مصابيح الظلام - ج ٧

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

مصابيح الظلام - ج ٧

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة العلامة المجدّد الوحيد البهبهاني
الطبعة: ١
ISBN: 964-94422-7-8
ISBN الدورة:
964-94422-0-0

الصفحات: ٥١٦

وأمّا التكبيرة فمن جهة كونها ركنا يمكن الاستدلال بها لها من باب القياس بطريق أولى ، فتأمّل!

ويمكن أن يكون مراد المعصوم عليه‌السلام أنّ كلّ ما يجب تلفّظه على الأخرس يكون بتحريك لسانه وإشارته ، وأنّ ما ذكر من التلبية وغيرها من باب المثال ، ولعلّه لهذا وفهم تنقيح المناط استدلّ بها المستدلّون ، فتأمّل!

واحتجّ جماعة من الأصحاب على اعتبار العقد بالقلب بأنّ الإشارة لا اختصاص لها بالتكبيرة ، فلا بدّ لمريدها من مخصّص (١).

وهذا مبني على معروفيّة ثبوت وجوب الإشارة ومسلّميته عند الفقهاء ، والظاهر المسلّمية عندهم ، فتنجبر رواية السكوني من حيث السند والدلالة بهذه المسلّمية وبما ذكر ، وبأنّ الفرض لا يسقط عنه إجماعا منّا وللعمومات ، بإضافة الأخبار الدالّة على أنّ الميسور لا يسقط بالمعسور ، مع القطع بعدم سقوط الفريضة عن غير المتمكّن من أجزائها وأركانها من الركوع والسجود والقيام وغير ذلك.

وشغل الذمّة اليقيني يستدعي البراءة اليقينيّة ، ولا يحصل إلّا بما ذكر من الإشارة والتحريك والعقد ، مع أنّ العقد لا بدّ منه للتخصيص كما ذكر.

قوله : (ويستحب). إلى آخره.

لم نجد وجه الاستحباب ولا الزيادة على العادة ، مع أنّ العادة عند الأذان للصلاة وغيرها ـ مثل أذان الشعار وأذان خلف المسافر وغير ذلك من الأذانات ـ زيادة ذلك المدّ.

وكذا في مقام التعجّب وغير ذلك ، بل الإمام ، إذ يكبّر آخر يمدّ زائدا في مقام

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ١٩٦ ، مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢١ ، ذخيرة المعاد : ٢٦٧.

١٨١

إبلاغ الصوت للمأمومين وإعلامهم ، مع أنّه مع قطع النظر عن كلّ ما ذكر نرى في العرف والعادة كثيرا ما يمدّون زائدا ، مع أنّه لو كان فيه عادة فالإطلاق ينصرف إليها ، سيّما في العبادة التوقيفيّة ، فلا بدّ من الاقتصار لا أنّه مستحب.

مع أنّ الاستحباب الشرعي يتوقّف على دليل شرعي ، وأقلّه خبر : «من بلغه شي‌ء من الثواب» (١) ، الحديث ، فتأمّل جدّا!

قوله : (وترك الإعراب). إلى آخره.

مرّ التحقيق في ذلك في مبحث الأذان (٢).

قوله : (ورفع اليدين).

استحبابه حينئذ إجماعيّ ، نفي في «المنتهى» الخلاف فيه بين أهل العلم (٣).

والصدوق في أماليه جعل من دين الإماميّة الإقرار بأنّه يستحبّ رفع اليدين في كلّ تكبيرة في الصلاة ، وأنّه زين الصلاة (٤).

واستحباب الرفع في كلّ تكبيرة في الصلاة هو المشهور المعروف بين الأصحاب (٥) ، ونقل عن المرتضى القول بوجوبه في تكبيرات الصلاة (٦) ، ولعلّ مراده الاستحباب وشدّته ، أي ما يكون على تركه العتاب ، لما نقلنا عن الشيخ مكرّرا أنّه قال : الوجوب عندنا على ضربين : ضرب على تركه العتاب (٧) ، يشير

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١٦٠ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٨٠ الحديث ١٨٢.

(٢) راجع! الصفحة : ٥٢٤ و٥٢٥ (المجلّد السادس) من هذا الكتاب.

(٣) منتهى المطلب : ٥ / ٣٦.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٥) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٣٢٤.

(٦) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٥٨ ، لاحظ! الانتصار : ٤٤.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤١.

١٨٢

إليه عدم قوله بوجوب التكبيرات ، على ما هو الظاهر منه.

ويدلّ على الاستحباب الإجماع المنقول والصحاح ، مثل صحيحة معاوية بن عمّار قال : رأيت الصادق عليه‌السلام إذا كبّر في الصلاة رفع يديه أسفل من وجهه قليلا (١).

وفي صحيحة صفوان بن مهران : إنّ الصادق عليه‌السلام إذا كبّر في الصلاة يرفع يديه حتّى يكاد يبلغ اذنيه (٢).

وصحيحة ابن سنان إنّه رآه عليه‌السلام يرفع يديه حيال وجهه حين يستفتح (٣).

وفي كصحيحة زرارة عن أحدهما عليهما‌السلام قال : «ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا ترفعهما كثيرا كلّ ذلك» (٤).

وفي كصحيحته أيضا عن الباقر عليه‌السلام قال : «إذا قمت في الصلاة فكبّر وارفع يديك» (٥).

وفي صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام في قول الله عزوجل (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٦) قال : «هو رفع يديك حذاء وجهك» (٧) ، إلى غير ذلك.

وما ورد فيه الأمر به محمول على الاستحباب للإجماع المنقول.

وصحيحة عليّ بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام إنّه قال : «على الإمام أن يرفع يده في الصلاة ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة» (٨).

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٥ الحديث ٢٣٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦ الحديث ٧٢٥١ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٥ الحديث ٢٣٥ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦ الحديث ٧٢٥٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٣٦ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦ الحديث ٧٢٥٢ مع اختلاف يسير.

(٤) الكافي : ٣ / ٣٠٩ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١ الحديث ٧٢٦٧ مع اختلاف يسير.

(٥) الكافي : ٣ / ٣٠٩ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١ الحديث ٧٢٦٨ مع اختلاف يسير.

(٦) الكوثر (١٠٨) : ٢.

(٧) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٣٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧ الحديث ٧٢٥٣.

(٨) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١١٥٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧ الحديث ٧٢٥٦.

١٨٣

وهذه صريحة في عدم وجوب رفع اليدين على غير الإمام ، فلا جرم يكون الأمر الوارد في الصحاح محمولا على الاستحباب.

ولا يجوز أن يقال بكونه محمولا على كون المخاطب به خصوص الإمام ، ويكون غير الإمام يستحبّ له رفع اليدين لعدم قائل بهذا التفصيل بين المسلمين ، ولم ينسب إلى أحد ، مع نهاية بعد هذا الحمل ، وعدم قبوله.

مع أنّ الفقهاء حملوا هذه الصحيحة على كون المراد أنّ استحباب الرفع شديد بالنسبة إلى الإمام (١) ، فظاهر أنّ منشأ الشدّة هو معرفة المأمومين بدخوله في الصلاة.

مع أنّ الغرض إبطال ما نسب إلى السيّد وقد ثبت بطلانه ، لأنّ الحديث صحيح مقبول عند الفقهاء ، معاضد بالإجماعين المنقولين والأصل ، وأنّ هذا ممّا يعمّ به البلوى ويكثر إليه الحاجة ، فلو كان واجبا لاشتهر اشتهار الشمس ، فكيف صار الأمر بخلافه؟

احتجّ السيّد بإجماع الفرقة ، وبفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، وبالأمر به في قوله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (٢) (٣).

والجواب : أنّ إجماع الفرقة حقّ ، إلّا أنّ إجماعهم على تأكّد الاستحباب ونفس الاستحباب بلا شبهة ، ونادى بذلك الإجماعات وفتاوى القدماء ، وهذا ينادي بأنّ مراد السيّد هو الواجب الذي يكون على تركه العتاب كما قلنا ، للقطع بعدم إجماع الفرقة على الوجوب الذي يكون على تركه العذاب ، وفعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٨ ذيل الحديث ١١٥٣ ، ذخيرة المعاد : ٢٦٧.

(٢) الكوثر (١٠٨) : ٢.

(٣) نقل عنه في ذخيرة المعاد : ٢٦٧.

١٨٤

والأئمّة عليهم‌السلام من حيث هو فعلهم لا يقتضي أزيد من الاستحباب ، كما حقّق ، وكونه في مقام بيان الواجب بعيد ، لاتّفاق المعصومين عليهم‌السلام كلّهم عليه في كلّ زمان منهم ، وظهر منهم أنّه مستحب ، كما عرفت وستعرف.

والبناء على الالتزام من باب المقدّمة لتحصيل البراءة اليقينيّة ، فيه ما فيه ، بعد ما عرفت من الدليل على الاستحباب ، والأمر الوارد ظهر جوابه أيضا.

ويؤيّد الاستحباب أيضا ما ورد في بعض الأخبار من كونه زينة الصلاة (١) ، وأيضا عدم وجوب التكبيرات سوى تكبيرة الافتتاح وتكبير الركوع إجماعي ومنصوص في الأخبار ، كما ستعرف ، بل ستعرف استحباب تكبيرة الركوع أيضا.

فحمل الأمر الوارد في الكتاب والخبر على الوجوب الشرطي دون الشرعي ، فيه ما فيه ، لأنّه حقيقة في الوجوب الشرعي ، إذا كان الآمر هو الشارع ، فالوجوب الشرطي أبعد منه من الاستحباب المؤكّد ، سيّما مع ما عرفت من الشواهد على الاستحباب ، مضافا إلى كثرة استعماله فيه ، إلى أن صدر من صاحب «المعالم» وصاحب «الذخيرة» ما صدر (٢) ، وممّا ذكر ظهر ضعف ما استقواه المصنّف.

قوله : (ولا يتعلّق بالتكبير). إلى آخره.

لعلّ مراده أنّه يظهر من الأخبار استحباب رفع اليدين كلّما أهوى إلى الركوع والسجود (٣) وكلّما رفع رأسه عنهما ، مع أنّ في رفع الرأس عن الركوع ليس تكبيرة ، كما ستعرف.

__________________

(١) مجمع البيان : ٦ / ٢٥٣ (الجزء ٣٠) ، بحار الأنوار : ٨١ / ٣٥٢ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٠ الحديث ٧٢٦٣.

(٢) منتقى الجمان : ٢ / ٥ ، ذخيرة المعاد : ٢٦٨.

(٣) في (د ١) : إلى ركوع أو سجود.

١٨٥

أقول : لم ينقل عن السيّد إلّا وجوب رفع اليدين في تكبيرات الصلاة (١) ، ودليله أيضا لم يقتض إلّا ذلك ، أمّا صحيحة زرارة (٢) فظاهر ، وأمّا صحيحة ابن سنان (٣) فلأنّها وإن كانت مطلقة إلّا أن المطلق يحمل على المقيّد البتة ، سيّما في المقام ، إذ ليس رفع اليد حذاء الوجه مطلقا قطعا ، بل مقيّد بقيد خاصّ جزما ، والقيد ظهر من صحيح زرارة وغيرها.

ومنها رواية «العلل» عن الرضا عليه‌السلام. فإن قال : فلم يرفع اليدين في التكبير؟ قيل : «لأنّ رفع اليدين ضرب من الابتهال [والتبتّل] والتضرّع ، فأحبّ الله عزوجل أن يكون في وقت ذكره [متبتّلا] متضرّعا مبتهلا ، ولأنّ في وقت رفع اليدين إحضار النيّة وإقبال القلب على ما قال وقصد ، لأنّ الفرض من الذكر إنّما هو الاستفتاح ، وكلّ سنّة فإنّها تؤدّى على جهة الفرض فلمّا أن كان في الاستفتاح الذي هو الفرض رفع اليدين أحبّ أن يؤدّوا السنّة على جهة ما يكون الفرض» (٤).

ومنها رواية جميل قال : قلت للصادق عليه‌السلام (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) فقال بيده ، هكذا ، يعني استقبل بيديه حذاء وجهه القبلة في افتتاح الصلاة ، رواها الطبرسي (٥).

وروى عن مقاتل بن حيّان ، عن الأصبغ بن نباتة ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : «لمّا نزلت هذه السورة قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرائيل عليه‌السلام : ما هذه النحيرة التي أمرني ربّي؟ قال : ليست بنحيرة ، ولكنّه يأمرك إذا أحرمت للصلاة أن ترفع يديك

__________________

(١) نقل عنه في مختلف الشيعة : ٢ / ١٧١ ، لاحظ! الانتصار : ٤٤ و٤٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣١ الحديث ٧٢٦٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦ الحديث ٧٢٥٢.

(٤) علل الشرائع : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩ مع اختلاف يسير.

(٥) مجمع البيان : ٦ / ٢٥٣ (الجزء ٣٠) ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٠ الحديث ٧٢٦٦.

١٨٦

إذا كبّرت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع ، وإذا سجدت ، فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات فإنّ لكلّ شي‌ء زينة ، وزينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة» (١) الحديث.

هذا ، مضافا إلى الإجماعين المنقولين.

فعلى هذا كيف يقول المصنّف : إنّه لا يتعلّق بالتكبير بل هو مستحبّ آخر بعد ما استقوى رأي السيّد والإسكافي؟!

وأمّا الخبر الذي يظهر منه ما ذكره المصنّف هو صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : رأيت الصادق عليه‌السلام يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع ، وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود (٢).

وصحيحة ابن مسكان عنه عليه‌السلام قال : في الرجل يرفع يده كلّما أهوى للركوع والسجود وكلّما رفع رأسه من ركوع أو سجود ، قال : «هي العبوديّة» (٣).

وفي «المدارك» نسب إلى ابن بابويه وصاحب الفاخر العمل بمضمونهما (٤) ، لكن في «المعتبر» ادّعى أنّ مذهب علمائنا عدم الاستحباب كذلك (٥).

وفي «الذكرى» استقرب الاستحباب ، ومع ذلك قال : وعليه جماعة من العامّة (٦).

__________________

(١) مجمع البيان : ٦ / ٢٥٣ (الجزء ٣٠) ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩ الحديث ٧٢٦٢ ، ٣٠ الحديث ٧٢٦٣ مع اختلاف يسير.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٥ الحديث ٢٧٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٦ الحديث ٨٠١٠.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٥ الحديث ٢٨٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٧ الحديث ٨٠١١.

(٤) مدارك الأحكام : ٣ / ٣٩٦ ، لاحظ! الهداية : ١٦٣.

(٥) المعتبر : ٢ / ١٩٨ و١٩٩.

(٦) ذكرى الشيعة : ٣ / ٣٨٠.

١٨٧

فظهر من كلامهما مضافا إلى الأخبار ـ مثل صحيحة زرارة (١) وصحيحة حمّاد (٢) ـ ورود هذين الصحيحين على التقيّة.

ومرادي من صحيحة حمّاد ، هي الصحيحة المشهورة المستجمعة للآداب ، الخالية عن ذكر رفع اليد عند رفع الرأس عن الركوع ، مع ذكره عند تكبيرة الركوع وتكبيرة السجود جميعا ، ومن صحيحة زرارة هي الصحيحة المشهورة المستجمعة للآداب (٣).

وصحيحته الاخرى عن الباقر عليه‌السلام قال : «إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب : الله أكبر ـ إلى أن قال ـ ثمّ ترفع يديك بالتكبير وتخرّ ساجدا» (٤) ، ولم يذكر فيها رفع اليد به لرفع الرأس عن الركوع أصلا ، كما أنّ الحال في المشهورة المستجمعة أيضا كذلك.

وصحيحة حمّاد في غاية الظهور في عدم استحباب الرفع للقيام من الركوع ، وصحيحتا زرارة فيهما ظهور ما أيضا.

ويتقوّى الظهور في الكلّ بملاحظة الإجماعين المنقولين وفتاوى الفقهاء ، وأنّ القائل باستحبابه جماعة من العامّة مع احتمال القول بأنّ عدم الذكر في الصحاح لا يدلّ على عدم الاستحباب ، لاحتمال كون استحبابه ضعيفا ليس بمرتبة استحباب الرفع لتكبيرة الافتتاح وتكبيرة الهويّ إلى السجود والركوع ، وكذا الحال في الفتاوى والإجماع المنقول ، لكن لا بدّ من تأمّل في ذلك.

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣٣٤ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨٣ الحديث ٣٠٨ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٦ الحديث ٩١٦ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨١ الحديث ٣٠١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث ٧٠٧٧.

(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩.

(٤) الكافي : ٣ / ٣١٩ الحديث ١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٧٧ الحديث ٢٨٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩٥ الحديث ٨٠٠٨.

١٨٨

وكون الرفع من الركوع ممّا يستحبّ له التكبير أيضا خلاف ما يظهر من الأخبار الدالّة على التكبيرات المستحبّة وعددها ، إلّا أن يقال بعدم منافاتها لوجود مستحب آخر ضعيف استحبابه. فيكون التكبير لرفع الرأس عن الركوع مستحبّا أيضا ، ويكون رفع اليد لأجل ذلك التكبير لا لرفع الرأس ، كما دلّ عليه رواية الأصبغ بن نباتة المذكورة (١) ، إذ هي في غاية الظهور في كون الرفع عند كلّ تكبيرة ، سواء كانت لرفع الرأس عن الركوع أو السجود أو غيرهما ، سيّما بملاحظة قوله : «وإذا سجدت» لأنّه مع الرفع البتّة.

بل سيجي‌ء في مبحث التشهّد رواية عن القائم عليه‌السلام ، صريحة في استحباب التكبيرة في كلّ انتقال من حال إلى حال (٢) ، فلا حظ!

فعلى هذا لا ينافي الصحيحان ما دلّ على أنّ الرفع مطلوب للتكبيرات من الأخبار والإجماع ، فبطل ما ذكره المصنّف من عدم تعلّقه بالتكبير على تقدير العمل بالصحيحين أيضا.

إذ كيف كان لا يثبت ما ذكره المصنّف من عدم تعلّقه بها ، لمعارضة الصحيحين مع ما دلّ على كون الرفع للتكبيرة وحين وجودها ، فمع الطرح باعتبار مخالفتهما للأخبار الكثيرة وموافقتهما لجماعة من العامّة ومخالفتهما للمشتهر بين الخاصّة والإجماعين المنقولين ، فالأمر ظاهر.

ومع عدم الطرح لا بدّ من جمع ، وهو غير منحصر فيما ذكره المصنف ، سيّما بعد ملاحظة رواية الأصبغ بن نباتة ، وخصوصا بنحو يصلح أن يكون دليلا له ، مخالفا لما اشتهر بين الأصحاب ، فتأمّل جدّا!

__________________

(١) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩ الحديث ٧٢٦٢.

(٢) الاحتجاج : ٢ / ٤٨٣.

١٨٩

قوله : (ويتأكّد). إلى آخره.

قد عرفت الحال في ذلك (١).

قوله : (وأن لا يتجاوز بهما). إلى آخره.

أقول : قد عرفت المعتبرة الدالّة على ما ذكره (٢) ، وأمّا الأصحاب فقال الشيخ : يحاذي بيديه شحمتي اذنيه (٣) ، وابن أبي عقيل : يحاذي منكبيه أو حيال خدّيه لا يجاوز بهما اذنيه (٤) ، وابن بابويه : يرفعهما إلى النحر ولا يجاوز بهما الاذنين (٥) ، إلى غير ذلك.

والكلّ متقاربة وجائزة صحيحة ، إلّا أنّ الأولى أن يكون رفعهما إلى أن يحاذي الوجه ، ويكون ما يلي الزندين محاذيا للمنكبين ، ورءوس الأصابع محاذية للأذنين ، لأنّ ما دلّ على الرفع إلى حيال الوجه في غاية الكثرة ، صحاح ومعتبرة ويجمع بينها وبين غيرها بما ذكر ، فتأمّل!

ويستحبّ أن تكون الكفّان مبسوطتين يستقبل بباطنهما القبلة ، بل لعلّ ذلك هو المراد في الأخبار ، بملاحظة العلّة الواردة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، حين سئل : ما معنى رفع اليدين في التكبيرة الاولى؟ فقال : «معناه : الله أكبر الواحد الأحد الذي ليس كمثله شي‌ء ، لا يدرك بالحواس ولا يلمس بالأخماس» (٦).

__________________

(١) راجع! الصفحة : ١٨٣ و١٨٤ من هذا الكتاب.

(٢) الكافي : ٣ / ٣٠٩ الحديث ٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣١ الحديث ٧٢٦٨.

(٣) المبسوط : ١ / ١٠٣.

(٤) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٥٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٨ ذيل الحديث ٩١٧.

(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٠ الحديث ٩٢٢ ، علل الشرائع : ٣٢٠ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٨ الحديث ٧٢٥٩ مع اختلاف يسير.

١٩٠

وإن ذلك هو الطريقة المعهودة بين جميع المسلمين في الأعصار والأمصار ، إلى أن صارت متبادرة إلى الذهن من عبارة الرفع ، وأنّه لم يؤمر في خبر ببسط الكفّ بعد القنوت أو الركوع ، أو غيرهما. فتأمّل جدّا!

بل في رواية منصور بن حازم ـ وهي قويّة جدّا ـ أنّه رأى الصادق عليه‌السلام أنّه افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه ، واستقبل القبلة ببطن كفّيه (١).

بل الظاهر أنّه هو المناسب للابتهال والتضرّع الذي ورد أنّه علّة للرفع كما عرفت ، بل في رواية جميل السابقة (٢) ظهور ما أيضا كما لا يخفى على المتأمّل.

وسيجي‌ء في حسنة الحلبي عن الصادق عليه‌السلام ، الأمر ببسط الكفّين حين الرفع (٣) والتأكيد فيه.

ونقل عن جماعة من الأصحاب استحباب ضمّ الأصابع حين الرفع (٤) ، استنادا إلى رواية حمّاد المشهورة (٥) ، لأنّه ذكر في أوّلها الضمّ المذكور ، وظهر منها استمراره إلى الرفع المذكور ، وهو الرفع في تكبير الركوع ، والظاهر عدم الفرق ، كما يظهر من سياق الأخبار وفتاوى الأخيار.

ونقل الفاضلان عن المرتضى وابن الجنيد تفريق الإبهام وضمّ الباقي (٦) ، وفي «الذكرى» نقله عن المفيد وابن البرّاج وابن إدريس ، وجعله أولى ، وأسنده إلى

__________________

(١) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٤٠ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧ الحديث ٧٢٥٥.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٠ الحديث ٧٢٦٦.

(٣) الكافي : ٣ / ٣١٠ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٤ الحديث ٧٢٤٧.

(٤) المقنعة : ١٠٣ ، المهذّب : ١ / ٩٢ ، السرائر : ١ / ٢١٦ ، ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٥٩.

(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٦ الحديث ٩١٦ ، أمالي الصدوق : ٣٣٧ الحديث ١٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨١ الحديث ٣٠١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث ٧٠٧٧.

(٦) المعتبر : ٢ / ١٥٦ ، تذكرة الفقهاء : ٣ / ١٢١.

١٩١

الرواية (١).

قوله : (والابتداء). إلى آخره.

هذا هو المشهور ، بل في «المعتبر» أنّه قول علمائنا (٢) ، ولأنّه لا يتحقّق رفعهما بالتكبير إلّا كذلك ، يعني أنّه ورد في الأخبار : «ارفع يديك بالتكبير» (٣) ، فلا بدّ أن يكون بالتكبير رافعا يعني من أوّله إلى آخره ، كما هو مقتضى العبارة ، لا أن يكون ببعضه رافعا وببعضه الآخر خافضا ، أو غير متحرّك ، أو متحرّكا إلى غير جهة الفوق ، إذ لا يصدق حينئذ كون الرفع بالتكبير مطلقا.

أقول : هذه العبارة وردت في صحيحتي زرارة السابقتين (٤) ، ونظيرها عبارة صحيحة ابن سنان السابقة (٥) ، وكذا عبارة كصحيحة زرارة السابقة وغيرها ممّا هو ظاهر في كون التكبير رافع اليد ، وما دام التكبير يكون في الرفع ، وكذلك ظاهر عبارات «العلل» (٦) كما لا يخفى وكذلك عبارة رواية جميل (٧).

لكن عبارات باقي الأخبار السابقة صالحة لأن يكون التكبير مع رفع أو يكون الرفع بعده ، مثل قول الراوي : رأيت الصادق عليه‌السلام إذا كبّر رفع يديه أو يرفع (٨) ، لكن الظاهر كون المراد منها أيضا هو الأوّل ، بل إرادة الثاني مقطوع

__________________

(١) ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٥٩ و٢٦٠ ، لاحظ! المقنعة : ١٠٣ ، المهذّب : ١ / ٩٢ ، السرائر : ١ / ٢١٦.

(٢) المعتبر : ٢ / ٢٠٠.

(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ٥ / ٣٥٢ الحديث ٦٧٧٠ ، ٤٦١ و٤٦٢ الحديث ٧٠٧٩.

(٤) وسائل الشيعة : ٥ / ٤٦١ الحديث ٧٠٧٩ ، ٦ / ٢٩٥ الحديث ٨٠٠٨.

(٥) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٧ الحديث ٧٢٥٣.

(٦) علل الشرائع : ١ / ٢٦٤ الحديث ٩.

(٧) وسائل الشيعة : ٦ / ٣٠ الحديث ٧٢٦٦.

(٨) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٦ و٢٧ الحديث ٧٢٥٠ و٧٢٥٥.

١٩٢

بفساده ، كما هو الظاهر (١) ، ومثل ما ذكر عبارة رواية الأصبغ السابقة (٢) ، فظهر اتّفاق عبارات الأحاديث في كون الظاهر منها ما أفتى به الفقهاء.

وادّعى عليه في «المعتبر» الإجماع (٣) ، بل في «المنتهى» أيضا (٤) ، إلّا أنّه زاد على «المعتبر» بأنّه قال : يخالف ذلك ما رواه الكليني في الحسن ـ بـ «إبراهيم بن هاشم ـ عن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام قال : «إذا افتتحت الصلاة فارفع كفّيك ثمّ ابسطهما بسطا ، ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات» (٥) الحديث (٦) ، انتهى.

أقول : الحسنة لا تعارض الصحيحة ، فضلا عن الصحاح الكثيرة والمعتبرة الوافرة ، الموافقة لفتاوى الأصحاب والإجماعين المنقولين.

ومع ذلك في متنها ودلالتها ما لا يخفى ، لأنّ المستفاد منها أنّ بعد البناء على الافتتاح يجب بلا مهلة رفع الكفّين ، ثمّ بعد الرفع ومضيّ مدّة يجب بسطهما بغاية التأكيد ، ثمّ بعد البسط المؤكّد ومضي مدّة يجب أن يكبّر ثلاث تكبيرات ، ثمّ بعد تمامية التكبيرات ومضيّ مدّة يقرأ الدعاء المشهور ، ولم يعلم أنّ التكبيرات حال رفع الكفّين أو بعد الخفض ، وبملاحظة ظهور كون البسط حال الرفع ربّما يظهر كون التكبيرات والأدعية كلّها حال رفع الكفّين وبسطهما ، وفيه ما فيه.

وغير هذا لا يظهر من العبارة ، ومثل هذا المتن كيف يعارض ويقاوم بل يغلب على المتون الصحيحة والمتعاضدة بعضها ببعض ، المتقاومة المتراكمة ،

__________________

(١) في (د ١) و (ك) : ظاهر.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩ الحديث ٧٢٦٢.

(٣) المعتبر : ٢ / ٢٠٠.

(٤) منتهى المطلب : ٥ / ٣٦.

(٥) الكافي : ٣ / ٣١٠ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٤ الحديث ٧٢٤٧.

(٦) لم نعثر على هذه العبارة في المنتهى في مظانّه ، نعم وجدناها في ذخيرة المعاد : ٢٦٨.

١٩٣

المتأيّدة المستحكمة من الكثرة والوفور والتراكم في المتوافق والتكاثر في المتطابق إلى أن حصل الاعتضاد التام ، وبانضمام الفتاوى والإجماع صار في غاية الإبرام والاستحكام؟! والحسنة مع ما فيها من موانع الاستدلال لم يوجد قائل بمضمونها ، لو لم يحكم بفساده جزما.

ثمّ إنّ بعض المتأخّرين جوّز كون الرفع والخفض كليهما حال التكبير ، بادّعاء شمول الأخبار له عرفا (١).

وفيه ، أنّه إن أراد الشمول حقيقة فمحل تأمّل ، وإن أراد مجازا فالاكتفاء به محلّ إشكال ، إلّا أن يدّعي الظهور ، فلا بدّ من التأمّل.

نعم ، لو كان الخفض في غاية القلّة بحيث يكون مضمحلّا في جنب الرفع أمكن التجويز ، وأولى منه اضمحلال عدم الرفع في جنب الرفع.

بل الظاهر عدم ضرر هذا أصلا ، لأنّ الرفع لا بدّ أن يكون منطبقا على التكبيرة ، فربّما لا يفي الرفع السريع للانطباق فلا بدّ من البطء حتّى ينطبق ، ومع هذا يصدق على المجموع كونه رفعا لا غير.

ثمّ اعلم! أنّ اليدين لو كانتا تحت الثياب وأمكن رفعهما تحت الثياب رفعهما كذلك ، لصدق العمومات عليه ، سيّما إذا كان في الإخراج عسر أو حزازة ، ومع ذلك ، الإخراج أولى ، لأنّه الموافق لما صدر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة عليهم‌السلام ، وثبت صدوره ، وغيره لم يثبت صدوره.

قوله : (والجهر بها على قول).

القائل الجعفي (٢) ، ومستنده سنذكره في عنوان استحباب الافتتاح بسبع

__________________

(١) راجع! مجمع الفائدة والبرهان : ٢ / ١٩٩.

(٢) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦١.

١٩٤

تكبيرات ، والمشهور أنّه مخصوص بالإمام ، لأن يعلم من خلفه دخوله في الصلاة حتّى يجوز لهم الدخول ، والأخبار كثيرة سنذكرها.

قوله : (واستشعار). إلى آخره.

أقول : ورد ذلك وورد أيضا الأمر بالتخشّع والإقبال على صلاته ، وفي صحيحة حمّاد : وقال بخشوع : «الله أكبر» (١) ، ومرّ معنى رفع اليدين في التكبيرة الأولى (٢) ، ومرّ من «العلل» أيضا ما مرّ (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٩٦ الحديث ٩١٦ ، أمالي الصدوق : ٣٣٧ الحديث ١٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٨١ الحديث ٣٠١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٥٩ الحديث ٧٠٧٧.

(٢) راجع! الصفحة : ١٩٠ من هذا الكتاب.

(٣) راجع! الصفحة : ١٨٦ من هذا الكتاب.

١٩٥
١٩٦

١٤٧ ـ مفتاح

[استحباب افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات]

يستحبّ افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات بينها ثلاث دعوات بالمأثور (١) ، كما في الصحاح (٢) ، ودونها الخمس ، ودونها الثلاث ، كما في الصحيح وغيره (٣) ، وتجزئ ولاء كما في الموثّق (٤).

ويتخيّر في جعل أيّها شاء تكبيرة الاحرام بلا خلاف ، لكن في أفضليّة الأولى أم الأخيرة وجهان ، كذا قالوه (٥). والمستفاد من الأخبار أنّ الاولى هي تكبيرة الإحرام (٦).

وهل يشمل ذلك جميع الصلوات أم يختصّ بالفرائض ، أم بها وبأوّل

__________________

(١) انظر! وسائل الشيعة : ٦ / ٢٤ الباب ٨ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٢) وسائل الشيعة : ٦ / ٩ الحديث ٧٢٠٦ ، ١٠ الحديث ٧٢٠٨ ، ١١ الحديث ٧٢١٢ ، ٢٠ الباب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٣) وسائل الشيعة : ٦ / ٢١ الحديث ٧٢٤٠ ، ٢٣ الحديث ٧٢٤٦.

(٤) وسائل الشيعة : ٦ / ٢١ الحديث ٧٢٣٩.

(٥) للتوسّع لاحظ! الحدائق الناضرة : ٨ / ٢١.

(٦) وسائل الشيعة : ٦ / ٢٠ الحديث ٧٢٣٨ ، ٢١ الحديث ٧٢٤١ ، ٢٢ الحديث ٧٢٤٣ ، ٢٨ الحديث ٧٢٥٩.

١٩٧

صلاة الليل والمفردة من الوتر ، وأوّل نافلة الزوال ، وأوّل نافلة المغرب ، وأوّل ركعتي الإحرام ، أم بهذه الستّ والوتيرة؟ أقوال (١) ، لم أجد لها مستندا سوى العموم (٢) للأوّل.

نعم ، في رواية ابن طاوس : «افتتح في ثلاثة (٣) مواطن بالتوجّه والتكبير : في أوّل الزوال ، وصلاة الليل ، والمفردة من الوتر ، وقد يجزيك فيما سوى ذلك من التطوّع أن تكبّر تكبيرة لكلّ ركعتين» (٤).

__________________

(١) لاحظ! مدارك الأحكام : ٣ / ٤٤٠ و٤٤١ ، كشف اللثام : ٣ / ٤٢٧ و٤٢٨.

(٢) انظر! وسائل الشيعة : ٦ / ٩ الحديث ٧٢٠٦ ، ١٠ الحديث ٧٢٠٨ ، ١١ الحديث ٧٢١٢ ، ٢٠ الباب ٧ من أبواب تكبيرة الإحرام والافتتاح.

(٣) أريد بثلاثة مواطن بعد الفرائض كما يدلّ عليه قوله عليه‌السلام : «من التطوّع» ، «منه رحمه‌الله».

(٤) فلاح السائل : ١٣٠ ، مستدرك الوسائل : ٤ / ١٣٩ الحديث ٤٣٢٩.

١٩٨

قوله : (يستحب افتتاح). إلى آخره.

أجمع علماؤنا على استحباب جعل تكبيرة الافتتاح سبعا ، وصرّح في «المنتهى» بعدم الخلاف بينهم فيه وفي الأدعية المأثورة بينها (١).

ويدلّ عليهما الأخبار ، مثل صحيحة زيد الشحام إنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن الافتتاح قال : «تكبيرة تجزيك» ، قلت : فالسبع ، قال : «ذلك الفضل» (٢).

وفي صحيحة ابن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : «إنّ التكبيرة الواحدة [في افتتاح الصلاة] تجزئ والثلاث أفضل ، والسبع أفضل كلّه» (٣) ، ومثلها صحيحة زرارة (٤).

وفي صحيحة الحلبي أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن أخفّ ما يكون من التكبير في الصلاة قال : «ثلاث تكبيرات». إلى أن قال : «وإذا كنت إماما فإنّه يجزيك أن تكبّر واحدة تجهر بها وتسرّ ستّا» (٥).

وفي رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام : «إذا افتتحت الصلاة فكبّر إن شئت واحدة ، وإن شئت ثلاثا ، وإن شئت خمسا ، وإن شئت سبعا ، فكلّ ذلك مجز عنك ، غير أنّك إن كنت إماما لم تجهر إلّا بتكبيرة» (٦).

وفيهما شهادة على استحباب الجهر في التكبيرة الافتتاحيّة لغير الإمام أيضا ، كما قال به الجعفي (٧) ، غير أنّ المأموم يسرّ بها على ما سيجي‌ء.

__________________

(١) منتهى المطلب : ٥ / ٣٤.

(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٤١ ، علل الشرائع : ٣٣٢ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٩ الحديث ٧٢٠٦.

(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٤٢ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١٠ الحديث ٧٢٠٨.

(٤) الكافي : ٣ / ٣١٠ الحديث ٣ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١ الحديث ٧٢١٢.

(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٨٧ الحديث ١١٥١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٣٣ الحديث ٧٢٧٣.

(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٦ الحديث ٢٣٩ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢١ الحديث ٧٢٤٠ مع اختلاف يسير.

(٧) نقل عنه في ذكرى الشيعة : ٣ / ٢٦١ ، ذخيرة المعاد : ٢٦٨.

١٩٩

لكن ورد في الإمام أنّه يجزيه تكبيرة واحدة ، لأنّه معه ذا الحاجة والضعيف والكبير (١) ، وإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أتمّ الناس صلاة وأوجزهم ، كان إذا دخل في صلاته قال : «الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم» (٢).

فظهر أنّ غير الإمام لا يجزيه الواحدة ، وهو محمول على عدم الإجزاء في الفضيلة ، للإجماع بل الضرورة والأخبار المتواترة في إجزاء الواحدة ، منها الصحاح السابقة ، فظهر أنّ الإمام يجزيه الواحدة في الفضيلة أيضا.

بل ربّما كان الأفضل بالنسبة إليه الاقتصار على واحدة ، إلّا أن يعلم عدم مانع من طرف المأمومين أصلا.

وفي حسنة الحلبي السابقة : إذا افتتحت الصلاة فارفع كفّيك ثمّ ابسطهما بسطا ، ثمّ كبّر ثلاث تكبيرات ، ثمّ قل : «اللهمّ أنت الملك الحقّ المبين لا إله إلّا أنت سبحانك إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي إنّه لا يغفر الذنوب إلّا أنت».

ثمّ كبّر تكبيرتين ، ثمّ قل : «لبّيك وسعديك ، والخير في يديك ، والشرّ ليس إليك ، والمهدي من هديت ، لا ملجأ منك إلّا إليك ، سبحانك وحنانيك ، تباركت وتعاليت ، سبحانك ربّ البيت».

ثمّ كبّر تكبيرتين ، ثمّ تقول : «(وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) عالم الغيب والشهادة ، حنيفا مسلما (وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) ، (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ، لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ) وأنا من المسلمين» ، ثمّ تعوّذ بالله من الشيطان الرجيم ، ثمّ اقرأ فاتحة الكتاب (٣).

__________________

(١) الكافي : ٣ / ٣١٠ الحديث ٤ ، علل الشرائع : ٣٣٣ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١ الحديث ٧٢١٣.

(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٠٠ الحديث ٩٢١ ، وسائل الشيعة : ٦ / ١١ الحديث ٧٢١٥.

(٣) الكافي : ٣ / ٣١٠ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٦٧ الحديث ٢٤٤ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٤ الحديث ٧٢٤٧ مع اختلاف يسير.

٢٠٠