• الفهرس
  • عدد النتائج:

فقال اليهود عند ذلك : ( ما وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها )؟ فأجابهم الله أحسن جواب فقال ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ ) ـ وهو يملكهما وتكليفه التحويل إلى جانب كتحويله لكم إلى جانب آخر : ( يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) وهو أعلم بمصلحتهم وتؤديهم طاعتهم إلى جنات النعيم.

قال أبو محمد عليه‌السلام وجاء قوم من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقالوا يا محمد هذه القبلة بيت المقدس قد صليت إليها أربع عشرة سنة ثم تركتها الآن أفحقا كان ما كنت عليه فقد تركته إلى باطل فإن ما يخالف الحق باطل أو باطلا كان ذلك فقد كنت عليه طول هذه المدة فما يؤمننا أن تكون الآن على باطل؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بل ذلك كان حقا وهذا حق يقول الله : ( قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) إذا عرف صلاحكم أيها العباد في استقبالكم المشرق أمركم به وإذا عرف صلاحكم في استقبال المغرب أمركم به وإن عرف صلاحكم في غيرهما أمركم به فلا تنكروا تدبير الله في عباده وقصده إلى مصالحكم.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لقد تركتم العمل يوم السبت ثم عملتم بعده سائر الأيام ثم تركتموه في السبت ثم عملتم بعده أفتركتم الحق إلى الباطل أو الباطل إلى الحق أو الباطل إلى الباطل أو الحق إلى الحق؟ قولوا كيف شئتم؟ فهو قول محمد وجوابه لكم قالوا بل ترك العمل في السبت حق والعمل بعده حق.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فكذلك قبلة بيت المقدس في وقته حق ثم قبلة الكعبة في وقته حق.

فقالوا له يا محمد أفبدا لربك فيما كان أمرك به بزعمك من الصلاة إلى بيت المقدس حتى نقلك إلى الكعبة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما بدا له عن ذلك فإنه العالم بالعواقب والقادر على المصالح لا يستدرك على نفسه غلطا ولا يستحدث رأيا بخلاف المتقدم جل عن ذلك ولا يقع عليه أيضا مانع يمنعه من مراده وليس يبدو إلا لمن كان هذا وصفه وهو عز وجل يتعالى عن هذه الصفات علوا كبيرا.

ثم قال لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أيها اليهود أخبروني عن الله أليس يمرض ثم يصح ويصح ثم يمرض أبدا له في ذلك أليس يحيي ويميت أبدا له في كل واحد من ذلك؟ قالوا لا.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله فكذلك الله تعبدنبيه محمدا بالصلاة إلى الكعبة بعد أن كان تعبده بالصلاة إلى بيت المقدس وما بدا له في الأول.

ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله أليس الله يأتي بالشتاء في أثر الصيف والصيف في أثر الشتاء أبدا له في كل واحد من ذلك؟

قالوا لا قال صلى‌الله‌عليه‌وآله فكذلك لم يبد له في القبلة.

قال ثم قال صلى‌الله‌عليه‌وآله أليس قد ألزمكم في الشتاء أن تحترزوا من البرد بالثياب الغليظة وألزمكم في الصيف أن تحترزوا من الحر أفبدا له في الصيف حين أمركم بخلاف ما كان أمركم به في الشتاء؟ قالوا لا.

__________________

(١) البقرة ـ ١٤٢.