• الفهرس
  • عدد النتائج:

له سبعمائة حسنة ، ثمّ قال (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) يعني على سبعمائة ، فيكون مثل المتصدق مثل الزّارع ، إن كان حاذقا في عمله فيكون البذر جيّدا ، وتكون الأرض عامرة يكون الزرع أكثر ، فكذلك المتصدق إذا كان صالحا ، والمال طيّبا ، ويضعه موضعه ، فيصير الثواب أكثر.

فإن قيل : لم نر سنبلة فيها مائة حبّة ، فكيف ضرب المثل بها؟

فالجواب (١) : قال القفّال : المقصود أنه لو علم طالب الزيادة والرّبح أنّه إذا بذر حبّة واحدة ، أخرجت له سبعمائة حبة ما كان ينبغي له ترك ذلك ، فكذلك ينبغي لطالب الآخرة والأجر عند الله ألّا يتركه إذا علم أنه يحصل له على الواحدة عشرة ومائة وسبعمائة ، وإذا كان المراد منه هذا المعنى فسواء وجدت هذه السنبلة ، أو لم توجد ، فإنّ المعنى حاصل مستقيم. وقيل : وجد ذلك في الدّخن.

«والله يضاعف لمن يشاء».

قيل : معناه يضاعف هذه المضاعفة لمن يشاء.

وقيل يضاعف على هذا ، ويزيد لمن يشاء ، ما بين سبع إلى سبعين ، إلى سبعمائة ، إلى ما شاء الله من الأضعاف ، مما لا يعلمه إلا الله تعالى. (وَاللهُ واسِعٌ) أي : القدرة على سبيل المجازاة على الجود ، والإفضال عليهم بنية من ينفق ماله.

فصل في الاستدلال بالآية على فضل الزراعة

قال القرطبيّ (٢) : دلّت هذه الآية على أنّ حرفة الزّرع من أعلى الحرف ، التي يتخذها الناس ، والمكاسب التي يشتغل بها العمّال ، ولذلك ضرب الله به المثل وقال ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «ما من مسلم يغرس غرسا ، أو يزرع زرعا فتأكل منه الطّير ، أو إنسان ، أو بهيمة ، إلّا كان له صدقة» (٣) رواه مسلم.

وروى الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت ـ : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : «التمسوا الرّزق في خبايا الأرض» (٤) ، يعني : الزّرع ، والزّراعة من فروض الكفايات ،

__________________

(١) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٧ / ٣٩.

(٢) ينظر : تفسير القرطبي ٣ / ١٩٨.

(٣) أخرجه البخاري كتاب الحرث والمزارعة باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه رقم (٢٣٢٠) ، وكتاب الأدب باب رحمة الناس والبهائم (٦٠١٢) ومسلم كتاب المساقاة باب فضل الغرس والزرع رقم (١٥٥٣) وأحمد (٣ / ١٤٧ ، ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، ٢٤٣). والترمذي كتاب الأحكام باب ما جاء في فضل الغرس (١٣٨٢) والبيهقي (٦ / ١٣٧) وأبو يعلى (٥ / ٢٣) رقم (٢٨٥١) من طرق عن قتادة عن أنس مرفوعا.

(٤) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» رقم (١٢٣٤ ، ١٢٣٥) وذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (٤ / ٢١) رقم (٩٣٠٣) وزاد نسبته للدارقطني في «الأفراد» عن عائشة وابن عساكر عن عبد الله بن أبي عياش بن ربيعة.