السيد جعفر مرتضى العاملي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-225-0
ISBN الدورة:
الصفحات: ٣٩٢
الفصل الثاني :
أين دفن النبي صلىاللهعليهوآله؟!
الإختلاف في موضع دفن النبي صلىاللهعليهوآله وفي الصلاة عليه :
روى الكليني عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد عن الحلبي ، عن أبي عبد الله «عليهالسلام» قال : أتى العباس أمير المؤمنين «عليهالسلام» ، فقال : يا علي ، إن الناس قد اجتمعوا أن يدفنوا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في بقيع المصلى ، وأن يؤمهم رجل منهم.
فخرج أمير المؤمنين «عليهالسلام» إلى الناس فقال : أيها الناس ، إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إمام حيا وميتا.
وقال : إني أدفن في البقعة التي أقبض فيها.
ثم قام على الباب فصلى عليه ، ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون (١).
واختلفوا أين يدفن ، فقال بعضهم : في البقيع.
وقال آخرون : في صحن المسجد.
فقال أمير المؤمنين «عليهالسلام» : إن الله لم يقبض نبيه إلا في أطهر البقاع ، فينبغي أن يدفن في البقعة التي قبض عليها.
__________________
(١) الكافي ج ١ ص ٤٥١ والبحار ج ٢٢ ص ٥٣٩ و ٥٤٠ وراجع المصادر المتقدمة في الهوامش السابقة.
فاتفقت الجماعة على قوله ، ودفن في حجرته (١).
وروي أنه لما فرغ علي «عليهالسلام» من غسل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» وكفنه أتاه العباس ، فقال : يا علي ، إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفنوا النبي «صلىاللهعليهوآله» في بقيع المصلى ، وأن يؤمهم رجل منهم [واحد].
فخرج علي «عليهالسلام» إلى الناس ، فقال : يا أيها الناس ، أما تعلمون أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» إمامنا حيا وميتا؟. وهل تعلمون أنه لعن من جعل القبور مصلى ، ولعن من جعل مع الله إلها ، ولعن من كسر رباعيته ، وشق لثته؟
قال : فقالوا : الأمر إليك ، فاصنع ما رأيت.
قال : وإني أدفن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» في البقعة التي قبض فيها (٢).
وعند المفيد وغيره أنه قال : «إن الله لم يقبض نبيا في مكان إلا وقد
__________________
(١) البحار ج ٢٢ ص ٥٢٥ والمناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٥٠٥ و ٥٠٦ و (نشر المطبعة الحيدرية) ج ١ ص ٢٠٦ وعن الكافي ج ١ ص ٤٥١ وتهذيب الأحكام ج ٦ ص ٣ وروضة الواعظين ص ٧١ والدر النظيم ص ١٩٦ وإعلام الورى للطبرسي ج ١ ص ٥٤ والمقنعة للمفيد ص ٤٥٧.
(٢) البحار ج ٢٢ ص ٥٢٥ و ٥٣٦ و ٥٣٧ و ٥٠٨ عن كفاية الأثر ص ٣٠٤ وعن فقه الرضا ص ٢٠ والمقنعة للمفيد ص ٤٥٧ وتهذيب الأحكام ج ٦ ص ٣ والمناقب لابن شهرآشوب ج ١ ص ٥٠٥ و ٥٠٦ و (نشر المطبعة الحيدرية) ج ١ ص ٢٠٦ والدر النظيم ص ١٩٦.
ارتضاه لرمسه فيه ، إني لدافنه في حجرته التي قبض فيها. فسلم القوم لذلك ورضوا به» (١).
الصدمة الكبرى لعائشة :
قال علي «عليهالسلام» لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» : يا رسول الله ، أمرتني أن أصيرك في بيتك إن حدث بك حدث؟
قال : نعم يا علي بيتي قبري.
قال علي «عليهالسلام» : فقلت : بأبي وأمي ، فحد لي أي النواحي أصيرك فيه.
قال : إنك مسخر بالموضع وتراه.
قالت له عائشة : يا رسول الله فأين أسكن؟
قال : «اسكني أنت بيتا من البيوت ، إنما هي بيتي ، ليس لك فيه من الحق إلا ما لغيرك ، فقري في بيتك ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى ، ولا تقاتلي مولاك ووليك ظالمة شاقة ، وإنك لفاعلة».
فبلغ ذلك من قوله عمر ، فقال لابنته حفصة : مري عايشة لا تفاتحه في ذكر علي ولا تراده ، فإنه قد استهيم فيه في حياته وعند موته ، إنما البيت بيتك لا ينازعك فيه أحد ، فإذا قضت المرأة عدتها من زوجها كانت أولى ببيتها ،
__________________
(١) البحار ج ٢٢ ص ٥١٧ وراجع ص ٥٢٤ و ٥٢٩ و ٥٣٦ عن فقه الرضا ص ٢٠ و ٢١ وراجع المناقب ج ١ ص ٣٠٣ ـ ٣٠٦ وإعلام الورى ص ١٤٣ و ١٤٤ وعن كفاية الأثر ص ٣٠٤ والأنوار البهية ص ٤٧.
تسلك إلى أي المسالك شاءت (١).
ونقول :
قد أثبتنا بما لا مجال معه للشك أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد دفن في بيت فاطمة «عليهاالسلام» .. وقد يتخيل أن هذه الرواية لا تنسجم مع النتيجة التي أو صلتنا إليها تلك الأدلة ..
غير أننا نقول :
إن هذا خيال لا واقع له ، وذلك للأمور التالية :
١ ـ إن الرواية المتقدمة لم تذكر لنا متى جرت هذه المحاورة.
٢ ـ لقد كان للنبي «صلىاللهعليهوآله» بيوت كثيرة. وقد أكدت الرواية المشار إليها على أن جميع البيوت هي للنبي «صلىاللهعليهوآله» ، ومعنى ذلك : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» لم يملّك زوجاته بيوت سكناهن ، بل هو أسكنهن فيها وحسب.
فقول عائشة حين جيء بجنازة الإمام الحسن «عليهالسلام» : «نحوا ولدكم عن بيتي ، ولا تدخلوا بيتي من لا أحب» (٢). ليس له ما يبرره ..
__________________
(١) البحار ج ٢٢ ص ٤٩٤.
(٢) راجع : الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ٣٥ والإرشاد للمفيد ج ٢ ص ١٨ والخرائج والجرائح ج ١ ص ٢٤٢ والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص ١٤٩ والبحار ج ٤٤ ص ١٥٣ و ١٥٤ و ١٥٧ والأنوار البهية ص ٩٢ والدرجات الرفيعة ص ١٢٥ وقاموس الرجال ج ١٢ ص ٣٠٠ وأعيان الشيعة ج ١ ص ٥٧٦ والجمل للمفيد ص ٢٣٤ وكشف الغمة ج ٢ ص ٢٠٩ مناقب آل أبي طالب ج ٣ ص ٢٠٤. وراجع : روضة الواعظين ص ١٦٨.
٣ ـ إن النبي «صلىاللهعليهوآله» وكذلك علي «عليهالسلام» لم يحددا أي بيت من بيوته «صلىاللهعليهوآله» موضعا لدفنه «صلىاللهعليهوآله». ولكن عائشة حددت : أن مدفنه «صلىاللهعليهوآله» سيكون في بيتها ، ولم يردعها النبي «صلىاللهعليهوآله» ولا علي «عليهالسلام» عن هذا الإعتقاد ..
ولكن ذلك لا يحتم الإلتزام بقولها.
٤ ـ إن عليا «عليهالسلام» طلب من النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يحدد له المكان بصورة أدق. وإذ بالنبي «صلىاللهعليهوآله» يعلن أنه «عليهالسلام» يرى الموضع ، فإن كان يعرف الموضع ويراه ، فلما ذا يسأل عنه؟!
ألا يدل ذلك على أن المقصود من هذا السؤال هو إسماع الغير ـ وهو عائشة بالتحديد ـ لكي لا يتهم علي «عليهالسلام» بأنه قد تصرف من عند نفسه؟!
على أن هذه الكلمة النبوية قد أشارت إلى أنه «عليهالسلام» إنسان إلهي ، مسدد ومؤيد منه تعالى ، ولا يحتاج حتى إلى أن يحدد له الرسول «صلىاللهعليهوآله» الموضع ، الأمر الذي يجعل الإعتراض عليه في هذا الأمر وفي سواه غير منطقي ولا واقعي ولا مقبول.
٥ ـ واللافت : أن اهتمام عائشة قد انصب على موضع سكناها ، لو دفن النبي «صلىاللهعليهوآله» في البيت الذي تسكن فيه ، مع أننا كنا نتوقع أن يكون اهتمامها بحياة رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أكثر وأكبر ، وأن تعلن أنها على استعداد لتقديم أي شيء فداء لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وطلبا لرضاه ..
٦ ـ من الذي أخبر عائشة أنه «صلىاللهعليهوآله» كان يريد أن يدفن في بيت سكناها ، ومن الذي قال : إنه سوف لا يطلب الإنتقال عنه إلى بيت فاطمة «عليهاالسلام» في أيامه الأخيرة ليموت ويدفن فيه؟!
٧ ـ إن الرواية قد صرحت : بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» أمر عائشة بأن تقر في بيتها ، فأشار بذلك أنه سوف لا يدفن في ذلك البيت ، وأنه لن يؤخذ منها ، أو على الأقل لن تخرج منه ، بل ستبقى فيه ..
٨ ـ إنه «صلىاللهعليهوآله» قد أخبرها أنها سوف لا تقر في بيتها ، بل سوف تحارب وليها ومولاها ظالمة له شاقة لعصا الطاعة.
٩ ـ ألا ترى معي : أن هذا الحوار بين النبي «صلىاللهعليهوآله» وعلي «عليهالسلام» ، كان يهدف إلى استدراج عائشة للدخول في الحديث ، ثم توجيه هذا التحذير الشديد لها ، الذي هو من الأخبار الغيبية ، ومن أعلام النبوة؟!
١٠ ـ إن الأمر الأعظم والأهم لهذا الحوار هو ما نتج عنه من موقف جريء وقاس جدا لعمر بن الخطاب ، حيث رد على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وقرر لابنته حفصة : أن البيت بيتها .. ولا ينازعها فيه أحد ..
١١ ـ والأهم من ذلك اتهامه للنبي «صلىاللهعليهوآله» بأنه استهيم بعلي «عليهالسلام» حيا وميتا ، وكأنه يريد أن يقول : إن تصرفات النبي «صلىاللهعليهوآله» تجاه علي «عليهالسلام» لا تستند إلى مبررات معقولة .. بل هي نتيجة هيام خارج عن دائرة التعقل والحكمة. وكأن قوله في هذه الحادثة ينسجم مع ما صدر عنه في حق النبي «صلىاللهعليهوآله» حين اتهمه بأنه يهجر أو غلبه الوجع.
١٢ ـ إن عمر قد أمر عائشة بالإمتناع عن مفاتحة النبي «صلىاللهعليهوآله» بشيء من أمر علي «عليهالسلام» ، وأن لا تراده الكلام فيه ، ربما لأنه خشي أن يتسبب ذلك بتصريح النبي «صلىاللهعليهوآله» بأمور تزيد من تعقيد الأمور أمام مشاريعهم الإستئثارية ..
١٣ ـ وأخيرا ، فإن هذا التوجيه العمري لعائشة يظهر مدى التنسيق بين أركان هذه الجماعة في موضوع إقصاء علي «عليهالسلام» ، والإستئثار بالأمر ..
هل أشار أبو بكر بدفن النبي صلىاللهعليهوآله في بيته؟! :
وقد ادعوا : أن أبا بكر هو الذي أشار بدفن النبي «صلىاللهعليهوآله» في بيته ، فقد روي عن ابن عباس قال : لما فرغ من جهاز رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يوم الثلاثاء وضع على سريره في بيته ، وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه ، فقال قائل : ندفنه مع أصحابه بالبقيع.
وقال قائل : ادفنوه في مسجده.
فقال أبو بكر : سمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقول : «ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض».
فرفع فراش رسول الله «صلىاللهعليهوآله» الذي توفي عليه ، فحفروا له تحته (١).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٣٣ و ٣٣٤ عن ابن سعد ، وابن ماجة ، وأبي يعلى ، وفي هامشه عن : ابن سعد ج ١ ص ٢٢٣ وابن ماجة (١٦٢٨) والبيهقي في الدلائل ج ٧ ص ٢٦٠ ومن مسند أبي بكر ص ٧٨ وانظر نصب الراية ج ٢ ص ٢٩٨.
وراجع : البداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٣١.
وعن عبد العزيز بن جريح : أن أصحاب رسول الله «صلىاللهعليهوآله» لم يدروا أين يقبروا رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، حتى قال أبو بكر : سمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقول : لم يقبر نبي قط إلا حيث يموت ، فأخذوا فراشه ، وحفروا تحته (١).
وقالوا عن هذا الحديث : هو منقطع ، لأن ابن جريح لم يدرك أبا بكر (٢).
وعن عائشة قالت : لما قبض رسول الله «صلىاللهعليهوآله» اختلفوا في دفنه ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقول : «ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه. ادفنوه في موضع فراشه» (٣).
قال ابن حجر الهيثمي : «.. وهذا أول اختلاف وقع بين الصحابة ، فقال بعضهم : ندفنه بمكة ، مولده ، ومنشئه.
وبعضهم : بمسجده.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٣٤ عن أحمد ، والترمذي بسند صحيح ، وقال في هامشه : أخرجه عبد الرزاق في المصنف [ج ٣ ص ٥١٦] (٦٥٣٤) وانظر الكنز [ج ٧ ص ٢٢٦] (١٨٧٣٥ و ٣٢٢٣٧). وراجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٢٩.
(٢) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٣٤.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٣٤ عن الترمذي ، وأبي يعلى ، وقال في هامشه : أخرجه الترمذي (١٠١٨) وانظر الكنز [ج ٧ ص ٢٣٦] (١٨٧٦١ و ٣٢٢٣٦).
وراجع : الشمائل المحمدية للترمذي ص ٢٠٢ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٣٠.
وبعضهم : بالبقيع.
وبعضهم : ببيت المقدس ، مدفن الأنبياء ، حتى أخبرهم أبو بكر بما عنده من العلم (١).
قال ابن زنجويه : وهذه سنة تفرد بها الصديق من بين المهاجرين والأنصار ، ورجعوا إليه فيها» (٢).
وعن عائشة وهي تمجد علم أبيها : فما اختلفوا في لفظة إلا طار أبي بعبئها ، وفصلها ، وقالوا : أين ندفن رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟! فما وجدنا عند أحد في ذلك علما.
فقال أبو بكر : سمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقول : ما نبي يقبض إلا دفن تحت مضجعه الذي مات فيه.
واختلفوا في ميراثه ، فما وجدنا عند أحد في ذلك علما ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يقول : إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة (٣).
ونقول :
إن ذلك لا يصح ، فلا حظ الأمور التالية :
١ ـ لو سلمنا أن أبا بكر قد عرف هذه المسألة دون غيره ، لأنه سمعها من النبي «صلىاللهعليهوآله» فذلك لا يجعل لأبي بكر أية ميزة خارقة
__________________
(١) الصواعق المحرقة ص ٣٤ والصوارم المهرقة ص ١٢٩ والغدير ج ٧ ص ١٨.
(٢) المصادر السابقة.
(٣) المصادر السابقة.
للعادة ، ولا يجعله متضلعا في العلوم والمعارف ، وكم من الناس يحفظون شيئا ، وتغيب عنهم أشياء ..
على أن هذا الذي حفظه أبو بكر ليس من الأمور الخطيرة والأساسية ..
٢ ـ إن سيرة أبي بكر قد أظهرت أن هناك مسائل كثيرة لم يكن يعرفها ، أو أنه أخطأ الصواب في بيانها ، وقد ذكر العلامة السيد عبد الحسين شرف الدين في كتابه «النص والاجتهاد» والعلامة الأميني في كتابه «الغدير» طائفة من هذه المسائل ، فراجعهما.
٣ ـ تقدم أن أبا بكر لم يحضر دفن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» (١) ، وأنه لما فرغ علي «عليهالسلام» من دفن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال : ما فعل أهل السقيفة؟! بالإضافة إلى نصوص أخرى دلت على ذلك. إلا أن يكون هذا الإختلاف ، قد حصل قبل ذهاب أبي بكر إلى السقيفة. ولم نر ما يدل على ذلك. بل مسار الأمور يظهر خلافه.
٤ ـ وقد رووا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال لهم : «ضعوني على سريري في بيتي ، على شفير قبري» (٢).
__________________
(١) راجع : المصنف لابن أبي شيبة ج ١٤ ص ٥٦٨ وكنز العمال ج ٥ ص ٦٥٢.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٣٩ وراجع : الخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ ص ٤٨٤ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٣٠ و ٣٩ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٦٢ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٧٤ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ٣٢٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٤٣٥ وكنز العمال ج ١١ ص ٤٦٨ وكتاب الدعاء ص ٣٦٧ والمعجم الأوسط ج ٤ ص ٢٠٩ والمستدرك للحاكم ج ٣ ص ٦٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٧ ص ٢٣٢ والطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢
وهذا معناه : أن دفنه في البيت الذي قبض فيه كان بوصية منه ، فما معنى أن يختلفوا في موضع دفنه؟! إلا أن يكون «صلىاللهعليهوآله» قد قال ذلك لخصوص أبي بكر ، الذي يفترض أن يكون في أيام مرض النبي «صلىاللهعليهوآله» في جيش أسامة ، وأن يكون النبي «صلىاللهعليهوآله» غاضبا من تخلفه عن ذلك الجيش ، فلا يخصه ولا يسر إليه بشيء ..
مع أنه قد يقال : إن ظاهر كلام النبي «صلىاللهعليهوآله» أنه يخاطب جماعة كانوا حوله .. فما معنى قولهم : إن علم ذلك لم يوجد إلا عند أبي بكر؟!
٥ ـ إنه لا يصح قول أبي بكر : «ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يجب أن يدفن فيه» ، أو نحو ذلك .. وذلك لأنهم يذكرون :
ألف : إن نوحا «عليهالسلام» قد نقل جثمان آدم «عليهالسلام» من جبل أبي قبيس بعد أن كان قد دفن فيه ، ودفنه في بيت المقدس ، كما يرويه أهل السنة (١).
أو إلى النجف الأشرف ، في ظاهر الكوفة كما هو مروي عن أهل البيت
__________________
ص ٢٥٧ وعن ابن منيع والطبراني في الأوسط من طريق ابن مسعود.
وراجع : الأمالي للصدوق ص ٧٣٣ وروضة الواعظين ص ٧٢ والطرائف ص ٢٩٠ والصراط المستقيم ج ٣ ص ١١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٠٣ وكشف الغمة ج ١ ص ١٧ ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي العاملي ص ٨٢ والبحار ج ٢٢ ص ٥٠٧ و ٥٣١ والغدير ج ٧ ص ١٨٨.
(١) راجع : العرائس للثعلبي ص ٢٩ والغدير ج ٥ ص ٦٧ عنه ، وتاريخ الأمم والملوك ج ١ ص ١٠٩ والكامل في التاريخ ج ١ ص ٥٢ وقصص الأنبياء لابن كثير ج ١ ص ٦٨ والبداية والنهاية ج ١ ص ١١٠.
«عليهمالسلام» (١).
وقد ورد في زيارة أمير المؤمنين «عليهالسلام» : «السلام على ضجيعيك آدم ونوح» (٢).
ب : إن النبي يوسف «عليهالسلام» قد استأذن ملك مصر في نقل جثمان أبيه يعقوب «عليهالسلام» من مصر ، ودفنه مع أهله في حبرون ، في المغارة المعدة لتلك الأسرة المباركة ، فأذن له ، فنقله إليها ، ودفنه فيها (٣).
ج : إن النبي موسى «عليهالسلام» قد نقل جثمان النبي يوسف «عليهالسلام» أيضا إلى فلسطين (الشام) ، ودفنه مع آبائه (٤).
__________________
(١) راجع : المزار للشيخ المفيد ص ٢١ وفرحة الغري لابن طاووس ص ١٠١ والرسائل العشر ص ٣١٧ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٤ ص ٣٨٥ و (ط دار الإسلامية) ج ٩ ص ٣٢٥ وج ١٠ ص ٢٢٩ والبحار ج ١١ ص ٢٦٨ وج ٧٩ ص ٦٦ وج ٩٧ ص ٢٥٨ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٣١٠ و ٣١٤ وج ١٠ ص ٢١٩ والغارات ج ٢ ص ٨٥٣ والمزار لابن المشهدي ص ٣٧.
(٢) راجع : المزار لابن المشهدي ص ١٩٢ و ٢٥٥ وإقبال الأعمال لابن طاووس ج ٣ ص ١٣٥ والمزار للشهيد الأول ص ٤٣ و ٩٨ والبحار ج ٥٣ ص ٢٧١ وج ٩٧ ص ٢٨٦ و ٣٣٢ و ٣٧٦ وج ٩٩ ص ٢١٢.
(٣) البداية والنهاية ج ١ ص ٢٥٣ والغدير ج ٥ ص ٦٨ وقصص الأنبياء لابن كثير ج ١ ص ٣٥٨ وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص ٧٤.
(٤) راجع : شرح الشمائل للقاري ج ٢ ص ٢٠٨ وشرح الشمائل للمناوي بهامشه ج ٢ ص ٢٠٨ وراجع : فتح الباري ج ٣ ص ١٦٦ وج ٨ ص ١٤٩ ومنتقى الجمان ج ١ ص ٣١٩ وتفسير الآلوسي ج ٢٢ ص ٣٨ وفيض القدير ج ٥ ص ٦٤٠ وغنائم الأيام للميرزا القمي ج ٣ ص ٥٥١.
٦ ـ على أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد دلنا على موضع قبره في الحديث المشهور : «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة» (١).
فقد دل ذلك على أن قبره «صلىاللهعليهوآله» قريب من المنبر ..
وقد أوضحت النصوص الأخرى : أن القبر سيكون في بيته ، حيث قال «صلىاللهعليهوآله» : «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة» أو نحو ذلك (٢).
__________________
(١) عن مسند أحمد ج ٣ ص ٤٧٢ ح (١١٢١٦) وشعب الإيمان ج ٣ ص ٤٩١ ومسند البزار ج ٤ ص ٤٤ والمعجم الكبير ج ١٢ ص ٢٢٧ والمعجم الأوسط ج ١ ص ٣٦٠ و ٤١٢ وحلية الأولياء ج ٩ ص ٣٢٤ وكنز العمال ج ١٢ ص ٢٦٠ و ٢٦١ عن عبد الرازق ، وسعيد بن منصور ، والخطيب ، والدار قطني وسمّويه ، وابن عساكر ، وغيرهم من طريق جابر والخدري ، وابن عمر وسعد بن أبي وقاص. ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٢٧ و ٤٢٨ وإرشاد الساري ج ٤ ص ٤١٣ وتاريخ بغداد ج ١١ ص ٢٢٨ و ٢٩٠ وشرح النووي لصحيح مسلم (هامش إرشاد الساري) ج ٦ ص ١٠٣ وتحفة الباري في ذيل إرشاد الساري ج ٤ ص ٤١٢ وفردوس الأخبار للديلمي ج ٣ ص ٥٣٨ من طريق عبيد الله بن لبيد ، ومعاني الأخبار للصدوق ص ٢٦٧ ومن لا يحضره الفقيه للصدوق ج ٢ ص ٥٦٨ وروضة الواعظين ص ١٥٢ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ١٤ ص ٣٤٥ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ١٠ ص ٢٧٠ و ٢٨٩ والمناقب لابن شهرآشوب ج ٣ ص ١٣٩ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٥ ص ٢٤٦ وفتح الباري ج ٣ ص ٥٥ ومجمع الزوائد ج ٤ ص ٦ وعمدة القاري ج ٧ ص ٢٥٥ و ٢٦٢ و ٢٦٣ وج ٢٤ ص ١٨٤.
(٢) الجامع الصحيح للترمذي ج ٥ ص ٦٧٥ ومسند أبي يعلى ج ١ ص ١٠٩ ومسند
٧ ـ إن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد أوصى عليا «عليهالسلام» بتغسيله وتكفينه ، وبالصلاة عليه ودفنه ، وبغير ذلك ، فلما ذا لم يبين له أين يكون مدفنه ، إذا كان له حكم خاص ، وهو أنه لا يجوز نقله من موضع قبضه الله فيه ، وما معنى أن يدّخر ذلك لأبي بكر دون سائر الناس؟!
إن عائشة نفسها تقول : اختلفوا في دفنه «صلىاللهعليهوآله» ، فقال علي «عليهالسلام» : إن أحب البقاع إلي مكان قبض فيه نبيه (١).
٨ ـ قد تقدم : أنه «صلىاللهعليهوآله» قال لعلي : بيتي قبري .. وأن عائشة اعترضت على ذلك. فقال لها : اسكني أنت بيتا من البيوت.
٩ ـ وأما حديث : نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ، فقد
__________________
البزار ج ٤ ص ٤٤ والسنن الكبرى للنسائي ج ١ ص ٢٥٧ والمصنف لعبد الرزاق ج ٣ ص ١٨٢ والمعجم الكبير ج ٢٣ ص ٢٥٥ والمعجم الأوسط ج ١ ص ١٠١ والمعجم الصغير ج ٢ ص ١٢٢ وكنوز الدقائق ج ٢ ص ٨٢ وتيسير الوصول ج ٣ ص ٣٧٥ وتمييز الطيب من الخبيث ص ١٦١ وشرح صحيح مسلم ج ٩ ص ١٦١ وإرشاد الساري ج ٤ ص ٤٩٢ والجامع الصغير ج ٢ ص ٤٨٩ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٢٦ و ٤٢٧ و ٤٢٨ وكنز العمال ج ١٢ ص ٢٥٩ و ٢٦٠ و ٢٦١ وعن صحيح البخاري ج ١ ص ٣٩٩ وج ٢ ص ٦٦٧ وعن صحيح مسلم ج ٣ ص ١٧٩ وعن مسند أحمد ج ٢ ص ٤٦٩ و ٤٧٠ وج ٣ ص ٧١ و ٣٥٢ والكافي ج ٤ ص ٥٥٤ والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج ٥ ص ٢٧٩ وج ١٤ ص ٣٤٥ والوسائل (ط دار الإسلامية) ج ٣ ص ٥٤٣ وج ١٠ ص ٢٧٠.
(١) مجمع الزوائد ج ٩ ص ١١٢ والخصائص الكبرى للسيوطي ج ٢ ص ٤٨٦ ومسند أبي يعلى ج ٨ ص ٢٧٩ والبداية والنهاية ج ٧ ص ٣٩٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٢ ص ٣٩٤ والغدير ج ٧ ص ١٨٩ وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج ٨ ص ٦٩٣.
كذبته الزهراء وعلي ، وابناهما «عليهمالسلام» ، ولا يقبل أحد بأن يخفي النبي «صلىاللهعليهوآله» هذا الحكم عن جميع الناس حتى عن ابنته ، ويخص به أبا بكر. ويفسح المجال ـ من ثم ـ لتكذيب أبي بكر ، أو اتهامه ، بعد الإستدلال على بطلان ما جاء به بالآيات ، وتنشأ عن ذلك مشاحنات بلغت حد ضرب بنت النبي «صلىاللهعليهوآله» التي يغضب الله لغضبها ، ويرضى لرضاها. ويبقى الخلاف في الأمة في ذلك إلى يوم القيامة.
ومع غض النظر عن ذلك نقول :
إن هؤلاء أنفسهم يدّعون : أن هناك من كان يعلم هذا العلم ، حيث زعموا ـ وإن كان ذلك من الأكاذيب ـ : أن عليا «عليهالسلام» ، والعباس ، وعثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، والزبير ، وسعد بن أبي وقاص ، وأمهات المؤمنين : كلهم كانوا يعلمون أن النبي «صلىاللهعليهوآله» قال ذلك ، وأن أبا بكر إنما انفرد باستحضاره أولا ، ثم استحضره الآخرون (١).
غير أننا نقول لهم :
إن هذا الترقيع لا يجديهم ، فإن الإستحضار السريع إنما يدل على سرعة بديهته ، وحفظه ، ولا يفيد زيادة في علمه ..
يضاف إلى ما تقدم : أن الصحيح هو أن أبا بكر ليس فقط استولى على إرث الزهراء «عليهاالسلام» من أبيها ، وإنما هو استولى حتى على فدك التي ملّكها إياها النبي «صلىاللهعليهوآله» في حال حياته ، وقد كانت بيدها واستفادت منها عدة سنوات.
__________________
(١) راجع : الصواعق المحرقة ص ٣٤ و ٣٩ والغدير ج ٧ ص ١٩٠.
١٠ ـ واللافت هنا : أن أبا بكر قد كتب لفاطمة «عليهاالسلام» كتابا بفدك ، فدخل عمر بن الخطاب عليه فسأله : ما هذا؟
فقال : كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها.
فقال : مماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى؟ ثم أخذ عمر الكتاب فشقه (١).
ثم لما ولي عمر بن عبد العزيز رد فدكا إلى ورثة رسول الله «صلىاللهعليهوآله»!! (٢).
ولهذا البحث مجال آخر ..
في مكة أو في المدينة؟! :
ولم يقتصر الأمر على توزع الآراء بين دفنه في البقيع ، أو في صحن المسجد ، أو في الموضع الذي قبضه الله فيه .. بل تعداه إلى الإختلاف في دفنه
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٣٦٢ و (ط دار المعرفة) ج ٣ ص ٤٨٨ عن سبط ابن الجوزي ، والغدير ج ٧ ص ١٩٤ وشرح إحقاق الحق ج ٢٥ ص ٥٤٢.
(٢) الغدير ج ٧ ص ١٩٤ عن صحيح البخاري (كتاب الجهاد ، باب فرض الخمس) وصحيح مسلم كتاب الجهاد ، باب حكم الفيء. والأموال لأبي عبيد ص ١٨ ومعجم البلدان ج ٤ ص ٢٣٨ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٢٨٨ وتاج العروس ج ٧ ص ٣٤٣ وتفسير القرآن العظيم ج ٤ ص ٣٣٥ والسنن الكبرى للبيهقي ج ٦ ص ٣٠١. وشرح المقاصد في علم الكلام للتفتازاني ج ٢ ص ٢٩٢ وشرح نهج للمعتزلي ج ١٦ ص ٢٧٧ و ٢٧٨ والخصال للصدوق ص ١٠٥ والمسترشد للطبري ص ٥٠٣ والبحار ج ٤٦ ص ٣٢٦ وج ٧٥ ص ١٨٢.
في المدينة ، أو في مكة عند جده إبراهيم الخليل (١).
وهذا الخلاف إن دل على شيء فهو يدل على أن الصحابة ، أو فريق منهم على الأقل لم يكن يرى محذورا في نقل جثمان النبي «صلىاللهعليهوآله» من بلد إلى آخر .. ولم يعترض عليه الفريق الآخر بأن ذلك غير جائز أو منهي عنه ، ولو نهي كراهة ..
وجواز ذلك هو ما أفتى به فقهاء المذاهب الأربعة ، فراجع (٢).
أين دفن النبي صلىاللهعليهوآله :
قال ابن كثير : «قد علم بالتواتر : أنه عليه الصلاة والسلام دفن في حجرة عائشة التي كانت تختص بها ، شرقي مسجده ، في الزاوية الغربية القبلية من الحجرة ، ثم دفن بعده أبو بكر ، ثم عمر ..» (٣).
وقضية دفنه «صلىاللهعليهوآله» في بيت عائشة رواها في صحيح البخاري وغيره عن عائشة بصورة عامة .. وعن ابن أختها عروة بن الزبير ، كما يلاحظ في أكثر الروايات ..
أما نحن فنشك في ذلك كثيرا ، لأكثر من سبب :
السبب الأول :
أن بيت عائشة لم يكن في الجهة الشرقية من المسجد ، لأمرين :
__________________
(١) الملل والنحل للشهرستاني ج ١ ص ٢٣ وشرح نهج البلاغة ج ١٠ ص ١٨٥ والصوارم المهرقة ص ١٢٩ وعن الصواعق المحرقة ص ٣٤.
(٢) الفقه على المذاهب الأربعة ج ١ ص ٥٣٧ فما بعدها.
(٣) السيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ٥٤١ وسبل الهدى والرشاد ج ١٢ ص ٣٤٢.
أحدهما : أن خوخة آل عمر الموجودة في الجانب القبلي في المسجد ، وهي اليوم «يتوصل إليها من الطابق الذي بالرواق الثاني من أروقة القبلة ، وهو الرواق الذي يقف الناس فيه للزيارة أمام الوجه الشريف بالقرب من الطابق المذكور ..» (١) ـ هذه الخوخة ـ قد وضعت في بيت حفصة الذي كان مربدا ، وأخذته بدلا عن حجرتها حين توسيع المسجد ..
وقد كانت دار حفصة في قبلي المسجد (٢).
وكان بيت حفصة بنت عمر ملاصقا لبيت عائشة من جهة القبلة (٣).
«والمعروف عند الناس أن البيت الذي كان على يمين الخارج من خوخة آل عمر المذكورة هو بيت عائشة» (٤).
وعلى هذا .. فيكون بيت عائشة في قبلي المسجد ، لا في شرقيه ، حيث يوجد القبر الشريف ، أي أنه يكون في مقابله وبينه وبينه فاصل كبير ..
الثاني : مما يدل على أن بيت عائشة كان في جهة القبلة من المسجد من الشرق ، ما رواه ابن زبالة ، وابن عساكر ، عن محمد بن أبي فديك ، عن محمد بن هلال : أنه رأى حجر أزواج النبي «صلىاللهعليهوآله» من جريد ، مستورة بمسوح الشعر ، فسألته عن بيت عائشة.
فقال : كان بابه من جهة الشام.
قلت : مصراعا كان أو مصراعين؟
__________________
(١) راجع كل ذلك في وفاء الوفاء ج ٢ ص ٧٠٦.
(٢) رحلة ابن بطوطة ص ٧٢.
(٣) وفاء الوفاء ج ٢ ص ٥٤٣.
(٤) المصدر السابق ج ٢ ص ٧١٩.