• الفهرس
  • عدد النتائج:

فما اتفق يوم أحسن منه ودخل في هذا الأمر عالم كثير.

وقد كانت لأبي جعفر مؤمن الطاق مقامات مع أبي حنيفة فمن ذلك ما روي أنه قال يوما من الأيام لمؤمن الطاق إنكم تقولون بالرجعة؟ قال نعم.

قال أبو حنيفة فأعطني الآن ألف درهم حتى أعطيك ألف دينار إذا رجعنا.

قال الطاقي لأبي حنيفة فأعطني كفيلا بأنك ترجع إنسانا ولا ترجع خنزيرا.

وقال له يوم آخر لم لم يطالب علي بن أبي طالب بحقه بعد وفاة رسول الله إن كان له حق؟

فأجابه مؤمن الطاق خاف أن يقتله الجن ـ كما قتلوا سعد بن عبادة بسهم المغيرة بن شعبة وفي رواية بسهم خالد بن الوليد. (١)

وكان أبو حنيفة يوما آخر يتماشى مع مؤمن الطاق في سكة من سكك الكوفة إذا مناد ينادي من يدلني على صبي ضال؟

فقال مؤمن الطاق أما الصبي الضال فلم نره وإن أردت شيخا ضالا فخذ هذا عنى به أبا حنيفة.

ولما مات الصادق عليه‌السلام رأى أبو حنيفة مؤمن الطاق فقال له :

مات إمامك؟

قال نعم أما إمامك ( مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ).

__________________

(١) سعد بن عبادة : رئيس الخزرج ، وكان صاحب راية الأنصار يوم بدر وأمير المؤمنين عليه‌السلام صاحب لواء رسول الله « صلى‌الله‌عليه‌وآله » والمهاجرين. ولما قبض النبي « ص » اجتمعت الأنصار إليه وكان مريضا فجاءوا به إلى سقيفة بني ساعدة وأرادوا تأميره ، ولما تم الأمر لأبي بكر امتنع عن مبايعته ، فأرسل إليه أبو بكر ليبايع فقال : لا والله حتى أرميكم بما في كنانتي ، واخضب سنان رمحي ، وأضرب بسيفي ما أطاعني ، واقاتلكم بأهل بيتي ومن تبعني ، ولو اجتمع معكم الجن والإنس ما بايعتكم حتى اعرض على ربي فقال عمر : لا تدعه حتى يبايع فقال بشير بن سعد : إنه قد لج وليس بمبايع لكم حتى يقتل ، وليس بمقتول حتى يقتل معه أهله وطائفة من عشيرته ولا يضركم تركه ، إنما هو رجل واحد فتركوه ، وقبلوا مشورة بشير بن سعد ، واستنصحوه لما بدا لهم منه ، فكان سعد لا يصلي بصلاتهم ، ولا يجمع معهم ، ويحج ولا يفيض معهم بافاضتهم ، فلم يزل كذلك حتى هلك أبو بكر راجع ج ٣ ص ٢١٠ من تاريخ الطبري وقال ابن أبي الحديد في ج ١ ص ٥٤٠ من شرح النهج : وخرج إلى حوران فمات بها قيل : قتله الجن لأنه بال قائما في الصحراء ليلا ، ورووا بيتين من شعر قيل : انهما سمعا ليلة قتله ولم ير قائلهما :

نحن قتلنا سيد الخز

رج سعد بن عبادة

ورميناه بسهمين

فلم نخطئ فؤاده

ويقول قوم : إن أمير الشام يومئذ كمن له من رماه ليلا وهو خارج إلى الصحراء بسهمين فقتله لخروجه عن طاعة الامام وقد قال بعض المتأخرين في ذلك :

يقولون : سعد شكت الجن قلبه

ألا ربما صححت دينك بالغدر

وما ذنب سعد أنه بال قائما

ولكن سعدا لم يبايع أبا بكر

وقد صبرت من لذة العيش أنفس

وما صبرت عن لذة النهي والأمر