• الفهرس
  • عدد النتائج:

١٢٤٧ ـ وصمّ صلاب ما يقين من الوجى

كأنّ مكان الرّدف منه على رال (١)

أي : ليس بهن وجى ، فيشتكين من أجله ؛ وقال الأعشى : [البسيط]

١٢٤٨ ـ لا يغمز السّاق من أين ولا وصب

ولا يعضّ على شرسوفه الصّفر (٢)

معناه : ليس بساقه أين ، ولا وصب ؛ فيغمزها.

وقال الفراء (٣) قريبا منه ، فإنه قال : «نفى الإلحاف عنهم ، وهو يريد جميع وجوه السؤال ؛ كما تقول في الكلام : «قلّ ما رأيت مثل هذا الرجل» ولعلك لم تر قليلا ، ولا كثيرا من أشباهه».

وجعل أبو بكر الآية الكريمة عند بعضهم من باب حذف المعطوف ، وأن التقدير : لا يسألون الناس إلحافا ، ولا غير إلحاف ، كقوله تعالى : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) [النحل : ٨١] ، أي : والبرد.

وقال بعضهم (٤) : إنّ السائل الملحف الملح ، هو الذي يستخرج المال بكثرة تلطّفه ، فقوله : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) أي : لا يسألون الناس بالرّفق ، والتّلطّف ، وإذا لم يوجد السؤال على هذا الوجه ، فبأن لا يوجد على وجه العنف أولى.

وذكر ابن الخطيب ـ رحمه‌الله ـ فيها ثلاثة أوجه أخر :

أحدها : أنه ليس المقصود من قوله : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) وصفهم بأنهم لا يسألون الناس إلحافا ؛ لأنه تعالى وصفهم قبل ذلك بالتعفّف ، وإذا علم أنهم لا يسألون ألبتة ، قد علم ـ أيضا ـ أنهم لا يسألون الناس إلحافا ، بل المراد التّنبيه على سوء طريقة من يسأل الناس إلحافا ، مثاله : إذا حضر عندك رجلان : أحدهما عاقل ، وقور ثابت ، والآخر طيّاش مهذار سفيه ، فإذا أردت أن تمدح أحدهما ، وتعرض بالآخر ، قلت : فلان ، رجل عاقل وقور قليل الكلام ، لا يخوض في الترّهات ، ولا يشرع في السفاهات ، ولم يكن غرضك من قولك : لا يخوض في التّرّهات ، والسفاهات ، وصفه بذلك ؛ لأن ما تقدم من الأوصاف الحسنة يغني عن ذلك ؛ بل غرضك التنبيه على مذمّة الثاني ؛ فكذا هاهنا قوله : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) بعد قوله : (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) الغرض منه التنبيه على مذمّة من يسأل الناس إلحافا.

وثانيها : أنه تعالى بيّن فيما تقدّم شدّة حاجة هؤلاء الفقراء ومن اشتدت حاجته ، فإنه لا يمكنه ترك السؤال ؛ إلّا بإلحاح شديد منه على نفسه ، فقوله : (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً)

__________________

(١) ينظر : ديوانه (٣٦) ، الدر المصون ١ / ٦٥٨.

(٢) ينظر : مفردات الراغب (٣٠١) ، الدر المصون ١ / ٦٥٩.

(٣) ينظر : معاني القرآن للفراء ١ / ١٨١.

(٤) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٦ / ٧٢.