وقد كان الإمام علي عليهالسلام على وفاء تام لتنفيذ ما عهد به الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث قاتل أعداءه ـ في حروبه الثلاثة ـ على بصيرة من أمره ، لم يؤْثِر هوىً على طاعة ، ولم يحد عن النهج القويم ، يتوخى طاعة الله عزوجل ورضاه في جميع تصرفاته ، وقد أوضح حجته لمن قاتلهم ، وكشف لهم عن صريح الحق بلا لبس ، وإذ لم يذعنوا للحق ، وتمسكوا بالباطل الذي هم عليه ، ناجزهم الحرب بعد الإعذار ، فكان ذلك غاية الوفاء بالعهد.
وقد اُثر عن الإمام علي عليهالسلام قوله في مناسبات عديدة : «أما آن أن تخضب هذه من هذه؟ أم متى يبعث أشقاها؟» ، أو ما بمعنى هذه العبارة (١) ، وهذا من الإخبار بالمغيَّبات ، وقد أخبره به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ممّا علّمه الله تعالى ، إذ لا يعلم الغيب إلّا هو ، ولا يُطلع عليه إلّا من ارتضى ، يقول عليهالسلام : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الصادق المصدوق يقول : إنَّك ستضرب ضربة هاهنا ـ وأشار إلى صدغه ، فيسيل دمها ، حتى تخضب لحيتك ، ويكون صاحبها أشقاها ، كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود» (٢) ، وممن روى هذا الحديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أبو هريرة (٣) ، وجابر بن سمرة (٤) ، وصهيب (٥) ، وعبد الله بن
__________________
(١) راجع أسد الغابة ٥ / ٢٧٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٣٧ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٣٩ ، كنز العمال ١٣ / ١٨٨ ، مسند أحمد ١ / ١٣٠ ، ١٥٦ ، المعجم الكبير ١ / ١٠٥. نظم درر السمطين ١٣٦.
(٢) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٤٣ ، ذخائر العقبى ١١٥ ، الصواعق المحرقة ١٣٤ ، كفاية الطالب ٢٥٩ ، كنز العمال ١٣ / ١٨٩ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٣٧ ، المناقب ٣٨٠.
(٣) شواهد التنزيل ٢ / ٤٤٠.
(٤) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٥١.
(٥) أسد الغابة ٤ / ٣٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٤٦ ، ذخائر العقبى ١١٦ ، كنز العمال ١٣ / ١٩٣ ، المعجم الكبير ٨ / ٣٨.