الدكتور محمّد سالم محيسن
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الجيل
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٦١
رقم الترجمة / ٢٦٤
« أبو نشيط » ت ٢٥٨ هـ (١)
هو : محمد بن هارون أبو جعفر الرّبعي الحربي البغدادي المروزي المعروف بأبي نشيط.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو نشيط » القرآن على مشاهير علماء عصره وفي مقدمتهم « قالون » أحد رواة الإمام نافع قارئ المدينة والإمام الاول بالنسبة لأئمة القراءة.
وكان « أبو نشيط » من أجل أصحاب « قالون » ولا زال المسلمون يتلقون رواية « قالون » من طريق « أبي نشيط » حتى الآن.
وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين.
وقد تلقى القرآن على « أبي نشيط » عدد كثير منهم : « أبو حسان أحمد ابن محمد بن الأشعث العنزيّ » وغيره (٢).
وكان « أبو نشيط » يرحل في سبيل تلقي حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وفي هذا المعنى يقول « الذهبي » : « كان « أبو نشيط » من حفاظ الحديث
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : الجرح والتعديل ٨ / ١١٧ ، وتاريخ بغداد ٣ / ٣٥٢ ، وتاريخ الاسلام ، الورقة ٢٥٢ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧ ) ومعرفة القراء الكبار ١ / ٢٢٢ ، وغاية النهاية ٢ / ٢٧٢ ، وتهذيب التهذيب ٩ / ٤٩٣ ، وخلاصة تذهيب الكمال ٣٦٢ ، وانظر « تهذيب الكمال ».
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٧٢.
والرحّالين فيه ، سمع « الفريابي » وأبا المغيرة الحمصي ، ويحيى بن أبي بكير ، وطبقتهم ا هـ (١).
كما روى الحديث عن « أبي نشيط » عدد كبير منهم : « ابن ماجة في تفسيره ، وأبو بكر بن أبي الدنيا ، وابن أبي حاتم ، وابن صاعد ، والمحاملي ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل » ، وآخرون (٢).
توفي « أبو نشيط » سنة ثمان وخمسين ومائتين من الهجرة ، بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، وسنة النبي عليه الصلاة والسلام. رحم الله « أبا نشيط » رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٢٣.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٨٣.
رقم الترجمة / ٢٦٥
« نصر بن عاصم » ت قبل سنة ١٠٠ هـ (١)
هو : نصر بن عاصم الليثي ، ويقال : الدؤلي البصري النحوي.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثالثة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « نصر بن عاصم » القرآن عن خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم « أبو الأسود الدؤلي » العالم المشهور.
وقد روى القراءة عن « نصر بن عاصم » عدد كثير منهم : « أبو عمرو بن العلاء » البصري ، و « عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي » كما روى عنه الحروف « عون العقيلي ، ومالك بن دينار » (٢).
وكان « نصر بن عاصم » من العلماء المرموقين الموثوق بهم ، فقد وثقه « الإمام النسائي » وغيره.
قال « ابن الجزري » يقال : إن « نصر بن عاصم » أول من نقط المصاحف ، وخمّسها ، وعشّرها. ا هـ (٣).
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ خليفة ٣٠٣ ، وطبقات خليفة ٢٠٤ ، ٢٠٦ ، وتاريخ البخاري الكبير ٨ / ١٠١ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٣٤٥ ، ٣ / ٢٧٥ ، وأخبار النحويين البصريين ٢٠ ـ ٢١ ، وطبقات النحويين للزبيدي ٢٧ ، ونزهة الألباء ١٧ ـ ١٨ ، وإرشاد الاريب ٧ / ٢١٠ ، وإنباء الرواة ٣ / ٣٤٣ ، وتذكرة الحفاظ ١ / ١٠٦ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٧١ ، والكاشف ٣ / ٢٠٠ وغاية النهاية ٢ / ٣٣٦ ، وتهذيب التهذيب ١٠ / ٤٢٧ ، وانظر « تهذيب الكمال ».
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣٦.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٣٦.
كما قال « خالد بن الحذّاء » : هو أول من وضع العربيّة ا هـ (١).
قال « الداني » : توفي « نصر بن عاصم » قديما قبل سنة مائة من الهجرة رحم الله « نصر بن عاصم » رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
(١) انظر القراء الكبار ج ١ ص ١١١.
رقم الترجمة / ٢٦٦
« نصير بن يوسف » ت في حدود سنة ٢٤٠ هـ (١)
هو : نصير بن يوسف بن أبي نصر أبو المنذر ، الرازي ثم البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « نصير بن يوسف » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم « الكسائي » وكان من جلّة أصحابه (٢).
وقد تتلمذ على « نصير » عدد كثير منهم : « محمد بن عيسى الأصبهاني ، وداود ابن سليمان ، وعبد الله بن محمد بن الحسين ، وعليّ بن أبي نصر النحوي ، والحسين ابن شعيب ، وأحمد بن محمد بن رستم » شيخ « عبد الواحد بن عمر » وهو آخر من بقي من أصحابه (٣).
كما أخذ « نصير » الحديث عن خيرة علماء عصره ، وفي مقدمتهم « إسحاق ابن سليمان الرازي » وغيره (٤).
وكان لـ « نصير بن يوسف » مكانة سامية بين العلماء مما استوجب ثناء الكثيرين عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو عبد الله الحافظ » كان « نصير » من
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : الجرح والتعديل ٨ / ٤٩٢ ، وإنباه الرواة ٣ / ٣٤٧ ، وتلخيص ابن مكتوم ٢٦٤ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٤٠ ، وبغية الوعاة ٢ / ٣١٦ ، ومعرفة القراء الكبار ١ / ٢١٣ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٩٥.
(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٣.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٠.
(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢١٤.
الأئمة الحذاق ، لا سيما في رسم المصحف ، وله فيه تصنيف ا هـ (١).
وقال الأستاذ « أبو محمد سبط الخياط » كان « نصير » ضابطا عالما بمعنى القراءات ، ونحوها ، ولغتها ا هـ (٢).
وقال « القفطي » كان « نصير » علاّمة نحويّا ، صدوق اللهجة ، كثير الأدب حافظا ، جالس « الكسائي » وأخذ عنه النحو ، وقرأ عليه القرآن ، وله مؤلفات حسان ، سمعها منه « أبو الهيثم الرازي » رواها عنه « بهراة » وقد رأى الأصمعي أبا زيد الانصاري وسمع منهما (٣). توفي « نصير » في حدود الاربعين ومائتين. رحمهالله رحمة واسعة.
__________________
(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤١.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤١.
(٣) انظر إنباه الرواة ج ٣ ص ٣٤٧.
رقم الترجمة / ٢٦٧
« هارون التّغلبي » ت ٢٩٢ هـ (١)
هو : هارون بن موسى بن شريك أبو عبد الله التغلبي الدمشقي المعروف بالأخفش.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « هارون التغلبي » القراءة عن مشاهير علماء عصره ، وفي هذا يقول « ابن الجزري » : أخذ القراءة عرضا وسماعا عن « ابن ذكوان » أحد الرواة المشهورين عن « ابن عامر » الشامي ، ولا زالت قراءة « ابن ذكوان » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن.
وقد تلقيتها وقرأت بها والحمد لله رب العالمين كما أخذ حروف القراءات عن « هشام بن عمار » أحد الرواة المشهورين عن « ابن عامر » كما قرأ باختيار « أبي عبيد القاسم بن سلام » على « أبي محمد البيساني » عنه (٢).
وقال « الذهبي » : إن « هارون التغلبي » رأى « أبا عبيد القاسم بن سلام » بدمشق ، وسأله مسألة في اللغة (٣).
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات النحويين للزبيدي ٢٦٣ ، وإرشاد الاريب ٧ / ٢٣٥ ، وتاريخ الاسلام ، الورقة ٣٢١ ( أوقاف ) ، وتذكرة الحفاظ ٢ / ٦٥٩ ، معرفة القراء ١ / ٢٤٧ ومرآة الجنان ، ٢ / ٢٢٠ والبلغة ٢٧٧ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٤٧ ، ونهاية الغاية ، الورقة ٢٩١ ، وبغية الوعاة ٢ / ٣٢٠ ، وطبقات المفسرين للداودي ٢ / ٣٤٧ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٢٠٩.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٧.
انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٨.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٨.
بلغ « هارون التغلبي » مكانة سامية مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا المعنى يقول « أبو علي الأصفهاني » : كان « هارون التغلبي » من أهل الفضل ، صنف كتبا كثيرة في القراءات والعربية ، وإليه رجعت الإمامة في قراءة « ابن ذكوان ». وقال « ابن الجزري » : « قد رأيت من مؤلفاته » ا هـ (١).
وقال عنه « ابن الجزري » : « كان هارون التغلبي مقرئا متصدرا ثقة نحويا شيخ القراء بدمشق يعرف بأخفش باب الجابية » (٢).
عاش « هارون التغلبي » زمنا طويلا حتى وصل اثنتين وتسعين سنة قضاها في نشر العلم وتعليم القرآن ، لذلك فقد تتلمذ عليه الكثيرون منهم : « إبراهيم بن عبد الرزاق ، وإسماعيل بن عبد الله الفارسي ، وجعفر بن حمدان بن أبي داود ، والحسن بن حبيب ، والحسن بن عبد الملك ، ومحمد بن أحمد بن شنبوذ ، ومحمد ابن الأخرم ، ومحمد بن الحسن النقاش ، ومحمد بن موسى الصوري ، والحسين بن محمد البيروني » وغيرهم كثير (٣).
كما أخذ « هارون التغلبي » الحديث عن خيرة العلماء منهم : أبو مشهر ، وسلام بن سليمان المدائني » (٤).
وقد أخذ الحديث عن « هارون التغلبي » عدد كثير منهم : « أبو القاسم الطبراني ، وأبو أحمد بن الناصح المفسر » وجماعة (٥).
توفي « هارون التغلبي » في صفر سنة اثنتين وتسعين ومائتين. رحم الله « هارون التغلبي » وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٧.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٧.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٧.
(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٨.
(٥) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٨.
رقم الترجمة / ٢٦٨
« هارون المزوّق » ت ٣٠٥ هـ (١)
هو : هارون بن علي بن الحكم ، أبو موسى ، البغدادي المزوّق النقاش المعروف بحيون.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السابعة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
وقد أخذ « هارون المزوق » القرآن عن خيرة العلماء منهم : « أحمد بن يزيد الحلواني ، وأبو عمر الدوري » ولا زالت قراءة كل من « الحلواني ، والدوري » يتلقاها المسلمون بالقبول حتى الآن ، وقد تلقيتها وقرأت بها ، والحمد لله رب العالمين (٢).
وقد اشتهر « هارون المزوّق » بالقراءة ، والاقراء. فروى القراءة عنه عدد كثير منهم : « أحمد بن صالح بن عطية ، وجعفر بن أحمد الخصّاف ، ومختار بن عبد الله الحلبي » وآخرون (٣).
وقد احتل « المزوّق » مكانة سامية لدى العلماء مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « الذهبي » : كان « المزوّق » نبيلا ثقة (٤).
وقال « الداني » : كان « المزوّق » من كبار أصحاب « الحلواني » (٥).
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ بغداد ١٤ / ٣٠ ، وتاريخ الاسلام ، الورقة ٢٥ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٩ ) وتذكرة الحفاظ ٢ / ٧٠٧ ، ومعرفة القراء : ١ / ٢٤٠ ، وغاية النهاية ٢ / ٣٤٦.
(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤٠.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٦.
(٤) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٤١.
(٥) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٤٦.
كما سمع « المزوّق » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم من خيرة العلماء منهم : « يعقوب بن ماهان ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري ، والحسين بن علي الصدّائي ، وزياد بن أيوب الطوسي » وآخرون.
وكما اشتهر « المزوّق » بتعليم القرآن ، اشتهر أيضا برواية حديث النبي عليه الصلاة والسلام.
وقد روى عنه الحديث عدد كثير منهم : « أبو الحسين بن المنادي ، ومحمد بن حميد المخزومي ، وعثمان المجاشي ، وعمر بن أحمد بن يوسف الوكيل » وآخرون (١).
توفي « هارون المزوّق » ليلة الثلاثاء ، ودفن يوم الاربعاء لاثنتين وعشرين ليلة خلت من جمادى الآخرة سنة خمس وثلاثمائة. رحم الله « هارون المزوّق » رحمة واسعة. وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٣٠.
رقم الترجمة / ٢٦٩
« هبة الله بن جعفر » (١)
هو : هبة الله بن جعفر بن محمد بن الهيثم أبو القاسم البغدادي.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثامنة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
أخذ « هبة الله » القراءة عن عدد كبير من مشاهير علماء عصره ، وفي مقدمتهم : « والده جعفر ، وأبو عبد الرحمن عبد الله بن علي ، ومحمد بن محمد بن أحمد اللهبي ، واسحاق بن أحمد الخزاعي ، وعمر بن نصر ، وهارون بن موسى بن الأخفش ، وأبو ربيعة محمد بن اسحاق ، وأحمد بن فرح ، وأبو بكر الأصبهاني ، وأحمد بن قعنب ، وأحمد بن يحيى الوكيل صاحب روح ، وعلي بن أحمد المجلاب ، ومحمد بن يعقوب المعدل » ، وغيرهم (٢).
كما أخذ « هبة الله » حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن عدد من العلماء ، منهم : « موسى بن هارون الحافظ ، وأحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار. وأحمد ابن الصلت » ، وغيرهم (٣).
تصدر « هبة الله » للإقراء دهرا ، واشتهر بالصدق وجودة القراءة وذاع صيته بين الناس ، فأقبل عليه طلاب العلم ، وتتلمذ عليه عدد كثير. فمن الذين أخذوا عنه القراءة القرآنية : أبو الحسن الحمامي ، وعلي بن محمد بن يوسف بن العلاف ،
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : تاريخ بغداد ١٤ / ٦٩ : وغاية النهاية ج ٢ ص ٣٥٠ ـ ٣٥١.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٠.
(٣) انظر تاريخ بغداد ج ١٤ ص ٦٩.
وعبد الملك بن بكران الحلواني ، ومحمد بن أحمد بن الفتح الحنبلي ، وأبو بكر بن مهران ، وأحمد بن عبد الله الجبي ، وعبيد الله بن أحمد الصيدلاني ، وأحمد بن محمد الشامي ، وعلي بن محمد بن عبد الله ، وغير هؤلاء (١).
كما أخذ حديث النبي صلىاللهعليهوسلم عن « هبة الله » عدد كثير منهم : أبو الحسن بن « رزقويه ».
احتل « هبة الله » بين العلماء مكانة سامية مرموقة مما استوجب الثناء عليه.
وفي هذا المعني يقول « الحافظ الذهبي » : « هبة الله بن جعفر » أحد من عني بالقراءات وتبحّر فيها (٢).
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « هبة الله ». إلا أن « ابن الجزري » قال : بقي « هبة الله » فيما أحسب إلى حدود الخمسين وثلاثمائة.
رحم الله « هبة الله » رحمة واسعة ، وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٠.
(٢) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٣١٤.
رقم الترجمة / ٢٧٠
« هبيرة التّمّار » (١)
هو : هبيرة بن محمد التمّار ، أبو عمر ، الأبرش البغدادي ، المشهور بالاقراء ، والمعرفة ، ودقة الضبط.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « هبيرة » القرآن على خيرة العلماء ، وفي مقدمتهم : « حفص بن سليمان » أحد الرواة المشهورين عن « عاصم بن أبي النجود » وعاصم هو الإمام الرابع بالنسبة لأئمة القراءات المشهورين (٢).
وقد أخذ القراءة عن « هبيرة » عدد كثير منهم : حسنون بن الهيثم ، وأحمد ابن علي بن الفضل الخزاز ، والخضر بن الهيثم الطوسي ، عرضا وسماعا (٣).
قال « أبو إسحاق الطبري » قال : « حسنون » : لم يخالف « هبيرة » « عمرو بن الصباح » ، إلا في خمسة أحرف وهي : « يوم الزينة » من قوله تعالى : ( قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ ) (٤).
قرأه « هبيرة » « يوم » بالنصب ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بالرفع.
الحرف الثاني : « وقرن » من قوله تعالى : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ ) (٥).
__________________
(١) انظر ترجمته في معرفة القراء : ١ / ٢٠٥ ، وغاية النهاية ج ٢ ص ٣٥٣.
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٣.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٠٥.
(٤) سورة طه الآية ٥٩.
(٥) سورة الأحزاب الآية ٣٣.
قرأه « هبيرة » « وقرن » بكسر القاف ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بفتح القاف.
الحرف الثالث : « بنصب » من قوله تعالى : ( وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ ) (١) قرأه « هبيرة » « بنصب » بفتح النون ، وسكون الصاد ، وقرأه « عمرو بن الصباح » « بنصب » بضم النون ، والصاد.
الحرف الرابع : ( فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ ) (٢).
قرأه « هبيرة » بنصب القاف فيهما ، وقرأه « عمرو بن الصباح » برفع الاول ونصب الثاني.
الحرف الخامس : لفظ « يحسب » حيثما وقع في القرآن الكريم.
قرأه « هبيرة » بكسر السين ، وقرأه « عمرو بن الصباح » بفتح السين (٣).
توفي « هبيرة » بعد حياة حافلة بتعليم القرآن ، ولم يذكر أحد من المؤرخين تاريخ وفاته ، رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
(١) سورة ص الآية ٤١.
(٢) سورة ص الآية ٨٤.
(٣) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٣٥٣.
رقم الترجمة / ٢٧١
« أبو الهيثم الكوفيّ » (١)
هو : محمد بن الهيثم أبو عبد الله الكوفي قاضي عكبرا ، ضابط مشهور حاذق في قراءة « حمزة ».
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة السادسة من حفاظ القرآن. كما ذكره « ابن الجزري » ت ٨٣٣ هـ ضمن علماء القراءات.
تلقى « أبو الهيثم » القراءة عن خيرة العلماء ، وفي هذا المعنى يقول « ابن الجزري » : أخذ « أبو الهيثم » القراءة عرضا عن « خلاد بن خالد » وهو أجل أصحابه ، وعرض على « عبد الرحمن بن أبي حمّاد ، وحسين الجعفي ، وجعفر الخشكني » كلهم عن حمزة ا هـ (٢).
وقد تلقى « القرآن » على « أبي الهيثم » عدد كبير منهم : « القاسم بن نصر المازني ، وعبد الله بن ثابت » وغيرهما (٣).
رحل « أبو الهيثم » في سبيل سماع حديث النبي صلىاللهعليهوسلم إلى كثير من الأقطار الاسلامية ، وفي هذا يقول : « الخطيب البغدادي » : ورحل « أبو الهيثم » في الحديث إلى الكوفة ، والبصرة ، والشام ، ومصر فسمع من « أبي غسّان مالك بن إسماعيل ، وأبي نعيم الفضل بن دكين » الكوفيين و « عبد الله بن
__________________
(١) انظر ترجمته في تاريخ الاسلام ، الورقة ١٩٦ ( أحمد الثالث ٢٩١٧ / ٧ ) ومعرفة القراء الكبار : ١ / ٢٢١ ، وغاية النهاية : ٢ / ٢٧٤. وتاريخ بغداد ٣ / ٣٦٢ ، وانظر « تهذيب الكمال ».
(٢) انظر طبقات القراء ج ٢ ص ٢٧٤.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ص ٢٢١.
رجاء » البصري ، ومحمد بن كثير المصّيصي ، ويحيى بن بكير » المصريين ، ويوسف بن عديّ ، ويحيى بن سليمان الجعفي ، وغيرهم (١).
وقد روى عن « أبي الهيثم » حديث الرسول صلىاللهعليهوسلم عدد كثير منهم : « موسى بن هارون الحافظ ، ومحمد بن عبد الله الحضرمي ، والقاضي المحاملي ، ويحيى بن محمد بن صاعد ، ومحمد بن مخلد الدوري ، وإسماعيل بن محمد الصفّار ، ومحمد بن عمرو الرزاز ، وأبو عمرو بن السمّاك » وغيرهم كثير (٢).
لم يذكر المؤرخون تاريخ وفاة « أبي الهيثم الكوفي » رحمهالله رحمة واسعة إنه سميع مجيب.
__________________
(١) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ص ٣٦٢.
(٢) انظر تاريخ بغداد ج ٣ ص ٣٦٢.
رقم الترجمة / ٢٧٢
« أبو هريرة » رضياللهعنه ت ٥٩ هـ (١)
هو : « أبو هريرة » عبد الرحمن بن صخر الدوسي.
روى عن « عبد الله بن رافع » أنه قال « لأبي هريرة » لم كنّوك أبا هريرة؟
قال : أما تفرق مني؟ قلت : بلى ، إني لأهابك ، قال : كنت أرعى غنما لأهلي ، فكانت لي « هريرة » ألعب بها ، فكنوني بها ا هـ (٢).
وكان « أبو هريرة » رضياللهعنه : إماما ، حافظا ، مفتيا ، فقيها ، صالحا ، حسن الأخلاق ، متواضعا ، محببا إلى جميع المسلمين.
ذكره « الذهبي » ت ٧٤٨ هـ ضمن علماء الطبقة الثانية من حفاظ « القرآن ».
أسلم « أبو هريرة » سنة سبع من الهجرة عام خيبر ، وصحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أربع سنين.
وقرأ « أبو هريرة » « القرآن » على « أبيّ بن كعب » رضياللهعنهما.
__________________
(١) انظر ترجمته فيما يأتي : طبقات ابن سعد ٢ / ٣٦٢ ، ومسند أحمد ٢ / ٢٢٨ ، ٥ / ١١٤ ، وطبقات خليفة ١١٤ ، وتاريخ البخاري الكبير ٦ / ١٣٢ ، والمعرفة والتاريخ ١ / ٤٨٦ ، ٣ / ١٦٠ ، ومشاهير علماء الأنصار ١٥ ، والاستيعاب ٤ / ١٧٦٨ ، وحلية الاولياء ١ / ٣٧٦ وتاريخ ابن عساكر ١٩ / ١٠٥ ، وأسد الغابة ٦ / ٣١٨ ، وتاريخ الاسلام ٢ / ٣٣٣ ، وسير أعلام النبلاء ٢ / ٥٧٨ ـ ٦٣٢ ، وتهذيب التهذيب ١٢ / ٢٦٢ ، والاصابة ٤ / ٦٣ والنجوم الزاهرة ١ / ١٥١ ، وحسن المحاضرة ١ / ٢٥٠ ، وطبقات الحفاظ للسيوطي ٩ وشذرات الذهب ج ١ ص ٦٣.
(٢) أخرجه الترمذي بإسناد حسن ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٨٧.
وكان « أبو هريرة » رجلا آدم ، بعيد ما بين المنكبين ، أفرق الثنيتين ذا ضفيرتين.
عن « أبي هريرة » رضياللهعنه قال : « إن كنت لأعتمد على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشدّ الحجر على بطني من الجوع. ، ولقد قعدت على طريقهم ، فمرّ بي « أبو بكر » فسألته عن آية في كتاب الله ، ما أسأله إلا ليستتبعني ، فمرّ ولم يفعل ، فمرّ « عمر » فكذلك ، حتى مرّ بي رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فعرف ما في وجهي من الجوع ، فقال : « أبو هريرة »؟ قلت : لبيك يا رسول الله ، فدخلت معه البيت ، فوجدنا « لبنا » في قدح ، فقال : « من أين لكم هذا »؟ قيل : أرسل به إليك فلان ، فقال : « يا أبا هريرة ، انطلق إلى أهل الصفة ، فادعهم » وكان أهل الصفة أضياف الاسلام ، لا أهل ، ولا مال ، إذا أتت رسول الله صلىاللهعليهوسلم صدقة أرسل بها إليهم ، ولم يصب منها شيئا ، وإذا جاءته هدية أصاب منها ، وأشركهم فيها ، فساءني إرساله إياي ، فقلت : كنت أرجو أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، وما هذا اللبن في أهل الصفة؟ ولم يكن من طاعة لله وطاعة رسوله بدّ ، فأتيتهم فأقبلوا مجيبين ، فلما جلسوا ، قال : « خذ يا أبا هريرة فأعطهم ، فجعلت أعطي الرجل ، فيشرب حتى يروى ، حتى أتيت على جميعهم ، وناولته رسول الله صلىاللهعليهوسلم فرفع رأسه إليّ متبسما وقال : « بقيت أنا وأنت » قلت : صدقت يا رسول الله ، قال : فاشرب فشربت ، فقال : « اشرب » فشربت ، فما زال يقول : اشرب ، فأشرب ، حتى قلت : والذي بعثك بالحق ما أجد له مساغا ، فأخذ فشرب من الفضلة ا هـ (١).
قال « البخاري » : روي عن « أبي هريرة » ثمان مائة حديث أو أكثر.
وقال « أبو سعيد الخدري » : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « أبو هريرة وعاء من العلم » ا هـ (٢).
__________________
(١) أخرجه البخاري ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩١.
(٢) أخرجه الحاكم ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٦.
كما ثبت أن النبي صلىاللهعليهوسلم دعا له فقال : « اللهم حبّب عبدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ، وحبّبهم إليهما ا هـ (١).
وروى « أبو هريرة » أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال له : « أ لا تسألني من هذه الغنائم التي يسألني أصحابك؟ قلت : أسألك أن تعلمني مما علمك الله ، فنزع نمرة كانت على ظهري فبسطها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى النمل يدبّ عليها فحدثني ، حتى إذا استوعبت حديثه قال : اجمعها فصرّها إليك » فأصبحت لا أسقط حرفا مما حدثني ا هـ (٢).
وكما اشتهر « أبو هريرة » بكثرة حفظه لحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
اشتهر أيضا بذاكرة قوية لا تنسى ، يدل على ذلك ما يلي : روى « أبو الزعيزعة » كاتب « مروان » انّ « مروان » أرسل إلى « أبي هريرة » فجعل يسأله ، وأجلسني خلف السرير وأنا أكتب حتى إذا كان رأس الحول دعا به فأقعده من وراء حجاب ، فجعل يسأله عن ذلك الكتاب ، فما زاد ولا نقص ، ولا قدّم ولا أخّر ، قلت : هكذا فليكن الحفظ ا هـ (٣).
وقال « الشافعي » : أبو هريرة أحفظ من روى الحديث في دهره ا هـ (٤).
ولقد كان « لأبي هريرة » المنزلة السامية الرفيعة لدى الصحابة والتابعين وشهد له الجميع بالعلم ، يدلّ على ذلك النصوص التالية : قال « أبو صالح » : كان « أبو هريرة » من أحفظ الصحابة ا هـ (٥).
__________________
(١) أخرجه غير واحد ورجاله ثقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٣.
(٢) أخرجه أبو نعيم ورجاله ثقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٤.
(٣) صححه الحاكم ، وأقره الذهبي ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٨.
(٤) رواه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٩.
(٥) رواه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٩٧.
وقال « أبو رافع » : إن « أبا هريرة » لقي « كعبا » فجعل يحدثه ويسأله ، فقال « كعب » : ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من « أبي هريرة » (١).
وقال « ابن عمر » لأبي هريرة : يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأعلمنا بحديثه ا هـ (٢).
وقال « زياد بن مينا » : كان « ابن عباس ـ وابن عمر ـ وأبو هريرة ـ وأبو سعيد ـ وجابر مع غيرهم من الصحابة يفتون بالمدينة ، ويحدثون من لدن توفي « عثمان » رضياللهعنهم إلى أن توفوا ، وإلى هؤلاء الخمسة صارت الفتوى (٣).
قال « الذهبي » توفي « أبو هريرة » سنة تسع وخمسين ، ولعله الصحيح لأنه صلى على « أم سلمة » وماتت في شوال سنة تسع وخمسين ا هـ.
رحم الله أبا هريرة ، رحمة واسعة وجزاه الله أفضل الجزاء.
__________________
(١) رواه ابن عساكر ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٦٠٠.
(٢) أخرجه الترمذي ورجاله ثقات ، انظر سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٥٠٣.
(٣) انظر معرفة القراء الكبار ج ١ ص ٤٤.