وكذلك الأمر مع « الغيبة » هذه الخصلة المذمومة الممقوتة في نظر الشريعة ، إذ ورد الحكم في جوازها في بعض الموارد كجواز اغتياب الفاسق المتجاهر بالفسق .
الدليل الثالث : ورد في الحديث المتّفق عليه عند الفريقين أنَّ الرسول محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « .. ألا وكل بدعة ضلالة ، ألا وكل ضلالة في النار » (١) . وورد بلفظ آخر : « فإنّ كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة تسير إلىٰ النار » (٢) .
ودلالة الحديث بلفظيه علىٰ شمول جميع أنواع البدع بإنّها ضلالة لا تحتاج منا إلىٰ المزيد من الايضاح ، ولا تقبل الجدل والإنكار .
ما تقدم كان استعراضاً للأدلة علىٰ عدم جواز تقسيم البدعة إلىٰ مذمومة وحسنة ، وننقل القاريء الكريم الآن إلىٰ مطالعة النصوص التالية لعلماء من الفريقين قالوا بعدم جواز تقسيم البدعة :
١ ـ الحافظ ابن رجب الحنبلي ، قال : « والمراد بالبدعة : ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ، أما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه ، فليس ببدعة شرعاً ، وإن كان بدعة لغة » (٣) . ويضيف قائلاً : « فقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم « كلّ بدعة ضلالة » من جوامع الكلم ، لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل عظيم من أصول الدين ، وهو شبيه بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من أحدث في أمرنا هذا
__________________
(١) بحار الانوار ، للمجلسي ٢ : ٢٦٣ / ١٢ كتاب العلم باب ٣٢ .
(٢) كنز العمال ، لعلاء الدين الهندي ١ : ٢٢١ / ١١١٣ .
(٣) الاساس في السُنة وفقهها ، لسعيد حوّىٰ : ٣٦١ ، عن جوامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي : ٣٣٣ .