الكافي - المقدمة

الكافي - المقدمة

المؤلف:


الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٢٢

الثالث

أسفار الشيخ الكليني‌

رحلته العلميّة في طلب الحديث‌

بذل الشيخ الكليني رحمه‌الله جهداً مميّزاً في تأليف كتاب الكافي وتصنيفه بعد عمليّة جمع وغربلة واسعة لما روي عن أهل البيت عليهم‌السلام في اصول الشريعة وأحكامها وآدابها ، كما يشهد بذلك تلوّن الثقافة الإسلاميّة الواسعة المحتشدة في كتاب الكافي اصولاً وفروعاً وروضة ، ومن الواضح أنّه ليس بوسع ( كُلَيْن ) تلك القرية الصغيرة تلبية حاجة الكليني لتلك المهمّة الخطيرة ، ومن هنا تابع رحلته وعزم على سفر طويل لطلب العلم ، خصوصاً وأنّه لابدّ من الرحلة في ذلك الوقت في طلب العلم ؛ لاكتساب الفوائد والكمال بلقاء المشايخ ومباشرة الرجال ، كما يقول ابن خلدون (١) ، ولهذا لم يكتف أحد من علماء الحديث وأقطابه في حدود مدينته.

ولهذا طاف الكليني في الكثير من حواضر العلم والدين في بلاد الإسلام ، وسمع الحديث من شيوخ البلدان التي رحل إليها. فبعد أن استوعب ما عند مشايخ كُلَيْن من أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام اتّجه إلى الريّ لقُربها من كُلَيْن ، فاتّصل بمشايخها الرازيّين ، وحدّث عنهم. ولا يبعد أن تكون الريّ منطلقَه إلى المراكز العلميّة المعروفة في بلاد العجم ، ومن ثَمَّ العودة إلى الريّ ؛ إذ التقى بمشايخ من مدن شتّى وحدّث عنهم ؛ فمن مشايخ قم الذين حدّث عنهم : أحمد بن إدريس ، وسعد بن عبدالله بن أبي خَلَف الأشعري ، وغيرهما. كما حدّث عن بعض مشايخ سمرقند ـ كمحمّد بن عليّ الجعفري ـ ونيسابور ـ كمحمّد بن إسماعيل النيسابوري ـ وهمدان ـ كمحمّد بن عليّ بن إبراهيم الهمداني ـ وغيرهما.

__________________

(١) تاريخ ابن خلدون ، ج ١ ، ص ٧٤٥.

٤١

وبعد أن طاف الكليني في المراكز العلميّة في إيران عزم على رحلة علميّة واسعة ، حيث رحل إلى العراق واتّخذ من بغداد قاعدة للانطلاق إلى المراكز العلميّة الاخرى إلى أن وافاه أجله المحتوم فيها ، فقد حدّث بعد ارتحاله من بغداد إلى الكوفة عن كبار مشايخها ، كأبي العبّاس الرزّاز الكوفي ، وحميد بن زياد الكوفي ، كما رحل إلى الشام بعد أن وقف على منابع الحديث ومشايخه في العراق ، وحدّث ببعلبك ، كما صرّح بهذا ابن عساكر الدمشقي في ترجمة ثقة الإسلام (١).

أسباب هجرة الكليني إلى بغداد :

لم تكن هجرة الكليني قدس‌سره من الريّ إلى بغداد هجرة مجهولة السبب (٢) ، ولا تأثّراً بالمنهج العقلي الذي عُرِفت به المدرسة البغداديّة ، دون مدرسة قم ، بتقريب أنّ الكليني روى في الكافي عن سهل بن زياد ـ الذي اخرج من قم إلى الريّ ثمّ رحل إلى بغداد ـ أكثر من ألف حديث ، في حين لم يكثر عنه أرباب مدرسة قم النقليّة كالشيخ الصدوق مثلاً ؛ ولهذا اختار الكليني ـ كما يزعمون ـ بغداد دون قم! (٣) كما لم تكن هجرة الكليني إلى بغداد بدوافع سياسيّة من قبل البويهيّين ، كما توهّمه صاحب كتاب الكليني والكافي (٤) ، بل كانت لاعتبارات علميّة محضة ، فبغداد في عصره عاصمة للدولة الإسلاميّة ، ومركز الحضارة ، وملتقى علماء المذاهب من شتّى الأمصار ، ومستوطن السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم.

ومن ثمّ فهو لم يغادر الريّ في نعومة أظفاره ، بل غادرها بعد تجوال طويل في بلاد إيران ، فكان عليه الانتقال إلى بغداد ؛ لتكون منطلقه إلى مدن العراق والبلاد المجاورة كالشام والحجاز ، خصوصاً وأنّ العراق يمثّل مركز الثقل الأعظم لتراث أهل البيت عليهم‌السلام ، إذ لا يوجد في الأئمّة الإثني عشر عليهم‌السلام إمام قط لم يدخل العراق طوعاً أو كرهاً ، وبالتالي وجود ستّة مراقد مقدّسة لآل الله عليهم‌السلام موزّعة على ربوع أرض السواد التي تتوسّطها‌

__________________

(١) تاريخ دمشق ، ج ٥٦ ، ص ٢٩٨ ، الرقم ٧١٢٦.

(٢) الرسائل العشر ، مقدّمة التحقيق ، ص ١٧.

(٣) بحوث حول روايات الكافي ، ص ١٢.

(٤) راجع : الكليني والكافي ، ص ٢٦٦.

٤٢

بغداد ، هذا فضلاً عن كون تلامذة أهل البيت عليهم‌السلام من العراقيّين هم أكثر بكثير من تلامذتهم عليهم‌السلام في جميع بلاد الإسلام ، بل لا توجد نسبة بينهما أصلاً. فالتشيّع وإن كان حجازيّ المَنْبِت والولادة ، إلاّ أنّه كوفيّ الثمرة ، عراقيّ الشهرة ، فكيف لا يكون العراق ـ بالنسبة للكليني ـ مقصوداً إذن؟ ويبدو أنّ شبهة الهجرة السياسيّة إلى عاصمة الدولة العبّاسيّة قد اعتمدت على مقولة دخول الكليني إلى بغداد بوقت متأخّر من عمره الشريف ، وارتبطت بها ارتباطاً وثيقاً! وقد عرف فسادها من أنّ ثقة الإسلام هاجر إلى العراق قبل دخول البويهيّين إلى الريّ بأكثر من عشرين سنة ، أي في الوقت الذي لم تظهر للبويهيّين فيه أيّة شهرة أو سلطة سياسيّة.

وأمّا عن ادّعاء التأثّر بالمنهج العقلي ، والإيحاء بأنّه السبب المباشر في هجرة الكليني إلى بغداد دون قم! فهو زعم باطل من وجوه عديدة ، نشير لها باختصار :

الوجه الأوّل : أنّه لو اجري مَسْحٌ شامل لأحاديث الكافي ، وتمّ إرجاعها إلى مشايخ الكليني المباشرين لوجدت أكثر من ثلثي الكافي يرجع إلى مشايخه القمّيّين دون غيرهم ، ويكفي أنّ أكثر من نصف أحاديث الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، ومحمّد بن يحيى القمّيّين.

الوجه الثاني : أنّ شيخ المدرسة القمّيّة في زمانه الشيخ الصدوق رحمه‌الله الذي مثّلوا به في المقام ، قد احتجّ بمسانيد ومراسيل ومقاطيع سهل بن زياد في سائر كتبه ، فقد خرّج له في إثني عشر كتاباً من كتبه مائة وثلاثين حديثاً.

الوجه الثالث : المعروف أنّ الكليني يحدّث عن سهل بتوسّط « العدّة » غالباً ، وبدونها أحياناً ، وإذا عُدنا إلى رجال عدّة الكافي عن سهل لا نجد فيهم بغداديّاً واحداً ، بل كلّهم من بلاد الريّ ، وما رواه عنه من غير توسّط العدّة فجميعه عن القمّيّين.

الوجه الرابع : روايات الكافي وإن تناولت الكثير من المباحث العقلية إلاّ أنّها مسندة إلى أهل البيت عليهم‌السلام ، واختيارها لا يكوّن علامةً فارقةً في التأثّر بالمنهج العقلي ، ولتأثّر مدرسة قم وقادتها بتلك الروايات أكثر من الكليني مّرات ومرّات ، فالصدوق الذي عدّ ممثّلاً لمدرسة قم كانت له آراء عقليّة كثيرة جدّاً في كتبه لا سيّما في أوائل إكمال الدين ،

٤٣

ثمّ إنّه أفرد كتابا بعنوان التوحيد يتّفق في موضوعه مع اصول الكافي وله علل الشرائع وهو أوضح في الدلالة على المقصود ، وأوضح منه ما ورد في اعتقادات الصدوق.

الوجه الخامس : ما ورد في ديباجة الكافي يشهد على بُطلان الزعم المذكور ؛ إذ بيّن الكليني أنّه سيتبع المنهج الروائي في تحصيل الأحاديث الشريفة ، بل صرّح بعجز العقل عن إدراك جميع الأحكام ، وأنّ المُدْرَك منها ما هو إلاّ أقلّها.

الوجه السادس : إنّ سهل بن زياد نفسه كان من مشهوري الرواة ، ومنهجه روائي بحت ، وليست له آراء عقليّة في مرويّاته حتّى يُدعى تأثّره بالمنهج العقلي ، كما أنّ مرويّاته في الكافي لم تنحصر باصوله التي ردّت على الأفكار والاتّجاهات السائدة في ذلك العصر ، وإنّما كان جلّها في الأحكام الشرعية الفرعيّة التي لا تختلف بين روّاد مدرستي قم وبغداد ؛ لأنّها من الامور التوقيفيّة التي لا دخل للآراء العقليّة في صياغتها.

٤٤

الرابع

شيوخ الكليني وتلاميذه‌

المبحث الأوّل : شيوخه‌

تتلمّذ الشيخ الكليني رحمه‌الله على مشاهير الشيعة في شرق البلاد الإسلاميّة وغربها ، وروى الحديث عن أعلام الامّة في الكافي وغيره من كتبه ، وهم :

١ ـ أحمد بن إدريس ، أبو عليّ الأشعري :

قال النجاشي : « أحمد بن إدريس بن أحمد ، أبو عليّ الأشعري القمّي ، كان ثقةً ، فقيهاً في أصحابنا ، كثير الحديث ، صحيح الرواية ، له كتاب النوادر ... » (١).

وهو من مشايخ ابن قولويه ، ومحمّد بن الحسن بن الوليد ، والصدوق الأوّل ، ومن أشهر تلامذته ثقة الإسلام الكليني رحمه‌الله ، فقد اعتمده في روايات كثيرة في الكافي ، قد تزيد على خمسمائة رواية ، مصرّحاً باسمه تارة ، وبكنيته اخرى ، وهو من رجال عِدَّة الكافي الذين روى عنهم الكليني عن الأشعري.

٢ ـ أحمد بن عبدالله البرقي :

هو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، والد عليّ بن أحمد الذي هو من مشايخ الصدوق ، والمترجم له حفيد أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ـ ابن ابنه ـ وقد روى عنه. وهو من مشايخ ثقة الإسلام الكليني ، روى عنه في الكافي في عدّة موارد مصرّحاً باسمه (٢) ، بل هو من رجال عِدّة الكليني الذين يروي عنهم عن البرقي ، كما ذكره‌

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٩٢ ، الرقم ٢٢٨.

(٢) الكافي ، كتاب الصلاة ، باب تقديم النوافل وتأخيرها وقضائها وصلاة الضحى ، ح ٥٦٠٥ ؛ وكتاب الزكاة ، باب فضل الصدقة ، ح ٦٠٠٥ ؛ وكتاب الحجّ ، باب من يشرك قرابته واخوته في حجّته ... ، ح ٧١١٤ ؛ وغيرها.

٤٥

العلاّمة الحلّي في الخلاصة.

ولوقوع أحمد بن عبد الله في طريق الشيخ الصدوق إلى محمّد بن مسلم يحكم بوثاقته ، خصوصاً مع الإكثار من الرواية عن محمّد بن مسلم في الفقيه ، وهي كلّها من طريق أحمد مذكور.

٣ ـ أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة الحافظ الهَمْدَاني :

قال النجاشي :

هذا رجل جليل في أصحاب الحديث ، مشهور بالحفظ ، وكان كوفيّاً زيديّاً جاروديّاً على ذلك حتّى مات ، وذكره أصحابنا لاختلاطه بهم ، ومداخلته إيّاهم ، وعظم محلّه ، وثقته ، وأمانته (١).

وقال الشيخ : « وأمره في الثقة والجلالة وعظم الحفظ أشهر من أن يذكر » (٢).

ووصفه الذهبي بأنّه نادرة الزمان ، وقال : « طلب الحديث سنة بضع وستين ومائتين وكتَبَ منه ما لا يحدّ ولا يوصف عن خلق كثير بالكوفة وبغداد ومكّة » (٣). ومات سنة ( ٣٣٣ هـ ) ، وله في الكافي عِدّة روايات.

٤ ـ أحمد بن محمّد العاصمي :

هو من أجلاّء مشايخ الكليني رضى الله عنه بلا خلاف ، روى عنه وصيّة أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام لأصحابه ، قائلاً : « أحمد بن محمّد بن أحمد الكوفي ، وهو العاصمي ... » (٤). قال النجاشي : « كان ثقة في الحديث ، سالماً ، خيّراً » (٥).

٥ ـ أحمد بن مهران :

أحد مشايخ الكليني المعتمدين لديه ، روى عنه اثنين وخمسين حديثاً (٦) ، لم يذكره‌

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٩٤ ، الرقم ٢٣٣.

(٢) الفهرست للطوسي ، ص ٢٨ ، الرقم ٧٦.

(٣) سير أعلام النبلاء ، ج ١٥ ، ص ٣٤١.

(٤) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٤٨١٨.

(٥) رجال النجاشي ، ص ٩٣ ، الرقم ٢٣٢.

(٦) معجم رجال الحديث ، ج ٢ ، ص ٣٤٦ ، الرقم ٩٨٥.

٤٦

الشيخ والنجاشي في فهرستيهما ؛ لكونه من غير المصنّفين ، ونسب لابن الغضائري تضعيفه ، وهو ليس بشي‌ء. واختلف المتأخّرون في حاله ، والصحيح وثاقته ، بل جلالته ، وإكثار ثقة الإسلام من الرواية المباشرة عنه ، مع الترحّم عليه (١) ، قرينتان قويّتان على ذلك ، ولا يمكن إغفالهما بحال.

٦ ـ إسحاق بن يعقوب الكليني :

هو أحد مشايخ الكليني ، روى الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة عن محمّد بن يعقوب الكليني ، عن إسحاق بن يعقوب (٢) ، وروى الصدوق بسنده عن محمّد بن يعقوب عن إسحاق بن يعقوب حديثاً يتضمّن التوقيع بخطّ مولانا صاحب الزمان عليه‌السلام إليه : « أمّا ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ـ إلى أن قال ـ : والسلام عليك يا إسحاق بن يعقوب ، وعلى من اتّبع الهدى ». (٣)

والتوقيع تضمّن الدعاء الحسن لهذا الرجل من الإمام الحجّة مع سلامه عليه رضى الله عنه ، وهو كاشف عن إخلاصه وجلالته وعلوّ رتبته ، ولا يضرّ كونه هو الراوي لذلك بعد قبول هذه الرواية والتسالم على صحّتها.

٧ ـ إسماعيل بن عبدالله القرشي :

روى له الكليني حديثاً واحداً في روضة الكافي (٤) ، والحديث مرسل ، ويحتمل إرساله من الكليني إلى إسماعيل بن عبدالله القرشي ؛ لوجود بعض الرواة من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام بهذا الاسم وهم من قريش ، وعلى هذا لا يكون الرجل من مشايخه ، كما يحتمل أن يكون الإرسال من جهة إسماعيل إلى الإمام الصادق عليه‌السلام ، وحينئذٍ سيكون من أشياخ الكليني الذين لم يذكرهم أحد.

__________________

(١) راجع : الكافي ، كتاب الحجّة ، باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية ، ح ١١٤٧ ؛ وباب مولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام ، ح ١٢٤٦.

(٢) الغيبة للطوسي ، ص ٢٩٠.

(٣) إكمال الدين ، ج ٢ ، ص ٤٨٣ ، ح ٤.

(٤) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥٢٦٣.

٤٧

٨ ـ حبيب بن الحسن :

روى له حديثين في الكافي ، وهو من مشايخ الصدوق الأوّل عليّ بن بابويه القمّي رضى الله عنه. واتّفاق مثل ثقة الإسلام والصدوق الأوّل على الرواية عن شخصٍ كاشفة عن حسن حاله واعتماد ما يرويه.

٩ ـ الحسن بن خفيف :

روى الكليني عن الحسن بن خفيف ، عن أبيه خبراً واحداً في خصوص بعث الإمام الحجّة عليه‌السلام بخادمين إلى مدينة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان خفيف أبوالحسن قد خرج معهما ، فلمّا وصلوا الكوفة ، ارتكب أحد الخادمين إثماً ، فورد الكتاب من الحجّة عليه‌السلام قبل خروجهم من الكوفة بردّ ذلك الخادم وعزله عن الخدمة (١). والحسن هذا إمامي كما يظهر من روايته ، إلاّ أنّه مجهول الحال عند بعضهم ؛ إذ لم يذكره أحد من المتقدّمين ، ولا أقلّ من حسنه ، لاعتماد ثقة الإسلام عليه ولو في مورد واحد فقط ، وحاشا لثقة الإسلام أن يروي عن شيخ ليس بثقة.

١٠ ـ الحسن بن عليّ الدينوري العلوي :

هذا السيّد من مشايخ الصدوق الأوّل المعاصر للكليني ، فقد روى عنه كتاب زكّار بن يحيى كما في الفهرست (٢). ولم يقع بهذا العنوان في جميع أسانيد الكافي ، ولم يروِ أحد عن الكليني عنه بهذا العنوان أيضاً ، وإنّما وقع بعنوان « الحسن بن عليّ العلوي » تارة ، و « الحسين بن عليّ العلوي » تارة اخرى. والجميع واحد كما نبّه عليه غير واحد من علماء الرجال (٣) ومهما يكن ، فإنّ كونه شيخاً لثقة الإسلام ، وللصدوق الأوّل من جهة ، واعتماد رواياته في الكتب الأربعة من جهة اخرى وكونه من أصحاب الإمام الهادي عليه‌السلام من جهة ثالثة ، وعدم وجود المضعّف من جهة رابعة ، وانتسابه إلى تلك الشجرة المباركة من جهة خامسة ، كلّ ذلك يشير إلى جلالته وسمّو قدره.

__________________

(١) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد الصاحب عليه‌السلام ، ح ١٣٧٧.

(٢) الفهرست ، ص ٧٥ ، الرقم ٣٠٤.

(٣) معجم رجال الحديث ، ج ٥ ، ص ٣١ ، الرقم ٢٩٥٠ ؛ وص ٦٩ ، الرقم ٣٠٢٠ ؛ وج ٦ ، ص ٥٧٠ ، الرقم ٣٥٥٩.

٤٨

١١ ـ الحسن بن عليّ الهاشمي :

من مشايخ الكليني ، وله جملة يسيرة من الروايات في الكافي (١). وهذا الشيخ ثقة مشهور ، ترجم له الخطيب البغدادي (٢) ، وابن الجوزي (٣) والذهبي (٤).

١٢ ـ الحسن بن الفضل بن زيد اليماني :

من مشايخ الكليني ، روى عنه حديثاً واحداً في مولد الإمام الحجّة عليه‌السلام (٥). وعدّه الصدوق ممّن شاهد الإمام القائم عليه‌السلام من غير الوكلاء (٦). ومن ملاحظة ما تضمّنه حديثه من مكاتبته إلى الناحية المقدّسة يعلم أنّه كان مورداً للطف الإمام عليه‌السلام ورعايته ، ولهذا قال الشيخ المامقاني : « لا يبعد حسنه ». (٧)

١٣ ـ الحسين بن أحمد :

من مشايخ الكليني ، روى له في اصول الكافي (٨) ، وروى له في الروضة بعنوان : « الحسين بن أحمد بن هلال » (٩). وهو مقبول الرواية حسن ، وليس بمجهول بعد اتّفاق الشيخين على روايته.

١٤ ـ الحسين بن الحسن الحسيني الأسود الهاشمي العلوي الرازي :

من مشايخه وقد ذكره ابتداءً في سبعة أحاديث فقط من أحاديث الكافي (١٠).

__________________

(١) الكافي ، كتاب الصيام ، باب صوم عرفة وعاشورا ، ح ٦٥٨٢ و ٦٥٨٣ و ٦٥٨٤.

(٢) تاريخ بغداد ، ج ٧ ، ص ٣٦٩ ، الرقم ٣٨٩١.

(٣) المنتظم ، ج ٣ ، ص ٢٦ ، الرقم ١٩٨٠.

(٤) تاريخ الإسلام ، ج ٢٢ ، ص ١٢٥ ، الرقم ١٥٤.

(٥) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد الصاحب عليه‌السلام ، ح ١٣٦٩.

(٦) إكمال الدين ، ج ٢ ، ص ٤٣٣ ، ذيل ح ١٦.

(٧) نتائج التنقيح ، ج ١ ، ص ٣٧ ، الرقم ٢٦٩٨.

(٨) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب في الغيبة ، ح ٩١٩.

(٩) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥١٨٥.

(١٠) الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب النوادر ، ح ١٤١ ؛ وباب الإشارة والنصّ على الحسن بن عليّ عليهما‌السلام ، ح ٧٨٠ ؛ وباب مولد عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، ح ١٢٦٩ ؛ وباب مولد أبي الحسن عليّ بن محمّد عليهما‌السلام ، ح ١٣٢٨ ؛ وباب مولد الصاحب عليه‌السلام ، ح ١٣٨٦ ؛ وكتاب النكاح ، باب آخر منه ، ح ٩٥١٤.

٤٩

١٥ ـ الحسين بن محمّد بن عامر ، أبو عبدالله الأشعري :

من أجلاّء مشايخ الكليني ، روى عنه أكثر من أربعمائة حديث في الكافي ، ووقع في كثير من أسانيد روايات الكتب الأربعة ، وقد بلغت بإحصاء السيّد الخوئي ثمانمائة وتسعة وخمسين مورداً (١). وجاء اسمه في أسانيد الكافي تارة بعنوان : « الحسين بن محمّد » ، واخرى « الحسين بن محمّد الأشعري » ، وثالثة « الحسين بن محمّد بن عامر » ، ورابعة « أبو عبدالله الأشعري ».

وقد ترجم له ابن حجر قائلاً :

الحسين بن أحمد بن عامر الأشعري ، ذكره عليّ بن الحكم في شيوخ الشيعة ، وقال : كان من شيوخ أبي جعفر الكليني صاحب كتاب الكافي ، وصنّف الحسين كتاب طبّ أهل البيت ، وهو من خير الكتب المصنّفة في هذا الفن (٢).

وهو ممّن اتّفق الكلّ على وثاقته. (٣)

١٦ ـ حُمَيْد بن زياد :

روى عنه الكليني أكثر من ثلاثمائة حديث توزّعت على جميع أجزاء الكافي. قال النجاشي :

حُمَيْد بن زياد بن حمّاد بن حمّاد هوار الدِهْقان ، أبو القاسم ، كوفيّ سكن سورا ، وانتقل إلى نينوى ... كان ثقة ، واقفاً ، وجهاً فيهم ، سمع الكتب ، وصنّف كتاب الجامع في أنواع الشرائع ، كتاب الخمس ، كتاب الدعاء ، كتاب الرجال ـ إلى أن قال : ـ ومات حُمَيْد سنة عشر وثلاثمائة (٤).

وقال الشيخ في رجاله : « حميد بن زياد ، من أهل نينوى ، قرية جنب الحائر على ساكنه‌

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ٧٢ ، الرقم ٣٦٠١.

(٢) لسان الميزان ، ج ٢ ، ص ٣٢٧ ، الرقم ٢٦٣٠.

(٣) خلاصة الأقوال ، ص ١١٩ ، الرقم ٢٩٨ ؛ الوجيزة في الرجال ، ص ١٩٨ ، الرقم ٥٨٤ ؛ نقد الرجال ، ج ٢ ، ص ١١٤ ؛ هداية المحدّثين ، ص ١٩٦ ؛ منتهى المقال ، ج ٣ ، ص ١٥ ، الرقم ٨٤٢ ؛ معجم رجال الحديث ، ج ٦ ، ص ٧٩ ، الرقم ٣٦٢٠ ؛ قاموس الرجال ، ج ٣ ، ص ٥٢٣ ، الرقم ٢٢٤٩.

(٤) رجال النجاشي ، ص ١٣٢ ، الرقم ٣٣٩.

٥٠

السلام ، عالم جليل ، واسع العلم ، كثير التصانيف قد ذكرنا طرفاً من كتبه في الفهرست ». (١)

١٧ ـ داود بن كُوْرَة ، أبو سليمان القمّي :

ذكره النجاشي في ترجمة أحمد بن عيسى الأشعري عند ذكر كتابه النوادر (٢). وترجم له في مكان لاحق قائلاً :

داود بن كُوْرَة أبو سليمان القمّي ، وهو الذي بوّب كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى ، وكتاب المشيخة للحسن بن محبوب السرَّاد على معاني الفقه ، له كتاب الرحمة في الوضوء والصلاة والزكاة والصوم والحج ... (٣).

وهو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني بتوسّطهم عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، وبهذا صرّح النجاشي في ترجمة الكليني (٤).

وقد ضبط النراقي في عوائد الأيّام « كورة » بضمّ الكاف ، وإسكان الواو ، وفتح الراء. (٥)

١٨ ـ سعد بن عبدالله الأشعري :

من مشايخ الكليني ، وهو من الثقات المشهورين.

قال النجاشي :

سعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري القمّي أبو القاسم ، شيخ هذه الطائفة ، وفقيهها ، ووجهها ، كان سمع من حديث العامّة شيئاً كثيراً ، وسافر في طلب الحديث. لقي من وجوههم الحسن بن عَرَفة ، ومحمّد بن عبد الملك الدقيقي ، وأبا حاتم الرازي ، وعبّاس الترقُفي. ولقي مولانا أبا محمّد عليه‌السلام ، ورأيت بعض أصحابنا يضعّفون لقاءه لأبي محمّد عليه‌السلام ، ويقولون : هذه حكاية موضوعة عليه ، والله أعلم ... وصنّف سعد كتباً كثيرة ـ إلى أن قال ـ : تُوفّي سعد رحمه‌الله سنة إحدى وثلاثمائة ، وقيل : سنة تسع وتسعين ومائتين (٦).

__________________

(١) رجال الطوسى ، ص ٤٢١ ، الرقم ٦٠٨١.

(٢) رجال النجاشي ، ص ٨٢ ، الرقم ١٩٨.

(٣) رجال النجاشي ، ص ١٥٨ ، الرقم ٤١٦.

(٤) رجال النجاشي ، ص ٣٧٨ ، الرقم ١٠٢٦.

(٥) عوائد الأيّام ، ص ٢٨٩.

(٦) رجال النجاشي ، ص ١٧٧ ، الرقم ٤٦٧.

٥١

وقال الشيخ الطوسي في الفهرست : « جليل القدر ، واسع الأخبار ، كثير التصانيف ، ثقة ». (١)

١٩ ـ عبدالله بن جعفر الحميري :

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني ، روى عنه في الكافي (٢) ، وهو من أعاظم ثقات القمّيّين ومشاهيرهم ، بل من الأجلاّء المعروفين بلا خلاف ، قال النجاشي في ترجمته : « شيخ القمّيّين ووجههم ... » (٣).

٢٠ ـ عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي :

روى عنه الكليني أكثر من أربعة آلاف حديث في كتاب الكافي ، هذا فضلاً عن اشتراكه مع غيره في الرواية عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري بلفظ « عدّة من أصحابنا ».

كما روى عنه جلّ مشايخ الشيعة وثقاتهم من أمثال الصدوق الأوّل الذي جعل روايات كتابه الفقيه حجّة بينه وبين الله عزّ وجلّ مصرّحاً بثبوتها وصحّتها عنده ، كان معظمها من طريق عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمّي.

قال النجاشي : « عليّ بن إبراهيم بن هاشم أبو الحسن القمّي ، ثقة في الحديث ، ثبت ، معتمد ، صحيح المذهب » (٤).

ولعليّ بن إبراهيم رضى الله عنه مرقد مشهور في مدينة قم المشرّفة ، لا زال شاخصاً إلى الآن يؤمّه العارفون لحقّه من كلّ حدبٍ وصوب.

٢١ ـ عليّ بن إبراهيم الهاشمي :

محدّث ، جليل ، نسّابة ، ثقة ، روى له الكليني في الكافي أربعة أحاديث فقط ، اثنين منها مباشرة (٥) ، واثنين بالواسطة (٦).

__________________

(١) الفهرست ، ص ١٣٥ ، الرقم ٣١٦.

(٢) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب مولد الزهراء فاطمة عليها‌السلام ، ح ١٢٤٣.

(٣) رجال النجاشي ، ص ٢٢٠ ، الرقم ٥٧٣.

(٤) رجال النجاشي ، ص ٢٦٠ ، الرقم ٦٨٠.

(٥) الكافي ، كتاب الإيمان والكفر ، باب الذنوب ، ح ٢٤٣٦ ؛ وكتاب الصيد ، باب القنبرة ، ح ١١٣٦٩.

(٦) الكافي ، كتاب الصلاة ، باب الرجل يخطو إلى الصفّ ... ، ح ٥٣٠٤ ؛ وكتاب الأطعمة ، باب الجبنّ ، ح ١١٩٤٦.

٥٢

هذا ، وقد وقع شخص آخر في أسانيد الكافي بهذا الاسم والنسب ، وهو غير صاحب العنوان قطعاً ؛ لروايته عن الإمام موسى بن جعفر عليه‌السلام مباشرة ، وعنه الكليني بأربعة وسائط (١) ، ولا يعنينا أمره.

قال النجاشي : « عليّ بن إبراهيم بن محمّد بن الحسن ... أبو الحسن الجوّاني ، ثقة ، صحيح الحديث ، له كتاب أخبار صاحب فخّ ، وكتاب أخبار يحيى بن عبدالله بن حسن » (٢).

٢٢ ـ عليّ بن الحسين السعدآبادي :

هو من مشايخ الكليني ، ذكره الشيخ في رجاله ، قائلاً : « يروي عنه الكليني رحمه‌الله ، وروى عنه الزراري رحمه‌الله ، وكان معلّمه » (٣). كما ذكره الزراري في رسالته في آل أعين مصرّحاً بأنّه مؤدّبه (٤).

وكونه من مشايخ القمّيّين وفي عصر الأشعري بالذات ، مع اعتماد أجلاّء المشايخ الكبار عليه ، كثقة الإسلام الكليني ، والفقيه الجليل الزراري ، يكشف عن حسن حاله. وهو أحد رجال عدّة الكافي عن البرقي.

٢٣ ـ عليّ بن محمّد بن سليمان :

من مشايخ الكليني ، لم يرو عنه في الكافي ، ومن وقع في إسناده بهذا الاسم فهو غيره.

قال الشيخ الصدوق : « حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رضى الله عنه ، قال : حدّثنا محمّد بن يعقوب ، قال : حدّثنا عليّ بن محمّد بن سليمان ... » (٥).

ورواية الشيخ الصدوق المذكورة لم يروها الكليني في الكافي. نعم ، وقع في الكافي عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي في حدود ستّ روايات ، وهو يروي عنه بواسطتين‌

__________________

(١) الكافي ، كتاب التوحيد ، باب المشيئة والإرادة ، ح ٣٨٧.

(٢) رجال النجاشي ، ص ٢٦٢ ، الرقم ٦٨٧.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٤٣٣ ، ح ٦١٩٩.

(٤) رسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٦٢ ، الرقم ١٤.

(٥) علل الشرائع ، ص ١٣٢ ، ح ١ ؛ التوحيد ، ص ١٧٦ ، ح ٨.

٥٣

تارة ، وبثلاث وسائط اخرى (١). ويظهر أنّ المذكور في إسناد الشيخ الصدوق يختلف عمّن وقع بهذا الاسم في أسانيد الكافي ؛ لاختلاف طبقتهما اختلافاً بيّناً ، على أنّ كلا الرجلين لم يذكرا في كتب الرجال.

٢٤ ـ عليّ بن محمّد بن أبي القاسم ماجيلويه :

هو من مشايخ الكليني ، روى عنه في الكافي كثيراً جدّاً ، فضلاً عمّا رواه عنه في ضمن رجال عِدَّته عن البرقي ، وقد يعبّر عنه بلفظ عليّ بن محمّد بن بُنْدار.

قال النجاشي :

عليّ [ بن محمّد ] (٢) بن أبي القاسم ، عبد الله بن عمران البرقي ، المعروف أبوه بماجيلويه ، يكنّى أبا الحسن ، ثقة ، فاضل ، فقيه ، أديب ، رأى أحمد بن محمّد البرقي ، وتأدّب عليه ، وهو ابن بنته (٣).

٢٥ ـ عليّ بن محمّد الكليني الرازي :

هو أحد مشايخ الكليني ، ويلقّب بالكليني الرازي ، ويعرف بعَلاّن. وهو خال الكليني واستاذه ، ومن رجال عِدّة الكافي الذين روى عنهم عن سهل بن زياد ، وقد وثّقه جميع من ترجم له ؛ قال النجاشي : « عليّ بن محمّد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني ، المعروف بعَلاّن ، يكنّى أبا الحسن ، ثقة ، عين ، له أخبار القائم عليه‌السلام » (٤).

٢٦ ـ عليّ بن موسى بن جعفر بن أبي جعفر الكُمَندانيّ :

من مشايخ ثقة الإسلام الكليني ، بل هو من العِدّة الّذين يروي عنهم الكليني ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمّي. وقد روى الكليني سائر كتب أحمد بن عيسى الأشعري عن الكُمنداني وجماعته عنه ، والظاهر كونهم هم العدّة (٥).

__________________

(١) الكافي ، كتاب المعيشة ، باب قضاء الدين ، ح ٨٤٧٣ و ٨٤٧٤ ؛ وكتاب الصيد ، باب الهدهد والصرد ، ح ١١٣٦٣ ؛ وباب القنبرة ، ح ١١٣٦٦ و ١١٣٦٧ ؛ وكتاب الوصايا ، باب ما يجوز من الوقف والصدقة ، ح ١٣٢٣٥.

(٢) سقط « بن محمّد » من جميع نسخ النجاشي الواصلة إلينا ؛ التصويب من خلاصة الأقوال ، ص ١٨٧ ، الرقم ٥٥٩.

(٣) رجال النجاشي ، ص ٢٦١ ، الرقم ٦٨٣.

(٤) رجال النجاشي ، ص ٢٦٠ ، الرقم ٦٨٢.

(٥) رجال النجاشي ، ص ٨٢ ، الرقم ١٩٨.

٥٤

روى الكليني عنه مضموماً إلى العِدّة ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري أحاديث كثيرة قد تزيد على سبعمائة حديث موزّعة على جميع أجزاء الكافي ، كما روى عنه منفرداً ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى (١).

ومن مشاهير تلامذته من غير الكليني الصدوق الأوّل. ولو لم يكن ثقة جليلاً كما عمد عمدتا هذا الفن ( الكليني والصدوق الأوّل ) إلى الرواية عنه والتلمّذ على يديه.

٢٧ ـ القاسم بن العلاء الهَمَداني :

من أهل آذربيجان ، ولد سنة ( ١٨٧ هـ ) وتوفّي سنة ( ٣٠٤ هـ ) ، فَقَدَ بصره رضى الله عنه بعد الثمانين ، ثمّ رُدَّت له عيناه قبل وفاته بسبعة أيّام ، وهو من مشايخ الكليني الثقات الأجلاّء ، روى عنه في الكافي في موردين ، وكنّاه بأبي محمّد مع الترحّم عليه في أوّلهما (٢).

وعدّه الشيخ الصدوق والعلاّمة الطبرسي ممّن شاهد مولانا الإمام الحجّة عليه‌السلام من الوكلاء من أهل آذربيجان (٣).

وهناك خبر طويل صحيح بأعلى درجات الصحّة ، ذكره الشيخ الطوسي قدس‌سره في كتاب الغيبة (٤) ، فيه من فوائد جمّة في معرفة حال القاسم بن العلاء رضى الله عنه ، فراجع.

٢٨ ـ محمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري :

من محدّثي العامّة ورواتهم ، روى عنه الشيخ الكليني رحمه‌الله ، وليس له في الكافي أيّ حديث ، لكن عدّه ابن عساكر من جملة من روى الكليني عنه ؛ إذ قال في ترجمة الكليني : « قدم دمشق ، وحدّث ببعلبك عن أبي الحسين محمّد بن عليّ الجعفري السمرقندي ، ومحمّد بن أحمد الخفّاف النيسابوري ... » (٥).

__________________

(١) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب أنّ الأئمّة عليهم‌السلام ولاة أمر الله وخزنة علمه ، ح ٥١١.

(٢) الكافي ، كتاب الحجّة ، باب جامع في فضل الإمام وصفاته ، ح ٥٢٧ ؛ وباب مولد الصاحب عليه‌السلام ، ح ١٣٦٥.

(٣) كمال الدين ، ص ٤٤٢ ، ذيل ح ١٦ ؛ إعلام الورى ، ج ٢ ، ص ٢٧٣.

(٤) الغيبة للطوسى ، ص ٣١٠ ـ ٣١٥ ، ح ٢٦٣.

(٥) تاريخ دمشق ، ج ٥٦ ، ص ٢٩٧ ، الرقم ٧١٢٦.

٥٥

٢٩ ـ محمّد بن أحمد بن عبدالجبّار :

من مشايخ الكليني ، حدّث عنه ببغداد كما في لسان الميزان (١) ، وهو غير محمّد بن أحمد بن عبد الجبّار المعروف بمحمّد بن أبي الصهبان القمّي الذي حدّث عنه الكليني بالواسطة في جملة من أحاديث الكافي. وليس لمحمّد هذا رواية في الكافي ، ولم يقع في أسانيد الكتب الأربعة ولا غيرها من كتب الشيعة.

٣٠ ـ محمّد بن أحمد القمّي :

من مشايخ ثقة الإسلام ، روى عنه في روضة الكافي (٢) ، ومن مشايخ الصدوق الأوّل أيضاً.

قال الشيخ الصدوق في كمال الدين : « وكان أبي رضى الله عنه يروي عنه ، وكان يصف علمه ، وعمله ، وزهده ، وفضله ، وعبادته ». (٣)

٣١ ـ محمّد بن إسماعيل :

من مشايخ الكليني قدس‌سره ، وقد تردّد بعضهم في تشخيص محمّد بن إسماعيل هذا المبدوء به في أوائل أسانيد الكافي أصولاً وفروعاً وروضةً ، وبصورة كثيرة تدلّ على اعتماد ثقة الإسلام على ما يرويه ، وسبب التردّد المذكور هو اشتراك جماعة من الرواة بهذا الاسم ، أشهرهم ثلاثة ، هم : محمّد بن إسماعيل النيسابوري ، محمّد بن إسماعيل البرمكي ، محمّد بن إسماعيل بن بزيع.

وانتهت كلمة المحقّقين من علمائنا إلى قول واحد خلاصته : أنّ المبدوء به في أوائل أسانيد الكافي بهذا العنوان المطلق « محمّد بن إسماعيل » هو النيسابوري لا غير (٤).

٣٢ ـ محمّد بن جعفر الأسدي :

قال النجاشي :

محمّد بن جعفر بن محمّد بن عون الأسدي ، أبو الحسين الكوفي ، ساكن الريّ ، يقال له :

__________________

(١) لسان الميزان ، ج ٥ ، ص ٤٩٠ ، الرقم ٨٢٠٥.

(٢) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٥٣٣٨.

(٣) كمال الدين ، ص ٣.

(٤) منتقى الجمان ، ج ١ ، ص ٤٥ ؛ نقد الرجال ، ج ٤ ، ص ١٣٨ ، الرقم ٤٤٧٩.

٥٦

محمّد بن أبي عبد الله ، كان ثقة ، صحيح الحديث ، إلاّ أنّه روى عن الضعفاء ، وكان يقول بالجبر والتشبيه ، وكان أبوه وجهاً ... (١).

وقد أثنى عليه الشيخ في كتاب الغيبة ووثّقه بقوله : « وقد كان في زمان السفراء المحمودين أقوام ثقات ترد عليهم التوقيعات من قبل المنصوبين للسفارة من الأصل ، منهم : أبو الحسين محمّد بن جعفر الأسدي رحمه‌الله » (٢)

وقال الشيخ في آخر التوقيعات الواردة على أقوام ثقات : « ومات الأسدي على ظاهر العدالة لم يتغيّر ، ولم يطعن عليه ، في شهر ربيع الآخر سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة » (٣).

وترضّى عليه الشيخ الصدوق ، وقدّم مايرويه على غيره في صورة التعارض. (٤)

هذا ، وأمّا ما قاله النجاشي في ترجمته بُعيد توثيقه صراحةً من أنّه كان يقول بالجبر والتشبيه ، فلا يمكن الإذعان له :

أوّلاً : إنّ اسم كتاب الأسدي في رجال النجاشي هو كتاب الجبر والاستطاعة ـ ولعلّ ذلك هو السبب في ما نسبه إليه ـ وأمّا اسمه في فهرست الشيخ فهو كتاب الردّ على أهل الاستطاعة ، ومن البعيد جدّاً أن يكون له كتابان أحدهما في الجبر والاستطاعة والآخر في الردّ على هذه المقولة ، والذي يدلّ على توهّم النجاشي باسم الكتاب ، وأنّ الصحيحَ ما ذكره الشيخ جملةٌ من الروايات الصحيحة الصريحة بردّ مقولات الحشويّة كالجبر والاستطاعة والرؤية وغيرها ، قد رواها كلّها ثقة الإسلام الكليني عن محمّد بن جعفر الأسدي. (٥)

وثانياً : شهادة شيخ الطائفة ورئيسها أنّ الأسدي رضى الله عنه مات على ظاهر العدالة ولم يطعن عليه في شي‌ء ، شهادةٌ معتبرة محترمة مقدّمة على غيرها خصوصاً مع تأييدها بالأمر الأوّل.

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٧٣ ، الرقم ١٠٢٠.

(٢) الغيبة للطوسي ، ص ٤١٥.

(٣) الغيبة للطوسي ، ص ٤١٧ ، ذيل ح ٣٩٤.

(٤) الفقيه ، ج ٢ ، ص ٧٣ ، ح ٣١٧.

(٥) الكافي ، كتاب التوحيد ، باب في قوله تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ ... ) ، ح ٢٧١ ؛ وباب النهي عن الجسم والصورة ، ح ٢٨٨ و ٢٩٠ و ٢٩١ ؛ وباب جوامع التوحيد ، ح ٣٥٠ ؛ وباب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، ح ٤١٢ و ٤١٣ ؛ وباب الاستطاعة ، ح ٤١٧.

٥٧

ولو تنزّلنا جدلاً وقلنا بصحّة ما ذكره النجاشي فإنّ فساد العقيدة لا ينافي الوثاقة ، وعلى هذا جرت سير الرجاليّين الشيعة قديماً وحديثاً ؛ لعلمهم بأنّ فساد عقيدة الراوي لا دخل لها في سلب وثاقته ، ما لم يصل ذلك الفساد إلى الكفر البواح.

وأمّا عن قول النجاشي ، أنّه : « كان يروي عن الضعفاء » فمن الواضح أنّ هذا لا يقتضي عدم اعتبار ما رواه الثقات. على أنّ المتّفق عليه بأنّ رواية الثقة عن الضعيف متى ما علم بأنّ لها مخرجاً صحيحاً من طريق الثقات ، كان ذلك أمارة على صدق الرجل الضعيف وعدم توهّمه أو اشتباهه في حدود نقله لتلك الرواية.

٣٣ ـ محمّد بن جعفر الرزّاز ، أبو العبّاس الكوفي :

هو محمّد بن جعفر بن محمّد بن الحسن ، أبو العبّاس ، القرشي ، الرزّاز ، ثقة جليل ، من أجلاّء ومشاهير مشايخ الكليني. وذكر أبو غالب الزراري في رسالته الشهيرة ما يدلّ بكلّ وضوح على جلالة الرزّاز ، وسمّو قدره ، ومنزلته بين صفوف الشيعة في عصره (١).

وقد وقع في أسانيد الكافي بعدّة عناوين ، هي : أبو العبّاس الرزّاز ، وأبو العبّاس الرزّاز محمّد بن جعفر ، ومحمّد بن جعفر أبو العبّاس الكوفي ، ومحمّد بن جعفر الرزّاز ، ومحمّد بن جعفر الرزّاز الكوفي ، ومحمّد بن جعفر ، وأبو العبّاس الكوفي. والمقصود من جميعها واحد إلاّفي الأخيرين ؛ لكونهما من المشتركات ما لم تكن قرينة دالّة على إرادة الرزّاز ؛ لأنّ « محمّد بن جعفر » مشترك بين الرزّاز وشيخ الكليني الثقة محمّد بن جعفر الأسدي ، وكذلك الحال مع إطلاق « أبي العبّاس الكوفي » المشترك بين الرزّاز وابن عقدة ، الثقة الحافظ ، وهو من شيوخ الكليني أيضاً. ومن الواضح أنّه لا يضرّ عدم التمييز بينهم في تلك الموارد القليلة ؛ لدوران الأمر بين ثقات معروفين.

٣٤ ـ محمّد بن الحسن الصفّار :

قال النجاشي :

محمّد بن الحسن بن فروخ الصفّار ... أبو جعفر الأعرج ، كان وجهاً في أصحابنا القمّيّين ، ثقة ، عظيم القدر ، راجحاً ، قليل السقط في الرواية ـ إلى أن قال : ـ توفّي محمّد بن الحسن‌

__________________

(١) رسالة أبي غالب الزراري ، ص ١٤٠ ـ ١٤١.

٥٨

الصفّار ، بقمّ ، سنة تسعين ومأتين رحمه‌الله (١).

وعَدّه الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام العسكري عليه‌السلام قائلاً : « له إليه عليه‌السلام مسائل ، يلقّب : ممولة » (٢).

وقد أكثر الصدوق من الرواية عنه بتوسّط شيخه محمّد بن الحسن بن الوليد في كتابه من لا يحضره الفقيه ، وذكر فيه بعض مكاتبات الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الصفّار (٣) ، وفي ذلك ما يشير إلى جلالة قدره وعلوّ مقامه عند الإمام أبي محمّد العسكري عليه‌السلام وقد وثّقه العلاّمة الحلّي (٤) ، وابن داود (٥) ، وجميع المتأخّرين بلا استثناء.

٣٥ ـ محمّد بن الحسن الطائي الرازي :

من مشايخ الكليني ، وليس له في الكافي رواية بهذا العنوان ، ولا في غيره من كتب الحديث. نعم ، روى الكليني كتب عليّ بن العبّاس الجراذيني الرازي بواسطته (٦). ولهذا عدّه الشيخ آقا بزرك من مشايخ ثقة الإسلام الكليني (٧).

٣٦ ـ محمّد بن الحسن الطاطري :

روى عنه ثقة الإسلام حديثاً واحداً فقط (٨) ، وهو مهمل لم يذكره أحد ، وليس له في الكتب الأربعة سوى هذا الحديث. على أنّ الكليني رحمه‌الله قد روى حديثه هذا من طريق آخر.

جدير بالذكر أنّ العنوان السابق في مشايخ الكليني هو محمّد بن الحسن أيضاً ، ولقبه « الطائي » كما مرّ عن النجاشي ، ولقب صاحب العنوان « الطاطري » ، ولقرب اللقبين في الرسم فلا يبعد تصحيف أحدهما إلى الآخر ، فيكون كلا الاسمين ـ بعد أن اتّفقا بالاسم واسم الأب ـ لمسمّى واحد ، والله العالم.

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٥٤ ، الرقم ٩٤٨.

(٢) رجال الطوسي ، ص ٤٠٢ ، الرقم ٥٨٩٨.

(٣) الفقيه ، ج ٤ ، ص ١٥١ ، ذيل ح ٥٢٤ ؛ وج ٤ ، ص ١٥٥ ، ح ٥٣٧ ؛ وج ٤ ، ص ١٥٥ ، ح ٥٣٩.

(٤) خلاصة الأقوال ، ص ٢٦٠ ، الرقم ٩١٠.

(٥) رجال ابن داود ، ص ١٧٠ ، الرقم ١٣٥٩.

(٦) رجال النجاشي ، ص ٢٥٥ ، الرقم ٦٦٨.

(٧) طبقات أعلام الشيعة ( القرن الرابع ) ، ص ٢٦٣. وانظر : شرح اصول الكافي للمظفّر ، ج ١ ، ص ٢٣.

(٨) الكافي ، كتاب الجهاد ، باب الجهاد الواجب مع من يكون ، ح ٨٢٢٦.

٥٩

٣٧ ـ محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري :

من أجلاّء مشايخ الكليني قدس‌سره ، قال النجاشي : « كان ثقة وجهاً ، كاتب صاحب الأمر عليه‌السلام ، وسأله مسائل في أبواب الشريعة » (١). وهو من مشايخ ابن قولويه أيضاً ، وقد وثّق ابن قولويه سائر مشايخه في ديباجة كتابه كامل الزيارات. وهو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي الكليني عنهم ، عن البرقي.

٣٨ ـ محمّد بن عقيل الكليني :

من مشايخ ثقة الإسلام (٢) ، روى عنه في فروع الكافي (٣) ، وهو من رجال عِدّة الكافي الذين يروي بتوسّطهم عن سهل بن زياد ، كما صرّح بهذا العلاّمة الحلّي.

٣٩ ـ محمّد بن عليّ أبو الحسين الجعفري السمرقندي :

من شيوخ الكليني ، حدّث عنه ببعلبك قال ابن عساكر في ترجمة الكليني : « قدم دمشق ، وحدّث ببعلبك عن أبي الحسين محمّد بن عليّ الجعفري السمرقندي ... » (٤). وليس له ذكر في الكافي ، ولم يقع في إسناد الحديث الشيعي ، ولم يذكره سوى ابن عساكر.

٤٠ ـ محمّد بن عليّ بن معمّر الكوفي :

من مشايخ الكليني ، روى له خطبة الوسيلة ، وخطبة الطالوتيّة (٥) وغيرهما. وروى عنه جماعة من تلامذة الكليني ، كالتلعكبري (٦) ، ومحمّد بن الحسين البَزَوفَري (٧) ، وأبي المفضّل الشيباني (٨) ، كما روى عنه فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي صاحب التفسير (٩).

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٥٤ ، الرقم ٩٤٩.

(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ١٨ ، مقدّمة حسين عليّ محفوظ ؛ شرح اصول الكافي للمظفّر ، ج ١ ، ص ٢٣.

(٣) الكافي ، كتاب الحجّ ، باب نادر ، ح ٦٧٦٩.

(٤) تاريخ دمشق ، ج ٥٦ ، ص ٢٩٧ ، الرقم ٧١٢٦.

(٥) الكافي ، كتاب الروضة ، ح ١٤١٨٩ و ١٤٨٢٠.

(٦) التهذيب ، ج ٣ ، ص ٦٦ ، الرقم ٢١٨ ؛ مصباح المتهجّد ، ص ٧٨٨ ؛ كفاية الأثر ، ص ١٢٣.

(٧) كفاية الأثر ، ص ٢٤١.

(٨) الأمالي للطوسي ، ص ٣١٤ ، المجلس ١١ ، ح ٨٥.

(٩) علل الشرايع ، ص ١٤٢ ؛ الأمالي للصدوق ، ص ٨ ، المجلس ٢ ، ح ٦.

٦٠