدينة مع السبايا ، ثم
ردّه إلى الجسد بكربلاء فدفن معه.
وهذه الروايات
كلها من طرق السنّة .. أما إجماع الشيعة الإمامية فعلى أن الإمام زين العابدين عليهالسلام ردّ الرأس الشريف إلى الجسد المقدس في كربلاء ، أثناء
رجوعه مع السبايا من دمشق إلى المدينة ، ومنه زيارة الأربعين كما نوّهنا سابقا.
إذن فمن الثابت أن
الرأس الشريف قد أرجع إلى الجسد المطهر في كربلاء ، سواء بردّه مباشرة من دمشق ،
كما أجمعت عليه روايات الإمامية ، أو بعد دفنه في المدينة أو في دمشق أو في عسقلان
أو في القاهرة ، كما تقول الروايات الأخرى ، ثم ردّ إلى الجسد المطهر في كربلاء.
وهذه بعض الروايات
في هذا الخصوص من طرق الخاصة والعامة.
٦٤٤ ـ رواية سبط
ابن الجوزي :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)
قال سبط ابن الجوزي في (تذكرته) :
واختلفوا في الرأس
(الشريف) على أقوال :
أشهرها : أنه ردّه
إلى المدينة مع السبايا ، ثم ردّ إلى الجسد بكربلاء ، فدفن معه. قاله هشام وغيره.
والثاني : أنه دفن
(بالبقيع) بالمدينة ، عند قبر أمه فاطمة عليهالسلام. قاله ابن سعد.
قال : لما وصل إلى
المدينة ، كان سعيد بن العاص واليا عليها ، فوضعه بين يديه ، وأخذ بأرنبة أنفه. ثم
أمر به فكفّن ودفن عند [قبر] أمه فاطمة عليهالسلام.
وذكر الشعبي : أن
مروان بن الحكم كان بالمدينة ، فأخذه وتركه بين يديه ، وتناول أرنبة أنفه ، وقال :
حبّذا بردك في
اليدين
|
|
ولونك الأحمر في
الخدين
|
ثم قال : والله
لكأني أنظر إلى أيام عثمان.
والثالث : أنه
بدمشق.
حكى ابن أبي
الدنيا قال : وجد رأس الحسين عليهالسلام في خزانة يزيد بدمشق ، فكفّنوه ودفنوه بباب الفراديس. وكذا
ذكر البلاذري في تاريخه ، قال : هو بدمشق في دار الإمارة. وكذا ذكر الواقدي أيضا.
والرابع : أنه
بمسجد الرقة على الفرات بالمدينة المشهورة. ذكره عبد الله ابن عمر الوراق في كتاب (المقتل)
وقال : لما حضر الرأس بين يدي يزيد بن معاوية ، قال : لأبعثنه إلى آل أبي معيط عن
رأس عثمان ، وكانوا بالرقة ، فبعثه إليهم ، فدفنوه في بعض دورهم. ثم أدخلت تلك
الدار في المسجد الجامع. قال : وهو إلى جانب سدرة [شجرة النبق] هناك ، وعليه شبيه
النيل لا يذهب شتاء ولا صيفا.
والخامس : أن
الخلفاء الفاطميين نقلوه من باب الفراديس إلى عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة ، وهو
فيها وله مشهد عظيم يزار.
ثم قال سبط ابن
الجوزي : وفي الجملة ففي أي مكان كان رأسه أو جسده ، فهو ساكن في القلوب والضمائر
، قاطن في الأسرار والخواطر.
وقد سئل أبو بكر
الآلوسي عن موضع رأس الحسين عليهالسلام فقال شعرا :
لا تطلبوا رأس
الحسين
|
|
بشرق أرض أو
بغرب
|
ودعوا الجميع
وعرّجوا
|
|
نحوي فمشهده
بقلبي
|
٦٤٥ ـ تحقيق السيد
محسن الأمين : (أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٢٧٣)
قال العلامة السيد
محسن الأمين رحمهالله :
اختلفت الروايات
والأقوال في ذلك على وجوه :
(الأول) : أنه عند
أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام بالنجف. ذهب إليه بعض أخبار وردت بذلك. وفي بعضها أن
الصادق عليهالسلام قال لولده إسماعيل : إنه لما حمل إلى الشام سرقه مولى لنا
، فدفنه بجنب أمير المؤمنين عليهالسلام. وهذا القول مختص بالشيعة.
(الثاني) : أنه
مدفون مع جسده الشريف. روايات ذلك :
ـ في (البحار) أنه
المشهور بين علمائنا الإمامية ، ردّه الإمام علي بن الحسينعليهالسلام.
ـ في (اللهوف) أنه
أعيد ، فدفن بكربلاء مع جسده الشريف ، وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار
إليه.
ـ وقال ابن نما :
الّذي عليه المعوّل من الأقوال أنه أعيد إلى الجسد ، بعد أن طيف به في البلاد ،
ودفن معه.
ـ وعن المرتضى في
بعض مسائله ، أنه ردّ إلى بدنه بكربلاء من الشام.
ـ وقال الشيخ
الطوسي : ومنه زيارة الأربعين.
ـ وقال سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) : أشهر الأقوال أن يزيد ردّه إلى المدينة مع السبايا ،
ثم ردّ إلى الجسد بكربلا فدفن معه. قاله هشام وغيره.
فهذا القول مشترك
بين الشيعة وأهل السنة.
(الثالث) : في
المدينة ، دفن عند قبر أمه الزهراء عليهالسلام.
(الرابع) : أنه
بدمشق ، وأنه دفن بباب الفراديس. ذكر ذلك سبط ابن الجوزي. وكذا ذكر البلاذري في
تاريخه ، قال : هو بدمشق في دار الإمارة. وكذا ذكر الواقدي أيضا.
وفي رواية : أنه
مكث في خزائن بني أمية ، حتى ولي سليمان بن عبد الملك ، فطلبه فجيء به وهو عظم
أبيض ، فجعله في سفط وطيّبه ، وجعل عليه ثوبا ، ودفنه في
مقابر المسلمين ،
بعد ما صلى عليه. فلما ولي عمر بن عبد العزيز ، سأل عن الموضع الّذي دفن فيه ،
فنبشه وأخذه ، والله أعلم بما صنع به. وقال بعضهم : الظاهر من دينه أنه بعث به إلى
كربلاء ، فدفنه مع الجسد الشريف.
(راجع مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)
وروى ابن نما عن
منصور بن جمهور ، أنه دخل خزانة يزيد لما فتحت ، فوجد بها جونة [وعاء كالخابية]
حمراء ، فقال لغلامه سليم : احتفظ بهذه الجونة ، فإنها كنز من كنوز بني أمية. فلما
فتحها إذ بها رأس الحسين عليهالسلام وهو مخضوب بالسواد ، فلفّه في ثوب ودفنه عند باب الفراديس
، عند البرج الثالث مما يلي المشرق.
يقول العلامة
الأمين : وكأنه هو الموضع المعروف الآن بمسجد أو مقام أو مشهد رأس الحسين عليهالسلام بجانب المسجد الأموي بدمشق ، وهو مشهد مشيد معظم.
(الخامس) : في
الرقة.
(السادس) : بمصر ،
نقله الخلفاء الفاطميون من باب الفراديس إلى عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة ، وله
فيها مشهد عظيم يزار. ذكره سبط ابن الجوزي.
ويقول العلامة
الأمين : حكى غير واحد من المؤرخين ، أن الخليفة العلوي [أي الفاطمي] بمصر ، أرسل
إلى عسقلان وهي مدينة بفلسطين ، فاستخرج رأسا زعم أنه رأس الحسين عليهالسلام ، وجيء به إلى مصر فدفن فيها في المشهد المعروف الآن. وهو
مشهد معظم يزار ، وإلى جانبه مسجد عظيم (اسمه مسجد سيدنا الحسين). وإنّ أخذ
العلويين لذلك الرأس من عسقلان ودفنه بمصر لا ريب فيه ، لكن الشك في كونه رأس
الحسين عليهالسلام أم لا!.
وهذه الوجوه
الأربعة الأخيرة كلها من روايات أهل السنة وأقوالهم خاصة. وإليك تفصيل ذلك :
الرأس في دمشق
٦٤٦ ـ مدفن الرأس
الشريف في دمشق :
يقول القرماني في (أخبار
الدول) ص ١٠٩ بعد ذكر عدة احتمالات :
والأصح أنه دفن في
جامع دمشق.
٦٤٧ ـ تحقيق ابن
كثير : (البداية والنهاية ، ج ٨ ص ٢٢١)
يقول ابن كثير في
بدايته : هناك عدة أقوال :
القول الأول : روى
محمّد بن سعد أن يزيد بعث برأس الحسين عليهالسلام إلى عمرو بن سعيد نائب المدينة ، فدفنه عند أمه بالبقيع.
القول الثاني :
ذكر ابن أبي الدنيا من طريق عثمان بن عبد الرحمن عن محمّد بن عمر بن صالح ، أن
الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي ، فأخذ من خزانته فكفّن ودفن داخل
باب الفراديس من مدينة دمشق.
قلت : ويعرف مكانه
بمسجد الرأس اليوم ، داخل باب الفراديس الثاني.
القول الثالث : إن
الّذي كفّنه هو سليمان بن عبد الملك ، ودفنه في مقبرة المسلمين.
٦٤٨ ـ رواية
الذهبي : (سير أعلام النبلاء ، ج ٣ ص ٣١٦)
قال الذهبي : وقال
عبد الصمد بن سعيد القاضي : حدثنا سليمان بن عبد الحميد البرائي : سمعت أبا أمية
الكلاعي ، قال : سمعت أبا كرب ، قال : كنت فيمن توثّب على الوليد بن يزيد بدمشق ،
فأخذت سفطا ، وقلت : فيه غنائي. فركبت فرسي ، وخرجت به من باب توما. قال : ففتحته
، فإذا فيه رأس مكتوب عليه : هذا رأس الحسين بن عليعليهالسلام. فحفرت له بسيفي ، فدفنته.
يقول الذهبي في
الحاشية : لا يصح الحديث ، فيه من لا يعرف.
في المدينة
٦٤٩ ـ مدفن رأس
الحسين عليهالسلام في المدينة :
(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٤٢)
يقول الشيخ عبد
الله الشبراوي : وقيل إن يزيد أرسل برأس الحسين عليهالسلام ومن بقي من أهله إلى المدينة ، فكفّن الرأس ودفن عند قبر
أمه بقبّة الحسن عليهالسلام.
وفي (شرح الهمزية)
لابن حجر ، ص ٧٠ قيل : إن يزيد أرسل برأس الحسين عليهالسلام وثقله ومن بقي من أهله إلى المدينة ، فكفّن رأسه ودفن عند
قبر أمه بقبّة الحسنعليهالسلام.
في الكوفة
٦٥٠ ـ تحقيق
الفاضل الدربندي : (أسرار الشهادة ، ص ١٦١)
يقول الفاضل
الدربندي : في الخبر أنك إذا أتيت الغريّ [موضع بالنجف] رأيت قبرين : قبرا كبيرا
وقبرا صغيرا. فأما الكبير فقبر أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأما الصغير فرأس الحسين عليهالسلام. وذلك أن ابن زياد لما بعث برأس الحسين عليهالسلام إلى الشام ، ردّ إلى الكوفة. فقال : أخرجوه منها ، لا يفتن
به أهلها ، فصيّره الله عند أمير المؤمنين ، فدفن. وهذا مفاد الحديث : فالرأس مع
الجسد ، والجسد مع الرأس. وقد روى السيد ابن طاووس في (اللهوف) وغيره ، أن رأس
الحسين عليهالسلام أعيد فدفن مع بدنه بكربلاء ، وذكر أن عمل الطائفة على ذلك.
ولا يخفى أنه يمكن
الجمع بين هذه الروايات وبين ما ادعاه ابن طاووس ، على [أنه] دفن الرأس أولا عند
أمير المؤمنين عليهالسلام بدافع الخوف ، ثم حمل الرأس بعد الدفن بقليل إلى كربلاء
بعد الأمن ، ودفنه عند الجسد الشريف. ويؤيده في الرواية الأخيرة : «فالرأس مع
الجسد ، والجسد مع الرأس». فالجسد الأول هو جسد الإمام علي عليهالسلام ، والجسد الثاني هو جسد الحسين عليهالسلام.
في عسقلان والقاهرة
٦٥١ ـ انتقال
الرأس الشريف إلى عسقلان ثم القاهرة :
(التاريخ الحسيني للسيد محمود الببلاوي ، ص ١٦)
قال الببلاوي : أمر
يزيد برفع الرؤوس في دمشق ثلاثة أيام ، ثم أمر بأن يطاف بها في البلاد. فطيف بها
حتى وصلت عسقلان ، وأميرها إذ ذاك من خيرة الناس إيمانا وخوفا من الله ، فدفنها في
مكان فخيم ، استمرت به إلى سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ٤٩١ ه. وفي شعبان فيها خرج
الأفضل ابن أمير الجيوش بعساكر كثيرة إلى بيت المقدس ، كما نقله المقريزي عن ابن
ميسّر ، وحارب من به وملكه ، ثم دخل عسقلان. ولما علم بالرأس الشريف عمل له مشهدا
جليلا بالمدينة المذكورة ، إذ رأى المكان الأول صار لا يليق بجلاله. ولما تكامل
البناء أخرج الرأس الشريف فعطّره وحمله على صدره وسعى به ماشيا ، إلى أن أحله في
المشهد المذكور. فاستمر به إلى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ٥٤٨ ه ، وحواليها قضى
الله على
عسقلان أن تمتدّ
إليها أيدي الطمع من الإفرنج ، وكان بها أمير يقال له عيّاش ، فأرسل إلى الخليفة
الفائز بأمر الله بمصر ، يقول له : أما بعد ، فإن الإفرنج قد أشرفوا على أخذ
عسقلان ، وإن بها رأس الإمام الحسين بن علي عليهالسلام ، فأرسلوا من تختارونه وإلا أخذوه. وكان الخليفة الفاطمي
الفائز إذ ذاك طفلا صغيرا لم يبلغ الحادية عشرة من عمره ، ولذلك كان الحل والعقد
والأمر والنهي لأكبر وزرائه ، المسمى طلائع بن رزيك ، فأرسل فرقة من الجيش تحت أمر
مكنون الخادم ، وزوّده بثلاثين ألف دينار ، فأتوا بالرأس. ووصلوا إلى قطية ، فخرج
الوزير إلى لقائه من عدة مراحل ومعه جيوش كثيرة ، وكلهم حفاة خاشعون. فحمل الوزير
الرأس على صدره ، حتى دخلوا مصر. وبنى طلائع مسجدا للرأس خارج باب زويلة من جهة
الدرب الأحمر ، وهو المعروف بجامع الصالح الآن. فكشف الحجب عن تلك الذخيرة النبوية
، فوجد دمها لم يجف ، ووجد لها رائحة أطيب من المسك ـ كما قال المقريزي ـ فغسّل
الرأس في المسجد المذكور على ألواح من الخشب ، ثم أراد أن يشرّف ذلك المسجد بدفنه
فيه ، فأبى أهل القصر ، وهم معيّة الملك الفائز ، وقالوا : إن أثرا نبويا جليلا
كهذا لا يليق أن يكون مستقره خارج حدود القاهرة ، بل لا بدّ من دفنه في قصر الملك
[أي المعزّ] ، وكانت بوابة الباب الأخضر الموجودة الآن تحت المنارة الصغرى للمسجد
الحسيني ، بابا من أبواب القصر المنتهي إلى الجمالية ، واسمه باب الديلم ودهليز
الخدمة ، فعمدوا إلى الجهة المذكورة وبنوا بها بناء فخيما ، حلّوه بأنواع الزخارف
الجميلة ، وكسوا جدرانه بالرخام الملون ، في البقعة المباركة الحالية.
وكان طلائع بن
رزيك محبا لأهل البيت عليهالسلام ويدعى الملك الصالح.
٦٥٢ ـ الجزم بأن
الرأس الّذي كان في عسقلان ليس رأس الحسين عليهالسلام :
(رأس الحسين لابن تيمية ، ص ١٥)
يقول ابن تيمية :
بل نحن نعلم ونجزم بأنه ليس رأس الحسين عليهالسلام ولا كان ذلك المشهد العسقلاني مشهدا للحسين عليهالسلام ، من وجوه متعددة :
١ ـ أنه لو كان
رأس الحسين عليهالسلام هناك لم يتأخر كشفه وإظهاره إلى ما بعد مقتل الحسين عليهالسلام بأكثر من أربعمائة سنة.
٢ ـ إن الذين
جمعوا أخبار الحسين عليهالسلام ومقتله ، مثل أبي بكر بن أبي الدنيا ،
وأبي القاسم
البغوي ، وغيرهما ؛ لم يذكر أحد منهم أن رأس الحسين عليهالسلام حمل إلى عسقلان ، ولا إلى القاهرة.
٣ ـ وقد دفن بدن
الحسين عليهالسلام في مصرعه بكربلاء ، ولم ينبش ولم يمثّل به. فلم يكونوا
يمتنعون من تسليم رأسه إلى أهله ، كما سلّموا بدن ابن الزبير إلى أهله. وإذا تسلّم
أهله رأسه ، فلم يكونوا ليدعوا دفنه عندهم بالمدينة المنورة ، عند عمّه وأمه وأخيه
مقرّبا من جده صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويدفنوه بالشام حيث لا أحد إذ ذاك ينصرهم على خصومهم!.
هذا لا يفعله أحد.
في كربلاء
٦٥٣ ـ مدفن الرأس
الشريف في كربلاء :
قال الشيخ محمّد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص ١٩٧ :
وذهبت الإمامية
إلى أنه أعيد إلى الجثة ، ودفن بكربلاء بعد أربعين يوما من المقتل. وقال المنّاوي
في (طبقاته) : ذكر لي بعض أهل الكشف والشهود أنه حصل له اطلاع على أنه دفن مع
الجثة بكربلاء.
وقال الطريحي في (المنتخب)
ص ٣٨ ط ٢ :
زار الإمام الصادق
عليهالسلام قبر الحسين عليهالسلام ، فسأله أحد أصحابه : يابن رسول الله ، أليس رأس الحسين عليهالسلام بعث إلى الشام إلى يزيد؟. فقال : بلى ، ولكن رجلا من
موالينا اشتراه من بعد موت يزيد ، وأتى به إلى هذا الموضع ، ودفنه هنا.
النتيجة :
(أقول) : يمكن
اعتبار أغلب الروايات السابقة صحيحة ، مع ملاحظة ما يلي :
١ ـ إن بعض
المشاهد التي ذكر أن فيها رأس الحسين عليهالسلام هي مشاهد وضع فيها الرأس الشريف أثناء تجواله في الآفاق ،
وذلك وفق ما ذكره ابن شهر اشوب في (مناقبه) ج ٣ ص ٢٣٥ ط نجف ، حيث قال :
ومن مناقب الحسين عليهالسلام : ما ظهر من المشاهد التي يقال لها مشهد الرأس ؛ من كربلاء
إلى عسقلان ، وما بينهما في الموصل ونصيبين وحماة وحمص ودمشق وغير ذلك. اه
فهذه مشاهد ،
وليست مراقد.
وإذا تذكرنا
الدوافع السياسية ، عرفنا لماذا حاول الفاطميون مثلا إيهام الناس بأن رأس الحسين عليهالسلام كان مدفونا في
عسقلان ، ثم نقلوه إلى القاهرة. وعرفنا لماذا ناضل ابن تيمية لتكذيب دعواهم ، لأنه
كان من أكبر أعدائهم.
ففي اعتقادي أن
الّذي في (عسقلان) هو مشهد للرأس وليس مدفن له. فنكون بذلك قد نفينا دعوى وجود
الرأس في عسقلان أو القاهرة. كما ألمح إليه العلامة الأمين عليه الرحمة.
٢ ـ يمكن القول إن
رأس الحسين عليهالسلام لم يردّ إلى كربلاء دفعة واحدة ، بل إنه تنقّل في عدة
مدافن ، كان آخرها مدفنه الشريف مع الجسد المقدس في كربلاء. فيمكن أنه دفن في
المدينة المنورة ، ثم نقل إلى كربلاء. ويمكن أنه دفن بالكوفة عند قبر أمير
المؤمنين عليهالسلام أو في ظاهرها ، ثم نقل إلى كربلاء. ويمكن أن سليمان بن عبد
الملك دفنه في دمشق عند باب الفراديس الثاني ، ثم نقله عمر ابن عبد العزيز إلى
مقابر المسلمين ، ثم نقله هو أو غيره إلى كربلاء.
والذي يغلب في ظني
ـ إذا استبعدنا كون الإمام زين العابدين عليهالسلام أخذ معه الرأس من يزيد فدفنه في كربلاء ـ أن ردّ الرأس إلى
الجسد المقدس في كربلاء تمّ بعد موت يزيد ، لأن يزيد كان مهتما جدا بالاحتفاظ
بالرأس ، حتى أنه لم يرض أن يريه لزين العابدين عليهالسلام فكيف به يعطيه إياه. ولعل الدافع إلى ذلك كان حقده الشديد
على الحسين عليهالسلام ، ثم تخوّفه من إثارة الفتنة بين العراقيين إذا رأوا رأس
الحسين عليهالسلام ، وما ينتج عن ذلك من زيادة النقمة عليه.
٣ ـ إن لله إرادة
علوية وحكمة إلهية في وجود عدة مشاهد للحسين عليهالسلام ، ومن دفن رأسه في عدة مواضع ، وذلك ليشيع ذكره في الآفاق
، ويزوره كل المسلمين في كافة الأقطار.
أما إذا ثبتت
رواية ردّ الإمام زين العابدين عليهالسلام للرأس الشريف مباشرة إلى كربلاء ، فإن كل الروايات الأخرى
تكون وهما. وإن كان الأغلب أن ذلك الردّ ـ إن حصل ـ لم يكن في نفس سنة المقتل ٦١ ه
، بل في الأربعين من السنة التالية أو ما بعدها.
٦٥٤ ـ دفن الرؤوس
الشريفة : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٩)
جاء النصّ على
مجيء الإمام زين العابدين عليهالسلام بالرؤوس معه إلى كربلاء في (حبيب السير) ؛ كما في (نفس
المهموم) ص ٢٥٣ ؛ وفي (رياض الأحزان) ص ١٥٥.
قال في (حبيب
السير) : إن يزيد سلّم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسين عليهالسلام فألحقها بالأبدان الطاهرة ، يوم العشرين من صفر سنة ٦١ ه
، ثم توجّه إلى المدينة الطيبة.
بينما قال أبو
اسحق الإسفريني في (نور العين في مشهد الحسين) ص ٩٩ : وروي أن يزيد بعد أن أرسل
علي بن الحسين عليهالسلام ومن معه ، أمر بدفن الرؤوس إلا رأس الحسين عليهالسلام فإنه أرسله خارج دمشق ومعه خمسون فارسا يحرسونه ليلا
ونهارا ، وذلك من كثرة خوفه وفزعه. فلما مات أتى به الحراس ووضعوه.
ـ روايات مستفيضة
عند الإمامية بردّ رأس الحسين عليهالسلام إلى كربلاء :
ثم قال السيد
المقرّم : أما عن رأس الحسين عليهالسلام فقد نصت روايات مستفيضة على مجيء الإمام زين العابدين عليهالسلام بالرأس الشريف إلى كربلاء ودفنه مع الجسد الشريف. وعن هذا
الدفن في كربلاء نذكر النصوص التالية :
١ ـ إنه المعوّل
عليه عند الإمامية (روضة الواعظين لابن الفتال النيسابوري ، ص ١٦٥ ؛ ومثير الأحزان
لابن نما ، ص ٥٨).
٢ ـ عليه عمل
الإمامية (اللهوف لابن طاووس ، ص ١١٢).
٣ ـ إنه المشهور
بين العلماء (إعلام الورى للطبرسي ، ص ١٥١ ؛ ومقتل العوالم ، ص ١٥٤ ؛ ورياض
المصائب ؛ وبحار الأنوار).
٤ ـ إن رأس الحسين
عليهالسلام أعيد إلى بدنه بكربلاء (ذكره المرتضى في بعض مسائله).
٥ ـ ومنه زيارة
الأربعين (إضافة الشيخ الطوسي).
٦ ـ في العشرين من
صفر ردّ رأس الحسين عليهالسلام إلى جثته (البحار ، عن العدد القوية لأخي العلامة الحلي ؛
وعجائب المخلوقات للقزويني ، ص ٦٧).
٧ ـ قيل : أعيد
الرأس إلى جثته بعد أربعين يوما (الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ١٢).
٨ ـ أعيد رأس
الحسين عليهالسلام بعد أربعين يوما من قتله (شرح همزية البوصيري لابن حجر).
٩ ـ الأشهر أنه
ردّ إلى كربلاء ، فدفن مع الجسد (تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ١٥٠)
١٠ ـ نقل اتفاق
الإمامية على أن الرأس أعيد إلى كربلاء (المناوي في الكواكب الدريّة ، ج ١ ص ٥٧).
يقول السيد عبد
الرزاق المقرّم : وعلى هذا فلا نعبأ بكل ما ورد بخلافه. ورحم الله الحاج مهدي
الفلوجي الحلي حيث قال :
لا تطلبوا رأس
الحسين فإنه
|
|
لا في حمى ثاو
ولا في واد
|
لكنما صفو
الولاء يدلّكم
|
|
في أنه المقبور
وسط فؤادي
|
الفصل الثلاثون
تسيير السبايا إلى المدينة
يتضمن الفصل
المواضيع التالية :
١ ـ مسير السبايا إلى المدينة المنورة.
٢ ـ ردّ الرؤوس إلى كربلاء.
٣ ـ زيارة الأربعين :
ـ زيارة جابر بن
عبد الله الأنصاري
ـ أول من زار قبر
الحسين عليهالسلام
ـ استبعاد أن يكون
ورود السبايا إلى كربلاء يوم الأربعين سنة ٦١
ـ حديث علامات
المؤمن الخمسة وشرحها
ـ خبر الرباب زوجة
الحسين عليهالسلام
٤ ـ وصول السبايا إلى المدينة المنورة :
ـ خطبة زين
العابدين عليهالسلام خارج المدينة
ـ دخول المدينة
ـ ندب الحسين عليهالسلام في المدينة
الفصل الثلاثون
تسيير السبايا إلى
المدينة
مقدمة الفصل :
نتيجة الضغوط
المختلفة على يزيد ، من داخل البيت الأموي وخارجه ، ومن أعيان المسلمين وغير
المسلمين ، ونتيجة لمقت عامة المسلمين له ؛ اضطر إلى تغيير سياسته ، فأظهر أمام
الناس أنه يكرّم السبايا ، فأنزلهم منزلا حسنا بعد أن مكثوا وقتا في الخربة ، ثم
أسبغ عليهم الجواهر والحلل ، كي يوهم الناس أنه بريء من الجرائم الفاشيّة التي
ارتكبها ، ظنا منه أن ذلك ينطلي على المسلمين ، فتخفّ نقمتهم عليه ، ويقلّ مقتهم
له.
ولما استشار يزيد
حاشيته وأهل الشام ماذا يفعل بالسبايا؟ أشاروا عليه جميعا بتسييرهم إلى بلدهم في
المدينة المنورة ؛ منهم من أشار عليه بذلك حبا وشفقة على أهل البيت عليهالسلام ، مثل النعمان بن بشير الأنصاري ، ومنهم من أشار عليه بذلك
تشفّيا وحنقا ، مثل مروان بن الحكم .. فقرر يزيد ترحيلهم إلى المدينة ، مظهرا
المحبة والوداعة لهم ، والإكرام والتفضل عليهم. حتى قالت سكينة عليهالسلام : " ما رأيت كافرا بالله خيرا من يزيد! ".
فهو كان يمارس
شخصيتين متناقضتين : إحداهما حقيقية ، تنفّذ خطة رهيبة شيطانية لمحو الدين وأهله ؛
والأخرى ظاهرية ، تجعل منه حملا وديعا وقديسا طاهرا ، بعد أن وصل إلى حلمه الكبير
، وحصل على أمله الوحيد ، وهو قتل ممثل الإسلام ، والتفرد بالسلطة والأحكام.
وسنرى في الإتجاه
الأول ، كيف أنه تابع تسيير الرأس الشريف إلى مصر ، وفي قول إلى المدينة أيضا ، ثم
أرجعه إلى دمشق ، مؤكدا بذلك حقيقته الممعنة في الضلال ، بعد أن شكر عبيد الله بن
زياد وقرّبه إليه ، عوضا عن عزله ومحاكمته ومعاقبته على ما اقترفت يداه. ولم يتمّ
المرحلة الأولى من مخططه الخبيث ، وهي
قتل عترة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حتى جهّز جيوشه لسبي المدينة المنورة واستحلالها ، ثم
هدم الكعبة وإحراقها على من فيها.
وسوف نرى في هذا
الفصل كيف كلّف يزيد النعمان بن بشير الأنصاري بنقل السبايا إلى المدينة ،
وإرجاعهم إلى مدينة جدهم صلىاللهعليهوآلهوسلم. وكيف أنهم عرّجوا في مسيرهم على كربلاء ليجددوا الأحزان
والعزاء ، فتوافوا في يوم واحد مع الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ،
الّذي رغم كبره وفقد بصره جاء لزيارة الحسين عليهالسلام يوم الأربعين. وفي أغلب الظن أن ذلك التلاقي إن حدث ، فإنه
لم يحصل في ٢٠ صفر من العام نفسه ، بل من العام الّذي يليه أي عام ٦٢ ه أو ما
بعده.
٦٥٥ ـ ضغوط شديدة
على يزيد : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٦)
يقول السيد عبد
الرزاق المقرم رحمهالله :
لقد سرّ يزيد قتل
الحسين عليهالسلام ومن معه ، وسبي حريم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وظهر عليه السرور في مجلسه ، فلم يبال بإلحاده وكفره حين
تمثّل بشعر ابن الزّبعرى ، وحتى أنكر نزول الوحي على رسول الله محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولكنه لما كثرت
اللائمة عليه ووضح له الفشل والخطأ من فعلته التي لم يرتكبها حتى من لم ينتحل دين
الإسلام ... وعاب عليه خاصته وأهل بيته ونساؤه ، وكان بمرأى منه ومسمع كلام الرأس
الأطهر ، لما أمر بقتل رسول ملك الروم ، يقول : (لا حول ولا قوة إلا بالله) ؛ لم
يجد مناصا من إلقاء التبعة على عاتق ابن زياد ، تبعيدا للتهمة عنه ؛ ولكن الثابت
لا يزول.
ولما خشي الفتنة
وانقلاب الأمر عليه ، عجّل بإخراج السجّاد عليهالسلام والعيال من الشام إلى وطنهم ومقرهم ، ومكّنهم مما يريدون.
وأمر النعمان بن بشير وجماعة معه أن يسيروا معهم إلى المدينة ، مع الرفق.
الرحيل من دمشق إلى المدينة المنوّرة
٦٥٦ ـ تسيير
السبايا إلى المدينة : (معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٢)
ولما أراد يزيد أن
يجهّزهم ، قال للنعمان بن بشير صاحب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : جهّز هؤلاء النسوة بما يصلحهم ، وابعث معهم رجلا من أهل
الشام أمينا صالحا ، وابعث معهم خيلا وأعوانا.
وفي (أخبار الدول)
للقرماني : أن الرسول هو النعمان بن بشير مع ثلاثين رجلا.
وفي (الإرشاد)
للشيخ المفيد ، ص ٢٥ : وكان النعمان بن بشير والي الكوفة ، له ميل لأهل البيت عليهالسلام وهو من الأنصار.
وفي (معالي
السبطين) عن كتب المقاتل : لما أرادوا [أي السبايا] الرجوع إلى المدينة ، أحضر
يزيد لهم المحامل وزيّنها.
٦٥٧ ـ استرضاء
السبايا وإكرامهم : (المصدر السابق)
قال أبو مخنف :
فأعطاهم مالا كثيرا ، وأخلف على كل واحد ما أخذ منه ، وأزاد عليه من الحلي والحلل.
ثم دعا بالجمال فأبركوها ، ووطّؤوها لهم بأحسن وطاء وأجمله. ودعا بقائد من قواده ،
وضم إليه خمسمائة فارس ، وأمره بالمسير إلى المدينة.
وفي (نور الأبصار)
للشبلنجي ، ص ١٣٢ :
وبعد أن أنعم يزيد
على السبايا بالألبسة والحلي ، قالت سكينة عليهالسلام :
ما رأيت كافرا
بالله خيرا من يزيد!.
٦٥٨ ـ يزيد ينتدب
النعمان بن بشير لإرجاع السبايا إلى المدينة :
(إعلام الورى ، ص ٢٤٩ ط بيروت)
ثم ندب يزيد
النعمان بن بشير ، وقال له : تجهّز لتخرج هؤلاء النساء إلى المدينة.
ولما أراد أن
يجهّزهم دعا علي بن الحسين عليهالسلام فاستخلاه [أي خلا به] ، وقال له : لعن الله ابن مرجانة (حيث
قتل أباك). أما والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها ، ولدفعت
الحتف عنه بكل ما استطعت (ولو بهلاك بعض ولدي) ، ولكن الله قضى بما رأيت. كاتبني
من المدينة (وارفع إليّ حوائجك) ، وانه إليّ كل حاجة تكون لك.
وتقدّم بكسوته
وكسوة أهله ، وأمر بالأنطاع من الأبريسم ، وصبّ عليها الأموال. وقال : يا أم كلثوم
، خذوا هذه الأموال عوض ما أصابكم!.
فقالت أم كلثوم :
يا يزيد ، ما أقلّ حياءك وأصلب وجهك ، تقتل أخي وأهل بيتي ، وتعطيني عوضهم مالا!.
والله لا كان ذلك أبدا.
وأنفذ معهم جماعة
عليهم النعمان بن بشير ، وتقدم إليهم أن يسير بهم في الليل ، ويكونوا أمامه ، حيث
لا يفوتون طرفة عين. فإذا نزلوا تنحّى عنهم بالظرف ، وتفرّق هو وأصحابه حولهم كهيئة
الحرس لهم ، وينزل منهم بحيث لو أراد إنسان من جماعتهم وضوءا أو قضاء حاجة لم
يحتشم.
فسار معهم ، فلم
يزل يرفق بهم في الطريق ، حتى وصلوا إلى المدينة.
٦٥٩ ـ رفض النعمان
بن بشير لهدية زينب وفاطمة بنتي علي عليهالسلام :
(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٠٩)
وكان النعمان يسأل
عن حوائجهم ويتلطف بهم. فقالت فاطمة لأختها زينب بنت علي عليهالسلام : لقد أحسن هذا الرجل إلينا ، فهل لك أن تصليه بشيء؟.
فقالت : والله ما معنا ما نصله به إلا حليّنا ، فأخرجت إسوارين ودملجين لهما ،
فبعثتا بها إليه ، واعتذرنا. فردّ الجميع ، وقال : ما فعلته إلا لله ولقرابتكم من
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وفي (مقتل الحسين)
للخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٥ :
وروي عن الحرث بن
كعب ، قال : قالت لي فاطمة بنت علي عليهالسلام : قلت لأختي زينب عليهالسلام : قد وجب علينا حق هذا الرسول ، لحسن صحبته لنا ، فهل لنا
أن نصله بشيء؟. قالت : والله مالنا ما نصله به إلا أن نعطيه حليّنا. فأخذت سواري
ودملجي [أي الحلق] وسوار أختي ودملجها ، فبعثنا بها إليه واعتذرنا من قلّتها ،
وقلنا : هذا بعض جزائك لحسن صحبتك إيانا. فقال : لو كان الّذي صنعت للدنيا ففي دون
هذا رضاي ، ولكن والله ما فعلته إلا لله ، ولقرابتكم من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ردّ الرؤوس إلى كربلاء
٦٦٠ ـ مصير الرؤوس
الشريفة :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٣)
في تاريخ (حبيب
السير) أن يزيد بن معاوية سلّم رؤوس الشهداء إلى علي بن الحسين عليهالسلام فألحقها بالأبدان الطاهرة يوم العشرين من صفر. ثم توجّه
إلى المدينة الطيبة.
وقال : هذا أصح
الروايات الواردة في مدفن الرأس المكرم.
٦٦١ ـ أخذ زين
العابدين عليهالسلام الرؤوس معه :
(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٩)
قال الإمام الصادق
عليهالسلام : عند ما خرج الإمام علي بن الحسين عليهالسلام من الشام ومعه أهل بيته وجملة من الخدم الذين بعثهم يزيد
مع أهل البيت عليهالسلام ، وعلى رأسهم النعمان بن بشير الأنصاري ، كانوا قد جاؤوا
برأس الحسين عليهالسلام ورؤوس البقية من أصحابه ليردّوهم إلى أجسادهم. فلما بلغ
السجّاد العراق قال للدليل : مرّ بنا إلى كربلاء. فلما وصلوا كربلاء ألحقوا الرؤوس
بأجسادها ، ووجد جابر عند قبر الحسين عليهالسلام.
تعليق :
ذكرنا سابقا أن
إلحاق رأس الحسين عليهالسلام بجسده المقدس ، مما أجمعت عليه الروايات ، وإذا كان رحيل
السبايا في صفر عام ٦٢ ه ، أي بعد سنة من ورودهم إلى الشام ، فيحتمل أن يكون يزيد
قد أعطى زين العابدين عليهالسلام رأس أبيه ، فردّه إلى كربلاء. أو إن أحد موالي أهل البيت عليهالسلام قد سرق الرأس الشريف من الشام بعد مدة وألحقه بالجسد
المقدس ، كما في إحدى الروايات عن الإمام الصادق عليهالسلام.
أما إلحاق بقية
الرؤوس بأجسادها ، فهذا غير متيقن ، لأن هناك أدلة حسّية عن وجود بعض هذه الرؤوس
أو كلها وعددها ١٦ رأسا ، في مشهد رؤوس الشهداء في مقبرة باب الصغير (الستّات)
بدمشق ، كما نصّ على ذلك السيد الأمين وغيره. وسنبين ذلك فيما بعد.
٦٦٢ ـ هل ردّ رأس
الحسين عليهالسلام إلى كربلاء يوم الأربعين؟ :
(بغية النبلاء في تاريخ كربلاء لعبد الحسين الكليدار ، ص ١٦)
ولم يتعرض الشيخ
المفيد إلى ذكر ورودهم كربلاء بعد إطلاق سراحهم. إلا أن السيد ابن طاووس قال :
" أمر يزيد بردّ الأسرى وسبايا الحسين عليهالسلام إلى أوطانهم بمدينة الرسولصلىاللهعليهوآلهوسلم. وأما الرأس الشريف ، روي أنه أعيد فدفن بكربلا مع جسده
الشريف".
ومن الغريب أن ابن
طاووس قد ذكر العبارة السابقة ، بعد أن ذكر امتناع يزيد عن تلبية طلب السجّاد عليهالسلام برؤية وجه أبيه ، فكيف يعطيه الرأس الشريف!.
زيارة الحسين عليهالسلام في الأربعين
٦٦٣ ـ رجوع
السبايا إلى المدينة المنورة مع الإمام زين العابدين عليهالسلام ومرورهم على كربلاء :
ثم إن يزيد أمر
بردّ السبايا والأسارى إلى المدينة المنورة ، فسار بهم الإمام زين العابدينعليهالسلام إلى المدينة من طريق العراق الصحراوي ، فلما وصلوا إلى
موضع المصرع الشريف في كربلاء ، وجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني
هاشم ، قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليهالسلام في يوم الأربعين ، فأقاموا هناك المآتم والعزاء. وأغلب
الظن أنهم وصلوا كربلاء يوم الأربعين من العام التالي لمقتل الحسين عليهالسلام وليس في العام نفسه.
ثم تابع ركب
السبايا مسيره من كربلاء إلى المدينة ، فاستقبلهم أهل المدينة بالبكاء والعويل.
ـ مرور السبايا
على كربلاء يوم الأربعين :
(اللهوف للسيد ابن طاووس ، ص ٨٢)
ولما رجع علي بن
الحسين عليهالسلام وعياله من الشام وبلغوا العراق ، قالوا للدليل : مرّ بنا
على طريق كربلاء. فوصلوا إلى موضع المصرع ، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري [وكان
أعمى] وجماعة من بني هاشم ورجالا من آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليهالسلام. فوافوا في وقت واحد ، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم ، وأقاموا
المآتم المقرّحة للأكباد ، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد ؛ فأقاموا على ذلك أياما.
وفي (رياض الأحزان)
ص ١٥٧ : وأقاموا في كربلاء ينوحون على الحسينعليهالسلام ثلاثة أيام.
٦٦٤ ـ زيارة جابر
للقبر الشريف :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ٢١٠)
عن كتاب (بشارة
المصطفى) لأبي جعفر الطبري ، ص ٨٩ وغيره ، بسنده عن الأعمش ، عن عطيّة العوفي ،
قال :
خرجت مع جابر بن
عبد الله الأنصاري رضي الله عنه زائرا قبر الحسين عليهالسلام. فلما
وردنا كربلاء دنا
جابر من شاطئ الفرات ، فاغتسل ثم ائتزر بإزار ، وارتدى بآخر. ثم فتح صرة فيها صعد [نوع
من الطيب] فنثرها على بدنه ، ثم لم يخط خطوة إلا ذكر الله تعالى. حتى إذا دنا من
القبر قال : ألمسنيه ، فألمسته إياه. فخرّ على القبر مغشيا عليه ، فرششت عليه شيئا
من الماء. فلما أفاق قال : يا حسين [ثلاثا]. ثم قال : حبيب لا يجيب حبيبه ، وأنى
لك بالجواب ، وقد شخبت أوداجك من أثباجك [جمع ثبج : وهو وسط شيء تجمّع وبرز] ،
وفرّق بين بدنك ورأسك. أشهد أنك ابن خاتم النبيين ، وابن سيد المؤمنين ، وابن حليف
التقوى ، وسليل الهدى ، وخامس أصحاب الكسا ، وابن سيد النقبا ، وابن فاطمة سيدة
النساء. وما لك لا تكون هكذا ، وقد غذّتك كفّ سيد المرسلين ، وربّيت في حجر
المتقين ، ورضعت من ثدي الإيمان ، وفطمت بالإسلام ؛ فطبت حيا وطبت ميتا. غير أن
قلوب المؤمنين غير طيّبة بفراقك ، ولا شاكّة في حياتك. فعليك سلام الله ورضوانه.
وأشهد أنك مضيت على ما مضى عليه أخوك يحيى بن زكريا.
ثم جال ببصره حول
القبر [مع أنه أعمى فقد جال ببصره كأنه يرى ، إذ فتح الله على بصيرته] وقال :
السلام عليكم أيتها الأرواح التي حلّت بفناء الحسين عليهالسلام وأناخت برحله. أشهد أنكم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة ،
وأمرتم بالمعروف ونهيتم عن المنكر ، وجاهدتم الملحدين ، وعبدتم الله حتى أتاكم
اليقين.
والذي بعث محمدا
بالحق نبيا ، لقد شاركناكم فيما دخلتم فيه. فقال له عطيّة العوفي : وكيف ولم نهبط
واديا ، ولم نعل جبلا ، ولم نضرب بسيف؟!. والقوم قد فرّق بين رؤوسهم وأبدانهم ،
وأيتمت أولادهم ، وأرملت الأزواج؟!.
فقال له : يا عطية
، إني سمعت حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من أحبّ قوما حشر معهم ، ومن أحبّ عمل قوم أشرك في
عملهم. والذي بعث محمدا بالحق إنّ نيّتي ونية أصحابي على ما مضى عليه الحسين عليهالسلام وأصحابه.
قال عطية : فبينما
نحن كذلك ، وإذ بسواد قد طلع من ناحية الشام. فقلت : يا جابر ، هذا سواد طلع من
ناحية الشام. فقال جابر لعبده : انطلق إلى هذا السواد ، وائتنا بخبره ، فإن كانوا
من أصحاب عمر بن سعد فارجع إلينا ، لعلنا نلجأ إلى ملجأ ، وإن كان زين العابدين عليهالسلام فأنت حرّ لوجه الله تعالى.
قال : فمضى العبد
، فما كان بأسرع من أن رجع وهو يقول : يا جابر ، قم
واستقبل حرم رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. هذا زين العابدين عليهالسلام قد جاء بعماته وأخواته. فقام جابر يمشي حافي الأقدام مكشوف
الرأس ، إلى أن دنا من زين العابدين عليهالسلام. فقال الإمام عليهالسلام : أنت جابر؟. فقال : نعم يابن رسول الله. فقال : يا جابر ،
ههنا والله قتلت رجالنا ، وذبحت أطفالنا ، وسبيت نساؤنا ، وحرّقت خيامنا.
ثم انفصلوا من
كربلاء طالبين المدينة.
٦٦٥ ـ أول من زار
قبر الحسين عليهالسلام :
(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٥ ؛ وتذكرة الخواص ، ص ٢٨٠)
يؤخذ من رواية أبي
مخنف التي ذكرها الطبري ، أن أول من زار قبر الحسين عليهالسلام بعد دفن الأجساد ، كان عبيد الله بن الحر الجعفي. وهناك
أنشد أشعارا رائقة ، تشعر عن ندامته على عدم نصرة الحسين عليهالسلام.
يقول : ويظهر من (مقتل
الخوارزمي) أنه أنشدها على قبر الحسين عليهالسلام
[ولكن لم نجد ذلك
في مقتل الخوارزمي] ، فضجّ من معه بالبكاء والعويل والنحيب ، وأقاموا عند القبر
يومهم ذلك وليلتهم ، يصلّون ويبكون ويتضرعون ، والأبيات هي :
يقول أمير غادر
أي غادر
|
|
ألا كنت قاتلت
الشهيد ابن فاطمه
|
ونفسي على
خذلانه واعتزاله
|
|
وبيعة هذا
الناكث العهد لائمه
|
فيا ندمي أن لا
أكون نصرته
|
|
ألا كل نفس لا
تسدّد نادمه
|
وإني على أن لم
أكن من حماته
|
|
لذو حسرة ما أن
تفارق لازمه
|
سقى الله أرواح
الذين تآزروا
|
|
على نصره سقيا
من الغيث دائمه
|
وقفت على
أطلالهم ومحالهم
|
|
فكاد الحشا
ينقضّ والعين ساجمه
|
لعمري لقد كانوا
سراعا إلى الوغى
|
|
مصاليت في
الهيجا حماة خضارمه
|
تأسّوا على نصر
ابن بنت نبيهم
|
|
بأسيافهم آساد
غيل ضراغمه
|
فإن يقتلوا في
كل نفس بقية
|
|
عليالأرض قد
أضحت لذلك واجمه
|
وما إن رأى
الراؤون أفضل منهم
|
|
لدى الموت سادات
وزهرا قماقمه
|
أتقتلهم ظلما
وترجو ودادنا
|
|
فدع خطّة ليست
لنا بملائمه
|
لعمري لقد
أرغمتمونا بقتلهم
|
|
فكم ناقم منا
عليكم وناقمه
|
أهمّ مرارا أن
أسير بجحفل
|
|
إلى فئة زاغت عن
الحق ظالمه
|
فكفّوا وإلا
زرتكم في كتائب
|
|
أشدّ عليكم من
زحوف الديالمه
|
ولما بلغ ابن زياد
هذه الأبيات طلبه ، فقعد على فرسه ونجا منه.
ـ متى كانت زيارة
جابر؟ : (مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٧)
يقول السيد محمّد
حسن مصطفى آل كليدار :
وفي عام ٦٢ ه
توجّه إلى كربلاء جابر بن عبد الله الأنصاري ، زائرا قبر الحسين عليهالسلام ، ومعه جماعة من بني هاشم ، فكانوا عنده في ٢٠ صفر.
٦٦٦ ـ استبعاد أن
يكون ورود السبايا في ٢٠ صفر من نفس العام :
(مدينة الحسين ، ج ٢ ص ٦٧)
يقول السيد عبد
العزيز الحسني : إن الحقيقة التي يمكن القول بها كما هو الرأي السائد في أكثر
الأوساط العلمية عند رجال الإمامية ، هو ما قاله
[صاحب (القمقام)
فرهاد ميرزا] ص ٤٩٥ :
منذ رحل عمر بن
سعد عن كربلاء إلى الكوفة ومعه سبايا الحسين عليهالسلام والرؤوس ، كان قد قطع مسافة ثمانية فراسخ ما بين كربلاء
والكوفة [نحو ٤٤ كم] ، فلا بدّ أن قطع هذه المسافة في ثلاثة أيام. وهناك لا بدّ أن
عبيد الله بن زياد قد عطّل السبايا مدة من الزمن ، حيث مرّ بهم في جميع أسواق
الكوفة ، لكي يوجد رعبا في قلوب القبائل العربية ، وأن ينتظر ورود أوامر يزيد
ثانيا. ولما ورد طلب يزيد بجلب السبايا إلى الشام ، كانت المسافة التي يقطعها
الراحل على خط مستقيم ما بين الكوفة والشام مائة وخمسة وسبعين فرسخا [حوالي ألف كم]
، إلا أن ابن زياد اتخذ طريقا غير هذا الطريق ، كما يؤخذ من رواية صاحب (المنتخب)
قال : أخذوا الرؤوس مع السبايا من أهل الحسين عليهالسلام من الكوفة إلى تكريت ، ومنه إلى دير عمر ، فوادي نخلة ، ونزلوا
بها ليلتهم ، ثم ساروا إلى لينا ، ثم وادي الكحيلة ثم الجهينة ، ثم نصيبين فعين
الوردة ، ومن هناك عرّجوا إلى حرّان فحلب. ثم إلى معارة نعمان ، ومنه إلى شيزر. ثم
إلى حمص ، ومنه إلى بعلبك ، ومنه إلى دير النصارى ، ثم إلى دمشق. فلا بدّ وأن
المسافة كانت شاسعة ، وقد طال أمد السير.
كما وإن هناك
رواية أن أهل البيت عليهالسلام قد مكثوا مدة ستة أشهر عند يزيد ، حتى انطفأت ثائرته. ثم
دعا الإمام علي بن الحسين عليهالسلام وخيّره بين البقاء عنده أو المسير إلى المدينة.
ولعمري كيف يمكن
في مدة أربعين يوما ، أن تستغرق هذه السفرة في الذهاب والإياب؟!. فمن الأمور
المحققة التي تميل إليها الأوساط العلمية عند مؤرخي الإمامية ، أن أهل البيت عليهالسلام قد وردوا كربلاء في ٢٠ صفر عام ٦٢ ه ، ووجدوا جابرا عند
القبر.
ويقول الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ص ٥٢٦ بعد أن أورد روايات أبي مخنف ، واللهوف ... الخ
: إن هذه الروايات لم يظهر معها أن ورود آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى كربلاء كان يوم الأربعين ، أي العشرين من صفر.
ولا يخفى أن دعوى
ورودهم كربلاء يوم العشرين من صفر ، دعوى غير معقولة ؛ لأن آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا في الكوفة مدة في سجن ابن زياد ، ثم كانوا مدة مديدة
في دمشق في سجن يزيد. ثم إنهم أقاموا مأتم سيد الشهداء عليهالسلام في دمشق مدة سبعة أيام ، وكان ذلك بعد خلاصهم من سجن يزيد.
المخرج :
إذا صحّ أن جابر
ورد كربلاء يوم ٢٠ صفر من عام ٦١ ه ، فيمكن افتراض أن جابر وجماعة من بني هاشم
أدركوا زيارة الأربعين ، ثم مكثوا عند قبر الحسين عليهالسلام حتى ورد عليهم زين العابدين عليهالسلام فتلاقوا هناك. وهذا فحوى بعض الروايات : " فتوافوا في
وقت واحد".
هذا هو المخرج
الأول. أما المخرج الثاني فهو أن جابر والسبايا قد توافوا عند القبر الشريف في يوم
واحد ، هو يوم الأربعين ؛ ولكن من العام التالي ٦٢ ه.
٦٦٧ ـ تحقيق يوم
الأربعين : (تظلم الزهراء للقزويني ، ص ٢٨٧ ط قم)
روى السيد ابن
طاووس في (الإقبال) قال : وجدت في (المصباح) أن حرم الحسين عليهالسلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين عليهالسلام يوم العشرين من صفر ، وكلاهما مستبعد ، لأن عبيد الله بن
زياد كتب إلى يزيد يعرّفه ما جرى ، ويستأذنه في حملهم ، ولم يحملهم حتى عاد الجواب
إليه ، وهذا يحتاج إلى نحو عشرين يوما أو أكثر منها. ولأنه لما حملهم إلى الشام ،
روي أنهم أقاموا فيها شهرا
في موضع لا يكنّهم
من حرّ ولا برد. وصورة الحال تقتضي أنهم تأخروا أكثر من أربعين يوما ، من يوم قتله
عليهالسلام إلى أن وصلوا كربلاء أو المدينة.
وأما جوازهم في
عودهم على كربلاء ، فيمكن ذلك ولكنه ما يكون وصولهم إليها يوم العشرين من صفر ،
لأنهم اجتمعوا على ما روي مع جابر بن عبد الله الأنصاري ، فإن كان جابر وصل زائرا
من الحجاز ، فيحتاج وصول الخبر إليه ومجيئه [إلى كربلاء] إلى أكثر من أربعين يوما
، أو على أن يكون وصل جابر من غير الحجاز ، من الكوفة أو غيرها.
يقول السيد رضي بن
نبي القزويني : غاية ما قال رحمهالله بعد تسليمه ، محض استبعاد ، ولا ينبغي بمحضه إنكار
الروايات. فإنا سمعنا من الموثقين قرب الكوفة من دمشق ، بما قد تيسر للبريد أن
يسير بثلاثة أيام ... ومدة مقامهم في دمشق على ما في (المنتخب) لا يعلم كونها
زائدة على ثمانية أيام تقريبا.
ولم نظفر على
رواية دلّت على مقامهم فيها مدة شهر ، والله يعلم. وأيضا قد يذهب الحمام [أي
الزاجل] بالمكاتب بأسرع من ذلك.
واستبعاد مجيء
جابر من أرض الحجاز أبعد من هذا ، لما روي أن أبا حنيفة رأى هلال ذي الحجة بالكوفة
أو بغداد ، وورد مكة وحجّ في تلك السنة. ولأن أخبار نواعي الحسين عليهالسلام من الجن والطير وانقلاب التربة دما وغير ذلك ، أكثر من أن
يخفى على أمثال جابر كما مضى بعضه ، والله أعلم بحقيقة الحال ، والتسليم لنا خير
للمآل.
٦٦٨ ـ هل أعيد
الرأس يوم الأربعين؟ :
(تظلم الزهراء للسيد رضي القزويني ، ص ٢٨٥ ط قم)
قال السيد رضي بن
نبي القزويني :
وأما تعيين
الإعادة يوم الأربعين من قتله ، والوقت الّذي قتل فيه الحسين عليهالسلام ونقله الله جلّ جلاله إلى شرف فضله ، كان (فيه) الإسلام
مقلوبا والحق مغلوبا ، وما تكون الإعادة بأمور دنيوية ، والظاهر أنها بقدرة الإله.
لكن وجدت نحو عشر
روايات مختلفات في حديث الرأس الشريف ، كلها منقولات. ولم أذكر إلى الآن أنني وقفت
ولا رويت تسمية أحد ممن كان من الشام ، حتى أعادوه إلى جسده الشريف بالحائر ، ولا
كيفية لحمله من الشام إلى الحائر على
صاحبه أكمل التحية
والإكرام ، ولا كيفية لدخول حرمه المعظم ، ولا من حفر ضريحه المقدس المكرم حتى عاد
إليه ، وهل وضعه موضعه من الجسد ، أو في الضريح مضموما إليه؟.
فليقصر الإنسان
على ما يجب عليه من تصديق القرآن [يقصد قوله تعالى عن الشهداء (... عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ)] ، من أن الجسد المقدس تكمّل عقيب الشهادة ، وأنه يرزق في
دار السعادة. ففي بيان الكتاب العزيز ما يغني عن زيادة دليل وبرهان.
زيارة الأربعين
٦٦٩ ـ فضل زيارة
الأربعين : (مزار البحار ، ج ٩٨ ص ٣٣٤ ط ٢)
يقول العلامة
المجلسي في (مزار البحار) : اعلم أنه ليس في الأخبار ، ما العلة في استحباب زيارة
الحسين عليهالسلام في يوم الأربعين. والمشهور بين الأصحاب أن العلة في ذلك
رجوع حرم الحسين عليهالسلام في مثل ذلك اليوم إلى كربلاء عند رجوعهم من الشام ، وإلحاق
الإمام زين العابدين عليهالسلام الرؤوس بالأجساد.
وقيل : في مثل ذلك
اليوم رجع السبايا إلى المدينة.
وكلاهما مستبعد
جدا ، لأن الزمان لا يسع ذلك ، كما يظهر من الأخبار والآثار ، وكون ذلك في السنة
الأخرى [أي التالية] أيضا مستبعد.
ولعل العلة في
استحباب الزيارة في هذا اليوم هو أن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه في
مثل هذا اليوم وصل من المدينة إلى القبر الشريف ، وزاره بالزيارة المعروفة ، فكان
أول من زاره من الإنس ظاهرا. فلذلك يستحب التأسي به.
أو العلة هي إطلاق
أهل البيت عليهالسلام في الشام من الحبس والقيد في مثل هذا اليوم ، أو علة أخرى
لا نعرفها.
وتوافق زيارة
الأربعين يوم العشرين من صفر ، وذلك لأربعين يوما مضت على مقتل الحسين عليهالسلام.
وقال السيد ابن
طاووس في كتاب (الإقبال) ص ٦٠ : ووجدت في (المصباح) للشيخ الطوسي : أن حرم الحسين عليهالسلام وصلوا المدينة مع مولانا علي بن الحسين عليهالسلام يوم العشرين من صفر. وفي غير (المصباح) أنهم وصلوا كربلاء
أيضا في عودهم من الشام يوم العشرين من صفر.
ـ تعليق حول زيارة
الأربعين :
(أقول) : إذا صحّت
الرواية بأن الإمام زين العابدين عليهالسلام وافى جابر بن عبد الله الأنصاري في كربلاء يوم الأربعين [٢٠
صفر] فيبعد أن يكون ذلك في السنة نفسها التي قتل فيها الحسين عليهالسلام ، وذلك لأمور :
١ ـ إن الفترة
التي قضاها السبايا في كربلاء ثم الكوفة (السجن) حتى جاء الأمر من دمشق بتسييرهم
في أطول طريق إلى الشام ، ثم إقامتهم في دمشق حتى رخّص لهم يزيد بمغادرتها ، ثم
حتى وصولهم كربلاء ... هذه الفترة تزيد عن أربعين يوما بلا شك.
٢ ـ كان جابر في
المدينة حين قتل الحسين عليهالسلام ، ويحتاج خبر مقتل الحسين عليهالسلام ليصل من الكوفة إليها نحو ٢٤ يوما ، فلو أن جابر قرر
الذهاب إلى كربلاء من حين وصول الخبر ، لاحتاج إلى ٢٤ يوما أخرى ليصل إليها ، لا
سيما أنه كان ضريرا وكبير السن. فيمتنع أن يصل إلى كربلاء يوم الأربعين.
٣ ـ تنصّ إحدى الروايات
على أن الإمام زين العابدين عليهالسلام صحب معه رأس أبيه الحسين عليهالسلام ودفنه يوم الأربعين مع الجسد الشريف في كربلاء ، أثناء
رجوعه إلى المدينة. وهذا بعيد الظن لأن يزيد كان قد وعد الإمام زين العابدين عليهالسلام بأن يقضي له ثلاث حاجات مما يريد ، فطلب في إحداها أن يريه
وجه أبيه الحسين عليهالسلام فقد اشتاق إليه. فكان جواب يزيد قوله : أما رؤية الرأس
فليس إلى ذلك من سبيل. فإذا كان رفض أن يريه الرأس الشريف فكيف يسمح له بأخذه معه
وإرجاعه.
٤ ـ إن يزيد بعد
أن روّى حقده برؤية رأس الحسين عليهالسلام على طبق من ذهب مزمّلا بدمائه ، لم يشفه ذلك حتى أعطى
أوامره بتسيير الرأس الشريف إلى كل أرجاء الدولة الإسلامية ، حتى يرى كل المسلمين
الرأس ممثّلا به ، فيزيلوا من مخيلتهم أية فكرة في الخروج عليه.
من هذا المنطلق
بعث يزيد الرأس الشريف إلى مصر ، عن طريق عمّان والقدس ، فعسقلان فرفح ، حتى وصل
إلى الفسطاط [وهي القاهرة اليوم]. وهناك أقام أعوان يزيد الأفراح والأعراس ابتهاجا
ومشاركة ليزيد في بهجة انتصاره على الحسين عليهالسلام .. وعرضت أمام الناس الخيول التي داست جسد الحسين عليهالسلام
في مسيرة حاشدة ،
فاشتراها التجار بآلاف الدنانير ، وخلعت حدواتها وعلّقوها على أبواب بيوتهم تبركا
بها. ثم أرجع يزيد الرأس الشريف إلى دمشق ، حيث سيّره إلى المدينة المنورة ، وكان
عامله عليها عمرو بن سعيد الأشدق وهو من بني أمية ، فبعد أن ابتهج بمقتل الحسين عليهالسلام وشمت به ، أدخل الرأس إلى مسجد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ووضعه بجانب قبر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وخاطب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قائلا : قد أخذنا ثأرنا منك يا محمّد ، بقتلى بدر!.
ولهذا التسيير
للرأس الشريف توهم بعض المؤرخين أنه دفن في القاهرة أو المدينة أو الكوفة.
وهذا التسيير قد
استغرق وقتا كبيرا ، وهذا يتعارض كليا مع رواية إرجاع زين العابدين عليهالسلام الرأس الشريف يوم الأربعين من عام ٦١ ه. فلو صحّ ذلك فهو
في السنة التالية أو ما بعدها. وهذا ما ذهب إليه كثير من المحققين ، وقد أشار إليه
السيد عبد الرزاق المقرم في مقتله ، وهو ما كان يرجّحه الخطيب المنبري في دمشق
المرحوم الحاج حسني صندوق ، وهو ما نراه ونؤيده.
حديث علامات المؤمن
٦٧٠ ـ زيارة
الأربعين من علامات المؤمن الخمسة :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٤)
في تفسير الإمام
الحسن العسكري عليهالسلام قال :
" علامات
المؤمن خمس : التختّم باليمين ، وصلاة إحدى وخمسين ، والجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم ، والتعفير للجبين ، وزيارة الأربعين".
[شرح الحديث] :
٦٧١ ـ التختّم
باليمين :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٧)
مما تعرّض له
الحديث السابق (التختّم باليمين) ، وهو ما التزم به الإمامية ، تديّنا بروايات
أئمتهم عليهمالسلام ، وخالفهم في ذلك جماعة من السنّة.
وقال الشيخ
إسماعيل البروسوي : ذكر في (عقد الدرر) أن السّنة في الأصل
التختم في اليمين
، ولما كان ذلك شعار أهل البدعة والظلمة ، صارت السنة أن يجعل الخاتم في خنصر اليد
اليسرى في زماننا.
(راجع ما أورده
العلامة الأميني في الغدير ، ج ١٠ ص ٢١١)
٦٧٢ ـ صلاة إحدى
وخمسين : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٥)
ويقصد بها الصلوات
المشرعة في كل يوم : الفرائض والنوافل. فالفرائض ١٧ ركعة ، والنوافل في المذهب
الجعفري : ركعتان قبل صلاة الصبح ، وثمان ركعات قبل صلاة الظهر ، وثمان قبل صلاة
العصر ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان من جلوس بعد صلاة العشاء تحسبان
بركعة. فمجموع هذه النوافل ٢٣ ركعة ، يضاف إليها ١١ ركعة صلاة الليل ، فيكون مجموع
النوافل اليومية ٣٤ ركعة. وبإضافتها إلى الفرائض يصبح المجموع ٥١ ركعة. وهذا مما
اختص به الإمامية ، فإن أهل السنة وإن وافقوهم على عدد الفرائض ، إلا أنهم خالفوهم
في عدد النوافل.
٦٧٣ ـ الجهر ب (بسم
الله الرحمن الرحيم):
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٦٧)
الثالث مما ذكر
الحديث : (الجهر بالبسملة). وإن الإمامية تديّنوا إلى الله تعالى به ؛ وجوبا في
الصلاة الجهرية ، واستحبابا في الصلاة الإخفاتية ، تمسّكا بأحاديث أئمتهم عليهالسلام. وفي ذلك يقول الفخر الرازي : ذهبت الشيعة إلى أن من
السنّة الجهر بالتسمية في الصلاة الجهرية والإخفاتية ، وجمهور الفقهاء يخالفونهم.
وقد ثبت بالتواتر أن علي بن أبي طالب عليهالسلام كان يجهر بالتسمية ، ومن اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى ،
والدليل عليه قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«اللهم أدر الحقّ
معه كيفما دار» .
وكلمة الرازي هذه
لم يهضمها أبو الثناء الآلوسي ، فتعقبها بقوله : لو عمل أحد بجميع ما يزعمون
تواتره عن الأمير كفر ، فليس إلا الإيمان ببعض والكفر ببعض. وما ذكره من أن من
اقتدى في دينه (بعلي) فقد اهتدى مسلّم ، لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه علي عليهالسلام ودونه مهامه فيح .
__________________
٦٧٤ ـ تعفير
الجبين : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٩)
الرابع مما ذكره
الحديث : (تعفير الجبين) ، والتعفير في اللغة : هو وضع الشيء على العفر ، وهو
التراب. والمقصود بالجبين هنا : الجبهة. فيكون المعنى : أن الشيعة التزمت بالسجود
على الأرض والتراب دون المأكول والملبوس.
أو إن المعنى
استحباب تعفير الجبين بعد الصلاة في سجدة الشكر ، كما ذكر الشيخ المفيد في (الإرشاد)
، اقتداء بما كان يفعله الإمام علي عليهالسلام بعد كل صلاة من تعفير جبهته وجبينه بالتراب ، تذللا وخضوعا
لله تعالى ، حتى سمّاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أبا تراب.
وقد ورد تعفير
الخدين في سجدة الشكر ، وبه استحق موسى عليهالسلام الزلفى من المناجاة.
أما السنّة فقد
كره بعضهم سجدة الشكر بعد الصلاة ، فضلا عن تعفير الجبين!.
٦٧٥ ـ زيارة
الأربعين : (مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٧٣ و ٤٨٠)
المقصود من هذه
الشعيرة ، تلك العادة المطّردة التي اتخذها الموالون لأهل البيت عليهالسلام في زيارة قبر الحسين عليهالسلام كل عام في يوم الأربعين (وهو العشرون من صفر) لإقامة
العزاء عليه. فمن علامة الإيمان والولاء للدين ولسيد شباب أهل الجنة عليهالسلام المثول في يوم الأربعين من شهادة الحسين عليهالسلام عند قبره الأطهر لإقامة المأتم عليه ، وتجديد العهد بما
جرى عليه وعلى صحبه وأهل بيته من الفوادح.
يقول مولانا الأجل
العلامة المجتهد السيد علي مكي حفظه الله : لماذا كانت زيارة الأربعين علامة
المؤمن؟. نلاحظ أن هناك زيارات كثيرة للحسين عليهالسلام في أوقات مختلفة [مثل : يوم عاشوراء ـ يوم عيد الأضحى ـ يوم
عرفة ـ النصف من شعبان ـ النصف من رجب ـ كل ليلة جمعة] يزار بها الحسين عليهالسلام خاصة ؛ فلماذا التأكيد على زيارة الحسينعليهالسلام.
السبب في ذلك أن
الحسين عليهالسلام وهب نفسه لله ، فأصبح عنوانا للدين ، وزيارته هي لإحياء
شعائر الدين. هذه الزيارات تذكّرنا بيوم الطف ، وبمظلومية أهل البيت عليهالسلام ، وأن الحسين عليهالسلام أنقذ الدين من الجاهلية. تعلّمنا أن ننصر الحق دائما ،
ونردع أنفسنا عن المعاصي ، كما أنها مناسبة حيّة ليتدارس المؤمنون فيها أوضاعهم.
لهذا ذكر صاحب (الجواهر)
: أن زيارة الحسين عليهالسلام تكاد تكون من ضروريات الدين ، لأن هذه الزيارة سبب
لاستمراريتنا في الإلتزام بأحكام الدين.
وهنا يطرح سؤال
أساسي : لماذا كانت زيارة الحسين عليهالسلام يوم الأربعين
من شهادته عليهالسلام ، وليس قبل ذلك اليوم أو بعده؟. فما هي خاصة يوم الأربعين
، الّذي اتّخذ فيما بعد عادة بالنسبة لكل الموتى؟.
(أقول) : لقد ورد
في الحديث : أنه إذا مات المؤمن ، يبكي عليه كل شيء والملائكة أربعين يوما.
وبالطبع يكون بكاؤهم عليه وترحمهم في آخر يوم منها أشدّ ما يمكن ، وهو يوم الأربعين
، فتكون إقامة مراسم الحزن والعزاء على المؤمن يوم الأربعين ، مشاركة منا للملائكة
والملأ الأعلى في حزنهم وأساهم وترحمهم عليه.
خبر الرباب زوجة الحسين عليهالسلام
٦٧٦ ـ وفاء الرباب
لزوجها الحسين عليهالسلام :
الرباب هي بنت
امرئ القيس الكلبي ، وقد ذكرنا شيئا عن إخلاصها سابقا ، كما ذكرنا كيف أنه لما وضع
رأس الحسين عليهالسلام في مجلس عبيد الله بن زياد ، لم تتمالك نفسها أن هجمت على
الرأس وحملته واحتضنته وأخذت تقبّله وتنعيه. ومن معالم إخلاصها هنا أن السبايا لما
انصرفن من كربلاء إلى المدينة ، أبت هذه الحرة الذهاب معهم ، بل آثرت أن تظل عند
قبر زوجها الحسين عليهالسلام هائمة تبكي عليه وترثيه ، حتى مضت عليها سنة كاملة ، وأبت
أن تستظل بظل ، فضربت بذلك لذوات الحجال ، مثالا رائعا من الوفاء والإخلاص أي
مثال.
٦٧٧ ـ محبة الحسين
عليهالسلام للرباب وإخلاصها له :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٥ ط ٢ نجف)
قال سبط ابن
الجوزي في تذكرته : وكان في السبايا الرباب بنت امرئ القيس بن عدي الكلبي ، زوجة
الحسين عليهالسلام ، وهي أم سكينة بنت الحسين عليهالسلام. وكان الحسين عليهالسلام يحبها حبا شديدا ، وله فيها أشعار منها :
لعمرك إنني
لأحبّ دارا
|
|
تحلّ بها سكينة
والرباب
|
أحبّهما وأبذل
فوق جهدي
|
|
وليس لعاذل عندي
عتاب
|
وليس لهم وإن
عتبوا مطيعا
|
|
حياتي أو
يغيّبني التراب
|
٦٧٨ ـ إقامة
الرباب العزاء على الحسين عليهالسلام سنة كاملة :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١١٨)
وفي (كامل
التواريخ) : إن الرباب بنت امرئ القيس زوجة الحسين عليهالسلام أقامت على قبر الحسين عليهالسلام سنة كاملة ، ثم عادت إلى المدينة. وخطبها الأشراف فقالت :
لا والله ما كنت لأتّخذ حموا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولم تزل تبكي بعد الحسين عليهالسلام ليلها ونهارها ، وبقيت لم يظلها سقف ، وتجلس في حرارة
الشمس ، حتى ماتت كمدا ، رضوان الله عليها.
وكانت ترثي الحسين
عليهالسلام ، ولها هذه الأبيات :
إن الّذي كان
نورا يستضاء به
|
|
بكربلاء قتيل
غير مدفون
|
سبط النبي جزاك
الله صالحة
|
|
عنا وجنّبت
خسران الموازين
|
قد كنت لي جبلا
صعبا ألوذ به
|
|
وكنت تصحبنا
بالرّحم والدين
|
من لليتامى ومن
للسائلين ومن
|
|
يعني ويأوي إليه
كلّ مسكين
|
والله لا أبتغي
صهرا بصهركم
|
|
حتى أغيّب بين
الرمل والطين
|
ترجمة الرباب زوجة الحسين عليهالسلام
(الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني ، ج ٨ ص ١٥٨)
الرباب بنت امرئ
القيس بن عدي الكلبية : كانت من خيار النساء وأفضلهن. وفي (نسمة السحر) : كانت من
خيار النساء جمالا
وأدبا وعقلا. أسلم
أبوها في خلافة عمر بن الخطاب ، وكان نصرانيا من عرب الشام ، ثم ولاه عمر على من
أسلم بالشام من قضاعة.
وخطب منه علي بن
أبي طالب عليهالسلام ابنته الرباب لابنه الحسين عليهالسلام ، فولدت له سكينة عقيلة قريش ، وعبد الله بن الحسين عليهالسلام ، قتل يوم الطف وأمه تنظر إليه. وقد بقيت الرباب سنة بعد
شهادة الحسين عليهالسلام لم يظلها سقف بيت حزنا على الحسين عليهالسلام حتى بليت وماتت كمدا عليه ، وذلك بعد شهادة الحسين عليهالسلام بسنة ، ودفنت بالمدينة.
رجوع السبايا إلى المدينة المنوّرة
٦٧٩ ـ ارتحال آل
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم من كربلاء إلى المدينة :
(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٣)
ثم انفصل [السبايا]
من كربلاء طالبين المدينة.
قال بشير بن جذلم
: فلما قربنا منها ، نزل علي بن الحسين عليهالسلام فحطّ رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه.
وقال زين العابدين
عليهالسلام : يا بشير رحم الله أباك ، لقد كان شاعرا ، فهل تقدر على
شيء منه؟. قال : بلى يابن رسول الله إني شاعر. فقال عليهالسلام : ادخل المدينة وانع أبا عبد الله عليهالسلام.
٦٨٠ ـ بشير بن
جذلم يدخل المدينة وينعى الحسين عليهالسلام :
(المصدر نفسه)
قال بشير : فركبت
فرسي وركضت ، حتى دخلت المدينة. فلما بلغت مسجد النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم رفعت صوتي بالبكاء ، وأنشأت أقول :
يا أهل يثرب لا
مقام لكم بها
|
|
قتل الحسين
فأدمعي مدرار
|
الجسم منه
بكربلاء مضرّج
|
|
والرأس منه على
القناة يدار
|
(قال) ثم قلت : هذا علي بن الحسين عليهالسلام مع عماته وأخواته ، قد حلّوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم ،
وأنا رسوله إليكم أعرّفكم مكانه.
قال : فما بقيت في
المدينة مخدّرة ولا محجّبة إلا برزن من خدورهن ، مكشوفة شعورهن ، مخمشة وجوههن ،
ضاربات خدودهن ، يدعون بالويل والثبور. فلم أر باكيا أكثر من ذلك اليوم ، ولا يوما
أمرّ
على المسلمين منه.
٦٨١ ـ جارية تنوح
على الحسين عليهالسلام : (المصدر نفسه)
قال بشير : وسمعت
جارية تنوح على الحسين عليهالسلام فتقول :
نعى سيدي ناع
نعاه فأوجعا
|
|
وأمرضني ناع
نعاه فأفجعا
|
فعينيّ جودا
بالدموع واسكبا
|
|
وجودا بدمع بعد
دمعكما معا
|
على من دهيعرش
الجليل فزعزعا
|
|
فأصبح هذا المجد
والدين أجدعا
|
على ابن نبي
الله وابن وصيه
|
|
وإن كان عنا
شاحط الدار أشثعا
|
ثم قالت : أيها
الناعي ، جدّدت حزننا بأبي عبد الله عليهالسلام ، وخدشت منا قروحا لمّا تندمل. فمن أنت رحمك الله؟.
فقلت : أنا بشير
بن جذلم ، وجّهني مولاي علي بن الحسين عليهالسلام ، وهو نازل في موضع كذا وكذا ، مع عيال أبي عبد الله
الحسين عليهالسلام ونسائه.
قال بشير :
فتركوني مكاني وبادروني ، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم ، فوجدت الناس قد أخذوا الطرق
والمواضع. فنزلت عن فرسي ، وتخطيت رقاب الناس حتى قربت من باب الفسطاط [أي خيمة
زين العابدين عليهالسلام].
خطبة زين العابدين عليهالسلام في أهل المدينة
وكان علي بن
الحسين عليهالسلام داخلا (الفسطاط) فخرج ، ومعه خرقة يمسح بها دموعه ، وخلفه
خادم معه كرسي ، فوضعه له وجلس عليه ، وهو لا يتمالك عن العبرة. وارتفعت أصوات
الناس بالبكاء ، وحنين النسوان والجواري ، والناس يعزّونه من كل ناحية. فضجّت تلك
البقعة ضجّة شديدة.
٦٨٢ ـ خطبة الإمام
زين العابدين عليهالسلام في أهل المدينة :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٤٨٦)
فأومأ [الإمام زين
العابدين عليهالسلام] إلى الناس أن اسكتوا ، فلما سكنت فورتهم قالعليهالسلام :
الحمد لله ربّ
العالمين ، الرحمن الرحيم ، مالك يوم الدّين ، بارئ الخلائق أجمعين ، الّذي بعد
فارتفع في السموات العلى ، وقرب فشهد النجوى. نحمده على عظائم الأمور ، وفجائع
الدهور ، وألم الفجائع ، ومضاضة اللواذع ، وجليل الرّزء ، وعظيم المصائب ، الفاظعة الكاظّة ،
الفادحة الجائحة .
أيها القوم ، إن
الله تعالى ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصائب جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قتل
أبو عبد الله الحسين عليهالسلام وعترته ، وسبيت نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ،
من فوق عامل السنان . وهذه الرزيّة التي لا مثلها رزيّة.
__________________
أيها الناس ، فأيّ
رجالات منكم يسرّون بعد قتله؟!. أم أي فؤاد لا يحزن من أجله؟. أم أية عين منكم
تحبس دمعها ، وتضنّ عن انهمالها؟. فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار
بأمواجها ، والسموات بأركانها ، والأرض بأرجائها ، والأشجار بأغصانها ، والحيتان
في لجج البحار ، والملائكة المقرّبون ، وأهل السموات أجمعون.
أيها الناس ، أي
قلب لا ينصدع لقتله؟!. أم أي فؤاد لا يحنّ إليه؟. أم أي سمع يسمع بهذه الثلمة التي
ثلمت في الإسلام ولا يصمّ؟.
أيها الناس ،
أصبحنا مشردين مطرودين ، مذودين شاسعين عن الأمصار ، كأنا أولاد ترك وكابل ، من
غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ولا ثلمة في الإسلام ثلمناها. ما سمعنا
بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلا اختلاق. والله لو أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم تفدّم إليهم في قتالنا كما تقدّم إليهم في الوصاية بنا ،
لما زادوا على ما فعلوا بنا. فإنا لله وإنا إليه راجعون ، من مصيبة ما أعظمها
وأوجعها وأفجعها وأكظّها وأفظّها وأمرّها وأفدحها ، فعند الله نحتسب ما أصابنا ،
وما بلغ بنا ، فإنه عزيز ذو انتقام.
قال الراوي : فقام
إليه صوحان بن صعصعة بن صوحان العبدي ، وكان زمنا ، فاعتذر إليه بما عنده من زمانة
رجليه . فأجابه عليهالسلام بقول عذره وحسّن الظن فيه ، وشكر له وترحّم على أبيه.
دخول المدينة
٦٨٣ ـ حال المدينة
عند دخول الإمام زين العابدين عليهالسلام :
(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٤١٠)
في (الدمعة
الساكبة) و (المعدن) وغيرهما ، عن بعض المقاتل : لما دخل زين العابدين عليهالسلام المدينة ، بعدما رجعوا من كربلاء ، ومعه عماته وأخواته ،
كان اليوم يوم الجمعة ، والخاطب يخطب.
فلما سمعن
الهاشميات ، تجددت عليهن الأحزان والمصائب ، وارتفعت بالبكاء
__________________
أصواتهن ، وشققن
الجيوب ، ولطمن الخدود ، ونشرن الشعور. فانقلبت المدينة بأهلها ، وحلّ فيها الرجف
والزلازل ، لكثرة النوح والعويل ، من المهاجرين والأنصار. ولقد كان ذلك اليوم أشدّ
من يوم مات فيه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وكان الوليد بن
عتبة والي المدينة على المنبر ، فسمع الصياح ، فقال :
ما الخبر؟. قيل له
: هذا صياح الهاشميات. وجرت دموعه على خديه ، ونزل عن المنبر ودخل منزله.
٦٨٤ ـ نعي أم
كلثوم عليهالسلام :
(وسيلة الدارين ، ص ٤٠٩ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٩٩ ط ٢)
وأما أم كلثوم [بنت
الإمام علي عليهالسلام] ، فحين توجهت إلى المدينة جعلت تبكي وتقول :
مدينة جدّنا لا
تقبلينا
|
|
فبالحسرات
والأحزان جينا
|
ألا فاخبر رسول
الله عنا
|
|
بأنا قد فجعنا
في أخينا
|
وأن رجالنا في
الطف صرعى
|
|
بلا روس وقد
ذبحوا البنينا
|
وأخبر جدّنا أنا
أسرنا
|
|
وبعد الأسر يا
جدّ سبينا
|
ورهطك يا رسول
الله أضحوا
|
|
عرايا بالطفوف
مسلّبينا
|
وقد ذبحوا
الحسين ولم يراعوا
|
|
جنابك يا رسول
الله فينا
|
فلو نظرت عيونك
للأسارى
|
|
على قتب الجمال
محمّلينا
|
رسول الله بعد
الصونصارت
|
|
عيون الناس
ناظرة إلينا
|
وكنت تحوطنا حتى
تولّت
|
|
عيونك ثارت
الأعدا علينا
|
أفاطم لو نظرت
إلى السبايا
|
|
بناتك في البلاد
مشتّتينا
|
أفاطم لو نظرت
إلى الحيارى
|
|
ولو أبصرت زين
العابدينا
|
أفاطم لو
رأيتينا سهارى
|
|
ومن سهر الليالي
قد عمينا
|
أفاطم ما لقيت
من عداك
|
|
ولا قيراط مما
قد لقينا
|
فلو دامت حياتك
لم تزالي
|
|
إلى يوم القيامة
تندبينا
|
وعرّج بالبقيع
وقف وناد
|
|
أأين حبيب ربّ
العالمينا
|
وقل يا عمّ يا
الحسن المزكّى
|
|
عيال أخيك أضحوا
ضائعينا
|
أيا عماه إن
أخاك أضحى
|
|
بعيدا عنك
بالرمضا رهينا
|
بلا رأس تنوح
عليه جهرا
|
|
طيور والوحوش
الموحشينا
|
ولو عاينت يا
مولاي ساقوا
|
|
حريما لا يجدن
لهم معينا
|
على متن النياق
بلا وطاء
|
|
وشاهدت العيال
مكشّفينا
|
* * *
مدينة جدّنا لا
تقبلينا
|
|
فبالحسرات
والأحزان جينا
|
خرجنا منك
بالأهلين طرّا
|
|
رجعنا لا رجال
ولا بنينا
|
وكنا في الخروج
بجمع شمل
|
|
رجعنا حاسرين
مسلّبينا
|
وكنا في أمان
الله جهرا
|
|
رجعنا بالقطيعة
خائفينا
|
ومولانا الحسين
لنا أنيس
|
|
رجعنا والحسين
به رهينا
|
ونحن السائرات
على المطايا
|
|
نشال على جمال
المبغضينا
|
ونحن بنات حيدرة
وطه
|
|
ونحن الباكيات
على أبينا
|
ونحن الطاهرات
بلا خفاء
|
|
ونحن المخلصون
المصطفونا
|
ونحن الصابرات
على البلايا
|
|
ونحن الصادقون الناصحونا
|
ألا يا جدنا
قتلوا حسينا
|
|
ولم يرعوا جناب
الله فينا
|
ألا يا جدنا
بلغت عدانا
|
|
مناها واشتفى
الأعداء فينا
|
لقد هتكوا
النساء وحمّلوها
|
|
على الأقتاب
قهرا أجمعينا
|
وزينب أخرجوها
من خباها
|
|
وفاطم واله تبدي
الأنينا
|
سكينة تشتكي من
حرّ وجد
|
|
تنادي الغوث ربّ
العالمينا
|
وزين العابدين
بقيد ذلّ
|
|
وراموا قتله أهل
الخؤونا
|
فبعدهم على
الدنيا تراب
|
|
فكأس الموت فيها
قد سقينا
|
وهذي قصتي مع
شرح حالي
|
|
ألا يا سامعون
ابكوا علينا
|
٦٨٥ ـ حال زينب العقيلة عليهالسلام : (وسيلة الدارين ، ص ٤١٠)
في (البحار) :
وأما فخر المخدرات زينب عليهالسلام ، فلما دخلت المدينة ، ووقع طرفها على قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صرخت وبكت وأخذت بعضادتي باب المسجد ، ونادت : يا جداه ،
إني ناعية إليك أخي الحسين عليهالسلام. وهي مع ذلك لا تجفّ لها عبرة ، ولا تفتر من البكاء
والنحيب. وكلما نظرت إلى علي ابن الحسين عليهالسلام تجدد حزنها وزاد وجدها.
٦٨٦ ـ منازل
المدينة تنعى أهلها :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٨٥)
قال السيد في (اللهوف)
: ثم إن علي بن الحسين عليهالسلام دخل إلى المدينة بأهله وعياله ، ونظر إلى منازل قومه
ورجاله ، فوجد تلك المنازل تنوح بلسان أحوالها ، وتبوح بإعلان الدموع وإرسالها ،
لفقد حماتها ورجالها ، وتندب عليهم ندب الثواكل ، وتسأل عنهم أهل المناهل ، وتهيّج
أحزانه على مصارع قتلاه ، وتنادي لأجلهم وا ثكلاه ، وتقول : يا قومي اعذروني على
النياحة والعويل ، وساعدوني على المصاب الجليل ... فلو كنتم هناك لشجاكم سماع تلك
الواعية النازلة ، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة.
ولقد أحسن [ابن
قتّة] وقد بكى على تلك المنازل حيث قال :
مررت على أبيات
آل محمّد
|
|
فلم أر أمثالا
لها يوم حلّت
|
فلا يبعد الله
الديار وأهلها
|
|
وإن أصبحت عنهم
برغم تخلّت
|
وإن قتيل الطفّ
من آل هاشم
|
|
أذلّ رقاب
المسلمين فذلّت
|
ندب الحسين عليهالسلام
في المدينة
٦٨٧ ـ ندب الحسين عليهالسلام في المدينة :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦ ؛ والمنتخب للطريحي ، ص ٤٧ ط ٢)
قالوا : ولما دخل
حرم الحسين عليهالسلام المدينة ، عجّت نساء بني هاشم ، وصاحت المدينة صيحة واحدة.
قال الطريحي :
مصاب أبكى فاطمة البتول ، وأحزن قلب المصطفى الرسول. مصاب بكت عليه السماء دما ،
وأقيم له فوق الطباق مأتما.
فوا أسفاه على ما
تجرّعوه من الحتوف ، ومرارات حرّ السيوف. أفيعذر أحد من ذوي الألباب ، في ترك
الحزن والاكتئاب ، على جليل المصاب.
٦٨٨ ـ تعزية عبد
الله بن جعفر رضي الله عنه : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٦)
وجلس عبد الله بن
جعفر للتعزية. فدخل عليه مولاه (أبو اللسلاس) ، فقال : هذا ما لقينا من الحسين!.
فحذفه عبد الله بنعله ، وقال : يابن اللخناء ، أللحسين تقول
هذا؟. والله لو
شهدته لأحببت أن أقتل دونه ، وإني لأشكر الله الّذي وفّق ابنيّ عونا ومحمدا معه ،
إذ لم أكن وفّقت.
٦٨٩ ـ خروج أم
سلمة لاستقبال السبايا :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٣)
قال الراوي :
فخرجت أم سلمة من الحجرة الطاهرة ، وفي إحدى يديها القارورة ، وقد صارت التربة
فيها دما ، وقد أخذت بالأخرى يد فاطمة العليلة بنت الحسين عليهالسلام. ثم رحلوا إلى المدينة.
٦٩٠ ـ ندب أم
لقمان بنت عقيل رضي الله عنها :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٧٧ ط ٢ نجف)
قال أبو مخنف :
فسمعت أم لقمان [زينب] بنت عقيل صراخ زينب وأم كلثومعليهالسلام وباقي النسوة ، فخرجت حاسرة ومعها أترابها : أم هاني ورملة
وأسماء بنات علي عليهالسلام ، وهي تصيح : وا حسيناه!. وا إخوتاه!. وا أهلاه!.
وا محمداه!. ثم
قالت :
ماذا تقولون إذ
قال النبي لكم
|
|
ماذا فعلتم
وأنتم آخر الأمم
|
بأهل بيتي
وأولادي ، أما لكم
|
|
عهد ، أما أنتم
توفون بالذمم
|
ذريّتي وبنو عمي
بمضيعة
|
|
منهم أسارى
وقتلى ضرّجوا بدم
|
ما كان هذا
جزائي إذ نصحت لكم
|
|
أن تخلفوني بسوء
في ذوي رحمي
|
٦٩١ ـ ندب فاطمة بنت عقيل رضي الله
عنها :
(ينابيع المودة ،
ج ٢ ص ١٥٦)
وقالت فاطمة بنت
عقيل بن أبي طالب عليهالسلام ترثيه :
عينيّ بكيّ
بعبرة وعويل
|
|
واندبي إن ندبت
آل الرسول
|
تسعة كلهم لصلب
عليّ
|
|
قد أصيبوا وخمسة
لعقيل
|
وأوردهما ابن عبد
البر في (الإستيعاب).
٦٩٢ ـ حزن وحداد
الهاشميات :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٥)
وفي (نفس المهموم)
عن (دعائم الإسلام) عن جعفر الصادق عليهالسلام أنه نيح على الحسين بن علي عليهالسلام سنة كاملة كل يوم وليلة.
وفيه أيضا : أنه
لما قتل الحسين عليهالسلام لبست نساء بني هاشم السواد والمسوح ، نائحات الليل والنهار
، والإمام السجّاد يعمل لهن الطعام .
وفي حديث الإمام
الصادق عليهالسلام : ما اختضبت هاشمية ولا ادّهنت ولا أجيل مرود [وهو الميل
يكتحل به] في عين هاشمية خمس حجج [أي سنين] ، حتى بعث المختار برأس عبيد الله بن
زياد.
٦٩٣ ـ بكاء الإمام
السجّاد عليهالسلام على أبيه الحسين عليهالسلام أربعين سنة :
(اللهوف على قتلى الطفوف لابن طاووس ، ص ٨٧)
روي عن الإمام
الصادق عليهالسلام أنه قال :
كان زين العابدين عليهالسلام بكى على أبيه أربعين سنة ، صائما نهاره قائما ليله ؛ فإذا
أحضر الإفطار ، وجاء غلامه بطعامه وشرابه ، فيضعه بين يديه ، فيقول : كل يا مولاي
، فيقول : قتل ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عطشانا. فلا يزال يكرر ذلك ويبكي ، حتى يبتلّ طعامه من
دموعه ، ثم يمزج شرابه بدموعه. فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عزوجل.
٦٩٤ ـ حزن الإمام
زين العابدين عليهالسلام على أبيه :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٢٤)
قال الإمام الباقر
عليهالسلام : كان أبي زين العابدين عليهالسلام علي بن الحسين عليهالسلام إذا حضرت الصلاة ، يقشعرّ جلده ويصفرّ لونه ، وترتعد
فرائصه ويقف شعره ، ويقول ودموعه تجري على خديه : لو علم العبد من يناجي ما انفتل [أي
ما ترك الصلاة].
وبرز يوما إلى
الصحراء ، فتبعه مولى له ، فوجده قد سجد على حجارة خشنة.
قال مولاه : فوقفت
حيث أسمع شهيقه وبكاءه ، فو الله لقد أحصيت عليه ألف مرة وهو يقول : " لا إله
إلا الله حقّا حقا ، لا إله إلا الله تعبّدا ورقّا ، لا إله إلا الله إيمانا
وصدقا". ثم رفع رأسه من سجوده ، وإن لحيته ووجهه قد غمرا بالماء من دموع
عينيه. فقال له مولاه : يا سيدي ، أما آن لحزنك أن ينقضي ، ولبكائك أن يقلّ؟!.
فقال له عليهالسلام : ويحك إن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم كان نبيا ابن نبي وله
اثنا عشر ابنا ، فغيّب الله تعالى واحدا منهم ، فشاب رأسه من الحزن ،
__________________
واحدودب ظهره من
الغم ، وذهب بصره من البكاء ، وابنه حيّ في دار الدنيا. وأنا رأيت أبي وأخي وسبعة
وعشرين من أهل بيتي صرعى مقتولين ؛ فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!.
ولقد نسب إلى
الإمام زين العابدين عليهالسلام هذه الأبيات :
نحن بنو المصطفى
ذوو غصص
|
|
يجرّعها في
الأنام كاظمنا
|
عظيمة في الأنام
محنتنا
|
|
أوّلنا مبتلى
وآخرنا
|
يفرح هذا الورى
بعيدهم
|
|
ونحن أعيادنا
مآتمنا
|
والناس في الأمن
والسرور ولا
|
|
يأمن طول الزمان
خائفنا
|
وما خصصنا به من
الشرف
|
|
الطائل بين
الأنام آفتنا
|
يحكم فينا ـ والحكم
فيه لنا ـ
|
|
جاحدنا حقّنا
وغاصبنا
|
٦٩٥ ـ أول من رثى الحسين عليهالسلام شعرا على قبره الشريف :
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٥٤)
قال العلامة
الأمين في (أعيان الشيعة) : وينبغي أن يكون أول من رثى الحسينعليهالسلام سليمان بن قتّة العدوي التيمي مولى بني تيم بن مرة [توفي
بدمشق سنة ١٢٦ ه] ، وكان سليمان منقطعا إلى بني هاشم. وقيل (قتّة) اسم أمه ، وأما
أبوه فاسمه حبيب المحاربي ، وهو تابعي مشهور.
٦٩٦ ـ قصيدة
سليمان بن قتّة في رثاء الحسين عليهالسلام :
(تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص بالحسين ، ص ٣٠١)
مرّ سليمان بن
قتّة بكربلاء بعد مقتل الحسين عليهالسلام بثلاثة أيام ، فنظر إلى مصارع الشهداء ، واتكأ على فرس له
عربية ، وأنشأ يقول :
مررت على أبيات
آل محمّد
|
|
فلم أرها
أمثالها يوم حلّت
|
وكانوا لنا غنما
فصاروا رزيّة
|
|
لقد عظمت تلك
الرزايا فجلّت
|
فلا يبعد الله
الديار وأهلها
|
|
وإن أصبحت منهم
برغم تخلّت
|
إذا افتقرت قيس
جبرنا فقيرها
|
|
وتقتلنا قيس إذا
النّعل زلّت
|
وعند غنيّ. قطرة
من دمائنا
|
|
سنطلبهم يوما
بها حيث ولّت
|
ألم تر أن الشمس
أضحت مريضة
|
|
لفقد حسين
والبلاد اقشعرّت
|
وقد أعولت تبكي
السماء لفقده
|
|
وأنجمها ناحت
عليه وصلّت
|
وإن قتيل الطفّ
من آل هاشم
|
|
أذلّ رقاب
المسلمين فذلّت
|
فإن تبتغوه عائذ
البيت تفضحوا
|
|
كعاد تعمّت عن
هداها فضلّت
|
وهذه الأبيات ذكرها
العلامة المجلسي في (البحار) ، كما ذكرها أبو الفرج الإصفهاني في (مقاتل الطالبيين)
، وكذلك ابن شهر اشوب والخوارزمي ، فراجع.
الفصل الحادي والثلاثون
مراقد الحسين وأهل البيت عليهمالسلام وتراجمهم
يتضمن هذا الفصل
المواضيع التالية :
(١) ـ مرقد الإمام الحسين عليهالسلام
في كربلاء :
ـ ما جاء حول
القبر الشريف
ـ فضل زيارة
الحسين عليهالسلام
ـ فضل تربة الحسين
عليهالسلام ـ فضل السجود على التربة الحسينية
ـ الحائر الحسيني
ـ الحرم الحسيني
ـ مشهد الإمام
الحسين عليهالسلام والكتابات المدوّنة عليه
ـ عمارة قبر
الحسين عليهالسلام :
ـ العمارة الأولى
:
ـ هدم الرشيد لقبر
الحسين عليهالسلام
ـ العمارة الثانية
: عمارة المأمون
ـ هدم المتوكل
لقبر الحسين عليهالسلام
ـ العمارة الثالثة
: عمارة المنتصر
(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباس عليهالسلام
(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهالسلام
في دمشق :
١ ـ مشهد رأس
الحسين عليهالسلام
٢ ـ مرقد الطفلة
رقية عليهالسلام
٣ ـ مشهد رؤوس
الشهداء عليهالسلام
٤ ـ مرقد السيدة
سكينة بنت الحسين عليهالسلام
ـ ترجمة سكينة عليهالسلام
ـ الدفاع عن سكينة
عليهالسلام
ـ ترجمة فاطمة
الصغرى بنت الحسين عليهالسلام
٥ ـ مقام السيدة
أم كلثوم بنت علي عليهالسلام وترجمتها
٦ ـ مقام فاطمة
بنت الحسين عليهالسلام وترجمتها
٧ ـ مرقد السيدة
زينب الكبرى العقيلة بنت الإمام علي عليهالسلام
ـ ضريح زينب عليهالسلام ووصف قفصها
ـ ترجمة العقيلة
زينب الكبرى عليهالسلام
(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر
(٥) ـ سيرة الإمام زين العابدين عليهالسلام
:
ـ والدته عليهالسلام
ـ ترجمته عليهالسلام
الفصل الحادي
والثلاثون
مراقد الحسين وأهل
البيت عليهمالسلام
[وتراجمهم]
مقدمة الفصل :
آثرنا بعد أن
انتهينا من ذكر الحسين عليهالسلام وأهله في نهضتهم المباركة ، أن نعقد فصلا عن مراقدهم
الكريمة ومقاماتهم العظيمة ؛ بادئين بمرقد الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء : قدسيته وحدوده ، وفضل زيارته ، وشرافة تربته.
حيث نفرّق بين حدود الحائر وحدود الحرم وحدود كربلاء. ثم نذكر العمارات التي جرت
على المشهد الشريف.
ثم ننتقل إلى بيان
المشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهالسلام في دمشق ؛ ومنها مشهد رأس الحسين عليهالسلام في القسم الشرقي من المسجد الجامع ، ومرقد السيدة رقيّة عليهالسلام قرب باب الفراديس (العمارة) أحد أبواب دمشق الواقع شمال
المسجد الجامع. ثم عدة مشاهد في مقبرة باب الصغير (الستّات) ؛ منها مشهد رؤوس
الشهداء عليهالسلام ، ومقام السيدتين سكينة بنت الحسين عليهالسلام وعمتها السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام علي عليهالسلام. ثم مرقد السيدة زينب العقيلة بنت الإمام علي عليهالسلام في قرية راوية على بعد ١٠ كم جنوبي دمشق.
ويزخر هذا الفصل
أيضا بذكر تراجم بعض السادات الشريفات من أهل البيت عليهالسلام ، اللواتي كان لهن شأن في مسيرة كربلاء ، ومنهم السيدة
رقيّة عليهالسلام والسيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام ، وأختها السيدة فاطمة الصغرى عليهاالسلام.
ثم السيدة أم كلثوم
زينب الصغرى بنت الإمام علي عليهالسلام وأختها السيدة زينب الكبرى عقيلة بني هاشم عليهالسلام.
وننهي الفصل
بترجمة الإمام زين العابدين وسيّد الساجدين علي بن الحسين عليهالسلام.
(١) ـ مرقد الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء
٦٩٧ ـ فضل قبر
الحسين عليهالسلام :
قال الطريحي في (المنتخب)
ص ٧٠ : روي عن اسحق بن عمار عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : «ما بين قبر الحسين عليهالسلام إلى السماء السابعة ، مختلف الملائكة». [المختلف : هو مكان
الاختلاف ، أي الترددد والزيارة].
وقال محمّد حسين
الأعلمي في (دائرة المعارف) ص ١٨٥ :
وفي (كامل الزيارة)
عن الصادق عليهالسلام قال : «موضع قبر الحسين عليهالسلام منذ دفن فيه ، روضة من رياض الجنة ، وترعة من ترع الجنة».
٦٩٨ ـ تحديد موضع
القبر الشريف : (المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)
عن اسحق بن
إسماعيل أنه قال : سمعت من الإمام الصادق عليهالسلام يقول : إن لموضع قبر الحسين عليهالسلام حرمة معروفة ، من عرفها واستجار بها أجير. فقلت : يا مولاي
فصف لي موضعها جعلت فداك!. فقال عليهالسلام : امسح [من المساحة] من موضع قبره الآن خمسة وعشرين ذراعا
من ناحية رأسه ، ومن ناحية رجليه كذلك ، وعن يمينه كذلك وعن شماله. واعلم أن ذلك
روضة من رياض الجنة ، ومنه معراج الملائكة ، تعرج فيه إلى السماء بأعمال زواره.
وليس ملك في السموات ولا في الأرض إلا وهم يسألون الله عزوجل في زيارة قبر الحسين عليهالسلام ، ففوج منهم ينزل وفوج يعرج إلى يوم القيامة.
زيارة الحسين عليهالسلام وفضلها
٦٩٩ ـ زيارة
الحسين عليهالسلام من أحب الأعمال إلى الله :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٨)
عن الصادق عليهالسلام قال : من أحبّ الأعمال إلى الله زيارة قبر الحسين عليهالسلام ، وأفضل الأعمال عند الله إدخال السرور على قلب المؤمن ،
وأقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد باك.
٧٠٠ ـ فضل من زار
الحسين عليهالسلام عارفا بحقه :
في (مناقب آل أبي
طالب) لابن شهر اشوب ، ج ٣ ص ٢٧٢ : عن الإمام
الكاظم عليهالسلام : من زار قبر الحسين عليهالسلام عارفا بحقه ، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر.
وفي (فرائد
السمطين) للجويني ، ج ٢ ص ١٧٤ : سئل الإمام جعفر الصادقعليهالسلام عن زيارة قبر الحسين عليهالسلام ، فقال : أخبرني أبي قال : من زار قبر الحسين بن علي عليهالسلام عارفا بحقه ، كتبه الله في علّيين.
ثم قال عليهالسلام : إن حول قبر الحسين عليهالسلام سبعين ألف ملك شعثا غبرا ، يبكون عليه إلى أن تقوم الساعة.
وفي (المنتخب)
للطريحي ، ص ١٩٥ : قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعائشة : يا عائشة من أراد الله به الخير قذف في قلبه محبة
الحسين عليهالسلام وحبّ زيارته ، ومن زار الحسين عليهالسلام عارفا بحقه ، كتبه الله في أعلى عليّين ، مع الملائكة
المقرّبين.
٧٠١ ـ فضل زيارة
الحسين عليهالسلام :
(مزار البحار للمجلسي ، ج ١٠١ ص ١ ـ ٣ ط ٢)
في (أمالي الصدوق)
ص ١٤٣ ، عن محمّد بن مسلم عن أبي جعفر
[الباقر] عليهالسلام قال : مروا شيعتنا بزيارة الحسين بن علي عليهالسلام ، فإن زيارته تدفع الهدم والغرق والحرق وأكل السبع ،
وزيارته مفترضة على من أقرّ للحسين عليهالسلام بالإمامة من الله عزوجل.
وفي (كامل
الزيارات) ص ١٥٠ : وعنه عليهالسلام قال : مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين بن علي عليهالسلام ، فإن إتيانه يزيد في الرزق ، ويمدّ في العمر ، ويدفع
مدافع السوء ، وإتيانه مفروض على كل مؤمن يقرّ للحسين عليهالسلام بالإمامة من الله.
وفي (كامل
الزيارات) ص ١٢٢ ، عن عبد الرحمن بن كثير مولى أبي جعفر ، قال الصادق عليهالسلام : لو أن أحدكم حجّ دهره ، ثم لم يزر الحسين بن علي عليهالسلام ، لكان تاركا حقا من حقوق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأن حق الحسين عليهالسلام فريضة من الله ، واجبة على كل مسلم.
٧٠٢ ـ الإخلاص في
زيارة الحسين عليهالسلام :
(كامل الزيارات ، ص ١٤٣)
عن محمّد بن مسلم (قال)
قلت لأبي عبد الله الصادق عليهالسلام : ما لمن أتى قبر الحسين عليهالسلام؟. قال : من أتى قبر الحسين عليهالسلام شوقا إليه ، كان من عباد الله
المكرمين ، وكان
تحت لواء الحسين بن علي عليهالسلام حتى يدخلهما الله جميعا الجنة.
وعن سدير الصيرفي
، قال أبو جعفر عليهالسلام : ما أتى (الحسين) عبد فخطا خطوة ، إلا كتبت له حسنة ،
وحطّت عنه سيئة.
٧٠٣ ـ فضل زيارة
الحسين عليهالسلام وثوابها :
(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨١ و ٨٢ و ٧٦ و ٧٧)
عن (الخصائص
الحسينية) للتستري ، وفي الروايات الصحيحة : لو يعلم الناس ما في زيارة الحسين عليهالسلام من الفضل لماتوا شوقا إليه ، وتقطّعت أنفسهم عليه حسرات. ولو
علموا فضلها لأتوه حبوا من أقصى البلدان.
وفي (الخصائص) عن
الصادق عليهالسلام قال : إذا كان يوم القيامة ، نادى مناد : أين زوّار الحسين
بن علي عليهالسلام؟. فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله ، فيقول لهم :
ماذا أردتم بزيارة قبر الحسين عليهالسلام؟. فيقولون : يا رب حبا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولعلي ولفاطمة عليهالسلام ، ورحمة له بما ارتكب منه. فيقال لهم : هذا محمّد وعلي
وفاطمة والحسن والحسين ـ صلوات الله عليهم ـ فالحقوا بهم ، فأنتم معهم في درجتهم ،
الحقوا بلواء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فيكونون في ظله ، وهو في يد علي عليهالسلام ، فيكونون أمام اللواء وعن يمينه وعن يساره ومن خلفه ،
ويباهي الله بهم حملة عرشه وملائكته المقربين ، ويقول : ألا ترون زوار قبر الحسين عليهالسلام أتوه شوقا؟!.
وفي (البحار) عن
حنّان بن سدير عن أبيه ، قال الصادق عليهالسلام : يا سدير تزور قبر الحسين عليهالسلام في كل يوم؟. قلت : لا. قال : ما أجفاكم!. فتزوره في كل شهر؟.
قلت: لا. قال : أفتزوره في كل سنة؟. قلت : قد يكون ذلك. قال عليهالسلام : يا سدير ، ما أجفاكم بالحسين عليهالسلام!. أما علمت أن لله ألف ألف ملك شعث غبر يبكون ، فيزورون لا
يفترون؟. وعليك يا سدير أن تزور قبر الحسين عليهالسلام في [يوم] الجمعة خمس مرات ، وفي كل يوم مرة. قلت : جعلت
فداك ، بيننا وبينه فراسخ كثيرة. قال لي : اصعد فوق سطحك ، ثم تلتفت يمنة ويسرة ،
ثم ترفع رأسك إلى السماء ، ثم تنحو نحو القبر ، وتقول : السلام عليك يا أبا عبد
الله ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته ؛ يكتب لك بكل زيارة حجة وعمرة.
وفي (كامل الزيارة)
قال : إن الحسين عليهالسلام صاحب كربلا ، قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا ، فآلى الله
عزوجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان ولا مكروب ولا مذنب ولا مغموم
ولا عطشان ولا من به عاهة ، ثم دعا عنده ، وتقرّب بالحسين بن علي عليهالسلام إلى الله عزوجل ، إلا نفّس الله كربته ، وأعطاه مسألته ، وغفر ذنبه ، ومدّ
في عمره ، وبسط في رزقه. فاعتبروا يا أولي الأبصار.
٧٠٤ ـ الإمام
الصادق عليهالسلام يستغفر لزوّار الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢١)
روى معاوية بن وهب
قال : دخلت يوم عاشوراء إلى دار إمامي جعفر الصادق عليهالسلام فرأيته ساجدا في محرابه ، فجلست من ورائه حتى فرغ ، فأطال
في سجوده وبكائه ، فسمعته يناجي ربه وهو ساجد ، وهو يقول : الله م يا من خصّنا بالكرامة
ووعدنا الشفاعة وحمّلنا الرسالة ، وجعلنا ورثة الأنبياء ، وختم بنا الأمم السالفة
، وخصّنا بالوصية ، وأعطانا علم ما مضى وما بقي ، وجعل الأفئدة من الناس تهوي
إلينا ؛ اغفر الله م لإخواني ولزوّار أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، الذين أنفقوا أموالهم في حبه ، وشخصوا أبدانهم رغبة في
برّنا ، ورجاء لما عندك في صلتنا ، وسرورا أدخلوه على نبيّك محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإجابة منهم لأمرنا ، وغيظا أدخلوه على عدونا ، وأرادوا
بذلك رضوانك. الله م فكافهم عنا بالرضوان ، واكلأهم بالليل والنهار ، واخلفهم في
أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا أحسن الخلف ، واكفهم شرّ كل جبار عنيد ، وكل ضعيف من
خلقك وشديد ، وشرّ شياطين الإنس والجن ، واعطهم أفضل ما أمّلوه منك في غربتهم عن
أوطانهم ، وما آثرونا به على أبنائهم وأهاليهم وأقربائهم. الله م إن أعداءنا عابوا
عليهم خروجهم ، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا ، خلافا منهم على من
خالفنا. فارحم تلك الوجوه التي غيّرتها الشمس ، وارحم تلك الخدود التي تقلّبت على
قبر أبي عبد الله الحسين عليهالسلام ، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا ، وارحم تلك
القلوب التي حزنت لأجلنا واحترقت بالحزن ، وارحم تلك الصرخة التي كانت لأجلنا.
اللهم إني أستودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان ، حتى ترويهم من الحوض يوم العطش
الأكبر وتدخلهم الجنة ، وتسهّل عليهم في يوم الحساب ، إنك أنت الكريم الوهّاب.
قال ابن وهب : فما
زال الإمام الصادق عليهالسلام يدعو لأهل الإيمان ولزوار قبر الحسين عليهالسلام وهو ساجد في محرابه. فلما رفع رأسه أتيت إليه وسلّمت عليه
، وتأمّلت وجهه ، وإذا هو كاسف اللون ، متغيّر الحال ، ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر
على خديه كاللؤلؤ الرطب. فقلت : يا سيدي مم بكاؤك لا أبكى الله لك عينا ، وما
الّذي حلّ بك؟. فقال لي : أو في غفلة أنت عن هذا اليوم؟. أما علمت أن جدي الحسين عليهالسلام قد قتل في مثل هذا اليوم!. فبكيت لبكائه وحزنت لحزنه.
فقلت له : يا سيدي
فما الّذي أفعل في مثل هذا اليوم؟. فقال لي : يابن وهب زر الحسين عليهالسلام من بعيد أقصى ومن قريب أدنى ، وجدّد الحزن عليه ، وأكثر
البكاء والشجون له. فقلت : يا سيدي ، لو أن الدعاء الّذي سمعته منك وأنت ساجد ،
كان كمن لا يعرف الله تعالى ، لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا. والله لقد تمنيت
أني كنت زرته قبل أن أحج. فقال لي : فما الّذي يمنعك من زيارته يابن وهب ، ولم تدع
ذلك؟. فقلت : جعلت فداك ، لم أدر أن الأجر يبلغ ذلك كله ، حتى سمعت دعاءك لزوّاره.
فقال لي : يابن
وهب ، إن الّذي يدعو لزواره في السماء ، أكثر ممن يدعو لهم في الأرض ، فإياك أن
تدع زيارته لخوف من أحد ، فمن تركها لخوف رأى الحسرة والندم ، حتى أنه يتمنى أن
قبره نبذه.
يابن وهب ، أما
تحبّ أن يرى الله شخصك ، أما تحب أن تكون غدا ممن رأى وليس عليه ذنب يتبع به ، أما
تحب أن تكون غدا ممن يصافحه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم القيامة؟.
قال : وبكى الصادق
عليهالسلام حتى اخضلّت لحيته بدموعه ، ولم يزل حزينا كئيبا طول يومه ذلك
، وأنا معه أبكي لبكائه وأحزن لحزنه.
٧٠٥ ـ قصة الّذي
كان يقول بأن زيارة الحسين عليهالسلام بدعة ، ثم اهتدى :
(معالي السبطين للمازندراني ج ١ ص ٨٩ ؛ والمنتخب للطريحي ص ١٩٥)
في (البحار) عن
سليمان الأعمش أنه قال : كنت نازلا بالكوفة ، وكان لي جار كنت أحضر عنده الليالي ،
وأجلس عنده وأحدّثه ويحدثني. فأتيت إليه ليلة الجمعة ، فقلت له : يا هذا ، ما تقول
في زيارة قبر الحسين عليهالسلام؟. فقال لي : هي بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في
النار.
قال سليمان : فقمت
من عنده ، وقد امتلأت غيظا عليه. فقلت في نفسي : إذا كان وقت السحر آتيه وأحدثه
شيئا من فضائل الحسين عليهالسلام وزيارته ، فإن أصرّ على العناد أقتله.
قال سليمان : فلما
كان وقت السحر أتيته وقرعت عليه الباب ، ودعوته باسمه ، وإذا بزوجته تقول لي : إنه
قصد كربلاء لزيارة الحسين عليهالسلام في أول الليل!. قال سليمان : فسرت في أثره إلى زيارة
الحسين عليهالسلام. فلما وصلت إلى الغاضرية إذا بالشيخ ساجد لله تبارك وتعالى
، وهو يدعو ويبكي عند قبر الحسين عليهالسلام ويسأل الله التوبة والمغفرة. ثم رفع رأسه بعد زمان طويل ،
فرآني قريبا منه ، فقلت : يا شيخ بالأمس كنت تقول : زيارة الحسين عليهالسلام بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ذي ضلالة في النار!. واليوم
أتيت تزوره؟!.
فقال : يا سليمان
لا تلمني ، فإني ما كنت أثبت لأهل هذا البيت الإمامة حتى كانت ليلتي تلك ، فرأيت
رؤيا هالتني وروّعتني. فقلت له : ما رأيت أيها الشيخ؟. قال : رأيت رجلا جليل القدر
، لا بالطويل الشاهق ولا بالقصير اللاصق ، لا أقدر على وصفه ، من عظم جلاله وجماله
وبهائه وكماله ، وهو مع أقوام يحفّون به حفيفا ويزفّونه زفيفا ، وبين يديه فارس ...
فقلت لبعض خدامه : من هذا؟. فقال : هذا هو محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم. قلت : ومن هذا الآخر؟. فقال : علي المرتضى وصي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثم مددت نظري فإذا أنا بناقة من نور ، عليها هودج من نور
، وفيه امرأتان ، والناقة تطير بين السماء والأرض. فقلت : لمن هذه الناقة؟. فقال :
لخديجة الكبرى وفاطمة الزهراء. فقلت : ومن هذا الغلام؟. فقال : هذا الحسن بن علي عليهالسلام. فقلت : وإلى أين يريدون بأجمعهم؟. فقال : لزيارة المقتول
ظلما ، شهيد كربلا الحسين بن علي المرتضى.
ثم إني قصدت نحو
الهودج الّذي فيه فاطمة الزهراء عليهالسلام ، وإذا أنا برقاع مكتوبة تتساقط من السماء ، فسألت : ما
هذه الرقاع؟. فقال : هذه رقاع فيها أمان من النار لزوّار الحسين عليهالسلام في ليلة الجمعة. فطلبت منه رقعة ، فقال لي : إنك تقول : زيارته
بدعة ، فإنك لا تنالها حتى تزور الحسين عليهالسلام وتعتقد فضله وشرفه.
فانتبهت من نومي
فزعا مرعوبا ، وقصدت من وقتي وساعتي إلى زيارة سيدي ومولاي الحسين عليهالسلام وأنا تائب إلى الله تعالى. فو الله يا سليمان لا أفارق قبر
الحسين عليهالسلام حتى تفارق روحي جسدي.
فضل تربة الحسين عليهالسلام
٧٠٦ ـ فضل تربة
الحسين عليهالسلام : (الخصائص الحسينية)
يقول الشيخ جعفر
التستري في خصائصه : فضل تربة الحسين عليهالسلام :
١ ـ فضل السجود
عليها : إن السجود على ترابها يخرق الحجب السبعة
[الحجب السبعة هي
المعاصي السبع التي تمنع قبول الأعمال].
٢ ـ فضل أكلها ،
فهو شفاء.
٣ ـ حمل طينته
عوذة وحرزا للمخاوف.
٧٠٧ ـ قصة سفير
ملك الإفرنج الّذي ادّعى العلم بكل شيء ، ثم أسلم ؛ وأن تربة الحسين عليهالسلام من تراب الجنة : (معالي السبطين ، ج ١ ص ٧١)
أورد الفاضل
الدربندي في (أسرار الشهادة) ج ١ ص ٥٢٣ ط جديدة ، قصة غريبة ملخصها فيما يلي :
قال : إن أعجب ما
سمعت ما وقع في زمن أحد سلاطين الدولة الصفوية في بلدة إصفهان. وذلك أنه جاء إلى
ذلك السلطان سفير من عند ملك الإفرنج ، وطلب من علماء المسلمين أن يقدموا دليلا
على صدق نبوّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويكون ذاك الدليل بحيث يلزم ويفحم الخصم ويقطع معاذيره
ويزيل شبهاته ، وكان يقول : فإن لم تأتوا بذلك الدليل فأقرّوا بأنكم لستم على شيء
من الحق.
وكان ذلك السفير
ممن له حذاقة في صناعة الرياضة من علم الهيئة [أي الفلك] والحساب والنجوم
والإصطرلاب ونحو ذلك. وكان يدّعي أنه يخبر من
أحوال الجلاس عنده
، عما فعلوا في بيوتهم ، وعما يجري عليهم من الحوادث والبلايا.
فأمر السلطان
الصفوي ذات يوم بإحضار العلماء الأعلام في بلدة إصفهان. فلما حضروا في مجلس
السلطان ، قال أحدهم وهو العارف المحدّث الكاشاني : أيها السفير المسيحي ، ما أقلّ
شأنك ، لو أن دولتك بعثت من هو أعقل منك. فاغتم السفير وكاد ينفجر غيظا. وقال : لو
كنت تعرف مدى علمي ما قلت لي ما قلت ، وعند الامتحان تعرف قيمة الرجال ، فامتحن
تصدّق قولي.
عند ذلك أدخل
الفاضل الكاشاني إحدى يديه إلى جيبه ، ثم أخرجها مقبوضة.
فقال : قل ما في
يدي هذه؟. فلما تفكّر المسيحي مقدار نصف ساعة ، اصفرّ وجهه وتغيّر لونه!. فقال
الكاشاني : ما أظهر جهلك وأبطل دعواك. قال السفير : وحقّ المسيح وأمه عليهالسلام ، إني عالم بما في يدك ، ولكن تفكّري وسكوتي من جهة أخرى!.
فقال الكاشاني : كيف ذا؟. قال المسيحي : أما ما في يدك فهي تربة من تراب الجنة.
ولكن أتفكر في وجه وصوله إليك!. فقال الكاشاني : لعلك غلطت في الحساب ، أو إن قواعدك
غير تامة!. قال السفير : لا وحقّ المسيح وأمه عليهالسلام. فقال الكاشاني : كيف يتصوّر ذلك؟. قال السفير : إن عجزي
ليس إلا في تصوّر ذلك. فقال الكاشاني : أيها السفير ، إن ما في يدي تربة كربلاء ،
وإن نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : كربلاء قطعة من الجنة ، فهل لك من عدم الإيمان به ،
مع أنك قاطع بأن قواعد علمك وحسابك مما لا يتخلّف عن الصدق والواقع؟. فقال السفير
: صدقت أيها العالم الإسلامي .. فأسلم السفير بين يديه.
فهذا من بركات
تربة سيد الشهداء عليهالسلام. يا لها من تربة ما أجلّ شأنها وأعظم بركتها!.
٧٠٨ ـ فضل تربة
الحسين عليهالسلام :
(معالي السبطين
للمازندراني ، ج ١ ص ٧٤) في (البحار) : روى الشيخ الطوسي في (الأمالي) عن محمّد بن
مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد عليهالسلام يقولان : إن الله تعالى قد عوّض الحسين عليهالسلام من قتله ؛ أن جعل الإمامة في ذريته ، وإجابة الدعاء عند
قبره ، والشفاء في تربته ، ولا تعدّ أيام زائره جائيا وراجعا من عمره.
ولقد أحسن وأجاد
من قال :
مولى بتربته
الشفاء وتحت قبّ
|
|
ته الدعا من كل
داع يسمع
|
فيه الإمام أبو
الأئمة والذي
|
|
هو للنبوة
والإمامة مجمع
|
وقال آخر في هذا
المعنى :
له تربة فيها
الشفاء ، وقبّة
|
|
يجاب بها الداعي
إذا مسّه الضرّ
|
وذرية درّيّة
منه تسعة
|
|
أئمة حقّ ، لا
ثمان ولا عشر
|
٧٠٩ ـ تربة الحسين عليهالسلام شفاء من كل داء : (المصدر السابق ، ص ٧٥)
قال الإمام الصادق
عليهالسلام : في طين قبر الحسين عليهالسلام الشفاء من كل داء ، وهو
الدواء الأكبر ،
فيه شفاء وإن أخذ على رأس ميل ، فمن أصابته علّة فتداوى بطين الحسين عليهالسلام شفاه الله من تلك العلة ، إلا أن تكون علة السّام.
وفي (الخصائص) :
إن أكل كل طين حرام ، إلا أكل طين قبر الحسين عليهالسلام للشفاء.
وقال الصادق عليهالسلام : حنّكوا أولادكم بتربة الحسين عليهالسلام فإنه أمان.
٧١٠ ـ قصة الّذي
برء بأكل شيء من تربة الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ٧٢)
روي في بعض
الأخبار ، أن رجلا جاء إلى الإمام الصادق عليهالسلام وشكا إليه من علّة أردته. فقال له الصادق عليهالسلام : يا هذا استعمل تربة جدي الحسين عليهالسلام ، فإن الله تعالى جعل الشفاء فيها من جميع الأمراض ،
وأمانا من جميع الخوف.
وإذا أراد أن
يستعملها للشفاء ، فليأخذ من تلك التربة ، ثم يقبّلها ويضعها على وجهه وعينه
وينزلها على جميع بدنه ، ويقول : اللهم بحق هذه التربة ، وبحق من خلقها ، وبحق جده
وأبيه ، وأمه وأخيه ، والأئمة من ولده ، وبحق الملائكة الحافّين به ، إلا جعلتها
شفاء من كل داء ، وبرءا من كل مرض ، ونجاة من كل خوف ، وحرزا مما أخاف وأحذر ، يا
أرحم الراحمين .. ثم استعمل [أي ابلع] من تلك التربة أقل من الحمصة ، فإنك تبرأ
بإذن الله تعالى.
قال الرجل : فو
الله إني فعلت ذلك ، فشفيت من علّتي في وقتي وساعتي ، من بركات سيدي وابن سيدي ،
أبي عبد الله الحسين عليهالسلام.
٧١١ ـ فضل السجود
على التربة الحسينية :
(تاريخ كربلاء والحائر ، للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١٠٢)
يقول : وليست
أحاديث فضل هذه التربة وقداستها منحصرة بأحاديث الأئمة عليهالسلام ، بل إن أمثال هذه الأحاديث لها شهرة وافرة في أمهات كتب
بقية الفرق الإسلامية ، وهي التربة التي يسمّيها أبو ريحان البيروني في كتابه (الآثار
الباقية) : التربة المسعودة في كربلاء.
وقد جعل الله هذه
التربة موضع معجزته ، حين جاءه جبرئيل بحفنة منها ، فأعطاها لأم سلمة رضي الله
عنها لتحفظها في قارورة ، فإذا رأتها تفور دما فهذا يدل على أن الحسين عليهالسلام قتل!. وكان كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقد أورد السيوطي
في كتابه (الخصائص الكبرى) ما يناهز العشرين حديثا عن أكابر ثقاتهم كالحاكم
والبيهقي وأبي نعيم حول هذا الموضوع.
ومن المؤسف أن بعض
الجهلة من خصوم الشيعة حاولوا ترويج أكاذيب على الشيعة لمجرد أنهم يسجدون على
التربة الحسينية ، يطلبون الأجر من الله تعالى. وقالوا : إن السجود على تربة
الحسين عليهالسلام ضرب من عبادة الأوثان ، دون أن يميّزوا بين السجود للشيء ،
وبين السجود على الشيء!. فسمّوا التربة الحسينية أقراصا وألواحا وحجرا إلى غير
ذلك. علما بأن السجود في الصلاة لا يجوز إلا على الأرض أو ما في حكمها ، كالتراب
والحجر والخشب وورق الشجر ، مصداقا لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».
وإن التبرك
بالتربة الحسينية والاستشفاء بها ، ليست بدعة كما توهم البعض ، فقد ورد من كتب
العامة ، أن السلف الصالح كانوا يتبركون بتربة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويستشفون بتربة الشهداء كحمزة عليهالسلام ، وبتربة غيره من الصحابة كصهيب الرومي.
كما روى السيد
البرزنجي في كتابه (نزهة الناظرين في تاريخ مسجد سيد الأولين والآخرين) ص ١١٦ طبع
مصر ، وننقله حرفيا :
«ويجب على من أخرج
شيئا من ذلك [أي من المدينة] ردّه إلى محله ، ولا يزول عصيانه إلا بذلك ما دام
قادرا عليه. نعم استثنوا من ذلك ما دعت الحاجة إليه للسفر به ، كآنية من تراب
الحرم ، وما يتداوى به منه ، كتراب مصرع حمزة عليهالسلام للصداع ، وتربة صهيب الرومي ؛ لإطباق السلف والخلف على نقل
ذلك».
والإمام زين
العابدين عليهالسلام هو أول من اتخذ سبحة من تراب قبر الحسين عليهالسلام ، وكان يسجد على تراب الحسين عليهالسلام ويتبرك بها ، ويعالج بها مرضى عائلته. وشاع هذا عند
العلويين وأتباعهم فاقتدوا به عليهالسلام.
وعلى هذه السنّة
مضى الأئمة عليهالسلام من بعده. وقد قال الإمام الصادق عليهالسلام : «إن السجود على تربة أبي عبد الله عليهالسلام يخرق الحجب السبع». (راجع مزار المجلسي ، ص ١٤٢ ؛ ومصباح
المتهجّد للطوسي ، ص ٥١١ ط طهران ١٣٣٨ ه)
وقد روى صاحب (الوسائل)
عن الديلمي قال : «كان الصادق عليهالسلام لا يسجد إلا على تربة الحسين عليهالسلام تذللا لله واستكانة إليه».
وكان الأئمة عليهالسلام يستعملون تربة الحسين عليهالسلام بشكل تراب مسحوق ، ثم
جعله الناس ـ لسهولة
الاستعمال ـ بشكل ألواح مصنوعة من تراب الحائر ، يحملونها في جيوبهم للصلاة
والتبرك بها.
٧١٢ ـ شرح حديث
الحجب السبع : (معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ٧٢)
قال المرحوم الشيخ
التستري : إن السجود على تربة كربلاء يخرق الحجب السبع. ومعنى هذا الحديث ؛ إما
خرق السموات للصعود ، أو المراد بالحجب المعاصي السبع ، التي تمنع قبول الأعمال ،
على ما في رواية معاذ بن جبل. وإن السجود عليها ينوّر الأرضين.
وفيه أيضا : إذا
جعل مع الميت في القبر ، كان له أمانا في القبر.
(وقد مرّ تفسير
الحجب السبعة بالرذائل السبع في الفقرة رقم ٦٠٣ فراجع)
٧١٣ ـ فضل السّبحة
المصنوعة من تراب الحسين عليهالسلام :
(مصباح الطوسي ، ص ٥١٢)
روي عن الصادق عليهالسلام : من أراد الحجير [أي حبات السبحة المصنوعة من تراب الحسين]
من تربة الحسين عليهالسلام ، فاستغفر مرة واحدة ، كتب الله له سبعين مرة. وإن مسك
السبحة ولم يسبّح بها ، ففي كل حبة منها سبع مرات.
(أقول) : ومن هذا
القبيل السّبحة التي مرّ ذكرها ، والتي كان الإمام زين العابدين عليهالسلام يسبّح بها أمام يزيد ، فهي مصنوعة من تراب الحسين عليهالسلام.
٧١٤ ـ سرّ السجود
على تربة الحمزة والحسين عليهالسلام :
(تاريخ كربلاء والحائر ، ص ١١٩)
أما السرّ في
اختيار التربة من القبر المطهر أو الحائر في كربلاء للسجود عليها في الصلاة ، فعدا
ما ورد في فضلها وقدسيتها ، وعدا كونها أطيب وأزكى وأنقى وأطهر وأقدس من أية تربة
أخرى ، وعدا ذلك مما ذكر أو لم يذكر ، فلعل السرّ فيه أيضا من بعض النواحي الروحية
، أن يتذكر المصلي في معراجه إلى الله في الأوقات الخمسة ، ما أصاب الإسلام والدين
من قتل الشهيد بن الشهيد وأبي الشهداء على يد أعداء الإسلام من الفئة الباغية التي
ما برحت تكيد للدين والمسلمين في جاهليتها وإسلامها.
فلقد ابتدأ ذلك
بقتل سيد الشهداء حمزة ، الّذي قضّ مضجع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى صلى عليه أربعين مرة ، مع كل شهيد مرة. ولم يكتفوا
بذلك حتى حاولت هند
أم معاوية أن تلوك
كبد الحمزة بعد أن استخرجتها من صدره الشريف ، فلم تستطع مضغها وبلعها ، فلفظتها ،
وعملت من كبده أساور وخلاخل تزيّنت بها شماتة به ، لأنه كان قد قتل أباها عتبة رأس
الشرك والكفر في معركة بدر.
ثم ختم ذلك بقتل
أبي عبد الله الحسين عليهالسلام الّذي أخذ يزيد بقتله ثأر معركة بدر ، فكان أكثر كفرا
وإجراما من جدته هند وجدّه عتبة.
وكان قتل حمزة
والحسين عليهالسلام محاولة من أعداء الإسلام لاستئصال دعوة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فاتخذ المسلمون تربته شعارا يتبركون به ويستشفون بها ،
اعترافا بفضل الشهداء على الإسلام ، وتخليدا لذكرى أنصار الإسلام والذين ماتوا في
سبيل الله.
ولما قتل الحسين عليهالسلام لإحياء دين جده محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، اتخذ المسلمون تربته شعارا يسجدون عليها لله تعالى ،
ليتذكروا أنه لو لا الحسين عليهالسلام لم تكن الصلاة لتقام إلى هذه الأيام. وكما قال المرحوم
الشيخ عباس شرف في ديوانه :
لو لا وقوفك
بالطفوف
|
|
لما وقفنا
بالصلاة
|
فكلما سجد المصلي
لله تعالى على هذه التربة ، في مشارق الأرض ومغاربها ، اخترقت أمام بصره وبصيرته
تلك الحجب المادية الكثيفة ، التي تحجب بينه وبين حقيقة الصلاة ، التي هي معراج
المؤمن ، من حضيض المادة إلى سماء الحقائق ، وعرج بروحه إلى الحضرة الإلهية مقتربا
من الله ملتمسا عفوه وثوابه.
وإلى مثل هذا
الرأي يذهب أحد أساطين العلم في هذا الوقت ، في سرّ السجود على تربة الحسين عليهالسلام بقوله : ولعل من جملة المقاصد السامية أن يتذكر المصلي حين
يضع جبهته على تلك التربة ، تضحية ذلك الإمام بنفسه وآل بيته والصفوة من أصحابه ،
في سبيل العقيدة والمبدأ ، وتحطيم هياكل الجور والفساد والظلم والاستبداد.
ولما كان السجود
أعظم أركان الصلاة ، وكما في الحديث : «أقرب ما يكون العبد إلى ربه حال سجوده»
ناسب أن يتذكر المؤمن حال وضعه جبهته على تلك التربة الزاكية ، أولئك الذين وضعوا
أجسامهم عليها ضحايا للحق ، وارتفعت أرواحهم
إلى الملأ الأعلى
، ليخشع ويخضع ويتلازم الوضع والرفع ، ويحتقر هذه الدنيا الزائفة وزخارفها الزائلة
، كما احتقرها أولئك الشهداء العظام. ولعل هذا هو المقصود ما في الخبر ، من أن
السجود على التربة الحسينية يخرق الحجب السبع.
(راجع : الأرض والتربة الحسينية ، ص ٤٢)
كربلاء والحائر الحسيني
٧١٥ ـ الحائر
الحسيني :
(تاريخ كربلاء وحائر الحسين للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ١١)
الحائر الحسيني هو
بقعة مقدسة ، لأن تربتها امتزجت بدم ، هو دم رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، واختلطت ذراتها بلحم ، هو من لحم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما نصّ عليه الحديث النبوي من طرق الخاصة والعامة.
٧١٦ ـ فضيلة
كربلاء : (كامل الزيارة ، ص ٢٦٧ ـ ٢٧٣)
أعطيت كربلاء ـ حسب
النصوص الواردة ـ مزايا عظيمة في الإسلام. فكانت أرض الله المختارة ، وأرض الله
المقدسة المباركة ، وأرض الله الخاضعة المتواضعة ، وحرما آمنا مباركا ، وحرما من
حرم الله وحرم رسوله ، ومن المواضع التي يحب الله أن يعبد ويدعى فيها ، وأرض الله
التي في تربتها الشفاء.
وهذه الأرض
المباركة ذات الفضل الطويل والشرف الجليل ، لم تنل هذا الشرف العظيم في الإسلام ،
إلا بالحسين عليهالسلام.
٧١٧ ـ كربلاء : (تاريخ
كربلاء والحائر ، ص ١٤)
نعتت كربلاء منذ
الصدر الأول في كل من التاريخ القديم والحديث بأسماء عديدة مختلفة ، ورد منها في
الحديث باسم : كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات.
وورد منها في
الرواية والتاريخ أيضا باسم : مارية ، والنواويس ، والطف ، وطف الفرات ، ومشهد
الحسين عليهالسلام ، والحائر ، والحير ... إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة
الكثيرة. إلا أن أهم هذه الأسماء في الدين هو اسم (الحائر) لما أحيط بهذا الاسم من
الحرمة والتقديس ، أو أنيط به من أعمال وأحكام في الرواية والفقه إلى يومنا هذا.
ولتعدد أسماء
كربلاء أسباب تحتاج إلى تأمل ، فلا بدّ من وجوه واحتمالات في ذلك. منها أن بعض
الأسماء تكون عامة ، فتشمل منطقة أوسع من تلك البقعة نفسها ، فتكون بعضها خاصة
لأجزاء صغيرة من تلك المنطقة ، كما هي الحال في كل مكان. وقد يكون بعض تلك الألفاظ
هي أسماء ، وأن البعض الأخر منها أوصاف.
٧١٨ ـ معنى الحائر
: (المصدر السابق ، ص ١٥)
أما الحائر والحير
، فهما في عداد تلك الأسماء الكثيرة التي كانت تطلق في العصر الأول على هذا
الموضع. ولعل كربلاء أو بعض أجزائها سميت بهذا الاسم منذ القديم ، لما كان في
أرضها من المنخفضات التي يسيل إليها مسيل ماء الأمطار ، من تحيّر الماء : إذا
اجتمع ودار ، ومن تحيّرت الأرض بالماء : إذا امتلأت. والحائر عند اللغويين :
الموضع المطمئن الوسط ، المرتفع الأطراف.
وفي (الصحاح) ،
الحير : الحمى ، ومنه الحير بكربلاء.
وقد اتفق الرواة
والمحدّثون ، والمؤرخون والجغرافيون ، وأهل اللغة على تسمية كربلاء (بالحائر)
بصورة مطلقة. (والحير) : هو مخفف (الحائر).
وعلى قول ياقوت
الحموي في (معجم البلدان) : فإن الحائر هو قبر الحسين عليهالسلام ، ثم يقول : وإنهم يقولون الحير بلا إضافة ، إذا عنوا
كربلاء.
ويقول الطريحي في (مجمع
البحرين) : ويراد بالحائر حائر الحسين عليهالسلام ، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرّفه السلام.
ولا ندري إن كان (الحائر)
وصف للأرض هناك ، أم هو في الحقيقة اسم للبناء الّذي شيّد حول الضريح المقدس؟. فإن
كان وصفا للمنطقة فتكون التسمية قديمة قبل وقعة كربلاء ، وقبل الفتح الاسلامي
للعراق. وإن كان اسما فهو مطلق منذ الوقعة أو بعدها.
ولا يبعد أن تسمية
(الحائر) لم تكن لصفة طبيعة الأرض ، وإنما لما اشتمل حول القبر الشريف من بناء
وسور كالحائر.
٧١٩ ـ حدود الحائر
الحسيني : (تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٢٨)
وإذا اعتبرنا (الحائر)
بالمعنى الضيّق ، كان البقعة التي حول قبر الحسين عليهالسلام ، ومساحتها ٢٥ خمس وعشرون ذراعا في مثلها من كل جانب من
القبر المطهر ، وفي
رواية عشرون ذراعا
في عشرين ذراعا ، كما في رواية عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليهالسلام : أن «قبر الحسين عليهالسلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة».
(مزار البحار ، ص ١٤١ ؛ وكامل الزيارة لابن قولويه ، ص ٢٧٢ ؛ والحدائق الناضرة
للشيخ يوسف البحراني ، ج ٣ ص ٣٤٥)
ومن الناحية
العبادية يتخيّر المسلم في صلاته بين القصر والتمام ، إذا صلّى ضمن هذه البقعة (الحائر)
فقط.
وفي (كامل
الزيارات) ص ١١٢ : عن عبد الله بن سنان ، قال : سمعت الإمام الصادق عليهالسلام يقول : قبر الحسين بن علي عليهالسلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعا مكسّرا ، روضة من رياض الجنة ،
منه معراج إلى السماء ، فليس من ملك مقرّب ولا نبي مرسل إلا وهو يسأل الله أن
يزوره ، وفوج يهبط وفوج يصعد.
٧٢٠ ـ أقوال في
حدّ الحائر الحسيني :
(مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٧ ط ٢)
يقول العلامة
المجلسي : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب ـ رحمهمالله ـ في حدّ الحائر.
فقيل : إنه ما
أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة
المنورة والمسجد الّذي خلفها.
وقيل : إنه القبة
الشريفة فحسب.
وقيل : هي مع ما
اتصل بها من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها.
والأول أظهر ،
لاشتهاره بهذا الوصف بين أهل المشهد ، آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر
الأصحاب.
قال ابن إدريس في (السرائر)
ص ٧٨ : المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد عليه. قال : لأن ذلك هو الحائر
حقيقة ، لأن الحائر في لسان العرب : الموضع المطمئن الّذي يحار فيه الماء.
وذكر الشهيد الأول
في (الذكرى) : أن في هذا الموضع حار الماء ، لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر
الحسين عليهالسلام ليعفّيه ، فكان لا يبلغه.
وذكر السيد الفاضل
شرف الدين علي ، المجاور بالمشهد الغروي : إني سمعت
من كبار الشائبين
من البلدة المشرفة ، أن الحائر هو السعة التي عليها الحصار الرفيع ، من القبلة
واليمين واليسار. وأما الخلف فما ندري ما حدّه. وقالوا : هذا الّذي سمعنا من جماعة
من قبلنا. ا ه
وفي شموله لحجرات
الصحن إشكال ، ولا يبعد أن يكون ما انخفض من هذا الصحن الشريف يكون داخلا في
الحائر دون ما ارتفع منها ، وعليه أيضا شواهد من كلمات الأصحاب ، والله أعلم.
الحرم الحسيني
٧٢١ ـ الحرم
الحسيني : (تاريخ كربلاء والحائر ، ص ٣١)
أما (الحرم
الحسيني) فهو حسب ما ورد فيه من الأخبار ، أوسع من الحائر بكثير ، لشموله على
منطقة واسعة مركزها الحائر ، وأبعادها فرسخ واحد [نحو ٦ كم] من كل جانب. وعلى هذا
التقدير ، فالحرم هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه. وهو السور الّذي بناه أبو
محمّد الحسن بن مفضل بن سهلان الرامهرمزي وزير سلطان الدولة ابن بويه الديلمي سنة
٤٠٧ ه إثر حريق هناك.
٧٢٢ ـ حدود الحرم
: (المصدر السابق)
إن للحرم حرمة
وقدسية خاصة ، فهو منطقة آمنة ، كما ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام : «حرمة قبر الحسين عليهالسلام فرسخ في فرسخ ، من أربعة جوانب القبر». وهذا باعتبار أن
هذه المنطقة هي التي امتزجت أرضها واختلطت تربتها بدم الحسين عليهالسلام فاكتسبت تلك الحرمة وهذه المعنوية.
ولعل هذه البقعة
التي مساحتها [٥ ، ٥* ٥ ، ٥* ٣٠ كم ٢] هي التي بالأصل كان قد اشتراها الحسين عليهالسلام عند نزوله كربلاء ، بستين ألف درهم من أصحابها سكان
الغاضرية ونينوى ، وتصدّق بها عليهم ، على أن يضيفوا زوّاره ثلاثة أيام ، ويرشدوهم
إلى قبره الشريف.
(راجع كشكول الشيخ
البهائي ، ص ١٠٣ ط مصر عام ١٣٠٢ ه)
وظل الخلط بين
الحائر والحير [أي البلد] جاريا ، حتى فصله ابن إدريس في كتاب الصلاة من كتابه (السرائر)
حين قال : والمراد بالحائر ما دار عليه سور المشهد (القديم) ، لا ما دار عليه سور
البلد.
(أقول) : وقد
توسّع المتأخرون في تحديد الحائر ، وقد جاءت خلاصة هذا الكلام في مجلد (مزار
المجلسي) بقوله : اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب في حدّ الحائر ، فقيل : إنه ما
أحاطت به جدران الصحن ، فيدخل فيه الصحن من جميع الجوانب والعمارات المتصلة بالقبة
والمسجد الّذي خلفها. وقيل : إنه القبة الشريفة فحسب ، وقيل : هي مع ما اتصل بها
من العمارات ، كالمسجد والمقتل والخزانة وغيرها. والأول أظهر ، لاشتهاره بهذا
الوصف بين أهل المشهد آخذين عن أسلافهم ، ولظاهر كلمات أكثر الأصحاب.
وفي شموله لحجرات
الصحن إشكال. ولا يدخل فيه الصحن القبلي والمسجد الموجود اليوم في ظهر القبلة ،
فهذا لم يكن من قبل ، وإنما ضمّ إلى الصحن بعد التغيير.
٧٢٣ ـ حرمة الحائر
والحرم وفضلهما : (المصدر السابق ، ص ٣٧)
إن للبقعة التي
حول قبر الحسين عليهالسلام حرمة كبيرة كما أسلفنا ، ويمكن تقسيم تلك البقعة إلى عدة
مناطق ، هي دوائر مركزها القبر الشريف ، وتزيد حرمة هذه المناطق وشرفها كلما
اقتربنا من المركز .. المنطقة الأولى ضمن دائرة نصف قطرها من عشرين ذراعا إلى خمسة
وعشرين ذراعا ، والمنطقة الثانية إلى فرسخ ، والمنطقة

(الشكل ٢٦) : الحائر الحسيني ـ حدوده وأبوابه
الثالثة إلى أربعة
فراسخ أو خمسة من كل جانب من القبر المطهر. وهذا يستغرق كل بقعة كربلاء وأطرافها
إلى مسافة بعيدة.
ولشرف البقعة تشرف
تربتها ، فتؤخذ التربة الحسينية للسجود عليها في الصلاة من حدود الحائر الحسيني.
وعادة يؤخذ التراب من البلد ويذرّ عليها قليل من تربة الحائر ، ويصنع منها تربة
الصلاة.
٧٢٤ ـ شرف بقعة
الحسين عليهالسلام : (مزار البحار ، ج ١٠١ ص ١١٢ ط ٢)
قال الشيخ الطوسي
في (المصباح) : الوجه في هذه الأخبار ، ترتّب هذه المواضع في الفضل ؛ فالأقصى خمسة
فراسخ ، وأدناه من المشهد فرسخ ، وأشرف الفرسخ خمس وعشرون ذراعا ، وأشرف الخمس
والعشرين ذراعا عشرون ذراعا ، وأشرف العشرين ما شرف به ، وهو الجدث نفسه. ا ه
ونحوه قال في (التهذيب).
مشهد الإمام الحسين عليهالسلام
٧٢٥ ـ وصف مشهد
الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء :
يقع ضريح الحسين عليهالسلام في كربلاء ، في صحن طوله ٩٥ م وعرضه ٧٥ م ، تحيط به
الإيوانات والحجرات. وجدران الصحن محلاة بحجارة ذات لون أزرق ، نقشت عليها آيات
القرآن الكريم بأحرف بيضاء. وأما المقام فطوله ١٤ م وعرضه ٩ أمتار ، ويتألف من
عمارة قائمة الزوايا ، لها قاعة خارجية مذهبة ، تحفّ بها ممرات أعدت للطواف حول
الضريح المشرف. وفي منتصف المقام يقع ضريح الحسين عليهالسلام ، وحوله شبكان : الخارجي مصنوع على شكل مشربية من الفضة ،
والداخلي من الذهب.
وقد أعاد بناء قبة
المشهد وأمر بتذهيبها السلطان فتح علي شاه ، مؤسس الدولة القاجارية المالكة في
إيران عام ١٨١٧ م ، بينما تبرعت زوجته بتذهيب المئذنتين.
ويوجد داخل المقام
قبر الحسين عليهالسلام وعند رجليه من الشرق قبر ابنه الشهيد علي الأكبر عليهالسلام. وفي الزاوية الجنوبية الشرقية قبور شهداء أهل البيت عليهالسلام في مكان واحد. بينما ينفرد قبر حبيب بن مظاهر لوحده في
الزاوية الجنوبية الغربية ، كما هو مبيّن في (الشكل ٢٧).

(الشكل ٢٧) : مقام الإمام الحسين عليهالسلام ومراقد الشهداء حوله
ويسمى الباب
الرئيسي للمشهد : باب الشهداء وهو الشرقي ، وقد كتبت فوقه هذه الأبيات :
أبا الشهداء
حسبي فيك منجى
|
|
يقيني شرّ عادية
الزمان
|
إذا ما الخطب
عبّس مكفهرا
|
|
وجدت ببابك
العالي أماني
|
وها أنا قد
قصدتك مستجيرا
|
|
لأبلغ فيك غايات
الأماني
|
فلا تردد يديّ
وأنت بحر
|
|
يفيض نداه
بالمنن الحسان
|
٧٢٦ ـ بعض الكتابات المنقوشة على قفص
مولانا الحسين عليهالسلام في كربلاء :
توجد على قفص ضريح
أبي عبد الله الحسين عليهالسلام كتابات بديعة ؛ منها بعض الآيات القرآنية والأحاديث
الشريفة وأشعار وكلمات مأثورة لسيد الشهداء عليهالسلام ، وقد وزّعت على داير القفص الذهبي بشكل عبقري.

(الشكل ٢٨) : باب الشهداء لمرقد الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء
وقد سجّلت هذه
الكتابات بنفسي عند زيارتي للضريح المقدس ، أثبت بعضها فيما يلي :
(١) ـ الآيات
القرآنية :
بسم الله الرحمن
الرحيم (وَلا تَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
يُرْزَقُونَ ١٦٩ فَرِحِينَ بِما
آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا
بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٧٠) [آل عمران :
١٦٩ ـ ١٧٠].
(الَّذِينَ آمَنُوا
وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ
دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ ٢٠ يُبَشِّرُهُمْ
رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ ٢١ خالِدِينَ فِيها
أَبَداً إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (٢٢) [التوبة : ٢٠
ـ ٢٢].
(وَمَنْ قُتِلَ
مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) [الإسراء : ٣٣].
(قالَ اللهُ هذا
يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١٩) [المائدة :
١١٩].
(إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ) (١١) [البروج : ١١].
(فَأَمَّا الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ
هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) (٣٠) [الجاثية :
٣٠].
(وَعَدَ اللهُ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ
خالِدِينَ فِيها وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ
أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٧٢) [التوبة :
٧٢].
(وَكَأَيِّنْ مِنْ
نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) (١٤٦) [آل عمران :
١٤٦].
(إِنَّ الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ
الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) (٢٣) [هود : ٢٣].
(إِنَّ اللهَ
وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٥٦) [الأحزاب :
٥٦].
(إِنَّما يُرِيدُ
اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) [الأحزاب : ٣٣]
(رَحْمَتُ اللهِ
وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) [هود : ٧٣]
صدق الله العظيم.
(٢) ـ الأحاديث
الشريفة :
وتحت هذه الآيات
الكريمة كتبت الأحاديث الشريفة التالية :
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم :
بورك لولدي الحسين
في ثلاث : ولده وقبره ومشهده* ألا وإن بين قبري وقبر الحسين روضة من رياض الجنة*
ألا وإن كربلاء روض من رياض الجنة* يا جابر زر قبر ابني الحسين ، فإن زيارته تعدل
مائة حجة* ألا وإن قبر الحسين على مترعة من ترع الجنة ؛ الشفاء في تربته ،
والإجابة تحت قبّته ، والأئمة من ذريّته* الحسن والحسين سبطان من الأسباط* الحسن
والحسين سيّدا شباب أهل الجنة* الحسن والحسين إماما حقّ قاما أو قعدا ، وأبوهما
خير منهما* حسين مني وأنا منه ، أحبّ الله من أحبّه* من أحبّ الحسن والحسين فقد
أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني* من أحبّ الحسن والحسين أحببته ، ومن أحببته أحبّه
الله ، ومن أحبّه الله أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ،
ومن أبغضه الله أدخله النار.
وكان من دعاء
الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدّة
، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدّة. كم من همّ يضعف منه الفؤاد وتقلّ فيه الحيل
، ويخذل فيه الصديق ويشمت فيه العدو ، أنزلته بك وشكوته إليك ، رغبة مني إليك عمن
سواك ، ففرّجته وكشفته ؛ وأنت وليّ كلّ نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة.
(٣) ـ القصيدة
الشعرية النونية :
وتحت الأحاديث
السابقة كتبت هذه الأشعار البديعة :
يا إمام الحق
مولانا الحسين
|
|
صفوة الله وصفو
المصطفين
|
يا حسين بن عليّ المرتضى
|
|
أنت والله له قرّة عين
|
جدّك المختار طه
رحمة ال
|
|
لّه فيها أنت يا
مولاي عين
|
وأبوك المرتضى
المولى الّذي
|
|
هو لله يد حتما
وعين
|
كم وكم أديت يا
مولاي لل
|
|
سلف الغر السّرى
من كل عين
|
أنت ذخري أنت
كهفي يا حسين
|
|
في حياتي وإذا
ما حان حين
|
إنما لاهوته
ناسوته
|
|
زبدة الكونين
صفو الثقلين
|
كان في الدنيا
صليبا راسخا
|
|
كان في الديدن
ذا رفق ولين
|
كان من أكرم بطن
مجدهم
|
|
طنّبت خيمته فوق
البطين
|
من يطعه يطعم
الله له ال
|
|
نفس في الخلد
بسيب وبوين
|
اسمه ترياق من
تلسعه
|
|
من أعادي أهل
بيت الوحي أين
|
يا له من باذل
مهجته
|
|
في سبيل الله في
أصعب أين
|
يا لشبّير عظيم شأنه
|
|
شبّر كان له
أكرم عين
|
هل ترى مثل حسين
كان في
|
|
كربلا أثبت جأشا
من رعين
|
أثخنوه برماح
وظبى
|
|
وبنبل رشقوا من
كل عين
|
قتلته أمّة
السوء التي
|
|
أخذت أحقاد بدر
وحنين
|
إنه أحرى بأن
نفديه
|
|
بنفوس لا نضار
ولجين
|
ذكره كالذكر
يتلى دائما
|
|
ما شدا في الأيك
قمريّ وعين
|
لم يكن لو لا
علي نجله ال
|
|
طهر في دار رسول
الله عين
|
ما خلا الأرض
ولن يخلو من
|
|
قائم من ولده
أروع عين
|
بأبي أنت وأمي
يا حسين
|
|
وبأهلي وبولدي
وبعين
|
* * *
عمارة قبر الحسين عليهالسلام
٧٢٧ ـ البناء على
قبر الحسين عليهالسلام : (أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٢)
قال السيد الأمين
: أول من بنى القبر الشريف بنو أسد ، الذين دفنوا الحسين عليهالسلام وأصحابه. يظهر ذلك من الخبر المروي في (كامل الزيارة) عن
زائدة
__________________

(الشكل ٢٩) : المرقد المقدس والمقام الشريف
للإمام أبي عبد الله الحسين عليهالسلام في كربلاء بالعراق
عن زين العابدين عليهالسلام حيث قال فيه : " قد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة
، لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض ؛ هم معروفون في أهل السموات ، إنهم يجمعون هذه
الأعضاء المتفرّقة ، وهذه الجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علما
لقبر سيد الشهداء ؛ لا يدرس أثره ، ولا يعفو رسمه ، على كرور الليالي
والأيام".
أما تعمير القبّة
عليه ، فقد تكرر مرارا.
(العمارة الأولى)
٧٢٨ ـ العمارة
الأولى للقبة الشريفة : (المصدر السابق)
العمارة الأولى
للقبة الشريفة فوق الضريح ، كانت في زمن بني أمية ، لكن لا يعلم من بناها. إذ تدل
جملة من الآثار والأخبار أنه كان على الضريح الشريف سقيفة لها باب ومسجد في زمن
بني أمية. واستمرّ ذلك إلى زمن الرشيد من بني العباس.
٧٢٩ ـ تهديم هارون
الرشيد قبر الحسين عليهالسلام : (المصدر السابق ، ص ٣٠٤)
وبقيت هذه القبة
إلى زمن الرشيد فهدمها ، وكرب موضع القبر ، وكان عنده سدرة فقطعها. وكان القصد من
قطعها تغيير مصرع الحسين عليهالسلام حتى لا يقف الناس على قبره. ففعل العباسيون بأهل البيت عليهالسلام ما لم يفعله الأمويون.
وكما قال الشاعر :
تالله ما فعلت
أميّة فيهم
|
|
معشار ما فعلت
بنو العباس
|
(العمارة الثانية : عمارة المأمون)
٧٣٠ ـ العمارة
الثانية : (المصدر السابق)
وفي زمن المأمون
أعيد بناء القبة الشريفة ، حتى جاء المتوكل فهدمها.
٧٣١ ـ هدم المتوكل
لقبر الحسين عليهالسلام : (المصدر السابق ، ص ٢٨٦)
قال الطبري في
تاريخه : في سنة ٣٣٦ ه أمر المتوكل بهدم قبر الحسين بن علي عليهالسلام وهدم ما حوله من المنازل والدور ، وأن يحرث ويبذر ويسقى
موضع قبره ، وأن يمنع الناس من إتيانه. فذكر أن عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية
: من وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق. فهرب الناس وامتنعوا من
المصير إليه.
حدّث القاسم بن
أحمد بن يعمر الأسدي الكوفي قال : في سنة ٢٤٧ ه بلغ المتوكل أيضا مصير الناس من
أهل السواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليهالسلام ، وأنه قد كثر جمعهم لذلك ، وصار لهم سوق كبير. فأنفذ
قائدا في جمع كثير من الجند ، وأمر مناديا ينادي ببراءة الذمّة ممن زار قبره. ونبش
القبر وحرث أرضه ، وانقطع الناس عن الزيارة. وعمد على تتبّع آل أبي طالب عليهالسلام والشيعة ، فقتل ولم يتمّ له ما قدّره (قتله ابنه وهو في
مجلس شرابه).
وتدل بعض الروايات
على أن البقر (التي استخدمت لحرث قبر الحسين عليهالسلام) لم تقدم على محل القبر الشريف (بل كانت تحيد يمينا أو
شمالا) ، وكانت تضرب الضرب الشديد ، فلا تمرّ عليه (ولا تطأ القبر بوجه).
٧٣٢ ـ ملوك بني
العباس يهدمون قبر الحسين عليهالسلام عدة مرات :
(تاريخ كربلاء للدكتور عبد الجواد الكليدار ، ص ٢٢)
أمر الرشيد سنة
١٩٣ ه بهدم الحائر والقبة المطهرة والدور المجاورة ، واقتلاع السدرة ، وحرث الأرض
ليمحي بذلك كل أثر للقبر الشريف ، فكانت تلك السنة آخر سنة من حياته. وقد جاء في
حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لعن الله قاطع السّدرة» (ثلاثا) ، فلم يعلم معنى ذلك ،
حتى قطع الرشيد السدرة ، فأهلكه الله.
وقد اقتفى أثره
حفيده (المتوكل) نيرون العرب ، فهدم قبر الحسين عليهالسلام وكربلاء أربع مرات في خلال خمس عشرة سنة من حكمه ، ولكن (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ
بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ) (٣٢) [التوبة : ٣٢].
وذكر الشهيد : أن
في هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل بإطلاقه على قبر الحسين عليهالسلام ليعفّي أثره ، فكان الماء يدور حول القبر ولا يصله.
٧٣٣ ـ أعمال
المتوكل الانتقامية من أهل البيت عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٤٠٣ ط ٣)
روي أن المتوكل من
خلفاء بني العباس كان كثير العداوة شديد البغض لأهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الّذي أمر الحارثين بحرث قبر الحسين عليهالسلام ، وأن يخرّبوا بنيانه ويخفوا آثاره ، وأن يجروا عليه الماء
من نهر العلقمي ، بحيث لا يبقى له أثر ، ولا أحد يقف له على خبر.
وتوعّد الناس
بالقتل لمن زار قبره ، وجعل رصدا من أجناده ، وأوصاهم :
«كل من وجدتموه
يريد زيارة الحسين فاقتلوه». يريد بذلك إطفاء نور الله ، وإخفاء آثار ذرية رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويظهر من ذلك أن
ما فعله بنو العباس فاق ما فعله بنو أمية ، وكما قال الشاعر :
تالله إن كانت
أمية قد أتت
|
|
قتل ابن بنت
نبيّها مظلوما
|
فلقد أتاه بنو
أبيه بمثلها
|
|
هذا لعمرك قبره
مهدوما
|
أسفوا على أن لا
يكونوا شايعوا
|
|
في قتله ،
فتتبّعوه رميما
|
٧٣٤ ـ رائحة القبر الشريف دلّت على
القبر :
(الحسين بن علي عليهالسلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٢)
ذكر هشام بن
الكلبي : أن الماء لما أجري على قبر الحسين عليهالسلام ليمحي أثره ، نضب الماء بعد أربعين يوما. فجاء أعرابي من
بني أسد ، فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمّها ، حتى وقع على قبر الحسين فبكى وقال : بأبي
أنت وأمي ، ما كان أطيبك وأطيب تربتك. ثم أنشأ يقول :
أرادوا ليخفوا
قبره عن عدوّه
|
|
فطيب تراب القبر
دلّ على القبر
|
٧٣٥ ـ قصة زيد المجنون ولقائه ببهلول
الكوفي :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٣٨ ط ٢)
عندما أمر المتوكل
بحرث قبر الحسين عليهالسلام وأن يجروا عليه الماء من نهر العلقمي ، وتوعّد بالقتل كل
من يزور القبر الشريف ، وصل الخبر إلى رجل من أهل الخير في مصر ، يقال له : زيد
المجنون ، ولكنه كان ذا عقل شديد ورأي رشيد. وإنما لقّب بالمجنون لأنه أفحم كل
لبيب ، وقطع حجة كل أريب.
فسار زيد حتى أتى
الكوفة ، فلقي هناك البهلول ، فسلّم عليه ، فردّ عليهالسلام. فقال زيد للبهلول : من أين لك معرفتي ولم ترني قط؟!. فقال
زيد : يا هذا اعلم أن قلوب المؤمنين جنود مجنّدة ، ما تعارف منها ائتلف ، وما
تناكر منها اختلف. فقال له البهلول : يا زيد ، ما الّذي أخرجك من بلادك بغير دابة
ولا مركب؟. فقال : والله ما خرجت إلا من شدة وجدي وحزني ، وقد بلغني أن هذا اللعين
[أي المتوكل] أمر بحرث قبر الحسين عليهالسلام وخراب بنيانه وقتل زواره ، فهذا الّذي أخرجني من
موطني ونغّص عيشي
، وأجرى دموعي وأقلّ هجوعي. فقال البهلول : وأنا والله كذلك. فقال له : قم بنا
نمضي إلى كربلاء لنشاهد قبور أولاد علي المرتضى عليهالسلام.
قال : فأخذ كل
واحد بيد صاحبه حتى وصلا إلى قبر الحسين عليهالسلام ، وإذا هو على حاله لم يتغير ، وقد هدموا بنيانه ، وكلما
أجروا عليه الماء غار وحار ، واستدار بقدرة العزيز الجبار ، ولم يصل قطرة واحدة
إلى قبر الحسين عليهالسلام. وكان القبر الشريف إذا جاءه الماء يرتفع أرضه بإذن الله
تعالى. فتعجب زيد المجنون مما شاهده ، وقال : انظر يا بهلول (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ
بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ
الْكافِرُونَ) (٣٢) [التوبة :
٣٢].
٧٣٦ ـ كان المتوكل
من ألدّ أعداء أهل البيت عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٤٨)
فلما كان أيام
المتوكل ـ وكان سيئ الاعتقاد في آل أبي طالب عليهالسلام شديد الوطأة عليهم ، قبيح المعاملة معهم ، ووافقه على جميع
ذلك وزيره عبيد الله بن يحيى ـ بلغ بسوء معاملتهم ما لم يبلغه أحد من الخلفاء من
بني العباس. فأمر بتخريب قبر الحسين عليهالسلام وقبور أصحابه ، وكرب مواضعها وإجراء الماء عليها ، ومنع
الزوار من زيارتها ، وأقام الرصد وشدد في ذلك. حتى كان يقتل من يوجد زائرا ، وولى
ذلك كله يهوديا. وسلّط اليهودي قوما من اليهود فتولوا ذلك. إلى أن قتل المتوكل ،
وقام بالأمر ابنه (المنتصر) فعطف على آل أبي طالب عليهالسلام وأحسن إليهم وفرّق فيهم الأموال. فأعيدت القبور في أيامه.
إلى أن خرج الداعيان : الحسن ومحمد ابنا زيد ، فأمر محمّد بعمارة المشهدين
الشريفين : مشهد أمير المؤمنين ومشهد الحسين عليهالسلام. وأمر بالبناء عليهما ، وزيد في ذلك من بعده. وبلغ (عضد
الدولة) البويهي الغاية في تعظيمهما وعمارتهما والأوقاف عليهما ، وكان يزورهما في
كل سنة.
٧٣٧ ـ كيف قتل
المتوكل على يد ابنه المنتصر؟ :
كان المنتصر بن
المتوكل مواليا لأهل البيت عليهالسلام بعكس أبيه ، وهذا الّذي دفعه إلى قتل أبيه. وسبب ذلك أن
المتوكل أقام مرة حفلة ، وجعل شخصا بهيئة الإمام علي عليهالسلام ، وحشا بطنه لتكبر ، وجعل الشخص يرقص متمثلا بعلي بن أبي
طالب عليهالسلام. عندها هيّأ المنتصر الخطة لقتل أبيه. فدخل على مجلسه
وأبوه يشرب
الخمر مع وزيره
الفتح بن خاقان فقتلهما ، ونجا الشاعر البحتري الّذي كان معهما إذ تخبأ وراء
الباب.
لكن الإمام علي
الهادي عليهالسلام قال للمنتصر : إن ملكك لن يطول ، فقتل بعد ستة أشهر.
العمارة الثالثة : عمارة المنتصر
٧٣٨ ـ العمارة
الثالثة : (أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٥)
قال محمّد بن أبي
طالب : ... إلى أن قتل المتوكل ، وقام بالأمر بعده ابنه المنتصر ، فعطف على آل أبي
طالب عليهالسلام وأحسن إليهم ، وفرّق فيهم الأموال ، وأعاد القبور في
أيامه.
وذكر غير واحد من
المؤرخين أن المنتصر أمر الناس بزيارة قبر الحسين عليهالسلام.
[فانظر إلى حال
هذا الزمان ، وكيف أن الله يخرج الحي من الميت].
وقال المجلسي في (البحار)
: إن المنتصر لما قتل أباه وتخلّف بعده ، أمر ببناء الحائر ، وبنى ميلا على المرقد
الشريف ، وأحسن إلى العلويين ، وآمنهم بعد خوفهم.
(٢) ـ مشهد أبي الفضل
العباس عليهالسلام
٧٣٩ ـ مرقد أبي
الفضل العباس عليهالسلام في كربلاء :
وفي كربلاء مشهد
كبير ثان هو للعباس بن علي عليهالسلام ، وهو يشبه في نسق بنائه وحجمه وتعدد الأروقة والغرف فيه
مشهد الحسين عليهالسلام. والفرق الوحيد بينهما هو أن للثاني ثلاث مآذن وللأول
مئذنتين ، كما أن قبته غير مغطاة بصفائح الذهب (انظر صورة مشهد العباس عليهالسلام ، الشكل ٣٠).
وفرش داخل
المشهدين بالسجاجيد العجمية النفيسة ، وزيّن أبدع زينة ، تثير الإعجاب والروعة.
٧٤٠ ـ وصف مشهد
العباس عليهالسلام :
(أضواء على معالم محافظة كربلاء لمحمد النويني ، ص ٤٤ و ٤٦)
يقع مشهد العباس عليهالسلام في مدينة كربلاء ، من الجهة الشمالية الشرقية لمشهد الحسينرلاعليهالسلام.
تبلغ مساحة الروضة
العباسية مع الصحن المحيط بها ٤٣٧٠ م ٢. وللصحن ثمانية أبواب هي : باب الإمام
الحسن عليهالسلام ـ باب الإمام الحسين عليهالسلام ـ باب الإمام صاحب الزمان عليهالسلام ـ باب الإمام موسى الكاظم عليهالسلام ، وتقع هذه الأبواب في الجهة الغربية ؛ باب الإمام علي عليهالسلام ـ باب الإمام علي الرضا عليهالسلام ، ويقعان في الجهة الشرقية ؛ باب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم المسمى حاليا بباب القبلة ، ويقع في الجهة الجنوبية ؛ ثم
باب الإمام محمّد الجواد ، ويقع في الجهة الشمالية.
تتوسط الصحن
الروضة العباسية الشريفة ، ويعلو القبر الشريف قبّة ذهبية ضخمة ، نقشت في أسفلها
الآيات القرآنية المطعّمة بالمينا والذهب. وفي طرفي القبة مئذنتان ضخمتان ، كما
توجد هناك ساعة أثرية كبيرة دقّاقة ، واقعة على مئذنة باب القبلة.
وقد تمّ بناء هذه
القبة بأمر من السلطان القاجاري فتح علي شاه ، كما قام بتذهيبها سنة ١٨١٧ م ، بعد
أن صنع ضريحا من الفضة الخالصة لمرقد العباس عليهالسلام سنة ١٨١٢ م.
زيّنت جوانب الصحن
بالفسيفساء والكاشاني من الصنع القديم ، وتقع في جوانبه عدة غرف وأواوين ، دفن
فيها جماعة من العلماء والسلاطين والأمراء والوزراء وكبار الشخصيات الإسلامية. وهو
يعتبر من النفائس الأثرية.
وفي العهد الحديث
احتفلت مدينة كربلاء بوصول الضريح الجديد لمرقد سيدنا العباس عليهالسلام عام ١٩٦٥ م ، وهو ضريح مصنوع من الذهب الخالص والفضة ،
ومطعّم بالأحجار الكريمة ، ويعتبر من أبدع وأعظم الأضرحة الموجودة في العالم
الإسلامي ، وقد استغرق شغله حوالي ثلاث سنين وقدّم هدية من بعض المحسنين الإيرانيين.
__________________

(الشكل ٣٠) : المرقد المقدس والمقام الشريف
لأبي الفضل العباس عليهالسلام في كربلاء بالعراق
(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهمالسلام
في مدينة دمشق
مدخل :
يستغرب المرء أن
تكون مشاهد أهل البيت عليهالسلام عديدة في دمشق ، تلك المدينة التي كانت عاصمة لملوك الدولة
الأموية. كما يستغرب أن تكون تلك المشاهد عامرة بالزوار والوافدين ، في حين لا يعرف
لأحد من ملوك بني أمية قبر ولا أثر. ولكن (يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (٣٢) [التوبة :
٣٢].
فمن مشهد رأس
الحسين عليهالسلام ، ومشهد زين العابدين عليهالسلام ، ومشهد الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، في شرق المسجد الأموي ؛ إلى مرقد السيدة رقيّة بنت
الحسين عليهالسلام في الشمال الشرقي من المسجد الأموي ، عند باب الفراديس (العمارة)
؛ إلى مسجد السّقط ، حيث سقط رأس الحسين عليهالسلام عند باب جيرون الداخلي ؛ إلى مشاهد أهل البيت عليهالسلام في مقبرة باب الصغير ، ومنهم سكينة بنت الحسين عليهالسلام ، وأم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام علي عليهالسلام ، وعبد الله ابن الإمام زين العابدين عليهالسلام ؛ إلى مشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام في المنطقة المذكورة ؛ إلى مرقد العقيلة زينب بنت الإمام
علي عليهالسلام في قرية (راوية) على بعد ١٠ كم جنوب دمشق ، في المكان
المعروف اليوم بقبر الست.
١ ـ مشهد رأس الحسين عليهالسلام
٧٤١ ـ مدفن الرأس
الشريف بدمشق :
(الحسين بن علي عليهالسلام لتوفيق أبو علم ، ص ١٧٤)
يقول ياسين بن
مصطفى الفرضي :
المزارات المشهورة
للصحابة بدمشق ونواحيها : ... والمشهور منها بتربة باب الفراديس ، المسماة بمرج
أبي الدحداح الآن ، مسجد سمّي مسجد الرأس ، داخل باب الفراديس ، في أصل جدار
المحراب لهذا المسجد رأس الشهيد الملك الكامل ، وغربي المحراب المذكور في الجدار
طاقة على الطريق ، يقال إن رأس
الحسين عليهالسلام دفن بها ، ولذا يقال له مشهد الحسين [يقصد به المكان الّذي
فيه الآن مرقد السيدة رقية عليهاالسلام].
وقال ابن الطولوني
: وله بدمشق مشهد معروف ، داخل باب الفراديس ، وفي خارجه مكان الرأس على ما ذكروا.
وذكر ابن أبي
الدنيا : أن الرأس لم يزل في خزانة يزيد بن معاوية حتى توفي ، فأخذ من خزانته ،
فكفّن ودفن داخل باب الفراديس من مدينة دمشق.
يقول ابن كثير :
ويعرف مكانه بمسجد الرأس اليوم ، داخل باب الفراديس الثاني.
٧٤٢ ـ مسجد الرأس
:
(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)
جاء في المجلة
المذكورة تحت عنوان (العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها) :
يوجد للحسين بن
علي عليهالسلام مزارات كثيرة ، يطلق عليها اسم مشهد ، تشير إلى قبره ،
ولعل الأصح أن تعدّ نصبا تذكارية ، لأنه لا يعقل أن يدفن رأس الحسين عليهالسلام أو جثته في عدة بلدان. وله مشهد مثير شهير في كربلاء حيث
قتل ، يرجّح أن يكون القبر الّذي وارى جثته ، كما أن له مشهدا آخر في القاهرة.
وتؤكد المصادر
التاريخية أن رأس الحسين عليهالسلام نقل إلى دمشق ليراه يزيد بن معاوية.
ويذكر المؤرخون
مسجدا داخل باب الفراديس باسم (مسجد الرأس) ، وذلك نسبة لرأس الحسين بن علي عليهالسلام الّذي دفن فيه ، وهو مشهد السيدة رقية حاليا.
كما أن للحسين عليهالسلام مشهدا في جامع بني أمية بدمشق ، في مكان يطلق عليه (مشهد
رأس الحسين) ، وقد أطلق عليه في القديم مشهد علي ، وكذلك مشهد زين العابدين عليهالسلام. انتهى كلامه
توضيح :
تدل المعطيات
السابقة إلى أن هناك موضعين باسم (مسجد الرأس) حيث دفن رأس الحسين عليهالسلام.
الأول : عند ضريح
السيدة رقية بنت الحسين عليهالسلام داخل باب الفراديس لدمشق ، وفي هذا المشهد دفن الملك
الكامل بن الغازي ابن الملك العادل ،
في أصل جدار
محرابه.
والثاني : في قصر
يزيد ، المتصل بالرواق الشرقي للجامع الأموي ، في المكان المسمى اليوم مشهد رأس
الحسين عليهالسلام.
وإذا صحّ أن الرأس
الشريف قد دفن في دمشق قبل نقله إلى كربلاء ، فلا بدّ أنه دفن في أحد هذين
الموضعين. ويمكن إزالة التعارض بين الروايات ، بأن الرأس الشريف وضع مدة في قصر
يزيد وبات فيه ، حيث صلى الإمام زين العابدين عليهالسلام ، فصار هذا الموضع مشهدا لزين العابدين عليهالسلام ومشهدا للرأس الشريف وليس مكان دفنه ، وهو المشهد الموجود
في شرق الجامع الأموي.
وإذا صحّ أن
سليمان بن عبد الملك أو غيره وجد الرأس الشريف في خزائن بني أمية ، فأكرمه ودفنه ،
فلعله دفنه عند ضريح ابنته السيدة رقية عليهالسلام داخل سور دمشق ، على يمين الخارج من باب الفراديس. وذلك
قبل أن يتمّ نقله وإرجاعه إلى الجسد المطهر في كربلاء. ويؤكد ذلك اللوحتان
الحجريتان اللتان كانتا في حائط مسجد السيدة رقية عليهالسلام إلى جانب المحراب ، كما سترى.
ونشرع الآن
بالحديث عن مشهد رأس الحسين عليهالسلام الواقع في شرق المسجد الجامع.
٧٤٣ ـ المشاهد
الأربعة في الجامع الأموي : (العمارة العربية الإسلامية ، ص ٥٦)
المتفحص لمخطط
المسجد الجامع المشهور بالأموي ، يلاحظ أربع قاعات كبيرة مستطيلة متساوية الأبعاد
تقريبا ، موزّعة على جانبي البابين الشرقي والغربي ، عرفت قديما بالمشاهد ، ونسب
كل واحد منها إلى أحد الخلفاء الراشدين الأربعة. يدعى المشهد الجنوبي الغربي مشهد
أبي بكر ، والجنوبي الشرقي مشهد عمر ، والشمالي الغربي مشهد عثمان ، والشمالي
الشرقي مشهد علي عليهالسلام ، ثم دعي الأخير مشهد الحسين عليهالسلام.
وقال ابن جبير في
رحلته ، ص ٢٤١ :
وفي الجانب الشرقي
من الصحن باب يفضي إلى مسجد من أحسن المساجد وأبدعها وصفا وأجملها بناء ، يذكر
الشيعة أنه مشهد لعلي بن أبي طالب عليهالسلام.
وفي (الإشارات إلى
معرفة الزيارات) ص ١٥ :
وبالجامع من
شرقيّة مشهد علي بن أبي طالب ، ومشهد الحسين ، وزين العابدينعليهالسلام.
وفي كتاب (الجامع
الأموي) للشيخ علي الطنطاوي ، ص ٥٩ يقول :
وفي سنة ٦٦٨ ه
جدد الملك الظاهر مشهد زين العابدين (مشهد الحسين) بعدما استولى عليه الخراب ،
وطرد من كانوا يتخذونه ملجأ ، إلا واحدا منهم رأى فيه الصلاح والعبادة. وأغلق مدة
في أيام العثمانيين وأهمل ، فجدده الوالي العثماني سليمان باشا وفتحه.
وفي الكتاب
المذكور ، ص ٢٣ يقول : وفي الشرق نجد مشهد زين العابدين عليهالسلام المعروف اليوم بمشهد الحسين عليهالسلام ، وفيه الآن القبر المشهور أن فيه رأس الحسينعليهالسلام.
٧٤٤ ـ مشهد رأس
الحسين عليهالسلام في شرقي مسجد دمشق :
يعتقد بعض مؤرخي
السنة أن في هذا المشهد دفن رأس الحسين عليهالسلام. وفي الواقع إن هذا المشهد الواقع في أحد أجنحة المسجد
الأموي ، على يمين الداخل من باب جيرون (النوفرة) كان إحدى غرف قصر يزيد التي كان
ينام فيها ، ثم أصبح جزءا من المسجد الجامع. وفي هذه الغرفة وضع يزيد الرأس الشريف
بعد أن عرض عليه. ثم لما ظهرت من الرأس المقدس الكرامات المشهورة ، ورأتها هند
زوجة يزيد ، وكذلك يزيد نفسه ، نقله يزيد إلى مكان آخر خارج القصر. ولعل هذه
الغرفة هي نفسها التي وضع فيها رأس الحسين عليهالسلام بجانب القبة التي كان يشرب فيها يزيد المسكرات مع حاشيته ،
والتي بات فيها سبعون رجلا يحرسون الرأس الشريف ، فرأى أحدهم الرؤيا العجيبة التي
ذكرناها سابقا في الفقرة رقم ٦٠٧.
٧٤٥ ـ زيارة
ميدانية :
وقد قمت بزيارة
ميدانية لمشهد رأس الحسين عليهالسلام في شرقي المسجد الأموي ، ورأيت فيه : مشهد الإمام علي عليهالسلام ، ثم مشهد الإمام زين العابدين عليهالسلام الّذي صلى فيه ، وبجانبه كوة في الحائط تفضي إلى المكان
الّذي وضع فيه رأس الحسين عليهالسلام ، وفي الداخل غرفة شبه مربعة أصغر من التي قبلها ، وضعت
على جدرانها رخامات كتب عليها أسماء الأئمة الاثني عشر عليهالسلام ، وفي
زاويتها الملاصقة
للكوة قفص فيه عمامة خضراء ترمز لرأس الحسين عليهالسلام ، وصندوق يزعم البعض أن فيه شعرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٧٤٦ ـ مزار شعرة
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
(مجلة الثقافة الاسلامية ـ العدد ١٥ ربيع ١٤٠٨ ه ، ص ١٥٨ ؛
موضوع الأشراف
ونقابتهم في التاريخ الاسلامي ، بقلم محمّد مطيع الحافظ)
ذكر السيد سعيد
حمزة نقيب الأشراف بدمشق : أن في دمشق ثلاث شعرات للنبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : إحداها لدى آل حمزة ، والثانية لدى آل سعد الدين ،
والثالثة لدى آل أبي الشامات.
والشعرة الأولى
موجودة لدى السادة الأشراف آل حمزة ، ومحفوظة في مشهد الحسينعليهالسلام.
ويشير أحمد تيمور
في كتابه (الآثار النبوية) إلى أن هذا المشهد كان متهدما ، فزاره والي دمشق فؤاد
باشا سنة ١٢٧٨ ه وسعى لدى السلطان
عبد العزيز في
تعميره ، وجعل الدار المجاورة له تكية باسم المقام ، يطعم فيها الطعام كل يوم بعد
العصر. واختير السيد سليمان الحمزاوي مشرفا على المقام لصلة نسبه بصاحب المقام
مولانا الحسين عليهالسلام. ثم إن السلطان عبد العزيز أرسل بشعرة من الآثار النبوية
لتحفظ بهذا المقام ، فحفظت فيه ، وما زالت إلى اليوم ، يحتفل بإخراجها في العام
مرة واحدة ، في ليلة ٢٧ رمضان ، ويزورها الناس بعد صلاة التراويح ، فيقرأ القراء
ثم يشرعون في الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويخرجها المشرف ، ويكون نقيب الأشراف أو واحدا من أهله ،
فيتبرك الحاضرون بتقبيلها وهي بيده ، وذكر الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مستمر إلى أن تنتهي الزيارة ، فتعاد إلى لفائفها وصندوقها
، وترفع إلى مكانها.
٧٤٧ ـ وصف مشهد
رأس الحسين عليهالسلام شرقي المسجد الأموي :
وهذا وصف حي لمشهد
رأس الحسين عليهالسلام وأجزائه الثلاثة كما هو مبين في (الشكل ٣١) المرفق.
إذا أتينا إلى
المسجد الجامع من الشرق ، نمرّ بطريق النوفرة (سويقة جيرون) حتى نصل إلى الباب
الشرقي للجامع (باب جيرون) ، نصعد على الدرج (درج النوفرة) الّذي أقيمت عليه
السبايا ، فإذا وصلنا إلى آخر الدرج ونظرنا يمينا نلاحظ في جدار
قصر يزيد أثر باب
حجري كبير قد أغلق وسدّ ، إنه باب قصر يزيد الّذي أدخل منه السبايا والرؤوس ، وهو
يقابل في الداخل محراب المشهد الّذي وضع فيه رأس الحسين عليهالسلام.
ندخل من باب جيرون
للمسجد حتى ننتهي إلى صحن الجامع ، ثم ننعطف إلى اليمين حتى نصل إلى مشهد رأس
الحسين عليهالسلام.
ويظن العامة أن
هنا دفن رأس الحسين عليهالسلام ، والصحيح أن هذا المكان كما ذكرنا كان جزءا من قصر يزيد ،
وهو الغرفة التي بات فيها الرأس الشريف وظهرت فيها بعض كراماته. فحين استيقظت هند
زوجة يزيد رأت النور ينبعث من تلك الغرفة ، فلما اقتربت منها رأت الرأس الشريف
والأنوار تتصاعد منه إلى عنان السماء. فأيقظت يزيد وأمرته بإخراجه من القصر ،
وهددته بالفراق ، فلم يلبث أن أخرج الرأس من القصر ، ونصبه على باب جيرون.
يتألف هذا المقام
من ثلاثة مشاهد ، يدخل الزائر إلى الغرفة الأولى وهي الكبرى ، وتدعى مشهد الإمام
علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وفي صدرها محراب لطيف ، وتمتاز هذه الغرفة بسقفها العالي
، وفيها قفص حديدي معلق بالسقف على شكل ثريا.
ثم ندخل إلى
الغرفة الثانية ، وهي أصغر من الأولى ، وهي مشهد الإمام زين العابدينعليهالسلام ، ولها محراب خاص. ويجد الزائر في الجدار الشرقي لهذه
الغرفة المكان الّذي كان يصلي فيه زين العابدين عليهالسلام في الفترة الأخيرة من إقامته في دمشق ، حين قرّبه يزيد
ونقله مع السبايا من الخربة إلى قصره ، خوفا من نقمة الناس عليه ، ليوهم الجمهور
أنه يحب أهل البيت عليهالسلام وأنه بريء من قتل الحسين عليهالسلام. وفي هذا المكان قفص زجاجي فيه محراب صغير ، وعلى جدرانه
لوحات قرآنية. وبجوار هذا القفص في الحائط كوة عميقة عطّرت بالمسك والعنبر وكسيت
بالقاشاني ، تؤدي إلى الموضع الّذي تشرف بوضع الرأس المطهر فيه ، وذلك بناء على
الحقيقة المنقولة بأن رأس الحسين عليهالسلام كان يتضوع عطرا في كل مكان وضع فيه. ويتسابق الزوار لإدخال
رؤوسهم في هذه الكوة ، ليقبلوها ويتنسموا منها عبق الجنة.

(الشكل ٣١) : مخطط مشهد رأس الحسين عليهالسلام
ثم ندخل إلى
الغرفة الثالثة شبه المربعة ، حيث يقع إلى يسار الداخل إليها القفص الخاص برأس
الحسين عليهالسلام ، وتدعى مشهد رأس الحسين عليهالسلام. وقد وضع في القفص ، إلى اليسار كرة مجللة بثوب أخضر ،
للدلالة على مكان وضع الرأس الشريف ، وإلى اليمين صندوق مجلل يقال إن فيه شعرة
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما ذكرنا سابقا.
وقد كسيت جدران
هذه الغرفة بالرخام الأبيض ، ونقشت عليها أسماء الأئمة الاثني عشر عليهالسلام. ولهذه الغرفة محراب يحاذي الباب المسدود من الخارج. وبجانب
المحراب لوحة لزيارة أهل البيت ورأس الحسين عليهالسلام.
ويعجب المرء من
قدرة الله تعالى ، كيف أن هذا القصر الّذي كان قصرا ليزيد ، يزول ذكر صاحبه منه
إلا باللعنة على كل لسان ، بينما يصير مقرا ومشهدا لتعظيم الحسينعليهالسلام ، تذكره الأجيال وتزوره في كل عصر وزمان.
وفي تصوري أن
الفاطميين قد اعتنوا بهذا المشهد اعتناء خاصا ، وذلك حين حكموا دمشق في القرن
الرابع الهجري.
هذا وقد أهدى
إخواننا الشيعة البهرة الذين يتواجدون في الهند (بومباي) قفصا فضيا مذهبا لهذا
المقام الجليل ، فزاد المكان رونقا وبهاء ، وروعة وسناء.
٧٤٨ ـ وصف معماري
للمشاهد الثلاث السابقة :
(الآثار الإسلامية في دمشق لكارل ولتسنغر ، ص ٣٣٥)
وهذا وصف معماري
للغرف الثلاث للمستشرق ولتسنغر :
الغرفة رقم (١):
قاعة طويلة (تدعى
مشهد علي). ثمة كتابة حديثة تعلو مدخلها. يضم الجدار محرابا وبابا وثلاث نوافذ.
يخترق الجدار الشرقي باب صغير وثلاثة أبواب كبيرة ، وهي تؤدي إلى الغرفة رقم (٢).
الجدار الجنوبي مزوّد بمحراب ، وتبرز إلى يساره فاصلة مونة بين حجرين ، وهي هامة
بالنسبة للبقايا المعمارية السابقة للإسلام. ويبدو أن الجدار السابق للإسلام لم
يشغل العرض بأكمله.
الغرفة رقم (٢):
غرفة مستطيلة
موازية للقاعة السابقة ، لكنها أقصر حجما (٦٤ ، ٢* ٩٠ ، ١٤ م)
وتعرف باسم (مشهد
علي بن الحسين زين العابدين). تظهر في الجدار الغربي ثلاث دعائم جدارية سابقة
للإسلام. كما يوجد بئر في الزاوية الشمالية الشرقية. ويقوم محراب علي بن الحسين في
قاعدة الجدار الشرقي. ويوجد إلى جانب المحراب صندوق يضم بعضا من شعر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. أما الجدار الجنوبي فإنه مزوّد بمحراب بالإضافة إلى مكان
مخصص لأحد الأئمة التسعة في الجامع.
الغرفة رقم (٣):
(مسجد رأس الحسين)
تعلوه قبّة. يقوم إلى اليمين محراب وإلى اليسار يوجد محراب. هناك صندوق جداري محاط
بشباك من الفضة. كان هذا المكان يضم رأس الحسينعليهالسلام. وكتابة هذا نصها : مرقد رأس سيدنا الإمام أبي عبد الله
الحسين رضي الله تعالى عنه.
٢ ـ مرقد السيدة رقية عليهاالسلام
٧٤٩ ـ مرقد السيدة
رقيّة بنت الحسين عليهالسلام :
(مجلة الحوليات الأثرية العربية السورية ـ المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥)
في باب الفراديس
مسجد صغير فيه قبّة ، يرجع عهد بنائها إلى العصر الأيوبي ، تضم ضريحا عليه قفص
معدني جميل ، يعتقد الناس بأن هذا القبر للسيدة رقية. وقد ذكر بعض المؤرخين أنها
دفنت في مسجد الرأس الّذي يطلق عليه اسم مشهد السيدة رقية عليهالسلام.
وقد كتبت رخامة
على باب مرقد رقية عليهالسلام من شعر العلامة السيد محسن الأمين وتأريخه ، وهي :
تمسّك بالولاء
لآل طه
|
|
بحبهم غدا في
الحشر تسعد
|
وهذا باب حطّة
فادخلوه
|
|
وأنتم ركّع لله
سجّد
|
لأسنى بقعة طهرت
وطابت
|
|
بأزكى حضرة
وبخير مرقد
|
فزرها واستجر
واسأل ففيها
|
|
يماط الذنب
والحسنات تصعد
|
وقد أرّختها :
تزهو سناء
|
|
بقبر رقية من آل
أحمد
|
(أقول) : لقد حصل خلط في اسم (رقية)
نزيلة هذا المرقد الشريف ، فقد كانت فوق باب مشهدها رخامة رأيتها مكتوب عليها :
مرقد السيدة رقية بنت الإمام علي بن
أبي طالب عليهالسلام. وهذا خطأ ، لأن رقية المدفونة في هذا المشهد هي طفلة
صغيرة ، وهي بنت الإمام الحسين عليهالسلام التي توفيت في الخربة حين إقامتها مع السبايا ، فدفنت في
مكان وفاتها.
وأما رقية الكبرى
بنت الإمام علي عليهالسلام فكانت زوجة لمسلم بن عقيل عليهالسلام وقد حضرت كربلاء مع أولادها منه وهم : عبد الله وعلي
ومحمد. وكانت مع السبايا ، ثم رجعت إلى المدينة المنورة ، ولم يذكر أحد أنها رجعت
إلى دمشق أو توفيت فيها.
٧٥٠ ـ ما كتب على
جدار مسجد السيدة رقية عليهاالسلام :
(ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٢٩)
قال يوسف بن عبد
الهادي : كانت في مسجد السيدة رقية عليهالسلام لوحة حجرية إلى جانب المحراب كتب عليها : قد صار التوفيق
لجناب الميرزا بابا المستوفي الكيلاني في عمارة البقعة المشهورة بمقام ستّنا رقية
بنت سيدنا علي ، وموضع رأس الحسين عليهالسلام.
وعلى لوحة أخرى
مكتوب :
هذا المكان
المبارك فيه مدفون كامل السلطان الشهيد الغازي المجاهد المرابط في سبيل الله ،
الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن جمال الدين صاحب ساقان قنبر ... دفن في هذا
المشهد الحسيني بباب الفراديس في ٢٧ رمضان سنة ٨٠٨ ه.
وفي المصدر السابق
ص ٨٧ قال : مسجد عند باب المسجد الجامع يعرف بمسجد الرأس ، فيه قناة [أي ماء] ،
يقال : إن فيه رأس الحسين عليهالسلام ، وضع فيه حين أتي به إلى دمشق.
وفي حاشية ص ٩٩
قال : عن مسجد الرأس قال ابن كثير في (البداية) ج ١٣ ص ٦٥٧ :
في سنة ٦٥٧ ه قتل
هولاكو الملك الكامل بن الغازي بن العادل (صاحب ميّافارقين) ، وطيف برأسه في
البلاد ، ودخلوا به دمشق ، فنصب على باب الفراديس البراني ، ثم دفن بمسجد الرأس
داخل باب الفراديس الجواني ، في المحراب في أصل الجدار. فنظم أبو شامة في ذلك
قصيدة يذكر فيها فضله وجهاده ، وشبّهه بالحسين عليهالسلام ، في قتله مظلوما ، ودفن رأسه عند رأسه.
٧٥١ ـ الكامل صاحب
ميّافارقين :
(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ج ٥ ص ٢٩٥)
مرّ آنفا ذكر
الكامل ، وهو الملك الكامل ناصر الدين محمّد بن الملك المظفر شهاب الدين غازي بن
العادل ، صاحب ميّافارقين ، التي كانت أشهر مدينة (بقصبة) ديار بكر ، عند منابع
دجلة ، شرق (آمد) وشمال ماردين. ملك سنة ٦٤٥ ه ، وكان عالما فاضلا شجاعا محسنا
إلى الرعية ، ذا عبادة وورع ، ولم يكن في بيته من يضاهيه.
حاصرته التتار
عشرين شهرا ، حتى فني أهل البلد بالوباء والقحط. ثم دخلوا وأسروه ، فضرب هولاكو
عنقه بعد أخذه حلب ، وطيف برأسه ، ثم علق [بدمشق] على باب الفراديس ، ثم دفنه
المسلمون بمسجد الرأس داخل الباب.
وقد ذكر أبو شامة
قصة هذا البطل الصامد [الكامل] في كتابه (ذيل الروضتين). وأبو شامة عالم مؤرخ عاصر
الكامل ، وكانت نهايته أن دخل عليه جماعة بداره بطواحين الأشنان [ركن الدين]
فضربوه حتى قتلوه ، ودفن بمقابر باب الفراديس [الدحداح] واسمه: عبد الرحمن بن
إسماعيل بن إبراهيم المقدسي الدمشقي الشافعي [٥٩٩ ـ ٦٦٥ ه ـ ١٢٠٢ ـ ١٢٦٧ م].
ـ وفاة الملك
الكامل بن غازي :
(تراجم رجال القرنين السادس والسابع ، المعروف بذيل الروضتين للحافظ شهاب
الدين أبي شامة الدمشقي ، ص ٢٠٥)
يقول أبو شامة :
وفي يوم الاثنين ٢٧ جمادى الأولى سنة ٦٥٨ ه [١٢٦٠ م] طيف بدمشق برأس مقطوع ،
مرفوع على رمح قصير معلق بشعره فوق قطعة شبكة ، زعموا أنه رأس الكامل محمّد بن
شهاب الدين غازي بن العادل ، صاحب ميافارقين ، الّذي دام التتار على حصاره أكثر من
سنة ونصف ، ولم يزل ظاهرا عليهم إلى أن فني أهل البلد لفناء زادهم.
وبلغني أنه دخل
عليه البلد ، فوجد مع من بقي من أصحابه موتى أو مرضى ، فقطع رأسه وحمل إلى البلاد
، فطيف به بدمشق ، ثم علّق على باب الفراديس الخارج. يقول أبو شامة يصف ذلك :
ابن غازي غزا
وجاهد في الل
|
|
ه جيوشا قد
أثخنوا المشرقين
|
ظاهرا غالبا
ومات شهيدا
|
|
بعد صبر عليهم
عامين
|
لم يشنه أن طيف
بالرأس منه
|
|
فله أسوة برأس
الحسين
|
وافق السبط في
الشهادة والحم
|
|
ل ، لقد حاز
أجره مرّتين
|
جمع الله حسن
دين الشهيدي
|
|
ن على قبح ذينك
الفعلين
|
ثم واروا في
مشهد الرأس ذاك ال
|
|
رأس فاستعجبوا
من الحالتين
|
وارتجوا أنه
سيحيى لدى البع
|
|
ث رفيق الحسين
في الحسنيين
|
ثم وقع من الاتفاق
العجيب أن دفن في مسجد الرأس داخل باب الفراديس ، شرقي المحراب في أصل الجدار.
وغربي المحراب طاقة يقال إن رأس الحسين عليهالسلام دفن بها.
عود إلى رقية عليهاالسلام
٧٥٢ ـ قصة إصلاح
قبر السيدة رقيّة عليهاالسلام :
هذه القصة ثابتة
واقعيا ، وإن اختلفت قليلا في التفاصيل ، وسوف أعرض أربع روايات لها ، أبدؤها
برواية الشبلنجي في (نور الأبصار) ص ١٧٦ ، وهي :
الرواية الأولى :
كانت للإمام علي عليهالسلام بنتان باسم رقية ، إحداهما من فاطمة عليهالسلام والأخرى من الصهباء التغلبية [أقول : الصحيح أن الأولى
رقية الكبرى أمها الصهباء ، والثانية رقية الصغرى أمها أم ولد. وليست لفاطمة
الزهراء عليهالسلام بنت باسم رقية ، والتي حضرت كربلاء هي الأولى].
وبعد أن ذكر
الشبلنجي أن رقية بنت الإمام علي عليهالسلام مدفونة في القاهرة ، قال : وقد أخبرني بعض الشوام ، أن
للسيدة رقية بنت الإمام علي عليهالسلام ضريحا بدمشق الشام ، وأن جدران قبرها كانت قد تعيّبت ،
فأرادوا إخراجها منه لتجديده ، فلم يتجاسر أحد أن ينزله من الهيبة. فحضر شخص من
أهل البيت يدعى السيد ابن مرتضى [ولم يذكر اسمه] فنزل في قبرها ، ووضع عليها ثوبا
لفّها فيه وأخرجها ، فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ.
وزاد المازندراني
في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٠١ قوله : وكان متنها مجروحا من كثرة الضرب. وهذه القصة
تدور كثيرا على ألسنة الناس في دمشق.
(أقول) : حصل
الخلط عند الشبلنجي وغيره في اسم هذه الكريمة ، والذي يؤكد أنها رقية بنت الحسين عليهالسلام وليست بنت علي عليهالسلام هو قوله : فإذا هي بنت صغيرة دون البلوغ ، فقد كان عمرها
خمس سنين. وقد ذكرنا قصة وفاتها أثناء إقامة السبايا في الخربة. أما رقية بنت
الإمام علي عليهالسلام التي حضرت كربلاء فكانت كبيرة ، ورجعت مع السبايا إلى
المدينة.
الرواية الثانية :
ذكر صديقنا الحاج حسن سليم صالح هذه القصة ، رواية عن جده السيد رضا صالح ، وكان
حاضرا أثناء الحادثة ، قال :
كان السيد إبراهيم
مرتضى وهو جد السيد إبراهيم مرتضى والد الدكتور عبد الغني ، يسكن في محلة الخراب (حي
الأمين). رأى في المنام سيدتنا رقية تقول له : إن قبري يكاد ينهار ، فأصلحوه. وفي
نفس الوقت رأى الوالي العثماني في دمشق السيدة رقية عليهالسلام وقالت له : يأتي أحد أرحامي ليصلح قبري ، وهو الّذي يحملني!.
جاء الناس
ليتفرجوا ، ودخل السيد إبراهيم وحفر وحملها ، وغطوه معها بشرشف. ظل من الصباح حتى
العصر وهو حاملها. ولما أرجعها إلى القبر بعد إصلاحه ، ابيضّ شعر رأسه. ولما قفل
راجعا إلى الحي ، وأثناء الطريق صار الناس يقطعون من ملابسه قطعا ويأخذونها للبركة
، حتى وصل إلى بيته بدون قميص. وعاش ثلاثة أيام وتوفي.
الرواية الثالثة :
سمعت من أحد العارفين قال :
لما تصدّعت جدران
قبر رقية عليهاالسلام نتيجة جريان نهر بردى قربه ، وكان ذلك في عهد الدولة
العثمانية ، جاء الحاكم العثماني ليشرف على إصلاح القبر ، واحتار فيمن يقوم بحمل
جسد السيدة رقية أثناء إصلاح القبر!. فاقترح عليه الناس أن يقوم بذلك (الأشراف) في
البلد ، الذين هم أقرب الناس من السيدة رقية عليهالسلام. وكان في دمشق كثير من الأشراف السنّة ، فجاء كل واحد منهم
يدّعي أنه أحقّ بهذا العمل من غيره ، واختلفوا في ذلك. وأراد الحاكم أن يقطع
نزاعهم ، فقال : أضرب على باب المقام سلسلة وقفلا ، ويأتي من يريد تنفيذ المهمة ،
فيتلو أمام القفل حسبه ونسبه ، فالذي ينكسر له القفل من تلقاء ذاته يكون هو الّذي
ترضى عنه رقية عليهالسلام ليخرجها من قبرها ويحملها ريثما يتمّ إصلاح قبرها.
وجاء كثيرون
وفعلوا ذلك فلم ينفتح لهم الباب. وفي الأثناء رأى السيد إبراهيم مرتضى من حي
الأمين رؤيا ، مفادها أن السيدة رقية عليهاالسلام جاءت إليه في المنام ، وقالت له : أدركوني قبل أن يهبط
قبري وأغرق في الماء. فجاء إلى المقام بحضور الحاكم العثماني وجميع الأشراف
والأعيان ، فبمجرد أن ذكر حسبه ونسبه ، انكسر له القفل وسقطت السلسلة ، ودخل وحفر
القبر واستخرج جسد رقية عليهاالسلام ولفّها بثوب ، وكانت صبية صغيرة دون البلوغ ، ولم يفن
جسدها. ثم وضعها في حضنه ، وجلس على كرسي تحت خيمة ، ريثما فرغوا من إصلاح القبر ،
ثم أعادها إلى مكانها. وخرج من المقام وقد ابيض شعر رأسه ، وحين خرج صار الناس
يأخذون من ثوبه قطعا للبركة حتى تمزّق كل قميصه. ولم يعش طويلا ، بل توفي في تلك
السنة.
٧٥٣ ـ الرواية
الرابعة في قصة تعمير قبر السيدة رقية عليهاالسلام بدمشق :
(منتخب التواريخ لمحمد هاشم خراساني ، ص ٣٦٥)
والرواية الرابعة
منقولة من كتاب (منتخب التواريخ) باللغة الفارسية ، وأنا أول من ترجمها ، وهي أجمع
الروايات الأربعة. قال الشيخ الخراساني :
من القبور
المباركة في دمشق مرقد رقية بنت الحسين عليهالسلام المدفونة في خرابة الشام. وقد ذكر لي العالم الجليل الشيخ
محمّد علي الشامي ، وهو من جملة العلماء والدارسين في النجف الأشرف ، أن جده لأمه
جناب السيد إبراهيم
[مرتضى] الدمشقي ،
والذي ينتهي نسبه إلى الشريف المرتضى علم الهدى ، وكان عمره نحو تسعين عاما ، وله
ثلاث بنات وليس له ذكور ؛ رأت بنته الكبرى في النوم السيدة رقية بنت الحسين عليهالسلام ، وقالت لها : قولي لأبيك أن يقول للوالي أن الماء سقط بين
قبري ولحدي ، وأن بدني قد تأذّى ، وأنه يلزم أن يعمّر قبري ولحدي.
نقلت البنت ذلك
لأبيها ، وكانت للأب علاقات طيّبة مع أهل السنّة في دمشق ، وكان يتحاشى إثارة
الحساسيات معهم ، فلم يهتم برؤيا ابته.
في الليلة الثانية
رأت البنت الوسطى نفس المنام ، فذكرته لأبيها فلم يكترث به أيضا. وفي الليلة
الثالثة رأت البنت الصغرى نفس المنام ، وقصته على أبيها فلم يهتمّ به ، وطوى القصة!.
في الليلة الرابعة
رأى الأب نفسه السيدة رقية عليهالسلام في نومه ، قالت له بنحو العتاب : لماذا لم تخبر الوالي
بالأمر الّذي طلبته منك؟!.
عندما استيقظ
السيد إبراهيم ذهب لعند والي الشام [العثماني] وقصّ عليه رؤياه. فأمر الوالي جميع
علماء وصلحاء الشام من السنّة والشيعة بأن يغتسلوا ويلبسوا الثياب الطاهرة النظيفة
، وقال لهم : إن الّذي ينفتح على يده القفل المضروب على باب الحرم المقدس ، فهو
الّذي يدخل إلى الضريح وينبشه ، ويخرج جسد السيدة رقية عليهالسلام ، ويحملها ريثما يتمّ تعمير قبرها.
بعد أن قام علماء
وصلحاء الشيعة والسنة بآداب الغسل كاملة ، ولبسوا أنظف وأطهر الثياب ، اجتمعوا
وحاولوا فتح القفل فلم ينفتح على يد أحد منهم ، ما عدا السيد إبراهيم.
وعندما صار الجميع
داخل الحرم وحاولوا الحفر حول الضريح ، لم يؤثّر معول أي واحد منهم أبدا ، ما عدا
معول السيد إبراهيم. ثم أفرغوا الحرم من الناس ، وعندما فتح السيد إبراهيم اللحد ،
رأى جسد السيدة رقية عليهالسلام ضمن كفنها صحيحا وسالما ، لكن الماء الكثير كان قد تجمع
داخل لحدها. ثم أخرج السيد الجسد اللطيف من اللحد ، وجلس واضعا إياها على ركبتيه.
وظل محتفظا بها على ركبتيه ثلاثة أيام وهو يبكي دائما ، حتى تمّ تعمير القبر
الشريف. وفي أوقات الصلاة كان يضعها على شيء طاهر ريثما يقضي فرض الصلاة ، ثم
يعيدها إلى حضنه. وعند انتهاء العمار أرجع السيد جسد الطفلة إلى لحدها ودفنها.
ومن كرامات السيدة
رقية عليهالسلام أن السيد إبراهيم ظل أثناء الأيام الثلاثة لا يحتاج إلى
طعام ولا شراب ، وأنه ظل طاهرا لا يحتاج إلى تجديد وضوء للصلاة ، وهو لم ينم لحظة.
بعد دفن رقية عليهالسلام دعا السيد إبراهيم ربه أن يرزقه غلاما ذكرا ، فاستجاب الله
دعاءه ، ورغم كبر سنّه أنجب له صبيا سمّاه سيد مصطفى.
وبعد ذلك أرسل
الوالي بتفصيل هذه الحادثة المباركة إلى السلطان عبد الحميد [كانت ولايته بين ١٨٧٩
ـ ١٩٠٩ م] ، فأمر الوالي بتولية السيد إبراهيم على مرقد السيدة رقية وزينب وأم
كلثوم وسكينة عليهالسلام.
وكان ذلك في حدود
سنة ١٢٨٠ ه [١٨٦٤ م] أي منذ ١٣٥ سنة.
(أقول) : إذا وقعت
تلك الحادثة في زمن السلطان عبد الحميد ، فيجب أن تكون بحدود عام ١٣٠٠ ه ، وليس
عام ١٢٨٠ كما ذكر آنفا.
هذا وقد ذكر
الفاضل الدربندي كيفية وفاتها في (أسرار الشهادة) ص ٥١٥.
٧٥٤ ـ مرقد السيدة
رقية عليهاالسلام في مصر :
قال الشيخ محمّد الصبان في (إسعاف الراغبين) ص ٢٠٩ :
توفيت رقية عليهالسلام قبل البلوغ ، ومحلها بعد السيدة سكينة عليهالسلام بشيء يسير ، على يمين الطالب للسيدة نفيسة ، تجاه مسجد
شجرة الدر ، في المشهد القريب من دار الخليفة.
وقال المازندراني
في (معالي السبطين) ج ٢ ص ١٧١ :
في تآليف بعض
معاصرينا (قال) قال الشعراني في الباب العاشر من كتاب (المنن الكبرى) : وأخبرني
بعض الخواص أن رقية بنت الحسين عليهماالسلام في المشهد القريب من جامع دار الخليفة أمير المؤمنين يزيد
، ومعها جماعة من أهل البيت عليهمالسلام. وهو معروف الآن بجامع شجرة الدر. وهذا الجامع على يسار
الطالب للسيدة نفيسة ، والمكان الّذي فيه السيدة رقية عن يمينه ، ومكتوب على الحجر
الّذي ببابه هذا البيت :
بقعة شرّفت بآل
النبي
|
|
وببنت الحسين
الشهيد رقيّه
|
وقد قرأت هذا
الكلام في (نور الأبصار) للشبلنجي ، ص ١٧٧ ، ولكنه منسوب الى السيدة رقية بنت
الإمام علي عليهماالسلام ، وأن بيت الشعر هو :
بقعة شرّفت بآل
النبي
|
|
وببنت الرضا
عليّ رقيّه
|
(أقول) : إن السيدة نفيسة المدفونة في
مصر هي نفيسة بنت الحسن الأنور ، أحد أولاد زيد الابن الأكبر للإمام الحسن السبط عليهالسلام. وللسيدة نفيسة مقام معروف في القاهرة.
٧٥٥ ـ قفص مرقد
رقيّة عليهاالسلام :
كان على ضريح رقية
عليهالسلام في دمشق قفص فضي رائع أهداه مجمع بني الزهراء في طهران عام
١٣٧٦ ه ، وقد نقشت عليه بعض الأشعار والأقوال ، ومنها حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من مات على حبّ آل محمّد مات شهيدا ...».
وفي عام ١٤١٤ ه [١٩٩٤
م] وبعد توسيع المقام بشكل كبير ، أهدت الجمهورية الإسلامية في إيران قفصا جديدا
أكبر من الأول ، مطعما بالذهب والفضة ، وقد صنع خصيصا في إصفهان. ومن حسن التصرف
أنهم نصبوا هذا القفص الجديد مع الاحتفاظ بالقفص القديم ضمنه ، لقيمته التاريخية
والأثرية. ويعدّ القفص الجديد من روائع الفن الاسلامي.
وقد أقيمت في
البناء الموسع الجديد قبة شامخة ومئذنة عالية ، وأسست الايوانات المحيطة والصحن
الكبير لاستيعاب الزوار المتزايدين.
وهناك جامع ملاصق
لقبرها الشريف تقام فيه الصلوات. وكتب على الباب الخارجي للمقام :
إليكم كل مكرمة
تؤول
|
|
إذا ما قيل
جدّكم الرسول
|
٣ ـ مشهد رؤوس الشهداء عليهمالسلام
٧٥٦ ـ مشهد رؤوس
الشهداء عليهمالسلام في مقبرة باب الصغير بدمشق :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٠)
قال العلامة السيد
محسن الأمين عن مشهد رؤوس الشهداء عليهمالسلام :
رأيت بعد سنة ١٣٢١
ه في المقبرة المعروفة بمقبرة باب الصغير بدمشق ، مشهدا وضع فوق بابه صخرة كتب
عليها :
هذا مدفن رأس
العباس بن علي عليهالسلام ، ورأس علي بن الحسين الأكبر عليهماالسلام ، ورأس حبيب بن مظاهر رضي الله عنه. ثم إنه هدم بعد ذلك
بسنين هذا المشهد ، وأعيد بناؤه وأزيلت هذه الصخرة ، وبني ضريح داخل المشهد. ونقش
عليه أسماء كثيرة لشهداء كربلاء. ولكن الحقيقة أنه منسوب إلى الرؤوس الشريفة
الثلاثة المقدم ذكرها.
ثم يقول : وهذا
المشهد الظن قوي بصحة نسبته ، لأن الرؤوس الشريفة بعد حملها إلى دمشق والطواف بها
، وانتهاء غرض يزيد من إظهار الغلبة والتنكيل بأهلها والتشفي ، لا بدّ أن تدفن في
إحدى المقابر ، فدفنت هذه الرؤوس الثلاثة في مقبرة باب الصغير ، وحفظ محل دفنها ،
والله أعلم.
(أقول) : كان عدد
الرؤوس التي جلبت إلى دمشق ١٦ رأسا ما عدا رأس الحسين عليهالسلام ، وكلهم من أهل البيت عليهمالسلام ما عدا واحدا هو الصحابي الجليل
حبيب بن مظاهر.
وليس هناك أي مبرر أن يدفن ثلاثة رؤوس منهم فقط في هذا الموقع دون الباقي. ومما
يؤكد أنهم دفنوا جميعا في ذلك المكان القصة الواقعية التالية.
٧٥٧ ـ تعمير مشهد
رؤوس الشهداء عليهمالسلام :
روى لي المرحوم
الحاج حسن أبو ياسر الخياط ما يؤيد وجود رؤوس الشهداء جميعا في هذا المشهد المعظم
، قال :
اجتمعت بالسيد
سليم مرتضى جد السيد سليم مرتضى متولي مقامات الستات اليوم ، فقصّ عليّ هذه القصة
، قال :
كنا نجدد مقامات
أهل البيت عليهمالسلام في الستات ، ولما أردت تعمير مقام رؤوس الشهداء عليهمالسلام ، أتيت بمعلم مسيحي ينحت الأحجار لعمل سور جديد حول
المقام. وكان العامل يأتي صباحا باكرا ، أفتح له المقام ثم أتركه وأذهب إلى البيت.
ثم أرجع العصر لأناظر ما أنجزه من عمل. وفي يوم من الأيام جئت فوجدت المسيحي قد
جمع أغراضه في السلة يريد إنهاء عمله. قلت : ما بك؟. قال : إذا أنا أردت الاستمرار
في العمل عندكم ، أخاف أن أترك ديني وأصير مسلما!. قلت : لماذا؟. قال : البارحة
بينما كنت أحرر التراب حول مقام الرؤوس ، لأضع الأحجار الجديدة ، انفتحت أمامي
ثغرة ، نظرت منها فإذا بي أرى غرفة تحت الأرض فيها عدة رؤوس ؛ بعضها أمرد ، وبعضها
بلحية ، وبعضها مغمض عينيه ، وأحدها معصّب رأسه.
ثم جاء السيد سليم
[ت ١٣٤٩ ه ـ ١٩٣١ م] ونظر من الكوة ، فرأى الرؤوس وعددهم ستة عشر رأسا ، مصفوفة
بشكل دائرة ، وكأنها مدفونة لساعتها ، كل رأس منها ما زال بشحمه ولحمه لم يصبه أذى
أو بلى ، والدماء ظاهرة عليه .. ثم سدّ المسيحي الثغرة ورحل.
والظاهر أن
العلامة السيد محسن الأمين الّذي عاصر تلك الحادثة ، لم يكن حاضرا في دمشق في ذلك
الوقت ، بل مسافرا إلى لبنان. وكم كنت متمنيا لو رأى الرؤوس بعينه ووثّق تلك
الواقعة الهامة.
كرامة لمشهد رؤوس
الشهداء عليهمالسلام :
قال السيدان كامل
ومحمد علي نظام في مجلة العرفان ، عدد تشرين الأول
١٩٣٢ ص ٣٣٣ :
ذهبنا يوما لزيارة مقامات أهل البيت عليهمالسلام الكائنة في مقبرة باب الصغير في دمشق ، فلما وصلنا إلى
مقام رؤوس الشهداء الّذين استشهدوا مع الحسين عليهالسلام بكربلاء ، وجدنا القبة والجدران بحاجة إلى الترميم
والإصلاح ، فوفّقنا الله للقيام بذلك ، وجلبنا من يلزم من العمال ، وأخذوا في
الترميم إلى أن تمّ على أحسن ما يرام. وكان الفراغ من ذلك يوم الخميس في ١٢ جمادى
الأولى ١٣٥٠ ه / ١٩٣١ م. وفي أثناء العمل سقط سعيد بن ديب شرف أحد العمال من أعلى
القبة إلى الأرض ، فلم يتأذّ ولم يصب بسوء قط ، ولا شك أن ذلك من كرامات أهل البيت
عليهمالسلام. فهنيئا لمن والاهم وتمسّك بحبلهم واقتدى بهم.
(أقول) : الرؤوس
المدفونة في هذا الموقع هي :
من الأصحاب : حبيب
بن مظاهر. ومن الآل : علي بن الحسين الأكبر عليهالسلام ـ القاسم بن الحسن عليهالسلام ـ عبد الله بن الحسن عليهالسلام. ومن أولاد الإمام علي عليهالسلام : أبو الفضل العباس ـ عبد الله بن علي عليهالسلام ـ جعفر بن علي عليهالسلام ـ عثمان بن علي عليهالسلام ـ محمّد الأصغر ابن علي عليهالسلام ـ عمر الأصغر بن علي عليهالسلام ـ أبو بكر بن علي ومن نسل عقيل : جعفر بن عقيل عليهالسلام ـ عبد الله بن عقيل عليهالسلام ـ محمّد بن مسلم بن عقيل عليهالسلام. ومن نسل جعفر الطيار عليهالسلام : عون ومحمد ابنا عبد الله بن جعفر عليهمالسلام.
وهي الرؤوس التي
أتوا بها مع السبايا إلى الشام ، وعددها ستة عشر رأسا ، ما عدا رأس الحسين عليهالسلام الّذي أرجع إلى كربلاء.
هذا وقد حصل تحسين
ملحوظ على مشهد رؤوس الشهداء عليهمالسلام ، كما أهدى الشيعة البهرة من الهند قفصا جديدا لرؤوس
الشهداء ، وضعوا داخله على التابوت ٧٢ كرة صغيرة من المخمل ترمز للرؤوس الشريفة ،
منها ١٦ حمراء اللون وهي المدفونة في ذلك المكان ، والعدد الباقي بلون أخضر
لتمييزها عنها ، وهي التي دفنت في كربلاء ولم تأت إلى دمشق.
وقد ذكر لي الأخ
السيد سليم مرتضى متولي مقامات الستات ، أنهم أثناء تركيب القفص الجديد ، حفروا في
الأرض لتثبيت القفص ، فانبعثت من الأرض رائحة كالمسك ، فدهش البهرة والحاضرون
وخروا لله ساجدين.
وفي تقديري أن
المراقد المقطوع بصحتها في دمشق اثنان : مرقد السيدة
رقية عليهاالسلام عند باب الفراديس ، ومرقد رؤوس الشهداء عليهمالسلام في الستات ، إضافة إلى مرقد العقيلة زينب عليهالسلام في قرية (راوية) الذي أجمع علماء الشيعة على ثبوته.
٧٥٨ ـ هل تفنى
أجساد الأنبياء والمعصومين عليهمالسلام؟ :
يذهب فريق من علمائنا إلى أن أجساد الأنبياء والأئمة عليهالسلام تحافظ على حالها وشكلها بعد الموت ، فلا تبلى ولا تفنى.
ولعل هذه الكرامة تشمل أيضا أجساد كل الشهداءعليهمالسلام.
وهناك عدة حوادث
تؤكد هذه الحقيقة. وقد مرّ معنا أنهم عندما اضطروا إلى إصلاح مرقد السيدة رقية عليهاالسلام بدمشق ، وحملها أحد أبناء عمها من آل المرتضى من حي الأمين
، وجدها صبيّة دون البلوغ ، وهي ما تزال برونقها وبهائها ، وكأنها نائمة بين يديه.
كما ألمحنا آنفا إلى أنهم عندما كانوا يصلحون حائط مرقد رؤوس الشهداء في (الستات)
حفروا في الأرض فانفتحت لهم كوة تفضي إلى غرفة تحت الأرض ، ورأوا فيها ستة عشر
رأسا مصفوفة على دائرة ، وكأنهم قد دفنوا في تلك اللحظة ، وآثار الدماء على وجوههم
، والعصائب ما زالت على رؤوسهم ، لم تتغير أوصافهم ، ولم تبل أجسادهم. يقول الإمام
علي عليهالسلام في نهج البلاغة :
«أيها الناس ،
خذوها عن خاتم النبيين صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنه يموت من مات منا وليس بميّت ، ويبلى من بلي وليس
ببال». (الخطبة رقم ٨٥).
٧٥٩ ـ قبور أهل
البيت عليهمالسلام في باب الصغير :
(الإشارات إلى معرفة الزيارات لأبي بكر الهروي ، ص ١٣)
تزخر مقبرة باب
الصغير في جنوب دمشق القديمة خارج السور مباشرة بمقامات وقبور عديدة لأهل البيت عليهمالسلام ، وذلك في بقعة خاصة تدعى (الستّات). وهذه بعض القبور:
قال أبو بكر
الهروي : وقبلي باب الصغير قبر أم الحسن ابنة حمزة بن جعفر الصادقعليهالسلام ، وقبر علي بن عبد الله بن العباس ، وقبر سليمان بن علي بن
عبد الله بن العباس ، وقبر زوجته أم الحسن ابنة جعفر بن الحسن بن الحسن بن فاطمة
الزهراء عليهمالسلام ، وقبر خديجة ابنة زين العابدين عليهالسلام. هؤلاء في تربة واحدة.
وقبر سكينة بنت
الحسين عليهالسلام ، وقبر محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليهالسلام.
(أقول) : هذا عدا
عن قبور أخرى لم يذكرها الهروي ، منها : قبر عبد الله بن جعفر زوج العقيلة زينب عليهالسلام ، وقبر عبد الله بن الإمام زين العابدين عليهالسلام ، ومقام أم كلثوم بنت الإمام علي عليهالسلام.
٤ ـ مقام السيدة
سكينة بنت الحسين عليهالسلام
ذكرنا سابقا أنه
كان للإمام الحسين عليهالسلام عدة بنات ، حضر منهن مع الحسين عليهالسلام في الطف ثلاث ، هن حسب ترتيب الكبر : فاطمة وسكينة ورقيّة.
وقد اختلفت
الأقوال في مرقدي فاطمة وسكينة عليهماالسلام :
١) ـ ففي قول
أنهما توفيتا في المدينة.
٢) ـ ويقول ابن
سعد في (الطبقات) : إن سكينة عليهاالسلام توفيت في مكة ، في نفس السنة التي توفيت فيها أختها فاطمة عليهالسلام ، وهي سنة ١١٧ ه.
٣) ـ والقول
الثالث : أن سكينة عليهالسلام توفيت في دمشق ، ودفنت مع عمتها أم كلثوم بنت علي عليهالسلام في الباب الصغير في مشهد واحد ، قريب من مشهد رؤوس الشهداءعليهالسلام.
٧٦٠ ـ مسجد سكينة عليهالسلام :
(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ٨٠)
قال ابن عساكر :
مسجد يعرف بمسجد سكينة ، في وسط المقبرة بقرب قبر بلال. وفي الحاشية : يزعمون أنها
سكينة بنت الحسين عليهالسلام وليست هي. وفي طبرية مشهد به قبر سكينة بنت الحسين عليهالسلام أيضا.
(انظر الإشارات إلى معرفة الزيارات لأبي بكر الهروي ، ص ١٩)
٧٦١ ـ قبر سكينة عليهالسلام : (المصدر السابق ، ص ١٩٧)
قال ابن الأكفاني
: وأراني أيضا قبر بريهة ابنة الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام في قبة ، وقبر سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام في قبة.
ـ تعليق ابن عساكر
: (المصدر السابق ، ص ١٩٩)
وأما قبر بريهة ،
فلا أدري القول في نسبها يصح ، لأن أصحاب النسب لم يذكروا في أولاد الحسن بن علي عليهالسلام ابنة اسمها بريهة.
وأما قبر سكينة
بنت الحسين عليهالسلام فيحتمل ، لأنها تزوجت بالأصبغ بن عبد
العزيز بن مروان ،
الّذي كان بمصر ، ودخلت إليه فمات قبل أن تصل إليه ، فيحتمل أنها قدمت دمشق وماتت
بها. والصحيح أنها ماتت بالمدينة.
وقال ابن عساكر في
تاريخه ـ تراجم النساء ، ص ١٥٥ : قرأت بخط علي ابن محمّد بن إبراهيم الحبائي ،
حدثنا شيوخنا عن أسلافهم أن قبر سكينة بنت الحسين عليهالسلام بدمشق ، ولكن يضعّفه أهل العلم.
وقد أكد ابن
الأثير في (الكامل) ج ٥ ص ١٩٥ أن فاطمة بنت الحسين عليهالسلام وأختها سكينة عليهالسلام توفيتا في عام واحد ، وقد توفيت سكينة في المدينة ، وطلب
واليها الصلاة عليها.
وفي (معالي
السبطين) ج ٢ ص ٢١٨ : أن والي المدينة خالد بن عبد الملك أراد الصلاة على سكينة ،
ولما تأخر ويئس أهلها من مجيئه صلوا عليها.
٧٦٢ ـ وصف القبر
المنسوب لسكينة في دمشق :
في (خطط دمشق)
لصلاح الدين المنجد ، ص ٥٧ يقول :
يقع في مقبرة
الباب الصغير بدمشق ، قبر ينسب إلى السيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام ، وفي النسبة خلاف.
يهبط إلى القبر
بسلم ، نجد ضريحا من خشب الجوز ، عليه نقوش وزخارف غنية ، مزهرة رائعة ، على
الطراز الفاطمي. في ثنايا ذلك كتابات كوفية ، فيها (هذا قبر سكينة بنت الحسين عليهماالسلام). وحول الضريح آية الكرسي.
وفي مجلة (الحوليات
الأثرية العربية السورية) المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥ ـ عدد خاص عن دمشق ، بعنوان [العظماء
الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها].
قال : ذكر
المؤرخون أن سكينة سيدة الشعراء ، وأنها ماتت بدمشق ، ودفنت في تربة القلندرية
داخل القبة ، في مقبرة باب الصغير ، ولها قبر فخم عليه قبة. والضريح مصنوع من
الخشب المحلّى بالزخارف المحفورة المخرّقة والكتابات الكوفية ، ويرجح أنه صنع في
العصر الفاطمي. وقد ذكرت بعض الروايات أنها توفيت بالمدينة.
(راجع منتخبات التواريخ للحصني ، ص ٤٣٢ ؛ وقبور العظماء للريحاوي ، ص ٦٥٩)
الكلام الفصل :
بعد التعارض
الشديد في الروايات حول مدفن السيدة سكينة بنت الحسين عليهاالسلام يأتينا البرهان القاطع على أنها ليست مدفونة في مقبرة (البستان)
بدمشق. وذلك مما
ذكره السيد محسن
الأمين في (الأعيان) طبعة بيروت حجم كبير ، المجلد ٧ ص ٢٧٤ ، والمجلد ٣ ص ٤٩١ قال
:
قال ابن خلكان :
توفيت سكينة بنت الحسين عليهاالسلام في المدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة
١١٧ ه ، في أيام هشام بن عبد الملك ، وعمرها ٧٥ سنة. وقال سبط ابن الجوزي : ماتت
فاطمة بنت الحسين عليهاالسلام وأختها سكينة في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه.
وفي (الأغاني) ما
حاصله : أنها ماتت وعلى المدينة خالد بن عبد الملك ، فآذنوه بالجنازة ، وذلك في
أول النهار في حرّ شديد ، فجعل يماطلهم إلى أن صلّيت العشاء ولم يجئ ، فجعلوا
يصلون عليها جمعا جمعا فرادى ، وينصرفون.
ثمّ يقول السيد
الأمين في (الأعيان) المجلد ٣ ص ٤٩٢ :
أما القبر المنسوب
إليها بدمشق في مقبرة الباب الصغير ، فهو غير صحيح ، لإجماع أهل التواريخ على أنها
دفنت بالمدينة. ويوجد على هذا القبر المنسوب إليها بدمشق صندوق من الخشب كتب عليه
آية الكرسي بخط كوفي مشجّر رأيته. وأخبرني الشيخ عباس القمي الّذي هو ماهر في
قراءة الخطوط الكوفية بدمشق سنة ١٣٥٦ ه أن الاسم المكتوب بآخر الكتابة التي على
الصندوق (سكينة بنت الملك) بلا شك ولا ريب ، وكسر ما بعد لفظة الملك. فالقبر إذن
لإحدى بنات الملوك المسماة (سكينة) وليس لسكينة بنت الحسينعليهالسلام.
٧٦٣ ـ من هي سكينة
عليهالسلام؟ : (إسعاف الراغبين للصبان ، ص ٢١٠)
قال الصبان :
المشهور على الألسنة في اسمها أنه (سكينة) بفتح السين وكسر الكاف ، لكن في القاموس
و (شرح أسماء رجال المشكاة) أنه مصغّر ، بضم السين وفتح الكاف.
(أقول) : والأول
هو الأغلب [أي بفتح السين] ، وكنّيت به لأنها كما وصفها أبوها الحسين عليهالسلام بأنها الغالب عليها السكينة والاستغراق مع الله تعالى. ثم
قال الصبان : واعلم أن ما في (منن الشعراني الكبرى) مخالف لما مرّ. فإن فيها أن
سكينة المدفونة بمصر أخت الحسين عليهالسلام لا بنته. ولدى الرجوع إلى بنات الإمام علي عليهالسلام لم نعثر على أن له بنتا باسم سكينة من بين أولاده السبعة
والعشرين.
ويؤيد أنها ليست
في مصر ، ما في (تهذيب الأسماء واللغات) للنووي ، بأن الصحيح وقول الأكثرين ، أن
سكينة بنت الحسين عليهالسلام توفيت بالمدينة.
ترجمة سكينة بنت الحسين عليهالسلام
ولدت السيدة سكينة
بنت الحسين عليهالسلام قبل وفاة عمها الحسن (ع).
وقال السيد الأمين
في (الأعيان) عن ابن خلكان : توفيت السيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام بالمدينة يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول سنة ١١٧
ه. وكان عمرها على ما قيل خمسا وسبعين سنة ، فعلى هذا كان لها بالطف تسع عشرة
سنة.
وقال سبط ابن
الجوزي : ماتت فاطمة بنت الحسين عليهالسلام وأختها سكينة في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه.
اسمها وفضلها :
هي سكينة بنت
الحسين عليهالسلام وأمها الرباب. وقيل إن اسمها أميمة ، وقيل أمينة ، وقيل
آمنة. أما سكينة فلقبها ، لأنها كانت تغلب عليها السكينة. وعاشت بعد أبيها الحسين عليهالسلام ستا وخمسين سنة.
قال في (القمقام)
: وكانت أديبة ، سخيّة عفيفة ، ظريفة فاضلة. وكانت في البذل والعطاء كأبيها سيد
الشهداء عليهالسلام.
وفي (معالي
السبطين) ج ٢ ص ١٢٨ : وحجّت سكينة في سنة من السنين ، وكانت ترمي الجمرات السبع ،
حتى رمت ستة منها ، فلما همّت بالسابعة وقع الحصى من يدها ، فأخرجت خاتمها من
إصبعها ورمت به بدلا عن الحصى.
وكانت سكينة عليهالسلام في حبالة مصعب بن الزبير بن العوام ، وله أربعة زوجات ،
إحداهن سكينة بنت الحسين عليهالسلام. وولدت سكينة منه بنتا سمّتها الرباب باسم أمها. وقيل
اللباب ، وقيل فاطمة.
وفي (تذكرة الخواص)
لسبط ابن الجوزي : وكانت سكينة قد ولدت من مصعب ابنة سمّتها اللباب ، وكانت فائقة
الجمال ، لم يكن في عصرها أجمل منها ، فكانت تلبسها اللؤلؤ ، وتقول : ما ألبستها
إياه إلا حتى تفضحه.
تابع : ترجمة
سكينة بنت الحسين عليهالسلام
وقال ابن عساكر في
تاريخه ـ تراجم النساء ص ١٥٥ : وتزوجت سكينة بنت الحسين عليهالسلام من عبد الله بن الحسن بن علي عليهالسلام ، فقتل مع عمه الحسين عليهالسلام بالطف قبل أن يبني بها.
وقال سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٨٨ : وأما سكينة فتزوجها مصعب بن الزبير فهلك عنها ،
فتزوجها عبد الله ابن عثمان بن عبد الله بن حكيم بن حزام ، ثم تزوجها الأصبغ بن
عبد العزيز أخو عمر بن عبد العزيز ، ثم فارقها قبل الدخول بها.
وماتت في أيام
هشام بن عبد الملك ، ولها السيرة الجميلة والكرم الوافر والعقل التام" هذا
قول ابن قتيبة".
أما غيره فيقول :
أول من تزوجها مصعب بن الزبير قهرا. وهو الّذي ابتكرها ، ثم قتل عنها. وكانت من
الجمال والأدب والظرف والسخاء بمنزلة عظيمة ، وكانت تؤوي إلى منزلها الأدباء
والشعراء والفضلاء ، فتجيزهم على مقدارهم.
٧٦٤ ـ زواج سكينة عليهالسلام من مصعب بن الزبير :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٢٩)
وقيل إن مصعب بن
الزبير خطبها قبل وقعة الطف وتزوجها بعد الوقعة ، والصحيح أن مصعب خطب سكينة عليهالسلام بعد وقعة الطف من زين العابدين عليهالسلام ، ولم يرض الإمام بذلك ، لأنه عرف منها عدم القبول. وكان
مصعب واليا على العراقين : البصرة والكوفة ، وكانت له الرياسة ، وله قوة وشوكة
واقتدار وأصرّ على ذلك ، وخوّفهم وهددهم ، وقال لا بدّ لي من هذا الأمر ، وبينهم
قرابة قريبة ، لأن أباه الزبير ، ابن صفية ، وصفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. والزبير ، ابن العوام ، والعوام قيل أخو خديجة بنت خويلد
، وليس هذا بمعلوم.
ولما أصرّ مصعب
على هذا الأمر ، ولم تكن لأهل البيت عليهالسلام حيلة في الخلاص منه ، رضوا بذلك وزوّجوها منه.
٧٦٥ ـ جواب الحسين
عليهالسلام لابن أخيه الحسن المثنى عليهالسلام حين طلب منه إحدى ابنتيه : (أدب
الطف للسيد جواد شبّر ، ص ١٦٠)
روى الصبان في (إسعاف
الراغبين) أن الحسن المثنى بن الحسن عليهالسلام أتى عمه الحسين عليهالسلام يخطب إحدى ابنتيه : فاطمة وسكينة.
فقال له الحسين عليهالسلام : اختر يا بني إحداهما ، فلم يجد جوابا. فقال الحسين عليهالسلام : أختار لك فاطمة ، فهي أكثرهما شبها بأمي فاطمة بنت رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. أما في الدين فتقوم الليل كله وتصوم النهار ، وفي الجمال
تشبه الحور العين .. وأما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ، فلا تصلح لرجل!.
ثم يقول السيد
جواد شبّر : هذه شهادة من الإمام الحسين عليهالسلام في تقوى هذه السيدة المصونة (سكينة) ، وأنها منقطعة إلى
الطاعة والعبادة ، فكأنها لا تأنس بغيرهما. وهذا مما زاد في موقعها من قلب أبيها
الحسين عليهالسلام إمام عصره ، حتى استحقت أن يصفها المعصوم (بخيرة النسوان)
، وذلك لما ودّع عليهالسلام عيالاته يوم عاشوراء ، أجلس سكينة وهو يمسح على رأسها ،
ويقول :
لا تحرقي قلبي
بدمعك حسرة
|
|
ما دام مني
الروح في جثماني
|
فإذا قتلت فأنت
أولى بالذي
|
|
تأتينه يا خيرة
النسوان
|
ثم يقول السيد
جواد شبّر : أيليق بهذه المصونة الجليلة والحرة النبيلة ، أن تجالس الشعراء
وينشدونها الأشعار! كما روى ذلك أبو الفرج المرواني الاصفهاني في كتابه (الأغاني)
، وروايته عن آل الزبير [يقصد الزبير بن بكّار] ، وعداوة آل الزبير لآل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مشهورة مذكورة.
٧٦٦ ـ الخلط
المتعمّد بين سكينة بنت الحسين عليهالسلام وسكينة بنت خالد الزبيرية:
(أقول) : وكثيرا
ما كان المؤرخون يخلطون ـ عمدا أو سهوا ـ بين سكينة بنت الحسين عليهالسلام وبين سكينة بنت خالد الزبيرية ، التي كانت تحضر مجالس
الشعر والغزل. فصوّروا للناس أن سكينة عليهالسلام كانت تجالس الشعراء. وهذه الرواية التي رواها أبو الفرج في
(الأغاني) ، قد افتعلها الزبير بن بكار صاحب كتاب (نسب قريش) ، لأنه وجد في
التاريخ أن سكينة بنت خالد بن مصعب بن الزبير ، كانت تجالس الشعراء ويتغزلون بها
وبجمالها ، وهذه وصمة عار في تاريخ آل الزبير ، فلم
يجد أفضل من رفع
هذه الوصمة من آل الزبير ولصقها بأهل البيت عليهالسلام. وكان الوضع السياسي يتطلب ذلك.
٧٦٧ ـ الدفاع عن
سكينة عليهالسلام :
(مع الحسين في نهضته لأسد حيدر ، حاشية ص ٢٦٦)
قال السيد أسد
حيدر :
موضوع البحث عن
حياة سكينة بنت الحسين عليهالسلام يستلزم البسط والإيضاح ، لما أحيط بتاريخ حياتها من أمور
لا ترتبط بواقع الحال ، لأنها استهدفت لحملة ظالمة ، وتحامل شائن ، من أعداء آل
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأهمل المؤرخون الرسميون ذكر كثير من مواقفها المشرفة ،
ذات المغزى المشرّف.
كما تعمّد من
تربطه أواصر النسب بالأمويين ، فأورد في سجل التاريخ أمورا مفتعلة ، وأكاذيب
منحولة ، بل هي أساطير سمر في ليالي الشتاء ، وحكايات هي من وحي الخيال ، والتي
صيغت بعبارات جذّابة ، شارك فيها كل من يحاول الوقيعة بآل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. وكان أبرزهم في هذه الحملة ، وأشجعهم في هذه الجولة ، وهو
الزبير بن بكّار ، أحد أجهزة إعلام الباطل ، وهو المعروف باختراع القصص ووضع
الأحاديث ونشر الخرافات.
ولا يختلف اثنان
بأن (الزبير بن بكار) كان من أشد الناس عداء لأهل البيت عليهالسلام.
وتناول أبو الفرج
الاصفهاني تلك الخرافات ، فوسّع الدائرة ، وتزيّد واختلق. وأبو الفرج هو ذلك
الأموي في النسب والنزعة.
وتلقّف تلك
المفتريات أناس مأجورون ، يعيشون تحت الظلام ، من مستشرقين وتلامذتهم ، فكانت هناك
مجموعة مفتريات وأكاذيب حول سيرة هذه السيدة الطاهرة.
وقد تسابق لردّ
هذه المفتريات جماعة من العلماء الأعلام ، وألّفوا كتبا قيّمة [مثل السيد عبد
الرزاق المقرّم في كتابه (السيدة سكينة) ، والأستاذ توفيق الفكيكي في كتابه (السيدة
سكينة بنت الحسين)]. ومع ذلك فالموضوع بحاجة إلى مزيد من التحقيق وتسليط الأضواء ،
لفضح تلك الأكاذيب ومحو تلك المفتريات.
ترجمة الزبير بن بكار
(جمهرة نسب قريش للزبير بن بكار ، ص ٥٥)
هو الزبير بن بكار
(أبو بكر) ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت ابن عبد الله بن الزبير بن العوام ، قاضي
مكة. وكنيته أبو عبد الله ابن أبي بكر ، وهو من النسابين ، وعليه اعتماد الناس في
معرفة أنساب القرشيين ، وهو مؤلف كتاب (نسب قريش).
قال أحمد بن علي
السليماني في كتاب (الضعفاء) : كان الزبير بن بكار منكر الحديث ، أي أنه وضعه في
زمرة من يضعون الحديث.
وفي (كشف الغمة)
للإربلي ، ج ٢ ص ٤٣ قال :
ذكر ياقوت الحموي
في كتابه (معجم الأدباء) كلاما عن الزبير بن بكار هذا مختصره : الزبير بن بكار بن
عبد الله بن مصعب
ابن ثابت بن عبد
الله بن الزبير بن العوام ، يكنّى أبا عبد الله. الكثير العلم ، الغزير الفهم.
أعلم الناس قاطبة بأخبار قريش وأنسابها ومآثرها وأشعارها.
ولد ونشأ بالحجاز
، ومات بمكة سنة ٢٥٦ ه عن ٨٤ سنة. وكان أبوه على قضاء مكة ، وولاه المتوكل القضاء
بها بعد أبيه ، ومات وهو قاضيها. ودخل بغداد عدة مرات آخرها سنة ٢٥٣ ه.
ثم يقول : وكيف
يقدم على تصنيف كتاب باسم (الموفقيات) نسبة إلى الموفق طلحة بن المتوكل ولي العهد
، وفيه ما يناقض مذهبه ويخالف عقيدته (الزبيرية)؟!.
(أقول) : ولا
غرابة في ذلك ، فهو يدل على نفاقه وتدليسه
المشهورين ، لأنه
يؤمن بأن الغاية تبرر الواسطة!.
٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت علي (ع)
٧٦٨ ـ من هي
السيدة أم كلثوم عليهالسلام التي حضرت كربلاء؟ :
كان للإمام علي عليهالسلام عدة بنات باسم زينب وأم كلثوم ، مما سبّب لدى المؤرخين
خلطا كبيرا بينهنّ. فقد أنجبت السيدة فاطمة الزهراء للإمام عليهالسلام بنتين بعد الحسن والحسين عليهالسلام هما : زينب العقيلة ، وأم كلثوم. ثم تزوّج الإمام عليهالسلام بعد وفاة فاطمة عليهالسلام أم سعيد بنت عروة الثقفية ، فأنجبت له بنتا سمّاها أم
كلثوم. ثم تزوج عليهالسلام أم ولد ، فولدت له بنتا سمّاها زينب.
وللتفريق بين هذه
البنات الأربع ، سمّيت العقيلة (زينب الكبرى) ، والتي أمها أم ولد (زينب الصغرى).
في حين سمّيت أم كلثوم بنت فاطمة (أم كلثوم الكبرى) ، وأم كلثوم الأخرى (أم كلثوم
الصغرى).
وقد لاحظنا أن
الشيخ المفيد في (الإرشاد) يسمي أم كلثوم الكبرى :
«زينب الصغرى
المكناة أم كلثوم» ، فصرنا أمام ثلاث زينبات أخوات ، هن :
١ ـ زينب الكبرى
وهي عقيلة بني هاشم : تزوجها ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار عليهالسلام.
٢ ـ زينب الصغرى
المكناة أم كلثوم الكبرى : وهي التي قيل إن عمر بن الخطاب تزوجها. وقد توفيت هذه
في عهد معاوية قبل كربلاء ، ودفنت في المدينة.
٣ ـ زينب الصغرى
التي أمها أم ولد : توفيت في حياة أبيها ، ولم تحضر كربلاء.
إذن فاللواتي حضرن
كربلاء من البنات الأربع السابقة ، هما فقط : زينب الكبرى العقيلة ، وأم كلثوم
الصغرى التي أمها أم سعيد الثقفية.
٧٦٩ ـ أمثلة على
الخلط الكبير بين الأخوات :
وكمثال على الخلط
الناتج عن الجهل بالموضوع ، ما أوردته مجلة (الحوليات الأثرية العربية السورية)
المجلد ٣٥ لعام ١٩٨٥ في البحث [العظماء الذين دفنوا في دمشق أو ماتوا فيها] تحت
عنوان : السيدة زينب الكبرى بنت علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قالت :
وتلقّب بأم كلثوم
، خطبها عمر بن الخطاب. وذهب بعض المؤرخين إلى أنها ماتت بدمشق ، ودفنت في باب الصغير
قرب قبر بلال الحبشي.
ثم يقول : ويوجد
لها قبر آخر في قرية (راوية) المعروفة حاليا بالست ، الواقعة إلى الجنوب الشرقي من
دمشق ، على بعد عدة كيلومترات. وهو مزار شهير محتفى به ، يؤمّه الزوار من مختلف
أنحاء العالم الإسلامي ، ويقدّمون عنده النذور ، وحوله الأبنية لنزول الغرباء ،
وعليه قبة فخمة ضمن مسجد واسع.
فترى أيها القارئ
الخلط بين زينب الكبرى ، وبين شقيقتها أم كلثوم الكبرى. علما بأن القبر الأول
الّذي في الستات ـ إن صحّت نسبته ـ هو لأم كلثوم الصغرى التي أمها أم سعيد ،
والقبر الثاني الّذي في (راوية) هو لزينب الكبرى العقيلة ، وكلتاهما غير أم كلثوم
الكبرى التي نسب إليها أنها تزوجت عمر بن الخطاب.
وقد نفى ابن عساكر
أن يكون قبر راوية لأم كلثوم التي تزوجها عمر.
قال في (تاريخ
مدينة دمشق) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ٨٠: مسجد راوية مستجد على قبر
أم كلثوم. وأم كلثوم هذه ليست بنت علي من فاطمة عليهالسلام التي تزوجها عمر ، لأنها ماتت هي وابنها زيد بن عمر
بالمدينة في يوم واحد ، وصلى عليها وعلى ابنها الإمام الحسن عليهالسلام بصلاة واحدة ، ودفنا بالبقيع.
(أقول) : نوافق
ابن عساكر على أن المدفونة في راوية ليست زينب الصغرى المكناة بأم كلثوم الكبرى
التي قيل إنها تزوجت عمر ، لكننا نخالفه في أنها أم كلثوم الصغرى ، ونجزم أنها
زينب العقيلة التي تزوجت ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار عليهالسلام.
وجاء في مجلة
الموسم ـ العدد ٤ ص ٩٤٠ :
إن أم كلثوم بنت
علي عليهالسلام التي أمها فاطمة الزهراء عليهالسلام توفيت بالمدينة في أيام أخيها الحسن بن علي عليهالسلام ، وصلى عليها وعلى ابنها زيد بصلاة واحدة.
وذكر في (أسد
الغابة) : وتوفيت أم كلثوم وابنها زيد في وقت واحد.
وروى الشيخ الحر
العاملي في (الوسائل) أنه خرجت جنازة أم كلثوم بنت علي عليهالسلام وابنها زيد بن عمر ، وفي الجنازة الحسن والحسين عليهالسلام وعبد الله بن عمر وعبد الله بن العباس وأبو هريرة ، فوضعوا
جنازة الغلام مما يلي الإمام ، والمرأة وراءه ، وقالوا : هذا هو السنّة.
٧٧٠ ـ أمثلة أخرى
على الأخبار المتعارضة :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٣٤)
قال الشيخ
المازندراني :
ويظهر من الأخبار
الكثيرة أن أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليهالسلام من فاطمة الزهراء ، أيضا كانت مع الحسين عليهالسلام في الطف.
قال الشيخ فخر
الدين الطريحي في كتاب (التكملة) : أم كلثوم هذه كنية لزينب الصغرى بنت أمير
المؤمنين عليهالسلام ، وكانت مع أخيها الحسين عليهالسلام بكربلاء. والمشهور بين الأصحاب أنه تزوجها عمر بن الخطاب
غصبا ، كما أصرّ السيد المرتضى وصمم عليه في رسالة عملها في هذه المسألة ، وهو
الأصح للأخبار المستفيضة.
قال ابن قتيبة في
كتاب (المعارف) : وأما أم كلثوم الكبرى بنت فاطمة عليهالسلام ، فكانت عند عمر بن الخطاب ، ولدت له فاطمة وزيدا. فلما
قتل عمر تزوجها محمّد ابن جعفر بن أبي طالب ، فماتت عنده.
ثم ذكر
المازندراني قول من ادعى أنها شهدت كربلاء ثم ماتت في المدينة ، وأرى أن الكلام
ينطبق على أم كلثوم الصغرى وليس الكبرى. قال :
وقال الشيخ ميثم
البحراني : إن أم كلثوم بنت علي عليهالسلام توفيت بالمدينة بعد رجوعها من كربلاء ، وكانت مدة مكثها في
المدينة أربعة أشهر وعشرة أيام ، ولم تزل يزداد فيها البكاء والكآبة والحزن وإقامة
العزاء والنوح ، إلى أن توفيت رحمها الله.
ثم قال
المازندراني : وكانت أم كلثوم أول من لحق بالحسين عليهالسلام من الهاشميات والهاشميين بعد رقية عليهالسلام التي توفيت بالشام ، كما أن أمها فاطمة الزهراء عليهالسلام كانت أول من لحق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
في حين ادّعى
غيرهم أن زينب الصغرى مدفونة في دمشق ، وليس في المدينة.
قال السيد عبد
الرزاق كمونة الحسيني في كتابه (مشاهد العترة الطاهرة) ص ٩٠ ط ٢ بيروت : ولاتفاق
المحدثين والمؤرخين من الفريقين أن أم كلثوم التي قبرها في دمشق ، هي زينب الصغرى
بنت الإمام علي عليهالسلام التي أمها أم سعيد بنت عمرو بن مسعود الثقفية ، التي خرجت
إلى محمّد بن عقيل.
(أقول) : كيف يكون
هناك اتفاق بين المؤرخين على أن القبر الّذي في (الستات) هو قبر زينب الصغرى ، مع
الأخبار المتعارضة التي وقفت على بعضها؟ لا بل إنه
ثبت أنها عليهاالسلام رجعت مع السبايا إلى المدينة ، وليس هناك من دليل على
خروجها من هناك ، لا سيما ما ذكر من أنها توفيت بعد ذلك بأربعة أشهر من شدة الحزن
والأسى على أخيها عليهالسلام ، وهي التي كانت تدعى زينب النوّاحة.
وقد أكد العلامة
السيد محسن الأمين رحمهالله على أن القبرين الموجودين في باب الصغير بمحلة الستّات
ليسا قبر سكينة ولا أم كلثوم ، فهما توفيتا في المدينة ودفنتا هناك.
وفي تقديري أن هذا
المكان هو مقام لهما حيث أقامتا فيه مدة من الزمن عند مجيئهما مع السبايا ، فأصبح
مشهدا مشرّفا ، وليس هو مرقد لهما. ولا يستبعد أن القبرين اللذين في هذا المشهد هو
لامرأتين شريفتين من نسل الحسين عليهالسلام ، وقد اعتني بهما في عهد الدولة الفاطمية ، ولكنهما ليستا
من بنات الحسين عليهالسلام أو أخواته ، بل من الحفيدات البعيدات.
٧٧١ ـ وصف مسجد
ومشهد سكينة وأم كلثوم في الستات :
(ثمار المقاصد في ذكر المساجد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٥٢)
قال : هو مسجد ذو
منارة حديثة ، تقع إلى جانب القبتين اللتين فوق ضريحي السيدتين سكينة وأم كلثوم.
والقبتان جدّدتا سنة ١٣٣٠ ه كما هو مؤرّخ على الباب. وللقبة الشمالية باب شمالي
إلى المقبرة ، وشباكان في كل جهة من الجهات الثلاث الأخرى. وللقبة الجنوبية [حيث ضريح
أم كلثوم] شباكان إلى الجنوب واثنان إلى الشرق ، وبينهما الباب. وفي الجنوب باب
يؤدي إلى غرفة يقيم فيها قيّم المسجد.
وفي أرض القبة
الجنوبية عشر درجات ينزل منها إلى الطابق السفلي [القبو] وفيه ممرّ في جانبيه
حجرتان : جنوبية فيها ضريح السيدة أم كلثوم زينب الصغرى بنت الإمام علي عليهالسلام ، وتابوتها من خشب حديث الصنع. وفي الحجرة الشمالية ضريح
السيدة سكينة عليهالسلام ، ولها تابوت خشبي مربع قديم من خشب الجوز ، حسن الصنع ذو
زخارف وكتابات كوفية فاطمية ، ونقوشه من أجمل النقوش الخشبية.
٧٧٢ ـ هل تزوّج
عمر بأم كلثوم بنت فاطمة الزهراء عليهالسلام؟ :
ذكر السنّة أن عمر
بن الخطاب خطب إلى الإمام علي عليهالسلام ابنته الصغيرة أم كلثوم ، في قصة أسطورية. وهذه البنت أمها
فاطمة الزهراء عليهالسلام التي ماتت واجدة
منه لما فعل بها.
وقد أكد الشيخ المفيد أن القصة عارية عن الصحة ، بل هي من نسج الخيال ، وقد حبكت
لغرض سياسي بحت ، وهو نفي الخصومة التي كانت بين الإمام علي وزوجته الزهراء عليهالسلام وبين الشيخين بشأن الخلافة والشورى وغصب فدك وحرق بيت
فاطمةعليهالسلام.
يقول السيد جواد
شبّر في (أدب الطف) ص ٧٦ :
وأما الرواية التي
تقول إن أم كلثوم قد تزوجها عمر بن الخطاب ، فهي عارية عن الصحة ، كما أكّد الشيخ
المفيد. وبيان ذلك أن المؤرخين قد اتفقوا على أن أم كلثوم قد تزوجها عون بن جعفر ،
أو أخوه محمّد بن جعفر أولا ثم عون بن جعفر ثانيا. والإتفاق في ذلك عن أئمة الحديث
المعتمدين ، كابن حجر في (الإصابة) ، وابن عبد البر في (الاستيعاب) وغيرهما ممن
كتب في الصحابة. ويذكرون أن عون بن جعفر تزوج بها بعد عمر بن الخطاب ، مع أن عون
قتل يوم (تستر) ١٧ ه في خلافة عمر ، وعمر مات بعد هذه الوقعة بسبع سنين سنة ٢٣ ه
، فكيف تزوج بها عون بعد عمر؟. الصحيح أن عون كان زوجها من البداية إلى النهاية ،
وأنه لم يتزوجها غير ابن عمها ...
هذا من جهة ، ومن
جهة أخرى ، فإن أم كلثوم كانت أصغر من أختها زينب العقيلة عليهالسلام ، وقد ولدت العقيلة بعد أخيها الحسين عليهالسلام بثلاث سنين أي سنة ٨ ه ، وتوفيت أمها الزهراء عليهالسلام أول سنة ١١ ه ،
فتكون ولادة أم كلثوم المتوقعة في سنة ٩ أو ١٠ ه. وقد ذكر ابن الأثير في (الكامل)
ج ٢ ص ٥٢٧ : أن عمر تزوج بها سنة ١٧ ه ، فيكون عمرها وقتئذ ٨ أو ٧ سنوات ،
ويستحيل أن تكون البنت في هذه السن مؤهلة للزواج.
قال ابن الأثير :
وفيها [أي سنة ١٧ ه] تزوج عمر أم كلثوم بنت علي ابن أبي طالب عليهالسلام وهي ابنة فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ودخل بها في ذي القعدة [وعمره ٥٥ سنة].
وظاهر من كلامه
أنه دخل بها قبل أن تبلغ ، فكيف يكون ذلك؟.
لهذا قال ابن شهر
اشوب في (مناقبه) ج ٣ ص ٨٩ : وذكر أبو محمد النوبختي في كتاب (الإمامة) : أن أم
كلثوم كانت صغيرة ، ومات عمر قبل أن يدخل بها.
وقال المفيد : إن
الخبر الوارد بالتزويج لم يثبت ، لا سيما وأن الّذي رواه هو الزبير بن بكار ،
المتهم بتعصبه ضد أهل البيت عليهالسلام.
وقد ذكر السيد
الأمين في (الأعيان) ج ٣ ص ٤٨٥ طبعة كبيرة : أن وفاة أم كلثوم الكبرى كانت في
سلطنة معاوية قبل سنة ٥٤ ه ، ودفنت في المدينة المنورة. فيكون عمرها الشريف حوالي
٤٥ سنة.
٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
٧٧٣ ـ وصف مسجد
مزار السيدة فاطمة بنت الحسين عليهالسلام في الستات :
(ثمار المقاصد ليوسف بن عبد الهادي ، ص ٢٥٢)
يقول : في مقبرة
الباب الصغير مسجد مزار السيدة فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، تقول العامة إنها فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، والصواب أنها فاطمة بنت أحمد بن الحسين ، كما هو محفور
على الضريح.
ومسجدها لطيف ذو
قبة مجددة سنة ١٣٣٠ ه. وإلى جانب باب المسجد سلّم حجري ينزل منه إلى الضريح
الحجري ، المكتوب عليه بالكوفي آية الكرسي ، ثم ما نصه :
(هذا قبر فاطمة
بنت أحمد بن الحسين [ابن السبطي] الشهيد ، توفيت رضي الله عنها في مبدأ سنة ٤٣٧ ه).
توضيح :
إن ظاهرة النزول
إلى قبور أهل البيت عليهالسلام في الستات بدرج إلى تحت الأرض ، كما هو الأمر في القبرين
المنسوبين إلى سكينة وأم كلثوم عليهالسلام وفي هذا القبر ، يمكن تعليلها بأن دمشق القديمة كانت أخفض
من وضعها الحاضر ، وقد علا سطحها مع الزمن نتيجة الردم الحادث عن الحروب والزلازل.
وقد أثبتت التحريات العمرانية في دمشق القديمة ذلك ، فقد كان القوس الأثري
الروماني الّذي اكتشف في حي الأمين ـ طالع الفضة ، منخفضا عن سطح الأرض أكثر من
أربعة أمتار ، ثم عمدت مديرية الآثار إلى رفعه إلى سوية الأرض ، للتخلص من المياه
التي كانت تتجمع عند قاعدته.
ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٣٠)
قال الشيخ المفيد
في (الإرشاد) ، وابن قتيبة في (المعارف) :
فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، أمها أم اسحق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي. كانت أم
إسحق تحت الحسن بن علي عليهالسلام فولدت له الحسين بن الحسن الملقب بالأثرم ، وأخاه طلحة.
فلما حضرت الوفاة
إمامنا الحسن عليهالسلام ، دعا بأخيه الحسين عليهالسلام فقال : يا أخي إني أرضى هذه المرأة لك ، فلا تخرجنّها من
بيوتكم ، فإذا انقضت عدّتها فتزوجها من نفسك. فلما توفي الحسن عليهالسلام تزوجها الحسين عليهالسلام ، فولدت له فاطمة بنت الحسينعليهالسلام.
وكانت فاطمة من
عقائل قريش ، وهي في الزهد والورع والعبادة في مرتبة عظيمة ، وفي الكرم والسخاء
والعطاء في درجة عليّة.
وكانت تشبّه
بالحور العين لجمالها ، وكانت شبيهة بجدتها فاطمة الزهراء عليهاالسلام. ولما تزوجها الحسن بن الحسن المثنّى كما ذكرنا سابقا ،
ولدت له أربعة : عبد الله وإبراهيم والحسين وزينب.
فلما توفي زوجها
ومضت سنة كاملة ، رغب في نكاحها عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان وخطبها ،
فامتنعت امتناعا شديدا ، حتى ألحّت عليها أم اسحق وحلّفتها في القبول ، فرضيت. وولدت
من عبد الله : محمّد الديباج. ثم توفي زوجها.
فلما انقضت عدتها
خطبها عبد الرحمن بن ضحاك بن قيس الفهري والي المدينة ، وكان ذلك في خلافة يزيد بن
عبد الملك ، فامتنعت فاطمة من ذلك ، وبعثت إليه أن دع التكلم في ذلك فإنه محال.
فغضب الوالي وضيّق عليها غاية التضييق ، وأصرّ على ذلك.
قال سبط ابن
الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٩٠ : فبعثت إلى يزيد ابن عبد الملك تشكوه ، فشقّ على
يزيد ذلك ، وغضب وقال : بلغ من أمر
عبد الرحمن أن
يتعرض لبنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم!. من يسمعني موته وأنا على فراشي هذا؟. ثم بعث إليه من طاف
به المدينة في جبة صوف ، ثم عزله وأغرمه أمواله كلها ، ومات فقيرا.
وكانت وفاة فاطمة عليهالسلام وأختها سكينة عليهالسلام في سنة واحدة ، وهي سنة ١١٧ ه. وفي (تهذيب التهذيب) لابن
حجر : أن فاطمة عليهالسلام قاربت التسعين ، فتكون ولادتها حوالي سنة ٣٠ ه ، وعمرها
يوم الطف ما يقرب من ذلك.
وفيه أيضا : أن
فاطمة عليهالسلام روت الحديث عن أبيها وأخيها زين العابدين عليهالسلام وعمتها زينب عليهالسلام وابن عباس وأسماء بنت عميس ، وروى عنها أولادها الأربعة من
الحسن المثنّى.
٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرى عليهالسلام
«عقيلة بني هاشم»
كان من نتيجة تعدد
اسم زينب في بنات الإمام علي عليهالسلام أن تشابه الأمر على الرواة والمؤرخين. فبعضهم زعم أن التي
بمصر هي زينب العقيلة عليهالسلام ، وأن التي في جنوب دمشق هي أم كلثوم المكناة بزينب الصغرى
عليهالسلام. ومنهم من قال عكس ذلك.
والصحيح أن من
بنات الإمام علي عليهالسلام الأربع ، اثنتين فقط حضرتا كربلاء هما : زينب الكبرى
العقيلة عليهالسلام ، وأم كلثوم الصغرى التي أمها أم سعيد الثقفية. أما أم
كلثوم الكبرى المكناة بزينب الصغرى والتي نسب إلى عمر أنه تزوجها ، فقد توفيت بعد
عمر سنة ٥٤ ه وعمرها ٤٥ سنة في سلطنة معاوية ، كما حقق السيد محسن الأمين في (الأعيان).
وأما زينب الصغرى التي أمها أم ولد ، فقد توفيت في حياة أبيها عليهالسلام.
فتكون زينب
المدفونة في (راوية) جنوب دمشق ، هي زينب الكبرى العقيلة عليهالسلام زوجة عبد الله بن جعفر ، والتي في مصر ـ إن كانت بنت
الإمام
علي عليهالسلام ـ فهي أم كلثوم الصغرى التي أمها ثقفية. وإذا صحّ أن أم
كلثوم الكبرى قد حضرت كربلاء ، فتكون هي التي توفيت في المدينة بعد رجوعها مع
السبايا بأشهر. أما التي يزعم أنها مدفونة في مقبرة باب الصغير بدمشق ، فهي ليست
أم كلثوم الكبرى المكناة بزينب الصغرى على أي حال من الأحوال.
٧٧٤ ـ زينب مصر :
قال والدي وجيه
بيضون رحمهالله في مقالة له عن زينب الكبرى عليهالسلام نشر حديثا في مجلة الموسم ـ العدد ٤ ص ٧٦٨ :
أما زينب العقيلة
، كبرى الزينبات الثلاث ، من بنات الإمام علي عليهالسلام ، فقد أجمع على أنها دفينة أرض النيل جملة من الرواة ؛
منهم العبيدلي في أخباره ، والحافظ ابن عساكر في تاريخه الكبير ، والمؤرخ ابن
طولون الدمشقي في (الرسالة الزينبية).
ومختصر خبرها في
خروجها إلى مصر ننقله بإسناده مرفوعا إلى عبد الله بن أبي رافع ، قال : سمعت محمدا
أبا القاسم بن علي يقول : لما قدمت زينب بنت علي عليهالسلام من الشام إلى المدينة مع النساء والصبيان ، وثارت الفتنة
بينها وبين عمرو بن سعيد [الأشدق] والي المدينة من قبل يزيد ، كتب إليه يستشيره
بنقلها من المدينة ، فجاءه الأمر بذلك ، فجهّزها هي ومن أراد السفر معها من نساء
بني هاشم إلى مصر ، فقدمتها لأيام بقين من ذي الحجة. فاستقبلها والي مصر يومئذ
مسلمة بن مخلّد الأنصاري في موكب كبير ، وأنزلها في داره بالحمراء. وما لبثت أن
أعجلتها منيّتها بعد عام من قدومها ، فدفنت بمحل سكناها.
ويقوم مشهدها
لأيامنا جنوبي القاهرة في (قناطر السباع).
مناقشة حول (أخبار
الزينبات) للعبيدلي :
(أقول) : أول من
ادّعى بأن المشهد الزينبي هو في مصر المؤرخ (العبيدلي).
وقد طبع الأستاذ
المصري حسن قاسم كتابا ليحيى بن الحسن العبيدلي [ت ٢٥٧ ه] عنوانه (أخبار
الزينبيات) ، وهو كتاب صغير جدا يتألف من عدة أوراق نسبت للعبيدلي ، وتشمل عدة
روايات ترمي إلى إثبات صحة المقام الزينبي في القاهرة ، وأن زينب العقيلة عليهالسلام هجّرها والي المدينة إلى مصر ، وبعد سنة توفيت ودفنت هناك
في منطقة (قناطر السباع) جنوبي القاهرة.
ونحن إذا تركنا
شكّنا في نسبة هذا الكتاب للعبيدلي ، وتجاوزنا عن عدم وثوقنا بالعبيدلي لتعصبه ،
فإننا نرفض ما جاء في كتابه من عدة وجوه :
منها : أنه انفرد
في قوله بأن زينب العقيلة عليهالسلام قد توفيت في القاهرة ، ودفنت هناك في (قناطر السباع) ، مع
أن العلماء الذين هم من أهل مصر وأرّخوا لها لم يذكروا ذلك ؛ مثل القضاعي
والمقريزي والسيوطي والقاضي العدوي ... بل إنهم صرّحوا بأنه لم يمت لعلي بن أبي
طالب عليهالسلام ولد لصلبه في مصر. وكذلك الذين زاروا مصر لم يذكروا ذلك ،
مثل الرحالة ابن جبير.
ومنها : أن والي
المدينة من قبل يزيد وهو عمرو بن سعيد الأشدق ، لم تكن له أية قوة أو سيطرة على
المدينة ، لنموّ أثر ابن الزبير فيها ، حتى يخرج زينب عليهالسلام منها ، والهاشميون يسكتون عن ذلك!.
ومنها : أن زوج
العقيلة عبد الله بن جعفر ، كان معها في المدينة ، وكانت له حظوة وكلمة عند
الأمويين ، فهل يسمح لهم بتسفير ونفي زوجته إلى مصر لوحدها ، إذ لم يذكر أنه كان
معها إلا فاطمة بنت الحسين عليهالسلام وأختها سكينة ؛ فهذا دونه خرط القتاد.
ومنها : ما ذكر
عند وصولها مصر ، أنها نزلت في دار الحمراء لمسلمة بن مخلّد والي مصر ، فأقاكت
هناك سنة ، ثمّ توفيت ، وصلى عليها مسلمة. وهذا كان مع معاوية بن حديج ، من أكبر
أعداء أهل البيت عليهالسلام ، فهل يعقل أن تنزل العقيلة في بيته ويستضيفها ، وهي
الأبية الهاشمية التي ورثت الأنفة والعزة من أجدادها!.
ومنها : ما يذكرون
من أنه في العهد الفاطمي كان الملك كل سنة في المحرم يقوم بزيارة مراقد أهل البيت عليهالسلام ، فيبدأ بقبر السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور ، ويختتم
بزيارة رأس الحسين عليهالسلام. فلو كانت زينب عليهالسلام مدفونة هناك ، لكان الأولى أن يبدأ بزيارة قبرها ، ويختتم
بزيارة رأس أخيها الحسين عليهالسلام.
ومنها : أن أهل
مصر كانوا كنانة معاوية ومن أكبر أنصاره ، ولذلك لم يفكّر الإمام الحسين عليهالسلام بنصرتهم والتوجه إليهم ، فكيف تختار زينب عليهالسلام مصر لتكون مكانا لنفيها وهجرتها؟!.
٧٧٥ ـ زينب الشام
:
ثم قال والدي :
بقي أن نولي وجهنا شطر الشام ، حيث المقام الزينبي البهي ، في ضاحية دمشق الجنوبية
، يقوم عليه السادة آل مرتضى الكرام ، منذ لا أقل من سبعمائة
عام ، يوم حلّ
جدهم الأكبر ربوع الشام. وهو الشائع الثابت عند الأكثرين ـ وبخاصة الشيعة ـ أنه
مثوى العقيلة زينب الكبرى عليهالسلام بعد نزوحها عن المدينة إثر المجاعة الجائحة التي أصابتها
وما حولها ، حيث شحّ الرزق وتأذى الخلق ، فهاجرت مع زوجها عبد الله بن جعفر إلى
الشام ، وكانت له فيها ممتلكات اقتطعها له الأمويون. فمرضت هناك وتوفيت ، ودفنت في
قرية (راوية) وهي المعروفة لأيامنا بقرية (الست).
ولقد وكّد هذه
الرواية بواقعها ، كلّ من ابن طولون والهروي وسبط ابن الجوزي والصيادي وغيرهم ،
كما وكّدها أيضا الناصري في (طلعة المشتري) وابن عبد البر في (الإستيعاب) ،
والعبيدلي في تاريخه.
وللمجتهدين من
أئمة الدين في هذا الشأن فتاوى عدة ، هي في وفرتها وإجماعها شبه إفتاء عام ، بأن
في الشام مدفن السيدة العقيلة عليهالسلام ، قدمتها أول مرة
سبيّة ، ثم جاءتها مهاجرة ، لتتم فيها أيامها الأخيرة. انتهى كلامه
٧٧٦ ـ مرقد زينب عليهالسلام براوية : (رحلة ابن جبير ، ص ٢٥٣)
يقول ابن جبير :
ومن مشاهد أهل البيت عليهالسلام مشهد أم كلثوم بنت علي ابن أبي طالب عليهالسلام ويقال لها زينب الصغرى ، وأم كلثوم كنية أوقعها عليها
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لشبهها بابنته أم كلثوم عليهالسلام ، والله أعلم بذلك.
ومشهدها الكريم
بقرية قبلي البلد تعرف (براوية) على مقدار فرسخ [٦ كم] ، وعليه مسجد كبير ، وحوله
مساكن وله أوقاف. ويسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم.
(أقول) : ظاهر خطأ
ابن جبير في تحديد اسم المدفونة في (راوية) إذ أن كل من يزورها يذكرها باسم ستي
زينب ، ولا أحد يذكر أنها أم كلثوم. علما بأن أم كلثوم الكبرى التي ذكرها ابن جبير
كانت قد توفيت كما ذكرنا في عهد معاوية ولم تشهد الطف ودفنت في المدينة ، فمن أين
جاءت إلى دمشق!؟.
ثم قال ابن جبير :
وبالجبانة [يقصد مقبرة باب الصغير] التي بغربي البلد ، من قبور أهل البيت عليهالسلام كثير. منها قبران عليهما مسجدان يقال إنهما من ولد الحسن
والحسين عليهالسلام. ومسجد آخر فيه قبر يقال لسكينة بنت الحسين عليهالسلام ، أو لعلها سكينة أخرى من أهل البيت عليهالسلام.
(أقول) : وهذا
تخبّط آخر من ابن جبير. فذكر أولا قبرين من ولد الحسن والحسينعليهالسلام ، فمن هما؟. ثم قال : لعلها سكينة أخرى ، مما يدل على
تشككه في ذلك. والصحيح أن القبرين المنسوبين للسيدة أم كلثوم زينب الصغرى عليهالسلام ولسكينة بنت الحسين عليهالسلام ، هما لسيدتين من نسل أهل البيت عليهالسلام. أما أم كلثوم وسكينة فقد توفيتا في المدينة بعد رجوعهما
من كربلاء ، ودفنتا هناك.
وقد ذكر ابن جبير
أن هذه المشاهد هي في غرب دمشق ، والصحيح أنها جنوب دمشق خارج السور.
٧٧٧ ـ تحقيق الشيخ
المازندراني : (معالي السبطين ، ج ٢ ص ١٣٣)
يذكر المازندراني
في تحقيقه أقوال من ذهب إلى أن زينب العقيلة عليهالسلام دفنت في مصر ، ومن قال إنها دفنت في دمشق ، قال :
في كتاب (لواقح
الأنوار) : توفيت زينب بنت علي بن أبي طالب عليهالسلام بدمشق الشام في سنة ٧٤ أربع وسبعين هجرية ، فعلى هذا يكون
عمرها ٦٧ سنة.
وفي الكتاب
المذكور قال : إن زينب المدفونة بقناطر السباع [جنوبي القاهرة] أخت الحسين بن علي عليهالسلام بلا شك [أقول : فتكون أم كلثوم الصغرى إن صحت نسبتها].
وقال الشعراني في (الطبقات)
: أول من أنشأ قناطر السباع الملك الظاهر ركن الدين بيبرس ، ونصب عليها سباعا من
الحجارة ، فإن رنكه على شكل سبع [الرنك : هو شعار المماليك في مصر] ، ولذلك سمّيت
قناطر السباع. ا ه
وقال المرحوم
السيد حسن صدر الدين في كتابه (نزهة أهل الحرمين) : زينب الكبرى بنت أمير المؤمنين
عليهالسلام وكنيتها أم كلثوم ، قبرها في قرب زوجها عبد الله بن جعفر
الطيار ، خارج دمشق الشام معروف. جاءت مع زوجها عبد الله بن جعفر أيام عبد الملك
بن مروان إلى الشام سنة المجاعة ، ليقوم عبد الله بن جعفر فيما كان له من القرى
والمزارع خارج الشام ، حتى تنقضي المجاعة. فماتت زينب عليهالسلام هناك. وغيره غلط لا أصل له فاغتنم ، فقد وهم في ذلك جماعة
فخبطوا خبط العشواء.
وفي كتاب (نهضة
الحسين) للسيد هبة الدين الشهرستاني ، قال : لأمير المؤمنين عليهالسلام بنتان بهذا الاسم (زينب) وبلقب (أم كلثوم) ، والكبرى هي
سيدة الطف ، وكان ابن عباس ينوّه عنها «بعقيلة بني هاشم» ، ولدتها الزهراء عليهاالسلام بعد شقيقها الحسين عليهالسلام بسنتين [٦ ه].
وقد أفرد لسان
الملك ترجمتها في مجلد خاص بها من كتاب (ناسخ التواريخ).
وقال جماعة : إن
هذا لزينب الصغرى ، كما هو مرسوم على صخرة القبر ، وأن الكبرى توفيت بمصر ، ودفنت
عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهرة. «انتهى ما ذكره السيد الشهرستاني».
٧٧٨ ـ تحقيق السيد
أسد حيدر : (مع الحسين في نهضته ، ص ٣٢١)
قال السيد أسد
حيدر :
أقامت زينب عليهالسلام في المدينة [بعد رجوعها من كربلاء] تواصل جهاد أخيها ، وتؤلب
الناس على الطلب بثأر الحسين عليهالسلام. وخشي عامل المدينة من وجودها أن تفجّر ثورة في المدينة
ومكة ، فكتب إلى يزيد بالأمر ، فجاء الأمر من يزيد بلزوم إخراجها ، ولكنها رفضت
ذلك وأعلنت أنها لا تخرج حتى يراق دمها ، قالت عليهالسلام : «قد علم الله ما صار إلينا ؛ قتل يزيد خيارنا ، وحملنا
على الأقتاب. فو الله لا خرجنا ، وإن أهرقت دماؤنا».
فنصحتها زينب بنت
عقيل بأن ترحل إلى بلد آمن ، واجتمع إليها نساء بني هاشم وتلطّفن معها في الكلام.
فهاجرت العقيلة عليهالسلام هجرتها الثانية.
وهنا نجد قولين
متضاربين حول اتجاه ركب العقيلة عليهالسلام ، وقد ألزمت بالخروج من المدينة.
فهل وقع اختيارها
على مصر أو على الشام؟.
١ ـ فمن قائل أنها
اختارت مصر ، فذهبت مع بقية أهل البيت عليهالسلام إلى مصر ، ومعها فاطمة وسكينة بنتا الحسين عليهالسلام. وفي مصر استقبلت استقبالا مهيبا.
وذكر النسابة
العبيدلي [يحيى بن الحسن] أن دخول السيدة زينب عليهالسلام كان أول
شعبان سنة ٦١ ه ،
وأقامت في مصر وهي شاكية لانحراف صحتها ، وتوفيت ليلة الاثنين لأربعة عشر خلت من
رجب سنة ٦٢ ه ، ودفنت بمحل سكناها.
٢ ـ ومن قائل إنها
أقامت بدمشق مع زوجها عبد الله بن جعفر ، في محل إقامته في قرية (راوية) لأن له
أملاكا هناك ، فوافتها المنيّة ، ودفنت في مشهدها المعروف ومزارها المشهور.
ثم يقول : لقد حصل
خلط في التاريخ ، والذي أراه أن زينب عليهالسلام كان لها أخت أصغر منها اسمها أم كلثوم زينب الصغرى ، وهي
التي هاجرت إلى مصر ، بدليل أنها كانت كثيرة البكاء على أبيها حتى سميت (النوّاحة)
مما أقضّ جانب والي المدينة ، فبعثها إلى مصر حيث توفيت هناك.
أما زينب العقيلة عليهالسلام فقد تواترت الأخبار على ألسنة علمائنا أنها هاجرت مع زوجها
عبد الله بن جعفر إلى دمشق ، وعاشت في (راوية) ، وتوفيت هناك سنة ٦٤ ه وعمرها ٥٧
سنة كعمر الحسين عليهالسلام يوم استشهد. وبهذا نكون قد جمعنا بين القولين ونفينا
المعارضة بينهما ، والله أعلم.
٧٧٩ ـ خبر المجاعة
: (زينب الكبرى لجعفر النقدي ، حاشية ص ٢٩)
جاء في (الخيرات
الحسان) وغيره أن مجاعة أصابت المدينة ، فرحل عنها عبد الله بن جعفر بأهله إلى
الشام في ضيعة له هناك ، وقد حمّت زوجته زينب من وعثاء السفر ، أو من ذكريات أحزان
وأشجان ، من عهد سبي يزيد لآل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثمّ توفيت على إثرها في النصف من رجب سنة ٦٥ ه ، ودفنت
هناك حيث المزار المشهور.
٧٨٠ ـ السيدة زينب
الموجودة في مصر ليست زينب بنت علي عليهالسلام :
هذا وقد ثبت لي
مؤخرا أن زينب المدفونة في القاهرة ليست هي زينب الكبرى ولا الصغرى ، ولا هي
نهائيا من بنات الإمام علي عليهالسلام. وهذا ما أكدته الكتابات الموجودة على قبرها ، والتي تدل
على أنها من حفيدات محمّد بن الحنفية ابن الإمام علي عليهالسلام. وهذا ما أثبته المقريزي وابن العماد الحنبلي.
قال ابن العماد
الحنبلي في (الشذرات) : وبمصر قبر السيدة زينب الواقع في قنطرة السباع ، وهو قبر
زينب بنت أحمد بن محمّد بن عبد الله بن جعفر بن محمّد
المعروف بابن
الحنفية ابن الإمام علي عليهالسلام. ويدعوها بعض المؤرخين زينب بنت علي بحذف الوسائط. أما قبر
زينب بنت علي عليهالسلام فالمشهور أنها دفنت في قرية راوية التي تبعد فرسخا عن
دمشق.
وذكر المقريزي في
خططه ، ج ٣ ص ٣٥٢ : وبخارج باب النصر في أوائل المقابر ، قبر زينب بنت أحمد بن
محمّد بن عبد الله بن جعفر بن الحنفية يزار ، وتسميه العامة مشهد الست زينب.
وفي (سيرة الأئمة
الاثني عشر) لهاشم معروف الحسني ، ج ١ ص ٦٢٢ قال : من أولاد زيد ابن الإمام الحسن عليهالسلام : الحسن الأنور ، والد السيدة نفيسة ، ذات المقام المعروف
بالقاهرة. ومن أولاد الحسن الأنور أيضا : يحيى المتوّج ، والد السيدة زينب التي
لازمت عمتها نفيسة في القاهرة ودفنت فيها ، وكانت من الزاهدات العابدات. وأهل مصر
يأتون لزيارة قبرها من كل فجّ ، وقبرها المعروف بقبر زينب. ويؤكد هذا البرهان قول
الزركلي في كتابه (الأعلام) :
لم أر في كتب
التاريخ ، أن السيدة زينب بنت علي عليهالسلام جاءت إلى مصر ، في الحياة أو بعد الممات.
كل ذلك يدل دلالة
قاطعة على أن قبر العقيلة زينب الكبرى عليهالسلام هو الموجود في قرية (راوية) جنوب دمشق.
ضريح زينب العقيلة عليهاالسلام
في راوية
٧٨١ ـ كرامة لزينب
عليهالسلام تهديها قفصا مكرما :
(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٢٥١)
نشرت مجلة (الغريّ)
النجفية في سنتها ١٥ تحت عنوان (القفص الذهبي) قالت :
أهدى أغنى أغنياء
باكستان السيد محمّد علي حبيب قفصا فضيا لقبر السيدة زينب بنت علي عليهالسلام في ضاحية دمشق. وكان السبب الوحيد لإهداء هذا القفص ، هو
أنه كان له ولد مصاب بالشلل ، وعالجه أبوه في مستشفيات أوروبا ولدى أمهر أطبائها ،
ولكنه لم يشف ، حتى أيس أبوه من شفائه.
فقصد الشام لزيارة
قبر السيدة زينب عليهالسلام ، وبات ليلة في حضرتها متضرعا إلى الله في شفاء ولده الوحيد.
ثم سافر إلى بلده ، وحين وصوله إلى كراتشي وجد ولده
المقعد المشلول
وهو يمشي على رجليه ، وقد عوفي من مرضه بقدرة الله تعالى. عند ذلك اعتزم السيد
حبيب أن يقدّم للضريح الزينبي هدية ثمينة تليق بصاحبته المكرّمة.
ونشرت مجلة
العرفان اللبنانية أن هذا القفص الفضي يزن ١٢ طنا ، وهو محلّى بالجواهر الكريمة
النادرة.
٧٨٢ ـ إهداء
الصندوق العاجي : (المصدر السابق)
ونشرت مجلة
العرفان ـ مجلد ٤٢ ص ٩٢٣ عن الصندوق العاجي المهدى لضريح السيدة زينب عليهالسلام قالت :
أهدت إيران حكومة
وشعبا صندوقا أثريا من العاج والآبنوس المطعّم بالذهب لضريح السيدة زينب عليهالسلام المدفونة في ظاهر دمشق (قرية راوية) ، وهو من صنع الفنان
الإيراني الحاج محمّد صنيع ، وبقي في صنعه ثلاثين شهرا. وقدّر ثمنه بمائتي ألف
ليرة سورية. وله غطاء من البلور. وقد أحضرته بعثة إيرانية رسمية ، وأقيمت حفلة
كبرى لوضعه فوق الضريح المقدس في ٢٠ نيسان ١٩٥٥.
ترجمة العقيلة زينب الكبرى عليهالسلام
الزينب : شجر حسن
المنظر طيّب الرائحة ، وبه سمّيت المرأة. وقيل هي كلمة مركبة أصلها : زين أب.
وقد أكثر أهل
البيت عليهالسلام من التسمية باسم زينب ، أولها زينب بنت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ثم زينب بنت جحش زوجة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وابنة عمته. ثم ثلاث بنات للإمام علي عليهالسلام باسم زينب ، ثم زينب
بنت الحسين عليهالسلام ، وزينب بنت عقيل ... الخ.
ولا تخلو عائلة
هاشمية من هذا الاسم المبارك. وأعظم هذه الزينبات بلا منازع زينب بنت الإمام علي عليهالسلام التي ولدتها السيدة فاطمة الزهراء عليهالسلام بعد الحسن والحسين عليهالسلام ، وهي زينب الكبرى العقيلة. وإنما يقال لها الكبرى للتفريق
بينها وبين من سمّيت باسمها من أخواتها.
ولدت زينب الكبرى عليهالسلام في ٥ جمادى الأولى سنة ٦ ه.
وفي (منتخب
التواريخ) أنها ولدت في أول يوم من شعبان ، بعد ولادة أخيها الحسين عليهالسلام بسنتين ، وتوفيت في النصف من رجب سنة ٦٢ ه (وقيل ٦٥ ه) ،
والتاريخ الأخير يوافق عام المجاعة في عهد عبد الملك ؛ فيكون عمرها الشريف أقل من
ستين عاما.
وكانت زينب الكبرى
عليهالسلام تلقّب بالصدّيقة الصغرى للفرق بينها وبين أمها فاطمة
الزهراء (الصدّيقة الكبرى) ، ومن ألقابها : عقيلة الوحي وعقيلة بني هاشم وعقيلة
الطالبيين ، والموثّقة ، والعارفة ، والعالمة ، والفاضلة ، والكاملة ، وعابدة آل
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم. وكانت ذات جلال وشرف وعلم ودين وصون وحجاب ، حتى قيل إن
الحسين عليهالسلام كان إذا زارته زينب يقوم إجلالا لها. وروت الحديث عن جدها
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن أبيها أمير المؤمنين عليهالسلام وعن أمها فاطمة الزهراء عليهالسلام.
قال ابن الأثير :
إنها ولدت في حياة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكانت عاقلة لبيبة جزلة. زوّجها أبوها من ابن عمها عبد
الله بن جعفر ، فولدت له أربعة أولاد ، منهم عون ومحمد اللذين استشهدا بين يدي
الحسين عليهالسلام ، ومنهم علي وأم كلثوم. وكانت زينب مع أخيها الحسين عليهالسلام لما قتل ، فحملت إلى دمشق وحضرت عند يزيد. وكلامها ليزيد
يدل على عقل وقوة وجنان.
وبعد رجوع زينب عليهالسلام مع السبايا إلى المدينة ، حصلت مجاعة فيها ، فهاجرت مع
زوجها عبد الله بن جعفر إلى دمشق ، وأقامت في قرية (راوية) التي كانت لزوجها فيها
أراض وبساتين ، حيث توفيت هناك بعد موقعة الطف بعدة سنين.
واختلف في مرقدها
بين مصر والشام ، والأصح في الشام.
وقد ألفت كتب
كثيرة في سيرتها عليهالسلام ، وآخر ما ظهر منها كتاب (بطلة كربلاء) للفاضلة الحرة
عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) إذ قالت في خاتمة كتابها : «بطلة استطاعت أن تثأر
لأخيها الشهيد العظيم ، وأن تسلّط معاول الهدم على دولة بني أمية ، وأن تغيّر مجرى
التاريخ».
٧٨٣ ـ ألقاب زينب
الكبرى عليهالسلام :
لزينب الكبرى عليهالسلام ألقاب كثيرة منها :
ـ عقيلة بني هاشم
: والعقيلة هي المرأة العاقلة الكريمة الجليلة ، صاحبة المقام الأكبر.
ـ سيدة الطف أو
بطلة كربلاء : لأنها ثبتت في موقف الطف ثبات الرجال ولم تجزع ، وهي ترى أولادها
وإخوتها وأهلها يذبحون كالقرابين أمام عينيها.
ـ صاحبة الديوان :
في مصر ، وهم يحتفلون بذكراها من يوم ولادتها في ٥ شعبان ، إلى يوم وفاتها في
النصف من شعبان.
ـ عابدة آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : فقد كانت زاهدة عابدة ، لم تترك أورادها حتى ليلة الحادي
عشر من المحرم ، وخصوصا صلاة الليل. وقد أوصاها أخوها الحسين عليهالسلام قبل استشهاده بأن لا تنسى الدعاء له في وتر الليل.
ـ أم المصائب :
فلقد مرّت على أمها فاطمة عليهالسلام مصائب جلى ، حتى كانت أول من لحق بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهله. لكن هذه المصائب هانت أمام مصائب زينب عليهالسلام في كربلاء ، والتي انتهت بسبي حريم آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وتسييرهم إلى الفاجر عبيد الله بن زياد ، ثم إلى الماكر
يزيد بن معاوية ، عبر الأقطار والأمصار.
٧٨٤ ـ مسجد
السادات الزينبية بدمشق :
هناك مسجد في دمشق
يدعى مسجد السادات الزينبية ، وذلك في حي العمارة قريبا من مرقد السيدة رقية عليهالسلام.
إذا زرنا مسجد
السيدة رقية عليهالسلام ثم خرجنا شمالا من باب الفراديس ، نصل إلى جادة العمارة التي
تسمى شارع الملك فيصل ، حيث كانت تمرّ سكّة الترام. وهذا الطريق يصل منطقة باب
توما شرقا بساحة المرجة غربا. فإذا سرنا في هذه الجادة شرقا باتجاه باب توما ، نجد
في الطرف الأيمن من الطريق وقبل الوصول إلى باب توما مسجدا كبيرا قديما يدعى مسجد
السادات الزينبية ، أو مسجد القصب (مز القصب) أو مسجد الأقصاب. فلماذا سمي هذا
المسجد بمسجد السادات؟. وما معنى الزينبية أو الأقصاب؟.
يقول كارل ولتسنغر
في كتابه (الآثار الإسلامية في مدينة دمشق) ص ٧٤ : جامع السدة الزينبية : يرجع
تاريخ البناء الحالي إلى عام [٧٢١ ه ـ ١٣٢١ م]. ويعلّق
محقق الكتاب في
الحاشية قائلا : والصحيح السادات الزينبية ، ويقصد بالسادات بعض صحابة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث يعتقد بوجود سبعة منهم مدفونين في المسجد.
ويقول جان سوفاجيه
في كتابه (الآثار التاريخية) ص ٩٣ :
مسجد الأقصاب :
ويعرف بجامع السادات الزينبية ، أعيد بناؤه عام [٨١١ ه / ١٤٠٨ م] على يد الأمير
ناصر الدين محمّد بن منجك. وهو مسجد مملوكي كبير من النموذج الدارج ، وله منارة
مربعة وبلاط زخرفي.
ويقول الأستاذ
أكرم حسن العلبي في كتابه (خطط دمشق) ص ٣٥٢ :
جامع مسجد الأقصاب
: جامع قديم ومشهور خارج باب السلام ، يعرف بجامع منجك ، وجامع السادات لوجود سبعة
من الصحابة فيه ؛ منهم حجر بن عدي ، كما يقول ابن عساكر ، وهذه القبور على يمين الداخل. علما بأن ابن عساكر نفسه
ذكر في ترجمة حجر بن عدي أنه مدفون حيث قتل في عذرا ، وعلى قبره مسجد مشهور.
ويرجع (كارل) تاريخ
صحن المسجد والأعمدة والأركان إلى عصور بيزنطية ، والأعمدة جزء من أقواس الرواق
الجنوبي الأوسط لكنيسة.
يظهر من ذلك أن
هذا المسجد هو منشأة معمارية قديمة ، كانت كنيسة قبل الفتح ، مساحتها أزيد من
المسجد الحالي ، وتمتدّ شمالا لتشغل الطريق المجاور. ولو أمكن حفر الطريق لوجدت
الأسس المطمورة من الكنيسة. ثم حولها المسلمون إلى مسجد حين قتل حجر وأصحابه في
عهد معاوية عام ٥١ ه ، ثم حولها المماليك إلى مسجد مملوكي ، جدده الأمير منجك عام
٨١١ ه.
والسؤال الّذي
يطرح نفسه هو : ما الذي جاء بأجسام حجر وأصحابه إلى هذا المكان ، حتى سمي جامع
السادات ، ولماذا نعتت هذه السادات بالزينبية؟. وما قصة القصب والأقصاب؟.
٧٨٥ ـ كيف استشهد
حجر وأصحابه رضي الله عنهم؟ :
نرجع هنا بنظرنا
إلى كيفية استشهاد حجر وأصحابه رضي الله عنهم. فبعد أن ساق والي العراق زياد بن
أبيه ، الصحابي الجليل حجر بن عدي الكندي وابنه همّام وأصحابه
__________________
إلى دمشق ، وصلوا
بهم إلى مرج عذراء [عدرة اليوم]. وهناك جاء الأمر من معاوية بأن يخيّروا بين
البراءة من علي بن أبي طالب أو القتل ، فاختاروا القتل ، وكان عددهم سبعة. وبما
أنهم كانوا يعلمون مصيرهم نتيجة إخبار الإمام علي عليهالسلام لحجر بذلك ، حفروا قبورهم بأيديهم ولبسوا أكفانهم ، ثم
ضربت أعناقهم ، ودفنوا هناك.
وهنا نجد تناقضا
بين النصوص الأولى والرواية الثانية ، فهل هؤلاء الشهداء مدفونون في مسجد السادات
أم في عدرة؟. ويمكن إزالة هذا التعارض ، بأن معاوية بعد قتل حجر وأصحابه ، أمر
زبانيته بدفن الرؤوس في (عذراء) ، وبجرّ الأجساد إلى دمشق ، وسحلها في شوارع
العاصمة. فسحلوها حتى زال اللحم من أرجلهم ، ولم يبق منها إلا القصبات. فدفنت هذه
القصبات في العمارة ، وسمي المسجد هناك مسجد القصب أو الأقصاب. وأطلق عليهم اسم
السادات ، لأن بعضهم كان من الصحابة الكرام.
أما كلمة (الزينبية)
فلعل سبب إطلاقها عليهم ، لبيان أنهم من الموالين لزينبعليهالسلام ، وذلك عوضا عن نعتهم بالسادات العلوية ، لأن اسم علي عليهالسلام كان محرما الجهر به أو مجرد لفظه في زمن بني أمية. ومن
المحتمل جدا أن السيدة زينب بنت علي عليهالسلام العقيلة حين جاءت مع السبايا وسكنت في (الخربة) في نفس
المكان الّذي صار فيما بعد مسجد السيدة رقية عليهالسلام ، أنها كانت تذهب من هناك ، وبطريق قريب جدا ، وتزور هؤلاء
السادات في مسجد السادات هذا ، لعلمها بدور حجر ومركزه من القضية العلوية والنهضة
الحسينية ، فلقد كان حجر الممهّد الأول لثورة الحسين عليهالسلام التي استعرت في كربلاء. ولأن زينب عليهالسلام باركت هذا المكان بدموعها وصلاتها ودعائها ، أطلق عليه اسم
مسجد السادات الزينبية ، كما أطلق على المنطقة برمتها اسم (الزينبية).
وهناك احتمال
معاكس ، وهو أنهم أطلقوا اسم الزينبية على المنطقة لمبيت زينب عليهالسلام والسبايا فيها ، ثم أطلقوا اسم (الزينبية) على المسجد
لتمييزه يعن المساجد الأخرى التي تحمل نفس الاسم (مسجد السادات) وهي عديدة في
دمشق.
(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر
٧٨٦ ـ مشاهد أهل
البيت عليهالسلام عند جامع ابن طولون بالقاهرة :
(الإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي ، ص ٣٥)
ذكر الهروي
المشاهد التي عند جامع ابن طولون ، وهي :
ـ مشهد به قبر
نفيسة بنت الحسن بن زيد بن زين العابدين عليهالسلام.
ـ مشهد به قبر
فاطمة بنت محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق عليهالسلام.
ـ قبر آمنة بنت
الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ مشهد به قبر
رقية بنت علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٧٨٧ ـ مشاهد أهل
البيت عليهالسلام في القرّافة : (المصدر السابق ، ص ٣٦)
القرافة هي مقبرة
في جبل المقطّم ، وفيها : مشهد قبر علي بن الحسين ابن الإمام زين العابدين عليهالسلام. وإلى جانبه مشاهد أهل البيت عليهالسلام ، منهم :
ـ مشهد به قبر علي
بن عبد الله بن القاسم بن محمّد بن جعفر الصادق عليهالسلام.
ـ مشهد به قبر
آمنة بنت الإمام موسى الكاظم عليهالسلام.
ـ مشهد به قبر
يحيى بن الحسن بن زيد بن الحسن ابن الإمام علي عليهالسلام.
ـ وبه قبر أم عبد
الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ وبه قبر يحيى بن
القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ وبه قبر عبد
الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ وبه قبر عيسى بن
عبد الله بن القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ مشهد به قبر
القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ـ وبه مشهد (أم)
كلثم بنت القاسم ابن الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ولم يذكر شيئا عن
باب السباع ، ولا أن رأس الحسين عليهالسلام مدفون في باب القرافة.
(٥) ـ سيرة الإمام علي بن الحسين عليهالسلام
«زين العابدين»
٧٨٨ ـ عبادة
الإمام زين العابدين عليهالسلام :
(إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ، ص ٢٥٤ ط بيروت)
روى سعيد بن كلثوم
قال : كنت عند الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام ، فذكر أمير المؤمنين عليهالسلام فمدحه بما هو أهله.
ثم قال الصادق عليهالسلام : والله ما أطاق عمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذه الأمة غيره. وإن كان ليعمل عمل رجل كان وجهه بين
الجنة والنار ؛ يرجو ثواب هذه ، ويخاف عقاب هذه. ولقد أعتق من ماله ألف مملوك في
طلب وجه الله والنجاة من النار ، مما كدّ بيده ، وشحّ منه جبينه ... وما أشبهه من
ولده ولا أهل بيته أحد أقرب شبها به ، من علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام.
ولقد دخل ابنه
الإمام الباقر عليهالسلام عليه ، فإذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد ، فرآه
قد اصفر لونه من السهر ، ورمدت عيناه من البكاء ، ودبرت جبهته من السجود ، وورمت
ساقاه من القيام في الصلاة.
فقال الباقر عليهالسلام : فلم أملك حين رأيته بتلك الحال من البكاء ، فبكيت رحمة
له. وإذا هو يفكر ، فالتفت إليّ بعد هنيهة من دخولي ، فقال : يا بني ، أعطني بعض
تلك الصحف التي فيها عبادة علي عليهالسلام. فأعطيته ، فقرأ منها يسيرا ، ثم تركها من يده تضجّرا ،
وقال : من يقوى على عبادة علي بن أبي طالب عليهالسلام.
وروي أن زين
العابدين عليهالسلام كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، وكانت الريح تميله
بمنزلة السنبلة!.
وكان عليهالسلام إذا توضأ اصفرّ لونه. فقيل له : ما هذا الّذي يغشاك؟. فقال
: أتدري لمن أتأهّب للقيام بين يديه؟!.
وفي (أدب الطف)
للسيد جواد شبّر ، ص ٢٥٥ :
قال الإمام الباقر
عليهالسلام : إن أبي ما ذكر لله نعمة إلا سجد ، ولا قرأ آية إلا سجد ،
ولا وفّق لإصلاح اثنين إلا سجد ، ولا دفع الله عنه كربة إلا سجد ، ولا فرغ من
صلاته إلا سجد. وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده.
وفي (ينابيع
المودة) لسليمان القندوزي ، ج ٣ ص ٢٦ ط ١ :
ووقع حريق في بيت
كان فيه زين العابدين عليهالسلام ساجدا ، فقالوا : يابن رسول الله ، النار النار ، فما رفع
رأسه ليطفئ النار.! فقيل له في ذلك ، فقال : ألهتني عنها نار أخرى [يعني نار
الآخرة].
وقال الزهري : كان
علي بن الحسين عليهالسلام بارا بأمه ، لم يأكل معها في قصعة قط. فقيل له في ذلك ، فقال
: أخاف أن أمدّ يدي إلى ما وقعت عينها عليه ، فأكون عاقا لها.
٧٨٩ ـ والدة
الإمام زين العابدين عليهالسلام : (أعيان الشيعة ، ج ٤ ص ٣٠٩)
قال الشيخ المفيد
: اسمها شاهزنان. وقيل اسمها (شهربانو) أو شهربانويه بنت يزدجرد بن شهريار بن
شيرويه بن ابرويز بن أنو شروان ، وكان يزدجرد آخر ملوك الفرس.
وقال المبرد :
اسمها سلافة ، وقيل خولة ، وقيل غزالة.
والظاهر أن اسمها
الأصلي كان كما ذكره الشيخ المفيد ، ثم غيّر كما ذكره المبرّد ، حين أخذت سبيّة ،
وتزوجها الإمام الحسين عليهالسلام.
قيل : ولم يكن أهل
المدينة يرغبون في نكاح الجواري ، حتى ولد علي بن الحسين عليهالسلام فرغبوا فيهن.
روى الزمخشري في (ربيع
الأبرار) عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : لله من عباده خيرتان : فخيرته من العرب قريش ،
ومن العجم فارس. وكان علي بن الحسين عليهالسلام يقول : أنا ابن الخيرتين ؛ لأن جده رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمه بنت يزدجرد ملك الفرس.
وفي (المفيد في
ذكرى السبط الشهيد) لعبد الحسين إبراهيم العاملي ، ص ١٧١ قال: إن أم زين العابدين الحسين
عليهالسلام. أخذت في وقعة القادسية بين العرب والفرس. فحين انهزم
الملك يزدجرد ، أخذت بناته الثلاث أسرى ؛ فتزوج إحداهن الحسين عليهالسلام وهي شاه زنان ، فولدت له زين العابدين عليهالسلام وفاطمة الصغرى. وكان لها عبد الله الرضيع الّذي استسقاه
الحسين عليهالسلام فقتله حرملة بن كاهل. والملك يزدجرد هو حفيد الملك كسرى
أنوشروان.
تعليق : هناك
اشتباه في الرواية السابقة ، إذ أن عبد الله الرضيع عليهالسلام أمه الرباب وليس شاهزنان. والصحيح أن شاهزنان ولدت ولدا
ثالثا هو علي الأصغر ، ااستشهد أيضا في كربلاء ، وهو غير عبد الله الرضيع عليهالسلام.
وفي (مناقب ابن
شهر اشوب) ج ٣ ص ٢٠٨ ط نجف قال :
خيّروا شهربانويه
بمن تتزوج؟. فقالت : لست ممن تعدل عن النور الساطع والشهاب اللامع : الحسين بن علي
عليهالسلام.
(أقول) : ويمكن
التوفيق بين من قال إن أم زين العابدين عليهالسلام هي شاهزنان ، ومن قال هي شهربانويه ، بأن الحسين عليهالسلام تزوج أولا شاهزنان بنت يزدجرد ، فلما توفيت في نفاسها بزين
العابدين عليهالسلام تزوج أختها شهربانويه ، فربّت زين العابدين خالته ، وكان
يدعوها أمي. وهي التي أثر أنه لم يؤاكلها في قصعة واحدة ، بل كان يضع لها صحنا وله
صحنا.
(راجع مجموعة نفيسة عن تاريخ الأئمة ، ص ٢٤)
ترجمة الإمام زين العابدين عليهالسلام
ولد الإمام زين
العابدين علي بن الحسين عليهالسلام بالمدينة في الخامس من شعبان سنة ٣٨ ه ، قبل وفاة جده علي
عليهالسلام بسنتين. وتوفي سنة ٩٤ ه وعمره الشريف ٥٧ سنة كجده الحسين عليهالسلام. ودفن عند عمه الحسن عليهالسلام في مقبرة بقيع الغرقد بالمدينة المنورة.
قال الزبير بن
بكار : كان عمره يوم الطف ثلاثا وعشرين سنة ، وتوفي سنة ٩٥ ه ، وفضائله أكثر من
أن تحصى أو يحيط بها الوصف.
وفي (الفصول
المهمة) لابن الصباغ المالكي ، ص ٢٠١ قال :
ألقابه كثيرة
أشهرها : زين العابدين ، وسيد الساجدين ، والزكي والأمين وذو الثفنات. وصفته :
أسمر قصير دقيق.
وفي (سير أعلام
النبلاء) للذهبي ، ج ٣ ص ٣٢١ قال :
تابع : ترجمة زين
العابدين عليهالسلام
وقد ولد لزين
العابدين عليهالسلام : الحسن والحسين ماتا صغيرين ، ومحمد الباقر ، وعبد الله
وزيد وعمر وعلي ومحمد الأوسط وعبد الرحمن وحسين الصغير والقاسم. ا ه
وكان زين العابدين
عليهالسلام يوم الطف مريضا فلم يقاتل. وهمّ شمر ابن ذي الجوشن بقتله ،
فمنعه الله منه. وحين قيّد إلى الكوفة مع السبايا همّ عبيد الله ابن زياد بقتله ،
فمنعه الله منه. وحين سيّر إلى الشام همّ يزيد بن معاوية بقتله ، فمنعه الله منه.
كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسين عليهالسلام ونسل النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أولئك الأئمة الذين عادلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن
لا يتفرقوا عنه حتى يردوا حوض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم القيامة ، وتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم
وآخرهم المهدي عليهالسلام ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا ، بعد ما ملئت ظلما وجورا.
الفصل الثاني والثلاثون
عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
يتضمن هذا الفصل
المواضيع التالية :
مقدمة
الفصل ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام : ـ صفة عقوبة قاتلي الحسينعليهالسلام
ـ عقوبة من يرضى
عن قتل الحسين عليهالسلام
ـ خبر من أنكر
معاقبة الله لقتلة الحسين عليهالسلام
ـ مخاصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
لقتلة الحسين عليهالسلام
يوم القيامة ـ مخاصمة فاطمة عليهالسلام
لمن قتل ابنها الحسين عليهالسلام
ـ نهاية بعض قتلة الحسين عليهالسلام
: ـ ثورة المختار :
ـ مقتل بجدل بن
سليم الكلبي
ـ مقتل سنان بن
أنس النخعي
ـ مقتل خولي بن
يزيد الأصبحي
ـ مقتل الذين
رضّوا جسد الحسين عليهالسلام
ـ مقتل عمر بن سعد
ـ مقتل عبيد الله
بن زياد
ـ مقتل الحصين بن
نمير
ـ استبشار الإمام زين العابدين عليهالسلام
بمقتل عمر بن سعد
وعبيد الله بن زياد
ـ ترجمة المختار بن أبي عبيدة الثقفي
ـ عجائب في قصر الإمارة.
الفصل الثاني
والثلاثون
عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
مقدمة الفصل :
لا يشك أحد ما
للحسين عليهالسلام من منزلة وقيمة عند الله تعالى ، وخاصة بعد أن قدّم لله كل
ما يملك ، حتى روحه وأرواح أهله وأولاده. ومن كانت هذه حاله فهل يردّ الله له دعوة
، أو لا يقتصّ من قتلته وأعدائه ، ولو بعد حين؟!.
وقد مرّت معنا
سابقا أدعية كثيرة دعا بها الحسين عليهالسلام على أعدائه.
فمنها ما كانت
استجابتها سريعة ، ونبهت بذلك كثيرا من الغافلين فاهتدوا ؛ مثل دعائه على مالك بن
جريرة (وقيل عبد الله بن حوزة) حين أشعل الحسين عليهالسلام النار في الخندق الّذي حفره خلف خيامه ، ليتقي هجوم أعدائه
من ظهره ، فقال للحسين عليهالسلام : أبشر يا حسين فقد تعجّلت النار في الدنيا قبل الآخرة.
فدعا عليه الحسين عليهالسلام أن يجرّه الله إلى النار ، فلم يكن بأسرع من أن شبّ به
الفرس ، فألقاه على ظهره ، فتعلقت رجله في الركاب ، فركض به الفرس حتى ألقاه في
النار فاحترق.
ومثل دعائه عليهالسلام على محمّد بن الأشعث ، بعد أن نفى أية قرابة بين الحسين عليهالسلام وبين جده النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. فقال له الحسين عليهالسلام : الله م أرني فيه هذا اليوم ذلا عاجلا. فما كان بأسرع من
أن تنحّى محمّد بن الأشعث يريد قضاء حاجة ، فلدغته العقرب في عورته ، فمات بادي
العورة.
ومنها (زرعة)
الّذي شكّ الحسين عليهالسلام بسهم في شدقه حين حاول شرب الماء ، فدعا عليه الحسين عليهالسلام بأن لا يرتوي في حياته ، فكان يشرب حتى يخرج الماء من فمه
ولا يرتوي ، حتى مات عطشا ... وأمثال ذلك كثير.
ومنها ما كانت
استجابتها مؤجلة إلى وقتها ؛ مثل دعائه عليهالسلام على عمر بن سعد ، بأن لا يهنأ بولاية الري ، وبأن يذبح على
فراشه ، فبعث المختار من قتله على فراشه.
ومثل دعائه عليهالسلام حين أصبح وحيدا فريدا ، بأن ينتقم الله له من أهل العراق
الذين حاربوه ، من حيث لا يشعرون. فصاح به الحصين بن مالك السكوني : يابن فاطمة ،
بماذا ينتقم لك منا؟. فقال عليهالسلام : يلقي بأسكم بينكم ، ويسفك دماءكم ، ثم يصبّ عليكم العذاب
الأليم. فكان ذلك فيما بعد على يد الحجاج.
ومثل دعائه عليهالسلام على أعدائه يوم العاشر من المحرم حين قال : " الله م
احبس عنهم قطر السماء ، وابعث عليهم سنين كسنيّ يوسف ، وسلّط عليهم غلام ثقيف [وهو
المختار الثقفي] ، يسقيهم كأسا مصبّرة ، ولا يدع فيهم أحدا إلا قتله. قتلة بقتلة ،
وضربة بضربة ، ينتقم لي ولأوليائي وأهل بيتي وأشياعي منهم". فكان ذلك حين بعث
الله لهم المختار بن أبي عبيدة الثقفي ، فانتقم منهم وتتبّعهم حتى قتلهم ، ولم يبق
أحدا منهم. ومنهم عبيد الله بن زياد ، وعمر بن سعد ، وشمر بن ذي الجوشن ، وغيرهم
كثير.
وفي محاورة الحسين
عليهالسلام مع عبد الله بن عمر ، دعاه إلى عدم مبايعة يزيد ، ثم قال
له عليهالسلام : فإنّ يزيد بن معاوية عسى أن لا يعيش إلا قليلا. وقد
استجاب الله أمله ، فقتل يزيد بعد ثلاث سنوات وهو في ريعان الشباب (عمره ٣٤ سنة) ،
جزاء وفاقا ، بما قدّمت يداه. وكما قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : بشّر القاتل بالقتل ولو بعد حين.
صفة عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي
الحسين عليهالسلام في الدنيا قبل الآخرة :
(البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢١٨)
وأما ما روي من
الأحاديث عن الفتن التي أصابت من قتل الحسين عليهالسلام فأكثرها صحيح ، فإنه قلّ من نجا من أولئك الذين قتلوه ؛ من
آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابهم الجنون.
٧٩١ ـ عقوبة قاتلي
الحسين عليهالسلام سريعة وشاملة :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٨ ط ٢ نجف)
قال الزهري : ما
بقي من قاتلي الحسين عليهالسلام أحد إلا وعوقب في الدنيا ؛ إما بالقتل أو العمى أو سواد
الوجه أو زوال الملك في مدة يسيرة.
٧٩٢ ـ جزاء قتلة
الحسين عليهالسلام القتل في الدنيا أو المرض :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)
عن (مينا) أنه قال
: ما بقي من قتلة الحسين عليهالسلام أحد لم يقتل ، إلا رمي بداء في جسده قبل أن يموت.
٧٩٣ ـ العقاب
بالجدري : (نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٣٧)
قال جلال الدين
السيوطي في (المحاضرات والمحاورات) : حصل بالكوفة جدري في بعض السنين ، عمي منه
ألف وخمسمائة من ذرية من حضروا قتل الحسين عليهالسلام.
٧٩٤ ـ عقاب قتلة
الحسين عليهالسلام شديد يوم القيامة :
(الاحتجاج للطبرسي ، ج ٢ ص ٤٠)
قال الطبرسي : إن
الإمام علي بن الحسين عليهالسلام كان يذكر حال من مسخهم الله قردة من بني إسرائيل ويحكي
قصتهم ، فلما بلغ آخرها قال : إن الله تعالى مسخ أولئك القوم لاصطيادهم السمك ،
فكيف ترى عند الله عزوجل يكون حال من قتل أولاد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهتك حريمه؟!. إن الله تعالى وإن لم يمسخهم في الدنيا ،
فإن المعدّ لهم من عذاب الآخرة أضعاف أضعاف عذاب المسخ.
٧٩٥ ـ قاتل الحسين
عليهالسلام خالد في جهنم :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٣)
عن أحمد بن عامر
بن سليمان الطائي ، حدّثني أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهالسلام ، حدثني أبي موسى بن جعفر عليهالسلام ، حدثني أبي جعفر بن محمّد عليهالسلام ، حدثني أبي محمّد بن علي عليهالسلام ، حدثني أبي علي بن الحسين عليهالسلام ، حدثني أبي الحسين بن علي عليهالسلام ، حدثني أبي علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن قاتل الحسين عليهالسلام في تابوت من نار ، عليه نصف عذاب أهل النار ، وقد شدّ يداه
ورجلاه بسلاسل من نار ، ينكس في النار ، حتى يقع في قعر جهنم ، وله ريح يتعوّذ أهل
النار إلى ربهم عزوجل من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم ، كلما
نضجت جلودهم بدّلوا بجلود غيرها ، ليذوقوا العذاب الأليم».
وبهذا الإسناد ،
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الويل لظالمي أهل بيتي ، عذابهم
مع المنافقين ، في
الدرك الأسفل من النار ، لا يفتر عنهم ساعة ، ويسقون من عذاب جهنم ، فالويل لهم من
العذاب الأليم».
وبهذا الإسناد ،
قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اشتدّ غضب الله وغضب رسوله ، على من أهرق دمي ، وآذاني
في عترتي».
٧٩٦ ـ عقوبة قاتل
الحسين عليهالسلام : (بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١٤ ط ٣)
روي في بعض مؤلفات
أصحابنا مرسلا عن بعض الصحابة ، قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يمصّ لعاب الحسين عليهالسلام كما يمصّ الرجل السكرة ، وهو يقول :
«حسين مني وأنا من
حسين ، أحبّ الله من أحبّ حسينا ، وأبغض الله من أبغض حسينا. حسين سبط من الأسباط
، لعن الله قاتله».
فنزل جبرئيل عليهالسلام وقال : يا محمّد إن الله قتل بيحيى بن زكريا سبعين ألفا من
المنافقين ، وسيقتل بابن ابنتك الحسين سبعين ألفا وسبعين ألفا من المعتدين. وإن
قاتل الحسين عليهالسلام في تابوت من نار ، ويكون عليه نصف عذاب أهل الدنيا ، وقد
شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار ، وهو منكّس على أم رأسه في قعر جهنم ، وله ريح
يتعوذ أهل النار من شدة نتنها ، وهو فيها خالد ، ذائق العذاب الأليم لا يفتر عنه ،
ويسقى من حميم جهنم.
٧٩٧ ـ الله يغفر
للأولين والآخرين ما خلا قاتل الحسين عليهالسلام :
(اللهوف ص ٥٩ ؛ ومقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٥)
وروى بإسناده عن
علي عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن موسى بن عمران سأل ربه ، فقال : يا ربّ إن أخي هارون
مات فاغفر له ، فأوحى الله إليه : أن يا موسى بن عمران ، لو سألتني في الأولين
والآخرين لأجبتك فيهم ، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فإني أنتقم له منه.
٧٩٨ ـ عقوبة من
يرضى عن قتل الحسين عليهالسلام ـ قصة الّذي عمي :
(كشف الغمة للإربلي ، ج ٢ ص ٢٦٩)
عن أبي حصين عن
شيخ من قومه من بني أسد ، قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام وبين يديه طست من دم ، والناس يعرضون عليه
فيلطخهم ، حتى انتهيت إليه ،
فقلت : بأبي والله
وأمي ، ما رميت بسهم ولا طعنت برمح ولا كثّرت!. فقال لي : كذبت قد هويت قتل الحسين
عليهالسلام. قال : فأومى إليّ بإصبعه فأصبحت أعمى ، فما يسرّني أن لي
بعماي حمر النّعم.
٧٩٩ ـ عقوبة من
كثّر السواد على الحسين عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠٤)
قال ابن رماح :
لقيت رجلا مكفوفا قد شهد قتل الحسين عليهالسلام ، فكان الناس يأتونه ويسألونه عن سبب ذهاب بصره؟. فقال :
إني كنت شهدت قتله عاشر عشرة ، غير أني لم أضرب ولم أطعن ولم أرم. فلما قتل رجعت
إلى منزلي فصليت العشاء الآخرة ونمت ، فأتاني آت في منامي وقال لي : أجب رسول الله
صلىاللهعليهوآلهوسلم!. فإذا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في الصحراء ، حاسر عن ذراعيه ، آخذ بحربة ، ونطع بين
يديه ، وملك قائم لديه ، في يده سيف من نار يقتل أصحابي ، فكلما ضرب رجلا منهم
ضربة التهبت نفسه نارا. فدنوت من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم
يردّ عليّ. ومكث طويلا مطرقا ، ثم رفع رأسه وقال لي : يا عبد الله ، انتهكت حرمتي
، وقتلت عترتي ، ولم ترع حقي ، وفعلت وفعلت!.
فقلت له : يا رسول
الله ، والله ما ضربت سيفا ولا طعنت رمحا ولا رميت سهما!. فقال : صدقت ، ولكنك
كثّرت السواد [أي كثّرت عدد الناس ضد الحسين عليهالسلام] ادن مني. فدنوت منه ، فإذا طست مملوء دما. فقال : هذا دم
ولدي الحسين عليهالسلام ، فكحّلني منه. فانتبهت ولا أبصر شيئا حتى الساعة.
٨٠٠ ـ عقاب من
يطعن في الحسين عليهالسلام :
(فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ـ تحقيق وصي الله بن محمّد عباس ـ طبع جامعة أم
القرى بمكة المكرمة ، ج ٢ ص ٥٧٤)
حدثنا عبد الله بن
أحمد بن حنبل ، قال حدّثني أبي ، حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة ، قال
سمعت أبا رجاء يقول :
لا تسبّوا عليا
ولا أهل هذا البيت. إن جارا لنا من بني الهجيم قدم من الكوفة فقال : أو لم تروا
هذا الفاسق بن الفاسق ، إن الله قتله [يقصد الحسين عليهالسلام] ، فرماه الله بكوكبين في عينيه [الكوكب : بريق الحديد
عندما يتوقد] فطمس الله بصره.
٨٠١ ـ الّذي عمي
لمجرد أنه يهوى قتلة الحسين عليهالسلام :
(المنتخب للطريحي ، ص ٣٢٠)
وروي عن أبي
الحصين رضي الله عنه قال : رأيت شيخا مكفوف البصر ، فسألته عن السبب؟. فقال : إني
من أهل الكوفة ، وقد رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في المنام ، وبين يديه طشت فيه دم عظيم من دم الحسين عليهالسلام ، وأهل الكوفة كلهم يعرضون عليه ، فيلطخهم بالدم دم الحسين
عليهالسلام. حتى انتهيت إليه وعرضت عليه ، فقلت : يا رسول الله ، ما
ضربت بسيف ولا رميت بسهم ، ولا كثّرت السواد عليه!. فقال لي : صدقت ، ألست من أهل
الكوفة؟. فقلت : بلى. قال : فلم لا نصرت ولدي ، ولم لا أجبت دعوته؟. ولكنك هويت
قتلة الحسين ، وكنت من حزب ابن زياد!. ثم إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أومأ إليّ بإصبعه ، فأصبحت أعمى. فو الله ما يسرّني أن
يكون لي حمر النّعم ، ووددت أن أكون شهيدا بين يدي الحسين عليهالسلام.
٨٠٢ ـ قصة اسوداد
وجه الّذي حمل رأس العباس عليهالسلام :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٦)
حكى هشام بن محمّد
عن القاسم بن الأصبغ المجاشعي ، قال : لما أتي بالرؤوس إلى الكوفة ، إذا بفارس
أحسن الناس وجها ، قد علّق في لبب فرسه رأس غلام أمرد ، كأنه القمر ليلة تمامه ،
والفرس يمرح ، فإذا طأطأ رأسه لحق الرأس بالأرض. فقلت له : رأس من هذا؟. قال : رأس
العباس بن علي عليهالسلام!. قلت : ومن أنت؟. قال : حرملة بن الكاهل الأسدي.
فلبثت أياما ،
وإذا بحرملة وجهه أشد سوادا من القار [أي الزفت]. فقلت له : قد رأيتك يوم حملت
الرأس ، وما في العرب أنضر وجها منك ، وما أرى اليوم أقبح ولا أسود وجها منك!.
فبكى وقال : والله منذ حملت الرأس إلى اليوم ، ما تمرّ عليّ ليلة إلا واثنان
يأخذان بضبعي [الضّبع : ما بين الإبط إلى نصف العضد الأعلى] ثم ينتهيان بي إلى نار
تأجّج ، فيدفعاني فيها ، وأنا أنكص فتسفعني كما ترى. ثم مات على أقبح حال.
يقول السيد الأمين
: دعا عليه زين العابدين عليهالسلام فقال : الله م أذقه حرّ الحديد ، الله م أذقه حرّ النار.
فأخذه المختار ، فأمر بقطع يديه ورجليه ، ثم أتي بنار وقصب فأحرقه.
٨٠٣ ـ كيف يجوز
قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام في الرجعة :
(علل الشرائع للصدوق ، ج ١ ص ٢١٩)
عن الهروي قال :
قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ، ما تقول في حديث روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : إذا خرج القائم عليهالسلام قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام بفعال آبائها؟. فقال عليهالسلام : هو كذلك. فقلت : وقول الله عزوجل : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤]
ما معناه؟. قال : صدق الله في جميع أقواله. ولكن ذراري قتلة الحسين عليهالسلام يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها ، ومن رضي شيئا كان كمن
أتاه. ولو أن رجلا قتل بالمشرق ، فرضي بقتله رجل بالمغرب ، لكان الراضي عند الله عزوجل شريك القاتل. وإنما يقتلهم القائم عليهالسلام إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم. (قال) قلت له : بأي شيء يبدأ
القائم فيكم إذا قام؟. قال : يبدأ ببني شيبة ، فيقطع أيديهم ، لأنهم سرّاق بيت
الله عزوجل.
قصة الّذي احترق
بالمصباح
٨٠٤ ـ قصة الّذي
احترق بالمصباح : (تهذيب التهذيب ، ص ٣٥٥)
قال ثعلب : حدثنا
عمر بن شبّة النميري ، حدثني عبيد بن جنادة ، أخبرني عطاء بن مسلم ، (قال) قال
السدّي : أتيت كربلاء أبيع البزّ بها ، فعمل لنا شيخ من جلي طعاما ، فتعشيناه
عنده. فذكرنا قاتل الحسين عليهالسلام فقلنا : ما شرك في قتله أحد إلا مات بأسوأ ميتة.
فقال (صاحب الدار)
: ما أكذبكم يا أهل العراق ، فأنا ممن شرك في ذلك .. فلم يبرح حتى دنا من المصباح
وهو يتّقد ، فنفط ، فذهب يخرج الفتيلة بإصبعه ، فأخذت النار فيها ، فذهب يطفيها
بريقه ، فأخذت النار في لحيته ، فعدا فألقى نفسه في الماء (في الفرات).
قال السدي : فأنا
والله رأيته كأنه حممة [أي يتوهج كالجمرة المتقدة].
٨٠٥ ـ خبر الّذي
أنكر معاقبة الله لقتلة الحسين عليهالسلام وكيف مات بأسوأ ميتة : (تاريخ ابن عساكر ـ الجزء الخاص
بالحسين ، ص ٢٥٢)
قال مولى لبني
سلامة : كنا في ضيعتنا بالنهرين ، ونحن نتحدث بالليل ، أنه ما أحد ممن أعان على
قتل الحسين عليهالسلام خرج من الدنيا حتى تصيبه بليّة.
قال : وكان معنا
رجل من طيء ، فقال الطائي : أنا ممن أعان على قتل الحسين ، فما أصابني إلا خير! ..
قال : وغشي السراج [أي أظلم وكاد ينطفئ] ، فقام الطائي يصلحه ، فعلقت النار في سبابته
، فمرّ يعدو نحو الفرات ، فرمى بنفسه في الماء. فاتّبعناه ، فجعل إذا انغمس في
الماء فرقت النار على الماء ، فإذا ظهر أخذته ، حتى قتلته.
٨٠٦ ـ قصة الأخنس
بن زيد وكيف احترق فحما :
(البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢١ ط ٣)
حكي عن السدي ،
قال : ضافني رجل في ليلة ، فتسامرنا حتى ذكرنا كربلاء. قال الضيف : أما كنت حاضرا
يوم الطف؟. قلت : لا ، والحمد لله. قال : أراك تحمد ، على أي شيء؟. قلت : على
الخلاص من دم الحسين عليهالسلام ، لأن جده صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إن من طولب بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف
الميزان. قال : قال هكذا جده؟. قلت : نعم. وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ولدي الحسين يقتل ظلما وعدوانا. ألا ومن قتله يدخل في
تابوت من نار ، ويعذّب نصف عذاب أهل النار ، وقد غلّت يداه ورجلاه ، وله رائحة
يتعوّذ أهل النار منها ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك. فالويل لهم من عذاب جهنم.
قال : لا تصدّق
هذا الكلام يا أخي!. قلت : كيف هذا ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا كذبت ولا كذّبت؟!.
قال : ترى قالوا :
قال رسول الله : قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقك قد تجاوزت التسعين
، مع أنك ما تعرفني. قلت : لا والله. قال : أنا الأخنس بن زيد. قلت : وما صنعت يوم
الطف؟. قال : أنا الّذي أمّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطء جسم الحسين
بسنابك الخيل ، وهشّمت أضلاعه ، وجررت نطعا من تحت علي بن الحسين وهو عليل ،
وكببته على وجهه ، وخرمت أذني صفية بنت الحسين لقرطين كانا في أذنيها [الصحيح أن
التي خرمت أذنها هي فاطمة بنت الحسين عليهالسلام ، وليس للحسين عليهالسلام أية ابنة اسمها صفيّة].
قال السدّي : فبكى
قلبي هجوعا وعيناي دموعا ، وخرجت أعالج على إهلاكه ؛ وإذا بالسراح قد ضعفت ، فقمت
أزهرها. فقال : اجلس ، وهو يحكي لي متعجبا من نفسه وسلامته!.
ومدّ إصبعه
ليزهرها ، فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنظف ، فصاح بي : أدركني يا أخي.
فكببت الشربة عليها وأنا غير محب لذلك. فلما شمّت النار رائحة الماء ازدادت قوة ،
وصاح بي : ما هذه النار وما يطفيها؟. قلت : ألق نفسك في النهر ، فرمى بنفسه. فكلما
ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه ، كالخشبة البالية في الريح البارح. هذا
وأنا أنظره ، فو الله الّذي لا إله إلا هو لم تطفأ حتى صار فحما ، وسار على وجه
الماء. ألا لعنة الله على الظالمين ، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مخاصمة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لقتلة الحسين يوم القيامة
٨٠٧ ـ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد مخاصمة قتلة الحسين عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٨٤ ط نجف)
عن الإمام الحافظ
سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي ... عن الزبير عن جابر الأنصاري (قال)
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يجيء يوم القيامة ثلاثة : المصحف والمسجد والعترة ؛
فيقول المصحف : حرّقوني ومزّقوني ، ويقول المسجد : خرّبوني وعطّلوني ، وتقول
العترة : قتلونا وطردونا وشرّدونا. فأجثو على ركبتيّ للخصومة ، فيقول الله عزوجل : ذلك إليّ ، فأنا أولى بذلك.
٨٠٨ ـ حديث من
يناصب العداء لأهل البيت عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)
وأخبرني سيد
الحفاظ أبو منصور الديلمي ... عن هشام عن عبد الله المكي عن جابر (قال) قال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ثلاث من كنّ فيه فليس مني : بغض علي عليهالسلام ، ونصب أهل بيتي ، ومن قال : الإيمان كلام.
قال : وفي رواية
أبي سعيد الخدري عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ثلاث من حفظهن حفظ الله له دينه ودنياه ، ومن
ضيّعهن لم يحفظ الله له شيئا : حرمة الإسلام ، وحرمتي ، وحرمة رحمي».
٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل
الحسين عليهالسلام يوم القيامة :
(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ١٧٧ ط نجف)
عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق
العرش بيدي ،
ويأخذ علي عليهالسلام بحجزتي ، وتأخذ فاطمة عليهالسلام بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا رب أنصفني في قتلة
الحسين عليهالسلام.
٨١٠ ـ تعسا لأمة
محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما قابلوه به من قتل أبنائه :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ١٠١)
قال بعض العلماء :
إن اليهود حّرموا الشجرة التي كان فيها عصا موسى عليهالسلام ؛ أن يخبطوا بها ، وأن يوقدوا منها النار ، تعظيما لعصا
موسى عليهالسلام. وإن النصارى يسجدون للصليب لاعتقادهم فيه أنه من جنس
العود الّذي صلب عليه عيسى عليهالسلام. وإن المجوس يعظّمون النار لاعتقادهم فيها أنها صارت بردا
وسلاما على إبراهيم بنفسها. وهذه الأمة قد قتلت أبناء نبيّها ، وقد أوصى الله
تعالى بمودتهم وموالاتهم ، فقال عزّ من قائل : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣].
٨١١ ـ احفظوا
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أولاده ، كما حفظ العبد الصالح في اليتيمين :
(المصدر السابق)
وروي عن الإمام
جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام أنه قال : احفظوا فينا ما حفظ العبد الصالح في اليتيمين
لأبيهما الصالح ، وكان الجد السابع. وقد ضيّعت هذه الأمة حقّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقتل أولاده.
٨١٢ ـ حديث من قتل
عصفورا : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٥٢)
عن مجد الأئمة ...
عن صهيب مولى ابن عباس ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : " من ذبح عصفورا بغير حقه ، سأله الله عنه يوم
القيامة".
وفي رواية أخرى :
" من ذبح عصفورا بغير حق ، ضجّ إلى الله تعالى يوم القيامة منه. فقال : يا رب
إن هذا ذبحني عبثا ، ولم يذبحني منفعة".
قال مجد الأئمة :
هذا لمن ذبح عصفورا بغير حقّ .. فكيف لمن قتل مؤمنا .. فكيف لمن قتل ريحانة رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو الحسين عليهالسلام؟.
٨١٣ ـ حديث من آذى
شعرة مني : (مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٧)
وأخبرنا سيد
الحفاظ الديلمي ... عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي
علي بن الحسين (وهو آخذ بشعره) حدثني أبي الحسين بن
علي (وهو آخذ
بشعره) حدثني أبي علي بن أبي طالب (وهو آخذ بشعره) حدثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (وهو آخذ بشعره) ،
قال :
«من آذى شعرة مني
فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذى الله فعليه لعنة الله ، ملء السماء
وملء الأرض».
٨١٤ ـ ثأر الحسين عليهالسلام من قتلته أكبر من ثأر يحيى عليهالسلام :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٩٦)
وأنبأني صدر
الحفاظ أبو العلاء الهمداني ... عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : أوحى الله
تبارك وتعالى إلى محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا ، وإني قاتل بابن
بنتك يا محمّد سبعين ألفا وسبعين ألفا».
وأخرج هذا الحديث
أبو عبد الله الحافظ في (المستدرك) عن ابن عباس أيضا.
٨١٥ ـ كتاب عبد الملك
بن مروان للحجاج باجتناب دماء أهل البيت عليهالسلام ، ومكاشفة زين العابدين عليهالسلام بذلك :
(نور الأبصار للشبلنجي ، ص ١٤٠)
عن عبد الله
الزاهد ، قال : لما ولي عبد الملك بن مروان الخلافة ، كتب إلى الحجاج بن يوسف :
بسم الله الرحمن
الرحيم ، من عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجاج بن يوسف. أما بعد ،
فانظر في دماء بني عبد المطلب فاجتنبها ، فإني رأيت آل أبي سفيان لما أولعوا بها
لم يلبثوا إلا قليلا ، والسلام. وأرسل بالكتاب بعد ختمه سرا إلى الحجاج ، وقال له:
اكتم ذلك.
فكوشف بذلك علي بن
الحسين عليهالسلام ، وأن الله قد شكر ذلك لعبد الملك. فكتب علي بن الحسين عليهالسلام من فوره :
بسم الله الرحمن
الرحيم ، من علي بن الحسين عليهالسلام إلى عبد الملك بن مروان أمير المؤمنين. أما بعد ، فإنك
كتبت في يوم كذا في شهر كذا إلى الحجاج في حقنا بني عبد المطلب بما هو كيت وكيت ،
وقد شكر الله لك ذلك. وطوى الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له من يومه على ناقة إلى
عبد الملك بن مروان ، وذلك من المدينة المشرّفة إلى الشام.
فلما وقف عبد
الملك على الكتاب وتأمله ، وجد تاريخه موافقا لتاريخ كتابه الّذي كتبه للحجاج ،
ووجد مخرج غلام علي بن الحسين عليهالسلام موافقا لمخرج رسوله إلى الحجاج في يوم واحد وساعة واحدة ،
فعلم صدقه وصلاحه ، وأنه كوشف بذلك. فأرسل إليه مع غلامه بوقر راحلته دراهم وثيابا
وكسوة فاخرة ، وسيّره إليه من يومه ، وسأل أن لا يخليه من صالح دعائه (كذا في
الفصول).
فاطمة عليهالسلام تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة
٨١٦ ـ عرض الحسين عليهالسلام بلا رأس على أمه فاطمة عليهالسلام يوم القيامة :
(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١١)
روي عن الإمام
جعفر الصادق عليهالسلام يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب الله سرادقا من نور [السّرادق
: كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب] بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والخلائق كلهم حاضرون. ثم ينادي مناد :
يا معشر الناس
غضّوا أبصاركم فإن فاطمة الزهراء بنت محمّد المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم تريد أن تجتاز السرادق. فيغضّون أبصارهم ، فإذا هي مقبلة.
فإذا وضعت رجليها في السرادق ، نوديت : يا فاطمة. فتلتفت ، فترى ولدها الحسين عليهالسلام واقفا بجانبها من غير رأس ، فتصرخ صرخة لا يبقى ملك مقرّب
ولا نبي مرسل ، إلا جثا على ركبتيه ، وخرّ مغشيا عليه. ثم إنها تفيق من غشيتها ،
فتجد الحسين عليهالسلام يمسح وجهها بيديه ، ورأسه قد عاد إليه. فعند ذلك تدعو على
قاتله ومن أعانه ، فيؤمر بهم إلى جهنم ، ولا شفيع لهم.
٨١٧ ـ الحسين عليهالسلام يقتل أعداءه جميعا : (المصدر السابق ؛ واللهوف ، ص ٥٨)
ويروى عن الإمام
الصادق عليهالسلام يرفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، ينصب لفاطمة عليهالسلام كرسي (قبّة) من نور ، فتجلس عليه. فبينما هي جالسة ، وإذا
بالحسين عليهالسلام مقبل عليها ، ورأسه بين يديه. فإذا رأته صرخت صرخة
(شهقت شهقة) عظيمة
، حتى لا يبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبي مرسل ، إلا بكى لبكائها. فيمثّله الله عزوجل في أحسن صورة ، ويجمع له من حضر في قتله ، والمتجاهر عليه
، ومن أشار في قتله ، فيقتلهم الحسين عليهالسلام عن آخرهم. ثم
ينشرون فيقتلهم
الحسن عليهالسلام. وهكذا ينشرون ويقتلون ، حتى لم يبق من ذريتنا أحد إلا
ويقتلهم. فعند ذلك يكشف الهم ويزول الحزن.
٨١٨ ـ فاطمة عليهالسلام تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي :
(نور العين في مشهد الحسين للإسفريني ، ص ١١٢)
ويروى عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : إذا كان يوم القيامة ، تقبل فاطمة عليهالسلام على ناقة من نياق الجنة ، وبيدها قميص الحسين عليهالسلام ملطّخ بدمه ، فتصرخ وتزجّ نفسها عن الناقة ، وتخرّ ساجدة
لله عزوجل ، وتقول : يا إلهي وسيدي ومولاي ، احكم بيني وبين من قتل
ولدي الحسين عليهالسلام. فيأتيها النداء من قبل الله عزوجل : يا حبيبتي وابنة حبيبي ، ارفعي رأسك ، فو عزّتي وجلالي
لأنتقمنّ اليوم ممن ظلمك وظلم ولدك. ثم يأمر بجميع من حضر قتل الحسين عليهالسلام ومن شارك في قتله ، إلى النار.
٨١٩ ـ حزن فاطمة
الزهراء عليهالسلام على ابنها الحسين عليهالسلام :
(الفاجعة العظمى ، ص ٩٢)
عن (المنتخب) قال
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا كان يوم القيامة ، تقبل ابنتي فاطمة عليهالسلام في لمّة من نساء أهل الجنة ، وثيابها مصبوغة بدم الحسين عليهالسلام ، وبين يديها قميص آخر ملطّخ بالسم ، تنادي : يا أمة محمّد
، أين مسمومي ، وأين مذبوحي؟. وما فعلتم ببناتي وأطفالي وأهل بيتي وعيالي؟. وتقول
: يا عدل يا حكيم ، احكم بيني وبين قاتل ولدي الحسين. وتقول : وا ولداه ، وا
حسيناه ، وا ثمرة فؤاداه. فيقال لها : يا فاطمة ، انظري في قلب القيامة. فتنظر
فاطمة عليهالسلام يمينا وشمالا ، فترى الحسين عليهالسلام واقفا بلا رأس ، فتصرخ صرخة ، فأصرخ لصرختها ، وتصرخ
الملائكة لصرختها.
وفي (نور العين) ص
١١٣ ؛ (واللهوف) ص ٨٥ :
قال : فيغضب الله عزوجل لها عند ذلك ، فيأمر نارا يقال لها (هب هب) قد أوقد عليها
ألف عام حتى اسودّت ، لا تدخلها ريح ولا تخرج منها أبدا. فيقال لها : التقطي من
حضر قتل الحسين عليهالسلام ، فتلتقطهم ، فإذا صاروا في جوفها صهلت بهم وصهلوا بها ،
وشهقت بهم وشهقوا بها ، وزفرت بهم وزفروا بها ، ثم ينطقون بألسنة ذلقة ناطقة : يا
ربنا لم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟. فيأتيهم الجواب عن الله عزوجل : إن من علم ليس كمن لا يعلم!.
نهاية بعض قتلة الحسين عليهالسلام
٨٢٠ ـ نهاية سنان
بن أنس النخعي :
(ترجمة الإمام
الحسين من تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ، ص ٢٤٣ رقم ٢٩٤)
روى ابن عساكر
بإسناده عن حنش بن الحرث ، عن شيخ من النخع ، (قال) قال الحجاج : من كان له بلاء
فليقم. فقام قوم فذكروا بلاءهم [أي أعمالهم الجليلة] ، وقام سنان بن أنس ، فقال :
أنا قاتل حسين!. فقال الحجاج : بلاء حسن!. ورجع سنان إلى منزله ، فاعتقل لسانه
وذهب عقله ، فكان يأكل ويحدث في مكانه.
٨٢١ ـ ثورة
التوابين :
بعد مقتل الحسين عليهالسلام قامت ثورة التوابين بقيادة الصحابي الجليل سليمان بن صرد
الخزاعي ، ومعه المسيّب بن نجبة الفزاري ، وعبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي ، وعبد
الله بن وال التميمي ، ورفاعة بن شداد البجلي ، وغيرهم. وأعلنوا العصيان على
الدولة الأموية في ربيع الأول سنة ٦٤ ه ، بعد موت يزيد. فتلاقوا مع جيش الشام
الّذي بعثه مروان بن الحكم بقيادة عبيد الله بن زياد في (عين الوردة) شمال الجزيرة
، فأبلوا بلاء حسنا. حتى قتل سليمان وعمره ٩٣ عاما ، ثم استشهد الأبطال الآخرون
واحدا بعد واحد.
٨٢٢ ـ ثورة
المختار :
ثم قامت ثورة
المختار بن أبي عبيدة الثقفي. وقصته أنه كان في حبس عبيد الله ابن زياد في الكوفة
أثناء معركة كربلاء ، ثم تشفّع به عبد الله بن عمر [لأن زوجته صفية هي أخت المختار]
، فأخرجه يزيد من حبس الكوفة. وما لبث أن انتقل إلى المدينة ، فعمل مع عبد الله بن
الزبير في مناهضة الحكومة الأموية. ولما هلك يزيد ، أطاع أهل العراق عبد الله بن
الزبير ، فولى عليهم أخاه مصعب بن الزبير. عندها انفصل المختار عن ابن الزبير ،
وانتقل إلى الكوفة ، وبدأ يمهّد لثورته العظيمة ، التي كان هدفها أخذ الثأر من
قتلة الحسين عليهالسلام وقتلهم عن آخرهم. وكان عليه إذ ذاك أن يقاوم عدة أعداء
ليستتبّ له الأمر في العراق ؛ منهم بنو أمية ، والخوارج ، وأتباع عبد الله بن
الزبير. فقتل المختار والي ابن الزبير ، وبدأ ثورته العارمة ، وقامت الشيعة جميعا
معه ، وعلى رأسهم إبراهيم بن مالك الأشتر.
وسنذكر نماذج من
الذين قتلهم المختار انتقاما للحسين عليهالسلام :
٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن
سليم الكلبي : (لواعج الأشجان ، ص ١٧٠ ط نجف)
وكان بجدل قد قطع
إصبع الحسين عليهالسلام بعد مصرعه ليأخذ خاتمه ، فأخذه المختار فقطع يديه ورجليه ،
وتركه يتشحّط في دمه ، حتى هلك.
٨٢٤ ـ مقتل سنان
بن أنس النخعي : (المصدر السابق ، ص ١٦٨)
هذا المجرم شرك في
قتل الحسين عليهالسلام فعلا ، ثم ناول الرأس الشريف بعد أن قطعه الشمر ، إلى خولي
بن يزيد الأصبحي. فأخذه المختار ، فقطع أنامله أنملة أنملة ، ثم قطع يديه ورجليه ،
وأغلى له قدرا فيها زيت ، ورماه فيها وهو يضطرب.
٨٢٥ ـ مقتل خولي
بن يزيد الأصبحي : (المصدر السابق ، ص ١٧٣)
وهذا الشقي صمّم
على قتل الحسين عليهالسلام فضربه بسهم في لبّته. وبعد استشهاد الحسين عليهالسلام حمل خولي الرأس الشريف إلى عبيد الله بن زياد. وحين ظفر به
المختار قتله أصحاب المختار وأحرقوه. وكان مختفيا في بيت الخلاء ، فدلّت عليه
امرأته.
[العيّوف بنت مالك]
وكانت تعاديه منذ جاء برأس الحسين عليهالسلام وبيّته في بيته. فلما هجموا على داره سألوها عنه ، فقالت :
لا أدري ، وأشارت بيدها إلى المخرج.
٨٢٦ ـ مقتل الذين
رضّوا جسد الحسين عليهالسلام : (المصدر السابق ، ص ١٧٢)
وأما الذين
انتدبهم عمر بن سعد لكي يوطئوا بالخيل جسد الحسين عليهالسلام ، فهؤلاء أخذهم المختار ، فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد
، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى قطّعتهم ، ثم أحرقهم بالنار.
٨٢٧ ـ مقتل عمر بن
سعد :
(لواعج الأشجان والأخذ بالثار للسيد الأمين ، ص ٢٨٧)
كان عمر بن سعد قد
اختفى في الكوفة عند ظهور أمر المختار ، ثم طلب من المختار الأمان فآمنه ، حتى جاء
الوقت المناسب لقتله.
وفي الأثناء ذكر
المختار عند محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، فقال محمّد : زعم أنه لنا شيعة ،
وقتلة الحسين عليهالسلام عنده على الكراسي يحدّثونه! [يقصد عمر بن سعد]. فلما وصل
الخبر إلى المختار ، عزم على قتله. فحاول عمر الهروب من الكوفة ، ثم رجع. وفي
اليوم التالي بعث عمر ابنه حفصا ليجدد له الأمان من المختار ، فقال له
المختار : أين
أبوك؟. فقال : في المنزل. فدعا المختار أبا عمرة كيسان ، وأمره أن يذهب ويقتل عمر
بن سعد. فذهب أبو عمرة فوجد عمر بن سعد في بيته ، فقال له : أجب الأمير. فقام عمر
يريد أخذ سيفه ، فعثر في جبّة ، فوقع على الفراش ، فضربه أبو عمرة بسيفه فقتله ،
وقطع رأسه وحمله في طرف قبائه ، حتى وضعه بين يدي المختار .. وظهر بذلك تصديق قول
الحسين عليهالسلام لابن سعد : وسلّط الله عليك من يذبحك على فراشك.
فقال المختار
لابنه حفص : أتعرف هذا الرأس ، فاسترجع وقال : نعم ، ولا خير في العيش بعده. فقال
له المختار : صدقت ، وأنت لا تعيش بعده. فأمر به فقتل ، ووضع رأسه مع رأس أبيه.
وقال المختار : هذا الرأس بالحسين عليهالسلام ، وهذا بعلي بن الحسين عليهالسلام ، ولا سواء. والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا
أنملة من أنامله.
ثم بعث المختار
برأس عمر بن سعد وابنه حفص إلى محمّد بن الحنفية رضي الله عنه ، وكتب إليه يعلمه
أنه قد قتل من قدر عليه ، وأنه في طلب الباقين ممن حضر قتل الحسين عليهالسلام .. فبينما محمّد بن الحنفية جالس مع أصحابه ، وهو يتعتّب
على المختار ، فما تمّ كلامه إلا والرأسان عنده. فخرّ ساجدا شكرا لله تعالى. ثم
رفع رأسه وبسط كفيه وقال : اللهم لا تنس هذا اليوم للمختار ، واجزه عن أهل بيت
نبيّك محمّد خير الجزاء ، فو الله ما على المختار بعد هذا من عتب.
٨٢٨ ـ قتل عبيد
الله بن زياد : (المصدر السابق ، ص ٢٩٤)
ولما فرغ المختار
من قتال الذين خالفوه من أهل الكوفة ... وجّه إبراهيم بن مالك الأشتر لقتال عبيد
الله بن زياد وأهل الشام. فسار إبراهيم لثمان بقين من ذي الحجة سنة ٦٦ ه ، وبعث
المختار معه وجوه أصحابه وفرسانهم وذوي البصائر منهم ، ممن قد شهد الحروب وجرّبها.
قال الشيخ الطوسي
في (الأمالي) : إنه خرج في تسعة آلاف ، وقيل في اثني عشر ألفا.
وسار إبراهيم بن
الأشتر من الكوفة شمالا ، حتى لاقى جيش عبيد الله بن زياد الّذي وصل إلى الموصل ،
وكان تعداده ثلاثين ألفا أو ثلاثة وثمانين ألفا. وحصلت معركة حاسمة ، تطاحن فيها
الفريقان بالرماح ، ثم تضاربوا بالسيوف والعمد ، وكان
يسمع ضرب الحديد
على الحديد كأصوات القصار. وكان إبراهيم في طليعة جيشه ، فكان لا يضرب رجلا إلا
صرعه ، وجعل إبراهيم يطرح الرجال بين يديه كالمعزى. وحمل أصحابه حملة رجل واحد ،
واشتدّ القتال حتى صلّوا صلاة الظهر بالتكبير والإيماء. وقتل من الفريقين قتلى
كثيرة ، وانهزم أصحاب ابن زياد.
وحمل إبراهيم بن
الأشتر على عبيد الله بن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قطعه نصفين ،
وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، وعجّل الله بروحه إلى النار.
فلما انهزم أصحاب
ابن زياد ، قال إبراهيم لأصحابه : إني قتلت رجلا تحت راية منفردة على شاطئ نهر
الخازر ، فالتمسوه فإني شممت منه رائحة المسك ، شرّقت يداه ، وغرّبت رجلاه. فطلبوه
فإذا هو عبيد الله بن زياد قتيلا. فاحتزوا رأسه وأخذوه ، وأحرقوا جثته. فلما رآه
إبراهيم قال : الحمد لله الّذي أجرى قتله على يدي.
٨٢٩ ـ قتل الحصين
بن نمير :
وحمل شريك التغلبي
على الحصين بن نمير ، وهو يظنه عبيد الله بن زياد ، فاعتنق كل واحد منهما صاحبه ،
فنادى التغلبي : اقتلوني وابن الزانية ، فقتلوا الحصين. وهذا الشرّير هو الّذي
تولى الهجوم على الكعبة المشرفة وهدمها في عهد يزيد ، بعد أن هلك صاحبه مسلم بن
عقبة الّذي سبى المدينة المنورة ثلاثة أيام.
وأنفذ إبراهيم
الأشتر برأس عبيد الله بن زياد ، ورؤوس قواده ومنها رأس الحصين بن نمير إلى
المختار ، وفي آذانهم رقاع فيها أسماؤهم. فقدموا عليه وهو يتغدى ، فحمد الله على
الظفر. فلما فرغ من الغداء قام فوطئ وجه ابن زياد بنعله ، ثم رمى بها إلى غلامه
وقال : اغسلها ، فإني وضعتها على وجه نجس كافر.
وألقيت الرؤوس في
القصر بين يديه ، فألقاها في المكان الّذي وضع فيه رأس الحسين عليهالسلام ورؤوس أصحابه. ونصب المختار رأس ابن زياد في المكان الّذي
نصب فيه رأس الحسين عليهالسلام. ثم ألقاه في اليوم الثاني في الرحبة مع الرؤوس.
٨٣٠ ـ دخول الحية
في منخر عبيد الله بن زياد :
(لواعج الأشجان والأخذ بالثار ، ص ٣٠٢)
ولما وضع رأس ابن
زياد أمام المختار ، جاءت حيّة دقيقة فتخللت الرؤوس ،
حتى دخلت في فم
عبيد الله بن زياد ، ثم خرجت من منخره ، ودخلت من منخره وخرجت من فيه ، فعلت ذلك
مرارا. فقال المختار : دعوها دعوها.
وفي (أعيان الشيعة)
ج ٤ ص ٢٩٧ :
قال ابن حجر في
صواعقه : وقد صحّ عند الترمذي ، أنه لما جيء برأس ابن زياد ، ونصب في المسجد (في
الكوفة) مع رؤوس أصحابه ، جاءت حيّة فتخللت الرؤوس حتى دخلت في منخره ، فمكثت
هنيهة ثم خرجت ، ثم جاءت ففعلت كذلك مرتين أو ثلاثا. وكان نصبها في محل نصبه لرأس
الحسين عليهالسلام.
٨٣١ ـ رأس ابن
زياد بين يدي زين العابدين عليهالسلام :
(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٩)
قال اليعقوبي :
وجّه المختار بن أبي عبيد الثقفي (بعد أن قتل عبيد الله بن زياد) برأسه إلى علي بن
الحسين عليهالسلام في المدينة ، مع رجل من قومه ، وقال له : قف بباب علي بن
الحسين عليهالسلام ، فإذا رأيت أبوابه قد فتحت ودخل الناس ، فذلك الّذي فيه
طعامه ، فادخل إليه.
فجاء الرسول إلى
باب علي بن الحسين عليهالسلام ، فلما فتحت أبوابه ودخل الناس للطعام ، دخل ونادى بأعلى
صوته : يا أهل بيت النبوة ، ومعدن الرسالة ، ومهبط الملائكة ، ومنزل الوحي ، أنا
رسول المختار بن أبي عبيد الثقفي ، معي رأس عبيد الله ابن زياد.
فلم تبق في شيء من
دور بني هاشم امرأة إلا صرخت. ودخل الرسول فأخرج الرأس. فلما رآه علي بن الحسين عليهالسلام قال : أبعده الله إلى النار.
وروى بعضهم أن علي
بن الحسين عليهالسلام لم ير ضاحكا قط منذ قتل أبوه ، إلا في ذلك اليوم. وإنه كان
لزين العابدين عليهالسلام إبل تحمل الفاكهة من الشام ، فلما أتي برأس عبيد الله بن
زياد ، أمر بتلك الفاكهة ففرّقت بين أهل المدينة. وامتشطت نساء آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم واختضبن ، وما امتشطت امرأة ولا احتضبت منذ قتل الحسين ابن
علي عليهالسلام.
ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي
ولد المختار في
عام الهجرة ، وحضر مع أبيه وقعة قيس الناطف ، وهو ابن ١٣ سنة ، وكان ينفلت للقتال
فيمنعه سعد بن مسعود عمّه ، فنشأ مقداما شجاعا لا يتقي شيئا ، وتعاطى معالي
الأمور. وكان ذا عقل وافر ، وجواب حاضر. وخلال مأثورة ، ونفس بالسخاء موفورة.
وفطرة تدرك الأشياء بفراستها ، وهمّة تعلو على الفراسة بنفاستها. وحدس مصيب ، وكفّ
في الحروب مجيب. ومارس التجارب فحنّكته ، ولا بس الخطوب فهذّبته.
حبسه ابن زياد
بالكوفة ، وذلك قبل أن يصل الحسين عليهالسلام إلى العراق. وبقي في السجن حتى قتل الحسين عليهالسلام ، فشفّع فيه عبد الله ابن عمر بن الخطاب زوج أخته صفية ،
لدى يزيد بن معاوية ، فأطلق من السجن بأمر من يزيد.
وكان ظهوره لأخذ
ثأر الحسين عليهالسلام في الكوفة سنة ٦٦ ه ، فبايعه الناس على كتاب الله وسنّة
رسوله ، للطلب بدم الحسين عليهالسلام وأصحابه والدفع عن الضعفاء. فاستتبّ له الأمر ، وذلك لما
استولى على الكوفة وضواحيها ، ثم امتلك الموصل. وعظم شأنه وراح يطلب بثأر الحسين عليهالسلام. وقتل جلّ من حضر الطف ، وهدم دورهم. وجدّ مصعب بن الزبير
وهو في البصرة في كسر شوكته ، فقاتله. ونشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن مقتل
المختار سنة ٦٧ ه رحمهالله.
٨٣٢ ـ رأي أهل
البيت عليهالسلام في المختار :
روى المجلسي في (البحار)
ج ١٠ ص ٢٨٣ ط ١ ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : رأيت المختار على فخذ أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو يمسح رأسه ويقول : يا كيّس يا كيّس ، فسمّي كيسان.
وقال الإمام محمّد
الباقر عليهالسلام : لا تسبّوا المختار ، فإنه قتل قتلتنا ، وطلب ثأرنا ،
وزوّج أراملنا ، وقسم فينا المال على العسرة.
ولقد كثرت
الأقاويل على المختار رحمهالله. وبعد مقتله دخل ابنه الحكم على
الإمام الباقر عليهالسلام قال : سيدي لقد كثر كلام الناس بأبي ، إنهم يطعنون به!.
فقال الإمام عليهالسلام : الناس يطعنون بأبيك؟!. قال : نعم. فقال الإمام الباقر عليهالسلام : أولم يقتل قتلتنا؟. أولم يبن دورنا؟. أولم ينتقم لدمائنا؟.
فرحم الله أباك. وقد ترحّم عليه أيضا الإمام الصادق عليهالسلام ، ودعا له الإمام زين العابدين عليهالسلام.
ولقد تتبّع
المختار قتلة الحسين عليهالسلام ، حتى قتل منهم ثمانية عشر ألفا ، كما في إحدى الروايات.
٨٣٣ ـ مقتل
المختار رحمهالله :
ولما علم عبد الله
بن الزبير بقيام المختار في الكوفة ، بعث بجيش إليها بقيادة أخيه مصعب بن الزبير.
ودارت المعركة بينهما عند القصر ، وقتل المختار في اليوم الثامن من شهر رمضان سنة
٦٧ ه ، قتله طارف وطريف ابنا عبد الله بن زجاجة.
وكان للمختار
عندما استشهد أربع زوجات ، فقبض مصعب عليهن ، فأمرهن بالبراءة من زوجهن ، فتبرأت
اثنتان ، وأبت اثنتان وهما : بنت سمرة بن جندب ، وبنت النعمان بن بشير الأنصاري.
فعرض عليهما البراءة أو السيف ، فتبرأت بنت سمرة ، وأبت بنت النعمان ، وقالت :
اللهم اشهد أني متّبعة نبيّك وابن بنت نبيك ، والله لا أتبرأ منه. فأخرجها مصعب
وقتلها بين الكوفة والحيرة رحمها الله.
ثم مثّل مصعب
بالمختار بعد قتله ، فقطع يده وضربها بمسمار وعلّقها بجدار من جدران الكوفة.
قال الطبري : بقيت
اليد معلّقة إلى زمن الحجاج ، فأخذ اليد ودفنها ، وذلك لأن المختار كان ثقفيا
والحجاج ثقفيا ، وكان المختار عديلا للحجاج.
٨٣٤ ـ عجائب في
قصر الإمارة بالكوفة :
قال عبد الملك بن عمير
: (الكنى والألقاب للشيخ عباس القمّي ، ج ٢ ص ٣٦٢)
كنت عند عبد الملك
بن مروان بقصر الكوفة ، حين جيء برأس مصعب بن الزبير فوضع بين يديه ، فرآني قد
ارتعدت!. فقال لي : مالك؟.
قلت : أعيذك بالله
يا أمير المؤمنين ؛ كنت بهذا الموضع مع عبيد الله بن زياد ، فرأيت رأس الحسين بن
علي بن أبي طالب عليهالسلام بين يديه في هذا المكان. ثم كنت فيه مع المختار بن أبي
عبيد الثقفي ، فرأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يديه. ثم كنت
فيه مع مصعب بن
الزبير هذا ، فرأيت رأس المختار بين يديه. ثم هذا رأس مصعب ابن الزبير بين يديك!.
قال : فقام عبد
الملك بن مروان من موضعه ، وأمر بهدم ذلك القصر الّذي كنا فيه.
من تداعيات ثورة
كربلاء :
كانت نهضة الحسين عليهالسلام سنة ٦١ ه سببا لنشوء ثورات عديدة ضد الأمويين والعباسيين
، منها :
١ ـ انتفاضة
المدينة سنة ٦٣ ه.
٢ ـ ثورة التوابين
في ربيع الأول سنة ٦٤ ه ، بعد هلاك يزيد.
٣ ـ ثورة المختار
الثقفي سنة ٦٦ ه.
٤ ـ ثورة زيد بن
علي سنة ١٢٢ ه ، في زمن هشام بن عبد الملك.
٥ ـ انتفاضة يحيى
بن زيد سنة ١٢٥ ه.
٦ ـ ثورة عبد الله
بن معاوية بن عبد الله بن جعفر سنة ١٢٧ ه.
٧ ـ ثورة الحسين
بن الحسن في (فخ) قرب مكة سنة ١٦٩ ه.
الباب التاسع
جرائم يزيد ونهايته
ويتضمن :
الفصل ٣٣ ـ أعمال يزيد بعد كربلاء :
مقدمة الفصل
ـ مراسلات
ومناورات
ـ وقعة الحرّة :
استباحة المدينة ثلاثة أيام
ـ حصار الكعبة
المشرّفة وضربها بالمنجنيق
ـ هلاك الطاغية
يزيد
ـ خلافة معاوية
الثاني
الفصل ٣٤ ـ يزيد وأبوه في الميزان :
ـ ترجمة يزيد بن
معاوية
ـ نسب يزيد
ـ الملامح
الهاشمية ، والأحقاد الأموية
ـ لا مقارنة بين
الحسين عليهالسلام ويزيد
ـ كفر يزيد
وارتداده
ـ لعن يزيد وسبّه
ـ قبر يزيد
ومعاوية
ـ قصيدة الشاعر
محمّد المجذوب
ـ مظاهر العدل
الإلهي
ـ العاقبة للمتقين
، والعبرة في المصير.
الفصل الثالث والثلاثون
أعمال يزيد بعد كربلاء
مقدمة الفصل :
لم تنته أعمال
يزيد في محو الدين ، وقتل أعلام المسلمين ، عند كربلاء ؛ بل تابع يزيد مخططه
الإجرامي ، بقتل أهل الحرمين : المدينة المنوّرة ومكة المكرّمة. فاستحق بذلك عقوبة
السماء ، بأن يبتر عمره ، فيموت في ظروف غامضة ، بعد ثلاث سنوات فقط من حكمه
الدموي ، مصداقا لقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
«بشّر القاتل بالقتل ، ولو بعد حين».
وكان يزيد قد بعث
إلى أهل المدينة يطلب منهم البيعة له ، فأرسلوا وفدا إلى دمشق ، فلما رأوا بأمّ أعينهم
واقع يزيد من الفسق والكفر والتهتك ، رجعوا إلى أهلهم وأخبروهم بحاله ، فامتنع أهل
المدينة عن البيعة ليزيد ، وأعلنوا العصيان المدني ، وطردوا والي المدينة ومعه كل
بني أمية ، وعلى رأسهم مروان ابن الحكم العدو الماكر للإسلام والمسلمين.
فما كان من يزيد
إلا أن بعث إليهم جيشا بقيادة مسلم بن عقبة المرّي ، الّذي حاصر المدينة المنورة ،
ثم دخلها في وقعة (الحرّة) ، وقتل كل أبناء الصحابة والتابعين ، واستباح نساء
الأنصار والمهاجرين ، مدة ثلاثة أيام ، حتى قيل إنه ولدت في تلك السنة ألف عذراء ،
أولادا لا يعرف لهم آباء. وسمّي هذا السفاك (مسرفا) لكثرة ما أسرف في قتل أهل
المدينة ، مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. وكانت تلك وصمة عار كبيرة في جبين الإسلام بعد كربلاء ،
أتبعتها وصمة
لا تقلّ عنها ،
حين أمر يزيد جيشه أن يذهب إلى مكة ويغزوها. فلما مات مسلم بن عقبة في الطريق ،
تولى قيادة الجيش الحصين بن نمير ، الّذي ذهب إلى مكة وحاصرها ، وطبّق عليها
تعاليم ولي أمره بحذافيرها ، فضرب الكعبة بالمنجنيق حتى تهدمت وأخذت النار فيها.
وبينما كان جيش
الشام يضرب الكعبة بالعرّادات والمجانق ، جاء الخبر بهلاك يزيد ، لا ردّه الله.
ورغم أن هذه
الحوادث لا علاقة مباشرة لها بصلب كتابنا ، إلا أنني آثرت ذكرها لكشف حقيقة يزيد ،
وأنه مارق من الدين ، كما يمرق السهم من الرميّة. وكما قال الفاضل الدربندي في (أسرار
الشهادة) ص ٩٠ :
فهذه الوقائع وإن
لم تكن من غرض كتابنا ، لكن ذكرتها ليزيد لك العلم بمزيد شقاوة يزيد وخذلانه ،
وتعلم أنه لم يندم على ما صدر عنه ، بل كان مصرّا على غيّه ، مستمرا في طغيانه ،
إلى أن أماته الله المنتقم العظيم ، وأوصله إلى دركات الجحيم.
٨٣٥ ـ عبد الله بن
الزبير يدعو ابن عباس إلى بيعته ، فيأبى :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٥ ط ٢ نجف)
ذكر الواقدي وهشام
ابن الكلبي وابن اسحق وغيرهم ، قالوا : لما قتل الحسين عليهالسلام بعث عبد الله بن الزبير إلى عبد الله بن عباس ليبايعه ،
وقال : أنا أولى من يزيد الفاسق الفاجر ، ولقد علمت سيرتي وسيرته ، وسوابق أبي
الزبير مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وسوابق معاوية.
فامتنع ابن عباس ،
وقال : الفتنة قائمة ، وباب الدماء مفتوح ، ومالي ولهذا ، إنما أنا رجل من
المسلمين.
وقال الخوارزمي في
مقتله ، ج ٢ ص ٧٧ :
لما قتل الحسين بن
علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ثار عبد الله بن الزبير ، فدعا ابن عباس إلى بيعته ،
فامتنع ابن عباس. وظن يزيد بن معاوية أن امتناع ابن عباس كان تمسّكا منه ببيعته ،
فكتب إليه (يستميله) ...
٨٣٦ ـ عداوة عبد
الله بن الزبير لأهل البيت عليهالسلام ـ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يحتجم وابن الزبير يشرب دمه : (أخبار الدول للقرماني ، ص
١٣٤)
أخرج أبو يعلى في
مسنده عن عبد الله بن الزبير ، أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم احتجم ، فلما فرغ قال له : يا عبد الله اذهب بهذا الدم
فأهرقه حيث لا يراك أحد. فلما ذهب شربه. فلما رجع قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما صنعت بالدم؟. قال : عمدت إلى أخفى موضع علمت
فجعلته فيه. قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لعلك شربته؟!. قال : نعم. قال : ويل للناس منك ، وويل لك
من الناس. فكانوا يرون أن القوة التي به من ذلك الدم.
مراسلات ومناورات
٨٣٧ ـ كتاب يزيد
إلى ابن عباس ، يستميله ضد ابن الزبير :
(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٤٧)
وأقام عبد الله بن
الزبير بمكة [بعد مقتل الحسين عليهالسلام] خالعا يزيد ، ودعا إلى نفسه .. ولم يبايعه عبد الله بن
عباس ، ولا عبد الله بن عمر.
فبلغ يزيد بن
معاوية أن عبد الله بن عباس قد امتنع على ابن الزبير ، فسرّه ذلك ، وكتب إلى ابن
عباس كتابا يمتدحه فيه ويستميله إليه ، ويقول :
«أما بعد ، فقد
بلغني أن الملحد ابن الزبير (في حرم الله) دعاك إلى بيعته ، وعرض عليك الدخول في
طاعته ، لتكون له على الباطل ظهيرا ، وفي المأثم شريكا ، وأنك امتنعت عليه ،
واعتصمت ببيعتنا ، وفاء منك لنا ، وطاعة لله فيما عرّفك من حقنا. فجزاك الله عن ذي
رحم بأحسن ما يجزي به الواصلين لأرحامهم (الموفين بعهودهم) ، فإني ما أنسى من
الأشياء فلست بناس برّك وحسن جزائك ، وتعجيل صلتك ، بالذي أنت مني أهله ، في الشرف
والطاعة والقرابة بالرسول. وانظر رحمك الله فيمن قبلك من قومك (من بحضرتك من أهل
البيت) ، ومن يطرؤ (يرد) عليك من الآفاق (البلاد) ، ممن يسحره الملحد (ابن الزبير)
بلسانه وزخرف قوله ، فأعلمهم حسن رأيك في طاعتي ، والتمسك ببيعتي ، فإنهم لك أطوع
، ومنك أسمع ، منهم للمحلّ الملحد ، والسلام».
٨٣٨ ـ ردّ ابن
عباس على كتاب يزيد : (المصدر السابق ، ص ٢٤٨)
فردّ عليه ابن
عباس كتابه وفنّده تفنيدا ، بكلام يشفي مكامن النفس ، ويزيل غياهب اللبس. وسوف
أقتطع من هذا الكلام ما يتعلق بالحسين وآله الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام.
يقول ابن عباس :
من عبد الله بن
عباس إلى يزيد بن معاوية.
أما بعد ، فقد
بلغني كتابك ، تذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى نفسه ، وإقناعي عليه
في الّذي دعاني
إليه من بيعته ، فإن يكن ذلك كما بلغك ، فلست حمدك أردت ولا ودّك ، ولكن الله
بالذي أنوي به عليم.
وزعمت أنك لست
بناس (برّي وتعجيل صلتي ، فاحبس أيها الإنسان برّك وتعجيل صلتك ، فإني حابس عنك)
ودّي ، فلعمري (إنك) ما تؤتينا مما في يديك من حقنا إلا القليل ، وإنك لتحبس عنا
منه العريض الطويل.
ـ أنسيت قتل
الحسين عليهالسلام؟! :
وسألتني أن أحثّ
الناس عليك (على طاعتك) ، وأخذّلهم عن ابن الزبير ، فلا (مرحبا ولا كرامة) ، ولا
سرورا ولا حبورا ، وأنت قتلت الحسين بن علي عليهالسلام. بفيك الكثكث ، ولك الأثلب . إنك إن تمكّنك نفسك ذلك ، لعازب الرأس ، وإنك لأنت المفند
المهوّر.
ولا تحسبني ـ لا
أبا لك ـ نسيت قتلك حسينا وفتيان بني عبد المطلب ، مصابيح الدجى (الهدى) ، ونجوم
الأعلام. غادرهم جنودك (بأمرك) مصرّعين في صعيد (واحد) ، مرمّلين بالتراب (مضرّجين
بالدماء) ، مسلوبين بالعراء (مقتولين بالظماء) ، لا مكفّنين (ولا موسّدين) ، تسفي
عليهم الرياح ، وتعاورهم الذئاب ، وتنشي بهم عرج الضباع (البطاح). حتى أتاح الله
لهم أقواما لم يشتركوا في دمائهم ، فأجنّوهم (واروهم) في أكفانهم. وبي والله وبهم
عززت ، وجلست مجلسك الّذي جلست ، يا يزيد.
وما أنس من
الأشياء فلست بناس اطرادك الحسين بن علي (طردك حسينا) من حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى حرم الله ، ودسّك إليه الرجال تغتاله. فأشخصته من حرم
الله إلى الكوفة ، فخرج منها خائفا يترقّب ، وقد كان أعزّ أهل البطحاء بالبطحاء
قديما ، وأعزّ أهلها بها حديثا ، وأطوع أهل الحرمين لو تبوّأ بها مقاما ، واستحلّ
بها قتالا ، ولكن كره أن يكون هو الّذي يستحلّ حرمة البيت وحرمة رسول الله ، فأكبر
من ذلك ما لم تكبر ، حيث دسست إليه الرجال فيها ، ليقاتل في الحرم ...
__________________
ثم إنك الكاتب إلى
ابن مرجانة ، أن يستقبل حسينا بالرجال ، وأمرته بمعاجلته ، وترك مطاولته ،
والإلحاح عليه ، حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب ، أهل البيت الذين أذهب الله
عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ؛ فنحن أولئك ، لسنا كآبائك الأجلاف ، الجفاة الأكباد
الحمير.
وفي رواية (تذكرة
الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٦ :
فنحن أولئك ، لا
آباؤك الجفاة الطغاة ، الكفرة الفجرة ، أكباد الإبل ، والحمير الأجلاف ، أعداء
الله وأعداء رسوله. الذين قاتلوا رسول الله في كل موطن ، وجدّك وأبوك هم الذين
ظاهروا على الله ورسوله. ولكن إن سبقتني قبل أن آخذ منك ثأري في الدنيا ، فقد قتل
النبيّون قبلي ، وكفى بالله ناصرا (وَلَتَعْلَمُنَّ
نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٨٨) [ص : ٨٨].
ثم طلب الحسين بن
علي عليهالسلام إليكم الموادعة ، وسألكم الرجعة ، فاغتنمتم قلة أنصاره ،
واستئصال أهل بيته ، فعدوتم عليهم ، فقتلتموهم كأنما قتلتم أهل بيت من الترك
والكفر. فلا شيء عندي أعجب من طلبك ودّي ونصري ، وقد قتلت بني أبي ، وسيفك يقطر من
دمي ، وأنت أحد ثأري. فإن يشأ الله لا يطلّ لديك دمي ، ولا تسبقني بثأري ، وإن
سبقتني به في الدنيا ، فقبلنا ما قتل النبيّون وآل النبيين ، وكان الله الموعد ،
وكفى به للمظلومين ناصرا ، ومن الظالمين منتقما. فلا يعجبنّك إن ظفرت بنا اليوم ،
فو الله لنظفرنّ بك يوما.
ثم إنك تطلب مودتي
وقد علمت لما بايعتك ، ما فعلت ذلك إلا وأنا أعلم أن ولد أبي وعمي أولى بهذا الأمر
منك ومن أبيك ، ولكنكم معتدون مدّعون ، أخذتم ما ليس لكم بحق ، وتعدّيتم إلى من له
الحق. وإني على يقين من الله أن يعذّبكم كما عذّب قوم عاد وثمود ، وقوم لوط وأصحاب
مدين.
ألا ومن أعجب
الأعاجيب ـ وما عشت أراك الدهر العجيب ـ حملك بنات عبد المطلب ، وغلمة صغارا من
ولده ، إليك بالشام ، كالسبي المجلوب ، تري الناس (قدرتك علينا و) أنك قهرتنا ،
وأنك تأمر علينا. ولعمري لئن كنت تصبح وتمسي آمنا لجرح (من جراحة) يدي ، إني لأرجو
أن يعظم الله جراحك بلساني ، ونقضي وإبرامي ، فلا يستقرّ بك الجذل ، ولا يمهلك
الله بعد قتلك عترة رسول الله إلا قليلا ، حتى يأخذك أخذا أليما ، فيخرجك الله من
الدنيا ذميما أثيما. فعش لا أبا
لك (ما استطعت) ،
فقد والله أرداك عند الله ما اقترفت. والسلام على من أطاع الله (على من اتبع الهدى).
وقد ورد هذا
الكتاب وردّه في (تذكرة الخواص) لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٥ ؛ نقلا عن الواقدي وهشام
ابن الكلبي وابن اسحق ، مع بعض الاختلافات ، وقد أثبتنا بعض ذلك بين قوسين.
تعليق المؤلف :
(أقول) : لا أدري
بأي وجه لا يعرف الخجل والحياء ، يتصدى يزيد لمخاطبة حبر الأمة عبد الله بن عباس ،
ابن عم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتلميذ ابن عمه علي بن أبي طالب عليهالسلام. وهو الّذي ليس فحسب قتل الحسين سبط رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإنما عمل على استئصال ذرية رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كلهم ، حتى لم يبق منهم حتى الطفل الرضيع ، ناهيك عن تسيير
نساء أهل البيت عليهالسلام سبايا عرايا على جمال بلا وطاء من الكوفة إلى الشام ،
كأنهن سبايا من الترك أو الديلم. وكما قال الشاعر :
بأية عين ينظرون
محمدا
|
|
وقد قتلوا ظلما
بنيه على عمد
|
وبالحق أقول : إن
من لا دين له ، لا حياء له ، بل لا كرامة عنده. وإن ابن عباس ، الهاشمي المرجع ،
الأبي المنزع ، لم يقصّر في تسديد سهامه وتسليط سياطه ، على جسد يزيد الخائر ،
وقلبه السادر الغادر.
٨٣٩ ـ كتاب يزيد
إلى محمّد بن الحنفية ، واستشارة ابن الحنفية لابنيه عبد الله وجعفر :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٧٩)
وكتب يزيد إلى
محمّد بن الحنفية ، وهو يومئذ بالمدينة :
أما بعد ، فإني
أسألك الله لي ولك عملا صالحا يرضى به عنا ، فإني ما أعرف اليوم في بني هاشم رجلا
هو أرجح منك علما وحلما ، ولا أحضر منك فهما وحكما ، ولا أبعد منك عن كل سفه ودنس
وطيش. وليس من يتخلّق بالخير تخلّقا ، ويتنحّل بالفضل تنحّلا ، كمن جبله الله على
الخير جبلا. وقد عرفنا ذلك كله منك قديما وحديثا ، شاهدا وغائبا. غير أني قد أحببت
زيارتك ، والأخذ بالحظ من رؤيتك ، فإذا نظرت في كتابي هذا ، فأقبل إليّ آمنا
مطمئنا. أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فلما ورد الكتاب
على محمّد بن علي [ابن الحنفية] وقرأه ، أقبل على ابنيه : جعفر وعبد الله أبي هاشم
، فاستشارهما في ذلك.
فقال له ابنه عبد
الله : يا أبتي اتّق الله في نفسك ولا تصر إليه ، فإني خائف أن يلحقك بأخيك الحسين
عليهالسلام ولا يبالي. فقال له محمّد : ولكني لا أخاف منه ذلك.
وقال له ابنه جعفر
: يا أبتي إنه قد اطمأنّك وألطفك في كتابه إليك ، ولا أظنه يكتب إلى أحد من قريش
بأن (أرشدك الله أمرك ، وغفر لك ذنبك) ، وأنا أرجو أن يكفّ الله شرّه عنك.
ثم يذكر الخوارزمي
: إن محمّد بن الحنفية عزم على المضي إلى يزيد ، وسار إليه. فاحتفى به يزيد ،
وأجلسه على سريره ، واعتذر له عن قتل الحسين عليهالسلام ، وتنصّل من ذلك ، وألقى تبعته على عبيد الله بن زياد. ثم
طلب يزيد منه البيعة فبايعه ، ووصله بمال.
(أقول) : إن هذا
الكلام مشكوك في صحته ، لأن محمّد بن الحنفية كان مريضا ولا يستطيع السفر ، ومن
المستحيل عليه أن يذهب إلى يزيد ، ويبايع من قتل أخاه الحسينعليهالسلام.
٨٤٠ ـ مشاحنة بين
عبد الله بن عمر ويزيد : (البحار ، ج ٤٥ ص ٣٢٨ ط ٣)
قال العلامة
المجلسي : روى البلاذري قال :
لما قتل الحسين عليهالسلام كتب عبد الله بن عمر إلى يزيد بن معاوية :
أما بعد ، فقد
عظمت الرزية ، وحلّت المصيبة ، وحدث في الإسلام حدث عظيم ، ولا يوم كيوم الحسين عليهالسلام.
فكتب إليه يزيد :
أما بعد يا أحمق ، فإننا جئنا إلى بيوت منجّدة ، وفرش ممهّدة ، ووسائد منضّدة ،
فقاتلنا عنها ، فإن يكن الحق لنا ، فعن حقنا قاتلنا ، وإن كان الحق لغيرنا ، فأبوك
[أي عمر] أول من سنّ هذا ، وابتزّ واستأثر بالحق على أهله!.
٨٤١ ـ استنكار عبد
الله بن عمر لأعمال يزيد :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ١٤٦)
في كتب التواريخ :
لما قتل الحسين عليهالسلام وورد نعيه إلى المدينة ، أقيمت المآتم عند أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في منزل أم سلمة ، وفي دور المهاجرين والأنصار.
فخرج عبد الله بن
عمر صارخا من داره ، لاطما وجهه ، شاقا جيبه ، يقول : يا معشر بني هاشم وقريش
والمهاجرين والأنصار ، يستحلّ هذا من رسول الله في أهله وذريته ، وأنتم أحياء
ترزقون!.
وخرج من المدينة
تحت ليله ، لا يرد مدينة إلا صرخ فيها ، واستنفر أهلها على يزيد. فلم يمرّ بملأ من
الناس إلا تبعه ، وقالوا : هذا عبد الله بن عمر ، ابن خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينكر فعل يزيد.
حتى ورد دمشق ،
وأتى باب يزيد في خلق من الناس ، واضطرب الشام ؛ فاستأذن عليه. قال يزيد : فورة من
فورات أبي محمّد ، وعن قليل يفيق منها. فأذن يزيد لعبد الله وحده ، فدخل صارخا
يقول : لا أدخل يا أمير ، وقد فعلت بأهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لو تمكنت الروم والترك ما استحلوا ما استحللت ، ولا
فعلوا ما فعلت. قم عن هذا البساط حتى يختار المسلمون من هو أحقّ به منك.
فرحّب به يزيد ،
وتطاول له وضمّه إليه. وقال : يا أبا محمّد ، اسكن من فورتك وبغيك ، واسمع بأذنك :
ما تقول في أبيك عمر ، أكان هاديا مهديا ، خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وناصره ومصاهره بأختك حفصة؟. فقال : هو كما وصفت. قال يزيد
: أفترضى به وبعهده إلى أبي معاوية ، أو ما ترضاه؟. قال : بل أرضى. فضرب بيده على
يد عبد الله ، وقال : قم حتى تقرأ. فقام معه ، حتى ورد خزانة من خزائنه فدخلها ،
ودعا بصندوق ففتحه ، واستخرج منه تابوتا مقفلا مختوما ، فاستخرج منه طومارا لطيفا
، في خرقة حرير سوداء. فقال : هذا خط أبيك؟. قال : إي والله. قال : اقرأ حتى تعلم
أني ما فعلت إلا على حسب هذا الطومار. فقرأه ابن عمر ورضي بذلك ، وحسّن فعله [أي
مدح فعل يزيد].
وقعة الحرّة
(واستباحة يزيد المدينة المنوّرة ثلاثة أيام)
٨٤٢ ـ لما ذا خلع
أهل المدينة والي يزيد وأنكروا بيعته؟ :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)
وسبب وقعة الحرّة
، ما رواه الواقدي وابن اسحق وهشام بن محمّد الكلبي : أن جماعة من أهل المدينة
وفدوا على يزيد سنة ٦٢ ه بعدما قتل الحسين عليهالسلام فرأوه
يشرب الخمر ويلعب
بالطنابير والكلاب. فلما عادوا إلى المدينة أظهروا سبّه وخلعوه ، وطردوا عامله
عثمان بن محمّد بن أبي سفيان. وقالوا : قدمنا من عند رجل لا دين له ، يسكر ويدع
الصلاة.
وبايعوا عبد الله
بن حنظلة [غسيل الملائكة] ، وكان ابن حنظلة يقول : يا قوم والله ما خرجنا على يزيد
حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء. رجل ينكح الأمهات والبنات والأخوات ، ويشرب
الخمر ويدع الصلاة ، ويقتل أولاد النبيين!. والله لو يكون عندي أحد من الناس ،
لأبلي الله فيه بلاء حسنا.
فبلغ الخبر إلى
يزيد ، فبعث إليهم مسلم بن عقبة المري ، في جيش كثيف من أهل الشام ، فأباحها ثلاثا
، وقتل ابن غسيل الملائكة والأشراف. وأقام ثلاثا ينهب الأموال ويهتك الحريم.
٨٤٣ ـ توصية يزيد
لمسلم بن عقبة حين أرسله إلى الحجاز :
(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٥)
وقد ذكر بعض
الثقات فيما وقع بالمدينة من يزيد ، فقال : لما ولي يزيد بن معاوية الخلافة ، عصت
عليه أهل المدينة لعدم أهليته للخلافة ... فبعث إليهم يزيد جيشا عظيما ، وأمّر
عليهم مسلم بن عقبة ، وقال له : إذا ظفرت بالمدينة ، فخلّها للجيش ثلاثة أيام ،
يسفكون الدماء ويأخذون الأموال ويفسقون بالنساء. وإذا فرغت توجّه لمكّة لقتال عبد
الله بن الزبير.
٨٤٤ ـ خبر وقعة
الحرّة بالمدينة المنورة : (تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٠)
يقول اليعقوبي :
ثم إن يزيد ولّى على المدينة عثمان بن محمّد بن أبي سفيان الثقفي ، فامتنع أهل
المدينة عن دفع صوافي الحنطة والتمر إليه ، ثم وثبوا به وبمن كان معه بالمدينة من
بني أمية ، وأخرجوهم من المدينة ، واتّبعوهم يرجمونهم بالحجارة.
فلما انتهى الخبر
إلى يزيد بن معاوية ، وجّه إلى مسلم بن عقبة ، فأقدمه من فلسطين وهو مريض ، فأدخله
منزله ، ثم قصّ عليه القصة. فقال : يا أمير المؤمنين فوجّهني إليهم ، فو الله
لأدعنّ أسفلها أعلاها [يقصد مدينة الرسول]. فوجّهه في خمسة آلاف إلى المدينة ،
فأوقع بأهلها وقعة الحرّة ، وجيشه مؤلف من ألف رجل من فلسطين ، وألف من الأردن ،
وألف من دمشق ، وألف من حمص ، وألف من قنّسرين [حلب].
فقاتله أهل
المدينة قتالا شديدا ، وحفروا خندقا حول المدينة ، فرام [ابن عقبة] ناحية من نواحي
الخندق ، فتعذّر ذلك عليه ، فخدع مروان بن الحكم بعضهم ، فدخل من منطقة الحرّة
ومعه مائة فارس ، فأتبعه الخيل حتى دخلت المدينة. وعملوا في أهل المدينة بالقتل
والتنكيل حتى لم يبق بها من الرجال إلا القليل. واستباح حرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى ولدت الأبكار ولا يعرف من أولدهن.
ثم أخذ مسلم بن
عقبة الناس على أن يبايعوا على أنهم عبيد ليزيد بن معاوية. فكان الرجل من قريش
يؤتى به ، فيقال له : بايع أنك عبد قنّ ليزيد ، فيقول : لا أبايع!. فيضرب عنقه.
وكان ذلك في ذي
الحجة [أحد الأشهر الحرم] سنة ٦٣ ه. وسمّي مسلم ابن عقبة من شدة إسرافه في القتل (مسرفا).
وجاء في كتاب (الإمامة
والسياسة) لابن قتيبة ، ج ١ ص ١٨٥ : وذكروا أنه قتل يوم الحرة من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمانون رجلا ، ولم يبق بدري بعد ذلك ، ومن قريش والأنصار
سبعمائة ، ومن سائر الناس من الموالي والعرب والتابعين عشرة آلاف.
٨٤٥ ـ استشارة
مسلم بن عقبة لمروان بن الحكم لغزو المدينة :
(الكامل لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤١٩)
قال ابن الأثير :
طرد أهل المدينة كل من كان فيها من بني أمية ، وفيهم مروان بن الحكم وابنه عبد
الملك. فساروا بأثقالهم حتى لقوا مسلم بن عقبة بوادي القرى. فدعا بعمرو بن عثمان
بن عفان أول الناس ، فقال له : خبّرني ما وراءك وأشر عليّ. فقال : لا أستطيع ، قد
أخذت علينا العهود والمواثيق أن لا ندلّ على عورة ولا نظاهر عدونا. فانتهره وقال :
والله لو لا أنك ابن عثمان لضربت عنقك!. وايم الله لا أقيلها قرشيا بعدك.
فخرج عمرو بن
عثمان إلى أصحابه فأخبرهم خبره. فقال مروان بن الحكم لابنه عبد الملك : ادخل قبلي
لعله يجتزئ [أي يكتفي] بك عني. فدخل عبد الملك. فقال مسلم : هات ما عندك. فقال :
نعم ، أرى أن تسير بمن معك ، فإذا انتهيت إلى (ذي نخلة) نزلت ، فاستظل الناس في
ظله ، فأكلوا من صقره. فإذا أصبحت من الغد مضيت ، وتركت المدينة ذات اليسار ، ثم
درت بها حتى تأتيهم من قبل (الحرّة) مشرّقا ، ثم تستقبل القوم. فإذا استقبلتهم وقد
أشرقت عليهم الشمس ، طلعت بين
أكناف أصحابك فلا
تؤذيهم ، ويصيبهم أذاها ، ويرون من ائتلاق بيضكم وأسنة رماحكم وسيوفكم ودروعكم ما
لا ترونه أنتم ، ما داموا مغرّبين. ثم قاتلهم واستعن الله عليهم.
فقال له مسلم :
لله أبوك أيّ امرئ ولد.
ثم إن مروان دخل
عليه ، فقال لمسلم : إيه ، أليس قد دخل عليك عبد الملك؟. قال : بلى. قال : إذا
لقيت عبد الملك فقد لقيتني.
ثم إن مسلم صار في
كل مكان ، يصنع ما أمر به عبد الملك.
٨٤٦ ـ معركة
الحرّة نكسة للإسلام :
(مختصر تاريخ العرب تأليف سيد أمير علي ، ص ٧٥)
ودارت بين
الفريقين معركة هائلة ، أسفرت عن هزيمة أهل المدينة ، وقتل زهرة شباب الأنصار
والمهاجرين ، وانتهاك حرمة مأوى الرسول ومهبط الوحي. وهكذا قدّر للذين عضدوا
رسولهم في وقت الشدة أن يتعرّضوا لأبشع تنكيل لا يعرف التاريخ له مثيلا.
ويعلق مؤرخ أوروبي
على هذه الحادثة بقوله : إن تأثير هذا الحادث على العالم الإسلامي كان مروّعا ،
فكان الأمويون قد أرادوا أن يوفوا ما عليهم من دين ، حينما عاملهم الرسول وجيشه
بالرحمة والعطف. فشرّدوا وقتلوا خيرة شباب المدينة ورجالها الميامين ، كما أجبروا
من تبقّى منهم على مبايعة يزيد على أنهم خول [أي عبيد] له ، يحكم في دمائهم
وأموالهم وأهليهم ، فمن امتنع عن ذلك وصمه بالكيّ على رقبته [أي أحمى له ختما
وطبعه على رقبته ، حتى يعرف أنه صار عبدا ليزيد].
وفي تلك الموقعة
هدمت معظم المدارس والمنشآت العامة ، ودخلت شبه جزيرة العرب في عهد مظلم شديد
الحلكة ، حتى قيّض الله لها جعفر الصادق عليهالسلام بعد بضع سنوات ، فبعث في المدينة روح الحركة العلمية ،
التي كانت قد ازدهرت في عهد الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام.
٨٤٧ ـ حصيلة وقعة
الحرّة من القتلى :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٩ ط ٢ نجف)
وذكر المدائني في
كتاب (الحرّة) عن الزهري قال : كان القتلى يوم الحرة سبعمائة
من وجوه الناس ؛
من قريش والأنصار والمهاجرين ووجوه الموالي. وأما من لم يعرف من عبد أو حر أو
امرأة فعشرة آلاف.
ـ وخاض أهل
المدينة بالدماء :
وخاض الناس في
الدماء ، حتى وصلت الدماء إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وامتلأت الروضة والمسجد.
قال مجاهد : التجأ
الناس إلى حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنبره ، والسيف يعمل فيهم. وكانت وقعة الحرة سنة ٦٣ ه في
ذي الحجة [الشهر الحرام]. فكان بينها وبين موت يزيد ثلاثة أشهر. ما أمهله الله بل
أخذه أخذ القرى وهي ظالمة.
٨٤٨ ـ مثال من
وحشية جنود يزيد بن معاوية :
(الإمامة والسياسة لابن قتيبة ، ج ١ ص ١٨٤)
قال أبو معشر :
دخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها ، فقال لها :
هل من مال؟. قالت : لا والله ما تركوا لي شيئا. فقال : والله لتخرجنّ إليّ شيئا أو
لأقتلنك وصبيّك هذا. فقالت له : ويحك إنه ولد (ابن أبي كبشة الأنصاري) صاحب رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولقد بايعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معه يوم بيعة الشجرة ... فاتق الله. ثم قالت لابنها : يا
بني ، والله لو كان عندي شيء ، لافتديتك به.
قال الراوي : فأخذ
برجل الصبي والثدي في فمه ، فجذبه من حجرها ، فضرب به الحائط ، فانتثر دماغه في
الأرض.
قال : فلم يخرج من
البيت حتى اسودّ نصف وجهه ، وصار مثلا.
محاصرة الكعبة وضربها بالمنجنيق
المنجنيق كلمة
فارسية (من جه نيك) تعني : ما أحسنني!. وهو ما أحسنه إذا استخدم في رمي حصون الشرك
والكفر ، وليس في رمي البيت الحرام والكعبة المشرّفة ، كما فعل الحصين بن نمير ،
والحجاج بن يوسف فيما بعد.
٨٤٩ ـ محاصرة
الكعبة المشرفة :(تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥١)
قال اليعقوبي :
وخرج مسرف من المدينة يريد محاربة ابن الزبير بمكة ، فلما كان في الطريق مات ،
واستخلف الحصين بن نمير.
وقدم الحصين بن
نمير مكة ، فناوش ابن الزبير الحرب في الحرم ، ورماه بالنيران حتى أحرق الكعبة.
وكان عبد الله بن
عمير الليثي قاضي ابن الزبير ، إذا تواقف الفريقان ، قام على الكعبة ، فنادى بأعلى
صوته :
يا أهل الشام!.
هذا حرم الله الّذي كان مأمنا في الجاهلية ، يأمن فيه الطير والصيد. فاتقوا الله
يا أهل الشام.
فيصيح الشاميون :
الطاعة الطاعة [أي ليزيد]!. الكرّة الكرة!. الرواح قبل المساء!.
فلم يزل على ذلك
حتى أحرقت الكعبة. وكان حريقها سنة ٦٤ ه.
(أقول) : هذا هو
الضرب الأول للكعبة بالمنجنيق وحرقها. أما الضرب الثاني فقد تمّ على يد الحجاج بن
يوسف الثقفي في خلافة عبد الملك بن مروان ، حين كان عبد الله بن الزبير معتصما
بالكعبة. فانتصر عليه الحجاج وقتله. وكان هو الكبش الّذي تستحلّ به حرمة الكعبة ،
كما حدّث الإمام الحسين عليهالسلام نقلا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٨٥٠ ـ ضلال ليس
بعده ضلال : (الكامل لابن الأثير ، ج ٤ ص ١٢٣)
قال مسرف بن عقبة
بعد أن عيّن الحصين بن النمير ، وقد أدرك الموت : الله م إني لم أعمل قط بعد شهادة
أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، عملا أحب إليّ من قتلي أهل المدينة
، ولا أرجى عندي في الآخرة ، ثم هلك.
٨٥١ ـ ضرب الكعبة
وحرقها : (مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٨١)
ونصب الحصين بن
نمير فيمن معه من أهل الشام ، المجانيق والعرّادات [العرّادة : هي المنجنيق الصغير]
على مكة والمسجد (الحرام) من الجبال والفجاج ، وابن الزبير في المسجد ، ومعه
المختار بن أبي عبيدة الثقفي داخلا في جملته ... فتواردت أحجار المجانيق والعرادات
على البيت ، ورمي مع الأحجار بالنار والنفط ومشاقات الكتان وغير ذلك من المحرقات.
واحترقت البنيّة. ووقعت صاعقة فأحرقت من أصحاب المجانيق أحد عشر رجلا [أقول : ما
هذه المعجزة الإلهية لمن أراد التعدي على حرمة الكعبة! وما أشبهها بأصحاب الفيل
الذين أرسل الله عليهم طيرا أبابيل]. وذلك قبل وفاة يزيد بأحد عشر يوما [أقول :
وهذه معجزة ثانية لمن يعتدي على حرمات الله فيبتر الله عمره بترا].
٨٥٢ ـ نزول صاعقة
على الذين أرادوا ضرب الكعبة بالمنجنيق :
(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢١٢)
أخرج ابن عساكر عن
محمّد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال : إني لفوق (جبل) أبي قبيس ، حين وضع
المنجنيق على ابن الزبير ، فنزلت صاعقة كأني أنظر إليها تدور كأنها جمار أحمر ،
فأحرقت من أصحاب المنجنيق نحوا من خمسين رجلا.
٨٥٣ ـ وصف حريق
الكعبة : (العقد الفريد لابن عبد ربه ، ج ٤ ص ٣١٣)
وكان ابن الزبير
قد ضرب فسطاطا في ناحية ، فكلما جرح رجل من أصحابه أدخله ذلك الفسطاط. فجاء رجل من
أهل الشام بنار في طرف سنانه فأشعلها في الفسطاط ، وكان يوما شديد الحر ، فتمزق
الفسطاط ، فوقعت النار على الكعبة ، فاحترق الخشب والسقف وانصدع الركن ، واحترقت
الأستار وتساقطت إلى الأرض.
واحترقت الكعبة
المشرفة يوم السبت لست خلون من ربيع الأول سنة ٦٤ ه ، ومات يزيد يوم الخميس لأربع
عشرة خلت من ربيع الأول ، وجاء خبر موته بعد حريق الكعبة بإحدى عشرة ليلة.
٨٥٤ ـ ضرب الكعبة
وهدمها : (أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٠)
قال القرماني :
سار الحصين بن نمير [بعد موت مسرف] حتى وافى مكة ، فتحصّن منه ابن الزبير في
المسجد الحرام بجميع من كان معه. فنصب الحصين المنجنيق على جبل أبي قبيس ، ورمى به
الكعبة المعظمة ، وذلك في صفر سنة ٦٤ ه ، واحترقت من شرارة نيرانها أستار الكعبة
وسقفها ، وقرنا الكبش الّذي فدي به اسماعيل وكان في السقف. فبينما هم كذلك إذ ورد
على الحصين بموت يزيد بن معاوية. فأرسل إلى ابن الزبير يسأله الموادعة ، فأجابه
إلى ذلك ، وفتح الأبواب واختلط العسكران يطوفان بالبيت. ثم انصرف [الحصين] بمن معه
إلى الشام.
قال أبو مخنف :
مكث أهل الشام يقاتلون ابن الزبير ، حتى إذا مضى من شهر ربيع الأول أربعة عشر يوما
مات يزيد ، فمكثوا أربعين يوما لا يعلمون بموته. وبلغ ابن الزبير موته قبل أن يبلغ
الحصين ، فقال : يا أهل الشام لماذا تقاتلون وقد هلك طاغيتكم؟ ...
هلاك الطاغية يزيد
٨٥٥ ـ هلاك يزيد
بن معاوية : (تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٢)
قال اليعقوبي :
ومات يزيد بن معاوية في صفر سنة ٦٤ ه ، بموضع يقال له حوّارين [لعلها القريتين
شرق حمص]. وحمل إلى دمشق ، فدفن بها. وصلى عليه ابنه معاوية [الثاني] ابن يزيد.
وكان له من الولد
الذكور أربعة : معاوية الثاني وخالد وأبو سفيان وعبد الله.
وكان سعيد بن
المسيّب [أحد فقهاء المدينة السبعة ، توفي سنة ٩٤ ه] يسمّي سني يزيد بن معاوية (الأربعة)
بالشؤم :
في السنة الأولى :
مات معاوية وتولى يزيد الحكم
[١٥ رجب سنة ٦٠ ه]
وفي الثانية : قتل
الحسين بن علي وأهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
[١٠ محرم سنة ٦١ ه]
وفي الثالثة :
استباح حرم رسول الله ، وانتهك حرمة المدينة وأهلها.
[ذو الحجة سنة ٦٣ ه]
وفي الرابعة : سفك
الدماء في حرم الله ، وأحرق الكعبة.
[٦ ربيع الأول سنة ٦٤ ه]
ومات يزيد في ظروف
غامضة.
[١٤ ربيع الأول سنة ٦٤ ه]
(أقول) : لقد قصم
الله عمر يزيد ، وهو في ريعان الشباب [٣٨ عاما] رحمة بالأمة ، بعد أن لم يترك
موبقة إلا ارتكبها ، ولا حرمة إلا انتهكها ، ولما يمض على وفاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثر من خمسين عاما.
ومن العجب أنه مع
كل ما فعل ، فهو في نظر بعض المسلمين ، الذين لا يفرّقون بين الكفر والدين ؛ أمير
المؤمنين.
٨٥٦ ـ بعض صفات
يزيد : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٥٤)
وقد روي أن يزيد
كان قد اشتهر بالمعازف وشرب الخمر والغناء والصيد ، واتخاذ الغلمان والقيان
والكلاب ، والنطاح بين الكباش والدباب والقرود. وما من يوم إلا يصبح فيه مخمورا.
وكان يشدّ القرد
على فرس مسرجة بحبال ويسوق به ، ويلبس القرد قلانس الذهب ، وكذلك الغلمان. وكان
يسابق بين الخيل. وكان إذا مات القرد حزن عليه.
ـ قرود يزيد : (أعيان
الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ٢٩٨)
في (جواهر المطالب)
لأبي البركات شمس الدين محمّد الباغندي ، كما في نسخة مخطوطة في المكتبة الرضوية
المباركة ما لفظه :
حكى ابن الفوطي في
تاريخه قال : كان ليزيد قرد يجعله بين يديه ، فيكنّيه
(أبي قبيس) ،
ويسقيه فضل كأسه ، ويقول (متهكّما) : هذا شيخ من بني إسرائيل أصابته خطيئة فمسخ.
وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت له ، ويرسلها مع الخيل في حلبة السباق.
وفي (الفخري) لابن
طباطبا :
كان يزيد بن
معاوية أشد الناس كلفا بالصيد ، لا يزال لاهيا به ، وكان يلبس كلاب الصيد الأساور
من الذهب ، والجلال المنسوجة منه ، ويهب لكل كلب عبدا يخدمه.
٨٥٧ ـ قصة عن كلب
يزيد :
(الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية لمحمد بن علي بن طباطبا ،
المعروف بابن الطقطقي ، عني بنشره محمود توفيق ، المطبعة الرحمانية بمصر ، ص ٣٩)
قيل : إن عبيد
الله بن زياد ، أخذ من بعض أهل الكوفة أربعمائة ألف دينار جناية ، وجعلها في خزن
بيت المال. فرحل ذلك الرجل من الكوفة ، وقصد دمشق ، ليشكو حاله إلى يزيد. وكانت
دمشق في تلك الأيام فيها سرير الملك. فلما وصل الرجل إلى ظاهر دمشق سأل عن يزيد ،
فعرّفوه أنه في الصيد ، فكره أن يدخل دمشق وليس يزيد حاضرا فيها ، فضرب مخيمه ظاهر
المدينة ، وأقام به ينتظر عود يزيد من الصيد. فبينا هو في بعض الأيام جالس في
خيمته ، لم يشعر إلا بكلبة قد دخلت عليه
الخيمة ، وفي
قوائمها الأساور الذهب ، وعليها جلّ (أي جلال) يساوي مبلغا كبيرا ، وقد بلغ منها
العطش والتعب ، وقد كادت تموت تعبا وعطشا ، فعلم أنها ليزيد ، وأنها قد شذّت منه.
فقام إليها ، وقدّم لها ماء وتعهدها بنفسه ، فما شعر إلا بشاب حسن الصورة على فرس
جميل ، وعليه زي الملوك ، وقد علته غبرة ، فقام إليه وسلّم عليه ، فقال له : أرأيت
كلبة عابرة بهذا الموضع؟. فقال : نعم يا مولانا ، ها هي في الخيمة ، قد شربت ماء
واستراحت ، وقد كانت لما جاءت إلى ههنا جاءت على غاية من العطش والتعب. فلما سمع
يزيد كلامه نزل ودخل الخيمة ، ونظر إلى الكلبة وقد استراحت ، فجذب بحبلها ليخرج.
فشكا الرجل إليه حاله ، وعرّفه ما أخذ منه عبيد الله بن زياد ، فطلب دواة وكتب له
بردّ ماله وخلعة سنيّة ، وأخذ الكلبة وخرج. فردّ الرجل من ساعته إلى الكوفة ، ولم
يدخل دمشق.
٨٥٨ ـ سبب هلاك
يزيد : (البداية والنهاية لابن كثير ، ج ٨ ص ٢٥٤)
وقيل : إن سبب موت
يزيد ، أنه حمل قردة ، وجعل ينقّزها فعضّته. وذكروا عنه غير ذلك.
مات يزيد بحوّارين
من قرى دمشق ، في الرابع عشر من ربيع الأول سنة ٦٤ ه (وعمره ٣٨ عاما).
ثم حمل بعد موته
إلى دمشق ، وصلى عليه ابنه معاوية بن يزيد ، ودفن بمقابر باب الصغير.
وفي (أنساب
الأشراف) : قيل لأبي مسلم الخولاني يوم مات يزيد : ألا تصلي على يزيد؟. فقال : يصلي
عليه ظباء حوّارين!.
وفي (معالم
المدرستين) ج ٣ ص ٢٢ عن (أنساب الأشراف) ج ٤ قسم ١ ص٢: وروى البلاذري عن شيخ من
أهل الشام ، أن سبب وفاة يزيد ، أنه حمل قردة على الأتان وهو سكران ، ثم ركض خلفها
، فسقط فاندقت عنقه أو انقطع في جوفه شيء.
وروي عن ابن عياش
أنه قال : خرج يزيد يتصيّد بحوّارين ، وهو سكران ، فركب وبين يديه أتان وحشية قد
حمل عليها قردا ، وجعل يركّض الأتان ويقول :
أبا خلف احتل
لنفسك حيلة
|
|
فليس عليها إن
هلكت ضمان
|
فسقط واندقت عنقه.
__________________
ويبدو أن هذا
القرد الّذي كنّاه (أبا خلف) هو غير القرد الّذي كنّاه (أبا قبيس).
٨٥٩ ـ حوّارين : (معجم
البلدان لياقوت الحموي)
حوّارين : حصن من
ناحية حمص.
قال أحمد بن جابر
: مرّ خالد بن الوليد في مسيره من العراق إلى الشام بتدمر والقريتين ، ثم أتى حوّارين
من سنير [هو جبل القلمون] ، فأغار على مواشي أهلها ، فقاتلوه ، وقد جاءهم مدد من
أهل بعلبك. ثم أتى مرج راهط.
وفي (كتاب الفتوح)
لأبي حذيفة اسحق بن بشير : وسار خالد بن الوليد من تدمر حتى مرّ بالقريتين ، وهي
التي تدعى حوّارين ، وهي من تدمر على مرحلتين ، وبها مات يزيد بن معاوية في سنة ٦٤
ه.
٨٦٠ ـ هلاك يزيد
الملعون : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٥٦٩)
قال أبو مخنف :
وتواترت الأخبار بهلاك الطاغي الكافر يزيد ، وذلك أنه ركب يوما للصيد بجيشه ،
فلاحت ظبية فتبعها ، وقال لمن معه من الجيش : لا يتبعني منكم أحد. وسار خلف الظبية
، وكان تحته سابق من الخيل ، فتاه به ذاك الجواد بجريه ، فلم يلحقها إلا بين جبلين
في شعب ، فدخلت الظبية في الشعب ، ولم يقف لها على خبر ، فهمّ ليرجع فلم يطاوعه
الجواد ؛ فأرسل الله تعالى عليه ملك الموت فقبض روحه الخبيثة ، ووضعها في الحامية
، وسلّمها إلى زبانية الهاوية.
(وفي رواية ثانية)
أنه لما رجع تاه به فرسه ، وبقي حائرا في البرية ، فهمّز جواده فلم يندفع من تحته
، وكان حائرا. فأرسل الله عليه أعرابيا ، وهو في البيداء يتلظى عطشا. فقال له
الأعرابي : يا ذا الرجل إن كنت ضالا هديناك ، وإن كنت عطشانا سقيناك ، وإن كنت
جائعا أطعمناك. فقال له يزيد : لو عرفتني لزدت في إكرامي. فقال له : من أنت؟. فقال
: أنا يزيد بن معاوية. فقال له الأعرابي : لا مرحبا بك ولا أهلا ، ما أقبح طلعتك ،
وما أشنع سمعتك ، والله لأقتلنك كما قتلت الحسين عليهالسلام. وجذب سيفه وهمّ أن يعلوه ، فذعرت فرس يزيد من بريق السيف
، فطرحته تحتها وقطّعت أمعاءه.
(وفي رواية ثالثة)
قال له : أذلّك الله من ملعون شقيّ غوي ، فإن الله قد أضلك في الدنيا والآخرة. وإن
الله قد أرسلني إليك لأنتقم منك كما فعلت بابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويلك قتلت الحسين عليهالسلام وهتكت حريمه!. فإن كنت على الحق فردّ
عن نفسك قبل أن
أبيدك. فمدّ يزيد يده إلى قائم سيفه فلم تطاوعه يده ... ثم مدّ الشخص يده إلى قائم
سيفه ليضربه ، فقال له يزيد : لا تفعل فإني أضمن لك من المال ما شئت. فقال له
الشخص : يا ويلك
يا ملعون ، حاش
لله أبيع الآخرة بالمال ، وأختار الضلالة على الهدى ، كما فعلت أنت يا ملعون ،
قبّحك الله. إن الله عزوجل أرسلني إليك لأنتقم منك. ثم جرّد الشخص سيفه فسطع ولمع ،
فنفر فرس يزيد من بريق السيف ، وألقته (الفرس) على الحجارة في الأرض ، وجعلت تدوس
أمعاءه ، حتى مات.
(وفي رواية رابعة)
أنه لما رجع يزيد إلى قومه رأى طيرا ، فتبع ذلك الطير حتى أتى إلى منهل بارد ،
وكان يزيد عطشانا فنزل عن جواده ليشرب ، وإذا بالطير حائلا بينه وبين الماء. فقال
الطير : تريد أن تشرب الماء وأنت قتلت ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عطشانا ظاميا. ثم انقضّ عليه لوقته ، وأخذ ربعه وطار. وفعل
بثلاثة الأرباع كذلك. ولم يزل به كل يوم هذا الفعل إلى يوم القيامة.
(وفي رواية خامسة)
أن يزيد ركب في بعض الأيام في خاصته عشرة آلاف فارس يريد الصيد والقنص ، فسار حتى
بعد عن دمشق مسير يومين ، فلاحت له ظبية. فقال لأصحابه : لا يتبعني أحد منكم. ثم
إنه أطلق جواده في طلبها ، وجعل يطردها من واد إلى واد ، حتى انتهت إلى واد مهول
مخوف ، فأسرع في طلبها ، فلما توسّط الوادي لم ير لها خبرا ، ولم يعرف لها أثرا.
وكظّه العطش فلم يجد هناك شيئا من الماء. وإذا هو برجل ومعه كوز ماء ، فقال له :
يا هذا اسقني قليلا من الماء. فلما سقاه ، قال : لو عرفت من أنا لازددت في كرامتي.
فقال له : ومن تكون؟. قال : أمير المؤمنين يزيد بن معاوية.
فقال الرجل : أنت
والله قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليهالسلام يا عدو الله. ثم نهض [يزيد] ليلزمه ، فنفر الفرس من تحته ،
فرمى به عن متنه ، فعلقت رجله بالركاب ، فجعل الفرس كلما رآه خلفه نفر. فلم يزل
كذلك إلى أن مزّقه ، وعجّل بروحه إلى النار.
وكان له عشرة
ندماء لا يفارقونه ولا يفارقهم ، ويأمنهم على حريمه وأولاده وماله ، فاقتحموا
الطريق الّذي سلك فيه ليعرفوا خبره ، فوجدوا الفرس ، وفخذه معلّق في الركاب. فوقعت
الصيحة في العسكر. فرجعوا إلى دمشق ، وارتجّت دمشق لموته.
(انتهى كلام أبي
مخنف في مقتله الصغير والكبير).
خلافة معاوية الثاني
رحمهالله
٨٦١ ـ خلافة
معاوية بن يزيد :
ثم ولي أمر الناس
معاوية بن يزيد ، ويلقّب معاوية الثاني ، أو معاوية الصغير ، وهو ابن إحدى وعشرين
سنة.
قال الذهبي : وكان
خيرا من أبيه ، فيه عقل ودين. اه
ولما علم أن الأمر
ليس له ، عزم على اعتزال الخلافة ، فخلع نفسه ، وأوصى أن يصلي بالناس الضحاك بن
قيس الفهري ، ريثما يجتمع الناس على خليفة.
وفي (منتخبات التواريخ)
ج ١ ص ٨٩ :
وعندما خاف بنو
أمية أن يفلت الأمر من أيديهم ، طعنوا الضحاك وهو يؤمّ الصلاة ، فخرّ ميّتا ، لأنه
كان يعمل لصالح عبد الله بن الزبير ، الّذي أعلن حكمه على الحجاز.
وبعد أربعين يوما
توفي معاوية الثاني. قيل : إن زوجته قتلته!.
وجاء في (خطط
الشام) لمحمد كرد علي ، ج ١ ص ١٤٦ عن معاوية الثاني :
ولما حضرته الوفاة
لم يرض أن يعهد بالأمر من بعده ، فقالوا : ولّ أخاك خالدا. فقال: أتفوز بنو أمية
بحلاوتها ، وأبوء بوزرها ، وأمنعها أهلها!. كلا إني
لبريء منها.
قال المسعودي :
أراد أن يجعلها إلى نفر من أهل الشورى ينصبون من يرونه أهلا لها.
وقال معاوية
الثاني : فاختاروا مني إحدى خصلتين : إما أن أخرج منها وأستخلف عليكم من أراه لكم
رضى ومقنعا ، ولكم الله عليّ لا آلوكم نصحا في الدين والدنيا ، وإما أن تختاروا
لأنفسكم وتخرجوني منها.
فأنف الناس من
قوله ، وأبوا من ذلك. وخافت بنو أمية أن تزول الخلافة منهم ، وماج أمرهم واختلفوا.
وقيل : إن معاوية
بن يزيد كان قدريا ، لأن عمر المقصوص كان علّمه ذلك ، فدان به وتحققه. فلما بايعه
الناس ، قال للمقصوص : ما ترى؟. قال : إما أن تعتدل
أو تعتزل!. فخطب
الناس يستعفي من بيعتهم ، فوثب بنو أمية على عمر المقصوص ، وقالوا : أنت أفسدته
وعلّمته ، فطمروه ودفنوه حيا.
ثم إنه اعتزل
الخلافة ، ودخل منزله ولم يخرج إلى الناس ، وتغيّب حتى مات. وعمره إحدى وعشرون
سنة. وصلى عليه أخوه خالد بن يزيد ، ودفن بدمشق في ناحية من البزورية.
وقيل : إنه دسّ
إليه السمّ ، فشربه فمات. وقال بعضهم : طعن.
٨٦٢ ـ خبر عمر
القوصي : (أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٢)
قال القرماني : ثم
إن بني أمية قالوا لمعلمه عمر القوصي : أنت علّمته هذا وصددته عن الخلافة ، وحملته
على ما وسمنا به من الظلم ، وحسّنت له البدع ، حتى نطق بما نطق ، وقال ما قال؟. فقال
: والله ما فعلته ، ولكنه مجبول ومطبوع على حب علي بن أبي طالب عليهالسلام. فلم يقبلوا منه ذلك ، وأخذوه ودفنوه حيا ، حتى مات.
٨٦٣ ـ أيام معاوية
الثاني ابن يزيد : (تاريخ اليعقوبي ، ج ٢ ص ٢٥٤)
قال اليعقوبي : ثم
ملك معاوية بن يزيد بن معاوية ، وأمه أم هاشم بنت أبي هاشم ابن عتبة بن ربيعة.
وكانت مدة خلافته أربعين يوما ، وقيل : بل أربعة أشهر. وكان له مذهب جميل [يقصد
أنه يقرّ بالفضل لأهل البيت عليهالسلام ، وذلك لأن مؤدبه عمر المقصوص كان مواليا].
فخطب الناس فقال :
أما بعد حمد الله والثناء عليه.
أيها الناس ، فإنا
بلينا بكم وبليتم بنا ، فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا.
ألا وإن جدي
معاوية بن أبي سفيان نازع الأمر من كان أولى به منه في القرابة برسول الله ، وأحق
في الإسلام ، سابق المسلمين ، وأول المؤمنين ، وابن عم رسول رب العالمين ، وأبا
بقية خاتم المرسلين. فركب منكم ما تعلمون ، وركبتم منه ما لا تنكرون ، حتى أتته
منيّته ، وصار رهنا بعمله.
ثم قلّد أبي ،
وكان غير خليق للخير ؛ فركب هواه ، واستحسن خطأه ، وعظم رجاؤه ؛ فأخلفه الأمل ،
وقصّر عنه الأجل ؛ فقلّت منعته ، وانقطعت مدته ، وصار في حفرته ، رهينا بذنبه ،
وأسيرا بجرمه.
ثم بكى ، وقال :
إن أعظم الأمور علينا ، علمنا بسوء مصرعه ، وقبح منقلبه ، وقد قتل عترة الرسول ،
وأباح الحرمة ، وحرّق الكعبة. وما أنا المتقلّد أموركم ، ولا المتحمّل تبعاتكم ،
فشأنكم أمركم. فو الله لئن كانت الدنيا مغنما ، لقد نلنا منها حظا ، وإن تكن شرا
فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.
فقال له مروان بن
الحكم : سنّها فينا عمريّة [أي اجعلها استخلافا مثلما فعل عمر ابن الخطاب!]. قال :
ما كنت أتقلدكم حيا وميتا ، ومتى صار يزيد ابن معاوية مثل عمر ، ومن لي برجل مثل
رجال عمر!.
وتوفي معاوية
الثاني وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، وصلى عليه أخوه خالد بن يزيد ، ودفن بدمشق في
ناحية من البزورية.
٨٦٤ ـ ما قالته أم
معاوية الصغير : (أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٢)
... ودخلت عليه
أمه ، فوجدته يبكي!. فقالت له : ليتك كنت حيضة ولم أسمع بخبرك. فقال : وددت والله
ذلك. ثم قال : ويلي إن لم يرحمني ربي.
ترجمة معاوية الثاني
(التنبيه والإشراف للمسعودي)
هو معاوية بن يزيد
بن معاوية بن أبي سفيان ، يكنى أبا عبد الرحمن. وإنما كنّي أبا ليلى تقريعا له ،
لعجزه عن القيام بالأمر. أمه أم خالد بنت أبي هاشم ابن عتبة بن ربيعة. وتوفي بدمشق
في شهر ربيع الأول سنة ٦٤ ه ودفن بها ، وكانت أيامه أربعين يوما.
كان ربعة من
الرجال ، نحيفا يعتريه صفار. وكان مواليا لأهل البيت عليهالسلام معترفا بحقهم ، وذلك من جهة أن مؤدّبه عمر المقصوص كان
شيعيا. لذلك اعتزل معاوية الثاني الملك ، بعد أن اعترف أمام جمهور بني أمية بفساد
فعل أبيه وجده ، فمات حرا رحمهالله.
الفصل الرابع والثلاثون
يزيد وأبوه في الميزان
ترجمة يزيد بن معاوية
بعد موت معاوية بن
أبي سفيان ـ أول من ابتدع الملكية في الإسلام ـ خلفه على الملك ابنه يزيد ، سنة ٦٠
ه. وقد كان معاوية أكره المسلمين على بيعة يزيد ، وهو يعلم أن ابنه رجل فاجر معلن
بالفسق ، يبيح الخمر والزنا وقتل النفس المحترمة ، ويجالس الغانيات على موائد
الشراب ...
فلما مات معاوية
أنكر المسلمون بيعة يزيد وقاموا عليه في العراق والحجاز.
وقد أتى يزيد في
مدة خلافته الوجيزة وهي أربع سنوات ، بثلاث موبقات عظام ، لو أتى أحد من المسلمين
واحدة منها لخرج عن ربقة الإسلام ، واستوجب غضب الجبار والخلود في النار.
وهذه الموبقات هي
: قتل الإمام الحسين عليهالسلام وأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وسبي نسائه وذريته. ثم استباحة المدينة المنورة ثلاثة أيام
، وأخذ أهلها من المهاجرين والأنصار عبيدا ليزيد ، وذلك في وقعة الحرة ، التي كانت
بقيادة مسلم بن عقبة. ثم محاصرة مكة المكرمة ورمي الكعبة بالمنجنيق وحرقها بالنار
، على يد الحصين بن نمير.
ومن لطف الله
بالمسلمين أن حكم يزيد لم يدم طويلا ، إذ مات في مستهل شبابه بعد أربع سنوات من
حكمه وعمره ٣٨ عاما. وقيل : إنه مات أثناء تلهّيه بالصيد في (حوّارين) شرق حمص.
ولم يعثر من جثته إلا على فخذه ، فنقلت إلى دمشق ودفنت قرب مقبرة باب الصغير اليوم
، في غرفة مهجورة ليس لها سقف ، يرميها المارة بالحجارة ، تبرّؤا من يزيد ومن
أفعاله المنكرة.
وفي (أخبار الدول)
للقرماني ، ص ١٣١ :
مات يزيد في شهر
ربيع الأول سنة ٦٤ ه بذات الجنب بحوران [لعلها تصحيف : حوارين] وحمل إلى دمشق.
وصلى عليه أخوه خالد ، وقيل ابنه معاوية الثاني. ودفن بمقبرة باب الصغير ، وقبره
الآن مزبلة. وقد بلغ سبعا وثلاثين سنة.
نسب يزيد
٨٦٥ ـ مفارقات
ومناقضات : (الحسين إمام الشاهدين ، ص ٩٢)
يقول الدكتور علي
شلق : في عهد يزيد بن معاوية فتح عقبة بن نافع المغرب ، وفتح مسلم بن زياد بخارى
وخوارزم. ويقال : إن يزيد أول من خدم الكعبة ، وكساها الديباج الخسروي.
فوا عجبا كيف يفتح
يزيد البلاد لنشر الإسلام ، ثم هو يغزو مدينة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ويقتل أجلاء الصحابة ، ويستبيح أعراض الصحابيات!. لا بل
أعجب من ذلك وأغرب أن يخلع على الكعبة كسوتها ، ثم يعجّل عليها فيحرقها!.
إن هذا يدل على أن
كل أعماله لم تكن للدين والإسلام ، وإنما كانت لتوطيد الملك والسلطان ، والحكم
والصولجان.
٨٦٦ ـ نسب يزيد : (وسيلة
الدارين ، ص ٨٤)
روى صاحب كتاب (إلزام
الناصب) ، وأبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي في كتابه (المثالب) ،
والحافظ أبو سعيد إسماعيل بن علي الحنفي في (مثالب بني أمية) ، والشيخ أبو الفتح
جعفر بن محمّد الميداني في (بهجة المستفيد) : أن يزيد ابن معاوية ، أمه كانت بنت
بجدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد ... فلينظر العاقل إلى
أصول هؤلاء القوم ، كيف كانوا يقدّمونهم على آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا!.
وذكر ابن شهر آشوب
في تفسير قوله تعالى عن إبليس : (وَشارِكْهُمْ فِي
الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ ...) [الإسراء : ٦٤] ،
أن الإمام الحسن عليهالسلام جلس مع يزيد يأكلان
الرطب ، فقال يزيد
: يا حسن إني منذ كنت أبغضك!. فقال الإمام الحسن عليهالسلام : اعلم يا يزيد ، أن إبليس شارك أباك في جماعه ، فاختلط
الماءان ، فأورثك ذلك عداوتي وعداوة أخي ، لأن الله يقول : (وَشارِكْهُمْ فِي الْأَمْوالِ
وَالْأَوْلادِ) [الإسراء : ٦٤].
وشارك الشيطان (حربا)
عند جماعه فولد (صخرا) ، فلذلك كان يبغض جدي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٨٦٧ ـ ولادة يزيد
من سفاح :
(يزيد بن معاوية فرع الشجرة الملعونة في القرآن لأبي جعفر أحمد المكي ، ص ٧١)
تزوج معاوية امرأة
من بني كلب اسمها ميسون ، وكان أبوها يسمى (بجدل) شيخ كلب. وكان للأب عبد اسمه (سفاح).
وكان هذا العبد قد
زنى بميسون وأذهب بكارتها ، وحملت منه. ثم حملت إلى معاوية ، فوجدها ثيّبا.
وطلبت من معاوية
الطلاق ، والعودة إلى بلادها. فطلقها وأرسلها إلى أهلها في (حوّارين) ، فوضعت هناك
يزيد. فهو يزيد بن سفاح ، وليس يزيد بن معاوية.
ونشأ يزيد في
حوّارين ، في أحضان النصارى من أخواله ، بعيدا عن أجواء المسلمين. وحين هلك معاوية
لم يكن يزيد عنده ، بل استدعي من حوارين [شرق حمص] لاستلام مقاليد الحكم. فماذا
نتوقع من يزيد أن يفعله حين يحكم؟!. لا غرابة يقتل أبناء الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويستبيح مدينة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويضرب الكعبة ويحرقها!.
ـ رواية أخرى : (معالي
السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص بعد ٩٠)
وقيل : إن معاوية [كان]
ذات يوم يبول ، فلدغته عقرب في ذكره ، فزوّجوه عجوزا ليجامعها ويشفى من دائه.
فجامعها مرة وطلقها ، فوقعت النطفة مختلطة بسم العقرب في رحم العجوز ، فحصل منها
يزيد. وكأن فيه نزلت الآية : (وَالَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) [الأعراف : ٥٨].
ولذلك إن اللعين
يزيد لم يكن فيه صفة من صفات الملوك ، ولا فيه خصلة من خصالهم.
٨٦٨ ـ أنساب بني
أمية ، وأنهم ليسوا من قريش :
(وسيلة الدارين للسيد إبراهيم الموسوي الزنجاني ، ص ٨٥)
قال السيد القاضي
نور الله التستري في كتابه (إحقاق الحق) في بيان نسب بني أمية: إن نسبهم بطريق
علماء أهل البيت وغيرهم ، أن بني أمية ليسوا من قريش ؛ فقد كان (لعبد شمس) عبد
رومي يقال له (أميّة) فنسب إلى قريش ، وأصلهم من الروم. وذلك أن العرب من سيرتهم
أن يلحق الرجل بنسبه عبده ، وكان ذلك جائزا عندهم. وقد عدّ ذلك من وجوه كريمة في
العرب. ولما افتخر معاوية في كتاباته إلى علي عليهالسلام بالصحبة والقرشية ، كتب عليهالسلام في جوابه : «ولكن ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ،
ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق». [نهج
البلاغة ، كتاب رقم ١٧]
يقصد بذلك عليهالسلام أن معاوية كان من الطلقاء ، وأنه لصيق أي ملحق بالنسب
إلحاقا.
الملامح الهاشمية والأحقاد الأموية
٨٦٩ ـ التفاضل بين
بني هاشم وبني أمية :
(الحسين بن علي إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ١٢١)
قال الدكتور علي
شلق :
الناس في الأرض
كالشجر ، تأتلف أشكالهم وقدورهم ، ولكن الاختلاف في عقولهم وأمزجتهم ، يرتسم في
أهوائهم وسلوكهم.
وكما أن في الأرض
قطعا متجاورات ، وجنات من نخيل وأعناب ؛ منها نخيل صنوان وغير صنوان ، وكلها تسقى
بماء واحد ، ونفضّل بعضها على بعض في الأكل ؛ كذلك كان في قريش أنواع من الدوح
والشجر ، تختلف في الطعم والثمر. وقد برز فيهم بطنان متميزان ، هما : بنو هاشم
وبنو أمية.
ولما جاء الإسلام
والفريقان يتنافسان ، فانخفض جناح بني حرب الأمويين ، وعلا نجم بني عبد المطّلب
الهاشميين.
بنو هاشم : قانعون
معتزّون ، أصحاب رسالة وشهامة وأخلاق.
وبنو أمية :
يخفضون الجناح وينتظرون ، وهم أكثر عددا ومالا ، وأصحاب دنيا وشهوات.
وكان بنو أمية ومن
في فلكهم بزعامة أبي سفيان بن حرب ، كابدوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وتربّصوا به الدوائر ، حتى هاجر من مكة إلى القحطانيين في
المدينة. عند ذلك خلا الجو لبني أمية في مكة.
ولكن لم يطل العهد
، حتى كان جيش المهاجرين والأنصار بقيادة النبي الأعظم محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم يدقّ أبواب مكة ليفتحها ، فيسقط في يد أبي سفيان زعيم مكة
والأحزاب ، ويتحقق الموت أو الأسر.
لنستمع إلى محاورة
أبي سفيان مع العباس عمّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم :
ـ يقول أبو سفيان
للعباس وكانا صديقين : لقد أصبح أمر ابن أخيك عظيما!.
ـ فيجيبه العباس
ناصحا : عليك أن تطلب منه الأمان قبل فوات الأوان.
ـ أبو سفيان : كيف
وقد بيّتت له القتل ، وما فعل ببدر وأحد والأحزاب وحنين؟.
ـ العباس : إنه
محمّد يا صديقي!. نبي لا يحقد ، ورسول من عند الله!.
ـ أبو سفيان : هل
أنت ضامن لي؟.
ـ العباس : ويلك
يا أبا سفيان ، كأنك لم تجرّب مكارم الشمائل والأخلاق!. ثم يدخل أبو سفيان وأولاده
ـ وفيهم معاوية ـ في الإسلام. والإسلام يجبّ ما قبله. ويعلو صوت الرسول العظيم في
أهل مكة ، وكأنه يقصد أبا سفيان بالذات :
اذهبوا فأنتم
الطّلقاء!.
٨٧٠ ـ ما فعلت هند
أم معاوية بالحمزة عليهالسلام وكبده في أحد :
(المنتخب للطريحي ، ص ٢٢١ ط ٢)
قال فخر الدين
الطريحي : فجاءت هند بنت عتبة ، ووقفت على جسد حمزة عليهالسلام وجدعت [أي قطعت] أذنيه وأنفه ، وشقّت بطنه ، وقطعت أصابعه
ونظمتها بخيط ، وجعلتها قلادة في عنقها. ثم أخرجت كبد حمزة وأخذت منه قطعة
بأسنانها ومضغتها حنقا منها عليه ، وأرادت بلعها فلم تقدر على بلعها ، فقذفتها ؛
لأن الله تعالى صان كبد حمزة أن يحلّ في معدة تحرق بالنار. فهل رأيتم أو سمعتم
امرأة أكلت كبد إنسان ، غير هند الهوان ، والله يقول : (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا
نَكِداً) [الأعراف : ٥٨].
٨٧١ ـ الملامح
الهاشمية : (الحسين إمام الشاهدين ، ص ١٤)
الملامح الهاشمية
: جمال المظهر ، نقاء المخبر ، قوة جسدية ، شجاعة ، قامات مشيقة ، فصاحة بارعة ،
حضور مهيب وحبيب ، إلى مثالية ذات أبعاد.
بدا هذا جميعه في
أبي طالب ، وحمزة ، والعباس ، وعبد الله : أبناء عبد المطلب ، شيخ مشايخ قريش ؛
وتجلّى في الحسين عليهالسلام وأولاده تجلّي المجرات في السموات.
٨٧٢ ـ الملامح
الأموية : (المصدر السابق ، ص ١٤ ـ ١٦)
الملامح الأموية :
بين البدانة والنحافة ، السّمرة والبياض ، ذكاء بارع الحيل وحسن التصرف ، حب المال
والمنفعة ، سير عليدروب الواقعية ، هوس بالمناصب والتسلط.
ظهر هذا جليا في
أبي سفيان ، ومروان بن الحكم ، ومعاوية ويزيد. ومن تسلسل من هذه (البؤرة) مرورا
بعبد الملك بن مروان ، وانتهاء بمروان الحمار.
من هنا يرتسم في
البال مزاجان مختلفان ، ونمطان متباينان ... وها نحن نرى ذينك النمطين متمثلين في
حكم الخلافة ، وبذا يستقر للهاشمية اسم الخلافة الشورية ، وللأموية اسم الملكية
الوراثية.
امتدت خصومة أبي سفيان
مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى فتح مكة ، فكان من الذين أرغموا على قبول الأمر الواقع
، وسمّوا ب (الطّلقاء).
والذي يبدو أن
إيمان الجذوع الأموية العتيقة بالإسلام ، بل بدعوة محمّد الهاشميصلىاللهعليهوآلهوسلم ، كان يجري على السطوح ، ولا ينفذ إلى الأعماق. ولا عبرة
بحرض بعضهم على شعيرات احتفظ بها من شعر الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقليمات من أظفاره
[يقصد به معاوية]
، وقميص كان قد أهداه إياه الرسول الكريم ، كي يعلو في نظر المسلمين ؛ فالهداية
والصلاح لا يتوقفان على شعر وأظفار وثياب ، فالبركة الحقيقية هي في العمل المنجي ،
والصدق المشرّف.
والحسين الحسين عليهالسلام ذلك الّذي هزئ بالموت ، فإذا به ذو عرش على قلوب الملايين
، لا يحتاج إلى قميص أو شعيرات أو أظافر يتبرك بها ، وحسبه أنه قال للموت : أريد
أن تموت أنت ، وأنا أحيا إلى الأبد الأبيد ، قطرة في محيط التاريخ.
وأتقدم في القرن
العشرين ، بعد أربعة عشر قرنا ، من هذا الجيل في العصر بصورة للحسين ، عسى أن يسطع
منها ضوء يهدي ، وعطر يرفع ، وصوت يهبّ سامعه إلى نجدة الحق ، ونصرة الشمائل. وكل
ذلك في سبيل الإنسانية والحضارة ، وكلتاهما جناحان نحو آفاق الله.
لقد استهوت على
معاوية وبني أمية شهوة الحكم وشهوة الفتوحات ، وكلتاهما فرع من حب العيش والدنيا ،
وصدى لغريزة التملك والحياة ، ومنها الهوس بالحرص على النسل ، وتوريثه وتعزيزه.
واليوم ذهب الفتح
، وانقضى الحكم ، وانطفأت قناديل الفتوحات ، وأصبح الكل هباء وفناء ، لأنهم لم
يعملوا كل ذلك بدافع من سمو الحقيقة العليا ، بل عملوا على تعطيل الشورى وعدالتها
، وتغليب الوراثية والنفعية والاستبدادية.
في حين قام
الهاشميون من أبناء علي عليهالسلام ، ليثبّتوا مبدأ الخلافة والإمامة ، ولم يدعوا إليها بدافع
الاستبداد والأثرة وحب التوريث ، بل كانوا أهلا لها ، وكانوا أصحاب حق وأصحاب
مواقف. ولذلك استشهدوا في سبيل مبدئهم ، وخلدتهم العقيدة والتاريخ.
ـ ما قيمتنا اليوم؟
:
نحن اليوم بعد علي
والحسين عليهالسلام ، وبعد الراشدية المثلى والرسول العظيم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أكثر عددا من مسلمي عصر صدر الإسلام ، والعصر الأموي
والعباسي ، وأغنى مالا وأقوى عددا ، وأوسع رقعة وأغزر طاقة وعلما ؛ ولكننا لا
نساوي والله قيمة شهيد واحد مات مع الحسين عليهالسلام ، ولا نصلح أن ننتسب إلى صحابي واحد جاهد مع رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم. لماذا؟. لأننا فقدنا حب الحق والبطولة ، وفضّلنا المال
والثياب والقصور والمزارع والمراكب وبهرج العيش. فمتى يقوم فينا من يحب الموت
لتتقدم منه الحياة ، ويطلب الشهادة ليحيا في فردوس البطولة؟.
٨٧٣ ـ ما هو السبب
الحقيقي لقتل يزيد للإمام الحسين عليهالسلام؟ :
(مقدمة مرآة العقول للسيد مرتضى العسكري ، ج ٢ ص)
يخيّل للمرء لأول
وهلة أن سبب قتل يزيد للحسين عليهالسلام هو لأنه لم يبايع له ، وهو ما كان يشيعه يزيد بين الناس ،
فيقول : إنه خارجي خرج عليّ فقتلته. ولكن هل هذا هو السبب الحقيقي لقتله عليهالسلام؟.
فليت شعري إذا كان
هذا هو السبب ، فهل قتل جيش يزيد الطفل الصغير ، لأنه لم يبايع خليفتهم؟!.
أم هل سبوا بنات
رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وساروا بهن من كربلاء إلى الكوفة ، ومن الكوفة إلى الشام ،
من أجل أن يبايعن الخليفة؟.
إذن لماذا فعلوا
ذلك وغير ذلك؟.
لماذا حرّق جيش
يزيد خيام آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في كربلاء؟.
ولماذا داس جيش
يزيد بحوافر خيولهم صدر ابن بنت رسول الله وظهره؟.
ولماذا تركوا جسده
وأجساد آل بيته وأنصاره في العراء ولم يدفنوهم؟.
ولماذا قطعوا
رؤوسهم بوحشية نادرة واقتسموها فيما بينهم ، وحملوها على أطراف الرماح؟.
ولماذا حملوا نساء
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأطفاله على أقتاب الإبل بدون غطاء ولا وطاء؟
وساروا بهم من بلد
إلى بلد ، ومن منزل إلى منزل؟.
ولماذا ينكث يزيد
ـ ومن قبله ابن زياد ـ ثنايا أبي عبد الله الحسين عليهالسلام بالقضيب ، ثم يصلبه ثلاثا على مئذنة المسجد في دمشق؟.
إن الجواب على كل
ذلك قد أفصح عنه يزيد في قوله ، حين وضع الرأس الشريف بين يديه ، وتمثّل بأبيات
ابن الزّبعرى المشرك الكافر. فالذي دفعه إلى ذلك حقده على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي عليهالسلام وسلالتهما ، الذين قتلوا أجداده وأعمامه الكفار يوم بدر.
إذن فهي أحقاد بدرية كامنة ، والقوم لم يسلموا ولكن استسلموا ، حتى إذا حانت
الفرصة لهم أخذوا بثأرهم من الإسلام ومن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم.
٨٧٤ ـ مقارنة بين
أعمال بني أمية وبني هاشم :
لم يزل بنو أمية
بقيادة أبي سفيان يحاربون النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى أسلموا مكرهين يوم فتح مكة ، فعاملهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معاملة حسنة ، وقال : «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن».
وعفا عنهم ولم يضرب أعناقهم ، بل قال لهم : «اذهبوا فأنتم الطلقاء».
لكنهم حين أصبح
الملك بأيديهم ، منعوا عليا عليهالسلام وجنده من الماء المباح ، ونكثوا بصلح الحسن عليهالسلام وسمّوه ، وجزّروا أبناء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في كربلاء كما تجزّر الأضاحي ، وسبوا نساءه وأطفاله كما
تسبى الترك والديلم.
ويمكن اختصار ذلك
كله بالقول المشهور (كل إناء ينضح بما فيه). وسوف أسوق القصة التالية كمثال بليغ
على ما جرى.
٨٧٥ ـ رؤيا الشيخ
نصر الله ، وأبيات الشاعر الحيص بيص :
(الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ، ص ١٩٦ ط ٢)
حكى الشيخ نصر
الله بن يحيى مشارف الصاغة ، وكان من الثقات الخيرين ، قال : رأيت علي بن أبي طالب
عليهالسلام في المنام ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، تقولون يوم فتح مكة
: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن» ، ثم يتمّ [على] ولدك الحسين عليهالسلام يوم كربلاء منهم ما تمّ؟!. فقال لي عليهالسلام : أما سمعت أبيات ابن الصيفي التميمي في هذا المعنى؟. فقلت
: لا. فقال : اذهب إليه واسمعها!.
فاستيقظت من نومي
مفكرا. ثم إني ذهبت إلى دار ابن الصيفي [وهو الحيص بيص الشاعر ، الملقب بشهاب
الدين] ، فطرقت عليه الباب ، فخرج علي. فقصصت عليه الرؤيا ، (فشهق) وأجهش بالبكاء
، وحلف بالله إن كان سمعها مني أحد ، وإن أكن نظمتها إلا في ليلتي هذه. ثم أنشد :
ملكنا فكان العفو
منا سجيّة
|
|
فلما ملكتم سال
بالدم أبطح
|
وحلّلتم قتل
الأسارى وطالما
|
|
غدونا عن الأسرى
نعفّ ونصفح
|
فحسبكم هذا
التفاوت بيننا
|
|
وكل إناء بالذي
فيه ينضح
|
٨٧٦ ـ لا مقارنة بين الإمام الحسين عليهالسلام والطاغية يزيد :
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٦)
يقول السيد عبد
الرزاق المقرّم رحمهالله :
فابن ميسون عصارة
تلكم المنكرات ، فمتى كان يصلح لشيء من الملك ، فضلا عن الخلافة الإلهية ، وفي
الأمة ريحانة الرسول وسيد شباب أهل الجنة ؛ أبوه من قام الدين بجهاده ، وأمه سيدة
نساء العالمين ، وهو الخامس من أصحاب الكساء ، وهو عديل القرآن في (حديث الثقلين).
يتفجّر العلم من جوانبه ، ويزدهي الخلق العظيم معه أينما توجّه ، وعبق النبوة بين
أعطافه ، وألق الإمامة في أسارير وجهه .. ثم أترى أن معاوية كالإمام ، أم أبا
سفيان كالنبي ، أم هند آكلة الأكباد كأم المؤمنين خديجة ، أم ميسون كفاطمة سيدة
نساء العالمين ، أم أمية كهاشم؟ أم خلاعة الجاهلية
كفضيلة الإسلام ،
أم الجهل المطبق بيزيد كالعلم المتدفّق من الحسين عليهالسلام ، أم الشره المخزي كالطهارة المقدسة؟!. إلى غير ذلك مما لا
مجال للمفاضلة فيها بين يزيد والحسين ، مما يكلّ به القلم ، وينقطع به الكلام.
٨٧٧ ـ التقابل بين
الحسين عليهالسلام ويزيد ، تقابل النقيضين :
(مقتل سيد الشهداء لعبد الكريم خان ، ص ٢٥)
يقول الأستاذ عبد
الله العلايلي :
نحن لا نريد أن
نعطي رأيا في معاوية ، ولكن نريد أن يعرف القارئ أو المستمع ما قاله بعض أعلام
إخواننا أهل السنة ، أنه ليس مما يشك فيه (عدوّ ليزيد أو صديق) أن التقابل الكلي
بين الحسين ويزيد ، تقابل النقيضين أو الضدين ، فلذا يشبّه بتقابل النور والظلمة ،
والسموّ والانحطاط ، والكرامة والخسّة ؛ فهما صنفان أو صفّان : رجال الله ، ورجال
الجبت والطاغوت.
ثم يقول في كتابه (سموّ
المعنى في سموّ الذات) ص ٦٣ : ثبت لمفكري المسلمين عامة في ذلك الحين أن يزيد
بالنظر إلى خلقه الخاص وتربيته الخاصة ، سيكون أداة هدّامة في بناء الحكومة والدين
معا ، وإن مفكري المسلمين قد عدّوا ولايته منكرا كبيرا ، لا يصح لمسلم السكوت معه
، ومن واجبه الجهر بالإنكار.
«انتهى كلام العلايلي»
وفي مقابل ذلك
فالحسين عليهالسلام ريحانة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الّذي كان مجموعة آيات من آيات الله سبحانه ، تملأ أرجاء
العالم شأنا وعظمة. فإنه آية في الخلق ، وآية في الأخلاق ، وآية في كل فضل وفضيلة
.. كيف لا يكون كذلك وهو وارث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في خلقه وخلقه ، في كل حال من أحواله وجميل صفاته. كما
يشهد له بذلك الأفذاذ من حملة العلم والمؤتمنين على التاريخ الصادق. ويكفيه رفعة
قول جدّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه :
«حسين مني ، وأنا
من حسين»
«أحبّ الله من
أحبّ حسينا»
كفر يزيد وارتداده
٨٧٨ ـ ما حكاه عبد
الله بن عمر عن معاوية ويزيد :
(المنتخب للطريحي ، ص ١٥)
حكى عبد الله بن
عمر ، قال : أتيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو في مسجده ، فسمعته يقول لجلسائه : الآن يطلع عليكم رجل
، يموت على غير سنّتي. فما استتم كلامه إذ طلع معاوية وجلس معنا في المسجد. فقام
النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يخطب ، فأخذ معاوية بيد ابنه يزيد ، وخرج ولم يسمع الخطبة.
فلما رآه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خارجا مع ابنه ، قال : لعن الله القائد والمقود.
(أقول) : إن يزيد
بن معاوية لم يكن في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد ولد سنة ٢٨ ه ، والصحيح أن معاوية حين خرج من
المسجد كان يأخذ بيد أخيه الأصغر يزيد بن أبي سفيان ، وليس ابنه يزيد.
٨٧٩ ـ كفر يزيد
وارتداده عن الإسلام :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ٢ ص ٩٠)
يقول محمّد مهدي
المازندراني : ثم لا بأس أن نشير إلى كلمات بعض علماء العامة في كفر يزيد ، ووجوب
اللعن عليه.
شهادة ابن عقدة :
قال ابن عقدة :
ومما يدل على كفره وزندقته ، فضلا عن سبّه ولعنه ، أشعاره التي أفصح فيها بالإلحاد
، وأبان عن خبث الضمير والاعتقاد ؛ منها قوله في تحليل الخمر وإنكار البعث :
إذا ما نظرنا في
أمور قديمة
|
|
وجدنا حلالا
شربها متواليا
|
وإن متّ يا أم
الأحيمر فانكحي
|
|
ولا تأملي بعد
الفراق تلاقيا
|
فإن الّذي حدّثت
من يوم بعثنا
|
|
أحاديث طمّ تجعل
القلب ساهيا
|
وله أيضا :
معشر الندمان
قوموا
|
|
واسمعوا صوت
الأغاني
|
واشربوا كأس
مدام
|
|
واتركوا ذكر
المعاني
|
شغلتني نغمة
العيدا
|
|
ن عن صوت الأذان
|
وتعوّضت عن الحو
|
|
ر خمورا في
الدّنان
|
شهادة أبي يعلى : (المصدر
السابق)
وحكى القاضي أبو
يعلى عن الإمام أحمد بن حنبل في كتاب (الوجهين والروايتين) أنه قال : إن صحّ عن
يزيد ذلك [أي ما استشهد به من أبيات شعر ابن الزبعرى المشرك] ، فقد كفر بالله
وبرسوله ، لأنه أسف على كفار بدر ، ولم يرض بقتلهم ، وأنكر أمر الله فيهم ، وفعل
الرسول في جهادهم ، واعتبر أن قتل الحسين عليهالسلام صواب ، وعادله بالكفار وسوّى بينهم ، والله سبحانه وتعالى
يقول : (لا يَسْتَوِي
أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٠) [الحشر : ٢٠].
وهل هذا إلا ارتداد عن الدين ف (لَعْنَةُ اللهِ عَلَى
الظَّالِمِينَ) [الأعراف : ٤٤](الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ
كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ ٢٨ جَهَنَّمَ
يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ) (٢٩) [إبراهيم :
٢٨ ـ ٢٩]. ثم إن يزيد زاد في القصيدة بقوله :
لست من خندف إن
لم أنتقم
|
|
من بني أحمد ما
كان فعل
|
لعبت هاشم
بالملك فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
قال مجاهد : وهذا
نافق في الدين.
شهادة الزهري : (المصدر
السابق)
وقال الزهري : لما
جاءت الرؤوس كان يزيد على منظرة جيرون ، فأنشد يقول :
لما بدت تلك
الرؤوس وأشرقت
|
|
تلك الشموس على
ربى جيرون
|
نعب الغراب فقلت
صح أو لا تصح
|
|
فلقد قضيت من
النبي ديوني
|
وهل أحد يشكّ في
كفره ، بعد إنشاده هذه الأبيات؟!.
٨٨٠ ـ صبّ يزيد
الخمر على رأس الحسين عليهالسلام :
(المصدر السابق)
وقال بعض آخر : إن
صبّ الجرعة من الخمر على رأس الحسين عليهالسلام واستهزاءه بأن عليا عليهالسلام ساق على الحوض ، وأن محمدا حرّم الذهب والفضة ، وشعره في
الانتقام من بني أحمد ، واترا عن شيوخه الكفرة المقتولين يوم بدر ؛ إن صحّ عنه ذلك
فهو كافر ، لأنه ما فعل ذلك إلا وهو منكر لما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... والمنكر لما جاء به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كافر.
٨٨١ ـ رأي عمر بن
عبد العزيز في يزيد : (أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣١)
قال نوفل بن أبي
الفرات : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فذكر رجل يزيد ، فقال : قال أمير المؤمنين
يزيد بن معاوية!. فقال عمر : تقول أمير المؤمنين!. وأمر به فضرب عشرين سوطا.
٨٨٢ ـ رأي عبد
الملك بن مروان بمن قبله :
(تاريخ الخلفاء للسيوطي ، ص ٢١٨)
خطب عبد الملك بن
مروان بالمدينة بعد قتل الزبير ، فقال : أما بعد ، فلست بالخليفة المستضعف [يعني
عثمان] ، ولا الخليفة المداهن [يعني معاوية] ، ولا الخليفة المأفون [يعني يزيد].
٨٨٣ ـ رأي ابن حجر
في كفر يزيد :
(الإتحاف بحب الأشراف للشبراوي ، ص ٦٨)
قال ابن حجر في (شرح
الهمزية) : إن يزيد قد بلغ من قبائح الفسق والانحلال عن التقوى مبلغا لا يستكثر
عليه صدور تلك القبائح منه. بل قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به علما
وورعا ، يقضيان بأنه لم يقل ذلك إلا لقضايا وقعت منه صريحة في ذلك ، ثبتت عنده ،
وإن لم تثبت عند غيره.
٨٨٤ ـ رأي عبد
الباقي العمري وحكمه بكفر يزيد :
(المصدر السابق ، ص ٥٧)
قال الشبراوي بعد
ذكر الأبيات التي تمثّل بها يزيد :
إن هذه الأبيات
أشار إليها شاعر العراق المرحوم عبد الباقي العمري في ديوانه (الباقيات الصالحات)
بقوله :
نقطع في تكفيره
إن صحّ ما
|
|
قد قال للغراب
لما نعبا
|
٨٨٥ ـ آراء علماء السنة في يزيد ولعنه
:
(شذرات الذهب لابن عماد الحنبلي ، ص ٦٨)
قال ابن عماد
الحنبلي : ولعلماء السلف في يزيد وقتله الحسين عليهالسلام خلاف في اللعن والتوقف.
قال ابن الصلاح :
والناس في يزيد ثلاث فرق : فرقة تحبه وتتولاه ، وفرقة تسبّه
وتلعنه ، وفرقة
متوسطة في ذلك ، لا تتولاه ولا تلعنه. قال : وهذه الفرقة هي المصيبة ، ومذهبها هو
اللائق لمن يعرف سير الماضين ، ويعلم قواعد الشريعة الطاهرة. انتهى كلامه
ويتابع الحنبلي
كلامه قائلا : وعلى الجملة فما نقل عن قتلة الحسين عليهالسلام والمتحاملين عليه ، يدلّ على الزندقة وانحلال الإيمان من
قلوبهم ، وتهاونهم بمنصب النبوة ، وما أعظم ذلك!. فسبحان من حفظ الشريعة حينئذ ،
وشيّد أركانها حتى انقضت دولتهم. وعلى فعل الأمويين وأمرائهم بأهل البيت عليهالسلام حمل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «هلاك أمتي على أيدي أغيلمة من قريش».
رأي التفتازاني في
لعن يزيد : (المصدر السابق)
وقال سعد الدين
التفتازاني في (شرح العقائد النسفية) : اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين (ع)
، أو أمر بقتله ، أو أجازه أو رضي به (من غير تبيّن).
قال : والحق أن
رضا يزيد بقتل الحسين عليهالسلام ، واستبشاره بذلك ، وإهانته أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مما تواتر معناه ، وإن كانت تفاصيله آحادا.
قال : فنحن لا
نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه. اه
رأي الحافظ ابن
عساكر : (المصدر السابق ، ص ٦٩)
وقال الحافظ ابن
عساكر : نسب إلى يزيد قصيدة منها :
ليت أشياخي ببدر
شهدوا
|
|
جزع الخزرج من
وقع الأسل
|
لعبت هاشم
بالملك فلا
|
|
خبر جاء ولا وحي
نزل
|
فإن صحّت عنه ،
فهو كافر بلا ريب.
رأي الحافظ الذهبي
:
(المصدر السابق)
وقال الحافظ
الذهبي في يزيد : كان ناصبيا فظا غليظا ، يتناول المسكر ، ويفعل المنكر. افتتح
دولته بقتل الحسين عليهالسلام ، وختمها بوقعة الحرّة. فمقته الناس ، ولم يبارك في عمره.
وخرج عليه غير واحد بعد الحسين عليهالسلام.
رأي الكيا الهراسي
:
واستفتي الكيا
الهراسي في يزيد ، فذكر فصلا واسعا من مخازيه حتى نفدت الورقة. ثم قال : ولو مددت
ببياض [اي ورق] لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.
رأي الغزّالي :
وأما الغزالي ،
فرغم كل علمه وفهمه ، فقد توقف في شأنه ومنع من لعنه ، مع تقبيح فعله ، بدعوى أنه
ربما تاب قبل موته. مع أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد لعن يزيد ، وهو يعلم أنه لن يتوب. وواقع الحال يدلّ على
عدم توبته ، فقد قصف الله عمره أثناء ما كان جيشه يضرب الكعبة ويحرقها. فأين
التوبة!.
رأي اليافعي :
وقال اليافعي :
وأما حكم من قتل الحسين عليهالسلام أو أمر بقتله ، ممن استحل ذلك فهو كافر ، وإن لم يستحل
ففاسق فاجر.
لعن يزيد وسبّه
٨٨٦ ـ كفر يزيد
ولعنه :
(إسعاف الراغبين للشيخ محمّد الصبان ، ص ١٩٢)
قال الشيخ الصبان
: وقد قال الإمام أحمد بن حنبل بكفره ، وناهيك به ورعا وعلما ، يقتضيان أنه لم يقل
ذلك إلا لما ثبت عنده من أمور صريحة وقعت منه توجب ذلك.
وواقفه على ذلك
جماعة كابن الجوزي.
وأما فسقه فقد
أجمعوا عليه. وأجاز قوم من العلماء لعنه بخصوص اسمه ، روي ذلك عن الإمام أحمد.
قال ابن الجوزي :
صنّف القاضي أبو يعلى كتابا فيمن كان يستحق اللعنة ، وذكر منهم يزيد.
وأما جواز لعن من
قتل الحسين عليهالسلام أو أمر بقتله أو أجازه أو رضي به ، من غير تسمية ؛ فمتّفق
عليه.
٨٨٧ ـ هل يزيد من
الصحابة ، وهل يجوز لعنه؟ :
(أخبار الدول للقرماني ، ص ١٣٠ ؛
والكنى والألقاب
للشيخ عباس القمي ، ج ٢ ص ٥٣)
سئل عماد الدين
الكيا الهراسي الفقيه الشافعي ، عن يزيد بن معاوية ، هل هو من الصحابة أم لا؟. وهل
يجوز لعنه أم لا؟. فقال : إنه لم يكن من الصحابة ، لأنه ولد في أيام عمر بن
الخطاب.
وأما قول السلف في
لعنه ؛ ففيه لأحمد قولان : تلويح وتصريح ، ولمالك قولان : تلويح وتصريح ، ولأبي
حنيفة قولان : تلويح وتصريح ، ولنا قول واحد : التصريح دون التلويح. وكيف لا يكون
ذلك وهو اللاعب بالنرد ، والمتصيّد بالفهود ، ومدمن الخمر. وشعره في الخمر معلوم ،
ومنه قوله :
أقول لصحب ضمّت
الكاس شملهم
|
|
وداعي صبابات
الهوى يترنّم
|
خذوا بنصيب من
نعيم ولذة
|
|
فكلّ وإن طال
المدى يتصرّم
|
ولا تتركوا يوم
السرور إلى غد
|
|
فربّ غد يأتي
بما ليس يعلم
|
وكتب الهراسي فصلا
طويلا ، ثم قلب الورقة وكتب : لو مددت ببياض ، لمددت العنان في مخازي هذا الرجل.
وقال الجاحظ في (الرسالة
١١ في بني أمية) ص ٢٩٨ :
المنكرات التي
اقترفها يزيد ؛ من قتل الحسين عليهالسلام ، وحمله بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبايا ، وقرعه ثنايا الحسين عليهالسلام بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ؛ تدل على
القسوة والغلظة والنّصب وسوء الرأي والحقد والبغضاء والنفاق والخروج عن الإيمان.
فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون.
وقال الذهبي في (سير
أعلام النبلاء) : كان يزيد بن معاوية ناصبيا فظا غليظا جلفا ، يتناول المسكر ويفعل
المنكر. افتتح دولته بقتل الشهيد الحسين عليهالسلام ، وختمها بوقعة الحرّة [في المدينة] ، فمقته الناس ولم
يبارك في عمره.
(راجع مقتل الحسين للمقرم ، ص ١٢ و ١٣ ، ط ٣)
رأي ابن الجوزي وأحمد بن حنبل
٨٨٨ ـ هل يجوز لعن
يزيد؟ :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٦ ط ٢ نجف)
قال سبط ابن
الجوزي : ذكر جدي أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه (الردّ على المتعصب
العنيد ، المانع من ذم يزيد) وقال : سألني سائل فقال : ما تقولون في يزيد بن
معاوية؟. فقلت له : يكفيه ما به.
فقال : أتجوّز
لعنه؟. فقلت : قد أجازها العلماء الورعون ؛ منهم أحمد بن حنبل ، فإنه ذكر في حقّ
يزيد ما يزيد على اللعنة!.
ـ كيف أجاز الله
لعن يزيد في القرآن؟ :
وحكى جدي أبو
الفرج عن القاضي أبي يعلى بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول) بإسناده إلى
صالح بن أحمد بن حنبل (قال) قلت لأبي : إن قوما ينسبونا إلى توالي يزيد. فقال : يا
بني وهل يتوالى يزيد أحد يؤمن بالله؟!.
فقلت : فلم لا
تلعنه؟. فقال : وما [وفي رواية : متى] رأيتني لعنت شيئا يا بني؟. ولم لا يلعن من
لعنه الله في كتابه؟. فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه؟. فقال : في قوله تعالى
: (فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ
٢٣] وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسين عليهالسلام. وقد قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) [الأحزاب : ٥٧]
وأي أذى أشدّ على محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم من قتل الحسين عليهالسلام الذي هو له ولبنته البتول قرة عين؟!.
٨٨٩ ـ رأي أحمد بن
حنبل : (التاريخ الحسيني لمحمود الببلاوي ، ص ١١)
نقل صالح بن أحمد
بن حنبل (قال) قلت لأبي : يا أبت أتلعن يزيد؟. فقال : يا بني كيف لا نلعن من لعنه
الله تعالى في ثلاث آيات من كتابه العزيز ؛ في الرعد والقتال والأحزاب؟!. قال
تعالى : (وَيَقْطَعُونَ ما
أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ لَهُمُ
اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٢٥) [الرعد : ٢٥]
وأي قطيعة أفظع من قطيعته صلىاللهعليهوآلهوسلم في ابن بنته الزهراء عليهالسلام؟!. وقال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ
يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ
وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً) (٥٧) [الأحزاب :
٥٧] وأي أذيّة
له صلىاللهعليهوآلهوسلم فوق قتل ابن بنته الزهراء عليهالسلام؟!. وقال تعالى : (فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢)
أُولئِكَ
الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ
٢٣] وهل بعد قتل الحسين عليهالسلام إفساد في الأرض أو قطيعة للأرحام؟!.
٨٩٠ ـ من أخاف أهل
المدينة ملعون :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٩٨ ط ٢ نجف)
قال أحمد بن حنبل
في (المسند) : حدثنا أنس بن عياص ، حدثني يزيد بن حفصة عن عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السائب ابن خلاد ، أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله ، وعليه لعنة
الله والملائكة والناس أجمعين. لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا».
وفي صحيح البخاري
: حدثنا حسين بن حريث ، أخبرنا أبو الفضل عن جعيد عن عائشة ، قالت : سمعت سعدا
يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لا يكيد أهل المدينة (أحد) إلا انماع كما ينماع
الملح في الماء». أخرجه مسلم أيضا بمعناه ، ومنه : «لا يريد أهل المدينة أحد بسوء
، إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص».
ولا خلاف أن يزيد
أخاف أهل المدينة وسبى أهلها ونهبها وأباحها في وقعة الحرّة.
٨٩١ ـ رأي أبي
الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في لعن يزيد :
(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٣٠١ ط ٢ نجف)
قال سبط ابن
الجوزي : ولما لعنه جدي أبو الفرج على المنبر ببغداد ، بحضرة الإمام الناصر وأكابر
العلماء ، قام جماعة من الجفاة من مجلسه ، فذهبوا. فقال جدي : (أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ
ثَمُودُ) (٩٥) [هود : ٩٥].
وحكى لي بعض
أشياخنا عن ذلك اليوم ، أن جماعة سألوا جدي أبا الفرج عن يزيد ، فقالوا : ما تقول
في رجل ولّي ثلاث سنين ؛ في السنة الأولى قتل الحسين عليهالسلام ، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها ، وفي الثالثة رمى
الكعبة بالمجانيق وهدمها؟. فقالوا : نلعن؟. فقال : فالعنوه.
وقال أبو الفرج في
كتابه (الردّ على المتعصب العنيد) : قد جاء في الحديث لعن من فعل ما لا يقارب
معشار عشر معشار عشر فعل يزيد.
٨٩٢ ـ رأي الفاضل
الدربندي : (أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٩٠)
يقول الفاضل
الدربندي عن يزيد : والعجب من جماعة يتوقفون في أمره ، ويتنزّهون عن لعنه!. وقد
أجازه كثير من الأئمة ؛ منهم ابن الجوزي ، وناهيك به علما وجلالة.
ثم ذكر محاورة
صالح مع أبيه أحمد بن حنبل ، وأدلة جواز لعن يزيد من القرآن. ثم عقوبة من أخاف أهل
المدينة ، وأن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. ثم ساق القصة التالية :
ـ مناوشة ظريفة
للفاضل الدربندي :
يقول الفاضل
الدربندي : إن الأمر الأعجب ، أن جمعا من المتعصبين في هذا الزمان من الفرقة
الشافعية ، يستنكفون عن اللعن على يزيد ، بل ينسبون ذلك إلى إمام مذهبهم الشافعي
أيضا!. وتعصّب الأكراد الساكنين (بغداد) أزيد من تعصّب غيرهم ، بل إن جمعا منهم
يفتون بحلّية دماء الذين يلعنون على يزيد!.
ومن جملة الظرائف
الواقعة قبل مدة ... أني كنت نازلا في بغداد ، في دار علامة علماء العامة شهاب
الدين سيد محمود الأروسي المفتي. فخرجت يوما من المنزل وحيدا ، فسرت حتى وصلت منزل
ملا عبد الرحمن الكردي ، وكان أهل السنة يفضّلونه على المفتي. فلما حضرت عنده جرى
بيننا ما حرّك العداوة الأصلية ... قال : أنتم معشر الشيعة لم تلعنون يزيد وأبيه
معاوية؟!. فلما سمعت هذا الكلام ، ارتعدت فرائصي واغتظت ورفعت صوتي قائلا : أي
مسلم يسأل عن مثل هذه المسألة؟ لعنة الله ولعنة اللاعنين على يزيد وأبيه معاوية.
فلما سمع الكردي هذا الكلام مني تغيّر لونه واسودّ وجهه وكاد أن يهلك من شدة الغضب
، وما ظننت إلا أن السموات قد سقطت على رأسه ، أو أنه خسف الله به الأرضين!. فصاح
صيحة منكرة واجتمع الناس بها ... ثم قال : فقد جئت بشيء عظيم ، أتلعن خال المؤمنين
، وأنت في دار السلام بغداد ، مجمع أهل السنة؟. فعليك إثبات جواز اللعن عليه ،
وإلا فإني أقيم عليك الحدّ والتعزير.
فقلت له : اربع
على ظلعك [أي ارفق على نفسك ولا تحمّلها ما لا تطيق] ، سبحان الله كيف أنت تقيم
الحدّ والتعزير على أحد ، وأنت ممن وجب في شأنه الحدود والتعزيرات؟!. ثم إن
الضروري من الدين لا يحتاج إلى إقامة الدليل ، وقد
غطّى بصرك وبصيرتك
التنصّب والتعصّب ، حيث تعدّ الضروري من قسم النظريات. وعلى كلّ فإن إثبات ذلك
بالدليل من أسهل الأمور.
أنسيت قول علامتكم
التفتازاني في (شرح المقاصد في تذييل مباحث الإمامة) مع كونه على ما تعرفه من
التنصّب والتعصّب؟ فقال : " لا ريب أن أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد آذوا عترته بعده ، فليس كل صحابي بمعصوم ، ولا كل من
لقي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخير بموسوم. إلا أنّا كففنا عن الطعن في الأولين لئلا
تشقّ العصى على الإسلام والمسلمين. وأما من بعدهم من الظالمين فتشهد بظلمهم الأرض
والسماء والحيوانات والجمادات ، فعليهم لعنة الله ولعنة اللاعنين".
فقلت له : أليس
هذا مضمون كلامه وخلاصة مراميه في ذلك التذييل؟. فقال : نعم ، ولكن أقول : من
العلامة التفتازاني؟ وأين قوله من أن يكون حجة؟ بل أنا أعلم منه. فائتني بأثارة من
العلم من الآيات المحكمة والأخبار النبوية. فقلت له : هل تلتزم باللعن على يزيد
ومعاوية إذا ذكرت آية صريحة وأخبارا نبوية من طرقكم في ذلك الباب؟. فقال : نعم.
فلما أخذت منه
العهد والميثاق على ذلك ، قرأت قوله تعالى في سورة الأحزاب : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ
وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ
عَذاباً مُهِيناً) [الأحزاب: ٥٧]. فقال : كيف التقريب في الاستدلال؟.
فقلت له : ألم يرد
في الأخبار المتضافرة المتسامعة من طرقكم أنه قال النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم : يا علي ، حربك حربي وسلمك سلمي ، ولحمك لحمي ودمك دمي ،
ومن حاربك فقد حاربني وحارب الله. فقال : نعم قد ورد.
ثم قلت له : ألم يرد
أيضا في الأخبار المتواترة المتكاثرة من طرقكم عن النبيصلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : حسين مني وأنا من حسين ، لحمه لحمي ودمه دمي؟.
فقال : نعم قد ورد.
ثم قلت له : ألم
يرد أيضا في الأخبار المتواترة المتوافرة في طرقكم عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : فاطمة بضعة مني ، من أغضبها فقد أغضبني ، ومن
آذاها فقد آذاني؟. فقال : نعم قد ورد.
فقلت له : هل
التقريب في الاستدلال تام أم لا؟. فطأطأ رأسه طويلا ، فسكت فلعله قد التفت إلى أن
الإذعان بذلك كله ، نظرا إلى أنه لا يمكن [إمكانه] ، قد خرّب
بنيان مذهبه ، وكيف
لا؟ فإن الإذعان بذلك يستلزم الإذعان بارتداد الأولين ، ويستلزم وجوب اللعن عليهم
، فضلا عن يزيد ومعاوية.
ثم لما أردت أن
أقوم من المجلس ، أحلفني بالله أن أجلس فيه مدة نصف ساعة أيضا. فأمر خادمه بتجديد
البن [أي القهوة] والتتن والقليان!.
«انتهى كلام الفاضل الدربندي»
قبر يزيد ومعاوية
٨٩٣ ـ انطماس قبور
الظالمين وذكرهم :
من مظاهر عدالة
الله ، أن الشهيد يخلّد ذكره حتى في الدنيا ، بينما يمحو ذكر الظالم ، كما يمحو
أثره وقبره ... فهذه قبور عترة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يكللها الذهب والعقيان ، بينما قبور ملوك بني أمية فتكللها
الأوساخ والأدران ، ويلفّها العدم والنسيان ، فلا يعرف لها محل ولا مكان!. وأوضح
شاهد على ذلك قبر يزيد وقبر معاوية في دمشق الشام.
يقول الشيخ محمّد
حسين المظفر في كتابه (تاريخ الشيعة) ص ١٣٨ عن التشيّع في دمشق :
وأما اليوم
فالشيعة في سورية ودمشق مجاهرة بالتشيع ، ولهم شأن في البلاد رفيع. ولو رأيت اليوم
قباب القبور العلوية المشيّدة في دمشق عاصمة بني أمية ، مع اندراس قبور بني أمية ؛
لعرفت كيف يعلو الحق ، وإن اجتهد أعداؤه طول الزمن في طمسه.
قبر يزيد
٨٩٤ ـ قبر يزيد : (الخصائص
الحسينية للتستري ، ص ٢٧٠)
قال الشيخ جعفر
التستري :
وانظر إلى قبر
يزيد في الشام ، من يوم قبر فيه إلى الآن ، كل من يمرّ عليه لا بدّ أن يرجمه
بالحجارة ، ويحمل كلّ من يريد المرور عليه الحجارة من بعيد. يفعل ذلك الشيعة
والسنّة ، واليهود والنصارى. وقد جرّب أن من لم يضربه بحجر ، لم تقض حاجته. وقد
صار [قبره] تلا عظيما من أحجار الرجم.
(أقول) : ولما هلك
يزيد في ظروف غامضة ، ولم يجدوا غير فخذه ، قبروه قرب مقبرة باب الصغير بدمشق ، في
غرفة ليس لها سقف. وقد كان الناس إلى وقت قريب ـ كما كان يحدّثنا آباؤنا ـ إذا مرّ
أحدهم بهذه الغرفة يضرب على ساكنها حجرا ، تعبيرا عن أن يزيد كإبليس يستحق الرجم
والطرد من رحمة الله. ثم سكّروا تلك الغرفة وهجروها. فأنشأ أحدهم بجوارها معملا
لنفخ الزجاج ، فكان أتون النار ملاصقا لقبر يزيد ، يحرقه في الدنيا قبل أن يحرق في
نار جهنم ، جزاء وفاقا (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ
عَمَّا يَعْمَلُونَ)!.
وقد سمعت من
المرحوم الحاج حسن أبي ياسر الخياط يقول : إن فخذ يزيد هو في غرفة مواجه الدرج
الّذي يصعد منه إلى مقبرة الستات. وحين كنا صغارا كنا مثل كل الناس عندما نمرّ من
هناك نضرب على الغرفة حجرا. ثم فرّغوا الغرفة من الأحجار وقلبوها إلى معمل لأنوال
النسيج.
وعلى مقربة من فخذ
يزيد يوجد قبر يظن أهل الشام أنه قبر أبي عبيدة بن الجراح ، ولذلك سمّوا المسجد
الذي يقابل قبر يزيد : جامع الجرّاح.
(أقول) : هذا خطأ
لأن أبا عبيدة دفن في غور بيسان ، وليس في دمشق.
وفي (خطط دمشق)
لصلاح الدين المنجد ، ص ٩٠ :
جامع جرّاح : خارج
الباب الصغير ، بمحلة سوق الغنم ، بدرب جرّاح. كان أصله مسجدا للجنائز ، بناه
الملك الأشرف موسى ، ثم جدده جرّاح المنيحي.
ـ حرق عظام بني
أمية وعظم يزيد : (الكنى والألقاب ، ج ١ ص ٢٣٣)
بعد أن صلب
الأمويون زيد بن علي [زين العابدين عليهالسلام] على جذع شجرة ، وأبقوه مصلوبا خمس سنين عريانا ، جاء
الوليد بن يزيد فكتب إلى عامله بالكوفة فأحرق زيدا بخشبته ، وأذرى رماده في الرياح
على شاطئ الفرات ؛ صار هذا سببا لأن يفعل العباسيون بهم وبقبورهم مثل ذلك.
حكى المسعودي عن
الهيثم بن عدي عن معمّر بن هانئ الطائي ، قال : خرجت مع عبد الله بن علي وهو عم
السفاح والمنصور ، فانتهينا إلى قبر هشام بن عبد الملك فاستخرجناه صحيحا ، ما
فقدنا منه إلا خرمة أنفه ؛ فضربه عبد الله ثمانين سوطا ، ثم أحرقه. فاستخرجنا
سليمان بن عبد الملك من أرض دابق ، فلم نجد منه شيئا ، إلا صلبه وأضلاعه ورأسه ،
فأحرقناه. وفعلنا ذلك بغيره من بني أمية ، وكانت قبورهم
بقنّسرين [قرب حلب].
ثم انتهينا إلى دمشق فأخرجنا الوليد بن عبد الملك ، فما وجدنا إلا شؤون رأسه. ثم
احتفرنا عن يزيد بن معاوية ، فما وجدنا منه إلا عظما واحدا ، ووجدنا خطا أسود
كأنما خطّ بالرماد بالطول في لحده. ثم تتبّعنا قبورهم في جميع البلدان ، فأحرقنا
ما وجدنا فيها منهم.
قبر معاوية
٨٩٥ ـ قبر معاوية
في دمشق :
جاء في (تاريخ ابن
عساكر) تحقيق صلاح الدين المنجد ، مج ٢ قسم ١ ص ١٩٨: أما معاوية فيختلف في قبره.
فيقال : إن قبره خلف حائط المسجد الجامع ، موضع دراسة السّبع اليوم. والأصح أن
قبره خارج باب الصغير. ا ه
وقال صلاح الدين
المنجد في (خطط دمشق) ص ١٢٠ :
أصبح من الثابت أن
معاوية بن أبي سفيان دفن بمقبرة الباب الصغير بدمشق. وذلك بعد أن عثر على شاهد يدل
على قبر نصر المقدسي ، الّذي تذكر المصادر الموثوقة أنه دفن في جوار قبر معاوية.
ويبدو أن موضع هذا القبر كان مثار جدل في الأعصر الخالية. فقالوا : إنه في بيت في
قبلة الجامع الأموي.
وقال السيوطي في (تاريخ
الخلفاء) : إنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير.
٨٩٦ ـ قبر معاوية
في النقّاشات :
(تاريخ ابن عساكر ، تحقيق صلاح الدين المنجد ، ج ٢ قسم ١ ص ٢٦١)
قال ابن عساكر :
توفي معاوية بدمشق في رجب سنة ٦٠ ه وله ثمانون سنة.
ودفن بدمشق في
الموضع المعروف بباب الصغير ، وقيل بل في الدار المعروفة بدمشق (بالخضراء) إلى هذا
الوقت ، في قبلة المسجد الجامع ، وفيها الشرطة والحبوس. وكان بها ينزل ، ومن ولي
الأمر بعده من بني أمية. وإن الّذي في مقبرة باب الصغير هو قبر معاوية بن يزيد بن
معاوية.
وجاء في (نزهة
الأنام في محاسن الشام) لأبي البقاء البدري ، ص ٢٧٦ :
ونقل عن الحافظ
ابن طولون في (بهجة الأنام) أن قبر معاوية الكبير في الحائط القبلي من جامع دمشق ،
في قصر الإمارة الخضراء ، وهو الّذي تسميه العامة (قبر
هود). أما الّذي
في الباب الصغير فهو قبر أبي ليلى معاوية الثاني ابن يزيد ، الّذي تولى الحكم نحو
أربعين يوما ، وكان منه عفّة ودين.
٨٩٧ ـ قبر معاوية
الثاني في الباب الصغير :
(كتاب الزيارات بدمشق للقاضي العدوي ، ص ١٢)
قال القاضي محمود
العدوي : ثم دفن معاوية [الثاني] ، فقيل بدار الإمارة ، وهي الخضراء ، وقيل بمقبرة
باب الصغير ، وعليه الجمهور.
وقال ابن كثير
أيضا في (البداية والنهاية) ج ٨ ص ٢٣٧ في وفاة معاوية ابن ابنه : دفن بباب الصغير
عند آبائه ، وحزن الناس عليه كثيرا لعقله وعفته ودينه وزهده. والظاهر أن القبر
الّذي بباب الصغير يقال له قبر معاوية بن يزيد بن معاوية هذا ، وليس بقبر معاوية
بن أبي سفيان. ويقال : إن معاوية بن أبي سفيان مدفون في حائط جامع دمشق ، خوفا
عليه من الخوارج.
٨٩٨ ـ وصف قبر
معاوية بن أبي سفيان في النقّاشات :
(الآثار الإسلامية لكارل ولتسنغر ، ص ١٤٨)
يذكر عبد الغني
كما يورده (كريمر) : أن قبر معاوية يقع في الجامع الأموي
[حارة النقاشات]
ضمن تربة مربعة ، مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، وتعلوها رقبة مثمّنة ، تخترق كل ضلع
من أضلاعها نافذتان متباعدتان. تقوم فوق الرقبة آجرية نصف كروية ومطلية بطبقة من
الجص.
من الداخل : إن
الجدران مشيّدة بالحجارة الصقيلة ، لكنها خالية من الطينة حاليا. تقوم في الزوايا
دعامات تحمل أقواسا جدارية ، ويجري الانتقال من القبة بواسطة مثلثات زوايا. تظهر
في الزاوية الشمالية علائم مقرنصات ذات مساحات كبيرة ، كما أنها دقيقة ومتطورة.
وبما أننا لم نعثر
على كتابة تأسيسية ، فإنني أريد أن أؤرّخ البناء بعد سنة ١٣٢٠ م.
(أقول) : من
المشهور في دمشق أن معاوية بن أبي سفيان حين توفي ، دفن في حديقة قصره (الخضراء) ،
وهو المعروف اليوم بحي النقاشات ، أو زقاق الخضراء ، الواقع في جنوب شرق المسجد
الأموي. وهذا القبر موجود ضمن بيت ينزل إليه بدرج ، وقد تراكمت عليه الأوساخ
والقاذورات ، مصحوبة بالروائح الكريهة ،
وبجيوش الذباب.
أما القبة المضروبة عليه فقد تشققت حتى كادت أن تخرّ وتسجد ، كما وصفها الشاعر
محمّد المجذوب من طرطوس في قصيدته التالية ، التي وصف فيها قبر معاوية
وصفا حيا كما رآه حين زاره.
٨٩٩ ـ زيارة
الشاعر محمّد المجذوب لقبر أمير المؤمنين عليهالسلام ثم لقبر معاوية :
ذهب الشاعر
الطرطوسي محمّد المجذوب خريج الأزهر ، إلى النجف الأشرف ، وزار هناك مرقد مولانا
الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فوجد الذهب الإبريز يسجد على أعتابه .. وعند ما عاد إلى
دمشق مرّ بخربة فيها قبر ، فسأل عنها؟. فقالوا : إنها قبر معاوية!.
فأنشد في ذلك
الموقف الأبيات التالية ، مخاطبا بها (أبا يزيد) :
أين القصور أبا
يزيد ولهوها
|
|
والصّافنات وزهوها
والسّؤدد
|
أين الدّهاء
نحرت عزّته على
|
|
أعتاب دنيا
سحرها لا ينفد
|
آثرت فانها على
الحقّ الذي
|
|
هو لو علمت على
الزّمان مخلد
|
تلك البهارج قد
مضت لسبيلها
|
|
وبقيت وحدك عبرة
تتجدد
|
هذا ضريحك لو
بصرت ببؤسه
|
|
لأسال مدمعك
المصير الأسود
|
كتل من التّرب
المهين بخربة
|
|
سكر الذّباب بها
فراح يعربد
|
خفيت معالمها
على زوّارها
|
|
فكأنها في مجهل
لا يقصد
|
ومشى بها ركب
البلى فجدارها
|
|
عان يكاد من
الضّراعة يسجد
|
والقبّة الشّماء
نكّس طرفها
|
|
فبكلّ جزء
للفناء بها يد
|
تهمي السحائب من
خلال شقوقها
|
|
والريح في
جنباتها تتردّد
|
وكذا المصلّي
مظلم فكأنه
|
|
مذ كان لم يجتز
به متعبد
|
__________________
أأبا يزيد لتلك
حكمة خالق
|
|
تجلى على قلب الحكين
فيرشد
|
أرأيت عاقبة
الجموح ونزوة
|
|
أودى بلبّك
غيّها المترصّد
|
أغرتك بالدنيا
فرحت تشنّها
|
|
حربا على الحقّ
الصّراح وتوقد
|
تعدو بها ظلما
على من حبّه
|
|
دين ، وبغضته
شقاء سرمد
|
علم الهدى وإمام
كلّ مطهّر
|
|
ومثابة العلم
الذي لا يجحد
|
ورثت شمائلهپ
براءة أحمد
|
|
فيكاد من برديه
يشرق أحمد
|
وغلوت حتى قد
جعلت زمامها
|
|
إرثا لكلّ مذمّم
لا يحمد
|
هتك المحارم
واستباح خدورها
|
|
ومضى بغير هواه
لا يقيّد
|
فأعادها بعد
الهدى عصبيّة
|
|
جهلاء تلتهم
النّفوس وتفسد
|
فكأنما الإسلام
سلعة تاجر
|
|
وكأنّ أمّته
لآلك أعبد
|
* * *
فاسأل مرابض
كربلاء ويثرب
|
|
عن تلكم النّار
التي لا تخمد
|
أرسلت مارجها
فماج بحرّه
|
|
أمس الجدود ولن
يجنبها غد
|
عبثا يعالج ذو
الصّلاح فسادها
|
|
ويطيبّ معضلها
الحكيم المرشد
|
أين الّذي يسلو
مواجع أحمد
|
|
وجراح فاطمة
التي لا تضمد
|
والزّاكيات من
الدّماء يريقها
|
|
باغ على حرم
النّبوة مفسد
|
والطّاهرات
فديتهنّ حواسرا
|
|
تنثال من
عبراتهنّ الأكبد
|
والطّيبين من
الصّغار كأنهم
|
|
بيض الزّنابق
ذيد عنها المورد
|
تشكو الظّماء
لظالمين أصمّهم
|
|
حقد أناخ على
الجوانح موقد
|
والذائدين
تبعثرت أشلاؤهم
|
|
بددا ، فثمّة
معصم وهنا يد
|
تطأ السّنابك
بالطّغاة أديمها
|
|
مثل الكتاب مشى
عليه الملحد
|
فعلى الرّمال من
الأباة مضرّج
|
|
وعلى النّياق من
الهداة مصفّد
|
وعلى الرّماح
بقيّة من عابد
|
|
كالشّمس ضاء به
الصّفا والمسجد
|
فلطالما حنّ
الدّجى لحنينه
|
|
وحنا على زفراته
المتهجّد
|
إن يجهل الأثماء
موضع قدره
|
|
فلقد داره
الرّاكعون السّجّد
|
تلك الفواجع ما
تزال طيوفها
|
|
في كلّ جارحة
تحسّ وتشهد
|
ما كان ضرّك لو
كففت شواظها
|
|
فسلكت نهج الحقّ
وهو معبّد
|
ولزمت ظلّ أبي
تراب وهو من
|
|
في ظلّه يرجى
السّداد وينشد
|
ولو أن فعلت
لصنت شرعة أحمد
|
|
وحميت مجدا قد
بناه محمّد
|
ولعاد دين الله
يغمر نوره الدّ
|
|
نيا ، فلا عبد
ولا مستعبد
|
* * *
أأبا يزيد وساء
ذلك عترة
|
|
ماذا أقول وباب
سمعك موصد
|
قم وارمق النّجف
الشريف بنظرة
|
|
يرتدّ طرفك وهو
باك أرمد
|
تلك العظام أعزّ
ربّك قدرها
|
|
فتكاد لو لا خوف
ربّك تعبد
|
أبدا تباكرها
الوفود ، يحثّها
|
|
من كلّ حدب
شوقها المتوقّد
|
نازتتها الدنيا
ففزت بوردها
|
|
ثمّ انقضى
كالحلم ذاك المورد
|
وسعت إلى الأخرى
فأصبح ذكرها
|
|
في الخالدين ،
وعطف ربّك أخلد
|
* * *
أأبا يزيد لتلك
آهة موجع
|
|
أفضى إليك بها
فؤاد مقصد
|
أنا لست بالقالي
ولا أنا شامت
|
|
قلب الكريم عن
الشّماتة أبعد
|
هي مهجة حرّى
أذاب شغافها
|
|
حزن على الإسلام
لم يك يهمد
|
ذكّرتها الماضي
فهاج دفينها
|
|
شمل لشعب
المصطفى متبدّد
|
فبعثته عتبا وإن
يك قاسيا
|
|
هو في ضلوعي
زفرة تتردّد
|
لم أستطع جلدا
على غلوائها
|
|
أيّ القلوب على
اللّظى تتجلّد؟
|
* * *
لكن هذا الشاعر
تجاهل فيما بعد هذه القصيدة ، فلم ينشرها في ديوانه (نار ونور) المطبوع عام ١٩٤٧ ،
ولا في ديوانه الثاني (همسات قلب) المطبوع عام ١٩٧٠ ، فكأنه ندم على قولها ، مع
أنها أصدق قصيدة قالها.
مظاهر العدل الإلهي
٩٠٠ ـ العدل
الإلهي في مصير الحسين عليهالسلام ومصير أعدائه :
(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١٣٣ و ١٣٤)
قال السيد علي
جلال الحسيني المصري في كتابه (الحسين) :
ومن آثار العدل
الإلهي ، قتل عبيد الله بن زياد يوم عاشوراء ، كما قتل الحسين عليهالسلام يوم عاشوراء ، وأن يبعث برأسه إلى علي بن الحسين عليهالسلام ، كما بعث برأس الحسين عليهالسلام إلى ابن زياد.
وهل أمهل يزيد بن
معاوية بعد الحسين عليهالسلام إلا ثلاث سنين أو أقل؟!. وأي موعظة أبلغ من أن كل من اشترك
في دم الحسين عليهالسلام اقتصّ الله تعالى منه ، فقتل أو نكب!. وأي عبرة لأولي
الأبصار أعظم من كون ضريح الحسين عليهالسلام حرما معظّما ، وقبر يزيد بن معاوية مزبلة؟!.
ـ العناية الإلهية
بأهل البيت عليهالسلام :
وتأمّل عناية الله
بالبيت النبوي الكريم ؛ يقتل أبناء الحسين عليهالسلام ولا يترك منهم إلا صبي مريض ، أشفى على الهلاك ؛ فيبارك
الله في أولاده ، فيكثر عددهم ويعظم شأنهم. والذين قتلوا مع الحسين عليهالسلام من أهل بيته رجال ما على وجه الأرض يومئذ لهم شبه.
ـ شتان بين الذهب
والرغام! :
ثم يقول : وشتان
ما السبط الزكي ، والظالم السكّير ، يزيد القرود والطنابير. وهل يستوي الفاسق
الجائر ، والعادل الإمام ، وأين الذهب من الرغام. لكن اقتضت الحكمة الإلهية سير
الحوادث بخلاف ذلك ، وإذا أراد الله أمرا فلا مردّ له. واقتضت أيضا أن يبقى أثر
جهاد الحسين عليهالسلام على مرّ الدهور ، كلما أرهق الناس الظلم ، تذكّره من ندب
نفسه لخدمة الأمة ، فلم يحجم عن بذل حياته متى كانت فيه مصلحة لها.
٩٠١ ـ العاقبة
للمتقين : (المصدر السابق)
قال تعالى جلّ من
قائل : (تِلْكَ الدَّارُ
الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا
فَساداً
وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (٨٣) [القصص : ٨٣].
وكثير من الناس يغرّهم العلوّ في الأرض والتمكن فيها ، فيظنون أن ذلك ميزة لهم على
غيرهم ، غير ناظرين إلى أن هذه الدنيا ليست دار الجزاء ، إنما هي دار الامتحان
والبلاء ، وأن العاقبة ليست فيها ، إنما هي في دار البقاء .. فالحسين عليهالسلام حين استشهد ، استبدل دار الشقاء وهي الدنيا ، بدار البقاء
وهي الآخرة. فانتقل إلى دار الجنان ، يعيش فيها خالدا ، مصداقا لقوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا
فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (١٦٩) فَرِحِينَ بِما
آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا
بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (١٧٠) [آل عمران :
١٦٩ ـ ١٧٠].
أما الذين ظنوا
أنهم انتصروا على الحسين عليهالسلام ، فقد عاشوا حياة الشقاء في الدنيا ، وسوف يخلّدون في نار
جهنم ، والله لهم بالمرصاد.
العبرة في المصير
٩٠٢ ـ الحسين عليهالسلام إمام الشاهدين :
(الحسين بن علي عليهالسلام إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٩)
الإمام الحسين عليهالسلام كان يدرك بالمنطق الرياضي إدراكا شموليا ، أنه مفارق جسده
وعيشه ... لم يقل عليهالسلام : إلهي إلهي لماذا تركتني؟ بل صاح : إلهي أنا قادم إليك.
وكأنه يرى دمه ، ودماء رفاقه الشهداء أمام بصره ، رياضا طفحت وردا وبيلسانا وشقائق
نعمان.
ـ العبرة في
المصير ، والخلود للحسين عليهالسلام :
آثر معاوية مقعده
وبطنه.
وعمل يزيد لشهوة
جسده.
ونال المغيرة
لقيمة.
وعمرو بن العاص
جريعة.
ومات ابن زياد ،
وابن ذي الجوشن ، وابن سعد ، في الموت منذ أن ولدوا ؛ وبقي الحسين بن علي عليهالسلام يذكر حيا ، نضرا ، فوّاحا ، كلما ذكر محمّد وآل محمّد
ورسالة محمّدصلىاللهعليهوآلهوسلم ، في كل صلاة وفي كل تسليم.
٩٠٣ ـ خفقة النشيد
الأخيرة : (المصدر السابق ، ص ١٣١)
منذ ثلاثة عشر
قرنا ، والكلام على الحسين عليهالسلام : أخضر ، أزهر ، فوّاح ، معطار ، يفرح ويبكي ، ويمجّد ويرفع.
ثم لا ينتهي بانطواء جيل ، وولادة آخر.
ومنذ ذلك الزمن ،
وقلّ أن يذكر الذاكرون يزيد ، وابن زياد ، وابن سعد ، وابن ذي الجوشن ، إلا كما
يذكر أحدنا : الحرباء والعقرب والخنزير. بينما يتردد اسم البلبل والروضة والجدول ،
تردد النسيم والشعاع والماء ، في العيون والمعاطس ، والأفواه والقلوب. ذلك بيّن
الخطوط والألوان.
فالحسين عليهالسلام دخل في تراث الانسانية ، واحدا من بناة شمائلها ، وعمارة
حضارتها. وغلّب جانب الخير والحق والجمال ، على جانب الشر والباطل والضلال ، فأصبح
كوكبا في كل سماء من أرض البشر ، يجري اسمه على الأقلام ، مجرى نشيد الانتصار على
الحناجر والأوتار.
يبقى أمر مهمّ
إضافة لما قدّمنا ، هو أمر البطل يكون شاهدا وشهيدا ، عندما يقدم بشجاعة قلّ
نظيرها ، لدى القادة الأبطال المقدمين.
فصحيح أن سقراط
مات ، واختار قدح السمّ ، وشربه بشوق. لكنه مضى وحده!.
وصحيح أن المسيح عليهالسلام صلب على مذهب النصارى ، لكنه توجّع وتوسّل وصاح : إلهي
إلهي لماذا تركتني؟!. ورفعه الله إليه. ثم مضى وحده!.
الإسكندر : حمّ
ومات!. هنيبال : هرب وتاه وضاع!.
نابليون : انطفأ
في الأسر!. هتلر : انتحر!.
موسيليني : جرّ
كما تجرّ الهرّة!.
وخالد بن الوليد :
كره الموت على الفراش!.
وهؤلاء جميعا
كانوا قادة ، على اختلاف وتباين في المعتقد والمنهج والفضيلة ، لكن واحدا منهم لم
يرسم وهو على شفير النهاية ، بعينيه وقلبه وجسده المفجع ، والخارق والمذهل ، كما
رسم الحسين عليهالسلام ومعه أفلاذ أسرته كلهم ، وأحباء قلبه
جميعهم ، ورفاق
عمره وحزبه الذين يربون على المئة ، والذين اختاروا بعزم وتصميم ، وشوق ونشوة ،
عزا بالموت بين يديه!. وفعل الحسين عليهالسلام فعلا أشبه ما يكون بانفجار مجرات في الكون ، أو انقلاب كون
وتبدّله بين الأكوان!.
الحسين الحسين ..
يكفي أن يبقى اسم الحسين لهذه الأمة أروع نشيد على مدى العصور.
فهارس الجزء الثاني من الموسوعة :
١
ـ فهرس الأشكال والخرائط
٢
ـ تعريف ببعض المواقع والبلدان
٣
ـ فهرس تراجم الشخصيات الهامة
٤
ـ الفهرس العام.
فهرس الأشكال والخرائط
(١)
ورود وأزاهير من روضة الشهادة والفداء..................................... ١١
(٢) أشهر المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام............................... ٣٣
(٣) المستشهدون مع الحسين من آل أبي
طالب عليهالسلام............................. ٣٧
ـ صورة تمثل [الحملة الأولى] التي
استشهد فيها من أصحاب الحسين عليهالسلام
نحو خمسين شهيدا دفعة واحدة ٥٧
(٤) قافلة من المستشهدين بالمبارزة من
أصحاب الحسين عليهالسلام...................... ٦٠
(٥) مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية
كربلاء................................ ٧٤
ـ جدول بأشهر المستشهدين من أصحاب
الحسين عليهالسلام مع
ذكر قاتليهم........... ١١٠
ـ جدول بأشهر المستشهدين من آل أبي طالب
عليهالسلام
مع ذكر أمهاتهم وقاتليهم...... ١٥٠
(٦) مخطط توزع الحوادث من ١٠ محرم إلى
١٥ ربيع الأول سنة............ ٦١ ه
٢٢٠
ـ صورة تمثل مقتل الغلامين محمّد
وإبراهيم ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام
بالمسيّب..... ٣٠٦
(٧) مصور نهر الدجيل..................................................... ٣٢٦
(٨) مصور نهر دجلة والفرات قديما........................................... ٣٢٧
(٩) مسير جيوش الإمام علي عليهالسلام
من الكوفة إلى صفين........................ ٣٣٢
ـ جدول بالمنازل التي مرّ بها ركب
الرؤوس والسبايا (٤٦ منزلا)..................... ٣٣٨
(١٠) مصور مسير الرؤوس والسبايا من
الكوفة إلى دمشق....................... ٣٣٦
(١١) مخطط مشهد الحسين عليهالسلام
ومشهد السقط غربي حلب................... ٣٥٠
(١٢) مصور بداية مسير السبايا من الكوفة
إلى مسكن......................... ٣٦٢
(١٣) مسير السبايا من تل عفر إلى نصيبين
مرورا بسنجار....................... ٣٧٣
(١٤) مسير السبايا من معرة النعمان إلى
حماة مرورا بطيبة الإمام.................. ٣٨٤
(١٥) مخطط دمشق القديمة ـ العمورية......................................... ٤٠٩
(١٦) مخطط دمشق القديمة ـ الرومانية........................................ ٤١١
(١٧) سور المعبد وسور الحرم................................................ ٤١٢
(١٨) مصور أبواب دمشق القديمة........................................... ٤١٤
(١٩) مخطط المسجد الجامع وأبوابه
وأقسامه المختلفة............................ ٤١٧
(٢٠) مخطط المسجد الجامع وقصر يزيد
والأبواب التي أوقفوا عندها الرؤوس والسبايا. ٤٢٣
(٢١) مخطط لمنطقة باب الفراديس ، يبيّن
استمرارية الأبواب ، ومرقد رقية عليهالسلام..... ٤٢٧
(٢٢) مخطط دمشق القديمة والطريق الّذي
أدخلوا منه السبايا عليهالسلام............... ٤٣٢
(٢٣) باب جيرون ومسجد السّقط وقصر يزيد
ومشهد رأس الحسين.............. ٤٣٨
(٢٤) دار الخضراء وقصر يزيد............................................... ٤٤٩
(٢٥) عسقلان عروس الشام................................................ ٥٢٩
(٢٦) مخطط الحائر الحسيني ـ حدوده
وأبوابه................................... ٥٩٤
(٢٧) مقام الإمام الحسين عليهالسلام
ومراقد الشهداء حوله........................... ٥٩٦
(٢٨) باب الشهداء لمرقد الإمام الحسين عليهالسلام
في كربلاء......................... ٥٩٧
(٢٩) المرقد المقدس للإمام أبي عبد الله
الحسين عليهالسلام
في كربلاء................... ٦٠١
(٣٠) المرقد المقدس لأبي الفضل العباس عليهالسلام
في كربلاء......................... ٦٠٨
(٣١) مخطط مشهد رأس الحسين عليهالسلام
شرقي المسجد الجامع..................... ٦١٥
تعريف ببعض المواقع
والبلدان
ـ مرقد الحر بن يزيد الرياحي في ضاحية
كربلاء.................................... ٧٤
ـ مرقد عون بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام
على طريق المسيّب....................... ١٢٥
ـ مسجد الحنّانة في ظاهر الكوفة.............................................. ٢٦١
ـ نهر دجلة................................................................. ٣٢٥
ـ جدول الدجيل............................................................ ٣٢٦
تحقيق الأماكن التي مرّ بها ركب الرؤوس
والسبايا :
* دير في الطريق : دير سرجس وبكّس ـ
القادسية............................... ٣٣٩
* الحصّاصة ـ قصر ابن هبيرة................................................. ٣٤٠
* مسكن ـ تكريت......................................................... ٣٤٠
* الكحيل ـ جهينة ـ عسقلان العراق ـ
الموصل................................... ٣٤١
* تل أعفر................................................................ ٣٤٢
* سنجار ـ مزار السيدة زينب عليهالسلام
في سنجار.................................. ٣٤٣
* نصيبين................................................................. ٣٤٤
* عين الورد ـ حرّان ـ الرقّة.................................................... ٣٤٥
* قلعة جعبر ـ بالس (مسكنة)............................................... ٣٤٦
* حلب................................................................... ٤٣٧
* جبل الجوشن غربي حلب.................................................. ٣٤٧
* مشهد السقط محسن عليهالسلام................................................ ٣٥١
* مشهد النقطة أو الرأس عليهالسلام............................................... ٣٥٢
* مشهد الحسين عليهالسلام
وعمارته.............................................. ٣٥٢
* قنّسرين................................................................. ٣٥٥
* معرة النعمان كفر طاب ـ شيزر............................................. ٣٥٦
* جبل زين العابدين عليهالسلام
شمال حماة حمص.................................... ٣٥٧
* القصير ـ جوسية ـ جبل الحسين ـ الهرمل...................................... ٣٥٨
* بعلبك ـ مزار خولة........................................................ ٣٥٨
ـ لمحة عن مدينة دمشق والمسجد الجامع :
١ ـ تاريخ مدينة دمشق :.................................................... ٤٠٨
ـ
دمشق العمورية......................................................... ٤٠٩
ـ دمشق الآرامية ـ اليونانية ـ
الرومانية........................................ ٤١٠
ـ دمشق البيزنطية........................................................ ٤١١
٢ ـ دمشق الاسلامية :..................................................... ٤١٢
ـ قصر الخضراء.......................................................... ٤١٢
ـ قصر يزيد............................................................. ٤١٣
ـ باب الساعات......................................................... ٤١٤
٣ ـ أبواب دمشق العشرة.................................................... ٤١٤
ـ أبواب دمشق الداخلية................................................... ٤١٥
٤ ـ المسجد الجامع.......................................................... ٤١٦
ـ باب الساعات......................................................... ٤٢٣
ـ باب توما.............................................................. ٤٢٤
ـ باب جيرون الداخلي.................................................... ٤٢٤
ـ باب الفراديس استمرارية الأبواب في
باب الفراديس.......................... ٤٢٥
ـ باب الساعات هو باب الفراديس العموري................................. ٤٢٨
ـ باب الخيزران........................................................... ٤٣٠
ـ الخربة ومرقد رقيّة عليهالسلام.................................................. ٤٣٣
ـ مسجد السّقط......................................................... ٤٣٤
ـ قصر الخضراء وقصر يزيد................................................ ٤٤٨
ـ الخربة التي حبس فيها السبايا............................................. ٤٧٩
* عسقلان فلسطين........................................................ ٥٢٩
* كربلاء والحائر الحسيني.................................................... ٥٩٠
* الحرم الحسيني............................................................ ٥٩٣
* مشهد الإمام الحسين عليهالسلام................................................ ٥٩٥
* مشهد أبي الفضل العباس عليهالسلام............................................ ٦٠٦
ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهالسلام
في دمشق :
١ ـ مشهد رأس الحسين عليهالسلام............................................. ٦٠٩
٢ ـ مرقد السيدة رقيّة عليهالسلام................................................ ٦١٧
٣ ـ مشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام........................................... ٦٢٥
٤ ـ مقام السيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام.................................. ٦٢٩
٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت علي عليهالسلام................................... ٦٣٧
٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسين عليهالسلام......................................... ٦٤٢
٧ ـ مرقد السيدة زينب العقيلة عليهالسلام........................................ ٦٤٤
٨ ـ مسجد السادات الزينبية بدمشق....................................... ٦٥٤
* مدفن الشريفات العلويات في مصر....................................... ٦٥٧
* حوّارين............................................................... ٧٠٦
* قبر يزيد.............................................................. ٧٣١
* جامع جرّاح........................................................... ٧٣٢
* قبر معاوية بن أبي سفيان............................................... ٧٣٣
* قبر معاوية الثاني....................................................... ٧٣٤
فهرس تراجم الشخصيات الهامة
* تراجم المستشهدين من أصحاب الحسين عليهالسلام
:
ترجمة برير بن خضير الهمداني.................................................. ٧٠
ـ الحر بن يزيد الرياحي...................................................... ٧٤
ـ عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي......................................... ٨٠
ـ الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي........................................ ٨٣
ـ سعيد بن عبد الله الحنفي.................................................. ٨٥
ـ زهير بن القين البجلي..................................................... ٨٨
ـ نافع بن هلال الجملي..................................................... ٩١
ـ جون مولى أبي ذر الغفاري................................................. ٩٢
ـ عابس بن شبيب الشاكري................................................ ٩٥
ـ الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي......................................... ٩٩
* تراجم المستشهدين من أهل البيت عليهالسلام
:
ترجمة علي الأكبر ابن الإمام الحسين عليهالسلام.................................. ١٢٠
ـ رقيّة بنت الإمام علي عليهالسلام............................................... ١٢٢
ـ الغلام القاسم بن الحسن عليهالسلام............................................ ١٢٩
ـ أبي الفضل العباس عليهالسلام................................................. ١٣٨
* تراجم وأنساب بعض قتلة الحسين :
نسب يزيد بن معاوية....................................................... ٢٣٧
ـ زياد ابن أبيه........................................................... ٢٣٧
نسب عبيد الله بن زياد................................................... ٢٣٨
ترجمة عبيد الله بن زياد................................................... ٢٣٨
نسب معاوية بن أبي سفيان............................................... ٢٣٩
ـ شمر بن ذي الجوشن..................................................... ٢٤٠
ترجمة عمر بن سعد...................................................... ٢٤١
ـ عمرو بن سعيد الأشدق................................................. ٥٣١
* تراجم بعض نساء أهل البيت عليهالسلام
:
ترجمة هند زوجة يزيد........................................................ ٤٤٣
ـ الرباب زوجة الحسين عليهالسلام............................................... ٥٦٤
ـ الكامل صاحب ميّا فارقين............................................... ٦١٩
ـ السيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام......................................... ٦٣٢
ـ الزبير بن بكار.......................................................... ٦٣٦
ـ أم كلثوم زينب الصغرى بنت علي عليهالسلام................................... ٦٣٧
ـ فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام........................................ ٦٤٣
ـ العقيلة زينب الكبرى بنت علي عليهالسلام...................................... ٦٥٢
ـ شاهزنان والدة زين العابدين عليهالسلام......................................... ٦٥٩
ـ الإمام زين العابدين عليهالسلام................................................ ٦٦٠
* تراجم أخرى :
ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي............................................. ٦٨٣
ـ معاوية الثاني........................................................... ٧١٠
ـ يزيد بن معاوية......................................................... ٧١١
نسب يزيد................................................................ ٧١٢
أنساب بني أمية............................................................ ٧١٤
الفهرس العام
(للجزء الثاني من موسوعة كربلاء)
ـ تبويب (الجزء الثاني) من الموسوعة.............................................. ٥
ـ مقدمة الجزء الثاني من الموسوعة................................................. ٧
ـ تعريف بالجزئين الأول والثاني من
الموسوعة........................................ ٨
ـ فاجعة كربلاء أنست كل فاجعة................................................ ٩
ـ (الشكل ١) : ورود وأزاهير من روضة
الشهادة والفداء........................ ١٠
الباب السادس
معركة كربلاء
ـ تعريف بالباب السادس...................................................... ١٣
الفصل
الحادي والعشرون : (أنصار الحسين عليهالسلام يوم الطف)
ـ مقدمة الفصل.............................................................. ١٧
عدد المستشهدين مع الحسين عليهالسلام............................................. ١٨
١ ـ الذين استشهدوا قبل معركة كربلاء....................................... ١٨
٢ ـ الذين استشهدوا بعد المعركة............................................. ١٨
٣ ـ الذين نجوا من القتل.................................................... ١٩
٤ ـ عدد الذين خرجوا مع الحسين عليهالسلام
من مكة.............................. ١٩
٥ ـ عدد الذين انضموا إلى الحسين عليهالسلام
من الكوفة........................... ٢٠
٦ ـ عدد الذين انضموا للحسين عليهالسلام
من أصحاب عمر بن سعد يوم عاشوراء.... ٢٠
٧ ـ عدد أنصار الحسين عليهالسلام
يوم عاشوراء.................................... ٢٢
المستشهدون من أصحاب الحسين عليهالسلام......................................... ٢٤
٨ ـ توزّع أصحاب الحسين عليهالسلام
حسب انتمائهم القبلي........................ ٢٤
٩ ـ أسماء المستشهدين من الموالي من
أنصار الحسين عليهالسلام....................... ٢٧
أصحاب الحسين عليهالسلام
حسب ترتيب استشهادهم............................... ٢٧
١٠ ـ المستشهدون من أصحاب الحسين عليهالسلام
في الحملة الأولى.................. ٢٨
١١ ـ أشهر المستشهدين بالمبارزة مرتبين
حسب استشهادهم..................... ٢٨
المستشهدون من الأصحاب حسب اشتهارهم.................................... ٣١
١٢ ـ ترتيب المستشهدين بالمبارزة حسب درجة
اشتهارهم وتواتر أسمائهم في كتب المقاتل ٣١
فهرس عام بأسماء المستشهدين من الأصحاب.................................... ٣٢
١٣ ـ أسماء المستشهدين من أصحاب الحسين عليهمالسلام........................... ٣٢
ـ (الشكل ٢) : أشهر المستشهدين من أصحاب
الحسين عليهالسلام.................. ٣٣
المستشهدون من آل أبي طالب عليهمالسلام........................................... ٣٦
١٤ ـ عدد المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام
يوم العاشر من المحرم............. ٣٦
ـ (الشكل ٣) : المستشهدون مع الحسين من
آل أبي طالب عليهالسلام................... ٣٧
١٥ ـ أسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليهالسلام
يوم العاشر من المحرم حسب ترتيب استشهادهم ٣٩
١٦ ـ طائفة المستشهدين من آل أبي طالب (مرتبة
حسب القرابة)................ ٤٠
١٧ ـ أسماء المستشهدين من آل أبي طالب عليهمالسلام.............................. ٤١
زيارة الناحية المقدسة.......................................................... ٤٢
١٨ ـ متن الزيارة الصادرة عن الناحية
المقدسة من كتاب (التحفة)................ ٤٢
ـ موقعة كربلاء............................................................ ٤٨
الفصل
الثاني والعشرون : (موقعة كربلاء)
ـ مقدمة الفصل.............................................................. ٥١
١ ـ منزلة شهداء كربلاء (رض)................................................ ٥٢
١٩ ـ صفة شهداء كربلاء ومنزلتهم بين
الشهداء............................... ٥٢
٢٠ ـ شهداء كربلاء مثل شهداء بدر......................................... ٥٣
٢١ ـ رأي سلمان المحمدي في شهداء كربلاء
(رض)............................ ٥٣
٢٢ ـ شهداء كربلاء (رض) لا يسبقهم سابق.................................. ٥٣
٢٣ ـ تفضيل المستشهدين مع الحسين عليهالسلام
على حواريي الرسول (ص) وحواريي الإمام علي عليهالسلام ٥٤
٢٤ ـ تفاضل المستشهدين من الآل والأصحاب
عليهالسلام........................... ٥٤
٢٥ ـ الملائكة تعرض المساعدة على الحسين
عليهالسلام.............................. ٥٥
٢٦ ـ نزول النصر على الحسين عليهالسلام
ـ الله خيّر الحسين عليهالسلام
بين النصر أو لقاء الله ، فاختار لقاء الله ٥٥
٢٧ ـ امتداد نهار يوم عاشوراء إلى اثنين
وسبعين ساعة.......................... ٥٥
٢٨ ـ الذين اكتفوا بالدعاء للحسين عليهالسلام
يوم عاشوراء ولم ينصروه................ ٥٦
٢ ـ بدء القتال والمبارزة........................................................ ٥٦
٢٩ ـ الاصطدام المسلح بين الحق والباطل (الحملة
الأولى)....................... ٥٦
ـ صورة تمثل [الحملة الأولى] التي
استشهد فيها من أصحاب الحسين عليهالسلام
نحو خمسين شهيدا دفعة واحدة ٥٧
٣٠ ـ الإمام الحسين عليهالسلام
يأذن لأصحابه بالقتال.............................. ٥٨
٣١ ـ الحسين عليهالسلام
لا يبدأ بقتال ، لأن هدفه هداية الناس...................... ٥٨
٣٢ ـ كلام للحسين عليهالسلام
وفيه يستغيث بالناس............................... ٥٨
٣٣ ـ استغاثة الحسين عليهالسلام
توقظ بعض النفوس الخيّرة ، فتنضم إلى الحسين عليهالسلام
وتقاتل معه حتى الموت ٥٩
المبارزات.................................................................... ٥٩
ـ مدخل (حول ترتيب المستشهدين بالمبارزة)................................... ٥٩
ـ (الشكل ٤) : قافلة المستشهدين
بالمبارزة من أصحاب الحسين عليهالسلام............ ٦٠
٣ ـ المستشهدون من الأصحاب بالمبارزة......................................... ٦١
٣٤ ـ خروج مسلم بن عوسجة ونافع بن هلال
للقتال.......................... ٦١
٣٥ ـ تشجيع عمرو بن الحجاج لقومه ،
واعترافه بشجاعة أصحاب الحسين عليهالسلام.. ٦١
زحف الميمنة................................................................ ٦٢
٣٦ ـ عمرو بن الحجاج يزحف على ميمنة
الحسين عليهالسلام........................ ٦٢
٣٧ ـ عمرو بن الحجاج يتهم الحسين عليهالسلام
بالمروق من الدين ، وجواب الحسين عليهالسلام
له ٦٢
٣٨ ـ مصرع مسلم بن عوسجة الأسدي ووصيته
لحبيب بن مظاهر ، وما شهده شبث بن ربعي بمسلم ٦٣
زحف الميسرة............................................................. ٦٤
٣٩ ـ زحف شمر بن ذي الجوشن على ميسرة
الحسين عليهالسلام...................... ٦٤
٤٠ ـ خبر عبد الله بن عمير الكلبي
ومقاتلته................................... ٦٤
٤١ ـ مصرع عبد الله بن عمير الكلبي ،
وزوجته أم وهب (رض)................. ٦٥
ـ توضيح.................................................................... ٦٦
٤٢ ـ الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ،
والموت جسر المؤمن إلى الجنة............. ٦٧
طلب النجدة والمدد........................................................ ٦٧
٤٣ ـ عزرة بن قيس يستنجد بابن سعد ،
واعتراف شبث بن ربعي بضلال أصحابه. ٦٧
٤٤ ـ وصف أحدهم لبسالة الحسين عليهالسلام
وأصحابه الأبطال.................... ٦٨
٤٥ ـ عدول أبي الشعثاء الكندي إلى
الحسين عليهالسلام
واستشهاده.................. ٦٨
٤٦ ـ مبارزة برير بن خضير ليزيد بن معقل
ومباهلتهما ، ثم مصرع برير على يد كعب بن جابر ، وقيل بحير الضبّي ٦٩
ـ [ترجمة برير بن خضير الهمداني المشرقي]........................................ ٧٠
٤٧ ـ مبارزة الحر بن يزيد الرياحي............................................ ٧٠
٤٨ ـ مبارزة الحر ليزيد بن سفيان ومصرعه.................................... ٧٢
٤٩ ـ مصرع الحر بن يزيد الرياحي (رض)..................................... ٧٣
ـ [ترجمة الحر بن يزيد التميمي الرياحي]......................................... ٧٤
ـ (الشكل ٥) : مرقد الحر بن يزيد
الرياحي في ضاحية كربلاء....................... ٧٤
٥٠ ـ الردّ على الذين اتهموا الحر
بالارتداد عن الدين........................... ٧٥
ـ مدخل إلى البحث التالي (انتصار
العقيدة على العاطفة).......................... ٧٦
٥١ ـ مصرع وهب بن حباب الكلبي......................................... ٧٦
ـ توضيح.................................................................... ٧٦
٥٢ ـ عمر بن سعد يأمر بتقويض أبنية
الحسين عليهالسلام
وحرقها بالنار............... ٧٧
٥٣ ـ الشمر يطعن فسطاط الحسين عليهالسلام
ويحاول تحريق الخيام................... ٧٧
٥٤ ـ استنكار حميد بن مسلم لفعل الشمر................................... ٧٨
٥٥ ـ زجر شبث بن ربعي للشمر............................................ ٧٨
٥٦ ـ حملة زهير لاستنقاذ البيوت............................................ ٧٨
٥٧ ـ شهادة عمرو بن خالد الأزدي ، وابنه
خالد.............................. ٧٩
ـ توضيح.................................................................... ٧٩
٥٨ ـ استشهاد جماعة...................................................... ٧٩
ـ [ترجمة عمرو بن خالد الأسدي الصيداوي]..................................... ٨٠
٥٩ ـ احتدام القتال إلى زوال الشمس........................................ ٨٠
٦٠ ـ إخبار أبي ثمامة الصائدي بزوال الشمس
للصلاة.......................... ٨١
٦١ ـ مصرع حبيب بن مظاهر الأسدي على يد
الحصين بن نمير ورجل من تميم ، وقيل بديل بن صريم ٨٢
٦٢ ـ القاسم بن حبيب يأخذ بثأر أبيه من
قاتله............................... ٨٢
ـ [ترجمة الصحابي حبيب بن مظاهر الأسدي]................................... ٨٣
٦٣ ـ رثاء الحسين عليهالسلام
لحبيب بن مظاهر ، وبروز زهير بن القين................ ٨٤
٦٤ ـ صلاة الظهر ، وقد صلاها الحسين عليهالسلام
في نصف من أصحابه ، وهي صلاة الخوف ٨٤
٦٥ ـ مصرع سعيد بن عبد الله الحنفي........................................ ٦٥
ـ [ترجمة سعيد بن عبد الله الحنفي].............................................. ٨٥
٦٦ ـ بشارة الحسين عليهالسلام
لأصحابه بالجنة ودعوتهم للثبات والدفاع............... ٨٦
خيل الحسين عليهالسلام
تعقر.................................................... ٨٦
٦٧ ـ عمر بن سعد يعقر خيل الحسين عليهالسلام
ومصرع أبي ثمامة الصائدي.......... ٨٦
٦٨ ـ مصرع زهير بن القين البجلي على يد
كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر ابن أوس التميمي ٨٧
ـ [ترجمة زهير بن القين البجلي]................................................ ٨٨
٦٩ ـ مصرع عمرو بن قرظة الأنصاري من
أصحاب الحسين عليهالسلام
، ومصرع أخيه من أصحاب عمر بن سعد ٨٩
٧٠ ـ شجاعة أسير : قتال نافع بن هلال
الجملي ، ومصرعه أسيرا............... ٩٠
ـ [ترجمة نافع بن هلال المذحجي الجملي]........................................ ٩١
٧١ ـ مصرع جون مولى أبي ذرّ الغفاري....................................... ٩١
ـ [ترجمة جون مولى أبي ذر الغفاري]............................................ ٩٢
٧٢ ـ تنافس بقية الأصحاب على الموت...................................... ٩٣
٧٣ ـ مصرع حنظلة بن أسعد الشبامي....................................... ٩٣
٧٤ ـ مصرع شوذب مولى بني شاكر......................................... ٩٤
٧٥ ـ مصرع عابس بن شبيب الشاكري على يد
جماعة من القوم................ ٩٥
ـ [ترجمة عابس بن شبيب الشاكري الهمداني].................................... ٩٥
٧٦ ـ مصرع سعد بن حنظلة التميمي........................................ ٩٦
٧٧ ـ مصرع عمير بن عبد الله المذحجي...................................... ٩٦
٧٨ ـ شهادة عبد الرحمن اليزني.............................................. ٩٧
٧٩ ـ شهادة يحيى بن سليم المازني............................................ ٩٧
٨٠ ـ شهادة قرّة بن أبي قرة الغفاري.......................................... ٩٧
٨١ ـ شهادة رجل من بني أسد.............................................. ٩٧
٨٢ ـ مصرع أنس بن الحارث الكاهلي ، وكان
صحابيا.......................... ٩٨
ـ [ترجمة الصحابي أنس بن الحارث الكاهلي]..................................... ٩٩
٨٣ ـ شهادة عمرو بن مطاع الجعفي......................................... ٩٩
٨٤ ـ شهادة أنيس بن معقل الأصبحي..................................... ١٠٠
٨٥ ـ شهادة الحجاج بن مسروق الجعفي.................................... ١٠٠
٨٦ ـ مبارزة الاثنين...................................................... ١٠٠
٨٧ ـ مصرع الأخوين الغفاريين............................................ ١٠١
٨٨ ـ مصرع الأخوين الجابريّين............................................. ١٠٢
٨٩ ـ مصرع جنادة بن الحرث الأنصاري.................................... ١٠٢
٩٠ ـ مصرع الغلام عمرو بن جنادة
الأنصاري............................... ١٠٣
٩١ ـ مصرع شاب قتل أبوه في المعركة....................................... ١٠٣
ـ تعليق السيد محسن الأمين على شهادة
الغلام السابق........................... ١٠٤
٩٢ ـ شهادة واضح التركي مولى الحرث
المذحجي............................. ١٠٥
٩٣ ـ شهادة أبي عمر النهشلي............................................ ١٠٥
٩٤ ـ شهادة أسلم التركي غلام الحسين عليهالسلام................................ ١٠٦
٩٥ ـ شهادة مالك بن ذودان............................................. ١٠٦
٩٦ ـ شهادة إبراهيم بن الحصين الأسدي................................... ١٠٧
٩٧ ـ شهادة سوّار بن منعم بن حابس بن
أبي عمير الفهمي الهمداني............ ١٠٧
٩٨ ـ شهادة سعد بن الحارث وأخيه أبي
الحتوف الأنصاري.................... ١٠٧
٩٩ ـ مصرع سويد بن عمرو بن أبي المطاع
الخثعمي........................... ١٠٨
١٠٠ ـ كل قتيل في جنب الله شهيد........................................ ١٠٨
ـ معنى (الشهيد) ومعنى ذكراه................................................. ١٠٩
ـ جدول بأشهر المستشهدين من أصحاب
الحسين عليهالسلام
مع ذكر قاتليهم........... ١١٠
الفصل
الثالث والعشرون : شهادة أهل البيت عليهالسلام
ـ مقدمة الفصل............................................................ ١١٣
المستشهدون من آل أبي طالب عليهالسلام.......................................... ١١٤
١٠١ ـ المستشهدون من آل أبي طالب عليهالسلام................................ ١١٤
١٠٢ ـ شهادة أهل البيت عليهالسلام........................................... ١١٤
١٠٣ ـ بروز علي الأكبر بن الحسين عليهالسلام
للقتال............................ ١١٥
١٠٤ ـ دعاء ليلى لابنها.................................................. ١١٥
١٠٥ ـ مصرع علي الأكبر بن الحسين عليهالسلام
على يد مرة بن منقذ العبدي....... ١١٦
ـ زينب عليهالسلام
تؤبّن الشهيد................................................ ١١٩
ـ [ترجمة علي الأكبر عليهالسلام].................................................. ١٢٠
ـ تحقيق في سنّ علي الأكبر عليهالسلام............................................. ١٢٠
١٠٦ ـ مصرع عبد الله بن مسلم بن عقيل عليهالسلام
على يد يزيد بن الرقّاد الجهني ، وقيل عمرو بن صبيح وأسيد بن مالك ١٢١
ـ [ترجمة رقيّة بنت الإمام علي عليهالسلام].......................................... ١٢٢
١٠٧ ـ شهادة محمّد بن مسلم بن عقيل عليهالسلام............................... ١٢٣
١٠٨ ـ شهادة بقية أهل البيت عليهالسلام
وإخوة الحسين عليهالسلام..................... ١٢٣
١٠٩ ـ شهادة بعض أولاد عقيل عليهالسلام..................................... ١٢٣
١١٠ ـ مصرع إبراهيم بن الحسين.......................................... ١٢٤
١١١ ـ مصرع أحمد بن محمد الهاشمي ، قيل
إنه عباسي....................... ١٢٤
١١٢ ـ شهادة محمّد وعون ولدي عبد الله
بن جعفر عليهالسلام..................... ١٢٤
١١٣ ـ مرقد عون على طريق المسيّب....................................... ١٢٥
ـ تعليق حول مرقد عون...................................................... ١٢٥
١١٤ ـ شهادة عبد الله الأكبر بن الحسن عليهالسلام.............................. ١٢٦
١١٥ ـ مصرع القاسم بن الحسن عليهالسلام
[فلقة القمر] وهو غلام لم يبلغ الحلم ، على يد عمرو بن سعد الأزدي ١٢٦
١١٦ ـ عرس القاسم عليهالسلام................................................ ١٢٨
ـ [ترجمة الغلام القاسم بن الحسن عليهالسلام]....................................... ١٢٩
١١٧ ـ شهادة بعض إخوة الإمام الحسين عليهمالسلام.............................. ١٢٩
١١٨ ـ مصرع إخوة العباس عليهالسلام
وهم عبد الله وجعفر وعثمان عليهالسلام............ ١٣٠
١١٩ ـ استسقاء أبي الفضل العباس عليهالسلام
ومصرعه على يد زيد بن الرقّاد........ ١٣٢
الاستسقاء الأخير....................................................... ١٣٦
ـ [ترجمة أبي الفضل العباس عليهالسلام]............................................ ١٣٨
١٢٠ ـ ثواب من يسقي الماء للعطاشى...................................... ١٣٩
١٢١ ـ شهادة أولاد العباس بن علي عليهالسلام.................................. ١٤٠
١٢٢ ـ استغاثة الحسين عليهالسلام.............................................. ١٤٠
الحسين عليهالسلام
يودّع عياله................................................. ١٤٠
١٢٣ ـ الحسين عليهالسلام
يودّع النساء الهاشميات................................. ١٤٠
١٢٤ ـ نعي الحسين عليهالسلام
نفسه ، وطلب نسائه الرجوع إلى حرم جدهم........ ١٤١
١٢٥ ـ الوداع الأخير.................................................... ١٤١
١٢٦ ـ الحسين عليهالسلام
يلبس ثوبا خلقا تحت ثيابه لئلا يجرّد منه................. ١٤٢
١٢٧ ـ مصرع ابن صغير للحسين عليهالسلام
عمره ثلاث سنوات................... ١٤٢
١٢٨ ـ محاولة زين العابدين عليهالسلام
القتال رغم مرضه........................... ١٤٢
١٢٩ ـ لماذا أمرض الله زين العابدين عليهالسلام................................... ١٤٣
١٣٠ ـ الحسين عليهالسلام
يوصي لابنه زين العابدين عليهالسلام
بالإمامة................. ١٤٣
١٣١ ـ وصية الإمام الحسين عليهالسلام
لزين العابدين عليهالسلام........................ ١٤٣
١٣٢ ـ شهادة علي الأصغر بن الحسين عليهالسلام................................ ١٤٤
١٣٣ ـ شهادة الطفل الّذي ولد يوم
عاشوراء................................ ١٤٥
١٣٤ ـ مصرع عبد الله الرضيع ابن الحسين عليهالسلام
على يد حرملة ابن كاهل الأسدي ١٤٦
١٣٥ ـ منزلة عبد الله الرضيع عليهالسلام......................................... ١٤٨
١٣٦ ـ رثاء الحسين عليهالسلام
أصحابه الذين استشهدوا.......................... ١٤٨
١٣٧ ـ الضحّاك بن عبد الله المشرقي يترك
المعركة بعد استئذان الحسين.......... ١٤٩
ـ جدول بأشهر المستشهدين من آل أبي طالب
عليهالسلام
مع ذكر أمهاتهم........... ١٥٠
الفصل
الرابع والعشرون : شهادة أبي عبد الله الحسين عليهالسلام
سيد الشهداء أبو عبد الله الحسين............................................ ١٥٥
ـ مدخل الفصل............................................................ ١٥٧
الحسين عليهالسلام
يرتجز من أشعاره............................................... ١٥٨
١٣٨ ـ ما قاله الحسين عليهالسلام
من الشعر لما عزم على الشهادة.................. ١٥٨
١٣٩ ـ قصيدة (خيرة الله من الخلق أبي).................................... ١٥٨
عطش الحسين عليهالسلام..................................................... ١٦٠
١٤٠ ـ الحصين بن نمير يصيب الحسين عليهالسلام
بسهم في فمه الشريف ، فلم يستطع شرب الماء ١٦٠
١٤١ ـ إصابة الحسين عليهالسلام
في شفتيه...................................... ١٦١
١٤٢ ـ قصة الّذي شكّ الحسين بسهم في
شدقه ، فدعا عليه الحسين عليهالسلام
فكان يشرب ولا يرتوي حتى مات ١٦١
١٤٣ ـ دعاء الحسين عليهالسلام
على من رماه بسهم ، واستجابة دعائه.............. ١٦٢
معركة في طريق الفرات.................................................... ١٦٢
١٤٤ ـ ما قاله الحسين عليهالسلام
لما أصيب بسهم في حنكه الشريف............... ١٦٢
١٤٥ ـ إصابة الحسين عليهالسلام
بسهم في حنكه ، وهو يحاول الوصول إلى الفرات... ١٦٢
١٤٦ ـ استجابة دعاء الحسين عليهالسلام........................................ ١٦٣
١٤٧ ـ قتل الحسين عليهالسلام
وهو ظمآن عطشان............................... ١٦٣
١٤٨ ـ أثر العطش في الحسين عليهالسلام........................................ ١٦٣
١٤٩ ـ ما قاله عليهالسلام
لما حال القوم بينه وبين رحله............................ ١٦٣
١٥٠ ـ وصول الحسين عليهالسلام
إلى الفرات ليشرب ، وخدعة القوم له............. ١٦٤
الوداع الأخير........................................................... ١٦٤
١٥١ ـ ما قاله الحسين عليهالسلام
لما ودّع عياله الوداع الثاني....................... ١٦٤
١٥٢ ـ ما قاله عليهالسلام
لما أصيب بسهم في جبهته الشريفة...................... ١٦٥
١٥٣ ـ توزّع الأعداء على الحسين عليهالسلام
ثلاث فرق........................... ١٦٦
١٥٤ ـ خبر الّذي عزم على قتل الحسين عليهالسلام
بالرمح ، ثم امتنع................ ١٦٧
١٥٥ ـ شجاعة الحسين عليهالسلام
وإقدامه...................................... ١٦٧
١٥٦ ـ ما قاله (ابن يغوث) يصف حال
الحسين عليهالسلام
أثناء المعركة............. ١٦٧
حجر وسهم مسموم........................................................ ١٦٨
١٥٧ ـ ما قاله الحسين عليهالسلام
لما أتاه حجر فوقع على جبهته الشريفة ، ثم أتاه سهم مسموم فوقع في قلبه ١٦٨
١٥٨ ـ مالك بن النسر يضرب الحسين عليهالسلام
على رأسه فيقطع البرنس.......... ١٦٨
١٥٩ ـ نداء شمر (الأول) وتحريضه القوم.................................... ١٦٩
سقوط الحسين عليهالسلام
عن فرسه............................................... ١٦٩
ـ مدخل................................................................... ١٦٩
١٦٠ ـ لم يسقط الحسين عليهالسلام
عن جواده حتى صار جسمه من السهام كالقنفذ. ١٦٩
الحسين عليهالسلام
يقاتل على رجليه............................................ ١٧١
١٦١ ـ ما قاله الحسين عليهالسلام
لما أصبح يقاتل على رجليه....................... ١٧١
١٦٢ ـ شهادة محمّد بن أبي سعيد بن عقيل عليهالسلام............................ ١٧١
١٦٣ ـ شهادة الغلام عبد الله (الأصغر)
ابن الحسن عليهالسلام..................... ١٧٢
١٦٤ ـ مخاطبة زينب عليهالسلام
لعمر بن سعد................................... ١٧٣
١٦٥ ـ الذين اشتركوا في قتل الحسين عليهالسلام
بعد ضعفه........................ ١٧٤
١٦٦ ـ نداء شمر (الثاني) للإجهاز على
الحسين عليهالسلام......................... ١٧٤
١٦٧ ـ وصف هلال بن نافع للحسين عليهالسلام
وهو يجود بنفسه................. ١٧٥
١٦٨ ـ الحسين عليهالسلام
يطلب شربة ماء في آخر رمق من حياته.................. ١٧٥
١٦٩ ـ دعاؤه عليهالسلام
قبيل استشهاده........................................ ١٧٦
١٧٠ ـ ذهول القوم عن حزّ رأس الحسين
الشريف وهربهم منه................. ١٧٦
١٧١ ـ لا أحد يجرؤ على ذبح الحسين عليهالسلام................................ ١٧٧
١٧٢ ـ الإجهاز على الحسين عليهالسلام........................................ ١٧٧
١٧٣ ـ أشقى الأشقياء شمر بن ذي الجوشن
يحزّ الرأس الشريف................ ١٧٨
١٧٤ ـ عدد الجراحات التي أصابت جسم
الحسين عليهالسلام...................... ١٧٩
فرس الحسين عليهالسلام......................................................... ١٨٠
١٧٥ ـ ما فعله الفرس عند مصرع الحسين عليهالسلام............................. ١٨٠
١٧٦ ـ رجوع فرس الحسين إلى المخيّم ،
ورؤية زينب له....................... ١٨٠
١٧٧ ـ ما فعله الفرس بعد مقتل الحسين عليهالسلام............................... ١٨١
١٧٨ ـ ماذا كان يقول جواد الحسين في
صهيله؟............................. ١٨٢
١٧٩ ـ دم الحسين عليهالسلام
لا يعادله دم...................................... ١٨٢
١٨٠ ـ لماذا صارت مصيبة يوم عاشوراء
أعظم المصائب؟...................... ١٨٢
مناد من السماء ينعى الحسين عليهالسلام........................................... ١٨٣
١٨١ ـ مناد من السماء يتوعّد الأمة
الضالة عند قتل الحسين عليهالسلام............. ١٨٣
١٨٢ ـ مناد من السماء ينعى الحسين عليهالسلام................................. ١٨٣
١٨٣ ـ كم تتأخر الرؤيا؟................................................. ١٨٣
١٨٤ ـ جرائم وحشية لم يشهد لها مثيل..................................... ١٨٤
تحقيق من الّذي قتل الحسين عليهالسلام............................................ ١٨٤
١٨٥ ـ من الّذي باشر قتل الحسين عليهالسلام؟.................................. ١٨٤
١٨٦ ـ رأي بعض المحققين فيمن قتل الحسين
عليهالسلام........................... ١٨٦
تحقيق اليوم الّذي قتل فيه الحسين عليهالسلام..................................... ١٨٩
١٨٧ ـ في أيّ يوم قتل الحسين عليهالسلام....................................... ١٨٩
١٨٨ ـ الأشهر أن مقتل الحسين عليهالسلام
كان يوم الجمعة........................ ١٨٩
١٨٩ ـ التحقيق الفلكي ليوم مقتله الشريف................................. ١٩٠
الباب
السابع
حوادث
ما بعد الشهادة
ـ مقدمة الباب التاسع....................................................... ١٩٣
الفصل
الخامس والعشرون : (آيات كونية)
١٩٠ ـ ما حصل من الآيات الباهرة بعد
استشهاد الحسين عليهالسلام............... ١٩٧
١٩١ ـ معجزات صدرت عن سيد الشهداء عليهالسلام............................ ١٩٧
١٩٢ ـ أهوال يوم العاشر من المحرم......................................... ١٩٨
١٩٣ ـ حديث كعب الأحبار عن فداحة خطب
الحسين عليهالسلام................. ١٩٩
١٩٤ ـ سلمان الفارسي (رض) يؤكد حديث كعب
الأحبار.................... ٢٠٠
حوادث كونية غير عادية.................................................... ٢٠٠
١٩٥ ـ تغيّر مظاهر الكون لمقتل الحسين عليهالسلام............................... ٢٠٠
١٩٦ ـ غضب الدنيا لمصرع الإمام الحسين عليهالسلام
والصفوة المختارة.............. ٢٠٣
بكاء السماء............................................................... ٢٠٤
١٩٧ ـ اشتراك السماء بحمرة شفقها في
البكاء على الحسين عليهالسلام.............. ٢٠٤
١٩٨ ـ ماذا تعني حمرة السماء؟............................................ ٢٠٥
بكاء السماء والأرض....................................................... ٢٠٥
١٩٩ ـ بكاء السماء على المؤمن........................................... ٢٠٥
٢٠٠ ـ تفسير الآية : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ
وَالْأَرْضُ).................. ٢٠٦
٢٠١ ـ بكاء السماء والأرض لمقتل الحسين عليهالسلام............................. ٢٠٦
بكاء الملائكة والجن......................................................... ٢٠٧
٢٠٢ ـ بكاء الملائكة والجن على الحسين عليهالسلام............................... ٢٠٧
بكاء كل شيء لمقتل الحسين عليهالسلام............................................ ٢٠٧
٢٠٣ ـ بكاء جميع الكائنات على الحسين عليهالسلام.............................. ٢٠٧
٢٠٤ ـ بكاء كل ما خلق الله على الحسين عليهالسلام............................. ٢٠٨
٢٠٥ ـ بكاء كل شيء أربعين صباحا....................................... ٢٠٨
بكاء الحيوانات............................................................. ٢٠٩
٢٠٦ ـ قصة الطيور ونوحهم على الحسين عليهالسلام.............................. ٢٠٩
٢٠٧ ـ غراب ملطّخ بدم الحسين عليهالسلام
يقع في بيت فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام
في المدينة ، منبئا بمقتل الحسين عليهالسلام....................................................................... ٢٠٧
٢٠٨ ـ خبر فاطمة الصغرى عليهاالسلام
في المدينة................................. ٢١٠
بكاء النبات والشجر....................................................... ٢١١
٢٠٩ ـ خبر العوسجة المباركة.............................................. ٢١١
ـ العوسجة تحزن على أهل البيت عليهالسلام...................................... ٢١١
حزن السيدة أم سلمة (رض)................................................ ٢١٢
٢١٠ ـ حزن أم سلمة ومعجزة القارورة...................................... ٢١٢
٢١١ ـ إخبار أم سلمة بمقتل الحسين عليهالسلام.................................. ٢١٢
٢١٢ ـ رؤيا أم سلمة للنبي (ص) وعلى رأسه
ولحيته دم....................... ٢١٣
حزن النبي (ص)........................................................... ٢١٤
٢١٣ ـ رؤيا أم سلمة للنبي (ص) شاحبا
كئيبا................................ ٢١٤
٢١٤ ـ رؤيا ابن عباس للنبي (ص) وهو
يلتقط دم الحسين عليهالسلام................ ٢١٤
٢١٥ ـ رؤيا ابن عباس للنبي (ص) وبيده
قارورتان............................ ٢١٥
حزن فاطمة الزهراء عليهالسلام.................................................... ٢١٥
٢١٦ ـ بكاء فاطمة عليهالسلام
على الحسين عليهالسلام................................ ٢١٥
الفصل
السادس والعشرون : (حوادث بعد الشهادة)
٢١٧ ـ ترتيب الحوادث من ١٠ محرم إلى ٢٠
صفر سنة ٦١ ه................ ٢١٩
ـ (الشكل ٦) : مخطط توزع الحوادث من ١٠
محرم إلى ١٥ ربيع الأول سنة ٦١ ه ٢٢٠
حوادث بعد ظهر يوم العاشر من المحرم سلب
الحسين عليهالسلام....................... ٢٢٠
٢١٨ ـ سلب الحسين عليهالسلام............................................... ٢٢٠
٢١٩ ـ مأساة مروّعة وجرائم وحشية........................................ ٢٢١
٢٢٠ ـ العقاب الإلهي للذين سلبوا الحسين
عليهالسلام............................. ٢٢١
٢٢١ ـ قصة الّذي حاول سرقة تكّة الحسين عليهالسلام............................ ٢٢٢
٢٢٢ ـ قصة الجمّال اللعين الّذي حاول
سرقة تكّة الحسين عليهالسلام............... ٢٢٢
نهب الخيام................................................................ ٢٢٥
٢٢٣ ـ شمر يأمر بنهب خيام الحسين عليهالسلام
والورس والحلل والإبل............... ٢٢٥
٢٢٤ ـ عقوبة من سرق الجمال والزعفران من
خيام الحسين عليهالسلام............... ٢٢٥
سلب حرائر النبوة والإمامة................................................... ٢٢٥
٢٢٥ ـ سلب فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
قرطها وخرم أذنها..................... ٢٢٥
٢٢٦ ـ سلب فاطمة الصغرى عليهالسلام
خلخالها................................ ٢٢٦
٢٢٧ ـ سلب النساء الطاهرات............................................ ٢٢٦
٢٢٨ ـ جزاء خولي بن يزيد الأصبحي على
سلبه............................. ٢٢٧
٢٢٩ ـ امرأة من بني بكر بن وائل تنقلب
على عمر بن سعد ، وتدافع عن نساء أهل البيت عليهالسلام ٢٢٧
محاولة قتل زين العابدين عليهالسلام......................................... ٢٢٨
٢٣٠ ـ شمر يحاول قتل الإمام زين
العابدين عليهالسلام
، وحميد بن مسلم يتوسل إليه بعدم قتله ٢٢٨
٢٣١ ـ قصة الّذي حمى زين العابدين عليهالسلام
يوم الطف ، ثم أسلمه............. ٢٢٩
حرق الخيام................................................................ ٢٢٩
٢٣٢ ـ حرق خيام الحسين عليهالسلام........................................... ٢٢٩
٢٣٣ ـ إضرام النار بالخيام ، وخروج
النساء مذعورات......................... ٢٣٠
٢٣٤ ـ طفلان من أهل البيت عليهالسلام
يموتان من الذعر........................ ٢٣٠
٢٣٥ ـ سقي العيال والأطفال............................................. ٢٣٠
٢٣٦ ـ قتل ولدين من أولاد مسلم عليهالسلام.................................... ٢٣١
٢٣٧ ـ مصرع عاتكة بنت مسلم عليهالسلام
التي سحقت يوم الطف................ ٢٣١
٢٣٨ ـ بنتان للإمام الحسن عليهالسلام
تسحقان أثناء هجوم القوم على المخيم لسلبه.. ٢٣١
٢٣٩ ـ أين يقع مخيّم الحسين عليهالسلام......................................... ٢٣١
الناجون من القتل.......................................................... ٢٣٢
٢٤٠ ـ نجاة الإمام زين العابدين عليهالسلام
من القتل بأعجوبة...................... ٢٣٢
٢٤١ ـ البقية الباقية من أهل البيت
الطاهر عليهالسلام............................ ٢٣٢
٢٤٢ ـ خبر الحسن بن الحسن المثنى عليهالسلام................................... ٢٣٢
٢٤٣ ـ الذكور من أهل البيت عليهالسلام
الذين نجوا من القتل...................... ٢٣٣
٢٤٤ ـ الناجون من القتل من الأصحاب
والآل.............................. ٢٣٣
وطء الخيل لجسد الحسين عليهالسلام.............................................. ٢٣٤
٢٤٥ ـ وطء الخيل لجسد الحسين عليهالسلام
ورضّ صدره الشريف.................. ٢٣٤
جرائم لم يشهد لها مثيل..................................................... ٢٣٥
٢٤٦ ـ قتلوا الحسين عليهالسلام
بكل وسيلة ممكنة................................ ٢٣٥
٢٤٧ ـ الكافرون لم يفعلوا ما فعل أتباع
يزيد بالحسين عليهالسلام.................... ٢٣٦
٢٤٨ ـ فداحة مأساة الحسين عليهالسلام
وفظاعتها................................ ٢٣٦
تراجم وأنساب بعض قتلة الحسين عليهالسلام.................................... ٢٣٦
٢٤٨ ـ لا يقتل الحسين عليهالسلام
إلا ابن زنا.................................... ٢٣٦
٢٤٩ ـ (وَالَّذِي خَبُثَ لا
يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً)................................ ٢٣٦
٢٥٠ ـ نسب يزيد بن معاوية.............................................. ٢٣٧
٢٥١ ـ نسب زياد بن أبيه................................................ ٢٣٧
٢٥٢ ـ نسب عبيد الله بن زياد............................................ ٢٣٨
ـ [ترجمة عبيد الله بن زياد]................................................... ٢٣٨
٢٥٣ ـ نسب معاوية بن أبي سفيان........................................ ٢٣٩
٢٥٤ ـ أصل بني أميّة ليس من قريش....................................... ٢٤٠
٢٥٥ ـ نسب شمر بن ذي الجوشن الضبابي.................................. ٢٤٠
٢٥٦ ـ توثيق العجلي لابن سعد........................................... ٢٤٠
ـ [ترجمة عمر بن سعد]...................................................... ٢٤١
الفصل
السابع والعشرون : (تسيير الرؤوس والسبايا إلى الكوفة)
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٢٤٥
حوادث عشية اليوم العاشر من المحرم.......................................... ٢٤٧
٢٥٧ ـ ليلة بائسة حالكة يلفّها الحزن ويعتصرها
الأسى....................... ٢٤٧
٢٥٨ ـ حال السبايا مساء يوم عاشوراء..................................... ٢٤٧
٢٥٩ ـ نساء من؟ هؤلاء الذين يساقون
سبايا................................ ٢٤٨
٢٦٠ ـ النساء يتجمعن حول جسد أبي عبد
الله الحسين عليهالسلام................. ٢٤٨
٢٦١ ـ زينب عليهالسلام
تطلب من عمر بن سعد خيمة لإيواء النساء والأطفال....... ٢٤٨
٢٦٢ ـ الرباب تبحث عن طفلها الرضيع.................................... ٢٤٩
٢٦٣ ـ منظر يفطّر الفؤاد ويفتّ في
الأكباد................................. ٢٤٩
٢٦٤ ـ تسريح رأس الحسين عليهالسلام
إلى عبيد الله بن زياد في الكوفة.............. ٢٥٠
قطع الرؤوس وعدّها...................................................... ٢٥٠
٢٦٥ ـ قطع الرؤوس وإرسالها إلى الكوفة.................................... ٢٥٠
٢٦٦ ـ تحقيق حول عدد الرؤوس التي قطعت
وسيّرت إلى الكوفة............... ٢٥٠
٢٦٧ ـ اقتسام القبائل لرؤوس الشهداء (رض)............................... ٢٥١
٢٦٨ ـ قطع الرؤوس سمة وحشية اتخذها بنو
أمية ، ولا تجوز في الإسلام.......... ٣٢٤
حوادث اليوم الحادي عشر.................................................. ٢٥٢
٢٦٩ ـ دفن ابن سعد لقتلاه.............................................. ٢٥٢
٢٧٠ ـ عدد الذين قتلوا من جيش عمر بن
سعد............................. ٢٥٣
٢٧١ ـ كم كان عدد القتلى من الجانبين.................................... ٢٥٣
٢٧٢ ـ ما قالته زينب الصغرى عليهالسلام....................................... ٢٥٤
٢٧٣ ـ العدد المذكور لا يكافئ ما قتله
شخص واحد......................... ٢٥٤
٢٧٤ ـ كم قتل العباس عليهالسلام
قبل أن يقتل؟................................. ٢٥٤
٢٧٥ ـ عدد الذين قتلهم الحسين عليهالسلام..................................... ٢٥٤
٢٧٦ ـ الحسين عليهالسلام
وأصحابه قتلوا الآلاف من عسكر ابن سعد.............. ٢٥٥
الرحيل من كربلاء.......................................................... ٢٥٥
٢٧٧ ـ تسيير سبايا أهل البيت عليهالسلام
إلى الكوفة............................. ٢٥٥
٢٧٨ ـ النداء بالرحيل.................................................... ٢٥٥
٢٧٩ ـ إركاب النسوة على المطايا.......................................... ٢٥٦
٢٨٠ ـ أركبوهم على جمال بدون وطاء!..................................... ٢٥٦
٢٨١ ـ كيف أركبوا الإمام زين العابدين عليهالسلام................................ ٢٥٦
المرور على مصارع الشهداء عليهمالسلام............................................ ٢٥٧
٢٨٢ ـ المرور على مصرع الحسين عليهالسلام..................................... ٢٥٧
٢٨٣ ـ مرور السبايا على مصارع الشهداء عليهالسلام............................. ٢٥٧
٢٨٤ ـ زينب العقيلة تؤيّن الحسين عليهالسلام.................................... ٢٥٧
٢٨٥ ـ زينب عليهالسلام
تشاطر أخاها الحسين عليهالسلام
مسؤوليات النهضة............. ٢٥٨
٢٨٦ ـ ندب سكينة بنت الحسين عليهالسلام
لأبيها............................... ٢٥٩
٢٨٧ ـ مرور السبايا على مصارع الشهداء عليهالسلام
وما قالته أم كلثوم عليهالسلام........ ٢٥٩
٢٨٨ ـ زينب عليهالسلام
تطمئن زين العابدين عليهالسلام
بأن الله سيرسل من يدفن جثث الشهداء ٢٦٠
٢٨٩ ـ انفصال ركب السبايا من كربلاء.................................... ٢٦٠
تسيير رأس الحسين عليهالسلام
إلى الكوفة.......................................... ٢٦١
٢٩٠ ـ تسيير رأس الحسين عليهالسلام
مع خولي.................................. ٢٦١
٢٩١ ـ مسجد الحنّانة أول منزل نزل به
رأس الحسين عليهالسلام..................... ٢٦١
٢٩٢ ـ مبيت الرأس الشريف في دار خولي.................................. ٢٦١
حوادث
اليوم الثاني عشر من المحرم
٢٩٣ ـ دخول الرأس الشريف إلى الكوفة................................... ٢٦٢
٢٩٤ ـ خولي يطلب الجائزة من ابن زياد..................................... ٢٦٣
السبايا والرؤوس في الكوفة................................................... ٢٦٣
٢٩٥ ـ ورود السبايا والرؤوس على الكوفة................................... ٢٦٣
حوادث اليوم الثالث عشر من المحرم........................................... ٢٦٤
٢٩٦ ـ ابن زياد يعلن الأحكام العرفية في
الكوفة............................. ٢٦٤
٢٩٧ ـ وصف كيفية دخول الرؤوس والسبايا................................. ٢٦٤
٢٩٨ ـ دخول الرؤوس على الرماح......................................... ٢٦٥
٢٩٩ ـ دخول السبايا إلى الكوفة.......................................... ٢٦٥
٣٠٠ ـ خبر الّذي علّق رأس العباس الأصغر
بن علي عليهالسلام
في لبب فرسه........ ٢٦٥
٣٠١ ـ قصة الّذي حمل رأس حبيب بن مظاهر (رض)........................ ٢٦٦
٣٠٢ ـ كيفية دخول سبايا أهل البيت عليهالسلام
إلى الكوفة....................... ٢٦٦
٣٠٣ ـ شفقة نساء أهل الكوفة على السبايا................................ ٢٦٦
٣٠٤ ـ زين العابدين عليهالسلام
يقول لأهل الكوفة : قتلتمونا وتنوحون علينا؟!....... ٢٦٧
٣٠٥ ـ خبر مسلم الجصّاص.............................................. ٢٦٧
٣٠٦ ـ الصدقة محرّمة على أهل البيت عليهالسلام................................ ٢٦٨
٣٠٧ ـ صفة الرأس الشريف............................................... ٢٦٨
٣٠٨ ـ تأثّر زينب عليهالسلام
من رؤية رأس أخيها عليهالسلام........................... ٢٦٨
٣٠٩ ـ خطبة زينب الكبرى عليهالسلام
في أهل الكوفة............................ ٢٦٨
خطبة زينب العقيلة عليهاالسلام
في أهل الكوفة...................................... ٢٦٩
٣١٠ ـ خطبة فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام............................ ٢٧١
خطبة فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام...................................... ٢٧١
٣١١ ـ خطبة أم كلثوم بنت علي عليهالسلام..................................... ٢٧٣
خطبة أم كلثوم بنت علي عليهالسلام.............................................. ٢٧٣
٣١٢ ـ خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام
في أهل الكوفة....................... ٢٧٤
خطبة الإمام السجّاد عليهالسلام
في أهل الكوفة..................................... ٢٧٤
٣١٣ ـ وصف بشير بن حذلم للناس وهم حيارى............................ ٢٧٥
في قصر الإمارة............................................................ ٢٧٦
٣١٤ ـ كرامات للرأس الشريف تنذر ابن
زياد................................ ٢٧٦
٣١٥ ـ نار في قصر الإمارة تتلقى ابن
زياد لتحرقه............................ ٢٧٦
٣١٦ ـ إدخال رأس الحسين عليهالسلام
والسبايا على عبيد الله بن زياد بالكوفة........ ٢٧٦
٣١٧ ـ تشفّي ابن زياد من رأس الحسين عليهالسلام
وشماتته......................... ٢٧٧
٣١٨ ـ فظاعة منظر الرأس الشريف حين وضع
بين يدي ابن زياد ، وهو يضربه بالقضيب ٢٧٧
٣١٩ ـ جمال وجه الحسين عليهالسلام........................................... ٢٧٨
٣٢٠ ـ مجادلة زيد بن أرقم لعبيد الله بن
زياد................................. ٢٧٨
٣٢١ ـ محاورة زينب العقيلة عليهالسلام
مع ابن زياد................................ ٢٧٩
٣٢٢ ـ ملاسنة زين العابدين عليهالسلام
لابن زياد ، ومحاولة قتله.................... ٢٨٠
٣٢٣ ـ محاولة ابن زياد قتل زين العابدين
عليهالسلام
لو لا زينب عليهالسلام............... ٢٨١
٣٢٤ ـ ابن زياد يمثّل بالرأس الشريف
ويقوّره................................. ٢٨١
٣٢٥ ـ حمل زين العابدين والسبايا عليهالسلام
إلى السجن.......................... ٢٨٢
٣٢٦ ـ شماتة ابن زياد أمام أم كلثوم........................................ ٢٨٢
دفن الشهداء عليهالسلام......................................................... ٢٨٣
٣٢٧ ـ حال أجساد الشهداء المطهرة بعد
يوم عاشوراء........................ ٢٨٣
٣٢٨ ـ لا يلزم تغسيل الشهداء عليهالسلام....................................... ٢٨٤
٣٢٩ ـ دفن الأجساد الطاهرة............................................. ٢٨٤
٣٣٠ ـ لا يلي دفن الإمام إلا إمام مثله..................................... ٢٨٤
٣٣١ ـ دفن جسد الحسين عليهالسلام........................................... ٢٨٥
٣٣٢ ـ كيف دفن الإمام السجّاد جسد أبيه
الحسين عليهالسلام.................... ٢٨٦
٣٣٣ ـ دفن العباس عليهالسلام................................................. ٢٨٦
٣٣٤ ـ دفن بقية الشهداء عليهالسلام........................................... ٢٨٦
٣٣٥ ـ مواراة الحر بن يزيد (رض).......................................... ٢٨٧
٣٣٦ ـ رواية الشيخ المفيد عن دفن
الشهداء عليهالسلام............................ ٢٨٧
اليوم الرابع عشر من المحرم وما بعده........................................... ٢٨٨
٣٣٧ ـ الرباب زوجة الحسين عليهالسلام
تحتضن الرأس الشريف وتقبّله............... ٢٨٨
٣٣٨ ـ إحضار ابن زياد المختار الثقفي
ليفتخر أمامه بمقتل الحسين عليهالسلام........ ٢٨٨
نهاية عمر بن سعد......................................................... ٢٨٩
٣٣٩ ـ نهاية عمر بن سعد................................................ ٢٨٩
٣٤٠ ـ ندم عمر بن سعد حيث لا ينفع الندم............................... ٢٨٩
٣٤١ ـ مجادلة عبيد الله بن زياد مع عمر
بن سعد حول ملك الريّ.............. ٢٩٠
٣٤٢ ـ ابن زياد يتلاعب على عمر بن سعد
ويتنصّل من كتابه................. ٢٩٠
٣٤٣ ـ عمر بن سعد يرجع بخفّي حنين..................................... ٢٩٠
خبر عبد الله بن عفيف الأزدي.............................................. ٢٩١
٣٤٤ ـ مجابهة عبد الله بن عفيف الأزدي
لابن زياد........................... ٢٩١
٣٤٥ ـ مقتل الشهيد السعيد عبد الله بن
عفيف............................. ٢٩٢
٣٤٦ ـ إطلاق سراح النساء الأسرى غير
الهاشميات........................... ٢٩٣
٣٤٧ ـ تطويف رأس الحسين عليهالسلام
في سكك الكوفة......................... ٢٩٣
٣٤٨ ـ نصب الرؤوس بالكوفة............................................ ٢٩٣
كلام الرأس المقدس......................................................... ٢٩٤
ـ تعليق حول كلام الرأس المقدس وهو على
الرمح................................ ٢٩٤
٣٤٩ ـ تكلم الرأس الشريف في عدة مواضع................................. ٢٩٤
٣٥٠ ـ رأس الحسين عليهالسلام
يتلو من سورة الكهف............................. ٢٩٥
٣٥١ ـ حجر يقع في سجن السبايا ينبئهم
بأن مصيرهم إما القتل أو التسيير إلى يزيد ٢٩٦
٣٥٢ ـ كم مكثوا في السجن؟............................................. ٢٩٦
٣٥٣ ـ استجواب ابن زياد لعبيد الله بن
الحر الجعفي.......................... ٢٩٧
قصة ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام............................................ ٢٩٨
٣٥٤ ـ قصة الغلامين محمّد وإبراهيم عليهالسلام.................................. ٢٩٨
الرواية الأولى............................................................... ٢٩٩
٣٥٥ ـ قصة الغلامين ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام........................... ٢٩٩
الرواية الثانية............................................................... ٣٠٣
٣٥٦ ـ قصة الغلامين من أولاد مسلم بن
عقيل عليهالسلام........................ ٣٠٣
ـ صورة تمثل مصرع الغلامين محمّد
وإبراهيم ولدي مسلم بن عقيل عليهالسلام
في المسيّب.. ٣٠٦
وصول نعي الحسين عليهالسلام.................................................... ٣٠٩
٣٥٧ ـ ابن زياد يخبر الأمصار بمقتل الحسين
عليهالسلام............................ ٣٠٩
٣٥٨ ـ طغيان الأشدق وشماتته حين بلغه
مقتل الحسين عليهالسلام.................. ٣٠٩
٣٥٩ ـ خطبة عمرو بن سعيد يخبر فيها
الناس بمقتل الحسين عليهالسلام.............. ٣١٠
ـ [ترجمة عمرو بن سعيد الأشدق]............................................ ٣١٠
٣٦٠ ـ ندب أم لقمان (زينب الصغرى) بنت
عقيل.......................... ٣١١
٣٦١ ـ ما قاله عبد الله بن جعفر حين
بلغه مقتل الحسين عليهالسلام
ومصرع ولديه محمّد وعون ٣١١
٣٦٢ ـ ندب أم البنين لأولادها عليهالسلام...................................... ٣١١
٣٦٣ ـ ما قالته أم سلمة (رض) حين بلغها
خبر مقتل الحسين عليهالسلام............ ٣١٢
٣٦٤ ـ ما قاله الحسن البصري............................................ ٣١٣
٣٦٥ ـ ما قاله الربيع بن خيثم............................................. ٣١٣
٣٦٦ ـ خطبة عبد الله بن الزبير حين بلغه
مقتل الحسين عليهالسلام.................. ٣١٣
الباب
الثامن
مسير
الرؤوس والسبايا إلى الشام (ثم إلى المدينة)
الفصل
الثامن والعشرون : (مسير الرؤوس والسبايا إلى دمشق)
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٣١٩
كيف سيّروا الركب الحسيني إلى الشام......................................... ٣٢٠
٣٦٨ ـ يزيد يأمر بتسيير الرؤوس والسبايا
إلى الشام........................... ٣٢٠
٣٦٩ ـ إرسال الرؤوس والسبايا إلى الشام.................................... ٣٢١
٣٧٠ ـ مسير الرؤوس والسبايا إلى الشام.................................... ٣٢١
٣٧١ ـ من كان رئيس العسكر الذين سيّروا
الرؤوس والسبايا إلى الشام؟......... ٣٢٢
٣٧٢ ـ وصول رأس الحسين عليهالسلام
قبل غيره إلى دمشق مع رسالة............... ٣٢٢
٣٧٣ ـ كيف سيّروا السبايا على المطايا
إلى الشام؟........................... ٣٢٢
٣٧٤ ـ على أي شيء أركبوا السبايا عليهالسلام؟.................................. ٣٢٣
٣٧٥ ـ تخرّص ابن كثير!.................................................. ٤٢٣
٣٧٦ ـ كم استغرق الطريق إلى دمشق؟..................................... ٤٢٣
٣٧٧ ـ الهدف من سلوك الطريق الطويلة
الآهلة بالسكان هو التشهير بمقتل الحسين عليهالسلام ٤٢٣
بحث جغرافي حول نهر دجلة................................................. ٣٢٥
٣٧٨ ـ تعريف بنهر دجلة................................................ ٣٢٥
٣٧٩ ـ جدول الدجيل................................................... ٣٢٦
ـ (الشكل ٧) : مصور نهر الدّجيل........................................... ٣٢٦
تحقيق الطريق من الكوفة إلى دمشق........................................... ٣٢٦
٣٨٠ ـ تحقيق الطريق الّذي سلكته الرؤوس
والسبايا من الكوفة إلى الشام........ ٣٢٦
ـ (الشكل ٨) : مصور نهر دجلة والفرات
قديما................................. ٣٢٦
٣٨١ ـ المسافات من بغداد إلى الكوفة...................................... ٣٢٨
٣٨٢ ـ المسافات من بغداد إلى الموصل..................................... ٣٢٩
٣٨٣ ـ المسافات من الموصل إلى نصيبين.................................... ٣٢٩
٣٨٤ ـ الطريق التي تربط الموصل بدير
الزور (ثم حلب)........................ ٣٢٩
ـ طريق الجزيرة الطويل..................................................... ٣٣٠
٣٨٥ ـ المنازل من حلب إلى دمشق........................................ ٣٣٠
٣٨٦ ـ من أين سار الإمام علي عليهالسلام
من الكوفة إلى (صفّين)؟................ ٣٣١
٣٨٧ ـ الإمام علي عليهالسلام
يأمر معقل بن قيس بسلوك طريق الموصل إلى الرقة..... ٣٣١
ـ (الشكل ٩) : مسير جيوش الإمام علي عليهالسلام
من الكوفة إلى صفين.............. ٣٣٢
٣٨٨ ـ كيف سيّروا الرؤوس والسبايا من
أطول طريق مأهولة................... ٣٣٣
المنازل التي مرّ بها موكب الرؤوس
والسبايا....................................... ٣٣٤
٣٨٩ ـ المنازل التي مرت بها الرؤوس
والسبايا أثناء تسييرها من الكوفة إلى دمشق.. ٣٣٤
٣٩٠ ـ رواية (ينابيع المودة)............................................... ٣٣٥
٣٩١ ـ رواية (نور العين في مشهد الحسين).................................. ٣٣٥
٣٩٢ ـ رواية (صاحب القمقام)........................................... ٣٣٥
٣٩٣ ـ رواية (وسيلة الدارين).............................................. ٣٣٥
٣٩٤ ـ تحقيق المنازل التي مرّ بها ركب
الرؤوس والسبايا......................... ٣٣٥
ـ (الشكل ١٠) : مصور تفصيلي لمسير
الرؤوس والسبايا من الكوفة إلى دمشق...... ٣٣٦
ـ جدول بالمنازل التي مرّ بها ركب
الرؤوس والسبايا (٤٦ منزلا).................. ٣٣٨
بحث جغرافي تعريف بأشهر المواضع
والبلدان.................................... ٣٣٩
٣٩٤ ـ دير في الطريق.................................................... ٣٣٩
٣٩٥ ـ القادسية......................................................... ٣٣٩
٣٩٦ ـ الحصّاصة........................................................ ٣٤٠
٣٩٧ ـ قصر ابن هبيرة................................................... ٣٤٠
٣٩٨ ـ مسكن.......................................................... ٣٤٠
٣٩٩ ـ تكريت.......................................................... ٣٤٠
٤٠٠ ـ القرى بين تكريت والموصل......................................... ٣٤١
٤٠١ ـ الكحيل......................................................... ٣٤١
٤٠٢ ـ جهينة........................................................... ٣٤١
٤٠٣ ـ عسقلان........................................................ ٣٤١
٤٠٤ ـ الموصل.......................................................... ٣٤٢
٤٠٥ ـ تل أعفر (تلعفر)................................................. ٣٤٢
٤٠٦ ـ سنجار.......................................................... ٣٤٣
٤٠٧ ـ مزار السيدة زينب عليهالسلام
في سنجار.................................. ٣٤٣
٤٠٨ ـ نصيبين.......................................................... ٣٤٤
٤٠٩ ـ عين الورد (رأس العين)............................................ ٣٤٥
٤١٠ ـ حرّان............................................................ ٣٤٥
٤١١ ـ الرّقّة............................................................ ٣٤٥
٤١٢ ـ قلعة جعبر....................................................... ٣٤٦
٤١٣ ـ بالس (مسكنة).................................................. ٣٤٦
٤١٤ ـ كفر نوبة........................................................ ٣٤٦
٤١٥ ـ حلب........................................................... ٣٤٧
٤١٦ ـ جبل الجوشن غربي حلب.......................................... ٣٤٧
ـ (الشكل ١١) : مخطط مشهد الحسين عليهالسلام
ومشهد السقط محسن غربي حلب... ٣٥٠
مشهد السقط محسن عليهالسلام.................................................. ٣٥١
٤١٧ ـ مشهد السقط محسن في جبل الجوشن
غربي حلب..................... ٣٥١
مشهد النقطة.............................................................. ٣٥٢
٤١٨ ـ مشهد الرأس (أو مشهد النقطة).................................... ٣٥٢
مشهد الحسين عليهالسلام
وعمارته................................................ ٣٥٢
٤١٩ ـ عمارة مشهد الحسين عليهالسلام......................................... ٣٥٣
ـ أحوال مشهد الحسين عليهالسلام
أيام الدولة العثمانية............................ ٣٥٣
ـ كيف تدمّر بناء المشهد؟................................................. ٣٥٤
ـ عادات أهل حلب في شهر المحرم.......................................... ٣٥٤
٤٢٠ ـ قنّسرين.......................................................... ٣٥٥
٤٢١ ـ معرّة النعمان..................................................... ٣٥٥
٤٢٢ ـ كفرطاب......................................................... ٣٥٥
٤٢٣ ـ شيزر............................................................ ٣٥٥
٤٢٤ ـ جبل زين العابدين عليهالسلام
شمال حماة.................................. ٣٥٧
٤٢٥ ـ حمص........................................................... ٣٥٧
٤٢٦ ـ القصير.......................................................... ٣٥٨
٤٢٧ ـ جوسية.......................................................... ٣٥٨
ـ جبل الحسين........................................................... ٣٥٨
٤٢٨ ـ الهرمل........................................................... ٣٥٨
٤٢٩ ـ بعلبك........................................................... ٣٥٨
٤٣٠ ـ مزار خولة بنت الحسين عليهالسلام
في بعلبك.............................. ٣٥٩
بحث تاريخي المسير بالرؤوس والسبايا إلى
الشام................................. ٣٦٠
٤٣١ ـ الإعلام الأموي يشيع أن الحسين عليهالسلام
وأصحابه هم جماعة من الخوارج.. ٣٦٠
٤٣٢ ـ السبايا هم من آل محمّد (ص) فقط................................. ٣٦٠
٤٣٣ ـ لماذا عدلوا عن الطريق الأعظم؟..................................... ٣٦٠
٤٣٤ ـ من أين بدأ المسير؟............................................... ٣٦١
٤٣٥ ـ وضع الرأس الشريف في صندوق.................................... ٣٦١
ـ (الشكل ١٢) مصور بداية مسير السبايا
من الكوفة إلى مسكن................. ٣٦٢
(أول منزل خراب).......................................................... ٣٦٣
٤٣٦ ـ خروج يد من الحائط تكتب بالدم................................... ٣٦٣
(دير للنصارى)............................................................ ٣٦٤
٤٣٧ ـ بيت شعر مكتوب في الدير من القديم............................... ٣٦٤
٤٣٨ ـ ما حصل في دير للنصارى في الطريق................................ ٣٦٤
٤٣٩ ـ ما كتب على جدار كنيسة للروم من
ثلائمئة عام...................... ٣٦٥
٤٤٠ ـ قلم من حديد يكتب سطرا بالدم................................... ٣٦٥
قصر بني مقاتل............................................................ ٣٦٦
٤٤١ ـ نزولهم في قصر بني مقاتل ، والحرّ
على أشده.......................... ٣٦٦
القادسية.................................................................. ٣٦٦
٤٤٢ ـ ما أنشدته أم كلثوم عليهالسلام
عند وصولهم إلى القادسية................... ٣٦٦
شرقي الحصّاصة ـ قصر ابن هبيرة............................................. ٣٦٧
٤٤٣ ـ مرور السبايا شرقي الحصّاصة وخارج
الأنبار........................... ٣٦٧
جرايا ـ مسكن............................................................. ٣٦٧
تكريت................................................................... ٣٦٧
٤٤٤ ـ النصارى في تكريت يستنكرون قتل
الحسين وأهله عليهالسلام................ ٣٦٧
طريق البر................................................................. ٣٦٨
٤٤٥ ـ سلوك طريق البرية................................................. ٣٦٨
وادي النخلة............................................................... ٣٦٨
٤٤٦ ـ بكاء الجن على الحسين عليهالسلام
في وادي النخلة......................... ٣٦٨
أرميناء.................................................................... ٣٦٩
مرشاد.................................................................... ٣٦٩
٤٤٧ ـ العجائب في مرشاد............................................... ٣٦٩
لينا ـ برساباد............................................................... ٣٦٩
٤٤٨ ـ ما حصل في لينا (أو برساباد)...................................... ٣٦٩
الكحيل ـ جهينة............................................................ ٣٦٩
عسقلان.................................................................. ٣٦٩
٤٤٩ ـ خبر زرير الخزاعي في عسقلان...................................... ٣٦٩
الموصل.................................................................... ٣٧١
٤٥٠ ـ كرامة جديدة لرأس الحسين عليهالسلام
قرب الموصل........................ ٣٧١
تل أعفر ـ سنجار.......................................................... ٣٧٢
٤٥١ ـ في تل أعفر وسنجار.............................................. ٣٧٢
ـ (الشكل ١٣) : مسير السبايا من تل عفر
إلى سنجار إلى نصيبين............... ٣٧٣
نصيبين................................................................... ٣٧٣
٤٥٢ ـ مشهد النقطة في نصيبين........................................... ٣٧٣
كفر نوبا ـ عين الورد........................................................ ٣٧٤
٤٥٣ ـ في كفر نوبا ثم رأس العين.......................................... ٣٧٤
دعوات................................................................... ٣٧٤
٤٥٤ ـ في دعوات....................................................... ٣٧٤
٤٥٥ ـ قصة صاحب الدير............................................... ٣٧٥
ـ القسّيس يشهد نزول نساء الأنبياء
لتعزية الحسين عليهالسلام....................... ٣٧٥
ـ فاطمة الزهراء عليهالسلام
ترثي ابنها............................................ ٣٧٦
ـ صاحب الدير يكلّم الرأس الشريف والرأس
يكلّمه........................... ٣٧٦
ـ القسيس وتلامذته يسلمون على يد الإمام
زين العابدين عليهالسلام................. ٣٧٧
توضيح................................................................... ٣٧٧
٤٥٦ ـ ورود أهل البيت عليهالسلام
إلى مدينة حرّان............................... ٣٧٧
الرقّة...................................................................... ٣٧٨
٤٥٧ ـ في الرقّة.......................................................... ٣٧٨
دوسر ـ بالس.............................................................. ٣٧٩
٤٥٨ ـ مرور الرأس الشريف على دوسر ثم
بالس............................. ٣٧٩
حلب ـ جبل الجوشن........................................................ ٣٧٩
٤٥٩ ـ وصول الرؤوس والسبايا إلى حلب................................... ٣٧٩
٤٦٠ ـ في جبل الجوشن.................................................. ٣٨٠
قنّسرين................................................................... ٣٨٠
٤٦١ ـ البغاة في قنّسرين.................................................. ٣٨٠
٤٦٢ ـ راهب قنّسرين يكلّم الرأس الشريف عليهالسلام............................ ٣٨١
٤٦٣ ـ راهب قنّسرين يتولى الرأس الشريف
، ويعتنق الإسلام بسببه............ ٣٨١
معرّة النعمان............................................................... ٣٨٢
٤٦٤ ـ في معرة النعمان................................................... ٣٨٢
شيزر..................................................................... ٣٨٢
كفر طاب................................................................ ٣٨٢
٤٦٥ ـ في كفر طاب..................................................... ٣٨٣
سيبور.................................................................... ٣٨٣
٤٦٦ ـ قتال في سيبور.................................................... ٣٨٣
إلى حماة................................................................... ٣٨٣
٤٦٧ ـ المسير إلى حماة................................................... ٣٨٣
٤٦٨ ـ مسجد الحسين عليهالسلام
قرب حماة..................................... ٣٨٤
جبل زين العابدين.......................................................... ٣٨٤
ـ (الشكل ١٤) : مسير السبايا من معرة
النعمان إلى حماة مرورا بطيبة الإمام........ ٣٨٤
الرستن.................................................................... ٣٨٥
٤٦٩ ـ في الرستن........................................................ ٣٨٥
٤٧٠ ـ خبر درّة الصدفية من حلب........................................ ٣٨٥
حمص.................................................................... ٣٨٥
٤٧١ ـ مطاردة أهل حمص للأوغاد........................................ ٣٨٥
٤٧٢ ـ في كنيسة جرجيس الراهب في حمص................................ ٣٨٦
خندق الطعام.............................................................. ٣٨٦
٤٧٣ ـ في خندق الطعام.................................................. ٣٨٦
جوسية................................................................... ٣٨٦
٤٧٤ ـ في جوسية....................................................... ٣٨٦
اللبوة..................................................................... ٣٨٧
٤٧٥ ـ مرورهم باللبوة.................................................... ٣٨٧
بعلبك.................................................................... ٣٨٧
٤٧٦ ـ في بعلبك........................................................ ٣٨٧
صومعة الراهب............................................................ ٣٨٧
٤٧٧ ـ في صومعة الراهب................................................ ٣٨٧
٤٧٨ ـ (رواية مشابهة) خبر الرأس وصاحب
الدير............................ ٣٨٩
دير النصارى.............................................................. ٣٩٠
٤٧٩ ـ (رواية ثالثة) في دير النصارى....................................... ٣٩٠
ـ ما حصل للرأس الشريف في دير النصارى.................................. ٣٩٠
ـ ما فعل الراهب بالرأس الشريف........................................... ٣٩١
ـ الدنانير تنقلب خزفا..................................................... ٣٩٢
حجر قرب دمشق.......................................................... ٣٩٢
٤٨٠ ـ قصة حجر قرب دمشق........................................... ٣٩٢
٤٨١ ـ حال يزيد عند وصول البريد بمجيء
رأس الحسين عليهالسلام................. ٣٩٣
٤٨٢ ـ زحر بن قيس يقصّ على يزيد ما حدث
في كربلاء..................... ٣٩٣
ـ جملة تعليقات.......................................................... ٣٩٤
الفصل
التاسع والعشرون الرؤوس والسبايا في دمشق
٤٨٤ ـ توقيت الحوادث في دمشق......................................... ٤٠٣
ورود السبايا على دمشق.................................................... ٤٠٤
٤٨٥ ـ خولي يطلب من يزيد الخروج
لاستقباله............................... ٤٠٤
استقبال الرؤوس والسبايا خارج دمشق......................................... ٤٠٥
٤٨٦ ـ تزيين دمشق الشام................................................ ٤٠٥
٤٨٧ ـ استقبال أهل الشام للسبايا......................................... ٤٠٥
٤٨٨ ـ بقاء الرؤوس والسبايا ثلاثة أيام
خارج دمشق ريثما تقام مراسم الزينة لمهرجان النصر ٤٠٥
٤٨٩ ـ كيف استقبلهم أهل الشام......................................... ٤٠٦
٤٩٠ ـ عجوز على الروشن تضرب رأس الحسين عليهالسلام
بحجر................... ٤٠٦
٤٩١ ـ خبر العجوز أم هجّام.............................................. ٤٠٦
٤٩٢ ـ أم كلثوم تطلب من شمر تقديم
الرؤوس على السبايا ، ليشتغل الناس بها عن النظر إليهن ٤٠٧
ملف
: دمشق القديمة والمسجد الجامع
لمحة عن مدينة دمشق والمسجد الجامع....................................... ٤٠٨
١ ـ تاريخ مدينة دمشق...................................................... ٤٠٨
ـ دمشق العمورية......................................................... ٤٠٩
ـ (الشكل ١٥) : مخطط دمشق القديمة ـ
العمورية............................... ٤٠٩
ـ دمشق الآرامية ـ اليونانية ـ
الرومانية........................................... ٤١٠
ـ (الشكل ١٦) : مخطط دمشق القديمة ـ الرومانية............................... ٤١١
ـ دمشق البيزنطية........................................................ ٤١١
٢ ـ دمشق الاسلامية....................................................... ٤١٢
ـ قصر الخضراء............................................................. ٤١٢
ـ (الشكل ١٧) : سور المعبد وسور الحرم...................................... ٤١٢
ـ قصر يزيد............................................................. ٤١٣
ـ باب الساعات........................................................ ٤١٤١
٣ ـ أبواب دمشق العشرة................................................... ٤١٤١
ـ (الشكل ١٨) : مصور أبواب دمشق القديمة................................ ٤١٤١
ـ استمرارية الأبواب....................................................... ٤١٥
ـ أبواب دمشق الداخلية................................................... ٤١٥
٤ ـ المسجد الجامع.......................................................... ٤١٦
ـ مخطط المسجد الجامع................................................... ٤١٦
ـ المنارات والمآذن......................................................... ٤١٦
ـ (الشكل ١٩) : مخطط المسجد الجامع
وأبوابه وأقسامه المختلفة.................. ٤١٧
ـ القباب في الصحن...................................................... ٤١٨
ـ قاعات المسجد ومشاهده................................................ ٤١٨
حوادث أول يوم من صفر................................................... ٤١٩
دخول الرؤوس والسبايا دمشق................................................ ٤١٩
٤٩٣ ـ يوم دخول الرؤوس والسبايا إلى
دمشق............................... ٤١٩
٤٩٤ ـ عيد بعاصمة الخلافة الأموية........................................ ٤١٩
٤٩٥ ـ من أيّ الأبواب أدخلوا الرؤوس
والسبايا؟............................. ٤٢٠
من أي الأبواب أدخلوا الرؤوس والسبايا؟.................................... ٤٢٠
يورد الخوارزمي في مقتله روايتين............................................. ٤٢٠
المنتخب للطريحي........................................................ ٤٢٠
مقتل الحسين المنسوب لأبي مخنف......................................... ٤٢٠
ـ النتائج................................................................... ٤٢١
ـ جولة ميدانية في المنطقة.................................................. ٤٢٢
ـ الشكل (٢٠) : مخطط المسجد الجامع وقصر
يزيد والأبواب التي أوقفوا عندها الرؤوس والسبايا ٤٢٣
ـ تعليق حول باب الساعات............................................... ٤٢٣
٤٩٦ ـ تحديد الأبواب التي مرّت بها
الرؤوس والسبايا.......................... ٤٢٤
ـ باب توما.............................................................. ٤٢٤
ـ باب جيرون الداخلي.................................................... ٤٢٤
باب الفراديس........................................................... ٤٢٥
ـ استمرارية الأبواب في باب الفراديس....................................... ٤٢٥
ـ (الشكل ٢١) : مخطط لمنطقة باب
الفراديس ، يبيّن استمرارية الأبواب ، ومرقد رقية عليهالسلام ٤٢٧
باب الساعات هو باب الفراديس العمّوري..................................... ٤٢٨
ـ تعقيب على باب الساعات.............................................. ٤٢٩
ـ باب الخيزران........................................................... ٤٣٠
مسيرة الرؤوس والسبايا في دمشق............................................. ٤٣٠
٤٩٧ ـ مسيرة الرؤوس والسبايا خارج دمشق
وداخلها......................... ٤٣٠
ـ (الشكل ٢٢) : مخطط دمشق القديمة
والطريق الّذي أدخلوا منه السبايا........... ٤٣٢
مسيرة الرؤوس والسبايا داخل دمشق.......................................... ٤٣٣
٤٩٨ ـ الدخول من باب توما............................................. ٤٣٣
٤٩٩ ـ الوقوف عند باب جيرون الداخلي.................................. ٤٣٤
٥٠٠ ـ مسجد السّقط...................................................... ٤٣٤
٥٠١ ـ الفرخ الشمالي لباب جيرون الأوسط................................ ٤٣٥
ـ زيارة ميدانية للباب...................................................... ٤٣٦
استبشار يزيد.............................................................. ٤٣٦
٥٠٢ ـ استبشار يزيد بقدوم الرؤوس
والسبايا................................. ٤٣٦
٥٠٣ ـ مشاهدة يزيد لقدوم الرؤوس
والسبايا وهو على منظرة جيرون............ ٤٣٦
٥٠٤ ـ استقبال يزيد للسبايا والرؤوس....................................... ٤٣٧
ـ (الشكل ٢٣) : باب جيرون ومسجد السّقط
وقصر يزيد ومشهد رأس الحسين.... ٤٣٨
٥٠٥ ـ الوقوف عند باب الفراديس وباب
الساعات.......................... ٤٣٨
٥٠٦ ـ دخول الرؤوس والسبايا من باب
الساعات............................ ٤٣٩
٥٠٧ ـ سكينة عليهالسلام
توصي سهل بن سعد.................................. ٤٣٩
٥٠٨ ـ دخول الرايات وحملة الرؤوس........................................ ٤٤٠
٥٠٩ ـ وصف رأس الحسين عليهالسلام.......................................... ٤٤٠
٥١٠ ـ دخول الناس من باب الخيزران...................................... ٤٤١
الرأس الشريف يتكلم....................................................... ٤٤١
٥١١ ـ الرأس الشريف يتكلم في دمشق..................................... ٤٤٢
٥١٢ ـ تكلم الرأس الشريف عند باب
الفراديس............................. ٤٤٢
٥١٣ ـ النصارى في دمشق يحتشمون لأهل
البيت عليهالسلام
أكثر من أدعياء الإسلام ٤٤٢
خبر هند زوجة يزيد......................................................... ٤٤٣
٥١٤ ـ من هي هند؟.................................................... ٤٤٣
٥١٥ ـ خبر هند مع زينب العقيلة عليهالسلام.................................... ٤٤٣
عود على بدء الموكب يدخل دمشق........................................... ٤٤٥
٥١٦ ـ وصف موكب النصر.............................................. ٤٤٥
٥١٧ ـ إيقاف السبايا على درج المسجد
الجامع.............................. ٤٤٦
٥١٨ ـ إيقاف السبايا ثلاث ساعات قبل أن
يؤذن لهم بالدخول............... ٤٤٦
٥١٩ ـ الشيخ المغرّر به................................................... ٤٤٧
٥٢٠ ـ تزيين دار يزيد ونصب السرير له.................................... ٤٤٨
٥٢١ ـ دار الخضراء وقصر يزيد............................................ ٤٤٨
ـ (الشكل ٢٤) : دار الخضراء وقصر يزيد..................................... ٤٤٩
ـ تاريخ قصر يزيد........................................................ ٤٤٩
إدخال الرؤوس على يزيد.................................................... ٤٥٠
٥٢٢ ـ مدخل حول ترتيب الحوادث من الزوال
في اليوم الأول من صفر......... ٤٥٠
٥٢٣ ـ لؤم محفّر بن ثعلبة الأنصاري........................................ ٤٥١
٥٢٤ ـ إدخال حملة الرؤوس على يزيد...................................... ٤٥١
٥٢٥ ـ موقف مروان بن الحكم وأخيه عبد
الرحمن من أعمال يزيد.............. ٤٥١
٥٢٦ ـ حامل الرأس يشرح ليزيد ما حدث في
كربلاء.......................... ٤٥٢
٥٢٧ ـ استنكار هند بنت عبد الله لأعمال
زوجها يزيد....................... ٤٥٤
٥٢٨ ـ شمر يطلب الجائزة من يزيد......................................... ٤٥٥
إدخال السبايا على يزيد في مجلس عام........................................ ٤٥٥
٥٢٩ ـ علي بن الحسين عليهالسلام
أول من دخل................................. ٤٥٥
٥٣٠ ـ إدخال آل الرسول (ص) إلى مجلس
يزيد............................. ٤٥٥
٥٣١ ـ عدد الذكور الذين أدخلوا على يزيد................................. ٤٥٦
٥٣٢ ـ كيف أدخل السبايا على يزيد وهم
مربوطون بالحبال................... ٤٥٦
٥٣٣ ـ من الّذي غلب؟ يزيد أم الحسين عليهالسلام؟.............................. ٤٥٦
٥٣٤ ـ نساء يزيد يولولن عند دخول
السبايا................................ ٤٥٦
محاورة سكينة بنت الحسين عليهالسلام
ليزيد......................................... ٤٥٧
٥٣٥ ـ يزيد يتعرف على السبايا ويسأل عن
أسمائهن......................... ٤٥٧
٥٣٦ ـ تقريع سكينة ليزيد................................................ ٤٥٧
٥٣٧ ـ زين العابدين عليهالسلام
يستثير عطف يزيد على السبايا.................... ٤٥٨
إدخال الرأس المطهّر........................................................ ٤٥٨
٥٣٨ ـ إعداد الرأس الشريف.............................................. ٤٥٨
٥٣٩ ـ تسريح شعر الرأس الشريف ولحيته................................... ٤٥٨
٥٤٠ ـ يزيد يبدي اشمئزازه من رائحة رأس
الحسين عليهالسلام....................... ٤٥٩
٥٤١ ـ رائحة المسك تفوح من الرأس الشريف............................... ٤٥٩
٥٤٢ ـ يزيد يطلب إحضار الرأس الشريف بين
يديه.......................... ٤٥٩
٥٤٣ ـ ما فعلته زينب عليهاالسلام
لما رأت الرأس الشريف.......................... ٤٦٠
٥٤٤ ـ فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
تستنكر على يزيد فعله..................... ٤٦٠
٥٤٥ ـ سكينة عليهالسلام
تشهد على قساوة يزيد................................. ٤٦٠
٥٤٦ ـ يزيد يستنكر أن يكون الحسين وآله
أفضل من يزيد وآله................ ٤٦١
يزيد يضرب الرأس الشريف.................................................. ٤٦٢
٥٤٧ ـ يزيد يضرب بالقضيب ثغر الحسين عليهالسلام............................. ٤٦٢
٥٤٨ ـ يزيد يكسر ثنايا الحسين عليهالسلام
بالقضيب............................. ٤٦٢
٥٤٩ ـ شماتة يزيد........................................................ ٤٦٣
٥٥٠ ـ ما قاله يزيد حين وضع الرأس بين
يديه............................... ٤٦٣
٥٥١ ـ ما فعل يزيد بالرأس الشريف........................................ ٤٦٤
منكرون وناقمون........................................................... ٤٦٤
٥٥٢ ـ استنكار أبي برزة الأسلمي لعمل
يزيد................................ ٤٦٥
٥٥٣ ـ ملاسنة أبي برزة الأسلمي ليزيد..................................... ٤٦٥
٥٥٤ ـ استنكار سمرة بن جندب........................................... ٤٦٦
٥٥٥ ـ استنكار الحسن البصري لأعمال يزيد................................ ٤٦٦
الشعر الّذي تمثّل به يزيد.................................................... ٤٦٦
٥٥٦ ـ الأشعار التي تمثّل بها يزيد.......................................... ٤٦٦
٥٥٧ ـ يزيد يتمثل بأشعار عبد الله بن
الزبعرى المشرك........................ ٤٦٧
ـ قصيدة ابن الزبعرى المشرك التي قالها
بعد وقعة أحد.......................... ٤٦٧
ـ تحقيق الأبيات التي تمثّل بها يزيد........................................... ٤٦٨
يزيد مع الإمام السجّاد عليهالسلام................................................. ٤٦٩
٥٥٨ ـ ردّ الإمام زين العابدين عليهالسلام
على أشعار يزيد......................... ٤٦٩
٥٥٩ ـ يزيد يهمّ بقتل زين العابدين عليهالسلام................................... ٤٧٠
٥٦٠ ـ مجادلة زين العابدين عليهالسلام
مع يزيد في آية من القرآن................... ٤٧٠
٥٦١ ـ مجادلة الطفل محمّد الباقر عليهالسلام
ليزيد في محضر أبيه زين العابدين عليهالسلام... ٤٧١
٥٦٢ ـ مجادلة بين يزيد وزين العابدين عليهالسلام................................. ٤٧٢
خطبة زينب عليهالسلام
بالشام.................................................... ٤٧٣
٥٦٣ ـ خطبة العقيلة زينب عليهاالسلام
في مجلس يزيد في دمشق.................... ٤٧٣
الشامي مع فاطمة بنت الحسين عليهالسلام......................................... ٤٧٥
٥٦٤ ـ رجل أزرق أحمر من أهل الشام يطلب
فاطمة بنت الحسين عليهالسلام
جارية له ٤٧٥
٥٦٥ ـ زينب عليهالسلام
تشكك بإسلام يزيد.................................... ٤٧٥
٥٦٦ ـ الشامي يعاتب يزيد............................................... ٤٧٦
صلب الرؤوس............................................................. ٤٧٧
ـ مدخل................................................................... ٤٧٧
٥٦٧ ـ صلب الرأس المقدس............................................... ٤٧٧
٥٦٨ ـ استنكار هند بنت عمرو لصلب الرأس
الشريف...................... ٤٧٧
٥٦٩ ـ صلب رأس الحسين عليهالسلام
على منارة جامع دمشق..................... ٤٧٨
٥٧٠ ـ نصب رأس الحسين عليهالسلام
حيث نصب رأس يحيى عليهالسلام................ ٤٧٨
٥٧١ ـ خالد بن معدان يختفي في الشام.................................... ٤٧٨
حبس السبايا في الخربة...................................................... ٤٧٩
ـ تمهيد.................................................................... ٤٧٩
٥٧٢ ـ حبس السبايا في الخربة............................................. ٤٧٩
٥٧٣ ـ آل بيت الرسول (ص) في خربة بالشام............................... ٤٨٠
٥٧٤ ـ مدة إقامة السبايا في الحبس........................................ ٤٨١
اليوم الثاني من صفر........................................................ ٤٨١
٥٧٥ ـ إحضار السبايا إلى مجلس يزيد مرة
ثانية.............................. ٤٨١
اليوم الرابع من صفر........................................................ ٤٨٢
٥٧٦ ـ رؤيا سكينة بنت الحسين عليهالسلام
بدمشق.............................. ٤٨٢
٥٧٧ ـ يزيد يستشير النعمان بن بشير
الأنصاري............................. ٤٨٣
الأيام التالية............................................................... ٤٨٣
رؤيا الطفلة رقيّة عليهالسلام
ووفاتها................................................. ٤٨٣
ـ مصادر وفاة رقيّة بنت الحسين عليهالسلام....................................... ٤٨٤
٥٧٨ ـ الحسين عليهالسلام
مسافر.............................................. ٤٨٤
٥٧٩ ـ قصة رؤيا رقية عليهالسلام
ووفاتها......................................... ٤٨٤
مجالس الشراب............................................................. ٤٨٦
٥٨٠ ـ يزيد يشرب الفقّاع على رأس الحسين
عليهالسلام........................... ٤٨٦
٥٨١ ـ يزيد يلعب الشطرنج على رأس الحسين
عليهالسلام
استبشارا بنصره............ ٤٨٦
٥٨٢ ـ تجرؤات يزيد على الدين وأهله...................................... ٤٨٧
رأس الجالوت بن يهوذا...................................................... ٤٨٧
٥٨٣ ـ سؤال رأس الجالوت [رئيس اليهود]
ليزيد عن صاحب الرأس؟........... ٤٨٧
٥٨٤ ـ رأس الجالوت يستنكر على يزيد فعله................................ ٤٨٨
٥٨٥ ـ تعظيم اليهود لرأس الجالوت لأنه
من نسل داود عليهالسلام.................. ٤٨٨
٥٨٦ ـ حبر من أحبار اليهود ينتقد يزيد.................................... ٤٨٨
دخول جاثليق النصارى..................................................... ٤٨٩
٥٨٧ ـ قصة جاثليق النصارى............................................. ٤٨٩
رسول ملك الروم........................................................... ٤٩٠
٥٨٨ ـ سؤال رسول قيصر عن صاحب الرأس
الشريف....................... ٤٩٠
٥٨٩ ـ خبر رسول ملك الروم............................................. ٤٩١
٥٩٠ ـ حديث كنيسة الحافر.............................................. ٤٩١
ـ إسلام الرجل النصراني................................................... ٤٩٢
٥٩١ ـ قصة (عبد الوهاب) رسول ملك الروم
الّذي أسلم على يد النبي (ص) ورأى شفقته على الحسن والحسين عليهالسلام ٤٩٢
ـ وزير ملك الروم يقصّ ليزيد ما رآه في
حضرة النبي (ص)...................... ٤٩٢
يوم الجمعة الثامن من صفر.................................................. ٤٩٤
٥٩٢ ـ الخطيب الأموي الّذي اشترى مرضاة
المخلوق بسخط الخالق............ ٤٩٤
خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام
على منبر مسجد دمشق........................ ٤٩٥
٥٩٣ ـ خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام
على منبر دمشق...................... ٤٩٥
ـ قيام الأذان............................................................ ٤٩٧
٥٩٤ ـ إعداد دار جديدة لإقامة السبايا ،
مجاورة لدار يزيد.................... ٤٩٧
٥٩٥ ـ مكحول يسأل زين العابدين عليهالسلام
: كيف أمسيت؟................... ٤٩٨
٥٩٦ ـ قصة المنهال بن عمرو............................................. ٤٩٨
الإفراج عن السبايا.......................................................... ٤٩٩
٥٩٧ ـ يزيد يستشير أهل الشام ماذا يفعل
بالسبايا؟.......................... ٤٩٩
٥٩٨ ـ دخول السبايا على نساء يزيد في
داره................................ ٥٠٠
٥٩٩ ـ إنزال السبايا في دار تتصل بدار
يزيد................................. ٥٠٠
٦٠٠ ـ إقامة المآتم على الحسين عليهالسلام
في دار يزيد ثلاثة أيام................... ٥٠٠
٦٠١ ـ أسباب إطلاق سراح السبايا من
السجن............................. ٥٠١
٦٠٢ ـ خبر السّبحة..................................................... ٥٠٢
٦٠٣ ـ سبحة من تراب الحسين عليهالسلام...................................... ٥٠٢
اليوم التاسع من صفر إكرام يزيد للإمام
زين العابدين عليهالسلام....................... ٥٠٣
٦٠٤ ـ إنزال يزيد لزين العابدين عليهالسلام
في داره الخاصة......................... ٥٠٣
٦٠٥ ـ لماذا سمّى الحسين عليهالسلام
عدة من أولاده باسم علي؟.................... ٥٠٣
٦٠٦ ـ مبارزة بين عمرو بن الحسن عليهالسلام
وخالد بن يزيد....................... ٥٠٤
رؤيا عجيبة................................................................ ٥٠٥
٦٠٧ ـ كرامة لرأس الحسين عليهالسلام
في بيت يزيد............................... ٥٠٥
ـ نزول الملائكة والرسل لتعزية النبي (ص).................................... ٥٠٥
٦٠٨ ـ قصة الثقفي...................................................... ٥٠٦
٦٠٩ ـ قصة أسلم....................................................... ٥٠٨
ـ هند زوجة يزيد ترى النور ينبعث من
الرأس الشريف......................... ٥٠٨
ـ نزول الأنبياء من السماء................................................. ٥٠٩
رؤيا هند............................................................... ٥١٤
٦١٠ ـ رؤيا هند زوجة يزيد............................................... ٥١٤
٦١١ ـ السبايا يطلبن النواحة على الحسين
عليهالسلام
سبعة أيام.................... ٥١٤
٦١٢ ـ إقامة المأتم على الحسين عليهالسلام
سبعة أيام.............................. ٥١٥
٦١٣ ـ معاملة هند لسبايا أهل البيت عليهالسلام................................. ٥١٥
الحاجات الثلاث........................................................... ٥١٥
٦١٤ ـ الحاجات الثلاث التي وعد بها يزيد
الإمام زين العابدين عليهالسلام............ ٥١٥
٦١٥ ـ الرأس الشريف يكلّم ابنه زين
العابدين عليهالسلام.......................... ٥١٦
خوف يزيد من ازدياد المعارضة عليه........................................... ٥١٧
٦١٦ ـ نصيحة مروان بتسيير السبايا إلى
المدينة خشية النقمة المتزايدة عليه....... ٥١٧
٦١٧ ـ أهل الشام ينتبهون من غفلتهم
وينقمون على يزيد..................... ٥١٨
٦١٨ ـ من الّذي قتل الحسين عليهالسلام
حقا؟................................... ٥١٨
٦١٩ ـ ندم يزيد حيث لا ينفع الندم!...................................... ٥١٨
٦٢٠ ـ الدوافع الحقيقية لتغيير يزيد
معاملته مع زين العابدين عليهالسلام.............. ٥١٨
محاولة يزيد التنصّل من جريمته................................................ ٥٢٠
٦٢١ ـ غضب يزيد على ابن زياد لتغطية
جريمته............................. ٥٢٠
٦٢٢ ـ تنصّل يزيد من دم الحسين عليهالسلام
وترحّمه عليه.......................... ٥٢٠
٦٢٣ ـ قتل الحسين عليهالسلام
ثأر لقتلى بدر من الكفار.......................... ٥٢١
٦٢٤ ـ تنصّل يزيد....................................................... ٥٢١
٦٢٥ ـ تعليق مجلة العرفان................................................. ٥٢٢
٦٢٦ ـ كيفية حمل الرؤوس والسبايا إلى
الشام................................ ٥٢٣
ـ تعليق المؤلف........................................................... ٥٢٤
موقف يزيد من ابن زياد..................................................... ٥٢٥
٦٢٧ ـ حال ابن زياد بعد قتل الحسين عليهالسلام................................. ٥٢٥
٦٢٨ ـ يزيد الفاجر يزيد العطاء لجنوده
البواسل.............................. ٥٢٥
٦٢٩ ـ ندم يزيد على أفعاله............................................... ٥٢٥
٦٣٠ ـ موقف يزيد من عبيد الله بن زياد
أمام الناس.......................... ٥٢٥
ـ تعليق المؤلف........................................................... ٥٢٦
٦٣١ ـ الجريمة تلبس يزيد مهما حاول
اختلاق المبررات والأعذار................ ٥٢٦
٦٣٢ ـ يزيد هو الآمر الفعلي لقتل الحسين
عليهالسلام............................. ٥٢٧
حوادث تالية تسيير الرأس الشريف إلى
الأمصار................................ ٥٢٧
تسيير رأس الحسين عليهالسلام
إلى مصر............................................ ٥٢٧
٦٣٣ ـ تسيير الرأس الشريف إلى فلسطين
ومصر............................ ٥٢٧
٦٣٤ ـ بدعة وضع الحدوة للبركة........................................... ٥٢٨
٦٣٥ ـ دفن الرأس الشريف في عسقلان.................................... ٥٢٨
ـ تعريف بعسقلان....................................................... ٥٢٩
ـ (الشكل ٢٥) : عسقلان عروس الشام...................................... ٥٢٩
٦٣٦ ـ نقل الرأس الشريف من عسقلان إلى
القاهرة.......................... ٥٣٠
٦٣٧ ـ إقامة ذكرى الحسين عليهالسلام
في مصر.................................. ٥٣٠
٦٣٨ ـ تعصّب الإخشيديين على الشيعة في
مصر........................... ٥٣١
تسيير رأس الحسين عليهالسلام
إلى المدينة........................................... ٥٣١
٦٣٩ ـ تسيير رأس الحسين عليهالسلام
إلى المدينة المنورة ثم ردّه إلى دمشق............. ٥٣١
٦٤٠ ـ شماتة مروان بن الحكم............................................. ٥٣٢
٦٤١ ـ أحفاد الجناة في كربلاء............................................. ٥٣٣
٦٤٢ ـ تفاخر بعض أسر الشام بالمشاركة في
قتل الحسين عليهالسلام................. ٥٣٣
مدفن رأس الحسين عليهالسلام.................................................... ٥٣٣
٦٤٣ ـ أين دفن رأس الحسين عليهالسلام
بعد مسيرته الطويلة....................... ٥٣٣
٦٤٤ ـ رواية سبط ابن الجوزي............................................. ٥٣٤
٦٤٥ ـ تحقيق السيد محسن الأمين......................................... ٥٣٦
الرأس في دمشق............................................................ ٥٣٧
٦٤٦ ـ مدفن الرأس الشريف في دمشق..................................... ٥٣٧
٦٤٧ ـ تحقيق ابن كثير................................................... ٥٣٨
٦٤٨ ـ رواية الذهبي...................................................... ٥٣٨
في المدينة.................................................................. ٥٣٨
٦٤٩ ـ مدفن رأس الحسين عليهالسلام
في المدينة.................................. ٥٣٨
في الكوفة................................................................. ٥٣٩
٦٥٠ ـ تحقيق الفاضل الدربندي........................................... ٥٣٩
في عسقلان والقاهرة..................................................... ٥٣٩
٦٥١ ـ انتقال الرأس الشريف إلى عسقلان
ثم القاهرة......................... ٥٣٩
٦٥٢ ـ الجزم بأن الرأس الّذي كان في
عسقلان ليس رأس الحسين عليهالسلام......... ٥٤٠
في كربلاء................................................................. ٥٤١
٦٥٣ ـ مدفن الرأس الشريف في كربلاء..................................... ٥٤١
ـ النتيجة.................................................................. ٥٤١
٦٥٤ ـ دفن الرؤوس الشريفة.............................................. ٥٤٢
ـ روايات مستفيضة عند الإمامية بردّ رأس
الحسين عليهالسلام
إلى كربلاء.............. ٥٤٣
الفصل
الثلاثون : تسيير السبايا إلى المدينة
الفصل
الثلاثون السبايا إلى المدينة
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٥٤٧
٦٥٥ ـ ضغوط شديدة على يزيد........................................... ٥٤٨
الرحيل من دمشق إلى المدينة المنوّرة............................................ ٥٤٨
٦٥٦ ـ تسيير السبايا إلى المدينة........................................... ٥٤٨
٦٥٧ ـ استرضاء السبايا وإكرامهم......................................... ٥٤٩
٦٥٨ ـ يزيد ينتدب النعمان بن بشير
لإرجاع السبايا إلى المدينة................ ٥٤٩
٦٥٩ ـ رفض النعمان بن بشير لهدية زينب
وفاطمة بنتي علي عليهالسلام............. ٥٥٠
ردّ الرؤوس إلى كربلاء....................................................... ٥٥٠
٦٦٠ ـ مصير الرؤوس الشريفة............................................. ٥٥٠
٦٦١ ـ أخذ زين العابدين عليهالسلام
الرؤوس معه................................. ٥٥١
٦٦٢ ـ هل ردّ رأس الحسين عليهالسلام
إلى كربلاء يوم الأربعين؟.................... ٥٥١
زيارة الحسين عليهالسلام
في الأربعين................................................ ٥٥٢
٦٦٣ ـ رجوع السبايا إلى المدينة المنورة
مع الإمام زين العابدين عليهالسلام
ومرورهم على كربلاء...... ٥٥٢
ـ مرور السبايا على كربلاء يوم الأربعين...................................... ٥٥٢
٦٦٤ ـ زيارة جابر للقبر الشريف........................................... ٥٥٢
٦٦٥ ـ أول من زار قبر الحسين عليهالسلام....................................... ٥٥٤
ـ متى كانت زيارة جابر؟................................................... ٥٥٥
٦٦٦ ـ استبعاد أن يكون ورود السبايا في
٢٠ صفر من نفس العام............. ٥٥٥
ـ المخرج................................................................ ٥٥٦
٦٦٧ ـ تحقيق يوم الأربعين................................................ ٥٥٦
٦٦٨ ـ هل أعيد الرأس يوم الأربعين؟....................................... ٦٦٨
زيارة الأربعين.............................................................. ٥٥٨
٦٦٩ ـ فضل زيارة الأربعين................................................ ٥٥٨
ـ تعليق حول زيارة الأربعين................................................ ٥٥٩
حديث علامات المؤمن...................................................... ٥٦٠
٦٧٠ ـ زيارة الأربعين من علامات المؤمن
الخمسة............................. ٥٦٠
[شرح الحديث]............................................................ ٥٦٠
٦٧١ ـ التختّم باليمين................................................... ٥٦٠
٦٧٢ ـ صلاة إحدى وخمسين............................................. ٥٦١
٦٧٣ ـ الجهر ب (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).............................. ٥٦١
٦٧٤ ـ تعفير الجبين...................................................... ٥٦٢
٦٧٥ ـ زيارة الأربعين..................................................... ٥٦٢
خبر الرباب زوجة الحسين عليهالسلام............................................... ٥٦٣
٦٧٦ ـ وفاء الرباب لزوجها الحسين عليهالسلام.............................. ٥٦٣
٦٧٧ ـ محبة الحسين عليهالسلام
للرباب وإخلاصها له.............................. ٥٦٣
٦٧٨ ـ إقامة الرباب العزاء على الحسين عليهالسلام
سنة كاملة...................... ٥٦٤
ـ [ترجمة الرباب زوجة الحسين عليهالسلام]........................................... ٥٦٤
رجوع السبايا إلى المدينة المنوّرة................................................ ٥٦٥
٦٧٩ ـ ارتحال آل الرسول (ص) من كربلاء
إلى المدينة........................ ٥٦٥
٦٨٠ ـ بشير بن جذلم يدخل المدينة وينعى
الحسين عليهالسلام...................... ٥٦٥
٦٨١ ـ جارية تنوح على الحسين عليهالسلام...................................... ٥٦٥
خطبة زين العابدين عليهالسلام
في أهل المدينة....................................... ٥٦٦
٦٨٢ ـ خطبة الإمام زين العابدين عليهالسلام
في أهل المدينة........................ ٥٦٦
دخول المدينة.............................................................. ٥٦٧
٦٨٣ ـ حال المدينة عند دخول الإمام زين
العابدين عليهالسلام...................... ٥٦٧
٦٨٤ ـ نعي أم كلثوم عليهالسلام................................................ ٥٦٨
٦٨٥ ـ حال زينب العقيلة عليهالسلام........................................... ٥٦٩
٦٨٦ ـ منازل المدينة تنعى أهلها........................................... ٥٧٠
ندب الحسين عليهالسلام
في المدينة................................................ ٥٧٠
٦٨٧ ـ ندب الحسين عليهالسلام
في المدينة....................................... ٥٧٠
٦٨٨ ـ تعزية عبد الله بن جعفر (رض)..................................... ٥٧٠
٦٨٩ ـ خروج أم سلمة (رض) لاستقبال
السبايا............................. ٥٧١
٦٩٠ ـ ندب أم لقمان بنت عقيل (رض)................................... ٥٧١
٦٩١ ـ ندب فاطمة بنت عقيل (رض)..................................... ٥٧١
٦٩٢ ـ حزن وحداد الهاشميات............................................. ٥٧١
٦٩٣ ـ بكاء الإمام السجّاد عليهالسلام
على أبيه الحسين عليهالسلام
أربعين سنة........... ٥٧٢
٦٩٤ ـ حزن الإمام زين العابدين عليهالسلام
على أبيه............................. ٥٧٢
٦٩٥ ـ أول من رثى الحسين عليهالسلام
شعرا على قبره الشريف..................... ٥٧٣
٦٩٦ ـ قصيدة سليمان بن قتّة في رثاء
الحسين عليهالسلام.......................... ٥٧٣
الفصل
الحادي والثلاثون
مراقد
الحسين وأهل البيت عليهالسلام وتراجمهم
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٥٧٧
(١) ـ مرقد الإمام الحسين عليهالسلام
في كربلاء..................................... ٥٧٨
٦٩٧ ـ فضل قبر الحسين عليهالسلام............................................ ٥٧٨
٦٩٨ ـ تحديد موضع القبر الشريف........................................ ٥٧٨
زيارة الحسين عليهالسلام
وفضلها.................................................. ٥٧٨
٦٩٩ ـ زيارة الحسين عليهالسلام
من أحب الأعمال إلى الله......................... ٥٧٨
٧٠٠ ـ فضل من زار الحسين عليهالسلام
عارفا بحقه............................... ٥٧٨
٧٠١ ـ فضل زيارة الحسين عليهالسلام........................................... ٥٧٩
٧٠٢ ـ الإخلاص في زيارة الحسين عليهالسلام.................................... ٥٧٩
٧٠٣ ـ فضل زيارة الحسين عليهالسلام
وثوابها..................................... ٥٨٠
٧٠٤ ـ الإمام الصادق عليهالسلام
يستغفر لزوّار الحسين عليهالسلام...................... ٥٨١
٧٠٥ ـ قصة الّذي كان يقول بأن زيارة
الحسين عليهالسلام
بدعة ، ثم اهتدى......... ٥٨٢
فضل تربة الحسين عليهالسلام..................................................... ٥٨٤
٧٠٦ ـ فضل تربة الحسين عليهالسلام........................................... ٥٨٤
٧٠٧ ـ قصة سفير ملك الإفرنج الّذي ادّعى
العلم بكل شيء ، ثم أسلم ؛ وأن تربة الحسين عليهالسلام
من تراب الجنة ٥٨٤
٧٠٨ ـ فضل تربة الحسين عليهالسلام........................................... ٥٨٥
٧٠٩ ـ تربة الحسين عليهالسلام
شفاء من كل داء................................. ٥٨٥
٧١٠ ـ قصة الّذي برئ بأكل شيء من تربة
الحسين عليهالسلام.................... ٥٨٦
٧١١ ـ فضل السجود على التربة الحسينية.................................. ٥٨٦
٧١٢ ـ شرح حديث الحجب السبع........................................ ٥٨٨
٧١٣ ـ فضل السّبحة المصنوعة من تراب
الحسين عليهالسلام....................... ٥٨٨
٧١٤ ـ سرّ السجود على تربة الحمزة
والحسين عليهالسلام.......................... ٥٨٨
كربلاء والحائر الحسيني...................................................... ٥٩٠
٧١٥ ـ الحائر الحسيني.................................................... ٥٩٠
٧١٦ ـ فضيلة كربلاء.................................................... ٥٩٠
٧١٧ ـ كربلاء........................................................... ٥٩٠
٧١٨ ـ معنى الحائر....................................................... ٥٩١
٧١٩ ـ حدود الحائر الحسيني.............................................. ٥٩١
٧٢٠ ـ أقوال في حدّ الحائر الحسيني........................................ ٥٩٢
الحرم الحسيني.............................................................. ٥٩٣
٧٢١ ـ الحرم الحسيني..................................................... ٥٩٣
٧٢٢ ـ حدود الحرم...................................................... ٥٩٣
٧٢٣ ـ حرمة الحائر والحرم وفضلهما........................................ ٥٩٤
ـ (الشكل ٢٦) : مخطط الحائر الحسيني ـ حدوده
وأبوابه.......................... ٥٩٤
٧٢٤ ـ شرف بقعة الحسين عليهالسلام.......................................... ٥٩٥
مشهد الإمام الحسين عليهالسلام.................................................. ٥٩٥
٧٢٥ ـ وصف مشهد الإمام الحسين عليهالسلام
في كربلاء......................... ٥٩٥
ـ (الشكل ٢٧) : مقام الإمام الحسين عليهالسلام
ومراقد الشهداء حوله................. ٥٩٦
ـ (الشكل ٢٨) : باب الشهداء لمرقد
الإمام الحسين عليهالسلام
في كربلاء............... ٥٩٦
٧٢٦ ـ بعض الكتابات المنقوشة على قفص
مولانا الحسين عليهالسلام
في كربلاء...... ٥٩٧
(١) ـ الآيات القرآنية..................................................... ٥٩٨
(٢) ـ الأحاديث الشريفة................................................. ٥٩٩
(٣) ـ القصيدة الشعرية النونية............................................. ٥٩٩
عمارة قبر الحسين عليهالسلام..................................................... ٦٠٠
٧٢٧ ـ البناء على قبر الحسين عليهالسلام........................................ ٦٠٠
ـ (الشكل ٢٩) : المرقد المقدس للإمام
أبي عبد الله الحسين عليهالسلام
في كربلاء بالعراق.. ٦٠١
(العمارة الأولى)............................................................ ٦٠٢
٧٢٨ ـ العمارة الأولى للقبة الشريفة......................................... ٦٠٢
٧٢٩ ـ تهديم هارون الرشيد قبر الحسين عليهالسلام................................ ٧٩٢
(العمارة الثانية : عمارة المأمون).............................................. ٦٠٢
٧٣٠ ـ العمارة الثانية..................................................... ٦٠٢
٧٣١ ـ هدم المتوكل لقبر الحسين عليهالسلام...................................... ٦٠٢
٧٣٢ ـ ملوك بني العباس يهدمون قبر
الحسين عليهالسلام
عدة مرات................. ٦٠٣
٧٣٣ ـ أعمال المتوكل الانتقامية من أهل
البيت عليهالسلام......................... ٦٠٣
٧٣٤ ـ رائحة القبر الشريف دلّت على
القبر................................ ٦٠٤
٧٣٥ ـ قصة زيد المجنون ولقائه ببهلول
الكوفي................................ ٦٠٤
٧٣٦ ـ كان المتوكل من ألدّ أعداء أهل
البيت عليهالسلام........................... ٦٠٥
٧٣٧ ـ كيف قتل المتوكل على يد ابنه
المنتصر؟.............................. ٦٠٥
العمارة الثالثة : عمارة المنتصر................................................ ٦٠٦
٧٣٨ ـ العمارة الثالثة..................................................... ٦٠٦
(٢) ـ مشهد أبي الفضل العباس عليهالسلام......................................... ٦٠٦
٧٣٩ ـ مرقد أبي الفضل العباس عليهالسلام
في كربلاء.............................. ٦٠٦
٧٤٠ ـ وصف مشهد العباس عليهالسلام........................................ ٦٠٦
ـ (الشكل ٣٠) : المرقد المقدس لأبي
الفضل العباس عليهالسلام
في كربلاء............... ٦٠٨
(٣) ـ المشاهد المشرّفة لأهل البيت عليهالسلام
في مدينة دمشق..................... ٦٠٩
ـ مدخل................................................................... ٦٠٩
١ ـ مشهد رأس الحسين عليهالسلام................................................ ٦٠٩
٧٤١ ـ مدفن الرأس الشريف بدمشق....................................... ٦٠٩
٧٤٢ ـ مسجد الرأس.................................................... ٦١٠
ـ توضيح.................................................................. ٦١٠
٧٤٣ ـ المشاهد الأربعة في الجامع الأموي.................................... ٦١١
٧٤٤ ـ مشهد رأس الحسين عليهالسلام
في شرقي مسجد دمشق..................... ٦١٢
٧٤٥ ـ زيارة ميدانية...................................................... ٦١٢
٧٤٦ ـ مزار شعرة النبي (ص)............................................. ٦١٣
٧٤٧ ـ وصف مشهد رأس الحسين عليهالسلام
شرقي المسجد الأموي................ ٦١٣
ـ (الشكل ٣١) : مخطط مشهد رأس الحسين عليهالسلام.............................. ٦١٥
٧٤٨ ـ وصف معماري للمشاهد الثلاث
السابقة............................ ٦١٦
٢ ـ مرقد السيدة رقية عليهالسلام.................................................. ٦١٧
٧٤٩ ـ مرقد السيدة رقيّة بنت الحسين عليهالسلام................................. ٦١٧
٧٥٠ ـ ما كتب على جدار مسجد السيدة رقية
عليهالسلام........................ ٦١٨
٧٥١ ـ الكامل صاحب ميا فارقين......................................... ٦١٩
ـ وفاة الملك الكامل بن غازي صاحب
ميافارقين.............................. ٦١٩
عود إلى رقية عليهالسلام......................................................... ٦٢٠
٧٥٢ ـ قصة إصلاح قبر السيدة رقيّة عليهالسلام.................................. ٦٢٠
٧٥٣ ـ الرواية الرابعة في قصة تعمير قبر
السيدة رقية عليهالسلام
بدمشق.............. ٦٢٢
٧٥٤ ـ مرقد السيدة رقية عليهاالسلام
في مصر.................................... ٦٢٤
٧٥٥ ـ قفص مرقد رقيّة عليهالسلام............................................. ٦٢٤
٣ ـ مشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام.............................................. ٦٢٥
٧٥٦ ـ مشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام
في مقبرة باب الصغير بدمشق.............. ٦٢٥
٧٥٧ ـ تعمير مشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام.................................. ٦٢٦
ـ كرامة لمشهد رؤوس الشهداء عليهالسلام......................................... ٦٢٦
٧٥٨ ـ هل تفنى أجساد الأنبياء
والمعصومين عليهالسلام؟........................... ٦٢٨
٧٥٩ ـ قبور أهل البيت عليهالسلام
في باب الصغير............................... ٦٢٨
٤ ـ مقام السيدة سكينة بنت الحسين عليهالسلام.................................... ٦٢٩
٧٦٠ ـ مسجد سكينة عليهالسلام.............................................. ٦٢٩
٧٦١ ـ قبر سكينة عليهالسلام.................................................. ٦٢٩
تعليق ابن عساكر....................................................... ٦٢٩
٧٦٢ ـ وصف القبر المنسوب لسكينة في دمشق............................. ٦٣٠
٧٦٣ ـ من هي سكينة عليهاالسلام؟............................................ ٦٣١
ـ [ترجمة سكينة بنت الحسين عليهالسلام]........................................... ٦٣٢
٧٦٤ ـ زواج سكينة عليهالسلام
من مصعب بن الزبير.............................. ٦٣٣
٧٦٥ ـ جواب الحسين عليهالسلام
لابن أخيه الحسن المثنى عليهالسلام
حين طلب منه إحدى ابنتيه ٦٣٤
٧٦٦ ـ الخلط المتعمّد بين سكينة بنت
الحسين عليهالسلام
وسكينة بنت خالد الزبيرية.. ٦٣٤
٧٦٧ ـ الدفاع عن سكينة عليهالسلام........................................... ٦٣٥
ـ [ترجمة الزبير بن بكار]..................................................... ٦٣٦
٥ ـ مقام السيدة أم كلثوم بنت علي عليهالسلام..................................... ٦٣٧
٧٦٨ ـ من هي السيدة أم كلثوم عليهالسلام
التي حضرت كربلاء؟................... ٦٣٧
٧٦٩ ـ أمثلة على الخلط الكبير بين
الأخوات................................ ٦٣٧
٧٧٠ ـ أمثلة أخرى على الأخبار المتعارضة.................................. ٦٣٩
٧٧١ ـ وصف مسجد ومشهد سكينة وأم كلثوم
في الستات................... ٦٤٠
٧٧٢ ـ هل تزوّج عمر بأم كلثوم بنت فاطمة
الزهراء عليهالسلام؟.................... ٦٤٠
٦ ـ مقام فاطمة بنت الحسين عليهالسلام........................................... ٦٤٢
٧٧٣ ـ وصف مسجد مزار السيدة فاطمة بنت
الحسين عليهالسلام
في الستات....... ٦٤٢
ـ [ترجمة فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهالسلام]................................... ٦٤٣
٧ ـ مرقد السيدة زينب الكبرى عليهالسلام
«عقيلة بني هاشم»........................ ٦٤٤
٧٧٤ ـ زينب مصر...................................................... ٦٤٥
ـ مناقشة حول كتاب (أخبار الزينبات)
للعبيدلي.............................. ٦٤٥
٧٧٥ ـ زينب الشام...................................................... ٦٤٦
٧٧٦ ـ مرقد زينب عليهالسلام
براوية............................................ ٦٤٧
٧٧٧ ـ تحقيق الشيخ المازندراني............................................ ٦٤٨
٧٧٨ ـ تحقيق السيد أسد حيدر........................................... ٦٤٩
٧٧٩ ـ خبر المجاعة....................................................... ٦٥٠
٧٨٠ ـ السيدة زينب الموجودة في مصر ليست
زينب بنت علي عليهالسلام........... ٦٥٠
ضريح زينب العقيلة عليهالسلام
في راوية............................................ ٦٥١
٧٨١ ـ كرامة لزينب عليهالسلام
تهديها قفصا مكرما............................... ٦٥١
٧٨٢ ـ إهداء الصندوق العاجي........................................... ٦٥٢
ـ [ترجمة العقيلة زينب الكبرى عليهالسلام].......................................... ٦٥٢
٧٨٣ ـ ألقاب زينب الكبرى عليهالسلام......................................... ٦٥٤
٧٨٤ ـ مسجد السادات الزينبية بدمشق.................................... ٦٥٤
٧٨٥ ـ كيف استشهد حجر وأصحابه (رض)؟.............................. ٦٥٥
(٤) ـ مدفن الشريفات العلويات في مصر...................................... ٦٥٧
٧٨٦ ـ مشاهد أهل البيت عليهالسلام
عند جامع ابن طولون بالقاهرة............... ٦٥٧
٧٨٧ ـ مشاهد أهل البيت عليهالسلام
في القرّافة.................................. ٦٥٧
(٥) ـ سيرة الإمام علي بن الحسين عليهالسلام
«زين العابدين»...................... ٦٥٨
٧٨٨ ـ عبادة الإمام زين العابدين عليهالسلام..................................... ٦٥٨
٧٨٩ ـ والدة الإمام زين العابدين عليهالسلام..................................... ٦٥٩
ـ [ترجمة الإمام زين العابدين عليهالسلام]............................................ ٦٦٠
الفصل
الثاني والثلاثون : عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٦٦٥
صفة عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام.............................................. ٦٦٦
٧٩٠ ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
في الدنيا قبل الآخرة....................... ٦٦٦
٧٩١ ـ عقوبة قاتلي الحسين عليهالسلام
سريعة وشاملة............................. ٦٦٦
٧٩٢ ـ جزاء قتلة الحسين عليهالسلام
القتل في الدنيا أو المرض...................... ٦٦٧
٧٩٣ ـ العقاب بالجدري.................................................. ٦٦٧
٧٩٤ ـ عقاب قتلة الحسين عليهالسلام
شديد يوم القيامة........................... ٦٦٧
٧٩٥ ـ قاتل الحسين عليهالسلام
خالد في جهنم................................... ٦٦٧
٧٩٦ ـ عقوبة قاتل الحسين عليهالسلام.......................................... ٦٦٨
٧٩٧ ـ الله يغفر للأولين والآخرين ما
خلا قاتل الحسين عليهالسلام.................. ٦٦٨
٧٩٨ ـ عقوبة من يرضى عن قتل الحسين عليهالسلام
ـ قصة الّذي عمي.............. ٦٦٨
٧٩٩ ـ عقوبة من كثّر السواد على الحسين عليهالسلام............................. ٦٦٩
٨٠٠ ـ عقاب من يطعن في الحسين عليهالسلام................................... ٦٦٩
٨٠١ ـ الّذي عمي لمجرد أنه يهوى قتلة
الحسين عليهالسلام......................... ٦٧٠
٨٠٢ ـ قصة اسوداد وجه الّذي حمل رأس
العباس عليهالسلام....................... ٦٧٠
٨٠٣ ـ كيف يجوز قتل ذراري قتلة الحسين عليهالسلام
في الرجعة.................... ٦٧١
٨٠٤ ـ قصة الّذي احترق بالمصباح........................................ ٦٧١
٨٠٥ ـ خبر الّذي أنكر معاقبة الله لقتلة
الحسين عليهالسلام
وكيف مات بأسوأ ميتة.... ٦٧١
٨٠٦ ـ قصة الأخنس بن زيد وكيف احترق
فحما............................ ٦٧٢
مخاصمة النبي (ص) لقتلة الحسين عليهالسلام
يوم القيامة.............................. ٦٧٣
٨٠٧ ـ النبي (ص) يريد مخاصمة قتلة
الحسين عليهالسلام........................... ٦٧٣
٨٠٨ ـ حديث من يناصب العداء لأهل البيت عليهالسلام......................... ٦٧٣
٨٠٩ ـ مخاصمة قاتل الحسين عليهالسلام
يوم القيامة............................... ٦٧٣
٨١٠ ـ تعسا لأمة محمّد (ص) فيما قابلوه
به من قتل أبنائه.................... ٦٧٤
٨١١ ـ احفظوا النبي (ص) في أولاده ، كما
حفظ العبد الصالح في اليتيمين...... ٦٧٤
٨١٢ ـ حديث من قتل عصفورا........................................... ٦٧٤
٨١٣ ـ حديث من آذى شعرة مني......................................... ٦٧٤
٨١٤ ـ ثأر الحسين عليهالسلام
من قتلته أكبر من ثأر يحيى عليهالسلام.................... ٦٧٥
٨١٥ ـ كتاب عبد الملك بن مروان للحجاج
باجتناب دماء أهل البيت عليهالسلام
، ومكاشفة زين العابدين عليهالسلام
بذلك ٦٧٥
فاطمة عليهالسلام
تخاصم من قتل ابنها يوم القيامة................................... ٦٧٦
٨١٦ ـ عرض الحسين عليهالسلام
بلا رأس على أمه فاطمة عليهالسلام
يوم القيامة.......... ٦٧٦
٨١٧ ـ الحسين عليهالسلام
يقتل أعداءه جميعا.................................... ٦٧٦
٨١٨ ـ فاطمة عليهالسلام
تقول : إلهي احكم بيني وبين من قتل ولدي............... ٦٧٧
٨١٩ ـ حزن فاطمة الزهراء عليهالسلام
على ابنها الحسين عليهالسلام..................... ٦٧٧
نهاية بعض قتلة الحسين عليهالسلام................................................ ٦٧٨
٨٢٠ ـ نهاية سنان بن أنس النخعي........................................ ٦٧٨
٨٢١ ـ ثورة التوابين...................................................... ٦٧٨
٨٢٢ ـ ثورة المختار...................................................... ٦٧٨
٨٢٣ ـ مقتل بجدل بن سليم الكلبي........................................ ٦٧٩
٨٢٤ ـ مقتل سنان بن أنس النخعي........................................ ٦٧٩
٨٢٥ ـ مقتل خولي بن يزيد الأصبحي...................................... ٦٧٩
٨٢٦ ـ مقتل الذين رضّوا جسد الحسين عليهالسلام................................ ٦٧٩
٨٢٧ ـ مقتل عمر بن سعد............................................... ٦٧٩
٨٢٨ ـ قتل عبيد الله بن زياد.............................................. ٦٨٠
٨٢٩ ـ قتل الحصين بن نمير............................................... ٦٨١
٨٣٠ ـ دخول الحية في منخر عبيد الله بن
زياد............................... ٦٨١
٨٣١ ـ رأس ابن زياد بين يدي زين
العابدين عليهالسلام............................ ٦٨٢
ـ [ترجمة المختار بن أبي عبيد الثقفي].......................................... ٦٨٣
٨٣٢ ـ رأي أهل البيت عليهالسلام
في المختار.................................... ٦٨٣
٨٣٣ ـ مقتل المختار رحمهالله................................................. ٦٨٤
٨٣٤ ـ عجائب في قصر الإمارة بالكوفة.................................... ٦٨٤
ـ من تداعيات نهضة الحسين عليهالسلام......................................... ٦٨٥
الباب
التاسع
(جرائم
يزيد ونهايته)
الفصل
الثالث والثلاثون : (أعمال يزيد بعد كربلاء)
ـ مقدمة الفصل............................................................ ٦٨٩
٨٣٥ ـ عبد الله بن الزبير يدعو ابن عباس
إلى بيعته ، فيأبى.................... ٦٩٠
٨٣٦ ـ عداوة عبد الله بن الزبير لأهل
البيت عليهالسلام
ـ النبي (ص) يحتجم ، وابن الزبير يشرب دمه ٦٩٠
مراسلات ومناورات......................................................... ٦٩١
٨٣٧ ـ كتاب يزيد إلى ابن عباس ، يستميله
ضد ابن الزبير.................... ٦٩١
٨٣٨ ـ ردّ ابن عباس على كتاب يزيد....................................... ٦٩١
ـ أنسيت قتل الحسين عليهالسلام؟!................................................ ٦٩٢
ـ تعليق المؤلف........................................................... ٦٩٤
٨٣٩ ـ كتاب يزيد إلى محمّد بن الحنفية ،
واستشارة ابن الحنفية لابنيه عبد الله وجعفر ٦٩٤
٨٤٠ ـ مشاحنة بين عبد الله بن عمر ويزيد................................. ٦٩٥
٨٤١ ـ استنكار عبد الله بن عمر لأعمال
يزيد.............................. ٦٩٥
وقعة الحرّة................................................................. ٦٩٦
٨٤٢ ـ لماذا خلع أهل المدينة والي يزيد
وأنكروا بيعته؟......................... ٦٩٦
٨٤٣ ـ توصية يزيد لمسلم بن عقبة حين
أرسله إلى الحجاز..................... ٦٩٧
٨٤٤ ـ خبر وقعة الحرّة بالمدينة المنورة........................................ ٦٩٧
٨٤٥ ـ استشارة مسلم بن عقبة لمروان بن
الحكم لغزو المدينة................... ٦٩٨
٨٤٦ ـ معركة الحرّة نكسة للإسلام......................................... ٦٩٩
٨٤٧ ـ حصيلة وقعة الحرّة من القتلى....................................... ٦٩٩
ـ وخاض أهل المدينة بالدماء............................................... ٧٠٠
٨٤٨ ـ مثال من وحشية جنود يزيد بن
معاوية............................... ٧٠٠
محاصرة الكعبة وضربها بالمنجنيق.............................................. ٧٠٠
٨٤٩ ـ محاصرة الكعبة المشرفة............................................. ٧٠٠
٨٥٠ ـ ضلال ليس بعده ضلال........................................... ٧٠١
٨٥١ ـ ضرب الكعبة وحرقها.............................................. ٧٠١
٨٥٢ ـ نزول صاعقة على الذين أرادوا ضرب
الكعبة بالمنجنيق................. ٧٠٢
٨٥٣ ـ وصف حريق الكعبة............................................... ٧٠٢
٨٥٤ ـ ضرب الكعبة وهدمها............................................. ٧٠٢
هلاك الطاغية يزيد......................................................... ٧٠٣
٨٥٥ ـ هلاك يزيد بن معاوية.............................................. ٧٠٣
٨٥٦ ـ بعض صفات يزيد................................................ ٧٠٤
ـ قرود يزيد.............................................................. ٧٠٤
٨٥٧ ـ قصة عن كلب يزيد............................................... ٧٠٤
٨٥٨ ـ سبب هلاك يزيد................................................. ٧٠٥
٨٥٩ ـ حوّارين.......................................................... ٧٠٦
٨٦٠ ـ هلاك يزيد الملعون................................................. ٧٠٦
خلافة معاوية الثاني......................................................... ٧٠٨
٨٦١ ـ خلافة معاوية بن يزيد............................................. ٧٠٨
٨٦٢ ـ خبر عمر القوصي................................................ ٧٠٩
٨٦٣ ـ أيام معاوية الثاني ابن يزيد.......................................... ٧٠٩
٨٦٤ ـ ما قالته أم معاوية الصغير.......................................... ٧١٠
ـ [ترجمة معاوية الثاني]....................................................... ٧١٠
الفصل
الرابع والثلاثون : يزيد وأبوه في الميزان
ـ [ترجمة يزيد بن معاوية]..................................................... ٧١١
نسب يزيد................................................................ ٧١٢
٨٦٥ ـ مفارقات ومناقضات............................................... ٧١٢
٨٦٦ ـ نسب يزيد....................................................... ٧١٢
٨٦٧ ـ ولادة يزيد من سفاح.............................................. ٧١٣
٨٦٨ ـ أنساب بني أمية ، وأنهم ليسوا من
قريش............................. ٧١٤
الملامح الهاشمية والأحقاد الأموية.............................................. ٧١٤
٨٦٩ ـ التفاضل بين بني هاشم وبني أمية.................................... ٧١٤
٨٧٠ ـ ما فعلت هند أم معاوية بالحمزة عليهالسلام
وكبده في أحد................... ٧١٥
٨٧١ ـ الملامح الهاشمية................................................... ٧١٦
٨٧٢ ـ الملامح الأموية................................................... ٧١٦
ـ ما قيمتنا اليوم؟......................................................... ٧١٧
٨٧٣ ـ ما هو السبب الحقيقي لقتل يزيد
للإمام الحسين عليهالسلام؟................ ٧١٧
٨٧٤ ـ مقارنة بين أعمال بني أمية وبني
هاشم............................... ٧١٨
٨٧٥ ـ رؤيا الشيخ نصر الله ، وأبيات
الشاعر الحيص بيص................... ٧١٩
٨٧٦ ـ لا مقارنة بين الإمام الحسين عليهالسلام
والطاغية يزيد....................... ٧١٩
٨٧٧ ـ التقابل بين الحسين عليهالسلام
ويزيد ، تقابل النقيضين..................... ٧٢٠
كفر يزيد وارتداده....................................................... ٧١٢
٨٧٨ ـ ما حكاه عبد الله بن عمر عن
معاوية ويزيد........................... ٧٢١
٨٧٩ ـ كفر يزيد وارتداده عن الإسلام...................................... ٧٢١
ـ شهادة ابن عقدة....................................................... ٧٢١
ـ شهادة أبي يعلى........................................................ ٧٢٢
ـ شهادة الزهري.......................................................... ٧٢٢
٨٨٠ ـ صبّ يزيد الخمر على رأس الحسين عليهالسلام............................. ٧٢٢
٨٨١ ـ رأي عمر بن عبد العزيز في يزيد.................................... ٧٢٣
٨٨٢ ـ رأي عبد الملك بن مروان بمن قبله................................... ٧٢٣
٨٨٣ ـ رأي ابن حجر في كفر يزيد......................................... ٧٢٣
٨٨٤ ـ رأي عبد الباقي العمري وحكمه بكفر
يزيد........................... ٧٢٣
٨٨٥ ـ آراء علماء السنة في يزيد ولعنه...................................... ٧٢٣
ـ رأي التفتازاني في لعن يزيد................................................ ٧٢٤
ـ رأي الحافظ ابن عساكر................................................. ٧٢٤
ـ رأي الحافظ الذهبي..................................................... ٧٢٤
ـ رأي الكيا الهراسي...................................................... ٧٢٥
ـ رأي الغزّالي............................................................ ٧٢٥
ـ رأي اليافعي............................................................ ٧٢٥
لعن يزيد وسبّه............................................................. ٧٢٥
٨٨٦ ـ كفر يزيد ولعنه................................................... ٧٢٥
٨٨٧ ـ هل يزيد من الصحابة ، وهل يجوز
لعنه؟............................. ٧٢٦
رأي ابن الجوزي وأحمد بن حنبل.............................................. ٧٢٧
٨٨٨ ـ هل يجوز لعن يزيد؟............................................... ٧٢٧
ـ كيف أجاز الله لعن يزيد في القرآن؟....................................... ٧٢٧
٨٨٩ ـ رأي أحمد بن حنبل............................................... ٧٢٧
٨٩٠ ـ من أخاف أهل المدينة ملعون....................................... ٧٢٨
٨٩١ ـ رأي أبي الفرج عبد الرحمن بن
الجوزي في لعن يزيد..................... ٧٢٨
٨٩٢ ـ رأي الفاضل الدربندي............................................. ٧٢٩
ـ مناوشة ظريفة للفاضل الدربندي.......................................... ٧٢٩
قبر يزيد ومعاوية............................................................ ٧٣١
٨٩٣ ـ انطماس قبور الظالمين وذكرهم...................................... ٧٣١
٨٩٤ ـ قبر يزيد......................................................... ٧٣١
ـ حرق عظام بني أمية وعظم يزيد........................................... ٧٣٢
٨٩٥ ـ قبر معاوية في دمشق.............................................. ٧٣٣
٨٩٦ ـ قبر معاوية في النقّاشات............................................ ٧٣٣
٨٩٧ ـ قبر معاوية الثاني في الباب
الصغير................................... ٧٣٤
٨٩٨ ـ وصف قبر معاوية بن أبي سفيان في
النقّاشات........................ ٧٣٤
٨٩٩ ـ زيارة الشاعر محمّد المجذوب لقبر
أمير المؤمنين عليهالسلام
ثم لقبر معاوية وقصيدته الدالية في ذلك ٧٣٥
مظاهر العدل الإلهي........................................................ ٧٣٨
٩٠٠ ـ العدل الإلهي في مصير الحسين عليهالسلام
ومصير أعدائه.................... ٧٣٨
ـ العناية الإلهية بأهل البيت عليهالسلام........................................... ٧٣٨
ـ شتان بين الذهب والرغام!............................................... ٧٣٨
٩٠١ ـ العاقبة للمتقين...................................................... ٧٣٨
العبرة في المصير............................................................ ٧٣٩
٩٠٢ ـ الحسين عليهالسلام
إمام الشاهدين....................................... ٧٣٩
ـ العبرة في المصير ، والخلود للحسين عليهالسلام................................... ٧٣٩
٩٠٣ ـ خفقة النشيد الأخيرة.............................................. ٧٤٠
فهارس
الجزء الثاني من الموسوعة
١ ـ فهرس الأشكال والخرائط................................................. ٧٤٥
٢ ـ تعريف ببعض المواقع والبلدان............................................. ٧٤٧
٣ ـ فهرس تراجم الشخصيات الهامة........................................... ٧٥٠
٤ ـ الفهرس العام........................................................... ٧٥٣
|