• الفهرس
  • عدد النتائج:

استكمل الله بقاءه ، نظرا فى خيار الأمور لي ، وحرصا على سياقها إلىّ ، وأفضل ما عسيت أستعد له بعد إسلامى المرأة الصالحة ، وقد كان ما تحدث به من فضل جمال أرينب بنت اسحاق وكمال أدبها ما قد سطع وشاع فى الناس ، فوقع منّى بموقع الهوى فيها ، والرغبة فى نكاحها.

فرجوت أن لا تدع حسن النظر لى فى أمرها ، فتركت ذلك حتّى استنكحها بعلها ، فلم يزل ما وقع فى خلدى ينمو ويعظم فى صدرى ، حتّى عيل صبرى ، فبحت بسرى ، فكان مما ذكرت تقصيرك فى أمرى ، فالله يجزيك أفضل من سؤالى وذكرى ، فقال له معاوية : مهلا يا يزيد ، فقال : علام تأمرنى بالمهل وقد انقطع منها الأمل؟ فقال له معاوية فأين حجاك ومروءتك وتقاك؟ فقال يزيد : قد يغلب الهوى على الصبر والحجا ولو كان أحد ينتفع فيما يبتلى به من الهوى يتّقاه ، أو يدفع ما أقصده بحجاه ، لكان أولى الناس بالصبر داود عليه‌السلام ، وقد أخبرك القرآن بأمره.

فقال معاوية : فما منعك قبل الفوت من ذكره؟ قال ما كنت أعرفه ، وأثق به من جميل نظرك ، قال : صدقت ، ولكن اكتم يا بنىّ أمرك بحلمك ، واستعن بالله على غلبة هواك بصبرك ، فإن البوح به غير نافعك ، والله بالغ أمره ، ولا بدّ ممّا هو كائن.

كانت أرينب بنت إسحاق مثلا فى أهل زمانها فى جمالها ، وتمام كمالها وشرفها ، وكثرة مالها ، فتزوجها رجل من بنى عمها يقال له عبد الله بن سلام من قريش ، وكان من معاوية بالمنزلة الرفيعة فى الفضل. ووقع أمر يزيد من معاوية موقعا ملأه همّا ، وأوسعه غما ، فأخذ فى الحيلة والنظر أن يصل إليها ، وكيف يجمع بينه وبينها حتى يبلغ رضا يزيد فيها. فكتب معاوية إلى عبد الله بن سلام ، وكان قد استعمله على العراق ، أن أقبل حين تنظر فى كتابى هذا ، لأمر حظك فيه كامل ، ولا تتأخر عنه ، فأعد المصير والإقبال. وكان عند معاوية بالشام أبو هريرة و